الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 607

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176219 / تحميل: 5908
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

الآيتان

( وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ (٣٧) )

التّفسير

أريد أن أطلع إلى إليه موسى!!

بالرغم من النجاح الذي أحرزه مؤمن آل فرعون في أثناء عزم فرعون عن قتل الكليم ،عليه‌السلام ، إلّا أنّه لم يستطع أن يثنيه عن غروره وتكبره وتعاليه إزاء الحق ، لأنّ فرعون لم يكن ليملك مثل هذا الاستعداد أو اللياقة الكافية للهداية ، لذلك نراه يواصل السير في نهجه الشرير ، إذ يأمر وزيره هامان ببناء برج للصعود إلى السماء (!!) كي يجمع المعلومات عن إله موسى ، يقول تعالى في وصف هذا الموقف :( وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ) . أي لعلي أحصل على وسائل وتجهيزات توصلني الى السماوات.

( أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً ) .

٢٦١

ولكن ماذا كانت النتيجة؟!( كَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ ) .

«الصرح» في الأصل تعني الوضوح ، و «التصريح» بمعنى التوضيح ، ثمّ عمّم معنى الكلمة على الأبنية المرتفعة والقصور الجميلة العالية ، وذلك لأنّها واضحة ومميّزة بشكل كامل ، وقد ذكر هذا المعنى العديد من المفسّرين واللغويين.

«تباب» تعني الخسارة والهلاك.

إنّ أول ما يطالعنا هنا هو السؤال عن الهدف الذي كان فرعون يرغب بتحقيقه من خلال عمله هذا.

هل كان فرعون بهذا المقدار من الغباء والحماقة والسذاجة بحيث يعتقد أن إله موسى موجود فعلا في مكان ما من السماء؟ وإذا كان موجودا في السماء ، فهل يستطيع الوصول إليه بواسطة إقامة بناء مرتفع يعتبر ارتفاعه تافها إزاء جبال الكرة الأرضية؟

إنّ هذا الاحتمال ضعيف للغاية ، ذلك لأنّ فرعون بالرغم من غروره وتكبره ، فقد كان يمتاز بالذكاء والقدرة السياسية التي أهّلته للسيطرة على شعب كبير لسنين مديدة من خلال أساليب القهر والقوة والخداع.

لذلك كلّه نرى الموقف يدعونا إلى تحليل هذا التصرف الفرعوني لمعرفة دواعيه وأهدافه الشيطانية.

فمن خلال عملية التأمّل والتمحيص ، يمكن أن تنتهي إلى ثلاثة أهداف كانت تكمن وراء هذا التصرّف والأهداف هذه هي :

أولا : أراد فرعون أن يختلق وضعا يعمد من خلاله إلى إلهاء الناس وصرف أذهانهم عن قضية نبوة موسىعليه‌السلام وثورة بني إسرائيل. وقضية بناء مثل هذا الصرح المرتفع يمكن أن تحوز على اهتمام الناس ، وتهيمن على اهتماماتهم الفكرية ، وبالتالي إلى صرفهم عن القضية الأساسية.

٢٦٢

وفي هذا الإطار يلاحظ بعض المفسّرين أن فرعون خصص لبناء صرحه مساحة واسعة من الأراضي ، ووظّف في إقامته خمسين ألفا من العمال والبنائين المهرة ، بالإضافة إلى من انشغل بتهيئة وسائل العمل والتمهيد لتنفيذ المشروع ، وكلما كان البناء يرتفع أكثر كلّما ازداد تأثيره في الناس ، وأخذ يجلب إليه الاهتمام والأنظار أكثر ، إذ أصبح الصرح حديث المجالس ، والخبر الأوّل الذي يتناقله الناس ، وفي مقابل ذلك يتناسون قضية انتصار موسىعليه‌السلام على السحرة ـ ولو مؤقتا ـ خصوصا مع الأخذ بنظر الإعتبار ذلك الاهتزاز العنيف الذي ألحق بجهاز فرعون وأساط الناس.

ثانيا : استهدف فرعون من خلال تنفيذ مشروع الصرح اشتغال أكبر قطّاع من الناس ، وعلى الأخص العاطلين منهم ، لكي يجد هؤلاء في هذا الشغل عزاء ـ ولو مؤقتا ـ عن مظالم فرعون وينسون جرائمه وظلمه. ومن ناحية ثانية فإنّ اشتغال مثل هذا العدد الكثير يؤدي إلى ارتباطهم بخزانة فرعون وأمواله ، وبالتالي ارتباطهم بنظامه وسياساته!

ثالثا : لقد كان من خطة فرعون بعد انتهاء بناء الصرح ، أن يصعد إلى أعلى نقطة فيه ، ويرمق السماء ببصره ، أو يرمي سهما نحو السماء ، ويرجع الى الناس فيقول لهم : لقد انتهى كلّ شيء بالنسبة لإله موسى. والآن انصرفوا إلى أعمالكم براحة بال!!

أما بالنسبة إلى فرعون نفسه ، فقد كان يعلم أنّه حتى لو ارتقى الجبال الشامخات التي تتطاول في علوها على صرحه ، فإنّه سوف لن يشاهد أي شيء آخر يفترق عمّا يشاهده وهو يقف على الأرض المستوية يتطلع نحو السماء!

والطريف في الأمر هنا أنّ فرعون بعد قوله :( فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى ) رجع خطوة إلى الوراء فنزل عن يقينه إلى الشك ، حيث قال بعد ذلك :( وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً ) إذ استخدم تعبير «أظن»!

٢٦٣

والجدير بالإشارة هنا أنّ القرآن الكريم من خلال قوله تعالى :( كَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ ) ذكر ثلاث قضايا ذات محتوى كبير بجمل قصيرة ، حيث قال أولا : إن السبب الرئيسي في انحراف فرعون عن جادة الصواب يعود إلى تزيين عمله القبيح في نظره بسبب غروره وتكبره.

ثم تناول بعد ذلك نتيجة ذلك متمثلة بالضلال عن طريق الحق والهدى والنور.

وفي الجملة الثّالثة لخصت الآية مال مخططات فرعون ، هذا المآل الذي تمثل بالفشل الذريع والتباب والخسران.

طبعا ، يمكن للخطط السياسة والمواقف المضلّلة أن تخدع الناس شطرا من الزمان ، وتؤثر فيهم لفترة من الوقت ، إلّا أنّها تنتهي بالفشل على المدى البعيد.

