إستقصاء الإعتبار الجزء ١

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501
المشاهدات: 45980
تحميل: 4307


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45980 / تحميل: 4307
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-173-7
العربية

وبقية الرجال بعد سعد كلهم موثقون غير إمامية ، ولي في بعضهم كلام ، إلاّ أنّ الخروج عن منهج مشايخنا ومن قبلهم تركه أولى.

وعلى كل حال بعد سلامة ابن قولويه من الإشكال الرواية موثّقة.

المتن :

ما حمله الشيخ عليه من البعد بمكان ، سيّما الثاني.

وما قاله شيخناقدس‌سره في فوائده على الكتاب من الحمل على التقية له وجه.

وقد يحتمل أنّ يكون قوله في الرواية : أو من إناء غيره. اشتباهاً على الراوي بعد السؤال ، وإنّما كان السؤال عن الكوز ونجاسته بشرب اليهودي منه محل كلام ، وفي هذا أيضاً تكلف ، والتقية لا كلفة فيها ، ومن لم يعمل بالحديث في غنية من هذا كله.

قوله :

باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الكلب يشرب من الإناء قال : « اغسل الإناء » وعن السنّور قال : « لا بأس أنّ يتوضّأ من فضلها إنّما هي من السباع ».

وبهذا الاسناد ، عن حماد ، عن حريز ، عن الفضل أبي العباس ،

١٦١

قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع ، فلم أترك شيئاً إلاّ سألته عنه ، فقال : « لا بأس به » حتى انتهيت إلى الكلب ، فقال : « رجس نجس ، لا تتوضّأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرة ثم بالماء ».

السند‌

أمّا الأوّل : فقد تقدم القول فيه(١) وأنّه معتبر عند المتأخرين.

وأمّا الثاني : فهو كذلك ، والفضل جلالته غير خفية ، وبعض الروايات في الكشّي(٢) يمكن توجيه عدم المنافاة فيها ، وقد سبق ذكر ذلك في أول الكتاب في حريز بن عبد الله ، حيث تضمنت الرواية قول أبي العباس لأبي عبد اللهعليه‌السلام : والله لقد عاقبت حريزاً بأعظم ممّا صنع ، فقال لهعليه‌السلام : « ويحك »(٣) إلى آخره. فإنّ قول أبي العبّاس في مقام خطاب الإمامعليه‌السلام يقتضي نوع نقض(٤) ، وقولهعليه‌السلام : « ويحك » كذلك ، ووجه اندفاع المنافاة مذكور في كتاب شيخنا ، سلمه الله في الرجال(٥) ، وسيجي‌ء في موضع من هذا الكتاب تفصيل المقال(٦) .

__________________

(١) راجع ص : ٣٩ ، ٤٣ ، ٥٦.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٦٢٧ / ٦١٥ ، ٦٨٠ / ٧١٧.

(٣) راجع ص : ٥٧.

(٤) في « رض » و « د » : نقص.

(٥) منهج المقال : ٩٤.

(٦) يأتي في ج ٤ : ١٩١ ١٩٤.

١٦٢

المتن :

أمّا في الحديث الأوّل : فهو صريح في غسل الإناء بحيث يتحقق بالمرّة إلى أنّ يثبت ما يقيده.

وما تضمّنه من أنّه لا بأس بفضل السنّور استدل به القائل بطهارة سؤره مضافاً إلى الأصل ، والوالدقدس‌سره مشى على هذا المسلك(١) ، وظاهره أنّ الفضلة هي السؤر ، بما قدّمه من تفسيره بما باشره الفم(٢) . فتختص الفضلة به ، واستفادة ذلك من الفضلة مطلقاً لا يخلو من تأمّل ، كما سبق ذكر(٣) الوجه فيه(٤) ، إلاّ أنّ في مثل هذه الرواية لا يبعد ما ذكره.

وحكىقدس‌سره عن العلاّمة أنّه حكى عن ابن إدريس الحكم بنجاسة ما يمكن التحرز عنه : ممّا لا يؤكل لحمه ، من حيوان الحضر غير الطير(٥) . وسيأتي من المصنف أنّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز استعمال سؤره(٦) ، وهذا الخبر صريح في طهارة فضل الهرة ، فإنّ كان مراده بالسؤر غير الفضلة يتعين إرادته هنا بالفضلة ما باشره السنور بغير الفم ، وإنّ اتحدا كان بين كلامي الشيخ تخالف.

