مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مفاهيم القرآن13%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-148-3
الصفحات: 457

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 457 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135435 / تحميل: 5236
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-١٤٨-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ببيان فضائل أهل البيت والتعريف بهم، والتصريح بأسمائهم على وجه يظهر من الجميع اتفاقهم على نزول الآية في حق العترة الطاهرة، وسيوافيك نزر من شعرهم في مختتم البحث.

كل ذلك يعرب عن أنّ الرأي العام بين المسلمين في تفسير أهل البيت هو القول الأوّل، وأنّ القول بأنّ المقصود منهم زوجاته كان قولاً شاذاً متروكاً ينقل ولا يعتنى به، ولم ينحرف عن ذلك الطريق المهيع إلّا بعض من اتخذ لنفسه تجاه أهل البيت موقفاً يشبه موقف أهل العداء والنصب.

قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتعريف أهل البيت بطرق ثلاثة نشير إليها:

١. صرّح بأسماء من نزلت الآية في حقّهم حتى يتعين المنزول فيه باسمه ورسمه.

٢. قد أدخل جميع من نزلت الآية في حقّهم تحت الكساء، ومنع من دخول غيرهم، وأشار بيده إلى السماء وقال: « أللّهم إنّ لكل نبي أهل بيت وهؤلاء أهل بيتي » كما سيوافيك نصّه.

٣. كان يمر ببيت فاطمة عدّة شهور، كلّ ما خرج إلى الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

وبهذه الطرق الثلاثة حدّد أفراد أهل البيت وعيّن مصاديقهم على وجه يكون جامعاً لهم ومانعاً عن غيرهم، ونحن ننقل ما ورد حول الطرق الثلاثة في التفسيرين: الطبري والدر المنثور للسيوطي، ثم نأتي بما ورد في الصحاح الستة حسب ما جمعه ابن الأثير الجزري في كتابه « جامع الأُصول » وأخيراً نشير إلى

١٤١

الجوامع التي جمعت فيها أحاديث الفريقين حول نزول الآية في حق الخمسة الطيبة، ونترك الباقي إلى القارئ الكريم، فإنّ البحث قرآني لا حديثي والاستيعاب في الموضوع يحوجنا إلى تأليف مفرد.

الطائفة الأُولى: التصريح بأسمائهم

١. روى الطبري: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: « نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي عليّ رضي الله عنه، وحسن رضي الله عنه، وحسين رضي الله عنه، وفاطمة رضي الله عنها:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ».

٢. عن أبي سعيد، عن أُم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّ هذه الآية نزلت في بيتها( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال: « إنّك إلى خير، أنت من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » قالت: وفي البيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

وفي « الدر المنثور » ما يلي:

٣. روى السيوطي عن ابن مردويه، عن أُم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وفي البيت سبعة: جبريل، وميكائيلعليهما‌السلام ، وعليٌّ، وفاطمة، والحسن، والحسين رضي الله عنهم ؛ وأنا على باب البيت، قلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال: « إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

٤. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري ـ

١٤٢

رضي الله عنه ـ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: « نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي عليّ، وفاطمة، وحسن، وحسين ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

الطائفة الثانية: إدخالهم تحت الكساء

إدخالهم تحت الكساء أو « مرط أو ثوب » أو « عباءة أو قطيفة »: فقد وردت حوله هذه الروايات :

٥. أخرج الطبري قال: قالت عائشة: خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مِرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله معه، ثم قال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

٦. أخرج الطبري قال: عن أُمّ سلمة قالت: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطّى عليهم عباءة أو قطيفة ثم قال: « أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ».

٧. أخرج الطبري: عن أبي عمار قال: إنّي لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليّاً رضي الله عنه فشتموه، فلمّا قاموا قال: إجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا، إنّي عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءه عليٌّ وفاطمة وحسن وحسين فألقى عليهم كساء له ثم قال: أللّهم هؤلاء أهل بيتي، أللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

٨. أخرج الطبري: عن أبي عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال: سألت عن عليّ بن أبي طالب في منزله، فقالت فاطمة: قد ذهب يأتي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخلت، فجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على

١٤٣

الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه، فلفع عليهم بثوبه، وقال: « ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) أللّهم هؤلاء أهلي أللّهم أهلي ».

٩. أخرج الطبري: عن أبي سعيد الخدري عن أُمّ سلمة قالت: لـمّا نزلت هذه الآية( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً، فقال: « أللّهم هؤلاء أهل بيتي، أللّهم اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً »، قالت: أُمّ سلمة قلت: ألست منهم ؟ قال: « أنت إلى خير ».

١٠. أخرج الطبري: عن أبي هريرة، عن أُم سلمة: قالت: جاءت فاطمة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق، فوضعته بين يديه فقال: « أين ابن عمّك وابناك ؟ » فقالت: « في البيت » فقال: « ادعيهم »، فجاءت إلى عليٍّ فقالت: « أجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنت وابناك »، قالت أُمّ سلمة: فلما رآهم مقبلين مدَّ يده إلى كساء كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربِّه، فقال: « هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ».

١١. أخرج الطبري: عن عمر بن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أُمّ سلمة:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه، ودعا عليّاً فأجلسه خلفه، فتجلّل هو وهم بالكساء، ثم قال: « هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً »، قالت أُم سلمة: أنا معهم، قال: « مكانك، وأنت على خير ».

١٤٤

١٢. أخرج الطبري: قال عامر بن سعد، قال: قال سعد: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة، وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: « ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي ».

١٣. أخرج الطبري: عن حكيم بن سعد قال: ذكرنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عند أُم سلمة، قالت: فيه نزلت( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قالت أُم سلمة: جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة فلم استطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن فلم استطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأُمّه، وجاء الحسين فلم استطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بساط فجللهم نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساء كان عليه ثم قال: « هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً »، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط. قالت فقلت: يا رسول الله: وأنا ؟ قال: « إنّك إلى خير ».

١٤. روى السيوطي: وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أُم سلمة رضي الله عنهما زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: « ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً »، فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفضلة أزاره فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثم قال: « أللّهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً »، قالها ثلاث مرات، قالت أُم سلمة ( رضي الله عنها ): فأدخلت رأسي في الستر، فقلت: يا رسول الله وأنا

١٤٥

معكم ؟ فقال: « إنّك إلى خير » مرّتين.

١٥. روى السيوطي: وأخرج الطبراني عن أُم سلمة - رضي الله عنها - أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة - رضي الله عنها ـ: « إئتني بزوجك وابنيه »، فجاءت بهم، فألقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم كساءً فدكياً ثم وضع يده عليهم، ثم قال: أللّهم إنّ هؤلاء أهل محمد وفي لفظ: آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ». قالت أُم سلمة - رضي الله عنها ـ: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: « إنّك على خير ».

١٦. روى السيوطي: وأخرج الطبراني عن أُم سلمة - رضي الله عنها - قالت: جاءت فاطمة - رضي الله عنها - إلى أبيها بثريدة لها، تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: « أين ابن عمّك ؟ » قالت: « هو في البيت ». قال: « إذهبي فادعيه وابنيك »، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد وعليّ - رضي الله عنه - يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، فأجلسهما في حجره وجلس عليٌّ - رضي الله عنه - عن يمينه وجلست فاطمة - رضي الله عنها - عن يساره، قالت أُمّ سلمة - رضي الله عنها ـ: فأخذت من تحتي كساء كان بساطناً على المنامة في البيت.١

١٧. روى السيوطي: وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان يوم أُمّ سلمة أُم المؤمنين - رضي الله عنها - فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قال: فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعليّ فضمّهم إليه ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أُم سلمة مضروب، ثم قال:

__________________

١. وإجمال الحديث وابهامه يرتفع بالرجوع إلى سائر ما روي عن أُم سلمة في ذلك المضمار.

١٤٦

« أللّهم هؤلاء أهل بيتي، أللّهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً »، قالت أُم سلمة - رضي الله عنها ـ: فأنا معهم يا نبي الله ؟ قال: « أنت على مكانك، وأنّك على خير ».

١٨. روى السيوطي: وأخرج الترمذي وصحّحه، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصحّحه، وابن مردويه والبيهقي في سننه، من طرق، عن أُمّ سلمة - رضي الله عنها - قالت: في بيتي نزلت:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) وفي البيت فاطمة وعليٌّ والحسن والحسين فجلّلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساء كان عليه ثم قال: « هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ».

