الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174856 / تحميل: 5996
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

لقد كنت في ما مضى أسجد للشمس وأعبد الأصنام ، وكنت غارقة في الزينة والتجميل ، وكنت أتصور أنّي أعلى الناس في الدنيا.

أمّا الآن فإنّني أفهم أنّني ضعيفة جدّا وهذه الزخارف والزبارج لا تروي ظمأ الإنسان ولا تبلّ غليل روحه!.

ربّاه أتيت إليك مسلمة مع سليمان نادمة عن سالف عمري ، خاضعة عنقي إليك. الطريف هنا أنّها تقول : أسلمت مع سليمان ، فتستعمل كلمة (مع) ليتجلّى أن الجميع إخوة في السبيل إلى الله! لا كما يعتاده الجبابرة إذ يتسلط بعضهم على رقاب بعض ، وترى جماعة أسيرة في قبضة آخر.

فهنا لا يوجد غالب ومغلوب ، بل الجميع ـ بعد قبول الحق ـ في صف واحد!.

صحيح أن ملكة سبأ كانت قد أعلنت إيمانها قبل ذلك أيضا ، لأنّنا سمعنا عن لسانها في الآيات آنفة الذكر( وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ) .

إلّا أن إسلام الملكة هنا وصل إلى أوجه ، لذلك أكّدت إسلامها مرّة أخرى.

إنها رأت دلائل متعددة على حقانية دعوة سليمان.

فمجيء الهدهد بتلك الحالة الخاصّة!

وعدم قبول سليمان الهدية الثمينة المرسلة من قبلها.

وإحضار عرشها في فترة قصيرة من مدى بعيد.

وأخيرا مشاهدة قدرة سليمان الاعجازية ، وما لمسته فيه من أخلاق دمثة لا تشبه أخلاق الملوك!

* * *

بحثان

١ ـ عاقبة أمر ملكة سبأ

كان هذا كل ما ورد في القرآن المجيد عن ملكة سبأ إذ آمنت أخيرا ولحقت

٨١

بالصالحين لكن هل عادت إلى وطنها بعد إيمانها ، وواصلت حكمها من قبل سليمان ، أو بقيت عند سليمان وتزوجت منه؟! أو تزوجت من أحد ملوك اليمن المشهورين باسم «تبّع»؟

هذه الأمور لم يشر إليها القرآن الكريم ، لأنّها لا علاقة لها بالهدف الأصلي الذي يبتغيه القرآن من المسائل التربوية! إلّا أن المؤرّخين والمفسّرين كلّا منهم اختار رأيا ، ولا نجد ضرورة في الخوض في ذلك ، وإن كان المشهور ـ طبقا لما قاله أغلب المفسّرين ـ أنّها تزوّجت من سليمان نفسه(١) .

إلّا أنّه ينبغي أن نذكّر بهذا الأمر المهم ، وهو أنّه وردت أساطير كثيرة حول سليمان وجنوده وحكومته وخصوصيات ملكة سبأ. وجزئيات حياتها أيضا ، ممّا يصعب على عامة الناس تمييزها من الحقائق التاريخية ، وربّما يغشّي هذه الحقائق التاريخية. ظلّ مظلم من الخرافات يشوه وجهها الناصع وهذه هي نتيجة الخرافات المتداخلة في الحقائق التي ينبغي أن تراقب مراقبة تامّة!.

٢ ـ خلاصة عامة عن حياة سليمان

ما ورد عن سيرة سليمان وحالاته في الثلاثين آية آنفة الذكر ، يكشف عن مسائل كثيرة ، قرأنا قسما منها في أثناء البحث ، ونشير إلى القسم الآخر إشارة عابرة :

١ ـ إنّ هذه القصّة تبدأ بالحديث عن موهبة (العلم الوافر) التي وهبها الله لسليمان بن داود ، وتنتهي بالتسليم لأمر الله ، وذلك التوحيد أساسه العلم أيضا.

٢ ـ هذه القصّة تدل على أن غياب طائر أحيانا (في تحليقة استثنائية) قد يغير مسير تأريخ أمّة ، ويجرها من الفساد إلى الصلاح ، ومن الشرك إلى الإيمان وهذا مثل عن بيان قدرة الله ، ومثل من حكومة الحق!.

__________________

(١) الآلوسي في روح المعاني.

٨٢

٣ ـ إنّ هذه القصّة تكشف عن أن نور التوحيد يشرق في جميع القلوب ، حتى الطائر الذي يبدو ظاهرا أنّه صامت ، فإنّه يخبر عن أسرار التوحيد العميقة!.

٤ ـ ينبغي من أجل لفت نظر الإنسان إلى القيمة الواقعية له وهدايته نحو الله ، أن يدمّر غروره وكبرياؤه أولا ليماط عن وجه ستار الظلام ، كما فعل سليمان ، فدمر غرور ملكة سبأ وذلك بإحضار عرشها ، وإدخالها الصرح الممرد الذي حسبته لجة.

٥ ـ إنّ الهدف النهائي في حكومة الأنبياء ليس التوسع في رقعة الأرض ، بل الهدف هو ما قرأناه في آخر آية من الآيات محل البحث ، وهو أن يعترف الظالم بذنبه ، وأن يسلم لربّ العالمين ، ولذلك فإن القرآن ختم بهذه «اللطيفة» القصّة المذكورة.

٦ ـ إنّ روح الإيمان هي التسليم ، لذلك فقد أكّد سليمان عليه في كتابه إلى ملكة سبأ.

٧ ـ قد يكون بعض الناس مع ما لديه من قدرة عظيمة لا ترقى إليه قدرة الآخرين ، محتاجا إلى موجود ضعيف كالطائر مثلا ، لا إلى علمه فحسب ، بل قد يستعين بعلمه أيضا ، وقد تحقّره نملة بما هي عليه من ضعف!

٨ ـ إنّ نزول هذه الآيات في مكّة حيث كان المسلمون تحت نير العدو ، وكانت الأبواب موصدة بوجوههم ، هذا النّزول كان له مفهومه الخاص. وهو تقوية معنويات المسلمين وتسلية قلوبهم ، واحياء أملهم بلطف الله ورحمته والانتصارات المقبلة.

* * *

٨٣

الآيات

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) )

التّفسير

صالح في ثمود :

بعد ذكر جانب من قصص موسى وداود وسليمانعليه‌السلام فإنّ هذه الآيات تتحدث عن قصّة رابع نبيّ ـ وتبيّن جانبا من حياته مع قومه ـ في هذه السورة ، وهي ما جاء عن صالحعليه‌السلام وقومه «ثمود»!

إذ يقول القرآن :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ) (١) .

