الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 624

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 624 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196930 / تحميل: 5659
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ) .

١٠ ـ يتصوّرون ويتخيّلون دائما أنّهم أعزّاء ، بينما الآخرون أذلّة( لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) .

هذا علما بأنّ علامات المنافقين لا تنحصر بهذه العلامات ، فقد وردت علامات اخرى في القرآن الكريم ونهج البلاغة ويمكن اكتشاف علامات اخرى من خلال معاشرتهم. ويمكن اعتبار العلامات العشر المذكورة أهمّ تلك العلامات. وصفهم أمير المؤمنين في إحدى خطب نهج البلاغة بقوله : «أوصيكم عباد الله بتقوى الله واحذّركم أهل النفاق ، فإنّهم الضالّون المضلّون ، والزالّون المزلّون ، يتلوّنون ألوانا ويفتنون افتنانا ويعمدونكم بكلّ عماد ، ويرصدونكم بكلّ مرصاد. قلوبهم دويّة وصفاحهم نقيّة ، يمشون الخفاء ويدبّون الضراء ، وصفهم دواء وقولهم شفاء وفعلهم الداء العياء ، حسدة الرخاء ومؤكّدو البلاء ومقنطو الرجاء ، لهم بكلّ طريق صريع وإلى كلّ قلب شفيع ولكلّ شجو دموع ، يتقارضون الثناء ويتراقبون الجزاء ، وإن سألوا ألحفوا ، وإن عذلوا كشفوا ، وإن حكموا أسرفوا ، قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلا ، ولكلّ قائم مائلا ، ولكلّ حي قاتلا ، ولكلّ باب مفتاحا ، ولكلّ ليل مصباحا ، يتوصّلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم ، وينفقوا به أعلاقهم ، يقولون فيشبهون ويصفون فيموهون ، قد هونوا الطريق وأضلعوا المضيق ، فهم لمّة الشيطان وحمة النيران :

( أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ) ».

٢ ـ خطر المنافقين

١ ـ يمثّل المنافقون ـ كما ورد في مقدّمة البحث ـ الخطر الأعظم الذي يواجه المجتمع ، وذلك لكونهم يعيشون داخل المجتمعات ، وعلى اطّلاع بكافّة الأسرار.

٢ ـ لا يمكن التعرّف عليهم بسهولة ، ويظهرون من الحبّ والصداقة بحيث لا

٣٦١

يستطيع الإنسان أن يرى ما خلفها من البغض والأحقاد.

٣ ـ عدم افتضاح وجوههم الحقيقة للناس ، الأمر الذي يجعل مواجهتهم بشكل مباشر عملا صعبا.

٤ ـ امتلاكهم ارتباطات عديدة بالمؤمنين (ارتباطات سببية ونسبية وغيرها).

٥ ـ يطعنون المجتمع بشكل مباغت ومن الخلف.

كلّ ذلك وغيره يجعل الخسائر التي تلحق بالمجتمع الإسلامي بسببهم كثيرة إلى الحدّ الذي لا يمكن تلافيها أحيانا. لهذا ينبغي وضع خطط حكيمة ودقيقة لدفع شرّهم ، وإنقاذ الامّة من أحقادهم.

جاء في حديث عن الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي لا أخاف على امّتي مؤمنا ولا مشركا ، أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه ، وأمّا المشرك فيخزيه الله بشركه ، ولكنّي أخاف عليكم كلّ منافق عالم اللسان ، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون»(١) .

مرّت بحوث مفصّلة حول المنافقين في التّفسير الأمثل ذيل الآيات ٨ ـ ١٦ ـ سورة البقرة.

وذيل الآيات ٦٠ إلى ٨٥ سورة التوبة.

وذيل الآيات ١٢ ـ ١٧ سورة الأحزاب.

وذيل الآية ٤٣ ـ ٤٥ سورة التوبة.

والخلاصة أنّ القرآن الكريم اهتمّ بهذه المجموعة اهتماما خاصّا أكثر من اهتمامه بأيّة فئة اخرى.

٣ ـ المنافق فارغ ومنخور

تهبّ العواصف على مدى الحياة وتتلاطم الأمواج العاتية ، ويتمسّك

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٦٠٦.

٣٦٢

المؤمنون بإيمانهم ، ويضعون الخطط الحكيمة للنجاة من ذلك ، فمرّة بالكرّ والفرّ واخرى بالهجمات المتتالية ، ويبقى المنافق معرّضا للعواصف لا يقوى على مصارعتها فينكسر ويتلاشى.

جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز ، لا تهتزّ حتّى تستحصد»(١) .

وتعني «العزّة» في اللغة العربية القدرة والسلطان غير القابل للتصدّع والتدهور ، وقد جعل القرآن الكريم العزّة من الأمور التي يختصّ بها الله تعالى ، كما في الآية العاشرة من سورة فاطر حيث يقول :( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ) .

ثمّ يضيف القرآن الكريم قائلا :( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) .

فأولياء الله وأحبّاؤه يقتبسون نورا من نور الله فيأخذون عزّا من عزّته ، ولهذا فإنّ روايات إسلامية عديدة حذّرت المؤمنين من التنازل عن عزّتهم ونهتهم عن تهيأة أسباب الذلّة في أنفسهم ، ودعتهم بإلحاح إلى الحفاظ على هذه العزّة.

فقد ورد في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) .

قالعليه‌السلام «المؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا المؤمن أعزّ من الجبل ، إنّ الجبل يستفلّ منه بالمعاول والمؤمن لا يستفلّ من دينه شيء»(٢) .

وفي حديث آخر لهعليه‌السلام قال فيه : «لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه. قيل له : وكيف يذلّ نفسه؟ قالعليه‌السلام : يتعرّض لما لا يطيق»(٣) .

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٤ ، ص ١٦٣.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٣٦ ، عن الكافي.

(٣) المصدر السابق.

٣٦٣

وفي حديث ثالث عن الإمام الصادقعليه‌السلام جاء فيه : «إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى المؤمن أموره كلّها ، ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه ، ألم تر قول الله سبحانه وتعالى هاهنا :( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) . والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا»(١) .

كنّا قد تطرّقنا إلى بحث هذا الموضوع في ذيل الآية (١٠) سورة فاطر ، في هذا التّفسير.

* * *

__________________

(١) المصدر السابق.

٣٦٤

الآيات

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١) )

التّفسير

لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم!

إنّ حبّ الدنيا والتكالب على الأموال والانشداد إلى الأرض ، من الأسباب المهمّة التي تدفع باتّجاه النفاق ، وهذا ما جعل القرآن يحذّر المؤمنين من مغبّة الوقوع في هذه المصيدة الخطيرة( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) .

ورغم أنّ الأموال والأولاد من النعم الإلهية التي يستعان بها على طاعة الله

٣٦٥

وتحصيل رضوانه ، لكنّها يمكن أن تتحوّل إلى سدّ يحول بين الإنسان وخالقه إذا ما تعلّق به الإنسان بشكل مفرط.

جاء في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام يجسّد هذا المعنى بأوضح وجه «ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع ، هذا في أوّلها وهذا في آخرها ، بأسرع فيها من حبّ المال والشرف في دين المؤمن»(١) .

اختلف المفسّرون في معنى «ذكر الله» ففسّرها البعض بأنّه الصلوات الخمس ، وقال آخرون : إنّه شكر النعمة والصبر على البلاء والرضى بالقضاء ، وقيل : إنّه الحجّ والزكاة وتلاوة القرآن ، وقيل أنّه كلّ الفرائض.

ويبدو أنّ لـ (ذكر الله) معنى واسعا يشمل كلّ تلك المصاديق.

ولهذا وصف القرآن الكريم أولئك الذين يرحلون عن الدنيا دون أن يستثمروا نعم الله في بناء الحياة الخالدة وتعمير الآخرة بأنّهم «الخاسرون» فقد خرجوا من هذه الدنيا وهم منشغلون بالأموال والأمور الزائلة التي لا بقاء ولا دوام لها.

بعد هذا التحذير الشديد يأمر الله تعالى بالإنفاق في سبيله حيث يقول :( وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٢) .

والأمر بالإنفاق هنا يشمل كافّة أنواع الإنفاق الواجبة والمستحبّة ، رغم قول البعض بأنّها تعني التعجيل في دفع الزكاة.

