إستقصاء الإعتبار الجزء ٢

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469
المشاهدات: 48375
تحميل: 4674


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48375 / تحميل: 4674
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-174-5
العربية

الحسن ، فإنّه رجل فاضل ديِّن(١) .

وهذا الكلام من ابن داود الثقة ، إلاّ أنّ في استفادة التوثيق تأمّلاً.

أمّا ما قاله جدّيقدس‌سره : من أن محمد بن عبد الله مجهول(٢) . ففيه نظر بعد ما سمعته.

وأمّا علي بن فضال فهو ثقة فطحيّ.

والثالث : قد تقدم القول في رجاله ، غير أنّا أهملنا القول في أبي بصير نظراً إلى أنّي أفردت له تفصيلاً في بعض ما جمعته في الرجال.

والذي ينبغي بيانه هنا أنّ الرجل المذكور في كتب الرجال مشترك بين جماعة.

منهم : أبو بصير ليث المرادي الثقة الإمامي(٣) .

ومنهم : أبو بصير يوسف بن الحرث من أصحاب الباقرعليه‌السلام (٤) ، بتريّ على ما في الخلاصة وكتاب الشيخ في الرجال(٥) ، وفي بعض نسخ الكشي أبو نصر بالنون(٦) .

ومنهم : أبو بصير عبد الله بن محمد الأسدي وهو في الكشي مذكور(٧) ، ونقله ابن داود عن رجال الشيخ فيمن روى عن الباقرعليه‌السلام (٨) ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢.

(٢) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ٥ ( مخطوط ).

(٣) خلاصة العلاّمة : ١٣٧.

(٤) هداية المحدثين : ٢٧٢ ، وفيه : يوسف بن الحارث.

(٥) خلاصة العلاّمة : ٢٦٥ / ١ ، رجال الطوسي : ١٤١ / ١٧.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٨٨ ، إلاّ أنّ فيه : أبو نصر بن يوسف بن الحارث بتري.

(٧) رجال الكشي ١ : ٤٠٩.

(٨) رجال ابن داود : ٢١٤ / ٩.

١٠١

والذي يقتضيه النظر أنّه موهوم من الكشي واختيار الشيخ له ، لأنّه قال : في أبي بصير عبد الله بن محمد الأسدي ، وذكر روايتين لا تعلق لهما به.

ومنهم : أبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي وهو ثقة كما ذكره النجاشي ، قال : وقيل : أبو محمد ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، وقيل : يحيى بن أبي القاسم ، واسم أبي القاسم إسحاق ، وروى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام (١) .

والشيخ في الفهرست قال : يحيى بن القاسم يكنى أبا بصير(٢) .

وفي رجال الباقرعليه‌السلام من كتابه قال : يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا بصير مكفوف ، واسم أبي القاسم إسحاق(٣) .

وفي رجال الصادقعليه‌السلام قال : يحيى بن القاسم أبو محمد يعرف بأبي بصير الأسدي مولاهم كوفيّ تابعيّ مات سنة خمسين ومائة بعد أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) .

وفي رجال الكاظم قال : يحيى بن القاسم الحذّاء واقفي(٥) . ثم قال بعد ذكر رجل : يحيى بن أبي القاسم يكنّى أبا بصير(٦) .

والعلاّمة في الخلاصة قال : يحيى بن القاسم الحذّاء من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وكان يكنى أبا بصير ، وقيل : إنّه أبو محمد ، اختلف قول علمائنا فيه ، فالشيخ الطوسيرحمه‌الله قال : إنّه واقفي. وروى الكشي‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٤١ / ١١٨٧.

(٢) الفهرست : ١٧٨ / ٧٧٦.

(٣) رجال الطوسي : ١٤٠ / ٢.

(٤) رجال الطوسي : ٣٣٣ / ٩ ، وفيه أبو نصير ، بالنون.

(٥) رجال الطوسي : ٣٦٤ / ١٦.

(٦) رجال الطوسي : ٣٦٤ / ١٨.

١٠٢

ما يتضمن ذلك قال : وأبو بصير يحيى بن القاسم الحذّاء الأزدي هذا يكنى أبا محمد(١) . انتهى ملخصا.

