المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ٢

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية15%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 367

  • البداية
  • السابق
  • 367 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24216 / تحميل: 7322
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

( ج ١؛ ٢١٥ ) والدّر المنثور ( ج ٣؛ ٢٨ ) والانتصار (١٠٥) وتفسير التبيان ( ج ٣؛ ٤٥٢ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ٢٠٧ ).

وأنس بن مالك. انظر تفسير الطبريّ ( ج ١٠؛ ٥٨ ) وأحكام القرآن لابن العربي ( ج ٢؛ ٥٧٧ ) وتفسير الرازيّ ( ج ١١؛ ١٦١ ) والمغني لابن قدامة ( ج ١؛ ١٥٠ ) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( ج ٦؛ ٩٢ ) وشرح المهذب للنووي ( ج ١؛ ٤١٨ ) والدرّ المنثور ( ج ٣؛ ٢٨ ) والانتصار (١٠٦) والتبيان ( ج ٣؛ ٤٥٢ ).

وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وأبو ذرّ الغفاري، وعمّار بن ياسر، وأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام جميعا. انظر نهاية الإقدام - في أوائل الكتاب - وهو مخطوط. كما ذهب إلى ذلك صحابة آخرون، وجمع من التابعين وفقهاء العامّة.

والوقوف عند الشبهة إلى الإمام، فإنّه لا شبهة عنده

في تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٨٦، ٢٨٧ ) عن عبد الله بن جندب، قال: كتب إليّ أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : ذكرت رحمك الله وذكر في آخر الكتاب: أنّ هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترّهم بالشبهة، ولبّس عليهم أمر دينهم بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر، وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه؛ لأن الله يقول في محكم كتابه:( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (١) . يعني آل محمّد ...

وفي بصائر الدرجات ( ٤٣٢ - ٤٣٣ ) / الباب ١٧ من الجزء الثامن - الحديث ٢ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ولا يقبل الله أعمال العباد إلاّ بمعرفته، فهو عالم بما يرد من ملتبسات الوحي ومعمّيات السنن ومشتبهات الفتن وانظر ما في الكافي ( ج ١؛ ٢٠٣ ) عن الصادق مثله.

وهذا المعنى من مسلّمات عقائد الإماميّة. انظر ما يتعلق بهذا المعنى الكافي ( ج ١؛ ١٧٨، ٢١٠، ٢١٢ ) وفيه تسعة أحاديث في أنّ أهل الذكر الذين أمر الله الخلق

__________________

(١) النساء؛ ٨٣

٢٢١

بسؤالهم هم الأئمّةعليهم‌السلام ، و ( ج ١؛ ٢٦٩، ٢٧٦ ). وانظر المسترشد في الإمامة (٦٠٢) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٣ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٣ ) ومناقب الخوارزمي (٤٢) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٢٥٩ ) في أنّ عليّا يبيّن للناس ما اشتبه عليهم وما اختلفوا فيه من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وطاعة وليّ الأمر بعدي، ومعرفته في حياتي وبعد موتي، والأئمّة: من بعده واحدا فواحدا

في ذلك نزل قوله تعالى:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) ، ففي الكافي ( ج ١؛ ١٨٧ ) عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قولنا في الأوصياء « أنّ طاعتهم مفترضة »، قال: فقال: نعم، هم الذين قال الله تعالى:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢) ...

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٨٢ ) عن جابر الجعفي في تفسيره، عن جابر الأنصاريّ، قال: سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (٣) عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر؟ قال: هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا، لقيته فأقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ، الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، ذاك يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه بالإيمان.

__________________

(١) النساء؛ ٥٩

(٢) النساء؛ ٥٩

(٣) النساء؛ ٥٩

٢٢٢

وانظر تفسير الآية ونزولها في عليّعليه‌السلام ، وفيه وفي ولديه، وفيه وفي الأئمّةعليهم‌السلام ، في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ١٨٩ - ١٩١ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٥ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧٦ ) وتفسير فرات ( ١٠٧ - ١١١ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٢٣ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٤١ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٤ - ١١٦ ).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٣ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة - بعد أن سألته عن معنى السيّد في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ سيّد العرب -: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي.

وقد تظافر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وليكم بعدي

في الكافي ( ج ١؛ ١٨٥ - ١٩٠ ) سبعة عشر حديثا في فرض طاعة الأئمّةعليهم‌السلام ، منها ما رواه في ( ج ١؛ ١٨٨، ١٨٩ ) عن الصادقعليه‌السلام : فأشهد أنّ عليّا كان قيّم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجّة على الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وانظر كفاية الأثر (٢١٧) وأمالي الطوسي (٥٦٢) وأمالي المفيد (١٨) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٩٤ ) وبشارة المصطفى (٢٣) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٢٩٧ ) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٤٣٧ ) و ( ج ٥؛ ٣٥٦ ) وسنن أبي داود ( ج ٣؛ ١١١ ) وحلية الأولياء ( ج ٦؛ ٢٩٤ ) وخصائص النسائي ( ١٩، ٢٣ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٧١، ٢٠٣ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٤، ١٥٩، ٣٩٦ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٢٨، ١٩٩ ) وتاريخ بغداد ( ج ٤؛ ٣٣٩ ) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٩٤ ) والإصابة ( ج ٢؛ ٥٠٩ ).

وأمّا معرفة الإمام في حياته وبعد موته

فيدلّ عليه جميع الأدلّة الدالّة على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بمعرفة أهل بيته والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام كما سيأتي، وأوامره المتكررة بمعرفة عليّعليه‌السلام ومتابعته في حياته وبعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ورد وجوب معرفتهمعليهم‌السلام في كثير من الأحاديث والروايات، منها:

ما رواه الكليني في الكافي ( ج ١؛ ١٨٠ ) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أخبرني

٢٢٣

عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقالعليه‌السلام : إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّدا إلى الناس أجمعين رسولا وحجّة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمّد رسول الله واتّبعه وصدّقه فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتّبعه ولم يصدّقه ويعرف حقّهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقّهما؟! ...

وفيه أيضا ( ج ١؛ ١٨٠ ) عن أحدهماعليهما‌السلام أنّه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يعرف الله ورسوله والأئمّة صلوات الله عليهم كلّهم، وإمام زمانه، ويردّ إليه ويسلّم له، ثمّ قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأوّل؟!

وفي الكافي أيضا ( ج ١؛ ١٨٠ - ١٨٥ ) أربعة عشر حديثا في معرفة الإمام والردّ إليه.

وأمّا طاعة ومعرفة الأئمّة من بعد عليّعليهم‌السلام واحدا فواحدا

فقد فاقت النصوص فيها العدّ والحصر، وقد صرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ الأئمّة من بعده اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش أو كلّهم من بني هاشم، وذلك من طرق الفريقين. انظر ينابيع المودّة ( ٣؛ ١٠٤، ١٠٧ )، ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، في البخاري من ثلاثة طرق، وفي مسلم من تسعة طرق، وفي أبي داود من ثلاثة طرق، وفي الترمذي من طريق واحد، وفي الحميدي من ثلاثة طرق. وانظر العمدة ( ٤١٦ - ٤٢٣ ) وفرائد السمطين ( ج ٢؛ ١٤٧ - ١٥٠ ) والخصال ( ٤٦٧ - ٤٦٩ ). وقد أخرج هذا الحديث عن عليّعليه‌السلام ، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن سمرة، وجابر الأنصاريّ، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عباس، القندوزي الحنفي - في ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ١٠٥ ) - وقال: قال بعض المحقّقين: إنّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حديثه هذا الأئمّة الاثنا عشر من أهل بيته وعترتهعليهم‌السلام .

٢٢٤

وأمّا الأحاديث المصرّحة بأسمائهمعليهم‌السلام فهي أيضا كثيرة جدّا، بل روى بعضها أعلام العامّة، فقد روى أسماءهم واحدا واحدا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحمويني في فرائد السمطين ( ج ٢؛ ١٣٢ - ١٣٥، ١٥٣ ) وفي مواضع أخرى من كتابه، ورواهم القندوزيّ الحنفي في ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ٩٩ - ١٠٣ ) وغيرهما.

وفي كفاية الأثر ( ٢١٣ - ٢١٩ ) عن علقمة بن قيس، قال: خطبنا أمير المؤمنينعليه‌السلام على منبر الكوفة فقام إليه رجل - يقال له عامر بن كثير - فقال: يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمّة الكفر وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمّة الحقّ وألسنة الصدق بعدك؟ قال: نعم، إنّه بعهد عهده إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما، تسعة من صلب الحسين قلت: يا رسول الله أفلا تسمّيهم لي؟

قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعده ابنه محمّد يدعى بالباقر، وبعد محمّد ابنه جعفر يدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يدعى بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى بالزكي، وبعد محمّد ابنه عليّ يدعى بالنقي، وبعد عليّ ابنه الحسن يدعى بالأمين، والقائم من ولد الحسن، سميّي وأشبه الناس بي، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

هذا، وقد ثبت بالروايات الصحيحة المتظافرة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ عليهم بأسمائهم جميعاعليهم‌السلام ، وأنّ كلّ إمام كان ينصّ على من بعده. وحسبك ما رواه أبو القاسم الخزّاز من علماء القرن الرابع في كتابه « كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر »، وما رواه الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٨٦ - ٣٢٩، ٥٢٥ - ٥٣٥ ) وما في كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة، لوالد الشيخ الصدوقرحمه‌الله .

