الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل6%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 624

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 624 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196880 / تحميل: 5659
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

ثمّ يقول تعالى :( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) .

إنّ حملة العرش بالرغم من أنّهم لم يشخّصوا بصورة صريحة في هذه الآية وهل هم من الملائكة أم من جنس آخر؟ إلّا أنّ ظاهر تعبير الآية الكريمة أنّهم من الملائكة ، ومن غير المعلوم أنّ المقصود بـ (ثمانية) هل هم ثمانية ملائكة؟ أم ثمانية مجاميع من الملائكة؟ سواء كانت هذه المجاميع صغيرة أو كبيرة.

جاء في الروايات الإسلامية أنّ حملة العرش في عالم الدنيا أربعة أشخاص أو أربع (مجاميع) إلّا أنّهم في يوم القيامة يكونون ضعف ذلك ، كما نقرأ ذلك في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : (إنّهم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيّدهم الله بأربعة آخرين فيكونون ثمانية)(١) .

أمّا ما يتعلّق بحقيقة العرش ، وماهية الملائكة ، فذلك كما يلي :

المقصود بـ (العرش) كما هو واضح ليس تختا ممّا يكون للسلاطين ، ولكنّه ـ كما بيّنا سابقا في تفسير كلمة (العرش) ـ بأنّها تعني (مجموعة عالم الوجود) حيث أنّه عرش حكومة الله سبحانه ، ويدبّر حكومته تعالى من خلاله بواسطة الملائكة الذين هم جاهزون لتنفيذ أمره سبحانه.

وجاء في رواية اخرى أنّ حملة العرش في يوم القيامة أربعة من الأوّلين ، وأربعة من الآخرين ، والأشخاص الأوّلون الأربعة هم : (نوح) و (إبراهيم) ، و (موسى) ، و (عيسى) ، أمّا الأشخاص الآخرون الأربعة فهم (محمّد) و (علي) و (الحسن) ، و (الحسين)(٢) .

وهذا الحديث من الممكن أن يكون إشارة إلى مقام شفاعتهم للأوّلين والآخرين ، والشفاعة ـ عادة ـ تكون لمن هم أهل لها ، وممّن لهم لياقة لنيلها ، ومع ذلك فإنّه يوضّح المفهوم الواسع للعرش.

__________________

(١) تفسير (علي بن إبراهيم) ج ٢ ، ص ٣٨٤.

(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٤٦.

٥٨١

أمّا إذا كان حملة العرش ثمانية مجاميع ، فمن الطبيعي أن تتعهّد المجاميع للقيام بهذه المهمّة ، سواء كان هؤلاء من الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء ، وممّا تقدّم نلاحظ أنّ قسما من تدبير نظام وشؤون ذلك اليوم هو من مهمّة الملائكة وقسم من الأنبياء ، حيث أنّ الجميع جاهزون لتنفيذ أمر الله ، ويتحرّك بإرادته تعالى.

هنالك آراء في أنّ الضمير في (فوقهم) هل يرجع إلى «البشر»؟ أم إلى (الملائكة)؟ وبما أنّ الحديث في الجملة السابقة كان حول الملائكة ، فإنّ الضمير يرجع إليهم حسب الظاهر ، وبهذه الصورة فإنّ الملائكة تحيط بالعالم من جميع جهاته ، ولهذا فإنّ المقصود بـ (من فوقهم) هو (العلو من حيث المقام).

وهنالك احتمال بأنّ حملة عرش الله هم أشخاص أعلى وأفضل من الملائكة ، وتماشيا مع هذا الاحتمال فإنّ ما جاء في الحديث السابق منسجم معه ، حيث ورد فيه أنّ حملة عرش الله هم ثمانية من الأنبياء والأولياء.

وبما أنّ الحوادث المتعلّقة بيوم القيامة ليست واضحة لنا نحن سكنة هذا العالم المحدود ، لذا فليس بمقدورنا إذا إدراك المسائل المتعلّقة بحملة العرش في ذلك اليوم. إنّ الذي نتحدّث به عن هذه الأمور ما هو إلّا شبح يتراءى لنا من بعيد في ظلّ الآيات الإلهية ، وإلّا فلا تتمّ رؤية الحقيقة بدون معايشة الواقع(١) .

وممّا يجدر ملاحظته أنّ في (النفخة الاولى للصور) يموت ويفنى جميع من في السموات والأرض ، وبناء على هذا فإنّ مسألة بحث «حملة العرش» مرتبط «بالنفخة الثانية» ، حيث يتمّ إحياء الجميع ، وبالرغم من أنّه لم يأت ذكر للنفخة الثانية في الآية أعلاه ، إلّا أنّ ذلك يتّضح من خلال القرائن ، والمطالب التي سترد في الآيات اللاحقة تتعلّق بالنفخة الثانية أيضا(٢) .

* * *

__________________

(١) تطرقنا مرارا في هذا التّفسير إلى المعاني التي وردت حول (العرش) لغويا وقرآنيا ، ومن ضمن ما بحثناه حول هذه المسألة ما جاء في نهاية الآية ٥٤ من سورة الأعراف.

(٢) في الحقيقة أنّه توجد آية محذوفة بتقدير «ثمّ نفخ فيه اخرى».

٥٨٢

الآيات

( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤) )

التّفسير

يا أهل المحشر : اقرؤا صحيفة أعمالي

قلنا في تفسير الآيات السابقة أنّ (نفخ الصور) يحدث مرّتين.

الاولى : عند ما يأمر تعالى بنهاية العالم وموت الأحياء وتلاشي الوجود.

والثانية : بحدوث العالم الجديد ، عالم الآخرة حيث البعث والنشور ، وكما ذكرنا فإنّ بداية الآيات تخبرنا عن النفخة الاولى ، ولم تستعرض تفاصيل النفخة الثانية.

واستمرارا للحديث في هذا الصدد ، وخصوصيات العالم الجديد الذي

٥٨٣

سيكون عند النفخة الثانية ، تحدّثنا هذه الآيات عن شيء من ذلك حيث يقول تعالى :( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ ) .

«تعرضون» من مادّة (عرض) بمعنى عرض شيء معيّن ، بضاعة أو غيرها.

وممّا لا شكّ فيه أنّ جميع ما في الوجود ـ بشرا وغيره ـ هو بين يدي الله سبحانه ، سواء في هذه الدنيا أو في عالم الآخرة ، إلّا أنّ هذا الأمر يظهر ويتّضح بصورة أشدّ في يوم القيامة ، كما في مسألة حاكمية الله المطلقة والدائمة على عالم الوجود ، حيث تتّضح في يوم القيامة أكثر من أي وقت آخر.

إنّ جملة :( تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ ) يمكن أن تكون إشارة إلى أنّ الأسرار الخاصّة بالإنسان وما يحاول إخفاءه يتحوّل في ذلك اليوم إلى حالة من الظهور والوضوح كما يقول تعالى :( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) (١)

في ذلك اليوم لن يقتصر الوضوح والظهور على أعمال البشر الخفيّة فحسب ، بل على صفات وروحيات وأخلاقيات ونيّات الجميع فإنّها هي الاخرى تبرز وتظهر ، وهذا أمر عظيم جدّا ، بل إنّه أعظم من انفجار الأجرام السماوية وتلاشي الجبال ـ كما يقول البعض ـ حيث الفضيحة الكبرى للطالحين ، والعزّة والرفعة للمؤمنين بشكل لا نظير له ، يوم يكون الإنسان عريانا ليس من حيث الجسم فقط ، بل أعماله وأسراره الخفية تكون على رؤوس الأشهاد ، نعم لا يبقى أمر مخفي من وجودنا وكياننا أجمع في ذلك اليوم العظيم.

ويمكن أن يكون المراد هو الإشارة للإحاطة العلمية لله تعالى بجميع المخلوقات ، ولكن التّفسير الأوّل أنسب.

لذا يقول سبحانه بعد ذلك :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ) (٢) .

__________________

(١) الطارق ، الآية ٩.

