الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل13%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177232 / تحميل: 5796
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (٣) )

التّفسير

خلق هذا العالم على أساس الحق :

هذه السورة هي آخر سورة تبدأ بـ( حم ) وتسمى جميعا الحواميم.

وقد كانت لنا بحوث كثيرة حول الحروف المتقطعة بعامة ، و (حم) بخاصة ، في بدايات سور البقرة وآل عمران والأعراف سور الحواميم السابقة ، فلا حاجة لتكرارها هنا.

ونكتفي هنا بالقول بأنّ هذه الآيات التي تهزّ الأعماق ، وتحرك الوجدان ، والتي تضمنها القرآن الكريم بين دفتيه تتكون من حروف الهجاء البسيطة ، من الألف والباء ، والحاء والميم وأمثالها ، وكفى بها دليلا على عظمة الله سبحانه إذ أظهر هذا المركّب العظيم من مثل هذه المفردات البسيطة ، ولو تأملنا فيه كثيرا ، وفكرنا في أسراره حتى القيامة فسيبقى فيه من الأسرار الخافية الكثير الكثير.

٢٤١

وربّما كان هذا هو السبب في أن تضيف الآية مباشرة :( تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) .

إنّه نفس التعبير الذي ورد في بداية ثلاث سور من الحواميم ، وهي : المؤمن ، والجاثية ، والأحقاف.

ولا شكّ في الحاجة إلى قوّة لا تقهر ، وحكمة لا حد لها ، لكي تنزل مثل هذا الكتاب.

ثمّ تحولت الآيات من كتاب التدوين إلى كتاب التكوين ، فتحدثت الآية عن عظمة السماوات والأرض وكونهما حقا ، فقالت :( ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ ) فلا ترى في كتاب سمائه كلمة تخالف الحق ، ولا تجد في مجموع عالم خلقه شيئا نشازا لا ينسجم والحق ، فالكل منسق منتظم ، وكله مقترن بالحق.

لكن ، كما أنّ لهذا الكون بداية ، فإنّ له نهاية أيضا ، ولذلك تضيف الآية :( وَأَجَلٍ مُسَمًّى ) فإذا حل الأجل ستفنى الدنيا بما فيها ، ولما كان هذا العالم مقترنا بالحق ويسير ضمن منهجه ، وله هدف مرجو ، فمن الطبيعي أن يوجد عالم آخر تبحث فيه الأعمال وتعلن فيه النتائج ، وبناء على هذا ، فإنّ كون هذا العالم حقّا دليل بنفسه على وجود المعاد ، وإلّا فإنّه سيكون لغوا وعبثا لا فائدة فيه ، وسيقترن حين ذلك بكثير من المظالم والمفاسد.

لكن مع أنّ القرآن حق ، وخلق العالم حق أيضا :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) فالآيات القرآنية تهددهم وتنذرهم بصورة متلاحقة متوالية ، وتحذرهم بأن محكمة عظمى أمامهم ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ نظام الخلقة بدقته وأنظمته الخاصّة يدل بنفسه على أنّ في الأمر حسابا ونظاما ، غير أنّ هؤلاء الغافلين لم يلتفتوا لا إلى هذا ولا إلى ذلك.

كلمة «معرضون» ـ من الإعراض ـ تشير إلى أنّ هؤلاء إذا نظروا إلى آيات

٢٤٢

التكوين والتدوين فسيدركون الحقائق ، إلّا أنّهم أعرضوا بوجوههم عنها ، وفروا من الحق لئلا يغير من أسلوب تقاليدهم وأهوائهم وميولهم وشهواتهم وإتباعهم لها.

* * *

٢٤٣

الآيات

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦) )

التّفسير

أضل الناس :

كان الكلام في الآيات السابقة عن خلق السماوات والأرض وأنّها جميعا من صنع الله العزيز الحكيم ، ولازم ذلك أن لا يكون في الكون إله سواه ، لأنّ من له أهلية الألوهية هو خالق العالم ومدبره ، وهاتان الصفتان قد جمعتا في الذات المقدسة.

ومن أجل تكملة هذا البحث ، تخاطب هذه الآيات النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول :( قُلْ

٢٤٤

أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ) .

إذا كنتم تقرون بأنّ الأصنام لا دخل لها في خلق الموجودات الأرضية مطلقا ، ولا في خلق الشمس والقمر والنجوم وموجودات العالم العلوي ، وتقولون بصراحة بأن الله هو خالقها جميعا(١) ، فعلام تمدون أكفكم إلى الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع ، ولا تسمع ولا تعقل ، تستمدون منها العون في حلّ معضلاتكم ، ودفع البلاء عنكم ، واستجلاب البركات إليكم؟

وإذا قلتم ـ على سبيل الفرض ـ إنّها شريكة في أمر الخلق والتكوين فـ( ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) .

وخلاصة القول ، فإنّ الدليل إمّا أن يكون نقليا عن طريق الوحي السماوي ، أو عقليا منطقيا ، أو بشهادة العلماء وتقريرهم ، أمّا أنتم فلستم مستندين إلى الوحي والكتاب السماوي في دعواكم حول الأصنام ، وغير قادرين من طريق العقل على إثبات اشتراكها في خلق السماوات والأرض وبالتالي إثبات كونها آلهة ، ولم يرد أثر من أقوال العلماء الماضين ما يؤيد رأيكم ويدعم اعتقادكم ، ومن هنا يتبيّن أنّ دينكم ومعتقدكم لا يعدو كونه حفنة من الخرافات المستهجنة ، والأوهام الكاذبة.

بناء على هذا ، فإنّ جملة( أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ ) إشارة إلى دليل العقل ، وجملة( ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا ) إشارة إلى الوحي السماوي ، والتعبير بـ( أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) إشارة إلى سنن الأنبياء الماضين وأوصيائهم ، أو آثار العلماء السابقين(٢) . وقد ذكر علماء اللغة والمفسّرون عدةّ معان لكلمة «أثارة» ـ على وزن حلاوة ـ فمنها : بقية الشيء ، الرواية ، العلامة. لكنّ الظاهر أنّها تعود إلى معنى واحد ،

__________________

(١) لقد ورد هذا المعنى في أربع آيات من القرآن ، وطالعوا تفصيلا أكثر حول هذا المطلب في ذيل الآية (٢٥) من سورة الزخرف من التّفسير الأمثل.

