إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41160
تحميل: 5002


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41160 / تحميل: 5002
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

ذكر الثانية(١) ، وقال بعض محققي المتأخرين : إنّه يتحقق بوضع الجبهة(٢) ، وقد يظن أنّه لا يتحقق إلاّ بالرفع ، والاحتياط مطلوب. والله تعالى أعلم بحقائق الأحكام.

قوله :

باب من تيقن أنّه زاد في الصلاة

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمد ابن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة وبكير ابني أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « إذا(٣) استيقن أنّه زاد في صلاته(٤) المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل صلاته استقبالاً إذا كان قد استيقن يقيناً ».

علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من زاد في صلاته فعليه الإعادة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل استيقن بعد ما صلّى الظهر أنّه صلّى خمساً ، قال : « فكيف استيقن؟ » قلت : علمَ ، قال : « إن كان علم أنّه كان جلس في الرابعة‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣٥١.

(٢) مجمع الفائدة ٣ : ١٧٩.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٨ : ان.

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٨ : الصلاة.

٢٠١

فصلاة الظهر تامّة ، فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة ويسجد سجدتي السهو وتكونان ركعتي نافلة ولا شي‌ء عليه ».

أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل صلّى خمساً فقال : « إن كان جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبرين الأوّلين ؛ لأنّ من جلس في الرابعة وتشهّد ثم قام وصلّى ركعة لم يخلّ بركن من أركان الصلاة وإنما أخلّ بالتسليم ، والإخلال بالتسليم لا يوجب إعادة الصلاة حسب ما قدّمناه.

فأمّا ما رواه سعد(١) ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن عليعليه‌السلام قال : « صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر خمس ركعات ثم انفتل ، فقال له بعض القوم : يا رسول الله هل زيد في الصلاة شي‌ء(٢) ؟ فقال : وما ذاك؟ قال : صليت بنا خمس ركعات ، قال : فاستقبل القبلة وكبّر وهو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلّم ، وكان يقول : هما المرغمتان ».

فالوجه في هذا الخبر أنّ نحمله على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما سجد سجدتين لأنّ قول واحد له لا يوجب علماً فيحتاج أن يستأنف الصلاة وإنّما يقتضي الشك ، ومن شك في الزيادة ففرضه أن يسجد سجدتي السهو على ما بيناه في كتابنا (٣) الكبير وهما المرغمتان.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٧٧ / ١٤٣٢ زيادة : بن عبد الله.

(٢) ليس في « رض ».

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٩.

٢٠٢

السند‌ :

في الأوّل : قد قدمنا أن العدّة ذكرها الشيخ في باب ترتيب(١) الوضوء(٢) وفيها ( من يعتمد عليه )(٣) ، والظاهر عدم الاختصاص بذلك الموضع ، وإن كان باب الاحتمال واسعاً ، وعلى الظاهر فالخبر حسن.

والثاني : فيه أبو بصير ، أمّا أبان فقد مضى(٤) أنّه لا وجه للتوقف فيه.

والثالث : فيه محمد بن عبد الله بن هلال وهو مجهول الحال ؛ لعدم ذكره فيما وجدت من الرجال.

والرابع : صحيح.

والخامس : مشتمل على من هو عامّي وزيديّ كما مضى القول فيه(٥) ، والشيخ ذكر في باب مسح الرجلين ما يقتضي أنّ عمرو بن خالد إمّا زيدي أو عامي(٦) .

المتن :

في الأوّل : ظاهره الإطلاق في أنّ الزيادة في الصلاة مبطلة مع اليقين ، غاية الأمر ربما يدعى ظهور الزيادة في الركعات ، أمّا المكتوبة فتتناول الرباعية وغيرها ، وستسمع الكلام فيما يقتضي التقييد(٧) .

__________________

(١) ليس في « م ».

(٢) في ص ٣٤٧.

(٣) بدل ما بين القوسين في « م » : وفيها ثقة.

(٤) في ص ١٣٠.

(٥) في ص ٣١٨.

(٦) الاستبصار ١ : ٦٦ / ١٩٦.

(٧) في ص ١٩٠٠.

٢٠٣

والثاني : كالأول ، إلاّ أنّه ليس فيه اعتبار اليقين ، فهو مطلق والأوّل مقيد من هذه الجهة.

أمّا الثالث : فله اختصاص بالظهر في السؤال ، وظاهر الجواب البناء عليه ، وكأنّ الرابعة يرجع تعريفها إلى رابعة الظهر ، لكن بعد توجيه الشيخ لا يظهر تفاوت بين الظهر وغيرها ، واحتمال اختصاص الرباعية مع توجيه الشيخ لا وجه له ، بل ينبغي اختصاص الظهر ، لكن الرابع يدل على الشمول لغير الظهر من الرباعيات.

