الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 168934 / تحميل: 6110
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ملاحظتان

١ ـ ما هو المقصود من «ذات الصدور»؟

ورد هذا اللفظ بتفاوت يسير في أكثر من عشرة آيات من القرآن الكريم( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

لفظة «ذات» التي مذكّرها «ذو» في الأصل بمعنى «الصاحب» مع أنّها وردت لدى الفلاسفة بمعنى «العين والحقيقة وجوهر الأشياء» ، ولكن على ما قاله (الراغب) في مفرداته فإنّ هذا الاصطلاح لا وجود له في كلام العرب.

وبناء على ذلك فإنّ المقصود من جملة( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) أنّ الله يعلم صاحب ومالك القلوب ، وهي كناية لطيفة عن عقائد ونوايا الناس ، إذ أنّ الإعتقادات والنوايا عند ما تستقر في القلب تكون كأنّها مالك القلب ، والحاكم فيه ، ولهذا السبب تعدّ تلك العقائد والنوايا صاحبا ومالكا للقلب الإنساني.

وذلك تماما ما صاغه بعض كبار العلماء استفادة من هذا المعنى فقالوا : الإنسان آراؤه وأفكاره ، لا صورته وأعضاؤه»(١) .

٢ ـ لا سبيل للرجوع!

من المسلّم به أنّ القيامة والحياة بعد الموت مرحلة تكاملية نسبة إلى الدنيا ، وأنّ الرجوع إلى هذه الدنيا ليس معقولا ، فهل يمكننا العودة إلى الأمس؟ هل يمكن للوليد أن يعود إلى طي الأدوار الجنينية من جديد؟ وهل يمكن للثمرة التي قطفت من غصنها أن تعاد إليه مرّة ثانية؟ لهذا السبب فإنّ العودة إلى الدنيا غير ممكنة لأهل الآخرة.

وعلى فرض إمكانية تلك العودة فإنّ هذا الإنسان الكثير النسيان سوف لن يقوم بغير إدامة أعماله السابقة!

__________________

(١) المرحوم كاشف الغطاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها.

١٠١

ولا نذهب بعيدا ، فنحن مرّات عديدة وفي شرائط بعض الضائقات الحياتية ، نتّخذ قرارا مخلصا بيننا وبين الله على القيام بعمل ما أو ترك عمل ما ، ولكن بمجرّد تغيير تلك الشرائط يتغيّر قولنا وننسى قراراتنا ، إلّا إذا تحقّق لشخص ما تحوّل جدّي حقيقي ، لا تحوّل مشروط بتلك متعدّدة الشرائط التي بتغيّرها يعود إلى سابق حاله.

هذه الحقيقة وردت في آيات متعدّدة من القرآن المجيد ، من جملتها ما ورد في الآية (٢٨) من سورة الأنعام التي أشرنا إليها قبل قليل ، حيث تكذّب هؤلاء وتردّهم.

ولكن الآية (٥٣) من سورة الأعراف تكتفي فقط بأنّ هؤلاء الأفراد خاسرون ، ولكن لم تردّ بصراحة على طلبهم للعودة :( فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ) .

نفس هذا المعنى ورد بشكل آخر في الآيات (١٠٧) و (١٠٨) من سورة المؤمنون :( رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ) .

على كلّ حال ، فتلك مطالب غير ذات جدوى ، وأماني عديمة التحقّق ، ويحتمل أنّهم هم أيضا يعلمون ذلك ، ولكنّهم لشدّة العذاب وانسداد جميع المنافذ أمامهم يكرّرون هذه المطالب.

* * *

١٠٢

الآيات

( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١) )

التّفسير

السماوات والأرض بيد القدرة الإلهية :

تنتقل الآيات إلى مرحلة اخرى من تشخيص عوامل ضعف وبطلان مناهج الكفّار والمشركين في التعامل أو التفكير لتكمل البحوث التي مرّت في الآيات السابقة ، فتقول أوّلا :( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ ) .

١٠٣

«خلائف» هنا سواء كانت بمعنى خلفاء وممثّلي الله في الأرض ، أم بمعنى خلفاء الأقوام السابقين (وإن كان المعنى الثاني هنا أقرب على ما يبدو) فهي دليل على منتهى اللطف الإلهي على البشر حيث أنّه قيّض لهم جميع إمكانات الحياة.

أعطاهم العقل والشعور والإدراك ، أعطاهم أنواع الطاقات الجسدية ، ملأ للإنسان صفحة الأرض بمختلف أنواع النعم والبركات ، وعلّمه طريقة الاستفادة من تلك الإمكانات ، فكيف نسي الإنسان والحال هذه ولي نعمته الأصلي ، وراح يعبد آلهة خرافية ومصنوعة؟!

هذه الجملة في الحقيقة بيان لـ «توحيد الربوبية» الذي هو دليل على «توحيد العبادة». وهذه الجملة أيضا تنبيه للبشر جميعا ليعلموا بأن مكثهم ليس أبديّا ولا خالدا ، فكما أنّهم خلائف لأقوام آخرين ، فما هي إلّا مدّة حتّى ينتهي دورهم ويكون غيرهم خلائف لهم ، لذا فإنّ عليهم أن يتأمّلوا ويفكّروا ماذا يعملون خلال هذه المدّة القصيرة ، وكيف سيذكرهم التأريخ في هذا العالم؟

لذا تردف الآية قائلة :( فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً ) .

الجملتان الأخيرتان في الواقع تفسير الجملة( فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ) فهما تقيمان دليلين على رجوع الكفر على صاحبه كالآتي :

الأوّل : إنّ هذا الكفر يؤدّي إلى غضب الله الذي أعطى كلّ هذه المواهب.

والثاني : أنّه علاوة على هذا الغضب الإلهي فإنّ هذا الكفر سوف لن يزيد الظالمين إلّا خسارة وضررا بإتلافهم رأس مالهم المتمثّل بأعمارهم ووجودهم ، وشرائهم للشقاء والانحطاط والظلمة ، وأي خسارة أكثر من هذه.

وكلّ واحد من هذين الدليلين كاف لشجب وإبطال ذلك المنهج الباطل في التعامل مع الحياة.

تكرار( لا يَزِيدُ ) بصيغة المضارع ، إشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الإنسان

١٠٤

الميّال بالطبع إلى البحث عن الزيادة ، إذا سار في طريق التوحيد فسيزداد سعادة وكمالا ، وإذا سلك طريق الكفر فسوف يتعرّض لمزيد من غضب الباريعزوجل ويكون نصيبه الضرر والخسارة.

من الجدير بالذكر أيضا أنّ الغضب الإلهي ليس بمعنى الغضب الذي يحصل للإنسان ، لأنّ هذا الغضب في الإنسان عبارة عن نوع من الهيجان والانفعال الداخلي الذي يكون سببا في صدور أفعال قويّة وحادّة وخشنة ، وفي تعبئة كافّة طاقات الإنسان للدفاع أو الانتقام ، وأمّا بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى فليس لأيّ من هذه الآثار التي هي من خواص الموجودات المتغيّرة والممكنة أثر في غضبه ، فغضبه بمعنى رفع الرحمة ومنع اللطف الإلهي من شمول أولئك الذين ارتكبوا السيّئات.

الآية التالية ترد على المشركين بجواب قاطع حازم ، وتذكّرهم بأنّ الإنسان إذا اتّبع أمرا أو تعلّق بأمر ، فيجب أن يكون هناك دليل عقلي على هذا الأمر ، أو دليل نقلي ثابت ، وأنتم أيّها الكفّار حيث لا تملكون أيّا من الدليلين فليس لديكم سوى المكر والغرور.

تقول الآية الكريمة :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ) (١) فهل خلقوا شيئا في الأرض. أم شاركوا الله في خلق السماوات؟!

ومع هذا الحال فما هو سبب عبادتكم لها ، لأنّ كون الشيء معبودا فرع كونه خالقا ، فما دمتم تعلمون أنّ خالق السماوات والأرض هو الله تعالى وحده ، فلن يكون هناك معبود غيره ، لأنّ توحيد الخالقية دليل على توحيد العبودية.

والآن بعد أن ثبت أنّكم لا تملكون دليلا عقليا على ادّعائكم ، فهل لديكم دليل

__________________

(١) جملة «أرأيتم» بمعنى : ألا ترون؟ أو : ألا تفكّرون؟ ولكن بعض المفسّرين يقولون بأنّها بمعنى «أخبروني». وقد أوردنا بحثا مطوّلا بهذا الخصوص في تفسير آية (٤٠) من سورة الأنعام.

