مفاهيم القرآن الجزء ٤

مفاهيم القرآن0%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-221-8
الصفحات: 407

مفاهيم القرآن

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف:

ISBN: 964-357-221-8
الصفحات: 407
المشاهدات: 99888
تحميل: 6274


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99888 / تحميل: 6274
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء 4

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: 964-357-221-8
العربية

ومعناه حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قاتل تلك النفس(١) .

وأنت ترى أنّ هذا التفسير لا ينطبق على قوله:( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ) أي اضربوا النفس المقتولة ببعض جسم البقرة( كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَىٰ ) فهل كان في غسل الأيدي على البقرة المكسورة العنق، ضرب المقتول ببعض البقرة ؟! هذا أوّلاً.

وأمّا ثانياً: كيف استند الأستاذ ـ في تفسير الآية الحاضرة ـ بما ورد في التوراة، مع أنّ المشهود منه أنّه يستوحش كثيراً من بعض الروايات التي ربما توافق ما ورد في الكتب المقدسة، ويصفها بالإسرائيليات والمسيحيات، ومع ذلك عدل عن مسلكه واستند في تفسير الذكر الحكيم بالكلم المحرف.

وليس هذا التفسير ـ في حقيقته ـ إلّا لأجل ما اتخذه الأستاذ من موقف مسبق تجاه المعاجز والكرامات، وخوارق العادة، وغير ذلك مما يرجع إلى عالم الغيب.

النموذج الرابع

قال الله سبحانه:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (٢) .

ذهب الجمهور إلى أنّهم قوم من بني إسرائيل فرّوا من الطاعون أو من الجهاد، فأرسل عليهم الموت، فلمّا رأوا أنّ الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم

__________________

(١) تفسير المنار: ١ / ٣٤٥ ـ ٣٥٠.

(٢) البقرة: ٢٤٣.

٢١

فراراً منه، فأماتهم الله جميعاً وأمات دوابهم ثم أحياهم، لمصالح وغايات أُشير إليها في الآية.

هذا هو ما ذهب إليه الجمهور، ولكن الأستاذ أنكر ذلك واختار كون الآية مسوقة سوق المثل، وانّ المراد بهم قوم هجم عليهم أُولو القوة والقدرة من أعدائهم لاستذلالهم واستخدامهم وبسط السلطة عليهم، فلم يدافعوا عن استقلالهم وخرجوا من ديارهم وهم أُلوف، لهم كثرة وعزة حذر الموت، فقال لهم الله: موتوا موت الخزي والجهل، والخزي موت، والعلم وإباء الضيم حياة، فهؤلاء ماتوا بالخزي وتمكن الأعداء، منهم، وبقوا أمواتاً ثم أحياهم بإلقاء روح النهضة، والدفاع عن الحق فيهم، فقاموا بحقوق أنفسهم، واستقلّوا في أمرهم(١) .

ولا يخفى على القارئ الكريم أنّ تفسير الأستاذ هذا نابع من موقفه المسبق حول خوارق العادة والكرامات والمعجزات وذلك :

أوّلاً: أنّه لو كانت الآية مسوقة سوق المثل وجب أن تذكر فيه لفظة « المثل » كما هو دأبه سبحانه في الأمثال القرآنية، مثل قوله:( كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ) (٢) . وقوله تعالى:( إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ ) (٣) . وقوله تعالى:( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) (٤) .

فحمل الآية على المثل وإخراجها عن كونها وردت لبيان قصة حقيقية، تفسير بلا شاهد، وتأويل بلا دليل.

ثانياً: لو كان المراد من الموت هو موت الخزي والجهل، ومن الحياة روح النهضة والدفاع عن الحق، فحيث إنّ المفروض أنّهم قاموا بحقوق أنفسهم

__________________

(١) تفسير المنار: ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

(٢) البقرة: ١٧.

(٣) يونس: ٢٤.

(٤) الجمعة: ٥.

٢٢

واستقلوا بأمرهم، وجب أن يمدحوا، ويذكروا بخير، مع أنّه سبحانه يقول في ذيل الآية ذاماً لهم:( إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ) .

