إستقصاء الإعتبار الجزء ١

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501
المشاهدات: 45996
تحميل: 4307


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45996 / تحميل: 4307
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-173-7
العربية

وفي نظري القاصر أنّ هذا الجواب لا يتم عند الشيخ ومن يعمل بالأخبار من غير جهة الأسانيد ووصفها المعتبر ، فالإشكال على الشيخ ونحوه متوجه ، والمعارض غير صريح في كون الماء صار مسخناً.

نعم لو كان صريحاً أو استفيد من ظاهره ذلك أمكن أن يقال : إنّ الحديثين مع العمل بهما لا يصير ظن الضرر متحققاً ، نظراً إلى المعارض بل يصير شكاً ، وحينئذٍ يمكن الحمل على الكراهة.

والعجب من الوالدقدس‌سره أنّه لم يتعرض لتحقيق الحال في هذا ، ولعل العذر له ضعف الأخبار ، إلاّ أنّه ذكر الاعتراض والجواب قانعاً به ، فتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيخ في الخلاف اشترط في الحكم بالكراهة القصد إلى التسخين ، وجعل الإجماع مقيّداً به(١) ، وجماعة من الأصحاب لم يفرقوا(٢) ، ووافق الشيخ جماعة على اعتبار القصد(٣) .

والأخبار كما ترى لا تصلح للاعتماد ، والإجماع المدعى من الشيخ خاص بالقصد ، وربما يستفاد من الخبر الذي رواه إبراهيم بن عبد الحميد القصد ، فيؤيّد الإجماع ، إلاّ أنّ العلّة ربما تأبى ذلك ، والأمر سهل.

__________________

(١) الخلاف ١ : ٥٤.

(٢) منهم العلاّمة في نهاية الاحكام ١ : ٢٢٦ ، والشهيدان في البيان : ١٠٢ ، والذكرى ١ : ٧٨. وروض الجنان : ١٦١ ، والمسالك ١ : ٢٢ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ١٣٠.

(٣) منهم الحلي في السرائر ١ : ٩٥ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ٢٠.

٢٤١

أمّا لو زال التشميس(١) فالعلاّمة في التذكرة قال : احتمل بقاء الكراهة لعدم خروجه عن كونه مسخناً(٢) .

وفي الذكرى قطع الشهيد بالبقاء(٣) ، وتبعه جماعة ؛ مستدلّين بالاستصحاب ، والتعليل بخوف البرص ، وبصدق الاسم بعد الزوال ؛ إذ المشتق لا يشترط فيه بقاء أصله(٤) .

وفي الاستصحاب بحث ، وكذلك القول في المشتق ؛ لأنّ عدم اشتراط البقاء إنّما يكره زواله بطريان وصفٍ وجوديٍ يضادّه ، وفي المقام قد تحقّق المضادّ.

وما أجاب به الوالدقدس‌سره عن هذا : بأنّ الاشتقاق هنا من التسخين لا من السخونة(٥) ؛ ففيه نظر واضح.

وذكر بعض فضلاء المتأخّرين بأنّ الكراهة مشترطة بقلّة الماء(٦) ، وظاهر جماعة من المتأخّرين عدم الفرق(٧) ؛ لإطلاق النص والتعليل ، وفي المقام كلام ، إلاّ أنّ ضعف المستند يسهل الخطب ، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) في « د » : التسخين.

(٢) التذكرة ١ : ١٣.

(٣) الذكرى ١ : ٧٨.

(٤) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٢ ، وروض الجنان : ١٦١. والكركي في جامع المقاصد ١ : ١٣٠ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ٢٩١.

(٥) معالم الفقه : ١٧٣.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٩٢.

(٧) صرّح به الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٢ ، واستظهره في روض الجنان : ١٦١ ، والكركيّ في جامع المقاصد ١ : ١٣١.

٢٤٢

قوله :

أبواب حكم الآبار‌

باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء

إما اللون أو الطعم أو الرائحة‌

أخبرني الشيخ أبو عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما يقع(١) في البئر ، إلاّ أنّ ينتن ، فإنّ أنتن غسل(٢) الثوب ، وأُعيدت الصلاة ، ونزحت البئر ».

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد (٣) ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الفأرة تقع في البئر فيتوضّأ الرجل منها ويصلّي ( ولا يعلم ) (٤) أيُعيد الصلاة ويغسل ثوبه؟ قال : « لا يعيد الصلاة ولا يغسل ثوبه ».

السند‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب على ما قدمناه في أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد(٥) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٠ / ٨٠ وقع.