(٢) «هاؤم» كما يقول أصحاب اللغة هي بمعنى (خذوا) وإذا كان المخاطب جمع مذكر ، فيقال : (هاؤم) ، وإذا جمعت جمع

٥٨٤

إنّ الفرحة تملؤه بصورة لا مثيل لها ، حتّى يكاد يطير من شدّة فرحته ، حيث أنّ كلّ ذرّة من ذرّات وجوده تغمرها الغبطة والسعادة والشكر لله سبحانه على هذه النعم والتوفيق والهداية التي منّ الله بها عليه ويصرخ (الحمد لله).

ثمّ يعلن بافتخار عظيم فيقول :( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) (١) .

«ظنّ» في مثل هذه الموارد تكون بمعنى (اليقين) إنّه يريد أن يقول : إنّ ما تفضّل به الله تعالى عليّ كان بسبب إيماني بهذا اليوم ، والحقيقة أنّ الإيمان بالحساب والكتاب يمنح الإنسان روح التقوى ، والتعهّد والإحسان بالمسؤولية ، وهذا من أهمّ عوامل تربية الإنسان.

ثمّ يبيّن الله تعالى في الآيات اللاحقة جانبا من جزاء وأجر هؤلاء الأشخاص حيث يقول :( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) (٢) .

وبالرغم من أنّ الجملة أعلاه تجسّد كلّ ما يستحقّ أن يقال في هذا الموضوع ، إلّا أنّه سبحانه يضيف للتوضيح الأكثر :( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ) .

إنّ الجنّة التي تكون عالية ورفيعة بشكل لم ير أحد مثلها قطّ ، ولم يسمع بها ، ولم يتصور مثلها.

( قُطُوفُها دانِيَةٌ ) (٣) .

حيث لا جهد مكلّف ولا مشقّة ولا صعوبة في قطف الثمار ، ولا عائق يحول من الاقتراب للأشجار المحمّلة بالثمار ، وجميع هذه النعم في متناول الأيدي بدون

__________________

مؤنث (هائن) وإذا كان مفردا مذكرا كان (هاء) وتكون (بالفتح) ، وإذا كان مفردا مؤنثا فإنّ (الهاء) تكون مكسورة ، وللتثنية هاؤما ، يقول الراغب في المفردات : (هاء) تستعمل بمعنى الأخذ ، و (هات) بمعنى العطاء.

(١) ال «هاء» في (حسابيه) تكون (هاء الاستراحة) ، أو (هاء السكتة) ، وليس لها معنى خاص. أيضا في (كتابيه).

(٢) «الرضا» تكون عادة حالة وصفة للأشخاص ، إلّا أنّه سبحانه جعلها صفة للحياة نفسها في الآية أعلاه ، وهذه تمثّل نهاية التأكيد ، يعني أنّها حياة يعمّها الرضا والسرور.

(٣) «قطوف» جمع (قطف) على وزن (حزب) بمعنى أنّ الثمر قد اقتطف ، وتأتي أحيانا بمعنى الثمار المهيّئة للاقتطاف أيضا.

٥٨٥

استثناء.

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يوجّه البارئعزوجل خطابه المملوء بالحبّ والمودّة والاعتزاز إلى أهل الجنّة بقوله :( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ) .

وهكذا كانت هذه النعمة العظيمة التي منحها الله لهؤلاء المتقين جزاء أعمالهم الصالحة التي ادّخروها ليوم كان فيه الحساب الحقّ ، وأرسلوها سلفا أمامهم ، وإنّ الأعمال الخيّرة والمحدودة هي التي أثمرت هذه الثمار الكبيرة حيث ظلّ الرحمة الإلهية واللطف الربّاني.

* * *

ملاحظات

١ ـ تفسير آخر لكلمة (العرش)

جاء في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «حملة العرش ـ والعرش العلم ـ ثمانية ، أربعة منّا ، وأربعة ممّن شاء الله»(١) .

وجاء أيضا في حديث آخر لأمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال : «فالذين يحملون العرش ، هم العلماء ، الذين حمّلهم الله علمه»(٢) .

ونقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام أنّه قال : «العرش ليس هو الله ، والعرش اسم علم وقدرة»(٣) .

إنّ ما يستفاد من هذه الأحاديث ـ بشكل عام ـ أنّ للعرش تفسيرا آخر بالإضافة إلى التّفسير السابق الذي ذكرناه سابقا ـ وهو (صفات الله) ـ صفات مثل

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٠٦ (حديث ٢٨).

(٢) المصدر السابق ، (حديث ٢٦).

(٣) المصدر السابق ، (حديث ٢٧).

٥٨٦

(العلم) و (القدرة) ، وبناء على هذا ، فإنّ حملة العرش الإلهي هم حملة علمه ، وكلّما كان الإنسان أو الملك أكثر علما ، كان له سهم أكبر في حمل العرش العظيم.

ومن هنا فإنّ هذه الحقيقة تتبلور بصورة أفضل وهي : أنّ العرش ليس تختا جسمانيا يشبه تخوت السلاطين ، بل له معان عديدة كنائية مختلفة إذا استعمل منسوبا إلى الله تعالى.

٢ ـ مقام الإمام عليعليه‌السلام وشيعته

جاء في روايات عديدة أنّ الآية :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ) نزلت في حقّ الإمام عليعليه‌السلام وشيعته(١) .

٣ ـ جواب على سؤال

والسؤال المطروح هو : هل أنّ دعوة المؤمنين لأهل المحشر لقراءة كتاب حسابهم وصحيفة أعمالهم ـ طبقا لما جاء في الآية الكريمة :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ) ـ تعني أنّ صحيفة أعمالهم خالية من أي ذنب؟

وفي مقام الجواب يمكن أن نستفيد من بعض الأحاديث منها حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث يقول : «يدني الله العبد يوم القيامة ، فيقرره بذنوبه كلّها ، حتى إذا راى أنّه قد هلك قال الله تعالى : إنّي سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، ثمّ يعطى كتاب حسناته بيمينه»(٢) (٢).

وقال البعض أيضا : إنّ الله تعالى يبدّل سيّئات المؤمنين في ذلك اليوم إلى (حسنات) وبذلك لا تبدو أي نقطة سوداء في صحائف أعمالهم.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٦٦.

(٢) (في ضلال القرآن) ج ٨ ، ص ٢٥٦.

٥٨٧

الآيات

( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) )

التّفسير

يا ليتني متّ قبل هذا :

كان الحديث في الآيات السابقة عن (أصحاب اليمن) حيث صحائف أعمالهم بأيديهم اليمنى ، ويوجّهون نداءهم إلى أهل المحشر بكلّ فخر للاطلاع على صحيفة أعمالهم وقراءتها ، ثمّ يدخلون جنّات الخلد حيث تكون مستقرّهم الأبدي.

أمّا هذه الآيات فتستعرض الطرف المقابل لأصحاب اليمين وهم (أصحاب الشمال) وتقدّم مقارنة بين المجموعتين ، حيث يقول تعالى :( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ، فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ) (١) .

__________________

(١) ال (هاء) في (كتابيه) و (حسابيه) و (ماليه) و (سلطانيه) وكذلك في الكلمات التي ستأتي في الآيات اللاحقة هي

٥٨٨

( وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ) (١) .

نعم ، في ذلك اليوم العظيم ، يوم البعث ويوم البروز والظهور ، يوم الحساب والمحكمة الإلهية العظيمة ، حيث تتوضّح وتنكشف حقيقة الأعمال القبيحة والسيّئة للإنسان وعند ما يواجهها يبدأ يجأر ويصرخ ويطلق الزفرات الساخنة المتلاحقة من الأعماق على المصير السيء الذي أوصل نفسه إليه ، والشرّ الذي جلبه عليها ، ويتمنّى أن يقطع علاقته بماضيه الأسود تماما ، ويتمنّى أن يموت ويفنى ويتخلّص من هذه الفضيحة الكبيرة المهلكة ، ويعبّر عن هذا الشعور قوله تعالى :( وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ) (٢)

وذكرت تفاسير اخرى ـ أيضا ـ لمعنى قوله :( يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ) منها أنّ المقصود من (القاضية) هي الموتة الاولى ، يعني يا ليتنا لم نحي مرّة اخرى ونبعث من جديد ، في حين كان أقبح شيء في نظرهم هو الموت ، ويتمنّى هؤلاء أن لو استمرّ موتهم ولم يواجهوا الخزي في حياتهم الثانية في المحكمة الإلهية العادلة.

