إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41123
تحميل: 4993


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41123 / تحميل: 4993
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

الوصف ، حتى أنّه يوقع في توهم الاشتراك فيمن ليس بمشترك ، ومن عرف طريقه يسهل عليه الخطب في بعض المواضع الذي في النجاشي ، وما لم يكن فيه يشكل الحال بالنسبة إلى وجود الاحتمال.

وأمّا صفوان فهو ابن يحيى لما يظهر من الكشي(١) وتصريح النجاشي بروايته عن الرضاعليه‌السلام (٢) ، ورواية ابن مهران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٣) ، والرجلان ثقتان فالأمر سهل ، وغيرهما من المسمى بالاسم لا يحتمله المقام كما لا يخفى على من راجع الرجال.

والثالث : واضح الصحة.

والرابع : فيه معاوية بن حكيم وقد مضى عن قريب(٤) . وعلي بن أبي حمزة ( كأنّه البطائني الواقفي لروايته عن الإمام موسىعليه‌السلام المعبّر عنه برجل صالح ، واحتمال ابن أبي حمزة )(٥) الثمالي ( في حيّز الإمكان ، وما عساه يقال : إنّ مرتبة ابن أبي حمزة الثمالي )(٦) تأبى الوصول إلى موسىعليه‌السلام ، لأنّ علي بن أبي حمزة مذكور مع إخوته ومرتبتهم أعلى ، جوابه غير خفي.

وينبغي أن يعلم أنّه اتفق في علي بن أبي حمزة البطائني شي‌ء لا بأس بالتنبيه عليه ، وهو أنّ العلاّمة في الخلاصة قال ـ في ترجمة علي بن أبي حمزة بعد نقل قول الشيخ فيه بالوقف ـ : وقال أبو الحسن علي بن‌

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٩٢.

(٢) رجال النجاشي : ١٩٧ / ٥٢٤.

(٣) رجال النجاشي : ١٩٨ / ٥٢٥.

(٤) راجع ص ١٨٥٠.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

١٨١

الحسن بن فضال : علي بن أبي حمزة كذّاب متّهم ملعون وقد رويت عنه أحاديث كثيرة ( وكتب تفسير القرآن )(١) من أوّله إلى آخره إلاّ أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً(٢) .

وقال العلاّمة في الحسن بن علي بن أبي حمزة : قال ( الكشي : حدثني محمد بن مسعود قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة )(٣) قال : كذّاب ملعون رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن من أوّله إلى آخره إلاّ أنّي لا أستحل أن أروي عنه حديثاً واحداً(٤) .

ولا يخفى عليك أنّ كلام الكشي المنقول يقتضي أن يكون في الحسن فكيف يذكره في علي؟ وإرسال الحديث في عليّ مع إسناده في الحسن غريب ، والذي في النجاشي ما نقله في الحسن(٥) ، وقد تبع في ذلك ابن طاوس(٦) ، وأوهامه في الكتاب كثيرة.

وأمّا الخامس : فقد تكرر القول في رجاله بما يغني عن الإعادة(٧) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ من لم يدر ( في ثلاث أم )(٨) في اثنتين أو(٩)

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في المصدر : وكتبت عنه تفسير القرآن كلّه.

(٢) الخلاصة : ٢٣١ / ١.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الخلاصة : ٢١٢ / ٧.

(٥) رجال النجاشي : ٣٦ / ٧٣.

(٦) التحرير الطاوسي : ١٢٤ / ٩٦.

(٧) راجع ص ٣١ ، ٣٨ ، ١٨٧٢.

(٨) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٩) في « رض » : أم.

١٨٢

في واحدة أو أربع يعيد.

والثاني : يدل على أنّ من لم يدرِ كَم صلّى ولم يقع وهمه على شي‌ء يعيد ، والمعروف من الوهم في الأخبار الظن ، وحينئذ يحتمل أن يكون قوله : « ولم يقع وهمك » راجعاً لمن لم يدرِ كَم صلّى ، وحاصله أنّ من لم يدر كم صلّى هو الذي لم يقع وهمه على شي‌ء ، ويحتمل أن يكون بياناً لصورتين يجب فيهما الإعادة ، أحدهما من لم يدرِ كَم صلّى ، وثانيهما من لم يقع وهمه على شي‌ء ، والفرق بين الأمرين أنّ الأوّل يقتضي أنّ من لم يدرِ كَم صلّى يعيد ولا يلتفت فيه إلى الوهم ، والثاني يفيد أنّ من درى كم صلّى إذا لم يقع وهمه على شي‌ء يعيد.

فإن قلت : كلا الأمرين غير تام ، أمّا الأوّل : فلأنّه يقتضي إعادة كل من لم يدر وإن ظن ، والحال أنّ ما دل على البناء على

الوهم يتناوله ؛ وأمّا الثاني : فلأنّ من لم يقع وهمه على شي‌ء لا يلزمه الإعادة مطلقاً بل يلزمه أحكام الشك ( إمّا من البناء على المقرر أو الإعادة )(١) بمعنى أنّه إن تحقق الأوّلتين أو ظنهما وشك لزمه حكم الشك ، وإن لم يتحقق الأوّلتين لزمه الإعادة ، وكذا في بعض صور الشك.