وكما قيل من قبل : إنّ التعبير بـ «أخاهم» الوارد في قصص كثير من الأنبياء ، هو إشارة إلى منتهى المحبّة والإشفاق من قبل الأنبياء لأممهم ، كما أن في بعض المواطن إشارة الى علاقة القربى «الروابط العائلية للأنبياء بأقوامهم».

__________________

(١) جملة (أن اعبدوا الله) مجرورة بحرف جر مقدر وأصلها : ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا بعبادة الله.

٨٤

وعلى كل حال ، فإنّ جميع دعوة هذا النّبي العظيم تلخصت في جملة( أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ) . أجل ، إنّ عبادة الله هي عصارة كل تعليمات رسل الله.

ثمّ يضيف قائلا :( فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ ) (١) . المؤمنون من جهة والمنكرون المعاندون من جهة أخرى.

وقد عبر في الآيتين ٧٥ و ٧٦ من سورة الأعراف عن الفريقين ، بالمستكبرين والمستضعفين :( قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ، قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ) .

وبالطبع فإنّ هذه المواجهة بين الفريقين «الكفار والمؤمنين» تصدق في شأن كثير من الأنبياء ، بالرغم من أن بعض الأنبياء بقوا محرومين حتى من هذا المقدار القليل من الأنصار حيث وقف كل افراد قومهم ضدهم.

فأخذ صالحعليه‌السلام ينذرهم ويحذرهم من عذاب الله الأليم إلّا أنّ أولئك لم يستجيبوا له وتمسكوا بعنادهم وطلبوا منه بإصرار أن إذا كنت نبيّا فليحل بنا عذاب الله «وقد صرحت الآية ٧٧ من سورة الأعراف بأنّهم سألوا نبيّهم نزول العذاب»( وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) .

إلّا أن صالحا أجابهم محذرا و( قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) .

فلم تفكرون بعذاب الله دائما وتستعجلونه؟ ألا تعلمون أن عذاب الله إذا حلّ بساحتكم ختم حياتكم ولا يبقى مجال للايمان؟

تعالوا واختبروا صدق دعوتي في البعد الايجابي والأمل في رحمة الله في

__________________

(١) كلمة (فريقان) تثنية ، وفعلها مسند إلى ضمير الجميع ، وذلك لأنّ كل فريق يتألف من جماعة فأخذ الجمع بنظر الإعتبار

٨٥

ظل الإيمان به( لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) !.

علام تسألون عن نزول العذاب وتصرون على السيئات؟! ولم هذا العناد وهذه الحماقة؟!

لم يكن قوم صالح ـ وحدهم ـ قد طلبوا العذاب بعد انكارهم دعوة نبيّهم ، فقد ورد في القرآن المجيد هذا الأمر مرارا في شأن الأمم الآخرين ، ومنهم قوم هود «كما في الآية ٧٠ من سورة الأعراف».

ونقرأ في شأن النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما واجهه به بعض المشركين المعاندين ، إذ قالوا :( اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) .(١) وهذا أمر عجيب حقّا أن يريد الإنسان اختبار صدق دعوة نبيّه عن طريق العقاب المهلك ، لا عن طريق طلب الرحمة! مع أنّهم يعلمون يقينا احتمال صدق دعوة هؤلاء الأنبياء «يعلمون ذلك في قلوبهم وإن أنكروه بلسانهم».

وهذا الأمر يشبه حالة ما لو أدعى رجل بأنّه طبيب ، فيقول : هذا الدواء ناجع شاف ، وذلك الدواء ضار مهلك. ونحن من أجل أن نختبر صدقه نستعمل الدواء المهلك!!

فهذا منتهى الجهل والتعصب ولمرض الجهل الكثير من هذه الافرازات.

وعلى كل حال ، فإنّ هؤلاء القوم المعاندين بدلا من أن يصغوا لنصيحة نبيّهم ويستجيبوا له ، واجهوه باستنتاجات واهية وكلمات باطلة! منها أنّهم( قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ) ولعل تلك السنة كانت سنة قحط وجدب ، فقالوا : إنّ هذا البلاء والمشاكل والعقبات كلّها بسبب قدوم هذا النّبي وأصحابه فهم مشئومون

__________________

(١) الأنفال ، الآية ٣٢.

٨٦

جلبوا الشقاء لمجتمعنا!!

فكانوا يحاولون مواجهة دعوة نبيّهم صالح ومنطقه المتين بحربة التطير ، التي هي حربة المعاندين الخرافيين.

لكنّه ردّ عليهم و( قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) فهو الذي يبتليكم بسبب أعمالكم بهذه المصائب التي أدت إلى هذه العقوبات.

في الحقيقة إن ذلك اختبار وإمتحان إلهي كبير لكم ، أجل( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) .

هذه امتحانات وفتن إلهية هذه إنذارات وتنبيهات لينتبه ـ من فيهم اللياقة من غفلتهم ، ويصلحوا انحرافهم ويتجهوا نحو الله!.

* * *

بحث

«التطيّر والتفاؤل»

«التطيّر» مأخوذ من مادة «طير» وهو معروف ، إذ يعني ما يطير بجناحين في الجوّ ، ولما كان العرب يتشاءمون غالبا من بعض الطيور ، سمي الفأل غير المحبوب تطيّرا ، وهو في قبال «التفأل» ومعناه الفأل الحسن المحبوب.

وقد وردت في القرآن الإشارة إلى هذا المعنى مرارا وهي أن المشركين الخرافيّين كانوا يواجهون أنبياءهم بحربة التطير ، كما نقرأ ذلك في قصّة موسى وأصحابه( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ ) (١) .

وفي الآيات ـ محل البحث ـ أظهر قوم «ثمود» المشركون رد فعلّهم في

__________________

(١) الأعراف ، ١٣١.

٨٧

مقابل نبيّهم «صالح» بالتطير أيضا.

وأساسا ، ونقرأ في سورة «يس» أن المشركين تطيّروا من مجيء رسل المسيحعليه‌السلام الى «انطاكية» (يس ـ ١٨).

فإنّ الإنسان لا يمكن أن يقف أمام الحوادث على حال واحدة ، فلا بدّ أن يفسّر آخر الأمر لكل حادثة علة فإذا كان الإنسان مؤمنا موحدا لله ، فإنّه يرجع العلل إلى ذاته المقدسة تعالى طبقا لحكمته ، فكل شيء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. ولو استند إلى العلم في تحليل العلة والمعلول الطبيعيين ، فستحل مشكلته ايضا ، وإلّا فإنّه سينتج أوهاما وخرافات لا أساس لها أوهاما لا حد لها وأحدها «التطير» والفأل السيء!