والبراءة من الأحزاب تيم وعدي وأميّة وأشياعهم وأتباعهم

هذا التعبير جاء في روايات أهل البيتعليهم‌السلام مرادا منه أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية،

٢٢٥

وهذا كثير في كلام العرب، قال السيّد المرتضى - في شرح القصيدة المذهّبة (٨٩) في شرح البيت السادس عشر من القصيدة، وهو قوله:

أإلى أميّة أم إلى شيع الّتي

جاءت على الجمل الخدبّ الشوقب

ـ قال: ذكر القبيلة نفسها وأراد أبناءها ومن نسلت، وهذا في الكلام المنظوم والمنثور كثير.

وقد عبّر عنهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالأحزاب لأنّهم من الّذين نفّروا ناقته وحاولوا اغتياله في ليلة العقبة، وهم الذين كتبوا الصحيفة لإزواء الخلافة عن عليّعليه‌السلام ، وهم الّذين لم يؤمنوا بالله طرفة عين أبدا، وقد اتّفق الشيخان وابنتاهما على أن يسمّوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أبو سفيان رئيس الأحزاب المجمع لهم في غزوة الخندق ( الأحزاب ) كما في تطهير الجنان (٥٤) وكان معه معاوية ابنه، وكانت راية المشركين يوم أحد مع طلحة بن أبي طلحة العدويّ من بني عبد الدار كما في تفسير القمّي ( ج ١؛ ١١٢ ) وكان عبيد الله بن عمر بن الخطّاب من زعماء جيش معاوية في صفّين، وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليّعليه‌السلام وبايع الحجّاج من بعد، وهم من بني عدي، وكانت تيم أيضا تبغض عليّا، وقد خرجت عائشة منهم على عليّعليه‌السلام ، وكانت تقول - كما في الطبريّ ( ج ٥؛ ٢٢٢ ) والعقد الفريد ( ج ٥؛ ٧٤ ) -: « ما زلت أرجو النصر حتّى خفيت أصوات بني عدي »، وخرج معها مروان وسائر بني أميّة إلاّ من خشع كما في الطبريّ ( ج ٥؛ ١٦٩ ) واجتمعت بنو أميّة إلى عائشة، وتشاوروا وقالوا: كلنا نطلب بدم عثمان، ورأسهم عبد الله بن عامر الحضرمي، ومروان بن الحكم، والمشار إليهما طلحة والزبير كما في تذكرة الخواص (٦٥) وقد قاتل الأمويون النبي والوصي صلوات الله عليهما، ولذلك قال عليّعليه‌السلام في صفين: « انفروا إلى بقية الأحزاب » كما في تطهير الجنان (٥٤) وتقريب المعارف (٢٩٤) وقال عمّار بن ياسر لأبي زينب: « أثبت أبا زينب ولا تشك في الأحزاب عدوّ الله ورسوله » كما في صفين (١٠١) وقالرحمه‌الله : « إنّ مراكزنا على مراكز رايات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين، وإنّ هؤلاء على مراكز رايات المشركين من الأحزاب » كما في صفّين (٣٢١).

ورقى عثمان المنبر فقال: « أيّها الناس إنّ أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس، وإنّ عمر

٢٢٦

كان يؤثر بني عدي على كلّ الناس، وإنّي أؤثر والله بني أميّة على سواهم » كما في أمالي المفيد (٧٠).

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ٢١ ) روى الزبير بن بكار، قال: روى محمّد بن إسحاق أنّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم بن مرّة، قال: وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّاعليه‌السلام هو صاحب الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الفضل بن العبّاس: « يا معشر قريش، وخصوصا يا بني تيم، إنّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة، ونحن أهلها دونكم ». وانظر الموفقيات (٥٨٠).

وفي شرح النهج أيضا ( ج ٦؛ ١٨ ) قال ابن أبي الحديد: والذي ثبت عندي أنّ أوّل من بايعه عمر.

وفي الشرح أيضا ( ج ٦؛ ١١ ) قال: واجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفّان فقام عثمان ومن معه فبايعوا أبا بكر.

هذه النصوص وغيرها تبيّن أنّ التحزّب التيمي والعدوي والأموي كان وراء غصب عليّ وأهل البيتعليهم‌السلام الخلافة، وهذه حقيقة ثابتة من حقائق التاريخ، ذكرت تفاصيلها في كلّ كتاب أرّخ بيعة السقيفة الظالمة، ولذلك عبّر أبو سفيان بشعره عن هذه الأحزاب بقوله يحرّض عليّاعليه‌السلام :

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

و لا سيّما تيم بن مرّة أوعدي

انظر شعره في الموفقيات (٥٧٧) وشرح النهج ( ج ٦؛ ١٧ ).

فهؤلاء هم الأحزاب وبقية الأحزاب الّذين قاتلوا النبي والوصي صلوات الله عليهما. وسيأتي مثل هذا المعنى في الطّرفة (٢٤) وأنّ الناكثين والقاسطين والمارقين أيضا من الأحزاب.

وقد ورد ذمّهم والبراءة منهم صريحا في روايات أهل البيتعليهم‌السلام ، فمن ذلك ما في الكافي ( ج ٨؛ ٣٤٥ ) عن زرارة، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما كئيبا حزينا، فقال له عليّعليه‌السلام : مالي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أنّ بني تيم وبني عدي وبني أميّة يصعدون على منبري هذا،

٢٢٧

يردّون الناس عن الإسلام القهقرى، فقلت: يا ربّ في حياتي أو بعد موتي؟ فقال: بعد موتك.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٢١ ) عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ ) (١) قال: أري رجالا من بني تيم وعدي على المنابر يردّون الناس عن الصراط القهقرى، قلت( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٢) قال: هم بنو أميّة.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٨٩، ٣٩٠ ) قالت قريش: فمتى يكون ما تعدنا يا محمّد من أمر عليّ والنار، فأنزل الله( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) (٣) يعني الموت والقيامة( فَسَيَعْلَمُونَ ) (٤) يعني فلانا وفلانا وفلانا ومعاوية وعمرو بن العاص وأصحاب الضغائن من قريش( مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) (٥) ...

وفي الكافي ( ج ١؛ ٤٢٦ ) عن عليّ بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن الكاظمعليه‌السلام يقول: لمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تيما وعديّا وبني أميّة يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله قرآنا يتأسى به ....

وفي كتاب سليم (١٩٢) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال في حديث: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كان أخبرني أنّه رأى على منبره اثني عشر رجلا أئمّة ضلال من قريش، يصعدون منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وينزلون على صورة القرود، يردّون أمّته على أدبارهم عن الصراط المستقيم، اللهم قد خبّرني بأسمائهم رجلا رجلا وكم يملك كلّ واحد منهم، واحدا بعد واحد، عشرة منهم من بني أميّة، ورجلين من حيّين مختلفين من قريش، عليهما مثل أوزار الأمّة جميعا إلى يوم القيامة، ومثل جميع عذابهم، فليس دم يهرق في غير حقّه، ولا فرج يغشى، ولا حكم بغير حقّ إلاّ كان عليهما وزره.

وفي تقريب المعارف (٢٤٢) قول عليّعليه‌السلام للحارث الأعور: ابرأ منهما. وفي المصدر

__________________

(١) الإسراء؛ ٦٠

(٢) الإسراء؛ ٦٠

(٣) مريم؛ ٧٥

(٤) الجنّ؛ ٢٤

(٥) الجنّ؛ ٢٤

٢٢٨

نفسه (٢٤٥) قول الباقرعليه‌السلام : الله ورسوله منهما بريئان، وفيه أيضا (٢٤٨) قول الصادقعليه‌السلام : ابرأ منهما برأ الله ورسوله منهما. وفي الكافي ( ج ٨؛ ٢٣٧ ) أن أمّ خالد قالت للصادقعليه‌السلام : فإن هذا الذي معك [ تعني أبا بصير ] على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوّاء يأمرني بولايتهما، فأيّهما خير وأحبّ إليك؟ قال: هذا والله أحبّ إليّصلى‌الله‌عليه‌وآله من كثير النوّاء وأصحابه.

وقد ثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما مات حتّى دعا بالويل على بني أميّة وهو عنهم غير راض. انظر مستدرك الحاكم ( ج ٤؛ ٤٧٩، ٤٨٠، ٤٨٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠، ٦٨، ٩١ ) و ( ٧؛ ١٤٢، ١٧١ ) وحلية الأولياء ( ج ٦؛ ٢٩٣ ).

