الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177347 / تحميل: 5797
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عليه‌السلام - في كلام له طويل - قالعليه‌السلام : « فنحن الّذين عنى الله بذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ كلّ هؤلاء منّا خاصّة ](١) لأنه لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً، أكرم الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ الناس » الخبر.

ورواه الكليني في الروضة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم: مثله(٢) .

[ ٧٨٠٤ ] ١١ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده عبد الصمد بن محمد التميمي، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي، قال: حدثنا أحمد بن أبي الطيب بن شعيب، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أحمد بن حفص البختري، حدثنا زكريا بن يحيى بن مروان، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق، عن البراء، وعن زيد بن أرقم، قال: كنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم، ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه، فقال: « إنّ الصدقة لا تحل لي، ولا لأهل بيتي » الخبر.

____________________________

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر، وكان في الطبعة الحجرية كلمة « فينا ».

(٢) الكافي ج ٨ ص ٦٣.

١١ - بشارة المصطفى ص ١٦٥.

١٢١

١٧ -( باب جواز إعطاء بني هاشم من الصدقة والزكاة المندوبة

[ ٧٨٠٥ ] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: برواية ابن أبي عمير، عنه وعن غير واحد، عن عبد الله بن شيبان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنما حرم على بني هاشم من الصدقة، الزكاة المفروضة على الناس، ثم قال: لو لا أن هذا لحرمت علينا هذه المياه، التي (فيما بين)(١) مكة والمدينة ».

١٨ -( باب جواز إعطاء بني هاشم زكاتهم، لبني هاشم وغيرهم)

[ ٧٨٠٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وأحل لنا صدقات بعضنا على بعض، من غير زكاة ».

١٩ -( باب جواز إعطاء بني هاشم من الزكاة مع ضرورتهم، وقصور الخمس عن كفايتهم)

[ ٧٨٠٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - أنه قيل له: فإذا منعتم الخمس، فهل تحل لكم الصدقة ؟ قال: « لا

____________________________

الباب - ١٧

١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٠.

(١) في المصدر: فيها.

الباب - ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٩.

الباب - ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٩.

١٢٢

والله، ما يحل لنا ما حرم الله علينا بغصب(١) الظالمين حقنا وليس منعهم إيانا ما أحل(٢) لنا، بمحل لنا ما حرم الله علينا ».

قلت: ويحمل على غير الضرورة.

وفي الصحيح المروي في الأصل(٣) : الصدقة لا تحل لأحد منهم، إلا أن لا يجد شيئاً، فيكون ممن تحل له الميتة.

٢٠ -( باب استحباب دفع الزكاة والفطرة إلى الإمام، وإلى الثقات من بني هاشم، ليفرقوها على أربابها، واستحباب قبول الثقات ذلك)

[ ٧٨٠٨ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين علي (صلوات الله عليهم)، (أنه)(١) نهى أن يخفي المرء زكاته عن إمامه، وقال: « إخفاء ذلك من النفاق ».

[ ٧٨٠٩ ] ٢ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين بعد ما يموت إمامهم أو يقتل ضالا كان [ أو مهتدياً مظلوماً كان أو ظالماً حلال الدم أو حرام الدم ](١) أن لا يعملوا عملاً ولا يحدثوا حدثاً ولا يقدموا يداً ولا رجلاً [ ولا يبدؤا بشئ ](٢) قبل أن يختاروا

____________________________

(١) في المصدر: بمنع.

(٢) وفيه: ما أحل الله.

(٣) وسائل الشيعة ج ٦ ص ١٩١ ح ١ والتهذيب ج ٤ ص ٥٩ ح ١٥٩.

الباب - ٢٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

(١) في المصدر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ - سليم بن قيس الهلالي ص ١٨٢.

(١ و ٢) أثبتناه من المصدر.

١٢٣

لأنفسهم إماماً عفيفاً عالماً ورعاً عارفاً بالقضاء والسنة [ يجمع أمرهم ويحكم بينهم ويأخذ للمظلوم من الظالم حقه ويحفظ أطرافهم و ](٣) يجبي فيئهم ويقيم حجتهم ويجبي صدقاتهم.

٢١ -( باب جواز نقل الزكاة أو بعضها، من بلد إلى آخر مع الأمن، ووجوبه مع عدم المستحق هناك)

[ ٧٨١٠ ] ١ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير أهل مصركم » الخبر.

٢٢ -( باب استحباب تفريق الزكاة في بلد المال، وكراهية نقلها مع وجود المستحق)

[ ٧٨١١ ] ١ - أحمد بن علي الطبرسي في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر » الخبر.

____________________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٢١

١ - زيد النرسي ص ٥١.

الباب - ٢٢

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤.

١٢٤

٢٣ -( باب أن من دفع إليه مال يفرقه في قوم وكان منهم، جاز له أن يأخذ لنفسه كأحدهم، إلّا أن يعيّن له أشخاصاً، فلا يجوز العدول عنهم إلّا بإذنه)

[ ٧٨١٢ ] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن أبي الحسنعليه‌السلام ، في رجل أعطي مالاً يقسمه فيمن يحل له، أله أن يأخذ شيئاً منه لنفسه ؟ ولم يسم له، قال: « يأخذ لنفسه مثل ما أعطى غيره ».

٢٤ -( باب جواز تصرف الفقير فيما يدفع إليه من الزكاة كيف يشاء، من حج وتزويج وأكل وكسوة وصدقة وغير ذلك، ولا يلزمه الاقتصار على أقل الكفاية)

[ ٧٨١٣ ] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن عمر شيخ من أصحابنا. سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا أعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم ؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهماً فاشتريت به أربعين(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبد اللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثم رفع رأسه، فقال: « أن الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء،

____________________________

الباب - ٢٣

١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٨.

الباب - ٢٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين.

١٢٥

فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي وتتزوج ويصدق(٢) ويحج ».

[ ٧٨١٤ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

٢٥ -( باب جواز صرف الزكاة في شراء عبيد المسلمين، الّذين تحت الشدة خاصة وعتقهم، وجوازه مطلقاً مع عدم المستحق، فإن مات العبد الذي اشتري من الزكاة وأعتق وله مال ولا وارث له، ورثه المستحقون للزكاة)

[ ٧٨١٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عزوجل:( وَفِي الرِّقَابِ ) (١) قال: « إذا جازت الزكاة خمسمائة درهم، اشتر(٢) منها العبد وأعتق ».

[ ٧٨١٦ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : في آخر باب الزكاة: « فإن استفاد المعتق مالا، فماله لمن أعتق، لانه مشترى بماله ».

____________________________

(٢) في نسخة: ويتصدق.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) ليس في المصدر.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: اشتري.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

١٢٦

٢٦ -( باب جواز صرف الزكاة إلى المكاتبين مع حاجتهم، وعدم جواز إعطاء الزكاة للمملوك، سوى ما استثنى)

[ ٧٨١٧ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته، وقد أدى بعضها، قال: « يؤدّي من مال الصدقة، إنّ الله يقول في كتابه:( وَفِي الرِّقَابِ ) (١) ».

٢٧ -( باب جواز قضاء الدين عن المؤمن من الزكاة، إذا لم يكن صرفه في معصيته، وجواز مقاصته بها من دين عليه، حياً أو ميتاً واستحباب اختيار إعطائه منها على مقاصته مع ضرورته، وجواز تجهيز الميت من الزكاة)

[ ٧٨١٨ ] ١ - العياشي في تفسيره: عن الصباح بن سيابه، قال: قالعليه‌السلام : « أيما مسلم مات وترك ديناً، لم يكن في فساد وعلى إسراف، فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضه، فعليه إثم ذلك، إنّ الله يقول:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ ) (١) فهو من الغارمين، وله سهم عند الإمام، فإن حبسه فإثمه عليه ».