١٠٥

نقلي؟( أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ ) .

كلّا ، فليس لديهم أي دليل أو بيّنة أو برهان واضح من الكتب الإلهية ، إذا فليس لديهم سوى المكر والخديعة( بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً ) .

وبتعبير آخر ، إذا كان لعبدة الأوثان وسائر المشركين من كلّ مجموعة وكلّ صنف ادّعاء بقدرة الأصنام على تلبية مطالبهم ، فعليهم أن يعرضوا نموذجا لخلقهم من الأرض ، وإذا كانوا يعتقدون أنّ تلك الأصنام مظهر الملائكة والمقدّسين في السماء ـ كما يدّعي البعض ـ فيجب أن يقيموا الدليل على أنّهم شركاء في خلق السماوات وان كانوا يعتقدون بأنّ هؤلاء الشركاء ليس لهم نصيب في الخلقة ، بل لهم مقام الشفاعة ـ كما يدّعي البعض ـ فيجب أن يأتوا بدليل على إثبات ذلك الادّعاء من الكتب السماوية.

والحال أنّهم لا يملكون أيّا من هذه البيّنات ، فهم مخادعون ظالمون ليس لهم سوى المكر وخديعة بعضهم البعض.

الجدير بالملاحظة أيضا هو المقصود بـ «الأرض والسموات» هنا هو مجموعة المخلوقات الأرضية والسماوية ، والتعبير بـ( ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ ) و( شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ) إشارة إلى أنّ المشاركة في السماوات إنّما يجب أن تكون عن طريق الخلق.

وتنكير «كتابا» ، مع استناده إلى الله سبحانه ، إشارة إلى أنّه ليس هنا أدنى دليل على ادّعائهم في أي من الكتب السماوية.

«بيّنة» إشارة إلى دليل واضح من تلك الكتب السماوية.

«ظالمون» تأكيد مرّة اخرى على أنّ «الشرك» «ظلم» واضح.

«غرور» إشارة إلى أنّ عبدة الأوثان أخذوا هذه الخرافات بعضهم من بعض ، وتلافقوها إمّا على شكل شائعات ، أو تقاليد من بعضهم الآخر.

وتنتقل الآية التي بعدها إلى الحديث عن حاكمية الله سبحانه وتعالى على

١٠٦

مجموعة السماوات والأرض ، وفي الحقيقة فإنّها تنتقل إلى إثبات توحيد الخالقية والربوبية بعد نفي شركة أي من المعبودات الوهمية في عالم الوجود فتقول :( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ) (١) .

فليس بدء الخلق ـ فقط ـ مرتبطا بالله ، فإنّ حفظ وتدبير الخلق مرتبط بقدرته أيضا ، بل إنّ الخلق له في كلّ لحظة خلق جديد ، وفيض الوجود يغمر الخلق لحظة بعد اخرى من مبدأ الفيض. ولو قطعت الرابطة بين الخلق وبين ذلك المبدأ العظيم الفيّاض ، فليس إلّا العدم والفناء.

صحيح أنّ الآية تؤكّد على مسألة حفظ نظام الوجود الموزون ، ولكن ـ كما ثبت من الأبحاث الفلسفيّة ـ فإنّ الممكنات محتاجة في بقائها إلى موجدها كاحتياجها إليه في بدء إيجادها ، وبذلك فإنّ حفظ النظام ليس سوى إدامة الخلق الجديد والفيض الإلهي.

الملفت للنظر أنّ الأجرام والكرات السماوية ، مع كونها غير مقيّدة بشيء آخر ، إلّا أنّها لم تبرح أماكنها أو مداراتها التي حدّدت لها منذ ملايين السنين ، دون أن تنحرف عن ذلك قيد أنملة ، كما نلاحظ ذلك في المجموعة الشمسية ، فالأرض التي نعيش عليها تواصل دورانها حول الشمس منذ ملايين بل مليارات السنين في مسيرها المحدّد والمحسوب بدقّة والذي يتحقّق من التوازن بين القوى الدافعة والجاذبة ، كما أنّها تدور في نفس الوقت حول نفسها ، ذلك بأمر الله.

وللتأكيد تضيف الآية قائلة :( وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ) .

فلا الأصنام التي صنعتموها ولا الملائكة ، ولا غير ذلك ، لا أحد غير الله قادر على ذلك.

وفي ختام الآية ـ لكي يبقى طريق الأوبة والإنابة أمام المشركين الضالّين مفتوحا يقول تعالى محبّذا لهم التوبة في كلّ مرحلة من الطريق( إِنَّهُ كانَ حَلِيماً

__________________

(١) جملة «أن تزولا» تقديرها «لئلا تزولا» أو «كراهة أن تزولا».

١٠٧

غَفُوراً ) .

فبمقتضى (حلمه) لا يتعجّل عقابهم ، وبمقتضى (غفرانه) يتقبّل توبتهم ـ بشرائطها ـ في أي مرحلة من مراحل مسيرهم ، وعليه فإنّ ذيل الآية يشير إلى وضع المشركين وشمول الرحمة الإلهية لهم في حال توبتهم وإنابتهم.

اعتبر بعض المفسّرين أنّ هذين الوصفين ذكرا لارتباطهما بموضوع حفظ السموات والأرض ، إذ أنّ زوالهما مصيبة عظيمة ، وبمقتضى حلم الله وغفرانه فإنّه لا يشمل الناس بمثل ذلك العذاب وتلك المصيبة ، وإن كانت أقوال وأعمال الكثير من هؤلاء الكفّار موجبة لإنزال ذلك العذاب ، كما ورد في الآيات ٨٨ إلى ٩٠ من سورة مريم( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ) .

والجدير بالملاحظة أيضا أنّ جملة( وَلَئِنْ زالَتا ) ليست بمعنى أنّه «إذا زالت فليس أحد غير الله يحفظها» ، بل بمعنى «أنّها إذا شارفت على السقوط والزوال فإنّ الله وحده يستطيع حفظها ، وإلّا فلا معنى للحفظ بعد الزوال».

وقد حدث ـ على طول التاريخ البشري ـ مرارا أنّ علماء الفلك توقّعوا أنّ «النجم الفلاني» المذنّب أو غير المذنّب سيمرّ بمحاذاة الكرة الأرضية ويحتمل أن يصطدم بها ، هذه التوقّعات تدفع جميع الناس إلى القلق ، وفي هذه الشرائط يحسّ الجميع بأنّه في مثل حادث كهذا ، ليس في إمكان أحد أن يؤثّر شيئا ، بحيث لو انطلقت إحدى الكرات السماوية باتّجاه الكرة الأرضية واصطدمتا فيما بينهما بتأثير الجاذبية فلن يبقى للتمدّن البشري أثر ، وحتّى الموجودات الاخرى سوف لن يبقى لها أثر على سطح الأرض ، ولن تستطيع أيّة قدرة عدا قدرة الله منع مثل هذه الكارثة من الوقوع.

في مثل تلك الحالات يحسّ الجميع بالحاجة الماسّة والمطلقة إلى الله سبحانه وتعالى ، ولكن بمجرّد أن تزول احتمالات الخطر ، يلقي النسيان بظلاله على

١٠٨

الإنسان.

هذه الكارثة لا تقع فقط من مجرّد اصطدام السيارات مع بعضها ، بل إنّ أيّ انحراف بسيط لأيّ من السيارات ـ كالأرض مثلا ـ عن مسارها يؤدّي إلى وقوع فاجعة عظيمة.

* * *

ملاحظة

الصغير والكبير سيّان أمام قدرة الله!

الملفت للنظر أنّ الآيات أعلاه ذكرت أنّ السماوات تستند إلى قدرة الله في ثباتها وبقائها ، وفي آيات اخرى من القرآن ورد نفس التعبير فيما يخصّ حفظ الطيور حال طيرانها في السماء.( أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

ففي موضع يشير إلى أنّ خلق السموات الواسعة دليل على وجوده تعالى ، وفي موضع آخر يعتبر خلق حشرة صغيرة كالبعوضة دليلا على ذلك.

حينا يقسم بالشمس لأنّها منبع عظيم للطاقة في عالم الوجود ، وحينا يقسم بفاكهة مألوفة كالتين.

كلّ ذلك إشارة إلى أنّه لا فرق بين كبير وصغير أمام قدرة الله.