ونزل قوله تعالى:( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (١) في بني أميّة، وبني الحكم. انظر الدّر المنثور ( ج ٤؛ ١٩١ ) وتطهير الجنان (١٤٣) وكنز العمال ( ج ٧؛ ١٤٢ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٣٥ ) وتفسير الطبريّ ( ج ٣٠؛ ١٦٧ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٧٠ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢١ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ٤٢٤ ) والتبيان ( ج ٦؛ ٤٩٤ ) والكشّاف ( ج ٢؛ ٦٧٦ ) والسيرة الحلبية ( ج ١؛ ٣٣٧ ) وتفسير القرطبي ( ج ١٠؛ ٢٨٦ ) وتفسير الشوكاني ( ج ٥؛ ٢٦٣ ) وتفسير النيسابوريّ بهامش الطبريّ ( ج ١٥؛ ٥٥ ) والخصائص الكبرى ( ج ٢؛ ١١٨ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٢٠، ٣٢١ ) وانظر في هذا الشأن تخريجات الغدير ( ج ٨؛ ٢٤٨ ).

وقد صرّح عليّعليه‌السلام بهذا المعنى، وأنّه كان يعاديهم ويبرأ منهم، ففي الكافي ( ج ٨؛ ١٠٣ ) عن الباقرعليه‌السلام قال: إنّ عمر لقي عليّاعليه‌السلام فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) (٢) وتعرّض بي وبصاحبي؟! قال: فقال له عليّعليه‌السلام : أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أميّة( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) (٣) ، فقال عمر: كذبت، بنو أميّة أوصل للرحم منك، ولكنّك أبيت إلاّ عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أميّة.

وقالعليه‌السلام - كما في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) -: وبي كان [ رسول الله ] يبري

__________________

(١) الإسراء؛ ٦٠

(٢) القلم؛ ٦

(٣) محمّد؛ ٢٢

٢٢٩

جماجم البهم وهام الأبطال، إلى أن فزعت تيم إلى الفرار، وعديّ إلى الانتكاص.

وقالعليه‌السلام أيضا في المصدر نفسه ( ج ٢؛ ٢٠٣ ): سبقني إليها التيمي والعدوي كسباق الفرس، احتيالا واغتيالا وخدعة وغيلة، ثمّ قال بعد كلام له: يا معشر المهاجرين والأنصار أين كان سبقة تيم وعديّ ألا كانت يوم الأبواء إذ تكاثفت الصفوف؟! ...

وقد اتّفقت روايات أهل البيتعليهم‌السلام وسيرتهم وفي أدعيتهم على لعن الثلاثة ومن تابعهم وشايعهم، وهو معنى آخر للبراءة منهم، ففي التهذيب ( ج ٢؛ ٣٢١ ): سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو يلعن في دبر كلّ صلاة مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء: التيمي والعدويّ وفعلان ومعاوية، ويسمّيهم، وفلانة وفلانة وهند وأمّ الحكم أخت معاوية.

وفي تقريب المعارف (٢٤٤) عن السجادعليه‌السلام : هما أوّل من ظلمنا حقّنا، وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنّا أحقّ به منهما، فلا غفر الله لهما، ولا رحمهما، كافران كافر من تولاّهما.

وانظر في لعنهما والبراءة منهما الكافي ( ج ١؛ ٣٧٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٢٩، ٥٣٠ ) و ( ج ٨؛ ١٠٢، ١٠٣، ٢٤٥، ٢٤٦ ) والتهذيب ( ج ٤؛ ١٤٥ ) وكتاب سليم (١٩٢) والخصال (١٠٦) ورجال الكشي ( ج ٢؛ ٤٦١ ) والاحتجاج ( ج ٢؛ ٤٦٥ ) وتقريب المعارف ( ٢٣٧ - ٢٥٧ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٨ ) وتفسير القمي ( ج ٢؛ ١٤، ٢١ ) وتقريب المعارف أيضا ( ٢٤٨ - ٢٥٣ ) ففيه عدّة روايات بأسانيد متعددة.

وقد استقصى ذلك العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار / المجلد الثامن من الطبع الحجريّ - باب « كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم ».

وأن تمنعني ممّا تمنع منه نفسك

لقد بايع المسلمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيعة العقبة، وكان شرط عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شروطا لله ولنفسه، فأمّا الشروط الّتي لله فهي الترغيب في الإسلام وإطاعة الله، واشترط عليهم لنفسه أن يمنعوه وأهل بيته وذريتهعليهم‌السلام ممّا يمنعون منه أنفسهم وأهاليهم وذراريهم.

ففي تفسير القمّي ( ج ١؛ ٢٧٢، ٢٧٣ ): لمّا أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الدعوة بمكّة قدمت

٢٣٠

عليه الأوس والخزرج، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتكونون لي جارا حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة؟ فقالوا: نعم، خذ لربّك ولنفسك ما شئت، فقال لهم: موعدكم العقبة في اللّيلة الوسطى من ليالي التشريق، فحجّوا ورجعوا إلى منى، وكان فيهم ممّن قد حجّ بشر كثير، فلمّا كان اليوم الثاني من أيّام التشريق، قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان اللّيل فاحضروا دار عبد المطلّب على العقبة، ولا تنبّهوا نائما، ولينسلّ واحد فواحد، فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتجيروني حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة؟ فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام: نعم يا رسول الله، اشترط لربّك ولنفسك ما شئت، فقال: أمّا ما أشترط لربّي فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم وتمنعوا أهلي ممّا تمنعون أهاليكم وأولادكم، فقالوا: وما لنا يا رسول الله؟ فقال: الجنّة في الآخرة ....

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٢٦١ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كنت أبايع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على العسر واليسر والبسط والكره، إلى أن كثر الإسلام وكثف، قال: وأخذ عليهم عليّعليه‌السلام أن يمنعوا محمّدا وذريته صلوات الله عليهم ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم، فأخذتها عليهم، نجا من نجا وهلك من هلك.

وانظر مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤ ) والسقيفة وفدك (٦٩) وشرح النهج ( ج ٦؛ ٤٤ ) وتاريخ الطبريّ ( ج ٢؛ ٢٣٨، ٢٣٩ ) وتاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ٩٨، ٩٩ ) وتاريخ ابن خلدون ( ج ٢؛ ٤١٨ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٣٨ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٢؛ ٤٤٢ ) والروض الأنف ( ج ٤؛ ٨٢ ).

وزاد ابن هشام في سيرته ( ج ٢؛ ٤٥٤ ) المبايعة بشرط: وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحقّ أينما كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم. وهو أيضا في الروض الأنف ( ج ٤؛ ١٣٥ ) وأنساب الأشراف ( ج ١؛ ٢٩٤ ).

وواضح أنّ عليّاعليه‌السلام كان قد بايع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك ووفى به، ولذلك كان

٢٣١

هوعليه‌السلام يأخذ منهم البيعة على ذلك، نجا من نجا وهلك من هلك منهم.

وقد وفى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ببيعته فلم يفرّ ولم ينكل في حرب، ولم يترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تركه الثلاثة وغيرهم فلم يفوا بالبيعة، فلذلك عدّ عليّ نقض شروط هذه البيعة كفرا بالله، ففي كشف الغمّة ( ج ١؛ ١٩٢، ١٩٤ ) روى عكرمة، قال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول: لمّا انهزم الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت: ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليفرّ، وما رأيته في القتلى وحملت على القوم فأفرجوا، فإذا أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد وقع مغشيّا عليه، فنظر إليّ وقال: ما فعل الناس يا عليّ؟ قلت: كفروا يا رسول الله وولّوا الدّبر وأسلموك. ونقل هذا الخبر في كشف اليقين (١٢٨) وفيه: أنّ عليّاعليه‌السلام قال: للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نقضوا العهد وولّوا الدّبر.

وفي حديث عمران بن حصين - كما في كشف الغمّة ( ج ١؛ ١٩٤ ) - قال: لمّا تفرّق الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء عليّعليه‌السلام متقلّدا بسيفه حتّى قام بين يديه، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه وقال: مالك لم تفرّ مع الناس؟ فقالعليه‌السلام : يا رسول الله أرجع كافرا بعد إسلامي؟!

وكان ممّن ثبت ذلك اليوم أبو دجانة الأنصاري، ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٢٠ ) قال: فلم يزل يقاتل حتّى أثخنته الجراحة فلمّا سقط احتمله عليّعليه‌السلام فجاء به إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم.

وفي تفسير فرات (٩٤) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك، فقال أبو دجانة: يا رسول الله ما على هذا بايعناك وبايعنا الله، ولا على هذا خرجنا.