فقد ورد في بعض الرّوايات أنّ «هامان» قد زاد في ارتفاع الصرح الفرعوني إلى الدرجة التي باتت الرياح الشديدة مانعا عن الاستمرار بالعمل وعندها اعتذر هامان لفرعون عن الاستمرار بالبناء.

ولكن لم تمض فترة وجيزة من الزمن حتى حطمت الرياح الشديدة ذلك البناء(١) .

واتضح أن قوة فرعون متعلقة في ثباتها بالرياح.

* * *

__________________

(١) يمكن ملاحظة ذلك في بحار الأنوار ، المجلد ١٣ ، صفحة ١٢٥ ، نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم.

٢٦٤

الآيات

( وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) )

التّفسير

اتبعون أهدكم سبيل الرشاد :

أشرنا آنفا إلى أنّ مؤمن آل فرعون أوضح كلامه في مجموعة من المقاطع ، وفي هذه المجموعة من الآيات الكريمة نقف أولا على المقطع الرابع ، بعد أن أشرنا في الآيات السابقة إلى ثلاثة منها.

إنّ هذا المقطع من كلام مؤمن آل فرعون ينصب في مضمونه على إلفات نظر القوم إلى الحياة الدنيوية الزائلة ، وقضية المعاد والحشر والنشر ، إذ أنّ تركيز هذه القضايا في حياة الناس له تأثير جذري في تربيتهم.

يقول تعالى :( وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ ) .

٢٦٥

لقد قرأنا سابقا أنّ فرعون كان يقول : إنّ ما أقوله هو طريق الرشد والصلاح ، إلّا أنّ مؤمن آل فرعون أبطل هذا الادّعاء الفارغ ، وأفهم الناس زوره ، وحذرّهم أن يقعوا فريسة هذا الادّعاء ، إذ أنّ خططه ستفشل وسيصاب بسوء العاقبة ، فالطريق هو ما أقوله ، إنّه طريق التقوى وعبادة الله.

ثم تضيف الآية :( يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ ) .

يريد أن يقول لهم : لنفرض أنّنا انتصرنا ببذل الحيل والتوسّل بوسائل الخداع والمكر ، وتركنا الحق وراء ظهورنا ، وارتكبنا الظلم وتورطنا بدماء الأبرياء ، ترى ما مقدار عمرنا في هذا العالم؟ إنّ هذه الأيّام المعدودة ستنتهي وسنقع في قبضة الموت الذي يجرنا من القصور الفخمة إلى تحت التراب وتكون حياتنا في مكان آخر.

إنّ القضية ليست فناء هذه الدنيا وبقاء الآخرة وحسب ، بل الأهم من ذلك هي قضية الحساب والجزاء ، حيث يقول تعالى :( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

إنّ مؤمن آل فرعون ـ بكلامه هذا ـ آثار أولا قضية عدالة الله تبارك وتعالى ، حيث يقاضي الإنسان بما اكتسبت يداه خيرا أو شرّا.

ومن جهة ثانية أشار في كلامه إلى الثواب والفضل الالهي لذوي العمل الصالح ، إنّه الجزاء الذي لا يخضع لموازين الحساب الكمية ، إذ يهب الله تبارك وتعالى للمؤمنين بغير حساب ، ممّا لم تره عين أو تسمعه أذن ولا يخطر على فكر إنسان.

ومن جهة ثالثة أشار للتلازم القائم بين الإيمان والعمل الصالح.

ورابعة يشير أيضا إلى مساواة الرجل والمرأة في محضر الله تبارك وتعالى ،

٢٦٦

وفي القيم الإنسانية.

لقد استخلص مؤمن آل فرعون من خلال طرحه الآنف الذكر في أنّ الحياة الدنيا وإن كانت متاعا لا يغني شيئا عن الحياة الأخرى ، إلّا أنّه يمكن أن يكون وسيلة للجزاء اللامتناهي هي والعطايا التي تصدر عن المطلق جلّ وعلا. إذن هل هناك تجارة أربح من هذا؟

كما ينبغي أن نقول : إنّ عبارة «مثلها» تشير إلى أنّ العقاب في العالم الآخر يشبه نفس العمل الذي قام به الإنسان في هذه الدنيا ، متشابهة كاملة بكل ما للكلمة من دلالة ومعنى.

أمّا تعبير «غير حساب» فيمكن أن يكون إشارة إلى حساب العطايا يختص بالاشخاص من ذوي المواهب المحدودة ، أمّا المطلق (جلّ وعلا) الذي لا تنقص خزائنه مهما بذل للآخرين (لأن كلّ ما يؤخذ من اللانهاية يبقى بلا نهاية) لذلك فهو عطاء لا يحتاج إلى حساب.

وبقيت مسألة بحاجة إلى جواب ، وهي : هل ثمّة تعارض بين هذه الآية وما جاء في الآية (١٦٠) من سورة الأنعام ، حيث قوله تعالى :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) .

في الجواب على هذا التساؤل نقول : إنّ «عشر أمثالها» إشارة للحد الأدنى من العطاء الإلهي ، إذ هناك الجزاء الذي يصل إلى (٧٠٠) مرّة وأكثر ، ثمّ قد يصل العطاء الإلهي إلى مستوى الجزاء بـ «غير حساب» وهو ممّا لا يعلم حدّه ولا يمكن تصوره.

* * *

٢٦٧

الآيات

( وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٤٤) فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (٤٦) )

التّفسير

الكلام الأخير :

في خامس ـ وآخر ـ مرحلة يزيل مؤمن آل فرعون الحجب والأستار عن هويته ، إذ لم يستطع التكتم ممّا فعل ، فقد قال كلّ ما هو ضروري ، أمّا القوم من ملأ

٢٦٨

فرعون ، فكان لهم ـ كما سنرى ذلك ـ قرارهم الخطير بشأنه!

يفهم من خلال القرائن أنّ أولئك المعاندين والمغرورين لم يسكتوا حيال كلام هذا الرجل الشجاع المؤمن ، وإنّما قاموا بطرح «مزايا» الشرك في مقابل كلامه ، ودعوه كذلك إلى عبادة الأصنام.

لذا فقد صرخ قائلا :( وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ) .

إنني أطلب سعادتكم وأنتم تطلبون شقائي ، إنني أهديكم إلى الطريق الواضح الهادي وأنتم تدعونني إلى الانحراف والضلال!

نعم ، إنّكم :( تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ) .

