إستقصاء الإعتبار الجزء ٤

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-176-1
الصفحات: 532

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-176-1
الصفحات: 532
المشاهدات: 38428
تحميل: 4929


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 532 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38428 / تحميل: 4929
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 4

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-176-1
العربية

التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتي بها قبلت ، فقدّم منها ما شئت وأخّر منها ما شئت ».

فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على ضرب من الرخصة لمن علم أنّه إن لم يقدّمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها ، يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن يزيد بن ضمرة(١) الليثي ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢) ، عن الرجل يشتغل عن الزوال أيعجّل من أول النهار؟ قال : « نعم ، إذا علم أنّه يشتغل فيعجّلها (٣) في صدر النهار كلّها ».

السند‌ :

في الأوّل : فيه الحسن بن حمزة العلوي ، وفي النجاشي : أنّه كان من أجلاّء هذه الطائفة وفقهائها ، ولقيه شيوخنا في سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة(٤) . وفي الفهرست : أنّه كان فاضلاً أديباً عارفاً فقيهاً(٥) . وفي رجال من لم يرو عنهمعليهم‌السلام من كتاب الشيخ : أنّه زاهد عالم أديب فاضل روى عنه التلعكبري ، وكان سماعه أوّلاً سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة(٦) .

__________________

(١) في « رض » و « فض » : حمزة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٧٨ / ١٠١١ : عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام .

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٧٨ / ١٠١١ : فيتعجّلها.

(٤) رجال النجاشي : ٦٤ / ١٥٠.

(٥) الفهرست : ٥٢ / ١٨٤.

(٦) رجال الطوسي : ٤٦٥ / ٢٤. وفيه : الحسن بن محمد بن حمزة.

٤٢١

وفي الخلاصة ذكر مدحه نحو ما في النجاشي ، وقال : إنّ التلعكبري كان سماعه منه أوّلاً سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وله منه إجازة ، ثم نقل عن الشيخ أنّه قال : أخبرنا عنه(١) جماعة منهم الحسين بن عبيد الله وأحمد ابن عبدون ومحمّد بن محمّد بن النعمان ، وكان سماعهم منه سنة أربع وستين ](٢) وثلاثمائة ، وقال النجاشي : إنّه مات سنة ثمان [ وخمسين(٣) وثلاثمائة ، وهذا لا يجامع قول الشيخ الطوسي(٤) .

وفي فوائد جدّيقدس‌سره : ما نقله المصنف عن الشيخ وجدناه بخط ابن طاوس ، وفي كتاب الرجال للشيخ بنسخة معتبرة : أنّ سماعة منه سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، وفي كتاب الفهرست : أنّه كان سنة ستّ وخمسين ، وعليهما يرتفع التناقض. انتهى.

والذي في الفهرست : أخبرنا برواياته جماعة من أصحابنا ـ إلى أنْ قال ـ : سماعاً منه وإجازةً في سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة(٥) . ولا ريب في انتفاء التناقض.

وابن داود تبع العلاّمة في الوهم(٦) وعلى كل حال : الرجل جليل القدر ، وعدم التصريح بالتوثيق كأنّه لا يضرّ بالحال ؛ لأنّ عادة المتقدمين عدم ذكر التوثيق للشيوخ ، نعم في الحديث إرسال.

__________________

(١) ليست في « رض » والمصدر.

(٢) في رجال الطوسي : أربع وخمسين وثلاثمائة ، وفي الفهرست : ست وخمسين وثلاثمائة.

(٣) في النسخ : وستين ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) خلاصة العلاّمة : ٣٩ / ٨.

(٥) الفهرست : ٥٢ ، بتفاوت يسير.

(٦) رجال ابن داود : ٧٧ / ٤٥٧.

٤٢٢

والثاني : فيه علي بن السندي وهو غير معلوم الحال ، وقد قدّمنا القول فيه كالعلوي(١) ، والإعادة فيه لبُعد العهد ، أما علي بن السندي فالمتقدّم يغني عن الإعادة لعدم الفائدة التامة فيه.

والثالث : ليس فيه الارتياب(٢) إلاّ من جهة أبي أيوب ، والظاهر أنّه الخزاز إبراهيم بن عثمان أو ابن عيسى ، وفي الرجال : أبو أيوب الأنباري يروي عنه البرقي(٣) ؛ والمراد به أحمد ؛ لأنّ النجاشي صرّح به(٤) ، والمرتبة تأباه. وفي النجاشي : أبو أيوب المدني والراوي عنه علي بن محمّد ماجيلويه(٥) ، والمرتبة بعيدة أيضاً ، بل احتمل شيخنا أيّده الله في كتاب الرجال أن يكون الأنباري(٦) ، وفيه : أنّه بعيد عن النجاشي بعد ذكره الأنباري.

