الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174926 / تحميل: 6002
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

القديمة التي تبدو حياتها منسجمة تمام الانسجام» فلم تكن هذه المسألة ـ مسألة أداء الدين ـ محل بحث ولا كيف يوفّى المهر.

المهم هنا أن المالك للمهر البنت وحدها لا الأب ، والخدمات التي قدمها موسى كانت في هذا السبيل أيضا.

ه ـ كان مهر بنت شعيب مهرا ثقيلا نسبيا ـ لأنّنا إذا أردنا أن نلاحظ أجرة العامل العادي خلال شهر ثمّ خلال سنة ، وبعدئذ نضاعف ذلك الأجر إلى ثماني مرات فسيكون مبلغا كثيرا جدّا.

الجواب : أولا لم يكن هذا الزواج زواجا بسيطا ، بل كان مقدمة لبقاء موسى عند «شعيب» متبعا شاكلته ومذهبه ، ومقدمة لأن يدرس موسىعليه‌السلام في جامعة علمية كبرى خلال هذه الفترة الطويلة ، والله العالم كم تعلم موسى من «شيخ مدين» في هذه المدّة من امور؟!

ثمّ بعد ذلك كله ، لو قلنا : إنّ هذه المدة الطويلة كان يقضيها موسى في خدمة شعيب ، ففي مقابل ذلك سيؤمن له شعيب مصرفه ونفقات زوجه من هذا الطريق أيضا فإذا جردنا مصرف موسى ونفقاته من أجرة عمله لم يكن المهر غاليا ـ بل سيبقى مبلغ زهيد وخفيف!

٣ ـ يستفاد ضمنا من هذه القصّة أن ما يشيع في عصرنا من أن اقتراح الأب على إختيار البعل لابنته أمر مصيب ، لا مانع منه وليس معيبا ، فإذا وجد الأب شخصا لائقا وجديرا ، فله الحق أن يقترح عليه الزواج من ابنته ، كما فعل شعيبعليه‌السلام مع موسى في شأن ابنتهعليه‌السلام والزواج منها.

٤ ـ اسما ابنتي شعيب : واحدة «صفورة» أو «صفورا» وهي التي تزوجت من موسىعليه‌السلام ، أمّا الثّانية فاسمها «ليا»(١) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٢٤٩.

٢٢١

الآيات

( فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥) )

٢٢٢

التّفسير

الشّرارة الأولى للوحي :

نصل الآن ـ إلى المقطع السابع ـ من هذه القصّة

لا يعلم أحد ـ بدقّة ـ ما جرى على موسى في سنواته العشر مع شعيب(١) ، ولا شكّ أن هذه السنوات العشر كانت من أفضل سنوات العمر لموسىعليه‌السلام سنوات عذبة هادئة ، سنوات هيأته للمسؤولية الكبرى.

في الحقيقة كان من الضروري أن يقطع موسىعليه‌السلام مرحلة عشر سنين من عمره في الغربة إلى جانب النّبي العظيم شعيب ، وأن يكون راعيا لغنمه ؛ ليغسل نفسه ممّا تطبّعت عليه من قبل أو ما قد أثرت عليه حياة القصر من خلق وسجية.

كان على موسىعليه‌السلام أن يعيش إلى جوار سكنة الأكواخ فترة ليعرف همومهم وآلامهم ، وأن يتهيأ لمواجهة سكنة القصور.

ومن جهة أخرى كان موسى بحاجة الى زمن طويل ليفكر في أسرار الخلق وعالم الوجود وبناء شخصيته. فأيّ مكان أفضل له من صحراء مدين ، وأفضل من بيت شعيب؟!.

إنّ مسئولية نبي من أولي العزم ، ليست بسيطة حتى يمكن لكل فرد أن يتحملها ، بل يمكن أن يقال : إنّ مسئولية موسىعليه‌السلام ـ بعد مسئولية النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من بين الأنبياء جميعا ، كانت أثقل وأهم ، بالنظر لمواجهته الجبابرة على الأرض ، وتخليص أمّة من أسرهم ، وغسل آثار الأسر الثقافي من أدمغتهم.

نقرأ في «التوراة» وفي بعض الروايات الإسلامية ـ أيضا ـ أنّ شعيبا قرر تكريما لأتعاب موسى وجهوده معه أن يهب له ما تلده الأغنام في علائم خاصة ، فاتفق أن ولدت جميع الأغنام أو أغلبها ـ في السنة الذي ودّع فيها موسى شعيبا ـ

__________________

(١) يظهر من الرّوايات الإسلامية أنّ موسىعليه‌السلام عمل مع شعيب عشر سنوات ، وهذا الموضوع موجود في كتاب وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، الصفحة ٣٤ (كتاب النكاح أبواب المهور. الباب ٢٢ ـ الحديث الرابع).