____________________________

الباب - ٢٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٦.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٧٨.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢٧

[ ٧٨١٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: (عامل وغارم)(١) ، وهو الذي عليه الدين، أو تحمل بالحمالة » الخبر.

[ ٧٨٢٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان لك على رجل مال، ولم يتهيّأ له قضاء، فاحسبه من الزكاة إن شئت ».

وقد روي عن العالمعليه‌السلام ، أنّه قال: « نعم الشئ القرض، إن أيسر قضاك، وإن عسر حسبته من زكاة مالك ».

الصدوق في المقنع(١) : مثله، وفيه: من زكاة مالك.

٢٨ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى الغارم في معصية، وحكم مهور النساء)

[ ٧٨٢١ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عبد الرحمن بن الحجاج، أن محمّد بن خالد، سأل أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقات، فقال: « اقسمها فيمن قال الله، ولا يعطي من سهم الغارمين الّذين ينادون نداء الجاهلية »، قال: قلت: وما نداء الجاهلية؟ قال: « الرجل يقول: يا آل بني فلان، فيقع فيهم القتل والدماء، فلا يؤدّي ذلك من سهم الغارمين، (ولا الذين)(١) يغرمون

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: عامل عليها أو غارم.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) المقنع ص ٥١.

الباب - ٢٨.

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٧٩.

(١) في المصدر: والذين.

١٢٨

من مهور النساء »، قال: ولا أعلمه إلّا قال: « ولا الّذين لا يبالون بما صنعوا بأموال الناس ».

[ ٧٨٢٢ ] ٢ - وعن محمّد القسري: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة، فقال: « (نعم ثمنها)(١) فيمن قال الله، ولا يعطى من سهم الغارمين الّذين يغرمون في مهور النساء، ولا الّذين ينادون بنداء الجاهلية »، قال: قلت: وما نداء الجاهلية؟ قال: « الرجل يقول: يا آل بني فلان، فيقع بينهم القتل، فلا يؤدّي ذلك من سهم الغارمين، (ولا الذين)(٢) لا يبالون ما صنعوا بأموال الناس ».

[ ٧٨٢٣ ] ٣ - وعن عمرو بن سليمان، عن رجل من أهل الحويزة(١) ، قال: سأل الرضاعليه‌السلام ، رجل فقال: جعلت فداك، إنّ الله تبارك وتعالى، يقول:( فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) (٢) فأخبرني عن هذه النظرة، التي ذكرها الله، لها حد يعرف، إذا صار هذا المعسر لا بد له من أن ينتظر(٣) ، وقد أخذ مال هذا الرجل، وأنفق على عياله، وليس له غلة ينتظر إدراكها، ولا دين ينتظر محله، ولا مال غائب ينتظر قدومه، قال: « نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين، إذا كان أنفقه في طاعة الله، فإن كان أنفقه في معصية الله، فلا شئ له على الإمام »، قال: فما لهذا الرجل

____________________________

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) في المصدر: أقسمها.

(٢) في المصدر: والذين.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٥٥ ح ٥٢٠.

(١) في المصدر: الجزيرة.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٠.

(٣) في المصدر: ينظر.

١٢٩

الذي أئتمنه، وهو لا يعلم فيم أنفقه، في طاعة الله أو معصيته؟ قال: « سعى(٤) له في ماله، فيرده وهو صاغر ».

٢٩ -( باب جواز تعجيل إعطاء الزكاة للمستحق على وجه القرض، واحتسابها عليه عند الوجوب مع بقاء الاستحقاق)

[ ٧٨٢٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأول أوقات الزكاة بعد ما مضى ستة أشهر من السنة، لمن أراد تقديم الزكاة.

وإني أروي عن أبي العالمعليه‌السلام ، في تقديم الزكاة وتأخيرها، أربعة أشهر أو ستة أشهر، إلّا أنّ المقصود منها أن تدفعها إذا وجبت عليك، ولا يجوز لك تقديمها وتأخيرها، لأنها مقرونة بالصلاة، ولا يجوز لك تقديم الصلاه قبل وقتها ولا تأخيرها، إلّا أن يكون قضاء، وكذلك الزكاة، وإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئاً تفرّج به عن مؤمن، فاجعلها ديناً عليه، فإذا حل عليك وقت الزكاة فاحسبها له زكاة، فإنه يحسب لك من زكاة مالك، ويكتب لك أجر القرض والزكاة ».

[ ٧٨٢٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز لك تقديمها وتأخيرها، إلّا أن يكون قضاء، وعليك الزكاة وإن أحببت إلى آخر ما في الرضوي.

____________________________

(٤) في المصدر: يسعى.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

٢ - المقنع ص ٥١ باختلاف في اللفظ.

١٣٠

[ ٧٨٢٦ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس بتعجيل الزكاة قبل محلها بشهر أو نحوه أذا احتيج إليها، وقد تعجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، زكاة العباس قبل محلها (بشهر أو نحوه)(١) ، لأمر احتاج إليها فيه ».

٣٠ -( باب أنّ الزكاة لا تجب فيما عدا الغلات، إلّا بعد الحول من حين الملك، وأنه يكفي فيه أن يهل الثاني عشر)

[ ٧٨٢٧ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا تجب الزكاة فيما سميت فيه حتى يحول عليه الحول، بعد أن يكمل القدر الذي (يجب فيه)(١) ».

وتقدم عن فقه الرضا(٢) عليه‌السلام : قولهعليه‌السلام : « ولا يجوز تقديمها وتأخيرها، لأنها مقرونة بالصلاة، ولا يجوز لك تقديم الصلاة قبل وقتها ولا تأخيرها » الخ.

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) ليس في المصدر.

الباب - ٣٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٠.

(١) في المصدر: تجب فيه الزكاة.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب السابق.

١٣١

٣١ -( باب وجوب إخراج الزكاة عند حلولها من غير تأخير، وعزلها أو كتابتها مع عدم المستحق إلى أن يوجد، وحكم التجارة بها وتلفها)

[ ٧٨٢٨ ] ١ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في الرجل يكون له الإبل والبقر والغنم أو المتاع(١) ، فيحول عليه الحول، فيموت الإبل والبقر ويحترق المتاع، فقال: « إن كان حال عليه الحول وتهاون في إخراج زكاته، فهو ضامن للزكاة وعليه زكاة ذلك، وإن كان قبل أن يحول عليه الحول، فلا شئ عليه ».

[ ٧٨٢٩ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز لك تقديمها وتأخيرها ».

[ ٧٨٣٠ ] ٣ - المفيد (ره) في مجالسه: عن عمر بن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن همام الإسكافي، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن أحمد بن سلامة الغنوي، عن محمّد بن الحسن العامري، عن معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنّه حدثه ممـّا أوصى به أمير المؤمنينعليه‌السلام عند وفاته، أنّه قال: « أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها » الخبر.

____________________________

الباب - ٣١

١ - زيد النرسي ص ٥٥.

(١) في المصدر: والمتاع.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

٣ - أمالي المفيد ص ٢٢١.

١٣٢

٣٢ -( باب استحباب إخراج الزكاة المفروضة علانية، والصدقة المندوبة سراً، وكذا سائر العبادات)

[ ٧٨٣١ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ما كان من الصدقة والصلاة والصوم، وأعمال البر كلها، تطوعاً فأفضلها ما كان سراً، وما كان من ذلك واجباً مفروضاً، فأفضله أن يعلن به ».

