مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مفاهيم القرآن13%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-148-3
الصفحات: 457

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 457 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135464 / تحميل: 5239
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-١٤٨-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الفقه، والدعاء، والتفسير روايات وافرة نذكر نماذج ممّا روي عنه في مجال التفسير.

١. روي العيّاشي، قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم، وهو يروي هذه القصّة:

إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فسأل الفقهاء عن موضع القطع، فمن قائل: يجب قطعه من الكرسوع، لأنّ اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع لقوله تعالى:( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ) ١ إلى آخر يقول: يجب القطع من المرفق، لأنّ الله قال:( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ ) ٢ فدلّ على أنّ حدّ اليد هو المرفق، ولـمّا رأى المعتصم اختلافهم التفت إلى « محمد بن عليّ » فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال: « قد تكلّم القوم فيه ». قال: دعني ممّا تكلّموا به. أي شيء عندك ؟ قال: « أعفني عن هذا، يا أمير المؤمنين ! » قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه. فقال: « أمّا إذا أقسمت عليّ بالله إنّي أقول: إنّهم أخطأوا فيه السنّة، فانّ القطع يجب أن يكون من مفصل أُصول الأصابع، فيترك الكفّ ». قال: وما الحجّة في ذلك ؟ قال: « قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق، لم يبق له يد يسجد عليها، وقال تعالى:( وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ ) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها( فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) ٣ وما كان لله لم يقطع ». فأعجب المعتصم ذلك، وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف، قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنّيت أنّي لم أك حياً.٤

__________________

١ و ٢. المائدة: ٦.

٣. الجن: ١٨.

٤. تفسير العيّاشي: ١ / ٣١٩ - ٣٢٠.

٣٤١

وقد نقل ما ذكره الإمام، عن سعيد بن جبير، والفرّاء، والزجّاج، وأنّ المراد من المساجد الأعضاء السبعة التي يسجد عليها في الصلاة، وعلى هذا فالمراد أنّ مواقع السجود من الإنسان لله، اختصاصاً تشريعيّاً، والمراد من الدعاء السجدة لكونها أظهر مصاديق العبادة، أو المراد الصلاة بما أنّها تتضمّن السجود لله.١

وروى حمّاد بن عيسى، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث: وسجد الإمام على ثمانية أعظم: الكفين، والركبتين، وإبهامي الرجلين، والجبهة والأنف، وقال: « سبعة منها فرض يسجد عليها، وهي التي ذكرها الله في كتابه فقال:( وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) ، وهي: الجبهة، والكفّان، والركبتان، والإبهامان، ووضع الأنف على الأرض سنّة ».٢

٢. عن محمد بن سعيد الأزدي صاحب موسي بن محمدالرضا عن موسى قال لأخيه كتب يحيى بن أكثم المروزي إليه يسأله عن مسائل، وقال: أخبرني عن قول الله:( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ) أسجد يعقوب وولده ليوسف ؟ قال: « فسألت أخي عن ذلك، فقال: أمّا سجود يعقوب وولده ليوسف فشكراً لله، لاجتماع شملهم، ألا ترى أنّه يقول في شكر ذلك الوقت:( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ) ».٣

٣. سأل عبد العظيم بن عبد الله الحسني محمد بن عليّ الرضاعليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ:( أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ *ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ) ٤ فقال: « يقول الله عزّوجلّ: بعداً لك من خير الدنيا بعداً، وبعداً لك من خير الآخرة ».٥

__________________

١. الميزان: ٢٠ / ١٢٥.

٢. تفسير البرهان: ٤ / ٣٩٤.

٣. تفسير العياشي: ٢ / ١٩٧.

٤. القيامة: ٣٤ - ٣٥.

٥. عيون أخبار الرضا: ٢ / ٥٤.

٣٤٢

لا ريب أنّها كلمة تهديد كرّرت لتأكيد التهديد، وقد جاء قبل الآية قوله:( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّىٰ *وَلَٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ *ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ ) .١

فاللائق بهذا الإنسان الذي لم يصدق ولم يصل، ولكن كذب وتولى، ثمّ ذهب إلى أهله يتمطّى متبختراً مختالاً، هو البعد عن غفران الله سبحانه ورحمته، وخيره في الدنيا والآخرة، ونظير الآية قوله سبحانه:( رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ ) ٢ ، أي هذه الحالة أولى لكم لتذوقوا وبال أمركم في الدنيا والآخرة، وفي مورد الآية المعنى الابتدائي، هو أنّ هذه الحالة أولى له، لأنّه لا يستحق إلّا إيّاها ليذوق وبال أمره وليبتعد من خير الدنيا والآخرة، ففسّر الآية بما هو المقصود من كون هذه الحالة أولى له.

٤. روى علي بن أسباط، قال: قلت لأبي جعفر محمد الجواد: يا سيدي إنّ الناس ينكرون عليك حداثة سنّك ( ونيلك مقام الإمامة والقيادة الروحية )، قال: « وما ينكرون من ذلك. فو الله لقد قال الله لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ٣ وما أتبعه غير عليٍّ، وكان ابن تسع سنين وأنا ابن تسع سنين ».

