إستقصاء الإعتبار الجزء ١

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501
المشاهدات: 45999
تحميل: 4307


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45999 / تحميل: 4307
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-173-7
العربية

الحسين بن الحسن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم ، عن علي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الفأرة تقع في البئر قال : « سبع دلاء » قال : وسألته عن الطير والدجاجة تقع في البئر قال : « سبع دلاء ».

فأما ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه « إنّ عليّاًعليه‌السلام كان يقول في الدجاجة ومثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان وثلاث(١) ، فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو عشرة ».

فالوجه في هذا الخبر أنّ نحمله على الجواز ، والأوّل على الفضل والاستحباب ، ويكون العمل على الأول أولى ، لأنّا متى عملنا على الخبر الأوّل دخل هذا الخبر فيه ، ويكون قد عملنا بالاحتياط وتيقّنا الطهارة ، وإذا عملنا بهذا لم نكن واثقين بالطهارة ، ويمكن(٢) أنّ يكون الأوّل المعنى فيه : إذا تفسخ ، والثاني إذا مات فاخرج في الحال.

السند‌

في الخبرين قد تقدم فيه ما يغني عن الإعادة.

المتن :

ما قاله الشيخ في الثاني من الحمل على الجواز ، كأنّ مراده به الإجزاء أو جواز الاقتصار عليه ، والاستحباب في الأوّل كأنّه أحد الفردين الواجبين‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣ / ١٢٢ : أو ثلاثة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٢ يوجد : أيضاً.

٣٢١

عند الشيخ ، ويحتمل الاستحباب في الزيادة ، ولا يخفى اشتمال الثاني على دلوين وثلاث ، فلا يتم إطلاق الشيخ ، وبقية كلامه مضى في مثلها القول.

أمّا الحمل الثاني فيشكل بأنّ صحيح زيد الشحام ينافيه حيث قال فيه : في الفأرة والسنور والدجاجة والكلب والطير « إذا لم يتفسخ يكفيك خمس دلاء »(١) فإنّ ظاهره الخمس إذا لم يحصل التفسخ ، ومقتضى الخبر المبحوث عنه اعتبار الدلوين والثلاث ، نعم اعتبار السبع للتفسخ ربما يوافقه صحيح زيد.

وفي بعض الأخبار المعتبرة أنّ الطير ينزح له دلاء(٢) والجمع بينها وبين ما نحن فيه سهل بحمل المطلق على المقيد لو صحت الأخبار من الجانبين ، فلا ينبغي الغفلة عن ذلك.

قال :

باب البئر يقع فيها الدم القليل أو الكثير‌

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه محمّد بن يحيى (٣) ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري ، عن العمركي ، عن عليّ بن جعفر ، ( عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام ) (٤) قال : سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت ووقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دماً هل يتوضّأ من ذلك البئر؟ قال : « ينزح منها ما بين الثلاثين‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٣٧ / ٦٨٤ ، الوسائل ١ : ١٨٤ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٧.

(٢) التهذيب ١ : ٢٣٦ / ٦٨٢ ، ٢٣٧ / ٦٨٥ ، ٢٣٧ / ٦٨٦ ، الوسائل ١ : ١٨٢ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٢ ، ص ١٨٤ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٦.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٣ لا يوجد : محمّد بن يحيى.

(٤) الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٣ : زيادة في « ج ».

٣٢٢

إلى الأربعين دلواً ويتوضّأ ولا بأس » (١) قال : وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر هل يصلح أنّ يتوضّأ منها؟ قال : « ينزح منه دلاء يسيرة ثم يتوضّأ منها » وسألته عن رجل يستقى من بئر فرعف فيها هل يتوضّأ منها؟ قال : « ينزح منها دلاء يسيرة ».

السند‌

ليس فيه ارتياب بعد ما قدّمناه.

المتن :

ظاهر صدره نزح ما بين الثلاثين إلى الأربعين لدم ذبح الشاة ، واحتمال الاختصاص بمورد النص لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّي لا أعلم القائل بذلك.

والمنقول عن الشيخ القول بالخمسين للدم الكثير(٢) ، وصريح كلام الشيخ هنا فيما يأتي أنّ الدم الكثير له هذا المقدر(٣) ، واعتبار الخمسين لم أقف على دليله.