[ ٧٨٣٢ ] ٢ - وعنهعليه‌السلام أنّه قال في قوله تعالى:( إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) (١) الآية، قال: « ليس ذلك بالزكاة، ولكنه الرجل يتصدق لنفسه، (وأن)(٢) الزكاة علانية ليست بسر ».

[ ٧٨٣٣ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إن صدقة السر في التطوع، تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً ».

____________________________

الباب - ٣٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤١.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٢٩.

(١) البقرة ٢: ٢٧١.

(٢) في المصدر: وإنما كانت.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٨٩.

١٣٣

٣٣ -( باب قبول دعوى المالك في الإخراج)

[ ٧٨٣٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه نهى عن أن يحلف الناس على صدقاتهم، وقال: « هم فيها مأمونون ».

وتقدم(١) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيما رواه الثقفي في كتاب الغارات(٢) ، قوله للمصدق الذي بعثه من الكوفة: « فيقول: يا عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله، لآخذ منكم حقّ الله، فهل في أموالكم حقّ فتؤدونه إلى وليه؟ وإن قال قائل منهم: لا، فلا تراجعه » الخ.

٣٤ -( باب وجوب النية عند إخراج الزكاة)

[ ٧٨٣٥ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا خير في القول إلّا مع العمل - إلى أن قال - ولا في الفقه إلّا مع الورع، ولا في الصدقة إلّا مع النية » الخبر.

[ ٧٨٣٦ ] ٢ - الكليني في الكافي: عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن محمّد بن أبي حمزة، عن حمران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ،

____________________________

الباب - ٣٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٢.

(١) تقدم في الباب ١٢ الحديث ١.

(٢) الغارات ج ١ ص ١٢٦.

الباب - ٣٤

١ - الإختصاص ص ٢٤٣.

٢ - الكافي ج ٨ ص ٣٦.

١٣٤

أنه قال: « وإذا رأيت الحق قد مات - إلى أن قال - ورأيت الصدقة بالشفاعة، ولا يراد بها وجه الله، ويعطى لطلب الناس، فكن مترقباً واجهد ليراك الله عزّوجلّ في خلاف ما هم عليه » الخبر.

٣٥ -( باب استحباب التوصل بالزكاة إلى من يستحي من قبولها، بإعطائه على وجه آخر لا يوجب إذلال المؤمن)

[ ٧٨٣٧ ] ١ - أصل قديم من أصول قدماء أصحابنا: عن محمّد بن صدقة، قال: كنت عند الرضاعليه‌السلام ، إذ وفد عليه قوم من أهل أرمنية، فقال له زعيمهم: إنا أتيناك ولا نشك في إمامتك، ولا نشرك فيها معك أحداً، وإن عندنا قوم من إخواننا لهم الأموال الكثيرة، فهل لنا أن نحمل زكاة أموالنا إلى فقراء إخواننا؟ ونجعل ذلك صلة بهم وبراً، فغضب حتى تزلزلت الأرض من تحتنا، ولم يكن فينا من يحر جواباً، وأطرق رأسه ملياً وقال: « من حمل إلى أخيه شيئاً يرى أن ذلك الشئ براً له وتفضلاً عليه، عذبه الله عذاباً لا يعذب به أحداً من العالمين، ثمّ لا ينال رحمته »، فقال زعيمهم ودموعه تجري على خده: كيف ذلك يا سيدي فقد أحزنني؟ فقال: « أما علمت أنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرق بينهم في نفس ومال، فمن يفعل ذلك لم يرض بحكم الله، وردّ عليه قضاءه، وأشركه في أمره، ومن فعل ما لزمه، باهى الله به ملائكته، وأباحه جنته ».

____________________________

الباب - ٣٥

١ - أصل قديم من أصول قدماء أصحابنا ص ١.

١٣٥

٣٦ -( باب نوادر أبواب المستحقين للزكاة)

[ ٧٨٣٨ ] ١ - ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي: وفي الحديث، أنّه لمـّا نزل قوله تعالى:( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) (١) وأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله الصحابة بأداء الزكاة ودفعها إليه، فأول من امتثل وأحضر الزكاة، رجل اسمه أبو أوفى، فدعا له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: « اللهم صلّ على أبي أوفى وآل أبي أوفى ».

[ ٧٨٣٩ ] ٢ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى(١) فيغنيه، ولا يسأل الناس شيئاً، ولا يفطن به فيتصدق عليه ».

[ ٧٨٤٠ ] ٣ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن عبدالله بن أبي أوفى، قال: كان إذا أتى أحد بصدقة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم صلّ على آل فلان » فجاء أبي يوماً بصدقة عنده، فقال: « اللهم صلّ على آل أبي أوفى ».

____________________________

الباب - ٣٦

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٣٢ ح ١٩.

(١) التوبة ٩: ١٠٣.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٠ ح ١٨٢.

(١) في المصدر: غناء.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٦٣٣.

١٣٦

أبواب زكاة الفطرة

١ -( باب وجوبها على الغني المالك لقوت السنة)

[ ٧٨٤١ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ) (١) قال: « أدى زكاة الفطرة ».

[ ٧٨٤٢ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره:( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ) (١) قال: زكاة الفطرة إذا أخرجها.

[ ٧٨٤٣ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « من أدى زكاة الفطر، تمم الله تعالى له ما نقص من زكاة ماله ».

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره(١) : بإسناده، عن

____________________________

أبواب زكاة الفطرة

الباب - ١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٦.

(١) الأعلى ٨٧: ١٤.

٢ - تفسير القمّي ج ٢ ص ٤١٧.

(١) الأعلى ٨٧: ١٤.

٣ - الجعفريات ص ٥٤.

(١) نوادر الراوندي ص ٢٤.

١٣٧

محمّد إلى آخر السند، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وذكر مثله.

[ ٧٨٤٤ ] ٤ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « الفطرة واجبة على كلّ مسلم، فمن لم يخرجها خيف عليه الفوت، فقيل له، وما الفوت؟ قال: الموت ».

[ ٧٨٤٥ ] ٥ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس، قال: فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، زكاة الفطرة طهرة للصيام من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن ادّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.

٢ -( باب عدم وجوب الفطرة على الفقير، وهو من لا يملك كفاية سنته)

[ ٧٨٤٦ ] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « من حلت له الفطرة لم تحل عليه ».

[ ٧٨٤٧ ] ٢ - وفي المقنع: وليس على من يأخذ الزكاة صدقة الفطرة.

____________________________

٤ - الهداية ص ٥٢.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٧ ح ٢٢١.

الباب - ٢

١ - الهداية ص ٥٢

٢ - المقنع ص ٦٧.

١٣٨

٣ -( باب استحباب استخراج الفقير الفطرة، وأقله صاع يديره على عياله)

[ ٧٨٤٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه سئل عن زكاة الفطرة، قال: « هي الزكاة التي فرضها الله على جميع المؤمنين مع الصلاة، بقوله تعالى:( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) (١) على الغني والفقير، والفقراء هم أكثر الناس، والأغنياء أقلهم، فأمر كافة الناس بالصلاة والزكاة ».

[ ٧٨٤٩ ] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه سئل هل على الفقير الذي يتصدق عليه زكاة الفطرة؟ قال: « نعم يعطي ما(١) يتصدق به عليه ».

[ ٧٨٥٠ ] ٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « زكاة الفطرة على كلّ حاضر وبادٍ ».