والمنقول عن الشيخ في جملة من كتبه(١) والسيد المرتضى(٢) وابن بابويه(٣) القول بالبطلان مع زيادة الركعة سواء الرباعية وغيرها ، وجلس في آخر الصلاة أو لا ، وعلى هذا ظاهر عبارة الشرائع(٤) ، وينقل عن الخلاف الاحتجاج بتوقف يقين البراءة على الإعادة ؛ وإنّما يعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنيفة(٥) بناءً على أنّ الذكر في التشهد ليس بواجب ، ولا يخفى دلالة الخبرين الأوّلين عليه أيضاً ، ويحكى عن ابن الجنيد القول بأنّ الجلوس مقدار التشهد في الرباعية كاف(٦) ، وفي المختلف اختاره(٧) .

ونقل شيخناقدس‌سره عن المحقق في المعتبر اختيار القول أيضاً(٨) ، لكن‌

__________________

(١) كما في النهاية : ٩٢ ، الاقتصاد : ٢٦٥.

(٢) في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٣٥.

(٣) في المقنع والهداية : ٣١.

(٤) الشرائع ١ : ١١٤.

(٥) الخلاف ١ : ٤٥١ ، وحكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٩٤.

(٦) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٩٢.

(٧) المختلف ٢ : ٣٩٢.

(٨) كما في المدارك ٤ : ٢٢١.

٢٠٤

العلاّمة في المختلف استدل بما حاصله أنّ مع الجلوس قدر التشهد قد أتى بالمأمور به ؛ لأنّه مكلّف بأربع ركعات وقد فعل ، وما أورده على نفسه من أنّه مأمور بالتشهد ولم يأت به ، ومأمور بترك الزيادة أيضاً ولم يفعل ، أجاب عنه : بأنّ الأمر بالتشهد للذاكر دون الناسي ، ولهذا لم يجب الإعادة بنسيان التشهد ، لأنّه ليس ركناً ، وترك الزيادة حصل بالجلوس لأنّه بالجلوس أكمل صلاته ويكون قيامه عن صلاة نسي تشهدها وأكمل عددها فلا تعدّ زيادة بل هو أمر خارج ، أمّا لو لم يجلس فإنّ هيئة الصلاة ، لم تحصل فتجب الإعادة(١) .

وفي نظري القاصر أنّه موضع تأمّل ؛ لأنّ المكلف به أربع مع التشهد )(٢) فمع الإخلال بشي‌ء من ذلك لم يأت بالمأمور به ، فيبقى تحت العهدة إلاّ ما أخرجه الدليل.

وقوله ( في الجواب : إنّ الناسي غير مأمور ، إلى آخره. ففيه : أنّه غير مأمور حال النسيان ، أمّا بعد الذكر في الوقت أو خارجه )(٣) إن أراد أنّه غير مأمور بالإعادة أو القضاء مع البطلان فهو لا يقول بعدم إعادة الناسي مطلقاً ، كما صرح به في الكتاب من أنّ إعادة الناسي لعدم الإتيان بالمأمور به.

وقوله : إنّه بالجلوس أكمل صلاته. لا وجه له ؛ لأنّ الإكمال فرع الإتيان بكمال الأجزاء سواء كانت ركناً أو غيره ، وعدم الإعادة بالإخلال بالواجب للدليل ، لا لمجرد عدم الركن.

وقوله : إنّ القيام عن صلاة نسي تشهدها. فيه : أنّه لو لم يجلس‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٩٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٠٥

كذلك ؛ إذ التشهد ليس بركن سواء كان جلوسه أو غيره ، وحصول هيئة الصلاة مع الجلوس إن أراد به الصلاة المأمور بها وهي المجموع من الركعات والتشهد فغير حاصلة ، وإن أراد مجرد الركعات فغير مأمور بها ، ونسيان التشهد المأمور بقضائه لو سلّم تناوله للأخير يقال : ذاك فيما إذا لم يزد ركعة في محله ؛ لأنّ المتبادر من الأخبار ذلك بتقدير شمولها للأخير.

