مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مفاهيم القرآن13%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-148-3
الصفحات: 457

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 457 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135470 / تحميل: 5239
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-١٤٨-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الصدق مَنجاة

ما أكثر الأفراد الذين التزموا الصدق، في المواقع الحرجة، والمآزق الشديدة؛ وكان ذلك سبب خلاصهم.

لا يجهل أحد، مدى الجرائم التي قام بها الحَجَّاج بن يوسف الثقفي، والدماء التي أراقها بغير حَقٍّ.

وفي يوم مِن الأيَّام، جيء بجماعة مِن أصحاب عبد الرحمان مأسورين، وكان قد صمَّم على قتلهم جميعاً، فقام أحدهم واستأذن الأمير في الكلام، ثمَّ قال:

إنَّ لي عليك حَقَّاً! فأنقذني وفاءً لذلك الحَقَّ.

قال الحَجَّاج: وما هو؟

قال: كان عبد الرحمان يسبُّك في بعض الأيَّام، فقمت ودافعت عنك.

قال الحَجَّاج: ألك شهود؟

فقام أحد الأُسارى وأيَّد دعوى الرجل، فأطلقه الحَجَّاج، ثمَّ التفت إلى الشاهد، وقال له: ولماذا لم تُدافع عنِّي في ذلك المجلس؟

أجاب الشاهد - في أتمِّ صراحة ـ: لأنِّي كنت أكرهك.

فقال الحَجَّاج: أطلقوا سراحه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤١

احِفظ الله يَحفظك

خطب الحَجَّاج مَرَّة فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة، فإنَّ الوقت لا ينتظرك، والرَّبَّ لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه، وزعموا أنَّه مجنون، وسألوه أنْ يُخلِّي سبيله، فقال: إنْ أقرَّ بالجنون خلَّيت سبيله.

فقيل له، فقال: مَعاذ الله، لا أزعم أنَّ الله ابتلاني، وقد عافاني.

فبلغ ذلك الحَجَّاج فعفا عنه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤٢

المَنطق السليم

بلغ المنصور الدوانيقي، أنَّ مَبْلغاً ضَخماً مِن أموال بني أُميَّة مُودعة عند رجل، فأمر الربيع بإحضاره.

يقول الربيع: فأحضرت الرجل، وأخذته إلى مجلس المنصور.

فقال له المنصور: بلغني أنَّ أموال بَني أُميَّة مودَعة عندك، ويجب أنْ تُسلِّمني إيَّاها بأجمعها.

فقال الرجل: هل الخليفة وارث الأُمويِّين؟!

فأجاب: كلاَّ.

فقال: هل الخليفة وصيُّ الأُمويِّين؟!

فقال المنصور: كلاَّ.

فقال الرجل: فكيف تُطالبني بأموال بَني أُميَّة؟!

فأطرق المنصور بُرهةً، ثمَّ قال: إنَّ الأُمويِّين ظلموا المسلمين، وانتهكوا حُقوقهم، وغصبوا أموال المسلمين وأودعوها في بيت المال.

فقال الرجل: إنَّ الأُمويِّين امتلكوا أموالاً كثيرة، كانت خاصَّة بهم، وعلى الخليفة أنْ يُقيم شاهداً عدلاً، على أنَّ الأموال التي في يدي لبَني أُميَّة، هي مِن الأموال التي غصبوها وابتزُّوها مِن غير حَقٍّ.

فكَّر المنصور ساعة، ثمَّ قال للربيع: إنَّ الرجل يصدق.

فابتسم بوجهه، وقال له: ألك حاجة؟!

قال الرجل: لي حاجتان:

٤٣

الأُولى: أنْ تأمر بإيصال هذه الرسالة إلى أهلي بأسرع وقت؛ حتَّى يهدأ اضطرابهم، ويذهب رَوعهم.

والثانية: أنْ تأمر بإحضار مَن أبلغك بهذا الخبر؛ فو الله، لا توجد عندي لبَني أُميَّة وديعة أصلاً، وعندما أُحضرت بين يدي الخليفة، وعلمت بالأمر، تصوَّرت أنِّي لو تكلَّمت بهذه الصورة كان خلاصي أسهل.

فأمر المنصور الربيع بإحضار المُخبِر.

وعندما حضر نظر إليه الرجل نظرة، ثمَّ قال: إنَّه عبدي سَرَق مِنِّي ثلاثة آلاف دينار وهرب.

فأغلظ المنصور في الحديث مع الغلام، وأيَّد الغلام كلام سيِّده في أتمِّ الخَجَل، وقال: إنِّي اختلقت هذه التُّهمة لأنجو مِن القَبض عليَّ.

هنا رَقَّ قلب المنصور لحال العبد، وطلب مِن سيِّده أنْ يعفو عنه، فقال الرجل: عفوت عنه، وسأُعطيه ثلاثة آلاف أُخرى، فتعجَّب المنصور مِن كرامة الرجل وعظمته.

وكلَّما ذُكِر اسمه كان يقول: لم أرَ مثل هذا الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٤

النبي أولى بالمسلمين مِن أنفسهم

وزَّع رسول الله غنائم حُنين - تبعاً لمصالح مُعيَّنة - على المُهاجرين فقط، ولم يُعط الأنصار سَهماً واحداً...

ولمَّا كان الأنصار قد بذلوا جهوداً عظيمة، في رُفعة لواء الإسلام، وخدمات جليلة في نُصرة هذا الدين؛ فقد غَضب بعضهم مِن هذا التصرُّف، وحملوه على التحقير والإهانة، فبلغ الخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر بأنْ يُجمع الأنصار في مكان ما، وأن لا يشترك معهم غيرهم في ذلك المجلس، ثمَّ حضر هو وعلي (عليهما السلام)، وجلسا في وسط الأنصار، ثمَّ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: (أُريد أنْ أسألكم عن بعض الأمور فأجيبوني عليها).

قال الأنصار: سَلْ، يا رسول الله.

قال لهم: (ألم تكونوا في ضَلال مُبين، وهداكم الله بيَّ؟).

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: (ألم تكونوا على شَفا حُفرة مِن الهلاك والنار، والله أنقذكم بيَّ؟).

قالوا: بلى.

قال: (ألم يكن بعضكم عدوَّ بعض، فألَّف الله بين قلوبكم على يديَّ؟).

قالوا: بلى.

فسكت لحظة، ثمَّ قال لهم: (لماذا لا تُجيبونني بأعمالكم؟).

قالوا: ما نقول؟!

قال: (أما لو شِئتم لقُلتم: وأنت قد جئتنا طريداً فآويناك، وجئتنا خائفاً فآمنَّاك، وجئتنا مُكَذَّباً فصدَّقناك...).

هذه الكلمات الصادرة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أفهمت الأنصار

٤٥

أنه لا يُنكَر فضلهم، ولا يُنسى جهودهم، ولم يكن ما صدر منه تِجاههم صادراً عن احتقار أو إهانة...

ولذلك فقد أثَّر فيهم هذا الكلام تأثيراً بالغاً، وارتفعت أصواتهم بالبُكاء، ثمَّ قالوا له: هذه أموالنا بين يديك، فإنَّ شِئت فاقسمها على قومك، وبهذا أظهروا ندمهم على غضبهم واستغفروه.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (اللَّهمَّ اغفر للأنصار، ولأبنا الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٦

الكريم يَسأل عن الكريم

في إحدى الغزوات، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُصلِّي في مُعسكره، فمَرَّ بالمُعسكر عِدَّة رجال مِن المسلمين، وتوقَّفوا ساعة، وسألوا بعض الصحابة عن حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوا له، ثمَّ اعتذروا مِن عدم تمكُّنهم مِن انتظار النبي حتَّى يفرغ مِن الصلاة فيُسلِّموا عليه؛ لأنَّهم كانوا على عَجلٍ، ومضوا إلى سبيلهم. فانفتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مُغضباً، ثم قال لهم: (يقف عليكم الركب ويسألونكم عنِّي، ويُبلِّغوني السلام، ولا تعرضون عليهم الطعام!).