قلت : من لم يدر يصير في حكم المجمل والخبر الأوّل الدال على أنّ من لم يدر في ثلاث أو اثنتين أو واحدة أو أربع مبيّن ، والصحة في هذه الصورة مع الظن محلّ تأمّل ؛ لأنّ الأوّلتين لم يتحقق والشرط فيهما التحقق على وجه اليقين كما تضمنه خبر زرارة.

نعم على قول من اعتبر الظن في الأوّلتين ربما يلزمه عدم الإعادة ، إلاّ‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م » و « رض ».

١٨٣

أن يقول : إنّ ما دل على الظن مع الشك يخص بهذا الخبر ، وفيه : أنّ الخبر الأوّل يدل على أنّ من لم يدر ، ومن ظن فقد درى ، والخبر الثاني : ظاهره عدم المضيّ على الشك ، ومع الظن لا شك.

ولم أجد الآن كلاما للأصحاب في خصوص هذه المسألة ، وإطلاق الظن في كلام من رأينا كلامه ربما يتناول ما نحن فيه.

وأمّا ما ذكر من جهة الوهم فلأنّ من لم يقع وهمه على شي‌ء ربما يتبادر منه أنّ من لم يظن شيئاً من الصلاة يعيد ، وحينئذ يخرج عنه من تحققت منه الأوّلتان أو ظنتا ، نعم يدخل فيه من ظن واحدة ، ولا مانع من تخصيصه بما دل على ظن الأوّلتين أو تحققهما ، ويبقى فيه من وقع همه على الزائد عن الأربع ونحوها ، والمخصص أيضاً موجود ، هذا بتقدير الاحتمال الثاني. وأمّا الاحتمال الأوّل : فله نوع قرب من حيث الظاهر واحتياج الاحتمال الثاني إلى زيادة تخصيص.

وقد يحتمل أن يراد أنّ من لم يدر في أوّل الأمر ولم يقع وهمه بعد ذلك على شي‌ء ، لا أنّه تفسير لمن لم يدر ، والفرق بينه وبين الأوّل أنّ الأوّل يقتضي أنّ من لم يقع وهمه على شي‌ء هو(١) من لم يدر ، وليس كذلك ، أمّا أوّلاً : فلأنّ من لم يدر في الظاهر لا بدّ من تقييده بالخبر الأوّل ، وعلى تقدير عدم التقييد لو فسّر بمن لم يقع وهمه على شي‌ء يصير المعنى أنّ كل من لم(٢) يقع وهمه على شي‌ء كان ممن لم يدر فيلزمه الإعادة ، والحال أنّ إشكال هذا واضح ؛ لأنّ حاصل المعنى أنّ من شك ولم يقع‌

__________________

(١) ليس في « فض ».

(٢) ساقط عن « م ».

١٨٤

وهمه على شي‌ء فهو من لم يدر فحينئذٍ(١) يعيد ، وهو يتناول صور عدم الإعادة ، إلاّ أن يقال : إنّ التفسير(٢) بعد التخصيص بالخبر الأوّل ، على معنى أن لم يدر بأحد الأُمور المذكورة في الخبر الأوّل ، وعدم الدراية أن لا يقع وهمه على شي‌ء ، ولا يخلو من تكلف ، بخلاف ما إذا قيّدناه بالأوّل وجعلنا عدم وقوع الوهم بعد الحصول للشك فإنّه خال من التكلف الأوّل ، وقد يظن اتحادهما مآلاً ، والتأمّل ينفيه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ هذه الرواية رواها الكليني بطريق فيه محمد ابن خالد ، وقد ذكرناها سابقاً في حكم الظن في الأوّلتين حيث استند إليها شيخناقدس‌سره حتى أنّه في المدارك ذكرها في مسألة من لم يدرِ كَم صلّى ، مستدلاًّ بها على الحكم ، واصفاً لها بالصحة(٣) .

وفي نظري القاصر أنّ الاستدلال بها على الحكمين لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ الاستدلال بها على حكم الظن في الأوّلتين يقتضي شمول من لم يدرِ كَم صلّى المذكور فيها للأوّلتين والأخيرتين ، أو للأوّلتين وحدهما وللأخيرتين وحدهما ، والشمول يضرّ بالحال في الأخيرتين ( وحدهما إلاّ أن يقال بالمخصص من خارج ، والشمول يقتضي أنّ حكم الأوّلتين )(٤) وحدهما خارج فلا يتم الاستدلال بها على حكم الأوّلتين بالانفراد ، وربما يمكن التسديد ، إلاّ أنّ عدم التعرض له غير لائق ، هذا.

وأمّا الثالث : فدلالته واضحة على البناء على الجزم في صورة الشك‌

__________________

(١) ساقط عن « فض » و « م ».