على أنّه ربما يقال : إنّ ما دل على أنّ زيادة الركعة مبطل ( يخصّ )(١) تلك الأخبار الواردة بقضاء التشهد بالتشهد الأوّل ، ولو نوقش في ذلك فالأخبار الواردة هنا الدالة على الجلوس بتقدير حملها على ظاهرها تدل على أنّ الزيادة لا بدّ فيها من أمر زائد على نسيان أصل التشهد الموجب للقضاء ، ومن ثم لم يجب هنا قضاء التشهد عند القائلين بمجرد الجلوس ، فعلم أنّ نسيان التشهد الغير المضر بالحال في الأخبار السابقة يراد به المجموع ، فلا يمكن أن يستند إلى تلك الأخبار في عدم الإعادة هنا ، ويؤيّد ذلك دلالة بعض تلك(٢) الأخبار على أنّ الذي يقضي التشهد يجلس ثم يقضي(٣) ، وإذا رجع الحال إلى الأخبار كان الاستدلال بها أولى من التكلفات التي لا تليق بكتب الاستدلال.

( إذا عرفت هذا فنقول : )(٤) إنّ الخبرين الأوّلين وإن دلاّ على الإعادة إلاّ أنّهما كما قدّمنا لا يخرجان عن الإطلاق ، والخبران الآخران علمت‌

__________________

(١) في « رض » : نحنُ نخصّ.

(٢) ليس في « رض ».

(٣) في « م » زيادة : وفي بعض.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٠٦

ما فيهما من القيد.

وفي الفقيه روى عن جميل بن دراج عنه والظاهر أنّه الصادقعليه‌السلام لذكره قبل هذا قال في رجل صلّى خمساً : « إنّه إن كان جلس في الرابعة مقدار التشهد فعبادته جائزة »(١) .

وروى أيضاً عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن رجل صلى الظهر خمساً ، فقال : « إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ثم يصلّي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات ويضيفهما إلى الخامسة فتكون نافلة(٢) .

والطريقان صحيحان إلى جميل والعلاء في كلام مشايخنا وغيرهم(٣) ، لكن قد يحصل نوع توقف في الأوّل ، لأنّ الصدوق في المشيخة نقل طريقه إلى محمد بن حمران وجميل(٤) ، وهو صحيح ، لكن لا يدرى(٥) أنّ غرضه الطريق إلى الرجلين معاً أو إلى كل واحد ، واستبعاد الأوّل يقربه أنّه كثيراً ما يذكر الطريق إلى الرجل وحده وإليه مع غيره ، إلاّ أن يقال : إنّ هذا مع تصريحه بالطريقين أعني الاجتماع والانفراد ، والحال في جميل ليس كذلك. وفيه : أنّ الاحتمال موجود ، هذا ما خطر في البال فينبغي تأمّله ، وعلى كل حال الخبر معتبر برواية الصدوق وتأييده ظاهر.

وأمّا خبر العلاء فظاهره لا يخلو من منافرة لمدلول غيره من حيث إنّ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٩ / ١٠١٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٢ أبواب الخلل ب ١٩ ح ٦.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٩ / ١٠١٧ ، الوسائل ٨ : ٢٣٢ أبواب الخلل ب ١٩ ح ٧.

(٣) كما في خلاصة العلاّمة : ٢٧٧ ، ٢٧٨.

(٤) مشيخة الفقيه ( الفقيه ) ٤ : ١٧.

(٥) في « م » : لا ندري.

٢٠٧

مقتضى الغير اعتبار الجلوس في صحة الصلاة ، بل ظاهر الأوّل من الأخيرين في الكتاب أنّه إن كان علم بالجلوس فصلاته تامّة وظاهر القائلين الاعتماد على ذلك ، ومفاد خبر العلاء أنّ مع عدم العلم بالجلوس يجلس ويتشهد ثم يصلّي ركعتين ، إلى آخره وغير خفي وجه المنافرة.

والعجب من العلاّمة في المختلف(١) أنّه جعل خبر العلاء في جملة الأدلة على أنّ الجلوس كافٍ مع عدم التنبيه ( لظاهره ، وفي نظري القاصر إمكان أن يقال ، إنّ قوله : إن كان لا يدري ، كلام مستقل )(٢) وقوله : جلس أم لا ، يراد به بيان عدم الفرق بين الجلوس وعدمه في حال عدم الدراية بل إنّما يعتبر الجلوس في حال الدراية وهي اليقين ، فإذا لم يدر بالزيادة بل كان شاكّاً ينبغي يبني على الأربع ويصلّي ركعتين وهو جالس لاحتمال الزيادة فتكون نافلة ، وعدم ذكر سجدتي السهو إمّا لاحتمال التخيير بينهما وبين الركعتين المذكورتين أو لعلم السائل بهما أو نحو ذلك ، وأمّا الجلوس والتشهد(٣) فتوجيهه سهل ، وهذا التأويل وإن بعد لكنه لا بدّ منه عند القائلين بالجلوس ، ولو عملنا بظاهر الخبر وأنّ الصدوق عامل به لا بدّ أن يقال : إنّ مع نسيان التشهد مع الجلوس يجلس ويتشهد ويأتي بما ذكر ، ومع الجلوس لا يحتاج إلى المذكور في الرواية.

