مفاهيم القرآن الجزء ٧

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-223-4
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265853 / تحميل: 6067
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى إذا حاذى رسول الله ناداه: يا رسول الله اُمرت بقتل قومك ؟ زعم سعد ومن معه حين مرّ بنا قال: يا أبا سفيان: « اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً » وإنّي انشدك الله في قومك فأنت أبّر الناس، وأرحم الناس، وأوصل الناس. قال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان: يا رسول الله ما نأمن سعداً أن يكون منه في قريش صولة. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله فيه قريشاً، ثمّ أمر بدفع الراية إلى عليّ بن أبي طالب فأخذ عليّ اللواء وذهب بها حتى دخل بها مكّة فغرزها عند الركن. وقال أبو سفيان: ما رأيت مثل هذه الكتيبة، ثمّ قال: لقد أصبح يا أبالفضل ملك ابن أخيك عظيماً. فقال العباس: ليس بملك ولكنّها نبوّة(١) .

ثمّ إنّ رسول الله لما نزل مكّة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت، فطاف ربّه سبعاً على راحلته. قال الواقدي: « طاف رسول الله بالبيت على راحلته، آخذ بزمامها، محمد بن مسلمة، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً مرصّصة بالرّصاص، وكان هبل أعظمها، وهو وُجاه الكعبة على بابها، وإيساف ونائلة حيث ينحرون ويذبحون الذبائح، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما مر بصنم منها، يشير بقضيب في يده ويقول:

« جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا » فيقع الصنم لوجهه(٢) .

فلمّا قضى طوافه وقف على باب الكعبة، وقد اجتمع له الناس في المسجد فقال: « لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب

__________________

(١) المغازي للواقدي: ج ٢ ص ٨١٩ ـ ٨٢٢، يعرب ذلك أنّه ما أسلم وانّما تفوّه بما تفوّه خوفاً على نفسه وحزبه وبقى على هذه الحالة إلى أن لفظت نفسه وهو ابن ثمانية وثمانين وله كلام عند ما أخذ عثمان بيده زمام الحكم. يعرب عن كفره المستتر. لاحظ تاريخ الخلفاء للسيوطي، وشرح النهج لابن ابي الحديد.

(٢) المغازي: ج ٢ ص ٨٣٢.

٤٤١

وحده، ألا كلّ مأثرة، أو دم، أو مال يدعى، فهو تحت قدميّ هاتين إلّا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وفي قتيل الخطأ شبه العمد، بالسوط والعصا، ففيه الديّة مغلّظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية. وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب، ثم تلا هذه الآية:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) ( الحجرات / ١٣ )، ثمّ قال: يا معشر قريش ما ترون إنّي فاعل فيكم ؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: إذهبوا فأنتم الطلقاء.

ثمّ جلس رسول الله في المسجد فقال: أين عثمان بن طلحة، فدعى له، فقال: هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برّ ووفاء، ثمّ دخل البيت فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم فرأى إبراهيمعليه‌السلام مصوّراً في يده الأزلام يستقسم بها، فقال: قاتلهم الله جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام، ما شأن إبراهيم والأزلام:( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ) ( آل عمران / ٦٧ )، ثمّ أمر بتلك الصور كلّها فطمست(١) .

مبايعة النساء للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

صالح رسول الله بالحديبية مشركي مكّة على أنّ من أتاه من أهل مكّة ردّه عليهم، فجاءت ( سبيعة ) بنت الحرث، مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبي بالحديبية.

فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم، وكان كافراً: يا محمد اُردد عليّ امرأتي، فإنّك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك، وهذه طينة الكتاب لم تجف، فنزل قوله سبحانه:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ

__________________

(١) السيرة النبوية: ج ٢ ص ٤١٣، والمغازي: ج ٢ ص ٨٣٥. وفي الأخير أورد صلة للخطبة.

٤٤٢

بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( الممتحنة / ١٠ ).

ويستفاد من الآية عدّة أحكام:

١ ـ حرمة إرجاع المؤمنات إلى أزواجهنّ الكافرين كما هو صريح الآية.

٢ ـ لزوم إعطاء مهورهنّ لأزواجهنّ كما هو مفاد قوله:( وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ) أي ما أنفقوا عليهنّ من المهر.

٣ ـ حرمة العقد على الكافرة كما هو مفاد قوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) والقدر المتيقّن كما هو مورد الآية كونها عابدة الوثن.

٤ ـ جواز طلب المهور من الكفار إذا ارتدّت امرأة ورجعت إلى الكفّار، كما هو مفاده من قوله:( وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ ) أي إذا لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفّار مرتدّة، فاسألوهم ما أنفقتم من المهر كما يسألونكم مهور نسائهم إذا هاجرن إليكم.

