تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٣
0%
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 603
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 603
الحسنات في كتاب الله على وجهين: أحدهما الصّحّة والسّلامة والأمن والسّعة في الرّزق في الآخرة والأفعال، كما قال(١) :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) . وكذلك السّيّئات. فمنها الخوف والمرض والشّدّة. ومنها الأفعال الّتي يعاقبون عليها.
وفي كتاب التّوحيد(٢) ، بإسناده إلى زرارة قال: سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول: كما أنّ بادي النّعم من الله - عزّ وجلّ - وقد نحلكموه، فكذلك الشّرّ من أنفسكم وإن جرى به قدره.
وفي أصول الكافي(٣) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرّضاعليهالسلام : قال الله: يا بن آدم، بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوّتي أدّيت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويّا، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك. وذاك أنّي أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيّئاتك منّي. وذاك أنّي لا أسأل عمّا أفعل وهم يسألون.
وفي كتاب علل الشّرائع(٤) ، بإسناده إلى ربعي بن عبد الله بن الجارود، عمّن ذكره، عن عليّ بن الحسين - صلوات الله عليه وآبائه - قال: إنّ الله - عزّ وجلّ - خلق النّبيّين من طينة علّيّين وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطّينة، وخلق أبدانهم من دون ذلك، وخلق الكافرين من طينة سجّين وقلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطّينتين.
فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن. ومن هاهنا يصيب المؤمن السّيّئة ويصيب الكافر الحسنة. فقلوب المؤمنين تحنّ إلى ما خلقوا منه. وقلوب الكافرين تحنّ إلى ما خلقوا منه.
( وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً ) : حال، قصد بها التّأكيد إن علّق الجارّ بالفعل، والتّعميم إن علّق بها، أي: رسولا للنّاس جميعا. ويجوز نصبه على المصدر.
( وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً ) (٧٩): على رسالتك بنصب المعجزات. فما ينبغي لأحد أن يخرج من طاعتك.
( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) : لأنّه في الحقيقة مبلّغ، والآمر والنّاهي هو
__________________
(١) الأنعام / ١٦٠.
(٢) التوحيد / ٣٦٨، ح ٦.
(٣) الكافي ١ / ١٥٩، ح ١٢.
(٤) علل الشرائع ١ / ٨٢، ح ١.
الله.
نقل أنّهعليهالسلام قال(١) : من أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أطاعني فقد أطاع الله.
فقال المنافقون: لقد قارف الشّرك وهو ينهى عنه، ما يريد إلّا أن نتّخذه ربّا كما اتّخذت النّصارى عيسى. فنزلت.
وفي أصول الكافي(٢) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن زاهر، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النّحويّ قال: دخلت على أبي عبد اللهعليهالسلام فسمعته يقول: إنّ الله - عزّ وجلّ - أدّب نبيّه على محبّته، فقال(٣) :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . ثمّ فوّض إليه فقال - عزّ وجلّ -(٤) :( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) . وقال - عزّ وجلّ - :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) ثمّ قال: وإنّ نبيّ الله فوّض إلى عليّ وائتمنه فسلّمتم وجحد النّاس. فو الله لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا. ونحن فيما بينكم وبين الله - عزّ وجلّ - ما جعل الله خيرا في خلاف أمرنا.
عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد(٥) ، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد(٦) ، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا جعفرعليهالسلام يقول: ثمّ ذكر مثله.
عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(٧) ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضاء الرّحمن - تبارك وتعالى - الطّاعة للإمام بعد معرفته. ثمّ قال: إنّ الله - تبارك وتعالى - يقول:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ ) - إلى قوله - :( حَفِيظاً )
عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(٨) وعبد الله بن الصّلت(٩) جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفرعليهالسلام مثله. وزاد في آخره :
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٢.
(٢) الكافي ١ / ٢٦٥، ح ١.
(٣) القلم / ٤.
(٤) الحشر / ٧.
(٥) نفس المصدر ١ / ٢٦٥، ح ١.
(٦) ر: عاصم بن عبد الحميد.
(٧) نفس المصدر ١ / ١٨٥، ح ١.
(٨) نفس المصدر ٢ / ١٩، ح ١٥.
(٩) أ: عبد الله بن أبي الصلت.
أما لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان.
وفي روضة الكافي(١) ، خطبة لأمير المؤمنينعليهالسلام ، وهي خطبة الوسيلة يقول فيهاعليهالسلام : ولا مصيبة عظمت ولا رزيّة جلّت كالمصيبة برسول اللهصلىاللهعليهوآله لأنّ الله حسم(٢) الإنذار والإعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه، وجعله بابه الّذي بينه وبين عباده ومهيمنه(٣) الّذي لا يقبل إلّا به ولا قربة إليه إلّا بطاعته، وقال في محكم كتابه:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) . فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته. فكان ذلك دليلا على ما فوّض إليه وشاهدا له على من اتّبعه وعصاه. وبيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم.
وفي كتاب الاحتجاج(٤) للطّبرسيّ - رحمه الله - : عن أمير المؤمنينعليهالسلام حديث طويل، وفيه: وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من أمنائه، فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره، كما قال:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) .
