إستقصاء الإعتبار الجزء ٢

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469
المشاهدات: 48402
تحميل: 4674


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48402 / تحميل: 4674
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-174-5
العربية

[ أيّام ](١) قال : « تدع الصلاة » قلت : فإنها ترى الطهر ثلاثة أيّام أو أربعة [ أيام ](٢) قال : « تصلي » قلت : فإنّها ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة [ أيام ](٣) قال : « تدع الصلاة ، تصنع ما بينها وبين شهر فإن انقطع عنها ، وإلاّ فهي بمنزلة المستحاضة ».

وما رواه سعد بن عبد الله ، عن السندي بن محمد البزاز ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة ترى الدم خمسة أيّام والطهر خمسة أيّام وترى الدم أربعة أيّام والطهر ستة أيام ، فقال : « إن رأت الدم لم تصلِّ وإن رأت الطهر صلّت ما بينهما وبين ثلاثين يوماً ، فإذا تمّت ثلاثون يوماً فرأت الدم دماً صبيباً(٤) اغتسلت واستثفرت(٥) واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة ، فإذا رأت صفرة توضّأت ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على امرأة اختلطت عادتها في الحيض وتغيّرت عن أوقاتها وكذلك أيّام أقرائها واشتبه عليها صفة الدم فلا(٦) يتميز لها دم الحيض من غيره ، فإنّه إذا كان كذلك ففرضها إذا رأت الدم أن تترك الصلاة ، وإذا رأت الطهر صلّت إلى أن تعرف عادتها ، ويحتمل أن يكون هذا حكم امرأة مستحاضة اختلطت عليها أيّام الحيض ، وتغيّرت عادتها ، واستمر بها الدم وتشتبه (٧) صفة الدم‌

__________________

(١) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٣.

(٢) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٣.

(٣) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٣.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ : صبياً.

(٥) في الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ : استشفرت.

(٦) في الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ : ولا.

(٧) في « رض » و « د » : واشتبهت ، وفي « فض » : وسهت. وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤.

٣٢١

فترى ما يشبه دم الحيض ثلاثة [ أيام أو ] (١) أربعة أيّام ، وترى ما يشبه دم الاستحاضة مثل ذلك ، ولم يتحصل لها العلم بواحد منهما ، فإنّ فرضها أن تترك الصلاة كل ما رأت ما يشبه دم الحيض ، وتصلّي كل ما رأت ما يشبه دم الاستحاضة إلى شهر ، وتعمل بعد ذلك ما تعمله المستحاضة ، ويكون قوله : رأت الطهر ثلاثة أيام أو أربعة أيّام. عبارة عمّا يشبه دم الاستحاضة لأن الاستحاضة بحكم الطهر ، ولأجل ذلك قال في الخبر : « ثم تعمل ما تعمله (٢) المستحاضة » وذلك لا يكون إلاّ مع استمرار الدم ، وقد دل على ذلك الخبر الذي أوردناه في كتابنا الكبير عن غير واحد سألوا أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحيض والسنّة فيه (٣) .

السند‌

في الأوّل : موثق بيونس ( بن يعقوب )(٤) فإنّ النجاشي قال : إنّه كان أخصّ بأبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وكان يتوكّل لأبي الحسنعليه‌السلام ، ومات بالمدينة في أيّام الرضاعليه‌السلام فتولّى أمره ، وكان حَظيّا عندهم موثّقاً ، وقد قال بعبد الله ورجع(٥) .

والشيخ أيضاً في كتاب الرجال ذكره في رجال الكاظمعليه‌السلام وأنّه ثقة(٦) .

__________________

(١) ما بين أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤.

(٢) في النسخ : تعمل ، وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤.

(٣) التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨١ أبواب الحيض ب ٥ ح ١.

(٤) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٥) رجال النجاشي : ٤٤٦ / ١٢٠٧ ، بتفاوت يسير.

(٦) رجال الطوسي : ٣٦٣ / ٤.

٣٢٢

وابن بابويه في أسانيد الفقيه ذكر أنّه فطحي ولم يذكر الرجوع(١) .

وربما يحصل المعارضة لقول النجاشي بالرجوع ، إلاّ أن يحمل كلام الصدوق على ما قيل ، وعلى كل حال لا يفيد هذا فائدة.

والعلاّمة في الخلاصة قال : وروى الكشي أحاديث حسنة تدل على حسن عقيدة هذا الرجل والذي أعتمد عليه قبول روايته(٢) .

وهذا لا يخلو من غرابة ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الأخبار التي رواها الكشي ليس فيها حسن ولا صحيح ، إلاّ أن يريد غير المعنى المصطلح عليه.