ثمّ إنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا فرغ من بيعة الرجال وهو على الصفا جاءته النساء يبايعنه، فنزلت عليه الآية، فشرط الله تعالى في مبايعتهنّ أن يأخذ عليهنّ الشروط الستة المذكورة في الآية، قال سبحانه:

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ :

١ ـعَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا .

٢ ـوَلا يَسْرِقْنَ .

٣ ـوَلا يَزْنِينَ .

٤ ـوَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ .

٤٤٣

٥ ـوَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ .

٦ ـوَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ .

٧ ـفَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( الممتحنة / ١٢ ).

روى المفسّرون: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بايعهنّ وكان على الصفا، وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقّبة متنكّرة مع النساء خوفاً أن يعرفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: اُبايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئاً. فقالت هند: إنّك لتأخذ علينا أمراً ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك انّه بايع الرجال يومئذٍ على الإسلام والجهاد فقط، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تسرقن. فقالت هند: إنّ أبا سفيان رجل ممسك وإنّي أصبت من ماله هنات فلا أدري أيحلّ لي أم لا ؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفها فقال لها: وإنّك لهند بنت عتبة. قالت: نعم فاعف عمّا سلف يا نبي الله عفا الله عنك. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تزنين. فقالت هند: أوتزني الحرّة ؟. فتبسّم عمر لما جرى بينه وبينها في الجاهلية، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تقتلن أولادكنّ. فقالت هند: ربيّناهم صغاراً، وقتلتموهم كباراً، وأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى وتبسّم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولـمـّا قال: ولا تأتين ببهتان. فقالت هند: والله إنّ البهتان قبيح، وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق، ولـمـّا قال: ولا يعصينك في معروف. فقالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء(١) .

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ٢٧٦.

٤٤٤

٨ ـ غزوة حنين

لـمـّا فتح رسول الله مكّة سارت أشراف هوازن بعضها إلى بعض، وثقيف بعضها إلى بعض، وقالوا: والله ما لاقى محمد قوماً يحسنون القتال، فاجمعوا أمركم، فسيروا إليه قبل أن يسير إليكم، فأجمعت هوازن أمرها وتولّى قيادة حشودها « مالك بن عوف النصري » وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلمّا أجمع « مالك » المسير بالناس إلى رسول الله، أمر الناس أن يجيئوا بأموالهم ونسائهم وأبنائهم حتى نزلوا باوطاس، واجتمع الناس به، فعسكروا وأقاموا بها، والإمداد تأتيهم من كل ناحية.

فلمّا سمع بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث إليهم « عبد الله الأسلمي »، وأمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يأتيه بخبرهم، فجاء الرجل بخبر اجتماعهم على حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأجمع رسول الله السير إلى هوازن ليلقاهم، وذكر له أنّ عند صفوان بن اُميّة أدراعاً له وسلاحاً، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك، فاستعار منه مائة درع ليتقوّى بها على حرب الكفّار، فأجابه إلى ذلك.

ثمّ خرج رسول الله معه ألفان من أهل مكّة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه، وفتح الله بهم مكّة فكانوا اثنى عشر ألفاً، واستعمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عتّاب بن اسيد على مكّة أميراً على من تخلّف عنه من الناس، ثمّ مضى رسول الله يريد لقاء هوازن، وصادف في الطريق شجرة عظيمة خضراء ذات أنواط يأتيها الناس كل سنة فيعلّقون أسلحتهم عليها، ويذبحون ويعكفون عندها، قال الرواي: فتنادينا من جنبات الطريق يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أكبر قلتم والذي نفس

٤٤٥

محمد بيده كما قال قوم موسى لموسى:( اجْعَلْ لَنَا إِلَهَاً كَمَا لَهُمْ إلَهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) إنّها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم.

يقول الواقدي: « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في اثني عشر ألفاً من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة، وألفين من أهل مكّة، فلمّا ابتعد عن مكّة، قال رجل من أصحابه: « لو لقينا بني شيبان ما بالينا ولا يغلبنا اليوم أحد من قلّة » ولكن لم تغن هذه الكثرة شيئاً، وهزم المسلمون وفرّوا عن ساحة المعركة، كما يوافيك ذكره عمّا قريب.