١٩. روى السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فأدخلها معه، ثم جاء عليّ فأدخله معه، ثم قال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

٢٠. روى السيوطي: وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه، عن سعد قال: نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي، فأدخل عليّاً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال: « أللّهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي ».

٢١. روى السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه، عن واثلة ابن الأسقع - رضي الله عنه - قال: جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعليٌّ، حتى دخل فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً

١٤٧

وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ثم لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلاهذه الآية: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

الطائفة الثالثة: تعيينهم بتلاوة الآية على بابهم

٢٢. أخرج الطبري: عن أنس، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستّة أشهر كلّ ما خرج إلى الصّلاة، فيقول: الصلاة أهل البيت:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ».

٢٣. أخرج الطبري: أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليّ وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

٢٤. أخرج الطبري: عن يونس بن أبي إسحاق باسناده، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله.

٢٥. روى السيوطي: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصحّحه، وابن مردويه، عن أنس - رضي الله عنه - أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ بباب فاطمة - رضي الله عنها - إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول: « الصلاة يا أهل البيت:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ».

٢٦. روى السيوطي: أخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: لما دخل عليٌّ رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعين

١٤٨

صباحاً إلى بابها يقول: « السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) أنا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم ».

٢٧. روى السيوطي: أخرج ابن جرير، وابن مردويه، عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال: حفظت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرّة يخرج إلى صلاة الغداة إلّا أتى إلى باب عليٍّ رضي الله عنه فوضع يده على جنبتي الباب ثم قال: « الصلاة الصلاة:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ».

٢٨. روى السيوطي: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: شهدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة، فيقول: « السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت( إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الصلاة رحمكم الله » كل يوم خمس مرّات.

٢٩. روى السيوطي: وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي باب عليٍّ وفاطمة ستة أشهر فيقول:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .١

مرور على ما رواه العلَمان

قد تعرّفت على أكثر ما رواه الطبري والسيوطي في تفسيرهما، وتركنا بعض ما

__________________

١. لاحظ للوقوف على مصادر هذه الروايات تفسير الطبري: ٢٢ / ٥ - ٧، والدر المنثور: ٥ / ١٩٨ - ١٩٩.

١٤٩

نقلاه في ذلك المجال عن أعلام التابعين، وما رويناه ينتهي اسناده إلى أقطاب الحديث من الصحابة وعيون الأثر، وهم:

١. أبو سعيد الخدري.

٢. أنس بن مالك.

٣. ابن عباس.

٤. أبو هريرة الدوسي.

٥. سعد بن أبي وقاص.

٦. واثلة بن الأسقع.

٧. أبو الحمراء، أعني: هلال بن الحارث.

٨. أُمّهات المؤمنين: عائشة وأُم سلمة.

أيصح بعد هذا لمناقش أن يشك في صحة نزولها في حق العترة الطاهرة ؟! وليس الطبري والسيوطي فريدين في نقل تلك المأثورة، بل سبقهما، أصحاب الصحاح والمسانيد فنقلوا نزول الآية في حقّهم صريحاً أو كناية، ولا بأس بنقل ما جاء في خصوص الصحاح حتى يعضد بعضه بعضاً فنقول:

٣٠. أخرج الترمذي: عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه ـ، قال: لـمّا نزلت هذه الآية:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) ١ الآية، دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: « أللّهم هؤلاء أهلي ».

__________________

١. آل عمران: ٦١.

١٥٠

٣١. أخرج الترمذي: عن أُم سلمة رضي الله عنها: قالت إنّ هذه الآية نزلت في بيتي( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ فقال: «إنّك إلى خير، أنت من أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »، قالت: وفي البيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة وحسن وحسين، فجلّلهم بكسائه وقال: « أللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ».

وفي رواية أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلل على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة ثم قال: « أللّهم هؤلاء أهل بيتي وحامَّتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ». قالت أُم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله ؟ قال: « إنّك إلى خير ».

٣٢. أخرج الترمذي: عن عمر بن أبي سلمة قال: نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) في بيت أُم سلمة، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساء، وعليٌّ خلف ظهره، ثم قال: « اللّهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ». قالت أُم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله ؟ قال: « أنت على مكانك وأنت على خير ».

٣٣. أخرج الترمذي: عن أنس بن مالك: انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرُّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة أشهر يقول: الصلاة أهل البيت( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

٣٤. أخرج مسلم: عن عائشة قالت: خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه مِرط مُرَحَّل أسود، فجاءه الحسن فأدخله، ثم جاءه الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة

١٥١

فأدخلها، ثم جاء عليٌّ فأدخله، ثم قال: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ) الآية.

٣٥. أخرج مسلم: عن زيد بن أرقم: قال يزيد بن حيان: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصلّيت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا ومالا فلا تكلّفونيه، ثم قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى: خمّاً، بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: « أمّا بعد: ألا أيّها الناس، إنّما أنا بشر، يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما: كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال: ومن هم ؟ قال: آل عليٍّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال: نعم، زاد في رواية « كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل ».

وفي أُخرى نحوه: غير أنّه قال: « وإنّي تارك فيكم ثقلين أحدهما: كتاب الله وهو حبل الله فمن اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة، وفيها

١٥٢

فقلنا: مَن أهل بيته ؟ نساؤه قال: لا وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. ١

هذا ما رواه أصحاب الصحاح حول نزول الآية في حق العترة الطاهرة وتركنا ما رواه الإمام أحمد في مسنده روماً للاختصار، وفي هذا غنى وكفاية لمن رام الحق واتبعه وعرف الباطل فاجتنبه، ومن أراد التوسع فعليه الرجوع إلى المصادر التالية:

١. العمدة للمحدث الحافظ يحيى بن سعيد المتوفّى عام ٦٠٠ ه‍ الطبعة الحديثة.٢

٢. بحار الأنوار: ٣٥ / ٢٠٦ - ٢٢٦.

٣. غاية المرام: ٢٨٧ و ٢٩٤، فقد أورد فيه واحداً وأربعين حديثاً من كتب أهل السنّة، وأربعاً وثلاثين من كتب الشيعة.

٤. تفسير البرهان: ٣ / ٣٠٩ - ٣٢٥، فقد أورد فيه خمساً وستين حديثاً.

٥. نور الثقلين: ٤ / ٢٧٠ - ٢٧٧، أورد فيه خمسة وعشرين حديثاً.

٦. إحقاق الحق: ٢ / ٥٠٢ - ٥٤٤، فقد نقل نزول الآية في حق العترة الطاهرة عن كتب أهل السنة حديثاً وتفسيراً، ثم استدرك ما فاته في الجزء التاسع والرابع عشر.

__________________

١. راجع للوقوف على هذه المأثورات جامع الأُصول لابن الأثير: ١٠ / ١٠٠ - ١٠٣، وصحيح مسلم: ٧ / ١٢٢ - ١٢٣.

٢. حُقّق تحقيقاً أنيقاً ونشر من قبل مؤسسة الإمام الصادقعليه‌السلام في عام ١٤١٢ ه‍.

١٥٣

٧. آية التطهير في حديث الفريقين، فقد استقصى في جزء خاص الأحاديث الواردة حول الموضوع من طريق الفريقين شكر الله مساعي الجميع.

وبعد هذا، حان حين البحث عن دلائل القول الآخر: وهو نزول الآية في نسائه.

نزولها في نسائه عليه الصلاة والسلام

قد تعرفت على دلائل القول وقرائنه ومؤيداته وأحاديثه المتواترة التي أطبق على نقلها تسع وأربعون١ صحابياً وصحابية من أُمهات المؤمنين، وقد تلقته الأُمّة بالقبول في القرون الماضية، وأمّا القول الثاني أعني نزولها في نسائه وزوجاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد نسب إلى أشخاص نقل عنهم، منهم:

١. ابن عباس.

٢. عكرمة.

٣. عروة بن الزبير.

٤. مقاتل بن سليمان.

أمّا الأوّل: فقد نقل عنه تارة، عن طريق سعيد بن جبير، وأُخرى عن طريق عكرمة، قال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس عن قوله:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ) قال: نزلت في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أيضاً: أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس

__________________

١. سيوافيك مصدره.