والطريف أنّه جاء في ذيل الآية( فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) لبيان تأثير

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، باب حبّ الدنيا ، حديث ٣.

(٢) يلاحظ في الآية أعلاه : أنّ «أصّدّق» منصوب و «أكن» مجزوم ، وكلاهما معطوف على الآخر ، لأنّ «أكن» عطف على محلّ «أصدّق» وفي التقدير هكذا : «إن أخّرتني أصدّق وأكن من الصالحين».

٣٦٦

الإنفاق في صلاح الإنسان ، وإن فسّره البعض بأنّه أداء «مراسم الحجّ» كما عبّرت بعض الروايات عن نفس هذا المعنى فهو من قبيل ذكر المصداق البارز.

وأراد القرآن أن يلفت الأنظار إلى أنّ الإنسان لا يقول هذا الكلام بعد الموت ، بل عند الموت والاحتضار ، إذ قال :( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ) .

وقال( مِمَّا رَزَقْناكُمْ ) ليؤكّد أنّ جميع النعم ـ وليس الأموال فقط ـ هي من عند الله ، وأنّها ستعود إليه عمّا قريب ، فلا معنى للبخل والحرص والتقتير.

على أي حال فإنّ هناك عددا كبيرا من الناس يضطربون كثيرا حينما يجدون أنفسهم على وشك الانتقال إلى عالم البرزخ ، والرحيل عن هذه الدنيا ، وترك كلّ ما بنوا فيها من أموال طائلة وملاذ واسعة ، دون أن يستثمروها في تعمير الآخرة.

عندئذ يتذكّر هؤلاء ويطلبون العودة إلى الحياة الدنيا مهما كان الرجوع قصيرا وعابرا ، ليعوّضوا ما فات ، ويأتيهم الجواب( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها ) .

وفي الآية ٣٤ من سورة الأعراف( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) .

ثمّ تنتهي الآية بهذه العبارة( وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) فقد سجل كلّ شيء عنكم وستجدونه محضرا من ثواب وعقاب.

* * *

تعقيب

١ ـ طريقة التغلّب على الاضطرابات والقلق

جاء في أحوال الشيخ والعالم الكبير «عبد الله الشوشتري» وهو من معاصري العلّامة «المجلسي» أنّه كان يحبّ ولده كثيرا ، فاتّفق أنّه مرض مرضا شديدا ، فلمّا حضر أبوه المرحوم الشيخ عبد الله إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة كان مشدوه

٣٦٧

البال مشتّت الشعور ـ وحينما بلغ قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) في سورة المنافقون أخذ يكرّرها مرّات عديدة ، وحينما سئل بعد الفراغ عن سبب ذلك قال : لقد تذكّرت ولدي حينما بلغت هذا المقطع من السورة ، فجاهدت نفسي وروّضتها بتكرار هذه الآية إلى الحدّ الذي اعتبرته ميّتا وكأنّ جثمانه أمامي فانصرفت من الآية(١) .

٢ ـ النفاق العقائدي والنفاق العملي

للنفاق معنى واسع يشمل كلّ أنواع اختلاف الظاهر عن الباطن ، ومصداقه البارز هو النفاق العقائدي الذي تتحدّث عنه سورة المنافقون.

أمّا النفاق العملي فهو وصف لحالة بعض الناس المؤمنين بالإسلام حقّا ، ولكنّهم يرتكبون أعمالا تناقض اعتقادهم ، كالكذب ونقض العهد وخيانة الأمانة.

جاء في رواية عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ثلاث من كنّ فيه كان منافقا ، وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم : من إذا ائتمن خان ، وإذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف»(٢) .

وفي حديث آخر عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق»(٣) .

وفي حديث آخر عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام «إنّ المنافق ينهى ولا ينتهى ، ويأمر بما لا يأتي»(٤) .

اللهمّ ، إنّ دائرة النفاق واسعة ، ولا نجاة لنا منه دون لطفك ورحمتك فأعنّا

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ١٧١.

(٢) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٦٠٥.

(٣) اصول الكافي ج ٢ (باب صفة النفاق حديث ٦).

(٤) نفس المصدر ، حديث ٣.

٣٦٨

على ذلك.

ربّنا ، اجعلنا من الذين لا تأكلهم الحسرة عند توديعهم لهذه الدنيا.

اللهمّ ، إنّ العزّة لك ولأوليائك ، وخزائن السموات والأرض لك لا لغيرك.

فأنزل علينا من بركاتك ، ولا تحرمنا من فيض خزائنك.

أمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المنافقين

* * *

٣٦٩
٣٧٠

سورة

التّغابن

مدنيّة

وعدد آياتها ثماني عشرة آية

٣٧١
٣٧٢

«سورة التغابن»

محتوى السورة :

هناك خلاف شديد بين المفسّرين في مكان نزول هذه السورة ، هل هو المدينة أو مكّة؟ علما بأنّ الرأي المشهور هو أنّ السورة مدنية. وقال آخرون : إنّ الآيات الثلاث الأخيرة مدنيّة والباقي مكيّة.

ومن الواضح أنّ سياق الآيات الأخيرة في هذه السورة ينسجم مع السور المدنية ، وصدرها أكثر انسجاما مع السور المكيّة ، ولكنّنا نرى أنّها مدنية طبقا للمشهور.

نقل «عبد الله الزنجاني» في كتابه القيّم (تأريخ القرآن) عن فهرس «ابن النديم» أنّ سورة التغابن هي السورة المدنية الثالثة والعشرون. ونظرا لأنّ مجموع السور المدنية يبلغ ٢٨ سورة فستكون هذه السورة من أواخر السور المدنية.

ويمكن تقسيم هذه السورة من حيث المواضيع التي احتوتها إلى عدّة أقسام :

١ ـ بداية السورة التي تبحث في التوحيد وصفات وأفعال الله تعالى.

٢ ـ حثّ الناس على ملاحظة أعمالهم ظاهرا وباطنا ، وأن لا يغفلوا عن مصير الأقوام السابقين.

٣ ـ في قسم آخر من السورة يجري الحديث عن المعاد ، وأنّ يوم القيامة «يوم تغابن» ، تغبن فيه جماعة وتفوز فيه جماعة ، واسم السورة مشتقّ من هذا المفهوم.

٣٧٣

٤ ـ الأمر بطاعة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحكيم قواعد النبوّة.

٥ ـ ويأمر الله تبارك وتعالى في القسم الأخير من السورة بالإنفاق في سبيله ، ويحذّر من الانخداع بالأموال والأولاد والزوجات. وتختم السورة بذكر صفات الله تبارك وتعالى.

فضيلة تلاوة السورة :

في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من قرأ سورة التغابن رفع عنه موت الفجأة»(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام «من قرأ سورة التغابن في فريضة كانت شفيعة له يوم القيامة ، وشاهد عدل عند من يجيز شهادتها ، ثمّ لا تفارقه حتّى يدخل الجنّة»(٢) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٢٩٦.

(٢) المصدر السابق.

٣٧٤

الآيات

( يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) )

التّفسير

يعلم ما تخفي الصدور :

تبدأ هذه السورة بتسبيح الله ، الله المالك المهيمن على العالمين القادر على كلّ شيء( يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) ويضيف( لَهُ الْمُلْكُ ) والحاكمية

٣٧٥

على عالم الوجود كافّة ، ولهذا السبب :( وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

ولا حاجة للحديث عن تسبيح المخلوقات جميعا لله الواحد الأحد بعد أن تطرّقنا إلى ذلك في مواضع عديدة ، وهذا التسبيح ملازم لقدرته على كلّ شيء وتملّكه لكلّ الأشياء ، ذلك لأنّ كلّ أسرار جماله وجلاله مطوية في هذين الأمرين.

ثمّ يشير تعالى إلى أمر الخلقة الملازم لقدرته ، إذ يقول تعالى :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ ) وأعطاكم نعمة الحرية والإختيار( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) .

وبناء على هذا فإنّ الامتحان الإلهي يجد له في هذا الجو مبرّرا كافيا ومعنى عميقا( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

ثمّ يوضّح مسألة الخلقة أكثر بالإشارة إلى الهدف منها ، إذ يقول في الآية اللاحقة :( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ ) .

فإنّ هذا الخلق الحقّ الدقيق ينطوي على غايات عظيمة وحكمة بالغة ، حيث يقول تعالى في الآية (٢٧) من سورة ص :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .

ثمّ يتحدّث القرآن الكريم عن خلق الإنسان ، ويدعونا بعد آيات الآفاق إلى السير في آفاق الأنفس ، يقول تعالى :( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) . لقد صوّر الإنسان بأحسن الصور وأجملها ، وجعل له من المواهب الباطنية الفكرية والعقلية ما جعل العالم كلّه ينطوي فيه. وأخيرا تنتهي الأمور إليه تعالى( وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) .

نعم ، إنّ هذا الإنسان الذي هو جزء من عالم الوجود ، ينسجم من ناحية الخلقة والفطرة مع سير هذا العالم أجمع وغاية الوجود ، حيث يبدأ من أدنى المراتب ويرتقي إلى اللامحدود حيث القرب من الحقّ تبارك وتعالى.

جملة :( فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) يراد بها الإشارة إلى المظهر الخارجي والمحتوى الداخلي على حدّ سواء. وأنّ التأمّل في خلق الإنسان وصورته ، يظهر مدى القدرة

٣٧٦

التي خلق بها البارئ هذا المخلوق الرائع ، الذي امتاز على كلّ ما سواه من المخلوقات.

ولأنّ الإنسان خلق لهدف سام عظيم ، فعليه أن يكون دائما تحت إرادة البارئ وضمن طاعته ، فإنّه( يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

تجسّد هذه الآية علم الله اللامتناهي في ثلاثة مستويات : علمه بكلّ المخلوقات ، وما في السموات والأرض.

ثمّ علمه بأعمال الإنسان كافّة ، سواء أضمرها أو أظهرها.

والثالث علمه بنيّة الإنسان وعقائده الداخلية التي تحكم قلب الإنسان وروحه.

ولا شكّ أنّ معرفة الإنسان بهذا العلم الإلهي ستترك عليه آثارا تربوية كثيرة ، وتحذّره بأنّ جميع تحرّكاته وسكناته وكلّ تصرّفاته ونيّاته ، وفي أي مكان كانت ، إنّما هي في علم الله وتحت نظره تبارك وتعالى. وممّا لا شكّ فيه أنّ ذلك سيهيئ الإنسان للحركة نحو الرقي والتكامل.

ثمّ يلفت القرآن الكريم الانتباه إلى أهمّ عامل في تربية الإنسان وتعليمه ، وهو الاتّعاظ بمصارع القرون وما جرى على الأقوام السالفة حيث يقول :( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) .

ألم تمرّوا على مدنهم المهدّمة وآثارهم المدمّرة في طريقكم إلى الشام والأماكن الاخرى ، فتروا بامّ أعينكم نتيجة كفرهم وظلمهم. اقرأوا أخبارهم في التاريخ ، بعضهم أخذته العواصف ، وآخرون أتى عليهم الطوفان ، وكان هذا عذابهم في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب أشدّ.

ثمّ تشير الآية اللاحقة إلى سبب هذه العاقبة المؤلمة وهو الغرور والتكبّر على الأنبياء :( ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ

٣٧٧

يَهْدُونَنا ) وبهذا المنطق عصوا وكفروا( فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا ) والله في غنى عن طاعتهم( وَاسْتَغْنَى اللهُ ) فطاعتهم لأنفسهم وعصيانهم عليها( وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .

ولو كفرت كلّ الكائنات لما نقص من كبريائه تعالى شيء ، كما أنّ طاعتهم لا تزيده شيئا. نحن الذين نحتاج إلى كلّ هذه التعليمات والمناهج التربوية.

عبارة( وَاسْتَغْنَى اللهُ ) مطلقة تبيّن استغناء البارئ عن الوجود كلّه ، وعدم حاجته إلى شيء أبدا ، بما في ذلك إيمان الناس وطاعتهم ، كي لا يتصوّروا ـ خطأ ـ أنّ الله عند ما يؤكّد على الطاعة والإيمان فبسبب حاجة أو نفع يصيبه سبحانه.

وقال آخرون في معنى عبارة( اسْتَغْنَى اللهُ ) بأنّها إشارة إلى الحكم والآيات والمواعظ التي أعطاها الله تعالى إيّاهم ، إذ لا يحتاجون بعدها إلى شيء.

* * *

٣٧٨

الآيات

( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠) )

التّفسير

يوم التغابن وظهور الغبن :

في أعقاب تلك الآيات التي بحثت مسألة الخلقة والهدف من الخلق ، جاءت هذه الآيات لتكمّل البحث الذي يطرح قضيّة المعاد والقيامة ، حيث يقول تعالى :

٣٧٩

( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ) .

«زعم» من مادة (زعم) ـ على وزن طعم ـ تطلق على الكلام الذي يحتمل أو يتيقن من كذبه ، وتارة تطلق على التصور الباطل وفي الآية المراد هو الأوّل.

ويستفاد من بعض كلمات اللغويين أنّ كلمة «زعم» جاءت بمعنى الإخبار المطلق ، بالرغم من أنّ الاستعمالات اللغوية وكلمات المفسّرين تفيد أنّ هذا المصطلح قد ارتبط بالكذب ارتباطا وثيقا ، ولذلك قالوا «لكلّ شيء كنية وكنية الكذب ، الزعم».

على أي حال فإنّ القرآن الكريم يأمر الرّسول الأكرم في أعقاب هذا الكلام بقوله :( قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) .

إنّ أهمّ شبهة يتمسّك بها منكرو المعاد هي كيفية إرجاع العظام النخرة التي صارت ترابا إلى الحياة مرّة اخرى ، فتجيب الآية الكريمة :( ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) لأنّهم في البداية كانوا عدما وخلقهم الله ، فإعادتهم إلى الوجود مرّة أخرى أيسر

بل احتمل بعضهم أنّ القسم بـ (وربّي) هو بحدّ ذاته إشارة لطيفة إلى الدليل على المعاد ، لأنّ ربوبية الله تعالى لا بدّ أن تجعل حركة الإنسان التكاملية حركة لها غاية لا تنحصر في حدود الحياة الدنيا التافهة.

بتعبير آخر إنّنا لو لم نقبل بمسألة المعاد ، فإنّ مسألة ربوبية الله للإنسان ورعايته له لا يبقى لها مفهوما البتة.

ويعتقد البعض أنّ عبارة( وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) ترتبط بإخبار الله تعالى عن أعمال البشر يوم القيامة ، التي جاءت في العبارة السابقة ، ولكن يبدو أنّها ترجع إلى المضمون الكلّي للآية. (أصل البعث وفرعه) الذي هو الإخبار عن الأعمال التي تكون مقدّمة للحساب والجزاء.

ولا بدّ أن تكون النتيجة كما قرّرتها الآية اللاحقة وأنّه بعد أن ثبت أنّ المعاد حقّ :( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وقال السيد المرتضى : يشترط طهارة المكان(1) ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لأنهعليه‌السلام نهى عن الصلاة في المزبلة والمجزرة(3) ، ولا علة سوى النجاسة. ونقول بموجبه ، لأنها نجاسات متعدية ، أو نمنع نهي التحريم.

وقال الشافعي : يشترط الطهارة في جهة الصلاة ، والجوانب أيضا بحيث يكون ما يلاقي بدن المصلّي وثيابه طاهرا حتى لو وقف تحت سقف يحتك به أو بجدار نجس لم تصح صلاته ، وبه قال أحمد(4) .

وقال أبو حنيفة : لا يشترط إلاّ طهارة موضع القدمين ، وفي رواية موضع القدمين والجبهة ، ولا تضر نجاسة ما سواه إلاّ أن يتحرك بحركته(5) .

والكل ممنوع.

فروع :

أ ـ لو كان على رأسه عمامة وطرفها يسقط على نجاسة صحت صلاته عندنا ، خلافا للشافعي ، وأحمد في رواية ، وفي اخرى : أنه لا يشترط طهارة ما تقع عليه ثيابه(6) ، ولو كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلّي الى‌

__________________

(1) حكاه عنه الفاضل الآبي في كشف الرموز 1 : 143 ـ 144.

(2) المجموع 3 : 151 ، المهذب للشيرازي 1 : 68 ، فتح العزيز 4 : 34.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 ، سنن الترمذي 2 : 178 ـ 346 وانظر المهذب للشيرازي 1 : 69.

