الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٢٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 600

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 600
المشاهدات: 157083
تحميل: 4850


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 600 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157083 / تحميل: 4850
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 20

مؤلف:
العربية

سورة

الإخلاص

مكّية

وعدد آياتها أربع آيات

٥٤١
٥٤٢

«سورة الإخلاص»

محتوى السّورة :

هذه السّورة ، كما هو واضح من اسمها ، (سورة الإخلاص ، أو سورة التوحيد) تركز على توحيد الله ، وفي أربع آيات قصار تصف التوحيد بشكل جامع لا يحتاج إلى أية إضافة وفي نزول السّورة روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إنّ اليهود سألوا رسول الله فقالوا : أنسب لنا ربّك فلبث ثلاثا لا يجيبهم. ثمّ نزلت قل هو الله أحد إلى آخرها».

قيل إنّ السائل عبد الله بن صوريا اليهودي ، وقيل : إنّه عبد الله بن سلام سأل رسول الله ذلك بمكّة ثمّ آمن وكتم إيمانه. وقيل : إنّ مشركي مكّة سألوه ذلك(١) . وقيل إنّ نصارى نجران هم الذين سألوا النّبي ذلك.

ولا تضاد بين هذه الرّوايات ، إذ قد يكون هؤلاء جميعا سألوا الرسول نفس هذا السؤال ، فكان الجواب لهم جميعا ، وهو دليل آخر على عظمة هذه السّورة.

فضيلة السّورة :

وردت في فضيلة هذه السّورة نصوص كثيرة تدل على مكانة هذه السّورة بين سور القرآن من ذلك.

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣٩٠.

٥٤٣

ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة»؟

قيل : يا رسول الله ومن يطيق ذلك؟

قال : «اقرأوا قل هو الله أحد»(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إنّ رسول الله صلّى على سعد بن معاذ. فلمّا صلّى عليه قال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألف ملك ، وفيهم جبرائيل يصلون عليه. فقلت : يا جبرائيل بم استحق صلاتهم عليه؟ قال : بقراءة قل هو الله أحد قاعدا وقائما وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا»(٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أيضا قال : «من مضى به يوم واحد فصلى فيه الخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ، قيل له : يا عبد الله لست من المصلين»(٣) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة بقل هو الله أحد. فإنّه من قرأها جمع له خير الدنيا والآخرة وغفر الله له ولوالديه وما ولدا».

ويستفاد من روايات اخرى أنّ قراءة هذه السّورة عند دخول البيت تزيد الرزق وتدفع الفقر(٤) .

والرّوايات في فضيلة هذه السّورة أكثر من أن تستوعبها هذه السطور ، وما نقلناه جزء يسير منها.

ولكن كيف تعادل( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلث القرآن؟

قيل : لأنّ القرآن يشمل «الأحكام» و «العقائد» و «التاريخ». وهذه السّورة

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٠٥ ، الحديث ٤٢ ، نقلا عن مجمع البيان.

(٢) المصدر السابق ، ص ٧٠٠ ، الحديث ١٢ ؛ نقلا عن كتاب ثواب الأعمال.

(٣) المصدر السابق ، ص ٦٩٩ ، الحديث ١.

(٤) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٦١ ، وكتب الحديث والتّفسير الاخرى.

٥٤٤

تبيّن قسم العقائد بشكل مقتضب.

وقيل : إنّ القرآن على ثلاثة أقسام : المبدأ ، والمعاد ، وما بينهما. وهذه السّورة تشرح القسم الأوّل.

وواضح أنّ ثلث موضوعات القرآن تقريبا تدور حول التوحيد. وجاءت عصارتها في هذه السّورة.

ونختتم حديثنا برواية اخرى عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام حول عظمة هذه السّورة قال : «إنّ اللهعزوجل علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون ، فأنزل الله تعالى :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) . والآيات من سورة الحديد إلى قوله تعالى :( وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) فمن رام وراء ذلك فقد هلك»(١) .