(٢) نقرأ في حديث روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام في أصول الكافي في تفسير جملة (أو أثارة من علم) أنّه قال : «إنّما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء». نور الثقلين ، المجلد ٥ ، صفحة ٩.

٢٤٥

وهو الأثر الذي يبقى من الشيء ويدل على وجوده.

وقد وردت مثل هذه المناظرة والمحاكمة مع الوثنيين في الآية (٤٠) من سورة فاطر ، حيث تقول :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً ) .

وممّا يلفت النظر أنّه يقول في مورد الأرض :( ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ ) أمّا في مورد السماء فيقول :( أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ) أي إنّ الكلام في الموردين عن الاشتراك ، لأنّ الشرك في العبادة يجب أن ينشأ من الشرك في الخالقية وتدبير النشأة.

وهنا يطرح سؤال ، وهو : إذا كان المشركون يعتقدون ـ عادة ـ أنّ أمر الخلق مختص بالله سبحانه ، فلما ذا يطالبون بأحد هذه الأدلة الثالثة؟

ويمكن الإجابة بأنّ هذه المطالبة موجهة إلى فئة قليلة بين عبدة الأوثان ، يحتمل أنّهم كانوا يقولون باشتراك الأصنام في الخلق ، أو أنّها طرحت على سبيل الفرض ، أي إنّكم إذا ظننتم يوما أنّ الأصنام شريكة في خلق العالم ، فاعلموا أن لا دليل لكم على ذلك ، لا من النقل ولا من العقل.

بعد ذلك تبيّن الآية التالية عمق ضلالة هؤلاء المشركين وانحرافهم ، فتقول :( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ) ولا يقف الأمر عند عدم إجابتهم وحسب ، بل إنّهم لا يسمعون كلامهم :( وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ ) .

ويرى بعض المفسّرين أنّ مرجع الضمير في هذه الآية إلى الأصنام الجامدة الميتة ، باعتبار أنّ أكثر آلهة مشركي العرب كانت الأصنام. واعتبره البعض إشارة إلى الملائكة والبشر الذين عبدوا من دون الله ، لأنّ عبدة الملائكة والجن لم يكونوا قلّة بين العرب ، والتعبيرات المختلفة لهذه الآية ، والمتناسبة مع ذوي العقول تؤيد

٢٤٦

هذا المعنى.

لكن لا مانع من أن نفسر الآية بمعناها الواسع ، فتدخل فيه كلّ هذه المعبودات ، سواء الحية والميتة ، العاقلة وغير العاقلة ، فتكون التعابير متناسبة مع ذوي العقول من باب التغليب.

وعند ما تقول الآية : إنّهم لا يجيبونهم إلى يوم القيامة ، فإنّ ذلك لا يعني أنّهم سيجيبونهم يوم القيامة ـ ما ظن البعض ذلك ـ بل إنّ هذا التعبير متداول في النفي المؤيد ، كما نقول مثلا : لو أصررت على فلان إلى يوم القيامة لما أقرضك ، أي أنّه سوف لا يقوم بها العمل أبدا ، لا أنّه سيلبي طلبك في يوم القيامة.

وسبب ذلك معلوم أيضا ، لأنّ كلّ سعي وجهد وتلبية طلب وقضاء حاجة نافع في هذه الحياة الدنيا ، فإذا انتهت انتهى معها إمكان القيام بكلّ هذه الأعمال.

والأشد أسفا من ذلك أنّه :( وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ ) .

أمّا المعبودات من العقلاء ، فإنّهم سيهبون لإظهار عدائهم لهؤلاء الضالين ، فالمسيحعليه‌السلام يظهر اشمئزازه وتنفره من عابديه ، وتتبرأ الملائكة منهم ، بل وحتى الشياطين والجن تظهر عدم رضاها. وأمّا المعبودات التي لا عقل لها ولا حياة ، فإنّ الله سبحانه سمحها العقل والحياة لتنطق بالبراءة من هؤلاء العبدة وتبدي غضبها عليهم.

لقد ورد نظير هذا المعنى في آيات القرآن الأخرى ، ومن جملتها الآية (١٤ من سورة فاطر ، حيث تقول :( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) . وكررت في الآيات مورد البحث كلّ هذه المسائل بتفاوت يسير.

لكن كيف ينكر المعبودون عبادة عابديهم ، وهي ممّا لا ينكر؟

ربّما كان ذلك إشارة إلى أنّهم كانوا يعبدون أهواءهم في الحقيقة ، ولم يكونوا

٢٤٧

يعبدون تلك الآلهة ، لأنّ أساس الوثنية عبادة الهوى.

وهنا نكتة تستحق الانتباه ، وهي : إنّ عداء المعبودين لعبدتهم يوم القيامة لم يرد التأكيد عليه هنا فقط ، بل نقرأ ذلك أيضا في الآية (٢٥) من سورة العنكبوت على لسان إبراهيمعليه‌السلام بطل التوحيد ومحطم الأصنام إذ يقول :( وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) .

وجاء في الآية (٨٢) من سورة مريم :( كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) .

* * *

٢٤٨

الآيات

( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) )

التّفسير

لم أكن أوّل نبيّ!!

يستمر الحديث في هذه الآيات عن حال المشركين ، وكيفية تعاملهم مع آيات الله ، فتقول :( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا

٢٤٩

سِحْرٌ مُبِينٌ ) فهم لا يستطيعون إنكار نفوذ القرآن السريع في القلوب ، وجاذبيته التي لا تقاوم من جهة ، وهم من جهة أخرى غير مستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته وكونه حقّا ، ولذلك فإنّهم يفسّرون هذا النفوذ القوي بتفسير خاطئ منحرف ويقولون : إنّه سحر مبين ، وهذا القول ـ بحدّ ذاته ـ اعتراف ضمني واضح بتأثير القرآن الخارق في قلوب البشر.

بناء على هذا فإنّ «الحق» ـ في الآية المذكورة ـ إشارة إلى آيات القرآن ، وإن كان البعض قد فسّرها بالنبوّة ، أو الإسلام ، أو معجزات النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأخرى ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب بملاحظة بداية الآية.

غير أنّ هؤلاء لم يكتفوا بإطلاق هذه التهمة وإلصاقها به ، بل إنّهم تمادوا فخطوا خطوة أوسع ، وأكثر صراحة :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ) .