والمفيد صرح في المقنعة : بأنّ الدم الكثير ينزح له عشر دلاء(٤) . واستدل له الشيخ في التهذيب برواية محمّد بن إسماعيل الدالة على نزح الدلاء موجّهاً بأنّ أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة ، فيجب أنّ نأخذ‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٣ يوجد : به.

(٢) المبسوط ١ : ١٢.

(٣) في « رض » : المقدار.

(٤) المقنعة : ٦٧.

٣٢٣

به ؛ إذ لا دليل على ما دونه(١) .

واعترض عليه بوجوه.

منها : ما يذكره المصنف فيما بعد من دلالته على الدم القليل.

ومنها : أنّه مبنيّ على كون الدلاء جمع قلة كما يدل عليه قوله : وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع. وليس الأمر كذلك ، لانحصار جموع القلة فيما ليس هذا منه ، فيكون من جموع الكثرة ، وقد ذكر في التهذيب : أنّه يدل على ما فوق العشرة في موت الكلب وشبهه.

ومنها : أنّ حمل الدلاء على جمع القلة يقتضي الاجتزاء بأقلّ مدلولاته وهو الثلاثة ، لأنّ إطلاق اللفظ ، يدلّ على أن المطلوب تحصيل بالماهية ، فإذا حصل بالأقل كان الزائد منفيّاً بالأصل.

وهذه الاعتراضات ارتضاها الوالد(٢) قدس‌سره ، وفي نظري القاصر أنّها محل بحث.

أمّا أوّلاً : فلأنّ مطلوب الشيخ إضافة العشرة إلى هذا الجمع تقديراً ، لا أنّ العشرة تراد من الدلاء من دون الإضافة ، وما ذكر في الاعتراض يتم مع الثاني ، نعم يتوجه على الشيخ أنّ التقدير لا دليل عليه ، وهذا أمر آخر.

وأمّا ثانياً : فما ذكر : من أنّ جمع القلة يحمل على أقل مدلولاته وهو الثلاثة. فيه : أنّ هذا على اصطلاح النحاة ، أمّا الأُصوليون فالخلاف بينهم في أنّ أقل الجمع ثلاثة أو اثنان ، لا تقييد(٣) فيه بجمع القلة والكثرة ، فهو اصطلاح لهم ، وخلط الاصطلاح بغيره لا وجه له ، على أنّ الكلام مع‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٤٥ / ٧٠٥ ذ. ح الوسائل ١ : ١٩٤ أبواب الماء المطلق ب ٢١ ح ٣.

(٢) معالم الفقه : ٥٠.

(٣) في « فض » : لا يفسد.

٣٢٤

التقدير للمضاف فلا دخل للأقل حينئذٍ ، وبتقدير تسليم ما ذكر فالشيخ أشار إلى دفعه بأنّه لا دليل على ما دونه.

واحتمال كون الدليل تحقّق الماهية بالأقل يعارضه أنّ النجاسة محقّقة ، وزوالها يتوقّف على ما أعدّه الشارع ، ومع احتمال الدلاء للأقل والأكثر لا يبقى الأصل بعد تحقق اشتغال الذمّة.

اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ الخروج عن الأصل وهو عدم التكليف لم يتحقّق مطلقاً ، بل إذا لم ينزح منها الأقل ، أمّا معه فلا.

وفيه : أن براءة الذمة من التكليف إذا زالت يتوقف عودها على الدليل ، ولم يعلم أنّ الأقل يتحقق به البراءة ، وهو قول الشيخ : لا دليل على ما دونه.

وقد يقال : إنّ زوال اليقين الحاصل بالملاقاة كاف في الطهارة ، ولا حاجة إلى يقين الطهارة ، بل يكفي زوال يقين النجاسة ، كما قدمنا فيه القول ، والحق أنّ التسديد في المقام غير بعيد للاكتفاء بالأقل ، وقد أوضحت الحال أكثر من هذا في محلّ آخر.

أمّا ما اعترض به المحقق في المعتبر على الشيخ : بأنّا نسلّم أنّ أكثر عدد يضاف إلى الجمع عشر لكن لا نسلّم أنّه إذا جرّد عن الإضافة يكون حاله كذلك(١) . ففيه أنّ التجرّد على دعوى الشيخ لفظاً وفي التقدير موجود ، فالبحث ينبغي أنّ يكون في دليل التقدير.

