مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن6%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 218812 / تحميل: 6008
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

مواجهة، وإليك فيما يلي بعض هذه النصوص :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا سباق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل ( يعني النصال والرمي ) »(١) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزّ وجلّ:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ ) ( الأنفال: ٦٠ )، قال: « الرّمي »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « علّموا أبناءكم الرّمي والسّباحة »(٣) .

وقال أيضا: « اركبوا وارموا وأن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا

كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث في تأديبه للفرس، ورميه عن القوس فإنّهنّ حقّ. إلّا أنّ الله عزّ وجلّ ليدخل بالسّهم الواحد الثلاثة الجنّة: عامل الخشبة والمقوّي به في سبيل الله والرّامي به في سبيل الله »(٤) .

وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : « الرّمي سهم من سهام الإسلام »(٥) .

وهذا يعني أنّ على كافة المسلمين أن يتلقّوا التدريب العسكريّ ويتعرّفوا على فنون الرماية والقتال. ليكونوا على استعداد كامل ودائم لأيّة مواجهة مع الأعداء.

ولقد دفعت الروح القتاليّة والبسالة والتشجيع على التدريب العسكريّ التي بثّها الإسلام في المسلمين إلى أن يتطوّعون بكامل رغبتهم للخدمة العسكريّة ويبادروا إلى الانضواء في الجيش الإسلاميّ كلّما استدعت الحاجة، واقتضت الظروف.

على أنّ السبب الرئيسيّ في ذلك هو أنّ الإسلام أفاض على الخدمة العسكريّة قدسية يخلو منها جميع الأنظمة البشريّة فقد اعتبر الإسلام الإنضواء في الجيش

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ١٣: ٣٤٥ ـ ٣٥١ كتاب السبق والرماية ـ باب استحباب الرمي والمراماة.

(٣) مستدرك الوسائل ٢: ٥١٧.

(٤ و ٥) وسائل الشيعة ١١: ١٠٧ باب استعمال تعلّم الرمي بالسهم.

٥٦١

الإسلاميّ والخدمة العسكريّة والقتال في صفوف هذا الجيش ( جهاداً في سبيل الله ).

وينطوي هذا اللفظ على بعد معنويّ رفيع جدّاً حيث يعني الجهد والسعي لحفظ البلاد وإنقاذ المستضعفين وإعلاء كلمة الله وذلك يكفي لأن تجتذب نحوها القلوب والضمائر. ذلك لأنّ هذا الوصف في الخدمة العسكريّة وهذا الهدف المقدّس يخرج العمل العسكريّ من كونه خدمة للطغاة، وسعياً من أجل إرضاء رغباتهم كما هو الحال في الجيوش الحاضرة، التي لم تنشأ في الأغلب إلّا لحماية الطواغيت ولا تحارب إلّا لإرضاء شهواتهم ورغباتهم وتحقيق مطامعهم.

من هنا يكفي للحكومة الإسلاميّة أن تعلن عن حاجتها إلى الجنود والمقاتلين لتنهال عليها طلبات الإلتحاق إلى صفوف الجيش من كلّ جانب بهدف أن ينالوا شرف الجهاد تحت لواء الإسلام، وهم يسمعون كلام الله إذ يقول:( وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النساء: ٩٥ ).

على أنّ هذا الأمر لا يمنع من أن تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً منظّماً مجهّزاً بأحدث الأسلحة والتكتيات عملاً بقوله سبحانه:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) ( الأنفال: ٦٠ ).

بل وللحكومة الإسلاميّة أن تفرض نظام التجنيد الإجباريّ على بعض الناس ضمن شروط خاصّة إذ لا يمكن في مثل هذا العصر الذي تتّخذ فيه الدول الجيوش القويّة المدرّبة والمنظّمة، أن لا تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً مماثلاً في القوّة والتدريب والنظام والعدّة، تنيط إليه مسؤولية الدفاع عن الوطن الإسلاميّ والمرابطة على ثغوره والسهر على أمنه الخارجيّ ودرء الأخطار عنه وإن كانت هذه المسؤوليّة قد تعمّ كلّ أفراد الاُمّة دون إستثناء إذا اقتضى الأمر، وتطلب أن يتطوّع الجميع لحمل السلاح، والدفاع عن حوزة الإسلام والمسلمين.

وخلاصة القول ؛ أنّ النظام والعمل العسكريّ في الإسلام لا يهدف فتح البلاد

٥٦٢

وغزو الشعوب واستعمارها، واستغلالها، بل يتركّز في أحد أمرين :

١. الدفاع عن حدود البلاد الإسلاميّة وحماية الاُمّة من غزو الغزاة، وعدوان الأعداء.

٢. تحرير المستضعفين وإنقاذهم من ظلم اُمرائهم وملوكهم ليختاروا ما يشاؤون من دين، ويتّخذوا بإرادتهم ما يريدون. وهذا ما أعلن عنه المسلمين يوم أرادوا فتح إيران وانقاذ أهلها من ظلم ملوكهم، وحيفهم.

فقد قال مندوب المسلمين لـمّا سأله الأمير الإيراني رستم عن سبب تحرّكهم العسكريّ نحو إيران، وسأله عن الدين الذي يحملونه ويبشّرون به :

« هو دين الحقّ وعموده الذي لا يصلح إلّا به فشهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، والناس بنو آدم وحوا، اخوة لأب واُمّ »(١) .

تعاليم إنسانيّة في الحرب

ولذلك نجد للإسلام تعليمات إنسانيّة عظيمة للجنود والمقاتلين تكشف عن أهداف الحروب الإسلاميّة وغاياتها السامية، فها هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما أراد أن يبعث جيشاً إلى موضع من المواضع وصّاه بوصايا تفوح منها رائحة الرحمة والإنسانيّة، فعن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: « كان رسُولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يبعث سريّةً دعاهُم فأجلسهُم بين يديه ثُمّ يقُولُ :

سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله لا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبيّاً، ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطروا إليها

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ١: ٣١٩ وفي رواية اُخرى قال :

الله جاء بنا وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. راجع الكامل ١: ٣٢٠.

٥٦٣

وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدّين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله »(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً: « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا بعث أميراً له على سريّة أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّةً ثمّ يقول :

اغز باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً. ولا متبتّلاً في شاهق، ولا تحرقوا النّخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرةً ولا تحرقوا زرعاً لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم يؤكل لحمه إلّا ما لا بدّ لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوّاً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم :

ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في ديار الهجرة، كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيئاً إلّا أن يهاجروا [ يجاهدوا ] في سبيل الله. فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل وكفّ عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عزّ وجلّ عليهم وجاهدهم في الله حقّ جهاده الخ »(٢) .

وكان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إذا بعث سرية ولّي أمرها رجلاً ثمّ قال له: « أُوصيك بتقوى الله الّذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه وهو يملك الدّنيا والآخرة وعليك بالّذي بعثت له، وعليك بالّذي يقرّبك إلى الله عزّ وجلّ فإنّ فيما عند الله خلفاً من الدّنيا »(٣) .

إلى غير ذلك من التعليمات والوصايا التي تكشف عن أهداف النظام العسكريّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ١١: ٤٢ ـ ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة ١١: ٤٥ ـ ٤٦، وتاريخ اليعقوبيّ ٢: ٥٩.

(٣) الخراج: ١٦.

٥٦٤

في الإسلام.

ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن هدف الإسلام من الجهاد والقتال والنشاط العسكريّ هو قوله تعالى:( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ( النساء: ٧٥ ).

ولقد اهتمّ الإسلام بالجنود غاية الاهتمام، وأعطاهم غاية العناية لمالهم من الدور الحسّاس والخطير في الدولة الإسلاميّة.

فها هو الإمام عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يوصي الأشتر النخعيّ واليه على مصر بالجنود ويقول في حقّهم ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً: « فالجنود بإذن الله حصون الرّعيّة وزين الولاة، وعزّ الدّين وسبل الأمن وليس تقوم الرّعيّة إلّا بهم ثمّ لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوّهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم

وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدوّ فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور موّدة الرّعية »(١) .

كما أعطى الإمام عليّ تعليماته في النشاط العسكريّ فقال: « فقدّموا الدّارع، وأخّروا الحاسر وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة وغضّوا للأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلّا بأيدي شجعانكم الخ »(٢) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الرسائل: رقم ٥٣.

(٢) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٢ طبعة عبده.

٥٦٥

وقال: « تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك، تدفي الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند الله سبحانه »(١) .

وقال: « فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم، وإيّاكم والتفرّق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً، ولا تذوقوا النّوم إلّا غراراً أو مضمضةً »(٢) .

إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند، ويتكفّل إدارة اُمورهم، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة، وتزداد متطلّبات الجنود.

إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم.