١٥٤

قال: نزلت في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثاني: أعني عكرمة، فقد نقله عنه الطبري، عن طريق « علقمة » وانّ عكرمة كان ينادي في السوق:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ) نزلت في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ونقل في الدر المنثور: أخرج ابن جرير وابن مردويه، عن عكرمة في قوله:( إنّما يريد الله ليذهب عنكم ) إنّه قال ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا الثالث: أعني: عروة بن الزبير، فقال السيوطي: وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير أنّه قال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) قال: أزواج النبي نزلت في بيت عائشة.

وأمّا الرابع: فقد نقل عنه في أسباب النزول.١

تحليل هذه النقول

أمّا نقله عن ابن عباس فليس بثابت، بل نقل عنه خلاف ذلك، فقد نقل السيوطي في « الدر المنثور » قال: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال: شهدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: « السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ».

وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في

__________________

١. تفسير الطبري: ٢٢ / ٧ و ٨ ؛ والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي: ٥ / ١٩٨ ؛ وأسباب النزول للواحدي: ٢٠٤.

١٥٥

شواهد التنزيل١ بسند ينتهي إلى أبي صالح، عن ابن عباس:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) نزلت في رسول الله وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين. والرجس: الشك.

كما نقله الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في « تنزيل الآيات » عن أبي صالح بمثل ما سبق.٢

وممن رواه عن ابن عباس صاحب أرجح المطالب ص ٥٤ طبع لاهور، والعلّامة إسماعيل النقشبندي « في مناقب العترة ».

أضف إلى ذلك أنّ من البعيد أن يخفى على ابن عباس حبر الأُمّة ما اطّلع عليه عيون الصحابة وأُمّهات المؤمنين، وقد أنهى بعض الفضلاء السادة٣ عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة وأربعين صحابياً. وجمعها من مصادر الفريقين في الفضائل والمناقب.

وأمّا عكرمة

فقد ثبت تقوّله بذلك كما عرفت، لكنّ في نفس كلامه دليلاً واضحاً على أنّ الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الأُمّة هو نزولها في حق فاطمة، وانّما تفرّد هو بذلك، ولأجله رفع عقيرته في السوق بقوله: ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبي. أضف إلى ذلك: انّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق وانّها نزلت في نساء النبي يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم،

__________________

١. شواهد التنزيل: ٢ / ٣٠.

٢. تنزيل الآيات: ٢٤ « مخطوط » منه نسخة في جامعة طهران. لاحظ إحقاق الحق: ١٤ / ٥٣.

٣. آية التطهير في حديث الفريقين.

١٥٦

وإلّا فالمتعارف بين الناس هو الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه الصورة المعربة عن الانحراف عنهم.

هذا كله حول ما نقل عنه، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الأمانة والوثاقة، وانحرافه عن عليّ وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الأُمراء فحدّث عنه ولا حرج، ولأجل إيقاف القارئ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقّه نأتي ببعض ما ذكره الإمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه: « تذكرة الحفّاظ »، و « سير أعلام النبلاء »، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل.

نقل الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّى ٧٤٨ ه‍ في « سير أعلام النبلاء » هذه الكلمات في حقّ عكرمة:

١. قال أيّوب: « قال عكرمة: إنّي لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم » ما معنى هذه الكلمة ؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!

٢. قال ابن لهيعة: وكان يحدّث برأي نجدة الحروري١ وأتاه، فأقام عنده ستة أشهر، ثم أتى ابن عباس فسلّم، فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث.

٣. قال سعيد بن أبي مريم، عن أبي لهيعة، عن أبي الأسود قال: كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب، فأخبرته بغفلتهم، قال: فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة.٢

__________________

١. هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجديّة، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه.

٢. هم فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الأصفر.

١٥٧

٤. قال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.

٥. قال علي بن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري.

٦. وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: إنّما لم يذكر مالك عكرمة - يعني في الموطأ - قال: لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة.

٧. وروى عمر بن قيس المكي، عن عطاء قال: كان عكرمة أباضياً.١

٨. وعن أبي مريم قال: كان عكرمة بيهسياً.٢

٩. وقال إبراهيم الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة، أكان يرى رأي الأباضية ؟ فقال: يقال: انّه كان صفرياً، قلت: أتى البربر ؟ قال: نعم، وأتى خراسان يطوف على الأُمراء يأخذ منهم.

١٠. وقال علي بن المديني: حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلّا كافر. قال: وكان يرى رأي الاباضية.٣

وقال في « ميزان الاعتدال »٤ : وقد وثقه جماعة، واعتمده البخاري، وأمّا مسلم فتجنّبه، وروى له قليلاً مقروناً بغيره، وأعرض عنه مالك، وتحايده إلّا في حديث أو حديثين.

عفان، حدثنا وهيب قال: شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب، فذكرا عكرمة فقال يحيى: كذاب، وقال أيوب: لم يكن بكذاب.

__________________

١. هم أتباع عبد الله بن أباض، رأس الأباضية.

٢. فرقة من الصفرية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبغي رأس الفرقة البيهسية من الخوارج.

٣. لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي: ٥ / ١٨ - ٢٢.

٤. ميزان الاعتدال: ٣ / ٩٣ - ٩٧.

١٥٨

عن عبد الله بن الحارث: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش فقلت: ألا تتقي الله ؟ قال: إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي.

سئل محمد بن سيرين عن عكرمة ؟ فقال: ما يسؤني أن يكون من أهل الجنة ولكنّه كذّاب.

هشام بن عبد الله المخزومي: سمعت ابن أبي ذئب يقول: رأيت عكرمة وكان غير ثقة.

وعن بريد بن هارون قال: قدم عكرمة البصرة، فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي، فسمع صوت غناء فقال: اسكتوا، ثم قال: قاتله الله لقد أجاد.

وعن خالد بن أبي عمران قال: كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال: وددت أن بيدي حربة فاعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً.

وعن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلّا كافر. قال: ويرى رأي الأباضية، انّ عكرمة لم يدع موضعاً إلّا خرج إليه: خراسان والشام واليمن ومصر وافريقية، كان يأتي الأُمراء فيطلب جوائزهم.

وقال عبد العزيز الدراوردي: مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد فما شهدهما إلّا سودان المدينة.

وعن ابن المسيب أنّه قال لمولاه « برد »: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

أفبعد هذه الكلمات المتضافرة الحاكية عن انحراف الرجل عن جادة الحق،

١٥٩

وتكفيره عامّة المسلمين، وتمنّيه أن يقتل كل من شهد الموسم، يصح الاعتماد عليه في تفسير الذكر الحكيم ؟ والأسف أنّ المفسرين نقلوا أقواله وأرسلوها ولم يلتفتوا إلى أنّ الرجل كذّاب على مولاه وعلى المسلمين، فواجب على عشاق الكتاب العزيز وطلاب التفسير، تهذيب الكتب عن أقوال وآراء ذلك الدجال ومن يحذو حذوه.

عروة بن الزبير

وأمّا عروة بن الزبير فيكفي في عدم حجية قوله، عداؤه لعليٍّ وانحرافه عنه، ففي هذا الصدد يقول ابن أبي الحديد: روى جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليّاًعليه‌السلام فنالا منه، فبلغ ذلك عليّ بن الحسينعليه‌السلام، فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة فإنّ أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكّة لأريتك كير أبيك.

وقد روي من طرق كثيرة: أنّ عروة بن الزبير كان يقول: لم يكن أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزهو إلّا عليّ بن أبي طالب، وأُسامة بن زيد.

وروى عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيى بن عروة قال: كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه، وقال لي مرّة: يا بني والله ما أحجم الناس عنه إلّا طلباً للدنيا، لقد بعث إليه أُسامة بن زيد أن ابعث إليّ بعطائي فوالله إنّك لتعلم أنّك لو كنت في فم أسد لدخلت معك. فكتب إليه: إنّ هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن لي مالاً بالمدينة، فأصب منه ما شئت.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

و في ( عيون ابن قتيبة ) قالت عائشة : خطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة من كلب ، فبعثني أنظر إليها فقال لي : كيف رأيت ؟ فقلت : ما رأيت طائلا فقال : لقد رأيت خالا بخدّها أقشعر كلّ شعرة منك على حدها فقالت : ما دونك ستر(١) .