وما اعترض به العلاّمة في المنتهى على المحقق : بأنّ الإضافة وإن جرّدت لفظاً إلاّ أنّها مقدّرة وإلاّ لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة(٢) . فليس بشي‌ء ؛ لأنّ تأخير البيان لو لم يكن للفظ معنى بدون التقدير ، والحال‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٦٦.

(٢) المنتهى ١ : ١٤.

٣٢٥

أنّ للجمع معنى كغيره من الجموع الواقعة في هذه المقامات ، وهو أيّ مقدار كان ممّا يصدق عليه ، هكذا قال الوالدقدس‌سره ـ(١) وقد ذكرت ما يحتمل أنّ يقال فيه في حاشية التهذيب.

وما تضمنه الحديث من نزح الدلاء اليسيرة في ذبح الدجاجة والحمامة ودم الرعاف ، ربما يقال : إنّ لفظ يسيرة قرينة على اعتبار الأقل في الجمع أو ما قرب منه ، وسيأتي من الشيخ التوجيه في الأخبار المنافية ، ولم يفرق بين هذه الرواية وبين ما يخالفها ، ولا وجه له إنّ كان يعتبر للدم القليل العشرة كما في التهذيب(٢) ، فإنّ توجيهه في العشرة لا يتم مع وصف اليسيرة فليتأمّل.

قال رحمه‌الله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت إلى رجل أسأله(٣) أنّ يسأل أبا الحسن(٤) عليه‌السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شي‌ء من غيره كالبعرة ونحوها(٥) ، ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّععليه‌السلام في كتابي بخطه : « ينزح منها دلاء ».

فالوجه في هذا الخبر أنّ نحمله على أنّه إذا كان الدم قليلاً لأنّه كذا سأله ، ألا ترى أنّه قال : يقطر فيها قطرات من دم. وذلك يستفاد‌

__________________

(١) معالم الفقه : ٥١.

(٢) التهذيب ١ : ٢٤٥ / ٧٠٥.

(٣) في « فض » و « رض » : يسأله.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٤ يوجد : الرضا.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٤ : أو نحوها.

٣٢٦

منه (١) القلّة ، وما تضمّن الخبر من الثلاثين إلى الأربعين دلواً محمول على أنّه إذا كثر الدم ، ولأجل ذلك قرنه بذبح شاة وقعت في البئر وهي تشخب دماً ، والمعتاد من ذلك الكثير (٢) ، ولمّا قلّ ذلك في (٣) الدجاجة والحمامة والرعاف (٤) أجاز أن ينزح (٥) دلاء يسيرة ، وذلك مفصّل في الخبر الأوّل مشروح.

السند‌

لا ارتياب فيه ، وقول بعض : إنّ المكاتبة فيها توقف(٦) لا أعلم وجهه ، وصريح الرواية أنّ محمّد بن إسماعيل رأى خط الإمامعليه‌السلام .

المتن :

ظاهر في أنّ الدم والبول مشتركان في القطرات ، والأخبار في البول قد تقدّم فيها كلام ، ولفظ ( غيره ) في النسخ التي وقفت عليها ، وفي التهذيب ( من عذرة )(٧) ، وربّما دلّ قوله : كالبعرة. على إطلاق العذرة على فضلة غير الإنسان ، إلاّ أن يكون التشبيه بالبعرة للصغر.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٤ : به.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٤ : الكثرة.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٤ يوجد : ذبح.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٤ : أو الحمامة أو الرعاف.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٤ : منها.

(٦) كما في المعتبر ١ : ٥٦.

(٧) التهذيب ١ : ٢٤٥.

٣٢٧

ثم الحديث استدل به القائلون بنجاسة البئر بالملاقاة(١) ، فإنّ مثل ابن بزيع لا يسأل عن الطهارة اللغويّة. وبتقدير إرادة الشرعية بحسب اعتقاده وأنّه غير مؤثّر يشكل بتقرير الإمامعليه‌السلام له على اعتقاده.

وغاية ما يجاب به أنّ المعارض يحوج إلى التأويل سيما وهو الراوي لحديث « ماء البئر واسع » ، وقد ادعي صراحته بالنسبة إلى هذا.