بعث مالك بن عوف عيوناً من هوازن إلى معسكر رسول الله، فأتوا بخبر كثرة جيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأراد اصطناع خديعة تمكّنه منهم، فعبّأ أصحابه في وادي حنين، وهو واد أجوف ذو شعب ومضائق، وفرّق الناس فيه وأوعز إليهم أن يحملوا على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه حملة واحدة عند ما ينحدرون من مضيق الوادي.

يقول جابر بن عبد الله لـمّا استقبلنا وادي حنين، انحدرنا في واد من أودية تهامة في عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه ومضائقه، وقد أجمعوا وتهيّئوا فما عدوا فو الله ما راعنا ونحن إلّا الكتائب قد شدّوا علينا شدّة رجل واحد وانهزم الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، وانطلق الناس وقد بقي مع النبيّ نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.

بقى رسول الله على دابّته لم ينزل، إلّا أنّه جرّد سيفه، وقد ذكر التاريخ أسماء الذين صمدوا مع رسول الله، أمثال عليّ والعباس والفضل بن العباس وأبي سفيان ابن الحارث، وربيعة بن الحارث وأيمن بن عبيد الخزرجي، واُسامة بن زيد.

قال البرّاء بن عازب: والله الذي لا إله إلّا هو ما ولّى رسول الله ولكنّه وقف واستنصر ثمّ نزل وهو يقول:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

٤٤٦

وكان رجل من هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء فيها رأس رمح له طويل أمام الناس إذا أدرك طعن، قد أكثر في المسلمين القتل، فشدّ عليه عليّ وأبو دجانة فقطع عليّ يده اليمنى، وأبو دجانة يده الاُخرى، واقبلا يضربانه بسيفيهما فسقط صريعاً.

وزاد الهول مصيبة شماتة أبي سفيان وغيره بالمسلمين، فقد تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغائن، فقال أبوسفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وانّ الأزلام لمعه في كنانته.

وصرخ في تلك الاثناء جبلة بن حنبل: ألا بطل السحر اليوم.

الانتصار بعد الهزيمة:

أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تلك الآونة عمَّه العباس أن يصرخ ويقول: يا معشر الانصار يا معشر أصحاب السمرة(١) فصار ذلك سبباً لرجوع الفارين من أصحاب الرسول إليه والقتال بين يديه، فاجتمع جمع غفير حوله، حاموا رسول الله وقاتلوا العدو بضراوة، فنظر رسول الله إلى ساحة المعركة، وأصحابه يقاتلون، فقال: الآن حمى الوطيس، وصارت الحرب طاحنة حتى رأى العدو جمعاً غفيراً من الأسرى مكتّفين عند رسول الله، فعند ذلك انقلبت كفّة النصر لصالح المسلمين.

ومن لطيف ما قيل في تلك الفترة ما أنشدته امرأة مسلمة بقولها:

غلبت خيل الله خيل اللات

وخيله أحق بالثبات

ثمّ إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله طلب من العباس، ليناوله حفنة من الحصى، فألقى بها في وجوه العدو قائلاً: شاهت الوجوه، وقد استنهض بذلك

__________________

(١) السمرة: شجرة الرضوان.

٤٤٧

عزائم أصحابه إلى حد ما لبث هوازن ولا ثقيف حتى فرّوا منهزمين لا يلوون على شيء تاركين ورائهم نساءهم وأبناءهم غنيمة للمسلمين، وقد ذكر أصحاب السير احصاء الغنائم وعدّتها التي استولى عليها المسلمون، فمن الإبل اثنان وعشرون ألف بعير، ومن الشياء أربعون الفاً، ومن الفضة أربعة آلاف اُوقية، وقد بلغ عدد الأسرى ستة آلاف، وقد أمر رسول الله أن تنقل إلى وادي الجعرانة حتى يأمن المسلمون من مطاردة العدو لهم(١) .

نظرة تحليلية على انهزام المسلمين بادئ بدء:

إنّ انهزام المسلمين في بادئ الأمر كان ناجماً عن غرور المسلمين بكثرتهم أوّلاً، واسطحاب ألفين من المسلمين الجدد الذين أسلموا توّاً في فتح مكّة ولم يرسخ إيمانهم بعد، فانّ فرارهم عن ساحة الحرب ثبّط عزائم المسلمين القدامى.

