الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177203 / تحميل: 5796
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

أرضنا وديارنا وعادوا سالمين فما عسى أن تقول العرب فينا؟! وأية حيثية واعتبار لنا بعد؟

هذا الكبر والغرور والحميّة ـ حمية الجاهلية ـ منعتهم حتى من كتابة «بسم الله الرحمن الرحيم» بصورتها الصحيحة عند تنظيم معاهدة صلح الحديبيّة ، مع أنّ عاداتهم وسننهم كانت تجيز العمرة وزيارة بيت الله للجميع ، وكانت مكّة عندهم حرما آمنا حتى لو وجد أحدهم قاتل أبيه فيها أو أثناء المناسك فلا يناله منه سوء وأذى لحرمة البيت عنده ، فهؤلاء ـ بهذا العمل ـ هتكوا حرمة بيت الله والحرم الآمن من جهة ، وخالفوا سننهم وعاداتهم من جهة أخرى ، كما أسدلوا ستارا بينهم وبين الحقيقة أيضا ، وهكذا هي آثار حمية الجاهلية المميتة!

«الحمية» في الأصل من مادة حمي ـ على وزن حمد ـ ومعناها حرارة الشمس أو النّار التي تصيب جسم الإنسان وما شاكله ، ومن هنا سمّيت الحمّى التي تصيب الإنسان بهذا الاسم «حمّى» على وزن كبرى ، ويقال لحالة الغضب أو النخوة أو التعصّب المقرون بالغضب حمية أيضا.

وهذه الحالة السائدة في الأمم هي بسبب الجهل وقصور الفكر والانحطاط الثقافي خاصة بين «الجاهليّين» وكانت مدعاة لكثير من الحروب وسفك الدماء!

ثمّ تضيف الآية الكريمة ـ وفي قبال ذلك ـ( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )

هذه السكينة التي هي وليدة الإيمان والإعتقاد بالله والاعتماد على لطفه دعتهم الى الاطمئنان وضبط النفس وأطفأت لهب غضبهم حتى أنّهم قبلوا ـ ومن أجل أن يحفظوا ويرعوا أهدافهم الكبرى ـ بحذف جملة «بسم الله الرحمن الرحيم» التي هي رمز الإسلام في بداية الأعمال وأن يثبتوا ـ مكانها «بسمك اللهمّ» التي هي من موروثات العرب السابقين ـ في أوّل المعاهدة وحذفوا حتى لقب «رسول الله» التي يلي اسم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٨١

وقبلوا بالعودة إلى المدينة من الحديبيّة دون أن يستجيبوا لهوى عشقهم بالبيت ويؤدّوا مناسك العمرة! ونحروا هديهم خلافا للسنّة التي في الحج أو العمرة في المكان ذاته وأحلّوا من إحرامهم دون أداء المناسك!

أجل ، لقد رضوا بمرارة أن يصبروا إزاء كلّ المشاكل الصعبة ، ولو كانت فيهم حميّة الجاهلية لكان واحد من هذه الأمور الآنفة كفيلا أن يشعل الحرب بينهم في تلك الأرض!

أجل إنّ الثقافة الجاهلية تدعو إلى «الحمية» و «التعصّب» و «الحفيظة الجاهلية» ، غير أنّ الثقافة الإسلامية تدعو إلى «السكينة» و «الاطمئنان» و «ضبط النفس».

ثمّ يضيف القرآن في هذا الصدد قائلا :( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها )

(كلمة) هنا بمعنى «روح» ، ومعنى الآية أنّ الله ألقى روح التقوى في قلوب أولئك المؤمنين وجعلها ملازمة لهم ومعهم ، كما نقرأ ـ في هذا المعنى ـ أيضا الآية (١٧١) من سورة النساء في شأن عيسى بن مريم إذ تقول الآية :( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) .

واحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من «كلمة التقوى» ما أمر الله به المؤمنين في هذا الصدد!

إلّا أنّ المناسب هو «روح التقوى» التي تحمل مفهوما تكوينيا ، وهي وليدة الإيمان والسكينة والالتزام القلبي بأوامر الله سبحانه ، لذا ورد في بعض الروايات عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ المراد بكلمة التقوى هو كلمة لا إله إلّا الله(١) ، وفي رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه فسّرها بالإيمان(٢) .

__________________

(١) الدر المنثور ، الجزء ٦ ، ص ٨٠.

(٢) أصول الكافي طبقا لما نقل في تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٣.

٤٨٢

ونقرأ في بعض خطب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : «نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى»(١) وشبيه بهذا التعبير ما نقل عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام قوله : «ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى»(٢) !

وواضح أنّ الإيمان بالنبوّة والولاية مكمل للإيمان بأصل التوحيد ومعرفة الله لأنّهما جميعا داعيان إلى الله ومناديان للتوحيد.

وعلى كلّ حال فإنّ المسلمين لم يبتلوا في هذه اللحظات الحسّاسة بالحميّة والعصبية والنخوة والحفيظة ، وما كتب الله لهم من العاقبة المشرفة في الحديبيّة لم تمسسه نار الحمية والجهالة!

لأنّ الله يقول :( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها ) .

وبديهي أنّه لا ينتظر من حفنة عتاة وجهلة وعبدة أصنام سوى (حميّة الجاهلية) ولا ينتظر من المسلمين الموحّدين الذين تربّوا سنين طويلة في مدرسة الإسلام مثل هذا الخلق والطباع الجاهلية ، ما ينتظر منهم هو الاطمئنان والسكينة والوقار والتقوى ، وذلك ما أظهروه في الحديبيّة ولكن بعض حاديّ الطبع والمزاج أوشكوا على كسر هذا السدّ المنيع بما يحملوه من أنفسهم من ترسبات الماضي وأثاروا البلبلة والضوضاء ، غير أنّ سكينة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقاره كانا كمثل الماء المسكوب على النّار فأطفأها!

وتختتم الآية بقوله سبحانه :( وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) . فهو سبحانه يعرف نيّات الكفّار السيئة ويعرف طهارة قلوب المؤمنين أيضا فينزل السكينة والتقوى عليهم هنا ، ويترك أولئك في غيّهم وحميّتهم حميّة الجاهلية ، فالله يشمل كلّ قوم وأمّة بما تستحقّه من اللطف والرحمة أو الغضب والنقمة!

* * *

__________________

(١) خصال الصدوق : عن نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٣.

(٢) المصدر السابق ، ص ٧٤.

٤٨٣

ملاحظة

ما هي حميّة الجاهلية؟!

قلنا أنّ «الحميّة» في الأصل من مادة «حمي» ومعناها الحرارة ، ثمّ صارت تستعمل في معنى الغضب ، ثمّ استعملت في النخوة والتعصّب الممزوج بالغضب أيضا

وهذه الكلمة قد تستعمل في هذا المعنى المذموم «مقرونة بالجاهلية أو بدونها» بعض الأحيان ، وقد تستعمل في المدح حينا آخر ، فتكون عندئذ بمعنى التعصّب في الأمور الإيجابية البنّاءة!

يقول الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام حين انتقده بعض أصحابه الضعاف المعاندين : «منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت أما دين يجمعكم ولا حميّة تحشمكم»(١) .

غير أنّ هذه الكلمة غالبا ما ترد في الذم كما ذكرها الإمام عليعليه‌السلام مرارا في خطبته القاصعة ذامّا بها إبليس أمام المستكبرين : «صدّقه به أبناء الحمية وأخوان العصبية وفرسان الكبر والجاهلية»(٢) .

وفي مكان آخر من هذه الخطبة يقول محذّرا من العصبيات الجاهلية : «فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية وأحقاد الجاهلية فإنّما تلك الحمية تكون في المسلم من خطرات الشيطان ونخواته ونزعاته ونفثاته»(٣) .

وعلى كلّ حال فلا شكّ أنّ وجود مثل هذه الحالة في الفرد أو المجتمع باعث على تخلّف ذلك المجتمع وتكبيل العقل والفكر الإنساني ومنعه من الإدراك الصحيح والتشخيص السالم وربّما تذر جميع مصالحه مع الرياح!

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٣٩.

(٢) نهج البلاغة الخطبة القاصعة ١٩٢.

(٣) نهج البلاغة : المصدر السابق.

٤٨٤

وأساسا فإنّ انتقال السنن الخاطئة من جيل لآخر ومن قوم لآخرين ما كان إلّا في ظل هذه الحميّة المشؤومة ، ومقاومة الأمم للأنبياء والقادة غالبا ما تكون عن هذه السبيل أيضا

ينقل عن الإمام علي بن الحسين حين سئل عن «العصبية» أنّه قالعليه‌السلام : «العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم»(١) .