وفيه : أنّ حديثه ذاك لا ينافي وجوب النزح ، إلاّ أنّ نفي الإفساد بدون التغيّر ثم الاكتفاء في الطهارة بزواله له نوع منافاة للنجاسة بالملاقاة على ما قيل ، ولو كان لا يخلو من نظر ، وقد تقدمت إليه إشارة ، وحينئذٍ يراد بحل الوضوء زوال المرجوحية.

وما ذكره الشيخ في توجيه إرادة الدم القليل له نوع وجه ، إلاّ أنّ ما قدّمناه من أنّ الوصف باليسيرة يقتضي زيادة عما قاله الشيخ في التوجيه ويوجب نوع إشكال من جهة البول والعذرة على ما في التهذيب ، ولا أدري وجه عدم تعرض الشيخ لذلك ، ولا وجه عدم بيان ما للدّم القليل ، وكأنّه اكتفى لما في التهذيب ، والبون بين الكتابين ظاهر فإنّ(٢) الجهة مختلفة.

والمفيد في المقنعة قال : إنّ كان الدم قليلاً نزح منها خمس دلاء(٣) ، والله تعالى أعلم بحقائق الأُمور.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن زياد ، عن كردويه‌

__________________

(١) حكاه عنهم الشيخ حسن بن الشهيد الثاني في منتقى الجمان ١ : ٥٧ ، والشيخ البهائي في مشرق البحرين : ٣٩٦.

(٢) في « رض » : بأنّ.

(٣) المقنعة : ٦٧.

٣٢٨

قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر ، قال : « ينزح منها ثلاثون دلواً ».

فهذا الخبر شاذّ نادر قد(١) تكلّمنا عليه فيما تقدم ، لأنّه تضمن ذكر الخمر والنبيذ المسكر الذي يوجب نزح جميع الماء ، مضافاً إلى ذكر الدم ، وقد بينا الوجه فيه ، ويمكن أنّ يحمل (٢) ما (٣) يتعلق بقطرة دم أنّ نحمله على ضرب من الاستحباب وما قدمناه من الأخبار على الوجوب لئلاّ تتناقض الأخبار.

السند‌

قد يظن أنّ فيه جهالة محمّد بن زياد لاشتراكه بين جماعة(٤) ، بل الجميع غير موثقين عند التحقيق ، وإنّ نقل ابن داود توثيق بعض(٥) ، والظاهر أنّه محمّد بن أبي عمير لأنّ اسم أبي عمير زياد ، وقد تقدم(٦) رواية ابن أبي عمير عن كردويه ، غير أنّ شيخنا المحقق ميرزا محمّد أيده الله نقل عن بعض توثيقه برواية ابن أبي عمير عنه وتنظّر فيه ، والنظر في محله.

المتن :

قد ذكرنا ما فيه سابقاً ، وكلام الشيخ هنا فيه محل نظر ، لأن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٥ : وقد.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٥ في « ب » : نحمل وفي « ج » : نحمله.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٥ : فيما.

(٤) هداية المحدثين : ٢٣٧.

(٥) رجال ابن داود : ١٥٩ / ١٢٧٢.

(٦) في ص ٢٩٧.

٣٢٩

الاستحباب في قطرة الدم فقط غير واضح الوجه ، ومشاركة البول له كذلك كما لا يخفى.

والحق أنّ هذا الخبر إن صحّ من أكبر الشواهد على عدم نجاسة البئر بالملاقاة واستحباب النزح ، والله تعالى أعلم.

قال :

باب مقدار ما يكون بين البئر والبالوعة.

أخبرني الشيخ أبو عبد الله(١) ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسن ابن رباط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن البالوعة تكون فوق البئر قال : « إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع ، وإذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كل ناحية وذلك كثير ».

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن عبد الله بن عثمان ، عن قدامة بن أبي زيد الجمّال ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته كم أدنى ما يكون بين البئر والبالوعة : فقال : « إن كان سهلاً فسبعة أذرع وإن كان جبلاً فخمسة أذرع » ثم قال : « يجري الماء إلى القبلة إلى يمين ، ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ، ويجري عن يسار القبلة إلى يمين القبلة ، ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٥ / ١٢٦ يوجد :رحمه‌الله .

٣٣٠

السند :

في الأوّل فيه محمّد بن سنان ، وقد تقدم ، والحسن ابن رباط ، مهمل في الرجال(١) .