وأما ثانياً : فلأن قبول روايته مع كونه فطحيّاً دون غيره كما يظهر منهرحمه‌الله غير ظاهر الوجه ، والرجوع غير معلوم التاريخ ، لتعلم الرواية قبل أو بعد ، وهو أعلم بمراده.

وأما الثاني : ففيه أبو بصير ، وقد تقدّم القول فيه(٣) ، والسندي بن محمد ثقة ويسمى أبان(٤) إلاّ أن وصفه بالبزّاز لم أره في الرجال.

المتن :

في الخبرين لا يخلو من غرابة ، وظاهر الصدوق في الفقيه العمل بمضمون الرواية الثانية ، فإنّه نقل متنها في الكتاب.

وما ذكره الشيخ في التوجيه الأوّل ظاهره أنّه فهم من الروايتين أن الدم كان يوجد ثلاثة أيّام أو أربعة ثم ينقطع وهكذا ، والذي يقتضيه آخر‌

__________________

(١) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ١٠٥.

(٢) خلاصة العلاّمة : ١٨٥ / ٢.

(٣) راجع ص ٩٠ ٩٤ وج ١ ص ٧٢ ، ٨٣.

(٤) في النسخ : بنان ، وما أثبتناه من رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٧ ، وخلاصة العلاّمة : ٨٢ / ٢.

٣٢٣

الرواية الاولى من قوله : « فإن انقطع عنها وإلاّ فهي مستحاضة » أنّ الدم مستمر ، وإنّما كانت تراه بصفة دم الحيض أيّاماً وبصفة دم الاستحاضة أيّاماً كما يقتضيه التوجيه الثاني من الشيخ ، وإن أشكل التوجيه الثاني أيضا بأنّ الشيخ فهم من قولهعليه‌السلام : ثم تعمل ما تعمله المستحاضة ، أنّ المراد في الأيّام التي يشبه دمها دم الاستحاضة.

والذي أفهمه أنّ المراد كونها تعمل بعد الثلاثين إذا استمرّ الدم.

وفي المعتبر قال المحقق بعد نقل كلام الشيخ في هذا الكتاب : وهذا تأويل لا بأس به ، ثم قال : ولا يقال : إنّ الطهر لا يكون أقل من عشرة ، لأنّا نقول : هذا حق ، لكن ليس هذا طهراً على اليقين ولا حيضاً ، بل هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط(١) . انتهى.

ولا يخفى عليك أنّ قوله : تعمل فيه بالاحتياط. خلاف مدلول الرواية.

ومن العجب أن العلاّمة في المختلف بعد نقل قول ابن بابويه ، وأنّه مناسب لما ذكره الشيخ في النهاية ، قال : والظاهر أنّ مراد ابن بابويه والشيخ أنها ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة أيّام ، والطهر الذي هو النقاء خمسة ، وترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم الاستحاضة ، فإنها تتحيّض بما هو صفة دم الحيض ولا يحمل ذلك على ظاهره(٢) .

ثم إنّه ذكر احتجاج الشيخ وابن بابويه بالروايتين المبحوث عنهما ولم يذكر الجواب عنهما ، ( فإن كان )(٣) ذلك بناءً منه على تأويل كلامهما ،

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٠٧.

(٢) المختلف ١ : ٢٠٤ وهو في الفقيه ١ : ٥٤ ، والنهاية : ٢٤.

(٣) في « رض » : فإنّ كل.

٣٢٤

فيكون التأويل في الروايتين أيضا ، فهو بمراحل عن الروايتين ، وبالجملة فالكلام في الروايتين لا يخلو من خطر ، ولعل من لا يعمل بالموثق في راحة من تكلّف التوجيه.

وأمّا الحديث الذي رواه الشيخ في كتابه الكبير(١) فالأمر في دلالته أشكل من التوجيه ، كما يعلمه من راجعه ، ولو لا أنّ سنده غير سليم حيث رواه محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن غير واحد ، لنقلته هنا.

وينبغي أن يعلم أنّ ظاهر الخبر الثاني حيث قال فيه : « فرأت الدم(٢) صبيباً اغتسلت واستثفرت(٣) واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة » وجوب جميع ما ذكر(٤) في وقت كل صلاة ، والحال أنّ الغسل لا يجب كذلك ، بل ولا غيره.

ويمكن الجواب بأنّ الخبر في حيّز الإجمال ، والمبيّن غيره من الأخبار ، كما أنّ قوله : « فإذا رأت صفرة توضّأت » لا يخلو من إشكال أيضاً ، إلاّ أنّ ضعف الرواية يسهل الخطب.