والآية مكّية تنطبق على ما يذكره الإمام حيث إنّ أوّل من آمن بمحمّد من الرجال هو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

هذه نماذج ممّا روي عن الإمام التاسع محمد الجوادعليه‌السلام في مجال التفسير، ومن أراد التوسّع فليرجع إلى مسنده وسائر الكتب الحديثيّة التي تضمّنت أخبارهعليه‌السلام .

__________________

١. القيامة: ٣١ - ٣٣.

٢. محمّد: ٢٠.

٣. يوسف: ١٠٨.

٣٤٣

الإمام عليٍّ الهاديعليه‌السلام والتفسير

الإمام عليٍّ الهاديعليه‌السلام، الإمام العاشر، والنور الزاهر، ولد عام ( ٢١٢ ه‍ ) وتوفي بسامراء سنة ( ٢٥٤ ه‍ ) وهو من بيت الرسالة، والإمامة، ومقر الوصاية، والخلافة، وثمرة من شجرة الرسالة، قام بأمر الإمامة بعد والده الإمام الجواد، وكان في سني إمامته، بقية ملك المعتصم ثمّ الواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتزّ، وله مع هؤلاء قضايا ليس المقام يسع ذكر البعض، وقد روت الشيعة عنه أحاديث في مجال الفقه والتفسير، وإليك نماذج ممّا روي عنه في الأخير:

١. قُدِّم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحدّ، فأسلم فقال يحيى بن أكثم: الإيمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكّل إلى الإمام الهادي يسأله، فلمّا قرأ الكتاب، كتب: « يضرب حتى يموت »، فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلّة، فكتب: بسم الله الرّحمن الرّحيم( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ *فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) ١ فأمر به المتوكّل فضرب حتى مات.٢

إنّ الإمام الهاديعليه‌السلام ببيانه هذا شقّ طريقاً خاصّاً لاستنباط الأحكام من الذكر الحكيم، طريقاً لم يكن يحلم به فقهاء عصره، وكانوا يزعمون أنّ مصادر الأحكام الشرعيّة هي الآيات الواضحة في مجال الفقه التي لا تتجاوز ثلاثمائة آية، وبذلك أبان للقرآن وجهاً خاصاً لا يلتفت إليه إلّا من نزل القرآن في بيته، وليس

__________________

١. غافر: ٨٤ - ٨٥.

٢. مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٤٠٥.

٣٤٤

هذا الحديث غريباً في مورده، بل له نظائر في كلمات الإمام وغيره من آبائه وأبنائهعليهم‌السلام .

٢. لما سمّ المتوكّل نذر لله إن رزقه الله العافية أن يتصدّق بمال كثير، أو بدراهم كثيرة، فلمّا عوفي اختلف الفقهاء في مفهوم « المال الكثير »، فلم يجد المتوكّل عندهم فرجاً، فبعث إلى الإمام عليّ الهاديعليه‌السلام فسأله، قال: « يتصدّق بثلاثة وثمانين ديناراً »، فقال المتوكّل، من أين لك هذا ؟ فقال: من قوله تعالى:( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) ١ والمواطن الكثيرة: هي هذه الجملة، وذلك لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غزا سبعاً وعشرين غزاة، وبعث خمساً وخمسين سرّية، وآخر غزواته يوم حنين »، وعجب المتوكّل والفقهاء من هذا الجواب.٢ وقد ورد عن طريق آخر أنّه قال: بثمانين مكان « ثلاثة وثمانين »، وذلك لأنّ عدد المواطن التي نصر الله المسلمين فيها إلى يوم نزول هذه الآية كان أقلّ من ثلاثة وثمانين.٣

٣. إنّ للإمام الهاديعليه‌السلام رسالة في الردّ على الجبر والتفويض، وإثبات المنزلة بين المنزلتين، فقد استعان في إبطال المذهبين الذين كان يدين بهما أهل الحديث، والمعتزلة بكثير من الآيات على شكل بديع، ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من إحاطته بالآيات ونضدها بشكل يوصل الجميع إلى الغاية المطلوبة، نقتبس منها ما يلي:

فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم أنّ الله - جلّ وعزّ - أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها، ومن قال بهذا القول، فقد ظلم الله في حكمه وكذّبه ورّد عليه قوله:( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) ٤ وقوله:( إِنَّ اللهَ لا

__________________

١. التوبة: ٢٥.

٢. تذكرة الخواص: ٢٠٢.

٣. مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٤٠٢.

٤. الكهف: ٤٩.