أضف إلى ذلك انّهم لم يتّبعوا الخطط العسكرية من إرسال الطلائع والعيون مقدمة الزحف لاستطلاع أحوال العدو ومواقعه، كيف وهم دخلوا في مضيق حنين في غلس الصباح، والعدو ترصّد في ثكنات خاصة، ففاجأوهم بالهجوم عليهم من مكامنهم، وهم على غفلة من أمرهم، فلو كانوا قد استعانوا بالعيون والجواسيس لما وقعوا فيما وقعوا فيه، وكان ذلك ناتجاً عن تقصير من اُمراء السرايا، وحمَلَة اللواء، وقصور منهم في أداء وظائفهم التي أوكلها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم الذي كان يرقب الاُمور عن كثب في مؤخّرة الجند، وإلى ما أشرنا لك يشير قوله سبحانه:( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ *ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ *ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ

__________________

(١) المغازي: ج ٣ ص ٨٨٩ ـ ٨٩٩، البداية والنهاية: ج ٤ ص ٣٥٢.

٤٤٨

رَّحِيمٌ ) ( التوبة / ٢٥ ـ ٢٧ ).

محاصرة الطائف:

لـمـّا انهزم العدو بعد انتصار مؤقّت، التجأ البقية الباقية من جماعة مالك بن عوف إلى حصن لبني ثقيف بالطائف، وكان حصناً منيعاً يصعب اختراقه، فتعقّبهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ذلك الحصن، وأحاط بهم غير أنّ رجال ثقيف المتحصّنين كانوا من مهرة الرماة، فتمكّنوا من إصابة جمع من المسلمين بلغ عددهم ثمانية عشر رجلاً، فأمر النبي قوّاته بالتراجع عن مرمى النبل، فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة، وقد أجهد النبي نفسه في خلال تلك المدة في اعمال فنون الحرب المختلفة لاختراق الحصن بالنحو التالي:

١ ـ أمر أصحابه نقب جدار الطائف بالاحتماء بالدبابات المصنوعة من جلود البقر، لكن تلك المحاولة لم تتكلّل بالنجاح، لأنّ ثقيف ألقت بحمم من الحديد على تلك الدبابات فأحرقتها، ففرّ من كان تحتها من المسلمين، فرشقتهم ثقيف بالنبل، فقتلوا منهم رجالاً.

٢ ـ نصب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المنجنيق بإشارة من سلمان الفارسي بقوله: يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم، وقد عمل المنجنيق بيده، فنصبه النبي تجاه حصن الطائف، أو قدّم المنجنيق يزيد بن زمعة إلى النبي بعد مضي أربعة أيام من قبيلة بني دوس، إحدى القبائل المقيمة بأسفل مكّة، فرماهم من دون جدوى لأنّهم قد أعدّوا حصونهم إعداداً يقاوم كل أمثال تلك الأسلحة.

٣ ـ أمر رسول الله بقطع شجر الكروم ( العنب )، وقد كانت قبيلة ثقيف تفتخر بكروم أرضها على جميع العرب، فانّها جعلت الطائف واحة كأنّها الجنة وسط هذه الصحارى، كل ذلك رجاء أن يستسلموا ويتركوا التحصّن في حصونهم، فلمّا رأى ذلك رجال ثقيف نادوا: يا محمد لِمَ تقطع أموالنا، فإمّا أن تأخذها إن ظهرت علينا،

٤٤٩

وإمّا أن تدعها لله وللرحم، فتركهاصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ نادى منادى رسول الله أيّما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حرّ، فخرج من الحصن بضعة عشر رجلاً، وعلم منهم أنّ بالحصون من الذخيرة والمؤنة ما يكفل أمداً طويلاً، فاستشار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نوفل بن معاوية الديلي في المقام عليهم فقال: يا رسول الله: ثعلب في حجر، إنْ أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرّك، فأذن الرسول بالرحيل، وقيل: إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى أنّ الحصار سيطول أمده وانّ الجيوش تودّ الرجوع لاقتسام الفيء الذي كسبوه والذي تركوه في الجعرانة، والأشهر الحرم قد أذنت ولا يجوز فيها قتال، لذلك آثر أن يرفع الحصار بعد شهر من وقعه، وكان ذو القعدة قد هلّ، فرجع بجيشه معتمِراً وذكر انّه متجهّز إلى الطائف إذا انتهت الأشهر الحرم.

وفد هوازن في الجَعرِّانة

وأقفل راجعاً إلى مكّة حتى نزل هو والمسلمون الجَعرّانة لاقتسام الغنائم، وفي تلك الأثناء أتتهم وفد من هوازن وقد أسلموا فقالوا: إنّا أصل وعشيرة وقد أصابنا ما لم يخف عليك، فامنن علينا منّ الله عليك، وقال زهير: يا رسول الله إنّ بين الاُسارى عمّاتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كنّ يكفلنك، ولو إنّا أرضعنا الحرث بن أبي شمر الغساني، أو النعمان بن المنذر ليرجونا عطفه وأنت خير المكفولين، فخيّرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين نسائهم وأبنائهم، وبين أموالهم، فاختاروا نساءهم وأبناءهم.