اللغة :

قال في النهاية : في الحديث أنّه أمر المستحاضة أن تستثفر ، هو أن تشد فخذها(٥) بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا وتوُثِق طرفيها في شي‌ء‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٧٦ أبواب الحيض ب ٣ ح ٤.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ زيادة : دماً.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ : واستشفرت.

(٤) في « فض » زيادة : و.

(٥) في النهاية : فرجها.

٣٢٥

تشدّه على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم ، مأخوذ من ثَفَر الدابة الذي جعل(١) تحت ذنبها(٢) .

قال :

باب ما يجب على من وطئ امرأة حائضا من الكفّارة‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن عبد الله ابن سنان ، عن حفص ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألته عمّن أتى امرأته وهي طامث ، قال : « يتصدق بدينار ويستغفر الله تعالى ».

وأخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به ».

وبهذا الاسناد عن علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن عبد الله ابن زرارة ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي : عن الرجل يقع على امرأته وهي حائض ما عليه؟ قال : « يتصدق على مسكين بقدر شُعبة ».

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن أبان ، عن‌

__________________

(١) في النهاية : يجعل.

(٢) النهاية لابن الأثير ١ : ٢١٤ ( ثفر ).

٣٢٦

عبد الكريم بن عمر وقال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أتى جاريته وهي طامث ، قال : « يستغفر الله » قال عبد الكريم فإنّ الناس يقولون : عليه نصف دينار أو دينار؟ قال(١) عليه‌السلام : « فليتصدّق على عشرة مساكين ».

قال(٢) محمد بن الحسن(٣) : الوجه(٤) في الجمع بين هذه الأخبار أن نحمل الوطء إذا كان في أول الحيض يلزمه دينار ، وإذا كان في وسطه نصف دينار ، وإذا كان في آخره ربع دينار ، وربما كان ( قيمته مقدار الصدقة )(٥) على عشرة مساكين ، ومتى عجز عن ذلك أجزأه الصدقة على مسكين(٦) بقدر شبعه ، لتلائم الأخبار.

والذي يدل على هذا التفصيل :

ما أخبرني به الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد(٧) بن يحيى ، عن بعض أصحابه (٨) ، عن الطيالسي ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في كفارة الطمث أنه : « يتصدق إذا كان في أوله بدينار ، وفي أوسطه نصف دينار ، وفي آخره ربع دينار » قلت : فإن لم يكن عنده ما يكفّر؟

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ : فقال أبو عبد الله.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ زيادة : الشيخ أبو جعفر.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ زيادة :رحمه‌الله .

(٤) في الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ : فالوجه.

(٥) في « فض » و « د » : قيمة مقدار الصدقة ، وفي « رض » : مقدار قيمة الصدقة ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨.

(٦) في الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ زيادة : واحد.

(٧) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٥٩ زيادة : بن أحمد.

(٨) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٥٩ : أصحابنا.

٣٢٧

قال : « فليتصدّق على مسكين واحد ، وإلاّ استغفر الله ولا يعود ، فإنّ الاستغفار توبة وكفّارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفارة ».

السند‌

في الأوّل : قد تكرر القول في رجاله ، غير أنّ الحسن بن علي الوشّاء قد وقع للعلاّمة فيه شي‌ء لم يتقدّم ذكره ولا بأس بالتنبيه عليه ، فاعلم أنّ النجاشي قال : قال أبو عمرو : يكنى بأبي محمد الوشّاء ، وهو ابن بنت إلياس الصيرفي خزاز من أصحاب الرضاعليه‌السلام (١) .

والعلاّمة في الخلاصة قال : قال الكشي : يكنى بأبي محمد الوشاء وهو ابن بنت إلياس الصيرفي خيّران من أصحاب الرضاعليه‌السلام (٢) . وقال في باب إلياس : إنّه خيّر(٣) .

وفي الظنّ أنّ قول العلاّمة : خيّران. تصحيف لفظ خزاز في كلام النجاشي ، إما لكونه منقولاً عن الكشي ، أو أنّه من كلامه ، والعلاّمة أخذ كلامه من النجاشي ولسرعة(٤) العجلة فعل ما فعل ، أو أنّه نقله من الكشي وهو مصحّف(٥) فيه ثم سرى الوهم إلى أن قال في اليأس : إنّه خيّر(٦) . فليتأملّ.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٩ / ٨٠.

(٢) خلاصة العلاّمة : ٤١ / ١٦ ، إلاّ أنّ فيه : خيّر من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، وفي حاشية الكتاب : في نسخة : خيران.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٣ / ٢.

(٤) في « فض » : والسرعة.

