تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٣
0%
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 603
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 603
وفي رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال صابروا(١) على المصائب](٢) .
وفي مجمع البيان(٣) :( اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) اختلفوا في معناه إلى قوله - : وقيل إنّ معنى رابطوا، أي، رابطوا الصّلوات(٤) ، ومعناه، انتظروها واحدة بعد واحدة لأنّ المرابطة لم تكن حينئذ: روي ذلك عن عليّعليهالسلام
[وروي عن أبي جعفر - عليه السّلام(٥) - أنّه قال: معناه، اصبروا على المصائب، وصابروا على عدوّكم، ورابطوا على عدوّكم].(٦)
[وعن النّبيّ - صلّى الله عليه وآله(٧) - : من الرّباط انتظار الصّلاة بعد الصّلاة].(٨)
[وفي كتاب معاني الأخبار(٩) : حدّثنا أبي - رحمه الله - قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيهعليهالسلام قال: جاء جبرائيلعليهالسلام إلى النّبيّصلىاللهعليهوآله فقال له النّبيّ: يا جبرائيل، ما تفسير الصّبر؟
قال: ويصبر(١٠) في الضّرّاء كما يصبر(١١) في السّرّاء، وفي الفاقة كما يصبر(١٢) في الغناء، وفي البلاء كما يصبر(١٣) في العافية، فلا يشكو(١٤) خالقه عند مخلوق بما يصيبه من البلاء.
والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة].(١٥) ( وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٢٠٠) :
قيل(١٦) : واتّقوه بالتّبرّؤ عمّا سواه لكي تفلحوا غاية الفلاح.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: اصبروا.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) مجمع البيان ١ / ٥٦٢.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ: الصلاة.
(٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أور.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.
(٩) معاني الأخبار / ٢٦١، ضمن حديث.
١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣ - هكذا في المصدر. وفي النسختين الأصل ور: «يصبروا». والصواب. أن تكونوا بصيغة المفرد كما في المصدر. لأنّ الضمير في «خالقه» يعود على مفرد.
(١٤) هكذا في المصدر. وفي النسختين الأصل ور: فلا يشكوا.
(١٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(١٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٠١.
وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن الصادقعليهالسلام : يعني، فيما أمركم به وافترض عليكم.
وفي أصول الكافي(٢) : بعض أصحابنا - رفعه - عن محمّد بن سنان، عن داود بن كثير الرّقيّ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام حديث طويل، يقول فيهعليهالسلام : إنّ الله - تبارك وتعالى - لـمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنته وابنيه وجميع الأئمّة - عليهم السّلام - وخلق شيعتهم، أخذ عليهم الميثاق أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتّقوا الله.
وفي تفسير العيّاشيّ(٣) : عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول الله - تبارك وتعالى - :( اصْبِرُوا ) يقول: عن المعاصي( وَصابِرُوا ) على الفرائض( وَاتَّقُوا اللهَ ) يقول: اؤمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، ثمّ قال: وأيّ منكر أنكر من ظلم الأمّة لنا وقتلهم إيّانا؟( وَرابِطُوا ) يقول: في سبيل الله، ونحن السّبيل فيما بين الله وخلقه، ونحن الرّباط الأدنى، فمن جاهد عنّا فقد جاهد عن النّبيّصلىاللهعليهوآله وما جاء به من عند الله( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) يقول: لعلّ الجنّة توجب لكم إن فعلتم ذلك، ونظيرها في قول الله - تعالى - :( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إلى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ولو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسّرها المفسّرون، لفاز القدريّة وأهل البدع معهم.
عن يعقوب السّرّاج(٤) قال: قلت: لأبي عبد اللهعليهالسلام : تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع النّاس إليه؟
قال: فقال لي: إذا لا يعبد الله يا أبا يوسف، لا تخلوا الأرض من عالم منّا ظاهر يفزع النّاس إليه في حلالهم وحرامهم، وإنّ ذلك لمبيّن في كتاب الله، قال الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) ](٥) اصبروا على دينكم، وصابروا عدوّكم ممّن يخالفكم، ورابطوا إمامكم( وَاتَّقُوا اللهَ ) فيما أمركم به وافترض عليكم.
[وفي رواية أخرى(٦) عنه: اصبروا على الأذى فينا.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ٢١٣، ذيل حديث ١٨١. وسيأتي الحديث بتمامه قريبا.
(٢) الكافي ١ / ٤٥١، ح ٣٩.
(٣) تفسير العياشي ١ / ٢١٢، ح ١٧٩.
(٤) نفس المصدر والموضع، ح ١٨١.
(٥) ليس في المصدر.
(٦) نفس المصدر ١ / ٢١٣، ح ١٨٢.
قلت: وصابروا؟
قال: على عدوّكم مع وليّكم «ورابطوا» قال: المقام مع إمامكم( وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
قلت: تنزيل؟
قال: نعم.
وفيه(١) : بإسناده إلى ابن أبي حمزة(٢) ، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن قول الله - عزّ وجلّ - :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) .