وقد نقل شيخناقدس‌سره عن المعتبر الاستدلال لما اختاره بأنّه إذا جلس فقد فصل بين الفرض والزيادة ، وبروايتي زرارة ومحمد بن مسلم.

ثم اعترض عليه شيخناقدس‌سره بأنّ الروايتين ظاهرهما أنّ المراد من‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٩٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٣) في « م » : في التشهد.

٢٠٨

الجلوس بقدر التشهد التشهد ؛ لشيوع مثل هذا الإطلاق وندور تحقق الجلوس من دون التشهد.

ثم نقل عن الشهيد في الذكرى أنّه حكى حمل الشيخ المذكور في الكتاب ، وهو ما قاله من أنّ المراد جلس وتشهد ، كما فهمه شيخناقدس‌سره قائلاً : واستحسن الشهيد حمل الشيخ ، ثم قال ـ يعني الشهيد ـ : فيكون في هذه الأخبار دلالة على ندب التسليم ، وإلى هذا القول ذهب ابن إدريس في سرائره فقال : من صلّى الظهر مثلاً أربع ركعات وجلس في دبر الرابعة فتشهد الشهادتين وصلّى على النبي وآله ثم قام ساهياً عن التسليم فصلّى خامسة فعلى مذهب من أوجب التسليم فالصلاة باطلة ، ومن لم يوجبه فالأولى أن يقال : إنّ الصلاة صحيحة لأنّه ما زاد في صلاته ركعة لأنّه بقيامه خرج من صلاته ، ثم قال شيخناقدس‌سره انتهى كلامه يعني الشهيدرحمه‌الله وهو في محله. انتهى(١) .

وفي نظري القاصر أنّ في البين تأمّلاً من وجوه :

الأول : ما ذكره الشيخ هنا فيه : أنّ قوله : لم يخلّ بركن. يقتضي أنّ المبطل الإخلال بالركن ، والحال أنّ الإخلال بكل جزء مبطل إلاّ ما أخرجه الدليل ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، وخروج بعض الأجزاء بدليل لا يقتضي خروج الجميع ، ومن ثم حكم الأصحاب بأنّ الجاهل إذا ترك ما يجب فعله أبطل صلاته عدا ما استثني(٢) .

وعلى تقدير تسليم ما ذكر فقوله : والإخلال بالتسليم ، إلى آخره. يقتضي أنّ العلّة استحباب التسليم لا عدم ركنيّته كما عقله عنه من نقل‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٢٢ ، وهو في الذكرى : ٢١٩ ، والسرائر ١ : ٢٤٥.

(٢) منهم العلاّمة في التحرير : ٤٩ ، وصاحب المدارك ٤ : ٢١٢.

٢٠٩

كلامه ، فآخر الكلام ينافي أوّله ، إلاّ أن يقال : إنّ غرضه أوّلاً عدم الإبطال بالتسليم لعدم الركنيّة وإن كان واجباً ثم ينزل عن ذلك بأنّه غير واجب ، وفيه : أنّ هذا يقتضي عدم الفائدة في قوله : وتشهد ؛ لأنّ التشهد ليس بركن ، فلو أخلّ به لا يبطل.

فإن قيل : إن البطلان للنص ؛ والجواب أنّه عدول عن التوجيه ، والنص لا يدل على التشهد صريحاً ، بل ولا ظاهراً كما نذكره.

الثاني : ما قاله شيخناقدس‌سره من أنّ الظاهر إرادة التشهد للإطلاق ، صحيح في أنّ الإطلاق موجود في الأخبار كما سبق ، لكن خبر العلاء في الفقيه(١) صريح في أنّ ترك التشهد يقتضي صحة الصلاة مع الزيادة ، فلا وجه للحمل على التشهد والغفلة عن الخبر.

ثم إنّ الظاهر في الخبر الأوّل من الخبرين الأخيرين يمكن توجيهه ، أمّا الثاني فالظاهر من قدر التشهد خلافه.

الثالث : ما ذكره الشهيد(٢) من دلالة الأخبار على ندب التسليم(٣) . لا وجه له ؛ لأنّ عدم البطلان لا يدل على الندب ، بل يجوز أن يكون التسليم واجباً مع عدم الإبطال للنص ، ولو نوزع في ذلك فخبر العلاء دال على أنّ التشهد مع وجوبه لا يبطل ( الإخلال به ، كما دل غيره من الأخبار على أنّ النقصان لبعض الواجبات لا يبطل )(٤) .