٢٢٣

أولادها بتلك العلائم التي قررها شعيب(١) ، وقدمها شعيب مع كامل الرغبة إلى موسى.

ومن البديهي أنّ موسىعليه‌السلام لا يقنع في قضاء جميع عمره برعي الغنم ، وإن كان وجود «شعيب» الى جانبه يعدّ غنيمة كبرى.

فعليه أن ينهض إلى نصرة قومه ، وأن يخلصهم من قيود الأسر ، وينقذهم من حالة الجهل وعدم المعرفة.

وعليه أن ينهي وجود الظلمة وحكام الجور في مصر ، وأن يحطّم الأصنام ، وأن يجد المظلومون العزة بالله معه ، هذا الإحساس كان يدفع موسى للسفر إلى قومه.

وأخيرا جمع موسى أثاثه ومتاعه وأغنامه وتهيأ للسفر.

ويستفاد ضمنا من التعبير بـ «الأهل» التي وردت في آيات كثيرة في القرآن أن موسىعليه‌السلام كان عنده هناك غير زوجته ولد أو أولاد ، كما تؤيد الرّوايات الإسلامية هذا المضمون ، وكما صرّح بهذا المعنى في «التوراة» في سفر الخروج ، وإضافة إلى كل ذلك فإنّ زوجته كانت حاملا أيضا.

وعند عودته من مدين إلى وطنه أضاع الطريق ، ولئلا يقع أسيرا بيد الظلمة من أهل الشام اختار طريقا غير مطروق.

وعلى كل حال فإنّ القرآن يقول في أوّل من آية هذا المقطع :( فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً ) ثمّ التفت إلى أهله و( قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) أي (تتدفؤون).

«آنست» : مشتقّة من مادة «إيناس» ومعناها المشاهدة والرؤية المقترنة بالهدوء والراحة.

__________________

(١) راجع أعلام القرآن ، ص ٤٠٩.

٢٢٤

«جذوة» هي القطعة من النّار ، وقال بعضهم : بل هي القطعة الكبيرة من الحطب.

ويستفاد من قوله( لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ ) أنّه كان أضاع الطريق ، كما يستفاد من جملة( لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) أن الوقت كان ليلا باردا.

ولم يرد في الآية كلام عن حالة زوجة موسى ، ولكن المشهور أنّها كانت حاملا ـ كما في كثير من التفاسير والرّوايات ـ وكانت تلك اللحظة قد أحست بالطلق وألم الولادة وكان موسى قلقا لحالها أيضا.

( فَلَمَّا أَتاها ) أي أتى النّار التي آنسها ورآها ، وجدها نارا لا كمثل النيران الأخر فهي غير مقترنة بالحرارة والحريق ، بل هي قطعة من النور والصفاء ، فتعجب موسى من ذلك( نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) .

«الشاطئ» معناه الساحل.

و «الوادي» معناه الطريق بين الجبلين ، أو ممر السيول.

و «الأيمن» مشتق من «اليمين» خلاف اليسار ، وهو صفة للوادي.

و «البقعة» القطعة من الأرض المعروفة الأطراف.

ولا شك أن الله سبحانه قادر على أن يجعل الأمواج الصوتية في كل شيء ، فأوجد في الوادي شجرة ليكلّم موسى وموسى بشر له جسم وأذنان ولا بدّ له ليسمع الكلام من أمواج صوتية وطبيعي أن كثيرا من الأنبياء كان الوحي بالنسبة لهم إلهاما داخليا ، وأحيانا يرون ما يوحى إليهم في «النوم» كما كان الوحي يأتيهم. أحيانا ـ عن طريق سماع الأمواج الصوتية.

وعلى كل حال فلا مجال للتوهم بأنّ الله جسم ، تعالى الله عن ذلك.

وفي بعض الرّوايات ورد أن موسىعليه‌السلام حين اقترب من النّار ، دقق النظر فلاحظ أن النّار تخرج من غصن أخضر وتضيء وتزداد لحظة بعد لحظة وتبدو

٢٢٥

أجمل ، فانحنى موسى وفي يده غصن يابس ليوقده من النّار ، فجاءت النّار من ذلك الغصن الأخصر إليه فاستوحش ورجع إلى الوراء ثمّ رجع إليها ليأخذ منها قبسا فأتته ثانية وهكذا مرّة يتجه بنفسه إليها ومرّة تتجه النّار إليه ، وإذا النداء والبشارة بالوحي إليه من قبل الله سبحانه.