(٢) في « فض » زيادة : منه ، وفي « رض » : به.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣١ / ٨١ زيادة : ( ابن قولويه ).

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض » وفي الاستبصار ١ : ٣١ / ٨١ : وهو لا يعلم.

(٥) في ص ٣٩ ٤١.

٢٤٣

وفي التهذيب رواه عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن الحسن(١) ، وبيّنا في حاشيته أنّ الأولى ما هنا من غير نظرٍ إلى الاستبصار ، وبعد ما ترى الذي هنا يتبيّن الصواب.

واعتراض المحقق في المعتبر بأنّ حمّاداً مشترك بين موثق وغيره ، فلا يكون الخبر صحيحاً(٢) .

يدفعه : أنّ حمّاداً هو ابن عيسى على الظاهر ، كما يعلم من مواضع متعددة ، وقد نبّه على ما قلناه شيخناقدس‌سره في فوائده على الكتاب.

وأمّا الثاني : فقد تقدم القول في رجاله(٣) ما عدا عبد الله بن الصلت ، وهو ثقة بغير ريب ، والذي في الفهرست أنّ الراوي عنه أحمد بن أبي عبد الله(٤) ، فيكون هو أحمد بن محمّد ، لا ابن عيسى ، وفي أحمد بن أبي عبد الله نوع كلام(٥) .

المتن :

في الأول ظاهره عدم نجاسة البئر بمجرد ملاقاة النجاسة ، والحصر في النتن من الأوصاف لا يضر بالحال بعد ثبوت غيره.

وربما يستفاد من الحديث عدم وجوب النزح ؛ لإطلاق عدم إعادة الصلاة.

وعلى ما يفهم من كلام الشيخ بنوع من الاحتمال أنّ إعادة الصلاة لا بُدّ منها إذا لم يتحقق النزح يدفعه الخبر ، وستستمع الكلام في ذلك إن‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٣٣ / ٦٧٠ ، الوسائل ١ : ١٧٣ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٠.

(٢) المعتبر ١ : ٥٧.

(٣) راجع ص : ١١٤ ، ١٣٩ ، ١٦٠.

(٤) الفهرست : ١٠٤ / ١٨٢.

(٥) قال النجاشي : كان ثقة في نفسه ، يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل. رجال النجاشي : ٧٦ / ١٨٣.

٢٤٤

شاء الله(١) .

ولفظة « من » في قوله : « مما وقع » للسببية.

وفي المختلف حكى عن الشيخ في النهاية أنّه قائل بنزح الماء أجمع مع التغير ، فإن تعذر نزح إلى أن يزول التغير ، وأنّه احتج بهذه الرواية.

وأجاب العلاّمة : بأنّه لا بُدّ في الحديث من إضمار ، وليس إضمار جميع الماء بأولى ( منه بإضمار )(٢) بعضه ، المحمول على ما يزول به التغير(٣) .

وقد ذكرت في حاشية التهذيب ما يتوجه على كلام العلاّمة بنوع تطويل ، ومحصّله : أنّ زوال التغير لا ينحصر في البعض ، فإضمار البعض الذي يزول به التغير لا أولوية له ، بل الأولى على تقدير التغير حمل قوله : « نزحت البئر » على ما يزول به التغير ؛ لأنّها لا تخرج عن الإطلاق وغيرها عن التقييد ، فلا يضمر الجميع ولا البعض بخصوصهما.

فإن قلت : لفظ « نزحت البئر » حقيقة في الجميع ، ومجاز في البعض ، فكيف يقول العلاّمة ليس بأولى؟.

قلت : لعل مراده أنّ « نزحت البئر » مجاز ، فلا بُدّ من إضمار ، وليس إضمار الجميع أولى من إضمار البعض.

وقد يقال : إنّ « نزحت البئر » قد صار حقيقة عرفية في نزح الجميع ، ولو لم يكن حقيقة عرفية فتقدير ماء البئر كأنّه معلوم ، وظاهره الجميع.

والحق أنّ الخبر بعد ورود غيره مما سنذكره(٤) لا يخرج عن الإجمال.

__________________

(١) في ص : ٢٣٧.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر : من إضمار.

(٣) المختلف ١ : ٢٧ ٢٩.

(٤) يأتي في ص : ٢٤٨.

٢٤٥

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره الوالدقدس‌سره : من أنّا نحمله على نزح الأكثر ؛ ( لتوقف زوال التغيّر عليه ، كما يشعر به قوله : إلاّ أنّ ينتن ، وإطلاق نزح البئر على نزح أكثره )(١) جائز ، ولو بطريق المجاز ، لضرورة الجمع(٢) .