إنّ خير سبيل لمقاومة هذه السجية السيئة والنجاة من هذه المهلكة العظمى السعي والجد لرفع المستوى الثقافي والفكري وإيمان كلّ قوم وجماعة

وفي الحقيقة إنّ القرآن عالج هذا المرض بالآية المتقدّمة ـ محل البحث ـ حيث يتحدّث عن المؤمنين ذوي السكينة والتقوى ، فحيث توجد التقوى فلا توجد حميّة الجاهلية ، وحيث توجد حميّة الجاهلية فلا تقوى ولا سكينة.

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٣ ، الحديث السبعون.

٤٨٥

الآية

( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧) )

التّفسير

رؤيا النّبي الصادقة :

هذه الآية ـ أيضا ـ ترسم جانبا آخر من جوانب قصة الحديبيّة المهمّة ، والقصة كانت على النحو التالي :

رأى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة رؤيا أنّه يدخل مكّة مع أصحابه لأداء مناسك العمرة ، فحدّث أصحابه عن رؤياه فسرّوا جميعا ، غير أنّه لمّا كان جماعة من أصحابه يتصوّرون أنّ تعبير الرؤيا سيتحقق في تلك السنة ذاتها ومنعهم المشركون من الدخول إلى مكّة أصابهم الشك والتردّد ترى هل من الممكن أن تكون رؤيا النّبي غير صادقة؟ ألم يكن البناء أن نعتمر هذا العام؟! فأين هذا الوعد؟ وأين صارت هذه الرؤيا الرحمانية؟!

فكان جواب النّبي لهم : هل قلت لكم أنّ هذه الرؤيا ستتحقق هذا العام؟!

٤٨٦

فنزلت الآية الآنفة في هذا الصدد والنّبي عائد من الحديبية إلى المدينة وأكّدت أنّ هذه الرؤيا كانت صادقة ولا بدّ أنّها كائنة تقول الآية :( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ ) (١) فما رآه النّبي في المنام كان حقّا وصدقا.

ثمّ تضيف الآية قائلة :( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا ) وكان في هذا التأخير حكمة :( فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ) .

* * *

ملاحظات

وفي الآية الكريمة عدّة ملاحظات تلفت النظر :

١ ـ ينبغي الالتفات إلى أنّ «اللام» في( لَتَدْخُلُنَ ) هي لام القسم ، وأنّ «النون» في آخر الفعل هي للتوكيد ، بأنّ هذا هو وعد إلهي قطعي في المستقبل وتنبؤ معجز صريح عن أداء المناسك والعمرة في كامل الأمان ومنتهى الطمأنينة ـ وكما سنبيّن ـ كان هذا التوقّع والتنبّؤ صادقا في شهر ذي القعدة ذاته من السنة المقبلة ، وهكذا أدّى المسلمون مناسك العمرة بهذه الصورة!

٢ ـ جملة( إِنْ شاءَ اللهُ ) هنا لعلّها نوع من تعليم العباد لكي يعوّلوا على مشيئة الله عند الإخبار عن المستقبل وأن لا ينسوا إرادة الله ، وأن لا يجدوا أنفسهم غير محتاجين أو مستقلّين عنه. وربّما هي إشارة للظروف التي يهيّؤها الله لهذا التوفيق «توفيق الله المسلمين لزيارة بيته في المستقبل القريب» والبقاء على خط «التوحيد والسكينة والتقوى»

كما يمكن أن تكون إشارة إلى بعض المسلمين الذين تنتهي أعمارهم في هذه

__________________

(١) «صدق» فعل ماض قد يستوفي مفعولين كما هي الحال في الآية الآنفة فرسوله مفعول به أوّل والرؤيا مفعول ثان ، وقد يستوفي في هذا الفعل مفعولا واحدا يتعدّى إلى المفعول الثّاني بفي كقولك صدقته في حديثه.

٤٨٧

الفترة والفاصلة الزمانية ولا يوفّقون إلى زيارة بيت الله ، والجمع بين هذه المعاني كلها لا مانع منه أبدا

٣ ـ التعبير بـ( فَتْحاً قَرِيباً ) كما يعتقد كثير من المفسّرين هو إشارة إلى صلح الحديبيّة الذي عبّر عنه القرآن بالفتح المبين ، ونعرف أنّ هذا الفتح كان السبيل إلى دخول المسجد الحرام في السنة التالية.

على حين أنّ جماعة آخرين يعتقدون أنّ( فَتْحاً قَرِيباً ) إشارة إلى «فتح خيبر».

وبالطبع فإنّ كلمة (قريبا) فيها تناسب أكثر مع «فتح خيبر» لأنّه كان ـ «تحقّقه العيني» بعد هذه الرؤيا في فترة أقل زمنا من فتح مكّة بعدها ، ثمّ بعد هذا فإنّ القرآن يقول في الآية (١٨) من هذه السورة ذاتها عند الكلام على بيعة الرضوان :( فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) . وكما قلنا ـ ويعتقد بذلك أكثر المفسّرين أيضا ـ أنّ المراد من هذا الفتح هو «فتح خيبر» والقرائن الموجودة في الآية تحكي عن هذا الفتح أيضا ، ومع الالتفات إلى أنّ الآية محل البحث تنسجم مع تلك الآية فيبدو أنّ الآيتين بمعنى واحد(١) .

وفي تفسير علي بن إبراهيم رواية تشير إلى هذا المعنى أيضا(٢) .

٤ ـ جملة «محلّقين رؤوسكم ومقصّرين» إشارة إلى واحد من مناسك العمرة وآدابها وهو «التقصير» وبه يخرج المحرم من إحرامه وقد استدل بعضهم بالآية في التخيير عند الخروج من الإحرام بين التقصير في تقليم الأظافر الحلق ، لأنّ الجمع بينهما ليس واجبا قطعا.

٥ ـ جملة «فعلم ما لم تعلموا» إشارة إلى مسائل مهمّة مطوية في صلح الحديبيّة وقد انكشفت بمرور الزمن ـ إذ قويت قواعد الإسلام وانتشر صوته وترامت

__________________

(١) التعبير بـ «من دون ذلك» إمّا بمعنى قبل ذلك ، أي قبل أداء العمرة يفتح الله عليكم فتحا قريبا في السنة المقبلة ، أو بمعنى «غير ذلك» أي سينال المؤمنون فتحا قريبا غير زيارة بيت الله والعمرة أيضا.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٦.

٤٨٨

اصداؤه في كلّ مكان وطويت نزعة الحرب عند المسلمين واستطاعوا أن يفتحوا «خيبر» بفارغ البال وقرار البلبال ، وأرسلوا المبلّغين إلى أطراف الجزيرة العربية وبعث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسائله إلى أعظم رؤوساء الدول آنئذ ، فهذه مسائل كان الفرد المسلم لا يعرفها لكنّ الله كان يعلمها

٦ ـ نواجه في هذه الآية الكريمة موضوع الرؤيا ، وهي رؤيا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصادقة التي تعدّ (غصنا من غصون) الوحي وهي مشابهة لقصة رؤيا إبراهيمعليه‌السلام وذبح ولده إسماعيل الواردة في سورة الصافات (الآية ١٠٢).

«ولمزيد الإيضاح وتفصيل البيان حول الرؤيا وتعبير الأحلام من المناسب مراجعة تفسير سورة يوسف في هذا التّفسير».

٧ ـ الآية محل البحث واحدة من المسائل الغيبية التي أخبر عنها القرآن ، وهي شاهد على أنّ هذا الكتاب سماويّ وأنّه من معاجز النّبي الكريم حيث يخبر قاطعا عن أداء مناسك العمرة ودخول المسجد الحرام في المستقبل القريب وعن الفتح القريب قبله أيضا ، وكما نعلم أنّ هذين التنبّؤين قد حدثا فعلا ، وقد ذكرنا قصة «فتح خيبر» والآن نتحدّث عن قصة «عمرة القضاء» :

* * *

عمرة القضاء :

عمرة القضاء هي العمرة التي أدّاها النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أصحابه بعد صلح الحديبيّة بعام ، أي في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة (على وجه الدقّة بعد عام من منع المشركين أن يدخل الرّسول وأصحابه مكّة).

وتسمية «عمرة القضاء» بهذا الاسم لأنّها في الحقيقة تعد قضاء عن السنة السابقة

وتوضيح ذلك : أنّه طبقا لإحدى مواد معاهدة الحديبيّة أصبح من المقرر أن

٤٨٩

يؤدّي المسلمون العمرة وزيارة بيت الله في العام المقبل على أن لا يمكثوا في مكّة أكثر من ثلاثة أيام ، وفي الوقت ذاته يخرج المشركون من مكّة ورؤساء قريش أيضا ، لئلا يقع نزاع محتمل بين الطرفين ولئلا يروا المسلمين يؤدّون المناسك فيثيرهم منظر العبادة «التوحيدية».