ثمَّ أخذ يتحدَّث عن جعفر الطيار، وعظمة نفسه، وكمال أدبه، واحترامه للآخرين... (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٧

مَن كانت أفعاله كريمة اتَّبعه الناس

ليست فضيلة احترام الناس، وتكريمهم في الشريعة الإسلاميَّة الغرَّاء، خاصَّة بالمسلمين فيما بينهم فقط، فإنَّ غير المسلمين أيضاً، كانوا ينالون هذا الاحترام والتكريم مِن المسلمين، فقد تصاحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع رجل ذِمِّيٍّ خارج الكوفة، في أيَّام حكومته، وكان الذِمِّيُّ لا يعرف الإمام، فقال له: أين تُريد يا عبد الله؟

قال الإمام علي (عليه السلام): (أُريد الكوفة).

ولمَّا وصلا إلى مُفترق الطُّرق المؤدِّية إلى الكوفة، توجَّه الذِّمِّيِّ إلى الطريق الذي يُريده، وانفصل عن الإمام (عليه السلام)... ولكنَّه لم يَخطُ أكثر مِن بِضع خُطوات، حتَّى شاهد أمراً عَدَّه غريباً؛ فقد رأى أنَّ صاحبه الذي كان قاصداً الكوفة، ترك طريقه وشايعه قليلاً. فسأله ألست تقصد الكوفة؟

قال الإمام: (بلى؟).

قال الذِّمِّيُّ: (ذلك هو الطريق المؤدِّي إلى الكوفة).

قال الإمام: (أعلم ذلك).

سأل الذِّمِّيُّ باستغراب: ولماذا تركت طريقك؟

قال الإمام (عليه السلام): (هذا مِن تمام حُسن الصُّحبة، أنْ يُشيِّع الرجل صاحبه هُنيَّهة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبيِّنا).

قال الذِّمِّيُّ: هكذا أمر نبيُّكم؟!

قال الإمام: (أجلْ).

٤٨

قال الذِّمِّيُّ: لا جَرَمَ، أنَّما تبعه مَن تبعه لأفعاله الكريمة.

ثمَّ ترك طريقه الذي كان يقصده، وتوجَّه مع الإمام (عليه السلام) إلى الكوفة، وهما يتحدَّثان عن الإسلام وتعاليمه العظيمة، فأسلم الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٩

انزل عن مِنبر أبي!

زيد بن علي، عن أبيه: (إنَّ الحسين بن علي (عليهما السلام) أتى عمر بن الخطاب، وهو على المنبر يوم الجمعة، فقال: انزل عن مِنبر أبي، فبكى عمر، ثم قال: صدقت - يا بُني - مِنبر أبيك لا منبر أبي. وقام عليٌّ (عليه السلام).

وقال: ما هو - والله - عن رأيي.

قال: صدقت! والله، ما اتَّهمتك يا أبا الحسن).

هذا دليل على أنَّ عمر أيضاً، كان يعرف أنَّ الحسين ذو شخصيَّة مُمتازة، وله إرادة مُستقلَّة، وليس كلامه صادراً عن تلقين مِن أبيه، بل هو نِتاج فِكره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٠

يَفرُّ مَن أخطأ!

قصد المأمون بغداد بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وخرج يوماً للصيد، فمَرَّ في أثناء الطريق برَهط مِن الأطفال يلعبون، ومحمد بن علي الجواد (عليه السلام) معهم، وكان عمره يومئذٍ إحدى عشرة سنة فما حوله... فلمَّا رآه الأطفال فرُّوا، بينما وقف الجواد (عليه السلام) في مكانه ولم يَفرَّ. مِمَّا أثار تَعجُّب المأمون؛ فسأله:

لماذا لم تلحق بالأطفال حين فرُّوا؟

ـ يا أمير المؤمنين، لم يكن بالطريق ضِيقٌ لأوسِّعه عليك بذهابي، ولم يكن لي جريمة فأخشاها، وظنِّي بك حَسنٌ أنَّك لا تضرب مَن لا ذنب له فوقفت.

تعجَّب المأمون مِن هذه الكلمات الحكيمة، والمنطق الموزون، والنبرات المُتَّزنة للطفل فسأله: ما اسمك؟

ـ محمد.

ـ محمد ابن مَن؟

ابن عليٍّ الرضا...

عند ذاك ترحَّم المأمون على الرضا (عليه السلام)، ثمَّ ذهب لشأنه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥١

رِفقاً بالحسين!

روي عن أُمِّ الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب، مُرضعة الحسين (عليه السلام) أنَّها قالت: أخذ مِنِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسيناً أيَّام رضاعه، فحمله فأراق شيئاً على ثوبه، فأخذتُه بعنف حتَّى بكى. فقال (صلى الله عليه وآله): (مَهلاً يا أُمَّ الفضل، إنَّ هذا مِمَّا يُطهِّره الماء، فأيُّ شيء يُزيل هذا الغبار عن قلب الحسين؟!) (1).

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٢

كرهت أنْ أُعجِّله!

دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صلاة، والحسن مُتعلِّق، فوضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جانبه وصلَّى، فلمَّا سجد أطال السجود، فرفعت رأسي مِن بين القوم، فإذا الحسن على كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمَّا سلَّم قال له القوم: يا رسول الله، لقد سَجدت في صلاتك هذه سَجدةً ما كنت تسجدها! كأنَّما يوحى إليك؟!

فقال: (لم يوحَ إليَّ، ولكنَّ ابني كان على كتفي، فكرهت أنْ أُعجِّله حتَّى نزل).

هذا العمل مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تجاه ولده الصغير، أمام ملأٍ مِن الناس، نموذج بارز مِن سلوكه في تكريم الطفل.

إنَّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عمل أقصى ما يُمكن مِن احترام الطفل، في إطالته سجدته، وأرشد الناس ضمناً إلى كيفيَّة بناء الشخصيَّة عند الطفل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٣

تكريم الطفل

عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنَّه قال: (صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر، فخفَّف في الرَّكعتين الأخيرتين.

فلمَّا انصرف قال له الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟!

قال: وما ذاك؟

قالوا: خفَّفت في الرَّكعتين الأخيرتين.

فقال لهم: أما سمعتم صُراخ الصبي؟!).

هكذا نجد النبي العظيم، يُطيل في سجدته تكريماً للطفل تارة، ويُخفِّف في صلاته تكريماً للطفل أيضاً تارة أُخرى، وهو في كلتا الحالتين، يُريد التأكيد في احترام شخصيَّة الصبي، وتعليم المسلمين طريق ذلك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٤

هلاَّ ساويتَ بينهما؟!

نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى رجل له ابنان، فقبَّل أحدهما وترك الآخر.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (فهلاَّ ساويت بينهما!).

وفي حديث آخر: (اعدلوا بين أولادكم، كما تُحبُّون أنْ يعدلوا بينكم).

إنَّ الأمل الوحيد للطفل، ومبعث فرحه ونشاطه، هو عطف الوالدين وحنانهما، ولا يوجد عامل يُهدِّئ خاطر الطفل، ويبعث فيه الاطمئنان والسكينة، مِثل عَطف الوالدين، كما لا يوجد عامل يبعث فيه القَلق والاضطراب، مِثل فُقدان جزء مِن حَنان الوالدين أو جميعه.