محل بحث ؛ لأنّه إنّما يتم على أنّ يكون تقدير ماء البئر في الحديث معلوماً ، ليحمل على الأكثر مجازاً ، أمّا لو جعل المجاز في الإسناد فلا ، بل يرجع الإجمال ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الوالدقدس‌سره احتجّ لنزح أكثر الأمرين من المقدّر وزوال التغيّر ، بأنّ الدليل الدال على نزح المقدر مع عدم التغيّر يدل على وجوب المقدّر مع التغيّر بطريق أولى(٣) .

وفي نظري القاصر أنّه غير تام ؛ لأنّ مفهوم الموافقة بتقدير تمامه إنّما هو يصلح للاستدلال إذا لم يعارضه المنطوق ، وهو موجود في الخبر الصحيح الدال على أنّ زوال التغيّر مطهّر.

وما عساه يتوجه على هذا من أنّ الخبر الدال على أنّ زوال التغيّر كاف لا يخرج عن احتمال التقييد بما يدل عليه مفهوم الموافقة.

فيه : أنّ الظاهر خلاف ذلك ، وأنّ زوال التغيّر كاف ، والخبر هو صحيح ابن بزيع الآتي عن قريب(٤) وما ذكرناه هنا على سبيل الاختصار ، وفي غير هذا الكتاب قد بسطنا الكلام ، ولعل في هذا كفاية إنّ شاء الله تعالى.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من « د ».

(٢) منتقى الجمان ١ : ٥٨ ، معالم الفقه : ٣٣.

(٣) معالم الفقه : ٣٣ ، منتقى الجمان ١ : ٥٨.

(٤) الآتي في ص ٢٤٣.

٢٤٦

بقي في الحديث شيئان ، أحدهما : أنّ العموم في قوله : « مما وقع في البئر » شامل للمنصوص الذي له مقدّر وغيره ، وعلى تقدير الحكم بأكثر الأمرين في المقدّر ينبغي الاكتفاء بزوال التغيّر في غير المنصوص ، لا أكثر الأمرين مما ثبت لغير المنصوص وزوال التغير ، كما هو أحد الأقوال ، وسيأتي إنّ شاء الله ذكر ما قيل في الاستدلال لغير المنصوص(١) .

وثانيهما : أنّ الحكم بإعادة الصلاة مع التغيّر يتناول الوقت وخارجه ، كما يستفاد من الأخبار في إطلاق الإعادة على خارج الوقت ، والحكم وإن لم يكن إجماعياً في الإعادة مطلقاً إذا استعمل الماء المتغيّر في الوضوء أو الغسل ؛ إذ العلاّمة نقل في المختلف قولاً بعدم الإعادة في خارج الوقت ، إذا كان الوضوء بغير الماء الطاهر أو الغسل(٢) ، غير أنّ ظاهر المتأخّرين أنّه لا خلاف في ذلك.

وسيأتي ذكر ما لا بُدّ منه في ذلك إنّ شاء الله تعالى في محله(٣) .

ولعل الإجماع متأخّر عن القائل ؛ فإنّ المنقول عن الشيخ ذلك(٤) ، لكن ظاهر الحديث المبحوث عنه الشمول لنجاسة الثوب والبدن ، والإعادة مطلقاً فيهما غير سليمة من المعارض ، وسيأتي أيضاً ، وحينئذٍ فالحديث من هذه الجهة لا يخلو من إجمال.

وأمّا الخبر الثاني : فغير خفيّ أنّ فيه احتمال كون عدم إعادة الصلاة وغسل الثوب لعدم العلم بالتقدم على المباشرة ، وأصالة عدم التقدم يقتضي‌

__________________

(١) الآتي في ص ٢٩٧ ٢٩٨.

(٢) المختلف ١ : ٧٤.

(٣) انظر ص ٢٣٩.

(٤) نقله عنه في المختلف ١ : ٧٤ وهو في المبسوط ١ : ١٣ و ٣٨.

٢٤٧

ذلك ، إلاّ أنّ ترك الاستفصال من الإمام عن ظهور القرائن الدالة على التقدم وعدمها عند السائل يفيد العموم ، كما هو مقرّر في الأُصول.

وربما يدعى أنّ قول السائل : ولا يعلم ، يفيد خلاف ذلك. وفيه ما فيه.