٣٤٥

يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .١

فمن دان بالجبر، أو بما يدعو إلى الجبر فقد ظلم الله ونسبه إلى الجور والعدوان، إذ أوجب على من أجبره العقوبة، ومن زعم أنّ الله أجبر العباد، فقد أوجب على قياس قوله: إنّ الله يدفع عنهم العقوبة ( أي لازم القول بالجبر أنّ الله لا يعذّب العصاة، لأنّه دفعهم إلى المعاصي )، ومن زعم أنّ الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده، حيث يقول:( بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .٢

وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) ٣ وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ) ٤ ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا الفن ممّن كذب وعيد الله ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله، الكفر، وهو ممّن قال الله [ في حقّه ]:( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .٥

بل نقول إنّ الله عزّ وجلّ يجازي العباد على أعمالهم ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملّكهم إيّاها، فأمرهم ونهاهم بذلك ونطق كتابه:( مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَىٰ إلّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ٦ . وقال جلّ ذكره:( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا

__________________

١. يونس: ٤٤.

٢. البقرة: ٨١.

٣. النساء: ١٠.

٤. النساء: ٥٦.

٥. البقرة: ٨٥.

٦. الأنعام: ١٦٠.

٣٤٦

عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ) ١ وقال:( الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ) ٢ فهذه آيات محكمات تنفي الجبر، ومثلها في القرآن كثير. ثمّ شرع في إبطال التفويض وأبان خطأ من دان به وتقلده.

ولنقتصر على هذا المقدار، وفيه كفاية، وما جاء في هذه الرواية من التفسير نمط بديع، وهو ما نسمّيه اليوم بالتفسير الموضوعي، وقد أتى الإمامعليه‌السلام في رسالته بأكثر الآيات التي ربّما تقع ذريعة للمجبّرة والمفوّضة، وأبان تفسيرهما بإرجاع المتشابهات إلى المحكمات، كما أثبت أنّ الحقيقة هو المنزلة بين الجبر والتفويض، فمن أراد التوسّع فليرجع إلى نفس الرسالة التي نقلها الحسن بن شعبة الحرّاني في كتابه.٣

الإمام العسكريعليه‌السلام والتفسير

أبو محمّد الحسن بن عليٍّ أحد أئمّة أهل البيت، والإمام الحادي عشر عند الشيعة الملقّب بالعسكري، ولد عام ( ٢٣٢ ه‍ ).٤ وقال الخطيب في تاريخه وابن الجوزي في كتابه: ولد أبو محمد في المدينة سنة ( ٢٣١ ه‍ )٥ وأشخص بشخوص والده إلى العراق سنة (٢٣٦) وله من العمر أربع سنين وعدّة شهور، وقام بأمر الإمامة والقيادة الروحية بعد شهادة والده، وقد اجتمعت فيه خصال الفضل، وبرز

__________________

١. آل عمران: ٣٠.

٢. غافر: ١٧.

٣. تحف العقول: ٣٣٨ - ٣٥٢.

٤. الكافي: ١ / ٥٠٣.

٥. تاريخ بغداد: ٧ / ٣٣٦ ؛ تذكرة الخواص: ٣٦٢.

٣٤٧

تقدّمه على كافة أهل العصر، واشتهر بكمال العقل والعلم والزهد والشجاعة. روى عنه لفيف من الفقهاء والمحدثين ما يربو على (١٥٠) شخصاً، وقد أدرج « العطاردي » أسماءهم في مسند الإمام العسكري وتوفّي عام ( ٢٦٠ ه‍ )، ودفن في داره التي دفن فيها أبوه بسامراء، وللإمام روايات تلقّاها الرواة في مجال العقائد والفقه والتفسير، نذكر نزراً يسيراً لتعلم مكانته في التفسير:

١. لقد شغلت الحروف المقطّعة بال المفسرين فضربوا يميناً ويساراً، وقد أنهى الرازي أقوالهم فيها في أوائل تفسيره الكبير إلى قرابة عشرين قولاً، ولكن الإمامعليه‌السلام يعالج تلك المعضلة بأحسن الوجوه وأقربها للطبع، فقال: كذبت قريش واليهود بالقرآن، وقالوا سحر مبين تقوّله.

فقال الله:( الم *ذَٰلِكَ الْكِتَابُ ) . [ فقل: ] يا محمّد، هذا الكتاب الذي نزّلناه عليك هو الحروف المقطّعة التي منها « الف »، « لام »، « ميم »، وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثمّ بيّن انّهم لا يقدرون عليه بقوله:( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) ١ .٢ وقد روي هذا المعنى عن أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام .٣

٢. كان أهل الشغب والجدل يلقون حبال الشكّ في طريق المسلمين فيقولون: إنّكم تقولون في صلواتكم:( اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ) ، أو لستم فيه ؟ فما معنى هذه الدعوة ؟ أو أنّكم متنكّبون عنه فتدعون ليهديكم إليه؟ ففسّر الإمام

__________________

١. الإسراء: ٨٨.

٢. معاني الأخبار: ٢٤، وللحديث ذيل فمن أراد فليرجع إلى الكتاب.

٣. الكافي: ١ / ٢٤ - ٢٥، كتاب العقل والجهل، الحديث ٢٠.

٣٤٨

الآية قاطعاً لشغبهم فقال: « أدِم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيّامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمالنا ».