والعجب أنّ الأستاذ ردَّ نظرية الجمهور بقوله سبحانه:( لا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلا المَوْتَةَ الأُولَىٰ ) (١) قائلاً بأنّه لا معنى لحياتين في هذه الدنيا(٢) .

والجواب: أنّ الحياة الدنيا لا تصير بتخلل الموت حياتين، بل هي حياة واحدة، أيضاً، وإلاّ فماذا يقول في أصحاب الكهف الذين ضرب الله على أسماعهم ثلاثمائة سنة انقطعوا فيها عن هذه الحياة ثم رجعوا إليها، والسبات على طائفة بمدة ثلاثمائة سنة، لا تقصر عن الموت، بل هو والموت سواسية.

ولو قال بأنّ ظاهر الآية انّ الناس لا يذوقون إلّا موتة واحدة، وعلى هذا التفسير فهؤلاء ذاقوا الموت مرتين.

فجوابه: أنّ مشيئته سبحانه هو أن لا يذوق الانسان إلّا موتة واحدة، إلّا إذا كانت هناك مصالح توجب تعدد الموت، مثل قوله سبحانه:( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) .(٣) وقوله:( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٤) . وليست الآية راجعة إلى يوم البعث، فإنّه يحشر فيه جميع الناس والأمم جمعاء لا فوج منهم.

النموذج الخامس :

قال الله سبحانه:( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ

__________________

(١) الدخان: ٥٦.

(٢) تفسير المنار: ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

(٣) غافر: ١١.

(٤) النمل: ٨٣.

٢٣

يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَبِثْتَ مائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) .

ذهب الجمهور إلى أنّ الرجل المذكور في الآية كان من الصلحاء عالماً بمقام ربّه، مراقباً لأمره، بل كان شخصاً مكلَّماً كما يحكي عنه قوله سبحانه:( ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ) فخرج من داره قاصداً مكاناً بعيداً عن قريته التي كان بها، والدليل على ذلك خروجه مع حمار يركبه وحمله طعاماً وشراباً يتغذى بهما، فلما صار إلى ما كان يقصده مرّ بالقرية التي ذكر الله أنّها كانت خاوية على عروشها، ولم يكن قاصداً نفس القرية، وإنّما مرّ بها مروراً ثم وقف معتبراً بما شاهده من القرية الخربة قائلاً كما يحكيه عنه سبحانه:( أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ) مستعظماً ـ بذلك ـ الإحياء بعد طول المكث في القبور ورجوعهم إلى حياتهم الأولى، فأماته الله سبحانه ثم بعثه.

وقد كانت الإماتة والإحياء في وقتين مختلفين من النهار، واستفسر عنه سبحانه بقوله:( كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) فردّ الله سبحانه عليه بقوله:( بَل لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ) فرأى من نفسه أنّه شاهد مائة سنة كيوم أو بعض يوم، فكان في ذلك جواب ما استعظمه من إمكان الإحياء بعد طول المكث.

ولكن الأستاذ فسّر « الموت » في الآية بالسبات، وهو أن يفقد الموجود الحي، الحس والشعور مع بقاء أصل الحياة مدّة من الزمان، أياماً أو شهوراً، أو سنين، كما أنّه الظاهر من قصة أصحاب الكهف، ورقودهم ثلاثمائة وتسع سنين ثم بعثهم عن الرقدة فالقصة تشبه القصة(٢) .

__________________

(١) البقرة: ٢٥٩.

(٢) تفسير المنار: ٣ / ٤٩ ـ ٥٠.

٢٤

وأنت تعرف أنّ تفسير الموت ب‍ « السبات » ناشئ من موقف مسبق في هذا النوع من الموضوعات، مع كونه خلاف ظاهر( فَأَمَاتَهُ اللهُ ) وهو ظاهر في الموت الحقيقي المتعارف دون السبات الذي ابتدعه الأستاذ، وقياسه على أصحاب الكهف قياس مع الفارق، حيث إنّه سبحانه يصرح هناك بالسبات بقوله:( فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ) (١) .

ثمّ إنّه ارتكب مثل هذا التأويل في قوله سبحانه:( وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً ) ، فمن أراد الوقوف عليه فليرجع إلى تفسيره.