ثم إنّ الفأرة لا ذكر في الخبر لموتها ، فربما كان الحكم المذكور لعدم نجاسة عينها ، كما تقدم فيه القول(١) ، إلاّ أنّ ترك الاستفصال في الخبر يفيد العموم للموت.

قوله :

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سئل عن الفأرة تقع في البئر لا يعلم بها إلاّ بعد ما يتوضّأ منها ، أتعاد الصلاة؟ قال : « لا ».

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن أبي عيينة ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الفأرة تقع في البئر ، قال : « إذا خرجت فلا بأس ، وإنّ تفسخت فسبع دلاء » قال : وسئل عن الفأرة تقع في البئر فلا يعلم بها أحد إلاّ بعد ما يتوضّأ منها ، أيعيد وضوءه وصلاته ، ويغسل ما أصابه؟ فقال : « لا ، قد استعمل أهل الدار (٢) ورشّوا ».

__________________

(١) راجع ص ١٨٣ ١٩٠.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣١ / ٨٣ : « بها ».

٢٤٨

السند :

في الأول : لا يخلو من خلل ، والصواب عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الصفار ، كما لا يخفى.

ورجال السند لا ارتياب فيهم بعد ما قدمناه(١) ، سوى علي بن الحكم ؛ فإنّه قد يظن فيه الاشتراك بين موثق وغيره(٢) .

والحق على تقدير الاشتراك أنّ هذا هو الثقة ، بقرينة رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه ، كما يستفاد من الرجال(٣) .

واحتمال أحمد بن محمّد لغير ابن عيسى ، يدفعه الظهور ، نظراً إلى تكرّر ذلك ، لا من جهة أنّ الراوي عن ابن عيسى الصفار مع غيره ؛ لأنّ الصفار يروي عن أحمد بن أبي عبد الله أيضاً ، كما يعلم من الرجال(٤) .

وفي الثاني : ليس فيه من ينافي الصفحة بعد محمّد بن قولويه كما قدمناه(٥) سوى أبي عيينة ؛ فإنّه مجهول الحال.

المتن :

في الأوّل : حكمه ما تقدم في السابق من جميع ما ذكرناه.

وفي الثاني : دلالة على أنّ الفأرة لا تؤثّر مع الحياة في البئر شيئاً ، ومع الموت إنّ تفسخت سبع دلاء.

__________________

(١) راجع ص ٣٩ ٤٠ ، ١٩٦ ، ١٧٤.

(٢) انظر هداية المحدثين : ٢١٦.

(٣) الفهرست : ٨٧ / ٣٦٦.

(٤) الفهرست : ٢٢.

(٥) راجع ص ١١١ ١١٣.

٢٤٩

وما تضمّنه من السؤال عن الفأرة التي تقع في البئر ، ولا يعلم بها أحد إلاّ بعد الوضوء وما معه.

يمكن أنّ يقال فيه ما تقدم ، إلاّ أنّ الجواب منهعليه‌السلام بقوله : « قد استعمل أهل الدار ورشّوا » لا يوافق ذلك.

ولعل التوجيه : بأنّه تقريب لخاطر السائل لبُعد تنبّهه من جهة أنّ الأصل عدم التقدم فلا يلزم إعادة الوضوء.

ممكن ، إلاّ أنّ الإشكال المتقدم من احتمال وجود أمارات التقدم يأتي هنا.

ولعل الأولى في التوجيه أنّ البئر لا تنجس بالملاقاة ، وإنّما النزح لحصول النفرة ، فإذا رفع من البئر لرشّ الدار حصل المطلوب من النزح ، غاية الأمر أنّ ذكر الاستعمال لا يوافق هذا.

ويحتمل أنّ يكون المراد بالاستعمال إخراج الماء للرشّ.

ويحتمل أنّ يراد أنّ استحباب النزح إنّما هو إذا لم يعارضه معارض ، واستعمال البئر في الرشّ وغيره يسقط ذلك ؛ لحصول نوع حرج ، إلاّ أنّ هذا لا يلائم عدم النجاسة كما لا يخفى.

وأنت خبير بأنّ ضعف الرواية يسهّل معه الخطب ، وباب الاحتمال واسع.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه سيجي‌ء من المصنف في حكم الفأرة أنّ التسلخ يقتضي نزح سبع دلاء ؛ لرواية تأتي(١) ، وهو يدل على أنّ التسلخ والتفسخ واحد.

__________________

(١) الآتي في ص ٢٨١ ٢٨٣.