وذكر جدّيقدس‌سره في فوائده على الخلاصة : أنّ الأقوى العمل بروايته ، لتوثيق النجاشي له ، وقول الكشي : إنّه أحد من(٢) اجتمعت العصابة على تصديقه والإقرار له بالفقه. وقول الشيخرحمه‌الله معارض بما ذكره النجاشي : من أنّه مات سنة خمسين ومائة ، فإن ذلك يقتضي تقدم وفاته على وفاة الكاظمعليه‌السلام بثلاث وعشرين سنة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الذي يقتضيه النظر أن أبا بصير إذا روى عن الباقرعليه‌السلام فهو مشترك بين غير الموثق : وهو يوسف بن الحرث على تقدير ثبوت الكنية بأبي بصير ، وعبد الله بن محمد الأسدي ، قد عرفت أنه موهوم ، فلم يبق إلاّ الاشتراك بين الإمامي الثقة وبين يحيى بن القاسم الواقفي على قول الشيخ ، وكلام النجاشي له رجحان على جرح الشيخ ، كما حققناه في موضعه ، وعلى تقدير العدم فهو مشترك بين الإمامي الثقة والواقفي الثقة إذا روى عن الصادقعليه‌السلام (٣) .

وأمّا ما ذكره الشيخ في كتاب الرجال ممّا يقتضي المغايرة بين ابن أبي القاسم وابن القاسم فالتأمل في كلام النجاشي يدفعه ويفيد الاتحاد.

وقول جدّيقدس‌سره منظور فيه ، إذ لا منافاة بين الوقف والثقة على تقدير ردّ ما ذكرناه من ترجيح كلام النجاشي ، وما قاله من قصة الموت في حياة الكاظمعليه‌السلام قد يدفع بأن الوقف قد يكون في حياة الكاظمعليه‌السلام كما‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٦٤ / ٣.

(٢) في « رض » : ممن.

(٣) هداية المحدثين : ٢٧٢.

١٠٣

تدل عليه بعض الأخبار والآثار الواردة عن الواقفة.

نعم روى الشيخ في هذا الكتاب والتهذيب ما يتضمن القدح في أبي بصير المكفوف ، وهو ما رواه عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة لها زوج فقال : « يفرّق بينهما » فقلت : فعليه ضرب؟ قال : « لا ما له يضرب » فخرجت من عنده وأبو بصير بحيال الميزاب ، فأخبرته بالمسألة والجواب ، فقال لي : أين أنا؟ فقلت : بحيال الميزاب ، قال : فرفع يده وقال : وربّ هذا البيت ، أو : وربّ هذه الكعبة لسمعت جعفراً يقول : « إن عليّاًعليه‌السلام قضى في الرجل تزوّج امرأة لها زوج فرجم المرأة وضرب الرجل الحدّ » ثم قال : لو علمت أنك علمت لفضخت(١) رأسك بالحجارة ، ثم قال : ما أخوفني أن لا يكون اوتي علمه(٢) .

وهذا الخبر يعطي القدح في أبي بصير المكفوف بما لا يخفى.

والكشي روى نحو هذا الحديث عن شعيب(٣) ، لكنّه اضطرب في نقل أخبار(٤) .

فحصل نوع تخليط بين حال أبي بصير ليث المرادي وحال غيره كما يعلم من مراجعته ، ولو لا خوف الخروج عن سلوك الاختصار لذكرتها ، وإنّما ذكرت ما ذكرته هنا لئلاّ يخلو الكتاب من القول في أبي بصير ممّا لا بدّ‌

__________________

(١) الفضخ : كسر الشي‌ء الأجوف. ومنه : فضخت رأسه بالحجارة ، مجمع البحرين ٢ : ٤٤٠ ( فضخ ).

(٢) التهذيب ١٠ : ٢٥ / ٧٦ ، الإستبصار ٤ : ٢٠٩ / ٧٨٢ ، الوسائل ٢٨ / ١٢٨ أبواب حد الزنا ب ٢٧ ح ٧.

(٣) رجال الكشي ١ : ٤٠١ / ٢٩٢.

(٤) كذا في النسخ ، والأنسب : الأخبار.

١٠٤

منه ، لاشتمال أكثر الأسانيد عليه ، وترك التعرض لذلك سابقاً لظن عدم الحاجة. والله تعالى أعلم بحقائق الأُمور.

المتن :

في الأوّل ظاهره لا يخلو من إشكال لأنّ الفرض كثيراً ما يراد به الثابت بالقرآن ، وغير الجنابة لا يتم إرادته في الظاهر ، وحينئذ يراد به الوجوب ، وانحصاره في الثلاثة غير واضح الوجه لوجوب أغسال أُخر ضرورة.

والجواب أنّ الشيخ روى في التهذيب : عن الشيخ أيده الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين ابن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : « الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبع عشرة من رمضان » وساق الحديث في ذكر الأغسال المسنونة ، إلى أن قال : « ويوم تُحرِم ، ويوم الزيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وإذا غسلت ميتا أو كفّنته أو مسسته بعد ما يبرد ، ويوم الجمعة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كلّه فاغتسل »(١) .