(٢) في « فض » : التعبير ، وفي « رض » : اليقين ، والصواب ما أثبتناه من « م ».

(٣) المدارك ٤ : ٢٥٤.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٨٥

بين الواحدة والاثنتين والثلاث ، فالمعارضة للأوّل غير ظاهرة ؛ لأنّ الأوّل يجوز كون الإعادة فيه لضميمة الأربع ، إلاّ أن يقال : إنّ المقصود عدم تحقق الأوّلتين ، فإذا دلّ الخبر على أنّه لا يضر حصلت المعارضة بينه وبين الأوّل ، وضميمة الأربع لا دخل لها حينئذ.

فإن قلت : هل معارضتها للثانية واضحة أم لا؟

قلت : لا وضوح لها لجواز أن تكون الثانية مطلقة والأولى مقيدة ، ويرجع حاصل الأمر إلى أنّ من لم يدرِ كَم صلّى هو الشاك في مضمون الرواية الأُولى ، وأمّا ما تضمنته الثالثة(١) من البناء على الجزم فقد يظن منافاته لما دل على تحقق الأوّلتين بل وظن الأوّلتين ؛ لأنّ التحقق وإن ظن حصوله بالبناء على الواحدة حيث إنّه إذا أتى بالثانية فقد فعل الأوّلتين جزماً ، إلاّ أنّ احتمال وقوع الأوّلتين سابقاً يقتضي عدم تحققهما على وجههما ، والظاهر من التحقق ذلك ، إلاّ أن يقال : إنّ التحقق مرجعه إلى الدليل ، فإذا وجد عمل به ، غاية الأمر في صورة لا يوجد الدليل يقال لا بدّ من التحقق على الوجه المأمور به ، وأمّا مع الظن فكذلك.

وحمل الشيخ في أعلى مراتب البعد بل لا وجه له ؛ لأنّ سجود السهو مع الإبطال يتوقف على صراحة الرواية ليقال إنه تعبّد وقوله : بجبران(٢) الصلاة ، هكذا في النسخة التي وقفت عليها ، ولا وجه له ، وفي التهذيب : دون جبران الصلاة(٣) .

والذي يقتضيه ظاهر الخبر العمل بالمتيقن واحتمال استحباب‌

__________________

(١) في النسخ : الثانية ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٧٤ / ١٤٢٠ : لا لجبران الصلاة.

(٣) في التهذيب ٢ : ١٨٨ / ٧٤٥ : لا لجبران الصلاة.

١٨٦

سجدتي السهو أو الوجوب لاحتمال الزيادة ؛ لكن احتمال الزيادة وحدها لم أقف على القائل به ، وقد يشعر به كثير من الأخبار كما يعرف بالتتبّع وما سيأتي(١) من كلام الصدوق.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ربما يؤيّد القول المنقول في الشكوك بالأخذ بالمتيقن ، وقد أجاب عن الرواية العلاّمة في المختلف على ما نقله شيخناقدس‌سره (٢) بالحمل على كثرة(٣) الشك ، ولم أقف عليه في المختلف ، وهو غريب ؛ لأنّ كثير الشك لا يبني على الجزم بل على الفعل المشكوك فيه.

ونقل شيخناقدس‌سره أيضاً عن الصدوق في الفقيه القول بجواز البناء على الأقل في مسألة من لم يدرِ كَم صلّى(٤) .

والذي رأيته في الفقيه : وروى عن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح ، وذكر الرواية الرابعة ، ثم قال : وروى سهل بن اليسع في ذلك عن الرضاعليه‌السلام أنّه « يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهداً خفيفاً » وقد روي أنّه « يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس » وليست هذه الأخبار مختلفة ، وصاحب السهو بالخيار بأيّ خبر منها أخذ فهو مصيب ، وروى عن إسحاق بن عمار أنّه قال : قال لي أبو الحسن الأوّلعليه‌السلام : « إذا شككت فابن على اليقين » الحديث(٥) . وقد مضى نقله.

ولا يخفى أنّ كلام الصدوق صريح في العمل بالتخيير.

فإن قلت : ما حال أسانيد الأخبار المذكورة في الفقيه؟

__________________

(١) في ص ١٨٨٧.

(٢) المدارك ٤ : ٢٥٤.

(٣) في « رض » : كثير.

(٤) المدارك ٤ : ٢٥٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٠ و ٢٣١ : بتفاوت يسير.

١٨٧

قلت : أمّا الأوّل فالطريق إلى علي بن أبي حمزة فيه محمد بن علي ماجيلويه(١) وفيه كلام ، والعلاّمة صحّح بعض الطرق المشتملة عليه(٢) . وعلي بن أبي حمزة قد ذكرناه(٣) ، ولم يستفد(٤) من الفقيه تعين كونه البطائني أو غيره ، لكن العبد الصالح في الفقيه يفيد تعيين كونه الإمامعليه‌السلام ، دون ما في الكتاب من قوله : رجل صالح ، وإن كان الظاهر عدم الفرق.