والوالد :قدس‌سره نسب إلى الشيخ في الاستبصار القول بالمنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه(٧) ، نظراً إلى العبارة الآتية ، والحال أنّ نقله هذه الرواية‌

__________________

(١) معالم الفقه : ١٥٠.

(٢) معالم الفقه : ١٤٧.

(٣) في النسخ : ذكره. والظاهر ما أثبتناه.

(٤) راجع ص ١٤٤.

(٥) معالم الفقه : ١٥٠.

(٦) ص ١٩٠.

(٧) معالم الفقه : ١٤٩.

١٦٣

لا يوافق ذلك ، بل لا بُدّ من تخصيص كلام الشيخ ، فلا يتم نقل القول على الإطلاق ، وربما يستفاد من تعليله الآتي ما يتناول السنور ، ولا مانع من سؤره.

ثم التعليل في الرواية بأنها من السباع موجود أيضا في روايات أُخر(١) وربما دل على طهارة سؤر جميع السباع ، وفي بعض الروايات ما يقتضي أنّ السبع ما يأكل اللّحم(٢) .

وأمّا الحديث الثاني فهو صريح في طهارة سؤر السباع ، إلاّ أنّ ذكر الوحش قد يأبى تفسير السباع بما تأكل اللّحم ، والجمع ليس بعسير لو صحت الأخبار الدالة على تفسير السباع.

وما تضمنته الرواية من قوله : فلم أترك شيئاً. الظاهر أنّ المراد به ما خطر في باله ؛ لأنّه ينفي من الحيوان الذي عينه نجسة غير الكلب كما لا يخفى ، ( أو أنّ المراد لم أترك ممّا قلته ، وفيه بعد )(٣) .

ثم ما تضمّنته من الأمر بالغَسل من دون تقييد بالمرتين هو الموجود في التهذيب(٤) أيضاً ، إلاّ أنّ العلاّمة في المنتهى(٥) والمحقق في المعتبر(٦) نقلاه بلفظ مرّتين ، وفي المختلف نقله كما هنا من غير لفظ مرّتين(٧) ، ولا يخلو من غرابة.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٢٧ أبواب الأسآر ب ٢.

(٢) الوسائل ٢٤ : ١١٥ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣ ح ٧.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦.

(٥) المنتهى ١ : ١٨٨.

(٦) المعتبر ١ : ٤٥٨.

(٧) المختلف ١ : ٦٤.

١٦٤

وظاهر المنتهى أنّه لا خلاف في التعدد بالماء مع التراب(١) .

والحديث كما ترى لا ذكر فيه للإناء ، والمتضمن للإناء وهو الأوّل لا يوجب تخصيص الثاني ولا تقييده ، فلا أدري وجه ذكر الأصحاب الإناء في التعفير بالتراب.

وصريح الخبر فضلة الكلب ، وقد تقدم القول في احتمال الفضلة لغير السؤر(٢) ، إلاّ أنّ الأصحاب الذي رأينا كلامهم عدا المفيد على ما نقله في المختلف(٣) عنه قائلون بالولوغ ، وأمّا المفيد فالمنقول عنه أنّ الكلب لو خالط الإناء ببعض أعضائه يغسل مرّة بالماء وثانية بالتراب وثالثة بالماء(٤) . وربما يصلح الحديث باعتبار ذكر الفضلة للاستدلال له ، ( وقد سبق احتمال ظهور السؤر من الخبر )(٥) ولو جعلنا السؤر ما باشره الجسم اتّحدا ، ولعل(٦) الولوغ مخصوص عندهم بغير ما ذكر.

والعجب أنّ العلاّمة قال في المختلف : والمشهور إيجاب التراب في الولوغ خاصة ، وهو المعتمد ، لنا أنّ الحكم معلّق بالولوغ(٧) . والحال أنّه لم يذكر سوى رواية أبي العباس ، وهي كما ترى.

والرواية التي نقلها الشيخ هنا أوّلاً وإنّ تضمّنت الشرب ( من الإناء ، إلاّ أنها لا تتضمن التراب ، غير أنّ تقييد الغَسل بالتراب لا بُدّ منه ، أمّا تقيد‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ١٨٧.

(٢) راجع ص ١٤٣.

(٣) المختلف ١ : ٣٣٧.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د ».

(٦) في « د » و « فض » : أمّا.