وفي عيون الأخبار(٥) ، بإسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهرويّ قال: قلت لعليّ بن موسى الرّضاعليهالسلام : يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الّذي يرويه أهل الحديث: أنّ المؤمنين يرون(٦) ربّهم(٧) من منازلهم في الجنّة؟
فقالعليهالسلام : يا أبا الصّلت، إنّ الله - تعالى - فضّل نبيّه محمّداصلىاللهعليهوآله على جميع خلقه من النّبيّين والملائكة، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته(٨) وزيارته في الدّنيا والآخرة زيارته. فقال - عزّ وجلّ - :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) . وقال(٩) :( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) . وقال
__________________
(١) نفس المصدر ٨ / ٢٦، ضمن حديث ٤.
(٢) المصدر: «ختم به». وقيل في هامشه: في بعض النسخ: «حسم»، أي: قطع.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: نهمته.
(٤) الاحتجاج ١ / ٣٧٤.
(٥) عيون أخبار الرضا ١ / ١١٥، صدر حديث ٣.
(٦) المصدر: يزورون.
(٧) المصدر: في.
(٨) المصدر: متابعته متابعته.
(٩) الفتح / ١٠.
النّبيّصلىاللهعليهوآله : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله. ودرجة النّبيّصلىاللهعليهوآله في الجنّة أرفع الدّرجات، فمن زاره في درجته في الجنّة من منزله فقد زار الله
( وَمَنْ تَوَلَّى ) : عن طاعته.
( فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) (٨٠): تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها، إنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب. وهو حال من «الكاف».
( وَيَقُولُونَ ) : إذا أمرتهم.
( طاعَةٌ ) : أمرنا طاعة. أو منّا طاعة. وأصلها، النّصب على المصدر. والرّفع، للدّلالة على الثّبات.
( فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ ) : خرجوا.
( بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ) : زوّرت خلاف ما قلت لها. أو ما قالت لك من القبول وضمان الطّاعة.
و «التّبييت» إمّا من البيتوتة، لأنّ الأمور تدبّر باللّيل. أو من بيت الشّعر أو البيت المبنيّ، لأنّه يسوّى ويدبّر. وقرأ حمزة وأبو عمرو: «بيّت طائفة» بالإدغام، لقربهما في المخرج(١) .
( وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) : يثبته في صحائفهم، للمجازاة. أو في جملة ما يوحى إليك، لتطّلع على أسرارهم. أو في كليهما.( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) : قلّل المبالاة بهم. أو تجاف عنهم.( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) : في الأمور كلّها، خصوصا في شأنهم.
( وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً ) (٨١): يكفيك معرّتهم، وينتقم لك منهم.
( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) : يتأمّلون في معانيه، ويتبصّرون ما فيه. وأصل التّدبّر، النّظر في أدبار الشّيء.
( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ ) : لو كان كلام البشر كما زعم الكفّار.
( لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) (٨٢): من تناقض المعنى وتفاوت النّظم، وكون بعضه فصيحا وبعضه ركيكا، وبعضه معجزا وبعضه غير معجز، وبعضه مطابقا للواقع وبعضه غير مطابق، لنقصان القوّة البشريّة. ولعلّ ذكره هاهنا للتّنبيه، على أنّ اختلاف ما سبق من الأحكام ليس لتناقض في الحكم، بل لاختلاف الأحوال في الحكم
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٢.
والمصالح.
[وفي نهج البلاغة(١) : قالعليهالسلام : وذكر أنّ الكتاب مصدّق بعضه بعضا، وأنّه لا اختلاف فيه فقال - سبحانه - :( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) ].(٢)
( وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ ) : ممّا يوجب الأمن، أو الخوف.
( أَذاعُوا بِهِ ) : أفشوه.
قيل(٣) : كان قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول اللهصلىاللهعليهوآله أو أخبرهم الرّسول بما أوحي إليه من وعد بالظّفر أو تخويف من الكفرة، أذاعوا به لعدم جزمهم، وكانت إذاعتهم مفسدة.
وقيل(٤) : كانوا يسمعون أراجيف المنافقين فيذيعونها، فيعود وبالا على المسلمين.
و «الباء» مزيدة. أو لتضمين الإذاعة، معنى التّحدّث.
في أصول الكافي(٥) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول: إنّ الله - عزّ وجلّ - عيّر أقواما بالإذاعة في قوله - عزّ وجلّ - :( وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ ) فإيّاكم والإذاعة.
( وَلَوْ رَدُّوهُ ) : ولو ردّوا ذلك الأمر.
( إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ) ، أي :
الأئمّة المعصومينعليهالسلام على ما في الجوامع، عن الباقرعليهالسلام (٦) .
( لَعَلِمَهُ ) : في أيّ وجه يذكره، أو يذكرونه.
( الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) : يستخرجون تدبيره بعقلهم، المؤيّد بروح القدس.
وأصل الاستنباط، إخراج النّبط، وهو الماء يخرج من البئر أوّل ما يحفر.
وفي تفسير العيّاشي(٧) : عن عبد الله بن جندب، عن الرّضاعليهالسلام :
__________________
(١) نهج البلاغة / ٦١، ضمن خطبة ١٨.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٣.
(٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) الكافي ٢ / ٣٦٩، ح ١.
(٦) جوامع الجامع / ٩٢.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٢٦٠، ذيل حديث ٢٠٦.
يعني: آل محمّد، وهم الّذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام، وهم حجّة الله على خلقه.
عن عبد الله بن عجلان(١) ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: هم الأئمّة.