نستفيد من الآيات القرآنية المختلفة ، ومن تأريخ مصر ، أنّ هؤلاء القوم لم يقتصروا في عبادتهم وشركهم وضلالهم على الفراعنة وحسب ، وإنّما كانت لهم أصنام يعبدونها من دون الواحد القهار ، كما نستفيد ذلك بشكل مباشر من قوله تعالى في الآية (١٢٧) من سورة «الأعراف» حيث قوله تعالى :( أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَ، آلِهَتَكَ ) والآية تحكي خطاب أصحاب فرعون والملأ من قومه لفرعون.

وقد تكرّر نفس المضمون على لسان يوسفعليه‌السلام ، إذ قال لرفاقه في سجن الفراعنة :( أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) (١) .

لقد ذكّرهم مؤمن آل فرعون من خلال مقارنة واضحة أنّ دعوتهم إلى الشرك لا تستند على دليل صحيح ، والشرك طريق وعر مظلم محفوف بالمخاطر وسوء العاقبة والمصير ، بينما دعوته (مؤمن آل فرعون) دعوة للهدى والرشاد وسلوك طريق الله العزيز الغفّار.

إنّ عبارة (العزيز) و (الغفار) تشير من جانب إلى مبدأ (الخوف والرجاء) ومن

__________________

(١) يوسف ، الآية ٣٩.

٢٦٩

جانب ثان تشير إلى إلغاء ألوهية الأصنام والفراعنة ، حيث لا يملكون العزة ولا العفو.

ينتقل الخطاب القرآني ـ على لسان مؤمن آل فرعون ـ إلى قوله تعالى :( لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ ) (١) فهذه الأصنام لم ترسل الرسل إلى الناس ليدعوهم إليهم ، وهي لا تملك في الآخرة الحاكمية على أي شيء.

إنّ هذه الموجودات لا تملك الحس والشعور ، إنّها أصنام لا تتكلم ولا تضر ولا تنفع ، وإنّ عليكم أن تعلموا :( وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ ) .

فهو سبحانه وتعالى الذي أرسل رسله إلى النسا لأجل هدايتهم ، وهو الذي يثيبهم ويعاقبهم على أعمالهم.

ويجب أن تعلموا أيضا :( وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ ) .

وهكذا كشف مؤمن آل فرعون ما كان يخفي من إيمانه ، وبذلك فقد انكشف هنا خطّه الإيماني التوحيدي ، وانفصل علينا عن خط الشرك الملوث الذي يصبغ بآثامه وأوحاله الحكّام الفراعنة ومن يلف حولهم ، لقد رفض الرجل دعوتهم ووقف لوحده إزاء باطلهم وانحرافهم.

في آخر كلامه ـ وبتهديد ذي مغزى ـ يقوله لهم :( فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ ) .

إنّ ما قلته لكم ستذكرونه في الدنيا والآخرة ، وستعلمون صدقي عند ما تصيبكم المصائب ، وينزل بساحتكم الغضب الإلهي ، لكن سيكون ذلك كلّه بعد فوات الأوان ، فإن كان في الآخرة فلا طريق الرجوع ، وإن كان في الدنيا فهو لا يتم إلّا حين يحل بكم العذاب الإلهي ، وعندها ستغلق جميع أبواب التوبة.

__________________

(١) قلنا سابقا : إنّ «لا جرم» مركبة من (لا) و (جرم) على وزن (حرم) وهي في الأصل تعني القطع واقتطاف الثمر ، وهي ككلمة مركبة تعني : لا يستطيع أي شيء أن يقطع هذا العمل أو يمنعه. لذلك تستخدم بشكل عام بمعنى (حتما) وتأتي أحيانا بمعنى القسم.

٢٧٠

ثم تضيف الآية على لسان الرجل المؤمن :( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) .

لهذا كلّه لا أخشى تهديداتكم ، ولا أرهب كثرتكم وقوتكم ، ولا تخيفني وحدتي بيّن أيديكم ، لأني وضعت نفسي بين يدي المطلق ذي القدرة اللامتناهية ، والمحيط علمه بكل شيء ، وبأحوال عباده أينما كانوا وحلّوا.

إنّ هذا التعبير يستبطن في طياته دعاء مهذبا انطلق من الرجل المؤمن الذي وقع أسيرا في قبضة هؤلاء الأشقياء الظالمين. لذلك طلب بشكل مؤدب من خالقه (جلّ وعلا) أن يحميه بحمايته وينقذه ممّا هو فيه.

الله تبارك وتعالى لم يترك عبده المؤمن المجاهد وحيدا وإنّما :( فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ) .

إنّ التعبير بـ( سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ) يفيد أنّهم وضعوا خططا مختلفة ضدّه ترى ما هي هذه الخطط؟

في الواقع ، إنّ القرآن لم يذكرها بل تركها مجهولة ، لكنّها ـ حتما ـ لا تخرج عن ألوان العقاب والتعذيب ينزلونه بالرجل قبل أن يحل به القتل والإعدام ، إلّا أنّ اللطف الإلهي أبطل مفعولها جميعا وأنجاه منهم.

تفيد بعض التفاسير أنّ مؤمن آل فرعون انتهز فرصة مناسبة فالتحق بموسىعليه‌السلام ، وعبّر البحر مع بني إسرائيل. وقيل أيضا : أنّه هرب إلى الجبل عند ما صدر عليه قرار الموت ، وبقي هناك مختفيا عن الأنظار(١) .

ومن الطبيعي أن لا يكون هناك تعارض بين الرأيين ، إذ يمكن أن يكون قد هرب إلى الجبل أولا ، ثمّ التحق ببني إسرائيل.

وقد يكون من مؤامراتهم عليه ، محاولتهم فرض عبادة الأصنام عليه وإخراجه من خط التوحيد ، إلّا أن الله تبارك وتعالى أنجاه من مكرهم ورسخ قدمه

__________________

(١) يراجع تفسير مجمع البيان في نهاية الحديث عن الآية مورد البحث.

٢٧١

في طريق الإيمان والهدى.

أمّا القوم الظالمون فقد كان مصيرهم ما يرسمه لنا القرآن الكريم :( وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ ) (١) .

إنّ العذاب والعقاب الإلهي أليم بمجمله ، إلّا أنّ تعبير «سوء العذاب» يظهر أنّ الله تبارك وتعالى انتخب لهم عذابا أشد إيلاما من غيره ، وهو ما تشير إليه الآية التي بعدها ، حيث قوله تعالى :( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) (٢) ثم :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) .