(٥) في « رض » : تصحيف.

(٦) خلاصة العلاّمة : ٤١ / ١٦.

٣٢٨

ثم إنّ حفص المذكور في السند مشترك بين من هو ثقة وغيره(١) .

والثاني : رجاله قد تكرّر أيضا القول فيهم بما يغني عن الإعادة ، ويحيى بن عمران الحلبي ثقة.

والثالث : كذلك.

والرابع : فيه عبد الكريم بن عمرو(٢) في النسخ التي رأيناها ، وفي(٣) التهذيب عبد الملك بن عمرو(٤) .

وقال(٥) شيخنا أيّده الله في فوائده : وكلاهما موجودان في الرجال ، وعبد الكريم واقفي. انتهى. والذي في النجاشي كما قال أيّده الله وفيه : أنّه ثقة ثقة وكان واقفيا(٦) . وكذلك في الكشي عن أشياخ حمدويه(٧) ، ونقل في الخلاصة عن الشيخ أنّه قال ذلك أيضا(٨) .

وأمّا عبد الملك بن عمرو فقد روى الكشي عن حمدويه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن عبد الملك ابن عمرو ، قال : قال(٩) أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إنّي لأدعو(١٠) لك حتى اسمّي دابّتك » أو قال : « أدعو لدابّتك »(١١) .

__________________

(١) هداية المحدثين : ٤٦.

(٢) في « رض » زيادة : و.

(٣) في « رض » : في.

(٤) التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٠ ، الوسائل ٢ : ٥٧٤ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٢.

(٥) في « فض » : قال.

(٦) رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٥.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٠.

(٨) خلاصة العلاّمة : ١١٥ / ٧.

(٩) في المصدر زيادة : لي.

(١٠) في المصدر زيادة : الله.

(١١) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٠.

٣٢٩

ولجدّيقدس‌سره في فوائد الخلاصة على هذا الحديث ما هذه صورته : السند صحيح ولكنه ينتهي إلى الممدوح ، فهو شهادة لنفسه ، ( ومع ذلك )(١) فهو مرجّح بسبب المدح ، فيلحق بالحسن لولا ما ذكرناه(٢) . انتهى.

وقد يقال : إنّه لولا ما قاله لكان أعلى من الحسن ، وإن أمكن المناقشة في ذلك ، إلاّ أنّ الأمر سهل ، حيث إن الراوي غير معلوم الحال.

والخامس : فيه مع الإرسال الطيالسي ، ولا يبعد أن يكون محمد بن خالد ، وهو مذكور في رجال الشيخ فيمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام مهملاً ، وذكر أنّ الراوي عنه سعد بن عبد الله وعلي بن الحسن بن فضال(٣) ، والمرتبة قريبة ، وفي الخلاصة لم يذكره في بابه ، ولكن في ترجمة صائد النهدي : محمد بن خالد لا يحضرني حاله(٤) .

وقد يأتي الطيالسي للحسن بن أبي العرندس ، وهو مذكور في رجال الكاظمعليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملا(٥) .

وداود بن فرقد هو داود بن أبي يزيد ، كما صرّح به الشيخ في هذا الكتاب ، وهو ثقة. والنجاشي صرّح بأن فرقد يكنى أبا يزيد(٦) . والشيخ في كتاب الرجال ذكره في رجال الصادقعليه‌السلام بهذه الصورة : داود بن فرقد‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٦ ( مخطوط ).

(٣) رجال الطوسي : ٤٩٣ / ١١.

(٤) خلاصة العلاّمة : ٢٣٠ / ١.

(٥) رجال الطوسي : ٣٤٨ / ٢٢.

(٦) رجال النجاشي : ١٥٨ / ٤١٨.

٣٣٠

أبو يزيد(١) . وابن داود قال : إنّ داود يكنى أبا زيد وفرقد أبا يزيد(٢) .

وبالجملة : فالأسانيد كلّها غير سليمة.

المتن :

في الأخبار المذكورة غير الرابع والخامس كما ترى تضمّن الدينار والنصف والصدقة على مسكين بقدر شبعه.

[ والرابع ](٣) : تضمّن نفي النصف والدينار والأمر بالصدقة على عشرة مساكين ، وهو كالصريح في عدم وجوب الدينار والنصف ، فإمّا أن يحمل على الاستحباب في الجميع كما قد يستفاد من الأخبار حيث لم يتعيّن المقدار ، ويكون المنفي في الرابع التعين ، أو يحمل على التقية ما دل على الدينار والنصف ، فقد صرّح بعض العامة بما هذه صورته : ويستحب لمن وطئ في الحيض عالماً بالحال والتحريم أن يتصدّق بدينار خالص إن كان في أوله وقوّته ، ونصف دينار إن كان في ضعفه(٤) .

