تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٣

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 603

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 603
المشاهدات: 18479
تحميل: 4817


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 603 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18479 / تحميل: 4817
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأخرى ألفا كما أبدلت من «طائي(١)( مِنْ نَبِيٍ ) : بيان له.

( قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ) : ربّانيّون علماء أتقياء.

وقيل(٢) جماعات.

والرّبّيّ، منسوب إلى الرّبّة(٣) ، وهي الجماعة، للمبالغة.

وفي مجمع البيان(٤) : عن الباقرعليه‌السلام : الرّبّيّون، عشرة آلاف.

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) : عن الصّادقعليه‌السلام أنّه قرأ: «وكأيّن من نبيّ قتل معه ربّيّون كثير» قال: ألوف وألوف.

ثمّ قال: إي والله يقتلون.

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب: «قتل» وإسناده إلى «ربّيّون» أو ضمير النّبيّ. و «معه ربّيّون» حال عنه. ويؤيّد الأوّل أنّه قرئ بالتّشديد، وقرئ: «ربّيّون» بالفتح على الأصل، وبالضّمّ. وهي من تغييرات النّسب كالكسر(٦) .

( فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) : فما فتروا ولم ينكسر جدّهم، لما أصابهم من قتل النّبيّ أو بعضهم.

( وَما ضَعُفُوا ) : عن العدوّ أو في الدّين،( وَمَا اسْتَكانُوا ) : وما خضعوا للعدوّ. وأصل استكن، من السّكون، لأنّ الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده، والألف من إشباع الفتحة. أو استكون، من الكون، لأنّه يطلب من نفسه أن يكون لمن يخضع له. وهذا تعريض بما أصابهم عند الإرجاف بقتله - عليه السّلام.

( وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) (١٤٦): فينصرهم، ويعظّم قدرهم.

( وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) المصدر: ربية.

(٤) مجمع البيان ١ / ٥١٧.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٢٠١، ح ١٥٤. وفيه: عن منصور بن الوليد الصيقل أنّه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام - قرأ

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٨٥.

٢٤١

وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) (١٤٧): أي: وما كان قولهم من ثباتهم وقوّتهم في الدّين وكونهم ربّانيّين إلّا هذا القول، وهو إضافة الذّنوب والإسراف إلى أنفسهم، هضما لها، وإضافة لما أصابهم إلى سوء أعمالهم والاستغفار عنها. ثمّ طلب التّثبيت في مواطن الحرب والنّفرة على العدوّ، ليكون عن خضوع وطهارة، فيكون أقرب إلى الإجابة. وإنّما جعل قولهم خبرا، لأنّ «أن قالوا» أعرف لدلالته على جهة النّسبة وزمان الحدث.

( فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١٤٨) :

فآتاهم الله - بسبب الاستغفار واللّجأ إلى الله - النّصر، والغنيمة، والعزّ، وحسن الذّكر في الدّنيا، والجنّة والنّعيم في الآخرة. وخصّ ثوابها بالحسن، إشعارا بفضله، وأنّه المعتدّ به عنده.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ) (١٤٩) :

في مجمع البيان(١) : عن أمير المؤمنين - عليه السّلام: نزلت في المنافقين، إذ قالوا للمؤمنين يوم أحد عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم وارجعوا إلى دينهم.

وقيل(٢) : عامّ في مطاوعة الكفرة والنّزول على حكمهم، فإنه سيجر(٣) إلى موافقتهم.

( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ ) : ناصركم.

وقرئ، بالنصب، على تقدير: بل أطيعوا الله مولاكم(٤) .

( وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) (١٥٠): فاستغنوا به عن ولاية غيره، ونصره.

( سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ) : يريد ما قذف في قلوبهم من الخوف يوم أحد، حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب.

ونادى أبو سفيان: يا محمّد، موعدنا موسم بدر لقابل إن شئت.

فقالعليه‌السلام : إن شاء الله.

وقيل(٥) : لـمّا رجعوا وكانوا ببعض الطّريق، ندموا وعزموا أن يعودوا عليهم

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٥١٨.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٨٦.

(٣) المصدر: يستجرّ.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) نفس المصدر والموضع.

٢٤٢

ليستأصلوهم، فألقى الله الرّعب في قلوبهم.

في مجمع البيان(١) : عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : نصرت بالرّعب مسيرة شهر.

وفي كتاب الخصال(٢) : عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضّلت بأربع، نصرت بالرّعب مسيرة شهر يسير بين يدي.

عن سعيد بن جبير(٣) ، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي، جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ونصرت بالرّعب.

عن جابر بن عبد الله، عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل(٤) ، يقولعليه‌السلام فيه: قال لي الله - جلّ جلاله - : ونصرتك بالرّعب الّذي لم أنصر به أحدا قبلك(٥) .

وقرأ ابن عامر والكسائيّ ويعقوب: «الرّعب» بضمّتين على الأصل في كلّ القرآن(٦) .

( بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ) : بسبب إشراكهم به،( ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ ) : عليهم،( سُلْطاناً ) أي: آلهة ليس على اشتراكها حجّة، ولم ينزل به عليهم سلطانا، وهو كقوله(٧) :

ولا ترى الضّبّ بها ينجحر.

وأصل السّلطنة، القوّة. ومنه: السّليط، لقوّة اشتعاله. والسّلاطة، لحدّة اللّسان.

( وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) (١٥١)، أي: مثواهم. الظّاهر فوضع المضمر، للتّغليظ والتّعليل.

( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ ) : أي: وعده إيّاهم بالنّصر، بشرط التّقوى والصّبر.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٥١٩.

(٢) الخصال / ٢٠١، ضمن حديث ١٤.

(٣) نفس المصدر / ٢٩٢، ح ٥٦. وله تتمة.

(٤) نفس المصدر / ٤٢٥، ضمن حديث ١.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٨٦.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ١٨٦.

٢٤٣

وكان كذلك حتّى خالف الرّماة، فإنّ المشركين لـمّا أقبلوا جعل الرّماة يرشقونهم والباقون يضربونهم بالسّيف، حتّى انهزموا والمسلمين على آثارهم.

( إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ) : تقتلونهم. من حسّه، إذا أبطل حسه.

( حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ ) : جبنتم، وضعف رأيكم. أو ملتم إلى الغنيمة، فإنّ الحرص من ضعف العقل.

( وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ) ، يعني: اختلاف الرّماة حين انهزم المشركون، فقال بعضهم: فما موقفنا هاهنا. وقال الآخرون: لا نخالف أمر الرّسول. فثبت مكانه أميرهم في نفر دون العشرة، ونفر الباقون للنّهب. وهو المعنى بقوله:( وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ) : من الظّفر والغنيمة، وانهزام العدوّ.

وجواب «إذا» محذوف، وهو «امتحنكم».

( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا ) : وهم التّاركون المركز للغنيمة.

( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ) : وهم الثّابتون(١) ، محافظة على أمر الرّسول.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : قوله:( حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا ) يعني، أصحاب عبد الله بن جبير، الّذين تركوا مراكزهم(٣) وفرّوا(٤) للغنيمة. قوله:( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ) يعني، عبد الله بن جبير وأصحابه، الّذين بقوا حتّى قتلوا].(٥) ( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ) : ثمّ كفّكم عنهم، حتّى خالف الحال، فغلبوكم(٦) ،( لِيَبْتَلِيَكُمْ ) : على المصائب، ويمتحن ثباتكم على الإيمان عندها.

( وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ ) : تفضّلا، ولما علم من ندمكم على المخالفة.

( وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (١٥٢): بتفضّله عليهم بالعفو، أو في الأحوال كلّها، سواء أديل لهم أو عليهم، إذ الابتلاء أيضا رحمة،( إِذْ تُصْعِدُونَ ) : متعلّق «بصرفكم» أو «بيبتليكم» أو بمقدّر كما ذكروا.

والإصعاد، الذّهاب والإبعاد في الأرض. يقال: أصعدنا من مكّة إلى المدينة.

__________________

(١) أ: التائبون.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٢٠.

(٣) المصدر: مركزهم.

(٤) المصدر: مرّوا.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٦) ر: فقلبوكم.

٢٤٤

( وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ ) : لا يقف أحد لأحد، ولا ينتظره،( وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ) : كان يقول: إليّ عباد الله، أنا رسول الله، من يكرّ فله الجنّة،( فِي أُخْراكُمْ ) : في ساقتكم وجماعتكم الأخرى،( فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ ) : فجازاكم الله عن فشلكم وعصيانكم، غمّا متّصلا بغمّ.

في تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام [في قوله:( فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ ) ](٢) فأمّا الغمّ الأوّل فالهزيمة والقتل، والغمّ الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم.

( لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ ) : من الغنيمة،( وَلا ) : على( ما أَصابَكُمْ ) : من قتل إخوانكم.

وقيل(٣) : «لا» مزيدة، والمعنى: لتأسفوا على ما فاتكم من الظّفر والغنيمة، وعلى ما أصابكم في الجرح والهزيمة عقوبة لكم.

وقيل: الضّمير في «أثابكم» للرّسول، أي: فآساكم في الاغتمام، فاغتمّ بما نزل عليكم كما اغتممتم بما نزل عليه، ولم يثربكم على عصيانكم تسلية لكم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من النّصر، ولا على ما أصابكم من الهزيمة.

( وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) (١٥٣) عالم بأعمالكم، وبما قصدتم بها.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٤) : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ( لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ ) من الغنيمة، ولا على( ما أَصابَكُمْ ) ، يعني، قتل إخوانهم.( وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) ].(٥)

( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً ) : أنزل الله عليكم الأمن حتّى أخذكم النّعاس.

وعن أبي طلحة(٦) : غشينا النّعاس في المصافّ حتّى كان السّيف يسقط من

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٢٠.

(٢) من المصدر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٨٧.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٨٧.

٢٤٥

يد أحدنا، فيأخذه ثمّ يسقط، فيأخذه.

والأمنة، الأمن. نصب، على المفعول. ونعاسا، بدل منها. أو هو المفعول، و «أمنة» حال منه متقدّمة. أو مفعول له. أو حال من المخاطبين، بمعنى، ذوي أمنة. أو على أنّه، جمع آمن، كبارّ وبررة.

وقرئ: أمنة، بسكون الميم، كأنّها المرّة من الأمن.

[وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر يوم أحد - : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كسرت رباعيّته، وأنّ النّاس ولّوا مصعدين في الوادي والرّسول يدعوهم في أخراهم فأثابهم غمّا بغمّ، ثمّ أنزل عليهم النّعاس.

فقلت: النّعاس ما هو؟

قال: الهمّ، فلمّا استيقظوا قالوا: كفرنا.

والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة].(٢) ( يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ ) ، أي: النّعاسّ.

وقرأ حمزة والكسائيّ، بالتّاء، ردّا على الأمنة. والطّائفة، المؤمنون حقّا(٣) .

( وَطائِفَةٌ ) : هم المنافقون،( قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ) : أوقعتهم(٤) أنفسهم في الهموم، أو ما بهم إلّا هم أنفسهم وطلب خلاصها،( يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ ) : صفة أخرى «لطائفة» أو حال. أو استئناف، على وجه البيان لما قبله.

و «غير الحقّ» نصب على المصدر، أي: يظنّون بالله غير الظّنّ الحقّ الّذي يحقّ أن يظنّ به.

و «ظنّ الجاهليّة» بدل، وهو الظّنّ المختصّ بالملّة الجاهليّة وأهلها.

( يَقُولُونَ ) ، أي: لرسول الله. وهو بدل من «يظنّون».

( هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ) : ممّا أمر الله، ووعده من النّصر والظّفر نصيب

__________________

(١) تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٠١، صدر حديث ١٥٥.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٨٧.

(٤) أ: أوثقهم.

٢٤٦

قطّ.

وقيل(١) : أخبر ابن أبيّ بقتل بني الخزرج، فقال ذلك.

والمعنى: إنّا منعنا تدبير أنفسنا وتصريفها باختيارنا، فلم يبق لنا من الأمر شيء أوهل يزول عنّا هذا القهر، فيكون لنا من الأمر شيء( قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ) ، أي: الغلبة الحقيقيّة لله وأوليائه، فإنّ حزب الله هم الغالبون. أو القضاء له، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وهو اعتراض.

وقرأ ابو عمرو ويعقوب «كلّه» بالرّفع، على الابتداء(٢) .

( يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ ) : حال، من ضمير «يقولون»، أي: يقولون مظهرين أنّهم مسترشدون طالبون للنّصر، مبطنين الإنكار والتّكذيب.

( يَقُولُونَ ) ، أي: في أنفسهم، أو إذا خلا بعضهم إلى بعض. وهو بدل من «يخفون.» أو استئناف، على وجه البيان له.

( لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ) : كما وعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وزعم، متوصّلا أنّ الأمر كلّه لله - تعالى - ولأوليائه. أولو كان لنا اختيار وتدبير لم نبرح، كما كان ابن أبيّ وغيره.

( ما قُتِلْنا هاهُنا ) : لما غلبنا، ولما قتل من قتل منّا في هذه المعركة.

( قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إلى مَضاجِعِهِمْ ) ، أي: لخرج الّذين قدّر الله عليهم القتل وكتب في اللّوح المحفوظ إلى مصارعهم، ولم ينفع الإقامة بالمدينة، ولم ينج منه أحد، فإنّه قدّر الأمور ودبّرها في سابق قضائه، لا معقّب لحكمه.

( وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ ) : ليمتحن ما في صدوركم، ويظهر سرائرها من الإخلاص والنّفاق. وهو علّة فعل محذوف، أي: وفعل ذلك ليبتلي. أو عطف على محذوف، أي، لبرز لنفاذ القضاء، أو لمصالح جمّة وللابتلاء. أو على قوله: لكيلا تحزنوا.

( وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ ) : وليكشفه ويميّزه، أو يخلّصه عن الوساوس.

( وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) (١٥٤): بخفيّاتها قبل إظهارها. وفيه وعد ووعيد، وتنبيه على أنّه غنيّ عن الابتلاء، وإنّما فعل ذلك لتمرين المؤمنين وإظهار حال المنافقين.

( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) : انهزموا يوم أحد.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) نفس المصدر ١ / ١٨٨.

٢٤٧

والجمعان، جمع المسلمين وجمع المشركين.

( إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ ) : حملهم على الزّلة،( بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ) : من معصيتهم النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بترك المركز والحرص على الغنيمة وغير ذلك، فمنعوا التّأييد وقوّة القلب.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : قوله:( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ ) أي، خدعهم(٢) حتّى طلبوا الغنيمة.( بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ) قال: بذنوبهم.

وفي تفسير العيّاشيّ(٣) عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أحدهما - عليهما السّلام - في قوله:( إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ) فهو عقبة بن عثمان، وعثمان بن سعد.](٤)

عن عبد الرّحمن(٥) بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [في قوله( إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ) ](٦) قال: هم أصحاب العقبة.

( وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ ) : لتوبتهم واعتذارهم.

( إِنَّ اللهَ غَفُورٌ ) : للذّنوب.

( حَلِيمٌ ) (١٥٥): لا يعاجل بعقوبة المذنب، كي يتوب.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا ) ، يعني: المنافقين.

( وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ ) : لأجلهم وفيهم. ومعنى إخوتهم، اتّفاقهم في النّسب، أو المذهب.

( إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ ) : إذا سافروا فيها وأبعدوا للتّجارة، أو غيرها. وكان حقّه «إذ» لقوله: «قالوا» لكنّه جاء على حكاية الحال الماضية.

( أَوْ كانُوا غُزًّى ) : جمع، غاز كعاف، وعفّى.

( لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ) : مفعول «قالوا» وهو يدلّ على أنّ إخوانهم، لم يكونوا مخاطبين به.

( لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ) : متعلّق «بقالوا» على أنّ اللّام، لام

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٢١.

(٢) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: خزلهم.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٢٠١، ح ١٥٦.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) نفس المصدر والموضع، ح ١٥٨.