فقال: أمّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا أنا صلّيت بالناس، فقولوا: إنّا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله، في أبنائنا ونسائنا، فسأعطيكم وأسأل فيكم، فلمّا صلّى الظهر فعلوا ما أمرهم به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقال المهاجرون والأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله، وقال الأقرع بن حابس: ما كان لي

٤٥٠

ولبني تميم فلا. وقال عيينة بن حصن: ما كان لي ولفزارة فلا، وقال عباس بن مرداس: ما كان لي ولسليم فلا، فقالت بنو سليم: ما كان لنا فهو لرسول الله فقال: وهّنتموني.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تمسّك بحقّه من السبي فله بكل إنسان ستّ فرائض من أوّل شيء نصيبه، فردّوا على الناس أبناءهم ونساءهم.

وسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مالك بن عوف فقيل: إنّه بالطائف. فقال: أخبِروه إن أتاني مسلماً رددت عليه أهله وما له وأعطيته مائة بعير، فاُخبر مالك بذلك، فخرج من الطائف سرّاً ولحق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم وحسن إسلامه واستعمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قومه وعلى من أسلم من تلك القبائل التي حول الطائف، فأعطاه أهله وماله ومائة بعير، وكان يقاتل بمن أسلم معه من « ثمالة » و « فهم » و « سلمة »، فكان يقابل بهم ثقيفاً لا يخرج لهم سرح إلّا أغار عليه حتى ضيّق عليهم(١) .

لـمـّا فرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من رد سبايا حنين إلى أهلها، ركب جواده واتّبعه الناس يقولون: يا رسول الله قسّم علينا فيأنا من الإبل والغنم، فقام رسول الله إلى جنب بعير، فاجتزّ وبرة من سنامه، فجعلها بين اصبعيه ثم رفعها قائلاً: والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدّوا الخياط والمخيط، فانّ الغلول يكون على أهله عاراً وناراً وشناراً يوم القيامة.

ثم إنّه أعطى المؤلّفة قلوبهم شيئاً كثيراً من الخمس المتعلّق به، فأعطى أبا سفيان ابن حرب وابنه معاوية لكلّ مائة بعير، وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير، وهكذا وعندما فرغ من القسمة بينهم، جاء رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة، فوقف عليه، فقال: يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم. فقال رسول الله:

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ٢ ص ٤٨٩ و ٤٩٠.

٤٥١

أجل فكيف رأيت ؟ فقال: لم أرك عدلت. فغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال: ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ألا أقتله ؟ فقال: لا، دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية(١) .

وقد نزل بهذا الصدد عدة آيات منها:

( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ *وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إلى اللهِ رَاغِبُونَ *إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ *وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة / ٥٨ ـ ٦٠ ).

وقد اختلف المفسّرون في سبب نزولها فمن قائل بأنّها نزلت في حقّ ذي الخويصره وأمثاله، إلى قائل من أنّها نزلت في حقّ المؤلّفة قلوبهم.

مشادة الأنصار مع النبي

ولـمّا أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما أعطى من تلك العطايا لقريش ولقبائل العرب ولم يحظ الأنصار بمثل عطيّتهم وجد جمع من الأنصار في أنفسهم شيئاً، فأرسلوا منهم سعد بن عبادة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يستطلع صدق الأمر، فقال: قسّمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء. قال: فأين أنت من ذلك يا سعد ؟

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ٢ ص ٤٩٦، البداية والنهاية: ج ٤ ص ٣٣٦ وفيه: دعه فإنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.

٤٥٢

قال: يا رسول الله ما أنا إلّا من قومي، قال: فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة، قال: فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، قال: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردّهم فلمّا اجتمعوا له أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنىٰ عليه بما هو أهله ثمّ قال: يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلّالاً فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم الله ؟ وأعداء فألّف الله بين قلوبكم ؟

قالوا: بلى، الله ورسوله أمنّ وأفضل، ثمّ قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المنّ والفضل.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما والله لو شئتم لقلتم فلصَدَقتم ولصدّقتم: أتيتنا مكذّباً فصدّقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألّفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فو الذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار. أللّهم إرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.

قال: فبكى القوم حتّى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظّاً ثم انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتفرّقوا(١) .

إلى هنا تمّ الحديث عن فتح مكّة وما أعقبه من الأحداث وقد وصفه سبحانه هكذا:

( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا *لِّيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا *وَيَنصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا *هُوَ الَّذِي أَنزَلَ

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٢ ص ٥٠٠، البداية والنهاية: ج ٤ ص ٣٥٨.