(٧) المختلف ١ : ٣٣٧.

١٦٥

التراب بالإناء والشرب )(١) غير ظاهر الوجه ، واحتمال انصراف الفضلة إلى الشرب والإناء محل كلام.

نعم نقل شيخناقدس‌سره رواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تتضمن ذكر الولوغ والغَسل سبعاً(٢) . والرواية مرسلة ، ومخالفة لما ذكره معتَبِر الثلاث.

وحكى في المختلف عن ابن إدريس مزج التراب بالماء مستدلاّ بأنّ حقيقة الغَسل جريان الماء(٣) . وكأنّ غرضه أنّ المزج أقرب إلى حقيقة الغسل ، وعند تعذّر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات ؛ ويظهر من شيخنا(٤) قدس‌سره توجيهه بما قلناه.

واعترض عليه بعض محققي المعاصرين(٥) بلزوم مجازين على هذا التقدير في الغَسل والتراب(٦) .

وقد يقال : إنّ المزج ربما لا يخرج التراب عن الحقيقية ، فلا يلزم المجاز بمجرد المزج ، وهذا هو الذي يظهر من كلام ابن إدريس أيضاً ، وفي البين كلام طويل ذكرته في محل آخر.

غير أنّه ينبغي أنّ يعلم أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط ما يقتضي أنّ التعدّد في الماء وإنّ كان كثيراً إذا بلغ الكرّ.

واعترض عليه بأنّ العدد إنّما يعتبر في الإناء الذي يصب فيه الماء ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) مدارك الاحكام ٢ : ٣٩١.

(٣) المختلف ١ : ٣٣٧ وهو في السرائر ١ : ٩١.

(٤) مدارك الأحكام ٢ : ٣٩٢.

(٥) في « فض » : المتأخّرين.

(٦) كالشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٤٢٨.

١٦٦

أمّا مع وقوعه في الكثير [ أو(١) ] الجاري فلا يعتبر التعدد ، واستدل بحديث عمار الساباطي عن الصادقعليه‌السلام وقد سأله عن كيفية غسل الكوز والإناء إذا كان قَذِراً قال : « يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء آخر ثم يفرغ ( ثم يصب ماء آخر ثم يفرغ )(٢) وقد طهر » قال : وهو يدل بمفهومه على أنّ العدد إنّما يكون مع صب الماء في الإناء(٣) . انتهى.

وأنت خبير بما في الاستدلال من القصور ، أمّا أوّلاً : فلأنه في الاستدلال على حكم الولوغ إنّما استدل برواية أبي العباس وليس فيها ذكر الإناء ولا لفظ مرّتين فمن أين جاء التعدد؟

وأمّا ثانياً : فلأنّ حديث عمار يتضمن الغسل ثلاثاً ، ودلالته على أنّ التعدد منحصر في القليل غير واضحة كما لا يخفى على المتأمّل.

قوله :

وأخبرني الشيخ ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن معاوية بن شريح قال : سأل عذافر أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن سؤر السنور ، والشاة ، والبقر ، والبعير ، والحمار ، والفرس ، والبغال ، والسباع ، يشرب منه أو يتوضأ منه ، فقال : « نعم اشرب منه وتوضّأ » قال : قلت له : الكلب ، قال : « لا » قلت له : أليس هو سبع؟ قال : « لا والله إنّه نجس ، لا والله إنّه نجس ».

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين القوسين ليس في « د ».

(٣) المختلف ١ : ٣٣٩ وهو في الخلاف ١ : ١٧٩ والمبسوط ١ : ١٤.

١٦٧

سعد (١) عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن معاوية بن ميسرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

السند‌

أمّا الأوّل : فقد تقدم القول فيه مكرراً(٢) ، وأحمد بن محمّد هو ابن عيسى ، وأيوب بن نوح وصفوان حالهما في الجلالة غنية عن البيان.

وأمّا معاوية بن شريح : فالنجاشي ذكر معاوية بن ميسرة بن شريح وأنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٣) ، ولم يوثّقه.

والشيخ في الفهرست قال : معاوية بن شريح ، له كتاب يرويه عنه ابن أبي عمير ، وذكر أيضاً معاوية بن ميسرة له كتاب يرويه عنه علي بن الحكم(٤) . فالظاهر الاتحاد ، كما في النجاشي ، وقد ذكر النجاشي أنّ كتابه يرويه محمّد بن أبي عمير(٥) ، وعلى كل حال فالرجل غير موثق.