* * *

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ١ ، باب النسبة ، الحديث ٣.

٥٤٥

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤) )

التّفسير

أحد ـ صمد :

جوابا عن الأسئلة المكررة التي طرحت من قبل الأفراد والجماعات بشأن أوصاف الله سبحانه تقول الآية :

( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) (١) .

الضمير (هو) في الآية للمفرد الغائب ويحكي عن مفهوم مبهم ، وهو في الواقع يرمز إلى أن ذاته المقدّسة في نهاية الخفاء ، ولا تنالها أفكار الإنسان المحدودة وإن كانت آثاره أظهر من أي شيء آخر ، كما ورد في قوله تعالى :( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ ) .(٢)

__________________

(١) قيل «هو» في الآية ضمير الشأن ، والله مبتدأ. والأفضل أن نعتبر «هو» إشارة إلى ذاته المقدّسة ، وقد كانت مجهولة لدى السائل ، وتكون بذلك «هو» مبتدأ و «الله» خبرا و «أحد» خبر بعد الخبر.

(٢) فصلت ، الآية ٥٣.

٥٤٦

ثمّ بعد الضمير تكشف الآية عن هذه الحقيقة الغامضة وتقول :( اللهُ أَحَدٌ ) .

و( قُلْ ) في الآية تعني أن أظهر هذه الحقيقة وبيّنها.

عن الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام قال بعد بيان معنى «قل» في الآية (وهو الذي ذكرناه) : «إن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك. فقالوا : هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار. فأشر أنت يا محمّد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا نأله فيه. فانزل الله تبارك وتعالى :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، فالهاء تثبيت للثابت ، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواس».(١)

وعن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام قال : «رأيت الخضرعليه‌السلام في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علمني شيئا أنصر به على الأعداء. فقال : قل : يا هو ، يا من لا هو إلّا هو.

فلمّا أصبحت قصصتها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي : يا علي علمت الاسم الأعظم»(٢) .

وكان عليعليه‌السلام يذكر الله تعالى بهذا الذكر يوم صفين. فقال له عمار بن ياسر : يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال : «اسم الله الأعظم وعماد التوحيد ...».(٣)

«الله» اسم علم للباري سبحانه وتعالى. ومفهوم كلام الإمام عليعليه‌السلام أن جميع صفات الجلال والجمال الإلهية أشير إليها بهذه الكلمة. ومن هنا سميت باسم الله الأعظم.

هذا الاسم لا يطلق على غير الله ، بينما أسماء الله الأخرى تشير عادة إلى واحدة من صفات جماله وجلاله مثل : العالم والخالق والرازق ، وتطلق غالبا على غيره أيضا مثل : (رحيم ، وكريم ، وعالم ، وقادر ...).

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢١ ، الحديث ١٢ ، بتلخيص.

(٢) المصدر السابق.

(٣) المصدر السابق.

٥٤٧

ولفظ الجلالة مشتق من معنى وصفي. قيل من «وله» أي تحيّر ، لأنّ العقول تحير في ذاته المقدّسة. وفي ذلك ورد عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام قال : «الله معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق ، ويؤله إليه ، والله هو المستور عن درك الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات».(١)

وقيل : إن لفظ الجلالة مشتق من «آله» بمعنى عبد ، والإله : هو المعبود. حذفت همزته وادخل عليه الألف واللام فخص بالباري تعالى.

ومهما يكن الأصل المشتق منه لفظ الجلالة ، فهو اسم يختص به سبحانه ويعني الذات الجامعة لكل الأوصاف الكمالية ، والخالية من كل عيب ونقص.

هذا الاسم المقدّس تكرر ما يقارب من «ألف مرّة» في القرآن الكريم ، ولم يبلغه أي اسم من الأسماء المقدّسة في مقدار تكراره. وهو اسم ينير القلب ، ويبعث في الإنسان الطاقة والطمأنينة ، ويغمر وجوده صفاء ونور.