(4) المجموع 3 : 152 ، المغني 1 : 750 ، الشرح الكبير 1 : 509 ، فتح العزيز 4 : 35.

(5) بدائع الصنائع 1 : 82 ، فتح العزيز 4 : 34 ، حلية العلماء 2 : 49 ، شرح فتح القدير 1 : 168.

(6) مغني المحتاج 1 : 190 ، كفاية الأخيار 1 : 56 ، المغني 1 : 750 و 751 ، الشرح الكبير 1 : 509.

٤٠١

جانبه أو حائط لا يستند إليه صحّت صلاته عندنا ، خلافا للشافعي ، وأحمد(1) .

ب ـ قال أبو حنيفة : إن كان تحت قدميه أكثر من قدر درهم من النجاسة لم تصح صلاته ، ولو وقعت ركبته أو يده على أكثر من قدر درهم صحّت صلاته ، ولو وضع جبهته على نجاسة تزيد على قدر الدرهم فروايتان(2) ، وعند الشافعي لا تصح في الجميع(3) ، وعندنا تصح في الجميع إلاّ موضع الجبهة فإن النجاسة إن استوعبته لم تصح صلاته وإن قلّت عن الدرهم ، ولو وقع ما يجزي من الجبهة على موضع طاهر والباقي على نجاسة فالأقوى عندي الجواز.

ج ـ لو كان ما يلاقي بدنه وثيابه طاهرا أو ما يحاذي بطنه أو صدره في السجود نجسا صحّت صلاته عندنا ـ وبه قال أحمد ، والشافعي في أحد الوجهين ـ لأنه لم يباشر النجاسة فصار كما لو صلّى على سرير وتحته نجاسة ، وفي الآخر : لا تصح(4) لأن ذلك الموضع منسوب إليه فإنه مكان صلاته ، ويبطل بما لو صلّى على خمرة طرفها نجس فإن صلاته تصح وإن نسبت إليه بأنّها مصلاّه.

د ـ يجوز أن يصلّي على بساط تحته نجاسة ، أو سرير قوائمه على النجاسة وإن تحرك بحركته ، وبه قال الشافعي(5) ، وقال أبو حنيفة : إن تحرك‌

__________________

(1) المجموع 3 : 152 ، المغني 1 : 751 ، الشرح الكبير 1 : 509 ، كشاف القناع 1 : 289 و 290.

(2) المبسوط للسرخسي 1 : 204 ، بدائع الصنائع 1 : 82 ، حلية العلماء 2 : 49.

(3) المجموع 3 : 151 و 152 ، فتح العزيز 4 : 34.

(4) المجموع 3 : 152 ، مغني المحتاج 1 : 190 ، المغني 1 : 751 ، الشرح الكبير 1 : 509.

(5) المجموع 3 : 152 ، فتح العزيز 4 : 35.

٤٠٢

بحركته بطلت(1) ولا يصح ذلك في المغصوب سواء كان الساتر أو ما تحته.

هـ ـ لو اشتبه موضع النجاسة لم يضع جبهته على شي‌ء منه إن كان محصورا كالبيت والبيتين ، بخلاف المواضع المتسعة كالصحاري ، ولا يجوز التحري عندنا.

وقال الشافعي : يتحرى إن وقع الاشتباه في بيتين ، ولو اشتبه الموضع النجس من بيت أو بساط لم يتحر على أصح الوجهين(2) .

و ـ لو اضطر إلى الصلاة في المشتبه وجب تكرير الصلاة كالثوبين.

مسألة 85 : تكره الصلاة في أماكن :

أ ـ معاطن الإبل : وهي مباركها ، سواء خلت من أبوالها أو لا عندنا لأنّ أبوالها طاهرة على ما تقدم(3) .

لقولهعليه‌السلام : ( إذا أدركتك الصلاة وأنت في مراح الغنم فصل فيه فإنها سكينة وبركة ، وإذا أدركتك الصلاة وأنت في معاطن الإبل فاخرج منها وصل فإنها جن من جن خلقت )(4) .

والفرق ظاهر فإن الغنم لا يمنعه السكون في مراحها من الخشوع ، والإبل يخاف نفورها فتمنعه من الخشوع والسكون ، وقيل : إن عطنها مواطن الجن(5) .

ومنع الشافعي من الصلاة فيها مع وجود أبوالها فيها لأنها نجسة‌

__________________

(1) المجموع 3 : 152 ، فتح العزيز 4 : 35.

(2) المجموع 3 : 153 و 154 ، فتح العزيز 4 : 35.

(3) تقدم في المسألة 15 من كتاب الطهارة.

(4) سنن البيهقي 2 : 449.

(5) فتح العزيز 4 : 38 وانظر حياة الحيوان للدميري 1 : 25.

٤٠٣

عنده وقد تقدم ، وسوّغ الصلاة مع الخلوّ ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة(1) للحديث(2) .

وقال أحمد : لا تصح الصلاة فيها وإن خلت ، وبه قال ابن عمر ، وجابر ابن سمرة والحسن ، وإسحاق ، وأبو ثور(3) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الصلاة فيها(4) ، والنهي يدل على الفساد ، وهو ممنوع لأن النهي للكراهة.

ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم عملا بالأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم »(5) .

ب ـ المقابر : وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، والنخعي ، وابن المنذر ، فإن صلى صحّت سواء استقبلها ، أو صلّى بينها في الكراهة ، والصحة ، وبه قال الشافعي ، ومالك(6) ـ لأنها بقعة طاهرة فصحت الصلاة فيها كغيرها.

وقال أحمد : لا يجوز وإن تحقق طهارتها أو استقبلها ـ وفي صحة‌

__________________

(1) المجموع 3 : 161 ، بداية المجتهد 1 : 117 ، عمدة القارئ 4 : 182 ، المغني 1 : 753 ، الشرح الكبير 1 : 512.

(2) سنن الترمذي 2 : 131 ـ 317 ، مسند أحمد 5 : 145 ، صحيح البخاري 1 : 91 ، سنن أبي داود 1 : 132 ـ 489 ، سنن ابن ماجة 1 : 188 ـ 567.

(3) عمدة القارئ 4 : 182 ، المغني 1 : 753 ، نيل الأوطار 2 : 141.

(4) سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 و 747 ، سنن الترمذي 2 : 181 ـ 348 ، سنن النسائي 2 : 56 ، سنن الدارمي 1 : 323 ، مسند احمد 2 : 451 و 491 و 509 ، سنن أبي داود 1 : 133 ـ 493 ، سنن البيهقي 2 : 449.

(5) الكافي 3 : 388 ـ 2 ، التهذيب 2 : 22 ـ 868 ، الاستبصار 1 : 395 ـ 1507.

(6) المجموع 3 : 158 ، بداية المجتهد 1 : 117 ، المغني 1 : 753.

٤٠٤

الصلاة عنه روايتان(1) ـ للنهي(2) ، ونحن نحمله على الكراهة.

ولو جعل بينه وبين القبر حائلا ولو عنزة(3) ، أو بعد عشرة أذرع عن يمينه ، ويساره ، وقدامه زالت الكراهة ، وقد روي جواز الصلاة الى قبور الأئمةعليهم‌السلام في النوافل خاصة(4) ، قال الشيخ : والأحوط الكراهة(5) .

ولو صلّى على قبر كره سواء تكرر الدفن فيه ونبش أو لا ، إلاّ أن تمازجه نجاسة متعدية فيحرم.

وقال الشافعي : إن تكرر الدفن فيه ونبش بطلت صلاته ، لأنه صلّى على النجاسة لمخالطة صديد الموتى ولحومهم ، وإن كان جديدا لم ينبش كره(6) للنهي(7) ، وإن لم يعلم التكرر ، ولا عدمه فقولان لأصالة الطهارة وقضاء العادة بتكرر الدفن(8) .

وكره الاستقبال إلى القبر ، إلاّ الى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه منعه(9) لقولهعليه‌السلام : ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم‌

__________________

(1) المغني 1 : 753 ، المجموع 3 : 158 ، الشرح الكبير 1 : 512.

(2) سنن النسائي 2 : 67 ، سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 و 747.

(3) العنزة بالتحريك : أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زجّ كزج الرمح. الصحاح 3 : 887 « عنز ».

(4) كامل الزيارات : 122 ـ 1.

(5) المبسوط للطوسي 1 : 85.