وأمّا الطريق إلى الثاني ففيه أحمد بن زياد الهمداني ، والعلاّمة وثّقه بصورة أنّه كان رجلاً ثقة ديّناً فاضلاً(٥) . ولم نجد ذكره في غير الخلاصة ( من كتب الرجال )(٦) ، وقول ابن داود : إنّه في لم(٧) ، هو أعلم به ، نعم في كتاب كمال الدين للصدوق روى حديثاً فيه أحمد بن زياد المذكور ، ثم قال الصدوق : قال مصنف هذا الكتاب : لم أسمع هذا الحديث إلاّ من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وكان رجلاً ثقة ديّناً فاضلاً(٨) . والظاهر أنّ توثيق العلاّمة من الكتاب المذكور.

ثم إنّ في الطريق إلى سهل إبراهيم بن هاشم فالحديث حسن بل صحيح بروايته في الفقيه(٩) .

__________________

(١) مشيخة الفقيه ٤ : ٨٧.

(٢) خلاصة العلاّمة : ٢٧٨ ، وهو طريق الصدوق إلى إسماعيل بن رياح الكوفي كما في منهج المقال : ٣٠٩.

(٣) في ص ١٨٠ ١٧٩.

(٤) في « رض » : لم نستفد.

(٥) خلاصة العلامة : ١٩ / ٣٧.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٧) رجال ابن داود : ٣٨ / ٧٧ وفيه زيادة : ثقة.

(٨) كمال الدين : ٣٦٩ / ٦.

(٩) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠٢٢.

١٨٨

وأمّا الأخيرة فقد قدّمنا القول(١) في طريقها بأنّ فيه علي بن إسماعيل ، مع أنّ صورتها كما ترى : روي عن إسحاق ، فدخولها في المشيخة لا يخلو من شي‌ء.

ثم إنّ حديث سهل دال على سجود السهو فيؤيّد رواية علي بن يقطين المذكورة هنا ، وربما يستفاد منه أنّ في خبر علي بن يقطين نوع سهو وهو سقوط الأربع ؛ لأنّ ظاهر رواية سهل أنّ مضمونها مضمون السابقة عليها وهي رواية علي بن أبي حمزة ، وقد تضمنت الواحدة والاثنتين والثلاث والأربع ، وعلى هذا فالمعارضة بين رواية ابن يقطين والأولى ظاهرة وإن احتمل أن يقال : إنّ سجود السهو لا مانع منه في الصورتين أعني مضمون روايتي(٢) ابن يقطين وسهل.

ولا يخفى أنّ ظاهر الصدوق القول بسجود السهو على تقدير اختيار البناء على اليقين.

فإن قلت : كلامه صريح في ذلك فما وجه ما ذكرت أوّلاً من عدم الوقوف على القائل؟

قلت : المنفي أوّلاً عدم الوقوف على القائل بسجود السهو لاحتمال الزيادة ؛ إذ يجوز أن يكون سجود السهو هنا لخصوص هذه الصورة وإن كان ربما يدعى الظهور ، والاحتياط مطلوب في هذه الصورة بعد احتمال قول الصدوق.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الرابع(٣) يدل من حيث السؤال على أنّ‌

__________________

(١) في ص ١٨٧٩.

(٢) في « فض » : رواية.

(٣) كذا في النسخ ، ولعلّ الأنسب : الخامس.

١٨٩

الرجل كلما أعاد شك ، والكثرة بهذا المعنى لم أعلم معتبرها من الأصحاب ، وبتقدير التوجيه على ما يوافق ما ذكروه يدل بظاهره على عدم الالتفات والمضي في صلاته ، لكن المضي لا يخلو من احتمالين ، أحدهما البناء على فعل المشكوك فيه ، وثانيهما البناء على الجزم وهو الواحدة.

والشيخ كما ترى ذكر في ثاني وجهي الجمع ما يقتضي البناء على فعل المشكوك فيه ، كما هو مقرر في كثير الشك بين من رأينا كلامه من الأصحاب(١) . وإن كان يخطر في البال احتمال أن يقال : إنّ كثير الشك إذا ورد أنّه لا يلتفت فاحتمال إرادة عدم لزوم الاحتياط له كاحتمال البناء على المشكوك فيه ؛ لكن عدم معلوميّة القائل يوجب الاقتصار على ما قالوه ، وحينئذ فالخبر إذا حمل على كثير الشك لزمه البناء على الأكثر.

والصدوق كما نقلناه عنه من إيراد الرواية مع غيرها ممّا ذكر قال بالتخيير في مضمون الروايات(٢) ، والتخيير محتمل للرجوع إلى مضمون الاولى وهي المبحوث عنها ، فيعمل على المشكوك فيه من غير فعل شي‌ء ، والثانية الدالة على سجود السهو مع العمل على اليقين وهي رواية سهل ، والثالثة المرسلة الدالة على ركعة من قيام وركعتين وهو جالس.

