تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 493
المشاهدات: 175193
تحميل: 4791


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175193 / تحميل: 4791
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فلا بأس.

عليّ بن إبراهيم(١) ، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن متمتّع لم يجد هديا.

قال: يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ: يوم قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة.

قال: قلت: فإن فاته ذلك؟

قال: يتسحّر ليلة(٢) الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده.

قلت: فإن لم يقم عليه جماله، أيصومها(٣) في الطّريق؟

قال: إن شاء صامها في الطّريق. فإن(٤) شاء إذا رجع إلى أهله(٥) .(٦)

عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في متمتّع يجد الثّمن ولا يجد الغنم.

قال: يخلف الثّمن عند بعض أهل مكّة. ويأمر من يشترى له. ويذبح عنه.

وهو يجزي(٨) عنه. فإن مضى ذو الحجّة، أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة.

أبو عليّ الأشعريّ(٩) ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق قال: سألت أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ عن متمتّع كان معه ثمن هدي، وهو يجد بمثل ذلك الّذي معه هديا، فلم يزل يتوانى(١٠) ، ويؤخّر ذلك حتّى إذا كان آخر النّهار غلت الغنم، فلم يقدر أن(١١) يشتري بالّذي معه هديا.

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٥٠٧ ـ ٥٠٨، ح ٣.

(٢) ر: يوم ليلة.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ: يصومها.

(٤) المصدر: وان. (ظ)

(٥) نفس المصدر ٤ / ٥٠٨، ح ٥.

(٦) يوجد في أ ـ فقط ـ بعد هذا الحديث، حديث الآتي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له رجل: تمتع بالعمرة إلى الحج في عيبة (المصدر: عيبته) ثياب له يبيع من ثيابه ويشتري هديه؟ قال: لا. هذا يتزيّن به المؤمن يصوم ولا يأخذ شيئا من ثيابه.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٦.

(٨) أو: يجزئ.

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٧.

(١٠) أور: يتوانا.

(١١) أ: بأن.

٢٨١

قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد التّشريق.

وأمّا ما رواه.

في الكافي:(١) «عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن عبد الله الكوفيّ(٢) ، قال: قلت للرّضا ـ عليه السّلام: المتمتّع يقدم وليس معه هدي، أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال: يصبر إلى يوم النّحر. فإن لم يصب، فهو ممّن لم يجده»، فهو محمول على من لم يكن معه هدي، ولكنّه يتوقّع المكنة. فهذا يجب عليه الصبر. وأمّا من لم يكن معه، ولم يتوقّع المكنة، فعليه ما تقدّم من صوم اليوم السّابع والثّامن والتّاسع ومع التّأخير بعد أيّام التّشريق.

ويجب فيه التّتابع.

روى في الكافي(٣) ، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد [بن عيسى](٤) ، عن الحسن(٥) بن عليّ الوشاء، عن أبان، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: السّبعة الأيّام والثّلاثة. الأيّام في الحجّ، لا تفرّق(٦) . إنّما هي بمنزلة الثّلاثة الأيّام في اليمين.

( وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) إلى أهليكم.

وقرئ سبعة (بالنّصب) عطفا على محلّ «ثلاثة أيّام» وإذا أقام بمكّة صبر. فإذا ظنّ أنّ رفقاءه وصلوا إلى بلده، صام السّبعة.

روى في الكافي(٧) ، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هديا، فصام الثّلاثة الأيّام، فلمّا قضى نسكه بدا له أن يقيم بمكّة.

قال: ينظر(٨) مقدم أهل بلاده. فإذا ظنّ أنّهم قد دخلوا، فليصم السّبعة الأيّام.

وإذا صام الثّلاثة ومات قبل وصوله إلى بلده، لم يقض عنه وليّه إلّا استحبابا.

روى في الكافي(٩) ، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد ،

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٥٠١، ح ١٦.

(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر: الكوفي. وهما شخص واحد، (ر. معجم رجال الحديث ٢ / ١٤٢)

(٣) نفس المصدر ٤ / ١٤٠، ح ٣.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) النسخ: الحسين. وما في المتن موافق المصدر.

(٦) المصدر: يفرق.

(٧) نفس المصدر ٤ / ٥٠٩، ح ٨.

(٨) المصدر: ينتظر.

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٣.

٢٨٢

عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن رجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، ولم يكن له هدي، فصام ثلاثة أيّام في الحجّ، ثمّ مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السّبعة الأيّام، أعلى وليّه أن يقضي عنه؟

قال: ما أرى عليه قضاء.

وأمّا ما رواه فيه(١) عن «عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، قال: من مات ولم يكن له هدى لمتعته، فليصم عنه وليّه»، فحمله في الفقيه(٢) على الاستحباب. ويمكن حمله على أنّه إذا ما تمكّن ولم يصم حتّى مات وإذا صام الثّلاثة الأيّام ثمّ وجد الهدي، وجب.

روى في الكافي(٣) ، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل تمتّع وليس معه ما يشتري به هديا.