وقيل أنّ المقصود من «القاضية» (نفخة الصور) الاولى حيث عبّر عنها بـ (القارعة) أيضا ، ويعني ذلك تمنّيهم عدم حدوث النفخة الثانية ، لذا فهم يقولون : يا ليت لم تكن هذه النفخة ، إلّا أنّ التّفسير الذي تحدّثنا عنه في البداية أنسب من الجميع.

ثمّ يضيف تعالى مستعرضا اعتراف المجرمين بذنوبهم فيقول :( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ) فالأموال التي كنت أجمعها في الدنيا لم تنقذني الآن ولم تعنّي ولم تدفع عنّي الأهوال أو تحلّ مشاكلي.

__________________

(هاء السكتة) أو (الاستراحة) وكما قلنا فإنّ هذه الهاء ليس لها معنى خاصّ ، بل إنّها تعتبر وقفا لطيفا في مثل هذه الكلمات ، ولها تناسب مع الوضع الروحي وحالة الأشخاص الذين يقولون مثل هذا الكلام (يرجى الانتباه لذلك).

(١) جملة (كانت القاضية) لها محذوف تقديره : (كانت هذه الحالة القاضية).

(٢) النبأ ، الآية ٤٠.

٥٨٩

( هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) فليست أموالي لم تسعفني في هذه الشدّة ، بل أنّ قدرتي ومقامي وسلطتي هي الاخرى هلكت وزالت عنّي.

وخلاصة الأمر : إنّ الأموال والمقام والسلطان والقوّة كلّها لم تفدني ولم تدفع عنّي ما أنا ملاقيه من عقاب على ما أسرفت في السابق ، وقد وقفت بين يدي محكمة العدل الإلهي ، وأنا لا أملك أي قوّة تنفعني في هذا اليوم ، فقد ذهبت قدرتي ، وقطع أملي من كلّ شيء ، وتعطّلت بي الأسباب. وهكذا يكون المجرمون في نهاية الذلّ والخزي والندم ، ولات ساعة مندم.

اعتبر البعض معنى ال (سلطان) هنا هو الدليل والبرهان الذي يكون عاملا في الإنتصار ، وبذلك يكون تفسير الآية ، أنّ المذنب يقول في ذلك اليوم : إنّي لا أملك أي دليل وحجّة أستطيع بها تبرير أعمالي في حضرة البارئعزوجل .

وقيل أيضا أنّ المراد من (السلطان) هنا ليس السلطة الحكومية ، ذلك لأنّ الداخلين إلى جهنّم ليسوا جميعا سلاطين أو أمراء ، بل إنّ المراد هو سلطة الإنسان على نفسه وحياته وإرادته ، ولكن بما أنّ الكثير من أهل النار كانوا يتمتعون بسلطة ونفوذ في عالم الدنيا ، أو أنّهم كانوا من أصحاب الأموال لذا يمكن اعتبار وجهة النظر هذه صحيحة حسب الظاهر.

* * *

ملاحظة

بعض القصص المثيرة :

نقلت في هذا المجال قصص كثيرة تؤكّد على المفاهيم العامّة التي احتوتها الآيات الكريمة أعلاه ، كموضع شاهد وعبرة وتأييد لما ذهبت إليه الآيات المباركات ، لتكون درسا لأولئك الذين جعلوا (المال والسلطان) همّهم الأوّل ، وانغمسوا حتّى الأذقان في الغفلة والغرور والذنوب من أجلهما ، ومن جملتها ما

٥٩٠

يلي :

١ ـ نقل في (سفينة البحار) عن كتاب (النصائح) ما نصّه : (عند ما اشتدّ مرض هارون الرشيد في خراسان أمر بإحضار طبيب من طوس ، ثمّ أوصى أن يعرض إدراره مع إدرار قسم من المرضى والأصحاء على الطبيب ، ففحص الطبيب قناني الإدرار الواحدة بعد الاخرى ، حتّى وصل إلى القنينة قال : قولوا لصاحب هذه القنينة أن يوصي ، لأنّ قواه قد انهدّت وبنيته قد هدمت ، فعند سماع هارون هذا الكلام يئس من حياته ، وتلا هذه الأبيات الشعرية :

إنّ الطبيب بطبّه ودوائه

لا يستطيع دفاع نحب قد أتى

ما للطبيب يموت بالداء الذي

قد كان يبرئ مثله فيما مضى

وفي هذه الأثناء سمع الناس يتداولون خبر موته ، ولكي يبطل مفعول هذه الإشاعة ، أمر باستحضار دابة ، وطلب أن يركب عليها ، وعند ما امتطى الدابة ضعفت أرجلها عن حمله ، قال : أنزلوني ، فإنّ الذي أشاع هذه الشائعة قد صدق. ثمّ أمر بجلب أكفان له ، واختار كفنا منها نال إعجابه ، وقال احضروا لي قبرا بالقرب من فراشي هذا ، ثمّ نظر إلى قبره ، وتلا هذه الآيات :( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) (١) .

٢ ـ ونقل ـ أيضا ـ في نفس المصدر عن العالم الكبير (الشيخ البهائي) ما نصّه هكذا : (كان هنالك رجل كثير الحساب لنفسه واسمه (توبة) ، حوّل عمره البالغ ستّين عاما إلى أيّام فكان مجموعها (٢١٥٠٠) وعند ذلك قال : يا ويلي إذا لم أكن قد أذنبت في اليوم إلّا ذنبا واحدا فإنّ مجموع ذنوبي الآن يربو على واحد وعشرين ألف ذنب؟ فكيف الاقي ربّي بواحد وعشرين ألف ذنب؟ وبينما هو في

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٥٢٣ ، مادّة رشد.

٥٩١

هذه الحال إذ صرخ صرخة سقط على أثرها على الأرض وسلّم روحه إلى بارئها)(١) .

٣ ـ ورد في كتاب «اليتيمة» للثعالبي أنّه لمّا حانت وفاة عضد الدولة لم يتحرّك لسانه إلّا بهذه الآية( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) .

* * *

__________________

(١) نفس المصدر ، ص ٤٨٨ مادّة ذنب (باقتباس).

٥٩٢

الآيات

( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧) )

التّفسير

خذوه فغلّوه :

استمرارا للآيات السابقة التي كانت تتحدّث عن (أصحاب الشمال) الذين يستلمون صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى ، فتنطلق الآهات والأنّات ، ويتمنّى أحدهم الموت ـ يشير تعالى في الآيات أعلاه إلى قسم من العذاب الذي يلاقونه يوم القيامة فيقول :( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) .

«غلّوه» من مادّة (غلّ) ، وكما قلنا سابقا أنّ المراد هو السلسلة التي كانوا يربطون بها أيدي وأرجل المجرمين إلى أعناقهم مقترن بالكثير من المشقّة والألم.

٥٩٣

( ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ) .

«السلسلة» في الأصل مأخوذة من مادّة (تسلسل) بمعنى الاهتزاز والارتعاش ، لأنّ حلقات السلسلة الحديدية تهتزّ وتتحرّك.

التعبير بـ (سبعون ذراعا) يمكن أن يكون من باب (الكثرة) إذ أنّ العدد سبعين كثيرا ما يستعمل للكثرة ، كما يمكن أن يكون المقصود هو العدد (سبعون) نفسه ، وعلى كلّ حال ، فإنّ مثل هذا الزنجير يطوق به المجرمون بحيث يربطون به من كلّ جانب.

وقال بعض المفسّرين : إنّ هذه السلاسل الطويلة ليست لشخص واحد. بل لمجاميع يربط كلّ منها بسلسلة ، وذكر هذه العقوبة بعد ذكر الغلّ في الآيات السابقة يتناسب أكثر مع هذا المعنى.