(6) الام 1 : 92 ، المجموع 3 : 158 ، المهذب للشيرازي 1 : 70 ، رحمة الأمة 1 : 57 نيل الأوطار 2 : 137.

(7) سنن الترمذي 2 : 131 ـ 317 ، سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 و 747 ، سنن البيهقي 2 : 329.

(8) المجموع 3 : 158 ، فتح العزيز 4 : 39.

(9) المجموع 3 : 158 ، فتح العزيز 4 : 39.

٤٠٥

مساجد )(1) وإنما قاله تحذيرا لأمته أن يفعلوا.

ج ـ الحمام إن علمت طهارته أو جهلت ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين ، والماء ، والحمام ، والقبور ، ومسان الطرق(3) ، وقرى النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ، والسبخ ، والثلج »(4) .

وقال أحمد : لا تجوز الصلاة فيه(5) للنهي(6) .

ولو علمت نجاسته فإن لم تتعد إليه كرهت الصلاة فيه أيضا ـ خلافا للشافعي(7) ـ وإلاّ بطلت.

وهل تكره في المسلخ؟ فيه احتمال ينشأ من علة النهي إن قلنا : النجاسة لم تكره ، وإن قلنا : كشف العورة فيكون مأوى ( الشيطان )(8) كره.

د ـ بيوت الغائط لعدم انفكاكها عن النجاسة ، ولو صلّى صحت ما لم تتعد نجاستها إليه ـ وبه قال الشافعي(9) ـ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل‌

__________________

(1) الفقيه 1 : 114 ـ 532 ، صحيح البخاري 1 : 116 ، صحيح مسلم 1 : 376 ـ 529 و 531 ، مسند أحمد 1 : 218.

(2) حلية العلماء 2 : 50 ، المجموع 3 : 159.

(3) مسان الطرق : المسلوك منها. مجمع البحرين 6 : 269 « سنن ».

(4) الكافي 3 : 390 ـ 12 ، التهذيب 2 : 219 ـ 863 ، الإستبصار 1 : 394 ـ 1504.

(5) المغني 1 : 753 ، عمدة القارئ 4 : 190 ، نيل الأوطار 2 : 137.

(6) سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 747 ، سنن البيهقي 2 : 329.

(7) الام 1 : 92 ، المجموع 3 : 159.

(8) في نسخة ( ش ) : الشياطين.

(9) المجموع 3 : 162.

٤٠٦

أقوم في الصلاة فأرى بين يدي العذرة : « تنح عنها ما استطعت »(1) . ولأنها لا تناسب العبادة المأمور بالتنظيف حال إيقاعها.

وقال أحمد : لا تصح ، ولا على سطحها(2) ، وليس بجيد.

هـ ـ بيوت النيران لئلاّ يتشبه ( بعبّادها )(3) .

و ـ بيوت المجوس لعدم انفكاكها من النجاسة ، فإن رشت الأرض زالت الكراهة ، لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في بيوت المجوس : « رش وصلّ »(4) .

ولا بأس بالبيع والكنائس مع النظافة ـ وبه قال الحسن البصري ، وعمر ابن عبد العزيز ، والشعبي ، والأوزاعي(5) ـ لقولهعليه‌السلام : ( أينما أدركتني الصلاة صليت )(6) وسأل عيص ، الصادقعليه‌السلام عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ قال : « لا بأس »(7) وقال الصادقعليه‌السلام : « صل فيها قد رأيتها ما أنظفها »(8) .

وكره ابن عباس ، ومالك الكنائس من أجل الصور(9) . ونحن نقول‌

__________________

(1) الكافي 3 : 391 ـ 17 ، التهذيب 2 : 376 ـ 1563 ، المحاسن : 365 ـ 109.

(2) المغني 1 : 753 و 756 ، كشاف القناع 1 : 294.

(3) في نسخة ( م ) بعبادتها.

(4) التهذيب 2 : 222 ـ 877.

(5) المجموع 3 : 158 ـ 159 ، المغني 1 : 759 ، عمدة القارئ 4 : 190 و 192.

(6) مسند أحمد 2 : 222.

(7) التهذيب 2 : 222 ـ 874.

(8) التهذيب 2 : 222 ـ 876 ، والفقيه 1 : 157 ـ 731 وفيه : « صلّ فيها » بدون الذيل.

(9) المجموع 3 : 158 ، عمدة القارئ 4 : 190 و 192 ، المغني 1 : 759 ، المدونة الكبرى 1 : 90 ـ 91.

٤٠٧

بموجبه إن كان فيها صور.

ز ـ بيوت الخمور والمسكر لعدم انفكاكها من النجاسة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تصلّ في بيت فيه خمر أو مسكر »(1) .

ح ـ جواد الطرق ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الصلاة في محجة الطريق(3) ومعناه الجادة المسلوكة ، وفي حديث : ( عن قارعة الطريق )(4) يعني التي تقرعها الأقدام ، ففاعلة هنا بمعنى مفعولة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « فأما على الجواد فلا »(5) ولأنها لا تنفك غالبا عن النجاسة ، ويمنع السابلة من الاستطراق.

وقال أحمد : لا تصح(6) للنهي(7) . وهو عندنا للكراهة.

ولا بأس بالصلاة على الظواهر التي بين الجواد للأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يصلّى في الظواهر التي بين الجواد »(8) ولا فرق بين أن يكون في الطريق سالك أو لم يكن للعموم.

ط ـ مساكن النمل لما تقدم في الحديث(9) ، ولعدم انفكاكه من ضررها ، أو قتل بعضها.

__________________

(1) الكافي 3 : 392 ـ 24 ، التهذيب 2 : 220 ـ 864 و 377 ـ 1568.

(2) المجموع 3 : 162 ، فتح العزيز 4 : 36 ، المهذب للشيرازي 1 : 71 ، مغني المحتاج 1 : 203.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 747 ، سنن البيهقي 2 : 329.

(4) سنن الترمذي 2 : 178 ـ 346 ، سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746.

(5) الكافي 3 : 388 ـ 5 ، التهذيب 2 : 220 ـ 865.

(6) المغني 1 : 754 ـ 755 ، العدة شرح العمدة : 69 ، المحرر في الفقه 1 : 49.

(7) سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 و 747 ، سنن البيهقي 2 : 329 ، سنن الترمذي 2 : 178 ـ 346.

(8) الكافي 3 : 389 ـ 10 ، التهذيب 5 : 425 ـ 1475.

(9) تقدم في فرع « ج ».

٤٠٨

ي ـ مرابط الخيل ، والبغال ، والحمير لكراهة أرواثها ، وأبوالها فلا تنفك أمكنتها منها ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « فأما مرابط الخيل والبغال فلا »(1) .

يا ـ بطون الأودية لجواز هجوم السيل ، ولأنها مجرى المياه ، وكذا يكره في مجرى الماء لذلك ، وللحديث ، وقد سبق(2) .

يب ـ الأرض السبخة لعدم تمكن الجبهة من الأرض ، قال أبو بصير : سألت الصادقعليه‌السلام عن الصلاة في السبخة لم تكرهه؟ قال : « لأن الجبهة لا تقع مستوية » فقلت : إن كان فيها أرض مستوية ، قال : « لا بأس »(3) .

يج ـ أرض الثلج كذلك أيضا ، قال داود الصيرفي : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الثلج فقال : « إن أمكنك أن لا تسجد عليه فلا تسجد ، وإن لم يمكنك فسوّه واسجد عليه »(4) .

يد ـ أرض الخسف كالبيداء(5) ، وذات الصلاصل(6) ، وضجنان(7) ،

__________________

(1) التهذيب 2 : 220 ـ 867 ، الاستبصار 1 : 395 ـ 1506.

(2) تقدم في فرع « ج ».

(3) التهذيب 2 : 221 ـ 873 ، الإستبصار 1 : 396 ـ 1509.

(4) الكافي 3 : 390 ـ 14 ، الفقيه 1 : 169 ـ 798 ، التهذيب 2 : 310 ـ 1256 ، الاستبصار 1 : 336 ـ 1263 وفيها عن ( داود الصرمي ).

(5) البيداء : اسم لأرض ملساء بين مكة والمدينة وهي إلى مكة أقرب. معجم البلدان 1 : 523.

(6) اسم لموضع مخصوص في طريق مكة. مجمع البحرين 5 : 407 ـ 408 « صلصل ».