ومن هنا ومع ملاحظة قرائن لا تقبل الإنكار اتّضح لموسىعليه‌السلام أنّ هذا النداء هو نداء إلهي لا غير.

ومع الالتفات إلى أنّ موسىعليه‌السلام سيتحمل مسئولية عظيمة وثقيلة فينبغي أن تكون عنده معاجز عظيمة من قبل الله تعالى مناسبة لمقامه النبوي ، وقد أشارت الآيات إلى قسمين مهمين من هذه المعاجز :

الأولى قوله تعالى :( وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ) .

ويوم اختار موسىعليه‌السلام هذه العصا ليتوكأ عليها للاستراحة ، ويهشّ بها على غنمه ، ويرمي لها بهذه العصا أوراق الأشجار ، لم يكن يعتقد أنّ في داخلها هذه القدرة العظيمة المودعة من قبل الله. وأن هذه العصا البسيطة ستهز قصور الظالمين ، وهكذا هي موجودات العالم ، نتصور أنّها لا شيء ، لكن لها استعدادات عظيمة مودعة في داخلها بأمر الله تتجلى لنا متى شاء.

في هذه الحال سمع موسىعليه‌السلام مرّة أخرى النداء من الشجرة( أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) .

«الجانّ» في الأصل معناه الموجود غير المرئي ، كما يطلق على الحيات الصغار اسم (جان) أيضا ؛ لأنّها تعبر بين الأعشاب والأحجار بصورة غير مرئية كما عبر في بعض الآيات عن العصا بـ( ثُعْبانٌ مُبِينٌ ) [سورة الأعراف الآية ١٠٧ وسورة الشعراء الآية ٣٢].

وقد قلنا سابقا : إنّ هذا التفاوت في التعابير ربّما لبيان الحالات المختلفة

٢٢٦

لتلك الحية التي كانت في البداية حية صغيرة ، ثمّ ظهرت كأنّها ثعبان مبين.

كما ويحتمل أن موسىعليه‌السلام رآها في الوادي بصورة حية ، ثمّ في المرات الأخرى بدأت تظهر بشكل مهول( ثُعْبانٌ مُبِينٌ )

وعلى كل حال ، كان على موسىعليه‌السلام أن يعرف هذه الحقيقة ، وهي أنّه لا ينبغي له الخوف في الحضرة الإلهية ؛ لأنّ الأمن المطلق حاكم هناك ، فلا مجال للخوف إذا.

كانت المعجزة الأولى آية «من الرعب» ، ثمّ أمر أن يظهر المعجزة الثّانية وهي آية أخرى «من النور والأمل» ومجموعهما سيكون تركيبا من «الإنذار» و «البشارة» إذ جاءه الأمر( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) .

فالبياض الذي يكون على يده للناس لم يكن ناشئا عن مرض ـ كالبرص ونحوه ـ بل كان نورا الهيا جديدا.

لقد هزّت موسىعليه‌السلام مشاهدته لهذه الأمور الخارقة للعادات في الليل المظلم وفي الصحراء الخالية ومن أجل أن يهدأ روع موسى من الرهب ، فقد أمر أن يضع يده على صدره( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ) .

قال بعضهم : هذه العبارة( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ ) كناية عن لزوم القاطعية والعزم الراسخ في أداء المسؤولية بالنسبة لرسالته ، وأن لا يخاف أو يرهب شيئا أو أحدا أو قوّة مهما بلغت.

وقال بعضهم : حين ألقى موسىعليه‌السلام عصاه فرآها كأنّها «جان» أو( ثُعْبانٌ مُبِينٌ ) رهب منها ، فمدّ يده ليدافع عن نفسه ويطردها عنه ، لكن الله أمره أن يضم يده إلى صدره ، إذ لا حاجة للدفاع فهي آية من آياته.

والتعبير بـ «الجناح» [الذي يستعمل للطائر مكان اليد للإنسان] بدلا عن اليد في غاية الجمال والروعة ولعل المراد منه تشبيه هذه الحالة بحالة الطائر حين يدافع عن نفسه وهو أمام عدوّه المهاجم ، ولكنه يعود إلى حالته الأولى ويضم

٢٢٧

جناحه إليه عند ما يزول عنه العدو ولا يجد ما يرهبه!.