وبالجملة : لا يبعد انتفاء الشك في أبي أيوب ، والراوي عن الخزّاز الحسن بن محبوب في النجاشي(٧) ، وهي مرتبة علي بن الحكم ، وما في الفهرست من أنّ الراوي عنه محمّد بن أبي عمير وصفوان(٨) كذلك.

وأمّا إسماعيل بن جابر فهو الجعفي ، وقد تقدم الكلام(٩) ، فيه.

__________________

(١) في ص ٢٥٧. وص ٢٤٢.

(٢) في « رض » : ارتياب.

(٣) راجع رجال الطوسي : ٥١٩ / ٩ ، الفهرست : ١٨٦ / ٨٢٣ ، رجال النجاشي : ٤٥٧ / ١٢٤٦.

(٤) لم نعثر على هذا التصريح في رجال النجاشي ، ولكنه موجود في رجال الطوسي والفهرست.

(٥) رجال النجاشي : ٤٥٥ / ١٢٣٢.

(٦) منهج المقال : ٣٨٣.

(٧) رجال النجاشي : ٢٠ / ٢٥.

(٨) الفهرست : ٨ / ١٣.

(٩) في ص ٧٠١.

٤٢٣

والرابع : فيه عمّار بن المبارك ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال. والقاسم بن الوليد الغسّاني كذلك ، بل في الرجال ابن الوليد العماري مهملاً في النجاشي(١) ورجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٢) ، أمّا ظريف بن ناصح ، فالذي يقتضيه النظر في الرجال أنّه مشترك بين ثقة ومهمل في رجال الباقرعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٣) ، واحتمال الاتحاد ممكن ، إلاّ أنّه لا فائدة فيه هنا.

والخامس : فيه الإرسال.

والسادس : سيف فيه هو ابن عميرة على الظاهر من رواية علي بن الحكم عنه كما في الفهرست(٤) .

أمّا عبد الأعلى فهو مولى آل سام ؛ لرواية سيف عنه في الكشي ، والرواية عن حمدويه ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن أسباط ، عن سيف ، عن عبد الأعلى قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الناس يعيبون عليّ بالكلام وأنا أُكلّم الناس ، فقال : « أما مثلك من يقع ثم يطير »(٥) .

وهذه الرواية على تقدير سلامة السند لا تفيد ؛ لأنّها شهادة لنفسه ولا مدح فيها يعتدّ به ، وكونه مولى آل سام ليس في الرواية إلاّ أنّ الكشي ذكره في العنوان ، فقول ابن داود : إنّه ممدوح نقلاً عن الكشي(٦) ، لا وجه له.

والسابع : فيه عمرو بن عثمان ، والظاهر أنّه الثقة ، لبُعد مرتبة غيره.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣١٣ / ٨٥٥.

(٢) رجال الطوسي : ٢٧٣ / ٣.

(٣) رجال الطوسي : ١٢٧ / ١.

(٤) الفهرست : ٧٨ / ٣٢٣.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦١٠ / ٥٧٨ وفيه زيادة : فنعم ، وأما من يقع ثم لا يطير فلا.

(٦) رجال ابن داود : ١٢٧ / ٩٣٣.

٤٢٤

ومحمّد بن عذافر ثقة ، إلاّ أنّ الراوي عنه في النجاشي عمر(١) بن عثمان(٢) ، والظاهر أنّه غلط.

والثامن : فيه يزيد بن ضمرة وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال.

المتن :

في الأوّل وإن كان ظاهره عدم صلاة شي‌ء من النوافل مطلقاً ، إلاّ أنّ إرادة نوافل النهار الراتبة كأنّه معلومة ، ودلالته على نفي الوتيرة حينئذ تنتفي ؛ لدلالة بعض الأخبار(٣) على أنّها من غير الرواتب ، فلا يظن من دلالة « كان » على المداومة انتفاؤها مطلقا ، والخبر ظاهر الدلالة على أنّ صلاة ، بعد النصف ، والإجمال في الصلاة بعد الزوال مفصّل في الأخبار السابقة.

وقد نقل العلاّمة في المختلف أقوال العلماء في وقت نافلة الظهر ونافلة العصر ، فعن الشيخ في النهاية : أنّ نوافل الظهر من الزوال إلى القدمين(٤) ، وعن المبسوط : إلى [ أن يبقى إلى آخر الوقت(٥) ] مقدار ما يصلّى فيه فريضة الظهر(٦) ، وعن ابن إدريس : إذا صار ظل كل شي‌ء مثله‌

__________________

(١) في « رض » : عمرو.

(٢) رجال النجاشي : ٣٥٩ / ٩٦٦ وفيه : عمرو بن عثمان.

(٣) الوسائل ٤ : ٥٩ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤.

(٤) المختلف ٢ : ٥٤ ، وهو في النهاية : ٦٠.