وقد ورد في بعض التواريخ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحرم في السنة المقبلة مع أصحابه والجمال المساقة للهدي وتحرّكوا جميعا حتى بلغوا أطراف «الظهران» ونواحيه فأرسل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان عنده من أسلحة وخيول تستلفت النظر مع أحد أصحابه واسمه «محمّد بن مسلمة» فلمّا رأى المشركون هذه الخطة فزعوا وخافوا خوفا شديدا وظنّوا أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد أن يقاتلهم وينقض المعاهدة الممضاة لعشر سنين وأخبروا أهل مكّة بذلك.

غير أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين وصل منطقة قريبة من مكّة أمر أن توضع الأسلحة من السهام والرماح وغيرها من الأسلحة في منطقة تدعى «ياجج» ، ودخل هو وأصحابه مكّة بالسيوف المغمدة.

فلمّا رأى أهل مكّة من النّبي ما رأوا فرحوا إذ وفى النّبي بوعده [فكأنّ النبي باقدامه هذا أنذر المشركين أن لو نقضوا العهد وأرادوا أن ينازلوا المسلمين فهم على أتم الاستعداد].

فخرج رؤوساء مكّة منها لئلّا تتأثر عواطفهم وقلوبهم بهذه «المناظر» ولا تثيرهم مناسك العمرة من قبل المسلمين.

غير أنّ بقية أهل مكّة من الرجال والنساء والأطفال اجتمعوا في السطوح وحول الكعبة وخلال الطريق ليروا كيف يؤدّي المسلمون مناسكهم

فدخل النّبي مكّة بهذه الأبّهة الخاصة وكانت معه جمال كثيرة مسوقة للهدي فعامل أهل مكّة بمنتهى اللطف والمحبّة وأمر المسلمين أن يسرعوا أثناء الطواف وأن يزيحوا الإحرام عن أكتافهم قليلا لتبدو علائم القدرة والقوّة فيهم وأن تترك

٤٩٠

هذه الحالة في أفكار أهل مكّة وأنفسهم تأثيرا كبيرا ودليلا حيّا على قوة المسلمين وحكمتهم!

وعلى كلّ حال فإنّ «عمرة القضاء» كانت عبارة كما كانت في الوقت ذاته عرضا «للعضلات المفتولة» وينبغي القول أنّ «فتح مكّة» الذي تحقّق بعد سنة أخرى كان قد نثر بذره في هذه السنة وهيّأ الأرضية لاستسلام أهل مكّة للفاتحين (المسلمين).

وكان هذا الأمر مدعاة لقلق رؤساء قريش إلى درجة أنّهم بعثوا رجلا بعد مضي ثلاثة أيّام إلى النّبي يطلب منه أن يغادر بسرعة هو وأصحابه مكّة طبقا للمعاهدة

الطريف هنا أنّ النّبي تزوّج أرملة من نساء قريش وكانت من أقرباء بعض رؤسائهم المعروفين وذلك ليشدّ أواصره بهم ويخفّف من غلوائهم وبغضائهم.

وحين سمع النّبي اقتراحهم بالمغادرة قال : «ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم فصنعنا لكم طعاما فحضر تموه». قالوا : لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنّا.

ولو كان تمّ ذلك لكان له أثره في نفوذ أمر النّبي في قلوبهم غير أنّهم لم يقبلوا ذلك منه(١) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان للطبرسي ، ج ٩ ، ص ١٢٧ ـ في ظلال القرآن ، ج ٧ ، ص ٥١١ ، تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٣١٠ مع شيء من التلخيص

٤٩١

الآيتان

( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩) )

التّفسير

( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) :

في هاتين الآيتين اللتين بهما تنتهي سورة الفتح إشارة إلى مسألتين مهمّتين من «الفتح المبين» أي «صلح الحديبيّة» إحداهما تتعلّق بعالميّة الإسلام والثانية تتعلّق

٤٩٢

بأوصاف أصحاب النّبي وخصائصهم وما وعدهم الله سبحانه به!

فالأولى منهما تقول :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً ) .

وهذا وعد صريح وقاطع من الله سبحانه في غلبة الإسلام وظهوره على سائر الأديان.

أي لا تعجبوا لو أخبركم الله عن طريق رؤيا نبيّه محمّد بالانتصار وأن تدخلوا المسجد الحرام بمنتهى الأمان وتؤدّوا مناسك العمرة دون أن يجرأ أحد على إيذائكم ، كما لا تعجبوا أن يبشّركم الله بالفتح القريب ـ فتح خيبر «فأوّل الغيث قطرة» وسيكون الإسلام باسطا ظلاله في أرجاء المعمورة ويظهر على جميع الأديان

ولم لا يكون كذلك ومحتوى دعوة النّبي هداية الله إذ «أرسله بالهدى» ودينه «دين الحق» ويستطيع كلّ ناظر غير منحاز أن يرى حقّانيته في آيات القرآن وأحكام الإسلام الفرديّة والاجتماعية والقضائية والسياسية! وكذلك تعليماته الأخلاقية والإنسانية. وأن يعرف علاقة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالله حقّا من خلال إخباره بالمغيّبات وتنبّؤاته التي تقع في المستقبل بصورة قاطعة.

أجل : إنّ منطق الإسلام المتين ومحتواه الغني الغزير يطهّر الأرض من أديان الشرك الملوّثة ، وتخضع له الأديان السماوية المحرّفة الأخرى وأن يشدّ بأسلوبه الشائق(١) القلوب إليه.

ولكن ما المراد بـ «الظهور على الدين كلّه»؟ أهو الظهور المنطقي؟! أم الظهور (والغلبة) العسكريان؟! هناك اختلاف بين المفسّرين

يعتقد جماعة منهم أنّ هذا الظهور هو الظهور المنطقي والاستدلالي فحسب

__________________

(١) يجري على ألسنة الناس وبعض الأدباء قولهم هذا أسلوب شيّق ، وهذا التعبير خطأ ، والصحيح «شائق» أي مثير للشوق أمّا الشيّق فهو المشتاق (المصحّح).

٤٩٣

وهذا الأمر متحقق ، لأنّ الإسلام متفوّق من حيث الاستدلال والقدرة المنطقية على جميع الأديان.

ولكنّ جماعة آخرين فسّروا هذا الظهور بالغلبة الظاهرية وغلبة القوة ، وموارد استعمال كلمة «يظهر» ومشتقاتها أيضا دليل على الغلبة الخارجية ولهذا يمكن القول أنّه بالإضافة إلى نفوذ الإسلام في مناطق كثيرة واسعة من الشرق والغرب وهي تحت لوائه اليوم وتدين به أكثر من أربعين دولة إسلامية بنفوس يقدّر إحصاؤها بأكثر من مليارد نسمة فإنّه سيأتي زمان على الناس يستوعب الإسلام جميع أرجاء المعمورة «رسميّا» وسيكتمل هذا الأمر بظهور المهدي أرواحنا فداء إن شاء الله.

وكما نقل عن بعض أحاديث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام»(١) .

وسبق أن بحثنا في هذا المجال في نفس هذا التّفسير ذيل الآية (٣٣) من سورة التوبة المشابهة لهذه الآية محل البحث.

وهنا ملاحظة تلتفت النظر إليها وهي أنّ البعض ذهب إلى أنّ التعبير بالهدى إشارة الى استحكام العقائد الإسلامية ، في حين أنّ التعبير بـ «دين الحق» ناظر إلى حقّانية فروع الدين ، إلّا أنّه لا دليل لدينا على هذا التقسيم ، والظاهر أنّ الهداية والحقّانية هما في الأصول والفروع معا

وفي عود الضمير في «ليظهره» هل يعود على الإسلام أم على النبي؟ للمفسّرين احتمالان ، إلّا أنّ القرائن تدل بوضوح على أنّ المقصود هو دين الحق ، لأنّه قريب من الضمير ، هذا من حيث النظم والسبك اللغوي ، كما أنّ المناسب ظهور الدين على الدين الآخر لا ظهور الشخص على الدين ـ أيضا ـ

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ، الجزء ٥ ، ص ٢٥ ، القرطبي نقل هذه الرواية عن النّبي أيضا ذيل الآية ٥٥ من سورة النور ، ج ٧ ، ص ٤٦٩٢.

٤٩٤

وآخر ما نريد بيانه في شأن هذه الآية أنّ جملة( كَفى بِاللهِ شَهِيداً ) إشارة إلى هذه الحقيقة وهي أنّ هذا التوقع أو التنبّؤ لا يحتاج إلى أي شاهد ، لأنّ شاهده الله ، ورسالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا لا تحتاج إلى شاهد آخر ، لأنّ الشاهد هو الله أيضا ، وإذا لم يوافق سهيل بن عمرو وأمثاله على كتابة عنوان (رسول الله) بعد اسم النّبي محمّد فليس ذلك مدعاة للتأثر أبدا.