وقالعليه‌السلام لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام: « اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلنّ إلّا من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس، ورفّه في السير، ولا تسر أوّل الليل فإنّ الله جعله سكناً، وقدّره مقاماً لا ظعناً، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك، فإذا وقفت حين ينبطح السحر، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم »(٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٠.

(٢ و ٣) نهج البلاغة: قسم الكتب: رقم ١١، ١٢.

٥٦٦

وقالعليه‌السلام لأصحابه عند الحرب: « لا تشتدنّ عليكُم فرة بعدها كرّة ولا جولة بعدها حملة واعطُوا السّيُوف حُقُوقها، ووطّئُوا للجُنُوب مصارعها، واذمُرُوا أنفُسكُم على الطّعن الدّعسيّ والضرب الطّلحفي، واميتُوا الأصوات فإنّهُ أطردُ للفشل. فوالّذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة ؛ ما أسلمُوا ولكن استسلمُوا، وأسرّوا الكُفر، فلمّا وجدُوا أعواناً عليه أظهرُوهُ »(١) .

وقالعليه‌السلام في تعليم الحرب والمقاتلة: « معاشر المُسلمين: استشعرُوا الخشية وتجلببُوا السّكينة وعضّوا على النّواجذ فإنّهُ أنبى للسيوف عن الهام، وأكملُوا اللاّمة، وقلقلُوا السيوف في اغمادها قبل سلّها، والحظُوُا الخزر، واطعنُوا الشّزر، ونافحُوا بالضّبا، وصلُوا السّيُوف بالخُطا، واعلمُوا أنّكُم بعين الله، ومع ابن عمّ رسُول الله، فعاودُوا الكرّ، واستحيُوا من الفرّ، فإنهُ عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب. وطيبُوا عن أنفُسكُم نفساً، وامشُوا إلى الموت مشياً سُجُحاً، وعليكُم بهذا السّواد الأعظم، والرّواق المُطنّب فاضربُوا ثبجهُ فإنّ الشيطان كامن في كسره، وقد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنّكُوص رجلاً، فصمداً صمداً حتّى ينجلي لكُم عمُودُ الحقّ وانتُم الأعلون والله معكُم ولن يتركُم أعمالكُم »(٢) .

وجملة القول ؛ إنّ الإسلام أشار إلى أهم الخطوط والاُسس التي يجب أن تقوم عليها بناء العسكريّة الإسلاميّة تاركاً الخصوصيّات والتفاصيل لمقتضيات الزمن.

__________________

(١) نهج البلاغة قسم الكتب رقم ١٦.

(٢) نهج البلاغة قسم الخطب رقم ٦٣.

٥٦٧
٥٦٨

الفصل الثامن

المنابع الماليّة

للحكومة الإسلاميّة

لابدّ للبرامج من منابع ماليّة

لقد أوضحت البحوث السابقة صيغة الحكومة الإسلاميّة وأركانها ووظائفها وأهدافها وهنا ينطرح هذا السؤال :

كيف تستطيع الحكومة الإسلاميّة تطبيق هذه البرامج والقيام بهذه الوظائف الكبرى وكيف تضمن النفقات اللازمة لذلك ؟

وبتعبير آخر: ما هي المنابع الماليّة التي تعتمد عليها الحكومة الإسلاميّة وهل تكتفي بالضرائب المقرّرة المعروفة بالخمس والزكاة في تكوين ميزانيّتها أو أنّ هناك منابع وموارد ماليّة اُخرى تستعين بها هذه الحكومة في سدّ نفقاتها.

فربّما يقال: إنّ الإسلام الذي أغلق في وجه حكومته كلّ السبل غير المشروعة التي تعتمد عليها الحكومات الحاضرة كالضرائب المأخوذة على تجارة الخمور والبغاء والقمار، وما شابهها فتخسر بذلك واردات كبرى، كيف يمكنها أن تسدّ نفقاتها الهائلة

٥٦٩

من فريضتي الخمس والزكاة، المحدودتين ؟

غير أنّنا نلفت القارئ الكريم إلى أنّ الحكومة الإسلاميّة لا تقتصر على ( الخمس والزكاة ) الماليتين، فهما يشكّلان جانباً واحداً من عائداتها بل هناك منابع اُخرى نشير إليها باختصار :

١. الأنفال

وهي كلّ أرض ملكت بغير قتال، وكلّ موات، ورؤوس الجبال وبطون الأودية، والآجام والغابات والمعادن(١) ، وميراث من لا وارث له، وما يغنمه المقاتلون بغير إذن الإمام، وكافّة المياه العامّة والأحراش الطبيعيّة، والمراتع التي ليست حريماً لأحد وقطائع الملوك وصفاياهم غير المغصوبة.

فذلك كلّه يكون أمره بيد الحكومة الإسلاميّة باعتبارها الممثّلة الشرعيّة للاُمّة الإسلاميّة التي تعود إليها ملكيّة هذه الأشياء، فتتصرّف فيها الحكومة الإسلاميّة وتصرف عائداتها في مصالح المسلمين وشؤونهم، والأصل في ذلك قوله سبحانه:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) ( الأنفال: ١ ).

وما لله وللرسول في هذه الآية يصرف في مصالح المسلمين.

ويدلّ على ذلك أيضاً قوله سبحانه:( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ

__________________

(١) لقد اختلف فقهاء الشيعة الإماميّة في عدّ المعادن من الأنفال فمنهم ـ كالمفيد وسلار ـ من عدّها من الأنفال، تبعاً لما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تعربف الأنفال حيث قال: « هي التي خربت والمعادن منها » وفي خبر آخر سئل عن الأنفال فقال: « المعادنُ والآجامُ » ومنهم من لم يعدّها من الأنفال ـ كالمحقّق وغيره ـ لاحظ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ٣٨: ١٠١ ـ ١١٣.

وذهب الإمام الخمينيّ إلى أنّ المعادن من الأنفال إذا لم تكن لمالك خاصّ تبعا للأرض أو بالإحياء ( تحرير الوسيلة ١: ٣٦٩ )، هذا وللمعادن المكشوفة الموجودة في الأراضي المملوكة أحكام خاصّة فليرجع إلى الكتب الفقهيّة ( لاحظ تحرير الوسيلة ٢: ٢٢٠ ).

٥٧٠

عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الحشر: ٦ ).

ويدلّ عليه أيضاً ما ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام إذ قال: « الأنفالُ ما لم يُوجفُ عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحُوا، أو قوم أعطُوا بأيديهم، وكُلّ أرض خربة وبُطونُ الأودية فهو لرسُول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعُهُ حيثُ يشاءُ »(١) .

وما ورد عن الإمام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه قال: « ولهُ [ أي للإمام ] بعد الخُمس الأنفالُ والأنفالُ كُلّ أرض خربة باد أهلُها وكُلّ أرض لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحُوا صُلحاً وأعطُوا بأيديهم على غير قتال، ولهُ رُؤُوس الجبال وبُطونُ الأودية والآجام وكُلّ أرض ميتة لاربّ لها، ولهُ صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأنّ الغصب كُلّهُ مردود [ أي على صاحبه الحقيقي ] وهُو وارثُ من لا وارث لهُ » ثمّ قال: « والأنفالُ إلى الوالي »(٢) .

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا الشأن.

وتشكّل هذه المصادر الطبيعيّة أضخم ثروة ماليّة خاصّة في مناطق العالم الإسلاميّ، فيكفي أن نعرف أنّ إيران وحدها تملك (١٩) مليون هكتار من الغابات الغنيّة بالأخشاب التي قدّرت ب‍ (٣٠٠) مليون متر مكعّب من الخشب القابل للانتفاع، هذا مضافاً إلى ما تعطيه أشجار الغابات من الثمار والمواد التصنيعيّة والكيمياويّة التي تشكّل بنفسها أعظم ثروة طبيعيّة وأضخم مورد ماليّ(٣) .

بل يكفي أن نعلم أنّ العالم الإسلاميّ ينتج ( ٦٦ % ) من مجموع ما ينتجه العالم من الزيت الخام [ النفط ] وحده، كما أنّ لدينا احتياطيّ ضخم من المعادن كما تنتج ( ٧٠ % ) ممّا ينتجه العالم من المطّاط الطبيعيّ و ( ٤٠ % ) ممّا ينتجه العالم من الجوت الطبيعيّ ،

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ٦: ٣٦٤، ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٣) راجع كتاب الأنفال أو الثروات العامّة.

٥٧١

و ( ٥٦ % ) من زيت النخيل، ويوجد احتياطيّ عظيم من الحديد والنحاس وحتّى اليورانيوم الذي أصبح ثميناً للغاية في هذه الأيام نظراً لإستعماله في انتاج الطاقة النووية فإنّه موجود أيضاً في أقطار إسلاميّة عديدة من أفريقيا(١) .

٢. الزكاة

وهي ضريبة تجب في تسعة أشياء: الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، والنقدين وهما الذهب والفضة، والغلاّت وهي الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٢) والأدلّة عليها من الكتاب والسنّة ما لا يحصى.