وفي الثاني أبو إسماعيل السراج ، واسمه عبد الله بن عثمان كما وقع التصريح به في الكافي في باب البئر والبالوعة أيضاً وصلاة الحوائج(٢) ، وفي الظنّ أنّه أخو حماد بن عثمان الثقة.

وفي بعض نسخ النجاشي : في عبد الله بن عثمان أخي حماد أبي إسماعيل السراج ، غير أنّ الاعتماد عليها مشكل لعدم معلومية الصحة.

وعلى كل حال الظاهر أنّ لفظ ( عن ) هنا سهو ، بل عبد الله بن عثمان عطف بيان كما يعلم من الكافي(٣) .

وأمّا قدامة بن أبي زيد فهو مجهول ، ومع هذا في الرواية إرسال.

المتن :

في الأوّل والثاني استدلوا به للمشهور : من استحباب التباعد بين البئر والبالوعة بمقدار خمس أذرع إنّ كانت البئر فوق البالوعة أو كانت الأرض صلبة ، وإلاّ فسبع(٤) .

ووجّهوا الاحتجاج بأنّ في كل من الروايتين إطلاقاً وتقييداً فيجمع‌

__________________

(١) كما في رجال ابن داود : ٧٣ / ٤١٣.

(٢) الكافي ٣ : ٨ / ٣ و ٤٧٨ / ٦.

(٣) الكافي ٣ : ٨ / ٣ و ٤٧٨ / ٦.

(٤) كما في معالم الفقه : ١٠٦.

٣٣١

بينهما بحمل المطلق على المقيد ، وذلك أنّ التقدير بالسبع فيهما مطلق فيقيّد في الأولى بالرخاوة ، لدلالة الثانية على الاكتفاء بالخمس مع الجبلية التي هي الصلابة ، ويقيّد في الثانية بعدم فوقية البئر لدلالة الأُولى على إجزاء الخمس مع أسفلية البالوعة.

وفي نظري القاصر أنّ في كل من الروايتين إطلاقاً من وجه وتقييداً من آخر ، فالجمع بحمل المطلق على المقيد مطلقاً محلّ تأمّل ، كما يعرف بإعطاء النظر حقه في الروايتين ، إلاّ أنّ ضعف السندين يستغنى به عن الإطناب في ذلك(١) الإطلاقين والتقييدين.

قال الوالدقدس‌سره : والظاهر أنّ قوله في الرواية الاولى : « من كل ناحية » يراد به أنّه لا يكفي البُعد بهذا المقدار من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البُعد بالنظر إليها متفاوتاً ، وذلك مع استدارة البئر فربما تبلغ المسافة السبع إذا قيس إلى جانب ، ولا يبلغه بالقياس إلى آخر ، فالمعتبر حينئذٍ البعد بذلك المقدار فما زاد ، بالقياس إلى الجميع ، كما ذكره بعض الأصحاب(٢) انتهى.

وفيه ما لا يخفى.

ويحتمل أنّ يكون قوله : « لكل ناحية » إشارة إلى الجهات الأربع ، وفيه بعد.

أمّا قوله : « وذلك كثير » فيحتمل أنّ يكون الإشارة إلى السبعة بتأويل المقدار ، ويحتمل أنّ يكون إشارة إلى فوقية البئر يعني أنّ الأكثر الفوقية.

وما تضمّنه الحديث الثاني : من قوله : « يجري الماء إلى القبلة » إلخ.

__________________

(١) في « رض » : ذكر.

(٢) معالم الفقه : ١٠٨.

٣٣٢

فالظاهر أنّ المقصود منه عدم جريان الماء إلى دبر القبلة ، وهو يتحقق بأنواع كثيرة منها : ما ذكر في الرواية ، واليمين واليسار بالنسبة إلى المتوجه إليها.

ثم الفوقية المراد بها كون القرار أعلى في كل من البئر والبالوعة.

وفسّر جدّيقدس‌سره البالوعة في الروضة : بما يرمى فيها ماء النزح(١) . وتبعه شيخناقدس‌سره ـ(٢) ، والذي يظهر من الصدوق أنّها الكنيف(٣) ، كما في بعض الأخبار الآتية ، ولعلّه أولى.