وهذا الحديث كما ترى يدل على أنّ السبعة عشر المجملة في الخبر المبحوث عنه غير أغسال النساء من الحيض والاستحاضة والنفاس ، وخصّ غسل الجنابة فيه بكونه فريضة ، فيتم ما ذكره الشيخ : من أن غسل الإحرام ثوابه ثواب الفرض على تقدير عدم رجحان ما يدل على وجوبه.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١.

١٠٥

غاية الأمر أنّه يتوجه على الشيخ أن الحديث المفصّل دل على بيان الأغسال المسنونة ، وخصّ من بينها الجنابة بالفريضة ، فإخراج غسل من مسّ ميتاً إلى الوجوب محل كلام.

ويجاب : بأن الأخبار الدالة على وجوب غسل المسّ هي المخرجة ، كما أن الأخبار الدالة على عدم وجوب غسل الإحرام عند الشيخ أدخلته في المسنون بمعنى(١) المستحب.

وإنّما يبقى سؤال اختصاص غسل الإحرام باسم الفرض مع كونه مستحبا ، وجواب الشيخ بأن ثوابه ثواب الفرض محل كلام ، إذ المستحب مستبعد بلوغه مرتبة الواجب ، ولعل الاستبعاد يندفع بوجود الدليل عليه ، إلاّ أن إثباته من مجرد تسميته فريضة مشكل ، لجواز إرادة زيادة الثواب عن غيره من المستحبات وإن لم يصل إلى حدّ الواجب ، إلاّ أن يقال : إن إطلاق الفرض عليه يقتضي المساواة ، وفيه ما فيه.

ثم إن إطلاق الفرض على غسل من مسّ ميتاً يراد به الوجوب ، وحينئذ قد يستبعد استعمال الفرض في معاني مختلفة في بعضها حقيقة وبعضها مجاز.

ويدفعه أنّ الممنوع ( منه )(٢) إرادة الحقيقة والمجاز من لفظ واحد ، على أن المنع ليس على الإطلاق أيضاً كما حقق في الأُصول.

وما عساه يقال : إن استعمال اللفظ الموهم لغير ما هو مطلوب منه ينافي الحكمة.

يمكن الجواب عنه : بأنه من قبيل المجمل ، وتأخير البيان عن وقت‌

__________________

(١) في « رض » : يعني.

(٢) ليس في « رض ».

١٠٦

الحاجة غير معلوم ، والممنوع منه ذلك ، كما بينّاه فيما سبق ، حيث ظن شيخناقدس‌سره من بعض ما حمله الشيخ في الأخبار أن فيه ألغازاً و ( تأخيراً للبيان عن )(١) وقت الحاجة.

وأنت إذا تأمّلت ما قلناه ترى أن غالب الأخبار المطلقة والمجملة والمقيدة والمبيّنة من هذا القبيل فلا محذور ، فلولا ما قلناه لانسدّ باب حمل المطلق على المقيد ، فينبغي إنعام(٢) النظر في هذا المقام فإنه حريّ بالتأمل التام.

وما تضمنه الخبر الثاني من قوله : عليها غسل مثل غسل الجنب ، محتمل لأن يراد به السؤال عن الكيفيّة ، فيكون السائل عالماً بالوجوب وإنّما السؤال عن الكيفية ، ويحتمل أن يراد السؤال عن الوجوب ، أي كما يجب عليها غسل الجنابة يجب عليها غسل الحيض ، والجنب يقال على الواحد المذكر والمؤنث ، صرّح به ابن الأثير في أحكام الأحكام ، إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل أقرب ، ولزوم السؤال عن الضروري فيتعين الأوّل ربما كان مشترك الإلزام.

وعلى الاحتمال الأوّل قد يستفاد من الخبر بتقدير العمل به عدم وجوب الوضوء مع غسل الحيض ، بل عدم مشروعيّته إلاّ على وجه غير خفي.

ويمكن أن يقال : إن السؤال عن كيفية الغسل ، والوضوء خارج عنها ، فإذا دل عليه الدليل عمل به ، فليتأملّ.

__________________

(١) ما بين القوسين في « رض » هكذا : تأخير البيان.

(٢) أنعم في الأمر : بالغ كأمعن ، وأنعم النظر في كذا أي : حقّق النظر وبالغ فيه. أقرب الموارد : ٢ / ١٣٢١.

١٠٧

ثم إن الخبر الثالث فيه الاحتمالان والأقربية.