«ذراع» : بمعنى الفاصلة بين الساعة ونهاية الأصابع ، (وقياسها بحدود نصف متر) وكانت وحدة الطول المستعملة عند العرب ، وهي قياس طبيعي ، وقال البعض إنّ (الذراع) الوارد في الآية الكريمة هو غير الذراع المتعارف عليه ، حيث أنّ كلّ وحدة منه تمثّل فواصل عظيمة ، ويربط بهذا الزنجير جميع أهل جهنّم.

ونكرّر هنا مرّة اخرى قولنا أنّ المسائل المرتبطة بالقيامة لا نستطيع تصويرها بالكامل بواسطة بياننا نحن سكّان الدنيا ، إلّا أنّنا نعكس شبحا ـ فقط ـ من خلال ما جاء في الآيات والروايات.

التعبير بـ (ثمّ) في هذه الآية يوضّح لنا أنّ المجرمين بعد دخولهم في النار يربطون بالسلسلة ذات السبعين ذراعا ، وهذه عقوبة جديدة لهم. كما يوجد احتمال أنّ هذه السلاسل الفردية أو الجماعية تكون قبل الدخول في جهنّم ، و (ثم) جاءت للتأخير في الذكر.

وتتطرق الآيتان التاليتان لبيان السبب الرئيسي لهذا العذاب العسير ، فيقول

٥٩٤

تعالى :( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) .

وكلّما كان الأنبياء والأولياء ورسل الله تعالى يدعونه للتوجّه إلى (الواحد الأحد) لم يكن ليقبل ، ولذا فإنّ ارتباطه بالخالق كان مقطوعا بصورة تامّة.

( وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ) .

وبهذا الشكل فإنّ هؤلاء قد قطعوا علاقتهم مع (الخلق) أيضا.

وبهذا اللحاظ فإنّ العامل الأساسي لبؤس هؤلاء المجرمين هو قطع علاقتهم مع (الخالق) و (الخلق).

ويستفاد من التعبير السابق ـ بصورة واضحة ـ أنّه يمكن تلخيص أهمّ الطاعات والعبادات وأوامر الشرع بهذين الأساسين : (الإيمان) و (إطعام) المسكين) وهذا يمثّل إشارة إلى الأهميّة البالغة لهذا العمل الإنساني العظيم والحقيقة كما يقول البعض : إنّ أردأ العقائد هو (الكفر) كما أنّ أقبح الرذائل الأخلاقية هو (البخل).

والطريف في التعبير أنّه لم يقل (كان لا يطعم) ، بل قال : كان لا يحثّ الآخرين على الإطعام ، إشارة إلى :

أوّلا : إنّ حلّ مشكلة المحتاجين وإشباع الجائعين لا يمكن أن يتغلّب عليها شخص واحد ، بل يجب دعوة الآخرين أيضا للمساهمة بمثل هذا العمل ، ليعمّ الخير والفضل والإحسان جميع الناس.

ثانيا : قد يكون الشخص عاجزا عن إطعام المساكين ، ولكن الجميع بإمكانهم حثّ الآخرين على ذلك.

ثالثا : محاربة صفة البخل ، حيث أنّ من صفات البخيل أنّه يمتنع عن العطاء والبذل ، ولا يرغب أو يرتاح لبذل وعطاء الآخرين أيضا.

وينقل أنّ شخصا من القدماء كان يأمر زوجته بأن تطبخ طعاما أكثر من

٥٩٥

حاجتهم لإعطاء المساكين ، ثمّ كان يقول : (أخرجنا نصف السلسلة من أعناقنا وذلك بالإيمان بالله ، والنصف الآخر بالإطعام)(١) .

ثمّ يضيف تعالى :( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ ) أي صديق مخلص وحميم( وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) أي القيح والدم.

والجدير بالملاحظة هنا هو أنّ (الجزاء) و (العمل) لهؤلاء الجماعة متناسبان تماما ، فبسبب قطع علاقتهم بالله ، فليس لهم هنالك من صديق ولا حميم ، كما أنّ سبب امتناعهم عن إطعام المحتاجين فإنّ طعامهم في ذلك اليوم لن يكون إلّا القيح والدم ، لأنّهم حرموا المساكين من الإطعام وتركوهم نهبا للجوع والألم في الوقت الذي كانوا يتمتّعون لسنين طويلة بألذّ وأطيب الأطعمة.

يقول الراغب في المفردات : «غسلين» غسالة أبدان الكفّار في النار ، إلّا أنّ المتعارف عليه أنّ المقصود به هو الدم والقيح النازل من أجسام أهل النار ، ويحتمل أنّ (الراغب) قد قصد هذا المعنى أيضا.

كما أنّ التعبير بـ (الطعام) يناسب هذا المعنى كذلك.

وهنا يطرح سؤال ، وهو متعلّق بما ورد في الآية الكريمة في قوله تعالى :( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) (٢) ، وقد فسّروا (الضريع) بأنّه نوع من الشوك.

وكذلك ما ورد بهذا الشأن في قوله تعالى :( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ ) (٣) ، وقد فسّروا (الزقوم) بأنّه نبات مرّ غير مستساغ الطعم ذو رائحة نتنة حيث يكثر وجود مثل هذا النبات في أرض (تهامة) وهو مرّ وحارق وذو صمغ.

والسؤال هو : كيف يمكن الجمع بين هذه الآيات والآية مورد البحث؟

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢٩ ، ص ٥١.

(٢) الغاشية ، الآية ٦.

(٣) الدخان ، ٤٣ ـ ٤٤.

٥٩٦

قال البعض في الجواب : إنّ هذه الكلمات الثلاث (الضريع ، والزقوم ، والغسلين) إشارة إلى موضوع واحد وهو (نبات خشن غير مستساغ الطعم يكون طعام أهل النار).

وقيل : إنّ أهل النّار في طبقات مختلفة ، وإنّ كلّ صنف من هذه النباتات والأطعمة يكون غذاء لمجموعة منهم ، أو طبقة من طبقاتهم.

وقيل : إنّ غذاء أهل النار هو (الزقوم والضريع) ، وشرابهم (الغسلين) ، والتعبير بـ (الطعام) عن الشراب في هذه الآية ليس بالجديد.

ويضيف سبحانه في آخر آية مورد البحث في قوله تعالى للتأكيد :( لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ ) .

قال بعض المفسّرين : إنّ (خاطئ) تقال للشخص الذي يرتكب خطأ عمدا ، أمّا (المخطئ) فتطلق على من ارتكب خطأ بصورة مطلقة (عمدا أو سهوا) وبناء على ما تقدّم فإنّ طعام أهل جهنّم خاصّ للأشخاص الذين سلكوا درب الشرك والكفر والبخل والطغيان تمردّا وعصيانا وعمدا.

* * *

ملاحظة

بداية وضع الحركات على حروف القرآن الكريم :

أخرج «البيهقي» في شعب الإيمان عن «صعصعة بن صوحان» قال : جاء أعرابي إلى علي بن أبي طالب فقال : كيف هذا الحرف «لا يأكله إلّا الخاطون» كلّ والله يخطو؟ (أي إنّ جميع الناس تخطو وتمشي فهل انّ الجميع سوف يأكل من هذا الطعام؟) فتبسّم علي وقال : يا أعرابي (لا يأكله إلّا الخاطئون) قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ما كان الله ليسلّم عبده ، ثمّ التفت عليعليه‌السلام إلى أبي الأسود

٥٩٧

فقال : «إنّ الأعاجم قد دخلت في الدين كافّة فضع للناس شيئا يستدلّون به على صلاح ألسنتهم ، فرسم لهم الرفع والنصب والخفض»(١) .

* * *

__________________

(١) تفسير (الدرّ المنثور) لجلال الدين السيوطي ، ج ٨ ، ص ٢٧٥.