وما عساه يقال : إنّ ما دل على الزيادة للركعة يبطل كالخبر الأول مع‌

__________________

(١) راجع ص ١٩٠١.

(٢) في « رض » : الشيخ.

(٣) راجع ص ١٩٠٢.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢١٠

الخبرين الدالين على الصحة مع الجلوس هو المقتضي لقول الشهيد باستحباب التسليم.

فيه : أنّ ما دل على البطلان مطلق قابل للتقييد بغير الرباعية أو الاستحباب سيما بعد خبر العلاء.

الرابع : ما ذكره ابن إدريس من أنّه على مذهب من أوجب التسليم الصلاة باطلة ، غير مسلّم ؛ لدلالة الأخبار المعتبرة على الصحة ، فلا مانع من وجوب التسليم مع الصحة ، وقوله : مع الاستحباب الأولى(١) ، إلى آخره. فيه : أنّ مع الاستحباب لا وجه لقوله : لأنّه بقيامه ، إلى آخره. إذ الفراغ من التشهد يوجب الخروج من الصلاة ، وعلى كل حال فالزيادة إمّا أن تكون من أوّل التشهد أو من أثنائه أو قبل التسليم بعد الفراغ من التشهد ، وإطلاق الصحة مع استحباب التسليم موضع نظر يعرف وجهه بأدنى تأمّل.

إذا عرفت هذا كلّه وتحققته فاعلم أنّ الخبرين الأخيرين المبحوث عنهما بتقدير دلالتهما على فعل جلوس قدر التشهد أو هو مع التشهد ، والعمل على إطلاق الثانية لا بخصوص الظهر في سؤال الأُولى ، فإنّما يدلاّن على عدم البطلان مع زيادة الركعة الرباعية على الوجه المذكور ، فلو اختلف الحال بأن كانت الزيادة في الثنائية ، أو الثلاثية ، أو الزيادة في الرباعية من دون الجلوس ، أو بين السجدتين ، أو قبلهما ، أو ذكر الزيادة قبل إكمال الركعة المزادة إمّا قبل سجودها أو في أثنائه أو قبل ركوعها ، فللأصحاب هنا كلام لكن لمّا لم يلتفتوا إلى رواية العلاء الدالة على عدم اعتبار الجلوس أوجب ذلك وقوع النظر في توجيه البعض لعدم الإبطال في بعض الصور ،

__________________

(١) راجع ص ١٩٠٢.

٢١١

وتوجيه بعض الإبطال بزيادة الركن وعدمه مع عدم زيادة الركن ، ثم التعميم في كلام بعض لغير الرباعية بناءً على عدم وجوب التسليم.

وربما يقال : إنّ(١) ما دل على الإعادة مع يقين الزيادة كالخبرين الأوّلين وإن كانا غير صحيحين ( إلاّ أنّ )(٢) تأيّدهما(٣) بعدم تحقق الامتثال حيث يتحقق تغير(٤) صورة الصلاة يوجب(٥) العمل بهما بتقدير عدم العمل بالحسن ، وخبر العلاء وارد في الرباعية كما لا يخفى على ( من راجعه )(٦) ، وحينئذ ( فالصحة مع الزيادة في الثنائية أو الثلاثية والزيادة في الرباعية بين السجدتين محل تأمّل.

فإن ) (٧) قلت : على تقدير استحباب التسليم أيّ فرق بين الرباعية وغيرها؟

قلت : مقتضى الروايتين الأخيرتين اعتبار الجلوس ، فإمّا مع التشهد أو عدمه ، والحال الاختصاص بالرباعية ، فإذا حصلت الزيادة في الثنائية والثلاثية بعد الجلوس والتشهد أمكن الإبطال ، من حيث دلالة بعض الأخبار الواردة ( على الإعادة في من صلى أربعاً في السفر )(٨) كما تقدم(٩) في بحث التسليم مع القول باستحبابه ، فكما يقال هناك يقال هنا.

__________________

(١) ليس في « فض » و « رض ».

(٢) يوجد في « رض » و « فض » يمكن.

(٣) في « م » : تأييدهما.

(٤) في « م » : بغير.

(٥) في « رض » و « فض » : فوجب.

(٦) في « م » : مراجعة.

(٧) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٨) بدل ما بين القوسين في « م » : في من صلى خمساً في السفر الإعادة.

(٩) في ص : ١٧٢٤.

٢١٢

ومع الجلوس من دون التشهد في الثنائية والثلاثية فالصحة لا وجه لها ؛ لعدم عموم الخبرين لهما ، فعلى تقدير إرادة الجلوس فقط في الروايتين لا يتم الحكم بأنّ الجلوس فقط في الثنائية والثلاثية يفيد الصحة ؛ لعدم تناول الدليل ، والإخلال بالواجب المقتضي لعدم تحقق فعل المأمور به ، وخبر العلاء خاص بالرباعية.

