إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41128
تحميل: 4993


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41128 / تحميل: 4993
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

صلاة الفريضة بكل ما يناجي به ربه »(١) ومثله روى الشيخ في التهذيب(٢) في خبر من الصحيح ، وسيأتي في باب الرعاف خبر حسن دال على أنّ الكلام قاطع(٣) وآخر صحيح من الكافي(٤) .

ولا يخفى أنّ الكلام إذا ثبت له معنى شرعي فلا كلام ، وبدونه فاللغة وإلاّ فالعرف ، لكن الثبوت لغةً محل كلام ، والعرف ربما يقتضي عدم دخول الحرفين من التنحنح ونحوه في الكلام ، واحتمال شموله للحرف الواحد أو الأزيد مهملاً وغيره لكن الحرف الواحد خرج بالإجماع فيبقى ما عداه قد يوجّه وإن كان محل تأمّل.

وفي الظن أنّ الاستدلال على تحقق الكلام بما يخرج من التنحنح ونحوه بما قاله الصدوق في الفقيه : مَن أنَّ في صلاته فقد تكلم(٥) . أولى من غيره.

وما عساه يقال : إنّ هذا مجرد فتوى ، والاعتماد عليها لغير المقلد لا وجه له.

يمكن الجواب عنه : بأنّ هذا المضمون رواه الشيخ عن ( أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى )(٦) ، عن طلحة بن زيد(٧) ؛ والطريق وإن كان غير سليم ، إلاّ أنّ رواية الصدوق لمضمونه يفيد الصحة ، واحتمال أن يقال‌

__________________

(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٥٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٢٥ / ١٨٦.

(٣) في ص ٢٠٤٠.

(٤) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٢ / ١٠٢٩.

(٦) بدل ما بين القوسين في « رض » : احمد بن محمد بن يحيى.

(٧) انظر التهذيب ٢ : ٣٣٠ / ١٣٥٦.

٣٨١

بالتخصيص بالأنين كما يظهر من الصدوق يدفعه الاعتبار الصحيح.

وما قد يقال : إنّ الأنين يتناول الحرف ، ولا قائل به.

يمكن الجواب عنه : بخروجه بالإجماع ، فليتأمّل المقام فإنّه حريّ بالتأمّل التام.

بقي شي‌ء ، وهو أنّ الموجود في النسخ التي رأيتها الآن أذى ، وفي التهذيب أزّاً(١) ، وفي القاموس : الأزّ ضربان العرق(٢) .

قوله :

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير؟ فقال : « تمت صلاته ، وإنّما التشهد سنّة في الصلاة ، فيتوضأ ويجلس مكانه أو مكاناً نظيفاً فيتشهد ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على أنّه أحدث بعد الشهادتين وقبل استيفاء التشهد المندوب إليه ، فحينئذٍ يتوضّأ ويعيد التشهد استحباباً ، ولو كان قبل الشهادتين لكان عليه إعادة الصلاة ، كما بيناه في الأخبار الأوّلة.

فأمّا ما رواه سعد ، ( عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى والحسين بن سعيد ومحمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة )(٣) ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٣٢ / ١٣٧٠.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ١٧١ أزز.

(٣) ما بين القوسين ليس في « م ».

٣٨٢

عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد ، قال : « ينصرف ويتوضّأ ، فإن شاء رجع إلى المسجد ، وإن شاء ففي بيته ، وإن شاء حيث شاء قعد فتشهد ، ثم يسلّم ، وإن كان الحدث(١) بعد الشهادتين فقد مضت صلاته ».

فيحتمل هذا الخبر أن يكون مخصوصاً بمن دخل في الصلاة بتيمم ثم أحدث ناسياً(٢) ، جاز له أن يتوضّأ ويبني على صلاته على ما بيناه في كتاب الطهارة من ( الكتاب الكبير ، ويحتمل أن يكون إنّما أحدث بعد الشهادتين اللتين هما شرط في صحة ) (٣) الصلاة ، ويكون قوله : « وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته » إشارة إلى استيفاء الشهادتين المرغَّب فيهما من التطويل ، ويكون الأمر بإعادة التشهد على ضربٍ من الاستحباب.

السند‌ :

في الأوّل : موثق بعبد الله بن بكير.

والثاني : كما ترى فيه : عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عيسى على هذا اليقطيني ، وقد مضى فيه القول(٤) .

وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى ، وأبوه محمد بن عيسى مضى‌

__________________

(١) ليست في « م ».

(٢) في « م » شيئاً.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في ص ٩١.