إنّ الله سبحانه يأمر نبيّه هنا بأن يجيبهم بجواب قاطع ، ويعطيهم البرهان الجلي بأنّه قل لهم إذا كان كذلك فاللازم أن يفضحني ولا تستطيعون الدفاع عنّي مقابل عقابه :( قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً ) (١) فكيف يمكن أن يظهر الله سبحانه هذه الآيات البينات والمعجزة الخالدة على يد كذّاب؟ إنّ هذا بعيد عن حكمة الله ولطفه.

وهذا كما ورد في الآيات (٤٤) ـ (٤٧) من سورة الحاقة :( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) .

بناء على هذا ، هل يمكن أن أقدم على مثل هذا العمل الخطير من أجلكم؟

وكيف تصدّقون أنّ بالإمكان أن أكذب مثل هذه الكذبة ثمّ يبقيني الله حيا ، بل ويمنحني معاجز أخر؟

__________________

(١) جملة (إن افتريته) جملة شرطية حذف جزاؤها ، والتقدير : إن افتريته أخذني وعاجلني بالعقوبة.

٢٥٠

ثمّ يضيف مهددا :( هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ ) (١) وسيعاقبكم في الوقت اللازم.

نعم ، إنّه يعلم كلّ ما رميتموني به من التهم ، وأنّكم وقفتم بوجه رسوله ، وكنتم تصدون الناس عن الإيمان بالحق بنفثكم السموم بينهم.

ثمّ يقول في الجملة التالية كتأكيد أكبر مقترن بتعامل مؤدب جدّا :( كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) فهو يعلم صدق دعوتي ، وسعيي وجهدي في إبلاغ الرسالة ، كما يعلم كذبكم وافتراءكم والعوائق التي تضعونها في طريقي ، وهذا كاف لي ولكم.

ومن أجل أن يدلهم على طريق الرجوع إلى الحق ، ويعلمهم بأنّه مفتوح إن أرادوا العودة ، يقول :( وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) فهو يعفو عن التائبين ويغفر لهم ، ويدخلهم في رحمته.

ويضيف في الآية التالية :( قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) .

إنّ هذه الجمل الوجيزة الغنية المحتوى تجيب عن كثير من إشكالات المشركين ، ومن جملتها أنّهم كانوا يتعجبون أحيانا ـ في مسألة بعثة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كيف يمكن أن يتصل إنسان بالله ويرتبط به؟

وأحيانا كانوا يقولون : لماذا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟

وتارة كانوا يطلبون معاجز عجيبة غريبة ، وكان كلّ منهم يتمنى شيئا.

وكانوا يظنون أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستودع لعلم الغيب ، فيطلبون منه أن يخبرهم بكلّ حوادث المستقبل.

وأخيرا فإنّهم كانوا يعجبون أحيانا من دعوته لنبذ الآلهة والتوجّه إلى عبادة الله

__________________

(١) «ما» في جملة (ما تفيضون فيه) يمكن أن تكون موصولة ، وتعني التهم غير الصحيحة ، والتي كان يعلمها النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبناء على هذا فإنّ ضمير (فيه) يعود إليها. وإن كانت مصدرية فإنّ الضمير (فيه) يعود إلى القرآن أو إلى الحق ، وهنا تكون (تفيضون) بمعنى الدخول في عمل ما بقصد الإفساد والتخريب.

٢٥١

وتوحيده.

وهذه الآية إشارة إجمالية إلى أجوبة جميع هذه الأسئلة ، وقطع لكلّ تلك الأعذار الواهية.

يقول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا لست أوّل نبيّ دعا إلى التوحيد ، فقد جاء قبلي أنبياء كثيرون كلهم كانوا بشرا ، وكانوا يلبسون الثياب ويأكلون الطعام ، ولم يدّع أحد منهم أنّه يعلم الغيب المطلق ، بل كانوا يقولون : إنّنا نعلم من أمور الغيب ما يعلمنا الله إيّاه فقط.

ولم يستسلم أحد منهم أمام المعاجز التي كان يقترحها الناس ، والتي كانت تقوم على أساس الرغبة والميول.

كل ذلك ليعلم الجميع أنّ النّبي أيضا عبد من عباد الله ، وعلمه وقدرته محدودة بما يريده الله سبحانه ويمنحه ، فإنّ العلم المطلق والقدرة المطلقة لله جلّ وعلاء وحسب.

هذه الحقائق كان يجب على الناس أن يعلموها ويدركوها ، لينتهوا من إشكالاتهم الجوفاء.

كل ذلك ورد بعد البحث الذي مرّ في الآيات السابقة ، حيث كانوا يرمون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسحر مرّة ، وبالافتراء أخرى ، ليعلم أنّ منبع هذه الاتهامات ومصدرها هو تلك الأوهام التي أجيب عنها في هذه الآية.

ومن هنا يتّضح أن مفاد هذه الآية لا يتنافى مع الآيات الأخرى التي توحي بأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم الغيب ، كالذي ورد في سورة الفتح حول فتح مكّة ودخول المسجد الحرام ـ الآية ٢٧ من سورة الفتح ـ أو ما ورد في شأن المسيحعليه‌السلام حيث يقول :( أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) (١) ، وأمثال ذلك ، لأنّ الآية مورد البحث تنفي علم الغيب المطلق ، لا مطلق علم الغيب ، وبتعبير آخر ، فإنّ الآية

__________________

(١) آل عمران ، الآية ٤٩.

٢٥٢

تنفي علم الغيب الاستقلالي ، أمّا تلك الآيات فتتحدث عن علم الغيب الذي ينال ببركة التعليم الإلهي.

والشاهد على هذا الكلام الآيتان (٢٦) ـ (٢٧) من سورة الجن :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) .

وقد ذكر بعض المفسّرين سبب نزول للآية مورد البحث ، فقالوا : إنّ عبء المشاكل وضغطها لما زاد على أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة ، رأى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام أنّه يهاجر إلى أرض ذات نخيل وأشجار وماء كثير ، فذكر ذلك لأصحابه ، ففرحوا لذلك وظنّوا أنّهم سيرون فرجا وسعة بعد أذى المشركين ، فصبروا مدّة فلم يروا أثرا لذلك ، فقالوا : يا رسول الله ، لم نر ما أخبرتنا به ، فمتى سنهاجر إلى تلك الأرض التي رأيتها في منامك؟ فسكت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت هذه الآية :( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) (١) .