مثلا كان عرب الجاهلية إذا رأوا الطائر يتحرك من اليمين نحو الشمال عدوّه فألا حسنا ، وإذا رأوه يتحرك من الشمال «اليسار» نحو اليمين عدّوه فألا سيئا ، ودليلا على الخسران أو الهزيمة! وغيرها من الخرافات الكثيرة عندهم(١) .

واليوم يوجد ـ من قبيل هذه الخرافات والأوهام ـ الكثير في مجتمعات لا تؤمن بالله ، وإن حققت نصرا من حيث العلم والمعرفة ، بحيث لو سقطت «مملحة» على الأرض أقلقتهم إلى حد كبير! ويستوحشون من الدار أو البيت أو الكرسي المرقم بـ ١٣ ، وما زالت سوق المنجمين وأصحاب الفأل رائجة غير كاسدة! فهناك مشترون كثر «للطالع والبخت»!.

إلّا أنّ القرآن جمع كل هذه الأمور فجعلها في جملة موجزة قصيرة فقال :( طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) .

__________________

(١) يشير الكميت الأسدي إلى بعض هذه الخرافات في قصيدته البائية فيقول :

ولا أنا ممن يزجر الطير همّه

أصاح غراب أم تعرض ثعلب

ولا السانحات البارحات عشية

أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب (المصحح).

٨٨

أجل ، فطائركم وطالعكم وانتصاركم وهزيمتكم وتوفيقكم وفشلكم كله عند الله ، الله الحكيم الذي يهب عطاياه لمن كانت عنده اللياقة ، واللياقة بدورها انعكاس تنعكس عن الايمان والأعمال الصالحة أو الطالحة!.

وهكذا فإنّ الإسلام يدعو أتباعه ليخرجهم من وادي الخرافة إلى الحقيقة ، ومن المفازة(١) إلى الصراط المستقيم.

«كان لنا بحث مفصل في مجال التطير والتفاؤل ذيل الآية ١٣١ من سورة الأعراف».

* * *

__________________

(١) المفازاة تأتي بمعنى الفوز ، وتأتى بمعنى الهلاك فهي من الأضداد في اللغة ـ وهنا معناها الصحراء المهلكة (المصحح).

٨٩

الآيات

( وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) )

التّفسير

تآمر تسعة رهط في وادي القرى :

نقرأ هنا قسما آخر من قصّة «صالح» وقومه ، حيث يكمل القسم السابق ويأتي على نهايته ، وهو ما يتعلق بالتآمر على قتل «صالح» من قبل تسعة «رهط»(١) من المنافقين والكفار ، وفشل هذا التآمر! في وادي القرى منطقة «النّبي صالح وقومه».

__________________

(١) «الرهط» من الناس ما لا يقل عن الثلاثة ولا يزيد عن العشرة ، وهو اسم جنس لا مفرد له من نوعه ويجمع على أراهط وأرهاط ـ ولا يكون في الرهط امرأة (المصحح).

٩٠

يقول القرآن في هذا الشأن( وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) .

ومع ملاحظة أنّ «الرّهط» يعني في اللغة الجماعة التي تقلّ عن العشرة أو تقلّ عن الأربعين ، فإنّه يتّضح أن كلّا من المجموعات الصغيرة التسع كان لها منهج خاص ، وقد اجتمعوا على أمر واحد ، وهو الإفساد في الأرض والإخلال بالمجتمع (ونظامه الاجتماعي) ومبادئ العقيدة والأخلاق فيه.

وجملة «لا يصلحون» تأكيد على هذا الأمر ، لأنّ الإنسان قد يفسد في بعض الحالات ثمّ يندم ويتوجه نحو الإصلاح إنّ المفسدين الواقعيين ليسوا كذلك ، فهم يواصلون الفساد والإفساد ولا يفكرون بالإصلاح!.

وخاصّة أن الفعل في الجملة «يفسدون» فعل مضارع ، وهو يدل على الاستمرار ، فمعناه أن إفسادهم كان مستمرا وكلّ رهط من هؤلاء التسعة كان له زعيم وقائد ويحتمل أن كلّا ينتسب إلى قبيلة!.

ولا ريب أن ظهور «صالح» بمبادئه السامية قد ضيّق الخناق عليهم ، ولذلك تقول الآية التالية في حقّهم :( قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ ) .

«تقاسموا» فعل أمر ، أيّ اشتركوا جميعا في اليمين ، وتعهّدوا على هذه المؤامرة الكبرى تعهدا لا عودة فيه ولا انعطاف!.

الطريف أنّ أولئك كانوا يقسمون بالله ، ويعني هذا أنّهم كانوا يعتقدون بالله ، مع أنّهم يعبدون الأصنام ، وكانوا يبدأون باسمه في المسائل المهمّة كما يدل هذا الأمر على أنّهم كانوا في منتهى الغرور و «السكر» بحيث يقومون بهذه الجناية الكبرى على اسم الله وذكره!! فكأنّهم يريدون أن يقوموا بعبادة أو خدمة مقبولة إلّا أنّ هذا نهج الغافلين المغرورين الذين لا يعرفون الله والضالين عن الحق.

وكلمة «لنبيتنّه» مأخوذة من «التبييت» ، ومعناه الهجوم ليلا ، وهذا التعبير

٩١

يدلّ على أنّهم كانوا يخافون من جماعة صالح وأتباعه ، ويستوحشون من قومه لذلك ومن أجل أن يحققوا هدفهم ولا يكونوا في الوقت ذاته مثار غضب أتباع صالح ، اضطروا إلى أن يبيتوا الأمر ، واتفقوا أن لو سألوهم عن مهلك النّبي ـ لأنّهم كانوا معروفين بمخالفته من قبل ـ حلفوا بأن لا علاقة لهم بذلك الأمر ، ولم يشهدوا الحادثة أبدا.

جاء في التواريخ أن المؤامرة كانت بهذه الصورة ، وهي أن جبلا كان في طرف المدينة وكان فيه غار يتعبّد فيه صالح ، وكان يأتيه ليلا بعض الأحيان يعبد الله فيه ويتضرع إليه ، فصمّموا على أن يكمنوا له هناك ليقتلوه عند مجيئه في الليل ، ويحملوا على بيته بعد استشهاده ثمّ يعودوا إلى بيوتهم ، وإذا سئلوا أظهروا جهلهم وعدم معرفتهم بالحادث.

فلمّا كمنوا في زاوية واختبئوا في ناحية من الجبل انثالت صخور من الجبل تهوي إلى الأرض ، فهوت عليهم صخرة عظيمة فأهلكتهم في الحال!

لذلك يقول القرآن في الآية التالية :( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) .

ثمّ يضيف قائلا :( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) .