إنَّ حسد الولد تِجاه أخيه الصغير، الذي وِلد حديثاً لا غرابة فيه؛ لأنَّه يشعر بأنَّ قِسماً مِن العناية، التي كانت مُخصَّصة له، قد سُلِبت منه، والآن لا يُستأثر باهتمام الوالدين. بلْ إنَّ الحُبَّ والحنان يجب أنْ يتوزَّع عليه وعلى أخيه الأصغر (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٥

التصابي مع الصبي

عن يعلى العامري: أنَّه خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى طعام دُعي إليه، فإذا هو بحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان، فاستقبل النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم، ثمَّ بسط يديه، فطفر الصبي ههنا مَرَّة وههنا مَرَّة أُخرى، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يُضاحكه حتَّى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذِقنه، والأُخرى تحت قَفاه، ووضع فاه على فيه وقبَّله.

إنَّ نبيَّ الإسلام العظيم، يُعامل سِبطه بهذه المُعاملة أمام الناس؛ لكي يُرشد الناس إلى ضرورة إدخال السرور على قلوب الأطفال، وأهميَّة اللعب معهم، فضلاً عن قيامه بواجب تربوي عظيم (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٦

أو ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله الرسول؟!

عن أبي رافع، قال: كنت أُلاعب الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) وهو صبيٌّ بالمَداحي، فإذا أصابت مِدحاتي مِدحاته؛ قلت احملني فيقول: (ويحَك! أتركب ظهراً حمله رسول الله؟!)، فأتركه.

فإذا أصابت مُدحاته مُدحاتي قلت: لا أحملك كما لا تحملني!

فيقول: (أوَ ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!)، فأحمله.

مِن هذا الحديث يظهر جليَّاً إباء الحسن (عليه السلام)، وعِزَّة نفسه، وعُظم شخصيَّته.

إنَّ الطفل الذي يُربيه الإسلام في حِجره، ويُحيي شخصيَّته النفسيَّة، يعتقد بسموِّ مقامه، ولا يرضى التكلُّم بذلَّة وحقارة (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٧

وا حيائي مِنك يا أمير المؤمنين!

رأى الإمام علي (عليه السلام) امرأة في بعض الطُّرقات، تحمل قِربة مِن الماء، فتقدَّم لمُساعدتها، وأخذ القِربة وأوصلها إلى حيث تُريد، وفي الطريق سألها عن حالها، فقالت: إنَّ عليَّاً أرسل زوجي إلى إحدى النواحي فقُتِل، وقد خلَّف لي عِدَّة أطفال، لا أقدر على إعالتهم؛ فاضطررت للخدمة في بعض البيوت. فرجع عليٌّ (عليه السلام) وأمضى تلك الليلة في مُنتهى الانكسار والاضطراب، وعند الصباح حمل جِراباً مَملوءاً بالطعام، واتَّجه إلى دار تلك المرأة. وفي الطريق كان بعض الأشخاص يطلبون منه أنْ يَحمل عنه الجراب فيقول لهم: (مَن يحمل عني أوزاري يوم القيامة؟).

وصل إلى الدار، وطرق الباب، فقالت المرأة: مَن الطارق؟

قال: (الرجل الذي أعانك في الأمس على حمل القِربة. لقد جئتك ببعض الطعام لأطفالك).

فتحت الباب وقالت: رضي الله عنك، وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب!

فقال لها: (أتخبزين أم تُسكِّتين الأطفال فأخبز؟).

قالت: أنا أقدر على الخبز، فقُم أنت بتسكيت الأطفال.

أخذتْ المرأة تعجن الدقيق، وأخذ عليٌّ (عليه السلام) يخلط اللَّحم بالتمر، ويُطعم الأطفال منه، وكلَّما ألقم طفلاً لقمة قال له برفق ولين: (يا بُني، اجعل علي بن أبي طالب في حِلٍّ).

ولمَّا اختمر العجين، أوقد عليٌّ (عليه السلام) التنور، وفي الأثناء دخلت امرأة تعرفه، وما أنْ رأته حتَّى صاحت بصاحبة الدار ويحَك! هذا أمير المؤمنين!

فبادرته المرأة، وهي تقول: وا حيائي منك يا أمير المؤمنين!

فقال: بلْ وا حيائي منكِ - يا أمة الله - فيما قصَّرت مِن أمرك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٨

لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصِّبيان

ورد في الحديث: أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يُصلِّي يوماً في فِئة، والحسين صغير بالقُرب منه، فكان النبي إذا سجد جاء الحسين (عليه السلام) فركب ظهره، ثمَّ حرَّك رجليه فقال: (حَلٍ، حَلٍ!).

فإذا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنْ يرفع رأسه، أخذه فوضعه إلى جانبه، فإذا سجد عاد إلى ظهره، وقال: (حَلٍ، حَلٍ!)، فلم يزل يفعل ذلك حتَّى فرغ النبي مِن صلاته.

فقال يهودي: يا محمد، إنَّكم لتفعلون بالصبيان شيئاً ما نفعله نحن.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أما لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان).

قال: فإنِّي أؤمن بالله وبرسوله؛ فأسلم لمَّا رأى كرمه مع عظيم قدره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٩

أين الدُّرُّ والذهب مِن سورة الفاتحة؟

كان عبد الرحمان السلمي، يُعلِّم وَلداً للإمام الحسين (عليه السلام) سورة الحمد، فعندما قرأ الطفل السورة كاملة أمام والده مَلأ الإمام فمَ مُعلِّمه دُّرَّاً، بعد أنْ أعطاه نقوداً وهدايا أُخَر. فقيل له في ذلك!

فقال (عليه السلام): (وأين يقع هذا مِن عطائه)، يعني: تعليمه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

التفسير في إطار خاصّ، فترى أنّهم ألّفوا كتباً تفسيريّة في خصوص موضوعات محدودة، فجمعوا آياتها في رسائلهم وكتبهم وأدّوا حقّ الكلام في الموضوع الذي لا يمكن في النمط الآخر من التفسير، ونذكر في المقام بعض ما ألّف في ذلك المجال :

أ: المحكم والمتشابه

إنّ القرآن الكريم يصنّف الآيات القرآنية ويقسّمها إلى محكم ومتشابه، فالمحكم هو أُمّ الكتاب، والمتشابه ما يجب أن يرجع إليها في تبيين مفهومه، فكأنّ المحكم أصل، والمتشابه فرع، ويجب أن نستعين في فهم المتشابه بالأُمّ، قال سبحانه:( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) .١

ثمّ إنّه وقع الاختلاف في تفسير المتشابه إلى أقوال كثيرة ذكرها الفخر الرازي في تفسيره، وأنهاها إلى قرابة عشرين قولاً لا يسع المقام ذكرها ونقدها، وإنّما الغرض هو الإشارة إلى ما قام به الشيعة الإمامية طوال القرون من تأليف رسائل خاصّة في ذلك الموضوع، والبحث عن الآيات المتشابهة إلى جانب الآيات المحكمة، ونذكر في هذه القائمة مشاهير المؤلّفين ونترك الباقي لأصحاب المعاجم:

١. متشابه القرآن: لإمام القرّاء أحد البدور السبعة، أبي عمارة، حمزة بن حبيب الزيّات الكوفي، من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام، والمتوفّى أيّام المنصور، عام ( ١٥٨ ه‍ )، ذكره ابن النديم.٢

__________________

١. آل عمران: ٧.

٢. فهرست ابن النديم: ٦١.