٢٥٠

وبُعده واضح ، بل الظاهر أنّ أحدهما يقتضي السبع على تقدير العمل بالخبرين ، وسيأتي إنّ شاء الله الكلام في ذلك(١) ، إلاّ أنّ هذا الحديث يفيد بظاهره عدم الفرق بين التسلخ والتفسخ في سقوط النزح مع الرشّ ، ولم يذكر المصنف الحديث فيما سيأتي ، فلا أدري الوجه في ذلك.

قوله :

وبهذا الاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن أبي أُسامة وأبي يوسف يعقوب بن عثيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء » قلنا : فما تقول في صلاتنا ووضوئنا وما أصاب ثيابنا؟ فقال : « لا بأس به ».

أحمد بن محمّد بن أبي نصير ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : بئر يستقى منها ويتوضّأ به وغسل منه الثياب وعجن به ، ثم علم أنّه كان فيه ميّت ، قال : « لا بأس ، ولا يغسل الثوب ، ولا تعاد منه الصلاة ».

قال محمّد بن الحسن : ما يتضمن هذه الأخبار من إسقاط الإعادة في الوضوء والصلاة عمّن استعمل هذه المياه لا يدل على أنّ النزح غير واجب مع عدم التغيّر ؛ لأنّه لا يمتنع أنّ يكون مقدار النزح في كل شي‌ء يقع فيه واجباً وإنّ كان متى استعمله لم يلزمه إعادة الوضوء والصلاة ؛ لأنّ الإعادة فرض ثان ، فليس لأحد أنّ يجعل ذلك‌

__________________

(١) الآتي في ص ٢٨١ و ٢٨٣.

٢٥١

دليلاً على أنّ المراد بمقادير النزح ضرب من الاستحباب.

على أنّ الذي ينبغي أنّ يعمل عليه هو أنّه إذا استعمل هذه المياه قبل العلم بحصول النجاسة فيها فإنّه لا يلزمه إعادة الوضوء والصلاة ، ومتى استعملها مع العلم بذلك لزمه إعادة الوضوء والصلاة.

السند‌

في الأول : واضح ( في غير أبان )(١) ، إذ لا ارتياب في رجاله بعد ما قدّمناه(٢) .

وأبو أُسامة : هو زيد الشحام ، ثقة ، وجهالة أبي يوسف لا تضرّ بالحال.

( وأمّا أبان فلا يبعد ادّعاء ظهور كونه ابن عثمان عند الإطلاق ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع )(٣) .

وفي الثاني : غير واضح الصحة مع عدم ذكر الطريق إلى أحمد في المشيخة ، مضافاً إلى أن عبد الكريم وهو ابن عمرو بقرينة رواية أحمد عنه واقفي ، وإنّ كان ثقة كما في النجاشي(٤) ، وأبو بصير حاله قد سبق ذكرها مكرّراً(٥) .

المتن :

في الأول : ظاهر في نزح السبع للفأرة سواء تفسخت أم لا ، والخبر‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض » و « رض ».

(٢) راجع ص ١٥٣ ، ١٩٦ ، ٢٣٥.

(٣) ما بين القوسين ليس في « فض » و « رض ».

(٤) رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٥.

(٥) راجع ص ٧٢ ، ٨٣ ، ١٢٥.

٢٥٢

السابق قد علمت تقييده ، فيحتمل حمل هذا عليه ، وما تضمنه من حكم الصلاة كالصريح في أنّ البئر لا تنجس بالملاقاة ، وكلام الشيخ فيما يأتي ستسمع القول فيه(١) .

والوالدقدس‌سره ـ ( في المعالم )(٢) لم يوصف هذه الرواية بالصحة(٣) ، ولا أدري وجهه ، إلاّ أنّ يكون أخذها من غير هذا الكتاب ، فإنّ المعهود منه عدم التوقف في محمّد بن قولويه ، ولا في علي بن الحكم الراوي عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، ولا في أبان.

وفي الثاني : كالأول في ظهور عدم نجاسة البئر بالملاقاة ، والميت فيه لا يضر إطلاقه ؛ للعلم بأنّ المراد النجس.

وما قاله الشيخرحمه‌الله في توجيه الأخبار في غاية البعد ؛ لأنّ الإعادة إنّ أراد بها القضاء فالحق أنّها فرض ثان ، لكن تعيّن إرادة القضاء غير معلوم.

ولو سلم أشكل الحال في الثياب ؛ فإنّ عدم غسلها غير ظاهر الوجه ، مع تضمن بعض الأخبار ذكرها مع الوضوء.