وكلمة (مكر) ـ كما بينّاها سابقا ـ تستعملها العرب في كل حيلة وتفكير للتخلص أو الاهتداء إلى أمر ما ولا تختص بالأمور التي تجلب الضرر ، بل تستعمل بما يضر وما ينفع فيصح وصف المكر بالخير إذا كان لما ينفع ، ووصفه بالسوء إذا كان لما يضرّ قال سبحانه :( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) . وقال :( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) ! «فتأملوا بدقّة» يقول الراغب في المفردات المكر صرف الغير عما يقصده فبناء على هذا إذا نسبت هذه الكلمة إلى الله فإنّها تعني إحباط المؤامرات الضارة من قبل

٩٢

الآخرين ، وإذا نسبت إلى المفسدين فهي تعني الوقوف بوجه المناهج الإصلاحية ، والحيلولة دونها.

ثمّ يعبّر القرآن عن كيفية هلاكهم وعاقبة أمرهم فيقول :( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ) .

فلا صوت يسمع منها

ولا حركة تتردد

ولا أثر من تلك الزخارف والزبارج والنعم والمجالس الموبوءة بالذنوب والخطايا.

أجل ، لقد أذهبهم ريح عتوّهم وظلمهم ، واحترقوا بنار ذنوبهم فهلكوا جميعا( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) .

إلّا أن الأخضر لم يحترق باليابس ، والأبرياء لم يؤخذوا بجرم الأشقياء بل سلم المتقون( وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ) .

* * *

ملاحظات

١ ـ عقوبة ثمود

تختلف تعابير آيات القرآن في موضوع هلاك قوم صالح «ثمود».

فتارة يأتي التعبير عن هلاكهم بالزلزلة( فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ) .(١)

وتارة يقول : «عنهم» القرآن :( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ) (٢) .

وتارة يقول :( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ) (٣) .

__________________

(١) الأعراف ، الآية ٧٨.

(٢) الذاريات ، ٤٤.

(٣) هود ، ٦٧.

٩٣

إلّا أنّه لا منافاة بين هذه التعابير الثلاثة أبدا لأنّ «الصاعقة» هي الشعلة الكبيرة بين السحاب والأرض المقرونة بصيحة عظيمة واهتزاز شديد في الأرض «ذكرنا تفصيلا عن الصيحة السماوية في ذيل الآية ٦٧».

٢ ـ روى بعض المفسّرين أن أصحاب صالح الذين نجوا معه كانوا أربعة آلاف رجل ، وقد خرجوا بأمر الله من المنطقة الموبوءة بالفساد إلى حضر موت»(١) .

٣ ـ «خاوية» من (الخواء) على وزن (الهواء) معناه السقوط والهويّ والانهدام ، وقد يأتي الخواء بمعنى الخلو وهذا التعبير ورد في سقوط النجم وهويّه ، إذا قالوا «خوى النجم» أي هوى.

ويرى الراغب في المفردات أن الأصل في «خوى» هو الخلو ويرد هذا التعبير في البطون الغرثى ، والجوز الخالي ، والنجوم التي لا تعقب الغيث ، كان عرب الجاهلية يعتقدون أن كل نجم يظهر في الأفق يصحبه الغيث! «المطر».

٤ ـ روي عن ابن عباس أنّه قال : استفدت من القرآن أن الظلم يخرب البيوت ويهدمها ، ثمّ استدل بالآية الكريمة( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ) (٢) .

وفي الحقيقة فإن تأثير الظلم في تخريب البيوت والمدن والمجتمعات لا يقاس بأي شيء ، فالظلم يأتي بالصاعقة المهلكة ، والظلم يزلزل ويدمر والظلم له أثر كأثر الصيحة ـ في السماء ـ المهلكة المميتة ، وقد أكد التأريخ مرارا هذه الحقيقة وأثبتها ، وهي أن الدنيا قد تدوم مع الكفر ، إلّا أنّها لا تدوم مع الظلم أبدا.

٥ ـ ما لا شك فيه أن عقاب ثمود «قوم صالح» كان بعد أن عقروا الناقة «قتلوها» وكما يقول القرآن في الآيات (٦٥) ـ (٦٧) من سورة هود :( فَعَقَرُوها

__________________

(١) راجع الطبرسي في مجمع البيان ، والآلوسي في روح المعاني ، والقرطبي في تفسيره المعروف ، ذيل الآيات محل البحث.

(٢) مجمع البيان ذيل الآية محل البحث

٩٤

فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ، فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ ) .

فبناء على هذه الآيات لم ينزل العذاب مباشرة بعد المؤامرة على قتل صالح ، بل الاحتمال القوي أن الجماعة الذين تآمروا على قتله أهلكوا فحسب ، ثمّ أمهل الله الباقين ، فلمّا قتلوا الناقة أهلك الله جميع الظالمين والآثمين الكافرين.

وهذه هي نتيجة الجمع بين آيات هذه السورة ، والآيات الواردة في هذا الشأن في سورتي الأعراف وهود.

وبتعبير آخر : في الآيات محل البحث جاء بيان إهلاكهم بعد مؤامرتهم على قتل نبيهم صالح ، أمّا في سورتي الأعراف وهود فبيان هلاكهم بعد عقرهم الناقة. ونتيجة الأمرين أنّهم حاولوا قتل نبيّهم ، فلمّا لم يفلحوا أقدموا على قتل الناقة (وعقرها) التي كانت معجزته الكبرى ونزل عليهم العذاب بعد أن أمهلوا ثلاثة أيام.

ويحتمل أيضا أنّهم أقدموا على قتل الناقة أولا ، فلما هدّدهم نبيّهم صالح بنزول العذاب بعد ثلاثة أيّام حاولوا قتله ، فأهلكوا دون أن يفلحوا في قتله(١) .

* * *

__________________

(١) تفسير روح البيان ذيل الآية محل البحث

٩٥

الآيتان

( وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) )

التّفسير

انحراف قوم لوط!

بعد ذكر جوانب من حياة موسى وداود وسليمان وصالحعليهم‌السلام مع أممهم وأقوامهم ، فإنّ النّبي الخامس الذي وردت الإشارة إليه في هذه السورة : نبيّ الله العظيم «لوط».

وليست هذه أوّل مرّة يشير القرآن إلى هذا الموضوع ، بل تكررت الإشارة إليه عدّة مرّات ، كما في سورة الحجر ، وسورة هود ، وسورة الشعراء ، وسورة الأعراف.

وهذا التكرار والتشابه ، لأنّ القرآن ليس كتابا تاريخيا كي يتحدث عن الموضوع مرّة ولا يعود إليه بل هو كتاب تربوي إنساني ونعرف انّ المسائل التربوية قد تقتضي الظروف أحيانا أن تكرر الحادثة ويذكر بها مرارا ، وأن ينظر إليها من زوايا مختلفة ، ويستنتج من جهاتها المتعددة.