فكان عليّعليه‌السلام قد وفى ببيعته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الوقعة وفي جميع الوقائع. وقد فرّ الشيخان في أماكن شتّى، وشاركهما عثمان بذلك فيما عدا خيبر، فقد فرّوا في أحد وحنين ونكل الشيخان في خيبر وغيرها. انظر في فرارهم وجبنهم وعدم وفائهم بالبيعة. تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٤٧، ٦٢ ) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ٥٥٣ - ٥٦١ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ١٨٣، ١٩٢ - ١٩٥، ١٩٧، ٢٠٤، ٢٠٥، ٢١٣، ٢٢١، ٢٢٣ ) وشرح النهج

٢٣٢

( ج ١٣؛ ٢٧٨، ٢٩٣ ) و ( ج ١٥؛ ٢٠ - ٢٥، ٢٩ ) ومغازي الواقديّ ( ج ١؛ ٩٢، ٢٢٥، ٢٢٦، ٢٣٧، ٢٤٠، ٢٥٨، ٢٥٩، ٢٧٧ - ٢٨٠، ٢٩٣، ٢٩٥، ٣١٠، ٣٢١ ) و ( ج ٢؛ ٢٧٠، ٤٧٠، ٦٠٧، ٦٠٩، ٦٥٣، ٦٥٧ ) و ( ج ٣؛ ٨٨٩، ٨٩٠، ٩٠٤، ٩٣٦ ) والامتاع للمقريزيّ (١٣٢) والإرشاد ( ٤٢، ٤٥، ٥٥، ٦٦، ٧٤، ٧٦ ) وتاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ١١٩، ١٥٥ - ١٥٨، ٢٢٠، ٢٦٢ ) وتاريخ الطبريّ ( ٣؛ ١٨، ٢٠، ٩٣، ٩٤ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٣؛ ٧٨، ٨٦، ٣٤٩ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٢؛ ٣٧ ) و ( ج ٣؛ ٣٧، ٧٣، ١١٢ ) وكنز العمال ( ج ٣؛ ٧٠، ٢٩٤ ) و ( ج ٥؛ ٣٠٤ ) كتاب الغزوات ( ج ٦؛ ٣٩٤ ) والدرّ المنثور ( ج ٢؛ ٨٩، ٩٠ ) و ( ج ٣؛ ٢٢٤ ) وأنساب الأشراف ( ١، ٣٢٦ ) وسيرة ابن إسحاق ( ٣٣٠، ٣٣٢ ) والسيرة الحلبية ( ج ٣؛ ١٢٣ ) وتذكرة الخواص ( ٢٥، ٣٨ ) وتفسير النيسابوريّ ( ج ٤؛ ١١٢، ١١٣ ) وروح المعاني ( ج ٤؛ ٩٩ ) وتفسير مفاتيح الغيب ( ج ٩؛ ٥٢ ) والفصول المهمّة ( ٥٧، ٥٨، ٦٠، ٦١ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٢٠ ) وكشف اليقين ( ١٢٨، ١٤٠، ١٤٣، ١٤٤ ) وخصائص الوحي المبين ( ١٨٨، ١٩٠، ١٩١ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٩٩ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٠، ١٠١ ) و ( ج ٢؛ ١، ٢ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٢٤ ) ومناقب الخوارزمي ( ١٠٣، ١٠٤ ) والبداية والنهاية ( ج ٤؛ ٢١١ - ٢١٣، ٣٧٦ ) ودلائل البيهقي ( ٤؛ ٢١٠ - ٢١٢ ) ومناقب بن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢١٠، ٢١١ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ١٧ ) والتبيان ( ٥؛ ١٩٧، ١٩٨ ) وتجارب الأمم ( ج ١؛ ١٥٥ ) والاستيعاب ( ج ٢؛ ٨١٢، ٨١٣ ) وصحيح البخاريّ ( ج ٣؛ ٦٧ ).

يا خديجة هذا عليّ مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي

ويدلّ على إيمان أمّ المؤمنين خديجة بولاية أمير المؤمنين، ومبايعتها إياه على ذلك، والتسليم له، حديث المعراج؛ فإنّ فيه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يسأل من أرسل قبله من الأنبياء على ما بعثوا؟ فسألهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا بأنّهم بعثوا وأرسلوا على الشهادة بالتوحيد والإقرار بنبوّة وولاية رسول الله، وولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بحديث المعراج الناس، فكذّبته قريش وعتاتها، وصدّقه المؤمنون وعلى رأسهم خديجة

٢٣٣

بلا خلاف بين المسلمين، ولذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس » كما في مسند أحمد بن حنبل ( ج ٦؛ ١١٧ ) فتكون من المؤمنات بولاية عليّعليه‌السلام ، ومبايعة للنبي على ولاية أمير المؤمنين.

ففي المحتضر (١٢٥) عن ابن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث الإسراء: فإذا ملك قد أتاني، فقال: يا محمّد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت:

معشر الرّسل والنبيّين، على ما بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمّد وولاية عليّ بن أبي طالب.

وفي شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٢٢٢، ٢٢٣ ) بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبد الله، أتاني الملك، فقال: يا محمّد، واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب.

انظر كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣١٢ ) وروضة الواعظين (٥٩) وكنز جامع الفوائد ( ٥٤، ٥٥ ) ونهج الحقّ وكشف الصدق (١٨٣) ومقتضب الأثر ( ٣٧ - ٤٣ ) وكنز الفوائد ( ٢٥٦ - ٢٥٨ ) وإرشاد القلوب (٢١٠) وتفسير فرات ( ١٨١، ١٨٢ ) عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، وخصائص الوحي المبين (١٥٣) والبرهان ( ج ٤؛ ١٤٧، ١٤٨ ) وبحار الأنوار ( ج ٣٦؛ ١٥٤، ١٥٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٢٢١ - ٢٢ ) وفرائد السمطين ( ج ١، ٨١ ) وذخائر العقبى (٦٩) وكفاية الطالب (٧٥) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٤، ١٥٦ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٠٨ ) وتفسير النيسابوري ( ج ٣؛ ٣٢٨ ) وشواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٢٢٢ - ٢٢٥ ) وانظر تخريجاته في هامش شواهد التنزيل.

هذا، بالإضافة إلى عموم الأدلّة الدالّة على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صدع بولاية أمير المؤمنين من بدء البعثة، عند بيعة الدار وبعدها، وما من موقف وقفه النبي إلاّ وأخذ الولاية لنفسه ولأخيه - كما سيأتي - فلا يبقى أدنى شك ولا شبهة في أنّ أمّ المؤمنين خديجة كانت من المبايعات لعليعليه‌السلام والمقرّات بإمامته وولايته.

٢٣٤

الطرفة الثانية

ذكر هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ١٨؛ ١٧٩ ) فإنّه بعد أن روى ما في العلل قال: « أقول ورواه السيّد في الطّرف بإسناده عن الأعمش مثله ».

وانظر مضمون هذه الطّرفة في علل الشرائع ( ١٧٠ / الباب ١٣٣ - الحديث ٢ ) والصراط المستقيم ( ج ١؛ ٣٢٥ ) حيث قال: « ذكر ذلك الفرّاء في معالمه والثعلبي بإسناده في تفسيره، وغيره من طرق كثيرة »، وسعد السعود ( ١٠٥، ١٠٦ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٥، ٨٦ ) وشرح الأخبار ( ج ١؛ ١٠٧ ) وأمالي الطوسي ( ٥٨١ - ٥٨٣ / المجلس ٢٤ - الحديث ١١ ) وتاريخ الطبريّ ( ج ٢؛ ٢١٧ ) وتفسير فرات ( ٣٠٠، ٣٠١ ) ومجمع البيان ( ج ٤؛ ٢٠٦ ) وشواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٤٢ - ٥٤٧ ) والمناقب لابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤، ٢٥ ) وكشف اليقين (٤٠) ونظم درر السمطين ( ٨٢، ٨٣ ) وكفاية الطالب ( ٢٠٥، ٢٠٦ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٠٤، ١٠٥ ) وشرح النهج ( ج ١٣؛ ٢١٠ ) وتقريب المعارف (١٩٣) وتهذيب الآثار (٦٠) وإثبات الوصيّة ( ٩٩، ١٠٠ ) وطبقات ابن سعد ( ج ١؛ ١٨٧ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ٢؛ ١١٦ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ١١١ ) وسليم بن قيس (٢٠٠) والدرّ المنثور ( ج ٥؛ ٩٧ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٢٤ ) والسيرة الحلبيّة ( ج ١؛ ٤٦٠ ) وأسنى المطالب ( ١٢ / الباب الثالث ) وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٩٧ - ٩٩ ) رواه؛ بسبعة طرق، ومروج الذهب ( ج ٢؛ ٢٨٣ ) والكامل لابن الأثير ( ج ٢؛ ٦٢ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٢٥ ) وأخرجه ابن البطريق في خصائص الوحي المبين ( ٩٤ - ٩٨ ) عن الحافظ أبي نعيم ومناقب أحمد

٢٣٥

وتفسير الثعلبي عن كلّ منهم بعدّة أسانيد. وهناك مصادر أخرى كثيرة ذكرت هذا الحدث التأريخي العظيم، انظر الغدير ( ج ٢؛ ٢٧٩ - ٢٨١ ) وقادتنا ( ج ١؛ ٧٨ - ٨٦ ) والملل والنحل ( ج ١؛ ١٤٤ ). وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤٢ ) « بيعة العشيرة كانت بعد مبعثه بثلاث سنين كما ذكره الطبريّ في تاريخه، والخركوشي في تفسيره ومحمّد بن إسحاق في كتابه ».

٢٣٦

الطّرفة الثالثة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٢٧٨، ٢٧٩ ) و ( ج ٦٥؛ ٣٩٥ ) ونقلها باختصار العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٨٨ ).