(٥) في « د » و « رض » : أن يصير الفي‌ء آخر الوقت ، وفي « فض » : أن يعتبر الفي‌ء إلى آخر الوقت ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.

(٦) المبسوط ١ : ٧٦.

٤٢٥

خرج وقت النافلة(١) ، وعن الشيخ في النهاية : أنّ نافلة العصر بعد الفراغ من الظهر إلى أربعة أقدام(٢) ، وفي الجمل : إلى أن يصير الفي‌ء مثليه(٣) ، وعن ابن الجنيد إلى أربعة أقدام أو ذراعين(٤) .

وقد تقدّم من الأخبار ما يدل على الأقوال في الجملة(٥) ، وذكرنا سابقاً(٦) احتمال بعض الأصحاب للامتداد بوقت الفريضة ، وإمكان المناقشة فيه بحمل المطلق على المقيّد ، وفي هذه الأخبار ما يؤيّده ، وحمل تلك الأخبار على الفضيلة كالفريضة ممكن ، والاحتياط مطلوب.

والثاني : كالأوّل.

أما الثالث : وما بعده فما ذكره الشيخ من الوجه فيها لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ اعتبار عدم التمكن من القضاء لا يدل عليه شي‌ء منها ، والخبر الذي استدل به كذلك ، بل خبر عبد الأعلى يدلّ على خلافه ، وخبر محمّد ابن عذافر لا يخلو من إطلاق ، إلاّ أنّ الشيخ حمله على الراتبة ، ولعلّ عمومه يتناول مراد الشيخ.

وما عساه يقال : إنّه مطلق وما تقدّم من الأخبار في مواقيت الفرائض مقيّد ، والمقيد يحكم على المطلق ، يمكن الجواب عنه : بأنّه ما دلّت عليه الأخبار لا يتعين تقييده لهذا الإطلاق ، بل يجوز أن يكون لبيان الأفضل ، كما يدل عليه الخبر الرابع.

__________________

(١) السرائر ١ : ١٩٩.

(٢) النهاية : ٦٠.

(٣) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٧٤.

(٤) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٥.

(٥) في ص ١٢١٧.

(٦) في ص ١٢٢٥.

٤٢٦

هذا على تقدير العمل بهذه الأخبار ، ولو اعتمد على الصحيح أمكن أن يوجّه حمل المطلق الدال على فعل النوافل قبل الفرائض على المقيد الدال على فعلها في المقادير السابقة ، كما مضى التنبيه عليه.

ولا يخفى دلالة بعض هذه الأخبار على نوافل النهار ، والمطلق منها كالخبر المبحوث عنه يمكن تقييده بها ، أمّا نوافل المغرب ، فالحكم فيها محلّ تأمّل ، وما دلّ على فعلها بعد الفريضة يتناول فعلها بعد الفريضة على الإطلاق ، والقول بخروج وقتها بذهاب الشفق لم أقف الآن على دليل يصلح للاعتماد عليه.

وما ذكره المحقّق في المعتبر ـ على ما نقل عنه ـ : من أنّ عند ذهاب الحمرة يقع الاشتغال بالعشاء ، وقد ورد المنع من النافلة في وقت فريضة ، وما بين وقت المغرب وذهاب الحمرة وقت يستحب فيه تأخير العشاء ، فكان الإقبال فيه على النافلة حسنا(١) . قد ذكرت ما فيه في حاشية الروضة.

والحاصل أنّ المنع من النافلة في وقت الفريضة على تقدير عمومه لا يتناول النوافل الراتبة في الأوقات ؛ لاستثنائها بالأخبار الواردة فيها بإطلاقها أو خصوصها ؛ ومن ثَمَّ اعترض عليه الشهيد في الذكرى : بأنّ وقت العشاء يدخل بالفراغ من المغرب(٢) .

والأمر كما قال ، إلاّ أنّ قوله بعد ذلك : إلاّ أن يقال : إنّ ذلك وقت يستحب تأخير العشاء عنه. لا وجه له ؛ فإنّ استحباب تأخير الفرض لو اقتضى خروج وقت النافلة لورد في نافلة الظهرين ، ولا قائل به فيما أعلم ، ولعلّ الأولى ما قاله في الذكرى والدروس : من أنّه لو قيل بامتداد النافلة‌

__________________

(١) حكاه عنه في المدارك ٣ : ٧٤ ، وهو في المعتبر ٢ : ٥٣.

(٢) الذكرى : ١٢٠.

٤٢٧

بوقت المغرب كان حسناً(١) . وليس ببعيد ، وادّعاء العلاّمة في المنتهى الإجماع على الانتهاء بذهاب الحمرة(٢) . غريب ، والمستفاد من الأخبار الاتساع ، سيّما الخبر الوارد في الجمع بين الصلاتين في المزدلفة وأنّهعليه‌السلام ركع بينهما.