(٦) من المصدر.

٢٤٨

العاقبة، مثلها في( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ) . أولا تكونوا مثلهم في النّطق بذلك القول والاعتقاد، ليجعله حسرة في قلوبهم خاصّة.

[«فذلك» إشارة إلى ما دلّ عليه قولهم من الاعتقاد.

وقيل(١) : إلى ما دلّ عليه النّهي، أي، لا تكونوا مثلهم، ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم ،](٢) فإنّ مخالفتهم ومضادّتهم(٣) مما يغمّهم.

( وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ) : ردّ لقولهم، أي: هو المؤثّر في الحياة والممات، لا الإقامة والسّفر، فإنّه - تعالى - قد يحيي المسافر والغازي ويميت المقيم والقاعد.

( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (١٥٦): تهديد للمؤمنين على أن يماثلوهم.

وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ، بالياء، على أنّه وعيد للذين كفروا(٤) .

( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ ) : في سبيله.

وقرأ نافع وحمزة والكسائيّ، بكسر الميم، من مات يمات(٥) .

( لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (١٥٧): جواب القسم. وهو سادّ، مسدّ الجزاء، والمعنى: أنّ السّفر والغزو ليس ممّا يجلب الموت ويقدّم الأجل، وإن وقع ذلك في سبيل الله، فما تنالون من المغفرة والرّحمة بالموت خير ممّا تجمعون من الدّنيا ومنافعها لو لم تموتوا.

وفي تفسير العيّاشيّ(٦) : عن عبد الله بن المغيرة [، عمّن حدّثه، عن جابر ،](٧) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئل عن قول الله:( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ ) .

قال: أتدري يا جابر ما سبيل الله؟

فقلت: لا والله إلّا أن أسمعه منك.

قال: سبيل الله عليّعليه‌السلام وذرّيّته، فمن(٨) قتل في ولايته قتل في سبيل الله، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٨٩.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في ر.

(٣) أ: مضارعتهم.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) تفسير العياشي ١ / ٢٠٢، ح ١٦٢. وله ذيل.

(٧) من المصدر.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: من.

٢٤٩

وفي كتاب معاني الأخبار(١) : أبي - رحمه الله - قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن هذه الآية في قول الله - عزّ وجلّ - :( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ ) .

قال: فقال: أتدري ما سبيل الله؟

قال: لا والله إلّا أن أسمعه منك.

قال: سبيل الله عليّ - عليه السّلام(٢) - وذرّيّته، و «سبيل الله(٣) » من قتل في ولايته قتل في سبيل الله، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله.

وقرأ حفص، بالياء(٤) .

( وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ ) : على أي وجه اتّفق هلاكهم،( لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) (١٥٨) لإلى معبودكم الّذي توجّهتم إليه وبذلتم مهجكم لأجله لا إلى غيره، لا محالة تحشرون فيوفيّ جزاءكم ويعظّم ثوابكم.

وقرأ نافع وحمزة والكسائيّ: «متّم» بالكسر(٥) .

( فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ) ، أي: فبرحمة. و «ما» مزيدة للتّأكيد. والدّلالة على أنّ لينه لهم ما كان إلّا برحمة من الله، وهو ربطه على جأشه وتوفيقه للرّفق بهم، حتّى اغتمّ لهم بعد(٦) أن خالفوه.

( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا ) : سيّء الخلق، جافيا،( غَلِيظَ الْقَلْبِ ) : قاسيه،( لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) : لتفرّقوا عنك، ولم يسكنوا إليك.

( فَاعْفُ عَنْهُمْ ) : فيما يختصّ بك،( وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) : فيما لله.

وفي تفسير العيّاشيّ(٧) : عن صفوان قال: استأذنت لمحمّد بن خالد على(٨) الرّضا

__________________

(١) معاني الأخبار / ١٦٧، ح ١.

(٢) المصدر: [هو] عليّ - عليه السّلام.

(٣) «وسبيل الله» في المصدر، بين المعقوفتين.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٨٩.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) النسخ: «بعده» بدل «لهم بعد». وما أثبتناه في المتن موافق أنوار التنزيل ١ / ١٨٩.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٢٠٣، ح ١٦٣.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: عن.

٢٥٠

أبي الحسنعليه‌السلام وأخبرته أنّه ليس يقول بهذا القول، وأنّه قال: والله لا أريد بلقائه إلّا لأنتهي إلى قوله.

فقال أدخله، فدخل.

فقال له: جعلت فداك، أنّه كان فرط منّي شيء وأسرفت على نفسي، وكان فيما يزعمون أنّه كان بعينه(١) ، فقال(٢) : وأنا(٣) أستغفر الله ممّا كان منّى، فأحبّ أن تقبل عذري وتغفر لي ما كان منّي.

فقال: نعم أقبل، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول(٤) هذا وأصحابه - وأشار إليّ بيده - ومصداق ما يقول الآخرون، يعني، المخالفين. قال الله لنبيّه - عليه وآله السّلام - :( فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) . ثمّ سأله عن أبيه، فأخبره أنّه قد مضى، واستغفر له.

( وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) : في أمر الحرب، إذا الكلام فيه. أو فيما يصحّ أن يشاور فيه، استظهارا برأيهم، وتطيّبا لنفوسهم، وتمهيدا لسنّة المشاورة للأمّة.

وفي نهج البلاغة(٥) : قالعليه‌السلام من استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرّجال شاركها في عقولها.