ومن هنا يندفع ما قد يقال على كلامنا على ابن إدريس ـ حيث قال : إنّه بقيامه خرج من صلاته(١) ، فأوردنا عليه أنّه لا وجه للقيام بعد استحباب التسليم ـ : من أنّ اعتباره القيام لأجل احتمال أن يقول باستحباب التسليم مع تحقق الخروج ، كما في مسألة المسافر ؛ ووجه الاندفاع أنّ هذا يقتضي عدم الصحة ، ولأنّ فيه اعترافاً باعتبار شي‌ء مع التسليم ، ومع الزيادة لا يتم الشي‌ء المطلوب ، فينبغي تأمّل هذا فإنّه حريّ بالتأمّل.

ومن هذا التحرير يعلم أنّ ما في كلام بعض الأصحاب حيث قال : وأمّا إذا ذكر يعني الزيادة بين السجدتين ( أي الذكر بين السجدتين بمعنى ذكره زيادة ركعة حال كونه بين السجدتين والحال أنّه جلس بعد الرابعة )(٢) فالظاهر أنّه مثل الأوّل يريد في عدم الإبطال ـ ( فيجعلها نافلة ويكملها مع احتمال الإبطال )(٣) وكذا بين الركوع والسجود ، وهذا إلى البطلان أقرب من الأوّل ، والظاهر الصحة في الكل للرواية فإنّه إذا لم تبطل بالركعة فبالبعض أولى(٤) . محل تأمّل.

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٤٦.

(٢) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) مجمع الفائدة ٣ : ٨٧.

٢١٣

كما أنّ قول شيخناقدس‌سره : ولو ذكر الزيادة قبل الركوع صحت صلاته مطلقاً بغير إشكال ؛ لأنّ زيادة القيام سهواً غير مبطلة(١) . محل بحث أيضاً ؛ لأنّ نفي الإشكال موضع إشكال ، والوجه فيه يعرف مما قررناه ، فلا وجه لإعادته مفصّلاً.

والإجمال أنّ النص مخصوص بزيادة الركعة ، وزيادة البعض مع النص الوارد بالإبطال لمطلق الزيادة المؤيّد بترك فعل المأمور به على وجهه(٢) تقتضي البطلان إلاّ ما خرج بالدليل ، فإن ثبت الإجماع على عدم ضرر زيادة القيام فلا كلام ، أو على أنّ التسليم ( بتقدير استحبابه لا يضر ما يفعل من شبه(٣) الصلاة من دون فعله مطلقاً ( فكذلك )(٤) ، وإلاّ فالبحث واسع المجال.

فإن قلت : بتقدير وقوع التشهد كما هو رأي من ذكرته فأيّ ضرر بالإخلال بالتسليم )(٥) بتقدير الاستحباب؟

قلت : الضرر من حيث ورود بعض الأخبار ببطلان صلاة المسافر أربعاً مع استحباب التسليم ، والحمل على قصد الأربع من الأوّل قد تكلمنا فيه سابقاً ، وبتقدير تمامه فالتشهد إن وقع بقصد الأخير أمكن التوجيه ، لكن النص مطلق بوقوع التشهد ، فلو وقع عقيب الرابعة بقصد التشهد الأوّل ظاهر النص الصحة ، لكن النص دل على الركعة التامة فنقول : لو كانت‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٢٢.

(٢) في « م » زيادة : بل الصحيح عند شيخناقدس‌سره .

(٣) في « فض » : بهيئة.

(٤) أثبتناه من « رض ».

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢١٤

ناقصة خرج عن النص فيرد الإشكال في وقوع التشهد بقصد الأوّل ، فلا يكون مجزئاً عن الثاني ، وإذا استحب التسليم(١) وزيادة القيام إنما لا يضر بالحال بتقدير التشهد الأخير المقصود به الأخير لا مطلقا ، إلاّ إذا ثبت إجماع على الإطلاق.

فإن قلت : قد روى الشيخ في زيادات التهذيب في باب السهو خبراً حسناً بإبراهيم عن الفضيل بن يسار تضمن أنّ من صلّى ركعتين ثم نسي وقام قبل أن يجلس ، قال : « يجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته ، وإن لم يذكر حتى ركع فليمض فإذا سلّم نقر ثنتين وهو جالس »(٢) وهذا يدل على أنّ القيام لا يضر زيادته.