وهنا نلفت النظر إلى الملاحظات الثلاث الآتية :

أولا : استخدام تعبير (آل فرعون) إشارة إلى العائلة والأنصار والأصحاب الضالين ، وعند ما يكون هذا هو مصير الآل ، ترى ماذا يكون مصير نفس فرعون؟

ثانيا : تقول الآية : إنهم يعرضون على النّار صباحا ومساء ، ثمّ تقول : في يوم القيامة يكون العذاب أشد ما يمكن. وهذا دليل على أنّ العذاب الأوّل يختص بعالم البرزخ ، وهو ممّا يلي موت الإنسان ومغادرة روحه جسده ، ويقع قبل يوم القيامة إنّ العرض على نار جهنّم يهز الإنسان ويجعله يرتعد خوفا وهلعا.

ثالثا : إن تعبير بـ (الغدو) و (العشي) قد تكون فيه إشارة إلى استمرار العذاب.

أو قد يفيد انقطاع العذاب البرزخي ليقتصر على (الغدو) و (العشي) أي الصبح والمساء ، وهو الوقت الذي يقترن في حياة الفراعنة وأصحابهم ومع أوقات لهوهم واستعراضهم لقوتهم وجبروتهم في حياتهم الدنيا.

وينبغي أن لا نتعجب هنا من كلمتي (الغدو) و (العشي) فنسأل : وهل في البرزخ ثمّة صباح ومساء؟ لأنّ الصبح والليل موجودان حتى في يوم القيامة ، كما

__________________

(١) (حاق) بمعنى أصاب ونزل ، ولكن احتملوا أيضا أن يكون أصلها (حق) فتغيرت إحدى القافين فيها إلى ألف فأصبحت (حاق) [يلاحظ ذلك في مفردات الراغب كلمة حاق]. ضمنا فإنّ (سوء العذاب) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف ، إذ كانت في الأصل (العذاب السوء).

(٢) «النّار» بدل عن (سوء العذاب).

٢٧٢

نقرأ في قوله تعالى :( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) (١) .

وهذا الأمر لا يتعارض مع دوام نعم الجنّة واستمرارها ، كما جاء في الآية (٣٥) من سورة (الرعد) حيث قوله تعالى :( أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها ) حيث يمكن أن تشمل الألطاف الإلهية أهل الجنّة في خصوص هذين الوقتين ، بينما تكون نعم الجنّة دائمة باقية.

* * *

بحوث

أوّلا : مؤمن آل فرعون والدرس العظيم في مواجهة الطواغيت

إنّ القليل من الناس يؤمنون بالأديان الإلهية والمذاهب السماوية في بداية الأمر ويقومون بتحدي الجبابرة والطواغيت ، وإذا توجست هذا القلّة المخلصة خوفا من أعدائها ، أو أنّها شكت بأنّ كثرة دليل على حقانيتهم ، فلن يكون بمقدور الأديان الإلهية أن تمتد وتنتشر في الدنيا.

إنّ الأساس الذي يتحكم في منطلق هذه البرامج الهادية والأطروحات الوضّاءة ، هو

قول أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : «أيّها الناس ، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله»(٢) .

لقد كان مؤمن آل فرعون نموذجا لهذه المدرسة ، وكان من الأوائل في هذا الطريق ، وأثبت أنّ الإنسان المؤمن يستطيع بعزمه وإرادته القوية ـ النابعة من إيمانه بالله تعالى ـ التأثير حتى في إرادة الفراعنة الجبابرة ؛ بل وأن يوفّر سبل النجاة لنبي كبير من أنبياء أولي العزم.

إنّ تأريخ حياة هذا الرجل الشجاع الذكي ، يثبت ضرورة أن تكون خطوات

__________________

(١) مريم ـ ٦٢.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٢٠١.

٢٧٣

أهل الدعوة والحق على غاية قصوى من الدقة والحذر ، إذ يجب أحيانا التكتم على الإيمان وإخفاء القناعات الحقة ، كما يجب في أحيان اخرى الجهر بدعوة الحق وإظهار الإيمان.

إنّ التقية ليست سوى إخفاء اعتقاد الإنسان والتكتم عليه في فترة معينة في سبيل الأهداف المقدّسة.

وكما يعتبر التسلّح بالسلاح المادي الظاهري من ضرورات المنعة وأسباب دحر العدو ، كذلك فإنّ المنطق القوي والحجّة البالغة هي سلاح ضروري قد يعادل في تأثيره السلاح المادي عدة مرّات. لذا فإنّ العمل الذي قام به (مؤمن آل فرعون) بواسطة منطقة وقوة حجته وحكمة تصرفه لم يكن ليعادله أي سلاح آخر.

ثم إنّ قصة هذا الرجل المؤمن تظهر أنّ الله جلّ وعلا لا يترك عباده المؤمنين وحيدين ، بل يحميهم بلطفه عن الأخطار.

وأخيرا فإن من الضروري أن نشير إلى حياة مؤمن آل فرعون انتهت كما في بعض الروايات إلى الاستشهاد ، وأنّ ما يقوله القرآن من حفظ الله له ووقايته له يمكن تأويله بإنقاذه من براثن خططهم الشيطانية في إغوائه وجرّه إلى ساحة الضلال والشرك ، وأنّ الله أنجاه من سوء المنقلب وانحراف العقيدة(١) .

ثانيا : تفويض الأمور إلى الله

فيما يخص التفويض إلى الله تبارك وتعالى يكفي أن نفتتح الحديث بقول لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، جاء فيه : «الإيمان له أربعة أركان : التوكل على الله ، وتفويض الأمر إلى اللهعزوجل والرضى بقضاء الله ، والتسليم لأمر

__________________

(١) جاء في كتاب (محاسن البرقي) : عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ) قولهعليه‌السلام : «أما لقد سطوا عليه وقتلوه ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه» نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٢١.

٢٧٤

الله»(١) .

وفي حديث آخر عن الإمام الإمام الصادق أنّهعليه‌السلام قال : «المفوض أمره إلى الله في راحة الأبد ، والعيش الدائم الرغد ، والمفوض حقّا هو العالي عن كلّ همه دون الله»(٢) .