فقال: اصبروا على المصائب، وصابروهم على التّقيّة(٣) ، ورابطوا على من تعتدّون به(٤) ،( وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ].(٥)
وفي شرح الآيات الباهرة(٦) : روى الشّيخ المفيد - رحمه الله - في كتاب الغيبة، عن رجاله - بإسناده - عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفرعليهالسلام في - قوله - تعالى - :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) قال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم المنتظر.
[وفي تفسير فرات بن إبراهيم(٧) الكوفيّ: قال: حدّثنا الحسين بن الحكم معنعنا، عن ابن عبّاس - رضي الله عنه - في يوم أحد [في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] ) (٨) ( اصْبِرُوا ) في أنفسكم( وَصابِرُوا ) عدوّكم( وَرابِطُوا ) في سبيل الله( وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [قال :](٩) نزلت في رسول اللهصلىاللهعليهوآله وعليّ بن أبي طالبعليهالسلام وحمزة بن عبد المطّلب - رضي الله عنه - ](١٠) وقد سبق ثواب قراءة هذه السّورة.
وفي عيون الأخبار: عن الرّضا - عليه السّلام(١١) - قال: إذا أراد أحدكم الحاجة
__________________
(١) بل في معاني الأخبار / ٣٦٩، ح ١، كما مرّ قبل قليل.
(٢) المصدر: أبي حمزة.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: القضية.
(٤) المصدر: تقتدون به.
(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٦) تأويل الآيات الباهرة، مخطوط / ٣٨.
(٧) تفسير فرات / ٤٢٠، ذيل حديث.
(٨) ليس في المصدر.
(٩) من المصدر.
(١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(١١) عيون أخبار الرضاعليهالسلام ٢ / ٤٠، ح ١٢٥.
فليبكّر في طلبها في يوم الخميس، وليقرأ إذا خرج من منزله، آخر سورة، وآية الكرسيّ، وانّا أنزلناه في ليلة القدر، وأمّ الكتاب، فإنّ فيها قضاء حوائج الدّنيا والآخرة.
سورة النّساء
سورة النّساء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في كتاب ثواب الأعمال(١) : بإسناده عن أمير المؤمنينعليهالسلام قال: من قرأ سورة النّساء في كلّ جمعة، أمن من ضغطة القبر.
وفي مصباح الكفعميّ(٢) : عن النّبيّصلىاللهعليهوآله : من قرأها فكأنّما تصدّق على كلّ من ورث ميراثا، وأعطي من الأجر كمن اشترى محرّرا، وبرئ(٣) من الشّرك، وكان(٤) في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم.
( يا أَيُّهَا النَّاسُ ) : خطاب يعمّ بني آدم.
( اتَّقُوا رَبَّكُمُ ) :
في كتاب المناقب(٥) - لابن شهر آشوب - : أبو حمزة، عن جعفرعليهالسلام في هذه(٦) الآية قال: قرابة الرّسول وسيّدهم أمير المؤمنينعليهالسلام أمروا بمودّتهم، فخالفوا ما أمروا به.
( الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ) : هي آدمعليهالسلام
( وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ) : عطف على خلقكم، أي: خلقكم من شخص واحد وخلق منها أمّكم حوّاء من فضل طينتها. أو على محذوف، تقديره: من نفس واحدة خلقها وخلق منها زوجها.
في كتاب علل الشّرائع(٧) : بإسناده إلى زرارة - حديث طويل - قال: ثمّ سئل
__________________
(١) ثواب الأعمال / ١٣٣.
(٢) مصباح الكفعمي / ٤٣٩.
(٣) المصدر: تبرى.
(٤) المصدر: فكان.
(٥) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣١٤.
(٦) ذكر في المصدر نص الآية بدل «هذه». -
(٧) علل الشرائع / ١٧ - ١٨، ح ١، وللحديث صدر.
ـ عليه السّلام - عن خلق حوّاء وقيل له: إنّ أناسا عندنا يقولون: إنّ الله - عزّ وجلّ - خلق حوّاء من ضلع آدم الأيسر الأقصى.
قال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا، يقول(١) من يقول هذا، إنّ الله - تبارك وتعالى - لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته(٢) من غير ضلعه، وجعل للمتكلّم من أهل التّشنيع سبيلا إلى الكلام، يقول: إنّ آدم كان ينكح بعضه بعضا، إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم.
ثمّ قال: إنّ الله - تبارك وتعالى - لـمّا خلق آدم من طين، أمر الملائكة فسجدوا له(٣) ، وألقى عليه السّبات(٤) ، ثمّ ابتدع له حوّاء. فجعلها(٥) في موضع النّقرة الّتي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرّجل، فأقبلت تتحرّك فانتبه لتحرّكها، فلمّا انتبه نوديت: أن تنحّي عنه. فلمّا نظر إليها، نظر إلى خلق حسن يشبه(٦) صورته غير أنّه(٧) أنثى، فكلّمها فكلّمته بلغته.
فقال لها: من أنت؟
فقالت: خلق، خلقني الله كما ترى.
فقال آدم عند ذلك: يا ربّ، من هذا الخلق الحسن، الّذي قد آنسني قربه والنّظر إليه؟
فقال الله: يا آدم، هذه أمتي حوّاء، أفتحبّ(٨) أن تكون معك فتؤنسك وتحدّثك وتأتمر لأمرك؟
فقال: نعم يا ربّ، ولك عليّ بذلك الشّكر والحمد ما بقيت.