وفي آخر آية وصف بليغ لأصحاب النّبي الخاصّين والذين كانوا على منهاجه على لسان التوراة والإنجيل وهو مدعاة افتخار لهم إذ أبدوا شهامتهم ورجولتهم في الحديبيّة والمراحل الأخر كما أنّه درس اختبار لجميع المسلمين على مدى القرون والأعصار!

فتقول الآية في البداية :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ) .

سواء رضي به خفافيش الليل كسهيل بن عمرو أم لم يرض به؟! واخفوا أنفسهم عن هذه الشمس التي أشرقت على العالم أجمع أم لم يخفوا؟! فالله يشهد على رسالته ويشهد بذلك العارفون.

ثمّ تصف الآية أصحابه وخلالهم (وسجاياهم) الباطنية والظاهرية ضمن خمس صفات إذ تقول في وصفهم :( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) .

وصفتهم الثانية أنّهم :( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) .

أجل : هم منطلق للمحبّة والرحمة فيما بينهم كما أنّهم نار ملتهبة وسد محكم بوجه أعدائهم الكفّار

وفي الحقيقة أنّ عواطفهم وأفكارهم تتلخّص في هاتين الخصلتين : «الرحمة» و «الشدّة» لكن لا تضادّ في الجمع بينهما أوّلا ، ولا رحمتهم فيما بينهم وشدّتهم على الكفّار تقتضي أن تحيد أقدامهم عن جادّة الحق ثانيا

ثمّ تضيف الآية مبيّنة وصفهم الثّالث فتقول :( تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) .

هذا التعبير يجسد العبادة بركنيها الأساسيين : «الركوع والسجود» على أنّها

٤٩٥

حالة دائمية لهم ، العبادة التي هي رمز للتسليم أمام أمر الله الحق ، ونفي الكبر والغرور والأنانية عن وجودهم.

أمّا الوصف الرابع الذي تذكره الآية عن هؤلاء الأصحاب فهو بيان نيّتهم الخالصة الطاهرة فتقول :( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً ) فهم لا يعملون رياء ولا يبتغون من الخلق الثواب ، بل هدفهم رضا الله وفضله فحسب ، والباعث على تحرّكهم في حياتهم جميعا هو هذا الهدف ليس إلّا!

حتى التعبير بـ «فضلا» يدل على أنّهم معترفون بتقصيرهم ويرون أعمالهم أقل من أن يطلبوا الثواب من الله ، بل إنّهم مع كلّ عبادتهم وأعمالهم الصالحة ما يزالون قائلين : لو لا فضلك يا ربّنا فالويل لنا

أمّا الوصف الخامس فهو عن سيماهم المشرق إذ تقول الآية :( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١) .

«سيما» في الأصل معناها العلامة والهيأة ، سواء أكانت هذه العلامة في الوجه أم في مكان آخر وإن كانت في الاستعمال العرفي تشير إلى علامة الوجه! والأثر الظاهريّ له

وبعبارة أخرى أنّ قيافتهم تدلّ بصورة جيدة أنّهم أناس خاضعون أمام الله والحق والقانون والعدالة ، وليست العلامة في وجوههم فحسب ، بل في جميع وجودهم وحياتهم تبدو هذه العلامة

وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين يرى بأنّ «السيماء» هي الأثر الظاهر في الجبهة من السجود أو أثر التراب عليها من مكان السجدة غير أنّ هذه الآية كما يظهر لها مفهوم أوسع ترتسم ملامحه على وجوه هؤلاء الرجال الربّانيين

وقال بعضهم : هذه الآية إشارة إلى إشراق وجوههم يوم القيامة كالبدر من كثرة

__________________

(١) سيماهم : مبتدأ و «في وجوههم» خبره و «من أثر السجود» قد يكون حالا عن السيماء والأفضل أن تعد (من) نشوية أي : «سيماهم في وجوههم وهذه السيماء والعلامة من أثر سجودهم».

٤٩٦

سجودهم

وبالطبع يمكن أن تكون جباههم ووجوههم على هذه الهيّأة يوم القيامة إلّا أنّ الآية تتحدّث عن وضعهم الظاهري في الدنيا

وقد ورد في حديث عن الإمام الصادق في تفسير هذه الجملة أنّه قال : «هو السهر في الصلاة!»(١) .

ولا مانع من الجمع بين هذه المعاني كلّها!

وعلى كلّ حال فإنّ القرآن يضيف بعد بيان هذه الأوصاف :( ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ) ! فهذه حقيقة مقولة قبلا وأوصاف وردت في كتاب سماوي نزل منذ أكثر من ألفي عام

ولكن لا ينبغي أن ننسى أنّ التعبير بـ( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) يحكي عن معيّة النّبي في كلّ شيء ، في الفكر والعقيدة والأخلاق والعمل لا عن أولئك الذين كانوا في عصره ـ وإن اختلفوا وإيّاه في المنهج.

ثمّ يتحدّث القرآن عن وصفهم في كتاب سماوي كبير آخر وهو الإنجيل فيقول :( وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) (٢) .

«الشطأ» : معناه الفسيل أو البرعم الذي يخرج إلى جانب الساق الأصلي للزرع و «آزره» مشتقّ من المؤازرة أي المعاونة.

و «استغلظ» مشتقّ من مادة الغلظة ، أي أنّه متين

__________________

(١) «من لا يحضره الفقيه» و «روضة الواعظين» ، طبقا لما ورد في تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٨.

(٢) هناك كلام بين المفسّرين في جملة «ومثلهم في الإنجيل» أهي جملة مستقلة ووصف آخر عن أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ما وصفوا في التوراة ، أم هي معطوفة على جملة ذلك مثلهم في التوراة؟ فيكون الوصفان مذكورين في كتابين سماويين! الظاهر أنّ الآية ذكرت الوصفين كلّا على حدة في كتاب سماوي ولذلك كرّرت كلمة «مثلهم» ولو كان هذا الوصف معطوفا على السابق لاقتضت الفصاحة أن يكون التعبير : ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل.

٤٩٧

وجملة «استوى على سوقه» مفهومها أنّ هذا الزرع بلغ قدرا من المتانة بحيث ثبت على سيقانه : و «سوق» جمع ساق ـ والتعبير بـ «يعجب الزرّاع» يعني أنّ هذا الزرع يكون سريع النمو كثير البراعم وافر النتاج إلى درجة يسرّ به الزراع ويعجبون منه ، والطريف أنّ وصفهم الثّاني في الإنجيل جاء على خمسة أمور أيضا هي :

١ ـ أخراج الشطأ. ٢ ـ والمؤازرة للنموّ. ٣ ـ والاستغلاظ. ٤ ـ والإستواء.

٥ ـ والنمو المعجب.

وفي الحقيقة إنّ أوصافهم المذكورة في «التوراة» تتحدّث عن أبعاد وجودهم من جهة العواطف والأهداف والأعمال وصورتهم الظاهرية

وأمّا الأوصاف الواردة في «الإنجيل» فهي تتحدّث عن حركتهم ونموّهم وتكاملهم في جوانب مختلفة (فلاحظوا بدقة).

أجل هم أناس متّصفون بصفات عليا لا يفترون عن الحركة لحظة واحدة وتتنامى براعمهم دائما ويثمرون ويتآزرون كلّ حين وينشرون الإسلام بأقوالهم وأعمالهم في العالم ويوما بعد يوم يزداد عددهم في المجتمع الإسلامي!

أجل ، إنّهم لا يتكاسلون في حركتهم المتّجهة إلى الإمام دائما ، وهم في حال عبادتهم مجاهدون ، وفي حال جهادهم عابدون ظاهرهم سوي ، وباطنهم سليم ، وعواطفهم صادقة ، ونيّاتهم خالصة ، وهم مظهر غضب الله بوجه أعداء الحق ، ومظهر الرحمة بوجه إخوانهم.

ثمّ تضيف الآية معقّبة : أنّ هذه الأوصاف العليا وهذا النمو والتكامل السريع وهذه الحركة المباركة بقدر ما تعجب المحبّين وتسرّهم فهي في الوقت ذاته :( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) (١) .

__________________

(١) يرى كثير من المفسّرين أنّ اللام في جملة «ليغيظ بهم الكفّار» هي لام التعليل ، فيكون مفهوم الجملة : إنّ هذه القوّة والقدرة جعلها الله نصيب أصحاب محمّد ليغيظ بهم الكفّار

٤٩٨

ويضيف القرآن مختتما هذه الآية المباركة :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) .