إلّا أنّ سبب النّزول هذا يبدو بعيدا ، لأنّ المخاطبين في هذه الآيات أعداء النّبي لا أصحابه ، لكن يمكن أن يكون هذا من باب التطبيق ، أي أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمسّك بهذه الآية وأجاب بها أصحابه حينما طرحوا هذا السؤال.

وتضيف آخر آية من هذه الآيات ، ولتكملة ما ورد في الآيات السابقة :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٢) .

وللمفسّرين أقوال في الشاهد من بني إسرائيل الذي شهد على كون القرآن المجيد حقّا

قال البعض : إنّه موسى بن عمرانعليه‌السلام الذي أخبر في عصره بظهور نبيّ الإسلام ، وأعطى أوصافه وعلاماته.

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ، المجلد ٢٨ ، صفحة ٨.

(٢) جزاء الجملة الشرطية : (إن كان من عند الله) محذوف ، وتقديره : (من أضل منكم).

٢٥٣

إلّا أنّ هذا الاحتمال غير صحيح بملاحظة جملة :( فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ) التي توحي بأنّ هذا الشاهد من بني إسرائيل قد آمن بنبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الوقت الذي استكبر فيه المشركون ولم يؤمنوا ، لأنّ ظاهر الجملة يوحي بأنّ هذا الشاهد كان موجودا في عصر نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآمن به ، بينما اختار الآخرون طريق الاستكبار والكفر.

وقال آخرون : إنّه كان رجلا من علماء أهل الكتاب ، كان يحيا في مكّة. ومع أنّ أنصار الدين اليهودي والمسيحي كانوا قلة في مكّة ، لكن لا يعني هذا أنّ أحدا منهم لم يكن فيها ، ومع ذلك فلا يعرف من كان هذا العالم من بني إسرائيل؟ وما هو اسمه؟

وهذا التّفسير باطل منهم أيضا لأنّه لم يكن هناك عالم معروف من أهل الكتاب في مكّة في عصر ظهور النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تذكر التواريخ اسما له(١) .

طبعا ، يمتاز هذا التّفسير والذي قبله بأنّهما ينسجمان مع كون كلّ سورة الأحقاف مكية.

والتّفسير الثّالث الذي ارتضاه أكثر المفسّرين ، هو أنّ هذا الشاهد كان «عبد الله بن سلام» عالم اليهود المعروف ، الذي آمن في المدينة والتحق بصفوف المسلمين.

وقد ورد ـ في حديث ـ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انطلق حتى دخل كنيسة اليهود يوم عيدهم ، فكرهوا دخوله عليهم ، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، يحط الله عن كلّ يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه» فسكتوا فما أجابه منهم أحد ، ثمّ ردّ عليهم فلم يجبه أحد ثلاثا ، فقال : «أبيتم ، فو الله لأنا الحاشر ، وأنا العاقب ، وأن المقض ، آمنتم أو كذبتم» ثمّ انصرف حتى كاد يخرج ، فإذا رجل من خلفه ، فقال : كما أنت يا محمّد فأقبل ، فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلموني فيكم يا

__________________

(١) التعبير هنا بـ (شاهد) بصيغة النكرة للتعظيم ، وهو يوحي بأنّه كان شخصا معروفا عظيما.

٢٥٤

معشر اليهود؟ فقالوا : والله ما نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك ، فقال : فإنّي أشهد بالله إنّه النّبي الذي تجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل ، قالوا : كذبت ، ردوا عليه وقالوا شرّا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كذبتم ، لن يقبل منكم قولكم» ـ ولم يكن هذا الرجل غير عبد الله بن سلام ـ فنزلت الآية :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) (١) .

وطبقا لهذا التّفسير ، فإنّ هذه الآية نزلت في المدينة بالرغم من أنّ السورة مكيّة ، وهذا ليس منحصرا بالآية مورد البحث ، بل يلاحظ ـ أحيانا ـ في سور القرآن الأخرى وجود آيات مكية في طيات السور المدنية وبالعكس ، وهذا يبيّن أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأمر بوضع الآية مع ما يناسبها من مفاد السورة من دون الالتفات إلى تاريخ نزولها.

ويبدو من جهات عديدة أنّ هذا التّفسير هو الأنسب.

* * *

__________________

(١) تفسير المراغي ، المجلد ٢٦ ، صفحة ١٤.

٢٥٥

الآيات

( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) )

سبب النّزول

ذكر المفسّرون أسباب نزول عديدة للآية الأولى من هذه الآيات :

١ ـ إنّ هذه الآية نزلت في «أبي ذر الغفاري» الذي أسلم في مكّة ، ثمّ تابعته في الإيمان قبيلته ـ بنو غفار ـ ولما كانت قبيلة بني غفار من سكان البادية وكانوا فقراء ، قال كفار قريش ـ وكانوا أثرياء من أهل المدن ـ : لو كان الإسلام خيرا ما

٢٥٦

سبقنا إليه غفار الحلفاء ، فنزلت هذه الآية وأجابتهم.

٢ ـ كانت في مكّة جارية رومية يقال لها «زنيرة»(١) ، لبت دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الإسلام ، فقال زعماء قريش : لو كان ما جاء به محمّد خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة.

٣ ـ إنّ جماعة من قبائل البوادي أسلموا قبل سكان مكّة ، فقال أشراف مكّة : لو كان الإسلام خيرا ما سبقتنا إليه رعاة الإبل.

٤ ـ إنّ جماعة من الرجال الطاهرين والفقراء كبلال وصهيب وعمار ، قد اعتنقوا الإسلام ، فقال زعماء مكّة : أيمكن أن يكون دين محمّد خيرا ويسبقنا إليه هؤلاء؟

٥ ـ إنّ عبد الله بن سلام وجماعة من أصحابه لما آمنوا ، قال جماعة من اليهود : لو كان دين محمّد خيرا ما سبقونا إليه(٢) .

ويمكن تلخيص أسباب النّزول الأربعة الأولى بالقول بأنّ الإسلام لاقى ترحيبا واسعا وامتدادا سريعا بين الطبقات الفقيرة وسكان البوادي ، وذلك لأنّهم لم يكونوا يمتلكون منافع غير مشروعة لتهدد بالخطر ، ولم يكن الغرور قد ركبهم وملأ عقولهم ، وقلوبهم أطهر من قلوب المترفين ومتبعي الشهوات والرغبات.