و روى ( سنن أبي داود ) عن أنس أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى امهات المؤمنين مع خادمها قصعة فيها طعام ، فضربت بيدها فكسرت القصعة ، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الكسرتين فضمّ إحداهما إلى الاخرى فجعل يجمع فيها الطعام و يقول : غارت امّكم(٢) .

قلت : و المرسلة للطعام في قصعة كانت صفية بن حيّ بن أخطب و الكاسرة لها عائشة كما صرّح به في خبر رواه بعد و في ذاك الخبر : أخذ عائشة أفكل فكسرت الإناء .

و في ( اسد الغابة ) في عنوان خديجة ، قالت عائشة : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلاّ عجوزا فقد أبدلك اللَّه خيرا منها فغضب حتى اهتزّ مقدّم شعره من الغضب ، ثم قال : لا و اللَّه ما أبدلني اللَّه خيرا منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، و صدّقتني إذ كذّبني الناس ، و واستني في مالها إذ حرمني الناس ، و رزقني اللَّه منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء(٣) .

قلت : و مغزى كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ أباها كان كافرا فيمن كفر و مكذّبا فيمن كذب حين اسلام خديجة ، كما أنّها هي من نسائه اللاتي حرم الولد منهن ، فكيف يدّعون لأبيها تقدم اسلامه .

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١٩ كذا أخبار النساء لابن قيم الجوزية : ٩ .

( ٢ ) سنن أبي داود ٣ : ٢٩٧ ح ٣٥٦٧ .

( ٣ ) اسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٤٣٨ .

٢٨١

و في ( تفسير القمّي ) في قوله تعالى :( و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ) (١) كان سبب نزولها أنّ امرأة من الأنصار أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قد تهيّأت و تزيّنت ، فقالت : يا رسول اللَّه هل لك فيّ حاجة فقد وهبت نفسي لك فقالت لها عائشة : قبّحك اللَّه ما أنهمك للرجال فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مه يا عائشة فإنّها رغبت في رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ زهدتنّ فيه ثم قال : رحمك اللَّه و رحمكم يا معشر الأنصار ، نصرني رجالكم و رغبت فيّ نساؤكم ، إرجعي رحمك اللَّه فإنّي أنتظر أمر اللَّه فأنزل اللَّه تعالى( و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبيّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) (٢) فلا تحلّ الهبة إلاّ لرسول اللَّه(٣) .

ثم من المضحك أنّ النووي في شرحه على صحيح مسلم قال بعد ذكر رواية مسلم عن عائشة قالت : قال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لأعلم إذا كنت عنّي راضية و إذا كنت عليّ غضبى قلت : و من أين تعرف ذلك ؟ قال : أمّا إذ كنت عني راضية تقولين : « لا و ربّ محمّد » و إذ كنت غضبى تقولين : « لا و ربّ إبراهيم » .

قلت : أجل و اللَّه لا أهجر إلاّ اسمك .

مغاضبة عائشة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هي ممّا سبق من الغيرة التي عفي عنها للنساء في كثير من الأحكام كما سبق لعدم انفكاكهن منها ، حتى قال مالك و غيره من علماء المدينة : يسقط عنها الحد إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة ، قال و احتج بما روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله و لو لا ذلك لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه ، لأن الغضب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هجره كبيرة عظيمة(٤) .

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٥٠ .

( ٢ ) الأحزاب : ٥٠ .

( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ١٩٥ .

( ٤ ) صحيح مسلم بشرح النووي ١٥ : ٢٠٣ .

٢٨٢

فإنّ إخواننا إنّما عرفوا الحق بالأشخاص ، فاعتقدوا بحسب مذهبهم المتناقض أنّ عائشة صدّيقة ابنة صدّيق .

فاشتروا بذلك قول اللَّه جل و علا :( يا نساء النبي من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك على اللَّه يسيرا ) (١) و قوله تعالى فيها و في صاحبتها :( و إن تظاهرا عليه فإنّ اللَّه هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين ) (٢) .

و قوله عزّ اسمه تعريضا بهما كما صرّح به ( الزمخشري )(٣) و رواه ( صحيح مسلم )(٤) :( ضرب اللَّه مثلا للّذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئا و قيل ادخلا النّار مع الدّاخلين ) (٥) بثمن قليل ، فكان ضعف العذاب عليها لإتيانها بتلك الفواحش المبيّنة عليهم عسيرا ، و تظاهرها هي و صاحبتها على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسيا منسيا ، و أنّها مع خيانتها تلك الخيانات التي أثبتها التاريخ في الجمل و غير الجمل كان كونها تحت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يغني عنها شيئا .

كما أغمضوا عمّا شاهدوا من أبيها و صاحبه مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتخلّف عن جيش اسامة الذي لعن المتخلف عنه و منعه من الوصية و نسبة الهجر إليه ، مع قوله تعالى :( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ) (٦) و مع أهل بيته بإحراقهم لو لم يبايعوا مع قوله تعالى فيهم( إنّما يريد اللَّه ليذهب

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٠ .

( ٢ ) التحريم : ٤ .

( ٣ ) الكاشف للزمخشري ٤ : ٥٧١ .

( ٤ ) صحيح مسلم ١٥ : ٢٠٣ .

( ٥ ) التحريم : ١٠ .

( ٦ ) النجم : ٣ ٤ .

٢٨٣

 عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ) (١) .

و لمّا قال بعضهم لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني أعتزلك لاعتزال سعد و ابن عمر لك قالعليه‌السلام له : إنّك تعرف الحقّ بالرجال و الواجب أن تعرف الرجال بالحقّ(٢) .

و كيف تكون غيرتهن عفوا و قد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام « غيرتهن كفر » و قال الباقرعليه‌السلام : غيرة النساء الحسد ، و الحسد أصل الكفر ، إنّ النساء إذا غرن غضبن ، و إذا غضبن كفرن إلاّ المسلمات منهنّ(٣) .

و قال الصادقعليه‌السلام : إن اللَّه تعالى لم يجعل الغيرة للنساء ، و إنّما تغار المنكرات منهن ، فأمّا المؤمنات فلا ، إنّما جعل اللَّه الغيرة للرجال(٤) .

فأمّا قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « الغيراء لا تدري أعلى الوادي من أسفله » فبيان حالهن لا دليل جواز عملهن .

و ورد من طريقنا(٥) أيضا هكذا : بينا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا إذ جاءت امرأة عريانة حتى قامت بين يديه فقالت : إنّي قد فجرت فطهّرني ، و جاء رجل يعدو في أثرها و ألقى عليها ثوبا ، فقال : ما هي منك ؟ قال : صاحبتي خلوت بجاريتي فصنعت ما ترى فقال : ضمّها إليك ثم قال : ان الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله(٦) .

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) ذكره المفيد في أماليه : ٣ بلفظ : « فإنّك امرؤ ملبوس عليك ، إنّ دين اللَّه لا يعرف بالرجال بل بآية الحق ، فأعرف الحق تعرف أهله .

( ٣ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ، و ذكره الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٢٤ .

( ٤ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ح ٢ .

( ٥ ) من حديث مطول أسنده الطبرسي إلى جابر . لم يأت المؤلف على ذكره بالتفصيل انظر مكارم الأخلاق : ١٢٤ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ح ٣ ، و فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٩ : ٣٢٥ .

٢٨٤

و كيف يعفى عنهنّ مع ترتب مفاسد كثيرة على غيرتهن ، فقد روى الكافي أنّ عمر اتي بجارية قد شهدوا عليها أنّها بغت و كان من قصتها أنّها كانت يتيمة عند رجل و كان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله ، فشبّت اليتيمة فتخوّفت المرأة أن يتزوجها زوجها ، فدعت بنسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها بأصبعها ، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة و أقامت البيّنة من جاراتها اللاّتي ساعدنها على ذلك ، فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها ، ثم قال للرجل : إئت عليّ بن أبي طالب و إذهب بنا إليه .