(7) ضجنان : هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة. معجم البلدان 3 : 453 ، النهاية لابن الأثير 3 : 74 ، القاموس المحيط 4 : 243 « ضجن ».

٤٠٩

وكذا كل موضع خسف به ـ وبه قال أحمد(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه يوم مرّ بالحجر : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلاّ أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم )(2) وعبر عليعليه‌السلام من أرض بابل إلى موضع ردّت له الشمس فيه وصلّى(3) ، وقال الصادقعليه‌السلام : « تكره الصلاة في ثلاثة مواطن بالطريق : البيداء وهي ذات الجيش ، وذات الصلاصل ، وضجنان »(4) .

يه ـ وادي الشقرة(5) واختلف علماؤنا ، فقال بعضهم : إنّه موضع مخصوص خسف به ، وقيل : ما فيه شقائق النعمان(6) لئلاّ يشتغل النظر ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تصل في وادي الشقرة »(7) .

يو ـ المزابل ، ومذابح الأنعام لعدم انفكاكها من النجاسة ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الصلاة في سبعة مواطن : ظهر بيت الله ، والمقبرة ، والمزبلة ، والمجزرة ، والحمام ، وعطن الإبل ، ومحجة الطريق(8) .

يز ـ أن يصلّي وفي قبلته نار مضرمة ـ وبه قال أحمد(9) ـ لئلاّ يتشبه بعبّاد النار ، ولقول الكاظمعليه‌السلام : « لا يصلح أن يستقبل المصلّي‌

__________________

(1) المغني 1 : 759 ، الشرح الكبير 1 : 514.

(2) صحيح مسلم 4 : 2285 ـ 2980 ، سنن البيهقي 2 : 451 ، مسند احمد 2 : 72.

(3) الفقيه 1 : 130 ـ 131 ـ 611 ، بصائر الدرجات : 237 ـ 1.

(4) الكافي 3 : 389 ـ 10 ، التهذيب 2 : 375 ـ 1560.

(5) شقرة : بضم الشين وسكون القاف وقيل بفتح الشين وسكون القاف. موضع في طريق مكة. مجمع البحرين 3 : 352 ـ 353 « شقر ».

(6) حكى القولين المحقق في المعتبر : 158.

(7) المحاسن : 366 ـ 115 ، الكافي 3 : 390 ـ 11 ، التهذيب 2 : 375 ـ 1561.

(8) سنن الترمذي 2 : 178 ـ 346 ، سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 747 ، سنن البيهقي 2 : 329.

(9) المغني 2 : 73 ، الشرح الكبير 1 : 663.

٤١٠

النار »(1) وقال عمار للصادقعليه‌السلام : أله أن يصلّي وفي قبلته مجمرة شبه؟ قال : « نعم فإن كان فيها نار فلا يصلّي فيها حتى ينحيها عن قبلته » وفي القنديل المعلق قال : « لا يصلّي بحياله »(2) .

وفي رواية : « يجوز أن يصلّي والنار ، والسراج ، والصورة بين يديه ، إن الذي يصلّي له أقرب من الذي بين يديه »(3) وجعلها الشيخ شاذّة(4) .

يح ـ أن يصلّي الى التماثيل ، والصور ـ وبه قال أحمد(5) ـ لقول محمد بن مسلم قلت : أصلّي والتماثيل قدّامي وأنا أنظر إليها؟

فقال : « لا ، اطرح عليها ثوبا ولا بأس إذا كانت على يمينك ، أو شمالك ، أو خلفك ، أو تحت رجليك ، أو فوق رأسك فإن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا »(6) .

يط ـ قال أبو الصلاح : تكره الى باب مفتوح ، أو إنسان مواجه(7) ـ وبه قال أحمد(8) ـ وهو جيد ، لاستحباب السترة بينه وبين ممر الطريق على ما يأتي.

__________________

(1) الكافي 3 : 391 ـ 16 ، الفقيه 1 : 162 ـ 763 ، التهذيب 2 : 225 ـ 889 ، الإستبصار 1 : 396 ـ 1511.

(2) الكافي 3 : 391 ـ 15 ، الفقيه 1 : 165 ـ 776 ، التهذيب 2 : 225 ـ 888.

(3) التهذيب 2 : 226 ـ 890 ، الاستبصار 1 : 396 ـ 1512.

(4) التهذيب 2 : 226 ذيل الحديث 890 ، والاستبصار 1 : 396 ذيل الحديث 1512.

(5) المغني 2 : 73 ، الشرح الكبير 1 : 663 ، كشاف القناع 1 : 280.

(6) الكافي 3 : 391 ـ 20 ، التهذيب 2 : 226 ـ 891 ، الاستبصار 1 : 394 ـ 1502 ، المحاسن : 617 ـ 50.

(7) الكافي في الفقه : 141.

(8) المغني 2 : 73 ، الشرح الكبير 1 : 661.

٤١١

ك ـ أن يصلّي وفي قبلته مصحف مفتوح لئلاّ يشتغل عن الإقبال على العبادة.

وعن عمار عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يصلّي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال : « لا » قلت : فإن كان في غلاف قال : « نعم »(1) ، وهل يتعدى الحكم الى كل ما يشغل النظر من كتاب ونقش ( وغيره )(2) ؟ الأقرب ذلك ، ويحتمل المنع ، لعدم القطع بالعلة.

كا ـ أن يكون قبلته حائط ينز من بالوعة يبال فيها ، لأنه ينبغي تعظيم القبلة فلا تناسب النجاسة ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن مسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال : « إن كان نزّه من بالوعة فلا تصلّ فيه وإن كان من غير ذلك فلا بأس »(3) ، وهل يتعدى الحكم الى الماء النجس؟

عموم اللفظ يقضي بالمنع ، لقولهعليه‌السلام : « وإن كان من غير ذلك فلا بأس »(4) والعلّة تقضي بالمساواة لكن العلّية ليست قطعية.

مسألة 86 : ويكره الفريضة جوف الكعبة ، وتستحب النافلة‌ عند علمائنا لأنه بالصلاة في الكعبة ربما تتعذر عليه الجماعة ، والجماعة أفضل من الانفراد ، ولأنه باستقبال أي جهة شاء يستدبر قبلة اخرى ، ولقول أحدهماعليهما‌السلام : « لا تصلّ المكتوبة في الكعبة »(5) وهذا النهي ليس للتحريم فإنه يجوز فعل الفريضة فيها ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة(6) ـ

__________________

(1) الكافي 3 : 391 ـ 15 ، الفقيه 1 : 165 ـ 776 ، التهذيب 2 : 225 ـ 888.

(2) لم ترد في نسخة ( ش ).

(3) الكافي 3 : 388 ـ 4 ، التهذيب 2 : 221 ـ 871.

(4) الكافي 3 : 388 ـ 4 ، التهذيب 2 : 221 ـ 871.

(5) الكافي 3 : 391 ـ 18 ، التهذيب 2 : 376 ـ 1564 ، المقنعة : 70.

(6) الأم 1 : 98 ، المجموع 3 : 194 ، فتح العزيز 3 : 220 ، الوجيز 1 : 38 ، المهذب للشيرازي 1 : 74 ، اللباب 1 : 135 ، المغني 1 : 757.

٤١٢

لقوله تعالى( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (1) ولا يمنع تحريم الطواف تحريم الصلاة ، لأن الطواف به لا يحصل بطوافه فيه ، والصلاة لا تجب الى جميعه ، ولأن كل بقعة جاز أن يتنفل فيها جاز أن يفترض كالمسجد.

وقال مالك ، وأحمد ، وإسحاق : تجوز النافلة ، ولا تجوز الفريضة(2) ـ وبه قال الشيخ في الخلاف(3) ـ لقوله تعالى( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (4) أي نحوه ، وإذا كان فيه لم يول وجهه نحوه ولأنه مستدبر لبعضه فأشبه [ ما ](5) إذا استدبر وهو خارجه ، وقد بيّنا أن الصلاة لا تجب الى جميعه ، بل إنّما يتوجه إلى جهة منه فيتوجه إليها وإلى ما يحاذيها دون باقي الجهات ، وإذا استدبر وهو خارج لم يستقبل شيئا منه بخلاف ما لو كان فيه.

