الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174925 / تحميل: 6002
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

القلوب المهيأة للنور ويبسط عليها خيمته!.

ونظير هذا المضمون كثير في آيات القرآن!.

إذ نقرأ في الآية (٢٧٢) من سورة البقرة قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) .

وفي الآية (٣٧) من سورة النمل( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ ) .

وفي الآية (٤٣) من سورة يونس( أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ ) .

كما نقرأ أيضا في الآية (٤) من سورة إبراهيم ما هو بمثابة القانون العام( فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

فالآية الأخيرة تدلّ دلالة واضحة على أن المشيئة الإلهية في شأن هاتين الطائفتين «جماعة الهدى وجماعة الضلال» ليست دون حساب ، بل هي طبقا للجدارة واللياقة وسعي الأفراد أنفسهم فالله يهب توفيقه على هذا الأساس ، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، ويسلب الهدى ممن يشاء فيضلون السبيل.

وفي الآية الثّانية ـ من الآيتين محل البحث ـ يتحدث القرآن الكريم عن طائفة اعترفوا بالإسلام في واقعهم وأيقنت به قلوبهم ، إلّا أنّهم لم يظهروا إيمانهم بسبب منافع شخصية وملاحظات ذاتية ، حيث يقول :( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) (١) .

ورد في كتب التّفسير أن الذي قال :( إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ ) إلخ هو «الحارث بن نوفل» ، حيث قال للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّنا نعرف أن ما تقوله حق ، لكن الذي يمنعنا من اتباعك والإيمان بك ، خوفنا من هجوم العرب علينا ليطردونا من

__________________

(١) كلمة «معك» في الآية الآنفة متعلقة بـ «نتبع» ، ويحتمل أن تكون كلمة «معك» متعلقة بـ «الهدى» ويكون التفاوت في المعنى يسيرا

٢٦١

أرضنا ، ولا طاقة لنا على ردّهم(١) .

هذا الكلام لا يقوله إلّا من يستضعف قدرة الله ويرى أن قدرة حفنة من العرب الجاهليين عظيمة!! وهذا الكلام لا يصدر إلّا من قلب لا يعرف عناية الله وحمايته ، ولا يعرف كيف ينصر الله أولياءه ويخذل أعداءه ، لذلك يقول القرآن ردّا على مثل هذه المزاعم( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ (٢) وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

الله الذي جعل هذه الأرض المالحة والمليئة بالصخور والخالية من الأشجار والأنهار ، جعلها حرما تهفوا إليه القلوب ، ويؤتى إليه بالثمرات من مختلف نقاط العالم ، كل ذلك بيد قدرته القاهرة.

فإنّ من له هذه القدرة على اقرار «الأمن» وجبابة «النعم» إلى هذا المكان وهؤلاء يرون ذلك بأعينهم ، كيف لا يكون قادرا على أن يحفظكم من هجوم حفنة من الجاهليين عبّاد الأوثان؟!

فقد كنتم في زمان الكفر مشمولين بنعمتي الله العظيمتين «الأمن والمواهب المعاشية» فكيف يمكن أن يحرمكم الله منهما بعد الإسلام؟!

لتكن قلوبكم قوية وآمنوا بما انزل إليكم فإنّ ربّ الكعبة وربّ مكّة معكم.

هنا ، ينقدح هذا السؤال ، وهو : إن التأريخ يدل على أن حرم مكّة لم يكن آمنا للمسلمين للغاية ، ألم تعذب طائفة من المسلمين في مكّة؟ ألم يرموا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالأحجار الكثيرة؟! ألم يقتل بعض المسلمين في مكّة؟! ألم يهاجر جماعة من المسلمين من مكّة مع جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه وجماعة آخرون مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله آخر الأمر لعدم الأمن في مكّة؟!

__________________

(١) مجمع البيان ـ ذيل الآية محل البحث

(٢) «يجبى» مشتق من مادة «جباية» [«ونمكن» في الآية بمعنى نجعل] والجبابة معناها الجمع ، لذلك يطلق على الحوض الذي يجمع فيه الماء جابية ونصب كلمة «حرم» على أنّها مفعول لنمكن.

٢٦٢

فنقول جوابا على ذلك :

أوّلا : مع جميع هذه الأمور ما تزال مكّة أكثر أمنا من النقاط الأخرى وكان العرب يحترمونها ويقدسونها ، وبالرغم من أنّهم كانوا يقدمون على جرائم متعددة في أماكن أخرى ، إلّا أنّهم كانوا يحجمون عن الإتيان بمثلها في مكّة.

