إستقصاء الإعتبار الجزء ٢

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469
المشاهدات: 48387
تحميل: 4674


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48387 / تحميل: 4674
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-174-5
العربية

المتن :

في الأوّل ظاهر الدلالة على وجوب الغسل بالإنزال ، والإجماع واقع على أن نزول المني موجب للغُسل ، كما حكاه شيخناقدس‌سره قائلاً ، إنّه إذا تيقن أن الخارج منيّ وجب الغُسل ، سواء خرج متدافقاً أو متثاقلاً ، بشهوة وغيرها ، في نوم ويقظة ، والأخبار المستفيضة تدل عليه ـ إلى أن قال ـ : ومع الاشتباه يعتبر باللذّة والدفق وفتور البدن ، أي انكسار الشهوة بعد خروجه ، لأنها صفات لازمة للمنيّ في الأغلب فيرجع إليها عند الاشتباه ، ولما رواه علي بن جعفر ، وذكر الرواية الثانية(١) .

وقد يقال : إن الرواية المذكورة عن عليّ بن جعفر لا تصلح للاستدلال ، لأن مقتضاها أن الثلاثة إذا وجدت وجب الغسل ، وإذا انتفت الفترة والشهوة فلا غسل وإن حصل الدفع.

وإشكاله ظاهر ، وما قاله الشيخ في توجيهه أشكل ، لأن مقتضاه أن وجود الشهوة كاف في كونه منيّاً ، وإذا لم يجد الشهوة لا يكون منيّاً ، والنص قد اعتبر فيه الثلاثة صريحاً.

والإشكال من جهة قولهعليه‌السلام : « وإن كان. » قد يدفع بأن الدفع من لوازمه الشهوة والفتور ، ومع انتفائهما ينتفي ، فالأمر فيه سهل.

والعجب من استحسان شيخناقدس‌سره لكلام الشيخ في توجيه الحديث(٢) .

واحتمال أن يقال : إنّ الشهوة من لوازمها الفتور والدفع. يشكل بأنّ‌

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٦٥.

(٢) مدارك الأحكام ١ : ٢٦٧.

١٤١

الشهوة قد اعتبرت في المذي أيضاً ، كما تقدم في الأخبار ، ولو أُريد بالشهوة هنا معنى آخر يلزمه الفتور والدفع لم يحتج إلى البيان في قولهعليه‌السلام : « لم يجد له فترة ولا شهوة » بل يكفي أن يقال : لم يجد له شهوة. إلاّ أن يقال : إن الشهوة لما كانت مشتركة بين ما يحصل منها المذي وما(١) يحصل منها المني احتيج إلى بيانها ليندفع الشك وأنت خبير بأن هذا وارد على الشيخ في عدم بيانه ذلك ، فالخلل في كلامه واقع.

ثم إنّ الاحتياج إلى كلام الشيخ في الرواية غير واضح ، لأنه يجوز أن يكونعليه‌السلام أراد أن يبيّن له خواصّ المني لعدم علمه بها ، فإذا أفادعليه‌السلام أنّ المني ما حصل بالثلاثة فالسائل يعتبر ما قالهعليه‌السلام ، وحكمه بأنّ الخارج مني لا يضر بالحال حينئذ(٢) لاحتمال اعتقاد المني ببعض الأوصاف.

وما قاله الشيخ : من أنّ معناه إذا لم يكن الخارج منيّاً. غير معلوم من الرواية ، لأن التقبيل والملاعبة قد تحصل معهما الشهوة ، وما قاله الشيخ : من أنّه يعتبر بوجود الشهوة. عين ما قلناه ، مع أنّه فرّ منه ، فينبغي التأمّل في ذلك.

ومن هنا يعلم أن ما حكم به شيخناقدس‌سره : من أنّه مع الاشتباه يعتبر بالثلاثة الأوصاف ، ولو علم أنّه مني وجب الغسل ، سواء حصل متدافعاً أو متثاقلاً بشهوة أو غيرها. محل بحث إلاّ في المريض ، ففي معتبر الأخبار ما قد يستفاد منه عدم اعتبار الدفع(٣) .

فإن قلت : الأخبار الدالة على وجوب الغسل بالماء الأكبر مع الخبر‌

__________________

(١) في « رض » : وبين ما.

(٢) ليس في « رض ».

(٣) انظر الوسائل ٢ : ١٩٤ أبواب الجنابة ب ٨.

١٤٢

الدال على أن الإنزال موجب للغسل فيها إطلاق ، فمن ثمّ حكم بوجوب الغسل مطلقاً مع العلم ، ومع الاشتباه ينظر الأوصاف الثلاثة.