بقي شي‌ء وهو : أنّ الصدوق روى في باب نوادر الصلاة عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال : « ما صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الضحى قطّ » قال فقلت : ألم تخبرني أنّه كان يصلّي في صدر النهار أربع ركعات؟ قال : « بلى إنّه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر »(٣) وهذا الخبر واضح الدلالة على جواز تقديم بعض النوافل ، وقوله : « التي بعد الظهر » كأنّ المراد به بعد الزوال ، وتكون من نافلة الظهر ، ويحتمل كونها نافلة العصر ويراد(٤) بالظهر فعل الظهر ، لكن في بعض الأخبار السابقة ما يؤيّد الأوّل.

قوله(٥) :

باب أول وقت نوافل الليل.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر ابن أُذينة ، عن فضيل ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلّي بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة ».

__________________

(١) الذكرى : ١٢٤ ، الدروس ١ : ١٤١.

(٢) المنتهى ١ : ٢٠٧.

(٣) الفقيه ١ : ٣٥٨ / ١٥٦٧ ، الوسائل ٤ : ٢٣٤ أبواب المواقيت ب ٣٧ ح ١٠.

(٤) في « رض » : فيراد.

(٥) في « رض » : قال.

٤٢٨

عنه ، عن صفوان ، عن ابن بكير ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلّى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه فلا يصلّي شيئاً(١) إلاّ بعد انتصاف الليل ، لا في شهر رمضان ولا في غيره ».

فأمّا ما رواه عبد الله بن مسكان ، عن ليث المرادي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار ، صلاة الليل في أول الليل ، فقال : « نعم نِعْمَ ما رأيت ونِعْمَ ما صنعت ».

فهذا الخبر يحتمل شيئين.

أحدهما : أن يكون رخصة للمسافر.

والثاني : أن يكون رخصة لمن يشقّ عليه القيام آخر الليل ، ولا يتمكن من القضاء ، فإنّه يجوز له حينئذ تقديمها في أوّل الليل.

يدل على ذلك :

ما رواه حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت : إنّ رجلاً من مواليك من صلحائهم شكا إليّ ما يلقي من النوم ، فقال : إنّي أُريد القيام لصلاة الليل فيغلبني النوم حتّى أُصبح ، فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع والشهرين أصبر على ثقله ، قال : « قرّة عين والله » ولم يرخّص له في الصلاة في أوّل الليل ، وقال : « القضاء بالنهار أفضل » قلت : فإنّ من نسائنا أبكاراً ، الجارية تحبّ الخير وأهله ، وتحرص على الصلاة فيغلبها النوم ، حتى ربما (٢) قضت وربما ضعفت عن قضائه وهي تقوى عليه أوّل الليل فرخّص لهنّ في‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٧٩ / ١٠١٣ زيادة : من النوافل.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٧٩ / ١٠١٥ : حتى تصبح فربما.

٤٢٩

الصلاة أول الليل إذا ضعفن وضيّعن القضاء.

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل لا يستيقظ في آخر الليل حتى يمضي لذلك العشر والخمس عشرة فيصلّي أول الليل أحبّ إليك أم يقضي؟ قال : « لا بل يقضي أحبّ إليّ ، إنّي أكره أن يتخذ ذلك خلقاً » وكان زرارة يقول : كيف يقضي صلاة لم يدخل وقتها إنّما وقتها بعد نصف الليل.

فأمّا الذي يدل على جواز ذلك للمسافر :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة الليل والوتر في أول الليل في السفر إذا تخوّفت البرد أو كانت علّة ، فقال : « لا بأس ، أنا أفعل إذا تخوّفت ».

عنه ، عن النضر ، عن موسى بن بكر ، عن عليّ بن سعيد قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة الليل والوتر في السفر في أول الليل إذا لم يستطيع أن يصلّي في آخره ، قال : « نعم ».

السند‌ :

في الأول : لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه(١) .

والثاني : ضمير « عنه » فيه يرجع إلى الحسين بن سعيد ، وابن بكير قد تقدم مكرراً فيه القول(٢) .

أمّا عبد الحميد الطائي وهو ابن عوّاض فقد وثّقه الشيخ في رجال‌

__________________

(١) في ص ٢٦ و ٢٧ و ٤٩ و ٧٢ و ٢٠٩.

(٢) في ص ٤٩ و ٨٩.

٤٣٠

الكاظمعليه‌السلام من كتابه قائلاً : إنّه من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام (١) . والعلاّمة في الخلاصة قال : إنّه من أصحاب أبي الحسن موسىعليه‌السلام (٢) . وهو غريب ، فإنّه مذكور أيضاً في رجال الباقرعليه‌السلام والصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٣) ، وفي التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة حديث عن عبد الحميد بن عوّاض ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) .