والخلاصة : فمع عدم الأمن العام والكلي كانت مكّة تتمتع بالأمن النسبي ولا سيما أن الأعراب خارجها كانوا يراعون أمنها وقداستها.

ثانيا : صحيح أن هذه الأرض التي جعلها الله حرما آمنا أضحت لفترة وجيزة غير آمنة على أيدي جماعة إلّا أنّها سرعان ما تحولت إلى مركز كبير للأمن وتواتر النعم الكثيرة المتعددة ، فعلى هذا لم يكن تحمل هذه الصعاب المؤقتة من أجل الوصول للنعم العظيمة ، أمرا عسيرا ومعقدا.

وعلى كل حال ، فإنّ كثيرا ممن يقلقون على منافعهم الشخصية ، كالحارث بن نوفل ، لا يسلكون سبيل الهداية والإيمان في حين أنّ الإيمان بالله والتسليم لأمره ، لا يؤمن المنافع المعنوية لهم فحسب ، بل يؤمن لهم المحيط الصحيح والمنافع المادية المشروعة وما إلى ذلك. وعدم الأمن والغارات والحروب التي نجدها في عصر التمدن ـ كما يصطلح عليه ـ وفي الدنيا البعيدة عن الإيمان والهداية ، كل هذه الأمور شاهد حي على هذا المدّعى!.

ومن الضروري الالتفات إلى هذه النقطة الأساسية ، وهي أنّ الله سبحانه أوّل ما يذكر من نعمه نعمة الأمن ، ثمّ يذكر جلب الثمرات والأرزاق وغير ذلك من جميع الأنحاء إلى مكّة ، ويمكن أن يكون هذا التعبير مبيّنا هذا الواقع ، وهو : طالما كان الأمن حاكما في بلد كان اقتصاده جيدا ، وإلّا فلا ، «قد بيّنا هذا الأمر في بحثنا للآية ٣٥ سورة إبراهيم».

كما أنّ الجدير بالذكر أنّ «يجبى» جاءت على صيغة الفعل المضارع الذي يدل على الاستمرار في الحال والاستقبال ، ونحن اليوم وبعد مرور أربعة عشر

٢٦٣

قرنا ، نرى بأم أعيننا مفهوم هذا الكلام واستمرار جباية جميع أنواع المواهب إلى هذه الأرض المباركة ، فالذين يحجّون مكّة ويزورون بيت الله الحرام ، يرون بأعينهم هذه الأرض الجرداء الحارة التي لا تنبت شيئا ، كم فيها من النعم! فكأن مكّة غارقة بها ، ولعل أية نقطة من العالم ليس فيها ما في مكّة من هذه النعم الوفيرة.

* * *

ملاحظة

إيمان أبي طالب والضجيج حوله :

هذا الموضوع يبدو عجيبا لمن كان من أهل البحث والمطالعة فكيف يصرّ جماعة من رواة الأخبار على أن يزعموا أنّ أبا طالبعليه‌السلام عم النّبي كان مشركا وغير مؤمن وأنّه مات كافرا!! وهو بإجماع المسلمين كان من الذين بذلوا تضحيات منقطعة النظير ، وحمى نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله وضحّى من أجله؟!

ولم لا يكون هذا الإصرار بالنسبة للآخرين الذين لا حظّ لهم في تأريخ الإسلام؟!

هنا نعرف أنّ المسألة ليست مسألة عادية ثمّ بأقل ملاحظة وتدقيق نصل إلى هذه النتيجة ، وهي أنّ وراء هذه البحوث التاريخية والروائية لعبة سياسيّة خطيرة من أعداء عليعليه‌السلام ومناوئيه! فقد كانوا يصرّون على سلب كل فضيلة له ، حتى جعلوا أباه المضحّي والفادي للنبي والمؤثر له على نفسه يموت كافرا بزعمهم!!.

ومن المؤكّد أنّ بني أمية ومريديهم في عصرهم ، وقبل أن يصلوا إلى دفة الحكومة ، سعوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لإثبات مدعاهم بالشواهد والحجج الواهية.

٢٦٤

ونحن بقطع النظر عن هذه الأمواج السياسية المنحرفة والملوثة ، التي هي بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة تأريخية وتفسيرية بحتة ، بشكل موجز ومضغوط (كما يقتضيه وضع الكتاب) ليتّضح أن ليس وراء هذا الضجيج أي سند معتبر ، بل هناك شواهد حيّة ضده!.