قلت : الأخبار المذكورة لا يخرج عن كونها مطلقة أو مجملة ، فإذا فصّلها الخبر الصحيح الدال على الأوصاف أو قيّدها لا مانع منه ، وما المحوج إلى حمل الخبر على الاشتباه مع عدم الصراحة فيه ، وإنّما هو محض توجيه من الشيخ.

وكون الأغلب أن الصفات لازمة للمنيّ إن أُريد به انفكاك بعضها عن بعض نادراً فالحق الحكم بالأغلب ، ينافي الحكم في المريض بأنه لا يعتبر فيه الدفق(١) كما لا يخفى ، على أن ما استدل به على المريض سيأتي فيه الكلام على مقتضى ما أفهمه إن شاء الله.

وبالجملة : فالحكم المذكور من الفرق بين الاشتباه وعدمه إن كان إجماعياً فبها ، وإلاّ فهو محل كلام.

ويزيد ما قلناه إشكالاً أن رواية عليّ بن جعفر إذا دلّت على حال الاشتباه فاللازم من الإمامعليه‌السلام أن يفصّل له الحال بأنك إن علمت كونه منيّاً فاغتسل ، وإن اشتبه ذلك فاعتبر الأوصاف ، ولا تلويح في الرواية ولا تصريح بشي‌ء منه ، فليتأمّل في المقام.

اللغة :

قال في القاموس : فتر جسمه فتوراً : لأنت مفاصله وضعف(٢) . وفي‌

__________________

(١) في « رض » : الدفع.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ١١١ ( فتر ).

١٤٣

النهاية : صار فيه فتور وهو ضعف وانكسار(١) .

وفي القاموس : شهيه كرضيه ودعاه ، واشتهاه ، وتشهّاه : أحبّه ورغب فيه(٢) .

قال :

باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها

الغسل في النوم واليقظة وعلى كل حال‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة ترى أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل ، قال : « تغتسل ».

وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عثمان ، عن أديم بن الحرّ ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل أعليها(٣) غسل؟ قال : « نعم ولا تحدّثوهنّ فيتخذنه علّةً ».

عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن محمد ابن عبد الحميد الطائي قال : حدثني محمد بن الفضيل ، عن

__________________

(١) النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٠٨ ( فتر ).

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٣٥٢ ( شهيه ).

(٣) في النسخ : عليها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٥ / ٣٤٤.

١٤٤

أبي‌ الحسنعليه‌السلام قال : قلت له : تلزمني المرأة أو الجارية من خلفي وأنا متكئٌ على جنب تتحرّك على ظهري فتأتيها الشهوة وتنزل الماء أفعليها الغسل [ أم لا ](١) ؟ قال : « نعم إذا جاءت الشهوة وأنزلت الماء وجب عليها الغسل ».

وبهذا الاسناد عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن شاذان ، عن يحيى بن أبي طلحة أنّه سأل عبداً صالحاً عن رجل مسّ

فرج امرأته أو جاريته يعبث بها حتّى أُنزلت أعليها(٢) غسل أم لا؟ قال : « أليس قد أُنزلت من شهوة؟ » قلت : بلى ، قال : « عليها غسل ».

وأخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي(٣) ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا أمنت المرأة والأمة من شهوة جامعها الرجل أم لم يجامعها ، في نوم كان (٤) أو في يقظة ، فإن عليها الغسل ».

السند‌

في الأوّل لا ريب فيه على الظاهر ، غير أن في المقام أمر ينبغي التنبيه‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٥ / ٣٤٥.

(٢) في النسخ : عليها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٥ / ٣٤٦.

(٣) كذا في الفهرست : ٢٣ / ٦١ ، ولكن في رجال الشيخ : ٤٥٣ / ٨٩ : أحمد بن الحسن بن عبد الملك الأودي ، وفي رجال النجاشي : ٨٠ / ١٩٣ : أحمد بن الحسين ابن عبد الملك الأزدي.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٠٦ / ٣٤٧ : كانت.

١٤٥

عليه ، وهو أن ابن محبوب الواقع فيه هو الحسن ، وقد حكى النجاشي عن الكشي أنّه قال عن نصر بن الصباح : ما كان أحمد بن محمد ابن عيسى يروي عن ابن محبوب ، من أجل أن أصحابنا يتهمون ابن محبوب في أبي حمزة الثمالي ، ثم تاب ورجع عن هذا القول(١) . ولعلّ هذا من النجاشي على سبيل الإجمال ، وعدم التعرض فيه لتحقيق الحال غريب ، فإن التهمة والرجوع عنها لا بد من الإشارة إلى حقيقتها.