٤٥٣

السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) ( الفتح / ١ ـ ٤ ).

وفي الآيات سؤال يستحثّ الجواب عنه وهو أنّه سبحانه جعل فتح مكّة علّة لغفران ما تقدّم من ذنوب النبي وما تأخّر منها، فيقال:

١ ـ ما هي المناسبة بين العلّة والمعلول فتح مكّة وغفران الذنوب، مع أنّه يجب أن يكون بينهما مناسبة ذاتية أو اعتبارية ؟

٢ ـ إنّ النبي الأكرم معصوم من اجتراح الذنوب فما المراد من هذا الذنب ؟

ويجاب عنه: بأنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان متّهماً عند رجال قريش وحلفائها منذ سابق عهدهم به بالكهانة والسحر والجنون والألقاب المزرية المشينة الاُخرى، وقد سبق أن قلنا بأنّ هذه التهم كانت بمثابة الحرب النفسية لإظهار العداء المقيت بالرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يصعب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مجابهتها والقضاء عليها وكفّ ألسنة الناس عن التفوّه بها بأي نحو من أنحاء الإعلام المضادّ إلّا لمن عايشه عن قرب واختبره عن كثب.

ولكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد منحه الله سبحانه ببركة هذا الفتح المبين حيث تمكّن بعد هدم حصون الشرك والوثنية وتطهير الكعبة من آلهة المشركين والاستيلاء علىٰ مراكز قوّتهم من الظهور بمظهر العظمة إلى أن تلاشت معه جميع قلاع الشرك وخضعت له الرقاب التي تنصب غروراً وكبرياءً في وجهه.

فأثبت بذلك أنّه منزّه عن الكهانة والسحر والجنون لأنّ المنتسب إلى أحد تلك الأصناف أعجز من أن يقوىٰ على تدبير اُمور نفسه الخاصّة. فكيف يقوم بقيادة جيش جرّار عرمرم يخترق الفيافي والصحارى والقفار على الرغم من كثرة العيون والجواسيس المترصّدة في أنحاء الطرق والمعابر، ثمّ يباغت العدو في عقر داره وهو في غفلة من أمره فما يلبثوا إلّا يسيراً حتّى يسلّموا له وتذلّل له أعناق رؤسائهم، ويبلغ به الأمر إلى

٤٥٤

أكثر من ذلك فيواصل زحفه إلى ما وراء مكّة على ثبات من أمره وقوّة وشكيمة.

فالمتصدّي لقيادة تلك الجيوش والتسلّط على ما تمكّن منه بالنحو المتقدّم لابدّ وأن يعد من الرعيل الأوّل من قوّاد الجيوش في العالم وأشدّهم حنكة وحكمة، فكيف يتبادر إلى الأذهان أمثال تلك الأراجيف إذا كان حاله على ما شاهده الناس به من العظمة والبسالة والحكمة ؟

وتمكّن من خلال هذا الفتح من إزالة كل فرية وتهمة مشينة ألصقها كفّار قريش به أو يمكن أن توصف شخصيته بها في المستقبل، ولذلك وردت الإشارة إلى ذلك بقوله:( لِّيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) .

وبذلك يندفع ما تمّ إيراده في السؤالين، وفي ذلك غنى عن المزيد من الإطالة حيث تبيّن وجود الصلة بين الفتح ومغفرة الذنوب، كما تبيّن عدم منافاة المغفرة مع العصمة، فلاحظ.

وفي الختام نقول: إنّه سبحانه قد بشّر النبي الأكرم بالنصر والفتح قبل وقوع الأمر بإنزال سورة النصر. قال سبحانه:( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ( النصر / ١ ـ ٣ ).

لـمـّا فتح رسول الله مكّة قالت العرب: إنّما أظفر محمد بأهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فليس لكم به طاقة، فكان يدخلون في دين الله أفواجاً واحداً واحداً، اثنين اثنين وربّما تدخل القبيلة بأسرها في الإسلام(١) .

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ٥٥٣ ـ ٥٥٤.