وما قد يقال : من انّ الإعادة إذا اختل الوضوء لا ريب فيها فكيف يحكم الشيخ بعدمها؟

فقد قدّمنا نقل القول عن العلاّمة في المختلف ، وأنّه حكاه عن الشيخ(٤) ، والكلام هنا كالصريح فيه ، غير أنّي لم أستثبت كون الشيخ ذاكراً‌

__________________

(١) يأتي في ص ٢٤٠.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٣) معالم الفقه : ٦١.

(٤) راجع ص ٢٣٣.

٢٥٣

هنا مذهبه ؛ لأنّه مضطرب في ذلك.

أمّا ما قاله الشيخ : من أنّ الذي ينبغي أنّ يعمل عليه ، قد أوضح الوالدقدس‌سره مرامه فيه بما هذا لفظه : والذي فهمته من كلامه في الكتابين يعني التهذيب والاستبصار أنّه يقول بعدم الانفعال بمجرد الملاقاة ، لكنه يوجب النزح ، فالمستعمِل لمائها بعد ملاقاة النجاسة له وقبل العلم لا يجب عليه الإعادة أصلاً ، سواءً في ذلك الوضوء والصلاة وغسل النجاسات وغيرها ، والمستعمِل له بعد العلم بالملاقاة يلزمه إعادة الوضوء والصلاة ؛ لأنّه منهي عن استعماله قبل النزح ، والنهي يفسد العبادة ، فيقع الوضوء فاسداً ويتبعه فساد الصلاة ، وكذا غيرها من العبادات(١) ، انتهى كلامهقدس‌سره .

وفي نظري القاصر أنّ كلام الوالدقدس‌سره محل تأمّل ، أمّا في عبارة التهذيب(٢) فقد ذكرت ما فيه في الحاشية.

وأمّا عبارة الإستبصار فهو وإنّ لم يذكر فيها حكم الثياب ، ففي التهذيب صرّح به في كونه كالوضوء ، ومعه لا يتم كلام الوالدقدس‌سره .

ثم إنّ النهي عن الاستعمال قبل النزح غير معلوم من الأخبار ، واحتمال كون النهي من جهة استلزام الأمر بالشي‌ء النهي عن ضدّه إنّما يتم على تقدير تضيق النزح ، ولم يعلم أيضاً.

إلاّ أنّ الحق عدم بعد عبارة الإستبصار عن قول الوالدقدس‌سره ، بخلاف عبارة التهذيب ، كما يعلمه من وقف على كلامنا في حاشيته.

أمّا ما يدل عليه قول الشيخ : من أنّ الإعادة فرض ثان ، فهو مناف لإطلاق الإعادة مع العلم ، إلاّ بتأويل متكلف ، كما أنّ العلم المذكور في‌

__________________

(١) معالم الفقه : ٣٠.

(٢) معالم الفقه : ٣٠.

٢٥٤

كلامه بوقوع النجاسة لا يوافق المطلوب ؛ إذ الذي ينبغي العلم بوجوب النزح إلاّ بتكلف أيضاً ، فليتأمّل.

قوله :

والذي يدل على ذلك ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل الذي يجد في إنائه فأرة وقد توضّأ من ذلك الإناء مراراً ، وغسل منه ثيابه ، واغتسل منه ، وقد كانت الفأرة متسلخة (١) ، فقال : « إنّ كان رآها في الإناء قبل أنّ يغتسل أو يتوضّأ أو يغسل ثيابه ، ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أنّ يغسل ثيابه ، ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ، ويعيد الوضوء والصلاة ، وإنّ كان إنّما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمسّ من الماء شيئاً ، وليس عليه شي‌ء ؛ لأنّه لا يعلم متى سقط فيه » ثم قال : « لعله أنّ يكون إنّما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها ».

السند‌

غير مذكور في المشيخة الطريق إلى إسحاق بن عمار فهو مرسل ، وإسحاق بن عمار فطحي ثقة على قول الشيخ في الفهرست(٢) ، والنجاشي وثّقه من غير ذكر كونه فطحياً(٣) ، وقد تقدم منا كلام في مثل هذا(٤) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢ / ٨٦ : متفسخة.

(٢) الفهرست : ١٥ / ٥٢.

(٣) رجال النجاشي : ٧١ / ١٦٩.

(٤) راجع ص ١٠٨.