فأتوهعليه‌السلام و قصوا عليه القصة ، فقالعليه‌السلام لامرأة الرجل : ألك بيّنة أو برهان ؟

قالت : هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول ، و أحضرتهن فأخرج عليعليه‌السلام سيفه من غمده فطرحه بين يديه و أمر بكلّ واحدة منهن فأدخلت بيتا ، ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها ، فردّها إلى البيت الذي كانت فيه و دعا إحدى الشهود و جثا على ركبتيه ثم قال : تعرفيني أنا علي بن أبي طالب و هذا سيفي و قد قالت امرأة الرجل ما قالت و رجعت إلى الحق و أعطيتها الأمان و إن لم تصدقيني لأمكّننّ السيف منك فالتفتت المرأة إلى عمر و قالت : الأمان على الصدق فقال لها علي فاصدقي ، فقالت لا و اللَّه إلاّ أنّها رأت جمالا و هيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر و دعتنا فأمسكناها فافتضّتها بأصبعها فقال عليعليه‌السلام : اللَّه أكبر أنا أوّل من فرق بين الشهود إلاّ دانيال النبيعليه‌السلام ، و الزمهن حدّ القاذف و الزمهن جميعا العقر و جعل عقرها أربعمائة درهم ، و أمر بالمرأة أن تنفى من الرجل و يطلقها زوجها ، و زوّجهعليه‌السلام الجارية و ساق المهر عنه .(١) .

و روى أيضا أنّه كان على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان متؤاخيان

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٧ : ٤٢٥ ح ٩ .

٢٨٥

في اللَّه عز و جل ، فمات أحدهما و أوصى إلى الآخر في حفظ بنية كانت له ، فحفظها الرجل و أنزلها منزلة ولده في اللطف و الإكرام ، ثم حضره سفر فخرج و أوصى امرأته في الصبية ، فأطال السفر حتى إذا أدركت الصبيّة و كان لها جمال و كان الرجل يكتب في حفظها و التعاهد لها ، فلما رأت ذلك امرأته خافت أن يقدم فيراها قد بلغت مبلغ النساء فيعجبه جمالها فيتزوجها ، فعمدت إليها هي و نسوة معها قد كانت أعدّتهن ، فأمسكنّها لها ثم افترعتها بأصبعها ، فلما قدم الرجل من سفره دعا الجارية ، فأبت أن تجيبه استحياء ممّا صارت إليه ، فألحّ عليها في الدعاء ، كلّ ذلك و هي تأبى أن تجيبه ، فلما أكثر عليها قالت له امرأته : دعها فانّها تستحي أن تأتيك من ذنب أتته ، و رمتها بالفجور ، فاسترجع الرجل ثم قام إلى الجارية فوبّخها و قال لها : ويحك أما علمت ما كنت أصنع بك من الألطاف ، و اللَّه ما كنت أعدّك إلاّ كبعض ولدي أو إخوتي و إن كنت لابنتي ، فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقالت له الجارية : أمّا إذ قيل لك ما قيل فو اللَّه ما فعلت الذي رمتني به امرأتك و لقد كذبت عليّ ، فإنّ القصة لكذا و كذا و وصفت له ما صنعت امرأته بها فأخذ الرجل بيد امرأته و يد الجارية فمضى بهما حتى أجلسهما بين يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام و أخبره بالقصة كلّها و أقرّت المرأة بذلك ، و كان الحسنعليه‌السلام بين يدي أبيه فقال له : إقض فيها فقال الحسنعليه‌السلام :

نعم على المرأة الحد لقذفها الجارية و عليها القيامة لافتراعها فقالعليه‌السلام له :

صدقت(١) .

و في ( مناقب السروي ) عن تميم بن خزام الأسدي قال : صبّت امرأة بياض البيض على فراش ضرّتها و قالت لزوجها : قد بات عندها رجل ، ففتّش ثيابها فأصاب ذلك البيض ، فقص ذلك على عمر فهمّ أن يعاقبها فقال أمير

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٧ : ٢٠٧ ح ١٢ .

٢٨٦

المؤمنينعليه‌السلام : إيتوني بماء حار قد اغلي غليانا شديدا ، فلما اتي به أمرهم فصبّوا على الموضع فاشتوى ذلك الموضع ، فرمى به إليها و قال :( إنّه من كيدكن إنّ كيدكن عظيم ) (١) و قالعليه‌السلام لزوجها : أمسك عليك زوجك فإنّها حيلة تلك التي قذفتها ، فضربها الحدّ(٢) .

و في ( معجم أدباء الحموي ) نقلا عن كتاب شعراء ابن المعتزّ : كان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيّار ، و كان الليث من أكتب أهل زمانه بارع الأدب بصيرا بالشعر و الغريب و النحو ، و كان كاتبا للبرامكة و كانوا معجبين به ، فارتحل إليه الخليل و عاشره فوجده بحرا فأغناه ، و أحبّ الخليل أن يهدي إليه هدية تشبهه ، فاجتهد في تصنيف كتاب العين فصنّفه له و خصّه به دون الناس و حبّره و أهداه إليه ، فوقع منه موقعا عظيما و سرّ به و عوّضه عنه مائة ألف درهم و اعتذر إليه ، و أقبل الليث ينظر فيه ليلا و نهارا لا يملّ النظر فيه حتى حفظ نصفه و كانت ابنة عمّه تحته فاشترى عليها جارية نفيسة بمال جليل ، فبلغها ذلك فغارت غيرة شديدة ، فقالت و اللَّه لأغيظنّه و لا ابقي غاية فقالت : إن غظته في المال فذاك ما لا يبالي و لكني أراه مكبّا ليله و نهاره على هذا الدفتر و اللَّه لأفجعنه به ، فأخذت الكتاب و أضرمت نارا و ألقته فيها ، و أقبل الليث إلى منزله و دخل إلى البيت الذي كان فيه الكتاب ، فصاح بخدمه و سألهم عن الكتاب فقالوا : أخذته الحرة ، فبادر إليها و قد علم من أين اتي ، فلما دخل عليها ضحك في وجهها و قال لها : ردّي الكتاب فقد وهبت لك الجارية و حرّمتها على نفسي ، و كانت غضبى فأخذت بيده و أرته رماده ، فسقط في يد الليث فكتب نصفه من حفظه و جمع على الباقي أدباء زمانه و قال

____________________

( ١ ) يوسف : ٢٨ .

( ٢ ) المناقب للسروي ٢ : ٣٦٧ .

٢٨٧

لهم : مثلوا عليه و اجتهدوا ، فعملوا هذا النصف الذي بأيدي الناس ، فهو ليس من تصنيف الخليل و لا يشقّ غباره(١) .

هذا ، و في السير : ضرب البعث على كوفي إلى آذربيجان ، فاقتاد جارية و فرسا و كان مملكا بابنة عمه ، فكتب إليها ليغيرها :

ألا بلغوا ام البنين بأننا

غنينا و أغنتنا الغطارفة المرد

بعيد مناط المنكبين إذا جرى

و بيضاء كالتمثال زيّنها العقد

فهذا لأيّام العدو و هذه

لحاجة نفسي حين ينصرف الجند

فكبت إليه امرأته :

ألا فاقره منّي السّلام و قل له

غنينا و أغنتنا غطارفة المرد

إذا شئت أغناني غلام مرجّل

و نازعته في ماء معتصر الورد

و ان شاء منهم ناشى‏ء مدّ كفّه

إلى عكن ملساء أو كفل نهد

فما كنتم تقضون حاجة أهلكم

شهودا قضيناها على النأي و البعد

فعجّل علينا بالسراح فإنّه

منانا و لا ندعو لك اللَّه بالرد

فلا قفل الجند الذي أنت فيهم

و زادك رب الناس بعدا على بعد

فلما ورد عليه الكتاب لم يزد ان ركب فرسه و أردف الجارية و لحق بها ، فكان أوّل شي‏ء قال لها : تاللَّه هل كنت فاعلة قالت : أنت أحقر من أن أعصي اللَّه فيك ، كيف ذقت طعم الغيرة ، فوهب لها الجارية و انصرف إلى بعثه(٢) .

و في المناقب عن غريب حديث أبي عبيد : جاءت امرأة إلى عليعليه‌السلام و قالت : ان زوجها يأتي جاريتها فقالعليه‌السلام : ان كنت صادقة رجمناه و ان كنت كاذبة جلدناك فقالت : ردوني إلى أهلي غيري نقزة قال أبو عبيد : تعني ان

____________________

( ١ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١٧ : ٤٥ ، عقلا عن طبقات الشعراء لعبد اللَّه بن المعتز : ٩٧ .

( ٢ ) الابشيهي ، المستطرف في كل فن مستظرف ٢ : ٤٨٧ ٤٨٨ .

٢٨٨

جوفها يغلي من الغيظ و الغيرة(١) .