وأمّا الثاني : فالطريق إلى سعد هو الطريق إليه في الأوّل ، والكلام الكلام ، وأحمد بن الحسن وابن بكير فطحيّان ثقتان ، ومعاوية بن ميسرة عرفت القول فيه ، وربما دلت الرواية على التغاير ، ويحتمل الدلالة على الاتحاد ، والفائدة غير مهمة.

المتن :

في الأوّل ظاهر في طهارة سؤر كل ما ذكر فيه مؤيّداً لغيره ، وكذلك‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٢ : سعد بن عبد الله.

(٢) راجع ص ١١١.

(٣) رجال النجاشي : ٤١٠ / ١٠٩٣.

(٤) الفهرست : ١٦٦ / ٧٢٧ ، ١٦٧ / ٧٣١.

(٥) رجال النجاشي : ٤١٠ / ١٠٩٣.

١٦٨

يدل على نجاسة الكلب ، لكنه يدل على أنّ تفسير السبُع بما يأكل اللحم غير تامّ ، والأمر سهل.

والوالدقدس‌سره قال : إنّ الطريق إلى معاوية صحيح لكنه مجهول(١) ، وقد تقدم منّا الكلام في محمّد بن قولويه(٢) ، فإني لم أعلم توثيقه.

قوله :

فأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الوضوء ممّا ولغ فيه الكلب والسنور أو شَرِب منه(٣) جمل أو دابّة أو غير ذلك أيتوضأ منه أو يغتسل؟ قال : « نعم ، إلاّ أنّ تجد غيره فتنزّه عنه ».

فليس هذا الخبر منافياً للأخبار الأوّلة ؛ لأنّ الوجه في هذا الخبر أن نحمله على أنّه إذا كان الماء كرّاً أو أكثر منه.

والذي يدل على ذلك : ما أخبرني به الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس بفضل السنور بأس ( بأنّ تتوضّأ منه وتشرب ولا تشرب ) (٤) سؤر الكلب إلاّ أنّ يكون حوضاً كبيراً يستقى منه ».

__________________

(١) معالم الفقه : ١٥٠.

(٢) في ص ١١٢ ١١١.

(٣) في « فض » و « د » : فيه.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٠ / ٤٤ : أنّ يُتوضأ منه ويُشرب منه ولا يُشرب.

١٦٩

وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل منه (١) الجنب قال : « إذا كان الماء (٢) قدر كرّ لم ينجسه شي‌ء ».

السند‌

قد تقدم الطريق إلى الحسين بن سعيد(٣) ، وأنّ ابن سنان هو محمّد على الظاهر(٤) .

وأمّا ابن مسكان : فهو عبد الله ؛ لأنّ النجاشي قال في ترجمته : له كتب ، وذكر من رواتها محمّد بن سنان(٥) . وأمّا محمّد بن مسكان : فهو مذكور في كتاب الرجال للشيخ وأنّه مجهول(٦) . واحتماله هنا لا قرينة عليه ، والقرينة(٧) مرجّحة إرادة عبد الله ، وإن كان غير مفيد هنا كما لا يخفى.

وأمّا الخبر الذي يدلّ على ما ذكره الشيخ فقد تقدم القول في ذكر رجاله أيضاً(٨) .

وتفسير أبي جعفر بأحمد بن محمّد بن عيسى ربما يؤيد ما قاله‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٠ / ٤٥ : فيه.

(٢) ليست في الاستبصار ١ : ٢٠ / ٤٥.

(٣) راجع ص : ٧٠.

(٤) راجع ص : ١٢١.

(٥) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٩.

(٦) رجال الطوسي : ٣٠٢ / ٣٥٠.

(٧) في « فض » و « د » زيادة : على غيره.

(٨) راجع ص : ٧١ ، ٧٣ ، ١١٠ ١١٣ ، ١١٥.

١٧٠

العلاّمة في الخلاصة ، من أنّ المراد بأبي جعفر في رواية الشيخ عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر ، هو أحمد بن محمّد بن عيسى(١) .

إلاّ أنّ قول العلاّمة : ذكره الشيخ وغيره. قد يشكل بأنّ محمّد بن يعقوب في الكافي في باب تاريخ مولد الصادقعليه‌السلام قال : سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر محمّد بن عمر بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب(٢) . والظاهر أنّ أبا جعفر هذا هو الزيّات ، إلاّ أنّهم لم يذكروا كنيته بأبي جعفر.