٣. الخمس

ويجب في سبعة أشياء :

الأوّل: الغنائم المأخوذة من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة.

الثاني: المعادن من الفضّة والرصاص والصفر والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والسبخ والزاج والزرنيخ والكحل والملح بل والجصّ والنورة وغيرها.

على أنّ المعادن الأرضيّة بما أنّها من الأنفال كما أشرنا إليه متعلّقة كلّها بالحكومة الإسلاميّة أساساً، ولكن لا يحقّ للحكومة أن تحتكرها أو تهبها لأحد مجانا، ولا أن تستخرجها بلا ميزان، وتضع عائداتها في البنوك والمصارف لحساب شخص أو أشخاص معيّنين.

أنّ هذه المعادن تعتبر من الأنفال التي يقول الله سبحانه عنها:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ

__________________

(١) الحل الإسلاميّ ضرورة وفريضة ١: ٣٠ وأيضاً راجع كتاب اقتصاديّات العالم الإسلاميّ.

(٢) العروة الوثقى كتاب الزكاة: ٣٩٠ هذا وللوقوف على آراء سائر المذاهب حول ما تجب فيه الزكاة لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة.

٥٧٢

الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ ) أي تعود ملكيتها إلى الدولة باعتبارها ممثّلة شرعيّة عن الاُمّة وخليفة عن الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنّها مختارة في أن تقوم هي بنفسها باستخراجها وصرف عائداتها لصالح الاُمّة، أو أن تسلّمها إلى شركة أو شخص معيّن للاستخراج، وذلك حسب الشرائط التي تقوم بها المصلحة.

ثمّ إذا سلّمت الحكومة هذه المعادن إلى شركة، أو فرد خاصّ، تبعاً للمصلحة، فإنّ الشركة المستخرجة أو الفرد المستخرج يملك ما يستخرجه بشرط أن يدفع ( خمسه ) إلى الحكومة الإسلاميّة، مضافاً إلى ما يدفعه إلى الدولة في مقابل تسليم هذه المعادن إلى تلك الشركة أو ذلك الفرد الخاصّ من قبل الحكومة الإسلاميّة، نعم إنّ المصالح الفعليّة للاُمّة الإسلاميّة لا تسمح للحكومة الإسلاميّة أن تسلّم معادن البترول والذهب والفضة واليورانيوم، والألماس وما شابهها إلى فرد أو شركة خاصّة، بل عليها هي أن تقوم باستخراج هذه المعادن وتصنيعها. وصرف مواردها في المصالح العامّة للاُمّة الإسلاميّة.

يبقى أن نعرف أنّ الانتفاع من هذه المعادن واستخراجها قد يقتضي أحياناً استخدام المستشارين والمتخصّصين الأجانب فهل يجوز للحكومة الإسلاميّة استخدامهم لذلك أو لا ؟

الحقّ أنّ هؤلاء المستشارين الأجانب لـمّا كانوا في الأغلب يلعبون دوراً تجسّسيّاً، أو يسيئون إلى كرامة المسلمين أو يمهّدون لسيادة الاستعمار البغيض على بلاد المسلمين فعلى الحكومة الإسلاميّة أن تستعين بهم بقدر الضرورة مع التحفّظ والتحوّط الكامل منهم، في حين تدفع مجموعة من خيرة أبنائها لتحصيل العلوم المرتبطة بهذه المجالات والتخصّص في هذه الشؤون تخلّصاً من هذه المشكلة التي دلّت التجارب الكثيرة على أنّها السبب الرئيس في كثير من مشاكل المسلمين.

الثالث: الكنز، وهو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار.

الرابع: الغوص، أي ما اُخرج به من الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان.

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميّز مع الجهل.

٥٧٣

السادس: الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم سواء أكانت أرضاً زراعيّة أم سكنيّة.

السابع: ما يفضل من مؤونة سنة المكتسب ومؤونة عياله من أرباح التجارات والصناعات والمكاسب، ويدخل في هذا القسم ما يتعلّق بأرباح مصانع انتاج السكر، والصوف والخيوط والقطن والأدوية والسيارات والمدافئ والخزف والسجاجيد وقطع الخشب، والأغذية، والورق، وغيرها والأصل في ذلك قوله سبحانه:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ( الأنفال: ٤١ ).

ولكي نثبت للقارئ الكريم أنّ المال الوارد عن طريق الخمس لا يكون شيئاً يسيراً بل يشكّل مورداً ماليّاً كبيراً للدولة الإسلاميّة لا بدّ أن نثبت للقارئ أنّ فريضة الخمس التي سنّها الإسلام تعمّ غنائم الحرب، وغيرها ممّا ذكرناها ممّا يشكّل مجموعها قدراً كبيراً ووارداً هائلاً، ولذلك فنحن مضطرّون لإجراء تحقيق حول عموميّة الخمس للغنائم وغيرها.

تحقيق ضروريّ حول الخمس

إنّنا لا ننكر أنّ لفظة الغنيمة صارت في مصطلح الفقهاء في القرون الأخيرة، منحصرة فيما يؤخذ من الكفّار والمشركين بالقتال والحرب، إلّا أنّ مراجعة واحدة لوضع هذه اللفظة في اللغة، واستعمالها في الكتاب والسنّة تكشف لنا أنّ هذه اللفظة كانت تطلق في مطلق ما يفوز به الإنسان من منافع وأموال ولو بدون الحرب، وأنّ ما حصل لها من الحصر في غنائم الحرب، كان بعد العصر الأوّل للرسالة الإسلاميّة، وعلى ذلك يكون الخمس متعلّقاً بكلّ ما يكتسبه الإنسان لا بمغانم الحرب فقط وإليك تحقيق المطلب فيما يلي :

الغنيمة في اللغة

إنّ ما يظهر من أئمّة اللغة هو أنّ الغنيمة بمادّتها الأوّلية تستعمل في مطلق ما

٥٧٤

يحصل عليه الإنسان بيسر وسهولة، ولو كان بغير حرب وقتال ومدافعة وإليك بعض ما نصّت به أئمّة اللغة وأقطابها.

قال الجوهريّ في صحاحه: ( والمغنم والغنيمة بمعنى [ أي بمعنى واحد ] يقال: غنم القوم غُنماً ـ بالضمّ ـ وغنمته تغنيماً إذا نفلته. واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(١) .

وقال ابن فارس في مقاييسه: ( غنم أصل صحيح واحد يدلّ على إفادة شيء لم يملك من قبل ثمّ يختص بما اُخذ من مال المشركين )(٢) .

وقال الراغب في مفرداته: ( والغنم، إصابته والظفر به ثمّ استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم )(٣) .

ويشير ابن الأثير إلى المعنى الأصليّ لهذه اللفظة في تفسير بعض الأحاديث ويقول: ( فلان يتغنم الأمر أي يحرص عليه كما يحرص على الغنيمة، ومنه الحديث: « الصّومُ في الشّتاء غنيمة باردة » سمّاها غنيمة لما فيها من الأجر والثواب ومنه: « الرّهن لمن رهنهُ لهُ غنمهُ وعليه غرمُه » وغنمه: زيادته ونماؤه وفاضل قيمته )(٤) .

وقال في لسان العرب مثل ما قاله ابن الأثير(٥) .

وقال الفيروزآبادي في قاموسه: ( والغُنم ـ بالضم ـ الفوز بالشيء لا مشقّة وأغنمه كذا تغنيماً نفله إيّاه، واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(٦) .

وقال الأزهريّ في تهذيبه: ( قال الليث: الغنم الفوز بالشيء فاز به، والاغتنام انتهاز الغنم )(٧) .

وممّا قاله أئمّة اللغة في الغنيمة نعرف أنّ العرب كانت تستعمل هذه اللفظة في كلّ ما يفوز به الإنسان حتّى ولو لم يكن من طريق الحرب والقتال.

__________________

(١) صحاح اللغة: مادة ( غنم ).

(٢) مقاييس اللغة: مادة ( غنم ).

(٣) مفردات الراغب: مادة ( غنم ).

(٤) غريب مفردات الحديث: مادة ( غنم ).

(٥) لسان العرب: مادة ( غنم ).

(٦) قاموس اللغة: مادة ( غنم ).

(٧) تهذيب اللغة: مادة ( غنم ).

٥٧٥

وقد وردت هذه اللفظة بنفس المعنى في الكتاب والسنّة وأفادت مطلق ما يفوز به الإنسان وإليك الشواهد منهما فيما يلي :

الغنيمة في الكتاب والسنّة

لقد استعمل القرآن لفظة المغنم فيما يفوز به الإنسان وإن لم يكن عن طريق القتال بل كان عن طريق العمل العادي الدنيويّ أو الاُخرويّ إذ يقول سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) ( النساء: ٩٤ ).