قال :

وأخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير ، قالوا : قلنا له : بئر يتوضّأ منها يجري البول قريباً منها أينجّسها؟ قال(٤) : فقال : « إنّ كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك (٥) شي‌ء ، وإنّ كانت البئر في أسفل الوادي ويجري (٦) الماء عليها وكان بين البئر وبينه سبعة أذرع لم ينجّسها ، وما كان أقل من ذلك لم يتوضّأ منه ) قال زرارة : فقلت‌

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٤٧.

(٢) مدارك الاحكام ١ : ١٠٢.

(٣) المقنع : ١١.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٨ : قالوا.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٨ يوجد : البئر.

(٦) في الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٨ : ويمر.

٣٣٣

له : فإنّ كان يجري بلزقها وكان لا يلبث على الأرض ، فقال : « ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقر منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض ولا يغوله حتى يبلغ إليه وليس على البئر منه بأس فتوضّأ منه ، إنّما ذلك إذا استنقع الماء كلّه ».

السند‌

فيه الحسن بن حمزة العلوي المرعشي من الأجلاّء وعدم توثيقه لا يضرّ بالحال ، لأنّه من الشيوخ ، نعم في السند إبراهيم ابن هاشم فهو حسن.

المتن :

ذكر الوالدقدس‌سره أنّه يدل بظاهره من جهات على حصول التنجّس بالتقارب(١) ، فيدل على انفعال البئر بالملاقاة ، لكن لما دلّت الأخبار على نفيه فلا بُدّ من التأويل.

وقد ذكر شيخناقدس‌سره إمكان التأويل بإرادة المعنى اللغوي من النجاسة والنهي عن الوضوء للتنزيه(٢) .

والوالدقدس‌سره قال بعد نقل الرواية وذكر دلالتها على التنجيس : ويشكل بأنّه إنّما يتم على القول بالانفعال بالملاقاة ، وقد بيّنّا أنّ التحقيق خلافه ، سلّمنا ولكن الاتفاق واقع من القائلين بالانفعال على عدم التنجيس بالتقارب الكثير ، حكاه العلاّمة في المنتهى ، وقد طعن فيها بعض الأصحاب‌

__________________

(١) معالم الدين : ١٠٥.

(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٠٦.

٣٣٤

بأنّ رواتها لم يسندوها إلى إمام ، فيجوز أنّ يكون قولهم : قلنا له ، إشارة إلى بعض العلماء(١) .

ثم قال الوالدقدس‌سره : والأولى عندي أنّ يفتح للدخول فيها غير هذا الباب ، فنقول : إنّ الظاهر من سوقها كونها مفروضة في محل يكثر ورود النجاسات عليه ، ويظن فيه النفوذ ، وما هذا شأنه لا يبعد إفضاؤه مع القرب إلى تغيّر الماء(٢) ، وأطالقدس‌سره الكلام في التوجيه.

وأنت خبير بما فيه ، والحق أنّ ( الخبر لا يدل صريحاً على النجاسة ، بل المفهوم فيه قد يعطي ذلك ، ومع معارضة منطوق الأخبار المعتبرة ينتفي المفهوم ، نعم هو صريح في عدم الوضوء بما ذكر في الرواية ، وهو أعم من النجاسة ، بل احتمال الكراهة قريب ، وعلى تقدير الصراحة أو الظهور )(٣) مع وجود المعارض الحمل على النجاسة اللغوية لا بُدّ منه ، وغيره متكلّف ، هذا بتقدير العمل بالحسن ، ومن لم يعمل به فهو في راحة من التكلّف ، على أنّه بتقدير العمل الرجحان لغير الخبر بقوة الإسناد ، ولا يخفى على من أعطى الرواية حق النظر ما في متنها من الإجمال وعدم الصراحة في علوّ القرار وعدمه ، بل ظاهرة في خلافه ، والله تعالى أعلم بالحال.

قال :

وأخبرني الشيخ أبو عبد الله ، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي ، عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن أحمد(٤) بن يحيى ، عن‌

__________________

(١) معالم الفقه : ١٠٥.

(٢) معالم الفقه : ١٠٥ ، بتفاوت يسير.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « فض ».

(٤) الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٩ : ليست في « ب ».

٣٣٥

عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمّد بن القاسم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة(١) وأقلّ وأكثر يتوضّأ منها؟ قال : « ليس يكره من قرب ولا بعد ، يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء ».