فإن قلت : إطلاق الجنب على المذكر والمؤنث لا دخل له في توجيه الاحتمال ، لأن المذكور في كلام ابن الأثير أنّه يجوز أن يقال : امرأة جنب ورجل جنب ، والمقصود هنا في السؤال أن المرأة عليها غسل مثل غسل الجنب بمعنى غسل الجنابة ، فالأولى إثبات إطلاق الجنب على الجنابة ، وليس هذا ثابتاً.

قلت : مرادنا بالاحتمال أنّ الجنب إذا صدق على الأُنثى أفاد السؤال أنّ الحائض عليها غسل مثل ما عليها حال كونها جنباً ، أو مثل غسل المرأة الجنب ، ووجه الاحتياج إلى هذا أنّ المشابهة للرجل بعيدة ، نعم يحتمل إرادة الجنابة ، ويتم المطلوب.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن الحسين(١) اللؤلؤي ، عن أحمد بن محمد ، عن سعد بن أبي خلف قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « الغسل في أربعة عشر موطناً ، واحد فريضة والباقي سنة ».

فالمعنى فيه أن واحداً منها فريضة بظاهر القرآن وإن كانت هناك أغسال أُخر يعلم فرضها بالسنّة.

__________________

(١) في التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٨٩ ، والاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٩ : الحسين بن الحسن اللؤلؤي ولعله تحريف فيهما والصحيح الحسن بن الحسين كما يعرف من تتبع كتب الرجال ، راجع رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٣ و ٣٤٨ / ٩٣٩ ، ورجال الطوسي : ٤٦٩ / ٤٥ ، ومعجم رجال الحديث ٤ : ٣٠٨ / ٢٧٨٤ وج ٥ : ٢١٩ / ٣٣٦٢.

١٠٨

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن علي بن خالد ، عن محمد بن الوليد ، عن حماد بن عثمان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « ليس على النفساء(١) غسل في السفر ».

فالوجه فيه أنّه ليس عليها غسل ( إذا لم تتمكن من استعمال الماء إما لتعذره أو لحاجتها إليه أو مخافة البرد ، وليس المراد به أنّه ليس عليها غسل )(٢) على كل حال.

السند‌

في الأوّل : الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، وقد وثقه النجاشي(٣) ، وذكر في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى : أن محمد بن الحسن بن الوليد استثنى من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، وقال : قال أبو العباس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله ، وتبعه أبو جعفر ابن بابويه(٤) .

والشيخرحمه‌الله قال في كتاب الرجال في من لم يرو عن أحد من الأئمةعليهم‌السلام : الحسن بن الحسين اللؤلؤي يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى ، ضعّفه ابن بابويه(٥) .

وفي نظري القاصر أن توثيق النجاشي لا معارض له ، وإنّما ظنّ الشيخ من استثنائه الضعف ، وهو غير ظاهر ، بل يحتمل أن يكون الاستثناء لغير‌

__________________

(١) في النسخ : النساء ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢٠.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

(٣) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٣.

(٤) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

(٥) رجال الطوسي : ٤٦٩ / ٤٥.

١٠٩

ذلك كما في محمد بن عيسى ، إلاّ أن قول ابن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر في ذلك كله ، وتبعه أبو جعفر بن بابويه إلاّ في محمد بن عيسى بن عبيد ، فلا أدري ما رأيه(١) فيه ، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة. فإنّ هذا الكلام يعطي أنّ المذكورين ليسوا بثقات ، فيفيد الطعن في الحسن بن الحسين اللؤلؤي.

وقد يقال : إنّ كلام ابن نوح في قوله : فما أدري ما رأيه فيه. يدل على أنّه لم يعلم من الاستثناء إرادة الضعف ، وإلاّ فلا وجه لقوله : لا أدري ما رأيه فيه ، اللهُمَّ إلاّ أن يقال : إنّ مراده بقوله : لا أدري ما رأيه فيه. أني لا أعلم وجه ضعفه مع كونه على ظاهر العدالة ، فيكون قد فهم الضعف.

وأنت خبير بأن كلامنا في قول الشيخ : إن ابن بابويه ضعّفه. والموجود هو الاستثناء من الرواية عنه ، وهو أعم ، وربما كان ظنّ ابن نوح كما ظنّ الشيخ ، وغير بعيد إرادة الضعف لولا أن النجاشي ظاهر توثيقه عدم فهمه الضعف ، والنجاشي أثبت من غيره كما يعلم من رجاله(٢) . ( هذا ، وقد قدّمنا في أوّل الكتاب كلاماً في أنّ المتقدّمين إنّما يعملون بالأخبار مع القرائن مثل كونها مأخوذة من أصل معتمد ، واستثناء من ذكر يقتضي أن العمل بالخبر ليس من جهة القرائن ، بل من نفس الخبر إذا كان رواته معتمداً عليهم ، ولو لا هذا لما كان للاستثناء فائدة ، وقول ابن الوليد في ما نحن فيه : ما ينفرد به الحسن. ، كذلك ؛ لأنّ ما ينفرد به هو وغيره لا يعمل به.