والذي يخطر في البال أنّ وجه التهمة كون الحسن بن محبوب توفّي في آخر سنة أربع وعشرين ومأتين ، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة كما نقله الكشي(٢) ، والصدوق ذكر في مشيخة الفقيه أنّ أبا حمزة الثمالي توفّي في سنة خمسين ومائة(٣) ، فيكون عمر الحسن بن محبوب حين وفاة أبي حمزة نحو من سنة ، فروايته عنه لا تخلو من إشكال.

وكان أحمد بن محمد بن عيسى توقفه في الرواية عن الحسن من هذا الوجه ، إلاّ أنّه لا يخفى أن ذكر اتّهام الأصحاب لا وجه له ، بل هو على سبيل التحقيق ، ولعلّ المراد بالتهمة أن روايته عنه حينئذ إنّما تكون بالإجازة ، وعدم التصريح بذكر الإجازة في الرواية أوجب التهمة بالكذب ، لأنّ ظاهر الرواية إذا لم تقيّد بالإجازة أنّها بغيرها من طرق التحمل.

ثمّ إنّ رجوع أحمد بن محمد عن ذلك لعله لترجيح جواز إطلاق الرواية من غير ذكر الإجازة ، كما هو مذهب بعض العلماء على ما قرّروه في علم الدراية ، على أن أحمد وإن لم يرجح هذا ، لكن إذا حصل الوجه‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٨١ / ١٩٨.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٥١ / ١٠٩٤.

(٣) مشيخة الفقيه ( من لا يحضره الفقيه ٤ ) : ٣٦.

١٤٦

المسوِّغ للرواية جاز أن يكون الحسن بن محبوب اختاره ، غير أن النجاشي كان عليه بيان حقيقة الحال.

وما نقله الكشي بعد ما حكاه عنه النجاشي : من أن أحمد بن محمد ابن عيسى كان يروي عمن كان أصغر سنّاً منه(١) قد ينافي ما ذكرناه من التوجيه ، ويفيد أنّ ترك الرواية عنه لغير ذلك ، ولعلّه أراد بما ذكره الإشارة إلى أنّ أحمد بن محمد كان في أوّل الأمر له ترفّع عن الرواية عمّن هو أصغر سنّاً منه ، ثم صار يروي عن الأصغر بعد ذلك ، غير أنّ الإشكال إنّما يقع في أن بعض النسخ التي وقفنا عليها للكشي هذه صورته : وقال نصر ابن الصباح : ابن محبوب لم يكن يروي عن ابن فضال بل هو أقدم من ابن فضال وأسن ، وأصحابنا يتهمون ابن محبوب في روايته عن ابن أبي حمزة(٢) .

وظاهر هذا أن التهمة في ابن أبي حمزة لا في أبي حمزة ، ولعلّ ابن أبي حمزة هو البطائني الواقفي المشهور ، والتهمة المذكورة من أحمد إنما هي لأجل روايته عن ابن أبي حمزة ، وحينئذ يكون ما ذكر في الكشي عن نصر بن الصباح في الموضع الآخر موهوماً ، إلاّ أن النجاشي ثبتٌ في النقل وقد حكى الأوّل كما ذكرناه ، وما يتوجه عليه من عدم تحقيق الحال لا يظن الجواب عنه إلاّ بما أشرنا إليه.

وبالجملة : فالمقام لم أجد من حام حول تحقيقه من المتأخّرين ، فينبغي النظر فيه بعين الاعتبار ، ولأهميته لم نسلك فيه سبيل الاختصار.

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٩٩ / ٩٨٩.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٥١.

١٤٧

والسند في الثاني : واضح لا ارتياب في رجاله على ما تقدم ، إلاّ في رواية الحسين بن سعيد عن حماد بن عثمان بأن المعهود روايته عن حماد ابن عيسى ، ويدفعه أنّ المرتبة لا تأباه ( وإن كان الغالب توسط ابن أبي عمير أو فضالة )(١) كما لا يخفى على الممارس.

والثالث : فيه محمد بن عبد الحميد الطائي ، وهو غير مذكور فيما رأيناه من كتب الرجال بهذا الوصف ؛ ومحمد بن [ الفضيل ](٢) مشترك بين ثقة وغيره(٣) .