قلت : هذا وارد في التشهد الأوّل فهو خاص ، واحتمال الاستدلال بالخبر الدال على أنّ سجود السهو للقيام في موضع قعود فإنّه عام ، يمكن أن يقال عليه : إنّه قابل للتخصيص ، هذا.

وأمّا الخامس : فالذي أظن أنّ علامات الوضع فيه لائحة ، لا من حيث تضمنه سهو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ نفي ذلك محل كلام بعد ورود معتبر الأخبار ، وإن كان الأولى بالشيخ ردّه من هذا الوجه كما سبق منه في غيره بل لتضمّنه(٣) أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يصلّي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم ينبّه لسهوه ويكون المنبّه غيره ، مضافاً إلى تضمنه الصحة مع عدم الجلوس بعد الرابعة ، وعلى تقدير وقوع الجلوس كيف لم ينتبه عليعليه‌السلام ؟

__________________

(١) في « رض » زيادة : وزيادة التسليم.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٥ / ١٤٣١ ، الوسائل ٦ : ٤٠٥ أبواب التشهد ب ٩ ح ١.

(٣) في النسخ : لأنّ تضمنه ، غيّرناها لاستقامة العبارة.

٢١٥

ثم جلوسه من غير تشهد أشد بُعداً ، وقد روى مسلم في صحيحه الحديث وزاد فيه أنّه لما قيل له : زدت في صلاتك ، قال : كلاّ ، قالوا : بلى(١) ؛ وهذا أيضاً من العلامات.

أمّا ما قاله الشيخ فقد يتوجه عليه أنّ الواحد غير معلوم الرواية ، واعتبار التعدد في المأموم ( غير معلوم الاعتبار ، إلاّ أن يقال : إنّ المأموم )(٢) مقبول القول في الشك لا في النقصان ، أو يقال : إنّ المأموم خرج عن الايتمام ظاهراً ، ومن هنا يتجه الجواب عما ذكرناه سابقاً في بعض الأخبار المتضمنة لإخبار بعض المأمومين بالنقص حيث تكلم الإمام بعد كلام المنبّهين له(٣) ولم يبطل الصلاة بالكلام ، فيقال : إنّ المأموم خرج عن الايتمام باعتقاد الإمام.

وأمّا قول الشيخ : إنّ سجدتي السهو للشك في الزيادة فقد(٤) ذكره في الكتاب الكبير لم أقف عليه الآن بعد النظر ، لكن قدّمنا(٥) نوع كلام في الخبر الدال على سجود السهو لمن زاد أو نقص ، وذكرنا أيضاً ما تضمن سجود السهو في الحديث المتضمن لقوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم زدت أو(٦) نقصت ».

ويمكن أن يقال هنا : إنّ ما دل على الزيادة قد يستفاد منه السجود مع‌

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٤٠١ باب السهو في الصلاة والسجود ٩٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٣) في « فض » زيادة : في الخبر.

(٤) في « فض » : قد.

(٥) راجع ص ١٨١٤.

(٦) في « رض » : أم.

٢١٦

الشك بطريق أولى ، وفيه : ( أنه(١) ) محل كلام ذكرناه مكرّراً(٢) ، غير أنّه ينبغي أن يعلم أنّ الحديث المتضمن لقوله : « أم زدت أم نقصت » قد سبق فيه احتمال بل احتمالان.

ويزيد هنا احتمال آخر ، وهو أنّ المراد وجوب سجود السهو لثلاثة أُمور : الشك بين الأربع والخمس ، والزيادة المحققة ، والنقيصة المحققة ، وحينئذ يكون مفاد الخبر تأكيد ما دلّ على سجود السهو لزيادة الركعة وعلى سجود السهو لنقيصة الركعة ، وعلى هذا ربما يترجح إرادة هذا المعنى من الخبر بما دل على سجود السهو في نقصان الركعة أو زيادتها بل نقصان الأكثر من ذلك وزيادته كما مضى فيه القول(٣) والأخبار.

وأمّا احتمال إرادة الشك في الزيادة والنقيصة أو الشك في أحد الأمرين إمّا الزيادة أو النقيصة ففي تعين إرادته من الخبر نظر ، غاية الأمر أنّ تركيب الخبر بالنسبة إلى المعنى المذكور لا يخلو من خفاء ؛ لأنّ قوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم زدت أم نقصت » غير واضح العطف ، بل يحتاج إلى نوع توجيه.

وما قدّمنا من قول بعض الأصحاب أنّ المراد بالزيادة فيه والنقصان في الركعات ، وإن تأيّد بما ذكرناه هنا ، إلاّ أنّ ما ورد من السجود في نقصان السجدة قد يؤيّد احتمال إرادة ما يتناول الأجزاء ، وسيأتي في الخبر عند ذكر الشيخ له زيادة توضيح إن شاء الله تعالى ، فليتأمّل في المقام فإنّه حريّ بالتأمّل التام ، وبالله سبحانه الاعتصام.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : التوقف على العلّة ومعها أيضاً.