والمراد بالمغنائم الكثيرة هو أجر الآخرة بدليل مقابلته لعرض الحياة الدنيا فيعلم أنّ لفظ المغنم لا يختصّ بالاُمور والأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا، وفي ساحات الحروب فقط بل هي عامّة شاملة لكلّ مكسب وفائدة.

ثمّ إنّه قد وردت هذه اللفظة في الأحاديث واُريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء ففي باب « ما يقال عند إخراج الزكاة » من سنن ابن ماجة جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أللّهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً »(١) .

وفي مسند أحمد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « غنيمةُ مجالس الذّكر الجنّة »(٢) .

وفي وصف شهر رمضان عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هُو غنم للمُؤمن »(٣) .

كما جاء في دعاء مشهور: « والغنيمةُ من كُلّ برّ ».

هذا مضافا إلى أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله طلب في مكاتيبه ورسائله من جماعات مسلمة نائية عن المدينة، غير مشتركة في القتال تحت راية النبيّ، أن يدفعوا الخمس، وإليك طائفة من هذه الرسائل :

__________________

(١) سنن ابن ماجه: كتاب الزكاة الحديث ١٧٩٧.

(٢) مسند أحمد ٢: ٣٣٠ و ٣٧٤ و ٥٢٤.

(٣) مسند أحمد ٢: ١٧٧.

٥٧٦

الخمس في رسائل النبيّ وعهوده

١. لـمّا قال وفد عبد القيس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنّا لا نصل إليك إلّا في أشهر حرم فمرنا بحمل الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو إليه من ورائنا » فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « آمرُكُم بأربع وأنهاكُم عن أربع، آمُرُكُم بالإيمان بالله، وهل تدرُون ما الإيمانُ: شهادةُ أن لا إله إلّا الله، وإقامُ الصّلاة، وإيتاءُ الزّكاة وتُعطُوا الخُمس من المغنم »(١) .

ومن المعلوم أنّ النبيّ لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الأشهر الحرم خوفاً من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقيّ في لغة العرب وهو ما يفوزون به بلا مشقّة فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون.

٢. كتب لعمر بن حزم حين بعثه إلى اليمن :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا عهد من النبيّ رسول الله لعمرُو بن حزم حين بعثهُ إلى اليمن، أمرهُ بتقوى الله في أمره كُلّّه وأن يأخُذ من المغانم خُمس الله وما كُتب على المؤمنين من الصّدقة من العقار عُشرُ ما سقى البعلُ وسقت السّماءُ »(٢) .

٣. كتب إلى شرحبيل بن كلال ونعيم بن كلال وحارث بن كلال رؤساء قبيلة ذي رعين ومعافر وهمدان: « أمّا بعدُ فقد رجع رسُولُكُم وأعطيتُم من المغانم خُمس الله »(٣) .

٤. كتب لسعد هذيم من قضاعة وإلى جذام كتاباً واحداً يعلمهم فرائض

__________________

(١) صحيح البخاريّ ٤: ٢٠٥، باب والله خلقكم وما تعملون، و ١: ١٣ و ١٩، ٣: ٥٣ وصحيح مسلم ١: ٣٥ و ٣٦ باب الأمر بالإيمان، وسنن النسائيّ ٣: ٣٣٣، ومسند أحمد ٣: ٣١٨، الأموال: ١٢ وغيرها.

(٢) فتوح البلدان ١: ٨١، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٦٥.

(٣) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ١: ١٥٧.

٥٧٧

الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه(١) .

إنّ النبيّ حينما طلب دفع الخمس على أيدي رسوليه لم يطلب خمس غنائم الحرب التي خاضوها مع الكفّار وإنّما قصد ما استحق عليهما من الصدقة وخمس الأرباح :

٥. كتب للفجيع ومن تبعه: « من مُحمّد النبيّ للفجيع ومن تبعهُ وأسلم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وأطاع الله وأعطى من المغانم خُمس الله »(٢) .

٦. كتب لجنادة الأزديّ وقومه ومن تبعه: « ما أقامُوا الصّلاة وآتُوا الزّكاة وأطاعُوا الله ورسُولهُ وأعطُوا من المغانم خُمس الله »(٣) .

٧. كتب لجهينة بن زيد فيما كتب :« وتشربُوا ماءها على أن تُؤدّوا الخُمس »(٤) .

٨. كتب لملوك حمير فيما كتب: « وآتيتُمُ الزكاة من المغانم خُمس الله وسهم النبيّ وصفيّه وما كتب الله على المُؤمنين من الصّدقة »(٥) .

٩. كتب لبني ثعلبة بن عامر: « من أسلم منهُم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وخُمس المغنم وسهم النّبيّ والصفّى »(٦) .

١٠. كتب إلى بعض أفخاذ جهينة: « من أسلم منهُم وأعطى من الغنائم الخُمس »(٧) .

ويتبيّن ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحقّ في أموالهم من خمس وصدقة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) طبقات ابن سعد ١: ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٤) الوثائق السياسيّة: ١٤٢.

(٥) فتوح البلدان ١: ٨٥، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٥٨.

(٦) الإصابة ٢: ١٨٩، واسد الغابة ٣: ٣٤.

(٧) سنن أبي داود ٢: ٥٥ الباب (٢٠) وسنن النسائيّ ٢: ١٧٩.

٥٧٨

ثمّ إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض حرب واكتساب الغنائم.

هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلاميّ أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب، وتقسيمها بالنحو الذي يحب بعد أن يستخرج منها الخمس، ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب وإلاّ كان سارقاً مغلاًّ.

فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ من شؤون النبيّ في هذه الاُمّة فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد. فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب.

هذا مضافا إلى أنّه لا يمكن أن يقال: إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهليّة عن طريق النهب كيف وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهب والنهبة بشدّة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من انتهب نُهبةً فليس منّا »(١) .

وقال: « إنّ النُهبة لا تحلّ »(٢) .

وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبيّ أن لا ننتهب(٣) .

وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبى عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأصاب الناس حاجة شديدة وجهدوا وأصابوا غنماً فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متّكئاً على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثمّ جعل يرمل اللحم بالتراب ثمّ قال: « إنّ النُهبة ليست بأحلّ من الميتة »(٤) .

وعن عبد الله بن زيد: ( نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهبى والمثلة )(٥) .

__________________

(١ و ٢) سنن ابن ماجه: ١٢٩٨ ـ ١٢٩٩.

(٣) صحيح البخاريّ ٢: ٤٨ باب النهبى بغير إذن صاحبه.

(٤) سنن أبي داود ٢: ١٢.

(٥) رواه البخاريّ في الصيد راجع التاج ٤: ٣٣٤.

٥٧٩

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد.

وقد كانت النهيبة والنهبى عند العرب تساوق الغنيمة والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو.

فإذا لم يكن النهب مسموحاً به في الدين، وإذا لم تكن الحروب التي يقوم بها أحد بغير اذن النبيّ جائزة لم تكن الغنيمة تعني دائماً ما يؤخذ في القتال بل كان معنى الغنيمة الواردة في كتب النبيّ هو ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه. ولا محيص حينئذ من أن يقال: إنّ المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال، أو النهب الممنوع في الدين.

وعلى الجملة: إنّ الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبويّة اداء خمسها إمّا أن يراد ما يستولي عليه أحد من طريق النهب والإغارة، أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكدّ.

والأوّل ممنوع بنصّ الأحاديث السابقة فلا معنى أن يطلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خمس النهيبة.

وفي الثاني يكون أمر الغنائم بيد النبيّ مباشرة فهو الذي يأخذ كلّ الغنائم ويضرب لكلّ من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم، فلا معنى لأن يطلب النبيّ الخمس من الغزاة. فيكون الثالث هو المتعيّن.

وقد ورد فرض الخمس في غير غنائم الحرب في أحاديث منقولة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففي سنن البيهقي عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ قال: « في الرّكاز الخُمسُ ».

قيل: وما الركاز يا رسول الله ؟

فقال: « الذهبُ والفضّةُ الذي خلقهُ الله في الأرض يوم خُلقت »(١) .

__________________

(١) سنن البيهقيّ ٤: ١٥٢ و ١٥٥.

٥٨٠

كما ورد عن أئمّة أهل البيت: ما يدلّ على ذلك، فقد كتب بعض أصحابنا إلى الإمام الجوادعليه‌السلام قائلاً: أخبرني عن الخمس أَعَلَى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصّناع ؟ وكيف ذلك ؟ فكتبعليه‌السلام بخطّه: « الخمس بعد المؤنة »(١) .

وفي هذه الإجابة القصيرة يظهر تأييد الإمام لما ذهب إليه السائل، ويتضمّن ذكر الكيفية التي يجب أن تراعى في أداء الخمس.

وعن سماعة قال سألت أبا الحسن [ الكاظم ] عن الخمس فقال: « في كلّ ما أفاد النّاس من قليل أو كثير »(٢) .