النموذج السادس :

وليس ما ذكر هو الخطأ الأخير الذي وقع فيه الأستاذ في تفسير سورة واحدة، وهي سورة البقرة، فقد ارتكب مثل هذا التأويل البارد أيضاً في تفسير قول الله سبحانه:( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٢) .

فقد ذهب الجمهور إلى أنّ إبراهيم طلب من ربّه أنْ يطلعه على كيفية إحياء الموتى، فأمره الله تعالى بأن يأخذ أربعة من الطير فيقطعها أجزاء ويفرّقها على عدّة جبال هناك ثمّ يدعوها إليه فتجيئه، وأنّهعليه‌السلام قد فعل ذلك.

ولكن الأستاذ اتخذ رأياً خاصّاً نقل عن أبي مسلم أيضاً، وهو: أنّه ليس في الآية ما يدل على أنّ إبراهيمعليه‌السلام فعل ذلك، وما كل أمر يقصد به الامتثال، فإنّ

__________________

(١) الكهف: ١١.

(٢) البقرة: ٢٦٠.

٢٥

من الخبر ما يأتي بصيغة الأمر لا سيما إذا أُريد زيادة البيان، كما إذا سألك سائل كيف يصنع الخبز ؟ مثلاً فتقول: خذ كذا وكذا وافعل به كذا وكذا يكن خبزاً، تريد هذه كيفيته، ولا تعني تكليفه صنع الخبز بالفعل، وفي القرآن كثير من الأمر الذي يراد به الخبر، والكلام ها هنا مثل لإحياء الموتى.

ثمّ إنّه جاء بتفسير عجيب للآية، إذ قال: معناه خذ أربعة من الطير فضمها إليك، وآنسها بك حتى تأنس، وتصير بحيث تجيب دعوتك، فإنّ الطيور من أشد الحيوانات استعداداً لذلك، ثمّ اجعل كل واحد منها على جبل ثمّ ادعها فانّها تسرع إليك، لا يمنعها تفرّق أمكنتها، وبعدها عن ذلك، كذلك أمر ربّك إذا أراد إحياء الموتى، يدعوهم بكلمة التكوين « كونوا أحياء » فيكونوا أحياء، والغرض منه ذكر مثال محسوس في عود الأرواح إلى الأجساد على سبيل السهولة(١) .

ثمّ إنّ الأستاذ اختار هذا المعنى قائلاً: إنّ تفسير أبي مسلم هو المختار !!

نحن لا نرد على هذا النظر بما في إمكاننا، غير أنّا نكتفي في إبطال هذا التفسير بأنّه سبحانه قال في الآية:( ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ) ولم يقل: واحداً منها، وعلى ما ذكره يجب أن يقول: واحداً.

فإذا كان هذا هو مسلك الأستاذ الذي كان يعيش في بيئة علمية دينية تؤمن بالسنن والصحاح والمسانيد، وموقفه من المعاجز والكرامات وخوارق العادة، فكيف يكون يا تُرى موقف الجدد من الكتّاب الذي تأثروا بالحضارة الغربية المادية والأفكار الإلحادية الواردة من الشرق والغرب فصاروا إلى تأويل هذه المعاجز والخوارق على هذا النمط، أسرع وأميل ؟!

__________________

(١) المنار: ٣ / ٥٤ ـ ٥٦.

٢٦

إنّ هذا الأمر هو الذي دفع بنا إلى أن نجعل البحث في هذا الكتاب حول المعاجز والكرامات الواردة للنبي الأكرم في القرآن، وأنْ نشبع الكلام فيه، وأنْ نقوم في وجه المعاندين الذين جعلوا بعض الآيات القرآنية ذريعة إلى نفي أن يكون لنبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله معاجز غير القرآن، آملين أن ينتفع به الجيل الحاضر كما انتفع بالأجزاء السابقة، ويقوى به إيمانه ليكون ممن يشمله قوله:( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) والله المستعان.

جعفر السبحاني

قم ـ مؤسسة الإمام الصادقعليه‌السلام

١٥ شعبان المعظم من شهور عام ١٤٠٥ ه‍

٢٧
٢٨

١

أجر الرسالة المحمدية

في القرآن الكريم

٢٩

في هذا الفصل :

١. توضيح المراد من « المودة في القربى » حسب معاجم اللغة العربية، وفهم السلف من الأمّة.