بديهي أنّ أوصاف أصحاب النّبي التي وردت في بداية الآية محل البحث جمعت فيها الإيمان والعمل الصالح ، فتكرار هذين الوصفين إشارة إلى استمرارهما وديمومتهما : أي أنّ الله وعد أولئك الذين بقوا على نهجهم من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستمروا بالإيمان والعمل الصالح ، وإلّا فإنّ من كان يوما مع النّبي ويوما آخر مع سواه وعلى خلاف طريقته فلا يشملون بهذا الوعد أبدا.

والتعبير بـ «منهم» مع الالتفات إلى هذه المسألة ، وهي أنّ الأصل في كلمة «من» في مثل هذه الموارد التبعيض ، وظاهر الآية يعطي هذا المعنى أيضا ، وهذا التعبير يدلّ على أنّ أصحاب النّبي ينقسمون قسمين ـ فطائفة منهم ـ يواصلون إيمانهم وعملهم الصالح وتشملهم رحمة الله الواسعة وأجره العظيم ، وطائفة يحيدون عن نهجه فيحرمون من هذا الفيض العظيم!

وليس معلوما السبب في إصرار بعض المفسّرين على أنّ «من» في كلمة «منهم» بيانيّة حتما ، في حين لو ارتكبنا خلاف الظاهر وقلنا إنّ من هنا بيانية فكيف يمكن أن ندع القرائن العقلية هنا ، فلا أحد يدّعي أبدا أنّ جميع أصحاب النّبي معصومون وفي هذه الصورة يزول احتمال أنّ كلّ واحد منهم بقي على عمله الصالح وإيمانه ، ومع هذه الحال فكيف يعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم دون قيد وشرط سواء عملوا الصالحات في طول مسيرتهم ، أو أن يعملوا الصالحات في وقت ، ثمّ ينحرفوا من منتصف الطريق!

وهذه اللطيفة تستدعي الالتفات وهي أنّ جملة :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) لا تعني المرافقة الجسدية مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمصاحبة الجسمانية لأنّ المنافقين كانوا على هذه الشاكلة أيضا بل المراد من «معه» هو المعيّة من جهة أصول الإيمان

٤٩٩

والتقوى قطعا فبناء على هذا لا يمكننا أن نستنتج حكما كليّا من الآية الآنفة في شأن جميع المعاصرين والمجالسين للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

* * *

بحثان

١ ـ قصة تنزيه الصحابة!

المعروف بين علماء أهل السنّة أنّ صحابة رسول الله جميعا أولو امتياز خاص دون سائر الناس من أمّة محمّد فهم مطهّرون أزكياء معصومون من الزلل وليس لنا الحق في انتقاص أي منهم أو انتقاده ويحرم الإساءة إليهم بالكلام وغيره ، حتى أنّ بعضهم قال بكفر من يفعل ذلك واستدلّوا على ذلك بآيات من الذكر الحكيم منها هذه الآية :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )

وبالآية (١٠٠) من سورة التوبة إذ تعبّر عن المهاجرين والأنصار بعد ذكرهم في آيات سابقة بقولها :( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )

ولكنّنا إذا ابتعدنا عن الأحكام المسبقة الاعتباطية ، فسنجد أمامنا قرائن تتزلزل عندها هذه العقيدة!

الأولى : إنّ جملة :( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) الواردة في سورة التوبة لا تخصّ المهاجرين والأنصار فحسب ، لأنّ في الآية تعبيرا آخر وهو :( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ ) يشمل كلّ من يتّبعهم بالإحسان والصلاح إلى يوم القيامة

فكما أنّ «التابعين» إذا كانوا في خط الإيمان يوما وفي خط الكفر والإساءة يوما آخر يخرجون من خيمة رضا الله ، فإنّ الموضوع ذاته وارد في الصحابة لأنّهم في آخر سورة الفتح مقيّدون بالإيمان والعمل الصالح أيضا بحيث لو خرجوا عن هذا القيد ولو يوما واحدا لخرجوا عن رضوان الله سبحانه

وبتعبير آخر : إنّ كلمة «بإحسان» هي في شأن التابعين والمتبوعين جميعا ، فأي

٥٠٠

يقوم على رأسه ملائكة، بيد كلّ ملك كأس من ماء الكوثر وكأس من الخمر، يسقون روحه حتّى تذهب سكرته ومرارته، ويبشّرونه بالبشارة العظمى، ويقولون له: طبت وطاب مثواك، إنّك تقدم على العزيز الكريم، الحبيب القريب، فتطير الرّوح من أيدي الملائكة، فتصعد إلى الله تعالى، في أسرع من طرفة عين، ولا يبقى حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى، والله عزّوجلّ إليها مشتاق، ويجلس على عين عند العرش، ثمّ يقال لها: كيف تركت الدّنيا؟ فيقول: إلهي وعزّتك وجلالك، لا علم لي بالدّنيا، أنا منذ خلقتني خائف منك، فيقول الله: صدقت عبدي، كنت بجسدك في الدّنيا، وروحك معي، فأنت بعيني سرّك وعلانيتك، سل أُعطك، وتمن عليّ فأُكرمك، هذه جنّتي مباح فتسيح(١) فيها، وهذا جواري فاسكنه، فتقول الرّوح: إلهي عرفتني نفسك، فاستغنيت بها عن جميع خلقك، وعزّتك وجلالك، لو كان رضاك في أن اقطّع إربا إربا، وأُقتل سبعين قتلة، بأشدّ ما يقتل به الناس، لكان رضاك أحبّ اليّ، كيف أُعجب بنفسي؟ وأنا ذليل إن لم تكرمني، وأنا مغلوب إن لم تنصرني، وأنا ضعيف إن لم تقوّني، وأنا ميّت إن لم تحيني بذكرك، ولو لا سترك لافتضحت أوّل مرّة عصيتك، إلهي كيف لا اطلب رضاك؟ وقد أكملت عقلي حتّى عرفتك، وعرفت الحقّ من الباطل، والأمر من النهي، والعلم من الجهل، والنّور من الظلمة، فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي، لا أحجب بيني وبينك في وقت من الأوقات، كذلك افعل باحبّائي ».

[ ٨٧٤٤ ] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ الله تعالى، جعل حسنات بني آدم بعشرة

____________________________

(١) في المصدر: فتبيح فتبحج.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

٥٠١

امثالها، إلّا الصوم فإنّه قال: الصوم لي وأنا أجزي به » وفي دعواته، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « دعوة الصائم تستجاب عند افطاره » وقالعليه‌السلام : « للصائم عند إفطاره دعوة لا تردّ » وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صوموا تصحّوا ».

[ ٨٧٤٥ ] ١٢ - البحار، عن اعلام الدّين للدّيلمي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ في الجنّة بابا يقال له: الرّيان، لا يدخل منه إلّا الصّائمون، فإذا دخل آخرهم أُغلق ذلك الباب ».

[ ٨٧٤٦ ] ١٣ - الشيخ الطّوسي في مجالسه: عن جماعة، عن أبي المفضّل محمّد بن عبدالله الشّيباني، عن أبي الحسين رجاء بن يحيى، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمان الأصّم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبدالله بن أبي دُنَيّ(١) ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلى، عن ابي الأسود، عن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أبا ذر، إنّ الله جلّ ثناؤه، ليدخل قوما الجنّة فيعطيهم حتّى يملوا(٢) ، وفوقهم قوم في الدّرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم، فيقولون: ربّنا إخواننا كنّا معهم في الدّنيا، فبم فضّلتهم علينا؟ فيقال: هيهات هيهات، إنّهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين

____________________________

١٢ - البحار ج ٩٦ ص ٢٥٦ ح ٣٧.

١٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١١٤.

(١) كان في الطبعة الحجرية « وهب بن عبدالله الهادي »، والصحيح ما أثبتناه، راجع هامش ١ من الحديث ١٥ من الباب ١١ من أبواب مقدمة العبادات.

(٢) في المصدر: تنتهي أمانيهم.

٥٠٢

تنامون، ويشخصون حين تحفظون(٣) ».

[ ٨٧٤٧ ] ١٤ - ابن أبي جمهور الأحسائي في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الله تعالى: كلّ عمل لبني آدم الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلّا الصيام فإنّه لي و أنا أُجزي به، يترك الطّعام بشهوته من أجلي، هو لي وأنا أُجزي به، ويترك الشّراب بشهوته لأجلي، هو لي وأنا أُجزي به، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله رائحة من المسك ».

[ ٨٧٤٨ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « قال ربّنا جلّ وعلا: الصيام جنّة يسجّن بها العبد من النار، وهو لي وأنا أُجزي به ».