٤٥٥

٩ ـ غزوة تبوك

كانت بلاد الشام في عصر الرسالة من المناطق التي تخضع لنفوذ إمبراطورية الروم، وكان شيوخ القبائل تدين بالمذهب المسيحي، وكانوا أداة طيّعة في أيديها، ولـمـّا بلغ أسماع أباطرة الروم خبر استيلاء المسلمين على مكّة ودخول المشركين في الدين الإسلامي أفواجاً، استشاطوا غضباً وعزموا على حربهم واطفاء نائرتهم، فأرسلوا إلى رؤساء قبائل « لخم » و « عامله » و « غسّان » و « جذام » يحثّونهم على تكثيف حشودهم وإعداد العدّة لحرب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ومباغتته في عقر داره ليسهل عليهم إخماد أنفاس تلك الدولة الفتيّة، ولـمـّا وصل الخبر إلى النبي الأكرم عن طريق القوافل التجارية عزم على حربهم قبل أن يهاجموه، وكانت تلك الفترة فترة شاع فيها الفقر والشدّة والفاقة.

وقد أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرحيل في الفصل الذي كانت الثمار فيه على وشك الإيناع.

قال ابن هشام: إنّ رسول الله أمر أصحابه بالتهيّؤ وغزو الروم وذلك في زمان من عسرة الناس وشدّة من الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار والناس يحبّون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على حال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله قلّما يخرج لغزوة إلّا كنّى عنها وأخبر أنّه يريد غير الوجه الذي يقصده إلّا ما كان من غزوة تبوك، فإنّه بيّنها للناس لبعد الشقّة وشدّة الزمان، وكثرة العدو الذي يقصده ليتأهّب الناس لذلك اُهبتهم، فأمر الناس بالجهاز، وأخبرهم أنّه يريد الروم.

ولـمـّا تفرّدت به تلك الغزوة عن سائر الغزوات ببعد الطريق، والاعتياز إلى مؤن

٤٥٦

تكفل حاجة الجند ذهاباً وإياباً، فقد صدرت الأوامر من النبي الأكرم بحشد جميع الإمكانات المتوفّرة لديهم بلا فرق بين الغني والفقير، ولأجل ذلك ساهم في تدعيم ذلك المجهود الحربي جميع الطبقات والفئات من الرجال والنساء وأصحاب الثروة والعمّال.

وممّن ساهم في تدعيم أمر الجيش عبد الرحمان بن عوف حيث جاء بصرّة من دراهم تملأ الكف، وفي قبال ذلك أتى من الضعفاء عتبة بن زيد الحارثي بصاع من تمر وقال يا رسول الله: عملت في النخل بصاعين فصاعاً تركته لأهلي وصاعاً أقرضته ربّي، وجاء زيد به أسلم بصدقة، فقال بعض الناس: إنّ عبد الرحمان رجل يحبّ الرياء، ويبتغي الذكر بذلك وإنّ الله غني عن الصاع من التمر، فعابوا كلتا الطائفتن: المكثر بالرياء والمقل بالإقلال، فنزل قوله سبحانه:

( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إلّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ *اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ( التوبة / ٧٩ ـ ٨٠ ).

والحقّ إنّه يوجد في جميع المجتمعات رجال، لا يحبّون الخير ولا يساهمون فيه، بل لا يحبّون أن يساهم فيه أحد ويعيبونهم في المساهمة بأي شكل تحقّقت، فإن ساهم إنسان بالمال الكثير، يتّهمونه بأنّه يحب الرياء والذكر، وإن ساهم بمال قليل حقّروه وأهانوه، هذه شأن تلك الطبقة التي لا يريدون الخير ولا يطلبونه بتاتاً.

تخاذل بعض المؤمنين عن المناصرة

ـ ومع أنّ الظروف لم تكن مساعدة لحشد الناس بما يقتدر به على حرب العدو الشرس ـ فقد تمكّن النبي من حشد ثلاثين ألف مقاتل، ولم يكن لهذا النجاح ( في استنهاض عزائم العرب وجمع قواهم بهذه المثابة ) مثيل في تاريخ العرب، على

٤٥٧

الرغم من الجهود المكثّفة التي كانت يبذلها المنافقون في تثبيط العزائم وإخماد روح الشهادة والفداء في نفوس المسلمين.

وقد ألمح الذكر الحكيم إلى تثاقل جمع من الصحابة ( المؤمنين ) عن الإسهام والمشاركة. قال سبحانه:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلّا قَلِيلٌ *إلّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( التوبة / ٣٨ ـ ٣٩ ).

وما هو المراد من قوله سبحانه:( وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) وقد جاءت تلك الجملة في آيات اُخرى أيضاً ؟

قال سبحانه:( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ( المائدة / ٥٤ ) وقال تعالى:( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ) ( محمد / ٣٨ ).

وقد فسّرت الآية بأبناء فارس تارة وبأهل اليمن اُخرى وبالذين أسلموا ثالثة، والحق أنّ الآية تتمتّع عن سعة وعموم تعمّ الطوائف الذين جاءوا بعد نزول الآية، واتّسموا بما فيها من الصفات( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) .