ثمّ فسّر الصراط بقوله: « الصراط المستقيم هو صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة. أمّا الأوّل: فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل. وأمّا الطريق الآخر: فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم، لايعدلون عن الجنّة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة ».١

وقد استفحل أمر الغلاة في عصر الإمام العسكري، ونسبوا إلى الأئمّة الهداة أُموراً هم عنها براء، ولأجل ذلك يركز الإمام على أنّ الصراط المستقيم لكلّ مسلم هو التجنّب عن الغلوّ والتقصير.

٣. ربّما يغترّ الغافل بظاهر قوله سبحانه:( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) ويتصوّر أنّ المراد من النعمة هو المال والأولاد وصحّة البدن، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله، ولكنّ المراد من الآية بقرينة قوله:( غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) هو نعمة التوفيق والهداية.

ولأجل ذلك نرى أنّ الإمام يفسّر الأنعام بقوله: « قولوا: إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك وهم الذين قال الله عزّوجلّ:( وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ) ، ثمّ قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ظاهرة ».٢

٤. لقد تفشت فكرة عدم علمه سبحانه بالأشياء قبل أن تُخلق استلهاماً من

__________________

١. معاني الأخبار: ٣٣.

٢. معاني الأخبار: ٣٦.

٣٤٩

بعض المدارس الفكرية الفلسفيّة الموروثة من اليونان، فسأله محمّد بن صالح عن قول الله:( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ١ فقال: هل يمحو إلّا ما كان، وهل يثبت إلّا ما لم يكن ؟ فقلت في نفسي: هذا خلاف ما يقوله هشام الفوطي. انّه لا يعلم الشيء حتى يكون، فنظر إليّ شَزَراً، وقال: « تعالى الله الجبّار العالم بالشيء قبل كونه، الخالق إذ لا مخلوق، والربّ إذ لا مربوب، والقادر قبل المقدور عليه.٢

حصيلة البحث

هؤلاء هم أئمّة الشيعة وقادتهم، بل أئمّة المسلمين جميعاً، وكيف لا يكونون كذلك، وقد ترك رسول الله بعد رحلته الثقلين وحثّ الأُمّة على التمسّك بهما، وقال: « إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ».٣

ولكن المؤسف أنّ أهل السنّة والجماعة لم يعتمدوا في تفسير كتاب الله العزيز على أقوال أهل البيت، وهم قرناء القرآن وأعداله والثقل الآخر من الثقلين، وإنّما استعانوا في تفسيره بأُناس لا يبلغون شأوهم ولا يشقّون غبارهم، نظراء: مجاهد بن جبر ( المتوفّى ١٠٤ ه‍ ) وعكرمة البربري ( المتوفّى ١٠٤ ه‍ ) وطاووس بن كيسان اليماني ( المتوفّى ١٠٦ ه‍ ) وعطاء بن أبي رباح ( المتوفّى ١١٤ ه‍ ) ومحمد بن كعب القرظي ( المتوفّى ١١٨ ه‍ )، إلى غير ذلك من أُناس لا يبلغون في الوثاقة والمكانة

__________________

١. الرعد: ٣٩.

٢. إثبات الوصية: ٢٤١.

٣. رواه غير واحد من أصحاب الصحاح والمسانيد وهو من الأحاديث المتواترة، ( لاحظ نشرة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية. حول هذا الحديث، ترى اسنادها موصولة إلى النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

٣٥٠

العلمية معشار ما عليه أئمّة أهل البيت صلوات الله عليهم

وقد بلغت إحاطة أئمّة أهل البيت بالكتاب العزيز إلى حدّ يقول الإمام الباقرعليه‌السلام: « إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إلى يوم القيامة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله، وجعل لكلّ شيء حداً وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه ».١ ويقول الإمام الصادقعليه‌السلام: « ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب الله عزّ وجلّ ولكنّ لا تبلغه عقول الرجال ».٢

أسنادهم موصولة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام لا يروون في مجال الفقه والتفسير والأخلاق والدعاء، إلّا ما وصل إليهم عن النبيّ الأكرم عن طريق آبائهم وأجدادهم، وليس مرويّاتهم آراءهم الشخصيّة التي تنبع من عقليّتهم، فمن قال بذلك وتصوّرهم مجتهدين مستنبطين، فقد قاسهم بالآخرين ممّن يعتمدون على آرائهم الشخصيّة، وهو في قياسه خاطئ فهم منذ نعومة أظفارهم إلى أن لبّوا دعوة ربّهم لم يختلفوا إلى أندية الدروس، ولم يحضروا مجلس أحد من العلماء، ولا تعلّموا شيئاً من غير آبائهم، فما يذكرونه علوم ورثوها من رسول الله وراثة غيبيّة لا يعلم كنهه إلّا الله سبحانه والراسخون في العلم.