٣٨٣

القول(١) ( فيه من أنّي لم أعلم )(٢) ما يقتضي توثيقه ، وفي الظن أنّ لفظة « عن » بين أبيه ومحمد سهو ، وإنما محمد بن عيسى هو الأب ، لتعارف هذا في الأخبار كما يعرف بالممارسة ، وفي التهذيب في نسخة معتبرة ، عن أبيه محمد بن عيسى(٣) .

فإن قلت : الخبر صحيح على كل حال ، فأيّ فائدةٍ في القول؟

قلت : على تقدير النسخة المنقول منها يحتمل أن يكون الحسين بن سعيد معطوفاً على محمد بن عيسى العبيدي ، وحينئذٍ فالرواية عن محمد ابن عيسى الأشعري ، وإذا لم يعلم توثيقه لم يثبت الصحة ، إلاّ أنّ الظاهر ما في التهذيب ، وحينئذٍ الحسين معطوف على محمد بن عيسى الأشعري وهو المتعارف ، ( كما أشرنا إليه.

فإن قلت : عطف ابن أبي عمير على الحسين تعيّن أنّ المعطوف )(٤) عليه أولاً محمد بن عيسى الأشعري ، لأنّ أحمد بن محمد بن عيسى يروي عن الحسين بن سعيد وابن أبي عمير.

قلت : كما أنّ أحمد بن محمد بن عيسى يروي عن ابن أبي عمير بغير واسطة تارة ، كذلك يروي عنه بواسطة الحسين بن سعيد ( اخرى ، وإذا روى بواسطة الحسين بن سعيد )(٥) فلا مانع من الرواية عن ابن أبي عمير بواسطة أبيه ، وسيأتي(٦) في باب ما يمرّ بين يدي المصلّي حديث سنده‌

__________________

(١) في ص ١٤٧.

(٢) في « رض » : من أنّي. وفي « م » : فيه أنّا لم نعلم.

(٣) لم نعثر على هذه النسخة ، وفي المطبوعة من التهذيب ٢ : ٣١٨ / ١٣٠١ كما هنا.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) في ص ٢٠٥٠.

٣٨٤

أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير.

( ولا يخفى احتمال كون الحسين بن سعيد معطوفاً على سعد بطريق الشيخ إليه ، إلاّ أنّ عطف ابن أبي عمير )(١) يبعده ، واحتمال رواية الشيخ عن ابن أبي عمير بطريقه إليه ، فيكون معطوفاً على سعد ، أبعد ، فليتدبّر.

المتن :

في الأوّل : كما ترى ظاهر في أنّ الحدث المتخلل بين التشهد والسجدة الأخيرة لا يقتضي بطلان الصلاة ، بل يأتي المحدث بما ذكر في الخبر ، لكن عدم معلومية القائل بذلك يقتضي التأويل.

وما ذكره الشيخ ، فيهأوّلاً : أنّ التعليل بكون التشهد سنّة لا يوافقه ، والظاهر أنّ المراد بالسنّة ما ثبت بالسنّة ، وإن كان الفعل واجباً.

وثانياً : أنّ السؤال كالصريح في أنّ الحدث بعد الرفع من السجود ، قبل فعل شي‌ء من التشهد.

وثالثاً : أنّ عدم ذكر الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا وجه له من الشيخ ، إلاّ أن يريد بالتشهد ما يشمله ، والتعبير بالشهادتين لا يوافقه ، ولو اختار الشيخ عدم ضرورة الحدث قبل الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نافى ما سبق منه وما ذكره هنا من التشهد المندوب كما لا يخفى.

فإن قلت : المنقول عن المرتضى والشيخ من القول بأنّ من أحدث سهواً يتوضّأ ويبني(٢) ، لا مانع من حمل الخبر عليه.

قلت : موانع الحمل كثيرة ، منها التعليل بأنّ التشهد سنّة ، ولو حمل‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٢) حكاه عنهما في المدارك ٣ : ٤٥٥.

٣٨٥

على ما قالاه كان الأولى في الجواب التفصيل بين الحدث سهواً وعمداً ، على أنّ التشهد لو كان فرضاً لا يضر عند المذكورين ، لتجويزهما البناء مطلقاً ، إلاّ أن يقال : إنّ الحمل على مذهبهما أقرب من حمل الشيخ ، وتوجيه كون التشهد سنّة ممكن ، بأنْ يقال : إنّ الحدث لو وقع بين الفروض لا يؤثّر ، فكيف قبل السنّة أعني الواجب بها وفيه : أنّ إثبات كون الحدث سهواً في حيّز التكلف ، والفرار من توجيه الشيخ انتقالٌ من تكلفٍ إلى تكلف.