وفيه(٦) : قالعليه‌السلام : والاستشارة عين(٧) الهداية، فقد خاطر من استغنى برأيه.

وفي كتاب التّوحيد(٨) ، بإسناده إلى أبي البختريّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّعليه‌السلام عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل، وفيه: لا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة.

وفي كتاب الخصال(٩) . عن محمّد بن آدم، عن أبيه - بإسناده - قال: قال

__________________

(١) المصدر: يعيبه (بعينه - خ ل)

(٢) هكذا في أو المصدر. وفي رو الأصل: فقأ.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: أن.

(٤) ر: أقول.

(٥) نهج البلاغة / ٥٠٠، حكمة ١٦١.

(٦) نفس المصدر / ٥٠٦، ضمن حكمة ٢١١.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ: عن.

(٨) التوحيد / ٣٧٦، ضمن حديث ٢٠.

(٩) الخصال / ١٠١ - ١٠٢، ح ٥٧.

٢٥١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، لا تشاورنّ جبانا فإنه يضيق عليك المخرج، ولا تشاورنّ البخيل فإنّه يقصر بك عن غايتك، ولا تشاورنّ حريصا فإنّه يزيّن لك شرّها(١) .

وفيه(٢) ، في الحقوق المرويّة، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام وحقّ المستشير إن علمت له رأيا أشرت عليه، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم. وحقّ المشير عليك(٣) أن لا تتّهمه فيما لا يوافقك من رأيه، فإن وافقك حمدت الله.

وعن سفيان الثّوريّ(٤) قال: لقيت الصّادق [بن الصّادق](٥) جعفر بن محمّد - عليهما السّلام - فقلت له: يا بن رسول الله أوصني.

فقال لي: يا سفيان، لا مرؤة لكذوب(٦) - إلى قوله - : وشاور في أمرك الّذين يخشون الله.

[( فَإِذا عَزَمْتَ ) : فإذا وطّنت نفسك على شيء بعد الشّورى.

( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) : في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك، فإنه لا يعلم سواه.

وقرئ: فإذا عزمت على التّكلّم، أي: فإذا عزمت لك على شيء وعيّنته لك، فتوكّل عليّ ولا تشاور فيه(٧) أحدا.

( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (١٥٩): فينصرهم ويهديهم إلى الصّلاح].(٨)

في تفسير العيّاشيّ(٩) : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار قال: كتب إليّ أبو جعفرعليه‌السلام أن سل فلانا أن يشير عليّ ويتخيّر لنفسه، فهو يعلم ما يجوز في بلده، وكيف يعامل السّلاطين، فإنّ المشورة مباركة، قال الله لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في محكم كتابه:( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ، فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) فإن كان ما يقول ممّا يجوز كنت أصوّب رأيه(١٠) ، وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطّريق الواضح - إن شاء الله -( وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) قال: يعني :

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: ثرها.

(٢) نفس المصدر / ٥١٠، ضمن حديث ١.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: «المستشير» بدل «المشير عليك».

(٤) نفس المصدر / ١٦٩، ضمن حديث ٢٢٢.

(٥) من المصدر.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ: للكذوب.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ١٨٩.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٩) تفسير العياشي ١ / ٢٠٤ - ٢٠٥، ح ١٤٧.

(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ: لرأيه.

٢٥٢

الاستخارة.

( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ ) : فلا أحد يغلبكم.

( وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ ) ، كما خذلكم يوم أحد،( فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) : من بعد خذلانه، أو من بعد الله، بمعنى: إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم. وهذا تنبيه، على المقتضي للتّوكّل. وتحريض، على ما يستحقّ به النّصر من الله. وتحذير، عمّا يستجلب بخذلانه.

وفي كتاب التّوحيد(١) : بإسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشميّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل، يقول فيه: فقلت: قوله - عزّ وجلّ - : و( ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ ) وقوله - عزّ وجلّ - :( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) .

فقال: إذا فعل العبد ما أمره الله - عزّ وجلّ - به من الطّاعة كان فعله وفقا لأمر الله - عزّ وجلّ - وسمّي العبد به موفّقا، وإذا أراد العبد أن يدخل(٢) في شيء من معاصي الله فحال الله - تبارك وتعالى - بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها(٣) بتوفيق الله - تعالى ذكره - ومتى خلّى بينه وبين المعصية فلم يحل بينه وبينها حتّى يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفّقه.

( وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (١٦٠) فليخصّوه بالتّوكّل عليه، لـمّا علموا أن لا ناصر سواه وآمنوا به.

( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ ) : وما صحّ لنبيّ أن يخون في الغنائم، فإنّ النّبوّة تنافي الخيانة.

يقال: غلّ شيئا من المغنم، يغلّ غلولا، وأغلّ إغلالا، إذا أخذه في خفية.

والمراد منه براءة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا اتّهم به.

وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائيّ ويعقوب: «أن يغلّ» على البناء للمفعول، والمعنى: وما صحّ له أن يوجد غالّا، أو أن ينسب إلى الغلول(٤) .

__________________

(١) التوحيد / ٢٤٢، ذيل حديث ١.

(٢) أ: «لن يدخل» بدل «أن يدخل».

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: «تركها» بدل «تركه لها».

(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٩٠.