لقد عدّ الإقبال الواسع على الإسلام من قبل هذه الفئة ، والذي كان يشكل أقوى نقاط هذا الدين ، نقطة ضعف كبيرة من قبل المستكبرين فقالوا : أي دين هذا الذي يتبعه سكان البوادي والفقراء والحفاة والجواري والعبيد؟ إذا كان دينا مقبولا ومعقولا فلا ينبغي أن يكون أتباعه من طبقة فقيرة واطئة اجتماعيا ، ونتخلف نحن أعيان المجتمع وأشرافه عن اتباعه.

والطريف أنّ نمط التفكير المنحرف هذا من أكثر أنماط التفكير رواجا اليوم بين الأثرياء والمترفين فيما يتعلّق بالدين ، حيث يقولون : إنّ الدين ينفع الفقراء والحفاة ، وكلّ منهما ينفع صاحبه وينسجم معه ، ونحن في مستوى أسمى منه

__________________

(١) كانت «زنيّرة» بكسر الزاي وتشديد النون من السابقات إلى الإسلام ، ولذلك كان أبو جهل يؤذيها ويعذبها.

(٢) تفسير القرطبي ، المجلد ٩ ، صفحة ٦٠٠٩.

٢٥٧

وأعلى.

وقد أجاب القرآن هؤلاء جوابا شافيا كافيا سيتّضح في تفسير هذه الآيات.

أمّا سبب النّزول الخامس الذي ذكر أعلاه ، والقائل بأنّ المراد هو عبد الله بن سلام وأصحابه ، فمع أنّه نقل عن أكثر المفسّرين على قول الطبرسي في مجمع البيان ، والقرطبي في تفسيره ، إلّا أنّه يبدو بعيدا من جهتين :

الأولى : إنّ التعبير بـ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) بصورة مطلقة يستعمل عادة في مورد المشركين ، لا في أهل الكتاب واليهود والنصارى.

والأخرى : إنّ عبد الله بن سلام لم يكن رجلا مجهولات أو ضعيف الشخصية بين اليهود ليقولوا فيه : إنّ الإسلام لو كان خيرا ما سبقنا هذا وأصحابه إليه.

* * *

التّفسير

شرط الإنتصار الإيمان والاستقامة :

تستمر هذه الآيات في تحليل أقوال المشركين وأفعالهم ، ثمّ تقريعهم وملامتهم بعد ذلك ، فتشير أوّلا إلى ما نطق به هؤلاء من كلام بعيد عن المنطق السليم ، مبنيّ على أساس الكبر والغرور ، فتقول :( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ ) (١) .

فما هؤلاء إلّا حفنة من الفقراء الحفاة من سكان القرى ، والعبيد الذين لا حظ لهم من العلم والمعرفة إلّا القليل ، فكيف يمكن أن يعلم هؤلاء الحق وأن يقبلوا عليه ونحن ـ أعيان المجتمع وأشرافه ـ في غفلة عنه؟

__________________

(١) بحث المفسّرون كثيرا في معنى «اللام» في (الذين آمنوا) إلّا أنّ أنسب الاحتمالات جميعا هو أن «اللام» بمعنى (في) وبناء على هذا فإنّ معنى الجملة : إنّ الكافرين قالوا في المؤمنين ، ولا يأتي في هذه الحالة إشكال من جهة كون فعل (سبقونا) للغائب. في حين أنّ البعض قد اعتبر اللام لام التعليل! وقال آخرون (الذين آمنوا) هنا مخاطبون ، وجملة (سبقونا) بمعنى سبقتمونا!

٢٥٨

لقد غفل هؤلاء عن أن العيب فيهم لا في الإسلام ، فلو لا حجب الكبر والغرور الملقاة على قلوبهم ولولا أنّهم سكرى من خمرة المال والجاه والمقام ، ولو لا أنّ غرورهم وتكبرهم يمنعهم من التحقيق في أمر هذا الدين ، إذن لا نجذبوا بسرعة الى الإسلام كما انجذب الفقراء إليه.

ولذلك فإنّ الآية تجيبهم في نهايتها بهذا التعبير اللطيف :( وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ ) (١) أي إنّ هؤلاء ما أرادوا أن يهتدوا بآيات القرآن ، لا أن القصور في قابلية القرآن على الهداية.

والتعبير بـ «الإفك القديم» شبيه بتهمة أخرى حكيت عنهم في آيات القرآن الأخرى ، إذ قالوا :( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) (٢) .

جملة «سيقولون» بصيغة المضارع ، تدل على أنّهم كانوا يرمون القرآن بهذه التهمة دائما ، وكانوا يتخذون هذا الاتهام غطاء لعدم إيمانهم.

ثمّ تطرقت الآية إلى دليل آخر لإثبات كون القرآن حقا ، ولنفي تهمة المشركين إذ كانوا يقولون : هذا إفك قديم ، فقالت : إنّ من علامات صدق هذا الكتاب العظيم أنّ كتاب موسى الذي يعتبر إماما أي قدوة للناس ورحمة قد أخبر عن هذا النبي وصفاته. وهذا القرآن أيضا كتاب منسجم في آياته وفيه العلائم المذكورة في التوراة :( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ ) وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف تقولون : هذا إفك قديم؟

لقد أكّد القرآن في آياته مرارا على أنّه مصدق للتوراة والإنجيل ، أي إنّه يتفق مع العلامات والصفات التي وردت في هذين الكتابين السماويين حول نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد كانت هذه العلامات دقيقة إلى الحد الذي يقول القرآن الكريم :

__________________

(١) (إذ) في هذه الآية ظرفية ، ويعتقد البعض أنّها متعلقة (سيقولون) ، ويقولون : إنّ وجود الفاء غير مانع. إلّا أنّ البعض الآخر ـ كالزمخشري في الكشاف ـ يرى أنّه بما أنّ الفعل بعدها ماض ، و (سيقولون) فعل مضارع فلا يمكن أن يكون متعلقها ، بل متعلقها محذوف ، والتقدير : «وإذا لم يهتدوا به ظهر عنادهم» إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أكثر انسجاما مع معنى الآية.

(٢) الفرقان ، الآية ٥.

٢٥٩

( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) (١) .

وقد ورد نظير معنى الآية مورد البحث في الآية (١٧) من سورة هود :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) .