٥٩٨

الآيات

( فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) )

التّفسير

القرآن كلام الله قطعا :

بعد الأبحاث التي مرّت بنا في الآيات السابقة حول القيامة وما أعدّه الله سبحانه للمؤمنين والكفّار ، يبيّن البارئعزوجل في هذه الآيات بحثا وافيا حول القرآن والنبوّة ، ليكون البحثان (النبوّة) و (المعاد) كلا منهما مكمّلا للآخر.

يقول الراغب في البداية :( فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ ) .

المعروف أنّ كلمة (لا) زائدة وللتأكيد في مثل هذه الموارد ، ولكن ذهب البعض إلى أنّ (لا) تعطي معنى النفي أيضا ، ويعني ذلك أنّني لا اقسم بهذا الأمر ، لأنّه أوّلا : لا توجد ضرورة لمثل هذا القسم. وثانيا : يجب أن يكون القسم باسم

٥٩٩

الله ، إلّا أنّ هذا القول ضعيف ، والمناسب هو المعنى الأوّل ، إذ ورد في القرآن الكريم قسم باسم الله وبغيره في الكثير من الآيات.

جملة( بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ ) لها معنى واسع ، حيث تشمل كلّ ما يراه البشر وما لا يراه ، وبعبارة اخرى تشمل كلّ عالم (الشهود) و (الغيب).

وقد ذكرت احتمالات اخرى لتفسير هاتين الآيتين ، منها : أنّ المقصود من عبارة( بِما تُبْصِرُونَ ) هو عالم الخلقة ، ومن( وَما لا تُبْصِرُونَ ) هو الخالقعزوجل .

وقيل إنّ المقصود بالأولى هو النعم الظاهرية ، وفي الثانية النعم الباطنية. أو أنّ المقصود بهما : البشر والملائكة على التوالي ، أو الأجسام والأرواح ، أو الدنيا والآخرة.

إلّا أنّ سعة مفهوم هاتين العبارتين يمنع من تحديدهما. وبناء على هذا فإنّ كلّ ما يدخل في دائرة المشاهدة وما هو خارج عنها مشمول للقسم ، إلّا أنّه يستبعد شمولهما للبارئعزوجل ، بلحاظ أنّ جعل الخالق مقترنا بالخلق أمر غير مناسب ، خصوصا مع تعبير (ما) الذي جاء في الآية الكريمة والذي يستعمل في الغالب لغير العاقل.

ويستفاد ضمنا من هذا التعبير بصورة جيّدة أنّ الأمور والأشياء التي لا يراها الإنسان كثيرة جدّا ، وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة ، وهي أنّ المحسوسات التي تحيطنا تشمل دائرة محدودة من الموجودات ـ والأشياء غير المحسوسة ـ سواء في مجال الألوان والأصوات والأمواج والمذاقات وغيرها ـ هي في الواقع أوسع دائرة من الأمور الحسيّة.

فالنجوم التي يمكن رؤيتها في مجموع نصفي الكرة الأرضية بحدود خمسة آلاف نجمة ، طبقا لحسابات علماء الفلك ، أمّا النجوم التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة فهي تعدّ بالمليارات.

٦٠٠

والأمواج الصوتية التي تستطيع اذن الإنسان سماعها هي أمواج محدودة ، أمّا الأمواج الصوتية الاخرى التي لا تستطيع الاذن سماعها فتقدّر بالآلاف.

وبالنسبة للألوان التي نستطيع رؤيتها فهي سبعة ألوان معروفة ، وقد أصبح من المسلّم اليوم وجود ما لا نهاية له من الألوان الاخرى ، كلون ما وراء البنفسجي ، وما دون الأحمر ، حيث لا يمكن أن تراها أعيننا.

أمّا عدد الحيوانات المجهرية التي لا ترى بالعين المجرّدة فهي كثيرة جدّا إلى حدّ أنّها ملأت جميع العالم ، إذ توجد في قطرة الماء أحيانا آلاف الآلاف منها ، فما أضيق تفكير من يضع نفسه في إطار المحسوسات المادية فقط ، ويبقى جاهلا لأمور كثيرة لا تستطيع الحواس أن تدركها ، أو أنّه ينكرها أحيانا؟

لقد أثبتت الدلائل العقلية والتجريبية أنّ عالم الأرواح عالم أوسع بكثير من عالم أجسامنا ، فلما ذا نحبس أنفسنا وعقولنا في إطار المحسوسات؟

ثمّ تستعرض الآية اللاحقة جواب هذا القسم العظيم ، حيث يقول تعالى بأنّ هذا القرآن هو قول رسول كريم :( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) .

والمقصود من الرّسول هنا ـ بدون شكّ ـ هو الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس جبرائيل ، لأنّ الآيات اللاحقة تبيّن هذا المعنى بوضوح.

والسبب في نسبة القرآن إلى الرّسول بالرغم من أنّنا نعرف أنّه قول الله تعالى ، لأنّ الرّسول مبلّغ عنه ، وخاصّة أنّ الآية ذكرت كلمة «رسول» وهذا يعني أنّ كلّ ما يقوله الرّسول فهو قول مرسله ، بالرغم من أنّه يجري على لسان الرّسول ، ويسمع من فمه الشريف.

ثمّ يضيف تعالى :( وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) (١) ( وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ) .

__________________

(١) (قليلا) في هذه الآية وفي الآية اللاحقة هي صفة (لمفعول مطلق) محذوف. و (ما) زائدة وفي التقدير هكذا ، (وتؤمنون إيمانا قليلا).

٦٠١

تنفي هاتان الآيتان ما نسبه المشركون والمخالفون من تهم باطلة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كانوا يقولون أحيانا : إنّه (شاعر) وإنّ هذه الآيات من شعره ، كما كانوا يقولون أحيانا : إنّه (كاهن) وإنّ الذي يقوله هو (كهانة) لأنّ الكهنة أشخاص كانوا يتنبّئون بأسرار الغيب أحيانا ، وذلك لارتباطهم بالجنّ والشياطين ، وكانوا يطلقون عن قصد كلاما مسجعا وجملا موزونة.

ولأنّ القرآن الكريم أيضا كان يتنبّأ ويتحدّث عن امور غيبية ، وإنّ ألفاظه وعباراته لها نظام خاصّ ، لذا اتّهم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه التّهم ، في حين أنّ الفرق بين الإثنين كالفرق بين الأرض والسماء.

لقد نقل البعض في سبب نزول هذه الآية أنّ (أبا جهل) نسب قول الشعر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّ (عقبة) أو (عتبة) هو الذي نسب الكهانة إلى رسولنا الكريم وكذلك الآخرون أيضا كانوا يردّدون هذه التّهم.

وفي الحقيقة فإنّ للقرآن الكريم ألفاظا منسجمة ، وتعابير ذات نظم جميل تسحر الآذان وتبعث الاطمئنان في الأرواح. إلّا أنّ هذا ليس له أي ارتباط مع شعر الشعراء ، ولا مع سجع الكاهنين.

الشعر في الغالب وليد الخيال ، ومعبّر عن الأحاسيس الجياشة في النفوس ، والعواطف الملتهبة ، ولهذا فإنّه يجسّد حالة عدم الاستقرار وعدم التوازن صعودا ونزولا ، شدّة وانخفاضا ، في الوقت الذي نلاحظ أنّ القرآن الكريم ، وهو يمثّل قمّة الروعة والجاذبية ، فإنّه كتاب استدلالي ومنطقي في عرضه للمفاهيم ، وعقلاني في محتواه ، وما فيه من التنبّؤ المستقبلي لا يشكّل قاعدة أساسية للقرآن الكريم ، بالإضافة إلى أنّها صادقة جميعا بخلاف ما عليه تنبّؤ الكهنة.

التعبير بـ( قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) و( قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ) هو توبيخ ولوم للأشخاص الذين يسمعون الوحي السماوي مقرونا بدلائل واضحة ، إلّا أنّهم يعتبرونه (شعرا) أحيانا ، و (كهانة) أحيانا اخرى. وقليلا ما يؤمنون.

٦٠٢

ويقول سبحانه في آخر آية ـ مورد البحث ـ كتأكيد على هويّة القرآن الربانية :( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) .