فلمّا أن صام ثلاثة أيّام في الحجّ، أيسر ان يشترى هديا فينحره؟ أو يدع ذلك ويصوم سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله؟

قال: يشتري هديا فينحره. ويكون صيامه الّذي صامه نافلة له.

ولا ينافيه ما رواه عن «أحمد بن محمّد(٤) بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال: سألته عن رجل تمتّع. فلم يجد هديا(٥) . إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة. أيذبح؟ أو يصوم؟.

قال: بل يصوم فإنّ أيّام الذّبح قد مضت.»

فإنه محمول على ما إذا صام الأيّام الثّلاثة ومضى وقت الذّبح. وأمّا إذا لم يصم الثّلاثة، فعليه الذّبح. وكذا إذا لم يصم الثّلاثة حتّى انقضى ذو الحجّة. يدلّ على ذلك ما رواه عليّ بن إبراهيم(٦) ، عن أبيه، عن أبن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن منصور، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرّم، فعليه دم شاة. فليس له صوم ويذبح بمنى.

( تِلْكَ عَشَرَةٌ ) : فذلكة الحساب. وفائدتها أن لا يتوهّم أنّ «الواو» بمعنى «او» ،

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٠٣، ذيل ح ١٥٠٥.

(٣) الكافي ٤ / ٥١٠، ح ١٤.

(٤) نفس المصدر ٤ / ٥٠٩، ح ٩.

(٥) المصدر: ما يهدي به حتى.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٠.

٢٨٣

نحو: جالس الحسن وابن سرين وأن يعلم(١) العدد جملة، كما علم تفصيلا. فإنّ أكثر العرب لم يحسنوا الحساب.

وأنّ المراد بالسّبعة، هو العدد دون الكثرة. فإنّه يطلق لهما.

( كامِلَةٌ ) :

صفة مؤكّدة تفيد المبالغة في محافظة العدد، او مبينة كمال العشرة. فإنّه أوّل عدد كامل. إذ به تنتهي الآحاد وتتمّ مراتبها، أو مقيّدة تفيد كمال بدليّتها من «الهدى.»

في تهذيب الأحكام(٢) : موسى بن القسم(٣) ، عن محمّد عن زكريّا المؤمن، عن عبد الرّحمن بن عتبة، عن عبد الله بن سليمان الصّيرفيّ قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ لسفيان الثّوريّ: ما تقول في قول الله تعالى:( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ، إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ) ؟ أيّ شيء يعني بكاملة؟

قال: سبعة وثلاثة.

قال: ويختل ذا على ذي حجا أنّ سبعة وثلاثة، عشرة.

قال: فأيّ شيء هو؟ أصلحك الله! قال: انظر! قال: لا علم لي. فأيّ شيء هو؟ أصلحك الله.

قال: الكاملة(٤) ، كما لها، كمال الاضحيّة، سواء أتيت بها، أو لم تأت، فالاضحيّة تمامها كمال الأضحيّة.

( ذلِكَ ) ، أي: التّمتّع [لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ،](٥) إذ لا متعة لحاضري المسجد الحرام.

في الكافي(٦) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قلت: لأهل مكّة متعة(٧) ؟

__________________

(١) أ: لم يعلم.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٠، ح ١٢٠.

(٣) أو المصدر: القاسم.

(٤) المصدر: الكامل.

(٥) ليس في أ.

(٦) الكافي ٤ / ٢٩٩، ح ٢.

(٧) أ: هل متعت.

٢٨٤

قال: لا. ولا لأهل بستان. ولا لأهل ذات عرق. ولا لأهل عسفان، ونحوها.

عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: ليس لأهل سرف ولا لأهل مرّ(١) ولا لأهل مكّة متعة، لقول الله ـ عزّ وجلّ:( لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) :(٢)

عليّ بن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) قال: من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها(٤) وثمانية عشر ميلا من خلفها وثمانية عشر ميلا عن يمينها وثمانية عشر ميلا عن يسارها، فلا متعة له مثل مرّ وأشباهها.

عليّ بن إبراهيم(٥) ، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن داود، عن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن أهل مكّة، أيتمتّعون؟

قال: ليس لهم متعة.

قلت: فالقاطن بها؟

قال: إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع ما(٦) يصنع(٧) اهل مكّة.

قلت: فان مكث الشّهر؟

قال: يتمتّع.

قلت: من أين؟

قال: يخرج من الحرم.

قلت: أين يهلّ بالحجّ؟

قال من مكّة نحوا ممّا يقول النّاس.

__________________

(١) أ: مرو.

(٢) يوجد في أ، بعد ذكر الآية: أي: لم يكن منزله في أطراف مكّة. في الكافي: روى» وشطب عليه في الأصل وغير موجود في ر.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٣٠٠، ح ٣.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ: يديه.

(٥) نفس المصدر، نفس الموضع، ح ٤.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) المصدر: صنع. (ظ)

٢٨٥

محمّد بن يحيى(١) ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ في السّنة الّتي حجّ فيها. وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين. فقلت: جعلت فداك! بأيّ شيء دخلت مكّة مفردا أو متمتّعا؟

فقال: متمتّعا.