«التفويض» كما يقول الراغب في مفرداته ، يعني «التوكل ، لذا فإنّ تفويض الأمر إلى الله يأتي بمعنى توكيل الأعمال إليه ، وهذا لا يعني أن يترك الإنسان الجد والجهد ، إذ أنّ هذا السلوك ينطوي على فهم محرّف لمعنى التفويض ، بل عليه أن يبذل كلّ جهده ولا يتخوّف الصعاب التي تواجهه ، أو يترك العمل إذعانا لها ، بل عليه أن يسلّم أمره وعمله إلى الله ، ويستمر في بذل الجهد بعزم راسخ وهمة عالية.

وبالرغم من أنّ «التفويض» يشبه «التوكل» إلى حد كبير ، إلّا أنّه يعتبر مرحلة أفضل منه. لأنّ حقيقة (التوكل) هي أن يعتبر الإنسان الله تبارك وتعالى وكيلا عنه ، لكن التفويض يعني التسليم المطلق لله تعالى. وفي حياتنا العملية نرى أنّ الإنسان الذي يتخذ لنفسه وكيلا يواصل إشرافه على عمله. إلّا أنّه في حالة التفويض لا يبقى أي مجال لإشراف من أي نوع ، بل تترك الأمور إلى من فوّضت إليه.

ثالثا : عالم البرزخ

«البرزخ» ـ كما يدل عليه اسمه ـ هو عالم يتوسط بين عالمنا هذا والعالم الآخر. وفي القرآن الكريم يكثر الحديث عن العالم الآخر ، ولكنّه قليل عن عالم البرزخ. ولهذا السبب هناك هالة من الغموض والإبهام تحيط بالبرزخ ، وبالتالي لا نعرف الكثير من خصائصه وجزئياته ، ولكن عدم معرفة التفاصيل الجزئية لا تؤثر على أصل الاعتقاد بالبرزخ الذي صرّح القرآن بأصل وجوده.

__________________

(١) بحار الأنوار ، المجلد ٦٨ ، صفحة ٣٤١.

(٢) سفينة البحار ، المجلد الثّاني ، صفحة ٣٨٤ ، مادة «فوض».

٢٧٥

إنّ الآيات أعلاه تعتبر من الآيات التي عبّرت بصراحة عن وجود هذا العالم ، حينما قالت : إنّ آل فرعون يعرضون صباحا ومساء على النّار قبل القيامة ، وذلك كنوع من العقاب البرزخي لهم.

من جانب آخر ، فإنّ الآيات التي تتحدث عن حياة الشهداء الخالدة بعد الموت ، والثواب العظيم الذي ينالهم ، تدل هي الأخرى على وجود (البرزخ).

وفي حديث عن رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنّة فمن الجنّة ، وإن كان من أهل النّار فمن النّار ، يقال : هذا مقعدك حيث يبعثك الله يوم القيامة»(١) .

أما الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام فيقول عن البرزخ : «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة لأنّ في نار القيامة لا يكون غدو وعشي» ثمّ قال : «إن كانوا يعذبون في النّار غدوا وعشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء ، لا ولكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة ، ألم تسمع قولهعزوجل : ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب»(٢) .

الإمامعليه‌السلام لم يقل بعدم وجود الصباح والسماء في القيامة ، بل يقول : إنّ نار جهنّم أبدية خالدة لا تعرف الصباح والمساء. أمّا العقاب الذي له مواقيت في الصباح والسماء فهو عالم البرزخ ، ثمّ يدللعليه‌السلام على الجملة التي بعدها والتي تتحدث عن القيامة ، على أنّها قرينة باختصاص الجملة السابقة بالبرزخ.

لقد تعرضنا إلى عالم البرزخ مفصلا أثناه الحديث عن الآية (١٠٠) من سورة «المؤمنون».

* * *

__________________

(١) ينقل هذه الرواية كلّ من البخاري ومسلم في صحيحيهما (طبقا كما يذكره الطبرسي وصاحب الدر المنثور والقرطبي ، أثناء حديثهم عن الآية المذكورة أعلاه) أما صحيح مسلم فيعقد بابا حول الروايات المتعلقة بالبرزخ ، إذ يمكن مراجعته في المجلد الرابع ، صفحة ٢١٩٩.

(٢) مجمع البيان ، المجلد الثامن ، صفحة ٥٢٦.

٢٧٦

الآيات

( وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠) )

التّفسير

نقاش الضعفاء والمستكبرين في جهنّم :

لقد لفت مؤمن آل فرعون في نهاية كلامه نظر القوم إلى القيامة والعذاب وجهنم ، لذلك جاءت هذه المجموعة من الآيات الكريمة وهي تقف بشكل رائع دقيق على تحاجج وتخاصم أهل النّار فيما بينهم ، وبالذات تحاجج المستضعفين مع المستكبرين.

يقول تعالى :( وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا

٢٧٧

لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ ) (١) .

المراد من «الضعفاء» هنا هم أولئك الذين يفتقدون العلم الكافي والاستقلال الفكري ، إذ كان هؤلاء يتبعون زعماء الكفر الذي يطلق عليهم القرآن اسم المستكبرين ، وكانت التبعية مجرّد انقياد أعمى بلا تفكير أو وعي.

ولكن هؤلاء الأتباع يعلمون أنّ العذاب سيشمل زعماءهم ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ، فلما ذا إذن يستغيثون بهم ويلجأون إليهم كي يتحملوا عنهم قسطا من العذاب.

ذهب البعض إلى أنّ ذلك يحصل تبعا لعادتهم في الانقياد إلى زعمائهم في هذه الدنيا ، لذلك تكون استغاثتهم بهم في الآخرة كنوع من الانقياد اللّاإرادي وراء قادتهم.

ولكن الأفضل أن نقول : إن الإستغاثة هناك هي نوع من السخرية والاستهزاء واللوم ، يوم يثبت أنّ كلّ ادعاءات المستكبرين مجرّد تقولات زائفة عارية عن المضمون والحقيقة(٢) .

(وفي الحقيقة فان الإمام أمير المؤمنين ـ يحذر بهذا الكلام أولئك الذين سمعوا وصايا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم الغدير ـ أو أنّها وصلتهم بطريق صحيح ـ ثمّ اعتذروا بأنّهم نسوها ليتبعوا أناسا آخرين).

إنّ المستكبرين لم يسكتوا على هذا الكلام وذكورا جوابا يدل على ضعفهم الكامل وذلتهم في ذلك الموقف المهول ، إذ يحكي القرآن على لسان قولهم :( قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ ) .