والتعبير بـ( إِماماً وَرَحْمَةً ) يحتمل أن يكون من جهة أن ذكر الإمام يستدعي أحيانا أن تخطر في الذهن مسألة التكليف الشاق الصعب ، نتيجة الذكريات التي كانت لديهم عن أئمتهم ، إلّا أنّ ذكر الرحمة يبدل هذا الخطور الذهني إلى ما يبعث على الاطمئنان ، فهو يقول : إنّ هذا الإمام توأم الرحمة ومقترن بها ، فحتى إذا أتاكم بالتكاليف والأوامر فهي رحمة أيضا ، وأي رحمة أعم وأسمى من تربية نفوس هؤلاء القوم؟!

ثمّ تضيف بعد ذلك :( لِساناً عَرَبِيًّا ) يفهمه الجميع ويستفيدون منه.

ثمّ تبيّن في النهاية الهدف الرئيسي من نزول القرآن في جملتين قصيرتين ، فتقول :( لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ ) وإذا لا حظنا أنّ جملة (ينذر) مضارعة تدل على الاستمرار والدوام ، فسيتّضح أنّ إنذار القرآن كبشارته دائمي مستمر ، فهو يحذر الظالمين والمجرمين على مدى التأريخ ويخوفهم وينذرهم ، ويبشر المحسنين على الدوام.

وممّا يلفت النظر أنّ الآية جعلت الظالمين في مقابل المحسنين لأنّ للظلم هنا معنى واسعا يشمل كلّ إساءة ومخالفة ، ومن الطبيعي أنّ الظلم إمّا بحق الآخرين أو بحق النفس.

والآية التالية تفسير للمحسنين الذين ورد ذكرهم في الآية التي قبلها ، فتقول :( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢) .

__________________

(١) البقرة ، الآية ١٤٦.

(٢)( الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ) مبتدأ ، وجملة (لا خوف عليهم) خبره ، والفاء لا تأتي مع الخبر إلّا في الموارد التي يكون في

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

[ ٨٣٥٥ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وقد روى رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوماً إلى الليل؟ أنّه كان يقال: بدو القتال اللطام، ولو أن رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان وادفق(١) ، كان عليه عتق رقبة ».

[ ٨٣٥٦ ] ٥ - كتاب المثني بن الوليد الحناط: عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيقبّل الصائم المرأة؟ فقال: « أما أنا وانت فشيخان كبيران، ليس بها بأس، وأمّا الشاب فمكروهة له ».

٢٤ -( باب عدم بطلان الصوم بالاحتلام فيه نهارا، ويكره له النوم حتّى يغتسل، ولا يحرم)

[ ٨٣٥٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم ».

٢٥ -( باب جواز مضغ الصائم العلك، على كراهية)

[ ٨٣٥٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: وأوفق.

٥ - كتاب المثنى بن الوليد الحنّاط ص ١٠٣.

الباب - ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤١

٢٦ -( باب أنّه يجوز للصائم، أن يذوق الطعام والمرق، ويأخذ الماء بفيه، من غير أن يزدرد من ذلك شيئاً، ويكره مع عدم الحاجة، ويبصق إذا فعل ثلاثاً)

[ ٨٣٥٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه ».

وقال في موضع آخر(١) : « ولا بأس أن يذوق الطّباخ المرقة وهو صائم، بطرف لسانه، من غير أن يبتلعه ».

[ ٨٣٦٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك، ويذوق الخل والمرقة والطعام، ويمضغه للطفل، ولا شئ عليه (في ذلك، ما لم)(١) يصل شئ منه إلى حلقه ».

[ ٨٣٦١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يذوق المرق إذا كان طبّاخا، ليعرف حلوه من حامضه، ويمضغ العلك، ويصب الدّواء في أُذنه.

٢٧ -( باب جواز مضغ الصائم الطعام للصبي، وزق الطائر والفرخ، من غير ابتلاع)

[ ٨٣٦٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن

____________________________

الباب - ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

(١) في المصدر: في ذلك كله إلّا أن.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٣٤٢

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يمضغ الطعام للحسن والحسين،عليها‌السلام ، يطعمهما، وهو صائم ».

[ ٨٣٦٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير ».

[ ٨٣٦٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويزقّ الفرخ، ويمضغ الخبز للرضيع، من غير أن يبلع شيئا.

٢٨ -( باب عدم بطلان الصوم، بازدراد النّخامة، ودخول الذباب الحلق)

[ ٨٣٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الذّباب يبدر فيدخل حلق الصائم، فلا يقدر على قذفه: « لا شئ عليه ».

٢٩ -( باب وجوب إمساك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الثاني المعترض، وأنه يجب الامساك عند تحققه، أو سماع أذان الثقة المعتاد للأذان بعده)

[ ٨٣٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأول أوقات الصيام، وقت

____________________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٣٤٣

الفجر ».

[ ٨٣٦٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « مطلق للرجل أن يأكل ويشرب، حتّى يستيقن طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم الأكل والشرب، ووجبت الصلاة ».

[ ٨٣٦٨ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا انزل الله عزّوجلّ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: ابيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزال(٢) يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله(٣) ما أراد بذلك، فقال (من الفجر) ».

٣٠ -( باب جواز الأكل والشرب في شهر رمضان، ليلا قبل النوم وبعده، إلى ان يتبين الفجر، والجماع حتّى يبقى لطلوع الصبح مقدار ايقاعه والغسل)

[ ٨٣٦٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن سماعة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ - إلى -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (١) قال:

____________________________

٢ - الهداية ص ٤٨.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

(٢) في المصدر: لا يزالون.

(٣) في المصدر زيادة: لهم.

الباب - ٣٠

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٤

« نزلت في خوات بن جبير وكان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق، وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام فقالوا: لا تنم، حتّى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت، قال: نعم، فبات على ذلك، فأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى الّذي به، سأله فأخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية( أُحِلَّ لَكُمْ - [ إلى ](٢) -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) ».

[ ٨٣٧٠ ] ٢ - وعن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فقال: « بياض النهار من سواد الليل ».

[ ٨٣٧١ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ قوله:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: أبيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزالون يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله ما أراد بذلك، فقال:( مِنَ الْفَجْرِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٢ ] ٤ - وعن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال:

____________________________

(٢) كان في الطبعة الحجرية: إن تأكلوا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١، ٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣٤٥

« الفجر هو البياض المعترض ».