فقلت له: أيّما(٢) أفضل؟ المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، أو من أفرد وساق الهدي؟

فقال: كان أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أفضل من المفرد السّائق للهدي. وكان يقول: ليس يدخل الحاجّ بشيء أفضل من المتعة.

[وفي كتاب الخصال(٣) ، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ قال: هذه شرائع الدّين ـ إلى أن قال عليه السّلام ـ ولا يجوز القران والافراد إلّا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام].(٤)

( وَاتَّقُوا اللهَ ) في المحافظة على أوامره ونواهيه مطلقا وخصوصا في الحجّ.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) (١٩٦) لمن لم يتّقه ليصدّكم العلم به عن العصيان.

( الْحَجُ ) أو وقته، كقولك: البرد شهران.

( أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) : معروفات. وهي شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة.

وسمّي شهرين. وبعض شهر أشهرا إقامة البعض مقام الكلّ، أو إطلاق الجمع على ما فوق الواحد، أو الكلام بمعنى أن ليس لأحد أن يحجّ فيما سواهنّ كما في الخبر.

( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ ) : فمن أوجبه على نفسه بالإحرام فيهنّ،( فَلا رَفَثَ ) : فلا جماع،( وَلا فُسُوقَ ) :

والفسوق: الكذب.

( وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) :

والجدال، قول «لا والله» و «بلى والله.»

في الكافي(٥) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ،

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٢٩٢، ح ١١.

(٢) النسخ: أيّها.

(٣) الخصال ٢ / ٦٠٦، ح ٩.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكافي ٤ / ٢٨٩، ح ١.

٢٨٦

عن مثنّى الحناط، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: الحجّ أشهر معلومات: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة. ليس لأحد أن يحجّ فيما سواهن.

عليّ بن إبراهيم(١) ، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) . والفرض التّلبية والإشعار والتّقليد فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحجّ. ولا يفرض الحجّ إلّا في هذه الشّهور الّتي قال الله ـ عزّ وجلّ ـ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) . وهو شوّال وذو القعدة وذو الحجّة.

عليّ بن إبراهيم(٢) ، بإسناده قال: أشهر الحجّ شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة.

وفي من لا يحضره الفقيه(٣) : روى معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: الحجّ أشهر معلومات: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة فمن أراد الحجّ وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذو القعدة. ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا.

وفي مجمع البيان(٤) : وأشهر الحجّ عندنا: شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة، على ما روى عن أبي جعفر ـ عليه السّلام

وقيل: هي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة (عن عطاء والرّبيع وطاوس وروى ذلك في أخبارنا.)

وفي الكافي(٥) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: أشهر الحجّ: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة.

والحديث طويل. أخذنا منه موضع الحاجة.

عليّ بن إبراهيم(٦) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة. قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ، فلا حج له.

عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ ،

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٢.

(٢) نفس المصدر ٤ / ٢٩٠، ح ٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٩٧، ح ١.

(٤) مجمع البيان ١ / ٢٩٣.

(٥) الكافي ٤ / ٣٠٣، قطعة من ح ١٠.

(٦) نفس المصدر ٤ / ٣٢٢، ح ٤.

(٧) نفس المصدر ٤ / ٣٣٧، ح ١.

٢٨٧

عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ سبحانه وتعالى ـ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) فقال: إنّ الله اشترط على النّاس شرطا. وشرط لهم شرطا.

قلت: فما الّذي اشترط عليهم؟ وما الّذي شرط لهم؟

فقال: أمّا الّذي شرط عليهم فإنّه قال:( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ. فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) . وأمّا ما شرط لهم، فإنّه قال:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) . قال: يرجع لا ذنب له.

قال قلت له: أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟

قال: لم يجعل الله له حدّا. يستغفر الله. ويلبّي.

قلت: فمن ابتلى بالجدال ما عليه؟

قال: إذا جادل فوق مرّتين، فعلى المصيب دم يهريقه، وعلى المخطئ بقرة.

عليّ بن إبراهيم(١) ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى. وابن أبي عمير، جميعا، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ إذا أحرمت، فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقلّة الكلام إلّا بخير. فإنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلّا من خير، كما قال الله تعالى. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) .

والرّفث الجماع والفسوق الكذب والسّباب. والجدال قول الرّجل «لا والله» و «بلى والله.» واعلم أنّ الرّجل إذا حلف بثلاث(٢) أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم، فقد جادل. فعليه دم يهريقه ويتصدّق به. وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة، فقد جادل. وعليه دم يهريقه ويتصدّق به.

وقال: سألته عن الرّجل يقول: «لا لعمري» و «بلى لعمري.» قال: ليس هذا من الجدال. إنّما الجدال «لا والله» و «بلى والله.»

الحسين بن محمّد(٣) ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسين(٤) بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال: إذا حلف ثلاث أيمان

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: بثلاثة.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٣٣٨، ح ٤.