[وفي أصول الكافي(٢) بإسناده إلى عبد الحميد بن أبي الدّيلم: عن أبي عبد اللهعليهالسلام حديث طويل، يقول فيهعليهالسلام : قال الله - عزّ وجلّ - :( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) وقال - عزّ وجلّ - :( وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فردّ الأمر - أمر النّاس - إلى أولي الأمر منهم، الّذين أمر بطاعتهم وبالرّدّ إليهم].(٣)
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(٤) ، بإسناده إلى محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهالسلام حديث طويل، يقول فيهعليهالسلام : ومن وضع ولاية الله وأهل استنباط علم الله في غير أهل الصّفوة من بيوتات الأنبياء، فقد خالف أمر الله - عزّ وجلّ - وجعل الجهّال ولاة أمر الله والمتكلّفين بغير هدى وزعموا أنّهم أهل استنباط علم الله، فكذبوا على الله وزاغوا عن وصيّة الله وطاعته. فلم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله - تبارك وتعالى - فضلّوا وأضلّوا أتباعهم.
فلا يكون لهم يوم القيامة حجّة.
[وقال - أيضا(٥) - بعد أن قرأ:( فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ ) (٦) ( فَقَدْ وَكَّلْنا [بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ ) . فإن يكفر بها أمّتك فقد وكّلنا](٧) أهل بيتك بالإيمان الّذي أرسلناك له(٨) ، فلا يكفرون بها أبدا، ولا أضيّع الإيمان الّذي أرسلناك له(٩) ، وجعلت أهل بيتك بعدك علما على أمّتك [و](١٠) ولاة من بعدك و [أهل](١١) استنباط علمي، الّذي ليس فيه كذب
__________________
(١) نفس المصدر والموضع، ح ٢٠٥ وقد أسقط الآية.
(٢) الكافي ١ / ٢٩٥، ضمن حديث ٣ وأوّله في ص ٢٩٣.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢١٨، ح ٢.
(٥) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢١٩، قطعة من نفس الحديث السابق.
(٦) المصدر: أمّتك.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(٨ و ٩) المصدر: أرسلتك به.
(١٠ و ١١) من المصدر.
ولا إثم ولا زور(١) ولا بطر ولا رياء].(٢)
( وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) : بإرسال الرّسل وإنزال الكتب ونصب الأئمّة - عليهم السّلام -
في الجوامع(٣) : عنهم - عليهم السّلام - فضل الله ورحمته، النّبيّ وعليّ - عليهما السّلام -
وفي تفسير العيّاشي(٤) : عن زرارة، عن أبي جعفرعليهالسلام وحمران عن أبي عبد اللهعليهالسلام قالا: فضل الله، رسوله. ورحمته، الأئمّة - عليهم السّلام -
عن محمّد بن الفضيل(٥) ، عن العبد الصّالحعليهالسلام قال: الرّحمة، رسول اللهصلىاللهعليهوآله والفضل، عليّ بن أبي طالبعليهالسلام
( لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ ) : بالكفر والضّلالة.
( إِلَّا قَلِيلاً ) (٨٣): منكم. تفضّل عليه بعقل راجح اهتدى به إلى الحقّ والصّواب، وعصمه عن متابعة الشّيطان. أو إلّا اتّباعا قليلا، على النّدور.
[وفي تفسير العيّاشي(٦) : عن ابن مسكان، عمّن رواه، عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول الله:( وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً ) فقال أبو عبد اللهعليهالسلام : إنّك لتسأل عن كلام القدر، وما هو من ديني ولا دين آبائي، ولا وجدت أحدا من أهل بيتي يقول به].(٧)
( فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) : إن تثبّطوا، أو تركوك وحدك.
( لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ) : إلّا فعل نفسك. لا يضرّك مخالفتهم وتقاعدهم، فتقدّم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد، فإنّ الله ناصرك لا الجنود.
وفي أصول الكافي(٨) ، بإسناده إلى مرازم: عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال :
__________________
(١) المصدر: لا وزر.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) جوامع الجامع / ٩٢.
(٤) تفسير العياشي ١ / ٢٦٠، ح ٢٠٧.
(٥) نفس المصدر ١ / ٢٦١، ح ٢٠٩.
(٦) نفس المصدر والموضع، ح ٢١٠.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٨) الكافي ٨ / ٢٧٤ - ٢٧٥، ذيل حديث ٤١٤ وليس في الأصول.
إنّ الله كلّف رسول اللهصلىاللهعليهوآله ما لم يكلّف أحدا من خلقه، كلّفه أن يخرج على النّاس كلّهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه، ولم يكلّف هذا أحدا [من](١) قبله ولا بعده، ثمّ تلا هذه الآية(٢) .
عليّ بن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن محمّد بن مروان جميعا، عن أبان بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: إنّ الله - تبارك وتعالى - أعطى محمّداصلىاللهعليهوآله وعدّد أشياء كثيرة، وفي آخر الحديث قالعليهالسلام : ثمّ كلّف ما لم يكلّف أحد من الأنبياء، أنزل عليه سيفا من السّماء في غير غمد وقيل له:( فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ) .
ونقل(٤) : أنّ أبا سفيان يوم أحد لـمّا رجع واعد رسول اللهصلىاللهعليهوآله موسم بدر الصّغرى. فكره النّاس وتثاقلوا حين بلغ الميعاد. فنزلت. فخرج النّبيّصلىاللهعليهوآله وما معه إلّا سبعون. ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده.