وربما كان في قول الراوي في الحديث الرابع : إنّ الناس يقولون ، إلى آخره ، إشارة إلى أهل الخلاف.

أمّا ما قاله الشيخ في الجمع : من الربع دينار. ففيه أنّه لم يتقدم ما يدل على الربع ، وكأنّه اعتمد على الخبر الآتي ، ولا يخفى عليك الحال.

فإن قلت : الشيخ إنّما ذكر الربع دينار لما تضمّنه الخبر الرابع من‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ١٨٩ / ٤.

(٢) رجال ابن داود : ٩١ / ٥٩٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : والخامس ، والظاهر ما أثبتناه.

(٤) انظر المجموع ٢ : ٣٥٩.

٣٣١

الصدقة على عشرة مساكين ظنّاً منه أنّ الربع قيمته تفي بذلك ، كما ينبه عليه قوله : وربما كانت قيمة مقدار الصدقة.

قلت : كلام الشيخ لا يخلو من إجمال ، إذ لم يعلم عوده إلى ماذا(١) ، فيحتمل أن يعود إلى المجموع من الدينار أو النصف أو الربع ، والمراد أنّ الصدقة على عشرة تتحقّق في بعض الأحيان(٢) بكل ما ذكر ، ويحتمل أن يعود إلى الربع ، ولا ريب أنّه من البُعد بمكان ، سيّما وقوله : ومتى عجز عن ذلك. لا يلائمه ، إذ لو عاد إلى الربع يصير المعنى : متى عجز عن هذا القدر أجزأه الصدقة على مسكين. وأنت خبير بما فيه.

ثم إنّ الخبر الذي استدل به ( يدل على أنّ الصدقة على مسكين بعد العجز عن المذكور جميعه ، فيؤيّد عدم العود إلى الربع ، والحاصل أنّ الحديث المستدل به ) ](٣) محتمل(٤) لأن يراد به أنّ من عجز عن [ الدينار(٥) يتصدّق على مسكين ، ومن عجز عن النصف كذلك ، ومن عجز عن الربع كذلك ، ولو فرض اجتماع الثلاثة على الفاعل فإشكال ، غير أنّ عدم صحة الرواية تخفّف الإشكال ، وإنّما ذكرنا ما ذكرناه ليعلم أن كلام الشيخ غير واف بتحقيق الحال ، ولا فيه كمال الجمع بين الأخبار ، ولو قيل بالاستحباب سهل الخطب ، وسيأتي من الأخبار ما يؤيد ذلك.

وفي المعتبر بعد أن ذكر الأخبار : ولا يمنعنا ضعف طريقها عن تنزيلها على الاستحباب ، لاتفاق الأصحاب على اختصاصها بالمصلحة‌

__________________

(١) في « فض » : إذا.

(٢) في « فض » : الأخبار.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) في « فض » : محمل.

(٥) في النسخ : الدرهم. والظاهر ما أثبتناه.

٣٣٢

الراجحة إمّا وجوباً أو(١) استحباباً ، فنحن بالتحقيق عاملون بالإجماع لا بالرواية(٢) . وهذا الكلام كما ترى غير مفيد بعد الترديد بين الاستحباب والوجوب.

وينقل عن السيد المرتضى في الانتصار أنّه قال : يمكن أن يكون الوجه في ترتيب هذه الكفّارة أنّ الواطئ في أول الحيض لا مشقّة عليه في تركه الجماع(٣) لقرب عهده فغلظت كفّارته ، والواطئ في آخره مشقّته شديدة لتطاول عهده فكفّارته أنقص ، وكفّارة الواطي في نصفه متوسطة(٤) .

ونقل عن الراوندي القول(٥) بالتفصيل بالمضطر وغيره والشاب وغيره(٦) ، ولا نعلم وجهه.

وذكر بعض المتأخّرين أنّ الأوّل والوسط والآخر يختلف بحسب عادة المرأة ، فالأول لذات الثلاثة اليوم الأوّل ، ولذات الأربعة هو مع ثلث الثاني ، ولذات الخمسة هو مع ثلثيه ، ولذات الستّة اليومان الأولان ، وعلى هذا القياس الوسط والأخير(٧) .

ونقل في المختلف عن سلار قولا(٨) غير واضح الوجه.

قيل : والدينار : المثقال الخالص من الذهب المضروب ، وقيمته عشرة‌

__________________

(١) في المعتبر ١ : ٢٣٢ : وإما.

(٢) المعتبر ١ : ٢٣٢.