١ ـ إن الآية محل البحث( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) ليس لها علاقة بأبي طالب كما بيّنا ، وقلنا : إن الآيات التي جاءت قبلها تدل بصورة واضحة أنّها في شأن جماعة من أهل الكتاب المؤمنين ، في مقابل مشركي مكّة.

الطريف أن الرازي الذي يزعم أن الآية نزلت في أبي طالبعليه‌السلام بإجماع المسلمين!! يصرّح بأن الآية ليس فيها أقل دلالة على كفر أبي طالب(١) .

ولكن مع هذه الحال فلما ذا يصرون فيها على أن يكون أبو طالبعليه‌السلام مشركا؟ فهذه مسألة غريبة ومدعاة للدهشة!

٢ ـ وأهم دليل لديهم في هذا المجال أنّهم ادعوا إجماع المسلمين على أن أبا طالب مات مشركا!.

في حين أن مثل هذا الإجماع كذب محض لا أساس له ، وهو عار عن الصحة.

فالمفسّر المعروف «الآلوسي» ـ وهو من علماء السنة ـ صرح في تفسير روح المعاني أنّ هذه المسألة ليست إجماعية ، وحكاية الإجماع من قبل المسلمين أو المفسّرين على أنّ الآية المتقدمة نزلت في أبي طالب تبدو غير صحيحة لأنّ علماء الشيعة وجمع كثير من المفسّرين يعتقدون بإسلام أبي طالب ، وادّعى أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام الإجماع على ذلك ، إضافة إلى أن أكثر قصائد

__________________

(١) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، ج ٢٥ ، ص ٣.

٢٦٥

أبي طالب تشهد على إيمانه(١) .

٣ ـ التدقيق والبحث يدل على أن هذا الإجماع المزعوم هو من قبل أخبار الآحاد الذين لا اعتبار لهم ، وفي سند هذه الروايات أفراد مشكوك فيهم كذابون.

ومن هذه الرّوايات ما نقله ابن «مردويه» بسنده عن ابن عباس أن آية( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) نزلت في شأن أبي طالب ، وقد أصرّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه أن يؤمن فلم يؤمن(٢) .

في حين أنّ في سند هذه الرواية «أبو سهل السري» الذي عرف بين كبار أصحاب علم الرجال بأنّه من الكذابين الوضّاع السارقين للحديث. كما أنّ في سند هذه الرّواية «عبد القدوس أبو سعيد الدمشقي» وهو من الكذابين أيضا(٣) .

وظاهر تعبير الحديث يدل على أن ابن عباس ينقل هذا الحديث من غير واسطة وكان شاهدا على ذلك ، في حين أنّنا نعرف أن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات ، فعلى هذا كان لا يزال رضيعا عند ما مات أبو طالبعليه‌السلام ومن هنا نستنتج أنّ واضعي الحديث حتى في هذا العمل كانوا مبتدئين وناشئين!!.

وهناك حديث آخر في هذا المجال ينقله «أبو هريرة» إذ يقول : حين دنت وفاة أبي طالب قال له النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عم قل : لا إله إلّا الله ، لأشهد لك يوم القيامة عند الله بالتوحيد ، فقال أبو طالب : لو لا أن قريشا تقول إن أبا طالب أظهر الإيمان حال الموت خوفا ، لكنت أشهد بالتوحيد وأقرّ عينيك ، فنزل قوله تعالى :( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) (٤) .

ويبدو من ظاهر هذا الحديث أن أبا هريرة كان شاهدا على هذه القضية ، في حين أنّنا نعرف أن أبا هريرة أسلم سنة فتح خيبر ، بعد الهجرة بسبع سنين ، فأين

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢ ، ص ٨٤ ذيل الآية محل البحث.

(٢) الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٣٣.

(٣) الغدير ، ج ٨ ، ص ٢٠.

(٤) الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٣٣.

٢٦٦

أبو هريرة من وفاة أبي طالب التي حدثت قبل الهجرة ...؟!!

وإذا قيل أن ابن عباس وأبا هريرة لم يكونا شاهدين على هذه القضية ، وسمعا هذه القصّة من شخص آخر فإننا نسأل من هو هذا الشخص؟! فالذي نقل هذا الحديث لهذين الشخصين ـ إذا ـ مجهول ، ومثل هذا الحديث يعرف عند أهل الحديث بالمرسل ، والجميع يعلمون بأن لا اعتبار للمراسيل!