وقرئ: «لا تكلّف» بالجزم. و «لا نكلّف» بالنّون، على بناء الفاعل، أي: لا نكلّفك إلّا فعل نفسك، لا أنّا لا نكلّف أحدا إلّا نفسك [لقوله :](٥) .
( وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ) : على القتال، إذ ما عليك في شأنهم إلّا التّحريض.
( عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، يعني: قريشا. وقد فعل، بأن ألقى في قلوبهم الرّعب حتّى رجعوا.
( وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً ) : من قريش.
( وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً ) (٨٤): تعذيبا. وهو تقريع وتهديد لمن لم يتّبعه.
[وفي تفسير العيّاشي(٦) : عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : قول النّاس لعليّ: إن كان له حقّ فما منعه أن يقوم به؟
قال: فقال: إنّ الله لم يكلّف هذا إلّا إنسانا(٧) واحدا رسول الله
__________________
(١) من المصدر.
(٢) ثم ذكر في المصدر نفس الآية.
(٣) نفس المصدر ٢ / ١٧، ح ١.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٣.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٣ والزيادة من المصدر.
(٦) تفسير العيّاشي ١ / ٢٦١، ح ٢١١.
(٧) المصدر: «الإنسان» بدل «إلّا الإنسان».
ـ صلّى الله عليه وآله(١) - قال:( فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ ) (٢) ( إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ) . فليس هذا إلّا للرّسول.(٣) وقال لغيره:( إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ ) فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره.
عن الثعالبي(٤) ، عن عيص، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: قال: رسول اللهصلىاللهعليهوآله كُلّف ما لم يكلّف أحد، أن يقاتل في سبيل الله وحده، وقال:( حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ) وقال: إنّما كلّفتم اليسير من الأمر، أن تذكروا الله.
عن إبراهيم بن مهزم(٥) ، عن أبيه، عن رجل، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: إنّ لكلّ كلبا يبتغي(٦) الشّرّ فاجتنبوه يكفكم الله بغيركم(٧) ، إنّ الله يقول:( وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً ) لا تعلمون بالشّرّ].(٨) .
( مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً ) : راعى بها حقّ مسلم، ورفع بها عنه ضرا أو جلب نفعا، ابتغاء لوجه الله. ومنها، الدّعاء لمسلم.
وفي الجوامع(٩) : عن الصّادقعليهالسلام : من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب، استجيب له، وقال له الملك: ولك مثلاه. فذلك النّصيب.
( يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها ) ، أي: ثوابها.
( وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً ) : وهي ما كان خلاف ذلك. ومنها، الدّعاء على المؤمن.
( يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها ) : نصيب من وزرها، مساو لها في القدر. و «الكفل» النّصيب.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١٠) قال: يكون كفيل ذلك الظّلم الّذي يظلم صاحب الشّفاعة].(١١) ( وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ) (٨٥): مقتدرا. من أقات الشّيء: قدر
__________________
(١) المصدر: إلّا رسول اللهصلىاللهعليهوآله
(٢) هكذا في المصدر وفي النسخ: لا يكلّف الله.
(٣) هكذا في المصدر وفي النسخ: الرسول.
(٤) نفس المصدر ١ / ٢٦٢، ح ٢١٤.
(٥) نفس المصدر والموضع، ح ٢١٥.
(٦) المصدر: يبغي.
(٧) المصدر: يكفكم الله قوم فاجتنبوا بغيركم.
(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٩) جوامع الجامع / ٩٢.
(١٠) تفسير القمي ١ / ١٤٥.
(١١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
عليه. أو شهيدا حافظا. واشتقاقه من القوت، فإنّه يقوّي البدن ويحفظه.
وفي كتاب الخصال(١) : عن أبي عبد اللهعليهالسلام عن آبائه عن عليّ - عليهم السّلام - قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دلّ على خير أو أشار به، فهو شريك. ومن أمر بسوء أو دلّ عليه أو أشار به، فهو شريك.
وفي الكافي(٢) : عن السّجّادعليهالسلام أنّ الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب ويذكره بخير، قالوا: نعم الأخ أنت لأخيك، تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير، قد أعطاك الله - تعالى - مثلي ما سألت له، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه، ولك الفضل عليه. وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه، قالوا: بئس الأخ أنت لأخيك، كفّ أيّها المستر على ذنوبه وعورته، وأربع على نفسك، وأحمد الله الّذي ستر عليك، واعلم أنّ الله أعلم بعبده منك.
( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) : التّحيّة في الأصل، مصدر حيّاك الله، على الإخبار من الحياة، ثمّ استعمل للحكم والدّعاء بذلك. ثمّ قيل(٣) لكلّ دعاء، فغلب في السّلام.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٤) قال: السّلام وغيره من البرّ.
وفي مجمع البيان(٥) : وذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره، عن الصّادقعليهالسلام : أنّ المراد بالتّحيّة في قوله:( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ ) السّلام وغيره من البرّ والإحسان.
وفي كتاب المناقب(٦) لابن شهر آشوب: جاءت جارية للحسنعليهالسلام بطاق ريحان، فقال لها: أنت حرّة لوجه الله. فقيل له في ذلك.
فقال: أدّبنا الله - تعالى - وقال:( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ ) . (الآية) وكان أحسن منها إعتاقها وفي أصول الكافي(٧) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ ،
__________________
(١) الخصال / ١٣٨، ح ١٥٦.