فقال الله - تبارك وتعالى - : فاخطبها إليّ، فإنّها أمتي، وقد تصلح لك(٩) - أيضا - زوجة(١٠) للشهوة، وألقى الله عليه الشّهوة، وقد علّمه قبل ذلك المعرفة بكلّ شي(١١) .
__________________
(١) المصدر: أيقول.
(٢) النسخ: «زوجة». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ: الشبات.
(٥) المصدر: «ثم ابتدع له خلقا ثم جعلها» بدل «ثم ابتدع له حواء فجعلها».
(٦) المصدر: تشبه.
(٧) هكذا في ر. وفي المصدر وسائر النسخ: أنّها.
(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فتحبّ.
(٩ و ١٠) ليس في المصدر. -
(١١) «بكل شيء» ليس في المصدر.
فقال: يا ربّ، فإنّي أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟
فقال: رضائي، أن تعلّمها معالم ديني.
فقال: ذلك لك يا ربّ إن شئت(١) ذلك لي.
فقال: قد شئت ذلك، وقد زوّجتكها، فضمّها إليك.
فقال لها آدمعليهالسلام : إليّ فأقبلي(٢) .
فقالت: بل أنت فأقبل إليّ. فأمر الله - عزّ وجلّ - آدم أن يقوم إليها، فقام، ولو لا ذلك لكان(٣) النّساء [هنّ](٤) يذهبن [إلى الرّجال](٥) حتّى يخطبن(٦) على أنفسهن. فهذه قصّة حوّاء - صلوات الله عليها -
وفي تفسير العيّاشيّ(٧) : عن أمير المؤمنينعليهالسلام قال: خلقت حوّاء من قصيرى جنب آدم. والقصيرى هو الضّلع الأصغر، وأبدل الله مكانه لحما.
وقيل في الجمع بين الخبرين(٨) : كونها مخلوقة من ضلعه الأيسر، إشارة إلى أنّ الجهة الجسمانيّة [الحيوانيّة](٩) في النّساء أقوى منها في الرّجال، والجهة الرّوحانيّة الملكيّة بالعكس من ذلك. وذلك لأن اليمين ممّا يكنّى به عن عالم الملكوت الرّوحانيّ، والشّمال ممّا يكنّى به عن عالم الملك الجسمانيّ، فالطّين عبارة عن مادّة الجسم، واليمين عبارة عن مادّة الرّوح، ولا ملك إلّا بملكوت. وهذا هو المعنى بقولهعليهالسلام : وكلتا يديه يمين.
فالضّلع الأيسر المنقوص من آدم، كناية عن نقص الشّهوات، الّتي تنشّأ من غلبة الجسميّة، الّتي هي من عالم الخلق، وهي فضلة(١٠) طينته المستنبطة من باطنه الّتي صارت مادّة لخلق حوّاء. فنبّه في الحديث، على أنّ جهة الملكوت والأمر في الرّجال أقوى من جهة الملك والخلق، وبالعكس منهما في النّساء فإنّ الظّاهر عنوان الباطن. وهذا هو السّرّ في هذا النقص في أبدان الرّجال بالإضافة إلى النّساء، وأسرار الله لا ينالها إلّا أهل السّرّ ،
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: عليّ إن شئت.
(٢) المصدر: «أقبلي» بدل «لها آدمعليهالسلام إليّ فأقبلي».
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: لكنّ.
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) المصدر: خطبن.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٢١٥، ح ٢.
(٨) تفسير الصافي ١ / ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٩) من المصدر.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ: هو فضل.
فالتّكذيب في كلام المعصومين - صلوات الله عليهم - إنّما يرجع إلى ما فهمه العامّة من حمله على الظّاهر، دون أصل الحديث.
( وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ) : بيان لكيفيّة تولّدهم منهما، والمعنى: ونشر من تلك النّفس والرّوح المخلوق منهما، بنين وبنات كثيرة. واكتفى بوصف(١) الرّجال بالكثرة عن وصف النّساء بها، لكونهم أصلا بالنّسبة إليهنّ، وتوصيفهم يدلّ على توصيفهنّ.
وذكر «كثيرا» حملا على الجمع، وترتيب الأمر بالتّقوى على هذه القصّة، لما فيها من الدّلالة على القدرة القاهرة الّتي من حقّها أن تخشى، والنّعمة الباهرة الّتي توجب طاعة مولاها. أو لأنّ المراد به، تمهيد الأمر بالتّقوى فيما يتّصل بحقوق أهل منزله وبني جنسه، على ما دلّت عليه الآيات الّتي بعدها.
وقرئ: «وخالق وباثّ» على حذف مبتدأ، تقديره: وهو خالق وباثّ(٢) .
وفي كتاب العلل(٣) : عن الصّادقعليهالسلام أنّه سئل عن بدء النّسل من ذرّيّة آدمعليهالسلام ، وقيل له: إنّ عندنا أناسا يقولون: إنّ الله - تبارك وتعالى - أوحى إلى آدم أن يزوّج بناته من بنيه، وإنّ هذا الخلق أصله كلّه من الإخوة والأخوات.