«أحد» : من الواحدة ، ولذلك قال بعضهم : أحد وواحد بمعنى واحد ، وهو المتفرد الذي لا نظير له في العلم والقدرة والرحمانية والرحيمية ، وفي كل الجهات.

وقيل : إنّ بين «أحد» و «واحد» فرق هو إن «أحد» تطلق على الذات التي لا تقبل الكثرة لا في الخارج ولا في الذهن. ولذلك لا تقبل العدّو لا تدخل في زمرة الأعداد ، خلافا للواحد الذي له ثان وثالث ، في الخارج أو في الذهن. ولذلك نقول : لم يأت أحد. للدلالة على عدم مجيء أي إنسان. وإذا قلنا : لم يأت واحد فمن الممكن أن يكون قد جاء اثنان أو أكثر.(٢)

ولكن هذا الاختلاف لا ينسجم كثيرا مع ما جاء في القرآن الكريم والرّوايات.

وقيل : في «أحد» إشارة إلى بساطة ذات الله مقابل الأجزاء التركيبية

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٥٤٣.

٥٤٨

الخارجية أو العقلية (الجنس ، الفصل ، والماهية ، والوجود). بينما الواحد إشارة إلى وحدة ذاته مقابل أنواع الكثرة الخارجية.

وفي رواية عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «الأحد المتفرد ، والأحد والواحد بمعنى واحد ، وهو المتفرد الذي لا نظير له ، والتوحيد الإقرار بالوحدة وهو الانفراد».

وفي ذيل الرّواية هذه جاء «إن بناء العدد من الواحد ، وليس الواحد من العدد. لأن العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين. فمعنى قوله : الله أحد. أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته ، فرد بإلهيته ، متعال عن صفات خلقه»(١) .

وفي القرآن الكريم «واحد» و «أحد» تطلقان معا على ذات الله سبحانه.

ومن الرائع في هذا المجال ما جاء في كتاب التوحيد للصدوق : أنّ أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، أتقول : إن الله واحد؟ فحمل النّاس عليه وقالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب (أي تشتت الخاطر)؟ فقال : أمير المؤمنينعليه‌السلام : «دعوه فإنّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم. ثمّ قال : يا أعرابي ، إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام. فوجهان منها لا يجوزان على اللهعزوجل ، ووجهان يثبتان فيه ، فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل : واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز ، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد. أمّا ترى أنّه كفر من قال إنّه ثالث ثلاثة؟ وقول القائل : هو واحد من النّاس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز (قوله على الله) لأنّه تشبيه ، وجلّ ربّنا وتعالى عن ذلك.

وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه ، فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربّنا. وقول القائل : إنّهعزوجل أحديّ المعنى ، يعني به أنّه لا ينقسم في

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢٢.

٥٤٩

وجود ولا عقل ولا وهم ، كذلك ربّناعزوجل »(١) .

وباختصار : الله أحد وواحد لا بمعنى الواحد العددي أو النوعي أو الجنسي بل بمعنى الوحدة الذاتية. بعبارة أوضح : وحدانيته تعني عدم وجود المثل والشبيه والنظير.

الدليل على ذلك واضح : فهو ذات غير متناهية من كلّ جهة ، ومن المسلم أنّه لا يمكن تصور ذاتين غير متناهيتين من كلّ جهة. إذ لو كان ثمّة ذاتان ، لكانت كلتاهما محدودتين ، ولما كان لكل واحدة منهما كمالات الأخرى. (تأمل بدقّة).

( اللهُ الصَّمَدُ )

وهو وصف آخر لذاته المقدّسة. وذكر المفسّرون واللغويون معاني كثيرة لكلمة «صمد».

الراغب في المفردات يقول : الصمد ، هو السيد الذي يصمد إليه في الأمر ، أي يقصد إليه. وقيل : الصمد الذي ليس بأجوف.