هذه الطّرفة من مختصات الكتاب، لكن تدلّ عليها قرائن وأدلّة كثيرة، فأمّا الزهراءعليها‌السلام فقد قضت عمرها تدافع عن ولاية عليّعليه‌السلام وأحقّيّته في الخلافة، ويكفيك خطبتها الّتي خطبتها بعد غصب الأوّل فدكا منها، وفيها عيون البلاغة والفصاحة في المطالبة بحقّ عليّعليه‌السلام وإمامته وخلافته، وهذا من المسلّمات والثوابت التاريخيّة بلا نزاع بين المسلمين.

وأمّا حمزة أسد الله وأسد رسوله، فيدل على مبايعته للإمام عليّعليه‌السلام عمومات أدلّة الإمامة والولاية، وكلّ ما دلّ على بيعة خديجة ممّا تقدّم، ويزيد على ذلك هنا النصوص الصريحة في ولايته هو وجعفر لعليعليه‌السلام ، وتصريحات عليّعليه‌السلام بذلك وأنّهما لو كانا حيّين لما غصب الخلافة.

ويزيد الأمر تأكيدا التصريح بوجود أعمام النبي في بيعة العشيرة السالفة، ونصّ على وجود حمزة فيهم، ولم ينكر دعوة النبي وولاية عليّعليه‌السلام إلاّ أبو لهب. ففي تفسير فرات ( ٢٩٩ - ٣٠١ ) قال: فيهم أعمامه العبّاس وحمزة وأبو طالب، وأبو لهب الكافر، وهذا يدلّ على مبايعتهم عليّاعليه‌السلام وأنّ أبا لهب الكافر امتنع من ذلك.

هذا مع أنّ حمزة وجعفرا كانا أوّل المسلمين بعد عليّ، قال المسعوديّ في إثبات الوصيّة:

٢٣٧

١٠٠ ثمّ آمن من بعد أمير المؤمنين قوم من عشيرته أوّلهم جعفر وحمزة.

وأمّا الروايات في مبايعتهم لعليعليه‌السلام ، ففي الكافي ( ج ١؛ ٤٢٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٩٦ ) عن الصادقعليه‌السلام - في قوله تعالى( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) (١) - قال: ذاك حمزة وجعفر هدوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام . وانظر اليقين (٤١٣) وتفسير فرات ( ٣٤٠ / الحديث ٤٦٥ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٣٣ ).

وأمّا الروايات الدالّة على أنّ حمزة وجعفر من النجباء ومن المخلصين وأنّهم مع الخمسة أصحاب الكساء فكثيرة جدّا، منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة، أنا وعليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين. انظر هذا النصّ وما يؤدي معنى انتجابهم في تذكرة الخواص (٤٨) وتاريخ بغداد ( ج ٩؛ ٤٣٤ ) وذخائر العقبى ( ١٥، ٨٩ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٨٢ ) وشرح النهج ( ج ٧؛ ٦٤ ) والخصال (٤١٢)، وأمالي الصدوق (١٧٢)، وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦٩ ) وتفسير القمي ( ج ٢؛ ١٢٦ ) والكافي ( ج ١؛ ٤٥٠ ) وروضة الواعظين (٢٦٩) ودلائل الإمامة (٢٥٦) وبصائر الدرجات (١٤١) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ ) والمسترشد (٦١١) ومناقب ابن المغازلي (٤٨) ومناقب الخوارزمي (٢١٢).

وفي الكافي ( ج ٨؛ ١٨٩، ١٩٠ ) عن سدير الصيرفي، قال: كنا عند أبي جعفر فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيّهم واستذلالهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال رجل من القوم: أصلحك الله فأين كان عزّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر: ومن كان بقي من بني هاشم؟! إنّما كان جعفر وحمزة فمضيا أما والله لو أنّ حمزة وجعفر كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما.

وفي شرح النهج ( ج ١١؛ ١١١ ) وكان عليّعليه‌السلام يستصرخ تارة بقبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتارة بعمّه حمزة وأخيه جعفر - وهما ميّتان - وعقد ابن أبي الحديد في هذا الشرح

__________________

(١) الحجّ؛ ٢٤

٢٣٨

( ج ١١؛ ١١٥ - ١٢٠ ) فصلا في أنّ جعفرا وحمزة لو كانا حيّين لبايعا عليّا بالخلافة بعد النبي. وانظر التصريح بذلك في المسترشد: ٤١٧، وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٥٨، ٥٩ ).

والذي يؤكّد هذا هو تجديد البيعة لعليعليه‌السلام على حمزة قبل شهادتهرحمه‌الله لأنّه مسئول عن ولاية عليّعليه‌السلام ، ومثله في هذا مثل فاطمة بنت أسد أمّ الإمام عليّعليه‌السلام ، حين لقّنها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولاية عليّ وإمامته. انظر في ذلك الكافي ( ج ١؛ ٤٥٣، ٤٥٤ ) وبشارة المصطفى ( ٢٤١، ٢٤٢ ) وروضة الواعظين ( ج ١؛ ١٤٢ ) وأمالي الصدوق (٢٥٩).

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خلا دعا عليّاعليه‌السلام فأخبره من يفي منهم ومن لا يفي

أمالي الصدوق (٣١١) عن الصادق، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: بلغ أمّ سلمة فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والله ما رددتك من موجدة، وإنّك لعلى خير من الله ورسوله، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعليّ عن يساري وجبرئيل يخبرني بالأحداث التي تكون من بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليّا وهو في بشارة المصطفى ( ٥٨، ٥٩ ).

وفي تذكرة الخواص (١٠٩) قال: ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام ما يلقى من بعده، قال: فبكى عليّ.

وفي شرح النهج ( ج ٢؛ ٢٨٨ ) قال عليّعليه‌السلام : إنّ خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بالمتمرّدين عليّ من الرجال والمتمرّدات من النساء إلى أن تقوم الساعة. وانظر الفتوح ( ج ١؛ ٤٨٣ ) وقول عليّعليه‌السلام : وقد أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكلّ متمرّد عليّ.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٦١ ) عن مروان، عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) (١) ، قال: نحن والله أولو النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى « أولي النّهى »؟ قال: ما أخبر الله به رسوله ممّا يكون بعده من ادّعاء فلان الخلافة والقيام بها،

__________________

(١) طه؛ ١٢٨

٢٣٩

والآخر من بعده، والثالث من بعدهما وبني أميّة، فأخبر رسول الله، وكان كما أخبر الله به نبيّه، وكما أخبر رسول الله عليّا، وكما انتهى إلينا من عليّعليه‌السلام فيما يكون من بعده من الملك في بني أميّة وغيرهم. ومثله في بصائر الدرجات: ٥٣٨.

وفي الخصال ( ٥٧٢ - ٥٨٠ ) فيه ذكر فضائل لعليعليه‌السلام ، وفيها قولهعليه‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثني ودعا لي بدعوات وأطلعني على ما يجري بعده، فحزن لذلك بعض أصحابه، وقالوا: لو قدر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجعل ابن عمّه نبيّا لجعله، فشرّفني الله بالاطّلاع على ذلك على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي كتاب سليم بن قيس: ١١٩ قال عليّعليه‌السلام لعبد الله بن عمر: فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بكلّ ما قال [ أي عمر ] لك وقلت له، قال ابن عمر: ومتى أخبرك؟ قالعليه‌السلام : أخبرني في حياته ...

وعن كتاب سليم بن قيس: ١٩٢ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال في حديث: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبرني أنّه رأى على منبره اثني عشر رجلا أئمّة ضلال من قريش، يصعدون على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وينزلون على صورة القردة، يردّون أمّته على أدبارهم عن الصراط المستقيم، اللهم قد أخبرني بأسمائهم رجلا رجلا وكم يملك كلّ واحد منهم ...

هذا، ويدلّ عليه ما سيأتي من أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله علّم عليّاعليه‌السلام كلّ ما علمه هوصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافا إلى ما ورد من أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دفع إلى عليّعليه‌السلام صحيفتين في إحداهما أسماء أهل الجنّة أصحاب اليمين، وفي الأخرى أسماء أصحاب النار أصحاب الشمال. وحسبك في ذلك ما في بصائر الدرجات ( ٢١٠ - ٢١٢ ) وفيه ستة أحاديث، وانظر كتاب اليقين (٤٥٢) ونقل ابن شهرآشوب في المناقب ( ج ١؛ ٢٥٣ ) في صفات الأئمّة عن أخبار الإماميّة: « ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة ».

هذا، مضافا إلى ما ورد من أنّهمعليهم‌السلام يعرفون الرجل إذا رأوه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق. انظر بصائر الدرجات (٣٠٨) وفيه ستّة أحاديث في ذلك.

وقد نزل الأمر بكتمان ذلك السرّ من الله سبحانه وتعالى، ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٨٠ )

٢٤٠

(عليه السلام) مقتدياً به.