[ ٨٧٤٩ ] ١٦ - وعن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قال الله تعالى: كلّ عمل بني آدم له إلّا الصيام فإنّه لي، وأنا أُجزي به، والصيام جنّة العبد، يقي المؤمن يوم القيامة، كما يقي أحدكم سلاحه في الدّنيا، واخلاف(١) الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك، والصائم يفرح مرّتين: حين يفطر فيشرب الماء، ويوم يلقاني فأُدخله الجنّة ».

____________________________

(٣) (تحفظون) الظاهر أنّه تصحيف ولعلّ صوابه (تخفضون) من الخفض، وهو الدعة والخصب ولين العيش وسعته، (لسان العرب - خفض - ج ٧ ص ١٤٥) بقرينة (يشخصون) أي يخرجون إلى القتال وأنتم وادعون في خفض العيش، في الحديث « لم يزل شاخصاً في سبيل » الشاخص: الّذي لا يترك الغزو. (لسان العرب ج ٧ ص ٤٦).

١٤، ١٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

١٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

(١) الخلوف: رائحة الفم المتغير، وأخلف لغة فيه (مجمع البحرين - خلف - ج ٥ ص ٥٣) فيصح اشتقاق (إخلاف) من (أخلف).

٥٠٣

[ ٨٧٥٠ ] ١٧ - وعنه: في الصّحيح قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ثلاثة لا تردّ لهم دعوة: الصائم حين يفطر » الخبر.

[ ٨٧٥١ ] ١٨ - وعن سلامة بن قيصر قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « من صام يوماً ابتغاء وجه الله، باعده الله من جهنّم، كبعد غراب طار وهو فرخ حتّى مات هرما ».

[ ٨٧٥٢ ] ١٩ - وعن الشّعبي، عن جرير بن عبدالله، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صام يوماً تطوّعا واحتسابا، باعده من النار أربعين خريفا ».

[ ٨٧٥٣ ] ٢٠ - وعن عبد الرحمان بن غنم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صام(١) يبتغي بذلك وجه الله، باعد الله بينه وبين النار، مسير خمسين عاما للرّاكب المسرع ».

٢ -( باب استحباب الصوم في الحرّ، واحتمال الظلمأ فيه)

[ ٨٧٥٤ ] ١ - جعفر بن أحمد القمّي في كتاب الغايات: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أفضل الجهاد، الصوم في الحرّ ».

____________________________

١٧ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

١٨ - درر اللآلي ج ١ ص ١٨.

١٩، ٢٠ - درر اللآلي ج ١ ص ١٨.

(١) في المصدر زيادة: يوماً.

الباب - ٢

١ - الغايات ص ٧٤.

٥٠٤

[ ٨٧٥٥ ] ٢ - البحار، عن كتاب الإمامة والتّبصرة لعليّ بن بابويه: عن الحسن ابن حمزة العلوي، عن علي بن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن ابيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصوم في الحرّ جهاد ».

[ ٨٧٥٦ ] ٣ - ( أبو علي ابن الشيخ الطّوسي في أماليه ): عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النّوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قام أبو ذررحمه‌الله عند الكعبة، فقال: أنا جندب بن السّكن، فاكتنفه النّاس، فقال: لو أنّ أحدكم أراد سفرا اتّخذ فيه من الزّاد ما يصلحه، فسفر يوم القيامة أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فقام إليه رجل، فقال: أرشدنا، فقال: صم يوماً شديد الحرّ للنّشور، وحجّ حجّة لعظائم الأُمور، وصلّ ركعتين في سواد اللّيل، لوحشة القبور » الخبر.

[ ٨٧٥٧ ] ٤ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: ومن صفات مولانا عليعليه‌السلام في ليله، ما ذكره نوف لمعاوية بن أبي سفيان، وأنّه ما فرش له فراش في ليل قطّ، ولا أكل طعاما في هجير قطّ.

[ ٨٧٥٨ ] ٥ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « حبّب اليّ الصوم بالصّيف، وقرئ الضّيف، والضرب في

____________________________

٢ - البحار ج ٩٦ ص ٢٥٧ ح ٤٠ بل عن جامع الأحاديث ١٦.

٣ - بل الصدوق عن أبيه في الخصال ص ٤٠ ح ٢٦، ورواه المفيد في أماليه ص ٢١٥، وأخرجه المجلسي عنهما في البحار ج ٧٨ ص ٤٤٧ ح ٩.

٤ - فلاح السائل ص ٢٦٧.

٥ - لب اللباب: مخطوط.

٥٠٥

سبيل الله بالسّيف ».

[ ٨٧٥٩ ] ٦ - وفيه: في حديث وفاة مريم، أنّ عيسىعليهما‌السلام ، ناداها بعد ما دفنت فقال: يا أُمّاه، هل تريدين أن ترجعي إلى الدّنيا؟ قالت: نعم، لأُصلّي لله في ليلة شديدة البرد، وأصوم يوماً شديد الحرّ، يا بنيّ، فإنّ الطّريق مخوف.

[ ٨٧٦٠ ] ٧ - نهج البلاغة: قالعليه‌السلام : « عباد الله، إنّ تقوى الله حمت أولياءه محارمه، والزمت قلوبهم مخافته، حتّى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم » الخبر.

[ ٨٧٦١ ] ٨ - مجموعة الشهيد: نقلاً من كتاب الأنوار، حدّثنا محمّد بن فتح العسكري، قال: حدّثنا أحمد بن عبدالله بن يزيد، قال: حدّثنا عبدالله بن عبد الجبّار اليماني، قال: حدّثني ابراهيم بن محمّد بن أبي يحيى، قال: قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : « من سوابق الأعمال، شهادة أن لا اله إلّا الله - إلى ان قال - وإسباغ الوضوء في الليلة الباردة، والصوم في اليوم الحارّ » الخبر.

٣ -( باب استحباب الصوم عند غلبة شهوة الباه، وتعذّره حلالا)

[ ٨٧٦٢ ] ١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________________

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٧ - نهج البلاغة ج ١ ص ٢٢٢ ح ١١٠.

٨ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

الباب - ٣

١ - لب اللباب: مخطوط.

٥٠٦

أنّه قال: « يا معشر الشّبان، من استطاع منكم الباه(١) فليتزوّج، ومن لم يقدر، فعليه بالصوم فإنّه له وجاء(٢) » وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال لعثمان بن مظعون: « واختصاء أُمتي الصوم ».

[ ٨٧٦٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « جاء عثمان بن مظعون، إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، قد غلبني حديث النّفس، ولم احدث شيئاً حتّى استأمرتك، قال: بم حدّثتك نفسك يا عثمان؟ قال: هممت أن اسيح في الأرض، قال: فلا تسح فيها، فإنّ سياحة أُمّتي المساجد - إلى ان قال - وهممت أن أجبّ(١) نفسي، قال: يا عثمان، ليس منّا من فعل ذلك بنفسه، ولا بأحد، انّ وجاء أُمّتي الصيام ».

٤ -( باب استحباب صوم كلّ خميس، وكلّ جمعة، وجملة من الصوم المندوب)

[ ٨٧٦٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار، فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين، وصوم أيّام البيض، وصوم ستة أيام من شهر شوّال، بعد الفطر بيوم، ويوم

____________________________

(١) الباه: النكاح الزواج. (لسان العرب - بوه - ج ١٣ ص ٤٧٩).

(٢) الوِجاء: الخصاء. (مجمع البحرين - وجأ ج ١ ص ٤٢٩).

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٩٠ ح ٦٨٨.

(١) الجَبّ: قطع الذكر. (مجمع البحرين - جبب - ج ٢ ص ٢١).

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٥٠٧

عرفة، ويوم عاشوارء، كلّ ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر ».

ورواه الصدوق في الهداية(١) : عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله.

[ ٨٧٦٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن علي (صلوات الله عليه)، أنّه قال: « من صام يوم الجمعة محتسبا، فكأنما صام ما بين الجمعتين، ولكن لا يخصّ يوم الجمعة [ بالصوم ](١) وحده، إلّا أن يصوم معه غيره قبله أو بعده، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى أن يخصّ يوم الجمعة بالصوم ما(٢) بين الأيّام ».

[ ٨٧٦٦ ] ٣ - كتاب العروس للشيخ جعفر بن أحمد القمّي: عن ابن مريم(١) ، قال: قال عليعليه‌السلام : « لا يدخل الصائم الحمّام، ولا يحتجم، ولا يتعمّد صوم يوم الجمعة، إلّا أن يكون من أيّام صيامه ».

[ ٨٧٦٧ ] ٤ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه قال(١) : « كان أخاه يصوم ستّة

____________________________

(١) الهداية ص ٥٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: من.

٣ - كتاب العروس ص ٥٢، وعنه في البحار ج ٨٩ ص ٣٥٥.