فقالعليهالسلام سبحان الله، وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا، يقول من يقول هذا، إنّ الله - عزّ وجلّ - جعل أصل صفوة خلقه وأحبّائه وأنبيائه ورسله [وحججه](٤) والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال، وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطّهر الطّاهر الطّيّب، والله لقد نبّئت(٥) : أنّ بعض البهائم تنكّرت له أخته، فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها، وعلم أنّها أخته، أخرج غرموله، ثمّ قبض عليه بأسنانه، ثمّ قلعه، ثمّ خرّ ميّتا.
وأمّا ما رواه فيه(٦) : بإسناده إلى الحسن بن مقاتل، عمّن سمع زرارة يقول: سئل
__________________
(١) ر: بذكر.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٢.
(٣) علل الشرائع / ١٧، ح ١. وللحديث تتمة قد سبق قبل قليل. وفيه: «سئل أبو عبد اللهعليهالسلام كيف بدؤ النسل من ذريّة آدمعليهالسلام وقيل له فإنّ عندنا أناسا» بدل «عن الصادقعليهالسلام (ألى قوله) إنّ عندنا أناسا».
(٤) من المصدر.
(٥) المصدر: نبأت.
(٦) نفس المصدر / ١٨، ح ٢.
أبو عبد اللهعليهالسلام عن بدء النّسل من آدم كيف كان؟ وعن بدء النّسل من ذرّيّة آدم، وذكر الحديث، وفيه زيادة وهي قوله: وآخر تنكرت له أمّه ففعل هذا بعينه، فكيف الإنسان وفي نسبه(١) وفضله [وعلمه؟](٢) غير أنّ جيلا من هذا الخلق الّذي ترون، رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه، فصاروا إلى ما قد ترون من الضّلال والجهل بالعلم كيف كانت الأشياء الماضية من بدء أن خلق الله ما خلق، وما هو كائن أبدا.
ثمّ قال: ويح هؤلاء، أين هم عمّالا يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز ولا فقهاء أهل العراق؟ إنّ(٣) الله أمر القلم، فجرى على اللّوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل [خلق](٤) آدم بألفي عام، وإنّ كتب الله كلّها فيما جرى [فيه](٥) القلم في كلّها تحريم الأخوات على الإخوة مع ما حرّم، وهذا نحن قد نرى منها هذه الكتب الأربعة المشهورة في هذا العالم: التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان، أنزلها الله عن اللّوح المحفوظ على رسله - صلوات الله عليهم أجمعين - منها التّوراة على موسى، والزّبور على داود، والإنجيل على عيسى، والفرقان(٦) على محمّد - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وعلى النّبيّين - عليهم السّلام - ليس فيها تحليل شيء من ذلك، حقّا أقول، ما أراد من يقول هذا وشبهه إلّا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله.
[ثم أنشا يحدثّنا كيف كان بدء النّسل من آدم، وكيف كان بدء النّسل من ذريته ،](٧) فقال(٨) : إنّ آدم - صلوات الله عليه - ولد له سبعون بطنا، في كلّ بطن غلام وجارية إلى أن قتل هابيل، فلمّا قتل [قابيل](٩) هابيل جزع آدم على هابيل جزعا قطعه عن إتيان النّساء، فبقي لا يستطيع أن يغشى حوّاء خمسمائة عام، ثمّ تجلّى(١٠) ما به من الجزع
__________________
(١) كذا في النسخ. وفي المصدر: «أنسيّته». ولعلّ الأصح: «إنسانيّته».
(٢) من المصدر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فانّ.
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) المصدر: القرآن.
(٧) من المصدر.
(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: قال.
(٩) من المصدر.
(١٠) المصدر: تخلّى.
عليه، فغشى حوّاء، فوهب الله شيئا(١) وحده ليس معه ثان، واسم شيث هبة الله، وهو أوّل وصيّ(٢) أوصي إليه من الآدميّين في الأرض، ثمّ ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان.
فلمّا أدركا، وأراد الله - عزّ وجلّ - أن يبلغ بالنّسل ما ترون، وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرّم الله - عزّ وجلّ - من الأخوات على الإخوة أنزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنّة، اسمها نزلة، فأمر الله - عزّ وجلّ - آدم أن يزوّجها من شيث فزّوجها منه، ثمّ أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة، اسمها منزلة، فأمر الله - عزّ وجلّ - آدم أن يزوّجها من يافث فزوّجها منه.
فولد لشيث غلام، وولد ليافث جارية، فأمر الله - عزّ وجلّ - آدم حين أدركا أن يزوّج بنت يافث من ابن شيث، ففعل، فولد الصّفوة من النّبيّين والمرسلين من نسلهما، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الإخوة والأخوات.
[وفيه(٣) : بإسناده إلى القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: إنّ الله - عزّ وجلّ - أنزل حوراء من الجنّة إلى آدمعليهالسلام فزوّجها أحد ابنيه وتزوّج الآخر إلى الجنّ، فولدتا جميعا، فما كان من النّاس من جمال وحسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجانّ. وأنكر أن يكون زوّج بنيه، من بناته.