نعم ربما احتمل أن يراد بالخبر من ظن أنّه أتمّ صلاته فأحدث ، والتكلف قد يكون أخف في هذا الوجه ، لكن لا يخفى أنّ اللازم الإتيان بالتشهد على هيئة الصلاة ، والخبر لا يوافق هذا.

وقد يؤيد احتمال نسيان التشهد ( ما روي فيمن نسيه حتى ينصرف من صلاته ، أنّه إن كان قريباً يرجع إلى مكانه فيتشهد ، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً ، وفيه : إنّما التشهد )(١) سنّة ، وقد مضى الخبر عن زرارة. ووجه التأييد غير خفي ، لولا زيادة البعد عن ظاهر الخبر ، ولعلّ مقام التأويل واسع الباب ، والطرح مع إمكان الدخول في التأويل لا وجه له ، والله تعالى أعلم بالحال.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر المبحوث عنه ربما دل على عدم وجوب التسليم ، كما يدل على عدم وجوب قضاء الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل عدم وجوب أدائها ، إلاّ أنّ للكلام في الصلاة مجالاً ، لاحتمال دخولها في التشهد ، والتعبير بالشهادتين إنّما هو من الشيخ.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

٣٨٦

ثم إنّ الثاني ربما قرب إليه تأويل نسيان التشهد ، أمّا تأويل الشيخ فعن السداد بمعزل :

أمّا أوّلاً : فلأنّ من دخل في الصلاة بتيمم ، إذا أحدث ثم وجد الماء يتمّم صلاته ، والظاهر من الشيخ في التهذيب اعتبار عدم الاستدبار ؛ لأنّه ذكر عبارة المقنعة المتضمنة لذلك ، ثم قال : يدل على ذلك ، وذكر الرواية الدالة على أنّه يبني على ما مضى من صلاته(١) ، والمستفاد من الخبر المبحوث عنه الإتيان بالتشهد في المسجد أو البيت أو غيرهما.

وأمّا ثانياً : ( فلتضمن الخبر اعتبار الشهادتين ، والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) غير مذكورة ، وذلك يضر بحال الشيخ.

وأمّا ثالثاً : )(٣) فالفرق بين الشهادتين في غاية التكلف ، بل تركه أولى في مقام التأويل.

وما قاله شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب ، على قول الشيخ : يحتمل أن يكون مخصوصاً ، إلى آخره : هذا التخصيص يحتاج إلى دليل ، ومجرد وجود البناء في التيمم لا يقتضي نفي الحكم في غيره ، بل ربما(٤) كان ذلك مؤيداً للإطلاق. ففيه : أنّ عدم القائل هو المقتضي لتأويل الشيخ ، نعم ما ذكرناه في الظن أنّه متوجه ، فليتأمّل.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣١٨ / ١٣٠١.

(٢) جملة : على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أثبتناه من « رض ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في م : إنما. وفي « فض » : بما.

٣٨٧

قوله :

باب الرعاف‌

سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن(١) ، عن السندي بن محمد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يأخذه الرعاف أو القي‌ء في الصلاة ، كيف يصنع؟ قال : « ينفتل ، فيغسل أنفه ، ويعود في الصلاة ، وإن تكلم فليعد الصلاة ».

أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم يصلّي المكتوبة فيعرض له رعاف ، كيف يصنع؟ قال : « يخرج ، فإن وجد ماءً(٢) قبل أن يتكلم فليغسل(٣) الرعاف ، ثم ليعُد فليبن على صلاته ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرعاف والحجامة والقي‌ء؟ قال : « لا ينقض هذا شيئاً من الوضوء ، ولكن ينقض الصلاة ».

أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا يقطع الصلاة إلاّ رعاف ورِزّ في البطن ، فبادروا بهما (٤) ما استطعتم ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٣ / ١٥٣٦ : موسى بن الحسين.

(٢) ليس في « رض ».

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٠٣ / ١٥٣٧ زيادة : أنفه من.

(٤) في « م » : لهن ، وفي « رض » : معهنّ ، وفي « فض » والتهذيب ٢ : ٣٢٨ / ١٣٤٧ : بهنّ ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٠٣ / ١٥٣٩.

٣٨٨

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على رعافٍ يحتاج صاحبه إلى الانصراف عن القبلة ، أو إلى الكلام ، فأمّا مع عدم ذلك فلا يقطع الصلاة على ما فصّل في الخبرين الأوّلين.