(١) كذا في الطبعة الحجرية، والظاهر أنّه « أبي مريم » راجع رجال الشيخ الطوسي ص ٦٤.

٤ - الجعفريات ص ٥٩.

(١) قال: ليس في المصدر، واستظهرها المصنف (قدّه).

٥٠٨

أيام بعد شهر رمضان، ويقول: بلغني أنّه من صامها، فقد صام تمام السنة ».

[ ٨٧٦٨ ] ٥ - ابراهيم بن محمّد الثّقفي في كتاب الغارات: عن يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن ابراهيم، عن عبدالله بن الحسن، عن عباية، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في كتابه إلى محمّد بن ابي بكر: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صام شهر رمضان، ثمّ صام ستة ايام من شوّال، فكأنّما صام السنة ».

[ ٨٧٦٩ ] ٦ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يصوم الاثنين والخميس في كلّ أسبوع، ويقول: « إنّهما يومان يعرض فيهما الأعمال، على ربّ العالمين ».

[ ٨٧٧٠ ] ٧ - وعن ابي أيّوب الأنصاري قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « من صام رمضان، ثمّ أتبعه ستّا من شوّال، فذلك كصيام الدّهر ». وفي حديث آخر، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صام رمضان، وأتبعه ستّة أيّام من شوّال، فكأنّما صام السّنة ».

٥ -( باب استحباب الصوم في الشتاء)

[ ٨٧٧١ ] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتّبصرة، لعليّ بن بابويه: عن

____________________________

٥ - الغارات ج ١ ص ٢٥٠.

٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

الباب - ٥

١ - البحار ج ٩٦ ص ٢٥٧ ح ٤٠، بل عن جامع الأحاديث ص ١٥.

٥٠٩

الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن محمّد بن ابي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصوم في الشتاء، الغنيمة الباردة ».

[ ٨٧٧٢ ] ٢ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن ابراهيم بن هاشم، عن النّوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنيمة الباردة، الصوم في الشتاء ».

٦ -( باب تأكّد استحباب صوم ثلاثة ايام من كلّ شهر أوّل خميس، وآخر خميس، ووسط اربعاء)

[ ٨٧٧٣ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن جابر، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، يقول: « صيام ثلاثة أيّام من الشهر، صيام الدّهر، ويذهبن بوساوس الصّدر، وبلابل القلب ».

[ ٨٧٧٤ ] ٢ - الشيخ شرف الدّين النّجفي في تأويل الآيات: عن تفسير الثّقة محمّد بن العباس الماهيار، عن أحمد بن هوزة، عن ابراهيم بن اسحاق، عن عبدالله بن حمّاد، عن هاشم الصّيداوي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « يا هاشم، حدّثني أبي وهو خير منّي، عن

____________________________

٢ - البحار ج ٩٦ ص ٢٥٧ ح ٤٠، بل عن جامع الأحاديث ص ١٩.

الباب - ٦

١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي ص ٦٤.

٢ - تأويل الآيات ص ٢٤٢.

٥١٠

جدي، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من رجل من فقراء شيعتنا، إلّا وليس عليه تبعة »، قلت: جعلت فداك، وما التّبعة؟ قال: « من الإحدى والخميس ركعة، ومن صوم ثلاثة أيّام من الشهر، فإذا كان يوم القيامة، خرجوا من قبورهم ووجوههم مثل القمر ليلة البدر » الخبر.

[ ٨٧٧٥ ] ٣ - كتاب العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في حديث قال: « ثمّ صامصلى‌الله‌عليه‌وآله يومين - إلى أن قال - ثمّ إلى(١) بعد ذلك، إلى صيام ثلاثة ايام، في كلّ شهر ».

[ ٨٧٧٦ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « وأمّا ما يلزم في كلّ سنة، فصوم شهر معلوم، مردود عليهم ذلك الشهر كلّ سنة، وهو شهر رمضان، ومن السنة(١) سنة وهي مثل الفريضة المفروضة(٢) ، ثلاثة أيّام من كلّ شهر، يوم من كلّ عشرة أيّام، اربعاء بين خميسين، أوّل خميس يكون في [ أوّل ](٣) الشهر، والأربعاء التي تكون أقرب إلى نصف الشهر، والخميس الّذي يكون في آخر الشهر، الّذي لا يكون فيه خميس بعده، ويصوم شعبان، فذلك

____________________________

٣ - كتاب علاء بن رزين ص ١٥٤.

(١) كذا والصحيح آل: أي رجع. (لسان العرب - أول - ج ١١ ص ٣٢).

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٣.

(١) في المصدر: الصوم.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٥١١

(شهران مثل)(٤) الفريضة، يعني أنّه يصوم من [ كلّ ](٥) عشرة اشهر ثلاثين يوما، ويصوم شعبان فذلك شهران ».

[ ٨٧٧٧ ] ٥ - وروينا عنه، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام ثلاثه أيام من كلّ شهر، كان كمن صام الدّهر، لأن الله عزّوجلّ يقول:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (١) ».

وعن علي، وأبي جعفر، وأبي عبداللهعليهم‌السلام مثل ذلك.

[ ٨٧٧٨ ] ٦ - الصدوق في العيون: عن جعفر بن نعيم بن شاذان عن أحمد بن إدريس، عن ابراهيم بن هاشم، عن ابراهيم بن العباس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ، جفى أحدا بكلامه قط - إلى أن قال - وكان كثير الصيام، فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: « ذلك صوم الدّهر » الخبر.

[ ٨٧٧٩ ] ٧ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صام ثلاثة [ أيّام ](١) من الشهر، فقيل له:

____________________________

(٤) في المصدر: مِثلا.

(٥) أثبتناه من المصدر.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٣.

(١) الأنعام ٦: ١٦٠.

٦ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٧.

٧ - الجعفريات ص ٥٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥١٢

أصائم أنت الشهر كلّه؟ فقال: نعم، فقد صدق، فقرأ:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٢) ».

ورواه السيد فضل الله الراوندي(٣) بإسناده الصحيح، عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٧٨٠ ] ٨ - السيد علي بن طاووس في فرج المهموم: نقلاً من كتاب التّوقيعات، لعبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، بإسناده إلى الكاظمعليه‌السلام ، في حديث، أنّه كتب إلى علي بن جعفرعليه‌السلام ، وذكر الكتاب، وفيه: « مرّ فلانا - لا فجعنا الله به - بما يقدر عليه من الصّيام، (على ما أصف)(١) ، إمّا كلّ يوم، أو يوماً(٢) ، أو ثلاثة في الشهر » الخبر.

ونقله أيضا عن كتاب التوقيع، من أُصول الأخبار، لعبدالله بن الصّلت، مثله(٣) .

[ ٨٧٨١ ] ٩ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن أبي قتادة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، من رمضان إلى رمضان، صوم الدّهر ».

____________________________

(٢) الأنعام ٦: ١٦٠.

(٣) نوادر الراوندي ص ٣٤.

٨ - فرج المهموم ص ١١٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) وفيه زيادة: ويوما.

(٣) نفس المصدر ص ١١٤.

٩ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٥١٣

٧ -( باب أنّه يجزئ في صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، صوم أربعاء بين خميسين، وبالعكس، وصوم ثلاثة أيام في كلّ عشر يوم، وصوم الأربعاء والخميس والجمعة، وصوم الاثنين والأربعاء والخميس)

[ ٨٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وما يلزمه من صوم السنة، فضل الفريضة، وهو ثلاثة أيّام في كلّ شهر، اربعاء بين الخميسين ».

[ ٨٧٨٣ ] ٢ - زيد الزّراد في أصله: قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شعبان ووصله بشهر رمضان، وصام ثلاثة أيّام في كلّ شهر، أربعاء بين خميسين، فذلك سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضى عليها، وهي تمام لصوم شهر رمضان ».

٨ -( باب جواز تقديم الثلاثة الأيام في كلّ شهر، وتأخيرها إلى آخر الشهر، وإلى الأيام القصار، ومن الصيف إلى الشتاء، وجواز تتابعها وتفريقها)

[ ٨٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن أردت سفرا، وأردت أن تقدّم من صوم السنة شيئا، فصم ثلاثة أيام للشهر الّذي تريد الخروج فيه ».

____________________________

الباب - ٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٢ - كتاب زيد الزراد ص ٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٥١٤

٩ -( باب استحباب صيام ايام البيض، وهي الثالث عشر، والرّابع عشر، والخامس عشر)

[ ٨٧٨٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا ابي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دخلت الجنّة فرأيت أكثر أهلها الّذين يصومون أيام البيض ».

[ ٨٧٨٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان كثيرا ما يصوم أيّام البيض، وهو يوم ثلاثة عشر، ويوم أربعة عشر، ويوم النّصف من الشهر.