وفيه(٤) : بإسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنّه سأل رسول اللهصلىاللهعليهوآله : أخبرني عن آدم خلق من حوّاء، أم خلقت حوّاء من آدم؟
قال: بل حوّاء خلقت من آدم، ولو كان آدم خلق من حوّاء لكان الطّلاق بيد النّساء ولم يكن بيد الرّجال.
قال: فمن كلّه خلقت، أو من بعضه؟
قال: بل من بعضه، ولو خلقت من كلّه لجاز القصاص في النّساء كما يجوز في الرّجال.
قال: فمن ظاهره، أو من باطنه؟
قال: بل من باطنه، ولو خلقت من ظاهره لانكشف(٥) النّساء كما ينكشف
__________________
(١) المصدر: شيئا.
(٢) المصدر: من.
(٣) نفس المصدر / ١٠٣، باب ٩٢، ح ١.
(٤) نفس المصدر / ٤٧١، ضمن حديث ٣٣.
(٥) المصدر: لانكشفن.
الرّجال، فلذلك صار النّساء مستترات.
قال: فمن يمينه، أو من شماله؟
قال: بل من شماله، ولو خلقت من يمينه لكان للأنثى مثل حظّ الذّكر من الميراث، فلذلك صار للأنثى سهم وللذّكر سهمان، وشهادة امرأتين مثل شهادة رجل واحد.
قال: فمن أين خلقت؟
قال: من الطّينة الّتي فضلت من ضلعه الأيسر.
قال: صدقت يا محمّد.
والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.
وبإسناده إلى الحسن بن محمّد(١) ، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهالسلام عن النّبيّصلىاللهعليهوآله حديث طويل، يقول فيهعليهالسلام : خلق الله - عزّ وجلّ - آدم من طين، ومن فضلته وبقيّته خلقت حوّاء.
وفي كتاب الاحتجاج(٢) للطبّرسيّ - رحمه الله - : عن أبي حمزة الثّماليّ قال: سمعت عليّ بن الحسينعليهالسلام يحدّث رجلا من قريش قال: لـمّا تاب الله على آدم واقع حوّاء، ولم يكن غشيها منذ خلق وخلقت إلّا في الأرض، وذلك بعد ما تاب الله عليه.
قال: وكان آدم يعظّم البيت وما حوله من حرمة البيت، فكان إذا(٣) أراد أن يغشي حوّاء خرج من الحرم وأخرجها معه، فإذا جاز الحرم غشيها في الحلّ، ثمّ يغتسلان إعظاما منه للحرم، ثمّ يرجع إلى فناء البيت.
[قال :](٤) فولد لآدم من حوّاء عشرون [ذكرا](٥) وعشرون أنثى [، فولد له في كلّ بطن ذكر وأنثى. فأوّل بطن](٦) ولدت حوّاء هابيل ومعه جارية [يقال لها :](٧) إقليما.
__________________
(١) نفس المصدر / ٥١٢، ضمن حديث ١. وفيه: الحسن بن عبد الله.
(٢) الاحتجاج ٢ / ٤٣ - ٤٤.
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: «كان» بدل «فكان إذا».
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) من المصدر. وفي الأصل ور «وقال ولد» بدل منه.
(٧) من المصدر.
قال: وولدت في البطن الثّاني قابيل ومعه جارية يقال لها: لوزا، وكانت لوزا أجمل بنات آدم.
[قال :](١) فلمّا أدركوا خاف عليهم آدم من الفتنة، فدعاهم إليه فقال: [أريد](٢) أن أنكحك يا هابيل لوزا، وأنكحك يا قابيل إقليما.
قال قابيل: ما أرضى بهذا، أتنكحني أخت هابيل القبيحة وتنكح هابيل أختي الجميلة؟
قال: فأنا(٣) أقرع بينكما، فإن خرج سهمك يا قابيل على لوزا وخرج سهمك يا هابيل على إقليما، زوّجت كلّ واحد منكما الّتي يخرج(٤) سهمه عليها.
قال: فرضينا بذلك، فاقترعا.
قال: فخرج سهم هابيل على لوزا أخت قابيل، وخرج سهم قابيل على إقليما أخت هابيل.
قال: فزوّجهما على ما خرج لهما من عند الله، قال: ثمّ حرّم الله نكاح الأخوات بعد ذلك.
قال: فقال له القرشيّ: فأولداهما؟
قال: نعم.
فقال له القرشيّ: فهذا فعل المجوس اليوم.
قال: فقال عليّ بن الحسينعليهالسلام : إنّ المجوس إنّما فعلوا [ذلك](٥) بعد التّحريم من الله، ثمّ قال له عليّ بن الحسينعليهالسلام : لا تنكر هذا، إنّما هي شرائع جرت، أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثمّ أحلّها له؟ فكان ذلك شريعة من شرائعهم، ثمّ أنزل الله التّحريم بعد ذلك.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(٦) ، بإسناده إلى محمّد بن المفضّل(٧) ، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر - عليهما السّلام - أنّه قال: فلمّا أكل [آدم](٨) من الشّجرة أهبط(٩) إلى الأرض، فولد له هابيل وأخته توأما(١٠) وولد له قابيل وأخته
__________________
(١ و ٢ و ٥ و ٨) من المصدر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: فإذا.
(٤) المصدر: خرج.