وهذا جابر الجُعْفي، قال: قلت لأبي جعفر الباقرعليه‌السلام: إذا حدثتني بحديث فاسنده لي، فقال: « حدّثني أبي عن جدّي، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تبارك وتعالى فكلّ ما أُحدثك بهذا الاسناد، ثمّ قال: « لحديث واحد

__________________

١. الكافي: ١ / ٤٨ من كتاب فضل الأئمة.

٢. المصدر نفسه.

٣٥١

تأخذه من صادق عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها ».١

وروى حفص بن البختري. قال: قلت لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ؟ فقال: « ما سمعته منّي فاروه عن أبي، وما سمعته منّي فاروه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».٢

فأئمّة المسلمين على حدّ قول القائل:

ووال أُناسا نقلهم وحديثهم

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

ولقد عاتب الإمام الباقرعليه‌السلام سلمة بن كهيل والحكم بن عيينة حيث كانا يتعاطيان الحديث من الناس، ولا يهتمّان بأحاديث أهل البيت، فقال لهما: « شرّقا وغرّبا، فلا تجدان علماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت ».

تلك - والله - خسارة فادحة، حيث إنّ جماعة من المحدّثين والفقهاء والمفسّرين دقّوا كلّ باب ولم يدقّوا باب أهل البيت إلّا شيئاً لا يذكر ففسّروا كتاب الله بآرائهم وأفتوا في المسائل الشرعية بالمقاييس الظنية التي ليس عليها مسحة من الحقّ، ولا لمسة من الصدق حتى حشوا تفاسيرهم بإسرائيليّات ومسيحيّات بثّها مسلمة أهل الكتاب ككعب الأحبار ووهب بن منبه وتميم الداري وأضرابهم بين المسلمين، وأخذها عنهم المحدّثون والرواة والمفسّرون في القرون الأُولى، زاعمين أنّها علوم ناجعة وقضايا صادقة، فيها شفاء العليل، ورواء الغليل والحال أنّك إذ فتّشت التفاسير المؤلّفة في القرون الغابرة لا تجد تفسيراً علمياً أو روائياً من أهل السنّة إلّا وهو طافح بآرائهم الشخصية وأقوالهم التي لا قيمة لها في سوق العلم، وقد استفحل أمر هؤلاء الرواة حتى اغترّ بهم بعض المفسّرين من الشيعة، فذكروا

__________________

١. وسائل الشيعة: ١٨، الباب٨ من أبواب صفات القاضي، الحديث ٦٧.

٢. المصدر نفسه، الحديث ٨٦.

٣٥٢

جملة من الإسرائيليات في ثنايا تفاسيرهم، وما ذلك إلّا لأنّ تلك الأفكار كانت رائجة إلى حدّ كان يعدّ الجهل بها، وعدم نقلها قصوراً في التفسير وقلّة اطلاع فيه، ولأجل ذلك لم يجد شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي بُدّاً من نقل آراء هؤلاء في تفسيره « التبيان »، وتبعه أمين الإسلام في تفسير « مجمع البيان »، ولكن لم يكن ذكرهم لآراء هؤلاء لأجل الاعتماد عليهم والركون إليهم، وإنّما ألجأتهم إليه الضرورة الزمنيّة والسياسة العلمية السائدة على الأوساط آنذاك.

إذا وقفت على أئمّة التفسير وأساتذته، فهلمّ معي ندرس حياة شيعتهم ممّن خدموا القرآن في عصرهم، وبعدهم وهم الذين تربّوا في حجورهم، وارتووا من نمير علمهم الصافي، وتمسّكوا بأهداب معارفهم، وقد خدموا القرآن بمختلف أشكال الخدمة، نشير إليها على وجه الإجمال، ونحيل التفصيل إلى آونة أُخرى.

١. الشيعة وتفسير غريب القرآن

ارتحل النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، فعكف المسلمون على دراسة القرآن، ولكن أوّل ما فوجئوا به كان هو قصور باع لفيف منهم عن معرفة معاني بعض ألفاظه، فما هذا إلاّ لأنّ في القرآن ما قد ورد بغير لغة أهل الحجاز. إنّ القرآن وإن نزل بلغة أهل الحجاز بشكل عام، لكن ربّما وردت فيه ألفاظ ذائعة بين القبائل الأُخرى، وقد عقد السيوطي باباً فيما ورد في القرآن بغير لغة أهل الحجاز١ ، وأظنّ أنّه قد أفرط في هذا الباب، ولكنّه لا يمكن إنكار هذا الأصل في القرآن الكريم من أساسه، وممّا يشهد بذلك ( مفاجأة المسلمين بغريب القرآن ) ما رواه القرطبي في تفسيره فقال:

__________________

١. الإتقان: ٢ / ٦٩ - ١٠٤.