٢. التوفيق بين مفاد الآية المثبتة للأجر للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المطلوب من الأمّة، والآيات النافية له بتاتاً.

٣. كيف يعود هذا الأجر إلى الناس أنفسهم دون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما هو صريح قوله سبحانه:( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) ؟

٤. هل المستثنى في الآية هو المستثنى في قوله سبحانه:( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ) ؟

٥. حال الأقوال الشاذة التي ربّما يذكرها المفسّرون حول الآية.

٦. نقل بعض ما رواه الفريقان من المأثورات حول الآية.

٣٠

شعار الأنبياء في طريق دعوتهم هو

( مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ )

إنَّ أخلص الأعمال وأطهرها من شوائب المادية ما يكون الدافع إلى الإتيان بها وجه الله سبحانه وكسب مرضاته، وامتثال أمره، وإطاعة فرضه، ولو أردنا أن نأتي بمثال، أو نعرض نموذجاً، فعمل الأنبياء ودعوتهم إلى إصلاح المجتمع خير مثال ونموذج له.

وقد اتفقت كلمة الأنبياء في هتافاتهم على أنَّهم يبلغون رسالات الله تطوعاً وطلباً لمرضاة الله، ولا يسألون الناس أجراً ولا جزاء، حتى صار ذلك شعاراً لهم.

وقد ورد هذا المضمون في قولهم الذي حكاه الله عنهم في قرآنه الكريم، إذ قال :

( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَىٰ رَبِّ العَالَمِينَ ) (١) .

وقد أمر الله سبحانه نبيه الكريم أن يقول :

( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ) (٢) .

وقد أصبح هذا الشعار يعرف به النبي عن غيره، ويميّز به المبعوث من جانبه سبحانه عن المبعوث من جانب نفسه ونفسانياته أو من جانب غيره.

__________________

(١) انظر سورة الشعراء: الآيات: ١٠٩، ١٢٧، ١٤٥، ١٦٤، ١٨٠.

(٢) الفرقان: ٥٧.

٣١

ويشهد على ذلك قوله سبحانه حاكياً عن الرجل الذي جاء من أقصى المدينة داعياً الناس أن يتبعوا المرسلين، لأنهم مبعوثون من جانبه سبحانه بشهادة أنّهم لا يسألون أجراً في دعوتهم، قال سبحانه :

( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ *اتَّبِعُوا مَن لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُهْتَدُونَ ) (١) .

ثمّ إنَّ رفضهم الأجر في تبليغ أوامره سبحانه كان لأجل أمرين :

١. أنّ ما قام به الأنبياء من الخدمة للناس أعلى وأنبل من أن يقوّم بالدراهم والدنانير، أو بالمناصب والمقامات الدنيوية، فأي شيء يساوي إنقاذ الناس من الخضوع للحجر والمدر، والأشكال والصور والخوض في قبائح الأعمال، ورذائلها مما يحطم السعادة الإنسانية ويجلب للبشر الشقاء والانحطاط ؟

أم ترى بماذا يقوّم إنقاذ الأمم مما كانت عليه قبل بعث الأنبياء من الفتك والقتل ووأد البنين والبنات، وشن الغارات، وقطع الرحم وأكل الميتة والجيف، وغير ذلك من الفظائع الشائعة في الأمم الجاهلة، والمتفشية في الأقوام المنحطة.

وتوقفك على قيمة أعمالهم، وخدماتهم التي قدموها إلى المجتمع الإنساني ملاحظة البيئات التي لم يبلغ إليها نور النبوة ودعوة الأنبياء، فهم على وحشيتهم الأولى، وجاهليتهم الجهلاء، فما صعدوا مرقاة الكمال درجة واحدة.

فإذا كان العمل هذه قيمته، وهذه نتيجته فلا يصح تقويمه بزخارف الدنيا، وملاذ الحياة، وخاصة إذا لاحظنا أنّ عمل الأنبياء في مجال الدعوة كان مقروناً بالتضحية، وبذل النفوس والأموال، وترك الأوطان، وتحمّل الشدائد والمصائب والدفاع عن الرسالة بأفلاذ أكبادهم، فهل يمكن أن تقدّر تلكم التضحيات الجسام بالدراهم والدنانير، أو بالمناصب والمقامات ؟!