ولو لا اتفاق نسخ الكافي التي رأيناها لاحتمل كونه بن عثمان وعمر تصحيف ، فيكون محمّد بن عثمان بن سعيد العمري ، فإنّه يكنّى بأبي جعفر وسعد يروي عنه ، فقد يحتمل أنّ يكون مراد العلاّمة أنّ أبا جعفر مع الإطلاق ما ذكره ، والتقييد حكم آخر ، فتأمّل.

اللغة :

الولوغ على ما ذكره جماعة من أهل اللغة ـ(٣) شرب الكلب ممّا في الإناء بطرف لسانه ، أو إدخال لسانه فيه وتحريكه(٤) .

المتن :

على ظاهر كلام من سمعت كلامه لا يتم فيه تأويل الشيخ ، إلاّ بأنّ يراد بالولوغ الأعم من الشرب من الإناء ، ويصير في عرف الأئمّةعليهم‌السلام غير‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٧١.

(٢) الكافي ١ : ٤٧٥ / ٨.

(٣) في « فض » و « رض » زيادة : أنّه.

(٤) القاموس المحيط ٣ : ١١٩ ( ولغ ) ، الصحاح ٤ : ١٣٢٩ ( ولغ ).

١٧١

العرف اللغوي ، أو أنّه مجاز ، ولو أُريد بالإناء ما يتناول الكرّ ففيه إشكال ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع يقتضي ما ذكره الشيخ.

وربما يشكل الحال ، بأنّ ظاهر الحديث التنزّه عنه مع وجود غيره ، فيدل على كراهية الوضوء والغسل من الماء الكثير إذا ولغ فيه الكلب والسنور والجمل والدابة ، ولم أعلم الآن القائل به ، غير أنّ الحديث حاله غير خفية ، والأمر بالنسبة إلى غير الشيخ ممّا يتوقف عمله على صحة الخبر سهل.

والحديث الأخير قد تقدم سنداً ومتناً في أوّل كتاب الطهارة(١) ، فالكلام السابق فيه يغني عن الإعادة.

بقي شي‌ء : وهو أنّ جماعة من الأصحاب المتأخّرين ذكروا أنّ لطع الكلب الإناء بلسانه بمنزلة الولوغ ، وإنّ لم يصدق عليه اسمه حقيقة ، بل لأنّه الأولى في الحكم من الولوغ ، فيتناوله الدليل بمفهوم الموافقة(٢) ، قال الوالدقدس‌سره : ولا بأس به(٣) .

وفي نظري القاصر أنّ أصل مفهوم الموافقة محل بحث على طريقة الأصحاب ؛ لأنّ العلّة لا بُدّ منها عند المحققين فيه ، والعلّة إمّا منصوصة أو مستنبطة ، والثانية ليست بحجة في غيره ، وليس في مفهوم الموافقة دليل على حجيتها ، بل الظاهر منهم نفي المستنبطة مطلقاً كما يعلم من الأُصول ، والأولى إذا تحققت جرى حكمها في كل موضع يتحقق فيه ، من غير فرق‌

__________________

(١) في ص ٣٩.

(٢) منهم المحقق والشهيد الثانيان في جامع المقاصد ١ : ١٩٠ والروضة ١ : ٦٣ وصاحب المدارك ٢ : ٣٩٠.

(٣) معالم الفقه : ٣٣٦.

١٧٢

بين كون المسكوت عنه أولى أو يساوي المنطوق.

وإذا علمت هذا فما نحن فيه لا يتم إذا لم يتحقق الولوغ حقيقة ، كما اعترفوا به ، فينبغي التأمّل في هذا ، فإنّي لم أجد من ذكره ، وفي الظن أنّ ذكر(١) مفهوم الموافقة بتبعيّة(٢) أهل الخلاف ، وعلى قواعدهم له وجه غير خفي ، والله أعلم بالحال.

قوله :

باب الماء القليل يحصل فيه شي‌ء من النجاسة‌

أخبرني أبو الحسين بن ابي جيد القمي ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمّد ؛ والحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الجنب يجعل الركوة (٣) والتور (٤) فيدخل إصبعه فيه قال : « إنّ كانت يده قذرة فأهرقه ، وإنّ كان لم يصبها قذر فليغتسل منه ، هذا ممّا قال الله تعالى ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٥) .