يريدون أن يقولوا : لو كان بمستطاعنا حل مشاكلكم فالأحرى بنا والأجدر

__________________

(١) يتصور البعض أنّ الضمير في «يتحاجون» يعود إلى آل فرعون ، إلّا أنّ القرائن تفيد أنّ الآية تنطوي على مفهوم عام يشمل جميع الكفّار.

(٢) «تبعا» جمع تابع ، والبعض يحتمل أن تكون مصدرا ، خصوصا وأنّ إطلاق المصدر على الأشخاص الموصوفين بصفة معينة أمر متعارف. والمعنى في هذه الحال هو : إنّنا كنا لكم عين التبعية.

٢٧٨

أن نحل مشاكلنا وما حلّ بنا ، ولكنا لا نستطيع أن نمنع العذاب عن أنفسنا ولا عنكم ، ولا أن نحتمل عنكم جزاء من العقاب!

والملاحظ هنا أنّ الآية (٢١) من سورة «إبراهيم» تتضمن نفس هذا الاقتراح من قبل الضعفاء إزاء المستكبرين ، الذين قالوا جوابا على هذا :( لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ ) .

والمقصود بالهداية هنا هي الهداية الى طريق الخلاص من العذاب.

وهكذا يظهر أنّ هذين الجوابين لا يتعارضان فيما بينهما ، بل يكمل أحدهما الآخر.

وعند ما تغلق في وجههم السبل ، سبل النجاة والخلاص ، يتوجه الجميع إلى خزنة النّار :( وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ ) (١) .

إنهم يعلمون أنّ العذاب الإلهي لا يرتفع ، لذلك يطلبون أن يتوقف عنهم ولو ليوم واحد كي يرتاحوا قليلا إنّهم قانعون بهذا المقدار!

لكن إجابة الخزنة تأتي منطقية واضحة :( قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ ) ؟

وفي الجواب قالوا :( قالُوا بَلى ) .

فيستطرد الخزنة :( قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ) .

إنّكم بأنفسكم اعترفتم بأنّ الأنبياء والرسل جاءوا بالدلائل الواضحة ، ولكنّكم كفرتم بما جاءكم وكذبتم الأنبياء. لذلك لا ينفعكم الدعاء ، لأنّ الله لا يستجيب لدعاء الكافرين.

بعض المفسّرين يرى في تفسير الجملة الاخيرة أنّ المراد هو أنّنا لا نستطيع الدعاء لكم بدون اذن من الله تعالى ، فادعوا أنتم بذلك ، وذلك اشارة الى انغلاق

__________________

(١) «خزنة» جمع خازن ، وتعني الحارس.

٢٧٩

سبل النجاة أمامكم.

صحيح أنّ الكافر يصبح مؤمنا في يوم القيامة ، إلّا أنّ هذا الإيمان لا يقلل من آثار كفره ، لذلك يلازمه لقب الكافر.

لكن يبدو أنّ التّفسير الأوّل أفضل وأكثر قبولا.

* * *

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

قال المصنّف ١(١) :

التاسع : الضرورة قاضية بالفرق بين من أحسن إلينا دائما ، ومن أساء إلينا دائما ، وحسن مدح الأوّل وذمّ الثاني ، وقبح ذمّ الأوّل ومدح الثاني ، ومن شكّ في ذلك فقد كابر مقتضى عقله.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٥.

٤٤١

وقال الفضل(١) :

هذا الحسن وهذا القبح ممّا لا نزاع فيه بأنّهما عقليّان ؛ لأنّهما يرجعان إلى الملاءمة والمنافرة ، أو الكمال والنقص.

على إنّه قد يقال : جاز أن يكون هناك عرف عامّ هو مبدأ لذلك الجزم المشترك ، وبالجملة : هو من إقامة الدليل في غير محلّ النزاع ، والله تعالى أعلم.

هذه جملة ما أورده من الدلائل على رأيه العاطل ، وقد وفّقنا الله لأجوبتها كما يرتضيه أولو الآراء الصائبة.

ولنا في هذا المبحث تحقيق نريد أن نذكره في هذا المقام ، فنقول :

اتّفقت كلمة الفريقين من الأشاعرة والمعتزلة على إنّ من أفعال العباد ما يشتمل على المصالح والمفاسد ، وما يشتمل على الصفات الكمالية والنقصانية ، وهذا ممّا لا نزاع فيه.

وبقي النزاع في أنّ الأفعال التي تقتضي الثواب أو العقاب ، هل في ذواتها جهة محسّنة ، صارت تلك الجهة سبب المدح والثواب ، أو جهة مقبّحة ، صارت سببا للذمّ والعقاب ، أو لا؟

فمن نفى وجود هاتين الجهتين في الفعل ، ماذا يريد من هذا النفي؟!

إن أراد عدم هاتين الجهتين في ذوات الأفعال ، فيرد عليه أنّك

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٧.

٤٤٢

سلّمت وجود الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة في الأفعال ، وهذا عين التسليم بأنّ الأفعال في ذواتها جهة الحسن والقبح ؛ لأنّ المصلحة والكمال حسن ، والمفسدة والنقص قبح.

وإن أراد نفي كون هاتين الجهتين مقتضيتان للمدح والثواب بلا حكم الشرع بأحدهما ؛ لأنّ تعيين الثواب والعقاب للشارع والمصالح والمفاسد في الأفعال التي تدركهما العقول ، لا يقتضي تعيين الثواب والعقاب بحسب العقل ؛ لأنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد في الأفعال ، ومزج بعضها ببعض ، حتّى يعرف الترجيح ويحكم بأنّ هذا الفعل حسن لاشتماله على المصلحة ، أو قبيح لاشتماله على المفسدة ، فهذا الحكم خارج عن طوق العقل فتعيّن تعيّنه للشرع.

فهذا كلام صالح صحيح لا ينبغي أن يردّه المعتزلي.

مثلا : شرب الخمر كان مباحا في بعض الشرائع ، فلو كان شرابه حسنا في ذاته بالحسن العقلي ، كيف صار حراما في بعض الشرائع الأخر؟! هل انقلب حسنه الذاتي قبحا؟!

وهذا ممّا لا يجوز ، فبقي أنّه كان مشتملا على مصلحة ومفسدة ، كلّ واحد منهما بوجه ، والعقل كان عاجزا عن إدراك المصالح والمفاسد بالوجوه المختلفة.