وبناء على هذا فإنّ القرآن الكريم ليس بشعر ولا كهانة ، وليس هو إنتاج فكر الرّسول ، ولا قول جبرائيل بل إنّه كلام الله سبحانه ، حيث نزل بواسطة الوحي على القلب الطاهر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء هذا المعنى بعبارات مختلفة إحدى عشرة مرّة في القرآن الكريم.

* * *

__________________

(١) «تنزيل» مصدر بمعنى (اسم مفعول) ، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو منزل من ربّ العالمين).

٦٠٣

الآيات

( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢) )

التّفسير

استمرارا للأبحاث المتعلّقة بالقرآن الكريم ، تستعرض الآيات التالية دليلا واضحا يؤكّد يقينية كون القرآن من الله سبحانه ، حيث يقول :( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) (١) .

«أقاويل» : جمع (أقوال) و (أقوال) بدورها جمع (قول) وبناء على هذا فإنّ أقاويل جمع الجمع ، والمقصود منها هنا هو الحديث الكذب.

__________________

(١) (من) في (من أحد) زائدة وللتأكيد.

٦٠٤

«وتقوّل» من مادّة (تقوّل) على وزن (تكلّف) بمعنى الحديث المصطنع الذي لا أساس له من الصحّة والحقيقة.

جملة( لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) تعني : لأخذنا من يده اليمنى ولعاقبناه وجازيناه وكلمة «اليمين» هنا كناية عن القدرة ، وذلك بلحاظ أنّ الإنسان الذي ينجز أعمالا معيّنة بيده اليمنى يتمتّع بقدرة وقوّة أفضل.

كما أورد بعض المفسّرين احتمالات اخرى أيضا في تفسير هذه الآية ، أعرضنا عن ذكرها بلحاظ كونها غير مشهورة ولا موزونة.

«وتين» بمعنى (عرق القلب) والمقصود به هو الشريان الذي عن طريقه يصل الدم إلى جميع أعضاء جسم الإنسان ، وإذا قطع فإنّ الإنسان يتعرّض للموت فورا ، وهذا تعبير عن أسرع عقوبة يمكن أن يعاقب بها الإنسان.

وفسّر البعض (الوتين) بأنّه العرق الذي يكون القلب معلّقا به ، أو العرق الذي يوصل الدم إلى الكبد ، أو أنّه عرق النخاع الذي هو في وسط العمود الفقري ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل أصحّ من الجميع حسب الظاهر.

«حاجزين» جمع (حاجز) بمعنى المانع.

وقد يتساءل البعض قائلا : إذا كان الموت الفوري والهلاك الحتمي هو عقوبة كلّ من يكذب على الله سبحانه ، فهذا يستلزم هلاك جميع من يدّعي النبوّة كذبا وبسرعة ، وهذا ما لم يلاحظ في حياتنا العملية ، حيث بقي الكثير منهم لسنين طويلة. بل حتّى معتقداتهم الباطلة بقيت أيضا فترة زمنية من بعدهم.

الجواب يتّضح جليّا بالانتباه إلى ما يلي : وهو أنّ القرآن الكريم لم يقل بأنّ الله يهلك كلّ مدّع يدّعي النبوّة بل إنّه سبحانه خصّص هذه العقوبة لشخص الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما لو انحرف عن طريق الحقّ ، فسوف لن يهمل لحظة واحدة ، لأنّه

٦٠٥

يكون سببا لضياع الرسالة وضلال الناس(١) .

أمّا الأشخاص الذين يدّعون ادّعاءات باطلة ، وليس لديهم أي دليل عليها ، فليس هنالك ضرورة لأنّ يهلكهم الله فورا ، لأنّ بطلان ادّعاءاتهم واضح لكلّ من يطلب الحقّ ، إلّا أنّ الأمر يلتبس ويصعب حينما يكون الادّعاء بالنبوّة مقترنا بأدلّة ومعاجز دامغة كما هو بالنسبة للنبي الإلهي ، فإنّ ذلك ممّا يؤدّي إلى الانحراف عن طريق الحقّ.

ومن هنا يتّضح بطلان ادّعاء بعض (الفرق الضالّة) لإثبات ما يقوله أسيادهم من خلال الاستشهاد بهذه الآية المباركة. فلو صحّ ذلك لكان (مسيلمة الكذّاب) وكلّ مدّع كاذب من أمثاله يستطيعون إثبات ادّعاءاتهم من خلال الاستدلال بهذه الآية أيضا.

ويذكّر سبحانه مرّة اخرى في الآية اللاحقة مؤكّدا ما سبق عرضه في الآيات السابقة( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) . إنّ كتاب الله هذا أنزله للأشخاص الذين يريدون أن يطهّروا أنفسهم من الذنوب ، ويسيروا في طريق الحقّ ، ويبحثوا عن الحقيقة ، ويسعوا للوصول إليها ، أمّا من لم يصل إلى هذا الحدّ من صفاء النظرة وتقوى النفس ، فمن المسلّم أنّه لن يستطيع أن يستلهم تعاليم القرآن الكريم ويتذوّق حلاوة معرفة الحقّ المبين.

إنّ التأثير العميق الفذّ للقرآن الكريم الذي يحدثه في نفوس سامعيه وقارئيه ، هو بحدّ ذاته علامة على إعجازه وحقّانيته.

ثمّ يضيف تعالى :( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) .

إنّ وجود المكذّبين المعاندين لم يكن مانعا أبدا من الدليل على عدم حقّانيتهم.

__________________

(١) وهذا هو نفس ما طرح في كتب علم الكلام بعنوان : (جعل المعجزة في يد الكاذب) وقد قبّح هذا الأمر.

٦٠٦

إنّ المتّقين وطلّاب الحقّ يتّعظون به ، ويرون فيه سمات الحقّ ، وإنّه عون لهم في الوصول إلى طريق الله سبحانه.

وبناء على هذا فكما يجدر بالإنسان ـ بل يجب عليه ـ أن يفتح عينه للاستفادة من إشعاع النور ، فإنّ عليه كذلك أن يفتح عين قلبه للاستفادة من نور القرآن العظيم.

ويضيف في الآية اللاحقة :( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) .

إنّ هؤلاء الكفرة الذين يتحدّون القرآن الكريم اليوم ويكذّبونه ، فإنّهم غدا حيث (يوم الظهور) و (يوم البروز) وهو وفي نفس الوقت (يوم الحسرة) يدركون مدى عظمة النعمة التي فرّطوا بها بسبب لجاجتهم وعنادهم ، وما جلبوه لأنفسهم من أليم العذاب ، ذلك اليوم الذي يشاهدون فيه ما عليه المؤمنون من نعيم ونعمة ، وعندئذ تكون المقارنة بين هؤلاء وبين من غضب الله عليهم ، فعند ذلك سيعضّون أصابع الندم ، يقول تعالى :( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) (١) .

ولكي لا يتصور أحد أنّ التكذيب والتشكيك كان بلحاظ غموض وإبهام مفاهيم القرآن الكريم ، فيضيف في الآية اللاحقة :( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) .

التعبير بـ (حقّ اليقين) في إعتقاد بعض المفسّرين هو في قبيل (إضافة شيء إلى نفسه) لأنّ (الحقّ) هو (اليقين) نفسه و (اليقين) هو (عين الحقّ) وذاته ، وذلك كما يقال : (المسجد الجامع) أو (يوم الخميس) ، ويقال له باصطلاح النحاة (إضافة بيانية) إلّا أنّ الأفضل أن يقال في مثل هذه الإضافة : إضافة (الموصوف إلى الصفة).

يعني أنّ القرآن الكريم هو (يقين خالص) أو بتعبير آخر أنّ لليقين مراحل

__________________

(١) الفرقان ، الآية ٢٧.

٦٠٧

مختلفة ، حيث يحصل أحيانا بالدليل العقلي كما في حصول اليقين بوجود النار من خلال مشاهدة دخّان من بعيد ، لذا يقال لمثل هذا الأمر (علم اليقين).