وجاء موسى النداء معقّبا :( فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ) .

فهم طائفة خرجت عن طاعة الله وبلغ بهم الطغيان مرحلة قصوى فعليك ـ يا موسى ـ أن تؤدي وظيفتك بنصحهم ، وإلّا واجهتهم بما هو أشد.

هنا تذكر موسىعليه‌السلام حادثة مهمة وقعت له في حياته بمصر ، وهي قتل القبطي ، وتعبئه القوى الفرعونية لإلقاء القبض عليه وقتله.

وبالرغم من أنّ موسىعليه‌السلام كان يهدف عندها الى انقاذ المظلوم من الظالم الذي كان في شجار معه ، فكان ما كان إلّا أن ذلك لا معنى له في منطق فرعون وقومه ، فهم مصممون على قتل موسى إن وجدوه لذلك فإنّ موسى :( قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ) .

وبعد هذا كلّه فإنّي وحيد ولساني غير فصيح( وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ) .

كلمة «أفصح» مشتقّة من «الفصيح» وهو في الأصل كون الشيء خالصا ، كما تطلق على الكلام الخالص من كل حشو وزيادة كلمة «الفصيح» أيضا.

و «الردء» معناه المعين والمساعد.

وعلى كل حال فلأن هذه المسؤولية كانت كبيرة جدّا ، ولئلا يعجز موسى عن أدائها ، سأل ربّه أن يرسل معه أخاه هارون أيضا.

فأجاب الله دعوته ، وطمأنه بإجابة ما طلبه منه و( قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ) فالسلطة والغلبة لكما في جميع المراحل.

وبشرهما بالنصر والفوز ، وأنّه لن يصل إليهما سوء من أولئك : إذ قال سبحانه :( فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا ) فبهذه الآيات والمعاجز لن يستطيعوا قتلكما أو الإضرار بكما( أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ ) .

٢٢٨

فكان ما أوحى الله إلى موسى أملا كبيرا وبشارة عظمى اطمأن بها قلبه ، وأصبح راسخ العزم والحزم ، وسنجد آثار ذلك في الصفحات المقبلة حين نقرأ الجوانب الأخرى من قصّة موسىعليه‌السلام إن شاء الله(١) .

* * *

__________________

(١) كانت لنا بحوث عديدة في هذا المجال ، فراجعها إن شئت في «تفسير سورة الأعراف» و «تفسير سورة طه» و «تفسير سورة الشعراء». وفي بعض السور الأخرى.

٢٢٩

الآيتان

( فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧) )

التّفسير

موسى في مواجهة فرعون :

نواجه المقطع الثامن من هذه القصّة العظيمة لقد تلقى موسىعليه‌السلام من ربّه الأمر بأن يصدع بالنبوّة والرسالة في تلك الليلة المظلمة والأرض المقدسة ، فوصل إلى مصر ، وأخبر أخاه هارون بما حمّل وأبلغه الرسالة الملقاة عليهما فذهبا معا إلى فرعون ليبلغاه رسالة الله ، وبعد عناء شديد استطاعا أن يصلا إلى فرعون وقد حف به من في القصر من جماعته وخاصته ، فأبلغاه الدعوة إلى الله ووحدانيّته ولكن لنر ما جرى هناك ـ في قصر فرعون ـ مع موسى وأخيه.

يقول القرآن في أوّل آية من هذا المقطع :( فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً ) .

٢٣٠

وأنكروا أن يكونوا سمعوا مثل ذلك( ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ ) .

فواجهوا موسى متوسّلين بحربة توسّل بها جميع الجبابرة والضالّون على طول التاريخ ، حين رأوا المعاجز من أنبيائهم وهي حربة «السحر» لأنّ الأنبياء يأتون بأمور خارقة للعادات ، و «السحر» خارق للعادة «لكن اين هذا من هذه»؟

السحرة أناس منحرفون وأهل دنيا وعبيد لها وأساس عملهم قائم على تحريف الحقائق ، ويمكن معرفتهم جيدا بهذه العلامة في حين أنّ دعوة الأنبياء ومحتواها شاهد على صدق معاجزهم

ثمّ إنّ السحرة طالما يعتمدون على القدرة البشرية فإنّ عملهم محدود ، أمّا الأنبياء الذين يعتمدون على قوّة الهية ، فإن معاجزهم عظيمة وغير محدودة!