(٢) راجع ص ١٨١٧.

(٣) في ص ١٩٠٠.

٢١٧

اللغة :

قال في القاموس(١) : رغم أنفي الله(٢) تعالى مثلّثة ذلّ عن كره ، ولا يخفى أنّ المرغمتين في الخبر اسم فاعل على ما في القاموس واضح ، ويحتمل غير ذلك ممّا فيه أيضاً )(٣) .

قوله :

باب من تكلم في الصلاة ساهياً أو عامداً.

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، جميعاً عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يتكلم ناسياً في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم ، فقال : « يتم صلاته ثم يسجد سجدتي(٤) السهو » فقلت : سجدتي السهو قبل التسليم هما أو بعده؟ قال : « بعده ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه والحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلّم ، قال : « يتم ما بقي من صلاته تكلّم أو لم يتكلّم ولا شي‌ء عليه ».

__________________

(١) القاموس ٤ : ١٢٢ ( الرغم ).

(٢) في المصدر : لله.

(٣) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٧٨ / ١٤٣٣ : سجدتين.

٢١٨

فلا ينافي الخبر الأوّل في وجوب سجدتي السهو ؛ لأنّه ليس في الخبر أنّه ليس عليه سجدتا السهو ، وإنّما قال : ليس عليه شي‌ء ، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى غير ذلك من الإثم والوزر.

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل دعاه رجل وهو يصلّي فسها فأجابه بحاجته كيف يصنع؟ قال : « يمضي على صلاته ويكبّر تكبيراً كثيراً ».

فلا ينافي الخبرين الأوّلين في وجوب سجدتي السهو ( عليه ؛ لأنّه ليس في الخبر أنّه ليس عليه سجدتا السهو ، وإنّما أمَره بأن يكبّر ، وليس يمتنع بأن(١) يكبّر استحباباً ويسجد سجدتي السهو )(٢) وجوباً(٣) .

فأمّا الكلام عامداً يجب فيه(٤) إعادة الصلاة بلا خلاف ، ولا ينافي ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن القاسم بن بريد(٥) ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم وهو يرى أنّه قد أتمّ (٦) وتكلم ثم ذكر أنّه لم يصل ركعتين ، قال (٧) : « يتم ما بقي من صلاته ولا شي‌ء عليه ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٧٨ / ١٤٣٥ : أن.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٧٨ / ١٤٣٥ : جبراناً.

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٧٨ / ١٤٣٥ : منه.

(٥) في النسخ : يزيد ، والصواب ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦.

(٦) في الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦ زيادة : الصلاة.

(٧) في الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦ : فقال.

٢١٩

وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ابن فضال ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله ٧ في رجل نسي التشهد في الصلاة ، قال : « إن ذكر أنّه قال سبحان الله فقط فقد جازت صلاته ، وإن لم يذكر شيئاً من التشهد أعاد الصلاة »(١) والرجل يذكر بعد ما قام وتكلم ومضى في حوائجه أنّه إنّما صلّى ركعتين من الظهر أو العصر أو العتمة أو المغرب ، قال : « يبني على صلاته ويتمها(٢) ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة ».

فليس بين هذين الخبرين وبين ما ذكرناه تناف ؛ لأنّ من سها فسلّم ثم تكلّم بعد ذلك فلم يتعمّد الكلام في الصلاة ، لأنّه إنّما تكلم(٣) حين ظن أنّه فرغ من الصلاة ، فجرى مجرى من هو في الصلاة وتكلم لظنه أنّه ليس فيها ، ولو أنّه حين ذكر أنّه قد فاته شي‌ء من هذه الصلاة ثم تكلم بعد ذلك عامداً لكان يجب عليه إعادة الصلاة حسب ما قدّمناه في المتكلم عامداً ، على أنّ هذا الخبر الأخير قد تكلمنا عليه فيما مضى وأنّه ليس بمعمول عليه ؛ لأنّه ينافي الأُصول ؛ لأنّ المعمول عليه من الأخبار هو أنّه إذا استدبر القبلة وجب عليه استئناف الصلاة ، وإنّما يجوز له البناء إذا ذكر وهو مستقبل القبلة ، وهذا الخبر يتضمن أنّه لو بلغ الصين لم يعد الصلاة ، وذلك خلاف ما قدّمناه.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦ زيادة : قال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦ : فيتمها.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦ : يتكلم.

٢٢٠