٢٥٣

في تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : أنّ سبب نزولها، أنّه كان في الغنيمة الّتي أصابوها يوم بدر قطيفة حمراء، ففقدت، فقال رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مالنا لا نرى القطيفة، لا أظنّ إلّا أنّ رسول الله أخذها. فأنزل الله في ذلك:( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ ) (الآية) فجاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إنّ فلانا غلّ قطيفة فأخبأها(٢) هنالك. فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحفر ذلك الموضع، فأخرج القطيفة.

( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) ، أي: يأتي بما غلّ من النّار يوم القيامة، أي: يجعل ما غلّ في النّار ويكلّف بأن يخرجه منها، كما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره(٣) : عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ ) قال: فصدق(٤) الله لم يكن الله ليجعل نبيّا غالا، ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة، ومن غلّ شيئا رآه يوم القيامة في النّار، ثمّ يكلّف أن يدخل إليه فيخرجه من النّار.

وفي أمالى الصّدوق - رحمه الله(٥) - : بإسناده إلى الصّادقعليه‌السلام حديث طويل، يقول فيه: إنّ رضا النّاس لا يملك وألسنتهم لا تضبط [..].ألم ينسبوه(٦) يوم بدر إلى أنّه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء، حتّى أظهره الله على القطيفة، وبرّأ نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخيانة وأنزل بذلك في كتابه:( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) .

( ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ) : تعطي جزاء ما كسبت وافيا. وكان الظّاهر أن يقال: ثمّ توفّى ما كسبت، لكنّه عمّم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه، فإنّه إذا كان كاسب مجزئا بعمله، فالغالّ مع عظم جرمه أولى.

( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (١٦١): فلا ينقص ثواب مطيعهم، ولا يزاد عقاب عاصيهم.

( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ ) : بالطّاعة، إنكار للتّسوية،( كَمَنْ باءَ ) : رجع ،

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٢٦ - ١٢٧.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فأحضرها.

(٣) نفس المصدر ١ / ١٢٢.

(٤) المصدر: «ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة. وصدق» بدل «قال فصدق».

(٥) أمالي الصدوق / ٩١ و ٩٢، ضمن حديث ٣.

(٦) أ: بينوه.

٢٥٤

( بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ ) : سبب المعاصي ،

( وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (١٦٢) :

و الفرق بينه وبين المرجع، أنّ المصير يجب أن يخالف الحالة الأولى ولا كذلك المرجع.

( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) :

قيل(١) : شبّهوا بالدّرجات لما بينهم من التّفاوت في الثّواب والعقاب، أو هم ذوو درجات.

وقيل: يحتمل أن يكون تشبّههم بالدّرجات في أنّهم وسائل الصّعود إلى الله، والهبوط من قربه إلى أسفل السّافلين.

ولا يخفى ما في هذه التّوجيهات من التّكلّف، والصّواب أنّ ضميرهم راجع إلى «من اتّبع» والمراد منهم الأئمّة، وهم درجات عند الله لمن اتّبعهم من المؤمنين، وأسباب لرفعتهم عند الله.

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن عمّار بن مروان(٣) قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله الله:( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .

فقال: الذين اتبعوا رضوان الله(٤) ، هم الأئمّة، وهم(٥) والله [يا عمّار - ](٦) درجات عند الله للمؤمنين، وبولايتهم(٧) ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم(٨) ويرفع الله [لهم](٩) الدّرجات العلى. وأمّا قوله: - يا عمّار - كمن باء بسخط من الله (إلى [قوله](١٠)) المصير ،

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٩٠.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٠٥، ح ١٤٩.

(٣) الأصل وأ: «عمران بن مروان». وفي ر: «عمران». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر. والظاهر أنّ الراويّ هو «عمّار بن مروان اليشكري مولاهم الخزّاز الكوفي». ر. تنقيح المقال ٢ / ٣١٨، رقم ٨٥٩٢.

(٤) «الذين اتّبعوا رضوان الله» ليس في المصدر.

(٥) «وهم» ليس في المصدر.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر: وبموالاتهم.

(٨) المصدر: «وهم، والله يا عمّار! درجات للمؤمنين عند الله. وبموالاتهم ومعرفتهم إيّانا فيضاعف الله للمؤمنين حسناتهم» بدل «وهم، والله يا عمّار! درجات عند الله للمؤمنين. وبولايتهم ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم».

٩ و ١٠ - من المصدر.

٢٥٥

فهم والله الّذين جحدوا حقّ عليّ بن أبي طالب وحقّ الأئمّة منّا أهل البيت، فباؤوا بذلك بسخط(١) من الله.

عن أبي الحسن الرّضا - عليه السّلام(٢) - أنّه ذكر قول الله:( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) قال الدّرجات(٣) ما بين السّماء والأرض.

وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام [بن سالم ،](٥) عن عمّار السّاباطيّ قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله - عزّ وجلّ - عن هذه الآية(٦) .

فقال: الّذين اتّبعوا رضوان الله، هم الائمّة، وهم والله - يا عمّار - درجات للمؤمنين، وبولايتهم ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم، ويرفع الله(٧) لهم(٨) الدّرجات العلى.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٩) : حدّثنا أحمد بن محمّد، عن المعلى بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن جعفر بن يحيى، عن عليّ بن النّضر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل، يذكر فيه لقمان ووعظه لابنه، وفيه: من اتّبع أمره استوجب جنّته ومرضاته، ومن لم يتّبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه(١٠) ، نعوذ بالله من سخط الله.

( وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ) (١٦٣): عالم بأعمالهم، فيجازيهم على حسبها.