وعن أبي عليّ بن راشد [ وهو من وكلاء الإمام الجواد والإمام الهادي ] قال قلت له [ أي للإمام ] أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأيّ شيء حقّه فلم أدر ما أجيبه ؟ فقال: « يجب عليهم الخمس » فقلت: ففي أي شيء ؟ فقال: « في أمتعتهم وصنايعهم ».

قلت: والتاجر عليه، والصانع بيده ؟ فقال: « إذا أمكنهم بعد مؤنتهم »(٣) .

إلى غير ذلك من الأحاديث والأخبار المرويّة عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرين التي تدلّ على شمول الخمس لكلّ مكسب وفائدة يحصل عليها الإنسان.

هذا ما عند الشيعة وأمّا غيرهم فهم وإن قصروا ضريبة الخمس على مغانم الحرب [ وعلى الركاز وهو المعدن عند بعضهم ] غير أنّ لعروض التجارة عندهم ضريبة الزكاة بشروط وكيفيّة مفصّلة في مذاهبهم، فقد جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة عن الحنفية أنّهم قالوا: ( المعدن والركاز بمعنى واحد وهو شرعاً مال وجد تحت الأرض سواء كان معدنا خلقيّاً خلقه الله تعالى بدون أن يضعه أحد فيها أو كان كنزاً دفنه الكفّار ولا يسمّى ما يخرج من المعدن والركاز زكاة على الحقيقة لأنّه لا يشترط فيهما ما يشترط في

__________________

(١) وسائل الشيعة أبواب الخمس ٦: ٣٤٨ حديث ١.

(٢ و ٣) وسائل الشيعة ٦: ٣٤٨، ٣٤٩.

٥٨١

الزكاة. وتنقسم المعادن إلى أقسام ثلاثة: ما ينطبع بالنار، ومائع، وما ليس بمنطبع ولا مائع، فالمنطبع ما كان كالذهب والفضّة والنحاس والرصاص والحديد، والمائع ما كان كالقار ( الزفت ) والنفط ( البترول ـ الغاز ) ونحوهما والذي ليس بمنطبع ولا مائع كالنورة والجواهر واليواقيت: فأمّا الذي ينطبع بالنار فيجب فيه إخراج الخمس ومصرفه مصرف خمس الغنيمة المذكور في قوله تعالى:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ ) الآية. وما بقي بعد الخمس يكون للواجد )(١) .

وجاء في نفس الكتاب عن الحنابلة أنّهم قالوا: ( ويجب على واجد الركاز إخراج خمسه إلى بيت المال فيصرفه أو نائبه في المصالح العامّة والباقي لواجده )(٢) .

هذا ما قاله بعض أصحاب المذاهب الأربعة في الخمس، أمّا ما جاء عنهم حول الزكاة وما يعود منها إلى الدولة الإسلاميّة، فنكتفي بما ذكره مؤلّف كتاب الفقه على المذاهب الأربعة في كتاب الزكاة إذ قال :

( الأنواع التي يجب فيها الزكاة خمسة أشياء الثالث: عروض التجارة )(٣) .

٤. زكاة الفطرة

وتسمّى بزكاة الأبدان وهي التي تجب على كلّ مسلم في عيد الفطر، ومقدارها مذكور في كتب الفقه.

٥. الخراج والمقاسمة

وهما ضريبتان مضروبتان على من يعمل في الأراضي التي فتحها المسلمون بالقتال وسبب ذلك أنّ هذه الأراضيّ ملك لعامّة المسلمين فلا بدّ أن تصرف عائداتها في مصالحهم بعد أن يكون للعامل فيها ومحييها حصّة لقاء عمله.

إنّ الخراج عبارة عن الضريبة الماليّة النقديّة على الأرض مثل أن يدفع العامل

__________________

(١ و ٢ و ٣) كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ١: ٤٩٢، ٤٩٥، ٤٧٩.

٥٨٢

عليها عشرة دنانير سنويّاً على كلّ جريب.

والمقاسمة عبارة عن الشركة في حاصلات الأرض الخراجيّة بالكسر المشاع كأن يكون عشر حاصلاتها للدولة.

٦. الجزية

وهي الضريبة العادلة المفروضة على أهل الذمّة على رؤوسهم أو أراضيهم إذا قاموا بشرائط الذمّة المقرّرة في موضعها. وقد مرّ الحديث عن ذلك في الفصل السابق.

٧ . هناك ضرائب ليس لها حدّ معيّن ولا زمان خاصّ، بل هي موكولة إلى نظر الحاكم الإسلاميّ يفترضها عند الحاجة إليها من عمران للبلاد أو جهاد في سبيل الله، أو سدّ عيلة الفقراء أو غير ذلك ممّا يحتاج إليه قوام العباد والبلاد.

وهذا هو الذكر الحكيم يصرّح بأنّ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) ( الأحزاب: ٦ )، فهو أولى منهم بأموالهم، يتصرّف فيها كيفما اقتضت المصلحة الملزمة.

وهذا أمير المؤمنين ( عليّ بن أبي طالب )عليه‌السلام يقول في عهده إلى مالك الأشتر حين ولاّه على مصر: « وليكُن نظرُك في عمارة الأرض أبلغُ من نظرك في استجلاب الخراج لأنّ ذلك لا يُدركُ إلّا بالعمارة.

ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد .

فربّما حدث من الاُمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيّبة أنفسهم به فإنّ العمران محتمل ما حملته، وإنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها »(١) .

فلو كان للخراج حدّ معيّن غير متجاوز عنه لما كان لقولهعليه‌السلام : « احتملوه طيّبة أنفسهم » وجه، فإنّ معناه: أنّهم قبلوا ما طلبته من الناس بطيب خاطر فيعطونك كذلك.

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الرسائل ( الرسالة ٥٣ ).

٥٨٣

أضف إلى ذلك قولهعليه‌السلام : « فإنّ العمران محتمل ما حملته » فإنّه يدلّ على إنّ الوالي إذا عمّر البلاد وصارت عامرة وخصبة وغارقة في الخيرات والنعم يمكن له أن يفرض الخراج عليه بالمقادير التي يتوخّاها الوالي وتقتضيها المصلحة.

روى محمّد بن مسلم وزرارة بن أعين عن الباقر والصادقعليهما‌السلام قالا: « وضع أمير المؤمنين على الخيل العتاق الرّاعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين وجعل على البراذين ديناراً »(١) .

وفيما رواه الشيخ الأقدم محمّد بن الحسن الصفّار المتوفّى عام (٢٩٠) بإسناده عن عليّ بن مهزيار دلالة على أنّ للإمام الصلاحيّة في تخفيف الضرائب الإسلاميّة أو مضاعفتها وتصعيدها وبما أنّ الرواية طويلة يرجى من القارئ الكريم الرجوع إلى المصدر(٢) .

وهذا وأمثاله من النصوص تدلّ على أنّ هناك قسماً من الضرائب التي ليس لها حدّ معيّن بل هي موكولة إلى نظر الحاكم.

٨. موارد ماليّة استثنائيّة

هذه هي اُصول المنابع والموارد الماليّة للحكومة الإسلاميّة، غير أنّ هناك منابع اُخرى متفرّقة يجوز للدولة الإسلاميّة التصرّف فيها، وصرفها في مصالح المسلمين العامّة، وإن كان ذلك أمراً غير واجب، ولا من وظائف الدولة وهي عبارة عن :

أ / المظالم وهي ما يتعلّق بذمّة الإنسان بتعدّ أو تفريط، أو إتلاف في مال الغير ولم يعرف صاحبه، فكما يجوز لمن تكون المظلمة في ذمّته صرفها في مواردها على النحو المقرّر شرعاً كذلك يجوز للحكومة التصرّف فيها، وصرفها في المصارف المقرّرة لها.

__________________

(١) الوسائل ٤ ( كتاب الزكاة ): ٥١ فقوله « فوضع » يدلّ على ما ذكرناه من أنّ الحاكم الإسلاميّ له جعل الضرائب كلّما احتاجت مصلحة البلاد إلى ذلك.

(٢) الوسائل كتاب الخمس أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الثامن الحديث ٥.

٥٨٤

ب / الكفّارات مثل كفّارة قتل العمد والخطأ، ومخالفة النذر والعهد، واليمين فيما يتعلّق بالإطعام والإكساء فيجوز للحكومة أن تتولّى أمرها بدلاً عن صاحب الكفّارة.

ج / اللُقطة، وهي الضّالة من الأشياء ولم يعرف لها صاحب، فيجوز للحكومة الإسلاميّة التصرّف فيها حسب الشروط.

د / الأوقاف والوصايا والنذور العامّة والقرابين التي يذبحها الحجّاج في منى في مناسك الحجّ، فيجوز للحكومة الإسلاميّة التصرّف فيها، وصرفها في مصالح المسلمين عامّة.