والرابع : فيه شاذان ، والموجود في الرجال شاذان بن الخليل(٤) من أصحاب يونس في الخلاصة مهملاً(٥) ، وفي رجال الجوادعليه‌السلام من كتاب الشيخ : شاذان بن الخليل والد الفضل بن شاذان(٦) ، وفي الخلاصة أيضاً في الشاذاني : أنّه شاذان بن نعيم(٧) ، وقال في محمد بن أحمد بن نعيم الشاذاني : روى الكشي عن آدم بن محمد قال : سمعت محمد بن شاذان بن‌

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من « د ».

(٢) في النسخ : الفضل ، والظاهر ما أثبتناه.

(٣) هداية المحدثين : ٢٤٩.

(٤) يظهر من الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن أن شادان ( بالدال المهملة ) لقب الخليل بن نُعيم والد الفضل ، لا أنّه اسم رجل آخر بينهما بالأُبوّة والبنوّة راجع رجال الكشي ٢ : ٧٧٩ / ٩١٣ ، ومجمع الرجال ٣ : ١٨٨.

(٥) خلاصة العلاّمة : ٨٧ / ٣.

(٦) رجال الطوسي : ٤٠٢ / ١.

(٧) خلاصة العلاّمة : ٢٧١ / ٣٤.

١٤٨

نعيم وذكر الرواية ، وهي موجودة في الكشي(١) ، إلاّ أنّه لا فائدة في ذلك لعدم ما يوجب التوثيق ولا غيره.

وأمّا يحيى بن أبي طلحة فلم أقف عليه في الرجال.

والخامس : فيه أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي وهو ثقة ، وأمّا أحمد بن عبدون فهو من شيوخ الإجازة ، غير أنّه لم يوثق في الرجال(٢) ، لأن توثيق الشيوخ لم يكن من طريقة المتقدمين من مصنّفي الرجال.

والعلاّمة صحّح طريق الشيخ في هذا الكتاب والتهذيب إلى أبي طالب الأنباري(٣) ، وأحمد فيه ، إلاّ أن في كونه توثيقاً لأحمد نظراً.

وعليّ بن محمد بن الزبير لم يوثق في الرجال أيضا ، وقد ذكره الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمةعليهم‌السلام (٤) .

فإن قلت : قد قال النجاشي في ترجمة أحمد بن عبدون : وكان قد لقي أبا الحسن عليّ بن محمد القرشي المعروف بابن الزبير وكان علوّاً في الوقت(٥) . وهذا اللفظ إن عاد إلى أحمد كان توثيقاً له ، وإن عاد إلى علي كان كذلك.

قلت : لم أفهم حقيقة المعنى في هذه العبارة ، لكن الظاهر عودها إلى عليّ بن الزبير وفيها نوع إشعار بالمدح.

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ١٥٣ / ٧٦.

(٢) رجال ابن داود : ٣٩ / ٩٤.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٧٦.

(٤) رجال الطوسي : ٤٨٠ / ٢٢.

(٥) رجال النجاشي : ٨٧ / ٢١١.

١٤٩

وأمّا معاوية فلا يخلو من اشتراك(١) كما يعرف من ملاحظة المراتب.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ الإنزال من المرأة يوجب الغسل ، وربما كان الإطلاق مقيداً بما في الخبر المذكور في أوّل الباب ، إلاّ أن عدم الاتحاد في المورد قد يشكل معه الحال.

وما نقلناه أوّلاً من الفرق بين الاشتباه وتحقق المني لا أعلم قول الأصحاب في جهة المرأة أهي(٢) من قبيل الرجل فيما ذكر أم لا؟.

وقد يدّعى أنّ الأخبار الواردة في المرأة الدالة على مجرد الشهوة يقتضي عدم اعتبار غيرها من(٣) المذكور في الرجال على تقدير الاشتباه ، أو على الإطلاق بتقدير الاحتمال الذي قدّمناه ، والإحالة على(٤) التأمّل فيما أشرنا إليه أوّلاً أولى.

وفي الثاني : نوع دلالة على أنّ رؤيتها كما يرى الرجل موجبة للغسل ، أمّا كيفية المني فمجملة الحكم.

وقد ذكر بعض المتأخّرين أنّ المني له صفات خاصة عند الاشتباه وهي : قرب رائحته رطباً من رائحة الطلع والعجين ، وجافّاً من بياض البيض(٥) .

وربما استشكل بفقد النص وجواز عموم الوصف(٦) .

__________________

(١) هداية المحدثين : ١٤٦.

(٢) في « فض » : أي.

(٣) في « فض » زيادة : الأوّل.

(٤) في « رض » : في.

(٥) المسالك ١ : ٤٩.

(٦) المدارك ١ : ٢٦٧.