٢٥٥

وفي الفقيه روى هذه الرواية عن عمار بن موسى الساباطي(١) ، وطريقه إليه من الموثق(٢) ، فما أدري الشيخ سبق قلمه إلى إسحاق بن عمار ، أو هي رواية أُخرى عن إسحاق.

( فإنّ قلت : قد ذكر الشيخ في الفهرست أنّ لإسحاق أصلاً معتمداً عليه أخبرنا به الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن ابن أبي عمير ، عن إسحاق(٣) ، وهذا الطريق صحيح.

قلت : إنّما تظهر فائدة الصحة لو علم أنّ الخبر من أصله ، واحتمال كونه من مروياته حاصل ، فلا يفيد غيره كما لا يخفى )(٤) .

المتن :

صريح الدلالة في أنّ مراد الشيخ غير ما ذكره الوالد(٥) قدس‌سره بل الذي يقتضيه النظر بعد ذكر الرواية أنّه يقول بنجاسة البئر ، ويعتبر العلم بالنجاسة وعدمه.

وإنّ كان غرضه غير مدلول الرواية ، وإنّما أتى بها للاستدلال على أنّ عدم العلم لا يؤثّر في بطلان العبادة في مثل الإناء ، وإنّ كان الفرق حاصلاً من حيث إنّ الإناء ينجس بخلاف البئر ، إلاّ أنّ المراد الاستشهاد على أنّ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٤ / ٢٦.

(٢) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٤.

(٣) الفهرست : ١٥ / ٥٢.

(٤) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « رض ».

(٥) معالم الفقه : ٣٠.

٢٥٦

المؤثّر العلم.

ففيه : أنّ هذا لا دخل له في مطلوب الشيخ ، على ما قرّره الوالدقدس‌سره من حيث النهي عن الاستعمال ، كما يعلم بالتأمّل الصادق ، والله تعالى هو أعلم بالحقائق.

إذا عرفت هذا فاعلم انّ شيخناقدس‌سره قال في بعض فوائده على الكتاب : لا يخفى أنّ ما سبق من الروايات قد تضمن عدم إعادة غسل الثياب ، وذلك لا يجامع الحكم بنجاسة الماء ، وارتكاب القول بنجاسته مع عدم وجوب غسل الثياب التي غُسِلت به قبل العلم بالنجاسة بعيد جدّاً ، خصوصاً مع انتفاء الدليل على ذلك. انتهى.

وفي نظري القاصر أنّ هذا الكلام إنّ كان على قول الشيخ : ما يتضمن هذه الأخبار من إسقاط الإعادة في الوضوء ، فالشيخ غير مصرح بنجاسة الماء ، إلاّ من(١) حيث ذكر الرواية الأخيرة ، وقد علمت أنّها للاستدلال على سبق العلم وعدمه ، وحينئذٍ عدم إعادة غسل الثياب لعدم العلم بالنجاسة وبعدمها على ما ظنه الشيخ.

وإنّ كان كلام شيخناقدس‌سره على قوله : على أنّ الذي ينبغي ، فالحال ما سمعته.

وقول شيخناقدس‌سره : إنّ ارتكاب القول بالنجاسة ، إلى آخره لا وجه له ؛ إذ لا يمكن القول بذلك على ما فهمهقدس‌سره وكلام الشيخ في جهة أُخرى ، بتقدير اعتماده على المستفاد من خبر إسحاق ، فليتأمّل.

__________________

(١) في « د » زيادة : قوله أخيراً : على أنّ الذي ينبغي ، إلى آخره.

٢٥٧

قوله : فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الرضاعليه‌السلام قال : « ماء البئر واسع لا يفسده(١) شي‌ء ، إلاّ أنّ يتغيّر ريحه أو طعمه ، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه ؛ لأنّ له مادّة ».

فالمعنى في هذا الخبر أنّه لا يفسده شي‌ء إفساداً لا يجوز الانتفاع بشي‌ء منه ، إلاّ بعد نزح جميعه ، إلاّ ما يغيّره ، فأمّا ما لم يتغيّر فإنّه ينزح منه مقدار ، وينتفع بالباقي على ما بيّناه في(٢) تهذيب الأحكام.

السند‌

ليس فيه ارتياب بعد ما قدّمناه : من أنّ طريق الشيخ إلى أحمد بن محمّد معتبر(٣) .

ومحمّد بن إسماعيل : هو ابن بزيع الثقة الجليل.

المتن :

لا يخلو قولهعليه‌السلام : « ماء البئر واسع » من إجمال ، ولعل المراد حكم ماء البئر ، وحذفه للعلم به.