ومن المؤسف أنّ جماعة من رواة الأخبار والمفسّرين نقلوا هذا الحديث بعضهم عن بعض دون تدقيق في كتبهم ، وشيئا فشيئا كوّنوا إجماعا لهذا الحديث! ولكن أيّ إجماع هذا؟ أم أي حديث معتبر!؟!

٤ ـ وبعد هذا كلّه ، فإنّ متن هذه الأحاديث الموضوعة يدل على أن أبا طالبعليه‌السلام كان مؤمنا بحقانية النّبي ، غاية ما في الأمر لم يجر ذلك على لسانه لملاحظات خاصة ونحن نعرف أن الإيمان هو بالقلب ، وأمّا اللسان فهو طريق القلب ، وفي بعض الأحاديث الإسلامية شبه أبو طالب بأصحاب الكهف الذين كانوا مؤمنين وإن لم يقدروا على إظهار الإيمان على ألسنتهم(١) .

٥ ـ ثمّ هل يمكن القناعة برواية مرسلة عن أبي هريرة أو ابن عباس في مثل هذه المسألة المهمة ، فلم لا يؤخذ بإجماع أئمة أهل البيتعليهم‌السلام وإجماع علماء الشيعة ، وهم أعرف بحال أسرة النّبي وأهله!!

إنّنا اليوم نحتفظ بأشعار كثيرة لأبي طالب توضح إيمانه بالإسلام ورسالة النّبي (محمّد)صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد نقل هذه الأشعار طائفة من العلماء والأفاضل في كتبهم (وقد نقلنا طائفة منها في ذيل الآية ٢٦ من سورة الأنعام من مصادر سنية معروفة)!.

٦ ـ ومع غض النظر عن جميع ما تقدم ، فإنّ تأريخ حياة أبي طالب وتضحياته العظيمة للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلاقة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمين الشديدة به إلى درجة

__________________

(١) راجع في هذا الصدد تفسير الصافي وتفسير البرهان ذيل الآية محل البحث.

٢٦٧

أنّ النّبي سمى عام وفاته بـ «عام الحزن» كل ذلك يدل على أنّه كان يعشق الإسلام ، ولم يكن دفاعه عن النّبي على أنّه أحد أرحامه ، بل دفاع رجل مؤمن مخلص وعاشق نظيف وجندي مضحّ عن قائده وإمامه فمع هذه الحالة ، كم يبلغ الجهل والغفلة والظلم وعدم الشكر بطائفة أن تصرّ على أنّ هذا الرجل المخلص المؤمن الموحّد مات مشركا(١) .

* * *

__________________

(١) هناك بحث مفصل أوردناه لدى تفسير الآية ٣٦ من سورة الأنعام.

٢٦٨

الآيات

( وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨) وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩) وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٠) )

التّفسير

لا تخدعنكم علائق الدنيا :

كان الحديث في الآيات المتقدمة يدور حول ما يدعيه أهل مكّة ، وقولهم : إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا بهجوم العرب علينا ، وتتكدر حياتنا ويختل وضعنا المعاشي والاقتصادي وقد أجابت الآيات السابقة على هذا الكلام بردّ بليغ.

وفي هذه الآيات مورد البحث ردّان آخران على كلامهم :

الأوّل : يقول على فرض أنّكم لم تؤمنوا ، وحييتم في ظل الشرك مرفهين

٢٦٩

ماديّا ، ولكن لا تنسوا أن تعتبروا بحياة من قبلكم فـ( كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها ) .

أجل ، إنّ الغرور دعاهم إلى أن يبطروا من النعم ، والبطر أساس الظلم ، والظلم يجرّ حياتهم إلى النّار( ... فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً ) .

بلى بقيت بيوتهم خالية خربة متهدمة مظلمة لم يزرها ولم يسكنها أحد إلّا لفترة قليلة( وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ ) .

فيا مشركي مكّة أتريدون أن تعيشوا حياة البطر والكفر كما عاشه أولئك ، وتكون عاقبتكم كعاقبتهم ، فأي نفع في ذلك؟!

كلمة «بطرت» مشتقّة من «بطر» على زنة «بشر» ومعناه الطغيان والغرور على أثر وفرة النعم.