التعبير بـ «الآيات البيّنات» عن معاجز موسىعليه‌السلام بصيغة الجمع ، ربّما يراد به أن معاجز أخرى غير المعجزتين هاتين ، أو أن كل معجزة من معجزتيه مركبة من عدّة معاجز.

فتبديل العصا إلى ثعبان عظيم معجزة ، وعودة الثعبان إلى عصا معجزة أخرى.

والتعبير بـ «مفترى» مأخوذة من «فرية» بمعنى التهمة والكذب لأنّهم قصدوا أنّ موسى يكذب على الله!.

والتعبير بـ( ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ ) مع أن نداء الأنبياء ودعوتهم من أمثال نوح وإبراهيم ويوسفعليهم‌السلام كانا من قبل موسىعليه‌السلام في هذه الأرض ، فجميعهم دعوا إلى عبادة الله سبحانه. هذا التعبير أساسه طول المدّة وبعد العهد عليهم ، أو أنّهم يريدون أن يقولوا : إنّ آباءنا ـ أيضا ـ لم يذعنوا لدعوة الأنبياء قبلك!.

لكن موسىعليه‌السلام أجابهم بلهجة التهديد والوعيد ، حيث يكشف لنا القرآن هذا الحوار( وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ

٢٣١

الدَّارِ ) .

إشارة إلى أنّ الله يعلم حالي ، وهو مطلع عليّ بالرغم من اتهامكم إيّاي بالكذب فكيف يمكن أن يمكنني الله من الأمور الخارقة للعادات لكي أضل بها عباده؟

فعلمه بحالي ومنحه لي هذه القدرة على الإتيان بالمعجزات دليل على حقانية دعوتي.

ثمّ بعد هذا ، الكاذب قد يقضي فترة بين الناس بالكذب والخديعة ، لكن سرعان ما يفتضح أمره ، فانتظروا لتشهدوا من تكون له العاقبة والإنتصار ولمن يكون الخزي والاندحار!؟

ولو كان كلامي كذبا فأنا ظالم و( إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) .

وهذا التعبير يشبه تعبيرا آخر في الآية (٦٩) من سورة «طه» إذ جاء بهذه الصيغة «وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ».

وهذه الجملة لعلها إشارة إلى الفراعنة المعاندين والمستكبرين ضمنا ، وهي أنّكم مقتنعون بمعاجزي ودعوتي الحقّة ، ولكنّكم تخالفونني ظلما فعليكم أن تعرفوا أنّكم لن تنتصروا أبدا ، والعاقبة لي فحسب.

والتعبير بـ( عاقِبَةُ الدَّارِ ) ربّما كان إشارة لعاقبة الدار الدنيا ، أو لعاقبة الدار الآخرة ، أو لعاقبة الدارين جميعا ، وبالطبع فإنّ المعنى الثّالث أجمع وأنسب حسب الظاهر.

بهذا المنطق المؤدب أنذر موسىعليه‌السلام فرعون وقومه بالهزيمة في هذه الدنيا وفي الأخرى!.

* * *

٢٣٢

الآيات

( وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ (٣٨) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢) )

التّفسير

كيف كان عاقبة الظالمين؟

نواجه هنا المقطع التاسع من هذا التاريخ المليء بالأحداث والعبر.

هذا المقطع يعالج مسألة صنع فرعون البرج ـ أو بنائه الصرح المعروف ـ للبرهنة على وهمية دعوة موسىعليه‌السلام .

ونعرف أن من سنن الساسة القدماء في أعمالهم أنّه كلما وقعت حادثة مهمّة

٢٣٣

على خلاف رغباتهم وميولهم (ومن أجل التمويه وإيهام الناس) يبادرون إلى خلق جوّ جديد ليلفتوا أنظار الناس إليه ، وليصرفوهم عن تلك الحادثة المطلوبة.

ويبدو أنّ بناء «الصرح العظيم» حدث بعد ما جرى لموسى من مواجهته السحرة ما جرى لأنّه يستفاد من سورة «المؤمن» أن هذا العمل «بناء البرج» تمّ حين كان الفراعنة يخططون لقتل موسىعليه‌السلام ، وكان مؤمن آل فرعون يدافع عنه ونعرف أنّه قبل أن يواجه موسىعليه‌السلام السحرة لم يكن مثل هذا العمل ولا مثل هذا الحديث ، وحيث أن القرآن الكريم تحدّث عن مواجهة موسىعليه‌السلام للسحرة في سورة «طه ، والأعراف ، ويونس ، والشعراء» فإنّه لم يتطرق إليها هنا. وإنّما تحدث هنا وفي سورة المؤمن عن بناء البرج.