واحتمال كون الماء واسعاً باعتبار المادّة بخلاف المحقون ، يتوقف على أنّ التعليل راجع إلى ذلك ، وفيه احتمالات :

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٣ / ٨٧ : لا ينجسه.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٣ / ٨٧ زيادة : كتاب.

(٣) راجع ص ١٧٥.

٢٥٨

أحدها : وهو الذي فهمه جماعة منهم الوالد(١) قدس‌سره ، وشيخنا(٢) قدس‌سره أنّ التعليل لعدم الإفساد.

وثانيها : أنّه راجع إلى كون ماء البئر واسعاً ، وهذا يجامع التعليل بعدم الإفساد كما لا يخفى.

وثالثها : أنّ يكون التعليل راجعاً لذهاب الريح وطيب الطعم ، كما يقال : لازم غريمك حتى يعطيك حقك ، لأنّه يكره ملازمتك.

ورابعها : أنّ يعود إلى الجميع.

وفي نظري القاصر أنّ العود إلى الأخير خاصة وإنّ قرب ، إلاّ أنّ العود إلى الجميع أعم فائدة كما لا يخفى ، غاية الأمر أنّ الاحتمال إذا انفتح بأنه للأخير خاصة لا يبقى في الحديث صلاحيّة للاستدلال على أنّ الماء الجاري إذا كان أقل من كرّ لا ينجس بالملاقاة ، كما يقوله بعض(٣) .

والوالدقدس‌سره عمدة استدلاله على ردّ هذا القول بالتعليل(٤) ، كما ذكرناه في موضعه من حاشية الروضة.

أمّا ما قاله الشيخرحمه‌الله من أنّ المراد بالحديث لا يفسده إفساداً ، إلى آخره فمراده به أنّ المنفي إفساد خاص ، وهو الإفساد الذي لا ينتفع به إلاّ بنزح الجميع ، أمّا الإفساد الذي يزول بنزح البعض فليس بمنفي ، فقوله : إلاّ بعد نزح جميعه ، من متعلقات الإفساد المنفي ، وقوله : إلاّ ما يغيّره ، استثناء من النفي.

__________________

(١) معالم الفقه : ٣٢.

(٢) مدارك الاحكام ١ : ٥٥.

(٣) مدارك الاحكام ١ : ٣٠.

(٤) انظر معالم الفقه : ٣٢ و ١١١.

٢٥٩

وما أورده عليه شيخناقدس‌سره في بعض فوائده على الكتاب : من(١) أنّ عدم الانتفاع بشي‌ء من ماء البئر يتحقق مع عدم التغيّر في كثير من النجاسات عند القائلين بالتنجيس ، كما أنّه قد يجوز الانتفاع بالباقي إذا زال التغيّر بنزح البعض ، فإطلاق القول بعدم جواز الانتفاع بشي‌ء مع التغيّر ، وجوازه مطلقاً بدونه غير مستقيم(٢) .

فيه نظر يعرف مما قرّرناه في حلّ كلام الشيخ.

وما أوردهقدس‌سره من بعض الصور ، لا يضرّ بحال الشيخ ؛ لأن التخصيص للعام واقع ، غير أنّ معنى الحديث كما قاله الشيخ ، بواسطة إرادة الجمع بينه وبين ما دل على المقدّر.

نعم الحمل على الاستحباب في المقدّر أولى ، أمّا عدم استقامة كلام الشيخ ، ففيه ما عرفت.

وما قاله شيخناقدس‌سره في الفائدة أيضاً : من أنّ الرواية واضحة الدلالة على عدم نجاسة البئر بدون التغيّر ؛ لأنّه نفى الإفساد عنه بدون التغيّر على وجه العموم ، فتكون النجاسة منفية ؛ لأنّها أقوى أنواع الإفساد ، بل الظاهر أنّ المراد بها النجاسة ، كما يقتضيه المقام والوصف بالسعة والاستثناء.

لا يخلو من وجاهة ، غير أنّ السعة قد تقدم ذكر الإجمال فيها(٣) .

وما قد يتخيل من أنّ العموم لا صفة له فجوابه أنّ الفعل في حكم النكرة.

أما ما قاله شيخناقدس‌سره : من أنّ هذه الرواية تدل على عدم وجوب‌

__________________

(١) في « فض » و « رض » زيادة : أنه يتوجّه عليه من.

(٢) العبارة موجودة في مدارك الأحكام ١ : ٥٦.

(٣) راجع ص ٢٤٤ ٢٤٦.

٢٦٠