و في ( المروج ) : ذكر مصعب الزبيري أنّ امّ سلمة بنت يعقوب المخزومي كانت بعد هشام بن عبد الملك عند السفاح ، و كان حلف لها أن لا يتزوّج عليها و لا يتسرّى ، و غلبت عليه غلبة شديدة حتى ما كان يقطع أمرا إلاّ بمشورتها ، حتى أفضت الخلافة إليه فوفى لها بما حلف لها ، فلما كان ذات يوم خلا به خالد ابن صفوان فقال له : إني فكّرت في أمرك و سعة ملكك ، و قد ملكت نفسك امرأة واحدة ، فإن مرضت مرضت و ان غابت غبت و حرمت نفسك التلذّذ باستطراف الجواري و معرفة أخبار حالاتهن و التمتّع بما تشتهي منهنّ ، فإنّ منهن الطويلة الغيداء و منهن الفضة البيضاء ، و منهن العتيقة الأدماء و الدقيقة السمراء و البربرية العجزاء ، من مولدات المدينة تفتن بمحادثتها و تلذّ بخلوتها ، و أين أنت من بنات الأحرار و النظر إلى ما عندهن و حسن الحديث منهن ، و لو رأيت الطويلة البيضاء و السمراء اللعساء و الصفراء العجزاء و المولّدات من البصريات و الكوفيات ، ذوات الألسن العذبة و القدود المهفهفة و الأوساط المخصّرة و الأصداغ المزرفنة ، و العيون المكحلة و الثدي المحقة ، و حسن زيّهن و زينتهن و شكلهن ، لرأيت شيئا حسنا و جعل يجيد في الوصف و يجدّ في الاطناب بحلاوة لفظه وجودة صفته .

فلما فرغ قال له السفاح : و يحك يا خالد ما صكّ مسامعي و اللَّه قطّ كلام أحسن من كلامك ، فأعده علي فقد وقع منّي موقعا ، فأعاد عليه خالد أحسن ممّا ابتدأ ، ثم انصرف و بقي السفاح مفكّرا فيما سمع من خالد ، فدخلت عليه ام سلمة فلما رأته متفكّرا قالت : إنّي لأنكرك ، هل حدث أمر أو أتاك خبر ؟ قال : لم يكن من ذلك شي‏ء قالت : فما قصّتك ؟ فجعل يزوي عنها فلم تزل به حتى

____________________

( ١ ) المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ٣٨١ .

٢٨٩

أخبرها بمقالة خالد ، فقالت : فما قلت لابن الفاعلة قال : سبحان اللَّه ينصحني و تشتمينه ، فخرجت من عنده مغضبة و أرسلت إلى خالد من البخارية و معهم من الكافر كوبات ، و أمرتهم أن لا يتركوا منه عضوا صحيحا .

قال خالد : فانصرفت إلى منزلي و أنا على السرور بما رأيت من السفاح و إعجابه بما ألقيته إليه ، و لم أشكّ أنّ صلته تأتيني ، فلم ألبث حتى صار إليّ اولئك البخارية و أنا قاعد على باب داري ، فلما رأيتهم أيقنت بالجائزة واصلة ، حتى وقفوا عليّ فسألوا عني فقلت : ها أنا ذا خالد ، فسبق اليّ أحدهم بهراوة كانت معه ، فلما أهوى بها اليّ و ثبت الى منزلي و أغلقت الباب و استترت ، و مكثت أيّاما على تلك الحال لا أخرج من منزلي ، و وقع في خلدي أنّي أوتيت من قبل امّ سلمة ، و طلبني السفاح طلبا شديدا فلم أشعر ذات يوم إلاّ بقوم هجموا عليّ و قالوا : أجب الخليفة فأيقنت بالموت ، فركبت و ليس عليّ لحم و لا دم ، فلما وصلت إلى الدار أومى اليّ بالجلوس و نظرت فإذا خلف ظهري باب عليه ستور قد ارخيت و حركة خلفها ، فقال السفاح : لم أرك يا خالد منذ ثلاث .

قلت : كنت عليلا قال : ويحك إنّك وصفت لي في آخر دخلة من أمر الناس و الجواري ما لم يخرق مسامعي قط كلام أحسن منه فأعده علي قلت : نعم .

أعلمتك أنّ العرب اشتقت اسم الضرّة من الضر ، و ان أحدهم ما تزوج من النساء أكثر من واحدة إلاّ كان في جهد فقال : ويحك لم يكن هذا في الحديث .

قلت : بلى ، و أخبرتك أنّ الثلاث من النساء كأثافي القدر يغلي عليهن قال : برئت من قرابتي من النبي إن كنت سمعت هذا منك في حديثك قلت : و أخبرتك أنّ الأربعة من النساء شرّ صيح بصاحبه يشنه و يهرمنه و يسقمنه قال : ويلك ما سمعت هذا منك و لا من غيرك قبل هذا قال خالد : بلى قال : ويلك تكذّبني .

قلت : و تريد أن تقتلني قال : مر في حديثك قلت : و أخبرتك ان أبكار الجواري

٢٩٠

رجال و لكن لا خصي لهن .

قال خالد : و سمعت الضحك من وراء الستر قلت : و نعم و أخبرتك أيضا ان بني مخزوم ريحانة قريش و أنت عندك ريحانة من الرياحين و أنت تطمح بعينك إلى حرائر النساء و غيرهن من الاماء .

قال خالد : فقيل لي من وراء الستر صدقت يا عمّاه و برّرت بهذا حديث الخليفة و لكنه بدل و غيّر و نطق عن لسانك بغيره فقال لي السفاح : قاتلك اللَّه و أخزاك و فعل بك و فعل ، فتركته و خرجت و قد أيقنت بالحياة قال : فما شعرت إلاّ برسل ام سلمة قد صاروا إليّ و معهم عشرة آلاف درهم و تخت و برذون و غلام(١) .

و غيرة الرجل التي هي إيمان ، غيرته على ميل امرأته إلى رجل أجنبي ، و أمّا ميلها إلى زوج لها قبل بمعنى مدحها له بصفات ليست في الأخير فيغيّر زوجها فليس بايمان بل من الكفر ، ففي السير كانت مع سعد بن أبي وقاص بالقادسية زوجة له كانت قبل تحت المثنى بن حارثة ، فلما لم تر من سعد إقداما مثل المثنى قالت : و امثنياه و لا مثنى للمسلمين اليوم فلطمها سعد فقالت المرأة : أ غيرة و جبنا فذهبت مثلا(٢) .

٢ الحكمة ( ٢٣٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا وَ شَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهَا « المرأة شرّ كلّها » قالوا : كتب بعض الحكماء على باب داره « لا يدخل داري

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٦٠ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

٢٩١

شرّ » فقال بعض آخر منهم : من أين تدخل امرأتك(١) ؟

و قالوا : تزوّج بعضهم امرأة نحيفة فقيل له في ذلك فقال : اخترت من الشرّ أقلّه(٢) .

و قالوا : رأى بعض الحكماء امرأة غريقة قد احتملها السيل فقال : زادت الكدر كدرا ، و الشر بالشر يهلك(٣) .

و في ( الملل ) : رأى ديو جانس امرأة تحملها الماء فقال : على هذا المعنى جرى المثل « دع الشر يغسله الشر »(٤) .

و رأى نساء يتشاورن فقال : على هذا جرى المثل : « هو ذا الثعبان يستقرض من الأفاعي سمّا » .

و رأى امرأة متزينة في ملعب فقال : هذه لم تخرج لترى و لكن لترى و قالوا : رأى بعضهم جارية تحمل نارا فقال : نار على نار ، و الحامل شر من المحمول و قالوا : رأى حكيم جارية تتعلّم الكتابة ، فقال : يسقى هذا السهم سمّا ليرمي به يوما ما(٥) .

و قالوا : و نظر حكيم إلى امرأة مصلوبة على شجرة ، فقال : ليت كلّ شجرة تحمل مثل هذه الثمرة(٦) .

و قال بعضهم :

ان النساء شياطين خلقن لنا

نعوذ باللَّه من شرّ الشياطين(٧)

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٢٥ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ و ١٨ : ١٩٨ ١٩٩ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٥٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ .

( ٥ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٥٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٦ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ و ١٨ : ١٩٨ .

( ٧ ) نسبوا هذا البيت إلى عمر بن الخطاب ، قاله عند ما سمع امرأة تقول : ان النساء رياحين خلقن لكم و كلكم يشتهي

٢٩٢

و قال بعضهم في قولهم « بعد الّتي و اللّتيّا » : إن رجلا تزوج امرأة قصيرة و امرأة طويلة ، فلقي منهما شدّة ، فطلّقهما و قال : بعد اللتيا يعني القصيرة و الّتي أي الطويلة لا أتزوج أبدا(١) .