وحينما نقترب أكثر ونرى اشتعال النار بامّ أعيننا ، فعند ذلك يصبح اليقين أقوى ويسمّى عندئذ بـ (عين اليقين).

وعند ما يكون اقترابنا أكثر فأكثر ونصبح في محاذاة النار أو في داخلها ونلمس حرارتها بأيدينا ، فإنّ من المسلّم أنّ هذه أعلى مرحلة من مراحل اليقين ، وتسمّى بـ (حقّ اليقين).

والآية أعلاه تقول : إنّ القرآن الكريم في مثل هذه المرحلة من اليقين ، ومع هذا فإنّ عديمي البصيرة ينكرونه ويشكّكون فيه.

وأخيرا يقول سبحانه في آخر آية ـ مورد البحث ، والتي هي آخر آية من سورة (الحاقّة) ـ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) .

والجدير بالملاحظة ـ هنا ـ أنّ مضمون هذه الآية والآية السابقة قد جاء بتفاوت يسير مع ما ورد في سورة الواقعة ، وهذا التفاوت هو أنّ الآية وصفت القرآن الكريم هنا بأنّه (حقّ اليقين) أمّا في نهاية سورة (الواقعة) فكان الحديث عن المجاميع المتباينة للصالحين والطالحين في يوم القيامة.

* * *

ملاحظة

وصف القرآن الكريم في هذه الآيات المباركة بأوصاف أربعة وهي «تنزيل» و «تذكرة» و «حسرة» و «حقّ اليقين». حيث يقول في البداية :( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، ثمّ يقول :( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) ثمّ يقول تعالى :( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) ويضيف في آخر وصف له بقوله :( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) .

وذلك أنّ الآية الاولى موجّهة لجميع البشر ، والثانية مختصّة بالمتّقين والآية

٦٠٨

الثالثة تعني الكافرين ، والرابعة خاصّة بالمقرّبين.

اللهمّ : إنّك تعلم إنّه لا شيء أفضل من اليقين ، فارزقنا منه ما يكون معه إيماننا مصداقا لحقّ اليقين.

ربّنا : إنّ يوم القيامة هو يوم الحسرة ، فلا تجعلنا في ذلك اليوم من الذين يتحسّرون لكثرة ذنوبهم ، بل من قلّة طاعاتهم على الأقل

ربّنا : آتنا صحيفة أعمالنا بيدنا اليمنى ، وأدخلنا في جنّة عالية في عيشة راضية.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة الحاقّة

ونهاية المجلد الثّامن عشر

* * *

٦٠٩
٦١٠

الفهرس

سورة الحديد»

محتوى السورة ٧

فضيلة تلاوة سورة الحديد ٨

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ١٠

آيات للمتفكّرين ١٠

بحث

جمع الأضداد في صفات الله ١٤

تفسير الآيات : ٤ ـ٦ ١٦

على عرش القدرة دائما ١٦

تعقيب ٢٣

آيات الاسم الأعظم ٢٢

تفسير الآيات : ٧ ـ ١١ ٢٥

الإيمان والإنفاق أساسان للنجاة ٢٦

بحوث

١ ـ بواعث الإنفاق ٣٢

٢ ـ شروط الإنفاق في سبيل الله ٣٣

٣ ـ السابقون في الإيمان والجهاد والإنفاق ٣٥

تفسير الآيات : ١٢ ـ ١٥ ٣٧

انظرونا نقتبس من نوركم ٣٧

ملاحظة

الإستغاثة العقيمة للمجرمين ٤٤

٦١١

تفسير الآيات : ١٦ ـ ١٨ ٤٦

سبب النزول ٤٦

إلى متى هذه الغفلة ٤٧

موعظة وتوبة ٥٠

تفسير الآيتان : ١٩ ـ ٢٠ ٥٢

الدنيا متاع الغرور ٥٢

تعقيب ٥٧

١ ـ مقام الصدّيقين والشهداء ٥٧

٢ ـ الحياة الدنيا لهو ولعب ٥٩

تفسير الآيات : ٢١ ـ ٢٤ ٦١

المسابقة المعنوية الكبرى ٦١

تفسير الآية : ٢٥ ٧٠

الهدف الأساس من بعثة الأنبياء ٧٠

تعقيب ٧٥

١ ـ الحدود بين القوّة والمنطق ٧٥

٢ ـ الحديد وإحتياجات الحياة الأساسية ٧٦

تفسير ال آیتان : ٢٦ ـ ٢٧ ٧٨

تعاقب الرسل واحداً بعد ال آخر ٧٨

بحوث

١ ـ الإسلام والرهبانية ٨٣

٢ ـ المصدر التأريخي للرهبانية ٨٦

٣ ـ المفاسد الأخلاقية والاجتماعية الناشئة من الرهبانية ٨٧

٤ ـ إنجيل أم أناجيل ٨٩

تفسیر الآيتان : ٢٨ ـ ٢٩ ٩٠

سبب النّزول ٩٠

الذين لهم سهمان من الرحمة الإلهية ٩١

بحث

التقوى والوعي ٩٥

٦١٢

«سورة المجادلة»

محتوى السورة ٩٩

فضيلة تلاوة سورة المجادلة ٩٩

تفسیر الآيات : ١ ـ ٤ ١٠١

سبب النّزول ١٠١

الظهار عمل جاهلي قبيح ١٠٣

ملاحظات

١ ـ قسم من أحكام الظهار ١٠٩

٢ ـ الظهار من كبائر الذنوب ١١٠

تفسیر الآيات : ٥ ـ ٧ ١١٢

أولئك أعداء الله ١١٢

بحث

حضور الله سبحانه في كلّ نجوى ١١٧

تفسیر الآيات : ٨ ـ ١٠ ١١٨

سبب النّزول ١١٨

النجوى من الشيطان ١١٩

بحثان

١ ـ أنواع النجوى ١٢٢

٢ ـ كيف تكون التحيّة الإلهيّة ١٢٣

تفسیر الآية : ١١ ١٢٥

سبب النّزول ١٢٦

احترام أهل السابقة والإيمان ١٢٦

بحثان

١ ـ مقام العلماء ١٢٩

٢ ـ آداب المجلس في القرآن الكريم ١٣٠

تفسیر الآيتان : ١٢ ـ ١٣ ١٣٢

٦١٣

سبب النّزول ١٣٢

الصدقة قبل النجوى (اختبار رائع) ١٣٣

بحوث

١ ـ الملتزم الوحيد بآية الصدقة قبل النجوى ١٣٥

٢ ـ فلسفة تشريع ونسخ حكم الصدقة ١٣٦

٣ ـ هل الالتزام بالصدقة فضيلة ١٣٧

٤ ـ مدّة الحكم ومقدار الصدقة ١٣٨

تفسیر الآيات : ١٤ ـ ١٩ ١٣٩

حزب الشيطان ١٤٠

تفسیر الآيات : ٢٠ ـ ٢٢ ١٤٥

حزب الله والنصر الدائم ١٤٥

بحثان

١ ـ العلامة الفارقة بين حزب الله وحزب الشيطان ١٥١

٢ ـ جزاء الحبّ في الله والبغض في الله ١٥٣

«سورة الحشر»