قال الشيخ(٢) محمّد بن الحسن : هذا الخبر يدل على أنّ الأخبار المتقدمة كلّها محمولة على الاستحباب دون الحظر والإيجاب.

السند‌

فيه عباد بن سليمان وهو مهمل في كتب الرجال(٣) ، وسعد بن سعد هو الأشعري الثقة ، والراوي عنه عباد بن سليمان في النجاشي(٤) ، ومحمّد بن القاسم مشترك بين من وثّقه النجاشي وهو ابن القاسم بن الفضيل بن يسار(٥) وبين مهمل ، ولا يبعد أنّ يكون هو ابن الفضيل ، إلاّ أنّ الفائدة منتفية هنا.

المتن :

ظاهر في أنّ البئر لا ينجس إلاّ مع التغيّر بالنجاسة ، وقول الشيخ : إنّ هذا الخبر يدل على أنّ الأخبار المتقدمة محمولة على الاستحباب. مراده به أنّ المقادير المذكورة في الأخبار محمولة على الاستحباب ، لاقتضاء هذا الخبر‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٩ يوجد : أذرع.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٢٩ لا يوجد : الشيخ.

(٣) كما في رجال الطوسي : ٤٨٤ / ٤٣.

(٤) رجال النجاشي : ١٧٩ / ٤٧٠.

(٥) رجال النجاشي : ٣٦٢ / ٩٧٣.

٣٣٦

أنّ الكنيف قرب أو بعد لا يضر بالحال ، ولا يقتضي كراهة الاستعمال.

ولا يخفى أنّ في الحديث مخالفة لما يظهر من مذهبه ، حيث تضمّن اعتبار التغيّر ، نعم على تقدير أنّ يقول الشيخ بأنّ النزح تعبّد وأنّ الماء لا ينجس بالملاقاة. لا منافاة ، وكلام الشيخ في هذا لا يخلو من اضطراب ، وقد تقدم ما يغني عن الإعادة.

ومن هنا يعلم أنّ ما قد يتوجه على الشيخ من إطلاق قوله : إنّ الأخبار محمولة على الاستحباب. من أنّ بعض الأخبار فيها لا يتم فيه الاستحباب. يمكن دفعه بما قرّرناه من العود إلى المقادير ، ويحتمل أنّ يتناول الوضوء المنفي في بعضها ، فتأمّل.

وينبغي أنّ يعلم أنّ جماعة من الأصحاب(١) صرحوا باعتبار الفوقية بالجهة حيث يستوي القراران بناءً على أنّ جهة الشمال أعلى فحكموا بفوقية ما يكون فيها منها ، ودليل ذلك رواية(٢) غير سليمة السند ولا واضحة الدلالة على ما أفهمه ، ومن ثَمَّ لم يتعرض لها هنا.

قال :

باب استقبال القبلة واستدبارها عند البول والغائط‌

أخبرني الشيخ ( أبو عبد الله ) (٣) ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن‌

__________________

(١) منهم الشيخ حسن بن الشهيد الثاني في معالم الفقه : ١٠٦ ، ١٠٧ ، وصاحب المدارك ١ : ١٠٣ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٥٦.

(٢) التهذيب ١ : ٤١٠ ، الوسائل ١ : ٢٠٠ أبواب ماء المطلق ب ٢٤ ح ٦.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣٠ بدل ما بين القوسين يوجد :رحمه‌الله .

٣٣٧

الحسين ، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليعليه‌السلام قال : « قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولكن شرّقوا أو غرّبوا ».

وبهذا الإسناد عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء ، أو غيره ، رفعه قال : سئل الحسن بن عليعليهما‌السلام ما حدّ الغائط؟ قال : « لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها ».

السند‌

في الأول جهالة بعيسى بن عبد الله وأبيه فإنّهما مهملان في الرجال.

وأمّا محمّد بن عبد الله بن زرارة فأفاد شيخنا المحقق ميرزا محمّد أيده الله أنّه ممدوح كما يعلم من كتابه في الرجال(١) .

وفي الثاني عبد الحميد وهو مهمل ، مضافاً إلى التردّد وجهالة الغير ، مع كونه مرفوعاً ، والإجماع على تصحيح ما يصح عن ابن أبي عمير محل كلام.