[ ٧٨٥١ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أنّ الله تبارك وتعالى، فرض زكاة الفطرة قبل أن يكثر الأموال، فقال:( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) (١) وإخراج الفطرة واجب على الغني والفقير، والعبد والحر، وعلى الذكران والإناث، والصغير والكبير، والمنافق والمخالف ».

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٦.

(١) البقرة ٢: ٤٣، ١١٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: مما.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٧.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) البقرة ٢: ١١٠.

١٣٩

وقالعليه‌السلام أيضاً(٢) : « وروي من لم يستطع يده لإخراج الفطرة، أخذ من الناس فطرتهم وأخرج ما يجب عليه منها ».

قلت: لا بد من حمل هذه الأخبار على الاستحباب، لمـّا تقدم، وما في الأصل، وشذوذ المخالف.

٤ -( باب عدم وجوب الفطرة على غير البالغ العاقل)

[ ٧٨٥٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « مال اليتيم يكون عند الوصي لا يحركه حتى(١) ، وليس عليه زكاة حتى يبلغ ».

[ ٧٨٥٣ ] ٢ - وبهذا الأسناد، عن جعفر بن محمّد عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « ليس على مال اليتيم زكاة ».

٥ -( باب وجوب إخراج الإنسان الفطرة عن نفسه وجميع من يعوله، من صغير وكبير، وغني وفقير، وحر ومملوك، وذكر وأُنثى، ومسلم وكافر، وضيف)

[ ٧٨٥٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « تجب صدقة الفطر على الرجل عن كل

____________________________

(٢) نفس المصدر ص ٢٥.

الباب - ٤

١ - الجعفريات ص ٥٤.

(١) وسقط بعد حتى كلمة في أصل الكتاب - منه (قدّه).

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

الباب - ٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٦.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

لم يفرق أبدا بين العبيد والأحرار من ناحية الشخصية الإنسانية ، وجعل التقوى معيارا للتمييز بينهم ، ولذلك أجاز للعبيد أن يتقلّدوا مسئوليات مهمّة ، ويتسنّموا مناصب اجتماعية مهمّة ، حتى أنّ العبيد يمكنهم أن يشغلوا منصب القضاء(١) .

وقد أنيطت بالعبيد في زمن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مراكز هامة وحسّاسة ، ابتداء من قيادة الجيش ، وحتى المناصب الحسّاسة الأخرى.

وقد كان الكثير من كبار صحابة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبيدا ، أو رقيقا أعتقوا ، وكان الكثير منهم يؤدّون واجبهم كمستشارين ومعاونين لعظماء الإسلام وقادته ، ويمكن ذكر أسماء سلمان وبلال وعمار بن ياسر وقنبر من ضمن هذه القافلة.

وبعد أن انتهت غزوة بني المصطلق تزوّج النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجارية عتيقة من هذه القبيلة ، وكان هذا الزواج سببا في إطلاق سراح كلّ أسرى القبيلة.

المادة الرابعة : المعاملة الإنسانية مع العبيد

لقد وردت في الإسلام تعليمات كثيرة حول الرفق بالعبيد ومداراتهم ، حتى أنّها أشركتهم في حياة مالكيهم.

يقول النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل ، وليكسه ممّا يلبس ، ولا يكلفه ما يغلبه ، فإن كان ما يغلبه فليعنه»(٢) .

ويقول عليعليه‌السلام لغلامه قنبر : «أنا أستحيي من ربّي أن أتفضل عليك ، لأنّ رسول الله يقول : ألبسوهم ممّا يلبسون ، وأطعموهم ممّا تأكلون»(٣) .

ويقول الإمام الصادقعليه‌السلام : «وإن كان أبي ليأمرهم ـ أي غلمانه ـ فيقول : كما

__________________

(١) الشرائع ، كتاب القضاء.

(٢) بحار الأنوار ، المجلد ٧٤ ، صفحة ١٤١ ، حديث ١١.

(٣) المصدر السابق ، صفحة ١٤٤ ، حديث ١٩.

٣٤١

أنتم ، فيأتي ، فإن كان ثقيلا قال : بسم الله ، ثمّ عمل معهم»(١) .

لقد كانت معاملة الإسلام مع العبيد في هذه المرحلة الانتقالية حسنة إلى الحدّ الذي أكّد عليها حتى الغرباء عن الإسلام وحمدوها ومجّدوها.

وكنموذج لذلك نذكر ما يقوله «جرجي زيدان» في تأريخ تمدّنه : إنّ الإسلام رحيم بالعبيد كلّ الرحمة ، وقد أوصى نبيّ الإسلام بالعبيد كثيرا ، ومن جملة ما قاله : لا تكلفوا العبد ما لا يطيق ، وأطعموه ممّا تأكلون.

ويقول في موضع آخر : لا تنادوا مماليككم بيا غلام ، ويا جارية ، بل قولوا : يا بني ، ويا ابنتي!

والقرآن أيضا أوصى بالرقيق وصايا رائعة ، فهو يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، ولا تعاملوا آباءكم وأمّهاتكم وأولي أرحامكم واليتامى والفقراء والجيران ، البعيد منهم والقريب ، والأصدقاء ، والمشرّدين ، والرقيق ، إلّا بالحسنى ، فإنّ الله لا يرضى بالعجب والرضى من النفس(٢) .

المادة الخامسة : أقبح الأعمال بيع الإنسان

يعد بيع العبيد وشراؤهم من أبغض المعاملات في الإسلام ، حتى ورد في حديث عن النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «شرّ الناس من باع الناس»(٣) . وهذا التعبير كاف لتوضيح وجهة نظر الإسلام في شأن العبيد ، ويبيّن اتجاه حركة البرامج الإسلامية ، وما تريد تحقيقه والوصول إليه.

والأروع من ذلك أنّ الإسلام قد اعتبر سلب حرية البشر ، وتبديلهم إلى سلعة تباع وتشترى ، من الذنوب التي لا تغفر ، فقد ورد في حديث عن نبيّ الإسلام

__________________

(١) المصدر السابق ، صفحة ١٤٢ ، حديث ١٣.

(٢) تاريخ التمدّن ، المجلد ٤ ، صفحة ٥٤.

(٣) المستدرك ، المجلد ٢ ، كتاب التجارة ، باب ١٩ ، حديث ١.

٣٤٢

الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله تعالى غافر كلّ ذنب إلّا من جحد مهرا ، أو اغتصب أجيرا أجره ، أو باع رجلا حرا»(١) .

وطبقا لهذا الحديث فإنّ اغتصاب حقوق النساء ، والعمال ، وسلب حرية البشر ثلاثة ذنوب لا تغفر.

وكما قلنا سابقا ، فإنّ الإسلام لم يبح الاسترقاق إلّا في مورد أسرى الحرب ، وحتى في هذا المورد لا يكون الاسترقاق إلزاميا ، وكان ذلك في عصر ظهور الإسلام ، غير أنّنا نرى العبودية والاسترقاق متفشّية في الدول الغربية بعد عدّة قرون من ظهور الإسلام حيث كان المستعمرون يشنّون الحملات والهجمات الشرسة على بلدان السود ، ويقبضون على البشر الأحرار ويحوّلونهم إلى رقيق يباعون ويشترون ، وقد بلغ بيع وشراء العبيد حدّا رهيبا ، بحيث كان يباع في كلّ سنة (٠٠٠ ، ٢٠٠) عبدا في بريطانيا أواخر القرن الثامن عشر ، وكانوا يأخذون مائة ألف نسمة من أفريقيا كل عام ، ويرسلونهم إلى أمريكا كعبيد(٢) .