والتعبير بـ «تلك» التي هي اسم إشارة للبعيد ، وتستعمل غالبا للأمور التي يمكن مشاهدتها ، ويحتمل أن يكون المقصود بها أرض «عاد وثمود وقوم لوط» التي لا تبعد كثيرا عن أهل مكّة ، وهي في أرض الأحقاف بين اليمن والشام ، أو في وادي القرى ، أو في أرض سدوم ، وجميع هذه المناطق في مسير قوافل التجار العرب الذين كانوا يمضون من مكّة إلى الشام ، وكانوا يرون تلك البيوت بأم أعينهم خالية خاوية لم تسكن إلّا قليلا.

وجملة( إِلَّا قَلِيلاً ) التي جاءت بصيغة الاستثناء ، فيها ثلاثة احتمالات :

الاحتمال الأوّل : أن الاستثناء عن الساكنين.

والاحتمال الثّاني : أنّه عن المساكن.

والاحتمال الثّالث : أنّه عن السكن.

ففي الصورة الأولى يكون مفهومها أن جماعة قليلة سكنتها «أي سكنت تلك المساكن».

وفي الصورة الثّانية يكون مفهومها أن فترة قليلة كان بها السكن في هذه

٢٧٠

«المساكن» لأنّ من يسكن في هذه المساكن المشؤومة سرعان ما تنطوي فيها صفحة حياته.

وبالطبع فإنّ إرادة المعاني الثلاثة من النصّ السابق لا يوجد لنا أي مشكلة ، وإن كان المفهوم الأوّل أظهر.

كما أن بعض المفسّرين قال : إنّ المقصود من هذه الآية هو الإشارة إلى السكن المؤقت للمسافرين الذاهبين والآئبين حيث يستريحون فيها لا أكثر ، وفسرها آخرون بأنّها إشارة لسكن الحيوانات الوحشية.

والقدر المسلم به أن هذه المساكن التي كانت ملوّثة بالإثمّ والشرك أصبحت غير صالحة للسكن فهي خاوية وخالية!

والتعبير بـ( وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ ) إشارة إلى خلّوها من الساكنين ، كما هي إشارة إلى أنّ مالكها الحقيقي هو الله سبحانه المالك لكل شيء ، وإذا ما أعطى ملكا «اعتباريا» لأحد ، فإنّه لا يدوم له طويلا حتى يرثه الله أيضا.

والآية الثّانية في الحقيقة جواب عن سؤال مقدر ، وهو : إذا كان الأمر كذلك ، بأن يهلك الله الطغاة ، فلم لم يهلك المشركين من أهل مكّة والحجاز ، الذين بلغوا حدّا عظيما من الطغيان ، ولم يكن إثم ولا جهل إلّا وارتكبوه ، ولم لم يعذبهم الله بعذابه الأليم؟

يقول القرآن في هذا الصدد( وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ) .

أجل لا يعذب الله قوما حتى يتمّ عليهم حجّته ويرسل إليهم رسله ، وحتى بعد إتمام الحجّة ، فما لم يصدر ظلم يستوجب العذاب فإنّ الله لا يعذبهم ، وهو يراقب أعمالهم ،( وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ ) .

والتعبير بـ( ما كُنَّا ) أو( وَما كانَ رَبُّكَ ) دليل على أن سنة الله الدائمة والأبدية التي كانت ولا زالت ، هي أن لا يعذب أحدا إلّا بعد إتمام الحجة الكافية.

٢٧١

والتعبير بـ( حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً ) إشارة إلى عدم لزوم إرسال الرسل إلى جميع المدن ، بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته! لأنّ أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب مستمر إلى المركز الرئيسي ، لحاجتهم الماسة ، وما أسرع أن ينتشر الخبر الذي يقع في المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة ، كما انتشرت أصداء بعثة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي كانت في مكّة ـ وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة! لأنّ مكّة كانت أم القرى ، وكانت مركزا روحانيا في الحجاز ، كما كانت مركزا تجاريا أيضا فانتشرت أخبار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووصلت جميع المراكز المهمّة في ذلك الحين وفي فترة قصيرة جدّا.

فعلى هذا تبيّن الآية حكما كليا وعامّا ، وما يدّعيه بعض المفسّرين من أنّها إشارة إلى «مكّة» لا دليل عليه ، والتعبير بـ( فِي أُمِّها ) هو تعبير عام كلي أيضا لأنّ كلمة «أم» تعني المركز الأصلي ، ولا يختص هذا بمكّة فحسب(١) .