(٦) كمال الدين وتمام النعمة / ٢١٣، ح ٢.
(٧) المصدر: محمّد بن الفضيل.
(٩) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: هبط.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: توأم.
توأما(١) ، ثمّ إنّ آدم أمر هابيل وقابيل أن يقرّبا قربانا - وكان هابيل صاحب غنم وكان قابيل صاحب زرع - فقرّب هابيل كبشا وقربّ قابيل من زرعه(٢) ما لم ينقّ(٣) ، وكان كبش هابيل من أفضل(٤) غنمه وكان زرع قابيل غير منقّى، فتقبّل قربان هابيل ولم يتقبّل قربان قابيل، وهو قول الله - عزّ وجلّ - :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ) (الآية)].(٥)
[في الكافي(٦) : عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن خالد بن إسماعيل، عن رجل من أصحابنا من أهل الجبل، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: ذكرت له المجوس، وأنّهم يقولون: نكاح كنكاح ولد آدم، وأنّهم يحاجّونا بذلك.
فقال: أمّا أنتم فلا يحاجّونكم به، لـمّا أدرك هبة الله قال آدم: «يا ربّ، زوّج هبة الله.» فأهبط الله - عزّ وجلّ - له حوراء، فولدت له أربعة غلمة ثمّ رفعها الله - عزّ وجلّ - فلمّا أدرك ولد هبة الله قال: يا ربّ، زوّج ولد هبة الله. فأوحى الله - عزّ وجلّ - إليه أن يخطب إلى رجل من الجنّ - وكان مسلما - أربع بنات له على ولد هبة الله، فزوّجهنّ، فمّا كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنّبوّة، وما كان من سفه أو حدّة فمن الجنّ.
من الدّلالة على أنّ آدم يزوّج بناته من بنيه في سبعين بطنا، ثمّ حرّم ذلك](٧) .
وما رواه في مجمع البيان(٨) عن الباقرعليهالسلام : «أنّ حوّاء امرأة آدم كانت تلد في كلّ بطن غلاما [وجارية ،](٩) فولدت في أوّل بطن قابيل - وقيل: قابين - وتوأمته إقليما بنت آدم، والبطن الثّاني هابيل وتوأمته لبوذا(١٠) ، فلمّا أدركوا جميعا أمر الله - تعالى - آدم أن ينكح(١١) قابيل أخت هابيل وهابيل أخت قابيل، فرضي هابيل، وأبى قابيل لأنّ
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: توأم.
(٢) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: «مزرعه» بدل «من زرعه».
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: لم يتق.
(٤) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: فضل.
(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٦) الكافي ٥ / ٥٦٩، ح ٥٨.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.
(٨) مجمع البيان ٢ / ١٨٣.
(٩) من المصدر.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ: لوذا.
(١١) المصدر: أن ينكح آدم.
أخته كانت أحسنهما، وقال: ما أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك، فأمرهما آدم(١) أن يقرّبا قربانا، فرضيا بذلك.
وسيأتي باقي الحديث.
وما في قرب الإسناد(٢) ، عن الرّضاعليهالسلام حملت حوّاء هابيل وأختا له في بطن، ثمّ حمل في البطن الثّاني قابيل وأختا له في بطن، فزوّج هابيل الّتي مع قابيل وتزوّج قابيل الّتي مع هابيل، ثمّ حدث التّحريم بعد ذلك.
فمحمول على التّقيّة، لأنّه موافق لمذهب العامّة.
والحقّ ما رواه في الفقيه(٣) ، عن (الباقر)عليهالسلام أنّ الله - عزّ وجلّ - أنزل على آدم حوراء من الجنّة فزوّجها أحد ابنيه وتزوّج الآخر ابنة الجانّ، فما كان في النّاس من جمال كثير(٤) وحسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء خلق فهو من ابنة الجانّ.
[وما في الخبر الأوّل من هذه الأربعة :](٥) أنّ الله أنزل الحوراء على هبة الله، [لا ينافي ما في هذا الخبر، لإمكان الإنزال أوّلا على أوّل أولاده، ثمّ إنزالها ثانيا على هبة الله بسؤال آدم. ولا ينافيه - أيضا - ](٦)
ما رواه العيّاشيّ(٧) ، «عن أبي بكر الحضرميّ عن أبي جعفرعليهالسلام قال: إنّ آدم ولد له أربعة ذكور، فأنزل(٨) الله إليهم أربعة من الحور العين، فزوّج كلّ واحد منهم واحدة فتوالدوا، ثمّ إنّ الله رفعهنّ وزوّج هؤلاء الأربعة أربعة من الجنّ، فصار النّسل فيهم، فما كان من حلم فمن آدم، وما كان من جمال فمن قبل(٩) الحور العين، وما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجنّ»، لاحتمال أن يكون المراد من ولد آدم ولد هبة الله، لأنّ ولده أولاده.
[وفي الكافي(١٠) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن الحسين بن سعيد، عن صفوان ابن يحيى، عن خالد بن إسماعيل، عن رجل من أصحابنا من أهل الجبل، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: ذكرت له المجوس، وأنّهم يقولون: نكاح كنكاح ولد آدم، وأنّهم يحاجّونا بذلك.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: الله.