أمير المؤمنين عليه أفضل الصلوات والسلام يقول : «وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلّا سواء».

إنّ هذه الأشياء جميعها تشير إلى شيء واحد ، وهو أنّ وجود الله سبحانه وتعالى ، وجود لا متناه من جميع الجهات ، والتدقيق في مفهوم «اللامتناهي» يثبت هذه الحقيقة بشكل تامه ، وهي أنّ مفاهيم مثل «الصعب» و «السهل» و «الصغير» و «الكبير» و «المعقّد» و «البسيط» لها معنى بحدود الموجودات المحدودة ـ فقط ـ

١٠٩

ولكن حينما يكون الحديث عن قدرة الله تعالى المطلقة فإنّ هذه المفاهيم تتغيّر بشكل كلّي وتقف جميعا في صفّ واحد بدون أدنى تفاوت فيما بينها «دقّق النظر!!».

* * *

١١٠

الآيات

( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) )

سبب النّزول

ورد في تفسير «الدرّ المنثور» و «روح المعاني» و «مفاتيح الغيب» وتفاسير اخرى : «بلغ قريشا قبل مبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ أهل الكتاب كذّبوا رسلهم فقالوا : لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذّبوهم ، فو الله لئن أتانا رسول

١١١

لنكوننّ أهدى من إحدى الأمم»(١) . فلمّا أشرقت شمس الإسلام من أفق بلادهم ، وجاءهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكتاب السماوي ، رفضوا ، بل كذّبوا ، وحاربوا ، ومارسوا أنواع المكر والخديعة.

فنزلت الآيات أعلاه تلومهم وتوبّخهم على ادّعاءاتهم الفارغة.

التّفسير

استكبارهم ومكرهم سبب شقائهم :

تواصل هذه الآيات الحديث عن المشركين ومصيرهم في الدنيا والآخرة.

الآية الاولى تقول :( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ) (٢) .

«أيمان» جمع «يمين» بمعنى القسم ، وفي الأصل فإنّ معنى اليمين هو اليد اليمنى ، واليمين في الحلف مستعار منها اعتبارا بما يفعله المعاهد والمحالف وغيره من المصافحة باليمين عندها.

«جهد» : من «الجهاد» بمعنى السعي والمشقّة ، وبذا يكون معنى( جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) حلفوا واجتهدوا في الحلف على أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم.

نعم ، فعند ما طالعوا صفحات التأريخ ، واطّلعوا على عدم وفاء وعدم شكر تلك الأقوام وجناياتهم بالنسبة إلى أنبيائهم وخصوصا اليهود ، تعجّبوا كثيرا وادّعوا لأنفسهم الادّعاءات وتفاخروا على هؤلاء بأن يكون حالهم أفضل منهم.

__________________

(١) أغلب التفاسير.

(٢) لأنّ «إحدى» جاءت بصيغة المفرد ، فمعنى الآية «أنّهم سيكونون أكثر اهتداء من واحدة من الأمم» وقد تكون الإشارة إلى اليهود (لأنّ صيغة المفرد في الجملة المثبتة ليس فيها معنى العموم) يبدو ذلك للوهلة الاولى ، ولكن كما أشار بعض المفسّرين فإنّ قرائن الحال تشير إلى أنّ المقصود من الآية العموم ، لأنّ الحديث في مقام المبالغة والتأكيد ، وتشير إلى ادّعائهم بأنّه في حال بعثة رسول إليهم فانّهم سيكونون أهدى من جميع الأمم السابقة.

١١٢

ولكن بمجرّد أن واجهوا محكّ التجربة ، ودخلوا كورة الامتحان المشتعلة ، وتحقّق طلبهم ببعثة نبيّ منهم ، تبيّن أنّهم من نفس تلك الطينة ، حيث أشار القرآن إلى ذلك بعد تلك الجملة الاولى من الآية بالقول :( فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً ) .

هذا التعبير يدلّل على أنّهم كانوا قبل بعثة النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وعلى خلاف ما يدّعون ـ بعيدين عن دين الله سبحانه وتعالى ، فقد كانت حنيفية إبراهيم معروفة بينهم ، إلّا أنّهم لم يكونوا يحترمونها ، كذلك لم يكن لديهم أي اعتبار لما كان يمليه العقل من تصرفات. وبقيام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونيله من عقائدهم وأعرافهم وعصبيتهم الجاهلية ، ووقوع مصالحهم غير المشروعة في الخطر ، زادت الفاصلة بينهم وبين الحقّ ، نعم كانوا بعيدين عن الحقّ ، لكنّهم ازدادوا بعدا عن الحقّ بعد بعثة النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الآية التالية توضيح لما في الآية السابقة ، تقول : إنّ بعدهم عن الحقّ لأنّهم سلكوا طريق الاستكبار في الأرض ، ولم تكن لديهم أهلية الخضوع لمنطق الحقّ( اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ ) (١) وكذلك لأنّهم كانوا يحتالون ويسيئون( وَمَكْرَ السَّيِّئِ ) (٢) .

ولكن( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) .

جملة «لا يحيق» : الفعل (يحيق) من (حاق) بمعنى نزل وأصاب ، والجملة معناها «لا ينزل ولا يصيب ولا يحيط» إشارة إلى أنّ الاحتيال قد يؤدّي ـ مؤقتا ـ

__________________

(١) أغلب المفسّرين قالوا بأنّ «استكبارا» هو «مفعول لأجله» من حيث التركيب النحوي وهي بيان لعلّة «النفور» وابتعادهم عن الحقّ ، و «مكر السيء» عطف على «استكبارا» في حين أنّ البعض الآخر قال : إنّها عطف على «نفورا».

(٢) «مكر السيئ» إضافة (للجنس) إلى (النوع) ، كما هو نقول : «علم الفقه» لأنّ (مكر) بمعنى (البحث عن حلّ) سواء كان خيرا أو شرّا ، لذا فإنّ هذه الكلمة تطلق كصفة لله سبحانه( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ) آل عمران ـ ٥٤ ، ولكن «السيء» تحصر المكر في نوع خاصّ منه ، وهو الاحتيال.

١١٣

إلى الإحاطة بالآخرين ، ولكنّه في النهاية يعود على صاحبه ، فهو مفضوح وضعيف وعاجز أمام خلق الله ، وسيندمون حتما أمام الله سبحانه وتعالى ، وذلك هو المصير المشؤوم الذي انتهى إليه مشركو مكّة.

هذه الآية في الحقيقة تريد القول بأنّهم لم يكتفوا فقط بالابتعاد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل إنّهم استعانوا بكلّ قدرتهم واستطاعتهم لأجل إنزال ضربة قويّة به وبدعوته ، والسبب في كلّ ذلك لم يكن سوى الكبر والغرور وعدم الرضوخ للحقّ.

ختام الآية تهديد لتلك المجموعة المستكبرة الماكرة والخائنة ، وبجملة عميقة المعنى وبكلمات تهزّ المشاعر ، يقول تعالى :( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ) (١) .

هذه الجملة القصيرة تشير إلى جميع المصائر المشؤومة التي أحاقت بالأقوام السالفة كقوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وقوم فرعون ، حيث أصاب كلا منهم بلاء عظيم ، والقرآن الكريم أشار مرارا إلى جوانب من مصائر هؤلاء الأقوام المشؤومة والأليمة. وهنا وبتلك الجملة القصيرة جسّد جميع ذلك أمام بصيرة تلك الفئة في مكّة.

ثمّ تضيف الآية لزيادة التأكيد قائلة :( فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً ) . فكيف يمكن لله سبحانه وتعالى أن يعاقب قوما على أعمال معيّنة ، ثمّ لا يعاقب غيرهم الذين يسلكون نفس سلوكهم؟ أليس هو العدل الحكيم ، وكلّ ما يفعله بناء على حكمة وعدل تاميين؟!

فإنّ تغيير السنن يمكن تصوّره بالنسبة إلى من يمتلك اطّلاعا أو معرفة محدودة ، إذ يزداد معرفة بمرور الزمان يعرض عن سنّة سابقة ، أو يكون الإنسان عالما ، إلّا أنّه لا يتصرّف طبقا للحكمة والعدالة ، بل طبقا لميول خاصّة في نفسه ، ولكن الله سبحانه وتعالى منزّه عن جميع تلك الأمور ، وسنّته حاكمة على من يأتي كما كانت تحكم من مضى ، ولا تقبل التغيير أبدا.