__________________

(١) يس: ٢٠ ـ ٢١.

٣٢

٢. انّ الدافع إلى قيامهم ودعوتهم كان هو امتثال أمره سبحانه وتعالى، وما كان كذلك فالله سبحانه أولى بأن يرجى منه الأجر والجزاء لا غيره، فهؤلاء الرسل كانوا يقومون بأفضل خدمة للبشرية امتثالاً لأمره سبحانه، وتنفيذاً لإرادته من غير أن يتوقعوا من سواه أجراً ولا جزاءً.

ولأجل ذلك نجد شيخ الأنبياء نوحاً يهتف في قومه بقوله :

( فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ ) (١) .

وبقوله :

( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُم مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) .(٢)

ونجد هوداً يهتف في قومه بقوله :

( يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٣) .

وهذا نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله يأمره سبحانه بالإجهار بذلك الهتاف ـ عدم سؤاله أجراً ـ بجمل وتعابير مختلفة نأتي بالجميع :

أ.( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ *إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) (٤) .

__________________

(١) يونس: ٧٢.

(٢) هود: ٢٩.

(٣) هود: ٥١.

(٤) ص: ٨٦ ـ ٨٧.

٣٣

ب.( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ) (١) .

ج.( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِن مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) (٢) .

ويعود سبحانه ينبّه نبيّه بأنّه قد أعد له أجراً عارياً عن المنّة ويقول :

( وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ) (٣) .

فأجره سبحانه عار وخال عن كل منّة بخلاف الأجر المتوقع من الناس، فإنّه مقرون بها.

هذا حال الآيات الواردة في أجر الرسالة، وهي بكلمة واحدة تنفي الأجر الموضوع على عاتق الناس.

والمراد من الأجر المرفوض هو الأجر الدنيوي الذي يتنافس فيه الناس ويتخاصمون في تحصيله من المال والثروة والمناصب والمقامات.

ويدل على ذلك وضع المال مكان الأجر في كلام نوح، حيث قال :

( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ ) (٤) .

فالأجر المنفي والمرفوض بتاتاً هو ذلك الأجر الدنيوي بلا إشكال.

نعم يظهر من سورة الشورى أنّه سبحانه استثنى من الأجر المنفي أجراً واحداً وهو المودة في القربى حيث يقول:( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) (٥) .

كما أنّه سبحانه استثنى في سورة الفرقان من الأجر المرفوض أمراً ربّما يتوهم

__________________

(١) الأنعام: ٩٠.

(٢) الطور: ٤٠، والقلم: ٤٦.

(٣) القلم: ٣.

(٤) هود: ٢٩.

(٥) الشورى: ٢٣.

٣٤

تغايره مع ما سأله في سورة الشورى قال سبحانه :

( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ) (١) .

ثمّ إنّه سبحانه قد أخبر في آية ثالثة بأنّ الأجر الوارد في هاتين الآيتين يرجع بالنتيجة إلى الناس أنفسهم لا إلى النبي نفسه، كما قال سبحانه :

( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (٢) .

ولأجل الإجابة على هذه الأسئلة ورفع الستار عن وجه الحقيقة في هذا المجال يقع البحث في مقامات هي :

الأوّل: ما المراد من المودّة في القربى التي جعلها الله سبحانه في ظاهر الآية أجراً للرسالة ؟

الثاني: كيف يمكن التأليف والتوفيق بين هذه الآية والآيات النافية للأجر بتاتاً ؟

الثالث: كيف يعود نفع هذا الأجر إلى الناس أنفسهم دون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

الرابع: هل المستثنى في قوله:( إِلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) هو المستثنى في قوله:( إِلا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ) أو غيره ؟

الخامس: حال الوجوه التي ذكرها المفسّرون في تفسير( المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) .

السادس: سرد الروايات والمأثورات التي رواها الفريقان في تفسير الآية.

وإليك البحث في المقام الأوّل :

__________________

(١) الفرقان: ٥٧.

(٢) سبأ: ٤٧.

٣٥

المقام الأوّل

ما هو المراد من( المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) ؟

قبل كل شيء نلفت نظر القارئ إلى أمرين :

الأوّل: أنّه لا مجال للشك في أنّ هذه الآية كانت واضحة المفهوم، بيّنة المراد عند نزولها، ولم تكن تشير إلّا إلى معنى واحد.