السند‌ :

في الأوّل : فيه موسى بن الحسن ، والظاهر أنّه ابن عامر بن عمران الأشعري الثقة في النجاشي ، لأنّ الراوي عنه في النجاشي الحِمْيري ، عن أبيه(١) ، ومرتبة سعد لا تبعد عن ذلك ، وفي الرجال موسى بن الحسن بن نوبخت ، وهو غير معلوم التوثيق والمرتبة(٢) ، لكنه يبعد عن الاحتمال في المقام ، كما يعرف من ملاحظة الرجال ، إلاّ أنّ في البين كلاماً ، وقد حكى بعض محققي المتأخرينرحمه‌الله أنّ الكليني رواه في الصحيح(٣) . ولم يحضرني الآن ، لكنه مروي في زيادات التهذيب بطريق صحيح(٤) .

أمّا السندي بن محمد فهو ثقة ، لكن الشيخ قال في الفهرست : إنّ الراوي عنه الصفار(٥) ، والنجاشي قال : إنّ من جملة الرواة عنه محمد بن علي بن محبوب(٦) ، وربما يظن استبعاد رواية سعد عنه بواسطة مع رواية من ذكر ، ويدفعه التأمّل في الرجال.

وأمّا الثاني : فلا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه ، لا سيّما في علي بن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٠٦ / ١٠٧٨.

(٢) انظر خلاصة العلاّمة : ١٦٦ / ٦ ، رجال ابن داود : ١٩٣ / ١٦١٤.

(٣) حكاه عنه في مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٥٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٣١٨ / ١٣٠٢.

(٥) الفهرست : ٨١ / ٣٣١.

(٦) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٧.

٣٨٩

الحكم على تقدير اشتراكه(١) ، فإنّه الثقة بقرينة رواية أحمد بن محمد عنه.

والثالث : كالثاني.

والرابع : ظاهر الضعف بمحمد بن سنان ؛ أمّا أبو خالد فكثيراً ما يقال للقمّاط ، وقد يطلق على غيره كما ذكر شيخنا المحقق سلّمه الله في كتاب الرجال(٢) ، وفي أبي خالد القمّاط كلام ذكرناه فيما سبق(٣) ؛ وأبو حمزة هو الثمالي على الظاهر من الإطلاق في الأسانيد ، وقد يقرب معه أن يكون أبو خالد هو الكابلي ، لما يظهر من الرجال ، وفي أبي خالد الكابلي نوع اضطراب ، يعرف من كتاب شيخنا سلّمه الله(٤) .

والحاصل أنّ الشيخ في الفهرست قال : أبو خالد القمّاط له كتاب ، وقال ابن عقدة اسمه كنكر(٥) ، والعلاّمة في الخلاصة قال : وردان أبو خالد الكابلي ولقبه كنكر(٦) ، والشيخ في رجال الباقرعليه‌السلام من كتابه قال : وردان أبو خالد الكابلي الأصغر ، والكبير اسمه كنكر ، ونحوه في رجال الصادقعليه‌السلام (٧) ، فليتأمّل.

المتن :

في الأوّل : كما ترى تضمن السؤال عن الرعاف والقي‌ء ، والجواب‌

__________________

(١) انظر هداية المحدثين : ٢١٦.

(٢) انظر منهج المقال : ٣٨٦.

(٣) تقدّم في ج ١ : ٨٨.

(٤) انظر منهج المقال : ٣٥٤.

(٥) الفهرست : ١٨٤ / ٨٠٦.

(٦) خلاصة العلاّمة : ١٧٧ / ٣.

(٧) رجال الطوسي : ٣٢٨ / ٢٦ ، ١٣٩ / ٥.

٣٩٠

إنّما تضمن غسل الرعاف والعود إلى الصلاة ما لم يتكلم ، فإن تكلم أعاد الصلاة ، وكأنّ حكم القي‌ء استفيد من السكوت عنه ، وهو الطهارة ، لكن الخبر الثالث تضمن أنّ القي‌ء ينقض الصلاة ، والنقض إمّا من جهة النجاسة أو من كونه فعلاً يقتضي الخروج عن هيئة الصلاة ، وكلا الأمرين يشكل معه الجواب في الخبر الأوّل ، حيث اقتصر فيه على غسل الأنف.

وربما يقال : إنّهعليه‌السلام اقتصر على غسل الأنف ، لبيان عدم إبطال الصلاة به على تقدير فعل ما ذكر ، وأمّا القي‌ء فالإبطال به من حيثية أُخرى ، ويجوز أن يكون ترك بيانه اعتماداً على المعلومية من غيره ، وفيه ما لا يخفى.

ولعلّ احتمال أن يريدعليه‌السلام غسل الأمرين أعني الرعاف والقي‌ء واكتفى بأحدهما عن الآخر ، ممكن ، والخبر الثالث لا يفيد الطهارة ، بل عدم نقض الوضوء ، وحينئذٍ يكون ذكر نقض الصلاة لتحققه في الجملة ، وذلك كافٍ في بيان الفرق بين الوضوء والصلاة ، وينبه على ذلك ذكر الرعاف مع القي‌ء ، فإنّ نقض الصلاة بالرعاف أيضاً في الجملة.