[ ٨٣٧٣ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « مطلق لك الطعام والشراب، إلى أن تستيقن طلوع الفجر » وقالعليه‌السلام : « ومن أراد أن يتسحّر، فله ذلك إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٣٧٤ ] ٦ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن الشهيد، أنّه قال: روي أن عمر أراد أن يواقع زوجته ليلا، فقالت: إنّي حضت، فظن أنها تعتل عليه، فلم يقبل، فواقعها ثمّ أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزلت الآية، وهي قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ) (١) الخ.

[ ٨٣٧٥ ] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه رأى صرمة بن مالك، فقال: « ما لي أراك طليحا(١) ؟ » قال: كنت صائما بالأمس، فلمّا رجعت إلى أهلي بالمساء، قالوا: نم ساعة حتّى نهيئ لك طعاما، فغلبتني عيناي، فحرم عليّ الطعام، فنزل قوله تعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٢) .

____________________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٦ - عوالي اللآلي.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) طلح: أعيا وكلّ (لسان العرب ج ٢ ص ٥٣٠).

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٦

٣١ -( باب أنّ من تناول في شهر رمضان، بغير مراعاة الفجر مع القدره ثمّ علم أنّه كان طالعا، وجب عليه إتمام الصوم ثمّ قضاؤه، فإن تناول بعد المراعاة فاتفق بعد الفجر، لم يجب القضاء)

[ ٨٣٧٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبدالله (صلوات الله عليهم)، أنهم قالوا فيمن أكل أو شرب أو جامع، في شهر رمضان وقد طلع الفجر، وهو لا يعلم بطلوعه، فإن كان قد نظر قبل أن يأكل، إلى مطلع الفجر فلم يره طلع، فلمّا أكل نظر فرآه قد طلع، فليمض في صومه ولا شئ عليه، وإن كان أكل قبل أن ينظر، ثمّ علم أنّه قد أكل بعد طلوع الفجر، فليتم صومه، ويقضي يوماً مكانه.

٣٢ -( باب أن من ظن كذب المخبر بطلوع الفجر، فأكل ثمّ بان صدقه، وجب عليه إتمام الصوم وقضاؤه)

[ ٨٣٧٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر؟ ثمّ قال: قد طلع الفجر، وظنّ بعضهم أنّه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم ».

____________________________

الباب - ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

الباب - ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٤٧

٣٣ -( باب أنّه إذا نظر اثنان إلى الفجر، فرآه أحدهما دون الآخر، وجب الإمساك على من رآه، دون صاحبه)

[ ٨٣٧٨ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجلين قاما في [ شهر ](١) رمضان، فقال أحدهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: « ليأكل الّذي لم يستيقن الفجر، وقد حرم الأكل على الّذي زعم قد رأى، إنّ الله يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإن قام رجلان، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما أرى شيئاً طلع بعيني، وهما معا من أهل العلم والمعرفة بطلوع الفجر(١) ، وصحة البصر، قالعليه‌السلام : « فللّذي لم يستبن(٢) الفجر أن يأكل ويشرب حتّى يتبينه، وعلى الّذي تبينه أن يمسك عن الطعام والشراب، لأن الله عزّوجلّ يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) فأما إن كان أحدهما أعلم أو أحدّ نظرا(٤) من الآخر، فعلى الّذي هو دونه في النظر

____________________________

الباب - ٣٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر زيادة: والنظر.

(٢) في المصدر: يتبين.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

(٤) وفي المصدر: بصراً.

٣٤٨

والعلم، أن يقتدي به ».

[ ٨٣٨٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلين نظرا، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، فحلّ السّحر(١) للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الّذي يراه أنّه طلع ».

٣٤ -( باب وجوب القضاء على من أفطر للظلمة، التي يظن معها دخول الليل، ثمّ بان بقاء النهار)

[ ٨٣٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن أُناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب الشمس، فظنّوا أنّه الليل فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثمّ أنّ السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب، قال: « على الّذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إنّ الله يقول:( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) فمن أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا ».

٣٥ -( باب عدم وجوب القضاء، على من غلب على ظنّه دخول الليل، فأفطر)

[ ٨٣٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤.

(١) في المصدر: التسحر.

الباب - ٣٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

الباب - ٣٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤٩

قال: « من رأى أنّ الشمس قد غربت فأفطر، وذلك في شهر رمضان، ثمّ تبين له بعد ذلك انها لم تغب، فلا شئ عليه ».

٣٦ -( باب أن وقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، فلا يجوز قبله)

[ ٨٣٨٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الّذي يحل (الفطر للصائم)(١) ، هو غياب الشمس في أُفق المغرب، بلا حائل دونها يسترها، من جبل، أو حائط، ولا غير(٢) ذلك، فإذا غاب القرص في الاُفق، فقد دخل الليل، وحل الفطر.

[ ٨٣٨٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس » وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « فأوّل وقت الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب لا ترى مع الشمس، وذهاب (الحمرة من المشرق)(١) ، وفي وجود(٢) سواد المحاجن ».

[ ٨٣٨٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه(١) يحلّ لك الإفطار(٢) ، إذا

____________________________

الباب - ٣٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: فيه للصائم الفطر.

(٢) وفيه: ما أشبه.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣ و ٢٤.

(١) في نسخة: حمرة المشرق - الطبعة الحجرية -.

(٢) في المصدر: وجوه.

٣ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر زيادة: لا.

(٢) وفيه زيادة: إلّا.

٣٥٠

بدت لك ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس.

[ ٨٣٨٦ ] ٤ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا غابت الشمس، فقد وجبت الصلاة، وحلّ الإفطار ».

٣٧ -( باب عدم بطلان الصوم بخروج المذي، ولو كان عن ملامسة أو مكالمة، ولا يجب القضاء بذلك بل يستحب، وأنه يكره للصائم مباشرة المرأة، والنظر إليها)

[ ٨٣٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتنبوا المس والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس ».

٣٨ -( باب وجوب الكفّارة، بتعمّد تناول المفطر في شهر رمضان، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين)

[ ٨٣٨٨ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك كفّارة، مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان » الخ.

____________________________

٤ - الهداية ص ٤٦.

الباب - ٣٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٣٥١

٣٥٢

أبواب آداب الصائم

١ -( باب استحباب القيلولة للصائم، والطيّب له، أول النهار)

[ ٨٣٨٩ ] ١ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : « قيلوا، فإنّ الله عزّوجلّ، يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

[ ٨٣٩٠ ] ٢ - المفيد في الاختصاص: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصائم في عبادة، وإن كان نائما ».