وعلى كل حال فقد شاع خبر انتصار موسىعليه‌السلام على السحرة في مصر ، وإيمان السحرة بموسى زاد في الأمر أهمية ، كما أن موقع الحكومة الفرعونية أصبح في خطر جديّ شديد.

واحتمال تيقظ الجماهير التي في أسر الذل كان كبيرا جدّا فيجب صرف أفكار الناس بأية قيمة كانت ، واشغالهم بسلسلة من المشاغل الذهنية مقرونة ببذل من الجهاز الحكومي ، لإغفال الناس وتحميقهم!

وفي هذا الصدد يتحدث القرآن الكريم عن جلوس فرعون للتشاور في معالجة الموقف ، إذ نقرأ في أوّل آية من هذا المقطع :( وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي ) .

فأنا إلهكم في الأرض أمّا إله السماء فلا دليل على وجوده ، ولكنني سأتحقق في الأمر ولا أترك الاحتياط ، فالتفت إلى وزيره هامان وقال :( فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ ) ثمّ أصدر الأوامر ببناء برج أو قصر مرتفع جدّا لأصعد عليه واستخبر عن إله موسى.

( فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ ) .

٢٣٤

لم لم يذكر فرعون اسم الآجر ، واكتفى بالقول :( فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ ) ؟ قال بعضهم : هذا دليل على أن الآجر لم يكن متداولا حتى ذلك الحين ، وإنّما ابتكره الفراعنة من بعد في حين أن بعضهم يرى أن هذا التعبير أو هذا البيان فيه نوع من التكبر وموافق لسنّة الجبابرة.

وقال بعضهم : إنّ كلمة «آجر» ليست فصيحة ، لذلك لم يستعملها القرآن ، وإنّما استعمل هذا التعبير المتقدم على لسان فرعون!.

هنا ناقش جماعة من المفسّرين كالفخر الرازي والآلوسي مسألة «الصرح» ، وهل بنى فرعون «الصرح» حقّا أم لا؟!

ويبدو أن الذي شغل فكر المفسّرين هو أن هذا العمل لم يكن متزّنا بأيّ وجه وأي حساب.

ترى ألم يكن الناس قد صعدوا الجبال من قبل فرأوا منظر السماء كما هو على الأرض؟.

وهل البرج الذي يبنيه البشر أكثر ارتفاعا من الجبل؟.

وأي أحمق يصدق أنّه يمكن الوصول إلى السماء بواسطة مثل هذا البرج؟! ولكن أولئك الذين يفكرون مثل هذا التفكير غفلوا عن هذه المسألة ، وهي أن مصر لم تكن أرضا جبلية ، وبعد هذا كلّه نسوا أنّ الطبقة العامّة لأهل مصر بسطاء ويخدعون بشتى الوسائل.

حتى في عصرنا الذي يسمى عصر العلم وعصر النور ، نجد مسائل تشبه ما وقع في العصور الماضية ينخدع بها الناس.

وعلى كل حال ، فطبقا لما ورد في بعض التواريخ ، فإنّ هامان أمر بأرض واسعة ليبنى عليها الصرح أو البرج ، وهيّأ خمسين ألف رجل من العمال والمهندسين لهذا العمل المضني ، وآلاف العمال لتهيئة الوسائل اللازمة لهذا البناء ، وفتح أبواب الخزائن وصرف أموالا طائلة في هذا السبيل ، واشغل عمالا كثيرين

٢٣٥

في هذا البناء حتى أنّه ما من مكان إلّا وتسمع فيه أصوات هذا البناء أو أصداؤه!.

وكلما اعتلى البناء أكثر فأكثر كان الناس يأتون للتفرج ، وما عسى أن يفعل فرعون بهذا البناء وهذا البرج.

صعد البناء إلى مرحلة بحيث أصبح مشرفا على جميع الأطراف. وكتب بعضهم : إنّ المعمارين بنوا هذا البرج بناء بحيث جعلوا حوله سلالم حلزونية يمكن لراكب الفرس أن يرتقي الى أعلى البرج.

ولمّا بلغ البناء تمامه ولم يستطع البناؤون أن يعلوه أكثر من ذلك جاء فرعون بنفسه يوما وصعده بتشريفات خاصة فنظر إلى السماء فوجدها صافية كما كان ينظرها من الأرض لم تتغير ولم يطرأ عليها جديد.