وفي معجم مقاييس اللغة ، الصمد له أصلان : أحدهما القصد ، والآخر : الصلابة في الشيء والله جلّ ثناؤه الصمد ؛ لأنّه يصمد إليه عباده بالدعاء والطلب(٢) .

وقد يكون هذان الأصلان اللغويان هما أساس ما ذكر من معاني لصمد مثل : الكبير الذي هو في منتهى العظمة ، ومن يقصد إليه النّاس بحوائجهم ، ومن لا يوجد أسمى منه ، ومن هو باق بعد فناء الخلق.

وعن الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام أنّه ذكر لكلمة «صمد» خمسة معان هي :

الصمد : الذي لا جوف له.

الصمد : الذي قد انتهى سؤدده (أي في غاية السؤدد)

الصمد : الذي لا يأكل ولا يشرب.

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٠٦ ، الحديث ١.

(٢) معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، ج ٣ ، ص ٣٩.

٥٥٠

الصمد : الذي لا ينام.

الصمد : الذي لم يزل ولا يزال.

وعن محمّد بن الحنفية (رض) قال : الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره. وقال غيره : الصمد ، المتعالي عن الكون والفساد(١) .

وعن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام قال : «الصمد الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء.

(أي لا يثقل عليه حفظ شيء ولا يخفى عنه شيء)»(٢) .

وذهب بعضهم إلى أنّ «الصمد» هو الذي يقول للشيء كن فيكون.

وفي الرّواية أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن عليعليه‌السلام يسألونه عن الصمد. فكتب إليهم : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلّموا فيه بغير علم. فقد سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار ، وأنّه سبحانه قد فسّر الصمد فقال : الله أحد ، الله الصمد ، ثمّ فسّره فقال : لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ...»(٣) .

وعن ابن الحنفية قال : قال عليعليه‌السلام تأويل الصمد : «لا اسم ولا جسم ، ولا مثل ولا شبه ، ولا صورة ولا تمثال ، ولا حدّ ولا حدود ، ولا موضع ولا مكان ، ولا كيف ولا أين ، ولا هنا ولا ثمّة ، ولا ملأ ولا خلأ ، ولا قيام ولا قعود ، ولا سكون ولا حركة ، ولا ظلماني ولا نوراني ، ولا روحاني ولا نفساني ، ولا يخلو منه موضع ولا يسعه موضع ، ولا على لون ، ولا على خطر قلب ، ولا على شمّ رائحة ، منفي عنه

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢٣.

(٢) المصدر السابق.

(٣) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٦٥.

٥٥١

هذه الأشياء»(١) .

هذه الرّواية توضح أنّ «الصمد» له مفهوم واسع ينفي كلّ صفات المخلوقين عن ساحته المقدّسة ، لأنّ الأسماء المشخصة والمحدودة وكذلك الجسمية واللون والرائحة والمكان والسكون والحركة والكيفية والحد والحدود وأمثالها كلها من صفات الممكنات والمخلوقات ، بل من أوصاف عالم المادة ، والله سبحانه منزّه منها جميعا.

في العلوم الحديثة اتضح أنّ كلّ مادة في العالم تتكون من ذرات. وكلّ ذرة تتكون من نواة تدور حولها الإلكترونات. وبين النواة والإلكترونات مسافة كبيرة نسبيا. ولو أزيلت هذه الفواصل لصغر حجم الأجسام إلى حدّ كبير مدهش.

ولو أزيلت الفواصل الذرية في مواد جسم الإنسان مثلا ، وكثفت هذه المواد ، لصغر جسم الإنسان إلى درجة عدم إمكان رؤيته بالعين المجرّدة ، مع احتفاظه بالوزن الأصلي!!.

وبعضهم استفاد من هذه الحقائق العلمية ليستنتج أنّ الآية تنفي عن الله كلّ ألوان الجسمانية ، لأنّ واحدا من معاني «الصمد» هو الذي لا جوف له ، ولما كانت كل الأجسام تتكون من ذرات ، والذرات جوفاء ، فالصمد نفي الجسمية عن ربّ العالمين. وبذلك تكون الآية من المعاجز العلمية في القرآن.