٩٦

وعلى كل حال فإنّ حياة قوم لوط المشهورين بالانحراف الجنسي والعادات السيئة المخزية الأخرى ، كما أنّ عاقبة حياتهم الوخيمة يمكن أن تكون لوحة بليغة لأولئك السادرين في شهواتهم وإن سعة هذا التلوث بين الناس تقتضي أن يكرر ما جرى على قوم لوط مرارا.

يقول القرآن : في الآيتين محل البحث أوّلا :( وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) (١) .

«الفاحشة» كما أشرنا إليها من قبل ، تعني الأعمال السيئة القبيحة ، والمراد منها الانحراف الجنسي وعمل اللواط المخزي.

وجملة( وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) إشارة إلى أنّكم ـ يعني قوم لوط ـ ترون بأم أعينكم قبح هذا العمل وآثاره الوخيمة ، وكيف تلوّث مجتمعكم من قرنه إلى قدمه به وحتى الأطفال في غير مأمن من هذا العمل القبيح ، فعلام تبصرون ولا تتنبهون!

وأمّا ما يحتمله بعضهم من أن جملة «تبصرون» إشارة إلى أنّهم كانوا يشهدون فعل اللواط «بين الفاعل والمفعول» فهذا المعنى لا ينسجم وظاهر التعبير ، لأنّ لوطا يريد أن يحرّك «وجدانهم» وضمائرهم ، وأن يوصل نداء فطرتهم إلى آذانهم فكلام لوط نابع من البصيرة ورؤية العواقب الوخيمة لهذا العمل والتنبه منه.

ثمّ يضيف القرآن قائلا :( أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ ) .

وقد ورد التعبير عن هذا العمل القبيح بالفاحشة ، ثمّ وضحه أكثر لئلا يبقى أي إبهام في الكلام ، وهذا اللون من الكلام واحد من فنون البلاغة لبيان المسائل المهمة.

__________________

(١) يحتمل أن «ولوطا» منصوب بالفعل (أرسلنا) الذي سبق ذكره في الآيات المتقدمة ، ويحتمل أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره (اذكر) وحيث جاء بعد الكلمة (إذ قال) فالاحتمال الثّاني أنسب

٩٧

ولكي يتّضح بأن الدافع على هذا العمل هو الجهل ، فالقرآن يضيف قائلا :( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) .

تجهلون بالله وتجهلون هدف الخلق ونواميسه وتجهلون آثار هذا الذنب وعواقبه الوخيمة ، ولو فكرتم في أنفسكم لرأيتم أن هذا العمل قبيح جدّا ، وقد جاءت الجملة بصيغة الاستفهام ليكون الجواب نابعا من أعماقهم ووجدانهم ، فيكون أكثر تأثيرا.

* * *

٩٨

بداية الجزء العشرون

من

القرآن الكريم

٩٩
١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

لانحصار الشرور فيه، فإنّ عالم الأمر خير كلّه.

( وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ ) ليل إذا اعتكر(١) واختلط ظلامه. من قوله:( إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢) . وأصله: الامتلاء. يقال: غسقت العين، إذا امتلأت دمعا. وغسقت الجراحة: امتلأت دما. وقيل: السيلان. وغسق الليل انصباب ظلامه. وغسق العين سيلان دمعها.( إِذا وَقَبَ ) دخل ظلامه في كلّ شيء. وتخصيصه مع دخوله تحت قوله:( مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ) لأنّ انبثاث المضارّ فيه أكثر، والتحرّز منه أصعب. ولذلك قيل: الليل أخفى للويل. وقولهم: أغدر الليل، لأنّه إذا أظلم كثر فيه الغدر.

وقيل: المراد به القمر، فإنّه يكسف فيغسق. ووقوبه: دخوله في الكسوف.

ويجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيّات. ووقبه: ضربه ونقبه.

( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ) ومن شرّ النفوس، أو الجماعات، أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين. والنفث: النفخ مع ريق.

وتخصيصه لماروي أنّ لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ دسّ ذلك في بئر ذروان لبني زريق. وفي رواية أنّ بناته سحرن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ دسسن ذلك في البئر المذكور. فمرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فبينا هو نائم إذ أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فأخبراه بذلك، وأنّه في بئر ذروان في جفّ طلعة تحت راعوفة. والجفّ: قشر الطلع(٣) . والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم عليها الماتح(٤) . فانتبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعث عليّاعليه‌السلام والزبير وعمّار فنزحوا

__________________

(١) اعتكر الليل: اشتدّ سواده.

(٢) الإسراء: ٧٨.

(٣) الطلع من النخل: شيء يخرج كأنّه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود.

(٤) أي: ما يستخرج به الماء. من: متح الماء: نزعه.

٥٦١

ماء تلك البئر، ثمّ رفعوا الصخرة وأخرجوا الجفّ، فإذا فيه مشاطة(١) رأس وأسنان من مشطة، وإذا فيه معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر. فنزلت هاتان السورتان. فجعل كلّما يقرأ آية انحلّت عقدة، ووجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خفّة فقام، فكأنّما أنشط من عقال. وجعل جبرئيلعليه‌السلام يقول: بسم الله أرقيك، من شرّ كلّ شيء يؤذيك، من حاسد وعين، والله تعالى يشفيك. ورووا ذلك عن عائشة وابن عبّاس.

وهذا لا يجوز، لأنّ من وصف بأنّه مسحور فقد خبل عقله، وقد أبى الله سبحانه ذلك في قوله:( وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا ) (٢) . ولكن يمكن أن يكون اليهوديّ أو بناته ـ على ما روي ـ اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه، فأطلع الله نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما فعلوه من التمويه حتّى استخرج، وكان ذلك دلالة على صدقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم؟ ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين، مع شدّة عداوتهم لهم.

فمعنى الاستعاذة من شرّهنّ: إمّا بأن يستعاذ من عملهنّ الّذي هو صنعة السحر، ومن إثمهنّ في ذلك. أو يستعاذ من فتنتهنّ الناس بسحرهنّ، وما يخدعنهم به من باطلهنّ. أو يستعاذ ممّا يصيب الله به من الشرّ عند نفثهنّ.

ويجوز أن يراد بهنّ النساء الكيّادات، من قوله:( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) (٣) تشبيها لكيدهنّ بالسحر والنفث في العقد. أو اللاتي يفتنّ الرجال بتعرّضهنّ لهم وعرضهنّ محاسنهنّ، كأنّهنّ يسحرنهم بذلك.

وقيل: المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل. مستعار من تليين

__________________

(١) المشاطة: ما يسقط من الشعر عند مشطه.

(٢) الفرقان: ٨ ـ ٩.

(٣) يوسف: ٢٨.