المعروف أنّه رمى سهما إلى السماء ، فرجع السهم مخضبا بالدم على أثر إصابته لأحد الطيور أو أنّها كانت خديعة من قبل فرعون من قبل فنزل فرعون من أعلى القصر وقال للناس : اذهبوا واطمأنوا فقد قتلت إله موسى(١) .

ومن المسلم به أن جماعة من البسطاء الذين يتبعون الحكومة اتباعا أعمى وأصم ، صدّقوا ما قاله فرعون ونشروه في كل مكان ، وشغلوا الناس بهذا الخبر لإغفالهم عن الحقائق!.

ونقلوا هذا الخبر أيضا ، وهو أنّ البناء لم يدم طويلا «وطبعا لا يدوم» أجل لقد تهدم البناء وقتل جماعة من الناس ونقلوا في هذا الصدد قصصا أخرى ، وحيث أن لم تتّضح صحتها لنا فقد صرفنا عنها النظر.

والذي يلفت النظر أن فرعون في كلامه هذا( ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي ) كان قد استعمل نهاية الخبث ومنتهى الشيطنة إذ كان يرى من المسلّم به أنّه إله!! وكان مدار بحثه : هل يوجد إله غيره؟!! ثمّ ينفي أن يكون هناك إله سواه إله ؛ لعدم وجود الدليل!!

__________________

(١) مقتبس من تفسير أبي الفتوح الرازي ذيل الآيات محل البحث ، ج ٨٩ ، ص ٣٦٢.

٢٣٦

وفي المرحلة الثّالثة والأخيرة ، ومن أجل أن يقيم الدليل على عدم وجود إله غيره بنى ذلك الصرح!.

كل هذه الأمور تؤكّد جيدا أنّه كان يعرف تلك المسائل ، إلّا أنّه كان يضلل الناس ويصرف أفكارهم عن الحق ، ليحفظ موقعه وحكومته!.

بعد هذا كلّه يتحدث القرآن عن استكبار فرعون ومن معه ، وعدم إذعانهم لمسألتي «المبدأ والمعاد» بحيث كان فرعون يرتكب ما يشاء من إجرام وجنايات بسبب انكار هذين الأصلين فيقول :( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ ) .

هذا الإنسان الضعيف الذي لا يستطيع أن يبعد عن نفسه بعوضة ، وربّما قتله ميكروب لا يرى بالعين المجرّدة كيف يمكن له أن يدعي العظمة والألوهيّة!؟.

ورد في الحديث القدسي أنّ الله سبحانه يقول : «الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النّار»(١) .

ومن البديهي أنّ الله لا يحتاج إلى أوصاف كهذه ولكن حالة الطغيان والعدوان تستولي الإنسان حينما ينسى نفسه ، وتملأ ريح الكبر والغرور فكره!

لكن لننظر إلى أين وصل هذا الغرور بفرعون وجنوده؟!

يقول القرآن الكريم :( فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ ) .

أجل ، لقد جعلنا سبب موتهم في مصدر معيشتهم ، وجعلنا النيل الذي هو رمز عظمتهم وقوّتهم مقبرة لهم!.

من الطريف أنّ القرآن يعبّر بـ «نبذناهم» من مادة «نبذ» على زنة «نبض» ومعناه رمي الأشياء التي لا قيمة لها وطرحها بعيدا ، ترى ما قيمة هذا الإنسان الأناني المتكبر المتجبّر الجاني المجرم؟!

أجل ، لقد نبذنا هؤلاء الذين لا قيمة لهم من المجتمع البشري ، وطهّرنا

__________________

(١) تفسير روح المعاني ، التّفسير الكبير ، للفخر الرازي ، تفسير الميزان وتفاسير أخر ذيل الآية محل البحث.

٢٣٧

الأرض من لوث وجودهم.

ثمّ ، يختتم الآية بالتوجه إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلا :( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) .

هذا النظر ليس بعين «البصر» بل هو بعين «البصيرة» ، وهو لا يخص ظلمة الماضي وفراعنة العهد القديم ، بل إن ظلمة هذا العصر ليس لهم من مصير سوى هذا المصير المشؤوم!.

ثمّ يضيف القرآن قائلا في شأنهم :( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) .

هذا التعبير أوجد إشكالا لدى بعض المفسّرين ، إذ كيف يمكن أن يجعل الله أناسا أئمة للباطل؟!