ولكن ، يجب أن لا ننسى المعنى الأصلي لكلمة «صمد» وهو السيد الذي يقصده النّاس بحوائجهم ، وهو كامل ومملوء من كلّ الجهات ، وبقية المعاني والتفاسير الاخرى المذكورة للكلمة قد تعدو إلى نفس هذا المعنى.

الآية التالية تردّ على معتقدات اليهود والنصارى ومشركي العرب وتقول :

( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) .

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٣٠ ؛ الحديث ٢١.

٥٥٢

إنّها ترد على المؤمنين بالتثليث (الربّ الأب ، والربّ الابن ، وروح القدس).

النصارى تعتقد أنّ المسيح ابن الله ، واليهود ذهبت إلى أنّ العزير ابن الله :( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) (١) .

ومشركو العرب كانوا يعتقدون أنّ الملائكة بنات الله :( وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (٢) .

ويستفاد من بعض الرّوايات أن الولادة في قوله :( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) لها معنى واسع يشمل كلّ أنواع خروج الأشياء المادية واللطيفة منه ، أو خروج ذاته المقدّسة من أشياء مادية أو لطيفة.

وفي نفس الرسالة التي كتبها الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام إلى أهل البصرة يجيبهم عن تساؤلهم بشأن معنى الصمد قال في تفسير :( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) : «( لَمْ يَلِدْ ) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا يتشعب منه البداوات (الحالات المختلفة) كالسنة والنوم ، والخطرة والهم ، والحزن والبهجة ، والضحك والبكاء ، والخوف والرجاء ، والرغبة والسأمة ، والجوع والشبع ، تعالى أن يخرج منه شيء ، وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ،( وَلَمْ يُولَدْ ) لم يتولد من شيء ، ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة ، والنبات من الأرض ، والماء من الينابيع ، والثمار من الأشجار ، ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها ، كالبصر من العين ، والسمع من الاذن ، والشم من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ،

__________________

(١) التوبة ، الآية ٣٠.

(٢) الأنعام ، الآية ١٠٠.

٥٥٣

وكالنّار من الحجر ...»(١) .

بناء على هذه الرّواية ، للتولد معنى واسع يشمل خروج وتفرع كلّ شيء من شيء ، وهذا في الحقيقة المعنى الثّاني للآية. ومعناها الأوّل هو المعنى الظاهر الذي ينفي أن يكون الباري سبحانه من أب أو أن يكون له ابن أضف إلى ذلك ، المعنى الثّاني قابل للفهم عند تحليل المعنى الأوّل. لأنّ الله سبحانه إنّما لم يكن له ولد لأنّه منزّه عن عوارض المادة ، وهذا المعنى يصدق بشأن سائر عوارض المادة الاخرى.

ثمّ تبلغ الآية الأخيرة غاية الكمال في أوصاف الله تعالى.

( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) (٢) أي ليس له شبيه ومثل إطلاقا.

«الكفو» : هو الكفء في المقام والمنزلة والقدر. ثمّ أطلقت الكلمة على كلّ شبيه ومثيل.

استنادا إلى هذه الآية ، الله سبحانه منزّه عن عوارض المخلوقين وصفات الموجودات وكلّ نقص ومحدودية. وهذا هو التوحيد الذاتي والصفاتي ، مقابل التوحيد العددي والنوعي الذي جاء في بداية تفسير هذه السّورة.

من هنا فهو تبارك وتعالى لا شبيه له في ذاته ، ولا نظير له في صفاته ، ولا مثيل له في أفعاله ، وهو متفرد لا نظير له من كلّ الجهات.

أمير المؤمنين عليعليه‌السلام يقول في إحدى خطب نهج البلاغة : «لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا ولا كفء له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه»(٣) .