(٣) في « رض » : للجماع.

(٤) نقله عنه في المدارك ١ : ٣٥٤ وهو في الانتصار : ٣٤.

(٥) في « رض » : أنّه قال.

(٦) نقله عنه في الذكرى ١ : ٢٧١.

(٧) المدارك ١ : ٣٥٤.

(٨) المختلف ١ : ١٨٨ وهو في المراسم : ٤٤.

٣٣٣

دراهم ، وجزم العلاّمة : بعدم إجزاء القيمة ، ومصرف هذه الكفّارة مصرف غيرها(١) . والله أعلم بالحال.

اللغة : الشبْع بالفتح وكعِنَب ضدّ الجوع ، والشبْع بالكسر وكعِنَب اسم ما أشبَعَك ، وشُبْعَةٌ من طعام بالضم قدر ما يُشْبَع به مرّة ، قاله في القاموس(٢) .

قال :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن عيص ابن القاسم قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ( وقع على )(٣) امرأته وهي طامث ، قال : « لا يلتمس بعد(٤) ذلك فقد نهى الله تعالى أن يقربها » قلت : فإن فعل عليه(٥) كفّارة؟ قال : « لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله ».

وما رواه علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن أبي جميلة ، عن ليث المرادي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن وقوع الرجل على امرأته وهي طامث خطأ؟ قال : « ليس عليه شي‌ء وقد عصى ربه ».

__________________

(١) قال به في المدارك ١ : ٣٥٥ ، وهو في المنتهى ١ : ١١٧ والتحرير ١ : ١٥.

(٢) القاموس المحيط ٣ : ٤٤ ( شبع ).

(٣) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠ : واقع.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠ : فعل.

(٥) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠ : أعليه.

٣٣٤

عنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : سألته عن الحائض يأتيها زوجها؟ قال : « ليس عليه شي‌ء يستغفر الله ولا يعود ».

فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على أنّه إذا لم يعلم الرجل من حالها أنّها كانت حائضاً لم يلزمه شي‌ء ، فأمّا مع علمه بذلك فإنّه يلزمه الكفّارة حسب(١) ما ذكرناه ، وليس لأحد أن يقول : لا يمكن هذا التأويل لأنّه لو كانت هذه الأخبار محمولة على حال النسيان لما قال عليه‌السلام : « يستغفر ربه ممّا فعل » ولا أنّه « عصى ربه » لأنّه لا يمتنع إطلاق القول عليه بأنه عصى ولا الحثّ على الاستغفار من حيث إنّه فرّط في السؤال عن حالها وهل هي طامث أم لا؟ مع علمه أنّها (٢) لو كانت طامثاً لحرم عليه وطؤها ، فبهذا التفريط يكون عاصياً ويجب (٣) الاستغفار ، والذي يكشف عن هذا التأويل خبر ليث المرادي المتقدم (٤) ذكره قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقوع الرجل على امرأته وهي طامث خطاءً ، فقيّد السؤال بأنّ مواقعته لها كانت (٥) خطاءً ، فأجابه عليه‌السلام : « ليس عليه شي‌ء وقد عصى ربه ».

السند‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب.

__________________

(١) في « رض » : حيث.

(٢) في النسخ : بها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٢.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٢ زيادة : عليه.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٢ : المقدم.

(٥) ليست في النسخ ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٢.

٣٣٥

والثاني : فيه الطريق إلى علي بن الحسن وقد تقدم مراراً(١) ، وفيه أبو جميلة وهو ضعيف ، وأما محمد بن الحسن فالظاهر أنّه ابن فضال ( ويحتمل أن يكون محمد بن الحسن بن سعيد ، وعلى كل حال فالرجل ضعيف )(٢) واحتمال ثقة غيرهما ممكن ، لكن لا يفيد كما لا يخفى ، على أنّه بعيد.

والثالث : حال رجاله لا يخفى بعد ما قدّمناه ، غير أنّ أحمد بن الحسن على الظاهر ابن فضال ، ويحتمل أن يكون أحمد بن الحسن بن سعيد ، وهو ضعيف.

المتن :

في الأوّل : ظاهره العموم من حيث عدم الاستفصال من الإمامعليه‌السلام عن العمد وغيره ، وحينئذ يؤيّد حمل ما دلّ على الكفّارة على الاستحباب ، ويكون قولهعليه‌السلام : « لا أعلم فيه شيئا » يراد به عدم العلم بوجوب شي‌ء ، ولا يعترض : بأنّ نفي العلم بشي‌ء أعم من الواجب والمستحب ، لإمكان الجواب بأنّ إثبات الاستحباب للعارض.