ولا يخفى أنَّ حديث أُمِّ شريك مرويٌ في أغلب الصحاح الستَّة، ومن جملتها سُنن ابن ماجة القزويني، فإنَّه أخرج الحديث في ج٢، ص٢٦٧، طبعة مصر، سنة().

وقد أخرجه السيوطي في العرف الوردي، ج٢، ص٦٤ نقلاً عن أبي نعيم، وفيه تصريح باسم الإمام (عليه السلام)؛ حيث يقول:

(ويقول أميرهم المهدي: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إنَّ بعضكم على بعض أُمراء، تكْرِمةٌ من الله لهذه الأُمَّة).

وقد تقدَّم أنَّ هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، مع اختلاف في بعض ألفاظه.

٣٨- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج١، ص٥٣ باب (١٨٢)، أخرج حديثاًَ مفصَّلاً، وفي آخره قال:

(... وفتح القسطنطينيَّة على يديه، ثمَّ يسير إلى روميَّة فيفتحها، ويستخرج كنوزها، ومائدةَ سُليمان بن داود، ثمَّ يرجِعُ إلى بيت المقدس فينزِلها، ويخرُج الدجَّال في زمانه، وينزِلُ عيسى بن مريم [ من السماء ] فيصلِّي خلفه [ أي: خلف الإمام المهدي (عليه السلام) ]) .

المؤلِّف:

إنَّ الإمام المهدي (عليه السلام) بعد أنْ يُقاتل - ثلاثة أيَّام - الروم، ويُقتلُ منهم جمعٌ كثير، في اليوم الثالث يفتح القسطنطينيَّة ويأخذ غنائمها.

وقد أخرجنا الحديث بتفصيله في أحاديث مدَّة إمامته (عليه السلام) في رقم (٥٨)، وذكرنا من الحديث ما يُناسب الباب، وقد ذَكَر ما بيَّنَّاه في العرف الوردي، ج٢، ص٦٧ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يخلينَّ الروم على والٍ من عترتي، اسمه يواطئ اسمي، فيقتتلون بمكان يقال له: العماق). وقد تقدَّم الحديث.

٣٩- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج١، ص٥٤، الطبعة الأُولى، باب (١٨٦) من فتن نعيم، أخرج بسنده عن أبي أُمامة الباهلي، قال: ذكر

٢٤١

رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) الدجَّال، فقالت أُمُّ شريك: فأين المسلين يومئذٍ يا رسول الله؟ قال:

(ببيت المقدس، يخرُجُ حتَّى يُحاصِرهُم، وإمامـُ المسلمين يومئذٍ رجلٌ صالحٌ، فيُقال [ له ]: صلِّ الصُّبح، فإذا كبَّر ودخل فيها [ أي: صلاة الصبح ] نزل عيسى بن مريم، فإذا (رحمه الله) ذلك الرجل [ الصالح المصلِّي ] عرفه؛ فرَجَع يمشي القهقرى [ في صلاته ] فيتقدَّم [ عيسى ] فيضَع يده بين كتفيه، ثمَّ يقول: صلِّ، فإنَّما أُقيمت لك، فيصلِّي عيسى ورائه...).

المؤلِّف:

الحديث كان فيه تشويش أصلحناه، ولا يخفى أنَّ حديث أُمِّ شريك تقدَّم في الأحاديث السابقة، وليس فيه ما في هذا الحديث؛ ولذلك أخرجناه.

٤٠- وفي الحاوي للفتاوي، ج٢، ص١٦٧، قال: وروى أبو داود، وابن حبَّان، بسنديهما عن أبي أُمامة الباهلي [ أنَّه قال ]:

خطبنا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فحدَّثنا عن الدجَّال، فذكر الحديث، وذكر ما يفعله الدجَّال - إلى أن يقول -:

(وإمامهم [ أي: إمام المسلمين ] رجلٌ صالحٌ، فبينما إمامهم قد تقدَّم يُصلِّي بهم الصبُّح، إذ نزَلَ عليهم عيسى بن مريم [ من السماء ] [ والإمام (عليه السلام) ] في صلاة الصبُّح، فرَجَع (فيرجع) ذلك الإمام يمشي القهقرى؛ ليتقدَّم عيسى يُصلِّي [ بهم وهو إمام ] فيَضعُ عيسى (عليه السلام) يده بين كتفيه، ثمَّ يقول له: تقدَّم فصلِّ فإنَّها لك أُقيمت، فيصلِّي بهم إمامـُهم [ أي: بالمسلمين وبعيسى (عليه السلام) ] فإذا انصرف [ الإمام ] قال عيسى (عليه السلام) [ لمـَن في بيت المقدس ]: أقيموا الباب، فيفتح، ووراءه الدجَّال ). الحديث.

٤١- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج١، ص٥٧، باب (١٩٦)، أخرج بسنده عن عبد الله بن عمرو، قال:

(المهدي: الذي ينزِلُ عليه عيسى ابن مريم [ من السماء ] ويصلِّي خلفه).

المؤلِّف:

في كتاب الحاوي للفتاوي، ج٢، ص١٦٧، قال: رأيت

٢٤٢

في مصنف ابن أبي شيبة [ قال ]: حدَّثنا أبو أُسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، أنَّه قال:

(المهدي من هذه الأُمَّة هو الذي يؤمُّ عيسى بن مريم [ في الصلاة ]).

المؤلِّف:

في العرف الوردي، روى هذا المعنى بسنده عن أبي سعيد، عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهذا نصُّه:

٤٢- وفي العرف الوردي، ج٢، ص٦٤، قال: أخرج أبو نعيم عن أبي سعيد [ أنَّه ] قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(منَّا الذي يُصلِّي عيسى بن مريم خلفه).

المؤلِّف:

تقدَّم في الأحاديث التي ذُكر فيها أنَّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: (منِّي - أو منَّا - المهدي)، في الباب (٢)، في رقم (٣٢)، نقلاً من كنز العمَّال، ج٧، ص١٨٧. وقد أخرج فيه نقلاً من كتاب المهدي لأبي نعيم، عن أبي سعيد، قال: قال (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(منِّا الذي يُصلِّي عيسى بن مريم خلفه).

وذكرنا في رقم (٨) أيضاً نقلاً من ينابيع المودَّة، ونقله الشيخ سليمان من الأربعين حديث لنعيم بن حمَّاد، أنَّه روى عن أبي سعيد ما أخرجه في العرف الوردي، ولفظُه يساوي لفظَه، وذكر في رقم (٨) أيضاً أنَّ الشيخ عبيد الله الآمر تسري الحنفي أخرج حديث أبي سعيد في أرجح المطالب، ص٣٧٨، نقلاً من حِلْيَة الأولياء لأبي نعيم وذكرنا أنَّ جلال الدين في (العرف الوردي، ج٢، ص٧٨)، أخرج حديث عبد الله بن عمرو الذي نقلاه من الملاحم والفتن لابن طاووس، ولفظُه يساوي لفظَه.

وذكرنا أنَّ الشيخ يوسف الشافعي أخرج في عقد الدُّرر في الحديث (٢٨)، من الباب (١)، حديث أبي سعيد الخدري، ولفظُه ولفظ العرف الوردي سواء.

وأخرج الحديث في عقد الدُّرر في الحديث (٢٢٣)، من الباب (٧) أيضاً، ولفظُه يساوي لفظَه في الباب (١)، وقال: أخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام)، وفي عقد الدُّرر، الحديث (٣١١)، من الباب (١٠)، أخرج ما أخرجه السيِّد في الملاحم والفتن، ولفظه يساوي لفظ السيِّد سنداً ومتناً، وقال: أخرجه

٢٤٣

أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في كتاب الفتن.

وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص٧٠١ و٧٠٤ حديث عبد الله بن عمرو، وحديث أبي سعيد، ولفظهما يساوي ما في الملاحم والفتن للسيِّد، وما في العرف الوردي للسيوطي الشافعي.

٤٣- وفي عقد الدُّرر، الحديث (٣١٠)، من الباب (١٠)، قال: وعن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يلتفِتُ المهدي، وقد نزَلَ عيسى بن مريم [ من السماء ] كأنَّما يَقطُرُ من شعرِه الماء، فيقول المهدي [ له ]: تقدَّم وصلِّ بالنَّاس، فيقول عيسى بن مريم: إنَّما أُقيمت الصلاة لك، فيصلِّي عيسى خلف رجلٍ من وُلدي، فإذا صُلِّيت [ الصلاة ]؛ قام عيسى حتَّى جلسَ في المقام [ بمكَّة ] فيُبايعَه [ النَّاس ]) . الحديث، وله تتمَّة.

أخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب مناقب الإمام المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف له مصادر عديدة، تقدَّمت في الباب في رقم (٨)، ورقم (٤٣)، ولفظ الجميع خالٍ عن قوله: (فإذا صُلِّيَت قام عيسى فجلس في المقام فيُبايعَه [ النَّاس ]) ؛ ولذلك أخرجناه في هذا الرقم.