والثالث : فيه أنّ الطريق إلى عبد الله بن مسكان غير مذكور في المشيخة ، وفي الفقيه رواه عن عبد الله بن مسكان والطريق إليه صحيح ، وستسمع الزيادة في متنه(٥) .

والرابع : فيه أنّ الطريق إلى حمّاد غير مذكور في المشيخة أيضاً ، والصدوق رواه عن معاوية بن وهب(٦) ، والطريق صحيح ، إلاّ أنّ فيه محمّد ابن علي ماجيلويه ، وفيه نوع تأمّل ذكرناه في موضعه.

والخامس : فيه محمّد بن سنان ، مع عدم الطريق إلى حمّاد الراجع إليه الضمير ، وقد يستغرب رواية حمّاد بن عيسى عن محمّد بن سنان ؛ إذ لم أعهده ، لكن المرتبة لا تأباه.

والسادس : فيه محمّد بن سنان.

والسابع : فيه موسى بن بكر ، وقد تقدم(٧) عن قريب. وعلي بن‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٥٣ / ٦.

(٢) الخلاصة : ١١٦.

(٣) رجال الطوسي : ١٢٨ / ١٨ و ٢٣٥ / ٢٠٢.

(٤) التهذيب ١ : ٦ / ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٣٠٢ / ١٣٨٢ ، الوسائل ٤ : ٢٤٩ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١. وفي ص ١٣٨٣.

(٦) الفقيه ١ : ٣٠٢ / ١٣٨١ ، الوسائل ٤ : ٢٥٥ أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ١ و ٢.

(٧) في ص ١٣٢٩.

٤٣١

سعيد مشترك(١) بين مهملين.

المتن :

في الأول : ظاهر في أنّ فعل صلاة الليل بعد النصف ، وربما دلّ على الدوام بلفظ « كان » كما ذكروه ، كما يدل على فعل الوتر مع ركعتي الفجر كذلك ، وكأنّ الشيخ استفاد كون ما ذكر أوّل الوقت ممّا قلناه ، وإلاّ فهو غير دالّ على الحصر ، وغير خفي أنّ احتمال المداومة على الأفضل يقتضي عدم تعيّن(٢) الوقت.

وفي المختلف نقل عن الشيخ أنّه لا يجوز تقديم صلاة الليل في أوّله إلاّ لمسافر يخاف فوتها أو شابّ يمنعه آخر الليل من القيام رطوبة رأسه ، ولا يتخذ ذلك عادة ، والقضاء أفضل ، وعن ابن أبي عقيل لا صلاة عند آل الرسول الاّ بعد دخول وقتها ، فمن صلّى صلاة فرض أو سنّة قبل دخول وقتها فعليه الإعادة ساهياً كان أو متعمّداً في أيّ وقت كان ، إلاّ سنن الليل في السفر ، فإنّه جائز أن يصلّيها أوّل الليل بعد العشاء الآخرة ، وعن ابن إدريس المنع من التقديم لهذين ، واختاره العلاّمة واستدل بالرابع(٣) .

ولا يخفي عليك أنّ ما دلّ على المسافر وغيره في الليالي القصار لا ارتياب فيه ، فالاقتصار على الرواية من دون الالتفات إلى غيرها غريب ، وستسمع القول في المسافر إنشاء الله تعالى.

والثاني : ظاهر الدلالة على نفي الوتيرة ، إلاّ أنّ ما دلّ على فعلها‌

__________________

(١) انظر رجال الطوسي : ٢٤٣ / ٣٢١ و ٣٥٦ / ٤٥.

(٢) في « رض » : تعيين.

(٣) المختلف ٢ : ٦٩ ، وهو في النهاية : ٦٠ ، والسرائر ١ : ٢٠٣.

٤٣٢

موجود ، والحمل(١) على نفي الراتبة ممكن ، لولا قوله : « لا في شهر رمضان ولا في غيره » فإنّ نفي نافلة شهر رمضان يقتضي العموم.

وقد روى الصدوق مرسلاً أنّ أبا جعفرعليه‌السلام قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يصلّي من النهار شيئاً حتى تزول الشمس ، فإذا زالت صلّى ثماني ركعات ـ إلى أن قال ـ : فإن فاء الفي‌ء ذراعاً صلّى الظهر أربعاً وصلّى بعد الظهر ركعتين ثم صلّى ركعتين أُخراوين ، ثم صلّى العصر أربعاً إذا فاء الفي‌ء ذراعاً ، ثم لا يصلّي بعد العصر شيئاً حتى تؤوب الشمس ـ إلى أن قال ـ : ثم لا يصلّي شيئاً حتّى يسقط الشفق فإذا سقط الشفق صلّى العشاء ، ثم آوى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى فراشه ولم يصلّ شيئاً »(٢) الحديث.