٣٥٣

عن عمر أنّه قال على المنبر: ما تقولون في قوله تعالى:( أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ ) ١ فسكتوا، فقام شيخ من هذيل فقال: هذه لغتنا. التخوّف: التنقص، قال: فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال: نعم. قال: شاعرنا - زهير - أبو كبير الهذلي يصف ناقة تنقّص السير سنامها بعد تمكِه واكتنازه:

تَخَوَّفَ الرحلُ مِنها تامكاً قَرداً

كَما تخوّفَ عُود النبعة السفن٢

فقال عمر: أيّها الناس عليكم بديوانكم لا يضلّ، قالوا: وما ديواننا ؟ قال: شعر الجاهلية، فانّ فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.

روى أبو الصلت الثقفي أنّ عمر بن الخطاب: قرأ قول الله:( وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ) ٣ بنصب الراء وقرأها بعض من عنده من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخفض الراء، فقال: أبغوني رجلاً من كنانة، واجعلوه راعياً وليكن مدلجياً، فأتوه به، فقال له عمر: يا فتى ! ما الحرجة فيكم ؟ فقال: الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار الّتي لا تصل إليها راعية ولا وحشيّة ولا شيء، فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير.٤

روى عبد الله بن عمر قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية:( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، ثمّ قال: ادعوا لي رجلاً من بني مدلج، قال عمر: ما الحرج فيكم ؟ قال: الضيق.٥

وكم لهذه القصص من نظائر في التاريخ، وهذا هو نافع بن الأزرق، لـمّا رأى

__________________

١. النحل: ٤٧.

٢. التفسير ( للقرطبي ): ١٠ / ١١٠، تَمَكَ السنام: طال وارتفع، القرد: المتراكم بعض لحمه فوق بعض، النبعة: شجرة من أشجار الجبال، يتخذ منها القسي، السفن: القشر.

٣. الأنعام: ١٢٥.

٤. الدر المنثور: ٣ / ٤٥.

٥. كنز العمّال: ١ / ٢٥٧.

٣٥٤

عبد الله بن عباس جالساً بفناء الكعبة، وقد اكتنفه الناس ويسألونه عن تفسير القرآن، فقال لنجدة بن عويمر١ الحروري: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا: إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسّرها لنا وتأتينا بمصادقة من كلام العرب، فانّ الله تعالى أنزل القرآن بلسانٍ عربي مبين، فقال ابن عباس: سلاني عمّا بدا لكم، فقال نافع: أخبرني عن قول الله تعالى:( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ) ٢ قال: العزون: الحلَق الرقاق، فقال: هل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم. أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:

فجاءُوا يُهْرَعُونَ إليه حتى

يكونُوا حولَ منبِرْهَ عِزينا

ثمّ سألاه عن أشياء كثيرة عن لغات القرآن الغريبة ففسّرها مستشهداً بالشعر الجاهلي، ربّما تبلغ الأسئلة والأجوبة إلى مائتين، ولو صحّت تلك الرواية لدلّت قبل كلّ شيء على نبوغ ابن عباس في الأدب العربي، وإلمامه بشعر العرب الجاهلي حيث استشهد على كلّ لغة فسّرها بشعر منهم، وقد جاءت الأسئلة والأجوبة في الاتقان.٣

وهذه الأحاديث والأخبار تعرب عن أنّ الخطوة الأُولى لتفسير القرآن الكريم كانت تفسير غريبه وتبيين ألفاظه التي ربّما تشكل على البعض، ولعلّ ذلك كان الحافز القوي للفيف من جهابذة الأُمّة، حيث استثمروا تلك الخطوة وبلغوا الغاية فيه من غير فرق بين السنّة والشيعة، ونحن نذكر في هذا المجال ما ألّفه علماء الشيعة وأُدباؤهم بعد ابن عباس، ونكتفي من الكثير بمشاهيرهم الذين كان لهم دوي في الأوساط اللغوية والأدبية، ونترك من لم يكن له ذلك الشأن، فليكن ذلك

__________________

١. الرجلان من رؤوس الخوارج، توفي نافع عام ( ٦٥ ه‍ ) وتوفي نجدة عام ( ٦٩ ه‍ ).

٢. المعارج: ٣٧.

٣. الإتقان: ٢ / ٥٥ - ٨٨.

٣٥٥

عذراً لمن يقف على مؤلّفات لهم في غريب القرآن، ولم نذكرها في تلك القائمة.

١. غريب القرآن ، لأبان بن تغلب بن رباح البكري ( المتوفّى ١٤١ ه‍ ) من أصحاب عليِّ بن الحسين والباقر والصادقعليهم‌السلام ، وكانت له منزلة عندهم، وقد نصّبه أبو جعفر الباقرعليه‌السلام للافتاء، وقال: « إجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فانّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك »، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لـمّا أتاه نعيه: « والله أوجع قلبي موت أبان ». وقال النجاشي: عظيم المنزلة في أصحابنا، وكان قارئاً من وجوه القرّاء فقيهاً لغوياً، سمع من العرب وحكى عنهم، وكان أبانرحمه‌الله مقدّماً في كلّ فن من العلم، في القرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو. وله كتب منها تفسير غريب القرآن وكتاب الفضائل، ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القرّاء. مات أبان في حياة الإمام الصادق سنة ( ١٤١ ه‍ ).١