*تحقيق:

لسبط ابن الجوزي شمس الدين قزعلي في كتابه (تذكرة خواصِّ الأُمَّة)، ص٣٧٦، طبع النجف الأشرف، سنة ١٣٦٩ هـ، قال: قال السدِّي: يجتمع المهدي وعيسى بن مريم، فيجيء وقت الصلاة، فيقول المهدي لعيسى: تقدَّم، فيقول عيسى: أنت أولى بالصلاة، فيصلِّي عيسى ورائه مأموماً.

ثمَّ قال سبط ابن الجوزي قزعلي: قلت: فلو صلَّى المهدي خلف عيسى لم يَجُزْ لوجهين:

أحدهما : لأنَّه يخرج عن الإمامة بصلاته مأموماً فيصير تبع.

والثاني : لأنَّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال: (لا نبي بعدي). وقد نسَخَت شريعته جميع الشرائع، فلو صلَّى عيسى بالمهدي لتدنَّس وجْهُ (لا نبي بعدي) بغبارِ الشُّبهة.

ثمَّ قال: وعامَّة الإماميَّة على أنَّ الخلف الحجَّة (عليه السلام) موجود، وأنَّه

٢٤٤

حيٌّ يُرزق، ويحتجُّون على حياته بأدلَّة منها: أنَّ جماعةً طالت أعمارهم [ في الدنيا ] كالخضر، وإلياس، فإنَّه لا يُدرى كم لهما من السنين.

المؤلِّف:

مدَّة عُمـُرِهما إلى اليوم معلوم، وأنَّهما يجتمعان كلَّ سنةٍ، فيأخذ هذا من شعر هذا، وهذا من شعر هذا، [ قالوا ]: وفي التوراة أنَّ ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة، والمسلمون يقولون: ألفاً وخمسمئة سنة، وقال محمَّد بن إسحاق: عاش عوج بن عناق ثلاثة آلاف سنة، وكذلك طهمورث، وأمَّا من الأنبياء (عليهم السلام) فخلق كثير.

* منهم: بلغوا الألف، وزادوا عليها كآدم، ونوح، وشيث، ونحوهم، وعاش قينان تسعمئة سنة، وعاش مهلائيل، ثمانمئة سنة، وعاش نفيل بن عبد الله سبعمئة سنة، وعاش سطيح الكاهن - واسمه ربيعة بن عمرو - ستمئة سنة، وعاش عامر بن الضرب خمسمئة سنة وكان حاكم العرب، وكذا تيم الله بن ثعلبة، وكذا سام بن نوح، وعاش الحرث بن مضاض الجرهمي أربعمئة سنة، وكذلك أرفخشد، وعاش قس بن ساعدة ثلاثمئة سنة، وعاش سلمان الفارسي مئتين وخمسين سنة، وقيل ثلاثمئة سنة... إلخ، وقيل أزيد.

المؤلِّف:

إن شاء الله تعالى نذكر في خاتمة هذا الكتاب أسماء المعمِّرين عند أهل السنَّة والأماميِّة وغيرهم.

٤٤- وفي كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، ص٣٢٢، باب (٩)، أخرج بسنده عن سهل بن سُليمان، عن أبي هارون العبدي، قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شهدت بدراً؟ فقال: نعم، فقلت: إلاَّ تحدِّثني بشيءٍ ممَّا سمعته من رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) في عليٍّ وفضله، فقال: بلى، أُخبرك أنَّ رسول الله مـَرِضَ مـَرْضةً نَقِه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده، وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فلمَّا رأت ما

٢٤٥

برسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) من الضعف خنقتها العبرة، حتَّى بدت دموعها على خدِّها، فقال لها رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(ما يُبكيكِ يا فاطمة؟... أما علمتِ أنَّ الله تعالى اطَّلعَ إلى الأرض اطَّلاعة، فاختار منها أباك فبعثه نبيَّاً، ثمَّ اطَّلعَ ثانيةٍ فاختار بَعلِكَ... إيَّاك زوَّجك أعلمهم علماً، وأكثرهم حلماً، وأقدمهم سلماً، فضحكت واستبشرت، فأراد رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) أن يزيدها مزيدَ الخيرِ كلِّه، الذي قسمه الله لمحمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فقال لها: يا فاطمة: ولعلي ثمانية أضراس - يعني: مناقب - إيمان بالله ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، يا فاطمة: إنَّا أهل بيتٍ أُعطينا ستَّ خصال لم يُعَطها أحدٌ من الأوَّلين، ولا يُدركها أحدٌ من الآخرين غيرنا أهل البيت، نبيُّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمُّ أبيك، ومنَّا سبطا هذه الأُمَّة وهما ابناكِ، ومنَّا مهديُّ الأُمَّة، الذي يُصلِّي عيسى خلفه، ثمَّ ضربَ على مـَنكبِ الحسين فقال: مِن هذا مهدي الأُمَّة).

٢٤٦

البَابُ الثَّلاثون

١- في عقد الدُّرر، الحديث (٩٨)، من الباب (٤)، أخرج بسنده عن سلمة بن زفر، قال: قيل يوماً عند حذيفة: قد خرج؟ قال:

(لقد أفلحتم إنْ خرج وأصحابُ محمَّد بينكم، إنَّه لا يخرُج حتَّى لا يكون غائبٌ أحبَّ إلى النَّاس منه؛ ممَّا يَلْقون من الشرِّ).

أخرجه أبو عمرو المـُقري في سُننه.

٢- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠١)، من الباب (٤)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال:

(لا يخرُج المهدي حتَّى يُقتلَ ثُلث، ويموتَ ثُلث، ويَبقى ثُلث).

أخرجه أبو عمرو عثمان بن سعيد المـُقري في سُننه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر (١) في الحديث (٩١)، بسنده عن كعب الأحبار قال:

(تكون ناحية الفرات في ناحية الشام، أو بعدها بقليل، مجتمعٌ عظيمٌ، فيقتتلون على الأموال، فيُقتل من كلِّ تسعةٍ سبعة، وذاك بعد الهِدَة والواهية في شهر رمضان، وبعد افتراق ثلاثِ راياتٍ، يطلُب كلَّ واحدٍ منهم المـُلْك لنفسه، فيهم رجلٌ اسمه عبد الله).

أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في كتاب الفتن.

٣- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠٣)، من الباب (٤)، أخرج

____________________

(١) لم نجد تخريجاً لهذا الحديث في عقد الدُّرر؟ وقد أخرجه نعيم بن حمَّاد في الفتن ج١ / ص٢٠٧ / تحقيق: الدكتور سهيل زكار / الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان / سنة الطبع: ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م.

٢٤٧

بسنده عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) قال:

(لا يكون الأمر الذي ينتظرون - يعني ظهور المهدي (عليه السلام) - حتَّى يتبرَّأ بعضكم من بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعنَ بعضُكم بعضاً، [ قال ]: فقلتُ: ما في ذلك الزَّمانُ من خيرٍ؟ فقال (عليه السلام): الخيرُ كلُّه في ذلك الزمان؛ يخرُج المهدي، فيرفَع ذلك كلِّه).

٤- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠٤)، أخرج بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) [ أنَّه قال ]:

(لا يظهرُ المهدي إلاَّ على خوفٍ شديدٍ من النَّاس وزلزال، وفتنةٍ وبلاءٍ يصيب النَّاس، وطاعون قبل ذلك، وسيفٍ قاطع بين العرب، واختلافٍ شديد في النَّاس، وتَشْتِتٍ في دينهم، وتغيُّرٍ في حالهم، حتَّى يتمنَّى المتمنِّي الموت صباحاً ومساءً؛ من عُظْمِ ما يرى من كَلَبِ النَّاس، وأكل بعضهم بعضاً، فخروجه (عليه السلام) إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن نرى فرجاً، فيا طوبى لمن أدركه، وكان من أنصاره، والويل كلُّ الويل لمن خالفه، وخالف أمره).

المؤلِّف:

ذكر ابن حجر الهيتمي الشافعي في القول المختصر، وقال:

الثامنة : يبعث [ المهدي (عليه السلام) ] على اختلاف وزلزال، وقال:

الثانية والعشرون : ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلاَّ جاش منها جانبان، حتَّى يُنادي منادٍ من السماء: إنَّ أميركم فلان - أي المهدي - وقال:

السادسة والثلاثون : يظهر (عليه السلام) عند انقطاع من الزمن، وظهور من الفتن، يكون عطاؤه هنيئاً.

٥- وفي عقد الدُّرر، الحديث ()، من الباب (٤)، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(لا تقومـُ السَّاعة حتَّى يخرُج المهدي من وُلدي، ولا يخرُج حتَّى يخرُج ستُّون كذَّاباً، كلُّهم يقول: أنا نبي).

٦- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠٦)، أخرج بسنده عن علي بن

٢٤٨

محمَّد الأزدي، عن أبيه عن جدِّه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، [قال]:

( [ إنَّ ] بين يدي المهدي موتٌ أحمرٌ، وموتٌ أبيض، وجرادٌ في حينه، وجرادٌ في غير حينه، كألوان الدم، فأمَّا الموتُ الأحمر فالسيف، وأمَّا الموتُ الأبيضُ فالطاعون).