وفيه دلالة على نفي الوتيرة ، وإرساله قد كرّرنا القول فيه.

والثالث : كما ترى ظاهر الدلالة على فعل صلاة الليل في أول الليل في الليالي القصار ، إلاّ أنّ الصدوق في الفقيه زاد فيه بعد قوله : « نِعْمَ ما صنعت » يعني في السفر ، قال : وسألته(٣) عن الرجل يخاف الجنابة في السفر والبرد فيعجّل صلاة الليل والوتر في أول الليل؟ قال : « نعم »(٤) ولا يخفى أنّ بعد هذه الزيادة لا وجه لحمل الشيخ على غير السفر ، إلاّ أن تكون الزيادة غير موثوق بها ، لاحتمال كونها من بعض الرواة لظن المنافاة ، وفيه ما هو غني عن البيان ، إلاّ أن يقال : إنّ ذكر الليالي القصار يدل على‌

__________________

(١) في « فض » و « رض » : فالحمل.

(٢) الفقيه ١ : ١٤٦ / ٦٧٨ ، الوسائل ٤ : ٦٠ أبواب المواقيت ب ١٠ ح ٣ ، وفيهما بتفاوت يسير.

(٣) في « د » وقد سألته.

(٤) الفقيه ١ : ٣٠٢ / ١٣٨٣ ، الوسائل ٤ : ٢٤٩ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١ وص ١٨٣ ح ١٠ ، وفيهما بتفاوت يسير.

٤٣٣

ما يعمّ السفر ، وفيه : أنّه إذا ما تحقّق خصوص السفر فلا وجه للاحتمال ، فتأمّل.

والرابع : واضح الدلالة على أنّ القضاء أفضل ، وما تضمنه آخره من الرخصة إذا حصل الضعف عن القضاء ، يدل على ما ذكره الشيخ ، وقد نقل في المختلف احتجاج الشيخ(١) به على ما سبق نقله عن الشيخ ، وأنّه وجّه الاستدلال به أنّ الترخّص للمرأة مستلزم لغيرها من المسافر والشاب للاشتراك في العذر ، وأجاب العلاّمة بأنّ الرواية لا تدل على المطلوب ؛ لاختصاصها بمن لا يتمكن من الانتباه والقضاء(٢) .

ولا يخفى أنّ المنقول عن الشيخ فيه أنّ القضاء أفضل(٣) ، والرواية تدل على ذلك مع زيادة خوف تضييع القضاء.

والجواب بما ذكره مع قوله بمنع التقديم مطلقا ، لا وجه له ، نعم في الرواية نوع تأمّل بالنسبة إلى ما عمّم الشيخ ، وله في التهذيب كلام ذكرنا ما فيه في حاشيته.

وأمّا الخامس : ففيه دلالة على جواز التقديم لكن لا يكون عادة ، واحتمال عود الإشارة في قولهعليه‌السلام : « إنّي أكره » إلى آخره. إلى غير ما ذكرناه لا وجه له ، وما تضمنه من قول زرارة محتمل لأن يكون من محمّد ابن مسلم ومن غيره ، ولا يخلو قوله من إجمال ؛ إذ مقتضاه أنّ زرارة ظنّ أنّ التقديم قضاء ، أو أنّه أراد بالقضاء مطلق الفعل ، وعلى كل حال فالوجه فيه بعد ورود الأخبار بخلافه في الجملة غير ظاهر.

__________________

(١) في « د » و « رض » : الاحتجاج للشيخ.

(٢) المختلف ٢ : ٧٠.

(٣) كما في المختلف ٢ : ٧٠ ، وهو في النهاية : ٦١.

٤٣٤

والسادس : كما ترى واضح الدلالة لو صحّ السند ، وكذلك السابع.

وفي المقام أخبار أُخر وفيها دلالة على تأكّد القضاء(١) ، وبعضها معدود من الصحيح ، وهو ما رواه أبان بن تغلب قال : خرجت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام فيما بين مكة والمدينة وكان يقول : « أمّا أنتم فشباب تؤخّرون ، وأمّا أنا فشيخ اعجّل » فكان يصلّي صلاة الليل أوّل الليل(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذكرناه في الخبر الأوّل من احتمال حمل التأخير إلى النصف في صلاة الليل على الأفضل يتأيّد بإطلاق بعض الأخبار السالفة في الباب السابق أن التطوع بمنزلة الهدية(٣) ، ودلالة هذه الأخبار المبحوث عنها وغيرها أيضاً على التقديم في الجملة غير خفّية.

وفي التهذيب روى الشيخ ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن عيسى قال : كتبت إليه أسأله : يا سيّدي روي عن جدّك أنّه قال : « لا بأس أن يصلّي الرجل صلاة الليل في أول الليل » فكتب : « في أيّ وقت صلّى فهو جائز إنشاء الله »(٤) .