الثاني: أنّه لا شك في أنّ السلف هم أفضل من يمكن الرجوع إليهم في تفسير مفاد الآية لقرب عهدهم بعصر الرسالة.

وعلى هذين الأمرين نبدأ بتفسير الآية، ولنقدم عرض مفرداتها على معاجم اللغة، وفي محاولتنا لعرضها على اللغة لا تمس الحاجة إلى البحث إلّا عن كلمتين وهما:( المَوَدَّةَ ) و( القُرْبَىٰ ) .

أمّا كلمة « المودَّة »: فقد اتفقت كتب اللغة والقواميس على أنّها لا تعني إلّا شيئاً واحداً، وهو: المحبة، فإذا قيل فلان يودّ فلاناً معناه: أنّ فلاناً يحب فلاناً.

يقول ابن فارس في مادة ود: « الود » أي الحب، وددته أي أحببته.

ثم قد تأتي كلمة الود بمعنى الحب مع التمني، كما لو قيل وددت أنّ ذلك كان: إذا تمنيته.

ويقول الفيروزآبادي في قاموسه في باب ود: « الود » و « الوداد » تعني « الحب ».

٣٦

هذا ولم يذكر صاحب القاموس أنّ الود قد يستعمل في الحب مع التمني.

وأمّا كلمة « القربى »: فكتب اللغة ومعاجمها متفقة على أنّها تعني القرابة والوشيجة الرحمية لا غير.

يقول ابن فارس في مادة « قرب »: القربى القرابة، وفلان قريبي وذو قرابتي.

ويقول الفيروزآبادي في مادة « قربى »: والقربى، القرابة وهو قريبي وذو قرابتي.

ويقول الزمخشري في الكشاف: « القربى » مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة، والمراد أهل القربى(١) .

وفي المنجد: « القربى » و « القربة » ـ بضم الراء ـ والقرابة، القرابة في الرحم.

فاتضح من هذه النصوص أنّ المراد من القربى هو الرابطة النسبيّة بين شخصين ليس غير.

ويؤيد ذلك أنّ المتبادر من هذه الكلمة في الموارد التي استعملها القرآن ليس إلّا ذلك المعنى الواحد الذي تصافقت عليه كتب اللغة، ولم تعرف له بديلاً.

وإذا استعملت هذه الكلمة في غير ذلك المعنى أحياناً فلابد من اعتباره معنى شاذاً بعيداً عن الأفهام العرفية، ولا يصح لنا الأخذ به مطلقاً.

نعم انّ كلمة « القربى » استعملت في القرآن بضميمة مضاف في مواضع، وبدونها في مواضع أُخرى، وقد وردت كلمة القربى في القرآن (١٥) مرة،(٢) ما عدا الآية التي نحن بصدد تفسيرها، وإليك بعض الآيات التي وردت فيها كلمة « القربى » وهي تقصد القرابة الرحمية ليس غير :

__________________

(١) الكشاف: ٣ / ٨١.

(٢) لاحظ: سورة البقرة الآية: ٨٣ و ١٧٧، النساء: ٨ و ٣٦، المائدة: ١٠٦، الأنعام: ١٥٢، الأنفال: ٤١، التوبة: ١١٣، النحل: ٩٠، الإسراء: ٢٦، النور: ٢٢، الروم: ٣٨، فاطر: ١٨، الحشر: ٧. وقد تكرّرت الكلمة في الآية ٣٦ من سورة النساء مرتين.

٣٧

( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي القُرْبَىٰ وَاليَتَامَىٰ ) (١) .

( وَآتَى المَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَىٰ وَاليَتَامَىٰ ) (٢) .

( وَاليَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ) .(٣)

( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ ) (٤) .

ماذا فهم الأوائل من( المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) ؟

قد تبين ممّا أوردناه من كلمات اللغويين مفاد مفردات الآية، ويجب الآن أن نبيّن ما هو المقصود من هذا التركيب.