(٢) قرب الاسناد / ١٦١.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٤٠، ح ١١٣٧.
(٤) المصدر: أو.
(٥ و ٦) ليس في الأصل.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٢١٥، ح ٥.
(٨) المصدر: فأهبط.
(٩) المصدر: «من قبال» بدل «فمن قبل».
(١٠) الكافي ٥ / ٥٦٩، ح ٥٨.
فقال: أمّا أنتم فلا يحاجّونكم به، لـمّا أدرك هبة الله قال آدم: يا ربّ، زوّج هبة الله. فأهبط الله - عزّ وجلّ - له حوراء فولدت له أربعة غلمة، ثمّ رفعها الله - عزّ وجلّ - فلمّا أدرك ولد هبة الله قال: يا ربّ، زوّج ولد هبة الله. فأوحى(١) الله إليه أن يخطب إلى رجل من الجنّ - وكان مسلما - أربع بنات على ولد هبة الله، فزوجهّن، فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنّبوّة، وما كان من سفه أو حدّة(٢) فمن الجنّ].(٣)
[وقد سبق في الخبر: أنّ الله أنزل على أولاده أربعة من الحور العين على أربعة من أولاد آدم غير من أنزل له أوّلا، فلا منافاة](٤) .
( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ ) ، أي: يسأل بعضكم بعضا به، فيقول: أسألك بالله. وأصله «تتسائلون» فأدغمت التّاء في السّين.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ، بطرحها(٥) .
( وَالْأَرْحامَ ) : بالنّصب، عطفا على الله، أي: اتّقوا الله والأرحام فصلوها ولا تقطعوها.
في مجمع البيان(٦) : و «الأرحام»، معناه: واتّقوا الأرحام أن تقطعوها. وهو المرويّ عن أبي جعفرعليهالسلام
وقيل(٧) : عطف(٨) على محلّ الجارّ والمجرور، كقولك: مررت بزيد وعمرو(٩) . أي: تتسائلون بالله وبالأرحام، كقولهم: أسألك بالله وبالرّحم أن تفعل كذا.
وقرئ، بالجرّ، عطفا على الضّمير المجرور، وهو ضعيف، لأنّه كبعض الكلمة(١٠) .
وقرئ، بالرّفع، على أنّه مبتدأ محذوف الخبر، أي: والأرحام كذلك، أي: ممّا يتّقى. أو يتساءل به. وقد نبّه - سبحانه - إذ قرن الأرحام باسمه في الاتّقاء، على أنّ صلتها بمكان منه(١١) .
[( إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) (١): حافظا مطّلعا.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي الأصل: فأنزل.
(٢) هكذا في المصدر. وفي الأصل: خلف.
(٣) ما بين المعقوفتين يوجد في الأصل، فقط.
(٤) ما بين المعقوفتين يوجد في ر، فقط.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٢.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٣.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٢.
(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: أو.
(٩) المصدر: عمرا.
(١٠ و ١١) نفس المصدر والموضع.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : وفي رواية أبي الجارود: الرّقيب، الحفيظ.
وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ(٢) : قال: حدّثنا الحسن بن الحكم معنعنا، عن ابن عبّاس - رضي الله عنه - في قوله - تعالى - :( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) قال: نزلت في رسول اللهصلىاللهعليهوآله وذوي أرحامه، وذلك أنّ كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلّا من كان من سببه ونسبه،( إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ، يعني: حفيظا.
وفيه(٣) : قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا، عن جعفر بن محمّد قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : إنّ الله - تعالى - خلقني واهل بيتي من طينة(٤) لم يخلق الله منها أحدا غيرنا ومن ضوى إلينا، فكنّا أول من ابتدأ من خلقه، فلمّا خلقنا فتق بنورنا كلّ ظلمة(٥) وأحيا بنا كلّ طينة(٦) ثمّ قال الله - تعالى - هؤلاء خيار خلقي وحملة عرشي وخزّان علمي وسادة أهل السّماء وسادة أهل الأرض، هؤلاء الهداة(٧) المهتدين والمهتدى بهم، من جاءني بولايتهم أوجبت لهم(٨) جنّتي ووالجتهم(٩) كرامتي، ومن جاءني بعداوتهم أوجبت لهم(١٠) ناري وبعثت عليهم عذابي.
ثمّ قالعليهالسلام : نحن أصل الإيمان بالله وملائكته، وتمامه منّا، والرّقيب على خلق الله، وبه إسداد(١١) أعمال الصّالحين، ونحن قسم الله الّذي يسأل به، ونحن وصيّة الله في الأوّلين ووصيّته في الآخرين، وذلك قول الله - جلّ جلاله - :( اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ].(١٢)
وفي تفسير العيّاشيّ(١٣) : عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٣٠.
(٢) تفسير فرات / ٣٢.
(٣) نفس المصدر / ٣٥.
(٤) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور: من طينة وأهل بيتي.
(٥) المصدر: اطعة.
(٦) المصدر: طينة طيّبة.
(٧) المصدر: هداة.
(٨) المصدر: أوجبتهم.
(٩) المصدر: أبحتهم.
(١٠) المصدر: أوجبتهم.
(١١) المصدر: سداد.