وروى بطريق فيه جعفر بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لا بأس بصلاة الليل من أول الليل ، إلاّ أنّ أفضل ذلك إذا انتصف الليل »(٥) .

وفي هذين الخبرين من التأييد لما قلناه ما لا يخفى ، فليتأمّل.

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٢٥٥ أبواب المواقيت ب ٤٥.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٢٧ / ٥٧٩ ، الوسائل ٤ : ٢٥٤ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١٨.

(٣) راجع ص ١٣٧٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩٣ ، الوسائل ٤ : ٢٥٣ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩٤ ، الوسائل ٤ : ٢٥٢ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ٩.

٤٣٥

قوله(١) :

باب آخر وقت صلاة الليل.

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحجّال ، عن عبد الله بن الوليد الكندي ، عن إسماعيل بن جابر أو عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّي أقوم في آخر الليل وأخاف الصبح قال : « اقرأ الحمد واعجل اعجل ».

عنه ، عن الحسين بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن القاسم بن بريد العجلي ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يقوم آخر الليل وهو يخشى أن يفجأه الصبح أيبدأ بالوتر أو يصلي الصلاة على وجهها حتّى يكون الوتر آخر ذلك؟ قال : « بل يبدأ بالوتر » وقال : « أنا كنت فاعلاً ذلك ».

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حمّاد ، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أُوتر بعد ما يطلع الفجر؟ قال : « لا »(٢) .

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن المرزبان بن عمران ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أقوم وقد طلع الفجر فإنْ أنا بدأتُ بالفجر صلّيتها في أول وقتها ، وإنْ بدأت بصلاة الليل والوتر صلّيت الفجر في وقت هؤلاء ، فقال‌ :

__________________

(١) في « رض » : قال.

(٢) في نسخة من الاستبصار ١ : ٢٨١ / ١٠٢١ : لا بأس.

٤٣٦

« ابدأ بصلاة الليل والوتر ولا تجعل ذلك عادة ».

عنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن عمّار بن المبارك ، عن محمّد ابن عذافر ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أقوم وقد طلع الفجر ولم أُصلّ صلاة الليل ، فقال : « صلّ صلاة الليل وأوتر وصلّ ركعتي الفجر ».

فهذان الخبران وردا رخصة في جواز تأخير صلاة الغداة عن أوّل وقتها ؛ لأن ذلك يجوز عند الأعذار على ما قدّمناه ، ومن جملة الأعذار قضاء صلاة الليل ، إلاّ أنّ الأفضل ما قدّمناه.

والذي يدل على هذه الرخصة أيضاً :

ما رواه الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمرو بن عثمان ومحمّد بن عمر بن يزيد ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن صلاة الليل والوتر بعد طلوع الفجر ، فقال : « صلّها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلّى الغداة في آخر وقتها ، ولا تعمّد ذلك في كلّ ليلة » وقال : « أوتر أيضاً بعد فراغك منها ».

السند‌ :

في الأول : فيه الحجّال ، وهو يقال لعبد الله بن محمّد الثقة ، وفي الخلاصة ما ظاهره الحصر فيه(١) ، وأظنّ وجوده لغيره إلاّ أنّ الإطلاق كأنّه ينصرف إليه ، والراوي عن عبد الله : الحسن بن علي بن المغيرة في‌

__________________

(١) الخلاصة : ١٠٥ / ١٨.

٤٣٧

الرجال(١) ، ومرتبته مع محمّد بن الحسين الراوي عنه هنا قريبة ، أمّا عبد الله ابن الوليد الكندي فهو مذكور مهملاً في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب البرقي ؛ وإسماعيل بن جابر مضى القول فيه(٢) .

والثاني : لا ارتياب في رجاله لما تقدّم(٣) ، سوى القاسم بن بريد ، وهو ثقة ؛ وبُرَيْد بالباء الموحّدة والراء المهملة ، والراوي عنه في الرجال فضالة(٤) ، فلا يتوهم اشتباه الأب.

والثالث : فيه إسماعيل بن جابر وقد مضى(٥) .

والرابع : فيه البرقي ، والظاهر أنّه محمّد ، وقد مضى القول فيه(٦) ، واحتمال أحمد ممكن ؛ لأنّ مرتبتهما واحدة ، إلاّ أنّ رواية أحمد بن محمّد ابن عيسى عنه كأنّها بعيدة ؛ والمرزبان بن عمران غير معلوم الحال بما يزيد عن الإهمال ، والخبر المذكور في الكشي(٧) لا يفيد فيه مدحاً كما يعلم من مراجعته.

والخامس (٨) : فيه عمّار بن المبارك السابق(٩) عن قريب.