٣٦١

٢. محكم القرآن ومتشابهه: لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي. قال النجاشي: شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها، إلى أن قال: ولقي مولانا أبا محمدعليه‌السلام، له كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، والظاهر أنّ كتابه في فصلين أحدهما: الناسخ والمنسوخ، والثاني: في المحكم والمتشابه، أو هما رسالتان جمعهما في جزء واحد، توفّي سعد عام ( ٣٠١ ه‍ ).١

٣. متشابه القرآن: تأليف أبي محمد الحسن بن موسى النوبختي. قال النجاشي: شيخنا المتكلّم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها، ثمّ عدّ كتبه الكثيرة وقال: « متشابه القرآن، وله مجالس مع الشيخ أبي القاسم البلخي المعتزلي ( المتوفّى ٣١٩ ه‍ ).٢

٤. متشابه القرآن: للشيخ أبي عبد الله محمد بن هارون، أُستاذ الشيخ محمد ابن المشهدي، صاحب « المزار »، ( المتوفّى عام٥٣٠ ه‍ ).٣

٥.متشابه القرآن ومختلفه: تأليف الشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني، المولود عام ( ٤٨٨ ه‍ )، والمتوفّى عام ( ٥٨٨ ه‍ )، وهو كتاب نفيس ينبئ عن طول باعه، وسيوافيك الكلام فيه في قائمة أعلام التفسير في القرن السادس.

٦.متشابه القرآن: لصدر المتألّهين المولى محمد بن إبراهيم الشيرازي، المولود عام ( ٩٧٩ ه‍ )، والمتوفّى عام ( ١٠٥٠ ه‍ ).٤

__________________

١. رجال النجاشي: ١ / ٤٠١ برقم ٤٦٥.

٢. رجال النجاشي: ١ / ١٧٩ برقم ١٤٦.

٣. أمل الآمل: ٢ / ٣١١ برقم ٩٤٧، يعرّفه بقوله: فاضل جليل، صالح فقيه، له كتب: منها: مختصر التبيان في تفسير القرآن، وكتاب متشابه القرآن

٤. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١٩ / ٦٢ برقم ٣٢٨.

٣٦٢

٧. متشابهات القرآن ومحكماته: تأليف العلّامة محمد هادي معرفة، وهو يشكّل جزءاً خاصّاً من موسوعته: « التمهيد في علوم القرآن »، وقد درس الآيات المتشابهة حسب ترتيب السور، وهو كتاب ممتع.

٨. أضواء على متشابهات القرآن: تأليف الشيخ خليل ياسين المعاصر، طبع في بيروت في جزءين عام ( ١٣٨٨ ه‍ ).

ونكتفي بما ذكر، وقد قام المعاصرون بتأليف رسائل مستقلة حول متشابهات القرآن، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.

ب: الناسخ والمنسوخ

إنّ البحث عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم من الموضوعات التي لفتت نظر الباحثين والمحقّقين، وقد ألّف في ذلك الموضوع كتب ورسائل، وقد قام أبو بكر النحّاس بجمع الآيات التي ادّعى نسخها في كتاب أسماه « الناسخ والمنسوخ » فبلغت (١٣٨) آية.

إنّ النسخ في الاصطلاح عبارة عن « رفع أمر ثابت » في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه، والمعروف بين الإلهيين، جواز النسخ أي رفع الحكم عن موضوعه في عالم التشريع والإنشاء، وخالف في ذلك اليهود، فادّعوا استحالة النسخ، واستندوا في ذلك إلى شبه واهية.١

والمقصود في المقام هو نسخ الأحكام الواردة في القرآن الكريم، لا مطلق نسخ الأحكام وإن لم يرد في القرآن الكريم، فانّ القسم الثاني ممّا لا كلام فيه، فقد

__________________

١. قوانين الأُصول: ٢ / ٩٢، المقصد الخامس في النسخ.

٣٦٣

صرّح القرآن الكريم بنسخ لزوم التوجّه إلى القبلة الأُولى في الصلاة، والكلام في أن يكون شيء من أحكام القرآن منسوخاً بالقرآن أو بالسنّة القطعية أو بالإجماع، وقد قسّموا النسخ إلى ثلاثة أقسام :

١. نسخ التلاوة والحكم.

٢. نسخ التلاوة دون الحكم.

٣. نسخ الحكم دون التلاوة.

والأوّل: بيّن الفساد لا يقول به إلّا القائل بالتحريف في الكتاب العزيز، والمسلمون برآء منه إلّا الحشوية من العامّة وبعض الأخباريّين من الخاصّة.

ومُثّل للثاني: بآية الرجم، وانّه كان في القرآن الكريم ثمّ نسخ، والقول به أيضاً يلازم القول بالتحريف المصون عنه كتاب الله العزيز.

والقسم الثالث: هو المشهور بين العلماء والمفسّرين، فأنكر جماعة وجوده، وخالفهم بعض آخر بعد الاتّفاق على الإمكان، والعدد الذي ذكره النحّاس إفراط، كما أنّ نفيه من رأس تفريط، والتحقيق موكول إلى محلّه، وها نحن نذكر في هذا المقام الرسائل المؤلّفة في هذا الموضوع من غير فرق بين أن يكون المؤلّف مثبتاً، أو نافياً وإليك البيان:

١. الناسخ والمنسوخ: لعبد الله بن عبد الرحمن الأصم المسمعي، المنسوب إلى طائفة من العرب باسم المسامعة ذكره النجاشي، وقال: وله كتاب الناسخ والمنسوخ١ يروي عنه محمد بن عيسى بن عبيد المتوفّى عام ( ٢٦٢ ه‍ )، ويروي هو عن مسمع بن كردين، وهو من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام .

__________________

١. رجال النجاشي: ٢ / ١٥ برقم ٥٦٤ ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١٢ برقم ٥٩.

٣٦٤

٢. الناسخ والمنسوخ: تأليف حسن بن واقد الذي هو أخو عبد الله بن واقد المعدود من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام .١

٣. الناسخ والمنسوخ: لدارم بن قبيصة التميمي الدارمي السائح، وهو ممّن روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام وله كتاب آخر باسم الوجوه والنظائر.٢

٤. الناسخ والمنسوخ: تأليف حسن بن علي بن فضّال الكوفي، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ٣ المتوفّى عام ( ٤٢٢ ه‍ ).

٥. الناسخ والمنسوخ: لأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. قال النجاشي: شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقي الرضاعليه‌السلام وله كتب، ولقي أبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري، له كتاب الناسخ والمنسوخ٤ توفي بعد سنة (٢٧٤)، أو (٢٨٠).

٦. الناسخ والمنسوخ: لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها، ولقي مولانا أبا محمد العسكري، ثمّ ذكر كتبه، منها ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، توفّي عام ( ٢٩٩ ه‍ ) أو ( ٣٠١ ه‍ ).٥

٧. الناسخ والمنسوخ: لشيخ القميين علي بن إبراهيم بن هاشم الذي كان حيّاً عام ( ٣٠٧ ه‍ )، وقد أكثر الكليني النقل عنه.٦

__________________

١. فهرست ابن النديم: ٥٧ ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١١ برقم ٥٢ ونقله عن النجاشي أيضاً ولم نجده، وله تفسير أيضاً سيوافيك في محلّه.

٢. رجال النجاشي: ١ / ٣٧٢ برقم ٤٢٧.

٣. رجال النجاشي: ١ / ١٢٧ برقم ٧١.

٤. رجال النجاشي: ١ / ٢١٦ برقم ١٩٦.

٥. رجال النجاشي: ١ / ٤٠١ برقم ٤٦٥.

٦. رجال النجاشي: ٢ / ٨٦ برقم ٦٧٨.