١٥٠

وقد يقال : إنّه لا بد من المائز على تقدير عدم العلم بالدفق والشهوة والفتور كحال النوم ، والوصف وإن جاز عمومه إلاّ أنّ المشابهة الغالبة كافية ، ولو لا ذلك لأشكل الأمر ، إلاّ أنّ يقال بأنّ العلم يحصل بكونه منيّاً ، وأنت خبير بأنّ حكم المرأة يتوقف على البيان من الشارع في أنّه متحد مع حكم الرجل ، والأخبار لا تخلو من إجمال على ما وقفت عليه الآن.

وما تضمنه الخبر من قولهعليه‌السلام : « ولا تحدّثوهنّ فيتخذنه علّة » لا يخلو من إشكال ، وقد ذكرت في حاشية التهذيب إمكان أنّ يقال : إن المراد لا تحدثوهن قبل وقوع ما يوجب الغسل منهن ، وبعده حينئذ لا بد من التنبيه على الغسل لكن بوجه لا يصرح فيه بأنّ السبب الاحتلام ، أو أنّ المنع قبل الوقوع ، وبعده لا منع وإن كانت العلّة جارية فيما بعد ، وبالجملة فالأمر في غاية الغموض ، والله تعالى أعلم بمقاصد أوليائه.

وقوله عليه‌السلام في الثالث : « إذا جاءت الشهوة وأنزلت الماء وجب عليها الغسل » يدل على أنّ مجرد الشهوة كاف ، إلاّ أن قوله : « وأنزلت الماء » ربما يدل على أن الماء لتعريف العهد أي الماء المقرر في صفاته ما ذُكر ، والاكتفاء بالشهوة لأن من لوازمها بقية الأوصاف. وفيه : أنّ باب الاحتمال واسع ، فلا يتم الاستدلال بالخبر على تقدير سلامة سنده.

والخبر الرابع : يدل على مطلق وجود الشهوة ، إلاّ أن ينضم إليه ما قدمناه من الاحتمال.

والخامس : كذلك.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ،

١٥١

عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الرجل يضع ذكره على فرج المرأة فيمني أعليها غسل؟ فقال : « إذا أصابها من الماء شي‌ء فلتغسله وليس عليها شي‌ء إلاّ أن يدخله » قلت : فإن أمنت هي ولم يدخله ، قال : « ليس عليها غسل ».

وروى هذا الحديث الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة بلفظ آخر عن عمر بن يزيد قال : اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة ولبست ثيابي وتطيّبت فمرّت بي وصيفة ففخّذت لها فأمذيت أنا(١) وأمنت هي ، فدخلني من ذلك ضيق فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فقال : « ليس عليك وضوء ولا عليها غسل ».

فالوجه في هذا الخبر أنّه يجوز أن يكون السامع قد وهم في سماعه وأنّه إنّما قال : أمذت. فوقع له : أمنت ، فرواه على ما ظن ، ويحتمل أن يكون إنّما أجابهعليه‌السلام على حسب ما ظهر له في الحال منه ، وعلم أنّه اعتقد في جاريته أنّها أمنت ولم يكن كذلك ، فأجابه عليه‌السلام على ما يقتضيه الحكم لا على اعتقاده.

السند‌

كما ترى فيه رواية الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عثمان بواسطة فضالة ، والظاهر سقوطه من الخبر السابق فلا يضر بصحة السند.

وأمّا عمر بن يزيد : فقد أوضحت القول فيه فيما أفردته به في الرجال ، والذي يقال هنا : إنّ الموجود في النجاشي : عمر بن محمد بن‌

__________________

(١) ليست في النسخ أثبتناها من الاستبصار ١ : ١٠٦ / ٣٤٩.

١٥٢

يزيد أبو الأسود بيّاع السابري مولى ثقيف كوفي ثقة جليل روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام (١) .

وفي فهرست الشيخ : عمر بن يزيد ثقة له كتاب(٢) .

وفي رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ : عمر بن يزيد بيّاع السابري كوفي(٣) .

وفي رجال الكاظمعليه‌السلام : عمر بن يزيد بيّاع السابري كوفي ثقة له كتاب(٤) .

ثمّ في رجال الصادقعليه‌السلام : عمر بن يزيد الثقفي مولاهم البزاز الكوفي(٥) .

وفي النجاشي : عمر بن يزيد بن ذبيان الصيقل أبو موسى مولى بني نهد ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وذكر أنّ الراوي عنه محمد بن زياد(٦) .

وفي رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ : عمر بن يزيد الصيقل الكوفي(٧) .