هذا التّفسير الرائع يكشف عن أسمى معاني التوحيد وأدقّها.

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢٤.

(٢) «أحد» اسم كان و «كفوا» خبرها.

(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٦.

٥٥٤

سلا الله عليك يا أمير المؤمنين.

* * *

بحوث

الأوّل : التوحيد

التوحيد ، يعني وحدانية ذات الله تعالى ونفي أي شبيه ومثيل له. وإضافة إلى الدليل النقلي المتمثل في النصوص الدينية ثمّة دلائل عقلية كثيرة أيضا تثبت ذلك نذكر قسما منها باختصار :

١ ـ برهان صرف الوجود : وملخصه أن الله سبحانه وجود مطلق لا يحده قيد ولا شرط ، ومثل هذا الوجود سيكون غير محدود دون شك ، فلو كان محدودا لمني بالعدم ، والذات المقدّسة التي ينطلق منها الوجود لا يمكن أن يعترضها العدم والفناء ، وليس في الخارج شيء يفرض عليه العدم ، ولذلك لا يحدّه حدّ.

من جهة اخرى لا يمكن تصوّر وجودين غير محدودين في العالم. إذ لو كان ثمّة وجودان لكان كلّ واحد منهما فاقدا حتما لكمالات الآخر ، أي لا يملك كمالاته ومن هنا فكلاهما محدودان. وهذا دليل واضح على وحدانية ذات واجب الوجود (تأمل بدقّة)

٢ ـ البرهان العلمي : عند ما ننظر إلى الكون الذي يحيط بنا ، نلاحظ في البداية موجودات متفرقة الأرض والسماء والشمس والقمر والنجوم وأنواع النباتات والحيوانات. وكلما ازددنا إمعانا في النظر ألفينا مزيدا من الترابط والانسجام بين أجزاء هذا العالم وذراته ، وظهر لنا أنّه مجموعة واحدة تتحكم فيها جميعا قوانين واحدة.

ومهما تقدم العلم البشري اكتشف مزيدا من ظواهر وحدة أجزاء هذا العالم

٥٥٥

وانسجامها ؛ حتى أنّ ظاهرة بسيطة (مثل سقوط تفاحة من الشجرة) يؤدي إلى اكتشاف قانون عام يحكم كلّ أجزاء الكون. (مثل قانون الجاذبية الذي اكتشفه نيوتن).

هذه الوحدة في نظام الوجود ، والقوانين الحاكمة عليه ، والانسجام التام بين أجزائه كلّها ظواهر تشهد على وحدانية الخالق.

٣ ـ برهان التمانع : (الدليل العلمي الفلسفي) ، وهو دليل آخر على إثبات وحدانية الله ، مستلهم من قوله سبحانه :( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (١) .

توضيح هذا الدليل جاء في المجلد ١٠ الصفحة ١٤٥ من هذا التّفسير تحت عنوان : برهان التمانع.

٤ ـ دعوة الأنبياء إلى الله الواحد الأحد : وهو دليل آخر على وحدانية الله ، إذ لو كان هناك خالقان كلّ واحد منهما واجب الوجود في العالم ، لاستلزم أن يكون كلّ واحد منهما منبعا للفيض. فلا يمكن لوجود ذي كمال مطلق أن يبخل في الإفاضة لأنّ عدم الفيض نقص بالنسبة للوجود الكامل. وحكمته تستوجب أن يشمل الجميع بفيضه.

وهذا الفيض له نوعان : فيض تكويني (في عالم الخلقة) ، وفيض تشريعي (في عالم الهداية). من هنا لو كان هناك آلهة متعددة لوجب أن يأتي مبعوثون منهم جميعا ، ليواصلوا فيضهم التشريعي إلى النّاس.

أمير المؤمنين عليعليه‌السلام يقول لابنه الحسنعليه‌السلام وهو يوصيه : «واعلم يا بني أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه»(٢) .

__________________

(١) الأنبياء ، الآية ٢٢.