٢. غريب القرآن: لمحمد بن السائب الكلبي ( المتوفّى ١٤٦ ه‍ ) وهو من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ووالد هشام بن محمد بن السائب الكلبي العالم المشهور والنسّابة المعروف.٢

٣. غريب القرآن: لأبي روق٣ عطيّة بن الحارث الهمداني الكوفي التابعي. قال ابن عقدة: كان ممّن يقول بولاية أهل البيتعليهم‌السلام .٤

__________________

١. رجال النجاشي: ١ / ٧٣ برقم ٦ ؛ بغية الوعاة: ٧٦ ؛ تهذيب التهذيب: ١ / ٩٣ ؛ الطبقات الكبرى: ٦ / ٣٦ ؛ ميزان الاعتدال: ١ / ٥ وغيرهم من أصحاب المعاجم.

٢. رجال النجاشي: ١ / ٧٨ ؛ تنقيح المقال: ٣ / ١١٩.

٣. كذا في رجال النجاشي، وفي فهرست الشيخ « أبي ورق »، والصحيح هو الأوّل ذكره ابن النديم أيضاً: ص ٥٧.

٤. رجال النجاشي: ١ / ٧٨ ؛ الطبقات الكبرى: ٦ / ٣٦٨ ؛ خلاصة الأقوال: ١٣١ ؛ معجم الأُدباء: ١ / ١٠٧ برقم ٢.

٣٥٦

٤. غريب القرآن: لعبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي، جمعه من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي، وأبي روق عطية بن الحارث، فجعله كتاباً واحداً فبيّن ما اختلفوا فيه وما اتّفقوا عليه، فتارة يجيء كتاب أبان مفرداً، وتارة يجيء مشتركاً.١

ويظهر من سند الشيخ الطوسي إليه في الفهرست أنّه ممّن صحب أبان بن تغلب، وينقل عنه ابن عقدة المتوفّى عام ( ٣٣٣ ه‍ ) بواسطة حفيده ( أبو أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن الأزدي )، فالرجل من علماء القرن الثاني.

٥. غريب القرآن: للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمد الطبري الآملي الوزير الشيعي المتوفّى عام ( ٣١٣ ه‍ ).٢

٦. غريب القرآن: للشيخ أبي الحسن علي بن محمد العدوي الشمشاطي النحوي المعاصر لابن النديم الذي ألّف فهرسته عام ( ٣٧٧ ه‍ ). قال النجاشي: « كان شيخنا بالجزيرة، وفاضل أهل زمانه وأديبهم، له كتب كثيرة منها كتاب « الأنوار والثمار ». قال لي سلامة بن ذكاء: إنّ هذا الكتاب ألفان وخمسمائة ورقة يشتمل على ذكر ما قيل في الأنوار والثمار من الشعر ». ثمّ عدّ كتبه، ومنها كتاب غريب القرآن إلى أن قال: قال سلامة: وكتاب مختصر الطبري، حيث حذف الأسانيد والتكرار، وزاد عليه من سنة ثلاث وثلاثمائة إلى وقته فجاء نحو ثلاثة آلاف ورقة، وتمّم كتاب « الموصل » لأبي زكريا زيد بن محمد، وكان فيه إلى سنة

__________________

١. فهرست الطوسي: ٦٤١ ؛ رجال النجاشي: ١ / ٧٨. وفي الثاني « الحارث » مكان « الحرث » كما عرفت الاختلاف في « روق » و « ورق ».

٢. فهرست ابن النديم: ٥٨.

٣٥٧

( ٣٢١ ه‍ )، فعمل فيه من أوّل سنة ( ٣٢٢ ه‍ ) إلى وقته، وذكر النجاشي فهرس كتبه، منها غريب القرآن.١

٧. غريب القرآن: للشيخ فخر الدين الطريحي المتوفّى عام ( ١٠٨٥ ه‍ )، وقد طبع في النجف الأشرف في جزء واحد عام ( ١٣٧٢ ه‍ )، وأسماه المؤلّف ب‍ « نزهة الخاطر وسرور الناظر وتحفة الحاضر ».

٨. مجمع البحرين ومطلع النيرين: وهو في غريب القرآن والحديث ولغتهما للشيخ الطريحي أيضاً، وهو كتاب كبير معجم للغاتهما، طبع في ستة أجزاء.

٩. البيان في شرح غريب القرآن: للشيخ قاسم بن حسن آل محيي الدين طبع بالنجف عام ( ١٣٧٤ ه‍ )، بإشراف وتصحيح مرتضى الحكمي.

١٠. غريب القرآن: للسيد محمد مهدي بن السيد الحسن الموسوي الخرسان يقع في جزءين.٢

هذه عشرة كاملة نكتفي بها، وهناك كتب أُلّفت في توضيح مفردات القرآن بغير اللغة العربية، فمن أراد فليرجع إلى الفهارس.