وأمّا الثاني : فدلالته ظاهرة على وجوب غسل الرعاف ثم البناء على الصلاة قبل أن يتكلم.

وفي نظري القاصر أنّ في الخبرين الأوّلين وغيرهما دلالة على عدم العفو عن الدم إذا كان أقلّ من درهم أو مقداره إذا حصل في أثناء الصلاة ، وقد حُكي عن بعض الأصحاب القول بذلك(١) ، لكن لم يحضرني الآن دليله ، وسمعت عنه الاستدلال بأنّ ظواهر الأخبار الدالة على العفو لا يتناول‌

__________________

(١) معالم الفقه : ٢٩٠.

٣٩١

ما حصل في الأثناء ، وردّه بعض الأصحاب بالخبر الآتي(١) عن علي بن جعفر ، المتضمن للثالول والجرح ، وقد يقال عليه ما تسمعه من احتمال أن يراد بالسيلان الخروج ، أمّا ما عساه يقال من احتمال أن تكون أخبار الرعاف محمولة على الغالب من الكثرة ، ففيه نظر.

نعم ربما يقال : إنّ العفو عن الدم لا يمنع من جواز غسله ، فإذا دلّت الأخبار على غسله على الوجه المخصوص فلا مانع منه ، وقد يشكل هذا بدلالة الخبر الثالث على نقض الصلاة على الإطلاق ، ويمكن الجواب : بأنّ الخبر فيه احتمال ما قدمناه من بيان الفرق بين الصلاة والوضوء ، وحينئذٍ يبقى بيان النقض موكولاً إلى غيره(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الثالث ربما كان له دلالة على أنّ القي‌ء نجس بحسب الظاهر منه ، وإن احتمل ما قدمناه من الخروج عن هيئة الصلاة.

وربما كان أظهر منه في الدلالة ما رواه الصدوق في الفقيه بطريقه الصحيح ، عن عمر بن أُذينة ، عنهعليه‌السلام ، أنّه سأله عن الرجل يرعف وهو في الصلاة ، وقد صلّى بعض صلاته؟ فقال : « إن كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت ، ( وليبن على صلاته ، فإن لم يجد الماء حتى يلتفت )(٣) فليعد الصلاة » قال : « والقي‌ء مثل ذلك »(٤) . ووجه الأظهريّة غير خفي.

__________________

(١) في ص ٢٠٤٠.

(٢) في « م » زيادة : فليتأمّل.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٩ / ١٠٥٦ ، الوسائل ٧ : ٢٣٨ أبواب قواطع الصلاة ب ٢ ح ١.

٣٩٢

والعجب من العلاّمة في المختلف أنّه نقل عن الشيخ في المبسوط ، أنّه عزى إلى بعض الأصحاب القول بنجاسة القي‌ء ، ثم احتجّ للقول بالنجاسة بالقياس على الغائط والدم ، بجامع كون كل منهما غذاءً متغيراً خرج من آدمي(١) ، ثم زاد في التوجيه بما تركه أولى من ذكره ، وقد ذكرته في كتاب معاهد التنبيه على كتاب من لا يحضره الفقيه.

وأعجب من ذلك أنّ الوالدقدس‌سره في المعالم نقل حديثاً رواه الشيخ عن عثمان بن عيسى ، عن أبي هلال ، تضمن أنه يجزئ من الرعاف والقي‌ء أن يغسله ولا يعيد الوضوء ، ثم قالقدس‌سره : فيمكن أن يحتج للقول بالنجاسة بالأمر بالغسل ، وجوابه المطالبة بصحة السند أوّلاً ، والحمل على الاستحباب ثانياً ، ثم ذكرقدس‌سره روايتين آخرتين غير صحيحتين(٢) ، ولم يتعرض لما ذكرناه.

وفي النظر القاصر إمكان الجواب عن رواية الصدوق بأنّ قولهعليه‌السلام : « والقي‌ء مثل ذلك » يحتمل أن يريد به عدم الالتفات ، ومع قيام الاحتمال فأصالة الطهارة لا يخرج عنها. أمّا الخبر الأوّل المبحوث عنه هنا فهو مجمل كما لا يخفى.

فإن قلت : ما تضمنه خبر الصدوق من قوله : « فإن لم يجد الماء حتى يلتفت » إلى آخره. صريح في أنّ دم الرعاف غير معفو عنه في الأثناء ، فلا يتم ما قدّمته من الاحتمال.