و في ( شعراء ابن قتيبة ) : كان جران العود و الرحال خدنين ، فتزوج كلّ واحد منهما امرأتين ، فلقيا منهما مكروها فقال الأول :

ألا لا تغرنّ امرأ نوفلية

على الرأس بعدي أو ترائب وضّح

و لا فاحم يسقي الدهان كأنّه

أساود يزهاها لعينك أبطح

و أذناب خيل علقت في عقيصة

ترى قرطها من تحتها يتطوّح

جرت يوم جئنا بالركاب نزفّها

عقاب و تشحاج من الطير متيح

فأمّا العقاب فهي منّا عقوبة

و أمّا الغراب فالغريب المطوّح

هي الغول و السعلاة حلقي منهما

مكدّح ما بين التراقي مجرّح

خذا نصف مالي و اتركا لي نصفه

و بينا بذم فالتعزّب أروح

و سمّي جران العود بقوله لامرأتيه :

خذا حذرا يا جارتيّ فإنّني

رأيت جران العود قد كان يصلح

فخوفهما بسير قدّ من صدر جمل مسن ، قال و يتمثل من شعره بقوله :

و لا تأمنوا مكر النساء و أمسكوا

عرى المال عن أبنائهن الأصاغر

فإنّك لم ينذرك أمر تخافه

إذا كنت منه خائفا مثل خابر(٢)

و في القاموس هو عامر بن الحرث و قول الصحاح اسمه المستورد غلط .

شم الرياحين ، راجع أدب الدنيا و الدين للماوردي : ١٥٦ .

____________________

( ١ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ١٢٥ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٢٧٥ ٢٧٧ .

٢٩٣

و قال الثاني :

فلا بارك الرحمن في عود أهلها

عشية زفّوها و لا فيك من بكر

و لا الزعفران حين مسّحنها به

و لا الحلي منها حين نيط من النحر

و لا فرش طوهرن من كلّ جانب

كأنّي أطوي فوقهن من الجمر

فيا ليت أنّ الذئب خلّل درعها

و إن كان ذا ناب حديد و ذا ظفر

و جاءوا بها قبل المحاق بليلة

و كان محاقا كلّه آخر الشهر

لقد أصبح الرحّال عنهن صادفا

إلى يوم يلقى اللَّه في آخر العمر(١)

و في ( الاستيعاب ) : كانت عند الأعشى المازني امرأة يقال لها معاذة ، فخرج يمير أهله من هجر ، فهربت امرأته بعده ناشزة عليه ، فعاذت برجل منهم يقال له مطرف ، فجعلها خلف ظهره ، فلما قدم الأعشى لم يجدها في بيته و اخبر أنّها نشزت و عاذت بمطرف ، فأتاه فقال له : يا ابن عم عندك امرأتي فادفعها اليّ فقال : ليست عندي و لو كانت عندي لم أدفعها إليك و كان مطرف أعزّ منه ، فخرج حتى أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنشأ يقول :

يا سسّد الناس و ديّان العرب

أشكو إليك ذربة من الذرب(٢)

خرجت أبغيها الطعام في رجب

فخلفتني بنزاع و هرب

اخلفت العهد و ألظت بالذنب

و هنّ شر غالب لمن غلب(٣)

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « و هنّ شر غالب لمن غلب » و كتب إلى مطرف : إدفع إليه امرأته ، فلما قرأ الكتاب قال لمعاذة : هذا كتاب النبي فيك و أنا دافعك إليه فقالت :

خذ لي العهد أن لا يعاقبني فيما صنعت ، فأنشأ يقول :

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٧٠ .

( ٢ ) الذرب : حدّة اللسان .

( ٣ ) حياة الحيوان للدميري ١ : ٥١٢ .

٢٩٤

لعمرك ما حبّي معاذة بالذي

يغيّره الواشي و لا قدم العهد

و لا سوء ما جاءت به إذ أزلّها

غواة رجال إذ ينادونها بعدي(١)

و في ( الملل ) : قيل للاسكندر : إنّ روشنك امرأتك بنت دارا الملك و هي من أجمل النساء فلو قربتها إلى نفسك قال : أكره أن يقال : غلب الاسكندر دارا ، و غلبت روشنك الاسكندر(٢) .

و قالوا : كان أحمد بن يوسف كاتب المأمون إذا دخل عليه حيّاه بتحية أبرويز الملك : « عشت الدهر ، و نلت المنى ، و حبيت طاعة النساء »(٣) .

و في ( الكافي ) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : إتّقوا من شرار النساء و كونوا من خيارهن على حذر ، و إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنّ كيلا يطمعن في المنكر(٤) .

و عنهعليه‌السلام : في خلاف النساء البركة(٥) .

____________________

( ١ ) ذكر الحكاية ( ابن الأثير ) في اسد الغابة ١ : ١٢٣ ، و لم يذكر ( ابن عبد البر ) في الإستيعاب ١ : ١٤٤ ( المصدر الّذي اعتمده المؤلف ) إلاّ جزءا من الحكاية ، فقد ذكر أبيات الأعشى المازني إمام النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و قول النبي له فقط ، مع تغيير عمّا ذكره المؤلف و الأبيات هي:

يا مالك الناس و ديان العرب

إنّي لقيتف دربة من الذّرب

ذهبت ابضيها الطعام في رجب

فخالفتني بنزاع و هرب

أخلفت العهد و الطّت بالذنب

و هن شر غالب لمن غلب

( ٢ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٤٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ١٩٥ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٥ : ٥١٧ ح ٥ .

( ٥ ) لفظ الحديث كما رود في بحار الأنوار ١٠٣ : ٢٦٢ ، و جامع أحاديث الشيعة ١٦ : ٨٦ ، عن هارون بن موسى عن محمّد بن علي بن محمّد بن الحسين عن علي بن اسباط عن أبي فضال عن الصادق عن ايائه عن رسول اللَّه أنه قال : شاوروا النساء و خالفوهن فأن خلافهن بركة و قد أورد جمع من المتأخرين هذا الحديث و نسبوه إلى الإمام عليّعليه‌السلام أو إلى الرسول صلّى اللَّه عليه و آله بينما لم يرد في المصادر من نسب هذا القول إلى الإمام عليّعليه‌السلام أمّا نسبته إلى الرسول صلّى اللَّه عليه و آله فقد عجّت و صادر الحديث بذكره في الموضوعات ، من هذه الكتب : ١ السخاوي في المقاصد

٢٩٥

و كل أمر تدبرته امرأة فهو ملعون(١) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ النساء لا يشاورن في النجوى و لا يطعن في ذوي القربى ، إنّ المرأة إذا أسنّت ذهب خير شطريها و بقي شرهما ، يعقم رحمها و يسوء خلقها و يحتدّ لسانها ، و إن الرّجل إذا أسنّ ذهب شرّ شطريه و بقي خيرهما يؤوب عقله و يستحكم رأيه و يحسن خلقه(٢) .

و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن(٣) .

و قال طفيل الغنوي :

إنّ النّساء متى ينهين عن خلق

فإنّه واجب لا بدّ مفعول(٤)

و قالوا : قيل لسقراط أيّ السباع أجسر ؟ قال : المرأة(٥) .

قالوا : و مرّت به امرأة فقالت له : ما أقبحك فقال لها : لو لا أنّك من المرايا الحسنة ، و قال عنه : لم أره مرفوعا ، و لكن عن العسكري من احديث حفص بن عثمان بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر قال : قال عمر : خالفوا النساء فإنّ خلافهن لبركة ( راجع المقاصد الحسنة : ٢٤٨ ح ٥٨٥ ) ٢ أورده المنقي الهندي في كنز العمّال عن ( عمر ) أنه قال : خالفوا النساء فإن خلافهن بركة ( كنز العمّال ٣ : ٤٥١ ) ٣ الزبيري في إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين ٥ : ٣٥٦ ، يقول عنه هكذا اشتهر على الألسنه و ليس بحديث .

٤ ابن عراق الشافعي في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشيعة الموضوعة ٢ : ٢١٠ ، نسبه إلى عمر بن الخطاب ٥ ( ملا علي القالي في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ، المعروف بالموضوعات الكبرى : ٢٢٢ ) ذكر قائلا : حديث شاورهن و خالفوهن لم يثبت بهذا المعنى و إن كان له وجه من حيث المعنى .