٥٦٢

العقد بنفث الريق ليسهل حلّها. وإفرادها بالتعريف، لأنّ كلّ نفّاثة شرّيرة، بخلاف كلّ غاسق وحاسد.

( وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ) إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه، فإنّه لا يعود ضرر منه قبل ذلك. إلى المحسود، بل يخصّ به لاغتمامه بسروره. وتخصيصه مع دخوله في قوله:( مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ) لأنّه العمدة في إضرار الإنسان بل الحيوان غيره.

ويجوز أن يراد بالغاسق ما يخلو عن النور كالجمادات، وما يضاهيه كالقوى.

وبالنفّاثات النباتات، فإنّ قواها النباتيّة من حيث إنّها تزيد في طولها وعرضها وعمقها، كأنّها تنفث في العقد الثلاث. وبالحاسد الحيوان، فإنّه إنّما يقصد غيره غالبا طمعا فيما عنده. ولعلّ إفرادها من عالم الخلق لأنّها الأسباب القريبة للمضرّة.

قال بعضهم: إنّ الله سبحانه جمع الشرور في هذه السورة وختمها بالحسد ليعلم أنّه أخسّ الطبائع. نعوذ بالله منه.

وروى أنس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «من رأى شيئا يعجبه فقال: الله الله ما شاء الله لا قوّة إلّا بالله، لم يضرّ شيئا».

وروي: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان كثيرا مّا يعوّذ الحسن والحسينعليهما‌السلام بهاتين السورتين.

٥٦٣
٥٦٤

(١١٤)

سورة الناس

مدنيّة. وقيل: مكّيّة. وهي مثل سورة الفلق، لأنّها إحدى المعوّذتين. وهي ستّ آيات.

الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: «إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اشتكى شكوى شديدة، ووجع وجعا شديدا، فأتاه جبرئيل وميكائيل، فقعد جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، فعوّذه جبرئيل بـ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ، وعوّذه ميكائيل بـ( أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ».

أبو خديجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «جاء جبرئيل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو شاك، فرقاه بالمعوّذتين و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) . وقال: بسم الله أرقيك، والله يشفيك، من كلّ داء يؤذيك، خذها فلتهنيك».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦) )

٥٦٥

ولـمّا كانت الاستعاذة في السورة المتقدّمة من المضارّ البدنيّة، وهي تعمّ الإنسان وغيره، والاستعاذة في هذه السورة من الأضرار الّتي تعرض للنفوس البشريّة، عمّم الإضافة ثمّ، وخصّصها بالناس هاهنا، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ولـمّا كانت الاستعاذة وقعت من شرّ الموسوس في صدور الناس، فكأنّه قيل: أعوذ من شرّ الموسوس إلى الناس بربّهم الّذي يملك أمورهم ويستحقّ عبادتهم، كما يستغيث بعض الموالي إذا اعتراهم خطب بسيّدهم ومخدومهم ووالي أمرهم.

( مَلِكِ النَّاسِ * إِلهِ النَّاسِ ) عطف بيان له، فإنّ الربّ قد لا يكون ملكا، والملك قد لا يكون إلها. والإله خاصّ لا شركة فيه، فجعل غاية للبيان.

وقيل: ليس في «الناس» تكرار، لأنّ المراد بالأوّل: الأجنّة، ولهذا قال:( بِرَبِّ النَّاسِ ) ، لأنّه يربّيهم. وبالثاني: الأطفال، ولذلك قال:( مَلِكِ النَّاسِ ) لأنّه يملكهم. وبالثالث: البالغون المكلّفون، ولذلك قال:( إِلهِ النَّاسِ ) ، لأنّهم يعبدونه.

وبالرابع: العلماء، لأنّ الشيطان يوسوس إليهم. ولا يريد الجهّال، لأنّ الجاهل يضلّ بجهله، وإنّما يوقع الوسوسة في قلب العالم، كما قال:( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ ) (١) .

وقيل: في هذا النظم دلالة على أنّه حقيق بالإعادة، قادر عليها، غير ممنوع عنها. وإشعار على مراتب الناظر في المعارف، فإنّه يعلم أوّلا بما يرى عليه من النعم الظاهرة والباطنة أنّ له ربّا. ثمّ يتغلغل في النظر حتّى يتحقّق أنّه غنيّ عن الكلّ، وذات كلّ شيء له، ومصارف أمره منه، فهو الملك الحقّ. ثمّ يستدلّ به على أنّه المستحقّ للعبادة لا غير. وتدرّج في وجوه الاستعاذة كما يتدرّج في الاستعاذة المعتادة، تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات، إشعارا بعظم الآفة

__________________

(١) طه: ١٢٠.

٥٦٦

المستعاذ منها. وتكرير «الناس» لـما في الإظهار من مزيد البيان، والإشعار بشرف الإنسان.

( مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ ) أي: الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة. وأمّا المصدر فبالكسر، كالزلزال. والمراد به الموسوس، وهو الشيطان، سمّي بفعله مبالغة. أو المراد ذو الوسواس. والوسوسة هي الصوت الخفيّ. ومنه: وسواس الحليّ.

( الْخَنَّاسِ ) الّذي عادته أن يخنس، أي: يتأخّر إذا ذكر الإنسان ربّه.

روي عن سعيد بن جبير: إذا ذكر الإنسان ربّه خنس الشيطان وولّى، فإذا غفل وسوس إليه.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الشيطان واضع خطمه(١) على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا نسي التقم قلبه».

وروى العيّاشي بإسناده عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من مؤمن إلّا ولقلبه في صدره أذنان: أذن ينفث فيها الملك، وأذن ينفث فيها الوسواس الخنّاس، فيؤيّد الله المؤمن بالملك. وهو قول الله تعالى:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) »(٢) .

( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) إذا غفلوا عن ذكر ربّهم. وذلك كالقوّة الوهميّة، فإنّها تساعد العقل في المقدّمات، فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشكّكه. ومحلّ «الّذي» الجرّ على الصفة، أو النصب، أو الرفع على الذمّ.

( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) بيان للوسواس، أو لـ «الّذي» على أنّ الشيطان ضربان :

__________________

(١) الخطم: الأنف.

(٢) المجادلة: ٢٢.

٥٦٧

جنّيّ وإنسيّ، كما قال:( شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ ) ويجوز أن يكون متعلّقا بـ «يوسوس». ومعناه: ابتداء الغاية، أي: يوسوس في صدورهم من جهة الجنّة والناس.

والحمد لله ربّ العالمين، أوّلا وآخرا، وباطنا وظاهرا، على توفيقي وتيسيري في تتميم زبدة التفاسير، مع وجازة ألفاظه، وغزارة معانيه، ونكات دقيقة، وأسرار لطيفة، على وفق الطريقة الحنيفيّة الإماميّة، والملّة البيضاء الاثني عشريّة.