قلت : يحتمل أن يكون قوله : « فإن لم يجد الماء حتى يلتفت » يراد به أنّه لو تحقق الالتفات أعاد الصلاة ، لا أنّ الالتفات لازم ليتم الإشكال ،

__________________

(١) المختلف ١ : ٣٠٢.

(٢) معالم الفقه : ٢٧٤.

٣٩٣

على أنّه يحتمل أن يخص بالكثرة على وجه لا يعفى عنها ، وفي البين كلام لا يُغفل عنه.

أمّا ما تضمنه الخبر الأوّل من أنّ الكلام موجب للإعادة فمخصوص بالعمد ؛ لما مضى.

والثاني دال على الغسل بالماء ، فيؤيد اختصاص الماء للغسل في الدم.

أمّا ما تضمنه الثالث من ذكر الحجامة فالظاهر أنّ المراد منه خروج الدم من موضع الحجامة.

وأمّا الرابع : فظاهره أنّ الرعاف والرزّ على ما وجدت من النسخة قاطع للصلاة ، وإطلاقه في الرعاف مقيد بغيره ، والرزِّ في القاموس : الصوت يسمع من بعيد(١) ، ولعلّ المراد به الريح ، لكن إطلاق الإبطال به ربما يقيد بما سبق من الوضوء والبناء في خبر الفضيل(٢) .

وقوله : « فبادروا بهما(٣) ما استطعتم » ربما كان فيه ( دلالة على ما ذكرناه ؛ إذ الحاصل من المعنى الإسراع في غسل الدم ، والرجوع إلى إكمال الصلاة ، والوضوء كذلك ، ولو حمل )(٤) على ظاهر الإطلاق من القطع لم يتضح المعنى في قوله : « فبادروا » إلى آخره. إلاّ أن يراد أنّ الرعاف وما معه يقطعان الصلاة ، فينبغي المبادرة إلى دفعهما بما أمكن ، وفيه ما لا يخفى.

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ١٨٣.

(٢) في ص ٢٠٢٤.

(٣) في النسخ : بهنّ ، ولعل الأنسب ما أثبتناه من الاستبصار. كما تقدم في ص ٢٠٣٤.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

٣٩٤

ويحتمل أن يراد المبادرة في الصلاة ، بمعنى الإسراع فيها قبل أن يكثر الرعاف ، أو يؤول الرِّزّ إلى الزيادة ، وبعده ظاهر ، إلاّ أنّ في الكافي خبراً يقربه في الرعاف ، وهو ما رواه في الحسن ، وسيأتي في باب ما يمر بين يدي المصلّي بعضه ، وهو عن الحلبي ، وموضع الحاجة منه : قال : وسألته عن رجلٍ رعف فلم يرق رعافه حتى دخل وقت الصلاة؟ قال : « يحشو أنفه بشي‌ء ، ثم يصلّي ، ولا يطيل إن خشي أن يسبقه الدم »(١) الحديث(٢) .

وأنت خبير بما في كلام الشيخ من النظر بالنسبة إلى الخبر الأخير ؛ فإنّ الرِّزّ لا يتم فيه التوجيه إلاّ بتقدير حمل ما تضمن الوضوء والبناء على ظاهره ، وقد سبق من الشيخ خلاف ذلك.

ثم إنّ قوله : « فبادروا » إلى آخره. بتقدير توجيه الشيخ غير موافق ، كما يعلم بأدنى تأمّل ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

قوله :

ويدلُّ على ذلك أيضاً :

ما رواه علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن سلمة(٣) ، عن أبي حفص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إنّ عليّاً عليه‌السلام كان يقول : لا يقطع الصلاة الرعاف ، ولا الدم ، ولا القي‌ء ، فمن وجد أذى (٤)

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٦٥ الصلاة ب ٥٠ ح ١٠.

(٢) في « فض » زيادة : وفيه دلالة على ما هذا وفي « رض » : وفيه دلالة هذا.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٩٤٠ : مسلم.

(٤) في الكافي ٣ : ٣٦٦ / ١١ : أزّاً.

٣٩٥

فليأخذ بيد رجل من القوم من الصف فليقدّمه(١) ، يعني إذا كان إماماً ».

محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلاة؟ قال : « إن قدر على ماء عنده يميناً أو شمالاً أو بين يديه ، وهو مستقبل القبلة ، فليغسله(٢) عنه ، ثم ليصلّ ما بقي من صلاته ، وإن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي ابن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكون به الثؤلول أو الجرح ، هل يصلح له أن يقطع الثؤلول(٣) وهو في صلاته ، أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ، ويقرحه(٤) ؟ قال : « إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس ، وإن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله » وعن الرجل يكون في صلاته(٥) ، فرماه رجل فشجّه فسال الدم فانصرف فغسله ولم يتكلم حتى رجع إلى المسجد ، هل يعتدّ بما صلّى ، أو يستقبل الصلاة؟ قال : « يستقبل الصلاة ، ولا يعتدّ بشي‌ء ممّا صلّى ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من التفت إلى استدبار‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤٠ : وليقدّمه.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤١ ، فيغسله.