(١٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(١٣) تفسير العياشي ١ / ٢١٧، ح ٨. وللحديث تتمة.
ـ عليه السّلام - يقول: إنّ أحدكم ليغضب فما يرضى حتّى يدخل به النّار، فأيّما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه، فإنّ الرّحم إذا مسّها(١) الرّحم استقرّت، وإنّها متعلّقة بالعرش ينتقضه(٢) انتقاض الحديد، فتنادي(٣) : أللّهمّ صل من وصلني واقطع من قطعني، وذلك قول الله - في كتابه - :( وَاتَّقُوا اللهَ ) (الآية).
وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن قول الله - عزّ وجلّ - :( وَاتَّقُوا اللهَ ) (الآية.)(٥) فقال: هي أرحام النّاس، إنّ الله - عزّ وجلّ - أمر بصلتها وعظّمها، ألا ترى أنّه جعلها معه(٦)؟
وفي عيون الأخبار(٧) ، بإسناده إلى الرّضاعليهالسلام قال: إنّ الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة - إلى قوله - : وأمر باتّقاء الله وصلة الرّحم، فمن لم يصل رحمه لم يتّق الله - عزّ وجلّ -
وبإسناده إلى الرّضا - عليه السّلام(٨) - عن أبيه، عن عليّ - عليهم السّلام - قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : لـمّا أسري بي إلى السّماء، رأيت رحما متعلّقة بالعرش، تشكو رحما(٩) إلى ربّها.
فقلت لها: كم بينك وبينها من أب؟
فقالت: نلتقي في أربعين أبا.
وفي أصول الكافي(١٠) : بإسناده إلى أبي عبد اللهعليهالسلام قال: قال أمير المؤمنينعليهالسلام : صلوا أرحامكم ولو بالتّسليم، يقول الله - تبارك وتعالى - :( وَاتَّقُوا اللهَ ) (الآية)(١١) .
وبإسناده إلى الرّضا(١٢) عليهالسلام قال: إنّ رحم آل محمّد الأئمّة
__________________
(١) المصدر: مسّتها.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: منتفضة.
(٣) المصدر: فينادي.
(٤) الكافي ٢ / ١٥٠، ح ١.
(٥) ذكر في المصدر بقية الآية إلى «عليكم رقيبا».
(٦) المصدر: منه.
(٧) عيون الأخبار ١ / ٢٥٨، ح ١٣.
(٨) نفس المصدر ١ / ٢٥٥، ح ٥.
(٩) المصدر: رحمها.
(١٠) الكافي ٢ / ١٥٥، ح ٢٢.
(١١) ذكر في المصدر نفس الآية بدل «الآية».
(١٢) نفس المصدر ٢ / ١٥٦، ح ٢٦.
ـ عليهم السّلام - لمعلّقة(١) بالعرش تقول: أللّهمّ صل من وصلني واقطع من قطعني، ثمّ هي جارية [بعدها](٢) في أرحام المؤمنين، ثمّ تلا هذه الآية(٣) .
( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) : إذا بلغوا، وآنستم منهم رشدا، كما في الآية الأخرى.
«اليتامى» جمع يتيم، وهو الّذي مات أبوه من اليتم، وهو الانفراد. ومنه: الدّرّة اليتيمة، إمّا لأنّه لما جرى مجرى الأسماء، كفارس وصاحب، جمع على يتائم، ثمّ قلب فقيل: يتامى. أو على أنّه جمع على يتمى، كأسرى، لأنّه من باب الآفات، ثمّ جمع يتمى على يتامى، كأسرى وأسارى.
ووروده في الآية، إمّا للبلغ على الأصل، أو على الاتّساع لقرب عهدهم بالصّغر، حثّا على أن يدفع إليهم أموالهم أوّل بلوغهم، قبل أن يزول عنهم هذا الاسم إن أونس منهم الرّشد، ولذلك أمر بابتلائهم صغارا. أو لغير البلغ، والحكم مقيّد، وكأنّه قال: وآتوهم إذا بلغوا.
ويؤيّد الأوّل ما نقل(٤) : أنّ رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلمّا بلغ طلب المال منه فمنعه فنزلت، فلمّا سمعها العمّ قال: أطعنا الله ورسوله، نعوذ بالله من الحوب الكبير.
( وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ) :
قيل(٥) : لا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم، أو الأمر الخبيث، وهو اختزال أموالهم بالأمر الطّيّب، الّذي هو حفظها.
وقيل(٦) : ولا تأخذوا الرّفيع من أموالهم، وتعطوا الخسيس مكانها.
والبيضاويّ، ضعّفه، بأنّ هذا تبديل وليس بتبدّل(٧) .
( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إلى أَمْوالِكُمْ ) : ولا تأكلوها مضمومة إلى أموالكم، مسوّين بينهما، وهذا حلال والآخر حرام، يعني: فيما زاد على أجره، لقوله - تعالى - :( فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) .
( إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً ) (٢): ذنبا عظيما.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: المعلّقة.
(٢) من المصدر.
(٣) ذكر في المصدر نفس الآية بعد هذه العبارة.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٢.
(٥ و ٦) نفس المصدر والموضع.
(٧) نفس المصدر والموضع.