ثمّ إنّ ظاهر الكلام يقتضي المغايرة بين الحسن بن الحسين وبين غيره من المذكورين ؛ لأنّ ما ينفرد به الحسن يقتضي أن يكون راوياً عن‌

__________________

(١) في المصدر : ما رابه.

(٢) في « فض » و « د » : حاله.

١١٠

محمّد بن أحمد بن يحيى ، وغيره يقتضي أن يكون محمّد راوياً عنهم. اللهم إلاّ أن يقال : إنّ الأصل : ما ينفرد به عن الحسن بن الحسين ، ولفظ « عن » سقط ، أو يؤوّل بما يرجع إلى الموافقة ، وعلى كل حال فقد أجبنا في ما مضى عن الإشكال ، فليراجع.

وعلى أن يقال هنا : إنّ الردّ لما ذكر من حيث الانفراد إنّما هو عند المتقدّمين ، لعدم علمهم بالخروج حيث هو ، وأمّا المتأخّرون القائلون بالصحيح عندهم لا يضرّهم قول ابن الوليد ، كل قائل على قاعدته.

ومن هنا يعلم إمكان القول بقبول رواية محمّد بن عيسى عن يونس عند المتأخّرين ، لأنّ الفرض توثيق كل من الرجلين ، والاستثناء [ لا ] يعلم وجهه بحيث لا يفيد القدح ، بل احتمال عدم القرائن له ظهوره وممّا نبّه على هذا ما نحن فيه ، فليتأمّل )(١) . والله تعالى أعلم بالحال.

وأحمد بن محمد المذكور كأنّه ابن أبي نصر ، ويحتمل ابن عيسى ، بل وغيره أيضاً.

وأمّا سعد بن أبي خلف فهو ثقة من غير ارتياب.

وفي الثاني : علي بن خالد ، وذكره الشيخ المفيد في إرشاده قائلاً : إنّه كان زيديّاً ثم رجع(٢) . ولا يخفى أنّ هذا غير نافع(٣) .

وأمّا محمد بن الوليد فالظاهر أنّه الخزّاز الذي وثّقه النجاشي ، لأنّه قال : إنّه روى عن حماد بن عثمان(٤) . وما قاله الكشي : من أنّ محمد بن‌

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من « د ».

(٢) إرشاد المفيد ٢ : ٢٩١.

(٣) في « رض » : مانع.

(٤) رجال النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١.

١١١

الوليد الخزاز من الفطحية في جملة آخرين(١) ، فالظاهر أنّه ما ذكره النجاشي ، كما قاله العلاّمة في الخلاصة(٢) ، غير أنّ النجاشي مرجح على غيره ، وعدم ذكر كونه فطحياً يدل على تحقق العدم عنده ، لا أنّه لا منافاة بين الحكم منه بالثقة وقول الكشي : إنّه فطحي. كما ظنه بعض المتأخّرين(٣) ، لأنّ النجاشي لو لم يتعرض في كتابه لذكر الفطحية وأضرابهم أمكن ذلك ، إلاّ أنّ الواقع خلافه ، وقد ذكرنا هذا فيما مضى ، نعم فيه احتمال الاشتراك بين ضعيف وثقة(٤) ، إلاّ أنّ قرينة التعيين قد سمعتها ، وإن كان باب الاحتمال واسعاً.

المتن :

في الأوّل : ما ذكره الشيخ فيه واضح.

وأمّا الثاني : فقد يتوجه على ما قاله الشيخ أنّ تخصيص النفساء بعدم الغسل في السفر إذا لم يحصل التمكن من الماء غير ظاهر الوجه ، ويجاب بأن مظنّة الضرر لها أقوى فلهذا خُصّت ، أو لغير ذلك من وجوه التخصيص ، ولا يراد نفي الحكم عمّا عداها ؛ وغير ما ذكره الشيخ بعيد أيضاً بأن يراد غسل الجمعة كما يفهم من بعض الأخبار ، أو مطلق الغسل المندوب ، والأمر سهل.

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥.

(٢) خلاصة العلاّمة : ١٥١ / ٦٩.

(٣) كالجزائري في حاوي الأقوال ٣ : ٢٢٨.

(٤) هداية المحدثين : ٢٥٧.