ويحتمل العود إلى المجموع ، ويكون اعتقاده من الاولى البناء على اليقين من غير فعل شي‌ء ، وبعد اعتبار الرواية المبحوث عنها برواية الصدوق يمكن أن يوجّه حملها على مضمون رواية علي بن يقطين من البناء على الجزم ، وخبر إسحاق في الفقيه أيضاً مؤيّد مع احتمال البناء على‌

__________________

(١) انظر المعتبر ٢ : ٣٩٣ ، والتذكرة ٣ : ٣٢٢ ، والمدارك ٤ : ٢٧١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣١.

١٩٠

المشكوك فيه(١) .

واعتبار الكثرة المذكورة في كلام الأصحاب الذين رأينا كلامهم إن انعقد الاتفاق عليه فالاحتمال منتف ، وإلاّ أمكن أن يراد بالكثرة في الأخبار ما يتناول مدلول الرواية فيراد بالكثرة كثرة متعلق الشك وما دل على الإعادة على الاستحباب يكون محمولاً.

فإن قلت : استحباب الإعادة إن أُريد به فعل العبادة بعد البناء على المشكوك فيه فله وجه ، أمّا إن أُريد به القطع والاستئناف فمشكل.

قلت : لو أُريد الثاني فلا مانع منه(٢) وإن كان الأوّل أقرب إلى الاعتبار.

وما عساه يقال : إنّ المانع موجود ، وهو النهي(٣) عن إبطال العمل. يمكن الجواب عنه : بأنّ ما دل على الإعادة مخصص إلاّ أن يقال : بأنّ ما دل على الإعادة معارض بما دل على البناء على الجزم فالعموم باق ، ويمكن ادعاء أنّ الأولى الإتمام ثم الإعادة ، لكن فيه مخالفة المشهور.

وأمّا الخامس : فما تضمنه السؤال من قوله : يشك كثيراً في صلاته ، محتمل لأن يراد به كثرة الشك في كل صلاة ، وأن يراد الكثرة في مجموع الصلاة ؛ ثم على التقدير الأوّل يحتمل الكثرة في متعلق الشك كما قدّمنا إليه الإشارة ، وكذلك على الثاني ؛ والسؤال وإن لم يفد حكماً إلاّ أنّ الجواب له تعلق بالسؤال ، وذلك لأنّ قولهعليه‌السلام : « يعيد » دالّ على أنّ المراد ليس إلاّ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٣١ / ١٠٢٥.

(٢) ليس في « فض ».

(٣) ليس في « م ».

١٩١

الشك في فريضة بأن يكثر متعلقه ، كأن يشك بين الواحدة والاثنين والثلاث والأربع ، إذ لو حمل السؤال على بقيّة الاحتمالات لم يتم الإعادة على الإطلاق في الجواب.

وعلى هذا فقوله في السؤال : فإنّه يكثر عليه ذلك ، يراد به أنّ من لم يدرِ كَم صلى يتكرر منه هذا ، وحينئذٍ الجواب بأنّه يمضي يدل على أنّ من لم يدرِ كَم صلّى إذا تكرّر منه ذلك لا يلتفت ، والإجمال في الحديث واقع بالنسبة إلى عدم الالتفات ، بل ربما كان الظاهر من قولهعليه‌السلام : « لا تعوّدوا الخبيث نقض الصلاة » عدم قطعها أعم من البناء على الجزم أو على فعل المشكوك فيه ، هذا ما خطر في نظري القاصر من معنى الخبر ، وعليه فالاستدلال به على أنّ كثير الشك لا يلتفت بل يبني على فعل المشكوك فيه كما فعله شيخناقدس‌سره (١) وقبله جماعة من المتأخرين(٢) ، محلّ تأمّل.

نعم يمكن أن يستنبط من آخره حكم غير الصورة المسئول عنها بنوع من التوجيه لو احتيج إلى الخبر ، لكن في الأخبار ما يدل على كثير الشك وإن كان فيها نوع إجمال ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

قوله :

باب من شك فلا يدري صلّى اثنتين أو ثلاثاً.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما قال : قلت له : رجل لا يدري‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٧١.

(٢) انظر المنتهى ١ : ٤١١ ، والروضة البهية ١ : ٣٣٨.

١٩٢

أواحدة صلّى أم اثنتين؟ قال : « يعيد » قال : قلت(١) : رجل لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثاً؟ قال : « إنْ دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة(٢) ثم يسلم ولا شي‌ء عليه ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر ، عن حمّاد ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : « يعيد » قلت : أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه؟ فقال : « إنّما ذلك في الثلاث والأربع ».

فمحمول على صلاة المغرب أو الغداة ؛ لأنّ هاتين الصلاتين لا سهو فيهما وتجب(٣) الإعادة على كل حال.

وأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل(٤) لا يدري أثلاثاً صلّى أم ثنتين(٥) ، قال : « يبني على النقصان ويأخذ بالجزم ويتشهد بعد انصرافه تشهداً خفيفاً كذلك من أوّل الصلاة وآخرها ».