(٢) نهج البلاغة ، وصيته لابنه المجتبى (قسم الرسائل ، الرسالة ٣١).

٥٥٦

هذه كلّها دلائل وحدانية ذاته. أمّا الدليل على عدم وجود أي تركيب وأجزاء في ذاته المقدسة فواضح ، إذ لو كان له أجزاء خارجية لكان محتاجا إليها طبعا.

والاحتياج لا يعقل لواجب الوجود.

وإذا كان المقصود أجزاء عقلية (التركيب من الماهية والوجود ، أو من الجنس والفصل) فهو محال أيضا. لأنّ التركيب من الماهية والوجود فرع لمحدودية الموجود. بينما وجوده سبحانه غير محدود. والتركيب من الجنس والفصل فرع من أن يكون للموجود ماهية. وما لا ماهية له ، ليس له جنس ولا فصل.

الثّاني : فروع دوحة التوحيد

تذكر للتوحيد عادة أربعة فروع :

١ ـ توحيد الذات : (وهو ما شرحناه أعلاه).

٢ ـ توحيد الصفات : أي إنّ صفاته لا تنفصل عن ذاته ، ولا تنفصل عن بعضها. على سبيل المثال العلم والقدرة في الإنسان عارضان على ذاته. ذاته شيء ، وعلمه وقدرته شيء آخر. كما إنّ علمه وقدرته منفصلان عن بعضهما.

مركز العلم روح الإنسان ، ومركز قدرته الجسمية ذراعة وعضلاته. لكن صفات الله ليست زائدة على ذاته ، وليست منفصلة عن بعضها. بل هو وجود كلّه علم ، وكلّه قدرة ، وكلّه أزلية وأبدية.

ولو لم يكن ذلك لاستلزم التركيب ، وإن كان مركبا لاحتاج إلى الأجزاء والمحتاج لا يكون واجبا للوجود.

٣ ـ التوحيد الأفعالي : ويعني أنّ كلّ وجود وكلّ حركة وكلّ فعل في العالم يعود إلى ذاته المقدّسة ، فهو مسبب الأسباب وعلة العلل. حتى الأفعال التي تصدر منّا هي في أحد المعاني صادرة عنه. فهو الذي منحنا القدرة والإختيار وحرية الإرادة. ومع أنّنا نفعل الأفعال بأنفسنا ، وأنّنا مسئولون تجاهها. فالفاعل

٥٥٧

من جهة هو الله سبحانه لأنّ كلّ ما عندنا يعود إليه : (لا مؤثر في الوجود إلّا الله).

٤ ـ التوحيد في العبادة : أي تجب عبادته وحده دون سواه ، ولا يستحق العبادة غيره. لأنّ العبادة يجب أن تكون لمن هو كمال مطلق. ومطلق الكمال ، لمن هو غني عن الآخرين ، ولمن هو واهب النعم وخالق كلّ الموجودات وهذه صفات لا تجتمع إلّا في ذات الله سبحانه.

الهدف الأصلي للعبادة هو الاقتراب من ذلك الكمال المطلق ، والوجود اللامتناهي ، هو السعي لإنارة النفس بقبس من صفات كماله وجماله وينتج عن ذلك الابتعاد عن الأهواء والشهوات والاتجاه نحو بناء النفس وتهذيبها.

هذا الهدف لا يتحقق إلّا بعبادة الله ، وهو الكمال المطلق.

الثّالث : التوحيد الأفعالي

توحيد الأفعال له بدوره فروع كثيرة نشير إلى ستة من أهمها :

١ ـ توحيد الخالقية

والقرآن الكريم يقول :( قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١) .

ودليله واضح ، فحين ثبت بالأدلة السابقة أنّ واجب الوجود واحد ، وكلّ ما عداه ممكن الوجود ، يترتب على ذلك أنّ خالق كلّ الموجودات واحد أيضا.

٢ ـ توحيد الربوبية

أي إنّ الله وحده هو مدبّر العالم ومربّيه ومنظّمه. كما جاء في قوله تعالى :( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) (٢) .