١١٢

قال :

باب وجوب غسل الميت وغسل من مسّ ميتاً‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « من غسّل ميتاً فليغتسل » قال : « وإن مسّه ما دام حارّاً فلا غسل عليه(١) ، وإذا برد ثم مسّه فليغتسل » قلت : على من أدخله القبر؟ قال : « لا [ غسل عليه ](٢) إنّما يمسّ الثياب ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « يغتسل الذي غسّل الميت ، وإن قبّل الميت إنسان بعد موته وهو حارّ فليس عليه غسل ، ولكن إذا مسّه أو قبّله(٣) وقد برد فعليه الغسل ، ولا بأس أن يمسّه بعد الغسل ويقبّله ».

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم الصيقل قال : كتبت إليه : جعلت فداك هل اغتسل أمير المؤمنين عليه‌السلام حين غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند موته؟ فأجابه : « النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طاهر مطهّر ، ولكن أمير المؤمنين عليه‌السلام فعل وجرت به السنّة ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢١ : بتفاوت.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من الإستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢١.

(٣) في الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢٢ : وقبّله.

١١٣

الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد قال : سألته عن الميت إذا مسّه الإنسان أفيه غسل؟ قال : فقال : « إذا مسست جلده(١) حين يبرد فاغتسل ».

سعد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا قطعت (٢) من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسّه الإنسان فكلّ ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسّه الغسل ، فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه ».

السند‌

في الأوّل : حسن.

وفي الثاني : فيه سهل بن زياد.

والثالث : فيه القاسم الصيقل ، وهو مذكور مهملاً في رجال الهاديعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٣) ؛ وأمّا محمد بن عيسى فقد تقدم القول فيه(٤) .

والرابع : ليس فيه ارتياب ، والإضمار لا يضر بالحال كما قدّمناه.

والخامس : مرسل.

المتن :

في الأوّل ظاهر الدلالة على وجوب غسل المسّ إن ثبت كون الأمر حقيقة في الوجوب.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٤ : جسده.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٥ : قُطع.

(٣) رجال الطوسي : ٤٢١ / ١.

(٤) في ص ٧٥ ٨٢.

١١٤

وما تضمنه من قوله : « إنّما يمسّ الثياب » لا يخلو من إجمال ، وقد ذكر شيخناقدس‌سره في فوائده على الكتاب ما هذا لفظه : لعل المراد أنّ من أدخله القبر لا يمسّ الميت وإنّما يمسّ الثياب ، فلا وجه للسؤال عن كونه موجباً للغسل ، وإن كان مسّ الميت في هذه الحالة بعد التغسيل لا يوجب الغسل أيضا ، ولو قلنا باستحباب الغسل بمسّه بعد التغسيل كما تضمنته رواية عمار لم يحتج إلى هذا التكلّف. انتهى.

وفي نظري القاصر أنّ هذا التوجيه لا حاجة إليه بل غير تام ، لأنّ الخبر الذي قدّمنا نقله عن الشيخ في التهذيب(١) الوارد في تعداد الأغسال السبعة عشر صحيح عند شيخناقدس‌سره وقد تضمن الغسل لتكفين الميت في جملة تعداد الأغسال المسنونة(٢) ، وحينئذ يراد بهذا الحديث نفي الغسل المستحب ، لأن(٣) المُدخل له في القبر إنّما يمسّ الثياب ، فلا حاجة إلى العمل بخبر عمار الآتي ، بل هو مؤيد.

وما عساه يقال : إن الخبر الدال على الغسل للتكفين يجوز أن يكون المراد به الاستحباب لنفس التكفين لا لمسّ الميت الذي قد غسّل ، فلا يتم المطلوب.

يمكن الجواب عنه : بأنّ الخبر إذا لم يكن صريحاً فيما ذكر فليحمل على هذا(٤) الذي يستفاد من هذا الخبر ، ويكون من قبيل المطلق والمقيد.

وتظهر فائدة ما ذكرناه فيما لو كفّنه إنسان بدون مسّ جسمه ، فإنّ‌

__________________

(١) في ص ٩٤.

(٢) مدارك الاحكام ٢ : ١٦٥.

(٣) في النسخ : لأنّه ، والأنسب ما أثبتناه.

(٤) ليس في : « رض » و « د ».

١١٥

الغسل يستحب على ظاهر الخبر السابق ، ولا يستحب على ظاهر هذا الخبر ، وعلى قدير حمل المطلق على المقيد يتحد المآل ، غير أنّ لقائل أنّ يقول : هذا الخبر فيه باب الاحتمال واسع ، ومعه لا يتم التقييد لذلك الخبر. وفيه أنّ الظهور لا ينكر من هذا الخبر ، مضافاً إلى تأييد خبر عمّار(١) ، فليتأملّ.