وبهذا الإسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن‌

__________________

(١) في « د » : أذكر.

(٢) في « فض » و « رض » : يتبعه.

(٣) الركوة : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء النهاية لابن الأثير ٢ : ٢٦١ ( ركا ).

(٤) التور : بالفتح فالسكون : إناء صغير من صفر أو خزف يُشرب منه ويتوضأ فيه ، مجمع البحرين ٣ : ٢٣٤ ( تور ).

(٥) الحج : ٧٨.

١٧٣

زرعة ، عن سماعة (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أصاب الرجل جنابة فأدخل يده في الإناء فلا بأس إذا لم يكن أصاب يده شي‌ء من المني ».

السند‌

قد تقدم الكلام في رجال الحديثين(٢) ، سوى الحسن بن سعيد وزرعة ، والحسن ثقة بغير ارتياب ، وزرعة ثقة واقفي كما ذكره النجاشي(٣) ، والحسين بن الحسن بن أبان في الأوّل معطوف على الصفار.

المتن :

ظاهر الحديث الأوّل بتقدير العمل به وجوب الإهراق ، والقائل بالوجوب موجود(٤) ، وتأويل المحقق في المعتبر بأنّ الإهراق كناية عن عدم الاستعمال في الطهارة(٥) . محل كلام ، كما ذكرناه في حاشية التهذيب.

وما تضمّنه قوله : « هذا ممّا قال الله » إلى آخره ، لا يخلو من خفاء ، فإنّ الإصبع مع الطهارة لا يناسب الآية ظاهراً ، ولعل الوجه في ذلك أن الجنب لو مُنع من إدخال شي‌ء في الماء لكان حرجاً ، إلاّ أنّ يكون العضو قذِراً.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٠ / ٤٧ : سماعة بن مهران.

(٢) راجع ص ٧١ ، ٣٩ ، ٤١ ، ١١٧ ، ١٦٢ ، ٧٠ ، ٧٢ ٨٣ ١٢٥ ، ١٠٨ ١١٠.

(٣) رجال النجاشي : ١٧٦ / ٤٦٦.

(٤) منهم الشيخان في المقنعة : ٦٩ والنهاية : ٦.

(٥) المعتبر ١ : ١٠٤.

١٧٤

وهذان الحديثان لو صحّا لدفعا قول ابن أبي عقيل(١) ، وإنّ كان الثاني فيه نوع إجمال. والعلاّمة في المختلف ذكرهما في الاستدلال لنجاسة القليل بالملاقاة قائلاً في توجيه الثاني : إنّه علّق نفي البأس على عدم الإصابة فيثبت معها قضية للشرط(٢) .

وقد يقال : إنّ البأس أعم من التحريم ، والأمر سهل ؛ لوجود أخبار معتبرة دالّة على نجاسة القليل ، كما سيأتي.

قوله :

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد ابن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جرّة وجد فيها خنفساء قد مات ، قال : « ألقه وتوضّأ منه ، وإنّ كان عقرباً فأرق(٣) الماء وتوضّأ من ماء غيره » وعن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذِر لا يدري أيهما هو ، وليس يقدر على ماء غيره ، قال : « يهريقهما ويتيمّم ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال : سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههنّ (٤) تطأ العذرة ثم تدخل في الماء ، يتوضّأ منه للصلاة؟ قال‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ١ : ١٣.

(٢) المختلف ١ : ١٤.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٨ : فأهرق.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٩ : وأشباههما.

١٧٥

« لا ، إلاّ أنّ يكون الماء كثيراً قدر كرّ من الماء » (١) .

السند‌

أمّا الأوّل : فقد تقدّم(٢) .

والثاني : تقدم طريق المصنف إلى محمّد بن أحمد بن يحيى(٣) ، والعمركي هو ابن علي البوفكي على ما في الخلاصة(٤) ، وتوثيقه في النجاشي(٥) .

وعلي بن جعفر حاله أشهر من أنّ يذكر.

المتن :

في الحديث الأوّل يدل على نجاسة القليل من جهة الإناءين ، فإنّ التيمم يقتضي ذلك لو صح الخبر ، وما تضمنه من إهراق الماء قد تقدّم فيه قول(٦) .