(٣) في النسخ في الموضعين : الثالول ، ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤٢.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤٢ : ويقدحه ، وفي التهذيب ٢ : ٣٧٨ / ١٥٧٦ : ويطرحه.

(٥) في النسخ : الصلاة ، وما أثبتناه موافق للإستبصار ١ : ٤٠٤ / ١٥٤٢ ، والتهذيب ٢ : ٣٧٨ / ١٥٧٦ ، والفقيه ١ : ١٦٤ / ٧٧٥.

٣٩٦

القبلة ، فإنّ ذلك يفسد صلاته ، ويحتمل أن يكون ورد مورد التقية ؛ لأنّ عند كثير من العامة أنّ خروج الدم ينقض الوضوء ، فإذا نقض الوضوء أوجب إعادة الصلاة من أوّلها ، حسب ما قدّمناه.

السند‌ :

في الأوّل : فيه سَلَمة ، وهو مشترك(١) ، كأبي حفص ، فإنّه يقال لأبي حفص الرمّاني عمر الثقة في النجاشي(٢) ، ولعمر أبي حفص ( القزّاز المهمل في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٣) ، ولعمر بن سعيد أبي حفص )(٤) الثوري المذكور مهملاً في رجال الصادقعليه‌السلام أيضاً(٥) ، وغيرهما ، وقد اتفق في النجاشي أنّه ذكر أيضاً عمر أبا حفص الزبالي ، وأنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأنّ له كتاباً يرويه عبيس بن هشام(٦) ، والحال أنّه ذكر في أبي حفص عمر الرمّاني الثقة أنّ الراوي عنه عبيس ، والظاهر الاتحاد ، والاشتباه في لفظ الرمّاني والزبالي غريب من النجاشي.

وأمّا الثاني : فواضح حسنه كصحة الثالث.

المتن :

في الأوّل : كأنّ الشيخ ظن دلالته على مدّعاه من إطلاق صدره في‌

__________________

(١) انظر هداية المحدثين : ٧٤.

(٢) رجال النجاشي : ٢٨٥ / ٧٥٧.

(٣) رجال الطوسي : ٢٥٤ / ٤٩٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٥) رجال الطوسي : ٢٥١ / ٤٥٢.

(٦) رجال النجاشي : ٢٨٥ / ٧٦٠.

٣٩٧

عدم قطع الصلاة بما ذكر في الخبر ، والحال أنّ إطلاقه لا يتم العمل به إلاّ بالقيد المستفاد من غيره ، فالدلالة على المطلوب زيادة على ما مضى غير واضحة من جهة الصدر ، ولو نظر إلى العجز زاد الإشكال في الدلالة ؛ لأنّ مفاده أنّ من وجد أذى حال كونه إماماً يقدّم غيره للصلاة ثم يقطع صلاته ، والظاهر من الأذى الحدث ، وحينئذٍ يفيد أنّ ما ذكر في الخبر أوّلاً لا يقطع الصلاة مطلقاً ، والمنافاة لما مضى ظاهرة ، ولو حمل الأذى على المذكورات ، أو على ما تقدم(١) من الأزّ أشكل باقتضائه تقديم غيره في صورة الرعاف وما معه ، ثم يبقى الحكم مجملاً ، وعلى تقدير الأزّ كذلك ، وبالجملة فالاستدلال بالخبر مع الإجمال لا يخلو من غرابة.

والثاني : كما ترى يدل على أنّ الماء إذا كان يميناً أو شمالاً أو بين يديه فليغسل الرعاف ، وليصلّ ما بقي ، وإن لم يقدر حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم قطع صلاته ، وقد تقدّم(٢) في الخبر المروي في الفقيه ما تضمن ذكر الماء خلفه أيضاً ، لكن لا يخفى أنّه لا يضر بالحال ، لأنّ المفهوم من ذلك الخبر أن لا يلتفت ، فلا فرق بين كون الماء خلفه أو عن يمينه أو شماله.

أمّا دلالة هذا الخبر على أنّ الانصراف بالوجه يقتضي البطلان فظاهرة ، ودلالة خبر الصدوق على الالتفات ربما يشمل الوجه ، وحينئذٍ يتأيّد بالرواية ما دل على بطلان الصلاة بالالتفات بالوجه ، كما يأتي إن شاء الله(٣) .