وأمّا الثاني : فمدلوله(٢) ظاهر ، وما تضمنه من أنّه لا بأس أن يمسّه ويقبّله بعد الغسل فلا ينافي استحباب الغسل كما هو واضح.

وأمّا الثالث : فلا يخلو ظاهره من إجمال من حيث قوله : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام فعل وجرت به السنّة » ولعلّ المراد أنّ السنّة جرت بغسل المسّ ، لا من حيث اغتسال أمير المؤمنينعليه‌السلام ، واحتمال كون السنّة جرت بسبب فعله يشكل بأنّ الأحكام بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تبتدأ ، اللهُمَّ إلاّ أن يقال : إنّ الحكم كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واقعاً لكن علّق على فعل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أو أنّ الأمر فوّض إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فله جهتان ، فليتأملّ.

وأمّا الرابع : فهو صريح الدلالة على أنّ موجب الغسل مسّ الجلد(٣) ، فلو مسّ الشعر أو الظفر لا يجب الغسل ، أمّا المسّ بالشعر والظفر للجلد فيحتمل عدم وجوب الغسل به ، إذ لا يصدق المسّ ، ويحتمل الوجوب ، لأنّ اعتبار الإحساس لا دليل عليه ، وفيه ما فيه.

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره بعض المتأخرين : من أنّ مسّ العظم‌ المجرّد المتصل بالميت موجب للغسل ، لظهور صدق مسّ الميت بمسّ

__________________

(١) في « رض » : عثمان.

(٢) في « فض » : مدلوله.

(٣) في « رض » : الجسد.

١١٦

جزء منه(١) . محل بحث.

إلاّ أن يقال : إنّ هذا الخبر لا يدل على الحصر في مس الجلد ، إذ اللحم خارج عنه مع وجوب الغسل بمسه قطعاً.

وفيه : أن ما خرج بالإجماع لا يضر بالحال ، وكونه ينافي الحصر إنما يتم على تقدير إرادة الحصر من اللفظ ، والمراد أن مفهومه عام فإذا خص العام لا مانع منه.

ومثل هذا القولُ في مسّ السن من الميت حال الاتصال ، فإن بعض الأصحاب حكم بوجوب الغسل حالته دون حال الانفصال ، مستدلاً بالأصل في الثاني(٢) ، ولا يخفى عليك الحال.

وأمّا الخامس : فقد استدل به المحقق في المعتبر على وجوب الغسل بمسّ القطعة ذات العظم ، وعدمه عند عدم العظم ، ونَقَل عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع على ذلك ، قال المحققرحمه‌الله بعد نقل الرواية : والذي أراه التوقف في ذلك ، فإنّ الرواية مقطوعة ، ودعوى الشيخ الإجماع لم تثبت ، فإذاً الأصل عدم الوجوب(٣) .

وأجاب في الذكرى بأن هذه القطعة جزء من جملة يجب الغسل بمسّها ، وكل دليل دل على وجوب الغسل بمسّ الميت فهو دال عليها ، وبأن الغسل يجب بمسّها متصلة فلا يسقط بالانفصال ، وبأنه يلزم عدم الغسل لو مسّ جميع الميت ممزّقاً(٤) .

وفي ما قاله نظر‌ :

__________________

(١) الدروس ١ : ١١٧.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢١٢.

(٣) المعتبر ١ : ٣٥٢.

(٤) الذكرى ٢ : ٩٧ بتفاوت يسير.

١١٧

أمّا الأوّل : فلأنّ المتبادر من مسّ الميت هو الجملة ، وهي غير الإجزاء.

أمّا ما قاله شيخناقدس‌سره : من أنّه لو تم ما قاله الشهيدرحمه‌الله لزم وجوب الغسل بمسّ اللحم المجرّد عن العظم. ففيه : أنّه إذا خرج بالدليل لا يضر بالحال ، وقد صرحقدس‌سره : بأنّه لا قائل به(١) . وذلك كاف في التوجيه.

وأمّا الثاني : فلأن وجوب الغسل بمسّ المتصل لصدق اسم الجملة.

وأمّا الثالث : فيمنع(٢) بطلان اللازم إن لم يقع عليه إجماع ، وإن وقع فهو المخرج ، على أنّ اللازم ممّا قاله الشهيدرحمه‌الله الاختصاص بالمبانة من الميت ، وقد قيل : إن المدعى أعم.

وربما(٣) يقال : إنّ الأخبار قد دلّت على أن من غسّل الميت عليه غسل ، وفي معتبر الأخبار ما يدل على أن الرجل الذي يأكله السبع وتبقى عظامه بغير لحم يغسّل(٤) ، وحينئذ يدخل في عموم الأخبار الدالة على أن من غسّل الميت عليه الغسل(٥) ، إلاّ أنّه يمكن الجواب بأن المتبادر من العموم غير ما ذكر.