والشيخ في الفهرست ذكر أنّ الراوي عن عمر بن يزيد السابق عنه : محمد بن عمر بن يزيد ، عن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن عمر بن يزيد(٨) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥١.

(٢) الفهرست : ١١٣ / ٤٩١.

(٣) رجال الطوسي : ٢٥١ / ٤٥٠.

(٤) رجال الطوسي : ٣٥٣ / ٧.

(٥) رجال الطوسي : ٢٥١ / ٤٥٧.

(٦) رجال النجاشي : ٢٨٦ / ٧٦٣.

(٧) رجال الطوسي : ٢٥١ / ٤٥٨.

(٨) الفهرست : ١١٣ / ٤٩١.

١٥٣

وشيخنا أيّده الله في كتاب الرجال قال : إنّ الظاهر الاتحاد في عمر ابن يزيد وعمر بن محمد بن يزيد(١) . وأمّا عمر بن يزيد الصيقل فهو غير المذكورين.

وفي نظري القاصر أنّ هذا لا يدفع الاحتمال الواقع في الخبر المبحوث عنه ، لأنّ عمر بن يزيد الصيقل يروي عن أبي عبد الله ، كما أنّ عمر بن محمد بن يزيد أو عمر بن يزيد يروي عنه ، فالحكم بصحة الحديث لا يخلو من إشكال.

وما قاله أيّده الله من الاتحاد غير بعيد ، لأنّ النجاشي لم يذكر سوى عمر بن محمد بن يزيد ، ومن المستبعد أن يكون مغايراً لعمر بن يزيد الذي ذكره الشيخ ولم يذكره ، والشيخ أيضاً لم يذكر عمر بن محمد بن يزيد لنحو ما ذكر في النجاشي ، وكأنّ النسبة إلى الجدّ وقعت من الشيخ ، وإلى الأب والجدّ معاً وقعت من النجاشي ، وتكرار الشيخ لا يدل على التعدد كما يعرف من عادته في الكتاب.

وما ظنّه بعض المتأخّرين من أنّ المذكور في الفهرست هو عمر بن يزيد الصيقل(٢) . فلي فيه نظر ، لأنّ الراوي عنه كما سمعته محمد بن عمر ابن يزيد ، عن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن عمر بن يزيد ؛ ومحمد بن عمر بن يزيد هو ابن بيّاع السابري كما صرّح به النجاشي(٣) ، فلو اتحد عمر ابن يزيد بيّاع السابري مع ابن ذبيان كيف تقع الرواية بهذه الصورة عن الحسين ابن عمر بن يزيد كما يعرف بأيسر نظر.

__________________

(١) منهج المقال : ٢٥٢.

(٢) حكاه عن بعض مشايخه في الحاوي ٢ : ١٢٦.

(٣) رجال النجاشي : ٣٦٤ / ٩٨١.

١٥٤

فإن قلت : قد ذكر النجاشي في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر ابن يزيد الصيقل ما هذا لفظه : أبو جعفر كوفي ثقة من أصحابنا ، جدّه عمر ابن يزيد بيّاع السابري(١) . فيكون الصيقل وبيّاع السابري واحداً.

قلت : إذا كان واحداً يكون الراوي محمد بن عمر بن يزيد السابري ، عن الحسين بن عمر بن يزيد السابري ، عن عمر بن يزيد السابري ، والأولى حينئذ أن يقال : عن أخيه عن أبيهما ، كما هو المتعارف في أمثاله ، وبتقدير الجواز(٢) نظراً إلى بيان الأب في كل المراتب فالصيقل مولى بني نهد فهو نهدي ، والسابري لو كان له وصف غيره لما احتيج إليه ، إلاّ أن يقال : إن هذا موجود بكثرة في الرجال ، إذ لا مانع من تعدد الصفات ، ومن ثَمَّ ظن الشيخ التعدد في كثير من الرجال بسبب ذلك. وفيه ما فيه.

ويقال في كلام النجاشي في أحمد : إن فيه احتمال كون الصيقل صفة لأحمد ، وحينئذ يكون جدّه عمر بن يزيد بيّاع السابري. وفيه نظر ، لأنّه خلاف الظاهر من عبارة النجاشي ، فإنّ الظاهر من كلام النجاشي الاتحاد في بيّاع السابري والصيقل في ترجمة أحمد ، إلاّ أن يحتمل الوهم في قول النجاشي.

ويؤيّد الاحتمال أنّه ذكر عمر بن محمد بن يزيد بيّاع(٣) السابري ، والراوي عنه محمد بن عذافر ومحمد بن عبد الحميد(٤) ؛ وذكر عمر بن يزيد الصيقل ، والراوي عنه محمد بن زياد(٥) ، والاتحاد مع ذكر الاختلاف‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٨٣ / ٢٠٠.