والسادس (١٠) : فيه محمّد بن عمر بن يزيد ، وتقدم أنه مهمل في‌

__________________

(١) انظر رجال النجاشي : ٢٢٦ / ٥٩٥.

(٢) في ص ٧٠١.

(٣) في ص ٩٤٢ ، ٩٤٣ ، ١٠٢٢.

(٤) انظر رجال النجاشي : ٣١٣ / ٨٥٧.

(٥) في ص ٧٠١.

(٦) في ص ٦٨.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٧٩٤ / ٩٧٠.

(٨) في النسخ : الرابع ، والصواب ما أثبتناه.

(٩) في ص ١٣٧٥.

(١٠) في النسخ : الخامس ، والصواب ما أثبتناه.

٤٣٨

الرجال(١) .

المتن :

في الأول : يحتمل أن يراد بالعجلة فيه عدم قراءة السورة ، ويحتمل إرادة قراءة الحمد من غير ترسّل(٢) .

والثاني : ينبغي(٣) أن يكون في مقام المنافي ، لتضمّنه البدأة بالوتر وترك الصلاة لما تضمنه السؤال ، والجمع بالتخيير ممكن ، أو يقال : إنّ مفاد الأوُلى تقديم الصلاة بالعجلة ، والثانية تضمّن السؤال فيها الصلاة على وجهها ، وإرادة الترسّل والسورة منها غير مستبعدة وإنْ كان احتمال أن يراد بوجهها وقوع الوتر بعدها ، لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّ الظاهر يؤيّد الاحتمال الأول.

وعلى هذا يرجح(٤) فعل الوتر وحده على الصلاة بالوجه المذكور ، ويبقى ترجيح الصلاة بالعجلة مسكوتاً عنه ، فيفهم من الاولى ، وفيه : أنه يرجع إلى التخيير ، ودعوى الرجحان غير ظاهرة.

فإن قلت : قولهعليه‌السلام : « بل يبدأ بالوتر » يدلّ على أنّ من ظنّ طلوع الصبح في أثناء صلاته يبدأ بالوتر ، أمّا الدلالة على الاكتفاء به لو طلع الصبح ، أو ضميمة صلاة الليل لو لم يطلع لانكشاف فساد الظنّ ، فهو غير مدلول عليه بالرواية ، وحينئذ ما الحكم فيه؟.

__________________

(١) في ص ١٣١٩.

(٢) في « رض » : ترتيل.

(٣) في « فض » : والثاني كما ترى ينبغي.

(٤) في « رض » : يترجح.

٤٣٩

قلت : الرواية لا يخلو من إجمال من جهة ما ذكرت ، ولا يبعد استفادة الاكتفاء بالوتر ، وقضاء صلاة الليل بعد ذلك لو طلع الفجر أو إتمامها ، وعلى تقدير عدم الطلوع يحتمل الاكتفاء به والإعادة ، وقد ذكر بعض محقّقي المتأخرينرحمه‌الله أنّه : يدل على الاقتصار في فعل الوتر مخففاً من دون صلاة الليل ، ثم القضاء إذا خاف عدم الإدراك ، بعضُ الأخبار(١) ، وكأنّه يريد هذا الخبر ، ودلالته كما ترى مجملة.

وفي التهذيب روى الشيخ ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « أما يرضى أحدكم أن يقوم قبل الصبح ويوتر ويصلّي ركعتي الفجر ويكتب له بصلاة الليل »(٢) وهذا الخبر مع صحته يدل على الاكتفاء بالوتر مع ركعتي الفجر عن صلاة الليل ، وما يقتضيه ظاهره من التناول للتعمد يدفعه ظواهر الأخبار غيره.

والثالث (٣) : يدلّ على النهي بعد ما يطلع الفجر ، واحتمال حمله على اتخاذه عادة أو خروج وقت فضيلة الصبح ممكن ، والظاهر أنّ المراد بالفجر فيه الثاني ؛ للتبادر ودلالة بعض الأخبار على أنه أحبّ أوقات الوتر الفجر الأول(٤) ، ويحتمل أن يراد بالوتر في الخبر فعله منفرداً ، أمّا لو كان بعد صلاة الليل وطلع الفجر فالظاهر ممّا يأتي خلافه.

والرابع : ظاهر الدلالة على جواز صلاة الليل بعد الفجر لكن لا تكون عادة ، ولا يخفى أنّ في السؤال دلالةً على أنّ وقت الأسفار لأهل الخلاف ،

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩١ ، الوسائل ٤ : ٢٥٨ أبواب المواقيت ب ٤٦ ح ٣.

(٣) في « فض » زيادة : كما ترى.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٣٩ / ١٤٠١ ، الوسائل ٤ : ٢٧٢ أبواب المواقيت ب ٥٤ ح ٤.

٤٤٠