فالشرع صار حاكما بترجيح جهة المصلحة في زمان ، وترجيح جهة المفسدة في زمان آخر ، فصار حلالا في بعض الأزمنة حراما في البعض الآخر.

فعلى الأشعري أن يوافق المعتزلي ؛ لاشتمال ذوات الأفعال على جهة المصالح والمفاسد ، وهذا يدركه العقل ولا يحتاج في إدراكه إلى الشرع.

٤٤٣

وهذا في الحقيقة هو الجهة المحسّنة والمقبّحة في ذوات الأفعال.

وعلى المعتزلي أن يوافق الأشعري أنّ هاتين الجهتين في العقل لا تقتضي حكم الثواب والعقاب والمدح والذمّ باستقلال العقل ؛ لعجزه عن مزج جهات المصالح والمفاسد في الأفعال.

وقد سلّم المعتزلي هذا في ما لا يستقلّ العقل به ، فليسلّم في جميع الأفعال ، فإنّ العقل في الواقع لا يستقلّ في شيء من الأشياء بإدراك تعلّق الثواب.

فإذا كان النزاع بين الفريقين مرتفعا ، تحفّظ بهذا التحقيق ، وبالله التوفيق.

* * *

٤٤٤

وأقول :

قد عرفت في أوّل المطلب أنّ الملاءمة والمنافرة جهتان تقتضيان الحبّ والبغض ، والرضا والسخط ، لا الحسن والقبح العقليّين ، فلا معنى لعدّهما من معاني الحسن والقبح.

وعرفت أنّ كثيرا من صفات الكمال والنقص ، كالإحسان والإساءة أفعال حقيقية ، والحسن والقبح فيها لا يناطان بلحاظ الوصفية ، فإذا أقرّ الخصم بحسن الإحسان وقبح الإساءة فقد تمّ المطلوب.

على إنّه لا ريب بصحّة مدح المحسن وذمّ المسيء ، فيكون الإحسان حسنا والإساءة قبيحة بالمعنى الثالث الذي فيه النزاع ، فلا معنى لإرجاعه إلى أحد المعنيين الأوّلين.

وأمّا ما ذكره في العلاوة المأخوذة من « شرح المواقف »(١)

ففيه : إنّه إذا أريد من العرف العامّ اتّفاق آراء العقلاء على حسن شيء أو قبحه ، فهو الذي تذهب إليه العدلية ، ولكن لا معنى لتسميته بالعرف العامّ ، ولا يتصوّر تحقّق العرف العامّ من دون أن يكون هناك حسن وقبح عقليّان ، فإنّه ليس أمرا اصطلاحيا.

وأمّا ما بيّنه في تحقيقه فهو رجوع إلى قول العدلية بثبوت الحسن والقبح العقليّين ، بسبب جهات محسّنة أو مقبّحة ، ولا نزاع لأهل العدل معهم إلّا بهذا كما سبق.

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٩٢.

٤٤٥

كما إنّ ظاهره تسليم اقتضائهما للمدح والذمّ عقلا ، لكنّه قال : « إنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد ، وعاجز عن إدراك استحقاق الثواب والعقاب على الأفعال من حيث هي » وهو مسلّم في الجملة عند العدليّين ، فإنّهم لا يقولون : إنّ جميع الأفعال يدرك العقل حسنها أو قبحها ، بل منها ما هو علّة للحكم بالحسن والقبح ، كالعدل والظلم

ومنها ما هو مقتض للحكم كالصدق أو الكذب

ومنها ما هو يختلف بالوجوه والاعتبارات ، والعقل قد يعجز عن إدراك الوجوه.

وأمّا تمثيله بشرب الخمر ، فغير صحيح عند الإمامية ؛ لما أخبرهم به أهل البيت من أنّ الخمر لم يحلّ في شرع من الشرائع(١) ، وأهل البيت أدرى بما فيه.

* * *

__________________

(١) الكافي ٦ / ٣٩٥ ح ١ ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٠٢ ح ٤٤٥.