( لَقَدْ مَنَّ اللهُ ) : أنعم الله. واللّام، موطّئة للقسم.

__________________

(١) المصدر: «لذلك سخطا» بدل «بذلك بسخط».

(٢) نفس المصدر والموضع، ح ١٥٠.

(٣) المصدر: الدرجة.

(٤) الكافي ١ / ٤٣٠، ح ٨٤.

(٥) من المصدر.

(٦) ذكر في المصدر نفس الآية بطولها بدل «عن هذه الآية».

(٧) المصدر: [الله].

(٨) ليس في المصدر.

(٩) تفسير القمي ٢ / ١٦٥. والسند المذكور هنا هو في المصدر سند لحديث آخر (ص ١٦١ - ١٦٢). فراجع.

وسند هذا الحديث هاهنا، هكذا: حدّثنى أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن حمّاد، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن لقمان وحكمته الّتي ذكرها الله - عزّ وجلّ - فقال:

(١٠) النسخ: لسخطه.

٢٥٦

وقرئ بمن الجارّة، على أنّه خبر مبتدأ محذوف، أي: منه، أو بعثه(١) .

( عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) : على الّذين آمنوا مع الرّسول. وتخصيصهم - مع أنّ نعمة البعثة عامّة - لزيادة انتفاعهم بها.

( إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) : من نسبهم، أو من صنفهم، عربيّا مثلهم، ليفهموا كلامه بسهولة، ويكونوا واقفين على حاله في الصّدق والأمانة، مفتخرين به.

وقرئ: من أنفسهم، أي: من أشرفهم، لأنّهعليه‌السلام كان من أشرف قبائل العرب وبطونهم(٢) .

( يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ ) ، أي: القرآن، بعد ما كانوا جهّالا لم يسمعوا الوحي.

( وَيُزَكِّيهِمْ ) : ويطهّرهم من دنس الطّبائع، وسوء العقائد والأعمال،( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ) : القرآن، والسّنّة.

( وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (١٦٤) :

«إن» هي المخفّفة. واللّام، هي الفارقة، والمعنى: وإنّ الشّأن كانوا من قبل بعثة الرّسول في ضلال ظاهر.

( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) :

الهمزة، للتّقرير والتّقريع. والواو، عاطفة للجملة على ما سبق من قصّة أحد، أو على محذوف، أي: فعلتم كذا وقلتم كذا. «لمّا» وهو ظرفه المضاف إلى أصابتكم، أي: حين أصابتكم مصيبة، وهي قتل سبعين منكم يوم أحد، والحال أنّكم نلتم ضعفها يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين.

( قُلْتُمْ أَنَّى هذا ) ، أي: من أين أصابنا هذا؟ وقد وعدنا الله النّصر.

وفي تفسير العيّاشيّ(٣) : محمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) قال: كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلا، قتلوا سبعين رجلا وأسروا سبعين، فلمّا كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون رجلا، قال: فاغتمّوا لذلك فأنزل الله - تبارك وتعالى - : أولمّا (الآية)(٥)

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٩٠.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٢٠٥، ح ١٥١.

(٤) يوجد في المصدر بعد هذه العبارة: في قول الله:( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) .

(٥) ذكر في المصدر الآية بدل «الآية».

٢٥٧

( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) :

باختياركم الفداء يوم بدر، كذا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام رواه في مجمع البيان(١) .

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : أنّ يوم بدر قتل من قريش سبعون وأسر منهم سبعون، وكان الحكم في الأسارى يوم بدر(٣) القتل، فقامت الأنصار [إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٤) فقالوا: يا رسول الله، هبهم لنا ولا تقتلهم حتّى نفاديهم.

فنزل جبرائيلعليه‌السلام فقال: إنّ الله قد أباح لهم(٥) الفداء أن يأخذوا من هؤلاء القوم ويطلقوهم على أن يستشهد منهم في عام قابل بقدر من يأخذون(٦) منه الفداء(٧) .

فأخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الشّرط.

فقالوا: قد رضينا به، نأخذ العام الفداء عن هؤلاء ونتقوى به، ويقتل منّا في عام قابل بعدد من(٨) نأخذ منهم(٩) الفداء، وندخل الجنّة. فأخذوا منهم الفداء وأطلقوهم.

فلمّا كان يوم أحد(١٠) قتل(١١) من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعون، فقالوا: يا رسول الله، ما هذا الّذي أصابنا وقد كنت تعدنا النّصر(١٢)؟ فأنزل الله:( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ ) (الآية)(١٣) ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) بما اشترطتم يوم بدر.

قال البيضاويّ(١٤) : أي، ممّا قد اقترفته أنفسكم من مخالفة الأمر بترك المركز، فإنّ الوعد كان مشروطا بالثّبات والمطاوعة، أو اختيار الخروج من المدينة.

والأوّل مخالف للنّصّ، والثّاني لعدم الرّدّ على اختيار الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) بل في أنوار التنزيل ١ / ١٩١.

(٢) تفسير القمي.

(٣) «يوم بدر» ليس في المصدر.

(٤) من المصدر.

(٥) أ: لكم.

(٦) المصدر: يأخذوا.

(٧) يوجد في المصدر بعد هذه الكلمة: من هؤلاء.

(٨) المصدر: ما.

(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ: منه.

(١٠) المصدر: «فلمّا كان في هذا اليوم وهو يوم أحد» بدل «فلمّا كان يوم أحد».