(٤) المصدر: الحسن.

٢٨٨

متتابعات صادقا فقد جادل. وعليه دم. وإذا حلف بيمين واحدة كاذبة، فقد جادل وعليه دم.

أبو عليّ الأشعريّ(١) عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير. قال: سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول لصاحبه(٢) : «والله لا تعمله.» فيقول: «والله لأعملنّه». فيحالفه مرارا أيلزمه ما يلزم الجدال؟

قال: لا. إنما أراد بهذا إكرام أخيه. إنّما ذلك ما كان فيه معصية.

عدّة من أصحابنا(٣) ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: في الجدال شاة. وفي السّباب والفسوق بقرة. والرّفث فساد الحجّ.

( وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ ) : حثّ على الخير عقيب النّهي عن الشّرّ، يستبدل به، ويستعمل مكانه.

( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) : وتزوّدوا لمعادكم التّقوى. فإنّه خير زاد.

وقيل(٤) : نزلت في أهل اليمن. كانوا يحجّون ولا يتزّودون ويقولون: نحن متوكّلون.

فيكونون كلّا على النّاس. فأمروا أن يتزوّدوا ويتّقوا الإبرام في السّؤال والتّثقيل على النّاس.

وفي نهج البلاغة(٥) : أوصيكم عباد الله بتقوى الله الّتي هي الزّاد وبها المعاد(٦)

( وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ ) (١٩٧): فإنّ قضيّة اللّبّ خشية وتقوى، حثّهم على التّقوى. ثمّ أمرهم بأن يكون المقصود بها هو الله، فيتبرّؤوا عن كلّ شيء سواه. وهو مقتضى العقل المعرّى(٧) عن شوائب الهوى. فلذا خصّ أولي الألباب، بهذا الخطاب.

( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا ) : في أن تطلبوا.

( فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) : عطاء ورزقا منه يريد به الرّبح في التّجارة.

في مجمع البيان(٨) :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) ، قيل: كانوا يتأثمون بالتّجارة في الحجّ.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٥.

(٢) أو المصدر: له صاحبه.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٣٣٩، ح ٦.

(٤) الكشاف ١ / ٢٤٤+ أنوار التنزيل ١ / ١٠٨.

(٥) نهج البلاغة / ١٦٩، ضمن خطبة ١١٤.

(٦) المصدر: المعاذ.

(٧) أ: العريّ.

(٨) مجمع البيان ١ / ٢٩٥.

٢٨٩

فرفع سبحانه بهذا اللّفظ(١) الإثم عمّن يتّجر في الحجّ. ـ عن ابن عبّاس و [هو](٢) المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام

ـ وقيل: [معناه](٣)

لا جناح عليكم أن تطلبوا المغفرة من ربّكم ـ رواه جابر عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.

( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ ) : دفعتم منها بكثرة ـ من أفضت الماء إذا صببته بكثرة.

وأصله أفضتم أنفسكم. فحذف المفعول، كما حذف في دفعت من البصرة.

وعرفات، جمع سمّي به، كأذرعات. وإنّما نوّن وكسر. وفيه العلميّة والتأنيث.

لأنّ تنوين الجمع تنوين المقابلة لا تنوين التّمكّن. ولذلك يجتمع مع اللام وذهاب الكسرة يتبع ذهاب التّنوين من غير عوض لعدم الصّرف وهاهنا ليس كذلك. أو لأنّ التأنيث إمّا أن يكون بالتّاء المذكورة وهي ليست تاء تأنيث وإنّما هي مع الألف الّتي قبلها علامة جمع المؤنّث، أو بتاء مقدّرة كما في سعاد. ولا يصحّ تقديرها. لأنّ المذكورة تمنعه من حيث أنّها كالبدل لها، لاختصاصها بالمؤنّث، كتاء بنت.

وإنّما سمّي الموقف عرفة لأنّه نعت لإبراهيم ـ عليه السّلام ـ فلمّا أبصره عرفه ـ روى ذلك عن علىّ عليه السّلام

(٤) ـ أو لأنّ جبرئيل كان يدور به في المشاعر. فلمّا أراه قال: قد عرفت.

أو لأنّ آدم وحوّاء التقيا فيه، فتعارفا ـ رواه أصحابنا أيضا(٥) . أو لأنّ النّاس يتعارفون فيه(٦) .

وفي كتاب علل الشّرائع(٧) ، بإسناده إلى معاوية بن عمّار وقال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن عرفات: لم سمّيت عرفات؟

فقال: إنّ جبرئيل ـ عليه السّلام ـ خرج بإبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ يوم عرفة. فلمّا زالت الشّمس قال له جبرئيل ـ عليه السّلام: «يا إبراهيم! اعترف بذنبك. واعرف مناسكك.» فسمّيت عرفات لقول جبرئيل ـ عليه السّلام ـ له: «اعترف(٨) .» فاعترف.

وفي الكافي(٩) ، بإسناده إلى أبي بصير، أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله ـ عليهما السّلام ـ يذكران أنّه قال جبرئيل ـ عليه السّلام ـ لإبراهيم ـ عليه السّلام: «هذه عرفات.