ثم إنّ الخبر قد يستفاد منه أنّ النهي عن القرب يراد به الجماع ، فيؤيّد ما قاله العلاّمة كما نقلناه عنه سابقا. وفيه : أنّه لا مانع من إرادة النهي عن القرب الشامل للجماع وغيره ، فليتأملّ. أمّا حمل الشيخ فلا يخفى ما فيه بالنسبة إلى هذا الخبر.

وأمّا الخبر الثاني : ففيه دلالة على ما قاله ، فيمكن أن يقال : بحمل‌

__________________

(١) راجع ص ٦٥ وج ١ ص ١٤٠.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

٣٣٦

المطلق على المقيّد ، إلاّ أنّ التقييد بالخطاء من كلام السائل ، وتأثيره في تقييد الأخبار لا يخلو من نظر ، بل الظاهر أنّه لا وجه له ، لأنّ السؤال إذا وقع عن أحد الأفراد لا يفيد تخصيصاً ، والتقرير من الإمامعليه‌السلام في مثل هذا لا يحوم حوله التوجيه ، كما لا يخفى على من أمعن نظره.

وكذلك القول في الخبر الثالث.

فإن قلت : الخبر الثالث لا ريب أنّه يفيد العموم بسبب ترك الاستفصال من الإمامعليه‌السلام .

قلت : الأمر كما ذكرت ، إلاّ أنّه ربما يدّعى أنّه لا يخرج عن قبول التقييد بغير العمد ، لدلالة الأخبار السابقة على الكفّارة ، فتحمل على العمد وهذا على الخطاء ، غير أن الحمل على الاستحباب ممكن ، فالترجيح يتوقف على موجبه.

وما قاله الشيخ لا يخلو من نظر في مواضع :

الأوّل : قوله : إنّا نحملها على أنّه إذا لم يعلم الرجل من حالها أنّها كانت حائضا.

وفيه : أنّ الحمل على عدم العلم بالتحريم أقرب من الوجه المذكور ، لأنّ قوله : فأمّا مع علمه فإنّه يلزمه الكفّارة. لا يتم على الإطلاق ، إذ مع الجهل بالتحريم لا يخلو وجوب الكفّارة من نظر.

الثاني : قوله : لأنّه لو كانت هذه الأخبار محمولة على حال النسيان ، لا وجه له فإنّ النسيان لم يتقدم من الشيخ ، بل كلامه إنّما كان في عدم العلم بكونها حائضاً ، وإدراج النسيان لا يخلو من اضطراب في التوجيه.

الثالث : قوله : إنّ الاستغفار والعصيان لكونه فرّط في السؤال ، فيه : أنّ السؤال غير واجب ليكون تركه تفريطاً موجباً للاستغفار ، إلاّ أن يقال : إنّ‌

٣٣٧

الجماع لمّا كان مشروطاً بعدم الحيض فلا بدّ من العلم بالشرط قبله ، فإذا لم يسأل فقد فرّط. وفيه : أنّه يجوز أن يكون الجماع جائزاً ما لم يعلم بالحيض ، نعم لو قرب إبّان(١) الحيض أمكن أن يقال : بحصول الظن بالحيض فيحتاج إلى السؤال. وفيه ما لا يخفى ( ولم أَرَ تحرير المقام في كلام الأصحاب )(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يبقى في المسألة أُمور لا بدّ من التنبيه عليها :

الأوّل : قد قدّمنا في الأخبار السابقة أنّ النهي عن الإيقاب لا معارض له ، غير أن الإيقاب محتمل لأن يراد به في القبل أو الدبر ، فلا يكون نصّاً في المنع من الدبر ، إلاّ أن يقال : إنّه عام ، لأنّ النهي عن إيجاد ماهيّة الإيقاب يقتضي عدم إيجادها في فرد ، فيؤول إلى العموم.

ومن هنا يظهر أنّ ما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من أنّ الحديث بظاهره يدل على المنع من وطء المرأة في دبرها. محل بحثأما أولاً : فلأنّ الدلالة إنّما تستفاد على الوطء في الحيض لا مطلقا ، وأمّا ثانياً : فلأنّ التناول للدبر إنّما يتم بالتقريب الذي ذكرناه ، ومع ذلك فيه نوع بحث ، فليتأملّ.

الثاني : قال الشيخ في التهذيب بعد رواية عبيد الله الحلبي الدالة على أنّه يتصدّق على كل مسكين بقدر شبعه : إذا كانت قيمته ما يبلغ الكفّارة(٣) ، ثم قال : والذي يكشف عن ذلك ، وذكر رواية عبد الملك بن عمرو الدالة‌

__________________

(١) إبّان الشي‌ء بالكسر : حينه القاموس المحيط ٤ : ١٩٦ ( أبَنَهُ ).