وخلاصة القول : إنّ الذين يعترضون على برنامج الإسلام في مسألة الرقيق قد سمعوا كلاما لم يتأمّلوا فيه ، ولم يطّلعوا الاطلاع الكافي على أصول البرنامج وهدفه ، وهو «تحرير العبيد تدريجيا» ، ومن دون خسائر ، أو إنّهم وقعوا تحت تأثير المغرضين الذين يظنون أنّ هذه نقطة ضعف كبيرة في الإسلام ، وطلبوا لها وزمروا ، وسخّروا لها وسائل الإعلام ، إلّا أنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئا.

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، المجلد ١٠٣ ، صفحة ١٦٨ ، حديث ١١.

(٢) الميزان ، الجزء ٦ ، صفحة ٣٦٨.

٣٤٣

الآيات

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) )

التّفسير

( إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ) : تستمر هذه الآيات في ترغيب المؤمنين في جهاد أعداء الحق ، وهي ترغّبهم في الجهاد بتعبير رائع بليغ ، فتقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) .

إنّ التأكيد على مسألة «الإيمان» إشارة إلى أنّ إحدى علامات الإيمان الحقيقي هو جهاد أعداء الحق.

٣٤٤

وعبارة( تَنْصُرُوا اللهَ ) تعني ـ بوضوح ـ نصرة دينه ، ونصرة نبيّه ، وشريعته وتعليماته ، ولذلك وردت نصرة الله إلى جانب نصرة رسوله في بعض آيات القرآن الكريم ، كما نقرأ في الآية (٨) من سورة الحشر :( وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) .

ومع أنّ قدرة الله سبحانه غير محدودة ، ولا قيمة لقدرة المخلوقات حيال قدرته ، غير أنّه يعبّر بنصرة الله ليوضح أهمية الجهاد والدفاع عن دين الله ، ولا يوجد تعبير أعظم من هذا لتبيان أهمية هذا الموضوع.

ولنر ما هو هذا الوعد الذي وعد الله به المجاهدين إذا ما دافعوا عن دينه؟

يقول أوّلا( يَنْصُرْكُمْ ) أمّا كيف يتمّ ذلك؟ فإنّ الطرق كثيرة ، فهو سبحانه يلقي في قلوبكم نور الإيمان ، وفي نفوسكم وأرواحكم التقوى ، وفي إرادتكم القوّة والتصميم أكثر ، وفي أفكاركم الهدوء والاطمئنان.

ومن جانب آخر يرسل الملائكة لمدكم ونصرتكم ، ويغيّر مسار الحوادث لصالحكم ، ويجعل أفئدة الناس تهوي إليكم ، ويجعل كلماتكم نافذة في القلوب ، ويصيّر نشاطاتكم وجهودكم مثمرة. نعم ، إنّ نصرة الله تحيط بالجسم والروح ، من الداخل والخارج.

إلّا أنّه سبحانه يؤكّد على مسألة تثبيت الأقدام من بين كلّ أشكال النصرة ، وذلك لأنّ الثبات أمام العدو أهم رمز للانتصار ، وإنّما يكسب الحرب الذين يصمدون ويستقيمون أكثر ، ولذلك نقرأ في قصة محاربة طالوت ـ القائد العظيم لبني إسرائيل ـ لجالوت ـ المتسلّط الجائر القوي ـ أنّ المؤمنين القليلين الذين كانوا معه عند ما واجهوا جيش العدو الجرار ، قالوا :( رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) .

ونقرأ في الآية التي بعدها :( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ ) .

أجل ، إنّ نتيجة ثبات القدم هي النصر المؤزّر على العدو.

٣٤٥

ولمّا كانت حشود العدو العظيمة ، وأنواع معداتهم وتجهيزاتهم قد تشغل فكر المجاهدين في سبيل الله أحيانا ، فإنّ الآية التالية تضيف :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) (١) .

«تعس» ـ على وزن نحس ـ بمعنى الانزلاق والهوي ، وما فسّره البعض بأنّه الهلاك والانحطاط ، فهو لازمه في الواقع لا معناه.

وعلى كلّ حال ، فإنّ المقارنة بين هذين الفريقين عميقة المعنى جدّا ، فالقرآن يقول في شأن المؤمنين( يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) وفي شأن الكافرين( أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) .

وبصيغة اللعنة ، ليكون التعبير أبلغ وأكثر جاذبية وتأثيرا.

نعم ، إنّ الكافرين إذا انزلقوا وزلّت أقدامهم ، فليس هناك من يأخذ بأيديهم لينقذهم من الهلكة ، بل إنّهم سينحدرون إلى الهاوية سريعا وبسهولة ، أمّا المؤمنون ، فإنّ الملائكة الرحمة تهب لنجدتهم ونصرتهم ، ويحفظونهم من المنزلقات والمنحدرات ، كما نقرأ ذلك في موضع آخر ، حيث تقول الآية (٣٠) من سورة فصلت :( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ ) .

إنّ أعمال المؤمنين مباركة ، أمّا أعمال الكافرين فإنّها بائرة ولذلك فهي تزول وتفنى سريعا.

وتبيّن الآية التالية علّة سقوط هؤلاء ، وجعل أعمالهم هباء منثورا ، فتقول :( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) .

لقد أنزل الله سبحانه دين التوحيد قبل كلّ شيء ، إلّا أن هؤلاء نبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا نحو الشرك.

لقد أمر الله سبحانه بالحق والعدالة ، والعفّة والتقوى ، غير أنّهم أعرضوا عنها جميعا ، واتجهوا صوب الظلم والفسّاد ، بل إنّهم تشمئز قلوبهم إذا ذكر اسم الله تعالى

__________________

(١) «تعسا» مفعول مطلق لفعل مقدّر ، والتقدير : تعسهم تعسا ، وجملة (أضلّ أعمالهم) عطف على هذا الفعل المقدّر ، وكلاهما بصيغة اللعنة ، مثل (قاتلهم الله) ، ومن الواضح أنّ اللعنة من قبل الله تعني وقوعها.

٣٤٦

وحده :( وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) (١) .

وإذا كان هؤلاء يتنفّرون من هذه الأمور ، فمن الطبيعي أن لا يخطوا خطوة في هذا المسير ، ولقد كانت كلّ مساعيهم وجهودهم في مسير الباطل وخدمته ، فمن الطبيعي أيضا أن تحبط كلّ هذه الأعمال.

وجاء في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام : «كرهوا ما أنزل الله في حق علي»(٢) .

ومعلوم أنّ التعبير( ما أَنْزَلَ اللهُ ) معنى واسعا ، ومسألة ولاية أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أحد مصاديقه الواضحة ، لا أنّ معناه منحصر فيها.

ولمّا كان القرآن الكريم في كثير من الموارد يعرض للظالمين العاصين نماذج محسوسة ، فقد دعاهم هنا أيضا إلى التدبّر في أحوال الماضين ، فقال :( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) ؟

ومن أجل أن لا يظنّ هؤلاء أنّ ذلك المصير المشؤوم كان مختصّا بالأقوام الطاغين الماضين ، فقد أضافت الآية :( وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها ) (٣) .

فلا يظنّوا أنّهم في منأى من العقاب المشابه لذلك العقاب إن هم عملوا أعمالا تشابه أعمال الماضين ، فليسيروا في الأرض ولينظروا آثار الذين من قبلهم ، ثمّ لينظروا مستقبلهم من خلال سنن التأريخ.