فالوجه في هذا الخبر أنّه إنّما يبني على النقصان إذا ذهب وهمه عليه(٦) ويصلّي تمامه استحباباً ، فأمّا مع اعتدال الوهم فالبناء على الأكثر أحوط إذا تمم بعد الفراغ من الصلاة على ما بيناه ، والذي يؤكّد ذلك‌

__________________

(١) في « رض » زيادة : له.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٧٥ / ١٤٢٣ زيادة : ثمّ صلى الأخرى ولا شي‌ء عليه.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٧٥ / ١٤٢٤ زيادة : فيهما.

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٧٥ / ١٤٢٥ : الرجل.

(٥) في الاستبصار ١ : ٣٧٥ / ١٤٢٥ : اثنتين.

(٦) في الاستبصار ١ : ٣٧٥ / ١٤٢٥ : إليه.

١٩٣

ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن علي ، عن معاذ بن مسلم ، عن عمار بن موسى الساباطي قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كل ما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر ، فإذا انصرفت فأتمّ ما ظننت أنّك نقصت ».

( ويحتمل أن يكون الخبر )(١) مخصوصاً بالنوافل ، فإنّ الأفضل في النوافل البناء على الأقل على ما بيناه.

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أيوب بن نوح عن صفوان ، عن عنبسة قال : سألته عن رجل لا يدري ركعة ركع أو ثلاثاً قال : « يبني صلاته على ركعة واحدة يقرأ(٢) بفاتحة الكتاب ويسجد سجدتي السهو ».

فالوجه في هذا الخبر ايضاً أن نحمله على النوافل ، لأنّ المسنون فيها البناء على الأقل ، وليس ذلك في الفرائض.

السند‌ :

في الأوّل : حسن.

والثاني : صحيح على تقدير اتحاد حماد بن عثمان ، لأنّه الراوي عن عبيد بن زرارة في الرجال(٣) ، لكن اتحاد حماد محل كلام ، وقد وصف الرواية بعض محقّقي المتأخّرين(٤) وتبعه شيخناقدس‌سره بالصحة(٥) ، ولا أظن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٦ بدل ما بين القوسين : ويحتمل الخبر أن يكون.

(٢) الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٧ : فيقرأ فيها.

(٣) رجال النجاشي : ٢٣٣ / ٦١٨.

(٤) مجمع الفائدة ٣ : ١٧٦.

(٥) المدارك ٤ : ٢٥٦.

١٩٤

شيخنا يحكم باتحاد حماد ، نعم الوالدقدس‌سره كان جازماً به(١) .

والثالث : فيه محمد بن سهل ، وحاله لا يزيد على الإهمال ، وفي التهذيب : عن محمد بن سهل عن أبيه(٢) ، وهو الصواب ، لأنّ في الفقيه روى مضمونها عن سهل(٣) .

والرابع : فيه محمد بن خالد ، وقد تكرر القول فيه(٤) . والحسن بن علي فيه اشتراك(٥) ، وما عساه يقال : إنّ الظاهر كونه ابن عبد الله بن المغيرة ، لأنّ الراوي عنه في النجاشي البرقي(٦) . يدفعه أنه خلاف الظاهر ؛ لاحتمال البرقي لأحمد ، سيما وقد ذكر الشيخ في الفهرست أنّ الراوي عن الحسن محمد بن علي بن محبوب(٧) ، ومرتبته مرتبة أحمد. ويؤيّد هذا أنّ ابن بطّة روى(٨) عن أحمد في الرجال(٩) ، والراوي عنه محمد بن خالد في السند.

وأمّا معاذ بن مسلم فالعلاّمة في الخلاصة قال : إنّه ثقة(١٠) ( وقد قدّمنا أنه يمكن استفادة توثيقه من النجاشي في ترجمة محمد بن الحسن بن أبي سارة(١١) .

__________________

(١) منتقى الجمان ٢ : ٣١٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٩٣ / ٧٦١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠٢٣.

(٤) راجع في ص ٦٨.

(٥) هداية المحدثين : ١٩٠.

(٦) رجال النجاشي : ٥٠ / ١٠٨.

(٧) الفهرست : ٥٠ / ١٦٦.

(٨) في « فض » : رأو.

(٩) رجال النجاشي : ٥٠ / ١٠٨.

(١٠) الخلاصة : ١٧١ / ١٢.

(١١) رجال النجاشي : ٣٢٤ / ٨٨٣.

١٩٥

و )(١) يستفاد من الفقيه في باب الصوم إذا صحت الرؤية يوم الفطر أنّ معاذ بن مسلم هو معاذ بن كثير(٢) ، ومعاذ بن كثير مهمل في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٣) . إلاّ أنّ المفيد في إرشاده ذكر أنّه من شيوخ أصحاب أبي عبد الله وثقاته ، وعدّ معه المفضل بن عمر(٤) . وهذا يوجب نوع تعجّب ؛ لأنّ النجاشي قال : إنّ المفضّل بن عمر فاسد المذهب(٥) . والنجاشي ثبت ، واحتمال كون توثيق المفيد سابقاً بعيد أيضاً ؛ إذ لا يخفى عليه رجوعه ، وبالجملة مثل هذا يوجب الحيرة ، كما مرّ في محمد بن سنان(٦) .