(٢) الكافي ٢ / ٥٠٨، ح ٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٤.
(٤) تفسير القمي ١ / ١٤٥.
(٥) مجمع البيان ٢ / ٨٥.
(٦) مناقب آل أبي طالب ٤ / ١٨.
(٧) الكافي ٢ / ٦٤٤، ح ١.
عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : السّلام تطوّع، والرّدّ فريضة.
محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى(١) ، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم، وإذا ردّ واحد أجزأ عنهم.
عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّنديّ(٢) ، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: القليل يبدؤون الكثير بالسّلام، والرّاكب يبدأ الماشي، وأصحاب البغال يبدؤون أصحاب الحمير، وأصحاب الخيل يبدؤون أصحاب البغال.
[محمّد بن يحيى، عن أحمد بن(٣) محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: إنّ من تمام التّحيّة للمقيم المصافحة، ومن تمام التّسليم للمسافر المعانقة].(٤)
وفي رواية(٥) : يسلّم الصّغير على الكبير والمارّ على القاعد وفي أخرى(٦) : وإذا لقيت جماعة جماعة سلّم الأقلّ على الأكثر، وإذا لقي واحد جماعة سلّم الواحد على الجماعة.
وعنهعليهالسلام (٧) : من التّواضع أن تسلّم على من لقيت.
وقال(٨) : البخيل من بخل بالسّلام.
وعنه(٩) وعن النّبيّصلىاللهعليهوآله : أولى النّاس بالله ورسوله من بدأ بالسّلام.
وعن الباقرعليهالسلام (١٠) إنّ الله يحبّ إفشاء السّلام.
وعن الصّادقعليهالسلام (١١) : ثلاثة يردّ عليهم ردّ الجماعة وإن كان واحدا :
__________________
(١) نفس المصدر ٢ / ٦٤٧، ح ٣.
(٢) نفس المصدر ٢ / ٦٤٦، ح ٢.
(٣) نفس المصدر والموضع، ح ١٤.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) نفس المصدر والموضع، ح ١.
(٦) نفس المصدر ٢ / ٦٤٧، ح ٣.
(٧) نفس المصدر ٢ / ٦٤٦، ح ١٢.
(٨) نفس المصدر ٢ / ٦٤٥، ح ٦.
(٩) نفس المصدر والموضع، ح ٧.
(١٠) نفس المصدر والموضع، ح ٥.
(١١) نفس المصدر والموضع، ح ١٠.
عند العطاس يقال: «يرحمكم الله.» وإن لم يكن معه غيره. والرّجل يسلم على الرّجل فيقول: «السّلام عليكم.» والرّجل يدعو للرّجل فيقول: «عافاكم الله.» وإن كان واحدا فإنّ معه غيره.
وفي عيون الأخبار،(١) بإسناده إلى فضل بن كثير، عن عليّ بن موسى الرّضاعليهالسلام قال: من لقي فقيرا مسلما فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ، لقي الله - عزّ وجلّ - يوم القيامة وهو عليه غضبان.
وفي كتاب الخصال(٢) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليهالسلام أصحابه: إذا عطس أحدكم [فشمّتوه](٣) قولوا: «يرحمكم الله.» و [هو](٤) يقول(٥) هو: «يغفر الله لكم ويرحمكم.» قال الله:( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ ) (الآية).
وفي أصول الكافي(٦) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر قال: سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول: من قال: «السّلام عليكم»، فهي عشر حسنات. ومن قال: «السّلام عليكم ورحمة الله»، فهي عشرون حسنة. ومن قال: «السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، فهي ثلاثون حسنة.
أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب(٧) ، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: مرّ أمير المؤمنينعليهالسلام بقوم فسلّم عليهم. فقالوا: عليك السّلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال لهم أمير المؤمنينعليهالسلام : لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيمعليهالسلام إنّما قالوا: «رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت».
وروي عن طريق العامّة(٨) : أنّ رجلا قال لرسول اللهصلىاللهعليهوآله : السّلام عليك. فقال: وعليك السّلام ورحمة الله. وقال آخر: السّلام عليك ورحمة الله.
__________________
(١) عيون أخبار الرضاعليهالسلام ٢ / ٥٢، ح ٢٠٢.
(٢) الخصال / ٦٣٣.
(٣ و ٤) من المصدر.
(٥) المصدر: «يقول لكم»، والنسخ: «يقول هو»، وبوجود «هو» الأولى لا داعي لوجود هاتين.
(٦) الكافي ٢ / ٦٤٥، ح ٩.
(٧) نفس المصدر ٢ / ٦٤٦، ح ١٣.
(٨) التفسير الكبير للفخر الرازي ١٠ / ٢١٢، مع بعض الاختلاف.
فقال: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته. وقال آخر: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فقال: وعليك. فقال الرّجل: نقصتني، فأين ما قال الله؟ وتلا الآية. فقالعليهالسلام : إنّك لم تترك لي فضلا، فرددت عليك مثله.
وفي أصول الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: كان رسول اللهصلىاللهعليهوآله يسلّم على النّساء ويرددن عليه السّلام، وكان أمير المؤمنينعليهالسلام يكره أن يسلّم على الشّابّة منهنّ ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا أطلب من الأجر.
محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٢) ، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: قال أمير المؤمنينعليهالسلام : لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتّسليم. وإذا سلّموا عليكم فقولوا: فعليكم.
عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد(٣) ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن اليهوديّ والنّصرانيّ والمشرك إذا سلّموا على الرّجل وهو جالس، كيف ينبغي أن يردّ عليهم؟ فقال: يقول: عليكم.
محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد(٤) ، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: تقول في الرّدّ على اليهوديّ والنّصرانيّ: سلام.
وفي كتاب الخصال(٥) : عن جعفر بن محمّد، عن أبيه - عليهما السّلام - قال: لا تسلّموا على اليهود، ولا على النّصارى، ولا على المجوس، ولا على عبدة الأوثان، ولا على موائد شراب الخمر، ولا على صاحب الشّطرنج والنّرد، ولا على المخنّث، ولا على الشّاعر الّذي يقذف المحصنات، ولا على المصلّي - وذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السّلام لأنّ التّسليم من المسلم تطوّع والرّدّ عليه فريضة - ولا على آكل الرّبا، ولا على الرّجل جالس على غائط، ولا على الّذين في الحمّام، ولا على الفاسق المعلن بفسقه.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٦٤٨، ح ١.
(٢) نفس المصدر والموضع، ح ٢.
(٣) نفس المصدر ٢ / ٦٤٩، ح ٣.
(٤) نفس المصدر والموضع، ح ٦.
(٥) الخصال / ٤٨٤، ح ٥٧.
وفيه(١) ، في حديث آخر: ولا على المتفكّهين بالأمّهات(٢) .
وفي حديث آخر(٣) : النّهي عن السلام على من يلعب بالأربعة عشر، وعلى من يعمل التّماثيل.
عن الصّادقعليهالسلام (٤) قال: ثلاثة لا يسلّمون: الماشي مع جنازة، والماشي إلى الجمعة، وفي بيت حمّام.
[وعنهعليهالسلام (٥) : من تمام التّحيّة للمقيم المصافحة. وتمام التّسليم على المسافر المعانقة].(٦) .
وعن أمير المؤمنينعليهالسلام (٧) : يكره للرّجل أن يقول: حيّاكم الله، ثمّ يسكت حتّى يتبعها بالسّلام.
وعن الصّادقعليهالسلام (٨) قال: من بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه.
وقال(٩) : ابدؤوا بالسّلام قبل الكلام. فمن بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تحبيبوه.
( إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ) (٨٦): يحاسبكم على التّحيّة وغيرها.
( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) : مبتدأ وخبر. أو «الله» مبتدأ، والخبر( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ) ، أي: الله والله ليحشرنّكم من قبوركم إلى يوم القيامة. أو مفضين(١٠) إليه.
أو في يوم القيامة. «ولا إله إلّا هو» اعتراض. والقيام والقيامة، كالطّلاب والطّلابة: وهي قيام النّاس من القبور، أو للحساب.
( لا رَيْبَ فِيهِ ) : في اليوم. أو في الجمع. فهو حال من «اليوم» أو صفة للمصدر.
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً ) (٨٧): إنكار، أن يكون أحد أكثر صدقا منه، فإنّه لا يتطرّق الكذب إلى خبره بوجه، لأنّه نقص، وهو على الله محال.
( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) :
__________________
(١) نفس المصدر / ٣٢٦، ذيل حديث ١٦.
(٢) المصدر: بسبّ الأمّهات.
(٣) نفس المصدر / ٢٣٧، ضمن حديث ٨٠.
(٤) نفس المصدر / ٩١، ح ٣١.
(٥) الكافي ٢ / ٦٤٢، ح ١٦.
(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أونسخة المجلس.
(٧) نفس المصدر ٢ / ٦٤٦، ح ١٥.
(٨) نفس المصدر ٢ / ٦٤٤، ح ٢.
(٩) نفس المصدر والموضع، ح ٢.
(١٠) أ: مفوضين.
في مجمع البيان(١) : عن الباقرعليهالسلام : نزلت في قوم قدموا من مكّة وأظهروا الإسلام، ثمّ رجعوا إلى مكّة فأظهروا الشّرك، ثمّ سافروا إلى اليمامة، فاختلف المسلمون في غزوهم لاختلافهم في إسلامهم وشركهم.
أي: ما لكم تفرّقتم في أمر المنافقين فئتين، أي: فرقتين، ولم تتّفقوا على كفرهم.
و «فئتين» حال، عاملها «ما لكم» كقولك: مالك قائما.
و «في المنافقين» حال من «فئتين»، أي: متفرّقين فيهم. أو من الضّمير، أي: فما لكم تفترقون فيهم. ومعنى الافتراق مستفاد من «فئتين».
( وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ) : ردّهم إلى حكم الكفرة، أو نكسهم بأن صيّرهم للنّار. وأصل الرّكس، ردّ الشيء مقلوبا.
( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ ) : أن تجعلوه من المهتدين.
( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) (٨٨): إلى الهدى.
( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا ) تمنّوا أن تكفروا ككفرهم.
( فَتَكُونُونَ سَواءً ) : في الضّلال. وهو عطف على «تكفرون» ولو نصب على جواب التّمنّي لجاز.
في روضة الكافي(٢) ، بإسناده إلى أبي عبد اللهعليهالسلام حديث طويل، يقول فيهعليهالسلام : وإنّ لشياطين الإنس حيلة ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض. يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم الله به من النّظر في دين الله، الّذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله، إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحقّ في الشّكّ والإنكار والتّكذيب، فيكونون كما وصفه الله - تعالى - في كتابه من قوله:( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً ) .
( فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) : فلا توالوهم حتّى يؤمنوا أو يحقّقوا إيمانهم بهجرة هي لله ورسوله، لا لأغراض الدّنيا. و «سبيل الله» ما أمر بسلوكه.
( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) : عن الإيمان، المصاحبة للهجرة المستقيمة. وقيل(٣) : عن إظهار
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٦.
(٢) الكافي ٨ / ٤٠٥ - ٤٠٦، رسالة أبي عبد اللهعليهالسلام إلى جماعة الشيعة.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٥.
الإيمان.( فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) : كسائر الكفرة.
( وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً ) (٨٩)، أي: جانبوهم رأسا، ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة.
( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ) : استثناء من مفعول( فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ ) ، أي: إلّا الّذين يتّصلون وينتهون إلى قوم عاهدوكم ويفارقون محاربتكم.
قيل(١) : القوم هم خزاعة. وقيل(٢) : بنو بكر بن زيد مناة.
وقيل(٣) : الأسلميّون، فإنّهعليهالسلام وادع وقت خروجه إلى مكّة هلال بن عويم الأسلميّ على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ما له.
وهو المرويّ عن أبي جعفرعليهالسلام على ما في مجمع البيان.
( أَوْ جاؤُكُمْ ) : عطف على الصّلة، أي: أو الّذين جاؤوكم كافّين من قتالكم وقتال قومهم. استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم من ترك المحاربين فلحق بالمعاهدين، أو أتى الرّسول وكفّ عن قتال الفريقين.
قيل: أو على صفة «قوم» فكأنّه قيل: إلّا الّذين يصلون إلى قوم معاهدين أو قوم كافّين عن القتال لكم وعليكم.
وقرئ، بغير العاطف، على أنّه صفة بعد صفة. أو بيان «ليصلون». أو استئناف(٤) .
( حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ) : حال، بإضمار قد.
وقرئ: حصرة، وحصرات. وهو يؤيّد كونه حالا، أو بيان «لجاؤوكم» أو صفة لمحذوف، أي: جاؤوكم قوما حصرت صدورهم.
والحصر، الضّيق والانقباض(٥) . على ما رواه العيّاشي، عن الصّادقعليهالسلام (٦) .
( أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ ) ، أي: عن أن. أو لأن. أو كراهة أن
__________________
(١ و ٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٨٨.
(٤) نفس الموضع والمصدر.
(٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) تفسير العياشي ١ / ٢٦٢، ح ٢١٦.
يقاتلوكم.
وفي روضة الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عن الفضل أبي العبّاس، عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول الله - عزّ وجلّ - :( أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ ) (الآية) فقال: نزلت في بني مدلج، لأنّهم جاؤوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله وقالوا: إنّا قد حصرت صدورنا أن نشهد أنّك رسول الله، فلسنا معك ولا مع قومنا عليك. قال: قلت: كيف صنع بهم رسول اللهصلىاللهعليهوآله ؟
قال: وادعهم(٢) إلى أن يفرغ من العرب ثمّ يدعوهم، فإن أجابوا وإلّا قاتلهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) ، في قوله - عزّ وجلّ - :( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) - إلى آخر الآية - : نزلت في أشجع وبني ضمرة [وهما قبيلتان](٤) وكان من خبرهما(٥) ، أنّه لما خرج رسول اللهصلىاللهعليهوآله إلى غزاة الحديبيّة(٦) مرّ قريبا من بلادهم، وقد كان رسول اللهصلىاللهعليهوآله هادن بني ضمرة [ووادعهم قبل ذلك فقال أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآله : يا رسول الله، هذه بنو ضمرة](٧) قريبا منّا، ونخاف أن يخالفونا إلى المدينة أو يعينوا علينا قريشا، فلو بدأنا بهم. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : كلا، إنّهم أبرّ العرب بالوالدين، وأوصلهم للرّحم، وأوفاهم بالعهد.
وكان أشجع بلادهم قريبا من بلاد بني ضمرة. وهم بطن من كنانة. وكانت أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف بالمراعاة(٨) والأمان. فأجدبت بلاد أشجع. وأخصبت بلاد بني ضمرة. فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة. فلمّا بلغ رسول اللهصلىاللهعليهوآله مسيرهم إلى بني ضمرة تهيّأ للمسير إلى أشجع. فيغزوهم للموادعة الّتي كانت بينه وبين بني ضمرة. فأنزل الله:( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا ) . (الآية)
__________________
(١) الكافي ٨ / ٣٢٧، ح ٥٠٤.
(٢) المصدر: «واعدهم» وقيل في هامشه: «في بعض النسخ: أدعم حتى أن يفرع».
(٣) تفسير القمي ١ / ١٤٥ - ١٤٧.
(٤) من المصدر.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ: خبرهم.
(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ: «بدر لموعه» بدل «غزاة الحديبية».
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل ور.
(٨) المصدر: في المراعات.
استثنى بأشجع، فقال:( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ ) . (الآية).
وكانت أشجع محالّها البيضاء والمحلّ والمستباح. وقد كانوا قربوا من رسول اللهصلىاللهعليهوآله فهابوا [تقرّبهم](١) من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم.
وكان رسول اللهصلىاللهعليهوآله قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا فهمّ بالمسير إليهم. فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة. وهم سبعمائة.