وأخر آية من هذا المقطع محل البحث تحمل الردّ الثّالث على أصحاب الحجج الواهية ، الذين كانوا يقولون للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) ويبعدنا العرب من ديارنا ، وهو قوله تعالى :( وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ) ممّا عندكم من النعيم الفاني إذ أنّ نعم الدنيا تشوبها الأكدار والمشاكل المختلفة ، ولس من نعمة مادية خالية من الضرر والخطر أبدا.

إضافة إلى ذلك فإنّ النعم التي عند الله «الباقية» لا تقاس مع النعم الدنيوية الزائلة ، فنعم الله ـ إذن ـ خير وأبقى!.

فبموازنة بسيطة يعرف كل إنسان عاقل أنّه لا ينبغي أن يضحي بنعم الآخرة

__________________

(١) في أن الآية هل تشمل المستقلات العقلية أم لا ، بحثنا في ذلك بحثا مناسبا في ذيل الآية (١٥) من سورة الإسراء.

٢٧٢

من أجل نعم الدنيا ، ولذلك تختتم الآية بالقول :( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ؟.

يقول «الفخر الرازي» نقلا عن أحد الفقهاء أنّه قال : لو أوصى أحد بثلث ماله إلى أعقل الناس ، فإني أفتي أن يعطى هذا المال لمن يطيع أمر الله ، لأن أعقل الناس من يعطي المتاع القليل ، (الفاني) ليأخذ الكثير (الباقي) ولا يصدق هذا ، إلّا في من يطيع الله.

ثمّ يضيف الفخر الرازي قائلا : فكأنّما استفاد هذا الحكم من الآية محل البحث(١) .

* * *

__________________

(١) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، ج ٢٥ ، ص ٦.

٢٧٣

الآيات

( أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) )

التّفسير

أنّهم عبدة الهوى :

كان الحديث في الآيات المتقدمة عن الذين فضّلوا الكفر على الإيمان بسبب منافعهم الشخصيّة ـ ورجّحوا الشرك على التوحيد ، وفي الآيات التي بين أيدينا يبيّن القرآن حال هذه الجماعة يوم القيامة قبال المؤمنين الصادقين.

ففي بداية هذه الآيات يلقي القرآن سؤالا يقارن فيه بين المؤمنين

٢٧٤

والكافرين ، ويثير الوجدان ويجعله حكما فيقول :( أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) .

ولا شك أن وجدان يقظ يرجّح وعود الله ومواهبه العظيمة الخالدة ، على نعم الدنيا التي لا تطول إلّا أيّاما وتتبعها آلام وشقاء خالد؟!

جملة( فَهُوَ لاقِيهِ ) تأكيد على أن وعد الله لا يتخلف أبدا ولا بدّ أن يكون كذلك ، لأنّ تخلف الوعد إمّا ناشئ عن الجهل أو العجز ، وكلاهما مستحيل على ذات الله المقدسة.

وجملة( هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) إشارة إلى الإحضار في محضر الله يوم القيامة للحساب ، وفسرها البعض بالإحضار في نار جهنّم ، ولكن التّفسير الأوّل أنسب كما يبدو ، وعلى كل حال فإنّ هذا التعبير يدل بصورة واضحة على أنّ المجرمين يساقون مكرهين ، وعلى غير رغبة منهم إلى تلك العرصات المخوفة ، وينبغي أن يكون الأمر كذلك لأنّ وحشة الحساب والقضاء يوم القيامة ومشاهدها تغمر وجودهم هناك!.

والتعبير بـ( الْحَياةِ الدُّنْيا ) التي تكررت في سور مختلفة من القرآن الكريم ، إشارة إلى حقارة هذه الحياة بالنسبة للحياة الأخرى والخلود فيها وعدم الزوال والاضمحلال ، لأنّ كلمة «دنيا» في الأصل مأخوذة من «دنو» على زنة «غلو» ومعناها القرب في المكان أو الزمان أو المنزلة والمقام ، ثمّ توسّع هذا المفهوم ليطلق بلفظ «دنيا أو أدنى» على الموجودات الصغيرة التي تحت اليد في مقابل الموجودات الكبيرة ، وقد يطلق هذا اللفظ على الموضوعات التي لا قيمة لها في مقابل الأشياء ذات القيمة العالية ، وربّما استعمل في القرب في مقابل البعد.

وحيث أن هذه «الحياة» في مقابل العالم الآخر صغيرة ولا قيمة لها وقريبة أيضا ، فإنّ تسميتها بالحياة الدنيا تسمية مناسبة جدّا.