____________________

( ١ ) في بحار الأنوار ١٠٣ : ٢٢٨ « كل امرى‏ء تدبره امرأة فهو ملعون » .

( ٢ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢١ .

( ٣ ) ذكره المجلسي في مكانين ٩١ : ٢٥٥ و ١٠٣ : ٢٢٨ إلاّ ان أرباب السير ذكروا ان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله استشار ( امّ سلمة ) في صاح الحديبيه ، فقد قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٥ : ٢٦٥ ٢٦٦ : فلمّا لم يقم منهم ( الأصحاب ) أحد دخل على امّ سلمة فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت امّ سلمة : يا نبي اللَّه ، اتحب ذلك ؟ أخرج و لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بذلك و تدعو حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنة ، و دعا حالقه فحلقه ، فلمّا رأوا قاموا فنحروا ، و جعل بعضهم بحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٢٩٦

الصديّة لغمّني ما بان من قبح صورتي فيك(١) .

هذا ، و عن ( ملح النوادر ) كان ذئب ينتاب بعض القرى و يعبث فيها ، فترصّدوه حتى أخذوه ، ثم تشاوروا فيه فقال بعضهم : تقطع يداه و رجلاه و تدقّ أسنانه و يخلع لسانه ، و قال آخر بل يصلب و يرمى بالنبال ، و قال آخر :

توقد نار عظيمة و يلقى فيها ، و قال بعض الممتحنين بالنساء : بل يزوّج و كفى بالتزويج تعذيبا و في هذه القصة قال الشاعر :

رب ذئب أخذوه

و تماروا في عقاب

ثم قالوا زوّجوه

و ذروه في عذاب(٢)

« و شر ما فيها أنّه لا بدّ منها » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان إبراهيمعليه‌السلام شكا إلى اللَّه ما يلقى من سوء خلق سارة ، فأوحى إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوجّ ، إن أقمته كسرته و إن تركته استمتعت فاصبر عليها(٣) و نظم مضمونه من قال :

هي الضلع العوجاء لست تقيمها

ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها(٤)

و في ( البيان ) : سمع أعرابي يقول « اللّهم اغفر لامّ أوفى » قيل له : من امّ أوفى ؟ قال : إمرأتي ، إنّها لحمقاء مرغامة(٥) أكول قامّة(٦) لا تبقي خامّة(٧) ، غير

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٠ .

( ٢ ) لم نعثر على الكتاب لا في المطبوعات و لا في المخطوطات ، و يبدو ان المؤلف لم ير الكتاب حيث ذكر ( و عن ) ، و قد ذكر حاجي خليفة الكتاب في كشف الظنون ٢ : ١٨١٧ ، و نسبه إلى الشيخ أبي عبد اللَّه الكاتب .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥١٣ ح ٢ .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٩ .

( ٥ ) المرغامة : المبغضة ليعلها .

( ٦ ) قمّ : أكولة .

( ٧ ) الخامّ : ما تغيّر ريحه من لحم أو لبن .

٢٩٧

أنّها حسناء فلا تفرك و امّ غلمان فلا تترك(١) .

و نظير المرأة في مطلوبيتها مع شدائدها لعدم بدّ منها ، الشيب فرارا من الموت قال الشاعر :

الشيب كره و كره أن يفارقني

فأعجب لشي‏ء على البغضاء مودود(٢)

٣ الحكمة ( ٦١ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اَللَّبْسِةِ « المرأة عقرب » في ( اللّسان ) العقرب يكون للذّكر و الانثى ، و الغالب عليه التأنيث ، و يقال للانثى : عقربة و عقرباء ، و العقربان : الذكر منها ، قال إياس بن الأرتّ :

كأنّ مرعى امكم إذ غدت

عقربة يكومها عقربان(٣)

و عقرب بن أبي عقرب كان من تجّار المدينة مشهورا بالمطل ، قال الزبير ابن بكار : عامله الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب فلزم الفضل بيته زمانا فلم يعطه شيئا ، فقال الفضل :

قد تجرت في سوقنا عقرب

لا مرحبا بالعقرب التاجره

كلّ عدو يتّقى مقبلا

و عقرب تخشى من الدابره

إن عادت العقرب عدنا لها

و كانت النعل لها حاضره

____________________

( ١ ) البيان و التبيان للجاحظ ٢ : ٩٥ .

( ٢ ) هو مسلم بن الوليد ذكره النويري ، في نهاية الارب ٢ : ٣٧ .

( ٣ ) لسان العرب لابن منظور ٩ : ٣١٨ .

٢٩٨

كلّ عدوّ كيده في استه

فغير مخشي و لا ضائره(١)

« حلوة اللبسة » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) ، و الصواب : ( اللسبة ) كما نقله ( ابن أبي الحديد(٣) و اللسبة من لسب بالفتح ، قال ابن السكيت يقال لسبته العقرب إذا لسعته ، و اما لسب بالكسر فبمعنى لعق ، يقال لسبت العسل أي لعقته(٤) .

و لكون المرأة عقربا حلوة اللسبة قال كثيّر في صاحبته عزّة :

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت(٥)

و عن مجنون في صاحبته ليلى :

حلال لليلى شتمنا و انتقاصنا

هنيئا و مغفور لليلى ذنوبها(٦)

و في ( الأغاني ) : قدم الوليد بن عبد الملك مكة فأراد أن يأتي الطائف فقال :

هل من رجل عالم يخبرني عنها قالوا : عمر بن أبي ربيعة قال : لا حاجة لي به ، ثم عاد فسأل فذكروه فقال : هاتوه فأتى و ركب معه ، فجعل يحدّثه ثم حوّل رداءه ليصلحه على نفسه ، فرأى الوليد على ظهره أثرا فقال : ما هذا ؟ قال : كنت عند جارية لي إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية اخرى و جعلت تسارّني بها ، فغارت التي كنت عندها فعضّت منكبي ، فما وجدت ألم عضتها من لذة ما كانت تلك تنفث في اذني حتى بلغت ما ترى و الوليد يضحك(٧) .

____________________

( ١ ) حياة الحيوان للدميري ٢ : ٦١ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية : ٦٧١ رقم ٦٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ رقم ٥٩ .

( ٤ ) ترتيب اصلاح المنطق لابن السكّيت : ٣٣٤ .

( ٥ ) ديوان كثير عزة : ٥٦ .

( ٦ ) ديوان مجنون ليلى : ٣٤ .

( ٧ ) الأغاني للأصفهاني ١ : ١١٢ .

٢٩٩

و قال حجر آكل المرار في هند امرأته :

حلوة العين و الحديث و مرّ

كل شي‏ء أجنّ منها الضمير(١)

و قال أبو العتاهية :

رأيت الهوى جمر الغضا غير أنّه

على جمره في صدر صاحبه حلو(٢)

و في ( الجمهرة ) ( زينب ) اشتقاقه من زنابة العقرب و هي ابرته التي تلذع بها ، فأما زبانيا العقرب فهما قرناها(٣) .

٤ الحكمة ( ٢٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

خِيَارُ خِصَالِ اَلنِّسَاءِ شَرُّ خِصَالِ اَلرِّجَالِ اَلزَّهْوُ وَ اَلْجُبْنُ وَ اَلْبُخْلُ فَإِذَا كَانَتِ اَلْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا وَ إِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَ مَالَ بَعْلِهَا وَ إِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَعْرِضُ لَهَا « خيار خصال النساء شرّ خصال الرجال » و ممّا قيل في اختلافهن مع الرجال في غير ما قالعليه‌السلام قول ابن شبرمة : ما رأيت لباسا على رجل أزين من فصاحته ، و لا رأيت لباسا على امرأة أزين من شحم(٤) و لشاعر :

الخال يقبح بالفتى في خدّه

و الخال في خد الفتاة مليح

و الشيب يحسن بالفتى في رأسه

و الشيب في رأس الفتاة قبيح(٥)

الزهو : أي : الكبر و الفخر و كونه من شرار خصال الرجال واضح .

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ١٦ : ٣٥٨ ، كذا ابن قيم الجوزية : ١٤٤ و نسب البيت إلى عمرو الملك .

( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ٤ : ٤١ و في نسخة التحقيق ورد العجز بلفظ « على كل حال عند صاحبه حلو » .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد ٣ : ٣٦٥ .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٣٠ .

( ٥ ) المصدر نفسة ٤ : ٢٢ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457