أللّهمّ اجعل جدّي واجتهادي في جميع الزبدة والخلاصة من تفاسير كتابك العزيز، وكدّي وسعيي في ضمّ ما انتشر من معانيه، على وفق مذهب الحقّ وطريق الصدق، باللفظ الوجيز، ذريعة إلى درك رضوانك، ووصلة إلى الاتّصال بأوليائك وأصفيائك في جنانك، وتوسّلا إلى شفاعة سيّد الأخيار، وعترته الأبرار.

أللّهمّ اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبّت أقدامنا يوم التناد، بحقّ نبيّك النبيه المصطفى، ووليّك الوليه المرتضى، وأولادهما المعصومين الأمجاد.

ووقع الفراغ من تسويده في منتصف شهر ذي القعدة الحرام، سنة سبع وسبعين وتسعمائة، على يد مؤلّفه ومسوّده أفقر عباد الله الملك اللطيف، ابن شكر الله فتح الله الشريف، كساهما الله الملك المنّان جلابيب الرضوان، وسقاهما شآبيب الغفران، بحقّ النبيّ المنيف، والوليّ العريف.

__________________

(١) الأنعام: ١١٢.

٥٦٨

فهرس الموضوعات

سورة الحشر (٥٩)

الموضوع

الصفحة

الآية: ١ ـ ٤ ٦

الآية: ٥ ١٠

الآية: ٦ ـ ١٠ ١١

الآية: ١١ ـ ١٧ ١٧

الآية: ١٨ ـ ١٩ ٢٠

الآية: ٢٠ ـ ٢٤ ٢١

سورة الممتحنة (٦٠)

الآية: ١ ـ ٣ ٢٦

الآية: ٤ ـ ٦ ٣٠

الآية: ٧ ـ ٩ ٣١

الآية: ١٠ ـ ١١ ٣٤

الآية: ١٢ ٣٧

الآية: ١٣ ٤٠

سورة الصف (٦١)

الآية: ١ ـ ٤ ٤١

الآية: ٥ ٤٣

الآية: ٦ ـ ٩ ٤٥

الآية: ١٠ ـ ١٣ ٤٧

الآية: ١٤ ٥٠

سورة الجمعة (٦٢)

الآية: ١ ـ ٥ ٥٤

الآية: ٦ ـ ٨ ٥٧

الآية: ٩ ـ ١١ ٥٩

٥٦٩

سورة المنافقون (٦٣)

الآية: ١ ـ ٣ ٦٥

الآية: ٤ ٦٧

الآية: ٥ ـ ٨ ٦٩

الآية: ٩ ـ ١١ ٧٣

سورة التغابن (٦٤)

الآية: ١ ـ ٤ ٧٦

الآية: ٥ ـ ٦ ٧٩

الآية: ٧ ـ ١٣ ٨٠

الآية: ١٤ ٨٣

الآية: ١٥ ـ ١٨ ٨٤

سورة الطلاق (٦٥)

الآية: ١ ـ ٣ ٨٨

الآية: ٤ ـ ٥ ٩٤

الآية: ٦ ـ ٧ ٩٧

الآية: ٨ ـ ١٢ ١٠٠

سورة التحريم (٦٦)

الآية: ١ ـ ٥ ١٠٦

الآية: ٦ ـ ٩ ١١٣

الآية: ١٠ ١١٧

الآية: ١١ ـ ١٢ ١١٨

سورة الملك (٦٧)

الآية: ١ ـ ٤ ١٢٢

الآية: ٥ ـ ١٢ ١٢٦

الآية: ١٣ ـ ١٤ ١٢٨

الآية: ١٥ ـ ١٨ ١٢٩

الآية: ١٩ ـ ٢٢ ١٣١

٥٧٠

الآية: ٢٣ ـ ٢٧ ١٣٢

الآية: ٢٨ ـ ٣٠ ١٣٤

سورة القمل (٦٨)

الآية: ١ ـ ٧ ١٣٧

الآية: ٨ ـ ١٦ ١٤١

الآية: ١٧ ـ ٣٣ ١٤٥

الآية: ٣٤ ـ ٤٥ ١٤٩

الآية: ٤٦ ـ ٥٠ ١٥٤

الآية: ٥١ ـ ٥٢ ١٥٥

سورة الحاقة (٦٩)

الآية: ١ ـ ١٠ ١٥٧

الآية: ١١ ـ ١٢ ١٦١

الآية: ١٣ ـ ١٨ ١٦٢

الآية: ١٩ ـ ٣٧ ١٦٦

الآية: ٣٨ ـ ٥٢ ١٧١

سورة المعارج (٧٠)

الآية: ١ ـ ١٨ ١٧٦

الآية: ١٩ ـ ٣٥ ١٨٣

الآية: ٣٦ ـ ٤٤ ١٨٦

سورة نوح (٧١)

الآية: ١ ـ ١٤ ١٩٠

الآية: ١٥ ـ ٢٠ ١٩٥

الآية: ٢١ ـ ٢٨ ١٩٧

سورة الجن (٧٢)

الآية: ١ ـ ١٧ ٢٠٤

الآية: ١٨ ـ ٢٨ ٢١٣

٥٧١

سورة المزمل (٧٣)

الآية: ١ ـ ١٤ ٢٢٠

الآية: ١٥ ـ ١٩ ٢٢٧

الآية: ٢٠ ٢٢٩

سورة المدثر (٧٤)

الآية: ١ ـ ١٠ ٢٣٢

الآية: ١١ ـ ٣٠ ٢٣٨

الآية: ٣١ ـ ٣٧ ٢٤٣

الآية: ٣٨ ـ ٥٦ ٢٤٨

سورة القيامة (٧٥)

الآية: ١ ـ ١٥ ٢٥٤

الآية: ١٦ ـ ٢١ ٢٥٩

الآية: ٢٢ ـ ٤٠ ٢٦١

سورة الإنسان (٧٦)

الآية: ١ ـ ٣ ٢٦٨

الآية: ٤ ـ ٢٢ ٢٧٣

الآية: ٢٣ ـ ٣١ ٢٨٦

سورة المرسلات (٧٧)

الآية: ١ ـ ١٥ ٢٩١

الآية: ١٦ ـ ٤٠ ٢٩٥

الآية: ٤١ ـ ٤٥ ٢٩٩

الآية: ٤٦ ـ ٥٠ ٣٠٠

سورة النبأ (٧٨)

الآية: ١ ـ ١٦ ٣٠٢

الآية: ١٧ ـ ٣٠ ٣٠٦

الآية: ٣١ ـ ٤٠ ٣١٠

٥٧٢

سورة النازعات (٧٩)