٣٦٥

٨. الناسخ والمنسوخ: لعبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري، شيخ البصرة وأخباريها، وكان عيسى الجلّودي من أصحاب أبي جعفرعليه‌السلام ذكره النجاشي وذكر له كتباً كثيرة، منها كتاب الناسخ والمنسوخ، كما ذكر له كتاب التفسير وسيجيء في محلّه، وهو من شيوخ محمد بن جعفر بن قولويه، مؤلّف كامل الزيارات ( المتوفّى عام ٣٦٧ ه‍ ).١

٩. الناسخ والمنسوخ: لمحمد بن العباس المعروف بابن الحجام يروي عنه التلعكبري سماعاً عنه سنة ( ٣٢٨ ه‍ ).٢

١٠. الناسخ والمنسوخ: للشيخ الصدوق، ( المتوفّى عام٣٨١ ه‍ )، والنسخة موجودة بالنجف الأشرف مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء٣ واحتمل شيخنا المجيز الطهراني أن تكون النسخة للناسخ والمنسوخ تأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي، كما سيجيء.

١١. الناسخ والمنسوخ من القرآن العظيم: لقطب الدين سعيد بن هبة الله ابن الحسن الراوندي ( المتوفي عام٥٧٣ ه‍ ) توجد منه نسخة في طهران، وهو مؤلّف « الخرائج والجرائح » المعروف.٤

١٢. الناسخ والمنسوخ: لعبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي، المتوفى عام ( ٧٦٠ ه‍ )، والنسخة موجودة في النجف.٥

__________________

١. رجال النجاشي: ٢ / ٥٤ برقم ٦٣٨ ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١١ برقم ٥٦.

٢. فهرست الطوسي: ١٧٧ برقم ٦٥٢.

٣. رجال النجاشي: ٢ / ٣١١ برقم ١٠٥٠ ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١١ برقم ٥٥.

٤. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١١ برقم ٥٧.

٥. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١٤ برقم ٦٩.

٣٦٦

١٣. الناسخ والمنسوخ: لجمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوّج البحراني من أجلاّء تلاميذ فخر المحقّقين ( المتوفّى عام ٧٧١ ه‍ )، والمعاصر للشهيد الأوّل، ( المتوفّى عام ٧٨٦ ه‍ )، وقد بسط في الكتاب القول في بيان الآيات الناسخة والمنسوخة، قال سليمان الماحوزي: « وقد قرأته على بعض مشايخي في حداثة سنّي، سنة ( ١٠٩١ ه‍ ) » والنسخة موجودة في النجف الأشرف١ .

١٤. الناسخ والمنسوخ: لعلي بن شهاب الدين الحسيني العلوي الهمداني، ( المتوفّى عام ٧٨٦ ه‍ )، ومنه نسخة في مكتبة المرعشي بقم.٢

١٥. الناسخ والمنسوخ من الآيات القرآنية: لفخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوّج البحراني، شيخ ابن فهد الحلي، ( المتوفّى عام ٨٤١ ه‍ )، وتلميذ فخر المحقّقين، ( المتوفي عام ٧٧١ ه‍ ) وهو غير جمال الدين أحمد بن عبد الله الذي مضى برقم ١٣.٣

١٦. الناسخ والمنسوخ: لشهاب الدين أحمد بن فهد الاحسائي مؤلّف خلاصة التنقيح ( المتوفّى ٨٠٦ ه‍ ) شرحه عبد الجليل الحسيني القاري، شارح الجزرية في التجويد سنة ( ٩٧٢ ه‍ )، وقد شرح هذا الكتاب سنة ( ٩٧٦ ه‍ )، وطبع في طهران ( عام ١٣٨٤ ه‍ ).٤

١٧. الناسخ والمنسوخ: للشيخ محمد مهدي بن جعفر الكاشاني الموسوي،

__________________

١. المصدر نفسه: ٢٤ / ٩ برقم ٤٧.

٢. المصدر نفسه: ٢٤ / ١٢ برقم ٦٢.

٣. المصدر نفسه: ٢٤ / ١٣ برقم ٦٨.

٤. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١٠ برقم ٤٩.

٣٦٧

ألّفه عام ( ١٢٥٠ ه‍ )، وهو حفيد الوحيد البهبهاني.١

١٨. الناسخ والمنسوخ: للشيخ محمد شريف الموسوي الاصفهاني المجاز من الفاضل الايرواني، ( المتوفي عام ١٢٠٦ ه‍ )، والشيخ زين العابدين المازندراني الحائري، طبع مع رسالته « نسيم السحر » في سنة ( ١٣٢٣ ه‍ ).٢

هؤلاء مشاهير المؤلّفين في الناسخ والمنسوخ، ومن أراد التوسّع فليرجع إلى المعاجم والفهارس، غير أنّ هنا لفيفاً من أعلام الطائفة درس مسألة الناسخ والمنسوخ في الذكر الحكيم دراسة معمّقة في ثنايا تفسيرهم أو مقدّماته، وأخصّ بالذكر ما دبّجته يراعة المرجع الإسلامي الكبير السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي - دام ظلّه ـ، فقد طرح القسم الثالث من الناسخ والمنسوخ في كتابه « البيان في تفسير القرآن »، واقتصر في البحث على (٣٦) آية، وخرج بأنّها غير منسوخة.٣

والجدير بالذكر أنّه لم يبحث عن آية العدّة، أعني قوله سبحانه:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) ٤ ، فانّ هذه الآية ناظرة إلى الحول المعروف في الجاهلية الذي كان عدّة للنساء فيها، وقد أقرّ القرآن هذا الحكم مؤقّتاً ونسخ حكماً بقوله سبحانه:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) ٥ ، فقد تضافرت النصوص على ذلك من أئمّة أهل البيت.٦

__________________

١. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢٤ / ١٣ برقم ٦٥.

٢. المصدر نفسه: ٢٤ / ١١ برقم ٥٤.

٣. البيان: ٢٧٧، ٣٨١.

٤. البقرة: ٢٤٠.

٥. البقرة: ٢٣٤.

٦. وسائل الشيعة: ١٥ / ٤٥١، الباب ٣٠ من أبواب العدد.

٣٦٨

ج: آيات الأحكام

الآيات التي تقع ذريعة لاستنباط الأحكام الشرعية المتعلّقة بعمل المكلّف في حياته الفردية والاجتماعية هي الآيات المعروفة بآيات الأحكام، وهي على المشهور ثلاثمائة آية تقريباً، وهناك أُناس يستنبطون من كثير من الآيات القرآنية أحكاماً عملية، ولا تعدّ من آيات الأحكام وقد تعرّفت على بعضها في الأحاديث المرويّة عن الإمام الجواد والإمام الهاديعليهما‌السلام .

وقد أفردها لفيف من علماء الشيعة بالتأليف والتفسير بين رسائل صغيرة إلى كتب حافلة بالتحقيق، وربّما حازوا قصب السبق في هذا المضمار كما سيتضح، وإليك أسماء مشاهيرهم في هذا الفصل مقتصرين عليهم:

١. آيات الأحكام: لأبي نصر محمد بن السائب بن بشر الكلبي من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادقعليهما‌السلام ( المتوفّى عام ١٤٦ ه‍ )، وهو والد هشام الكلبي النسّابة الشهير، وصاحب التفسير الكبير الذي هو أبسط التفاسير كما أذعن به السيوطي في الإتقان.