__________________

(١) في ص ٣٨١ ٣٨٢.

(٢) في ص ٣٩٢.

(٣) في ص ٤٠٢.

٣٩٨

وأمّا الثالث : فقد مضى فيه إجمال قول ، وهو أنّ السيلان فيه محتمل لأن يراد به خروج الدم(١) ، لا خروجه مع تعدي محله ، لينافي ما دل على عدم العفو عن الدم الموجود في أثناء الصلاة.

وممّا يؤيد الاحتمال أنّ السيلان لو أُريد به تعدي المحل فعدم العفو عنه على الإطلاق غير واضح ، بل إذا لم يصل إلى حدٍ لا يُعفى عنه لا مانع منه ، على تقدير القول بشمول العفو للموجود في أثناء الصلاة ، وإذا عدل عن ظاهر الخبر لا مانع من الحمل على إرادة عدم الخروج.

فإن قلت : يجوز أنْ يراد بتخوف السيلان زيادته عن مقدار ما يعفى عنه ، لغيره من الأخبار الدالة على اعتبار المقدار ، أمّا حمله على عدم الخروج فالمعارض له ليس إلاّ أخبار الرعاف ، وقد تقدم فيها احتمال تضعف بسببه عن المعارضة ، وبتقدير دفع الاحتمال يجوز اختصاص الرعاف بالحكم.

قلت : أمّا الأخبار الدالة على العفو فتناولها لما يحصل في الأثناء محل كلام ، وبتقدير الظهور فالأخبار الواردة في الرعاف ، وهذا الخبر ، سيّما السؤال الثاني فيه ظاهرة في عدم العفو عن المتجدد في الأثناء ، وحينئذٍ لا مانع من التخصيص لذلك الظاهر.

أمّا احتمال اختصاص الرعاف فلا أعلم القائل به ، والسؤال الثاني في الخبر المبحوث عنه وإن أفاد أنّ للرعاف حكماً خاصاً من حيث تضمنه إعادة الصلاة من دم الشجّة مطلقاً ، والحال أنّ الرعاف ليس كذلك ، بل فيه التفصيل ، إلاّ أنّه يحتمل أن يكون مقيداً بالانحراف ، وعدم الكلام لا يستلزم‌

__________________

(١) في ص ٢٠٣٧.

٣٩٩

عدم الانحراف ، ويؤيد الانحراف ذكر الرجوع إلى المسجد ، وربما يقال : إنّ هذا خلاف ظاهر الخبر(١) ، وجواز الفرق بين الرعاف والشجّة لا ينكر ، إلاّ أنّ الحق توقف هذا على معلومية القائل.

وقول الشيخ في توجيه الخبر أنّه محمول على من التفت إلى استدبار القبلة ، محل تأمّل ،أمّا أوّلاً : فلأنّ اعتبار استدبار القبلة لا دليل عليه مما سبق ، بل ظاهر خبر الحلبي الانصراف بالوجه ، والخبر السابق عن الصدوق مقتضاه الالتفات.

وأمّا ثانياً : فلأنّ التوجيه [ إمّا أن يكون لأوّل(٢) ] الخبر وآخره ، أو للآخر فقط ، فإن كان للأمرين فلا ريب في عدم تماميته بالنسبة إلى أوّله كما هو واضح ، وإن عاد للآخر ففي حكم الأوّل من إطلاق عدم الفعل مع خوف السيلان ، لا بُدّ له من بيان ، ولا يخفى أنّ الظاهر من الشيخ مساواة حكم الشجّة للرعاف ، فيتأيد ما أشرنا إليه ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ في الخبر المبحوث عنه دلالة على أنّ ما ينفصل من بدن الإنسان [ طاهر(٣) ] لأنّ إطلاقهعليه‌السلام جواز الفعل مع أمن السيلان يتناول ما كان برطوبة أو عدمها ، أمّا القول بتنجيس(٤) المنفصل وإن كان يابساً فالخبر صريح في دفعه ، وفي المنتهى استقرب العلاّمة الطهارة ، معلّلاً بعدم إمكان التحرز ، وبالرواية(٥) ، والظاهر أنّه يريد بالرواية هذه ، إذ‌

__________________

(١) ليست في « رض ».

(٢) في « فض » : لا أن يكون الأوّل ، وفي « رض » : إمّا أن يكون الأوّل ، وفي « م » : إمّا أن يكون للأوّل ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ : ظاهر ، والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في « رض » : بتنجس ، وفي « فض » : بنجيس.

(٥) المنتهى : ١٦٦. لم نعثر على استدلاله بالرواية.

٤٠٠