__________________

(١) المصدر: فرفع الله بهذه اللفظة.

(٢ و ٣) يوجد في المصدر. (٤) مجمع البيان ١ / ٢٩٥. (٥) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٦) الكشاف ١ / ٢٤٦+ أنوار التنزيل ١ / ١٠٩. (٧) علل الشرائع ٢ / ٤٣٦، ح ١.

(٨) المصدر: اعترف. اعترف. (٩) الكافي ٤ / ٢٠٧، ح ٩.

٢٩٠

فاعرف بها مناسكك. واعترف بذنبك.» فسمّي عرفات.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

( فَاذْكُرُوا اللهَ ) بالتّلبيه والتّهليل والدّعاء. [وقيل(١) : بصلاة العشاءين]( عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ) : قيل(٢) : جبل. ويسمّى قزح. وقيل: ما بين مأزمي عرفة ووادي محسّر. و [إنّما] سمّى(٣) مشعرا لأنّه معلم العبادة. ووصف بالحرام لحرمته. ومعنى( عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ) ، ممّا يليه ويقرب منه. فإنّه أفضل.

( وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ ) : كما علّمكم. و «ما» مصدريّة أو كافّة.

( وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ ) ، أي: الهدى.

( لَمِنَ الضَّالِّينَ ) (١٩٨): الجاهلين بالإيمان والطّاعة. و «إن» هي المخفّفة. و «اللّام» هي الفارقة.

وقيل(٤) : «إن» نافية. و «اللّام» بمعنى «إلّا»، كقوله(٥) ، وإن نظنّك لمن الكاذبين.

( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) :

في مجمع البيان(٦) :( مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) قيل فيه قولان: أحدهما أنّ المراد به الإفاضة من عرفات(٧) . فإنّه امر لقريش وحلفائهم وهو الخمس لأنّهم كانوا لا يقفون مع النّاس بعرفة، ولا يفيضون منها. ويقولون: نحن أهل حرم الله. فلا نخرج منه. وكانوا يقفون بالمزدلفة، ويفيضون منها. فأمرهم الله بالوقوف بعرفة والإفاضة منها، كما يفيض النّاس. وأراد(٨) بالنّاس سائر العرب. وهو المروىّ عن الباقر ـ عليه السّلام.

والثّاني أنّ المراد به الإفاضة من المزدلفة إلى منى، يوم النّحر، قبل طلوع الشّمس، للرّمي والنّحر.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٠٩.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٠٩.

(٥) الشعراء / ١٨٦.

(٦) مجمع البيان ١ / ٢٩٦.

(٧) يوجد بعد هذه الكلمة في النسخ: وأراد بالناس سائر العرب.

(٨) المصدر: المراد.

٢٩١

قال: وممّا يسأل على القول الأوّل أن يقال: إذا كان «ثمّ» للتّرتيب، فما معنى التّرتيب هاهنا؟ وقد روى أصحابنا في جوابه: أنّ هاهنا تقديما وتأخيرا. وتقديره:( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن زيد الشّحّام، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن قول الله:( أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) قال: أولئك قريش. كانوا يقولون نحن أولى النّاس بالبيت. ولا يفيضون إلّا(٢) من المزدلفة: فأمرهم الله أن يفيضوا من عرفة.

وعن رفاعة(٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال سألته عن قول الله:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) . قال: إنّ أهل الحرم كانوا يقفون على المشعر الحرام ويقف النّاس بعرفة ولا يفيضون حتّى يطلع عليهم أهل عرفة. وكان رجل يكنّى أبا سيّار. وكان له حمار فاره. وكان يسبق أهل عرفة. فإذا طلع عليهم قالوا: هذا أبو سيّار. ثمّ أفاضوا. فأمرهم الله(٤) أن يقفوا بعرفة وأن يفيضوا منه.

وعن معاوية بن عمّار(٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) . قال: هم أهل اليمن.

وفي روضة الكافي(٦) : ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب قال: سمعت عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ يقول: إنّ رجلا جاء إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فقال: أخبرني إن كنت عالما، عن النّاس وعن أشباه النّاس وعن النّسناس.

فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: يا حسين! أجب الرّجل.

فقال الحسين ـ عليه السّلام: أمّا قولك أخبرني عن النّاس، فنحن النّاس.

ولذلك قال الله ـ تبارك وتعالى ذكره ـ في كتابه:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) .

فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الّذي أفاض بالنّاس. وأمّا قولك عن(٧) أشباه النّاس ،

__________________

(١) تفسير العيّاشي ١ / ٩٦، ح ٢٦٣.

(٢) ليس في ر.

(٣) نفس المصدر ١ / ٩٧، ح ٢٦٤.

(٤) «قالوا هذا أبو سيّار ثم أفاضوا فأمرهم الله» ليس في ر.

(٥) نفس المصدر ١ / ٩٨، ح ٢٦٩. وفيه جابر بدل معاوية بن عمار.