فإذا كانت هذه الكتب تهدف إلى تفسير غريب القرآن وتبيين مفرداته، فهناك كتب تهدف إلى تفسير غريب جمله التي جاءت في القرآن بصورة المجاز أو الكناية أو الاستعارة على الفرق الواضح بينها، وإليك بعض ما أُلّف في ذلك المجال:

١. مجاز القرآن: لشيخ النحاة الفرّاء يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي

__________________

١. رجال النجاشي: ٢ / ٩٣ برقم ٦٨٧، وترجمة الياقوت في معجم الأُدباء: ١٤ / ٢٤٠ برقم ٣٩.

٢. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١٦ / ٥٠ برقم ٣٠٨.

٣٥٨

الكوفي الذي توفّى في طريق مكّة عام ( ٢٠٧ ه‍ ).١

٢. المجاز من القرآن: لمحمّد بن جعفر أبو الفتح الهمداني، المعروف ب‍ « المراغي ». يقول النجاشي: كان وجيهاً في النحو واللغة ببغداد، حسن الحفظ، صحيح الرواية فيما نعلمه، ثمّ ذكر كتبه وقال: كتاب ذكر المجاز من القرآن.٢

٣. مجازات القرآن: للشريف الرضي وهو أحسن ما أُلّف في هذا المجال، وأسماه « تلخيص البيان في مجازات القرآن »، وقد طبع مرّات أحسنها ما قام بطبعه مؤتمر الذكرى الألفيّة للسيد الشريف الرضي عام (١٤٠٦)، وهو من أنفس الكتب.

هؤلاء مشاهير المؤلّفين في غريب القرآن ولغته ومجازاته، وهناك عدّة أُخرى جالوا في هذا الميدان، لكن لا على وجه الاستقلال، بل أدرجوه في التفسير. فهذا هو الشيخ الطوسي يبيّن مفردات القرآن واشتقاقاتها بوجه دقيق في تبيانه، كما أنّ أمين الإسلام الطبرسي قام بهذه المهمّة في تفسيره « مجمع البيان »، ولو قام الباحث باستخراج ما ذكره هذان العلمان في مجال مفردات الكتاب العزيز لجاء كتاباً حافلاً.

وفي الختام ننبّه على نكتة، وهو أنّ التفسير اللغوي للقرآن صار أمراً رائجاً في عصرنا هذا واشتهر باسم التفسير البياني، ومن المصرّين على هذا النمط من التفسير أمين الخولي المصري، والكاتبة المصرية عائشة بنت الشاطئ، وقد انتشرت منهما في ذلك المجال كتب، وقاما بتفسير القرآن بالرجوع إلى نفس القرآن الكريم، والتفتيش عن موارد استعمالها في جميع الآيات، وهذا النمط من التفسير يعالج

__________________

١. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١٧ / ٣٥١ برقم ١٥٦٧.

٢. رجال النجاشي: ٢ / ٣١٩ برقم ١٠٥٤.

٣٥٩

جانباً واحداً من مهمّة التفسير، وهناك جوانب أُخرى لا يستغني الباحث عنها إلاّ بالتمسّك بصحيح الأثر وغيره.

٢. الشيعة والتفسير الموضوعي بأقسامه

إنّ نزول القرآن نجوماً، وتوزع الآيات الراجعة إلى أكثر الموضوعات في سور القرآن يقتضي نمطاً آخر من التفسير غير تفسير القرآن سورة فسورة وآية فآية، وهذا النمط عبارة عن تفسيره حسب الموضوع بجمع آيات كلّ موضوع في محلّ واحد وتفسير مجموعتها مرّة واحدة، مثلاً المفسّر الذي يحاول التعمق في الحديث عن السماء والأرض، أو عن المعاد، أو قصص الأنبياء، أو في أفعال الإنسان من جهة الجبر والاختيار، لابدّ أن يتبع هذا النمط الذي ذكرناه ليتمكّن من جمع أطراف الموضوع جمعاً كاملاً وشاملاً.

إنّ من جملة الأسباب التي دعت إلى ظهور عقائد مختلفة بين المسلمين، وتشبّث صاحب كلّ مذهب بآيات القرآن، هو أنّهم اهتمّوا بقسم خاص من آيات الموضوع دون الأخذ بكلّ ما يرجع إليه، ولو أنّهم اهتموا في كلّ مسألة من المسائل الاعتقادية بمجموع الآيات لدرؤوا عن أنفسهم الوقوع في المهاوي السحيقة.

ومن باب المثال نذكر أصحاب عقيدة الجبر في أفعال الإنسان، أو مذهب التفويض فيها، فانّهم ابتلوا بما ذكرناه، وخبطوا خبطة عشواء في فهم المقاصد الإلهيّة وتفسيرها. إنّ الرجوع إلى الفهارس ومعاجم الكتب خصوصاً فيما ألّف في أحوال رجال كانوا يعيشون في القرون الأُولى الإسلامية إلى رابعة القرون وخامستها يكشف عن أنّ هناك لفيفاً من علماء الشيعة وفطاحلهم اهتموا بهذا النمط من

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457