__________________

(١) «نظر» و «انتظار» تأتي أحيانا لتشير إلى نفس المعنى. كما يقول الراغب.

١١٤

وقد أكّد القرآن الكريم في مواضع عديدة على قضيّة ثبات سنن الله وعدم تغيّرها ، وقد فصّلنا الحديث في ذلك في تفسير الآية (٦٢) من سورة الأحزاب ، وبالجملة فإنّ في هذا العالم ـ عالم التكوين التشريع ـ ثمّة قوانين ثابتة لا تتغيّر ، عبّر عنها القرآن الكريم «السنن الإلهيّة» والتي لا سبيل إلى تغيّرها.

هذه القوانين كما أنّها حكمت في الماضي فإنّها حاكمة اليوم وغدا. ومجازات المستكبرين الكفرة الذين لم تنفع بهم الموعظة الإلهية من هذه السنن ، ومنها أيضا نصرة أتباع الحقّ الذين لا ينثنون عن جدّهم وسعيهم المخلص ، هاتان السنّتان كانتا ولا تزالان ثابتتين أمس واليوم وغدا(١) .

الجدير بالملاحظة أنّه ورد في بعض الآيات القرآنية الحديث عن «عدم تبديل» السنن الإلهيّة ، الأحزاب ـ ٦٢ ، وفي البعض الآخر الحديث عن «عدم تحويل» السنن الإلهيّة ، سورة الإسراء ـ ٧٧ ، ولكن الآية مورد البحث أكّدت على الحالتين معا.

فهل أنّ هاتين الحالتين تعبير عن معنى واحد ، بحيث أنّهما ذكرتا معا للتأكيد ، أم أنّ كلا منهما يشير إلى معنى مستقل؟

بمراجعة أصل اللفظين يتّضح أنّهما إشارة إلى معنيين مختلفين : (تبديل) الشيء ، تعويضه بغيره كاملا ، بحيث يرفع الأوّل ويوضع الثاني ، ولكن (تحويل) الشيء ، هو تغيّر بعض صفات الشيء الأوّل من ناحية كيفية أو كمية مع بقائه.

وعليه فإنّ السنن الإلهية لا تقبل الاستبدال ولا التعويض الكامل ، ولا التغيير النسبي من حيث الشدّة والضعف أو القلّة والزيادة. من جملتها أنّ الله سبحانه وتعالى يوقع عقوبات متشابهة بالنسبة إلى الذنوب والجرائم المتشابهة ومن جميع الجهات ، لا أن يوقع العقاب على مجموعة ولا يوقعه على مجموعة اخرى. ولا أن يوقع عقابا أقلّ شدّة على مجموعة دون اخرى ، وهكذا قانون يستند إلى أصل

__________________

(١) لنا شرحا مفصّل بهذا الخصوص في سورتي الأحزاب والإسراء.

١١٥

ثابت ، لا يقبل التبديل ولا التحويل(١) .

آخر ما نريد التوقّف عنده هو أنّ الآية تضيف «سنّة» إلى لفظ الجلالة «الله» وفي موضع آخر من نفس الآية تضيف «سنّة» إلى «الأوّلين» ويظهر في بادئ الأمر وجود تنافي بين الحالتين ، ولكن الأمر ليس كذلك ، لأنّه في الحالة الاولى أضيفت «سنّة» إلى «الفاعل» ، وفي الحالة الثانية أضيفت «سنّة» إلى «المفعول به».

ففي الحالة الاولى تعبير عن مجري السنّة ، وفي الثانية عمّن أجريت عليه السنّة.

الآية التالية تدعو هؤلاء المشركين والمجرمين إلى مطالعة آثار الماضين والمصير الذي وصلوا إليه ، حتّى يروا بأمّ أعينهم في آثارهم ومواطنهم السابقة جميع ما سمعوه ، وبذا يتحوّل البيان إلى العيان. فتقول الآية الكريمة :( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) .

فإذا كانوا يتصوّرون أنّهم أشدّ قوّة من أولئك فهم على اشتباه عظيم تلك ، لأنّ الأقوام السالفة كانت أقوى منهم :( وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) .

فالفراعنة الذين حكموا مصر ، ونمرود الذي حكم بابل ودولا اخرى بمنتهى القدرة ، كانوا أقوياء إلى درجة لا يمكن قياسها مع قوّة مشركي مكّة.

إضافة إلى أنّ الإنسان مهما بلغ من القوّة والقدرة ، فإنّ قدرته وقوّته لا شيء إزاء قوّة الله ، لماذا؟ لأنّه( وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ) (٢) فهو العليم القدير ، لا يخفى عليه شيء ، ولا يستعصي على قدرته شيء ، ولا يغلبه أحد ، فلو تصوّر هؤلاء المستكبرون الماكرون أنّهم يستطيعون

__________________

(١) جمع من المفسّرين فسّروا «تحويل» هنا بمعنى «نقل مكان العذاب» بمعنى أنّ الله سبحانه وتعالى ينقل عقوبته من شخص لينزلها على شخص آخر. ومع ملاحظة أنّ هذا التّفسير لا ينسجم على ما يبدو مع الآية أعلاه ، فالحديث ليس عن نقل العذاب من شخص إلى آخر ، بل عن عدم قبول السنن للزيادة والنقص أو التغيير والتبديل ، فكأنّ هؤلاء المفسّرين خلطوا بين كلمتي «تحوّل» و «تحويل» ، وقد ورد في بعض متون اللغة كمجمع البحرين «التحويل : تصيير الشيء على خلاف ما كان. والتحوّل : التنقّل من موضع إلى موضع».

(٢) جملة «ليعجزه» كما ذكرنا سابقا من مادّة «عجز» وهي هنا بمعنى : يجعله عاجزا ، لذا ففي كثير من المواضع جاءت بمعنى الفرار من قدرة الله ، أو بمعنى عدم التمكّن من شخص.

١١٦

الفرار من يد قدرته تعالى فهم مشتبهون أشدّ الاشتباه. وإذا لم ينفضوا أيديهم من تلك الأعمال السيّئة ، فسوف يلاقون نفس المصير الذي لقيه من كان قبلهم.

يمرّ بنا مرارا التعرّض لهذا الأمر في القرآن الكريم ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى يدعو الكفّار والعاصين إلى «السير في الأرض» ومشاهدة آثار الأقوام الماضين ومصائرهم الأليمة.

ورد في الآية (٩) من سورة الروم( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .

وورد شبيه هذا المعنى في سورة يوسف ـ ١٠٩ ، والحجّ ـ ٤٦ ، وغافر ٢١ و ٨٢ ، والأنعام ـ ١١ إلى غير ذلك.

هذا التأكيد المتكرّر دليل على التأثير الخاصّ لتلك المشاهدات في النفس الإنسانية ، فإنّ عليهم أن يروا بأعينهم ما قرءوه في التأريخ أو سمعوه ، ليذهبوا وينظروا عروش الفراعنة المحطّمة. وقصور الأكاسرة المدمّرة ، وقبور القياصرة الموحشة ، وعظام نمرود المتفسّخة ، وأرض قوم لوط وثمود الخالية ، ثمّ ليستمعوا إلى نصائحهم الصامتة ، وأنينهم من تحت التراب ، وينظروا بامّ أعينهم ماذا حلّ بهؤلاء.

* * *

١١٧

الآية

( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥) )

التّفسير

لو لا لطف الله ورحمته!

الآية مورد البحث وهي الآية الأخيرة من آيات سورة فاطر ، وبعد تلك البحوث الحادّة والتهديدات الشديدة التي مرّت في الآيات المختلفة للسورة ، تنهي هذه الآية السورة ببيان اللطف والرحمة الإلهيّة بالبشر ، تماما كما ابتدأت السورة بذكر افتتاح الله الرحمة للناس. وعليه فإنّ البدء والختام متّفقان ومنسجمان في توضيح رحمة الله.

زيادة على ذلك ، فإنّ الآية السابقة التي تهدّد المجرمين الكفّار بمصير الأقوام الغابرين ، تطرح كذلك السؤال التالي ، وهو إذا كانت السنّة الإلهية ثابتة على جميع الطغاة والعاصين ، فلما ذا لا يعاقب مشركو مكّة؟! وتجيب على السؤال قائلة :( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ) ولا يمنحهم فرصة لإصلاح أنفسهم والتفكّر في

١١٨

مصيرهم وتهذيب أخلاقهم( ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ) .