(٦) الكافي ٨ / ٢٤٤، ح ٣٣٩.

(٧) ليس في المصدر.

٢٩٢

فهم شيعتنا. وهم موالينا. وهم منّا. ولذلك قال إبراهيم ـ عليه السّلام:( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) . وأمّا قولك عن(١) النّسناس، فهم السّواد الأعظم. وأشار بيده إلى جماعة النّاس. ثمّ قال:( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) .(٢)

( وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ ) من جاهليّتكم في تغيير المناسك.

( إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١٩٩): يغفر ذنب المستغفر وينعم عليه.

وفي الكافي(٣) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال في حديث طويل: ونزل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة بالبطحا، هو وأصحابه. ولم ينزلوا الدّور. فلمّا كان يوم التّروية عند زوال الشّمس، أمر النّاس أن يغتسلوا ويهلّوا بالحجّ. وهو قول الله تعالى الّذي أنزل الله تعالى على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله(٤) :( فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ) . فخرج النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه مهلّين بالحجّ، حتّى أتى منّى. فصلّى الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ثمّ غدا والنّاس معه.

وكانت قريش تفيض من المزدلفة. وهي جمع. ويمنعون النّاس أن يفيضوا منها. فأقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقريش ترجو أن يكون(٥) إفاضته من حيث كانوا يفيضون. فأنزل الله تعالى:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ ) ، يعني: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم.

فلمّا رأت قريش أنّ قبّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد مضت كأنّه دخل في أنفسهم شيء للّذي كانوا يرجون من الإفاضة(٦) من مكانهم حتّى انتهى إلى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك. فضربت قبّته. وضرب النّاس أخبيتهم عندها. فلمّا زالت الشّمس خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التّلبية حتّى وقف بالمسجد. فوعظ النّاس. وأمرهم. ونهاهم ثمّ صلّى الظّهر والعصر بأذان وإقامتين. ثمّ مضى إلى الموقف. فوقف به. فجعل النّاس يبتدرون(٧) أخفاف ناقته يقفون إلى

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الفرقان / ٤٤.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٢٤٧، ح ٤.

(٤) آل عمران / ٩٥.

(٥) ر: تكون. (ظ)

(٦) أ: إفاضته.

(٧) أ: يتدبّرون.

٢٩٣

جانبها. فنحّاها. ففعلوا مثل ذلك. فقال: أيّها النّاس! ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف.

ولكن هذا كلّه.

وأو مأبيده إلى الموقف. فتفرّق النّاس. وفعل مثل ذلك بالمزدلفة. فوقف النّاس حتّى وقع قرص الشّمس. ثمّ أفاض. وأمر النّاس بالدّعة حتّى انتهى إلى المزدلفة. وهي المشعر الحرام.

عليّ بن إبراهيم(١) ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إنّ المشركين كانوا يفيضون من قبل أن تغيب الشّمس. فخالفهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

وأفاض(٢) بعد غروب الشّمس.

قال: وقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إذا غربت الشّمس فأفض مع النّاس.

وعليك السّكينة والوقار. وأفض بالاستغفار. فان الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

( فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ ) : فإَذا أدّيتم العبادات الحجّيّة وفرغتم منها،( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ) : فأكثروا ذكره. وبالغوا فيه، كما تفعلون بذكر آبائكم في المفاخرة.

( أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) :

إمّا مجرور معطوف على «الذّكر» بجعل الذّكر ذاكرا على المجاز. والمعنى: فاذكروا الله ذكرا، كذكركم آبائكم، أو كذكر أشدّ منه وأبلغ.

أو على ما أضيف إليه بمعنى: أو كذكر قوم أشدّ منكم ذكرا، وإمّا منصوب بالعطف على آبائكم. وذكر من فعل المذكور بمعنى: أو كذكركم أشدّ مذكورا من آبائكم.

أو بمضمر دلّ عليه المعنى، تقديره: أو كونوا أشدّ ذكرا لله منكم لآبائكم.

في الكافي(٣) : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٢) المصدر: فأفاض.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٥١٦، ح ٣.

٢٩٤

منصور بن حازم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ سبحانه وتعالى:( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) قال: هي أيّام التّشريق. كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النّحر تفاخروا.

فقال الرّجل منهم: كان أبي يفعل كذا وكذا. فقال الله تعالى:( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ ) ( ... فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) .

قال: والتّكبير، الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلّا الله. والله أكبر.

الله أكبر. ولله الحمد. الله أكبر على ما هدانا. الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.»

وفي مجمع البيان(١) :( كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ) معناه ما روى عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّهم كانوا إذا فرغوا من الحجّ يجتمعون(٢) هناك. ويعدّون مفاخر آبائهم ومآثرهم. ويذكرون أيّامهم القديمة وأياديهم الجسيمة. فأمرهم الله سبحانه أن يذكروه مكان ذكر آبائهم في هذا الموضع أو أشدّ ذكرا ويزيدوا على ذلك بأن يذكروا نعم الله سبحانه ويعدّوا آلاءه ويشكروا نعمائه. لأنّ آباءهم وإن كانت لهم عليهم أياد ونعم.