(٢) في « رض » : الجواب.

(٣) ليس في « رض ».

(٤) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥١.

(٥) رجال النجاشي : ٢٨٦ / ٧٦٣.

١٥٥

في الراوي عن كل واحد غير مألوف من النجاشي ، إلاّ أن يقال : إنّ النجاشي لا يقول بأنّ عمر بن محمد بن يزيد هو جدّ أحمد ، بل جدّه عمر بن يزيد. وفيه أنّ من المستبعد التعدد لما أسلفناه ، بل يؤيّد العدم أنّه يذكر جدّ الرجل ولم يذكر الجدّ مفرداً.

وبالجملة : فالمقام لا يخلو من إجمال ، وهو في كلام المتأخّرين غير محرّر ، والله تعالى أعلم بالحال.

المتن :

ما قاله الشيخ : من أنّ هذا الحديث مروي بلفظ آخر. لا يخلو من غرابة ، لأن المذكور حديث آخر ، وكون الراوي واحداً لا يدل على اتحاد الحديث ، وما ذكره الشيخ في الجمع وإن بعد إلاّ أنّه أولى من غيره.

وما قد يقال : إن قول الشيخ : يجوز أن يكون السامع وهم في سماعه. مراده به السامع من غير الإمام ، ورواة الحديث عن عمر بن يزيد ثقات جميعاً ، فكيف يقع الوهم؟. يمكن الجواب عنه بأن المراد كون الوهم إذا صدر من الراوي نادراً لا يضرّ بالحال.

نعم يشكل الحال بأن السؤال لو كان عن المذي منهما فأيّ فائدة في جواب الإمامعليه‌السلام بنفي الوضوء عنه والغسل عنها ، هذا في الخبر الثاني ، وفي الأوّل كذلك ، لأن قولهعليه‌السلام : « ليس عليها غسل » مع كون السؤال عن المذي غير واضح.

ثم إن دخول الضيق بسبب المذي لا وجه له من مثل عمر بن يزيد ،وبالجملة : فالجواب الأوّل لا يخلو من تأمّل.

وعلى تقدير تمامه في الخبر الثاني لا يتمّ في الأوّل ، لأن السائل قال‌ :

١٥٦

فإن أمنت. ولا دخل هنا للاعتقاد وعدمه. والأولى أن يقال : إن عدم الغسل عليها لعدم ثبوت كونه منيّاً بمجرد قول الراوي ، لجواز توهمه بسبب(١) من الأسباب كما ذكره شيخنا أيده الله في فوائده على الكتاب(٢) .

بقي شي‌ء وهو أن الخبر الثاني ربما يدلّ على أن غسل الجمعة لا وضوء معه كما يعلم من ملاحظته ، إلاّ أن الحق كونه مجملاً لا يصلح للاستدلال ، غير أنّه مؤيّد لما دل على عدم الوضوء مع غسل الجمعة ، وسيأتي إن شاء الله توضيح القول في ذلك(٣) .

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال : قلت : لأبي جعفرعليه‌السلام كيف جعل على المرأة إذا رأت في النوم أن الرجل يجامعها في فرجها الغسل ولم يُجعل عليها الغسل إذا جامعها دون الفرج في اليقظة فأمنت؟ قال : « لأنها رأت في منامها أن الرجل يجامعها في فرجها فوجب عليها الغسل ، والآخر إنّما جامعها دون الفرج فلم (٤) يجب عليها الغسل لأنه لم يدخله ، ولو كان أدخله في اليقظة لوجب عليها الغسل أمنت أو لم تمن » فالوجه في هذا الخبر ما ذكرناه في الخبر الأوّل سواء.

__________________

(١) ليست في « رض ».

(٢) في « فض » و « د » : في فوائد الكتاب.

(٣) يأتي في ص ٢٦٠ ٢٦٧.

(٤) في النسخ : لأنّه لم. وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٣٥٠.

١٥٧

السند‌

واضح بعد ما قدّمناه.

المتن :

ظاهر الإشكال ، وما ذكره الشيخ فيه لا يحوم حوله التوجيه إذا أعطاه المتأمّل حق النظر ، ونقل شيخناقدس‌سره عن المنتهى(١) أن فيه : هذه الروايات(٢) قد عارضت إجماع المسلمين والأخبار المستفيضة فوجب الردّ ، ولا ريب فيما قاله.