وحكي عن ابن جرير الطبري أنه قال : لا يجوز فعل الفريضة والنافلة(6) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل البيت ولم يصلّ(7) ، ولأن الطواف لا يجوز فيه فكذا الصلاة ، ونمنع عدم صلاتهعليه‌السلام فيه فإنهعليه‌السلام صلّى‌

__________________

(1) الحج : 26.

(2) المغني 1 : 757 ، 758 ، المجموع 3 : 195 ، فتح العزيز 3 : 220 ، القوانين الفقهية : 55 ، الكافي في فقه أهل المدينة : 39.

(3) الخلاف 1 : 439 مسألة 186.

(4) البقرة : 144 و 150.

(5) زيادة يقتضيها السياق.

(6) المجموع 3 : 194 ، حلية العلماء 2 : 60.

(7) صحيح مسلم 2 : 968 ـ 1331 ، سنن أبي داود 2 : 214 ـ 2027 ، سنن البيهقي 2 : 329.

٤١٣

فيه ركعتين(1) ، قال بلال : ترك [صلى‌الله‌عليه‌وآله ](2) عمودا عن يمينه ، وعمودا عن يساره ، وثلاثة أعمدة من ورائه فإن البيت إذ ذاك على ستة أعمدة(3) . والمثبت أولى من النافي.

إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال : الصلاة إن كانت فريضة فرادى أو نافلة فهي في الكعبة أفضل ، لأنها أطهر موضع ، وإن كانت جماعة فإن أمكنت في الكعبة فهو أفضل وإلاّ فالخارج أفضل(4) . وقد بينا ضعفه.

مسألة 87 : وتكره الفريضة على ظهر الكعبة‌ إن كان بين يديه قطعة من السطح ـ وبه قال أبو حنيفة(5) ـ لأن بين يديه بعض الكعبة فصح الاستقبال إليه كما لو كان خارجا عنها.

وقال الشافعي : يجوز إن كان بين يديه سترة وإلا فلا(6) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الصلاة على ظهر بيت الله العتيق(7) ولا علة للنهي إلا ما ذكرناه ، ولأنه يصلّي عليها لا إليها كالراحلة يقال : صلّى عليها لا إليها ، وينتقض بما لو كان قدامه سترة ، وقال أحمد : لا تجوز الفريضة مطلقا لأنه لم يستقبلها(8) . وهو ممنوع.

__________________

(1) سنن أبي داود 2 : 214 ـ 2026 ، مسند احمد 6 : 15 ، سنن البيهقي 2 : 328 ـ 329.

(2) زيادة من المصدر.

(3) صحيح البخاري 1 : 134 ، الموطأ 1 : 398 ـ 193 ، سنن أبي داود 2 : 213 ـ 2023 ، مسند أحمد 2 : 113 و 138 ، سنن النسائي 2 : 63 ، سنن البيهقي 2 : 326 ـ 327.

(4) الام 1 : 98 ـ 99 ، المجموع 3 : 195 ـ 196.

(5) المبسوط للسرخسي 1 : 207.

(6) الام 1 : 99 ، المجموع 3 : 198 ، فتح العزيز 3 : 221 ، المبسوط للسرخسي 1 : 207.

(7) سنن الترمذي 1 : 178 ـ 346 ، سنن ابن ماجة 1 : 246 ـ 746 و 747 ، سنن البيهقي 2 : 329.

(8) المغني 1 : 757.

٤١٤

فروع :

أ ـ لا يشترط السترة على ما تقدم ، وشرط الشافعي سترة مبنية بجص وآجر ، أو بطين وآجر ، أو بخشبة مسمرة لأنها كالجزء ، ولهذا تدخل في ( المبيع )(1) ، ولو غرز عصى أو خشبة فلأصحابه قولان(2) ، وكذا لو كان بين يديه آجرا معبأ.

ب ـ روى علماؤنا أنه إذا صلّى على ظهر الكعبة الفريضة استلقى على قفاه ، وصلّى بالإيماء متوجها الى البيت المعمور(3) . والوجه : أنه يصلّي قائما كما لو صلّى أسفل.

ج ـ لو صلّى على موضع أعلى كجبل أبي قبيس صحّت صلاته إجماعا ويتوجه إلى الكعبة.

د ـ لو صلّى داخل الكعبة استقبل ايّ جدرانها شاء وإن كان الى الباب وكان مفتوحا وليس له عتبة مرتفعة ، وأوجب الشافعي صلاته إلى حائط ، أو باب مغلق ، أو عتبة مرتفعة وإن قلّت(4) وليس بمعتمد.

مسألة 88 : وفي جواز الصلاة والى جانب الرجل المصلي أو قدامه امرأة تصلي‌ لعلمائنا قولان : أحدهما : المنع ، ذهب إليه الشيخان وأبطلا صلاتهما معا(5) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أخروهن من حيث أخرهن الله )(6) فأمر بتأخيرهن ، فمن خالف وجب أن تبطل صلاته ، وسئل الصادق عليه‌

__________________

(1) في نسخة ( م ) : البيع.

(2) المجموع 3 : 199 ـ 200 ، فتح العزيز 3 : 221 ، المهذب للشيرازي 1 : 74.

(3) وهو قول الشيخ الطوسي في الخلاف 1 : 441 المسألة 188 وادّعى عليه إجماعا الفرقة ، ويدلّ عليه من الروايات ما في التهذيب 2 : 376 ـ 1566 ، والكافي 3 : 392 ـ 21.

(4) الام 1 : 98 ، المجموع 3 : 195 ، فتح العزيز 3 : 220 ، الوجيز 1 : 38.

(5) المقنعة : 25 ، النهاية : 100 ـ 101.

(6) التذكرة في الأحاديث المشتهرة : 62 ، كشف الخفاء 1 : 69 ـ 156 ، جامع الأصول 11 : 16 ـ 8480.

٤١٥

السلام عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعا في بيت ، والمرأة عن يمين الرجل بحذاه قال : « لا حتى يكون بينهما شبر ، أو ذراع ، أو نحوه »(1) ولا دلالة في الخبرين لحملهما على الاستحباب عملا بالأصل ، مع منع دلالة الأول على صورة النزاع.

وقال المرتضىرحمهم‌الله بالكراهة ، ولا تبطل به صلاة أحدهما(2) ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد(3) ـ وهو الأقوى للأصل فإن الأمر بالصلاة مطلق فلا يتقيد إلا بدليل ، ولأنّها لو وقفت في غير الصلاة ، أو نامت مستورة ، أو غير مستورة لم تبطل صلاته ، وكذا لو كانت مصلية.

وقال أبو حنيفة : إن وقفت الى جنبه ، أو أمامه ولم تكن المرأة في الصلاة ، أو كانا في الصلاة من غير اشتراك لم تبطل صلاة واحد منهما ، والشركة عنده أن ينوي الإمام إمامتها ، وإن اشتركا فإن وقفت بين رجلين بطلت صلاة من إلى جانبيها ولم تبطل صلاة من الى جانب من الى جانبيها ، لأنهما حجزا بينها وبينه ، فإن وقفت الى جانب الإمام بطلت صلاة الإمام فتبطل صلاتهما ، وصلاة كل الجماعة لبطلان صلاة الجماعة ببطلان صلاة الإمام ، وإن صلّت أمام الرجال بطلت صلاة من يحاذيها ومن وراءها ، ولم تبطل صلاة من يحاذي من يحاذيها. وتسمى هذه مسألة المحاذاة ، اللهم إلاّ أن يكون الصف الأول نساء كلّه فتبطل صلاة أهل الصف الأول ، والقياس أن لا تبطل صلاة أهل الصف الثاني ، والثالث ، لكن صلاة أهل الصفوف كلّها تبطل استحسانا(4) .

__________________

(1) التهذيب 2 : 230 ـ 908 ، الاستبصار 1 : 399 ـ 1523.

(2) نقله في المعتبر : 156 عن المصباح.

(3) المجموع 3 : 252 و 4 : 299 ، المهذب للشيرازي 1 : 107 ، المغني 2 : 37 ـ 38 ، الشرح الكبير 2 : 67.

(4) المجموع 3 : 252 ، اللباب 1 : 81.

٤١٦

وتحقيق الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة أن سنّة الموقف إذا خالفها لم تبطل الصلاة عند الشافعي ، وتبطل عند أبي حنيفة ، وعند الشافعي المخالفة منهما ، وعند أبي حنيفة من الرجل دونها فلهذا بطلت صلاته دونها.