وقد حكى العلاّمة في المختلف عن صاحب النهاية الحكم بنجاسة ما يموت فيه العقرب من المياه ، ووجوب غسل الإناء والثوب والبدن ، ونقل الاستدلال برواية أبي بصير ، حيث قال فيها : قلت : والعقرب ، قال : « أرقه »(٧) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٩ : من ماء.

(٢) راجع ص ١١١ ، ٧٠ ٧١ ، ١٠٨ ١٠٩.

(٣) في ص ٤٩.

(٤) خلاصة العلاّمة : ١٣١ / ٢١.

(٥) رجال النجاشي : ٣٠٣ / ٨٢٨.

(٦) راجع ص ١٦٦.

(٧) التهذيب ١ : ٢٣٠ / ٦٦٤ ، الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب الأسآر ب ٩ ح ٥.

١٧٦

وأجاب العلاّمة بأنّه غير دال على التنجيس بجواز استناد الإراقة إلى وجود السم في الماء ، لا إلى نجاسة العقرب(١) . والأمر كذلك ، ومثله القول في الرواية المبحوث عنها.

ولبعض الأصحاب توجيه لإهراق الإناءين بالنسبة إلى التيمّم(٢) ، هو بالإعراض عنه حقيق.

وأمّا الخبر الثاني : فهو معدود في الصحيح ، ودلالته على نجاسة القليل بواسطة أنّ النهي عن الوضوء منحصر في علّتين : النجاسة أو سلب الطهورية ، والثاني متفق على نفيه ، فتعيّن الأوّل ، فلا يرد أنّ الرواية أخصّ من المدعى.

والظاهر من الرواية دخول الدجاجة والحمامة في الماء مع عين العذرة ، فلا يتوجه احتمال أنّ يكون مجرّد زوال العين غير مطهّر ؛ لأنّ هذا الحكم وإنّ كان فيه نوع إشكال ، إلاّ أنّ المشهور الطهارة ( بزوال العين وإن لم تغب )(٣) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيخ في التهذيب استدل على وجوب اجتناب الإناءين المشتبهين بحديث رواه عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهو طويل ، قال : سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو ، وليس يقدر على ماء غيرهما ، قال : « يهريقهما جميعاً ويتيمّم »(٤) .

__________________

(١) المختلف : ٥٨.

(٢) انظر من لا يحضره الفقيه ١ : ٧ ، والمقنع : ٩.

(٣) ما بين القوسين ليس في « د ».

(٤) التهذيب ١ : ٢٤٨ / ٧١٢.

١٧٧

وبرواية سماعة [ و(١) ] قد علمت حال رجالها ، ورواية عمار موثقة ، فغير العامل بالموثق قد يشكل الحال عنده في الحكم المذكور ، إلاّ أنّ الخلاف في الاجتناب ذكر الوالدقدس‌سره أنّه غير متحقق(٢) .

والمحقق في المعتبر قال : إنّ عليه الاتفاق ، وزاد على ذلك : أنّ يقين الطهارة في كل منهما معارض بيقين النجاسة ، ولا رجحان ، فيتحقق المنع(٣) .

واعترض عليه الوالدقدس‌سره بأنّ يقين الطهارة في كل واحد بانفراده إنّما يعارضه الشك في النجاسة لا اليقين(٤) .

ولقائل أنّ يقول : إنّ كلام المحقق والاعتراض غير محرّرين.

أمّا الأوّل : فلأن اشتباه الإناءين على نحوين ، أحدهما : أنّ يعلم نجاسة أحدهما ثم يشتبه بالآخر ، وثانيهما : أنّ يشتبه وقوع النجاسة في أيّهما ، وفي الأوّل لا وجه لدعوى يقين الطهارة في كل منهما ، وفي الثاني يقين الطهارة في كل واحد بانفراده لا يعارضه يقين النجاسة في كل واحد بانفراده ، وعلى الاجتماع لا يقين للطهارة ، لتعارضه بيقين النجاسة.

وأمّا الاعتراض : فما فيه يعلم ممّا قررناه.

أمّا ما احتجّ به في المختلف من [ أنّ(٥) ] اجتناب النجس واجب ، ولا يتم إلاّ باجتنابهما معاً(٦) ؛ فاعترض عليه شيخناقدس‌سره : بأنّ اجتناب‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٢) معالم الفقه : ١٦٠.

(٣) المعتبر ١ : ١٠٣.

(٤) معالم الفقه : ١٦٠.

(٥) أضفناه لاستقامة العبارة.