الآية: ١ ـ ١٤ ٣١٧

الآية: ١٥ ـ ٢٦ ٣٢٢

الآية: ٢٧ ـ ٣٣ ٣٢٥

الآية: ٣٤ ـ ٤١ ٣٢٧

الآية: ٤٢ ـ ٤٦ ٣٢٨

سورة عبس (٨٠)

الآية: ١ ـ ١٦ ٣٣١

الآية: ١٧ ـ ٢٣ ٣٣٧

الآية: ٢٤ ـ ٣٢ ٣٣٨

الآية: ٣٣ ـ ٤٢ ٣٤٠

سورة التكوير (٨١)

الآية: ١ ـ ٢١ ٣٤٤

الآية: ٢٢ ـ ٢٩ ٣٥٠

سورة انفطرت (٨٢)

الآية: ١ ـ ١٩ ٣٥٤

سورة المطففين (٨٣)

الآية: ١ ـ ٦ ٣٦١

الآية: ٧ ـ ١٧ ٣٦٥

الآية: ١٨ ـ ٢٨ ٣٦٨

الآية: ٢٩ ـ ٣٦ ٣٧١

سورة انشقت (٨٤)

الآية: ١ ـ ١٥ ٣٧٣

الآية: ١٦ ـ ٢٥ ٣٧٧

سورة البروج (٨٥)

الآية: ١ ـ ٩ ٣٨١

٥٧٣

الآية: ١٠ ـ ١٦ ٣٩١

الآية: ١٧ ـ ٢٢ ٣٩٢

سورة الطارق (٨٦)

الآية: ١ ـ ١٠ ٣٩٥

الآية: ١١ ـ ١٧ ٣٩٩

سورة الأعلى (٨٧)

الآية: ١ ـ ٥ ٤٠٢

الآية: ٦ ـ ١٩ ٤٠٤

سورة الغاشية (٨٨)

الآية: ١ ـ ٧ ٤٠٩

الآية: ٨ ـ ١٦ ٤١٢

الآية: ١٧ ـ ٢٦ ٤١٤

سورة الفجر (٨٩)

الآية: ١ ـ ١٤ ٤١٧

الآية: ١٥ ـ ٢٦ ٤٢٤

الآية: ٢٧ ـ ٣٠ ٤٢٨

سورة البلد (٩٠)

الآية: ١ ـ ٢٠ ٤٣٢

سورة الشمس (٩١)

الآية: ١ ـ ١٥ ٤٤٠

سورة الليل (٩٢)

الآية: ١ ـ ٢١ ٤٤٦

سورة الضحى (٩٣)

الآية: ١ ـ ١١ ٤٥١

٥٧٤

سورة الشرح (٩٤)

الآية: ١ ـ ٨ ٤٥٩

سورة التين (٩٥)

الآية: ١ ـ ٨ ٤٦٣

سورة العلق (٩٦)

الآية: ١ ـ ٨ ٤٦٩

الآية: ٩ ـ ١٩ ٤٧١

سورة القدر (٩٧)

الآية: ١ ـ ٥ ٤٧٥

سورة البينة (٩٨)

الآية: ١ ـ ٥ ٤٨٤

الآية: ٦ ـ ٨ ٤٨٦

سورة الزلزال (٩٩)

الآية: ١ ـ ٨ ٤٩٠

سورة العاديات (١٠٠)

الآية: ١ ـ ١١ ٤٩٤

سورة القارعة (١٠١)

الآية: ١ ـ ١١ ٤٩٧

سورة التكاثر (١٠٢)

الآية: ١ ـ ٨ ٥٠١

سورة العصر (١٠٣)

الآية: ١ ـ ٣ ٥٠٧

٥٧٥

سورة الهمزة (١٠٤)

الآية: ١ ـ ٩ ٥٠٩

سورة الفيل (١٠٥)

الآية: ١ ـ ٥ ٥١٣

سورة قريش (١٠٦)

الآية: ١ ـ ٤ ٥٢٣

سورة أرأيت (١٠٧)

الآية: ١ ـ ٧ ٥٢٧

سورة الكوثر (١٠٨)

الآية: ١ ـ ٣ ٥٣١

سورة الكافرون (١٠٩)

الآية: ١ ـ ٦ ٥٣٨

سورة النصر (١١٠)

الآية: ١ ـ ٣ ٥٤١

سورة أبي لهب (١١١)

الآية: ١ ـ ٥ ٥٤٥

سورة الإخلاص (١١٢)

الآية: ١ ـ ٤ ٥٥٣

سورة الفلق (١١٣)

الآية: ١ ـ ٥ ٥٥٩

سورة الناس (١١٤)

الآية: ١ ـ ٦ ٥٦٥

٥٧٦

الفهرس

سورة الحشر ٥

سورة الممتحنة ٢٥

سورة الصفّ ٤١

سورة الجمعة ٥٣

سورة المنافقون ٦٥

سورة التغابن ٧٥

سورة الطلاق ٨٧

سورة التحريم ١٠٥

سورة الملك ١٢١

سورة القلم ١٣٧

سورة الحاقّة ١٥٧

سورة المعارج ١٧٥

سورة نوح ١٨٩

سورة الجنّ ٢٠٣

سورة المزّمّل ٢١٩

سورة المدّثّر ٢٣٣

سورة القيامة ٢٥٣

سورة الإنسان ٢٦٧

سورة المرسلات ٢٩١

سورة النبأ ٣٠١

سورة النازعات ٣١٧

٥٧٧

سورة عبس ٣٣١

سورة التكوير ٣٤٣

سورة انفطرت ٣٥٣

سورة المطفّفين ٣٦١

سورة انشقّت ٣٧٣

سورة البروج ٣٨١

سورة الطارق ٣٩٥

سورة الأعلى ٤٠١

سورة الغاشية ٤٠٩

سورة الفجر ٤١٧

سورة البلد ٤٣١

سورة الشمس ٤٣٩

سورة الليل ٤٤٥

سورة الضحى ٤٥١

سورة الشرح ٤٥٩

سورة التين ٤٦٣

سورة العلق ٤٦٩

سورة القدر ٤٧٥

سورة البيّنة ٤٨٣

سورة الزلزال ٤٨٩

سورة العاديات ٤٩٣

سورة القارعة ٤٩٧

سورة التكاثر ٥٠١

سورة العصر ٥٠٧

سورة الهمزة ٥٠٩

٥٧٨

سورة الفيل ٥١٣

سورة قريش ٥٢٣

سورة أرأيت ٥٢٧

سورة الكوثر ٥٣١

سورة الكافرون ٥٣٧

سورة النصر ٥٤١

سورة أبي لهب ٥٤٥

سورة الإخلاص ٥٥١

سورة الفلق ٥٥٩

سورة الناس ٥٦٥

فهرس الموضوعات ٥٦٩

٥٧٩

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592