والجدير بالانتباه أنّ (دمّر) من مادة (تدمير) ، وهي من الأصل بمعنى الإهلاك والإفناء ، أمّا إذا أتت مع (على) فإنّها تعني إهلاك كلّ شيء حتى الأولاد والأهل والعشيرة والأموال الخاصّة بالإنسان(٤) . وعلى هذا فإنّ هذا التعبير بيان لمصيبة أليمة ، خاصة بملاحظة لفظ (على) الذي يستعمل عادة في مورد التسلط ، وبذلك يصبح معنى الجملة ، إنّ اللهعزوجل قد صبّ عذابه على رؤوس هؤلاء الأقوام

__________________

(١) الزمر ، الآية ٤٥.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآيات مورد البحث.

(٣) ضمير «أمثالها» يعود إلى العاقبة التي تستفاد من الجملة السابقة.

(٤) تفسير روح المعاني ، وروح البيان ، والفخر الرازي.

٣٤٧

وأموالهم وكلّ ما يتعلّق بهم فأفناها جميعا.

وقد بحثنا موضوع «السير في الأرض» ـ والذي يؤكّد عليه القرآن المجيد مرارا كبرنامج توعية مؤثر ـ بصورة مفصّلة في ذيل الآية (١٣٧) من سورة آل عمران ، والآية (٤٥) من سورة الروم.

وتناولت آخر آية ـ من الآيات مورد البحث ـ سبب حماية الله المطلقة للمؤمنين ودفاعه عنهم ، وإهلاكه الكافرين الطغاة ، فتقول :( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) (١) .

«المولى» بمعنى الولي والناصر ، وبذلك فإنّ الله سبحانه قد تولّى أمر المؤمنين ودفاعه عنهم ، وإهلاكه الكافرين الطغاة ، فتقول :( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ ، مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) (٢) .

«المولى» بمعنى الولي والناصر ، وبذلك فإنّ الله سبحانه قد تولّى أمر المؤمنين ونصرتهم ، أمّا الكافرون فقد أخرجهم من ظل ولايته ، ومن الواضح أنّه تعالى يعين أولئك المستظلين بظل ولايته ، ويدفع عنهم النوائب ، ويزيل عن طريقهم العراقيل ، ويثبّت أقدامهم ، وأخيرا فإنّهم ينالون مرادهم بنصرة الله ومعونته. أمّا أولئك الخارجون عن ولايته فإنّ أعمالهم ستحبط ، وتكون عاقبتهم الهلاك.

وهنا يأتي سؤال ، وهو : إنّ الآية مورد البحث قد ذكرت أنّ الله سبحانه مولى المؤمنين فقط ، في حين أنّه سبحانه وصف في بعض آيات القرآن الأخرى بأنّه مولى الجميع حتى الكافرين ، كما في الآية (٣٠) من سورة سورة يونس حيث تقول :( وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ) .

وتتّضح الإجابة على هذا السؤال بملاحظة نكتة واحدة ، وهي : إنّ ولاية الله العامّة ـ وهي كونها خالقا مدبّرا ـ تعم الجميع ، أمّا الولاية الخاصّة ، وعنايته الخاصة المقترنة بأنواع الحماية والنصرة ، فإنّها لا تشمل إلّا المؤمنين(٣) .

وقال البعض : إنّ هذه الآية أرجى آية في القرآن ، لأنّها أدخلت كلّ المؤمنين ،

__________________

(١ ، ٢) ـ المشار إليه بـ (ذلك) هي عاقبة المؤمنين الحسنة ، وعاقبة الكافرين المشؤومة ، واللتان أشير إليهما في الآيات السابقة.

(٣) فسّر البعض ـ كالآلوسي في روح المعاني ـ «المولى» في الآية مورد البحث بالناصر ، وفي آية سورة يونس وأمثالها. بالمالك

٣٤٨

العالم منهم والجاهل ، الزاهد والراغب ، الصغير والكبير ، المرأة والرجل ، الشاب والكهل ، أدخلتهم تحت حماية الله ورعايته الخاصة ، ولم تستثن حتى المؤمنين العاصين ، فهو سبحانه يظهر رعايته في المواقف الحسّاسة واللحظات الحرجة ، والحوادث والمصائب والنكبات ، وكلّ فرد منّا قد أحسّ بهذه الرعاية طيلة مدة حياته ، وفي التأريخ شواهد كثيرة على ذلك.

وقد ورد في حديث أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بعد غزوة تحت شجرة وحيدا فحمل عليه مشرك بسيف فقال له : من يخلّصك منّي؟ فقال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الله» فسقط المشرك ـ فأخذت الكافر رعدة ، وهوى على الأرض ـ السيف ، فأخذه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال له : «فمن يخلّصك منّي»؟ قال : لا أحد ، ثمّ أسلم(١).

نعم ، الله مولى الذين آمنوا ، وإنّ الكافرين لا مولى لهم.

* * *

__________________

(١) روح البيان ، المجلد ٨ ، صفحة ٥٠٣.

٣٤٩

الآيات

( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤) )

التّفسير

عاقبة المؤمنين والكافرين :

لمّا كانت الآيات السابقة تتحدّث عن الصراع الدائم بين الحق والباطل ، والإيمان والكفر ، فإنّ الآيات مورد البحث تبيّن عاقبة المؤمنين والكفّار من خلال مقارنة واضحة ، وهي بذلك تريد أن توضح أنّ هذين الفريقين لا يختلفان في الحياة الدنيا وحسب ، بل إنّ الاختلاف بينهما سيكون أوسع في الآخرة ، فتقول :( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

٣٥٠

وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) (١) .

صحيح أنّ كلا الفريقين يعيشون في الدنيا ، ويتنعّمون بمواهبها ولذّاتها ، إلّا أنّ الفرق يكمن في أنّ هدف المؤمنين هو القيام بالأعمال الصالحة ، والأعمال المفيدة البنّاءة لجلب رضى الله تعالى. أمّا الكافرون فإنّ هدفهم ينصب على الأكل والشرب والنوم والتمتّع بالذّات الحياة.

المؤمنون يتحرّكون حركة واعية هادفة ، والكافرون يحيون بلا هدف ، ويموتون بلا هدف ، كالأنعام تماما.

المؤمنون يضعون شروطا كثيرة للتمتع بنعم الحياة ، فهم يدقّقون في مشروعية طرق الحصول عليها ، كما يدقّقون كيف ينفقونها ، أمّا الكافرون فإنّهم كالدّواب لا يهمها أن يكون علفها من أرض صاحبها أن يكون مغصوبا ، وسواء كان من حق يتيم أو عجوز بائسة أم لا؟

عند ما يتنعّم المؤمنون بنعمة ، فإنّهم يفكّرون في واهبها ، ويتدبّرون في آياته ، ويشكرونه عليها ، أمّا الكافر الغافل فلا يفكّر في أي شيء لغفلته ، وهو يضيف إلى حمله حملا جديدا من الظلم والذنوب باستمرار ، ويدني نفسه من الهلاك بعد أن تثقله الأوزار ، حاله في ذلك حال الأغنام السمينة ، فهي كلّما تأكل أكثر ، وتسمن أكثر ، تكون أقرب إلى الذبح.

وقال البعض : إنّ الفرق بين المؤمنين والكافرين ، أنّ المؤمن لا يخلو أكله من ثلاث : الورع عند الطلب ، واستعمال الأدب ، والأكل للسبب. والكافر يطلب للنهمة ، ويأكل للشهوة ، وعيشه في غفلة.

وممّا يستحق الانتباه أنّ القرآن الكريم يقول في شأن المؤمنين :( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ ) ويقول في الكافرين( وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) فإنّ التعبير الأوّل يدلّ على احترام المؤمنين وتقديرهم ، وإنّ الله سبحانه يدخلهم

__________________

(١) كما تأكل في محل نصب مفعول مطلق مقدّر ، والتقدير : يأكلون أكلا كما تأكل الأنعام.