نعم لو أراد الله مؤاخذتهم على ذنوبهم لأنزل عليهم عقوبات متتالية ، صواعق ، وزلازل ، وطوفانات ، فيدمّر المجرمين ولا يبقى أثرا للحياة على هذه الأرض.( وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ويعطيهم فرصة للتوبة وإصلاح النفس.

هذا الحلم والإمهال الإلهي له أبعاد وحسابات خاصّة ، فهو إمهال إلى أن يحلّ أجلهم( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً ) (١) فانّه تعالى يرى أعمالهم ومطّلع على نيّاتهم.

هنا يطرح سؤالان ، جوابهما يتّضح ممّا ذكرناه أعلاه :

الأوّل : هل أنّ هذا الحكم العام( ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ) يشمل حتّى الأنبياء والأولياء والصالحين أيضا؟

الجواب واضح ، لأنّ المعني بأمثال هذا الحكم هم الأغلبية والأكثرية منهم ، والرسل والأئمّة والصلحاء الذين هم أقلّية خارجون عن ذلك الحكم ، والخلاصة أنّ كلّ حكم له استثناءات ، والأنبياء والصالحون مستثنون من هذا الحكم. تماما مثلما نقول : إنّ أهل الدنيا غافلون وحريصون ومغرورون ، والمقصود الأكثرية منهم ، في الآية (٤١) من سورة الروم نقرأ( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) . فبديهي أن الفساد ليس نتيجة لأعمال جميع البشر ، بل هو نتيجة لأعمال أكثريتهم.

وكذلك فإنّ الآية (٣٢) من نفس هذه السورة ، التي قسّمت الناس إلى ثلاث مجموعات «ظالم» و «مقتصد» و «سابق بالخيرات» شاهد آخر على هذا المعنى.

__________________

(١) جملة( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ ) جملة شرطية ، وجزاؤها يقع في تقدير جواب الشرط هكذا «فإذا جاء أجلهم يجازى كلّ واحد بما عمل» ، وعليه فإنّ جملة «فإنّ الله» من قبيل «علّة الجزاء» وهي تقوم مقام المعلول المحذوف. ويحتمل كذلك أنّ الجزاء هو( لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) كما ورد في آيات اخرى من القرآن الكريم كالآية ٦١ من سورة النحل ، وعليه فإنّ جملة( فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً ) إشارة إلى أنّ الله يعرفهم جميعا ، ويعلم أيّا منهم أبلغ أجله لكي يأخذه بقدرته تعالى.

١١٩

وعليه فإنّ الآية أعلاه ليس فيها ما ينافي عصمة الأنبياء إطلاقا.

الثاني : هل أنّ التعبير بـ «دابّة» في الآية أعلاه يشير إلى شمول غير البشر ، أي أنّ تلك الدواب أيضا سوف تتعرّض للفناء نتيجة إيقاع الجزاء على البشر؟!

الجواب على هذا السؤال يتّضح إذا علمنا أنّ أصل فلسفة وجود الدواب هو تسخيرها لمنفعة الإنسان ، فإذا انعدم الإنسان من سطح الكرة الأرضية فليس من داع لوجود تلك الدواب(١) .

وأخيرا نختم هذا البحث بالحديث التالي الوارد عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث يقول : «سبق العلم ، وجفّ القلم ، ومضى القضاء ، وتمّ القدر بتحقيق الكتاب وتصديق الرسل ، وبالسعادة من الله لمن آمن واتّقى ، وبالشقاء لمن كذّب وكفر ، وبالولاية من اللهعزوجل للمؤمنين ، وبالبراءة منه للمشركين» ثمّ قال : «إنّ اللهعزوجل يقول : يا ابن آدم ، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبقوّتي وعصمتي وعافيتي أدّيت إليّ فرائضي ، وأنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بذنبك منّي ، الخير منّي إليك واصل بما أوليتك به ، والشرّ منك إليك بما جنيت جزاء ، وبكثير من تسلّطي لك انطويت على طاعتي ، وبسوء ظنّك بي قنطت من رحمتي ، تلي الحمد والحجّة عليك بالبيان ، ولي السبيل عليك بالعصيان ، ولك الجزاء الحسن عندي بالإحسان. لم أدع تحذيرك ولم آخذك عند غرّتك ، وهو قولهعزوجل :( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ) لم اكلّفك فوق طاقتك ، ولم احمّلك من الأمانة إلّا ما قرّرت بها على نفسك ، ورضيت لنفسي منك ما رضيت به لنفسك منّي ، ثمّ قالعزوجل :( وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ

__________________

(١) «دابة» من مادة «دب» والدب والدبيب مشي خفيف ، ويستعمل ذلك في الحيوان وفي الحشرات أكثر ، ويستعمل في كل حيوان وإن اختصت في التعارف بالخيل. وكذلك تطلق كلمة «الدواب» خاصة على الحيوانات التي تستعمل للركوب.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

محمد بن العباس بن اسماعيل كبرياء النوبختي

هو جد الحسن بن موسى شيخنا المترجم، وأخو علي بن العباس الاتي، والظاهر ان لقبه (الكبريا) ويعرف ابنه موسى بابن كبريا وفى الروايات: ابوالحسن بن كبرياء كما في الغيبة(٢٢٧) و(٢٣٧) و(١٧٨).

٢٠١

علي بن العباس بن اسماعيل ابوالحسن النوبختي

هو جد الحسن بن الحسين بن علي الاتي، وأخو محمد بن العباس المتقدم، كان أحد مشايخ الكتاب، وأهل الادب والمروء‌ة، وروى أخبار البختري، وإبن الرومي بالمشاهدة قطعة حسنة.وتوفي سنة سبع وعشرين وثلثمائة بعد سن عالية، وهو القائل لابن عمه أبي سهل اسماعيل بن علي النوبختي، وقد شرب دواء‌ا:

يا محيى العارفات والكرم

وقاتل الحادثات والعدم

إلى آخر شعره. ذكره المرزباني في معجم الشعراء(١٥٦). وذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) قال: ابوالحسين علي بن عباس النوبختي مائتي ورقة. وروى التنوخي عن أبي الحسين عنه عن محمد بن داود بن الجراح كما في فرج المهموم(١٩٠).ابوالحسن موسى بن محمد المعروف بابن كبرياء هو والد شيخنا المترجم الحسن بن موسى وتأتي ترجمته(١٠٨٢).

٢٠٢

الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن اسماعيل

ابن ابي سهل بن نوبخت ابومحمد النوبختي الكاتب ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٩ وذكر انه من رجال الحديث وكان سماعه صحيحا. وقال: قال لي الازهري: كان النوبختي رافضيا ردئ المذهب. سألت البرقاني عن النوبختي فقال: كان معتزليا، وكان يتشيع إلا انه تبين أنه صدوق، ثم روى انه ولد في أول سنة عشرين وثلثمائة. وقال: حدثني احمد بن محمد العقيقي قال: سنة اثنتين وأربعمائة فيها توفي ابومحمد الحسن بن الحسين النوبختي، وكان ثقة في الحديث، ويذهب إلى الاعتزال، ذكر غيره ان وفاته كانت يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي القعدة. قلت: وذكر نحوه ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٠١ مع تفاوت يسير. وروى عنه الخطيب، وذكره في مواضع من تاريخه منها: ج ٧ / ٤٤٣، وج ١٢ / ١١٩.

٢٠٣

اسحاق الكاتب النوبختي

كان ممن وفق له التشريف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه ووقف على معجزاته ورآه (ع).رواه الصدوق عن محمد بن محمد الخزاعي عن أبي علي الاسدي عن أبيه محمد بن أبي عبدالله الكوفي في هذا الباب من الاكمال(٤١٧).

هو خال أبي نصر هبة الله بن محمد ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري (رض) الاتي ترجمته(١١٨٧)، ومن مشايخه، روى عن ابيه احمد بن ابراهيم، وعمه عبدالله.روى الشيخ باسناده عنه في الغيبة(٢٢٦).

احمد بن ابراهيم النوبختي

روى عن ابي جعفر العمري السفير (رضوان الله عليه) وعن الحسين بن روح السفير بعده وروى عنه ابنه جعفر كما في الغيبة(٢٢٦) وكان احمد يكتب ما أملاه عليه ابوالقاسم الحسين بن روح السفير، وقد وجد محمد بن احمد بن داود القمي الجليل جواب مسائل أنفذت من (قم) بخطه واملاء الحسين بن روحرضي‌الله‌عنه كما في الغيبة(٢٢٨).