والخامس : فيه عنبسة وهو ابن بجاد : لرواية صفوان عنه في الفهرست(٧) . وقد وثّقه النجاشي قائلاً : إنّه كان قاضياً(٨) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر صدره الدلالة على أنّ الشك في الأوّلتين يوجب الإعادة ، وقد يؤيّد به ما دل على إعادة من لم يدر صلّى واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ، إلاّ أن يقال بجواز اختصاص بعض الصور إذا حصل زيادة الشك.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : ولم يقف عليه في غيره موثقاً ، نعم.

(٢) الفقيه ٢ : ١١٠ / ٤٧١.

(٣) رجال الطوسي : ٣١٤ / ٥٤٢.

(٤) إرشاد المفيد ٢ : ٢١٦.

(٥) رجال النجاشي : ٤١٦ / ١١١٢.

(٦) في ص ٨٥.

(٧) الفهرست : ١٢٠ / ٥٣٣.

(٨) رجال النجاشي : ٣٠٢ / ٨٢٢.

١٩٦

وأمّا عجزه فلا يخلو من إجمال ، وقد ذكر بعض محقّقي المتأخرينرحمه‌الله أنّ المراد بدخوله في الثانية إكمال السجدتين ، ومعنى المضيّ في الثالثة البناء عليها(١) . وشيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب وغيرها قال : إنّ من(٢) المعلوم كون المراد بالركعة الثالثة المتردد في كونها ثالثة أو رابعة ، قالقدس‌سره : ومقتضى ذلك البناء على الأقل في هذه الصورة ، ولم يتعرضعليه‌السلام لحكم الشك بين الاثنتين والثلاث قبل دخوله في الثالثة ، وربما كان في ذلك إشعار بالبطلان ، وعلى ذلك يحمل رواية عبيد بن زرارة ؛ لأنّ المطلق يحمل على المقيّد. انتهى.

وفي نظري القاصر أنّ الوجه الأوّل أقرب إلى الاعتبار ؛ إذ على الثاني يلزم عدم جواب السؤال وهو غير لائق ، واحتمال استفادته من الجواب حيث إنّ من لوازم الشك بين الثلاث والأربع الشك بين الاثنتين والثلاث ، فإذا أفاد أنّ الصحيح هو الشك في الثلاث والأربع كان غيره ليس بصحيح ، فيه من التكلّف ما لا يخفى. والإنصاف أنّه لا استبعاد في إرادة إكمال السجدتين من الدخول في الثالثة ويكون من قبيل مجاز المشارفة ، وحينئذ يفيد الخبر البناء على الأكثر في الصورة المذكورة.

ويحمل الثاني على الاستحباب في الإعادة ، وربما يؤيّد الاستحباب أنّ حديث : « لا يعيد الصلاة فقيه » إذا انحصر في الثلاث والأربع أفاد الإعادة في كل ما عداها ، والظاهر أنّه منتف ، فلا بدّ أن يحمل المنفي الاستحباب في الثلاث والأربع ، إلاّ أن يقال : إنّ الاستحباب في الثلاث والأربع أيضاً موجود ، أو يقال : إنّ معنى الخبر : ما أعادها فقيه يحتال فيها ويدبّرها ، كما‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١٧٧.

(٢) ليس في « م » و « رض ».

١٩٧

في بعض الأخبار غير سليمة الإسناد في التهذيب(١) ، فليس المنفي مطلق الإعادة ، غاية الأمر أنّ الاحتيال مجمل يرجع بيانه إلى الإمامعليه‌السلام كنفي الإعادة مع وجود المشارك ، فليتأمّل.

وأمّا حمل الشيخ ففي أعلى مراتب البعد ، بل لا وجه له مع قولهعليه‌السلام : « إنّما ذاك في الثلاث والأربع » إلاّ أن يقال : إنّ غرض الإمامعليه‌السلام إعلام السائل بأنّ ذكر الخبر في كل مقام لا وجه له ، فإنّه خاص ، وفيه ما فيه.

وأمّا الثالث : فقد مضى من القول فيه بما يغني عن الإعادة ، وتوجيه الشيخ غريب في الظاهر ؛ لأنّ البناء على النقصان مع الظن يقتضي وجوب الإتمام ، فكيف يقول : ويصلّي تمامه استحباباً؟! ولعلّ مراده أنّ البناء على النقصان مع فعل تمام الصلاة مستحب ويجوز الإعادة ، فيكون الإتمام مع الأخذ بالجزم أفضل الفردين ؛ وأمّا مع اعتدال الوهم فالأكمل العمل على الأكثر والاحتياط المعبّر عنه بالإتمام ، لكن لا يخفى أنّ مع غلبة الظن يخرج عن حكم الشك ؛ إذ الأقل في نفسه متيقن وإنّما الشك في كون الأقلّ مفرداً أو مع غيره ، فإذا حصل الظن بالأقل انتفى الشك ، إلاّ أن يقال : إنّ مراده عدم يقين الأقل بل ظنه فقط ، واحتمال إرادة الشيخ أنّ الإتمام مستحب ثم يعيد ، في غاية البُعد.