[ ٨٧٨٧ ] ٣ - تفسير العسكريعليه‌السلام قال: « لمـّا زالت الخطيئة من آدمعليه‌السلام ، وأُخرج من الجنّة، وفّقه الله للتّوبة، قال: يا ربّ، لا إله إلّا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوء وظلمت نفسي، فتب عليّ إنّك أنت التّواب الرّحيم، بحق محمّد وآله الطّيبين، واخيار اصحابه المنتجبين، فقال الله تعالى: لقد قبلت توبتك، وآية ذلك أنّي أُنقي بشرتك فقد تغيّرت، وكان ذلك لثلاثة عشر من شهر رمضان، فصم هذه الثّلاثة أيّام التي تستقبلك، فهي أيّام البيض، ينقي الله في كلّ يوم بعض بشرتك، فصامها فنقى في كلّ يوم ثلث بشرته ».

____________________________

الباب - ٩

١ - الجعفريات ص ٥٩.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٤.

٣ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٥٧، وعنه في البحار ج ٩٧ ص ١٠٩ ح ٤٩.

٥١٥

[ ٨٧٨٨ ] ٤ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن العيسى(١) ، عن أبيه قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأمرنا أن نصوم أيّام الليالي البيض: ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر، وقال: هو كهيئة صوم الدهر.

[ ٨٧٨٩ ] ٥ - وعن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كان منكم صائما من الشهر، فليصم الثّلاث البيض ».

١٠ -( باب استحباب صوم يوم وإفطار يوم)

[ ٨٧٩٠ ] ١ - كتاب العلاء بن رزين: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث - قال: « ثمّ صامصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يومين وأفطر يوما، وكان ذلك صوم داود، قال: ثمّ صام يوماً وأفطر يوما، قال: ثمّ آل بعد ذلك إلى [ صيام ](١) ثلاثة أيام في كلّ شهر ».

[ ٨٧٩١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يصوم حتّى يقال: لا يفطر، ويفطر حتّى يقال: لا يصوم، وكان

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

(١) هو عيسى بن لقيم العبسي الدَّجّاج، ولقيم الدَّجّاج من أصحاب النبي، ذكره الحافظ في كتاب الحيوان: أنّه مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة خيبر. الاصابة ج ٣ ص ٥١ و ٣٣١ وأُسد الغابة ج ٤ ص ١٦٦.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

الباب - ١٠

١ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٤.

٥١٦

ربّما صام يوماً وأفطر يوماً ويقول: « هو أشدّ الصيام، وهو صيام داودعليه‌السلام ».

[ ٨٧٩٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أفضل الصيام صوم داودعليه‌السلام ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ».

[ ٨٧٩٣ ] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ أحبّ الصيام إلى الله، صيام داودعليه‌السلام » الخبر.

[ ٨٧٩٤ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صيام نوحعليه‌السلام ، الدّهر كلّه، إلّا يوم الفطر ويوم الأضحى، وصيام داود، نصف الدهر، وصيام إبراهيم، ثلاثة أيّام من كلّ شهر، صام الدهر، وأفطر الدّهر ».

١١ -( باب استحباب صوم يوم الغدير، وهو ثامن عشر ذي الحجة، واتَّخاذه عيدا، وكثرة العبادة فيه، وخصوصاً الإطعام، والصدقة، ولبس الجديد)

[ ٨٧٩٥ ] ١ - السيد علي بن طاووس في الإقبال: عن محمّد بن علي الطّرازي في كتابه، عن محمّد بن سنان، عن داود بن كثير الرّقي، عن عمارة بن جوين أبي هارون العبدي، ورويناه بأسانيدنا إلى الشيخ المفيد، فيما رواه عن عمارة بن جوين العبدي أيضا، قال: دخلت على أبي عبدالله

____________________________

٣ - درر اللآلي: ج ١ ص ١٨.

٤ - ٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٨.

الباب - ١١

١ - إقبال الأعمال ص ٤٧٢.

٥١٧

عليه‌السلام ، في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، فوجدته صائما، فقال: « إن هذا اليوم يوم عظم الله حرمته على المؤمنين، إذ اكمل الله لهم الدّين » - إلى أن قال - فقلت له: جعلت فداك، فما ثواب صوم هذا اليوم؟ فقال: « إنّه يوم عيد وفرح وسرور، وصوم شكراً لله عزّوجلّ، فإن صومه يعدل ستّين شهرا من الأشهر الحرم » الخبر.

١٢ -( باب استحباب صوم يوم النصف من رجب، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه)

[ ٨٧٩٦ ] ١ - السيد فضل الله الراوندي في كتاب النوادر: عن أبي المحاسن، عن أبي عبدالله، عن أبي العباس وابي جعفر، عن ابراهيم عن عبدالله بن سليمان، عن أبي الصالح الشجري(١) ، عن سعيد بن سعيد، عن سفيان الثّوري، عن الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « في سابع وعشرين من رجب، بعث الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن صام ذلك اليوم، كان كفّارة ستين ويعصمه الله تعالى من إبليس وجنوده، فإن مات في يومه أو في ليلته مات شهيدا، ويجعل الله تعالى روحه، في حواصل طير أخضر، يسرح في الجنّة حيث شاء، ويجعل الله له نصيبا في عبادة العابدين والمجاهدين والشاكرين والذّاكرين، الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذي بعثني بالحقّ، إذا صام العبد والامة، و (مات ليلته)(٢) غفر الله ذنوبه

____________________________

الباب - ١٢

١ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٧ ص ٥١ ح ٤٠.

(١) في البحار: أبو صالح السجزي.

(٢) في البحار: قام ليله.

٥١٨

فيما بينه وبين ربّه، إن كان ذنوبه بعدد نجوم السّماء، وقطر المطر، وورق الشجر، وأيّام الدّهر ويجعل الله تعالى له نصيبا في ثواب جبرئيل وميكائيل واسرافيل، وملك الموت والرّوحانيّين معه، والكروبيّين، وحملة العرش، والذي بعثني بالحقّ، يجعل [ الله ](٣) له نصيبا في عبادة ملائكة السّبع سموات، وإذا أتى ملك الموت لقبض روحه، قبضه على الإيمان، ويخرج من قبره ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ويمرّ على الصّراط كالبرق الخاطف، ويعطى كتابه بيمينه، ويثقل ميزانه، ولا يخاف إذا خاف الناس، ويعطيه الله تعالى في جنة الفردوس، سبعين الف مدينة، في كلّ مدينة سبعون الف قصر، وكلّ قصر منها خير من الدّنيا وما فيها، وفي كلّ قصر ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ».

[ ٨٧٩٧ ] ٢ - وعن أبي المحاسن، عن أبي عبدالله، عن محمّد بن احمد، عن عقيل بن سمر، عن محمّد بن عمران، عن محمّد بن عبدالله، عن عبد الرحيم بن محمّد، عن خالد بن يزيد، عن محمّد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال: كان يقول في سبع وعشرين ليلة خلت من رجب: بعث الله تعالى محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن صلى تلك الليلة اثنتي عشرة ركعة، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب سبع مرّات، ثمّ صام ذلك اليوم، كان كفّارة ستين سنة.

[ ٨٧٩٨ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب،

____________________________

(٣) أثبتناه من البحار.

٢ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٧ ص ٥١ ح ٤١.

٣ - المقنع ص ٦٥.

٥١٩

كان كصيام(١) ستّين شهرا.

١٣ -( باب استحباب صوم التّاسع والعشرين من ذي القعدة)

[ ٨٧٩٩ ] ١ - الصدوق في المقنع: وفي تسع وعشرين من ذي القعدة، أنزل الله الكعبة، وهي أوّل رحمة نزلت، فمن صام ذلك اليوم، كان كفّارة سبعين(١) سنة.

١٤ -( باب استحباب صوم أوّل يوم من ذي الحجة، ويوم التّروية وهو ثامنه، وجميع العشر إلّا العيد)

[ ٨٨٠٠ ] ١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ومن صام يوماً من أيّام العشر، كتب الله له بكلّ يوم أجر سنة، وبكلّ ليلة قام إلى الصلاة أجر ليلة القدر ».

[ ٨٨٠١ ] ٢ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن بعض أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يصوم تسع ذي الحجة، وثلاثة أيام من كلّ شهر.

____________________________

(١) في المصدر: كفارة وفي هامشه: في نسخة: كان كصيام ستين شهراً وهو الموافق بعدة أخبار.

الباب - ١٣

١ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر: ٩٠ وفي هامشه: في نسخة: ٧٠ وهو الموافق لمـّا رواه في من لا يحضره الفقيه مرسلا.

الباب - ١٤

١ - لب اللباب: مخطوط

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592