(٦) انظر المختلف ١ : ٨٢.

١٧٨

النجس لا يقطع بوجوبه إلاّ مع تحققه لا مع الشك(١) . ولا يخفى عليك بعد ما قررناه في كلام المحقق ما في اعتراض شيخناقدس‌سره وكلام العلاّمةرحمه‌الله .

( ثم إنّه ربما يقال في المقام : إنّ وجوب الاجتناب على تقدير تحقق النجاسة وحصول الاشتباه ، أنّ المانع كان يقين النجاسة ومع الاشتباه لا يقين في كل واحد ، وإذا ارتفع اليقين لا وجه للاجتناب ، ان من المقرر عند جماعة اعتبار اليقين دون الظنّ في النجاسة )(٢) .

ومثل هذا خطر في البال لكثير من المسائل ، مثل البئر في نجاسته بما لا نص فيه على القول بذلك ، والاختلاف في المقدار المطهر ، فيقال على تقدير يقين النجاسة قبل نزح شي‌ء من الأقل الذي ذهب إليه بعض(٣) يرتفع يقين النجاسة ، فينبغي الطهارة بنزح الثلاثين فيما لا نص فيه ، لا بالدليل الذي نقلوه من الرواية التي لا تصلح للاستدلال ، كما سيأتي(٤) . إنّ شاء الله.

ويمكن الجواب عن الجميع بأنّ النجاسة إذا ثبتت شرعاً يحتاج رفعها إلى ما أُعدّ الشارع ، ولم يثبت أنّ رفع اليقين مطهّر ، وهكذا نقول هنا مع اشتباه الإناءين ، أمّا على تقدير الاشتباه من أول الأمر في وصول النجاسة إلى أيّ الإناءين فيمكن أنّ يقال أيضاً : إنّ يقين الطهارة في كل واحد إذا لم يعارضه الشك لا يبقى ، بل قد ارتفع يقيناً مع الشك ، غاية الأمر أنّ يقين‌

__________________

(١) مدارك الاحكام ١ : ١٠٧.

(٢) ما بين القوسين كذا في النسخ ولعل الأنسب أن يقال : ثم إنّه ربما يقال في المقام : أنّه لا وجه للاجتناب على تقدير تحقق النجاسة وحصول الاشتباه ، إذ المانع كان يقين النجاسة ومع الاشتباه لا يقين في كل واحد ، وإذا ارتفع اليقين لا وجه للاجتناب ، إذ من المقرّر عند جماعة اعتبار اليقين دون الظنّ في النجاسة.

(٣) انظر مجمع الفائدة ١ : ٢٨٦ ومعالم الفقه : ٩٥.

(٤) الآتي في ص ٢٩٧.

١٧٩

الارتفاع لا يوجب الطهارة ، بل الشارع حكم بأنّ اليقين لا يرفعه إلاّ اليقين أو ما في حكمه على معنى بقاء حكمه ، والوجدان شاهد ، فقول بعض : إن يقين الطهارة لا يعارضه الشك ، في حيّز الإجمال ، لولا ما قلناه.

وقول شيخناقدس‌سره في توجيه الاجتناب على تقدير تعيّن نجاسة أحدهما ثم اشتباهه بأنّ المنع من استعمال ذلك المتعيّن متحقق فيستصحب(١) .

يشكل بما قدّمناه من أنّ زوال يقين النجاسة ينبغي أنّ يرفعها على القواعد المقررة من أنّ النجاسة لا تثبت بالظن.

وأنت خبير بعد هذا كله أنّ مع دعوى الاتفاق على الاجتناب بالإطلاق المتناول للصورتين لا ثمرة في البحث ، إلاّ أنّ يتنازع في دعوى الإجماع ، والاحتياط في مثل هذا مطلوب.

قوله :رحمه‌الله :

فأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن علي ابن أبي حمزة ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الساكن والاستنجاء منه ، قال(٢) « توضّأ من الجانب الآخر ، ولا تتوضّأ من جانب الجيفة ».

وعنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يمرّ بالميتة في الماء ، قال : « يتوضّأ من الناحية التي ليس فيها الميتة ».

وعنه ، عن القاسم بن محمّد ، عن أبان ، عن زكار بن فرقد ، عن‌

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ١٠٨.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢١ / ٥٠ : عن الماء الساكن يكون فيه الجيفة أيصلح الاستنجاء منه فقال.

١٨٠