فنزلوا شعب سلع. وذلك في شهر ربيع الأوّل(٢) سنة ستّ. فدعا رسول اللهصلىاللهعليهوآله أسيد بن حصين، فقال له: اذهب في نفر من أصحابك حتّى تنظر ما أقدم أشجع.
فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال: ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة. وهو رئيس أشجع. فسلّم على أسيد وعلى أصحابه. وقالوا: جئنا لنوادع محمّدا.
فرجع أسيد إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله فأخبره. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم.
ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمر. فقدّمها أمامه. ثمّ قال: نعم الشيء الهديّة أمام الحاجة.
ثمّ أتاهم فقال: يا معشر أشجع ما أقدمكم؟
قالوا: قربت دارنا منك. وليس في قومنا أقل عددا منّا. فضقنا بحربك(٣) لقرب دارنا منك، وضقنا لحرب قومنا(٤) لقلّتنا فيهم. فجئنا لنوادعك.
فقبل النّبيّ ذلك منهم ووادعهم، فأقاموا يومهم. ثمّ رجعوا إلى بلادهم. وفيهم نزلت هذه الآية:( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ ) (الآية).
[فما يتراءى من هذا النّقل من منافاته لما سبق، لأنّه في هذا النّقل جعل إلّا الّذين يصلون](٥) عبارة عن الأشجع حين صاروا إلى بني ضمرة المعاهدين، والذين
__________________
(١) من المصدر.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: ربيع الآخر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: لحربك.
(٤) المصدر: «ضقنا بحرب قومك» بدل «ضقنا لحرب قومنا».
(٥) ليس في الأصل ور.
جاؤوكم حصرت صدورهم أيضا عبارة عنهم حين جاؤوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله وفي الخبرين الأوّلين، جعل الأوّل عبارة عن الأسلميّين، والثّاني عبارة عن بني مدلج [فمدفوع إن صحّ النّقل بحملهما على أنّهما من أشجع - أيضا - أو يجعل ما تتناوله العبارة فرقتين: الأولى الأسلميّون وأشجع والثّاني بني مدلج](١) وأشجع.
( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ ) : بأن قوّى قلوبهم، وبسط صدورهم، وأزال الرّعب عنهم.
( فَلَقاتَلُوكُمْ ) : ولم يكفّوا عنكم.
( فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ ) : ولم يتعرّضوا لكم.
( وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ) : الاستسلام والانقياد.
( فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) (٩٠): فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : حدّثني أبي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: كان سيرة رسول اللهصلىاللهعليهوآله قبل نزول سورة براءة ألّا يقاتل إلّا من قاتله ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده. وقد كان نزل عليه في ذلك من الله - عزّ وجلّ - :( فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) فكان رسول اللهصلىاللهعليهوآله لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة براءة، وأمر بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الّذين قد كان عاهدهم رسول اللهصلىاللهعليهوآله يوم فتح مكّة إلى مدّة، منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو.
والحديث طويل، وهو مذكور بتمامه في أوّل براءة.
( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ ) :
قيل(٣) : هم أسد وغطفان.
وقيل: بنو عبد الدّار، أتوا المدينة وأظهروا الإسلام ليأمنوا المسلمين، فلما رجعوا كفروا.
وفي مجمع البيان(٤) : عن الصّادقعليهالسلام : نزلت في عيينة بن الحصين
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢٨١.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٥ - ٢٣٦.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٩.
الفزاريّ، أجدبت بلادهم. فجاء إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله ووادعه على أن يقيم بطن نخل ولا يتعرّض له، وكان منافقا ملعونا. وهو الّذي سمّاه رسول اللهصلىاللهعليهوآله : الأحمق المطاع.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) مثله، إلّا أنّه لم يسنده إليهعليهالسلام
( كُلَّما رُدُّوا إلى الْفِتْنَةِ ) : دعوا إلى الكفر. أو إلى قتال المسلمين.
( أُرْكِسُوا فِيها ) : عادوا إليها، وقلبوا فيها أقبح قلب.
( فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ) : ولم يستسلموا لكم.
( وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ ) : ولم يكفّوا أيديهم عن قتالكم.
( فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) : حيث تمكّنتم منهم.
( وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً ) (٩١): حجّة واضحة في التّعرّض لهم بالقتل والسّبي، لظهور عداوتهم ووضوح كفرهم وغدرهم. أو تسلّطا ظاهرا حيث أذن لكم في قتلهم.
( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ ) : وما صحّ لمؤمن، ولا استقام له، وما لاق بحاله.
( أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً ) : بغير حقّ.
( إِلَّا خَطَأً ) : لأنّه في عرضة الخطأ. ونصبه على الحال. أو المفعول له. أو على المصدر، أي: لا يقتله في حال من الأحوال إلّا في حال الخطأ. أو لا يقتله لعلّة إلّا للخطأ.
أو إلّا قتلا خطأ.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : أي: لا عمدا ولا خطأ، و «إلّا» في موضع «لا» وليست باستثناء وقيل(٣) : «ما كان» في معنى النّهي. والاستثناء منقطع، أي: ولكن إن قتله خطأ فجزاؤه ما نذكره.
وفي تفسير العيّاشي(٤) : عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما - عليهما السّلام - قال: كلّما أريد به ففيه القود، وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ١٤٧.
(٢) تفسير القمّي ١ / ١٤٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٦.
(٤) تفسير العيّاشي ١ / ٢٦٤، ح ٢٢٣.