قال ابن النديم في الفهرست عند ذكره للكتب المؤلّفة في أحكام القرآن ما لفظه:

« كتاب أحكام القرآن للكلبي رواه عن ابن عباس، وهو أوّل من صنّف في هذا الفن لا الإمام الشافعي محمّد بن إدريس المتوفّى سنة ( ٢٠٤ ه‍ ) كما زعم السيوطي، وكيف لا يكون كذلك وقد توفّي الكلبي قبل ولادة الشافعي بأربع سنين حيث ولد الشافعي عام ١٥٠.١

__________________

١. فهرست ابن النديم: ٥٧ ؛ تأسيس الشيعة لفنون الإسلام: ٣٢١. لاحظ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١ / ٤٠ برقم ١٩٢.

٣٦٩

٢. آيات الأحكام، الموسوم بمنهاج الهداية: للشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوّج البحراني، تلميذ فخر المحقّقين.١

٣. آيات الأحكام، الموسوم بالنهاية في تفسير خمسمائة آية: للشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوّج البحراني، وهذا المؤلّف، والمؤلِّف المتقدّم من أُسرة واحدة، وكلاهما من تلامذة فخر المحقّقين.٢

٤. آيات الأحكام: للشيخ ناصر بن الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الله بن المتوّج البحراني، ووالده الشيخ أحمد من تلامذة فخر المحقّقين ابن العلّامة الحلّي ( المتوفّى عام ٧٧١ ه‍ )، حكى شيخنا المجيز في « الذريعة » عن أُستاذه المجيز السيد حسن الصدر أنّه رآه في مكتبات النجف.٣

٥. آيات الأحكام: للشيخ أبي عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الأسدي الحلّي ( المتوفّى عام ٨٢٦ ه‍ )، وقد طبع باسم « كنز العرفان في فقه القرآن »، وهو من أنفس الكتب في موضوعه، وقد ترجم إلى الفارسيّة والأُردُويَّة حسب ما حكاه السيّد شهاب الدين المرعشيقدس‌سره في تقديمه على مسالك الأفهام.

٦. آيات الأحكام، الموسوم بمعارج السؤول ومدارج المأمول: لكمال الدين حسن بن شمس الدين محمد الاسترآبادي النجفي، ألّفه سنة ( ٨٩١ ه‍ ).٤

٧. آيات الأحكام، للمولى شرف الدين علي بن محمد الشيفنكي ( المتوفّى عام

__________________

١. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١ / ٤٢ برقم ٢١١.

٢. المصدر السابق: برقم ٢١٣.

٣. المصدر السابق: برقم ٢٢٠.

٤. المصدر السابق: برقم ٢١٧.

٣٧٠

٩٠٧ ه‍ ) حكاه شيخنا المجيز عن رياض العلماء، وحكاه هو عن تاريخ حسن بيك روملو.١

٨. آيات الأحكام، للمحقّق أحمد بن محمد الأردبيلي ثمّ النجفي، ( المتوفّى عام ٩٩٣ ه‍ )، وطبع باسم « زبدة البيان في براهين أحكام القرآن » مرّتين، مرّة بطهران عام ( ١٣٠٥ ه‍ )، وأُخرى في سنة ( ١٣٨٦ ه‍ )، محقّقة منقّحة.

٩. آيات الأحكام، للعلّامة الأمير أبو الفتح بن الأمير مخدوم بن الأمير شمس الدين محمد الحسيني ألّفه للسلطان محمد قطب شاه سنة ( ١٠٢١ ه‍ )، وطبع في تبريز.

١٠. آيات الأحكام، للسيد ميرزا محمد الحسيني الاسترآبادي، صاحب الكتب الرجالية الشهيرة: « الكبير » و « الوسيط » و « الصغير »، وقد توفّي عام ( ١٠٢٦ ه‍ )، ومنه نسخة في مكتبة المرعشي.٢

١١. آيات الأحكام: للشيخ أبي عبد الله محمد بن الجواد شمس الدين الكاظمي، والمشتهر بالفاضل الجواد من تلاميذ شيخنا البهائي ( المتوفّى ١٠٣٠ ه‍ )، وقد شرح كتاب أُستاذه في الحساب، أعني: خلاصة الحساب، وطبع الشرح بطهران عام ( ١٢٧٣ ه‍.ق )، وقد طبعت آيات الأحكام باسم « مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام » في جزءين كبيرين وعنيت بنشره وتحقيقه المكتبة المرتضوية.

١٢. آيات الأحكام: للشيخ أحمد بن إسماعيل بن العلّامة الشيخ عبد النبيّ الجزائري النجفي ( المتوفّى سنة ١١٥٠ ه‍ ) طبع باسم « قلائد الدرر »، وقد

__________________

١. مقدّمة مسالك الأفهام ( تقديم آية الله المرعشي ): ١٠.

٢. الذريعة: ١ / ٤٣ ؛ مقدمة مسالك الأفهام: ١١.

٣٧١

طبع مرّتين، مرّة في طهران وأُخرى بالنجف الأشرف عام ( ١٣٨٦ ه‍ )، شكر الله مساعي الجميع.

هذه اثنا عشر تأليفاً حول آيات الأحكام اكتفينا بها، ومن أراد التوسّع والوقوف على ما ألّفه أصحابنا حول آيات الأحكام من رسائل وكتب وموسوعات، فعليه الرجوع إلى معاجم الكتب.١

وهذه الكمّيّة الهائلة تعرب عن عناية الشيعة بفهم القرآن الكريم، وتبويب مفاهيمه.

د: ما نزل من القرآن في حقّ النبيّ والآل

لم ينحصر هذا النمط من التفسير ( أي التفسير الموضوعي ) فيما سبق من الموضوعات ( المحكم والمتشابه، الناسخ والمنسوخ، وآيات الأحكام )، بل توجّهت همم الأصحاب وعنايتهم إلى تأليف رسائل وكتب في موضوعات قرآنيّة، نظير ما نزل من الآيات في حقّ أهل البيت، وإليك نزراً يسيراً ممّا أُلّف في هذا المجال من الأقدمين، وأمّا المتأخّرين فهو على عاتق المعاجم القرآنيّة.

إنّ أهل البيتعليهم‌السلام ممّن خصّهم الله سبحانه بالذكر في غير واحد من الآيات، فقال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ٢ وقال سبحانه:( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلّا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) ٣ ، وقال سبحانه:( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) ٤

__________________

١. لاحظ: الذريعة: ١ / ٤٠ - ٤٤ وج ٤ / ٢٣٤ - ٣٥١، وتقديم آية الله المرعشي لكتاب مسالك الأفهام.

٢. الأحزاب: ٣٣.

٣. الشورى: ٢٣.

٤. الإسراء: ٢٦.

٣٧٢

إلى غير ذلك من الآيات، فلا عتب على المفسّر الواعي أن يخصّ أهل البيت بالتفسير الموضوعي ويفرد آياته بالتأليف، وكيف لا يكون كذلك وقد روى عكرمة عن ابن عباس، وقال: ما نزل من القرآن( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلّا وعليٌّ رأسها وأميرها، وقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان، وما ذكر عليّاً إلّا بخير.١

وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في عليٍّ.٢

وقال ابن عباس: نزلت في عليٍّ أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه.٣

ولأجل هذا وذاك قام لفيف من المفسّرين والمحدّثين من العامّة والخاصّة بتأليف رسائل مفردة في هذا المجال، وفي الحقيقة كلّها تفاسير موضوعيّة نذكر منها ما يلي:

١. ما نزل من القرآن في علىٍّ عليه‌السلام : تأليف هارون بن عمر بن عبد العزيز ابن محمد، أبو موسى المجاشعي، صحب الإمام الرضاعليه‌السلام وله هذا الكتاب.٤

٢. ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام : تأليف عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري من أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام فله تآليف كثيرة ذكرها النجاشي، وله كتاب التفسير كما سيوافيك في قائمة التفاسير الروائيّة.٥

٣. ذكرما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام : تأليف أحمد بن الحسن

__________________

١. مسند أحمد بن حنبل: ١ / ١٩٠ ؛ تاريخ الخلفاء: ١٧١.