٢٧٥

بعد هذا ، يأتي الكلام عن عرصات يوم القيامة ومشاهدها ليجسّده أمام الكفار ، مشاهد يقشعر منها البدن حين يتصورها الإنسان ، فيقول القرآن :( وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ) .

وبديهي أنّ هذا السؤال سؤال توبيخ وإهانة ، لأنّ يوم القيامة يوم كشف الحجب والأستار ، فلا مفهوم للشرك ، ولا المشركون في ذلك اليوم باقون على عقيدتهم و «شركهم».

فهذا السؤال في الحقيقة فيه نوع من الإهانة والتوبيخ والعقوبة!

ولكنّهم بدلا من أن يجيبوا بأنفسهم ، فإنّ معبوديهم هم الذين يردّون الجواب ، ويتبرءون منهم ، ويتنفرون من عبادة المشركين إيّاهم.

ونعرف أن معبودات المشركين وآلهتهم على ثلاثة أنواع : فإمّا أن يكونوا أصناما «وأحجارا وخشبا» أو من المقدسين كالملائكة والمسيح ، وإمّا أن يكونوا من الشياطين والجنّ. فالذين يردّون على السؤال ويجيبون هم النوع الثالث ، كما حكى عنهم القرآن( قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ ) .

فعلى هذا تكون الآية السابقة شبيهة بالآية (٢٨) من سورة يونس إذ تقول :

( وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ ) .

فعلى هذا يرد المعبودون الغواة على عبدتهم ويتبرءون منهم ، كما يبرأ فرعون ونمرود والشياطين والجن من عبدتهم وقومهم ويتنفرون منهم ، ويدافعون عن أنفسهم ، حتى أنّهم ينسبون الضلالة لمن تبعهم ويقولون : إنّهم تبعونا طوعا إلخ.

ولكن ـ من البديهي ـ ليس لهذا النفي أثر ، ولا تنفع البراءة منهم ، فالعابد

٢٧٦

والمعبود معا شريكان «في النّار»(١) .

الطريف الذي يستلفت النظر ، هو أنّ كل واحد من المنحرفين يتبرأ في ذلك اليوم من الآخر وكل يسعى لأن يلقي تبعة ذنبه على صاحبه.

وهذا يشبه تماما ما قد نراه في هذه «الدنيا» من اجتماع رهط على أمر ما حتى إذا وقعوا في مخالفة القانون ، وألقي القبض عليهم ، وأحضروا إلى المحكمة ، يتبرأ كلّ واحد من الآخر ويلقي بعضهم الجريمة على صاحبه ، فهكذا هي عاقبة المنحرفين والضالين في الدنيا والآخرة!

كما نجد مثل هذا في الآية (٢٢) من سورة إبراهيم( وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) .

ونقرأ في الآية (٣٠) من سورة الصافات في شأن المشركين الذين يتحاجون في يوم القيامة مع أتباعهم فيقولون :( وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ ) .

وعلى كل حال ، فتعقيبا على السؤال عن آلهتهم. وعجز المشركين عن الجواب. يطلب أن يدعوهم لنصرتهم( وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ) (٢) .

وحيث يعلم المشركون أن دعاءهم غير نافع ، وأن المعبودين «الشركاء» لا يمكن أن يفعلوا شيئا من شدّة الهلع والوحشة ، أو استجابة لأمر الله الذي يريد

__________________

(١) ويحتمل في الآية الآنفة ـ أيضا ـ أنّ القائلين جوابا على سؤال الله هم رؤوساء المشركين «أي جماعة من عبدة الأصنام» فهم من أجل أن يفروا عن الجواب يتحدثون عن أتباعهم ، ويقولون : ربّنا إنّنا غوينا فمضينا في طريق الشرك ، وهؤلاء اتبعونا طوعا فأغويناهم ، ولكنّهم لم يطيعونا «العبادة في الآية الآنفة معناها الطاعة» وإنّما أطاعوا هواهم ، ولكن التّفسير السابق أظهر.

(٢) التعبير بـ «شركاءكم» مع أن هؤلاء الشركاء كانوا قد جعلوا شركاء الله سبحانه ، هو اشارة إلى أنّ هؤلاء الشركاء من صنعكم وهم متعلقون بكم لا بالله

٢٧٧

أن يفضح المشركين والشركاء أمام أعين الخلق ، يتوجهون إلى الشركاء ويدعونهم كما يقول القرآن الكريم :( فَدَعَوْهُمْ ) .