ومن هنا يعلم أن ما قاله شيخناقدس‌سره من عدم وجوب الغسل بمس العظم المجرد ، خلافاً للشهيد في الذكرى حيث ذهب إلى وجوب الغسل بمسّه لدوران الغسل معه وجوداً وعدماً(٦) . محل بحث ، لا لما قاله الشهيد‌

__________________

(١) المدارك ٢ : ٢٨٠.

(٢) في « رض » : فنمنع.

(٣) في « رض » : وقد.

(٤) التهذيب ١ : ٣٣٦ / ٩٨٣ ، الوسائل ٣ : ١٣١ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١.

(٥) الوسائل ٣ : ٢٨٩ أبواب غسل المس ب ١.

(٦) مدارك الاحكام ٢ : ٢٨٠.

١١٨

فإنه واضح الردّ ، بل لما قلناه ، غير أن دفعه قد سمعته ، ولا يخلو من كلام.

وفي الخبر الذي أشرنا إليه أن الميت إذا كان نصفين صلّى على النصف الذي فيه القلب(١) ، وظاهر الرواية أن الحكم بعد التغسيل ، وحينئذ يتناول العموم مثل هذا ، فيحتمل وجوب الغسل بمسّه لما قلناه ، وعلى قول شيخناقدس‌سره لا يجب لعدم تحقق الجملة.

إذا عرفت هذا كله فاعلم أن العلاّمة في المختلف قال : المشهور بين علمائنا وجوب الغسل على من مسّ ميتاً من الناس قبل تطهيره بالغسل وبعد برده بالموت ـ إلى أن قال ـ : وقال السيد المرتضىرحمه‌الله : إنه مستحب. ونقله عن الشيخ في الخلاف ، ونقل الاحتجاج له بالأصل وبرواية سعد بن أبي خلف السابقة(٢) حيث قال فيها : « الغسل في أربعة عشر موطناً واحد فريضة والباقي سنة ».

وأجاب العلاّمة عن الأصل بأنه إنّما يعمل به ما لم يدل الدليل على خلافه ، وقد بينا فيما تقدم الدلالة على خلافه ، وعن الرواية بأن المراد بالسنّة ما ثبت من جهة السنة لا من طريق القرآن ، فإن غسل الحيض والاستحاضة والنفاس واجب عندنا ، فلا يجوز حمل السنة هنا على الندب(٣) . انتهى.

ولا يخفى عليك الحال أنّ السيد لو استدل بالرواية وكانت مصرحة بأنّ الأربعة عشر من جملتها الحيض والاستحاضة والنفاس كان كلام العلاّمة‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٣٧ / ٩٨٥ ، الوسائل ٣ : ١٣٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١١.

(٢) في ص ٩٧.

(٣) المختلف ١ : ١٤٩ ١٥١.

١١٩

متوجهاً ، أمّا إذا لم يصرح بها(١) فيجوز أن يكون كلها مسنونات كما اتفق في حديث أنّ الأغسال سبعة عشر(٢) ، إذ لم يذكر فيه الحيض والاستحاضة والنفاس ، فالجواب موقوف على ذلك ، وبدونه لا يليق ذكره.

واحتجاج السيد بالأصل على طريقته واضح ، وردّه على طريقة غيره إذا قلنا : إنّ الأمر للوجوب شرعاً. حقّ ، أمّا لو قلنا بالاشتراك شرعاً بين الوجوب والندب فقد يشكل الاستدلال ببعضها ، والبعض الآخر الدال على لفظ الوجوب كمرسل أيوب بن نوح حاله غير خفيّ ، وما تضمن لفظ : « عليه الغسل » كخبر سهل لا اعتماد عليه ، فما حكم به الوالدقدس‌سره من وجوب غسل المسّ ـ(٣) مع عدم قوله بأن الأمر للوجوب شرعا ، كما قرره في الأُصول ـ(٤) لا يخلو من غرابة ، إلاّ أن في انضمام الأخبار بعضها إلى بعض ما يصلح وجهاً للاعتماد ، والله تعالى أعلم بالحال.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « مس الميت عند موته وبعد غسله ، والقُبلة ليس به بأس ».

عنه ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبّل عثمان بن مظعون بعد موته ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على أن التقبيل إذا كان‌

__________________

(١) في « رض » : به.

(٢) المتقدم في ص ٩٤.

(٣) معالم الفقه : ٢٨٠.

(٤) معالم الأصول : ٤٨.

١٢٠