[ ٨٣٩١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عنه أنّه قال: « نوم الصائم عبادة ».

____________________________

أبواب آداب الصائم

الباب - ١

١ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٢٠ ح ١٢١.

٢ - الاختصاص ص ٢٣٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٥٣

٢ -( باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب بما تيسّر، وتأكده في شهر رمضان)

[ ٨٣٩٢ ] ١ - السيد محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبدالله الحلبي الحسيني، ابن اخي السيد ابن زهرة، في أربعينه: أخبرني الشيخ ثقة الدين أبو الحسن محمّد بن أبي نصر الصوفي قال: أخبرني أبو الفرج أحمد بن المبارك قال: أخبرنا أبو سعيد بن كمّار قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو محمّد يوسف بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن كثير العبدري قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن يزيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جهّز حاجا أو جهز غازيا، أو خلفه في أهله، أو أفطر(١) صائما، فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ ».

[ ٨٣٩٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من روح الله: إفطار الصائم، ولقاء الإخوان، والتهجّد بالليل ».

[ ٨٣٩٤ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه خطب الناس في آخر يوم من شعبان، فقال: « أيها الناس(١) قد أظلكم شهر عظيم -

____________________________

الباب - ٢

١ - الأربعين لابن زهرة: حديث ٢٤.

(١) في المصدر: فطّر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر زيادة: إنّه.

٣٥٤

إلى أن قالعليه‌السلام - من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلما يجد ما يفطر الصائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثواب، من فطّر صائما على مذقة(٢) لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ».

[ ٨٣٩٥ ] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث راحات للمؤمن: لقاء الإخوان، وإفطار الصائم، والتهجد من آخر الليل ».

[ ٨٣٩٦ ] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر عند قوم، قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الأخيار ».

٣ -( باب استحاب السّحور، لمن يريد الصوم، وتأكده في شهر رمضان، وعدم وجوبه)

[ ٨٣٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

(٢) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق، أي المخلوط بالماء (لسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٠).

٤ - الجعفريات ص ٢٣١.

٥ - الجعفريات ص ٦٠.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦٣.

٣٥٥

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحّرين ».

[ ٨٣٩٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ».

[ ٨٣٩٩ ] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناد عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٤٠٠ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تسحروا ولو (على شربة)(١) ماء، وأفطروا ولو على شقّ تمرة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة، ولله ملائكة يصلّون على المستغفرين بالأسحار، وعلى المتسحرين، وأكلة السحور فرق ما بيننا وبين أهل الملل ».

[ ٨٤٠١ ] ٥ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تسحّروا ولو بشربة من ماء » وقالعليه‌السلام : « إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ».

[ ٨٤٠٢ ] ٦ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) في المصدر: بشربة.

٥ - الهداية ص ٤٨.

٦ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٧.

٣٥٦

العلوي، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ الطاعم ](١) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المتسحر ».

[ ٨٤٠٣ ] ٧ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ».

[ ٨٤٠٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويستحب ان يتسحر في شهر رمضان، ولو بشربة من ماء ».

[ ٨٤٠٥ ] ٩ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل، ويتسحر بها.

[ ٨٤٠٦ ] ١٠ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « تسحروا، فإن الحسور بركة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تسحروا، خلاف أهل الكتاب ».

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧، بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٣.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

١٠ - طبّ النبيّ ص ٢٢.

٣٥٧

٤ -( باب التسحر بالسويق والتمر والزبيب والماء)

[ ٨٤٠٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وافضل السحور، السويق والتمر ».

الصدوق في الهداية(١) : عن الصادقعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٤٠٨ ] ٢ - المستغفري في الطب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « نعم السحور للمؤمن التمر ».

[ ٨٤٠٩ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ».

٥ -( باب استحباب دعاء الصائم عند الافطار، بالمأثور وغيره، وتلاوة القدر)

[ ٨٤١٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) الهداية ص ٤٨.

٢ - طبّ النبيّ ص ٢٦.

٣ - إقبال الأعمال ص ٨٢.

الباب - ٥

١ - الجعفريات ص ٦٠.

٣٥٨

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، فتقبّله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وبقي الأجر إن شاء الله ».

[ ٨٤١١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه إذا أفطر قال: « اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبّل منّا، ذهب الظمأ، وابتلت(١) العروق، وبقي الأجر إن شاء الله تعالى ».

[ ٨٤١٢ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا أفطرت كلّ ليلة من شهر رمضان، فقل: الحمد الله الّذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبله منّا، وأعنّا عليه، وسلّمنا فيه، (وسلِّمه لنا)(١) في يسر منك وعافية، الحمد لله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٤١٣ ] ٤ - وفي فضائل الأشهر الثلاثة: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام : « من قال عند إفطاره: اللهم لك صمنا بتوفيقك، وعلى رزقك أفطرنا بأمرك، فتقبله منا، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨.

(١) في المصدر: وأمتلأت.

٣ - الهداية ص ٤٦.

(١) في المصدر: وسلّمه منّا.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٠٦ ح ٩٨.

٣٥٩

[ ٨٤١٤ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « كلما صمت يوماً من شهر رمضان، فقل عند الإفطار » وذكر مثل ما مرّ عن الهداية، وفيه: قضي عني.

[ ٨٤١٥ ] ٦ - وعن موسى بن جعفر الكاظم، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إذا أمسيت صائما، فقل عند إفطارك: اللهم لك صمت، وعلى رزقك افطرت، وعليك توكلت، يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم ».

[ ٨٤١٦ ] ٧ - وبإسناده إلى المفضّل بن عمررضي‌الله‌عنه قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا الحسن، هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فإن جبرئيل جاءني فقال: يا محمّد، من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر، استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له ذنبه، وفرّج غمّه، ونفّس كربته، وقضى حوائجه، وانجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال النبيين والصدّيقين، وجاء يوم القيامة ووجهه اضوء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال قل: اللهم ربّ النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب العرش العظيم، ورب البحر المسجور، ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، انت إله من في

____________________________

٥ - إقبال الأعمال ص ١١٦.

٦ - إقبال الأعمال ص ١١٧.

٧ - إقبال الأعمال ص ١١٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592