٤٤٦

فهرس المحتويات

من هم الفرة الناجية؟من هم الفرقة الناجية؟ ٥

من هم الفرقة الناجية؟ ٧

وبعد ، ٧

وقال الفضل(١) : ١١

أقول : ٢٥

المحسوسات أصل الاعتقادات ٤١

المسألة الأولى ٤١

في الإدراك ٤١

[ المبحث ] الأوّل ٤١

[ الإدراك أعرف الأشياء ] ٤١

وقال الفضل : ٤٤

وأقول : ٤٧

المبحث الثاني ٥١

في شرائط الرؤية ٥١

وقال الفضل : ٥٣

وأقول : ٥٥

المبحث الثالث ٦١

في وجوب الرؤية عند حصول هذه الشرائط ٦١

وقال الفضل : ٦٣

وأقول : ٦٦

المبحث الرابع ٧١

في امتناع الإدراك مع فقد الشرائط ٧١

٤٤٧

وقال الفضل : ٧٥

وأقول : ٧٨

المبحث الخامس ٨١

في أنّ الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية ٨١

وقال الفضل : ٨٣

وأقول : ٨٦

المبحث السادس ٩٣

في أنّ الإدراك ليس لمعنى ٩٣

وقال الفضل : ٩٥

وأقول : ٩٧

المبحث السابع ١٠١

في أنّه تعالى يستحيل أن يرى ١٠١

وقال الفضل : ١٠٥

وأقول : ١١٠

المسألة الثانية ١٣٣

في النظر وفيه مباحث : ١٣٣

[ المبحث ] الأوّل ١٣٣

إنّ النظر الصحيح يستلزم العلم ١٣٣

وقال الفضل : ١٣٥

وأقول : ١٣٧

المبحث الثاني ١٤١

في أنّ النظر واجب بالعقل ١٤١

وقال الفضل : ١٤٣

وأقول : ١٤٨

٤٤٨

المبحث الثالث ١٥٣

في أنّ معرفة الله تعالى واجبة بالعقل ١٥٣

وقال الفضل : ١٥٥

وأقول : ١٥٨

المسألة الثالثة ١٦٥

في صفاته تعالى ١٦٥

[ المبحث ] الأوّل ١٦٥

إنّه تعالى قادر على كلّ مقدور ١٦٥

وقال الفضل : ١٦٧

وأقول : ١٦٩

المبحث الثاني ١٧٣

في أنّه تعالى مخالف لغيره ١٧٣

وقال الفضل : ١٧٥

وأقول : ١٧٦

المبحث الثالث ١٧٩

في أنّه تعالى ليس بجسم ١٧٩

وقال الفضل : ١٨٢

وأقول : ١٨٣

المبحث الرابع ١٨٩

في أنّه تعالى ليس في جهة ١٨٩

وقال الفضل : ١٩٠

وأقول : ١٩٢

المبحث الخامس ١٩٥

في أنّه تعالى لا يتّحد بغيره ١٩٥

٤٤٩

وقال الفضل : ١٩٦

وأقول : ٢٠٠

المبحث السادس ٢٠٣

في أنّه تعالى لا يحلّ في غيره ٢٠٣

وقال الفضل : ٢٠٥

وأقول : ٢١٠

في حقيقة الكلام ٢٢٣

المبحث السابع ٢٢٣

في أنّه تعالى متكلّم ٢٢٣

[ المطلب ] الأوّل ٢٢٣

في حقيقة الكلام ٢٢٣

وقال الفضل : ٢٢٥

وأقول : ٢٢٩

كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

[ المطلب ] الثاني ٢٣٥

في أنّ كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

وقال الفضل : ٢٣٧

وأقول : ٢٣٨

حدوث الكلام ٢٤١

المطلب الثالث ٢٤١

في حدوثه ٢٤١

وقال الفضل : ٢٤٤

وأقول : ٢٤٦

٤٥٠

استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة ٢٥١

المطلب الرابع ٢٥١

في استلزام الأمر والنهي : الإرادة والكراهة ٢٥١

وقال الفضل : ٢٥٢

وأقول : ٢٥٤

كلامه تعالى صدق ٢٥٧

المطلب الخامس ٢٥٧

في أنّ كلامه تعالى صدق ٢٥٧

وقال الفضل : ٢٥٩

وأقول : ٢٦١

صفاته عين ذاته ٢٦٧

المبحث الثامن ٢٦٧

في أنّه تعالى لا يشاركه شيء في القدم ٢٦٧

وقال الفضل : ٢٧٠

وأقول : ٢٧٤

البقاء ليس زائدا على الذات ٢٨٥

المبحث التاسع ٢٨٥

في البقاء ٢٨٥

المطلب الأوّل ٢٨٥

إنّه ليس زائدا على الذات ٢٨٥

وقال الفضل : ٢٨٨

وأقول : ٢٩١

إنّه تعالى باق لذاته ٢٩٥

المطلب الثاني ٢٩٥

٤٥١

في أنّ الله تعالى باق لذاته ٢٩٥

وقال الفضل : ٢٩٧

وأقول : ٢٩٩

البقاء يصحّ على الأجسام ٣٠٣

خاتمة ٣٠٣

[ الحكم ] الأوّل ٣٠٣

البقاء يصحّ على الأجسام [ بأسرها ] ٣٠٣

وقال الفضل : ٣٠٥

وأقول : ٣٠٦

البقاء يصحّ على الأعراض ٣٠٧

الحكم الثاني ٣٠٧

في صحّة بقاء الأعراض ٣٠٧

وقال الفضل : ٣١١

وأقول : ٣١٦

القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

المبحث العاشر ٣٢١

في أنّ القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

وقال الفضل : ٣٢٣

وأقول : ٣٢٤

نقل الخلاف في مسائل العدل ٣٢٥

المبحث الحادي عشر ٣٢٥

في العدل ٣٢٥

[ المطلب ] الأوّل ٣٢٥

في نقل الخلاف في مسائل هذا الباب ٣٢٥

٤٥٢

وقال الفضل : ٣٢٧

وأقول : ٣٢٨

قال المصنّف ٣٢٩

وقال الفضل : ٣٣٠

وأقول : ٣٣٢

قال المصنّف ٣٣٤

وقال الفضل : ٣٣٥

وأقول : ٣٣٦

قال المصنّف ٣٣٧

وقال الفضل : ٣٣٨

وأقول : ٣٣٩

قال المصنّف ٣٤٠

وقال الفضل : ٣٤١

وأقول : ٣٤٢

قال المصنّف ٣٤٥

وقال الفضل : ٣٤٦

وأقول : ٣٤٧

قال المصنّف ٣٤٨

وقال الفضل : ٣٤٩

وأقول : ٣٥٠

قال المصنّف ٣٥١

وقال الفضل : ٣٥٢

وأقول : ٣٥٣

قال المصنّف ٣٥٦

٤٥٣

وقال الفضل : ٣٥٧

وأقول : ٣٥٨

قال المصنّف ٣٦٢

وقال الفضل : ٣٦٣

وأقول : ٣٦٤

قال المصنّف ٣٦٥

وقال الفضل : ٣٦٦

وأقول : ٣٦٧

قال المصنّف ٣٦٨

وقال الفضل : ٣٦٩

وأقول : ٣٧٠

قال المصنّف ٣٧١

وقال الفضل : ٣٧٢

وأقول : ٣٧٣

قال المصنّف ٣٧٤

وقال الفضل : ٣٧٦

وأقول : ٣٧٧

قال المصنّف ١ : ٣٧٨

وقال الفضل : ٣٧٩

وأقول : ٣٨١

ترجيح أحد المذهبين ٣٨٥

وقال الفضل : ٣٨٩

وأقول : ٣٩٤

٤٥٤

إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

المطلب الثاني ٤٠٩

في إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

وقال الفضل : ٤١١

وأقول : ٤١٣

قال المصنّف ٤١٥

وقال الفضل : ٤١٦

وأقول : ٤١٧

قال المصنّف ٤١٨

وقال الفضل : ٤١٩

وأقول : ٤٢٠

قال المصنّف ٤٢١

وقال الفضل : ٤٢٢

وأقول : ٤٢٣

قال المصنّف ٤٢٤

وقال الفضل : ٤٢٥

وأقول : ٤٢٦

قال المصنّف ٤٢٧

وقال الفضل : ٤٢٨

وأقول : ٤٢٩

قال المصنّف ١ : ٤٣٠

وقال الفضل : ٤٣١

وأقول : ٤٣٢

قال المصنّف ٤٣٥

٤٥٥

وقال الفضل : ٤٣٦

وأقول : ٤٣٧

قال المصنّف ٤٣٨

وقال الفضل : ٤٣٩

وأقول : ٤٤٠

قال المصنّف ١ : ٤٤١

وقال الفضل : ٤٤٢

وأقول : ٤٤٥

فهرس المحتويات ٤٤٧

٤٥٦

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607