٩. توظيف الأموال في المجالات الاقتصاديّة الكبرى

ثمّ إنّ الحكومة الإسلاميّة لا تكتفي بما يحصل لها من هذه الطرق بل يجوز لها أن تباشر القيام بالصناعات الاُمّ، والتجارة، والعمل المصرفيّ، والتأمين، والشركات الزراعيّة وتوفير الطاقة، وإدارة شبكات الريّ، والمواصلات الجويّة والبريّة والبحريّة، وإدارة الموانئ والخدمات البريديّة والهاتفيّة وما شابه ذلك وتأمين قسم كبير من ميزانيّتها هذه الموارد الضخمة.

١٠. هذه العائدات تكفي لميزانية الدولة الإسلاميّة

وينبغي أن لا نستقلّ ما يرد إلى دخل الدولة من هذه الموارد ونتصوّر أنّها قليلة، لا يستهان بها بالنسبة إلى ميزانيّة الدولة فيكفي أن نلقي نظرة إلى عائدات الموانئ وحدها لنعرف ما يعود منها إلى الدولة، من عائدات مدهشة.

إنّ المنابع الضخمة العائدة إلى خزينة الحكومة الإسلاميّة من هذه المنابع والموارد تجعل هذه الحكومة قادرة ـ تماماً ـ على تنفيذ برامجها والقيام بمشاريعها الاجتماعيّة والسياسيّة، وإدارة مصالح الاُمّة الإسلاميّة بأفضل وجه لو تمّ ذلك وفق تخطيط

٥٨٥

مدروس، ينسجم مع خطوط الاقتصاد الإسلاميّ.

فيكفي أن نعرف أنّ فريضة الزكاة وحدها لو أدّاها المسلمون جميعاً لما بقي هناك لمشكلة الفقر أثر وإليك بعض ما ورد في هذا الصدد من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : « إنّ الله عزّ وجلّ فرض في مال الأغنياء ما يسعهم ولو علم أنّ ذلك لا يسعهم لزادهم إنّهم لم يؤتوا [ أي لم يصبهم الفقر والحرمان والنقص ] من قبل فريضة الله عزّ وجلّ، ولكن اوتوا من منع من منعهم حقّهم لا ممّا فرض الله لهم ولو أنّ النّاس أدّوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير »(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً: « إنّما وضعت الزّكاة اختباراً للأغنياء ومعونةً للفقراء، ولو أنّ النّاس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً ولاستغنى بما فرض الله له وإنّ النّاس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلّا بذنوب الأغنياء وحقيق على الله تبارك وتعالى أن يمنع رحمته ممّن منع حقّ الله في ماله »(٢) .

أجل إنّ ما مرّ عليك يكفي لميزانية الحكومة الإسلاميّة خاصّة بعد أن عرفنا ممّا سبق أنّ الدولة الإسلاميّة ليست دولة مكتوفة الأيدي تنتظر ما يرد إليها من الموارد الماليّة المذكورة حتّى يقال انّ الحقوق الماليّة المفروضة لا تكفي لسدّ ميزانيّة الدولة ولذلك فهي عاجزة عن تحقيق أهدافها العليا وغاياتها الواسعة بل الدولة الإسلاميّة ذات شخصيّة حقوقيّة لها أن تقوم بتحصيل عائدات جديدة ـ مضافاً إلى الضرائب الأساسيّة المقرّرة في الشريعة ـ بواسطة العمليات التجاريّة الواسعة، وتقديم الخدمات وهو حقل واسع يدرّ على الدولة أكبر المبالغ وأعظم الثروات ومن هنا أيضاً يتبيّن بطلان ما ادّعاه البعض من أنّ الإسلام والحكومة الإسلاميّة لا يصلحان إلّا للحياة البدوية البسيطة بحجة أنّه افترض بعض الضرائب على المواشي والأنعام واعتمد عليها في بناء ميزانيّته الماليّة ولذلك فهما لا يصلحان لمسايرة عصر البترول والذرة والمصانع الضخمة والبرامج الاقتصاديّة الهائلة لقلّة مواردها وبساطتها.

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ٦: ٤ ـ ٦ باب وجوب الزكاة.

٥٨٦

فقد تبيّن لك أيّها القارئ الكريم بطلان هذا الزعم ممّا ذكرناه لك مفصّلاً حول المنابع الماليّة الضخمة لهذه الحكومة.

إنّ القول بأنّ الإسلام لا يناسب عصر التقدّم والتطوّر الاقتصاديّ العظيم وعصر البرامج والحاجات الكبرى ادّعاء باطل واضح البطلان فإنّ الإسلام جاء بضرائب دقيقة على أرباح المصانع والمعامل، بل في كلّ ما استفاده الناس من قليل أو كثير كما مرّ فقد جعل على أرباح التجارات وسائر التكسّبات من الصناعات والزراعات والإجارات حتّى الخياطة والكتابة والصيد وحيازة المباحات وغير ذلك من الموارد ضريبة الخمس أي ( ٢٠ % ) وهو يمثّل ثروة عظيمة وخاصّة إذا اُضيفت إلى بقيّة الموارد، وأضيفت إلى ما يمكن للحكومة الإسلاميّة استفادته من خلال التجارة الواسعة، والاقتصاديّة المشروعة الكبيرة وتقديم الخدمات العظيمة المكسب، إذن فلا نقص في ميزانيّة الدولة الإسلاميّة ولا عجز في مواردها.

١١. هذه الأموال ملك الدولة لا الحاكم

ثمّ إنّ جميع العائدات الحاصلة من الموارد والضرائب المذكورة هي ملك الحكومة وراجعة إلى الحاكم الإسلاميّ لا لشخصه بل من جهة قيامه مقام الولاية والإمامة أي أنّ هذه الأموال يعود أمرها إلى الوالي بما هو ممثّل للاُمّة فعليه أن يحافظ عليها ويصرفها في شؤون الاُمّة ومصالحها.

وتدلّ على ذلك روايات كثيرة متضافرة منها ماورد عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي الحسن الثالث الهاديعليه‌السلام : إنّا نؤتي بالشيء فيقال هذا كان لأبي جعفر الجوادعليه‌السلام عندنا فكيف نصنع ؟ فقالعليه‌السلام : « ما كان لأبي بسبب الإمامة فهو لي ( أي لمقام الإمامة والولاية )، وما كان غير ذلك فهوُ ميراث على كتاب الله وسُنّة نبيّه »(١) .

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦: باب ٢ من أبواب الانفال: ٣٧٤.

٥٨٧

وهذا الحديث يفيد بوضوح أنّ الأموال التي ترد إلى الحاكم الإسلاميّ تتنوّع إلى نوعين، نوع يعطى له لكونه إماماً وحاكماً من أجل أن يصرفه في مصالح الاُمّة والنوع الآخر ما يملكه كسائر الناس من أسباب عاديّة.

وقد شدّد الإسلام على الحاكم الإسلاميّ بأن يحرص على الأموال ( العامّة ) ويصرفها في شؤون المسلمين ولا يتصرّف فيها تصرّفاً شخصيّاً كما يتصرّف في أمواله الخاصّة إلّا بقدر الضرورة.

فليس له أن يتقلّب فيها كما يشاء ويحرم منها أصحابها الشرعيّين وهم الاُمّة الإسلاميّة كما ليس له أن ينفقها على حواشيه وبطانته بلا استحقاق، فالحاكم أمين الاُمّة وخازن أموالها كما قال عليّعليه‌السلام في كتابه إلى عامله: « ليس لك أن تفتات في رعيّة، ولا تُخاطر إلّا بوثيقة، وفي يديك مال من مال الله عزّ وجلّ وأنت من خُزّانه »(١) .

وفي كتاب له إلى أهل مصر قال: « ولكنّني آسي أن يلي أمر هذه الاُمّة سُفهاؤُها وفُجّارُها فيتّخذُوا مال الله دُولاً وعبادهُ خولاً، والصّالحين حرباً والفاسقين حزباً »(٢) .

وفي كتاب له إلى عبد الله بن العبّاس: « وانظُر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفهُ إلى من قبلك من ذوي العيال المجاعة »(٣) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد

وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

__________________

(١ و ٢ و ٣) نهج البلاغة: قسم الكتب ( الرقم ٦ و ٢ و ١٢٨ ).

٥٨٨

٥٨٩

٥٩٠

فهرس مصادر الكتاب

بعد القرآن الكريم

حرف الألف

١. الإحتجاج: الطبرسى: أبو منصور أحمد بن علي ( من أعلام القرن السادس الهجري ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٢. الأحكام السلطانية: الماوردي: علي بن محمد ( م ٤٥٠ ه‍ ) دار الكتب العلمية، بيروت.

٣. أحكام القرآن: الجصاص: أحمد بن علي ( م ٣٧٠ ه‍ ) دار الكتاب العربي، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٤. الإرشاد: المفيد: محمد بن محمد بن النعمان ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ ه‍ ) قم ـ ١٤٠٢ ه‍.