نكوص المنافقين عن القتال

كانت وقعة تبوك محكّاً لتمحيص المسلمين، وثباتهم على الحق ومفاداتهم الرسول بأنفسهم وأموالهم. كيف وقد كانت المسافة بين المدينة وتبوك تقرب من ستمائة كيلومتراً، وكانت الركائب المعدّة للمسير تغطّي معشارهم، وكان زادهم الشعير المسوّس، والإهالة السخنة والتمر الزهيد، ففي خضمّ تلك الظروف

٤٥٨

العصيبة، سعى المنافقون لإخماد همم المسلمين، وكسر شوكتهم، فكشف الله عنهم لقاء تآمرهم على الإسلام، ما كانوا يبطنونه ويخفونه من ضغائن وأحقاد، وقد كرّست سورة التوبة ثقلها الأكبر على بيان تآمر اُولئك، وقد كانوا يتذرّعون بأعذار وترّهات خاوية، ويستأذنون من النبي للبقاء في المدينة وعدم المساهمة في الجهاد. نعم ما كانوا يعتذرون به لم يكن سبباً حقيقيّاً لتثاقلهم، وإنّما السبب فيه هو:

١ ـ علمهم بأنّ النبي لا يصيب غنيمة.

٢ ـ بعد الطريق.

٣ ـ شدّة الحر وحمّارة القيظ.

وقد كشف الوحي عن سرّ تثبّطهم وتثاقلهم وألمع إلى الوجهين الأوّلين بقوله:

( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ( التوبة / ٤٢ ).

وفي هذه الآية إلماع إلى السببين الأوّلين اللّذين عاقاهم عن المساهمة:

١ ـ يريد أنّه لو كان في ما دعوتهم إليه منفعة قريبة المنال لم يكن في الوصول إليها عناء كبير لاتّبعوك كما يقول:( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا ) .

٢ ـ لو كان السفر سفراً هيّناً لا تعب فيه لأسرعوا بالنفر إليه إذ حبّ المال أمر طبيعي خصوصاً إذا كانت سهلة المأخذ قريبة المنال كما يقول:( سَفَرًا قَاصِدًا ) .

ولـمّا بعدت عليهم الشقّة أوّلاً ولم يكونوا مطمئنّين بالوصول إلى المال ثانياً انصرفوا عن المساهمة، ولكنّهم لحفظ مكانتهم بين المسلمين كانوا يحلفون للرسول بعدم استطاعتهم للخروج، وهم كاذبون في حلفهم كما يقول سبحانه:( وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) .

٤٥٩

وقد ألمع إلى السبب الثالث بقوله:( فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ) ( التوبة / ٨١ ).

كان المنافقون يقولون لإخوانهم لا تنفروا في حرّ الصيف والله سبحانه فنّد آراءهم وسفّه أحلامهم بأنّ نار جهنّم المعدّة للعصاة أشدّ حرّاً من تلك الأيّام، لأنّ ذلك الحرّ تحتمله الأجسام وأمّا نار جهنّم فتلفح الوجوه وتنضج الجلود، وعلى ذلك ينبغي عليهم أن يضحكوا قليلاً وبيكوا كثيراً.

هذه سيرة المنافقين وضعفاء الإيمان في كل عصر يعتذرون في الصيف بشدّة الحرّ، وفي الشتاء بشدّة البرد، ولكنّها أعذار ظاهريّة اتّخذوها واجهة لستر ما هو السبب الحقيقي لترك المساهمة.

والتاريخ يعيد نفسه. كان عليٌّعليه‌السلام يأمر أصحابه بالجهاد ضد العدو وهم يتثاقلون إلى الأرض، يعتذرون بمثل تلك الأعذار، يقول الإمام: « فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيّام الصيف، قلتم: هذه حمارة القيظ أمهلنا يُسَبَّخَ عنّا الحرّ، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء، قلتم: هذه صبارّة القرّ أمهلنا ينسلخ عنّا البرد، أكلّ هذا فراراً من الحرّ والقرّ، فإذا كنتم من الحرّ والقرّ تفرّون فأنتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال ! »(١) .

إلى هنا وقفنا على الأسباب الواقعيّة التي ثبّطت عزائم المنافقين عن المساهمة في الجهاد، ثمّ إنّهم كانوا ينتحلون الأعذار الواهية، ليستأذنوا النبي في القعود والتخلّف، وكان النبي يأذن لهم، فتزل الوحي وقال:( عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) ( التوبة / ٤٣ ).

وهل الآية تدلّ على أنّ إذنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان على خلاف

__________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٢٧.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581