٢٠٤

عبدالله بن ابراهيم ابوجعفر النوبختي

روى عن السفير العمريرضي‌الله‌عنه ، روى عنه ابن أخيه جعفر بن احمد بن ابراهيم كما في الغيبة(٢٢٦).

احمد بن عبدالله ابوعبدالله النوبختي

ذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) وذكر له من الشعر مائة ورقة.

٢٠٥

علي بن احمد النوبختي

كان من مشاهير آل نوبخت في وقته فبداره عرف هبة الله بن محمد الكاتب محل قبر الحسين بن روحرضي‌الله‌عنه كما في الغيبة(٢٣٨).

ابن زهومة ابي علي بن جعفر النوبختي

كان شيخا مستورا كما في الغيبة(٢٥١). الحسين بن روح بن ابي بحر ابوالقاسم النوبختي هو من أجلة أصحاب أبي محمد العسكري (ع) ذكرناه في الطبقات، والسفير الثالث للناحية المقدسة يأتي ذكره في ترجمة علي بن موسى بن بابويه(٦٨٣) قد استوفينا ما ورد في عظم قدره وجلالته ومدحه في كتابنا في أخبار الرواة.

٢٠٦

ابومحمد الحسن بن يحيى النوبختي

ذكره الخطيب في تاريخه ج ٦ / ٣٨٠ في اسحاق بن محمد النخعي في ذيل كلام الغلاة وقال: وقع إلي كتاب لابي محمد الحسن بن يحيى النوبختي من تصنيفه في الرد على الغلاة، وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الامامية.قلت: يحتمل كون (يحيى) مصحف (موسى) في كلام الخطيب او أنه توهم ذلك كما تأتي الاشارة إلى ذلك في كتبه. (*)

٢٠٧

شيخنا المتكلم(١) ،

____________________

(١) كان الحسن بن موسى النوبختي الفيلسوف من مشاهير المتكلمين عند علماء الاسلام عارفا بمذاهبهم.ذكره الشيخ لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢) وقال: ابن أخت أبي سهل، ابومحمد، متكلم، ثقة.وفي الفهرست(٤٦) وقال: إبن اخت أبي سهل بن نوبخت يكنى أبا محمد، متكلم، فيلسوف، وكان يجتمعض إليه جماعة من نقلة الفلسفة مثل ابي عثمان الدمشقى، واسحاق، وثابت وغيرهم، وكان اماميا، حسن الاعتقاد، نسخ بخطه شيئا كثيرا.وفي باب الكنى منه(١٩٠) في ترجمة أبي الاحوص المصري قال: من جلة متكلمي الامامية، لقيه الحسن بن موسى النوبختي، وأخذ عنه، واجتمع معه في الحائر على ساكنه السلام، وكان ورد للزيارة.وذكره ابن النديم في فهرسته(٢٦٥) في متكلمي الشيعة الامامية رضوان الله عليهم، وذكر نحو ما تقدم عن الشيخ في الفهرست إلى قوله: وغيرهم. ثم قال: وكان المعتزلة تدعيه، والشيعة تدعيه، ولكنه إلى حيز الشيعة ما هو، لان آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في الظاهر، ولذلك ذكرناه في هذا الموضع، وكان جماعة للكتب، قد نسخ بخطه شيئا كثيرا، وله مصنفات، وتأليفات في الكلام والفلسفة وغيرها، وتوفي وله من الكتب. وذكر أيضا في نقلة الكتب إلى العربي(٣٥٥) و(٣٥٦)، وذكر انه الذي نقل زيج الشهريار إلى العربي. وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٨ وقال: من متكلمي الامامية.وقال ابن الحديد في الشرح ج ٣ / ٢٢٨ عند نقل أقوال المجسمه وحكاية رأيه عن كتابه (الاراء والديانات): هو من فضلاء الشيعة. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر بني نوبخت من أعيان الشيعة وعلماء النجوم: وكان الحسين بن موسى أبومحمد النوبختي عارفا بعلم النجوم، وقدوة في تلك العلوم، وصنف كتابا إستدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين، وقد وقفت على كتاب أبي محمد وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. (*)

٢٠٨

٢٠٩

المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلثمائة وبعدها(١) .

____________________

(١) تبرز شيخنا المترجم على نظرائه من المتكلمين والفلاسفة ونبوغه في قرني الثالث والرابع من أزهى عصور الاسلام أكبر مدح وثناء عليه. وكان نظرائه في زمانه. ابوعلي الجبائي محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري الذي انتهت إليه رئاسة البصريين في زمانه وتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم(٢٥٦)، وابوالحسن ثابت ابن قرة بن مروان بن ثابت المتوفي(٢٨٨)، والعلاف ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم شيخ البصريين وأكبر علمائهم في الاعتزال، وابوجعفر محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من أعاظم أصحابنا المتكلمين وحذاقهم المتوفي قبيل سنة ٣١٧ ويأتي ترجمته(١٠٢٥)، والفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور من نوابغ دهره محمد بن زكريا الرازي، وابوالقاسم البلخي والمتكلم الشهير ابوالحسن محمد بن بشر الحمدوني السوسنجردي من عبون أصحابنا وصالحي متكلميهم وغيرهم ممن يأتي ذكره في المتن وذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما. ولا عجب في تبرزه على أعلام عصره قد نشأ في بيت أمجاد لم ينطو حديثهم من سجلات الكتب وحازوا الشهرة الواسعة في علم النجوم وترجمة أصوله وفصوله ونقل كتب الفلاسفة في مختلف العلوم ونبغوا في الشعر والادب العربي وتفوقوا بتقدمهم في أكثر العلوم النافعة وصاروا خزان بيوت الحكمة وتراجمتها ومصابيح العلوم وكنوزها وبأيديهم مفاتيح أبواب الافلاك وأرصاد النجوم وحسنت تصانيفهم فنالوا الزعامة العلمية كما حازوا الرئاسة الروحية بحسن أسلامهم ومعرفتهم وولايتهم لائمة أهل البيت (ع) وشدة تمسكهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وقد خدموا الامة بالتأليف والترجمة والانشاء والتدريس المناظرات ونقد الآراء الباطلة، معظمين لشعائر الاسلام غير متخلفين عن الدين وعن شرايعه متمسكين بحبل ولاية اهل البيت (ع) فلم يتخلفوا عن هديهم ولم بختلفوا في مذهبهم مع ان عصرهم هي عصر التفرق ونشوء المذاهب الباطلة، وكان لهم وجاهة في الدنيا وفيهم من تشرف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه وبمكاتبته وفيهم السفير الحسين بن روحرحمه‌الله ، ففي حضانة أمثالهم تربى الحسن بن موسى، وفي مجالسهم نشأ ودرس وتخرج، وأعانه على هذا التفوق وطنه دار السلام، وعصره ومشايخه، واقرانه حتى برع في علوم الدين وتبرز على نظرائه وامتاز بكثرة التصنيف وأجادته، واحاطته بالآراء والمذاهب، ونقد الفلسفة وآراء المتكلمين كما ستقف على بعضها.(*)

٢١٠

له على الاوائل كتب كثيرة(١) : منها كتاب الآراء والديانات كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة، قرأت هذا الكتاب على شيخنا ابي عبداللهرحمه‌الله (٢) ،

____________________

(١) وفي فهرست الشيخ: وله مصنفات كثيرة في الكلام، وفي نقض الفلسفة وغيرهما.وقال ابن النديم: وله مصنفات وتأليفات في الكلام، والفلسفة وغيرها. وقال ابن حجر: وله تصنيفات كثيرة جدا.