المتن :

ظاهر النهي في الحديثين لو صحّا التحريم على تقدير كونه حقيقة فيه شرعاً ، وإنّ كان للبحث فيه مجال ، وقد قيل : إنّ الحديثين دليل‌

__________________

(١) منهج المقال : ٣٠٣.

٣٣٨

المشهور بين علمائنا من القول بالتحريم في البول والغائط في الصحاري والبنيان(١) ، لكن عرفت حال السند ، والشهرة مؤيّدة عند بعض.

وزاد العلاّمة في المختلف أنّ القبلة محل التعظيم ، ولهذا وجب استقبالها في حال الصلاة ، وأنّ في ذلك تعظيماً لشعائر الله(٢) . وتبعه الشهيد في الذكرى في الوجه الأخير(٣) .

وفي إثبات التحريم بمثل ذلك نظر.

وفي المقنعة : لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولكن يجلس على استقبال المشرق إنّ شاء أو المغرب ، ثمّ قال : وإذا دخل الإنسان داراً وقد بني فيها مقعد للغائط على استقبال القبلة واستدبارها لم يضرّه ذلك ، وإنّما يكره ذلك في الصحاري والمواضع الذي يمكن فيها الانحراف عن القبلة(٤) .

وفي رسالة سلاّر : وليجلس غير مستقبل القبلة ولا مستدبرها ، فإن كان في موضع قد بني على استقبالها واستدبارها فلينحرف في قعوده ، هذا إذا كان في الصحاري والفلوات ، وقد رخّص ذلك في الدور ، وتجنبه أفضل(٥) .

وفي مختصر ابن الجنيد : يستحب للإنسان إذا أراد التغوّط في الصحراء أنّ يجتنب استقبال القبلة(٦) .

والأقوال في المسألة كثيرة ، إلاّ أنّ المستند ما سمعته ، وسيأتي البقية.

__________________

(١) كما في معالم الفقه : ٤٢٧.

(٢) المختلف ١ : ١٠٠.

(٣) الذكرى ١ : ١٦٣.

(٤) المقنعة : ٤١.

(٥) المراسم : ٣٢.

(٦) نقله عنه في المختلف ١ : ٩٩.

٣٣٩

وما تضمنته الرواية الاولى من الأمر بالتشريق والتغريب لا ريب أنّه في غير البلاد التي قبلتها موافقة للمشرق والمغرب.

وربما يستفاد من قوله : « إذا دخلت المخرج » أنّ يكون ذلك في البناء.

والنهي في الثانية عن استقبال الريح واستدبارها محمول على الكراهة في الاستقبال على ما وجدناه في كلام الأصحاب(١) ، ولم أرَ القول بالتحريم ، وأمّا الاستدبار فالأكثر لم يذكره.

وفي نهاية العلاّمة : الظاهر أنّ المراد بالنهي عن الاستدبار حالة خوف الردّ إليه(٢) ، والشهيد في الذكرى جزم بعدم الفرق(٣) .

وأنت خبير بأنّ اشتمال الرواية على نهي الكراهة يقرّب كون غيره من المناهي كذلك ، ولم أر من ذكر هذا في مقام الاستدلال بالخبر ، فليتدبّر.

ولا يخفى اختصاص الرواية الثانية بالغائط ، واللازم منه اختصاص الكراهة في الريح به ، وعلى ما سمعته من كلام النهاية يقتضي الشمول للبول ، والرواية هي المستند على ما قيل ، ولا تعرض فيها للبول.

وفي كلام بعض : أنّ الغائط كناية عن التخلي(٤) . وفيه ما فيه.

ثم إنّ القبلة عند الإطلاق منصرفة إلى الكعبة المشرّفة أو جهتها.

وفي المنتهى : يكره استقبال بيت المقدس لأنّه قد كان قبلة ، ولا يحرم للنسخ(٥) . وهو أعلم بما قاله.

__________________

(١) منهم الشهيد الأول في الدروس ١ : ٨٩ ، والشيخ حسن بن الشهيد الثاني في معالم الفقيه : ٤٣١ ، وصاحب المدارك ١ : ١٧٩.

(٢) نهاية الأحكام ١ : ٨٢.

(٣) الذكرى ١ : ١٦٤.

(٤) منهم الشيخ حسن بن الشهيد الثاني في معالم الفقه : ٤٣٢.

(٥) المنتهى ١ : ٤٠.

٣٤٠