٣٥١

الجنّة ، أمّا التعبير الثّاني ، فإنّه يوحي باحتقار الكفّار الذين خرجوا من ولايته ، وعدم الاهتمام بهم.

واستفاد بعض المفسّرين من جملة :( وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) ـ أي محلهم النّار ـ أنّهم الآن في النّار ، لأنّ الجملة ليست بصيغة الفعل المضارع والمستقبل ، وإنّما هي تخبر عن الحال.

والحقيقة كذلك ، لأنّ أعمال هؤلاء وأفكارهم نار بحد ذاتها ، وهم مبتلون بها ، وقد أحاطت بهم جهنّم من كلّ مكان ، وإن كان هؤلاء الذين هم كالأنعام في غفلة ، كما نقرأ ذلك في الآية (٤٩) من سورة التوبة :( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) .

وفي بعض آيات القرآن الأخرى شبّه أصحاب النّار بالأنعام ، بل هم أضلّ منها :( أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) (١) ، وقد أوردنا في ذيل هذه الآية شرحا مفصّلا.

ومن أجل إكمال هذا الهدف تقارن الآية التالية بين مشركي مكّة وعبدة الأوثان الماضين ، وبعبارة أوضح ، فإنّها تهدّدهم تهديدا شديدا ، وتؤكّد ضمنيا على بعض جرائمهم الشنيعة التي تدلّ على جواز قتالهم فتقول :( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ ) .

فلا يظنّ هؤلاء أنّ الدنيا مستوسقة لهم إلى درجة أنّهم اجترؤوا على إخراج أشرف رسل الله من أقدس المدن ، فإنّ الأمر لا يدوم كذلك ، فهم بالقياس إلى قوم عاد وثمود والفراعنة ، وجيش أبرهة موجودات ضعيفة عاجزة ، والله قادر على تدميرهم بكلّ سهولة ، والقضاء عليهم يسير على الله سبحانه.

وجاء في رواية عن ابن عباس : إنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا خرج من مكّة إلى غار ثور ، توجّه إلى مكّة وقال : «أنت أحبّ البلاد إلى الله ، وأنت أحبّ البلاد إليّ ، ولو لا المشركون أهلك أخرجوني لما خرجت منك» ، فنزلت الآية أعلاه تبشّر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الأعراف ، الآية ١٧٩.

٣٥٢

بنصر الله ، وتهدّد الأعداء بالعذاب والعقاب(١) .

وطبقا لسبب النّزول هذا تكون الآية مكيّة ، لكن يبدو أنّ سبب النّزول هذا يتعلّق بالآية (٨٥) من سورة القصص ، وقد ذكره كثير من المفسّرين هناك ، فهو ينسجم مع تلك الآية أكثر ، إذ تقول :( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (٢) .

والملفت للنظر أنّ الآية نسبت الإخراج إلى نفس مكّة ، في حين أنّ المراد أهلها ، وهذه كناية لطيفة عن تسلّط فئة معيّنة ، على مقدرات المدينة ، وقد ورد نظير ذلك في مواضع أخرى من القرآن المجيد.

ثمّ إنّ التعبير بالقرية ـ وكما قلنا ذلك مرارا ـ يطلق على كلّ مدينة وأرض عامرة مسكونة ، ولا يخص المعنى المتعارف للقرية.

وتطرح آخر الآيات ـ مورد البحث ـ مقارنة أخرى بين المؤمنين والكفار بين فئتين تختلفان في كلّ شيء ، فإحداهما مؤمنة تعمل الصالحات ، وتحيا الاخرى حياة حيوانية بكلّ معنى الكلمة بين فريقين ، أحدهما مستظل بظل ولاية الله سبحانه ، والآخر لا مولى له ولا ناصر ، فتقول :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) ؟

إنّ الفريق الأوّل قد اختاروا طريقهم عن معرفة صحيحة ، ورؤية واقعية ، وعن يقين ودليل وبرهان قطعي ، وهم يرون طريقهم وهدفهم بوضوح ، ويسيرون نحوه بسرعة.

أمّا الفريق الثّاني فقد ابتلوا بسوء التشخيص ، وعدم إدراك الواقع ، وظلمة المسير والهدف ، فهم في ظلمات الأوهام حائرون. والعامل الأساس في هذه الحيرة والضلالة هو اتباع الهوى والشهوات ، لأنّ الهوى والشهوات تلقي الحجب

__________________

(١) تفسير القرطبي ، المجلد ٩ ، صفحة ٦٠٥٥.

(٢) لمزيد من التفصيل حول هذا المطلب يراجع تفسير الآية (٨٥) من سورة القصص.

٣٥٣

على عقل الإنسان وفكره ، فتصوّر له القبيح حسنا ، كما نرى أناسا يفخرون بأعمالهم التي يندى لها الجبين ، وهي وصمة عار في جباههم ، كما جاء ذلك في الآية (١٠٣) من سورة الكهف :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) .

«البينة» تعني الدليل الواضح الجلي ، وهي هنا إشارة إلى القرآن ، ومعاجز الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدلائل العقلية الأخرى.

ومن الواضح أنّ الاستفهام في جملة :( أَفَمَنْ كانَ ) استفهام إنكاري ، أي إنّ هذين الفريقين لا يتساويان أبدا.

ولكن من الذي يزيّن أعمال السوء في أنظار عبدة الهوى ومتبعيه؟ أهو الله سبحانه ، أم هم أنفسهم ، أم الشياطين؟

ينبغي أن يقال : إنّها تصح جميعا ، لأنّ التزيين نسب إلى الثلاثة في آيات القرآن ، فتقول الآية (٤) من سورة النمل :( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ ) .

وجاء في آيات عديدة أخرى ، ومن جملتها الآية (٣٨) من سورة العنكبوت ، التي تقول :( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ) .

وظاهر الآية مورد البحث ، وبملاحظة الجملة :( وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) أنّ هذا التزيين ناشئ عن اتباع الهوى ، وقضية كون الهوى والشهوات تسلب الإنسان القدرة على الحس والتشخيص والإدراك الصحيح للحقائق ، قضية يمكن إدراكها بوضوح.

إنّ نسبة التزيين إلى الشيطان ـ طبعا ـ صحيحة أيضا ، لأنّه هو الذي ينصب المكائد ويوسوس للإنسان أن يلجها ، ويزيّن له اتباع الهوى.

وأمّا نسبته إلى الله سبحانه فلأنّه مسبب الأسباب ، وإليه يرجع كلّ سبب ، فهو الذي أعطى النّار الأحراق ، ومنح الهوى قدرة تغطية الحقائق وإلقاء الحجب عليها

٣٥٤

لئلا يدركها من يتبعه ، وقد أظهر هذا التأثير وأعلنه من قبل ، ولذلك فإنّ أصل المسؤولية يرجع إلى نفس الإنسان.

ويعتقد البعض أنّ جملة :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) إشارة إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والجملة التالية ناظرة إلى كفار مكّة ، غير أنّ الظاهر هو أنّ للآية معنى واسعا ، وهذا من مصاديقه.

* * *

٣٥٥

الآية

( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥) )

التّفسير

وصف آخر للجنّة :

إنّ هذه الآية وصف لمصير كلّ من المؤمنين والكافرين ، فالفئة الأولى الذين يعملون الصالحات ، والثانية زيّن لهم سوء أعمالهم.