فنعم الله سبحانه عليهم أعظم وأياديه عندهم أفخم. ولأنّه سبحانه المنعم. لتلك المآثر والمفاخر على آبائهم وعليهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) :( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) قال :

كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر يتفاخرون بآبائهم فيقول: «لا وأبيك. لا وأبي.» فأمرهم(٤) الله لأن يقولوا: «لا والله. وبلى والله.»

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) : عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله، بدون لفظ «يتفاخرون بآبائهم.»

( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ ) : تفصيل للذّاكرين إلى مقلّ لا يطلب بذكر الله إلّا الدّنيا ومكثر يطلب به خير الدّارين. أريد به الحثّ على الإكثار والإرشاد إليه.

( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا ) : اجعل ايتاءنا في الدّنيا.

( وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) (٢٠٠)، أي: نصيب وحظّ. لأنّ همّه مقصور

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٢٩٧.

(٢) ر: اجتمعوا.

(٣) تفسير القمي ١ / ٧٠.

(٤) المصدر: وأمرهم الله.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٩٨، ح ٩٧٢.

٢٩٥

بالدّنيا، أو من طلب خلاق.

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) : السّعة في الرّزق والمعاش وحسن، الخلق.

( وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ) : برضوان الله والجنّة.

( وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) (٢٠١): بالعفو والمغفرة.

( أُولئِكَ ) : إشارة إلى الفريق الثّاني أو إليهما.

( لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ) ، أي من جنسه. وهو جزاؤه، أو من أجله، كقوله:( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا ) ، أو ممّا دعوا به نعطيهم منه، ما قدرنا. فسمّى الدّعاء كسبا، لأنّه من الأعمال.

( وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (٢٠٢): يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة، أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب النّاس، فبادروا إلى الطّاعات واكتساب الحسنات.

في كتاب معاني الأخبار(١) : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ـ رحمه الله ـ قال حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ) قال: رضوان الله والجنّة في الآخرة. والسّعة في الرّزق والمعاش وحسن الخلق في الدّنيا.

وفي الكافي(٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: طف البيت سبعة أشواط. وتقول في الطّواف: أللّهمّ إنّي أسألك ـ إلى أن قال عليه السّلام ـ وتقول فيما بين الرّكن اليمانيّ والحجر الأسود:( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) .

عدّة من أصحابنا(٣) ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: يستحبّ أن تقول بين

__________________

(١) معاني الأخبار / ١٧٤، ح ١.

(٢) الكافي ٤ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧، ح ١.

(٣) نفس المصدر ٤ / ٤٠٨، ح ٧.

٢٩٦

الرّكن والحجر: أللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار.

وقال: إنّ ملكا موكّلا يقول آمين.

عدّة من أصحابنا(١) ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ) : رضوان الله في الجنّة في الآخرة. والمعاش وحسن الخلق في الدّنيا.

عليّ بن إبراهيم(٢) ، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني، جميعا عن القسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف. فقال: أترى يخيّب الله هذا الخلق كلّه؟

فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلّا غفر الله له، مؤمنا كان أو كافرا، إلّا أنّهم في مغفرتهم، على ثلاث منازل مؤمن غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. وأعتقه الله من النّار.

وذلك قوله تعالى:( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) .

وسنذكر تتمّة الحديث إن شاء الله.

وفي كتاب الاحتجاج(٣) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه ـ عليهم السّلام ـ قال: بينما رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ جالس إذ سأل عن رجل من أصحابه. فقالوا: يا رسول الله! إنّه قد صار في البلاء كهيئة الفرخ. لا ريش(٤) عليه.

فأتاه ـ عليه السّلام. فإذا هو كهيئة الفرخ. لا ريش عليه(٥) من شدّة البلاء.

فقال له: قد كنت تدعو في صحّتك دعاء.

قال: نعم كنت أقول: يا ربّ أيّما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة، فعجّلها لي في الدّنيا.

فقال له النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله: ألا قلت: أللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار؟.

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر ٤ / ٥٢١، ح ١٠، قطعة منه.

(٣) الاحتجاج ١ / ٣٣٢.

(٤) المصدر: الّذي لا ريش.

(٥) «لا ريش عليه» ليس في المصدر.

٢٩٧

فقالها الرجل(١) . فكأنّما نشط من عقال. وقام صحيحا. وخرج معنا.

والحديث طويل. أخذنا منه موضع الحاجة.

وفي مجمع البيان(٢) :( وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) . ورد في الخبر أنّه سبحانه يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر، وروي روي بقدر حلب شاة. وروي عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: معناه أنّه يحاسب الخلائق دفعة كما يرزقهم دفعة.

( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) . في أدبار الصّلوات في أيّام التّشريق.

في الكافي(٣) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) ، قال: التّكبير في أيّام التّشريق من صلاة الظّهر، من يوم النّحر، إلى صلاة الفجر من يوم الثّالث. وفي الأمصار عشر صلوات. فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار. ومن أقام بمنى فصلّى بها الظّهر والعصر، فليكبّر.