(٢) بدل ما بين القوسين في « فض » : ولم أرَ تحرير الأصحاب ، وفي « رض » : ولم أرَ تحرير الأصحاب المقام في كلام.

(٣) التهذيب ١ : ١٦٣ / ٤٦٩ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٥.

٣٣٨

على الصدقة على عشرة مساكين ، ثم قال : هذا محمول على أنّه إذا كان الوطء في آخر الحيض ، لأنّه لو كان في أوله أو في وسطه لما عدل عن كفّارة دينار أو نصف دينار ، ولمّا كان آخر الحيض ورأى أنّ(١) ما يلزمه من الكفّارة الاولى أن يفضّه على عشرة مساكين أمره بذلك. انتهى(٢) .

وأنت خبير بأنّ هذا الكلام يقتضي أن يكون ما قدّمناه في كلامه هنا : من أنّه مجمل ، مندفعاً بأنّ مراده الربع ، فهو مبيّن لكلامه هنا على تقدير الإجمال ، لكن لا يخفى أنّ الإيراد السابق يتوجّه على كلام التهذيب أيضاً ، فإنّ دلالة الرواية على ما قاله في غاية البعد ، كما يعرف بأيسر نظر ، لكن منه يعلم أنّ ما قاله البعض : من عدم إجزاء القيمة(٣) . محل كلام ، وقد تقدم نقله ، إلاّ أنّ الشأن في الثبوت ، فينبغي تأمّل هذا كله.

( الثالث : ينقل عن المرتضى وابن إدريس دعوى الإجماع على وجوب الكفّارة(٤) . وفي المعتبر قال : )(٥) وأمّا احتجاج الشيخ وعلم الهدى بالإجماع فلا نعلمه ، وكيف يتحقّق الإجماع فيما يتحقّق فيه الخلاف ، ولو قال : المخالف معلوم ، قلنا : لا نعلم أنّه لا مخالف غيره ، ومع الاحتمال لا يبقى وثوق بأنّ الحق في كلامه(٦) . انتهى.

ولقائل أن يقول : إنّ مدّعي الإجماع إذا كان معلوم العدالة فاحتمال وجود مخالف غير المعلوم لا يوافق العدالة ، وقد ادّعى العدل عدم‌

__________________

(١) ليست في التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٠.

(٢) التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٠ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٢.

(٣) راجع ص ٣٠٥.

(٤) نقله عنهما في الحبل المتين : ٥١ وهو في الانتصار : ٣٤ والسرائر ١ : ١٤٤.

(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٦) المعتبر ١ : ٢٣٠ وهو في الخلاف ١ : ٢٢٥.

٣٣٩

المخالف المضرّ بالإجماع ، بل مثل هذا يوجب القدح في العدل ، إذ هو في قوّة الإخبار عن العلم بقول المعصوم ، فكيف يجوز عدمه عليه(١) ، ومجرد الاستبعاد لا يضر بالحال على تقدير ثبوت العدالة.

واحتمال إرادة معنى آخر من الإجماع كما ظنه الشهيد في الذكرى ـ(٢) يشكل بأنّه لا يصلح لإثبات حجّية مثله ، ومجرد التسديد غير كاف مع ما ذكرناه.

والاحتمال هو أن يراد بالإجماع الشهرة ، وأنت خبير بأنّ هذا لا يتمّ في مثل دعوى الشيخ الإجماع والمرتضى الإجماع على خلافه.

وبالجملة : فإذا ثبت الإجماع على وجه النقل بخبر الواحد فالقائل بالاستحباب إن كان لمجرد الاحتمال الذي قاله المحقق فالأمر لا يخلو من إشكال ، نعم يتم إشكال المحقق في مثل الشيخ فإنّه نقل الإجماع كما حكاه البعض عنه(٣) ، مع أنّ العلاّمة نقل عنه في المختلف القول بالاستحباب والقول بالوجوب(٤) ، ثم ما قدّمناه عن المحقق سابقاً قد عرفت القول فيه ، ومنافرته لردّ الإجماع هنا غير خفيّة.

قال :

باب الرجل هل يجوز له وطء المرأة

إذا انقطع عنها دم الحيض قبل أن تغتسل أم لا؟

أخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن‌

__________________

(١) في « فض » زيادة : وعلى هذا.

(٢) انظر الذكرى ١ : ٤٩.

(٣) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٣٠ ، والشهيد في الذكرى ١ : ٢٧١.

(٤) المختلف ١ : ١٨٦.

٣٤٠