ولكن هذا الأمر ليس معقدا لأنّه أولا إن هؤلاء هم في مقدمة جماعة من أهل النّار ، وحين تتحرك الجماعات من أهل النّار ، فإنّ هؤلاء يتقدمونهم إلى النّار! فكما أنّهم كانوا في هذه الدنيا أئمّة الضلال ، فهم في الآخرة ـ أيضا ـ أئمّة النّار ، لأنّ ذلك العالم تجسم كبير لهذا العالم!.

ثانيا كونهم أئمّة الضلال ـ في الحقيقة ـ نتيجة أعمالهم أنفسهم ، ونعرف أن تأثير كل سبب هو بأمر الله ، فهم اتخذوا طريقا يؤدي بهم إلى الضلال وينتهي بهم إلى أن يكونوا أئمّة الضالين ، فهذه حالهم في يوم القيامة!.

ولمزيد التأكيد يصور القرآن صورتهم وماهيتهم في الدنيا والآخرة!( وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ! ) (١) لعنة الله معناها طردهم من رحمته ، ولعنة الملائكة والمؤمنين هي الدعاء عليهم صباحا ومساء وفي كل وقت. وأحيانا تشملهم اللعنة العامة. وأحيانا يأتي اللعن خاصّة

__________________

(١) «المقبوح» مشتق من «القبح» ومعناه السوء. ما فسّره بعضهم بأنّ المقبوح معناه المطرود أو المفضوح أو المغضوب عليه وما شاكلها ، فهو من التّفسير بلازم المعنى ، وإلّا فالمقبوح معناه واضح.

٢٣٨

لبعضهم. حيث أنّ كل من يتصفح تأريخهم يلعنهم ، ويتنفّر من أعمالهم.

وعلى كل حال فإنّ سوء أعمالهم في هذه الدنيا ، هو الذي قبّح وجوههم في الدار الآخرة «يوم القيامة» ، لأنّه يوم البروز ويوم هتك الحجب.

* * *

ملاحظة!

أئمّة «النّور» وأئمّة «النّار»

هناك طائفتان من الأئمة في منطق القرآن الكريم ، فأئمة للمتقين يهدونهم إلى الخيرات ، كما ورد في شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام :( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ ) (١) .

فهؤلاء أئمّة أصحاب مناهج واضحة ، لأنّ التوحيد الخالص والدعوة إلى الخير والعمل الصالح والحق والعدالة ، تشكّل متن مناهجهم فهم أئمّة النور ، وخطهم متصل بسلسلة الأنبياء والأوصياء الى خاتم النّبيين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصيائهعليهم‌السلام .

وهناك أئمّة للضلال وقد عبّرت عنهم الآيات محل البحث بأنّهم :( أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) !.

ومن خصائص هاتين الطائفتين من الأئمّة ، كما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام ما يلي : «إنّ الأئمّة في كتاب الله إمامان ، قال الله تبارك وتعالى :( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، قال :( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) يقدمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمهم قبل

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية ٧٣.

٢٣٩

حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف كتاب الله»(١) .

وبهذا المعيار يتّضح معرفة هاتين الطائفتين من الأئمة ففي يوم القيامة الذي تتمايز فيه الصفوف ، كل جماعة تمضي خلف إمامها ، فأهل النار إلى النّار ، وأهل الجنّة إلى الجنّة كما يقول القرآن الكريم :( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) (٢) .

وقلنا مرارا : إنّ يوم القيامة تجسم عظيم عن هذا العالم «الصغير» وأولئك الذين ارتبطوا بإمام معين واقتفوا أثره ، فهم سائرون خلفه هناك أيضا.

ينقل «بشر بن غالب» عن الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام أنّه سأله عن تفسير الآية( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) فقالعليه‌السلام : «إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة ، وهؤلاء في النّار وهو قولهعزوجل ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) (٣) .

من الطريف أن فرعون الذي تقدّم قومه في هذه الدنيا وأغرقهم بمعيّته في أمواج النيل ، يقدم قومه يوم القيامة ـ أيضا ـ يخزيهم بمعيته في نار جهنم ، إذ يقول القرآن في شأنه:( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) .(٤)

ونختم هذا البحث بحديث الإمام عليعليه‌السلام في شأن المنافقين حيث يقولعليه‌السلام : «ثمّ بقوا بعده فتقربوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النّار بالزور والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس»(٥) .

* * *

__________________

(١) تفسير الصافي ذيل الآيات مورد البحث.

(٢) الإسراء ، ٧١.

(٣) أمالي الصدوق لما ورد في نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٩٢.

(٤) سورة هود ، ٩٨.

(٥) راجع نهج البلاغة ، الخطبة ٢١٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592