وفي كتاب معاني الأخبار(٤) : أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصّلت، عن عبد الله بن الصّلت، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشّحّام، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) قال: المعلومات والمعدودات، واحدة. وهو أيّام التّشريق.

وقد سبق من الأخبار ما يدلّ على صورة التّكبير.

( فَمَنْ تَعَجَّلَ ) النّفر،( فِي يَوْمَيْنِ ) ، أي: نفر في ثاني أيّام التّشريق،( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) باستعجاله.

( وَمَنْ تَأَخَّرَ ) في النّفر حتّى رمى اليوم الثّالث،( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) بتأخيره.

ومعنى نفي الإثم بالتّعجيل والتّأخير، التّخيير بينهما والرّدّ على أهل الجاهليّة. فإنّ منهم من أثّم المستعجل، ومنهم من أثّم المتأخّر.

( لِمَنِ اتَّقى ) ، أي: الّذي ذكر من التّخيير لمن اتّقى الصّيد. فإنّ من لم يتّق الصّيد

__________________

(١) النسخ: فقال.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٩٨.

(٣) الكافي ٤ / ٥١٦، ح ١.

(٤) معاني الأخبار / ٢٩٧، ح ٣.

٢٩٨

ليس له التّخيير. بل يتعيّن عليه التّأخير.

في تهذيب الأحكام(١) : محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا أصاب المحرم الصّيد فليس له أن ينفر في النّفر الأوّل. ومن نفر في النّفر الأوّل، فليس له أن يصيب الصّيد، حتّى ينفر النّاس. وهو قول الله:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) ( ... لِمَنِ اتَّقى ) . قال: اتّقى الصّيد.

عن محمّد بن عيسى(٢) ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال في رجل بعث بثقله يوم النّفر الأول وأقام هو إلى الأخير قال: هو ممّن تعجّل في يومين.

وفي من لا يحضره الفقيه(٣) : وروى معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سمعته يقول في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) ، فقال: يتّقي الصّيد حتّى ينفر أهل منى في النّفر الأخير.

وفي رواية ابن محبوب(٤) ، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال:( لِمَنِ اتَّقى ) الرّفث والفسوق والجدال وما حرّم الله في إحرامه.

وفي رواية عليّ بن عطيّة(٥) ، عن أبيه، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال:( لِمَنِ اتَّقى ) الله ـ عزّ وجلّ.

وروى(٦) أنّه يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه.

وروى من وفى وفى الله له(٧) .

وفي الكافي(٨) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاسانيّ، جميعا، عن القسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقرىّ، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف. فقال: أترى يخيّب الله هذا الخلق كلّه؟

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٩٠، ح ١٧٥٨.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٧٥٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٨٨، ح ١٤١٥.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٤١٦.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٤١٨.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٤١٩.

(٧) أور: من وقى وقى الله له.

(٨) الكافي ٤ / ٥٢١، ح ١٠.

٢٩٩

فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلّا غفر الله له، مؤمنا كان أو كافرا، إلّا أنّهم في مغفرتهم على ثلاث منازل ـ إلى قوله ـ ومنهم من غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، وقيل له أحسن فيما بقي من عمرك. وذلك قوله تعالى:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) ، يعني: من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه. ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى الكبائر.

عدّة من أصحابنا(١) ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، عن أبي أيّوب قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام: إنّا نريد أن نتعجّل السّير وكانت ليلة النّفر حين سألته، فأي ساعة ننفر؟

فقال لي: أمّا اليوم الثّاني فلا تنفر حتّى تزول الشّمس وكانت ليلة النّفر. وأمّا اليوم الثّالث، فإذا ابيضّت الشّمس فانفر على بركة الله. فإنّ الله تعالى يقول:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) . فلو سكت لم يبق أحد إلّا تعجّل. ولكنّه قال:( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) .

حميد بن زياد(٢) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح(٣) الرّماح قال كنّا عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ بمنى ليلة من اللّيالي. فقال: ما يقول هؤلاء؟ فيمن(٤) تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه.

قلنا: ما ندري.

قال: بلى. يقولون: من تعجّل من أهل البادية، فلا إثم عليه. ومن تأخّر من أهل الحضر، فلا إثم عليه. وليس كما يقولون. قال الله ـ جلّ ثناؤه ـ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) . ألا لا إثم عليه.( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) . ألا لا إثم عليه.( لِمَنِ اتَّقى ) . إنّما هي لكم. والنّاس سواد. وأنتم الحاجّ.

عدّة من أصحابنا(٥) ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: كان أبي يقول: «من أمّ هذا

__________________

(١) نفس المصدر ٤ / ٥١٩، ح ١.

(٢) نفس المصدر ٤ / ٥٢٣، ح ١٢.

(٣) ر: النجيح.

(٤) أ: فمن.

(٥) نفس المصدر ٤ / ٢٥٢، ح ٢.

٣٠٠