ومن الواضح أنّه لا أثر لهذا النداء والطلب ، ولا يقال لهم «لبيك»( فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ) .

فحينئذ لا ينفعهم شيء( وَرَأَوُا الْعَذابَ ) .

ويتمنون( لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ! ) .(١)

* * *

__________________

(١) بحث المفسّرون في الآية( لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ ) بحوثا شتى ، فكثير منهم قالوا بأن «لو» حرف شرط هنا ، فبحثوا عن الجزاء ، فقالوا : يستفاد من جملة( رَأَوُا الْعَذابَ) وتقدير الجملة يكون هكذا : «لو أنّهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب في الدنيا بعين اليقين». وهذا يشبه قوله تعالى( لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) في سورة التكاثر الآية السادسة. كما يرى البعض أن التقدير هكذا لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا لما رأوا العذاب في الآخرة. وزعم بعضهم أن الجزاء غير ما تقدم «يطول بها البحث هنا». لكنّ بعضهم يعتقد أن جواب الشرط «الجزاء» غير محذوف أساسا ، وجملة( وَرَأَوُا الْعَذابَ ) هي الجواب المتقدم ، وما بعده جملة الشرط ، فيكون المعنى هكذا : لو كانوا يرون ويهتدون لرأوا العذاب لكنهم لم يهتدوا! لكن وراء كل هذه المعاني معنى آخر ذكرناه في بيان الآية آنفا ، وهو أن نفسر معنى لو بـ «تمنّوا ، فلا بأس بمراجعة الكتب اللغوية والأدبية «كمغني اللبيب» وغيره!.

٢٧٨

الآيات

( وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) )

التّفسير

تعقب الآيات محل البحث ، على ما كان في الآيات السابقة في شأن المشركين وما يسألون يوم القيامة.

فبعد أن يسألوا عن شركائهم ومعبوديهم ، يسألون عن مواقفهم وما أبدوه من عمل إزاء أنبيائهم( وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) .

ومن المسلم به أنّ هؤلاء «المشركين» لا يملكون جوابا لهذا السؤال ، كما لم يملكوا للسؤال السابق جوابا.

٢٧٩

ترى : أيقولون بأنّنا لبيّنا دعوة المرسلين؟ فهذا كذب محض! والكاذب خاسر في ذلك اليوم ، أم يقولون بأنّنا كذّبناهم ، واتهمناهم ، وقلنا لهم بأنّكم سحرة ومجانين وحاربناهم وقتلناهم مع اتباعهم؟

ما عسى أن يقولوا هناك؟! فكلّ ما يقولون كاشف عن فضيحتهم وشقائهم!.

حتى أنّ الأنبياء والمرسلين في ذلك اليوم يجيبون ربّهم حين يسألون( ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) .(١)

ما الذي يقوله في ذلك اليوم وفي ذلك المكان عمي القلوب من المشركين؟! لذلك يكشف القرآن عن حالهم هناك فيقول :( فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ ) أي يسأل بعضهم بعضا ولا يعرفون جوابا!.

والذي يستلفت النظر أن العمى نسب في الآية للأنباء لا للمشركين فلا يقول عمي المشركون هناك بل يقول : «عميت عليهم الأنباء» لأنّه كثيرا ما يحدث أن يكون الإنسان غير عالم بالخبر ، لكنّه يصله بانتشاره على أفواه الناس ، كما يتفق لنا أن نكون جاهلين بالشيء أحيانا فنعرف به حين ينتشر بين المجتمع ، لكن في يوم القيامة ، لا الناس مطّلعون ، ولا الأخبار تنتشر!.

فعلى هذا تعمى الأخبار ، فلا يملكون جوابا هناك على قوله تعالى :( ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) فيحيط بهم الصمت من قرنهم إلى أقدامهم.

وحيث أنّ أسلوب القرآن هو ترك الأبواب مفتوحة بوجه الكافرين والآثمين دائما ، لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الحق في أي مرحلة كانوا من الإثم ، فإنّه يضيف في الآية التي بعدها :( فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ) .

فسبيل النجاة ـ حسب ما يوضحه القرآن ـ يتلخّص في ثلاث جمل هي العودة والتوبة إلى الله ، والإيمان ، والعمل الصالح ، وعاقبتهما النجاة والفلاح حتما.

__________________

(١) المائدة ، الآية ١٠٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592