محتوى السورة ١٥٧

فضيلة تلاوة هذه السورة ١٥٨

تفسیر الآيات : ١ ـ ٥ ١٦٠

سبب النّزول ١٦١

نهاية مؤامرة يهود بني النضير ١٦٣

بحثان

١ ـ الجيوش الإلهيّة اللامرئية ١٧٢

٢ ـ مؤامرات اليهود المعاصرة ١٧٣

تفسیر الآيتان : ٦ ـ ٧ ١٧٥

سبب النّزول ١٧٥

حكم الغنائم بغير الحرب ١٧٦

٦١٤

بحوث

١ ـ مصارف الفيء ١٨١

٢ ـ جواب على سؤال ١٨٣

٣ ـ القصّة المؤلمة لـ (فدك) ١٨٤

تفسیر الآيات : ٨ ـ ١٠ ١٨٧

السمات الأساسية للأنصار والمهاجرين والتابعين ١٨٧

بحث

الصحابة في ميزان القرآن والتاريخ ١٩٥

تفسیر الآيات : ١١ـ١٤ ١٩٧

سبب النّزول ١٩٧

دور المنافقين في فتن اليهود ١٩٩

تفسیر الآيات : ١٥ ـ ٢٠ ٢٠٤

حيل الشيطان والمهالك ٢٠٤

بحوث

١ ـ التعاون العقيم مع أهل النفاق ٢١١

٢ ـ قصّة العابد (برصيصا) ٢١٢

٣ ـ ما ينبغي عمله ٢١٣

تفسیر الآيات : ٢١ ـ ٢٤ ٢١٥

لو نزل القرآن على جبل ٢١٥

ملاحظتان

١ ـ التأثير الخارق للقرآن الكريم ٢٢٣

٢ ـ عظمة الآيات الأخيرة لسورة الحشر ٢٢٣

«سورة الممتحنة»

«سورة الممتحنة» ٢٢٩

محتوى السورة ٢٢٩

٦١٥

فضيلة تلاوة سورة الممتحنة ٢٢٩

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ٢٣١

سبب النّزول ٢٣١

نتيجة الولاء لأعداء الله ٢٣٣

تفسير الآيات : ٤ ـ ٦ ٢٣٨

أسوة للجميع ٢٣٨

بحوث

١ ـ نماذج خالدة ٢٤٤

٢ ـ الله غني عن الجميع ٢٤٥

٣ ـ الأصل في العلاقات الرسالية : (الحبّ في الله والبغض في الله) ٢٤٦

تفسير الآيات : ٧ ـ ٩ ٢٤٨

مودّة الكفّار غير الحربيين ٢٤٨

تفسير الآيتان : ١٠ ـ ١١ ٢٥٣

سبب النّزول ٢٥٣

تعويض خسائر المسلمين والكفّار ٢٥٤

العدل حتّى مع الأعداء ٢٦١

تفسير الآية : ١٢ ٢٦٢

شروط بيعة النساء ٢٦٢

بحوث

١ ـ ارتباط بيعة النساء ببناء شخصيتهنّ الإسلامية ٢٦٤

٢ ـ قصّة بيعة (هند) زوجة أبي سفيان ٢٦٥

٣ ـ الطاعة بالمعروف ٢٦٦

تفسير الآية : ١٣ ٢٦٨

«سورة الصّف»

محتوى سورة الصّف ٢٧٣

فضيلة تلاوة سورة الصّف ٢٧٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٢٧٥

٦١٦

سبب النّزول ٢٧٥

المقاتلون المؤمنون صفّ حديدي منيع ٢٧٦

بحثان

١ ـ ضرورة وحدة الصفوف ٢٧٩

٢ ـ الأقوال المجرّدة عن العمل ٢٨١

تفسير الآيتان : ٥ ـ ٦ ٢٨٣

البشارة بظهور النّبي (أحمد) ٢٨٣

بحوث

١ ـ الصلة بين البشارة وتكامل الدين ٢٨٦

٢ ـ بشارة العهدين وتعبير (فارقليطا) ٢٨٧

٣ ـ هل أنّ اسم رسول الإسلام كان (أحمد) ٢٩٠

تفسير الآيات : ٧ ـ ٩ ٢٩٢

يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ٢٩٢

تفسير الآيات : ١٠ ـ ١٣ ٢٩٨

التجارة الرّابحة ٢٩٨

بحوث

١ ـ أي فتح هو «الفتح القريب» ٣٠٢

٢ ـ ما هي خصائص المساكين الطيّبة ٣٠٣

٣ ـ الدنيا موضع تجارة أولياء الله ٣٠٣

تفسير الآية : ١٤ ٣٠٥

كونوا كالحواريين ٣٠٥

تعقيب ٣٠٧

من هم الحواريون ٣٠٧

«سورة الجمعة»

محتوى السورة ٣١١

فضيلة تلاوة سورة الجمعة ٣١١

٦١٧

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٣١٣

الهدف من بعثة الرّسول ٣١٣

ملاحظة

الفضل الإلهي له حساب ٣١٨

تفسير الآيات : ٥ ـ ٨ ٣٢٠

الحمار الذي يحمل الأسفار ٣٢٠

بحثان

١ ـ العالم بلا عمل ٣٢٤

٢ ـ لماذا أخاف الموت ٣٢٥

تفسير الآيات : ٩ ـ ١١ ٣٢٨

سبب النّزول ٣٢٨

أكبر تجمّع عبادي سياسي اسبوعي ٣٢٩

بحوث

١ ـ أوّل صلاة جمعة في الإسلام ٣٣٣

٢ ـ أهميّة صلاة الجمعة ٣٣٤

٣ ـ فلسفة صلاة الجمعة العبادية والسياسيّة ٣٣٥

٤ ـ آداب صلاة الجمعة ومضمون الخطبتين ٣٣٨

٥ ـ شرائط وجوب صلاة الجمعة ٣٤٠

نهاية سورة الجمعة ٣٤١

«سورة المنافقون»

محتوى السورة ٣٤٥

فضيلة تلاوة سورة المنافقين ٣٤٦

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٣٤٧

مصدر النفاق وعلامات المنافقين ٣٤٧

٦١٨

تفسير الآيات : ٥ ـ ٨ ٣٥٥

سبب النّزول ٣٥٥

علامات اخرى للمنافقين ٣٥٧

بحوث

١ ـ للمنافقين علامات عشر ٣٦٠

٢ ـ خطر المنافقين ٣٦١

٣ ـ المنافق فارغ ومنخور ٣٦٢

تفسير الآيات : ٩ ـ ١١ ٣٦٥

لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم ٣٦٥

تعقيب ٣٦٧

١ ـ طريقة التغلّب على الاضطرابات والقلق ٣٦٧

٢ ـ النفاق العقائدي والنفاق العملي ٣٦٨

نهاية سورة المنافقين ٣٦٩

سورة التغابن

محتوى السورة ٣٧٣

فضيلة تلاوة السورة ٣٧٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٦ ٣٧٥

يعلم ما تخفي الصدور ٣٧٥

تفسير الآيات : ٧ ـ ١٠ ٣٧٩

يوم التغابن وظهور الغبن ٣٨٤

تفسير الآيات : ١١ ـ ١٣ ٣٨٤

كلّ ما يصيبنا بإذنه وعلمه ٣٨٤

تفسير الآيات : ١٤ ـ ١٨ ٣٨٧

سبب النّزول ٣٨٧

أولادكم وأموالكم وسيلة لامتحانكم ٣٨٨

ملاحظة

حديث مهمّ ٣٩٣

٦١٩

سورة الطّلاق

«سورة الطلاق» ٣٩٧

محتوى السورة ٣٩٧

فضيلة تلاوة السورة ٣٩٧

تفسير الآية : ١ ٣٩٨

شرائط الطلاق والانفصال ٣٩٨

ملاحظات

١ ـ أبغض الحلال إلى الله الطلاق ٤٠٢

٢ ـ أسباب الطلاق ٤٠٥

٣ ـ فلسفة ضبط وإحصاء العدّة ٤٠٧

تفسير الآيات : ٢ ـ ٣ ٤٠٨

فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف ٤٠٨

بحثان

١ ـ التقوى والنجاة من المشاكل ٤١٢

٢ ـ روح التوكّل ٤١٣

تفسير الآيات : ٤ ـ ٧ ٤١٥

أحكام النساء المطلّقات وحقوقهنّ ٤١٦

بحوث

١ ـ أحكام الطلاق الرجعي ٤٢١

٢ ـ لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها ٤٢٢

٣ ـ أهميّة النظام العائلي ٤٢٢

تفسير الآيات : ٨ ـ ١١ ٤٢٤

العاقبة المؤلمة للعاصين ٤٢٤

تفسير الآية : ١٢ ٤٢٩

الهدف من خلق العالم ٤٢٩

سورة التّحريم

محتوى السورة ٤٣٧

٦٢٠

621

622

623

624