فنقول: إنّ جمهور العلماء والأدباء والمفسرين بمختلف طبقاتهم وفنونهم لم يفهموا من هذه الآية سوى لزوم ولاء أقرباء النبي وعترته. نعم في مقابل هذا المعنى محتملات أُخر يذكرها بعض المفسرين، ولكنها ليست إلّا أقوالاً شاذة لا يعبأ بها، وسيوافيك بعض هذه المعاني الشاذة في الفصل الخامس من هذا البحث فنقول :

أمّا المحدّثون: فقد نقل الفريقان من السنّة والشيعة عشرات الأحاديث الدالة على أنّ الآية نزلت في لزوم ولاء أهل البيت، ومودَّة أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسوف يوافيك بعض نصوصهم في محله، وأمّا من هم أهل بيته وأقرباؤه ؟ فسيوافيك البحث عنهم في المستقبل.

__________________

(١) البقرة: ٨٣.

(٢) البقرة: ١٧٧.

(٣) النساء: ٣٦.

(٤) التوبة: ١١٣.

٣٨

وأمّا غيرهم فقد فهم الأدباء من الآية نفس ما أقرّته اللغة ورجالها، وبما أنّهم من العرب الأقحاح، وبحكم إحاطتهم باللغة العربية يكون فهمهم حجة في تفسير الآية.

ولأجل هذا نورد في ما يلي نماذج من الشعر الذي يؤكد على أنّ المودة في القربى إنّما تعني المحبة لأهل البيت النبوي، ونذكر من الكثير، القليل.

١. لقد صاغ الإمام الشافعي ما فهمه من هذه الآية في البيتين التاليين وأثبت بذلك حبّه لأهل البيت وولاءه لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

يا أهل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنّكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له(١)

٢. وقد سبق الإمام الشافعي سفيان بن مصعب العبدي الكوفي، وهو من تلاميذ الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام فصاغ ما فهمه في إحدى قصائده ولعظمة شأنه وأهمية ما قاله من الشعر في هذا المضمار أوصى الإمام الصادق شيعته بتحفيظ شعره لأبنائهم(٢) وهو يقول :

آل النبيّ محمد

أهل الفضائل والمناقب

المرشدون من العمى

والمنقذون من اللوازب

الصادقون الناطقون

السابقون إلى الرغائب

فولاهمُ فرض من الر

حمن في القرآن واجب(٣)

__________________

(١) لاحظ شرح المواهب للزرقاني: ٧ / ٨، والصواعق لابن حجر: ٨٧، والاتحاف للشبراوي: ٢٩، وإسعاف الراغبين للصبان: ١١٩، ومشارق الأنوار للحمزاوي المالكي. راجع الغدير: ١ / ١٥٢.

(٢) روى الكشي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: « يا معشر الشيعة علّموا أولادكم شعر العبدي، فإنّه على دين الله ». رجال الكشي: ٣٤٣.

(٣) لاحظ الغدير: ٢ / ٢٧٥، ط النجف.

٣٩

٣. وممّن صاغ مفاد الآية في قالب شعره هو الشيخ شمس الدين ابن العربي على ما نقل ابن حجر عنه في صواعقه ص ١٠١، ففي البيتين التاليين يكشف ابن العربي بصراحة عن أنّ المقصود من المودة في القربى ليس سوى محبة عترة الرسول حيث يقول :

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم أهل البعد يورثني القربى

فما طلب المبعوث أجراً على الهدى

بتبليغه إلّا( المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ )

٤. نجد ابن الصباغ المالكي ينسب في كتابه « الفصول المهمة ص ١٣ » البيتين التاليين إلى شاعر :

هم العروة الوثقى لمعتصم بها

مناقبهم جاءت بوحي وإنزال

مناقب في شورى وسورة هل أتى

وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

ومن الواضح أنّ الشاعر يقصد بقوله « مناقب في شورى » مفاد الآية التي نبحث عنها( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) .

وكما يذكر أيضاً لقائل آخر قوله :

هم القوم من أصفاهم الود مخلصاً

يمسك في أخراه بالسبب الأقوى

هم القوم فاقوا العالمين مناقبا

محاسنها تجلى وآياتها تروى

موالاتهم فرض وحبهم هدى

وطاعتهم ود وودهم التقوى

٥. وينسب الشبلنجي في « نور الأبصار ص ١٣ » الآبيات التالية لأبي الحسن ابن جبير :

٤٠