فروع :

أ ـ لا فرق عند علمائنا بين أن تكون المرأة محرما ، أو زوجة ، أو أجنبية ، ولا بين أن تكون مصلّية بصلاته ، أو منفردة في التحريم والكراهة.

ب ـ قال في المبسوط : لو صلّت خلفه في صف بطلت صلاة من على يمينها ، وشمالها ، ومن يحاذيها من خلفها ، ولا تبطل صلاة غيرهم ، وإن صلّت بجنب الإمام بطلت صلاتها وصلاة الإمام ، ولا تبطل صلاة المأمومين الذين هم وراء الصف الأول(1) .

ج ـ لو كانت بين يديه أو الى أحد جانبيه قاعدة لا تصلّي ، أو من خلفه وإن كانت تصلّي لم تبطل صلاة واحد منهما.

د ـ لو اجتمعا في محمل صلّى الرجل أولا أو المرأة ، ولا يصلّيان معا دفعة واحدة.

هـ ـ لو كان بينهما ساتر ، أو بعد عشرة أذرع صحّت صلاتهما وإن كانت متقدمة ، وفي الحديث : « شبر أو ذراع »(2) .

و ـ الأقرب اشتراط صحة صلاة المرأة لولاه في بطلان الصلاتين ، فلو‌

__________________

(1) المبسوط للطوسي 1 : 86.

(2) التهذيب 2 : 230 ـ 908 ، الاستبصار 1 : 399 ـ 1523.

٤١٧

صلّت الحائض ، أو غير المتطهرة وإن كان نسيانا لم تبطل صلاته ، وفي الرجوع إليها حينئذ نظر.

ز ـ ليس المقتضي للتحريم النظر لجواز الصلاة وإن كانت قدامه عارية فيمنع الأعمى ، ومن غمض عينيه.

ح ـ لو صلّت المرأة خلف الرجل صحّت صلاتها معه ، وبه قال الشافعي ، وغيره من الفقهاء(1) ، إلاّ أبا حنيفة ، وصاحبيه(2) .

مسألة 89 : يستحب أن يصلي الى سترة‌ فإن كان في مسجد ، أو بيت صلّى إلى حائط ، أو سارية ، وإن صلّى في فضاء أو طريق صلّى إلى شي‌ء شاخص بين يديه ، أو ينصب بين يديه عصى ، أو عنزة ، أو رحلا ، أو بعيرا معقولا بلا خلاف بين العلماء في ذلك ، ولأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان تركز له الحربة فيصلّي إليها ، ويعرض البعير فيصلّي إليه ، وركزت له العنزة فتقدم ، وصلّى الظهر ركعتين يمرّ بين يديه الحمار والكلب لا يمنع(3) .

ولا يتقدر بقدر بل الأولى بلوغها ذراعا فما زاد ، وقال الثوري ، وأصحاب الرأي : قدرها ذراع(4) . وقال مالك ، والشافعي : قدر عظم الذراع(5) . وعن أحمد روايتان(6) ، ولا حدّ لها في الغلظ والدقة إجماعا ،

__________________

(1) المجموع 4 : 301 ، المهذب للشيرازي 1 : 106 ، المغني 2 : 37 ، الشرح الكبير 2 : 67 ، المبسوط للسرخسي 1 : 183.

(2) المبسوط للسرخسي 1 : 183 ، المغني 2 : 38 ، الشرح الكبير 2 : 67 ، حلية العلماء 2 : 181.

(3) صحيح البخاري 1 : 133 و 135 ، صحيح مسلم 1 : 359 ـ 501 ـ 502 و 360 ـ 503 ، مسند أحمد 4 : 308 و 309.

(4) عمدة القارئ 4 : 277 ، المغني 2 : 68 ، الشرح الكبير 1 : 659.

(5) المدونة الكبرى 1 : 113 ، المغني 2 : 68 ، الشرح الكبير 1 : 659.

(6) المغني 2 : 68 ، الشرح الكبير 1 : 659.

٤١٨

فإنه يجوز الاستتار بالسهم ، والخشبة ، والحائط ، نعم ما كان أعرض فهو أولى.

فروع :

أ ـ يستحب أن يدنو من سترته ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا صلّى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته )(1) ولأنه أصون لصلاته وأبعد من حيلولة المار به ، وقدّره الشافعي بثلاثة أذرع(2) .

ب ـ يجوز أن يستتر بالبعير والحيوان ـ وبه قال أحمد(3) ـ لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعرض راحلته ويصلّي إليها(4) ، ومنع الشافعي من الاستتار بالدابة(5) .

ج ـ لو لم يجد سترة خط خطا وصلّى إليه ـ وبه قال سعيد بن جبير ، والأوزاعي ، وأحمد(6) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( فإن لم تكن معه عصى فليخط خطا ثم لا يضره من مرّ أمامه )(7) ، وأنكر مالك ، والليث بن سعد ، وأبو حنيفة الخط(8) وقال الشافعي بالخط بالعراق ، وقال بمصر : لا يخط المصلّي خطا‌

__________________

(1) سنن أبي داود 1 : 185 ـ 695 ، سنن النسائي 2 : 62 ، مسند احمد 4 : 2.

(2) المجموع 3 : 247 ، المهذب للشيرازي 1 : 76 ، مغني المحتاج 1 : 200 ، المغني 2 : 70 ، الشرح الكبير 1 : 660.

(3) المغني 2 : 70 ، الشرح الكبير 1 : 660.

(4) صحيح البخاري 1 : 135 ، صحيح مسلم 1 : 359 ـ 502.

(5) المجموع 3 : 248 ، المغني 2 : 70 ، الشرح الكبير 1 : 660.

(6) المغني 2 : 71 ، الشرح الكبير 1 : 661 ، مسائل أحمد : 44.

(7) سنن أبي داود 1 : 183 ـ 689 ، سنن ابن ماجة 1 : 303 ـ 943.

(8) المبسوط للسرخسي 1 : 192 ، المغني 2 : 71 ، الشرح الكبير 1 : 661.

٤١٩

إلاّ أن تكون فيه سنة تتبع(1) ، والظاهر أنه بالعرض ، وهو رواية عن أحمد ، وعنه أنه كالهلال ، وعنه أنّه بالطول ، وعنه أنه بالتدوير(2) .

د ـ لو كان معه عصى لا يمكنه نصبها ألقاها بين يديه عرضا ـ وبه قال الأوزاعي ، وسعيد بن جبير ، وأحمد(3) ـ لأنه يقوم مقام الخط ، بل هو أولى لارتفاع حجمه ، وكرهه النخعي(4) .

هـ ـ قال أحمد : يستحب إذا صلّى الى عمود ، أو عود أن ينحرف عنه ويجعله على حاجبه الأيمن ، أو الأيسر ولا يجعله وسطا(5) . وهو ممنوع.

و ـ يكره أن يصلّي الى من يتحدث قدّامه لئلاّ يشتغل بحديثهم ، وكره ابن مسعود ، وسعيد بن جبير الصلاة الى النائم في الفريضة والنافلة(6) ، وكره أحمد [ في ](7) الفريضة خاصة(8) .

ز ـ ولا بأس بأن يصلّي في مكة الى غير سترة ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى هناك وليس بينه وبين الطّواف سترة(9) ، ولأن الناس يكثرون هناك لأجل قضاء نسكهم ، وسميت بكة لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون ويدفع بعضهم بعضا ، فلو منع المصلّي من يجتاز بين يديه ضاق على الناس ، وحكم الحرم كلّه كذلك لأن ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار‌

__________________

(1) المغني 2 : 71 ، الشرح الكبير 1 : 661.

(2) المغني 2 : 71 ، الشرح الكبير 1 : 662 ، مسائل أحمد : 44.

(3) المغني 2 : 72 ، الشرح الكبير 1 : 662.

(4) المغني 2 : 72 ، الشرح الكبير 1 : 662.

(5) المغني 2 : 72 ، الشرح الكبير 1 : 662.

(6) المغني 2 : 72 ، الشرح الكبير 1 : 663.

(7) الزيادة يقتضيها السياق.

(8) المغني 2 : 72 ، الشرح الكبير 1 : 663.

(9) سنن أبي داود 2 : 211 ـ 2016 ، مسند أحمد 6 : 399.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624