(١١) ر: قتلوا.

(١٢) المصدر: بالنصر.

(١٣) المصدر: «مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا» بدل «الآية».

(١٤) أنوار التنزيل ١ / ١٩١.

٢٥٨

( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١٦٥): فيقدر على النّصر ومنعه، وعلى أن يصيب بكم ويصيب منكم.

( وَما أَصابَكُمْ ) : من القتل.

( يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) : يوم أحد. والجمعان، جمع المسلمين وجمع المشركين،( فَبِإِذْنِ اللهِ ) : فهو كائن بتخلية الكفّار. وسمّاها إذنا، مجازا مرسلا، لأنّها من لوازمه، ليفي بما شرطتم يوم بدر حين اختياركم،( وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١٦٦)( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا ) : وليتميّز المؤمنون والمنافقون، فيظهر إيمان هؤلاء بالصّبر، ونفاق هؤلاء بإظهار طلب وعد النّصر والإعراض عن الاشتراط. وفي إيراد أحد المفعولين ما يدلّ على الحدوث دون الآخر، مدح للمؤمنين بالثّبات على الإيمان والمنافقين بعدمه،( وَقِيلَ لَهُمْ ) : عطف على «نافقوا» داخل في الصّلة، أو لكلام مبتدأ،( تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا ) : تقسيم للأمر عليهم، وتخيير بين أن يقاتلوا للآخرة أو للدّفع عن الأنفس والأموال. أو معناه: قاتلوا الكفرة. أو ادفعوهم بتكثير سواد المجاهدين، فإنّ كثرة السّواد ممّا يروّع العدوّ ويكسر منه.

( قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ ) ، أي: لو نعلم ما يصحّ أن يسمّى قتالا لاتّبعناكم فيه، لكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء بالأنفس إلى التّهلكة. أو لو نحسن قتالا لاتّبعناكم، قالوا ذلك دغلا واستهزاء.

( هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ ) ، أي: يوم إذ قالوا ذلك. أو يوم إذ قام القتال، وأحسّوا به.

( أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ ) :

قيل(١) : لانخزالهم وكلامهم هذا، فإنّهما أوّل أمارات ظهرت منهم مؤذنة بكفرهم.

وقيل: هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان، إذ كان انخزالهم ومقالهم تقوية للمشركين وتخذيلا(٢) للمؤمنين.

والأولى، الحمل على ما يشمل المعنيين، أي هم لتقوية الكفر، أي: كفرهم وكفر من شاركهم فيه أقرب منهم لتقوية الإيمان، لأنّ ما ظهر منهم يدلّ على كفرهم وتقوية للكافرين وتخذيل للمؤمنين.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) المصدر: تخزيلا.

٢٥٩

( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) : يظهرون خلاف ما يضمرونه. وإضافة القول إلى «أفواههم» تأكيد.

( وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ ) (١٦٧): من النّفاق، ما يخلوا به بعضهم إلى بعض، فإنّه يعلمه مفصّلا بعلم واجب، وأنتم تعلمونه مجملا بأمارات.

في مصباح الشّريعة(١) : عن الصّادقعليه‌السلام في كلام له: ومن ضعف يقينه تعلّق بالأسباب ورخّص لنفسه بذلك، واتّبع العادات وأقاويل النّاس بغير حقيقة، والسّعي في أمور الدّنيا وجمعها وإمساكها، يقرّبا للّسان، أنّه لا مانع ولا معطي إلّا الله وأنّ العبد لا يصيب إلّا ما رزق وقسم له والجهد لا يزيد في الرّزق، وينكسر ذلك بفعله وقلبه، قال الله تعالى:( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ ) .

( الَّذِينَ قالُوا ) : مرفوع، بدل من واو «يكتمون.». أو منصوب على الذّمّ أو الوصف «للّذين نافقوا». أو مجرور، بدل من الضّمير في «بأفواههم» أو «قلوبهم»،( لِإِخْوانِهِمْ ) : لأجلهم. يريد من قتل بأحد من أقاربهم، أو من جنسهم،( وَقَعَدُوا ) : حال مقدّر بقد، أي: قالوا: قاعدين عن القتال،( لَوْ أَطاعُونا ) : في القعود،( ما قُتِلُوا ) : كما لم نقتل.

وقرأ هشام: ما قتّلوا، بالتّشديد(٢) .

( قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (١٦٨): في أنّكم تقدرون على دفع القتل وأسبابه ممّن كتب عليه، فادفعوا عن أنفسكم الموت وأسبابه، فإنّه أحرى بكم.

والمعنى: أنّ القعود غير مغن، فإنّ أسباب الموت كثيرة، كما أنّ القتال يكون سببا للهلاك والقعود سببا للنّجاة، قد يكون الأمر بالعكس، فإنّه قد يدفع بالقتال العدوّ فينجو، وبالقعود يصير العدوّ جريئا فيغلب عليه فيهلك.

( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ) (٣) :

__________________

(١) شرح فارسى مصباح الشريعة ٢ / ١٨٨ - ١٨٩.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٩١.

(٣) ورد في حاشية الأصل عند تفسير هذه الآية هكذا: قال الفاضل الكاشي في تفسيره: والآية «تشتمل كل من قتل في سبيل [من سبل] الله [عزّ وجلّ] سواء كان قتله بالجهاد الأصغر وبدل النفس طلبا لرضا الله أو -

٢٦٠