(٢) ذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما وقالا: لم يتم. وقال المسودي في مروج المذهب ج ١ / ٧٩ في أخبار الهند وآرائها ما لفظه قال المسعودي: وقد رأيت أبا القاسم البلخي ذكر في كتاب عيون المسائل والجوابات، وكذلك الحسن بن موسى النوبختي في كتابه المترجم بكتاب " الآراء والديانات " مذاهب الهند وآرائهم. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) بعد ذكر ما في المتن: اقول أنا: هذا الكتاب المسمى " الاراء والديانات " عندنا الآن ووقفت على معرفته فيه بعلم النجوم وما اختاره وما رده على أهل الاديان. قلت: وقد روى العامة عن هذا الكتاب كثيرا منهم ابن أبي الحديد في شرح النهج.(*)

٢١١

وله كتاب فرق الشيعة(١) ، وكتاب الرد على فرق الشيعة ما خلا الامامية، وكتاب الجامع في الامامة، وكتاب الموضح في حروب أمير المؤمنين (ع)(٢) ، وكتاب التوحيد الكبير(٣) ، وكتاب التوحيد الصغير، وكتاب الخصوص والعموم، وكتاب الارزاق والآجال والاسعار، كتاب كبير في الجزء، مختصر الكلام في الجزء(٤) ، كتاب الرد على المنجمين كتاب الرد على أبي علي الجبائى(٥) ،

____________________

(١) وهو كتاب مقدم على جميع ما صنف في ذلك ذكره أصحابنا والعامة منهم ابن تيمية وهو موجود ومطبوع بالنجف الاشرف، وباستنبول وغيرهما كما قيل ويأتي ذكره في سعد بن عبدالله الاشعري.

(٢) قال في المعالم: الواضح في الخارجين على أمير المؤمنينعليه‌السلام في الحروب الثلاثة.

(٣) وفي فهرست ابن النديم: كتاب التوحيد وحدوث العلل. وفى فهرست الشيخ: كتاب التوحيد وحدوث العالم. قلت: وقد حكى ابن ابي الحديد في الشرح عنه بعض الاقوال في التوحيد.

(٤) أي الجزء الذي لا يتجئ. والبحث في ذلك كان معركة الآراء عند الفلاسفة والمتكلمين.وفي نسخة (ن) (الجبر) بدل (الجزء) في الموضعين.

(٥) الجبائي هو محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري المنتهى إليه رئاسة البصريين في زمانه المتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم في فهرسته(٢٥٦) واليافعي في مرآة الجنان ج ٢ / ٢٤١.قال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر الحسن بن موسى: وصنف كتابا استدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين. وقد وقفت على كتاب أبي محمد، وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. قلت: وكان ابوعلي الجبائي من المنجمين ذكره وجملة من أخباره في النجوم ابن طاووس في فرج المهموم(١٥٤).

(*)

٢١٢

في رده على المنجمين فان أبا علي تجاهل في رده على المنجمين(١) ، وكتاب النكت على ابن الراوندي(٢) ،

____________________

(١) ظاهر المتن انه (ره) وقف على كتاب أبي علي وعلى خطائه في رده على المنجمين.وأشار ابن طاووس في(١٥٦) ومواضع أخر من كتابه (فرج المهمنم) إلى رأيه فلا حظ.

(٢) ابن الراوندي هو ابوالحسين احمد بن يحيى بن محمد بن اسحاق من أهل مرو الروذ كان في اول امره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك كله بأسباب عرضت له، ولان علمه كان أكثر من عقله. حكاه ابن النديم في الفهرست(٢٥٤) عن ابي القاسم البلخي في كتابه (محاسن خراسان) وقال: وأكثر كتبه: الكفريات ألفها لابي عيسى بن لاوي اليهودي الاهوازي.وقد نقض جماعة عليه في جملة من كتبه منهم: أبومحمد النوبختي كما في المتن وفي فهرستي الشيخ وابن النديم، وابوالحسين الخياط، وبو علي الجبائي ذكره ابن النديم في ترجمة الرواوندي(٢٥٥).وقال: ابن النديم في ترجمة ابي محمد النوبختي عند ذكر كتبه كتاب نقض كتاب عبث الحكمة على الراوندي، كتاب نقض التاج على الرواندي ويعرف بكتاب السبك، كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي. (*)

٢١٣

كتاب الرد على من أكثر المنازلة، كتاب الرد على أبي الهذيل العلاف(١) في أن نعيم أهل الجنة منقطع، كتاب الانسان غير هذه الجملة(٢) ، كتاب الرد على الواقفة، كتاب الرد على أهل المنطق، كتاب الرد على ثابت بن قرة(٣) ، الرد على يخيى بن اصفح في الامامة، جواباته لابي جعفر بن قبةرحمه‌الله (٤) ، جوابات أخر لابي جعفر أيضا،

____________________

(١) العلاف: ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم في عصر المأمون شيخ معتزلة البصريين وأكبر علمائهم صاحب مقالات في مذهبهم المتوفي(٢٢٧) او(٢٣٥) او غيره ذكره ابن النديم في ترجمته(٢٥١) وفي ترجمة تلميذه ثمامذة بن أشرس(٢٥٣)، وإبن خلكان ج ٣ / ٣٩٦، والخطيب في تاريخه والمسعودي وغيرهم.

(٢) قوله: (غيره هذه الجملة) لا يوجد في فهرستي الشيخ، وابن النديم.

(٣) هو: ابوالحسن ثابت قرة بن مروان بن ثابت أصل رياسة الصابة في الروم، المولود(٢٢١) والمتوفي(٢٨٨) استصحبه محمد بن موسى عند منصرفه من الروم فوصله بالمعتضد العباسي وأدخله في جملة المنجمين، له كتب في النجوم والهندسة والاعداد، والطب وغير ذلك ذكره ابن النديم(٣٩٤)، وابن طاووس في فرج المهموم(٢٠٣)

(٤) هو محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من حذاق الامامية ومتكلميهم وأجلائهم. تأتي ترجمته(١٠٢٥). (*)

٢١٤

شرح مجالسه مع أبي عبدالله بن مملكرحمه‌الله (١) ، حجج طبيعية مستخرجة من كتب أرسطاطاليس في الرد على من زعم ان الفلك حي ناطق(٢) كتاب في المرايا وجهة الرؤية فيها، كتاب في خبر الواحد والعمل به كتاب في الاستطاعة على مذهب هشام وكان يقول به(٣) ، كتاب في الرد على من قال بالرؤية للباري عزوجل، كتاب الاعتبار والتمييز والانتصار كتاب النقض على أبي الهذيل في المعرفة، كتاب الرد على أهل التعجيز وهو نقض كتاب أبي عيسى الوراق(٤) ، كتاب الحجج في الامامة مختصر، كتاب النقض على جعفر بن حرب في الامامة(٥) ،

____________________

(١) الظاهر أنه أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن مملك الاصبهاني الذي كان معزليا ورجع إلى القول بالامامة على يد عبدالرحمان بن أحمد بن خيرويه العسكري المتكلمرحمه‌الله وتأتي في ترجمته(١٠٣٥) عظمته وجلالته في أصحابنا وأيضا رجوعه عن الاعتزال وفي ترجمة ابن خيرويه(٦٢٢).

(٢) وفي فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب إختصار الكون والفساد لارسطاطاليس.

(٣) تأتي الاشارة إلى مذهب هشام في الاستطاعة في ترجمته وقول أبي محمد النوبختي بمقالته ان صح فلا ينافي وثاقته فلاحظ.

(٤) وفى فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب أبي عيسى في الغريب المشرقي. ثم ان الظاهر انه محمد بن هارون ابوعيسى الوراق الذي يأتي ذكر كتابه في ترجمته(١٠١٨).

(٥) هو جعفر بن حرب الهمداني المتكلم المعتزلي الذي درس الكلام على أبي الهذيل العلاف بالبصرة ومات سنة(٢٣٦) وهو ابن تسع وخمسين سنة. ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ١٦٢ وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ١١٣ وغيرهما.(*)

٢١٥

مجالسه مع أبي القاسم البلخي جمعه(١) ،

____________________

(١) هو أبوالقاسم عبدالله بن أحمد بن محمود الكعبي، البلخي العالم المشهور، كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم " الكعبية " وهو صاحب مقالات ومن مقالاته: ان الله سبحانه وتعالى ليست له إرادة وان جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشية منه لها، وكان من كبار المتكلمين، وله اختيارات في علم الكلام، وتوفي مستهل شعبان سنة سبع عشرة وثلثمائة. ذكره ابن خلكان في وفياته ج ٢ / ٢٤٨.