٥. ارشاد الساري: القسطلاني: أبو العباس: أحمد بن محمد ( ٨٥١ ـ ٩٢٣ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٦. اُسد الغابة: ابن الأثير: أبو الحسن: علي بن أبي الكرم ( م ٦٣٠ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٧. أسنى المطالب: محمد بن محمد الجزري الشافعي ( م ٨٣٣ ه‍ ) مكتبة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام اصفهان ـ إيران.

٥٩١

٨. الإصابة: العسقلاني: أحمد بن علي بن حجر ( م ٨٥٢ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ ١٣٥٨ ه‍.

٩. أصل سليم بن قيس: سليم بن قيس الهلالي العامري ( م ٩٠ ه‍ ) دار الفنون، بيروت ـ ١٤٠٠ ه‍.

١٠. أضواء على السنّة المحمّدية: محمود أبو ريّة، مطبعة صور الحديثة ـ ١٣٨٣ ه‍.

١١. الأعلام: خير الدين الزرگلي ( م ١٣٩٦ ه‍ ) دار العلم للملايين، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

١٢. أعلام الورى: الطبرسى: الفضل بن الحسن ( ٤٧١ ـ ٥٤٨ ه‍ ) طبع إيران.

١٣. أعيان الشيعة: السيّد محسن الأمين العاملي ( م ١٣٧١ ه‍ ) دار التعارف، بيروت.

١٤. اقتصاديات العالم الإسلامي.

١٥. الأمالي: الشيخ الصدوق ( م ٣٨١ ه‍ ) المكتبة الإسلامية، طهران.

١٦. الإمام علي صوت العدالة الإنسانية: جورج جرداق، دار الروائع، بيروت.

١٧. الإمامة في التشريع الإسلامي: المحقّق المعاصر محمد مهدي الآصفي، طبع النجف الأشرف ـ ١٣٨٣ ه‍.

١٨. الإمامة والسياسة: الدينوري: عبد الله بن مسلم بن قتيبة ( م ٢٧٦ ه‍ ) مطبعة مصطفى محمّد، مصر.

١٩. الأموال: الحافظ أبو عبيد: سلام بن القاسم ( م ٢٢٤ ه‍ ) دار الحداثة، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

حرف الباء

٢٠. بحار الأنوار: محمّد باقر المجلسي ( م ١١١١ ه‍ ) مؤسسة الوفاء، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٢١. البداية وآلنهاية: ابن كثير: الحافظ أبو الفداء ( م ٧٧٤ ه‍ ) دار الفكر، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

٢٢. البرهان في تفسير القرآن: البحراني: السيّد هاشم التوبلي ( م ١١٠٧ ه‍ ) قم ـ

٥٩٢

١٣٧٥ ه‍.

٢٣. بصائر الدرجات: الصفار: محمّد بن الحسن ( م ٢٩٠ ه‍ ) شركت چاپ كتاب ـ ١٣٨٠ ه‍.

٢٤. بلاغات النساء: ابن طيفور: أحمد بن أبي ظاهر ( م ٣٨٠ ه‍ ) مكتبة بصيرتي، قم ـ إيران.

٢٥. بلاغة الحسين: الموسوي الحائري: مصطفى محسن، طبع إيران ـ ١٣٦٩ ه‍.

٢٦. البيان والتبيين: أبو عثمان: عمرو بن بحر الجاحظ ( م ٢٥٥ ه‍ ) دار الفكر للجميع، بيروت ـ ١٩٦٨ م.

حرف التاء

٢٧. التاج: أبو عثمان: عمرو بن بحر الجاحظ ( م ٢٥٥ ه‍ ) مطبعة تابان ـ ١٣٤٩ ه‍.

٢٨. التاج الجامع للاُصول: الشيخ منصور علي ناصف، دار الفكر، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٢٩. تاريخ الإسلام السياسى: الدكتور حسن إبراهيم حسن ( المعاصر ) مصر.

٣٠. تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي: أبوبكر: أحمد بن علي ( م ٤٦٣ ه‍ ) المكتبة السلفية، المدينة المنوّرة.

٣١. تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب ( من علماء القرن الثالث الهجري ) المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف.

٣٢. التبيان في تفسير القرآن: الطوسي: محمّد بن الحسن ( م ٤٦٠ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٣٣. تحرير الوسيلة: الإمام الخميني ( م ١٤٠٩ ه‍ ) مؤسسة مطبوعات دار العلم، قم إيران.

٣٤. تحف العقول: الحرّاني: الحسن بن علي ( من أعلام القرن الرابع الهجري ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٣٩٤ ه‍.

٣٥. تذكرة الخواص: سبط ابن الجوزي ( ٥٨١ ـ ٦٥٤ ه‍ ) مؤسسة أهل البيت، بيروت ـ ١٤٠١ ه‍.

٥٩٣

٣٦. تذكرة الفقهاء: العلاّمة الحلّي: الحسن بن يوسف ( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه‍ ) منشورات المكتبة المرتضوية، إيران.

٣٧. التراتيب الإدارية: الشيخ عبد الحي الكتّاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٣٨. التفسير: ابن كثير: إسماعيل الدمشقي ( م ٧٧٤ ه‍ ) دار الفكر، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٣٩. تفسير الخازن: الشيخ علاء الدين محمد البغدادي، طبع القاهرة.

٤٠. التفسير الكبير: الفخر الرازي: محمد بن عمر الخطيب ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٤١. تفسير الطبري: أبو جعفر: محمّد بن جرير ( م ٣١٠ ه‍ ) دار المعرفة، بيروت ـ ١٤٠٠ ه‍.

٤٢. تفسير العياشي: أبو النضر: محمّد بن مسعود ( ٣٢٠ ه‍ ) المطبعة العلمية، قم.

٤٣. تفسير القمي: علي بن إبراهيم ( من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري ) مطبعة النجف ـ ١٣٨٧ ه‍.

٤٤. تفسير المنار: محمّد رشيد رضا ( م ١٣٥٤ ه‍ ) دار المنار، مصر ـ ١٣٧٣ ه‍.

٤٥. تفسير الميزان: العلاّمة الطباطبائي: محمّد حسين ( ١٣٢١ ـ ١٤٠٢ ه‍ ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٣٩٣ ه‍.

٤٦. تنقيح المقال: عبد الله المامقاني ( ١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ه‍ ) النجف الأشرف ـ ١٣٥٠ ه‍.

٤٧. تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك: جلال الدين السيوطي ( م ٩١١ ه‍ ) دار الفكر.

حرف الثاء

٤٨. ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق: محمد بن بابويه القمي ( ٣٨١ ه‍ ) مكتبة الصدوق، طهران.

حرف الجيم

٤٩. جامع الاُصول: ابن الأثير الجزري: المبارك بن محمّد ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍ ) دار الفكر، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٥٩٤

٥٠. الجامع الكبير: جلال الدين السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ه‍ ) طبع دمشق.

٥١. جمع الجوامع: جلال الدين السيوطي ( م ٩١١ ه‍ ).

٥٢. الجمهورية: أفلاطون.

٥٣. الجواهر: الحرّ العاملي ( م ١١٠٤ ه‍ )

٥٤. جواهر الكلام: النجفي: محمّد حسن ( م ١٢٦٦ ه‍ ) دار احياء التراث العربي، بيروت ـ ١٩٨١ م.

حرف الحاء

٥٥. حركات ومذاهب في ميزان الإسلام.

٥٦. حقوق الإنسان: السيّد ميرزا إبراهيم خان، طهران ـ ١٣٣١ ه‍.

٥٧. الحكومة الإسلامية: الإمام الخميني ( م ١٤٠٩ ه‍ ) المكتبة الإسلامية الكبرى، طهران.

٥٨. الحل الإسلامي فريضة وضرورة: الدكتور يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ ١٤٠٠ ه‍.

٥٩. حلية الأولياء: أبو نعيم: أحمد بن عبد الله الإصبهاني ( م ٤٣٠ ه‍ ) دار الكتاب العربي، بيروت ـ ١٣٨٧ ه‍.

حرف الخاء

٦٠. الخصائص: النسائي: أبو عبد الرحمان أحمد ( ٢١٥ ـ ٣٠٣ ه‍ ) المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف ـ ١٣٨٨ ه‍.

٦١. الخصال: الصدوق: محمد بن بابويه القمي ( م ٣٨١ ه‍ ) منشورات جماعة المدرسين، قم ـ ١٤٠٣ ه‍.

٦٢. الخراج: القاضي أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم ( م ١٨٢ ه‍ ) دار المعرفة، بيروت ـ ١٣٩٥ ه‍.

٦٣. الخلاف: الشيخ الطوسي: محمد بن الحسن ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍ ) دار الكتب العلمية، قم ـ إيران.

٥٩٥

٦٤. الخلافة والإمامة: عبد الكريم الخطيب ( ١٣٩٦ ه‍ ) دار المعرفة، بيروت ـ ١٣٩٥ ه‍.

حرف الدال

٦٥. دائرة المعارف: فريد وجدي، مطبعة دائرة معارف القرن العشرين ـ ١٣٨٦ ه‍.