دليل ذلك أيضا وحدة واجب الوجود ، وتوحيد الخالق في عالم الكون.

__________________

(١) الرعد ، الآية ١٦٠.

(٢) الأنعام ، الآية ١٦٤.

٥٥٨

٣ ـ التوحيد في التقنين والتشريع

يقول سبحانه :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (١) .

لما ثبت أنّه سبحانه هو المدير والمدبّر ، فليس لأحد غيره حتما صلاحية التقنين. إذ لا سهم لغيره في تدبير العالم كي يستطيع أن يضع قوانين منسجمة مع نظام التكوين.

٤ ـ التوحيد في المالكية

سواء «الملكية الحقيقية» أي السلطة التكوينية على الشيء ، أم «الملكية الحقوقية» وهي السلطة القانونية على الشيء ، فهي له سبحانه ، كما يقول في كتابه العزيز :( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٢) ويقول سبحانه :( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) (٣) .

والدليل على ذلك هو نفس الدليل على توحيد الخالقية ، وحين يكون هو سبحانه خالق كلّ شيء فهو مالك كلّ شيء أيضا. فكلّ ملكية يجب أن تستمد وجودها من مالكيته.

٥ ـ توحيد الحاكمية

لا بدّ للمجتمع البشري من حكومة ، لأنّ الحياة الاجتماعية تتطلب ذلك ، فلا يمكن بدون حكومة أن تقسم المسؤوليات ، وتنظم المشاريع ، ويحال دون التعدي والتجاوز.

ومن جهة أخرى ، مبدأ الحرية يقرر أن لا أحد له حق الحكومة على أحد ، إلّا

__________________

(١) المائدة ، الآية ٤٤.

(٢) آل عمران ، الآية ١٨٩.

(٣) الحديد ، الآية ٧.

٥٥٩

إذا سمح بذلك المالك الأصلي والصاحب الحقيقي. من هنا فالإسلام يرفض كلّ حكومة لا تنتهي إلى الحكومة الإلهية ومن هنا أيضا نرى شرعية الحكم للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وللأئمّة المعصومينعليه‌السلام ثمّ للفقيه الجامع للشرائط بعدهم.

ومن الممكن أن يجيز النّاس أحدا ليحكمهم. ولكنّ اتفاق النّاس بأجمعهم غير ممكن في مجتمع عادة ، ولذلك لا يمكن إقامة مثل هذه الحكومة عمليا(١) . جدير بالذكر أن توحيد الربوبية يرتبط بعالم التكوين ، وتوحيد التقنين يرتبط بعالم التشريع.

يقول سبحانه :( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) (٢) .

٦ ـ توحيد الطاعة

الله سبحانه هو وحده «واجب الإطاعة» في هذا الكون. وهو تعالى مصدر مشروعية إطاعة غيره. أي إنّ إطاعة غيره يجب أن تعدّ إطاعة له.

دليل ذلك واضح أيضا ، حين تكون الحاكمية له دون سواه فيجب أن يكون هو المطاع دون غيره ، ولذلك نحن نعتبر إطاعتنا للأنبياءعليهم‌السلام والأئمّة المعصومين ومن ينوب عنهم هي انعكاس عن طاعتنا لله. يقول تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٣) .

ويقول سبحانه :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (٤) .

كلّ واحد من المواضيع المذكورة أعلاه تحتاج إلى شرح وتفصيل ، ونحن نكتفي بهذه الخلاصة كي لا نخرج عن إطار هذا التّفسير.

__________________

(١) لذلك إذا تعينت حكومة عن طريق الانتخابات وبأكثرية الأصوات ، فلا بدّ من تنفيذ الفقيه الجامع للشرائط كي تكون لها شرعية إلهية.

(٢) الأنعام ، الآية ٥٧.

(٣) النساء ، الآية ٥٩.

(٤) النساء ، الآية ٨٠.

٥٦٠