وذكر شيخنا المحقق ميرزا محمّد أيّده الله في فوائد الكتاب أن في الخبر وجهين :

أحدهما : أن يراد بقوله : فأمنت. مجي‌ء ما يحتمل كونه منيّاً ، ويكون حاصل الجواب الفرق بأن الفرج محل الشهوة ، والمجامعة فيه مظنة خروج المني ، دون ما دون الفرج ، فيحكم في الأوّل بكونه منيّاً دون الثاني ، إلاّ مع تحقق ما يوجب كونه منيّاً.

وثانيهما : أن بعض المخالفين كأبي حنيفة وغيره ذهب إلى أن خروج المني لا يجب به الغسل إلاّ مع الشهوة ، فأوجب لذلك الغسل مع المجامعة في الفرج إذا أمنى لوجود الشهوة ولو في النوم ، ولم يوجب مع المجامعة فيما دون الفرج ولو يقظة لعدم الشهوة ولو أمنى ، ومحمد بن مسلم سأله عن ذلك فبيّنهعليه‌السلام كما قلنا ، قال ـ أيّده الله ـ : ولا يخفى أن هذا الوجه ينبّه‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٧٨.

(٢) في « رض » : الرواية.

١٥٨

على احتمال صدور ذلك عن الإمامعليه‌السلام تقية ، فتأمّل. انتهى.

وهو أعلم بتطبيقه على الرواية ، وكيف يتم التوجيه الأوّل مع قوله : ولم يجعل عليها الغسل إذا جامعها دون الفرج في اليقظة فأمنت.

وقد ذكرنا في حاشية التهذيب أن حمل الإمناء على الإمذاء يوجب تهافت الرواية من حيث تضمنها السؤال عن وجه الفرق بين ما إذا رأت المرأة في النوم أن الرجل يجامعها في الفرج فعليها الغسل ، وعدمه إذا جامعها دون الفرج فأمنت.

والجواب عن هذا يقتضي أن يقال فيه : لأنها لم تمن ، لا لأنه لم يدخله ، كما هو صريح الجواب ، وإن كان في الجواب على تقدير حمل المني على ظاهره نوع خفاءٍ أيضاً ، لإمكان أن يوجّه بلزوم المني لرؤية المجامعة في الفرج ، وإن كان يقتضي نوع منافرة لما عليه الأصحاب ، إلاّ أنه قد يطابق مدلول بعض الأخبار الدالة على عدم وجوب الغسل بالإمناء من دون إدخال ، فالجواب عنها جواب عنه.

وإمكان حمل قوله : « أمنت أو لم تمن » على الإمذاء له وجه من حيث إن الإدخال يوجب الغسل بمجرده ، إلاّ أن المطابقة للسؤال غير حاصلة.

ثم إن الإدخال في الرواية يراد به في الفرج على الظاهر ، ويحتمل أن يراد الأعم من الفرج والدبر على أن يراد بالمجامعة دون الفرج مجرّد إيصال الذكر بها.

والذي رأيته في بعض كتب أهل الخلاف أنهم رووا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جاءت إليه أُمّ سلمة(١) امرأة أبي طلحة فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، وفي المصادر : أُمّ سُلَيم.

١٥٩

من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال : « نعم إذا رأت الماء »(١) .

قال بعض الشرّاح للحديث : إن فيه دليلاً على وجوب الغسل بإنزال الماء من المرأة ، ثم قال : وقولهعليه‌السلام : « إذا رأت الماء » قد يردّ به على من يزعم أن ماء المرأة لا يبرز وإنّما يعرف إنزالها بشهوتها(٢) .

وظاهر كلام من أشرنا إليه من الفقهاء يقتضي وجوب الغسل بالإنزال إذا عرفته بالشهوة ولا يوقفه بالبروز إلى الظاهر ، فليتأمّل خبط هؤلاء الجماعة. وما نقله شيخنا أيّده الله عنهم غريب أيضاً.

وبالجملة : والحديث لا مجال للقول فيه إلاّ بما ذكره في المنتهى(٣) . والله تعالى أعلم.

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : المرأة تحتلم في المنام فيهريق الماء الأعظم ، قال : « ليس عليها الغسل ».

فالوجه في هذا الخبر أنها إذا رأت الماء الأعظم في حال منامها فإذا انتبهت لم تر شيئاً فإنه لا يجب عليها الغسل.

يدل على ذلك :

ما رواه محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن‌

__________________

(١) منهم الشافعي في الأُم ١ : ٣٧ ، واحمد بن حنبل في مسنده ٦ : ٣٠٢.

(٢) وهو ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ١ : ٣٠٩.

(٣) المنتهى ١ : ٧٨.

١٦٠