٢. الصواعق المحرقة: ٧٦، الباب التاسع، الفصل الثالث.

٣. تاريخ الخلفاء: ١٧٢.

٤. رجال النجاشي: ٢ / ٤٠٦، برقم ١١٨٣.

٥. رجال النجاشي: ٢ / ٥٤ برقم ٦٣٧.

٣٧٣

الاسفرائيني، المفسّر الضرير، قال النجاشي: له كتاب المصابيح في ذكر ما نزل من القرآن في حقّ أهل البيتعليهم‌السلام ، وهو كتاب حسن كثير الفوائد، سمعت أبا العباس أحمد بن علي بن نوح يمدحه ويصفه.١

٤. ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه‌السلام : تأليف إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفي، أصله كوفي، وسعد بن مسعود أخو أبي عبيد بن مسعود عمُّ المختار، وانتقل إلى إصفهان وأقام بها، وقد وفد إليه أحمد بن خالد المتوفّى عام ( ٢٧٤ ه‍ ) وسألوه الانتقال إلى قم فأبىٰ، وله كتب ممتعة في التاريخ والسيرة، وهو مؤلف « الغارات » المعروفة.٢

٥. كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام : تأليف محمد بن العباس بن علي بن مروان الماهيار المعروف بابن الحجام، قال النجاشي: ثقة ثقة، من أصحابنا عين، سديد، كثير الحديث، له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت، وقال جماعة من أصحابنا: إنّه كتاب لم يصنّف في معناه مثله، قيل: إنّه ألف ورقة، وذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهمعليهم‌السلام برقم (٧١)، وقال: سمع منه التلعكبري سنة ( ٣٢٨ ه‍ )، وله منه إجازة، وذكره في الفهرست برقم ٦٤٩.٣

٦. كتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه‌السلام : تأليف محمد بن أحمد بن عبد الله بن إسماعيل الكاتب، أبو بكر يعرف بابن أبي الثلج، وأبو الثلج هو عبد الله بن إسماعيل، ثقة، عين، كثير الحديث، وذكر النجاشي فهرس كتبه، ومنها

__________________

١. رجال النجاشي: ١ / ٢٣٨ برقم ٢٢٩.

٢. رجال النجاشي: ١ / ٩٠ برقم ١٨ ؛ فهرست الطوسي: ٢٧ - ٢٩ برقم ٧.

٣. رجال النجاشي: ٢ / ٢٩٤ برقم ١٠٣١، ولاحظ الرجال والفهرست للشيخ الطوسي.

٣٧٤

تاريخ الأئمّةعليهم‌السلام ، وقد طبع أخيراً، وذكره الخطيب في تاريخه١ وذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم برقم (٦٤)، وقال: سمع منه التلعكبري سنة ( ٣٢٢ ه‍ )، وما بعدها إلى سنة ( ٣٢٥ ه‍ )، وفيها مات، وله منه إجازة.٢

٧. ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام : تأليف الحسين بن الحكم الجبري الكوفي، وطبع عام ( ١٣٧٥ ه‍ )، وقدّم له: العلّامة السيد أحمد الحسيني استقصى فيها ما ألّف من التفاسير في أهل البيت من القدماء فبلغ (٤٤) كتاباً٣ حيّاه الله وبياه.

هذه نماذج ممّا أُلّف حول أهل البيت من الكتب والرسائل بشكل التفسير الموضوعي نقتصر على ذلك، وإنّ التوسّع يخرجنا عمّا هو الهدف، وهو الإشادة بذكر المفسّرين من الشيعة في المجالات المختلفة، ومن سبر المعاجم، وكتب التراجم وقف على أنّ موضوع مناقب أهل البيت وفضائلهم - كتاباً وسنة - كان موضع اهتمام العلماء منذ الصدر الأوّل وفي القرون التالية إلى القرن الحاضر.

ولو جمعت تلك الكتب المطبوعة والمخطوطة الموجودة منها، لشكّلت مكتبة كبرى، والجدير بالذكر أنّ المحقّق السيد عبدالعزيز الطباطبائي - رحمه الله - قام مشكوراً بفهرسة كبيرة في خصوص مناقب آل البيت، وأسماه بـ‍ « أهل البيت في المكتبة العربية »، ولو ضمّ إليها ما أُلّف بسائر اللغات لضاق النطاق على المحصي والمؤلّف.

__________________

١. تاريخ الخطيب: ١ / ٢٤٩.

٢. رجال النجاشي: ٢ / ٢٩٩ برقم ١٠٣٨، وقد عرفت سائر المصادر في المتن.

٣. لاحظ المقدّمة للمصحّح: ١٢ - ١٧.

٣٧٥

ه‍: التأليف حول أمثال القرآن وأقسامه وقصصه

قد ورد في القرآن الكريم قرابة ستين مثلاً، والمثل بطبعه يقرب البعيد، ويصبّ المعقول في قالب المحسوس، وقد أفرد غير واحد من علماء الشيعة أمثال القرآن بالبحث والتأليف. هذا ابن النديم يعرف أبا علي بن أحمد بن الجنيد ( المتوفّى ٣٨١ ه‍ ) بأنّه قريب العهد، من أكابر الشيعة، ثمّ يذكر كتبه ويقول في موضع آخر منه عند تسمية الكتب المؤلّفة في معان شتّى من القرآن ما لفظه: « وكتاب الأمثال لابن الجنيد ».١

فلو قام ابن الجنيد وهو من قدماء علمائنا بهذا المجهود، فقد قام الشيخ أحمد بن عبد الله التبريزي النجفي ( المتوفّى عام ١٣٢٧ ه‍ ) بجمع الأمثال القرآنية وتفاسيرها وما يتعلّق بها وأسماه « روضة الأمثال » وطبع عام ( ١٣٢٥ ه‍ )٢ ، وقد تضافر التأليف حول أمثال القرآن في العصر الحاضر من أكابر الشيعة باللغتين العربية والفارسية، وطبع الأكثر باسم أمثال القرآن.٣

كما قد ورد في القرآن الكريم قرابة أربعين قسماً حلف فيه سبحانه بالشمس والقمر والليل والنهار إلى غير ذلك من عظائم الموجودات، المليئة بالأسرار، وما هذا إلّا ليتدبّر الإنسان فيها ويقف على ما فيها من العجائب والغرائب، حتى أنّه سبحانه حلف في سورة الشمس أحد عشر مرّة بأشياء كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض والنفس، ثمّ رتّب عليها جواباً، وقال:( قَدْ أَفْلَحَ مَن

__________________

١. فهرست ابن النديم: ٦٤ و ٢١٩.

٢. الذريعة: ١١ / ٢٨ برقم ١٧٥٠.

٣. كأمثال القرآن للدكتور إسماعيل، ط طهران / ١٣٦٨ هـ.ش ؛ وأمثال القرآن لعلي أصغر حكمت الشيرازي.

٣٧٦

زَكَّاهَا ) ، وقد بحث المفسرون عن هذه الأقسام وتركوا البحث عن أمر مهم، وهو ما هو الصلة بين المقسم به وجوابه، حتى أنّ ابن القيّم ( المتوفّى ٧٥١ ه‍ ) أفرد كتاباً في أقسام القرآن، طبع باسم أقسام القرآن، ولكنّه بحث عن المقسم به في جميع الآيات، وأهمل البحث عن الصلة بينه وبين جوابه في شتّى الآيات. نعم قام أخيراً ولدنا الفاضل الروحاني الشهيد أبو القاسم الرزاقي١ بتأليف كتاب حول أقسام القرآن، وسدّ هذا الفراغ الموجود في التفاسير، وقد أغرق نزعاً في التحقيق، وطبع حديثاً.