وقرأ الفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور محمد بن زكريا الرازي المتوفى(٣١١) الفلسفة على البلخي هذا. ذكره ابن النديم عن محمد بن زكريا الرازي في ترجمته(٤٣٠) ثم قال: خبر فلسفة البلخي هذا.كان من أهل بلخ يطوف البلاد ويجول الارض، حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة إلى ان قال: وقيل: ان بخراسان كتبه موجودة، وكان في زمان الرازي. وروى عن أبي القاسم البلخي في كتاب محاسن خراسان ترجمة ابن الراوندي(٢٥٤). ويأتي في ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة(١٠٢٥) ان محمد بن بشر أبا الحسن الحمدوني السوسنجردي من عيون أصحابنا وصالحي متلكميهم وعبادهم الذي حسنت عبادته وحج على قدميه خمسين حجة قد مضى بعد زيارته لمشهد امامنا الرضاعليه‌السلام بطوس إلى بلخ والى أبي القاسم البلخي، فعرض عليه كتاب " الانصاف " لابن قبة في الامامة فوقف عليه ونقضه بكتاب (المسترشد) في الامامة، ثم عاد إلى الري، فدفعه إلى ابن قبة فنقضه ب‍ " المستثبت " في الامامة، فحمله إلى أبي القاسم ببلخ، فنقضه ب‍ " نقض المستثبت "، فعاد به إلى الري، فوجد ابن قبة قد ماترحمه‌الله . (*)

٢١٦

كتاب التنزيه وذكر متشابه القرآن، الرد على أصحاب المنزلة بين المنزلتين في الوعيد، الرد على أصحاب التناسخ، الرد على المجسمة، الرد على الغلاة(١) مسائلة للجبائي في مسائل شتى(٢) .

____________________

(١) تقدم ذكر كتاب الرد على الغلاة في الحسن بن يحيى النوبختي عن تاريخ بغداد، ولعله مصحف (الحسن بن موسى). وذكر الشيخ وابن النديم هذا الكتاب لابي محمد الحسن بن موسى.

(٢) تقدم ذكره وذكر كتاب الرد عليه. وذكر الشيخ وابن النديم من جملة كتب الحسن بن موسى النوبختي: كتاب الاحتجاج لعمر بن عباد ونصرة مذهبه وزاد ابن طاووس على كتبه " كتاب الرصد " قال في فرج المهموم(١٢٣): وأقول: وصل الينا من كتبه أيضا " كتاب الرصد " على بطلميوس في هيئة الفلك والارض. وزاد المسعودي في مروج الذهب ج ٣ ص ٢٥٣: النقض على كتاب العثمانية، امامة المروانية، وكتاب مسائل العثمانية للجاحظ (*)

٢١٧

١٤٧ - الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين

بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)

ابومحمد(١) المعروف بابن أخي طاهر.

____________________

(١) كان ابومحمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر أحد العلماء بالنسب، والاخبار، والحديث، ويوصف بالدنداني النسابة، كما ذكره جماعة وأيضا بالشريف كما في الفهرست(٩٧) في العقيقي.ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم (ع) ٤٦٥ / ٢٠ بنسبه ثم قال: صاحب النسب إبن أخي طاهر، روى عنه التلعكبري، وسمع منه سنة سبع وعشرين وثلثمائة إلى سنة خمس وخمسين: يكنى أبا محمد وله منه إجازة، أخبرنا عنه ابوالحسين ابن ابي جعفر النسابة، وابو علي ابن شاذان من العامة.وذكر أيضا في علي بن احمد العقيقي ٤٨٦ / ٦٠ انه روى عنه ابن أخي طاهر. وكذا في الفهرست.هنا وايضا في يحيى بن الحسن العلوي جده كما يأتي ترجمته في المتن(١١٩١)، ورواية الحسن عن جده كتابه. وفي الفهرست(١٧١) في المتوكل: اخبرنا بذلك جماعة عن التلعكبري عن ابي محمد الحسن يعرف بان أخي طاهر عن محمد بن مطهر عن أبيه.وذكره ابونصر البخاري في سر السلسلة العلوية(٧٢) قال: والدنداني هو الخسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين. خرج على الخارج في ليسر، فقتهلم، وسلبهم في أيام المكتفي.وذكره ابن عنبة في عمدة الطالب(٣٣١) وقال: وهو الدنداني النسابة المعروف بابن أخي طاهر، راوي كتاب جده يحيى بن الحسن روى عنه شيخ الشرف النسابة، ولا عقب له. وذكره الخطيب بترجمة في تاريخه ج ٧ / ٤٢١ وقال: مدني الاصل سكن بغداد في مربعة الخرسي وحدث بها.وقد عرف ابومحمد الحسن بعمه أبي القاسم طاهر بن يحيى لان في ولده البيت، والامارة بالمدينة وقال في العمدة: وكان من جلالة القدر بحيث ان بني اخوته يعرف كل منهم بان أخي طاهر. قال: ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(٤٥٠): وكتب إلينا ان صاحب الصلاة بالمدينة دس سما إلى طاهر بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي، فقتله. وكان سيدا فاضلا، وقد روى عن أبيه وغيره، وكتب عنه أصحابنا. وفي اكمال الصدوق باب ٥٣ / ٥٠٧ في حديث المغربي المعمر: فأمر عمي ابوالقاسم طاهر بن يحيىرضي‌الله‌عنه فتيانه وغلمانه الحديث وفيه(٥٧٠) قال ابومحمد العلوي (رض): ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ علي بن عثمان وهو في دار عمي طاهر بن يحيىرضي‌الله‌عنه الخ. ويتميز أبومحمد الحسن بروايته كتاب جده يحيى بن الحسن ابي الحسين النسابة لشهرته وجلالته قال: في العمدة عند ذكره: يقال: انه اول من جمع كتابا في نسب آل أبي طالب (ع).قلت: وتأتي ترجمته(١١٩١). ولم أقف على روايته عن أبيه أبي محمد الاكبر العالم النسابة، ولا على ترجمة له إلا ما ذكره ابن عنبة في العمدة فقال: وابوالحسن محمد الاكبر العالم النسابة.(*)

٢١٨

٢١٩

روى عن جده يحيى بن الحسن(١) ، وغيره(٢) ،

____________________

(١) روى أصحابنا بطرفهم عنه عن جده كثيرا جدا ومنهم الصدوق (ره) وكان من مشايخه الذين روى عنهم كثيرا في كتبه. وتأتي في ترجمته روايته عنه كتابه. كما روى الجمهور ايضا بطرقهم عنه عن جده. وروى الخطيب في تاريخه عن الحسن بن ابي بكر عنه عن جده في تراجم جماعة من العلويين كما في ج ٦ / ٥٦، وج ٧ / ٤٢١، وج ١٠ / ٣١٤، وج ١١ / ٢٩٧ وج ١٢ / ١٢٦.

(٢) وسمع جماعة من الاشراف من اهل المدينة، ومن الحاج من أهل مدينة السلام، وغيرهم من جميع الآفاق حديث معمر المغربي علي بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مزيد الذي سمع منه أيضا.ذكره الصدوق في الاكمال(٥٠٨) باب(٥٠). وروى عن جماعة غير جده من المجاهيل والمطعونين منهم علي ابن احمد العقيقي الذي يأتي ذكر تمام نسبه في ترجمة أبيه احمد ابن علي رقم(١٩٤) وقد ضعفه الشيخ في رجاله(٤٨٦) بقوله: روى عنه ابن أخي طاهر، مخلط. وفي الفهرست (٩٧) بعد رواية كتبه عنه عنه قال: قال احمد ابن عبدون: وفي أحاديث العقيقي مناكير. ومنهم: الحسن بن قادم الدمشقي. روى الشيخ في الفهرست رقم(١٥١) باسناده عنه عنه كتاب محمد بن عمر الزيدي. وهو مهمل في الرجال. ومحمد بن مطهر روى في الفهرست(١٧١) باسناده عنه عنه دعاء الصحيفة عن المتوكل بن عمر.وهو مهمل. والحسن بن محمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين (ع). روى في الفهرست(١٧٣) كتاب وهب بن وهب باسناده عنه عنه عن حجر وهو مهمل. واسحاق بن ابراهيم الدبري اليماني العامي. ذكره الخطيب في تاريخه فيمن روى عنه وهو ضعيف وعاش إلى سبع وثمانين ومأتين.ذكره الذهبي في ترجمته في ميزان الاعتدال ج ١ / ١٨٢. وابراهيم بن عبدالله بن همام الصنعاني.ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٢ قائلا: وروى عن ابراهيم بن عبدالله الصنعاني عن عبدالرزاق بسند الصحيحين حديث شيخه العوسجي وهو في مجلس نفي الجهة لابن عساكر. قلت: وهو عامي كذاب وضاع ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ / ٤٢.(*)

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581