وأمّا قوله : على ما بيناه ، فلا أدري البيان في ( أيّ محل )(٢) ، ولعل مراده بالبيان في غير هذا الكتاب وهو أنّ من شك بين الاثنتين والثلاث يحتاط بعد الفراغ بركعتين جالساً أو ركعة قائماً ، فقوله : إذا تمّم ، يريد به‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥١ / ١٤٥٥ ، الوسائل ٨ : ٢٤٧ أبواب الخلل ب ٢٩ ح ١.

(٢) في « م » بدل ما بين القوسين : ماذا.

١٩٨

إذا أتى بما هو تمام للنقص ( لو كان ويحتمل )(١) .

أمّا ما تضمنه الخبر من التشهد الخفيف فهو كناية عن سجود السهو لكن الظاهر السهو في النقل لما يظهر من الفقيه وقد مضى(٢) .

أمّا قوله : « كذلك من أوّل الصلاة وآخرها » فليس في الفقيه ، والمراد فيه مجمل ، واحتمال إرادة البناء على الجزم في الأوّلتين والأخيرتين له وجه مؤيّد لقول بعض الأصحاب بالبناء على الجزم في جميع الشكوك. واحتمال أن يراد أنّ تشهد سجود السهو أو سجوده كما يجب في الشك المتعلق بالأوّلتين كذلك يجب في الأخيرتين ، و(٣) كما يستحب ( يستحب ، بعيد )(٤) .

وأمّا الرابع : فالكلّية فيه قد تشكل في بعض صور دلّت الأخبار على البناء على الأقلّ فيها ، ويجاب : بأنّ العام يخص ، أو يحمل البناء على الأكثر مع الاحتياط على الجواز الراجح ، والبناء على الأقل كذلك من دون رجحان ، لكن الشيخ لا يوافق ما أطلقه سابقاً هذا الخبر كما لا يخفى.

ولعلّ المراد بقول : « ما ظننت » الشك ، أو المراد أنّك لو ظننت بعد الصلاة النقصان لا يكتفى بالاحتياط ، وفي الفقيه روى عن عمّار هذا المضمون(٥) .

أمّا حمل الشيخ على النوافل فلا وجه له بعد ما تضمّنته الرواية من قولهعليه‌السلام : « ويتشهد » إلى آخره. إلاّ أن يقال : إنّه تشهد النافلة ، وفيه ما فيه.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م » وفي « رض » : لو كان.

(٢) في ص ١٩٣ ، وهو في الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠٢٣.

(٣) في « فض » : أو.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « فض » وفي « م » : بعيد.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٢.

١٩٩

وأمّا الخبر الأخير فالحمل على النافلة لا يوافقه سجود السهو إلاّ بتكلّف استحبابه في النافلة ، وغيره من التأويلات متكلِّف أيضاً.

(١) إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن علي بن بابويه القول بأنّ من شك بين الاثنتين والثلاث إن ذهب وهمه إلى الثالثة(٢) أضاف إليها رابعة ، فإذا سلّم صلّى ركعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمه إلى الأقلّ بنى عليه وتشهد في كل ركعة ثم سجد للسهو ، وإن اعتدل الوهم فهو بالخيار بين البناء على الأقل والتشهد في كل ركعة والأكثر مع ما وصف(٣) . قال الشهيد في الذكرى ولم نقف على مأخذه(٤) .

وغير بعيد استفادة التخيير بين البناء على الأقل والأكثر مع الاحتياط كما يلوح من الفقيه(٥) لاختلاف الأخبار ، فيكون هذا مستند علي بن بابويه في قوله : وإن اعتدل الوهم ، ويريد بما وصف : الاحتياط ، واعتدال الوهم يريد به الشك بمعنى عدم الترجيح ، والتشهد في كل ركعة يريد به في الركعات الواقعة بعد الشك ، واستفادة هذا من الأخبار بعيدة.

أمّا ما ذكره من ذهاب الوهم إلى الأقلّ أو الأكثر فقول الشهيدرحمه‌الله من عدم الوقوف على المأخذ فيه ظاهر ، نعم سجود السهو ربما يستفاد في الجملة من بعض الأخبار ، كما في رواية سهل.

بقي ، شي‌ء وهو أنّ جدّيقدس‌سره ذكر أنّ إكمال الركعتين يتحقق بتمام‌

__________________

(١) في « فض » زيادة : ولكن.

(٢) في « فض » : الثلاثة.

(٣) حكاه عنه في الذكرى : ٢٢٦.

(٤) الذكرى : ٢٢٦.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٠ و ٢٣١.

٢٠٠