٦٦. الدر المنثور: السيوطي: جلال الدين ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ه‍ ) دار الفكر، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٦٧. الدعوة إلى الإسلام: السير توماس ارنولد.

حرف الذال

٦٨. ذخائر العقبى: المحب الطبري: أحمد بن عبد الله ( ٦١٥ ـ ٦٩٤ ه‍ ) مكتبة القدسي، القاهرة ـ ١٣٥٦ ه‍.

٦٩. الذريعة: آقا بزرگ الطهراني ( ١٢٩٣ ـ ١٣٨٩ ه‍ ) دار الأضواء، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

حرف الراء

٧٠. الراعي والرعية: توفيق الفكيكي، مؤسسة نهج البلاغة، طهران ـ ١٤٠٢ ه‍.

٧١. الرجال: أبو عمرو الكشي ( من علماء القرن الرابع الهجري ) مؤسسة الأعلمي، كربلاء ـ العراق.

٧٢. رسالة الحقوق: الإمام علي بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام المكتبة الرضوية ـ طهران.

٧٣. روح الشرائع: مونتسكيوبان، ترجمة عادل زعيتر، دار التعارف، مصر ـ ١٩٥٣ م.

٧٤. روض الجنان: الشيخ أبو الفتوح الرازي ( حوالي ٥٨٨ ه‍ ).

٧٥. روضة الواعظين: الفتّال النيسابوري: محمّد بن علي ( من علماء القرن السادس الهجري ) تبريز ـ ١٣٣٣ ه‍.

٧٦. الرياض النضرة: المحب الطبري: أحمد بن عبد الله ( ٦١٥ ـ ٦٩٤ ه‍ ) دار

٥٩٦

الكتب العلمية، بيروت.

حرف الزاي

٧٧. زين الفتى في تفسير هل أتى: أحمد بن محمّد بن علي الشافعي، مخطوط.

حرف السين

٧٨. سفينة البحار: الشيخ عباس القمي ( ١٢٩٤ ـ ١٣٥٩ ه‍ ) طبعة حجر، النجف الأشرف.

٧٩. السلام العالمي وآلإسلام: سيد قطب، مكتبة وهبة، القاهرة.

٨٠. سنن ابن ماجة: أبو عبد الله: محمّد بن يزيد القزويني ( ٢٠٧ ـ ٢٧٥ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ ١٣٩٥ ه‍.

٨١. سنن أبي داود: أبو داود السجستاني ( م ٢٧٥ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٨٢. سنن الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمان ( ١٨١ ـ ٢٥٥ ه‍ ) دار إحياء السنة النبويّة.

٨٣. السنن الكبرى: البيهقي: أبوبكر: أحمد بن الحسين ( م ٤٥٨ ه‍ ) دار المعرفة، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٨٤. سنن النبي: العلاّمة الطباطبائي ( م ١٤٠٢ ه‍ ) المكتبة الإسلامية، طهران.

٨٥. السياسة: محمد الحسيني الشيرازي ( المعاصر ) مطبعة سيد الشهداء، قم ـ ١٤٠١ ه‍.

٨٦. السيرة الحلبية: الحلبي: برهان الدين علي بن إبراهيم ( م ١٠٤٤ ه‍ ) المكتبة الإسلامية، بيروت.

٨٧. السيرة الدحلانية على هامش السيرة الحلبية: السيد أحمد زيني دحلان، المكتبة الإسلامية، بيروت.

٨٨. السيرة النبوية: ابن هشام: عبد الملك بن أيوب الحميري ( م ٢١٣ أو ٢١٨ ه‍ ) دار التراث العربي، بيروت.

٥٩٧

حرف الشين

٨٩. الشاهنامة: الفردوسي: أبو القاسم الفردوسي، طهران ـ ١٣٧٦ ه‍.

٩٠. الشخصية الدولية: محمد كامل ياقوت.

٩١. شرائع الإسلام: المحقق الحلّي: أبو القاسم: جعفر بن الحسن ( ٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه‍ ) دار الأضواء، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٩٢. نسيم الرياض في شرح الشفاء: القاضي عياض، دار الفكر، بيروت.

٩٣. شرح صحيح مسلم: النووي: أبو زكريا: يحيى بن شرف ( ٦٣١ ـ ٦٧٦ ه‍ ) دار القلم، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

٩٤. شرح المواقف: السيد الشريف الجرجاني ( م ٨١٦ ه‍ ) مؤسسة السعادة، القاهرة ـ ١٣٢٥ ه‍.

٩٥. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد ( م ٦٥٥ ه‍ ) دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ـ ١٣٧٨ ه‍.

٩٦. الشفاء: الشيخ الرئيس ابن سينا ( م ٤٢٨ ه‍ ) انتشارات بيدار، إيران.

٩٧. الشورى بين النظرية والتطبيق.

حرف الصاد

٩٨. صحاح اللغة: الجوهري: اسماعيل بن حماد، دار العلم للملايين، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

٩٩. الصحيح: البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ( م ٢٥٦ ه‍ ) مكتبة عبد الحميد أحمد حنفي، مصر ـ ١٣١٤ ه‍.

١٠٠. الصحيح: الترمذي: محمد بن عيسى ( م ٢٧٩ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

١٠١. الصحيح: مسلم بن الحجاج القشيري ( م ٢٦١ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

٥٩٨

١٠٢. الصحيح: النسائي: أحمد بن شعيب ( م ٣٠٣ ه‍ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت.

١٠٣. الصحيفة السجادية: الإمام زين العابدين علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مؤسسة الإمام المهدي ـ عج ـ، قم ـ ١٤١١ ه‍.

حرف الطاء

١٠٤. طبقات الحفاظ: جلال الدين السيوطي ( ٨٤٩ ـ ٩١١ ه‍ ) دار الكتب العلمية، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

١٠٥. الطبقات الكبرى: محمد بن سعد ( م ٢٣٠ ه‍ ) دار صادر، بيروت ـ ١٣٨٠ ه‍.

حرف العين

١٠٦. عجائب أحكام أمير المؤمنين.

١٠٧. العروة الوثقى: السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، المكتبة العلمية، طهران ـ ١٣٩٩ ه‍.

١٠٨. علل الشرائع: الصدوق: محمد بن بابويه القمي ( م ٣٨١ ه‍ ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٠٩. عيون أخبار الرضاعليه‌السلام : الشيخ الصدوق ( ٣٨١ ه‍ ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

حرف الغين

١١٠. غاية المرام: السيد هاشم البحراني ( م ١١٠٧ ه‍ ) طبعة حجر، إيران.

١١١. الغدير: الأميني: عبد الحسين أحمد النجفي ( ١٣٢٠ ـ ١٣٩٠ ه‍ ) دار الكتاب العربي، بيروت ـ ١٣٨٧ ه‍.

١١٢. غرر الحكم: عبد الواحد الآمدي التميمي ( من علماء القرن الخامس الهجري ) مؤسسة الأعلمي، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

١١٣. غريب مفردات الحديث: ابن الأثير ( ٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍ ) دار إحياء الكتب العربية

٥٩٩

ـ ١٣٨٣ ه‍.

حرف الفاء

١١٤. فتوح البلدان: البلاذري: أبو الحسن ( م ٢٧٩ ه‍ ) المكتبة التجارية، مصر ـ ١٩٥٩ م.

١١٥. فرائد السمطين: إبراهيم بن محمد الحمويني، مطبعة النعمان، النجف الأشرف.

١١٦. الفرائد: الشيخ الأنصاري ( ١٢١٢ ـ ١٢٨١ ه‍ ) طبعة حجر، إيران.

١١٧. الفَرق بين الفِرَق: البغدادي: عبد القاهر بن طاهر بن محمد ( م ٤٢٩ ه‍ ) دار المعرفة، بيروت.

١١٨. الفقه على المذاهب الأربعة: عبد الرحمان الجزيري: دار إحياء التراث العربي، بيروت.

١١٩. في ظلال القرآن: سيد قطب، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ ١٣٨٦ ه‍.

حرف القاف

١٢٠. قاموس اللغة: الفيروزآبادي: محمد بن يعقوب ( ٧٢٩ ـ ٨١٦ ه‍ ) القاهرة ـ ١٣٣٣ ه‍.

١٢١. قرب الإسناد: الحميري القمي: عبد الله بن جعفر ( من أعلام القرن الثالث الهجري ) مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

١٢٢. قصة الحضارة: ويل ديورانت، دار الجيل، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٢٣. قضاء أمير المؤمنين: محمّد تقي التستري، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

حرف الكاف

١٢٤. الكافي: الكليني: محمد بن يعقوب ( م ٣٢٩ ه‍ ) دار الكتب الإسلامية، طهران ـ ١٣٨٨ ه‍.

١٢٥. الكامل في التاريخ: ابن الأثير الجزري: محمد بن محمد ( م ٦٣٠ ه‍ ) دار الكتاب

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627