وقد رفعت هذه الآية الغطاء عن ستة أنواع من نعم أهل النعيم ، وعن نوعين من أنواع العذاب الأليم لأصحاب الجحيم ، وهي تحدد عاقبة كلا الفريقين وتوضحها.

تتحدث الآية عن أربعة أنهار في الجنّة ، لكلّ منها سائله ومحتواه الخاص ، ثمّ تتحدث عن فواكه الجنّة ، وأخيرا عن بعض المواهب المعنوية.

٣٥٦

تقول الآية أوّلا :( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) (١) .

«الآسن» يعني النتن ، وبناء على هذا ، فإنّ( ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) تعني الماء الذي لا يتغيّر طعمه ورائحته لطول بقائه وغيره ذلك ، وهذا أوّل نهر من أنهار الجنّة ، وفيه ماء زلال جار طيب الطعم والرائحة.

ثمّ تضيف :( وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ) وذلك أنّ الجنّة مكان لا يعتريه الفساد ، ولا تتغيّر أطعمة الجنّة بمرور الزمن ، وإنّما تتغيّر الأطعمة في هذه الحياة الدنيا ، لوجود أنواع الميكروبات التي تفسد المواد الغذائية بسرعة.

ثمّ تطرّقت إلى ثالث نهر من أنهار الجنّة ، فقالت :( وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ) .

وأخيرا تبيّن الآية رابع أنهار الجنّة بأنّه :( وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ) .

وعلاوة على هذه الأنهار المختلفة التي خلق كلّ منها لغرض ، فقد تحدّثت الآية عن فواكه الجنّة في الموهبة الخامسة ، فقالت الآية :( وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ) (٢) فستوضع بين أيديهم وتحت تصرفهم كلّ الثمرات والفواكه المتنوّعة الطعم والرائحة ، سواء التي يمكن تصوّرها ، أو التي لا يمكن أن تخطر على أذهاننا اليوم ويصعب تصوّرها.

وأخيرا تتحدث عن الموهبة السادسة التي تختلف عن المواهب المادية السابقة ، إذ أنّ هذه الهبة معنوية روحية ، فتقول :( وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ) إذ ستمحو رحمته الواسعة كل هفواتهم وسقطاتهم ، وسيمنحهم الله الاطمئنان والهدوء والرضى ، ويجعلهم من المرضيين عنده والمحبّبين إليه ، وسيكونون مصداق لقوله

__________________

(١) للمفسّرين بحوث كثيرة حول تركيب هذه الآية الشريفة ، والأنسب منها جميعا أن يقال : (مثل الجنّة) مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : مثل الجنّة التي وعد المتقون جنّة فيها أنهار ، وهذه الآية تشبه ـ في الحقيقة ـ الآية (٣٥) من سورة الرعد التي تقول :( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) .

(٢) للجملة محذوف ، وللتقدير : لهم فيها أنواع من كل الثمرات.

٣٥٧

تعالى :( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١) .

وبذلك فإنّ المؤمنين الطاهرين الصالحين يتمتّعون بأنواع المواهب المادية والمعنوية في الجنان الخالدة ، وفي جوار رحمة الله.

ولنر الآن ماذا سيكون مصير الفريق المقابل للمؤمنين ، أي الكفار؟

تقول الآية متابعة لحديثها :( كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ) (٢) .

«الأمعاء» جمع «معي» ـ على وزن سعي ـ و «معا» ـ على وزن غنا ـ وتطلق أحيانا على كلّ ما في البطن ، وتقطيعها إشارة إلى شدّة حرارة هذا الشراب الجهنّمي المرعب ، وقوّة إحراقه.

* * *

ملاحظات

١ ـ أنهار الجنّة الأربعة

يستفاد من آيات القرآن المجيد جيدا أنّ في الجنّة أنهارا وعيونا مختلفة ، ولكلّ منها فائدة ولذّة خاصّة ، وقد ورد ذكر أربعة نماذج منها في الآية المذكورة ، وستأتي نماذج أخرى في سورة الدهر ، وسنذكرها في تفسيرها ، إن شاء الله تعالى.

إنّ التعبير بـ «الأنهار» في شأن هذه الأنواع الأربعة ، يوحي بأنّ كلا منها ليس نهرا واحدا ، بل أنهار عديدة.

لقد قلنا مرارا : إنّ نعم الجنّة ليست بالشيء الذي يمكن التحدّث عنه بألفاظ محادثاتنا اليومية في حياتنا الدنيا ، فإنّ هذه الألفاظ قاصرة عن أن تجسدها

__________________

(١) سورة المائدة ، ١١٩.

(٢) لقد وردت أبحاث كثيرة في تركيب هذه الآية أيضا ، والأنسب منها جميعا أنّ للآية تقديرا هو : أفمن هو خالد في الجنّة التي هذه صفاتها كمن هو خالد في النّار؟

٣٥٨

تماما ، أو أن تعبر عنها بما يعكس حقيقتها ، وكلّ ما تقدر عليه هو أن ترسم في الأذهان شبحا باهت اللون عن تلك الحقائق العظيمة.

لقد أشارت الآية ـ مورد البحث ـ إلى أنهار الماء واللبن والخمر والعسل ، إذ يمكن أن يكون الأوّل لرفع العطش ، وأمّا الثّاني كغذاء ، والثّالث يبعث النشاط والحيوية ، والرابعة يوجد القوّة واللذّة.

والطريف أنّه يستفاد من آيات القرآن الأخرى أنّ كلّ أصحاب الجنّة لا يشربون من كل هذه الأشربة ، بل أنّ لها مراتب يشرب أصحاب كلّ مرتبة من الأشربة الموجودة في درجتهم ، فنقرأ في الآية (٢٨) من سورة المطففين :( عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) .

٢ ـ الشراب الطهور

لا يخفى أنّ خمر الجنّة وشرابها لا علاقة له بخمر الدنيا الملوّث مطلقا ، بل هو كما يصفه القرآن في موضع آخر :( لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ ) (١) ، وليس فيه إلّا العقل والنشاط واللذّة الروحية.

٣ ـ أشربة لا يعتريها الفساد

جاء في وصف أنهار الجنّة مرة أنّ ماءها( غَيْرِ آسِنٍ ) ، وأخرى( لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ) ، وهو يوحي بأنّ أشربه الجنّة وأطعمتها تبقى على طراوتها وجدتها ، ولم لا تكون كذلك؟ وإنّما تتغيّر الأطعمة وتفسد بفعل الميكروبات المفسدة ، ولولاها فإنّ أطعمة الدنيا تبقى هي الأخرى على حالتها الأولى ، ولما لم يكن للموجودات المفسدة مكان في الجنّة ، فإنّ كلّ أشيائها صافية ونظيفة وطرية طازجة دائما.

__________________

(١) سورة الصافات ، ٤٧.

٣٥٩

٤ ـ لماذا الفواكه؟

لقد أكّدت الآية مورد البحث ، وكثير من آيات القرآن الأخرى على الفواكه من بين الأطعمة ، الفواكه المتنوّعة المذاق ، وهذا يبيّن أنّ الفاكهة أهم أغذية الجنّة ، وحتى في هذه الدنيا ، فإنّ الفاكهة أفضل وأسلم غذاء للإنسان.

٥ ـ جملة( سُقُوا ) بصيغة الفعل المبني للمجهول ، توضح أنّ أصحاب الجحيم يسقون الماء الحميم بالقوة ، لا بإرادتهم ، وبدل الارتواء في تلك النّار المحرقة فإنّه يقطّع أمعاءهم ، وكما هي طبيعة الجحيم ، فإنّهم يرجعون إلى حالتهم الأولى ، حيث لا موت هناك.

* * *

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592