إنّ قصص القرآن من المواضيع الهامّة التي تحتاج إلى دراسات فنية، وفيها من العبر ما لا يحصى، وقد أفرد غير واحد من أصحابنا قصص القرآن قديماً وحديثاً٢ بالتأليف، أخيرهم ما ألّفه الدكتور محمود البستاني، فبحث عن القصص القرآنية حسب تسلسلها في السور الكريمة، وطبع عام ( ١٤٠٨ ه‍ ) وقد خصّصنا الجزء التاسع من هذه الموسوعة بالأمثال والأقسام.

و: معارف القرآن واحتجاجاته

معارف القرآن تشكّل قسماً هامّاً من مفاهيمه، خصوصاً فيما يرجع إلى المبدأ والمعاد، وقد ورد أكثر ما يرجع إلى المعارف الغيبية في السور المكيّة حيث كان النبي يحتج على المشركين، كما ورد فيما يرجع إلى الكتب والشرائع السماوية وديانات اليهود والنصارى في السور الطوال حيث نزلت أوائل الهجرة.

فقد أفرد غير واحد من أصحابنا كتباً ورسائل حول معارف القرآن أخيرها ـ

__________________

١. استشهدقدس‌سره في الحرب المفروضة على إيران الإسلامية في حادث إسقاط طائرتهم على يد العدوان البعثي العفلقي قرب مطار الأهواز، ومعه لفيف من العلماء والمسؤولين الكبار.

٢. لاحظ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ١٧ / ١٠٢ و ١٠٧.

٣٧٧

لا آخرها - معارف القرآن للشيخ محمد تقي المصباح، طرح فيه الآيات المتعلّقة بمعرفة العالم والملائكة والجنّ والشيطان، نقله إلى العربية عبد المنعم الخاقاني، وطبع في بيروت.

كما أنّ الحوار والاحتجاج في القرآن له أساليبه ومعطياته، فقد قام بالاحتجاج على الملحدين والمشركين وعلى أهل الكتاب، فقد أفرد غير واحد من أصحابنا بالتأليف أخيرها - لا آخرها - الحوار في القرآن للسيد محمد حسين فضل الله العاملي، طبع في بيروت.

ز: أسباب النزول

إنّ التعرّف على أسباب النزول يسلّط الضوء على مفاد الآية ومفهومها وهو غير خفي على من له إلمام بالتفاسير، فقد قام غير واحد من أصحابنا بالتأليف حوله، نذكر نموذجين:

١. أسباب النزول، للشيخ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، ( المتوفّى عام٥٧٣ ه‍ )، وهو من مصادر بحار الأنوار.١

٢. الأسباب والنزول على مذهب آل الرسول، للشيخ رشيد الدين محمد بن علي شهر آشوب السروي ( المتوفّى عام ٥٨٨ ه‍ ).٢

هذه نماذج من التفسير الموضوعي أتينا بها إيقافاً للقارئ على جهود علماء الشيعة في العصور السابقة والعصر الحاضر، وقد تركنا كثيراً من الموضوعات القرآنيّة التي أفردت بالتأليف كالأخلاق والسياسة والمسائل العائلية وغير ذلك

__________________

١ و ٢. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ٢ / ١٢ برقم ٣٥ و ٣٧.

٣٧٨

من الموضوعات الهامّة التي تداولتها أقلام المحقّقين في العصر الحاضر بالبحث والتحقيق، ومن راجع المكتبات العربية، أو استعرض فهارس مكتبات العالم يقف على مجموعة كبيرة من الكتب تبحث عن موضوعات قرآنيّة حسب التفسير الموضوعي، وبما أنّ الهدف هنا الإيجاز تركنا التفصيل في ذلك.

التفسير الموضوعي في العصر الحاضر

لقد استقطب « التفسير الموضوعي » للقرآن الكريم في العصر الحاضر قسطاً كبيراً من اهتمام العلماء نظراً لأهميّة هذا النهج من التفسير ومساعدته على درك المفاهيم القرآنيّة، والمعارف الإلهية الدقيقة العميقة، فانّ القرآن كما أسلفنا ذكر هذه المعارف بصورة متفرّقة تبعاً للمناسبات، ولو جمعت هذه المعارف في محل، ثمّ درس المفهوم القرآني المعيّن في ضوء كلّ ما يرتبط به من آيات، لأمكن الحصول على فكرة متكاملة وصورة شاملة لذلك المفهوم.

ولهذا اندفع العلماء المهتمون بالثقافة القرآنية في عصرنا هذا إلى خوض هذا الميدان الشريف الهام بمختلف الصور، وأتوا بنتائج طيّبة، وأثمرت جهودهم ثماراً يانعة، ومن وقف على الدراسات القرآنيّة في جامعة « قم » يرى أنّ لهذا القسم من الدراسات قسطاً كبيراً.

وقد اتّبعنا هذا المنهج منذ عام ( ١٣٨٩ ه‍ ) وكانت حصيلة هذه السنوات عشرة أجزاء من التفسير الموضوعي تحت عنوان « مفاهيم القرآن »، تناولت بالترتيب قضايا التوحيد والشرك، والحكومة الإسلامية، والأسماء والصفات، والنبوة العامّة والخاصّة، وما يرتبط بالسيرة النبوية في ضوء القرآن الكريم.

ولقد لقيت هذه الدراسات إقبالاً واسعاً ممّا يكشف عن أهمية هذا المنهج

٣٧٩

من التفسير.

ومن الجدير بالذكر أنّ العلّامة المجلسي هو أوّل من فتح هذا الباب على مصراعيه في جمع موضوعات القرآن والبحث عنها بحثاً قرآنياً. فانّ ما وصل إلينا من القدماء هو تخصيص موضوع خاصّ بالتفسير، وأمّا غوّاص بحار درر الأحاديث الشيخ محمد باقر المجلسي، ( المتوفّى عام ١١١١ ه‍ )، اتّبع هذا المنهج في جميع أبواب كتابه وموسوعته النادرة، فجمع الآيات المربوطة بكلّ موضوع في أوّل الأبواب وفسّرها تفسيراً سريعاً، وهذه الخطوة وإن كانت قصيرة لكنّها جليلة في عالم التفسير، وقد قام بذلك مع عدم توفّر المعاجم القرآنية الرائجة في هذه الأعصار.

وتجدر الإشارة إلى أنّ جهاز الكمبيوتر الذي ثبتت له قدرة كبرى في عملية فرز المعلومات وتجميعها وتحضيرها وبالتالي تقديم تسهيلات هامّة في مجال التحقيق العلمي في شتّى حقول المعرفة لو أنّ هذا الجهاز الفعّال استخدم في مجال التفسير الموضوعي لحصل الباحث على نتائج باهرة.

وكلّ أملنا أن تهتمّ الشخصيّات والمؤسسات المهتمة بالمسائل القرآنيّة بهذا الاقتراح، أو توليه المزيد من العناية به لنستطيع مواكبة العصر الحديث في تقدّمه الصاعد وتلبية حاجاته الماسّة الملحّة.

الشيعة والتفسير الترتيبي

قد تعرّفت على منهج التفسير الموضوعي فهلمّ معي ندرس المنهج الرائج بين المفسّرين وهو المنهج الترتيبي، وأظنّ أنّ القارئ في غنى عن تعريفه لشيوعه. وقد قام المسلمون بهذا النمط من التفسير على اختلاف مشاربهم في تفسير القرآن،

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457