٧- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠٧)، من الباب (٤)، أخرج بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(يظهرُ المهدي يومـَ عاشوراء - وهو اليوم الذي قُتِل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام) - [ قال ]: وكأنِّي به يومـَ السبتِ العاشرِ من المحرَّم، قائمٌ بين الرُّكن والمقام، وجبرئيلُ عن يمينه، وميكائيلُ عن يساره، وتَصيِر إليه شيعتُه من أطرافِ الأرض، تُطوى لهم طيَّاً، حتَّى يُبايعوه، فيملأ الأرض عدلاً كما مـُلئت ظلماً وجوراً).

المؤلِّف:

يأتي في الباب السادس والعشرون أحاديث عديدة....، وهذا الحديث أظهر الأحاديث وأوضحها، والجميع تُثبت المطلوب.

٨- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٨)، من الباب (٤)، أخرج بسنده عن يزيد بن الخليل الأسدي، قال:

(كنت عند أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام)، فذكر آيتين تكونان قبل [ ظهور ] المهدي [ عليه السلام ] لم تكن مـُنْذُ أهبطَ الله تعالى آدم (عليه السلام)، وذلك أنَّ الشمس تنكسف في النِّصف من شهر رمضان، والقمر في آخره، فقال له رجلٌ: يا بن رسول الله: بل الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف؟! فقال أبو جعفر: أعلمـُ الذي تقول، إنَّهما آيتان لم يكونا مـُنْذُ هبطَ آدم (عليه السلام)).

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في العرف الوردي، ج٢، ص٦٦، وقال: أخرج الدارقطني في سُننه، عن محمَّد بن علي [ أنَّه قال ]:

(إنَّ لمهديِّنا آيتين لم تكونا مـُنْذُ خلق الله السّماوات والأرض، ينكَسِفُ القمرُ لأوَّل ليلة من رمضان، وتنكَسِفُ الشمسُ في النصف منه، ولم تكونا مـُنْذُ خلق الله

٢٤٩

السماوات والأرض).

وفي العرف الوردي أيضاً، ج٢، ص٨٢، قال: أخرج نعيم، عن شريك، قال:

(بلغني قبل خروج المهدي ينكسف القمر في شهر رمضان مرَّتين).

وفي إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار، ص١٣٥، قال: وفي الفتوحات لمحيي الدين: أنَّ ظهور المهدي (عليه السلام) بعد أنْ يخسف القمر في أوَّل ليلة شهر رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، فإنَّ مثل ذلك لم يوجد مـُنْذُ خلق الله السماوات والأرض.

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ في العرف الوردي وقع سهو في التعبير، فقال مكان الخسوف: الكسوف.

٩- وفي عقد الدُّرر، الحديث (١٠٩)، من الباب (٤)، أخرج بسنده عن عمَّار بن ياسر، قال:

(إذا قُتل النَّفس الزكيَّة وأخوه بمكَّة - يُقتل بمكَّة ضيعةً - نادى منادٍ من السماء: إنَّ أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرضَ حقاً وعدلاً).

أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

الأحاديث المرويَّة في قضيَّة قتل النَّفس الزكيَّة مختلفة من حيث السند واللفظ، وإليك بعض ألفاظه بحذف السند.

ففي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج١، ص٣٨، الطبعة الأُولى، عن عبد الله بن زرير، عن عمَّار بن ياسر قال:

(إذا قُتل النَّفس الزكيَّة وأخوه - يُقتل بمكَّة ضيعةً - يُنادي منادٍ من السماء: [ إنَّ ] أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلاً).

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج٢، ص٧٦ ولفظُه يساوي لفظَه.

وفي الملاحم والفتن، ج٣، ص١٣٣، الطبعة الأُولى، قال: الباب (٤٨)، فيما ذكره زكريا عن المهدي (عليه السلام)، وخروجه، قال:

حدَّثنا محمَّد بن يحيى، قال: حدَّثنا محمَّد بن عبيد الطنافسي، قال: حدَّثنا موسى الجُهني، عن عمرو

٢٥٠

بن قيس الماصر، قال: قلت لمجاهد: عندك في شأن المهدي شيء؟ فإنَّ هؤلاء الشيعة لا نصدُّقهم، قال: نعم عندي فيه شيءٌ مـُثبت، حدَّثني رجلٌ من أصحاب النَّبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(إنَّ المهدي [ عليه السلام ] لا يخرُج حتَّى تقتل النَّفس الزكيَّة، فإذا قُتلت النَّفس الزكيَّة غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فيأتي النَّاس المهدي [ وهو في الكعبة ] فيَزفُّونه كما تُزَفُّ العروس ليلة عُرسِها، فهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتُخرِج الأرض نباتها، وتُمطِر السماء مطرها).

المؤلِّف:

أخرج السيِّد الحديث في الملاحم والفتن، ج٢، ص٩٩ من فتن السليلي مع اختلاف في لفظه، وفيه زيادة، وإليك نصُّه بحذف السند قال: وعن مجاهد، عن رجل من أصحاب النبي (صلَّى الله عليه وآله)، قال:

(لا يخرُج المهدي حتَّى يُقتل النَّفس الزكيَّة، فإذا قُتلت النَّفس الزكيَّة غَضِب عليهم أهل السماء وأهل الأرض، فأتى النَّاس المهدي وزفُّوه إليه كما تُزفُّ العروس إلى زوجها ليلة عُرسِها، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتُمطِر السماء مطراً، تُخرِج الأرضُ نباتها، وتنعم أُمَّتي في ولايته نعمةً لم تَنْعَم بمثلها قطُّ).

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين السيوطي الشافعي الحديث في العرف الوردي، ج٢، ص٦٥، وفي لفظه اختلاف، وإليك نصُّ ألفاظه، قال: أخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد، قال: حدَّثني فلان - رجل من أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) -:

(أنَّ المهدي لا يَخرُج حتَّى تُقتل النَّفس الزكيَّة، فإذا قُتلت النَّفس الزكيَّة غَضِب عليهم مـَن في السماء ومـَن في الأرض، فأتى النَّاس المهدي فزَفُّوه كما تُزفُّ العروس إلى زوجها ليلةَ عُرسِها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتُخرِج الأرضُ نباتها، وتُمطِر السماء مـَطَرها، وتنعم أُمَّتي [ في ] ولايته نعمةً لم تَنْعَمها قطُّ).

المؤلِّف:

بالتأمُّل في اللفظين تَعرِف الفرق، وتعرف الزيادة والنقصان في الحديثين.

٢٥١

المؤلِّف:

ومن الممكن أنَّ مجاهد هذا لم يذكر اسم الراوي تقيَّة، وكان الراوي ممَّن يُخالف أهل عصره فقال: حدَّثني فلان - رجل من أصحاب النبي - فإنَّ الرجل من أصحاب النبي - الذي روى حديث النَّفس الزكيَّة منه - هو عمَّار بن ياسر (عليه الرحمة)، أو غيره.

١٠- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، باب (٦٧)، ص٢٤، أخرج بسنده عن شهر بن حوشب قال: بلغني أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) قال:

(يكون في رمضانَ صوتٌ، وفي شوالَ مهمهة، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجَّة يُنتهب الحاجُّ، وفي المحرَّم ينادي منادٍ من السماء: ألا إنَّ صفوة الله من خلقه فلان، فاسمعوا له وأطيعوا).

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف في الملاحم والفتن وغيره رويَ بألفاظٍ مختلفة مختصرة ومفصَّلة، ففي الملاحم والفتن، ص٢٤، أخرج بسنده عن مكحول قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يظهرُ في السماء آية لليلتين تخلوان من شهر رمضان، وفي شوال المهمهة، وفي ذي القعدة المعمعة، وفي ذي الحجَّة يُنتهب الحاجُّ، وفي المحرَّم وما المحرَّم!). إلى هنا انتهى الحديث.

المؤلِّف:

إنَّ سبب التعجُّب من المحرَّم وقوع الفرج فيه، وفي ص ٢٤، باب (٦٥)، أخرج بسنده عن عبد الوهَّاب بن بخت [ قال ]: بلغني أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) قال:

(في رمضان آيةٌ في السماء كعمودٍ ساطعٍ، وفي شوال البلاء، وفي ذي القعدة المعمعة، وفي ذي الحجَّة يُنتهب الحاجُّ، والمحرَّم وما المحرَّم!). انتهى.

وفي ص٢٤، باب (٦٦)، أخرج بسنده عن أبي هريرة، عن النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) قال:

(تكون آيةٌ في رمضان، ثمَّ تظهرُ عِصابةٌ في شوال، ثمَّ تكون معمعة في ذي القعدة، ثمَّ يُسلب الحاجُّ في ذي الحجَّة، ثمَّ تُنتهك المحارم في المحرَّم، ثمَّ يكون الصوتُ في صفر، ثمَّ تنازُع القبائل في شهري ربيع، ثمَّ العجب كلَّ العجب بين جمادى ورجب، ثمَّ ناقةٌ مقتبةٌ خيرٌ من دسكرة تغلُّ مئة ألف).

٢٥٢

المؤلِّف:

أخرجنا الحديث في رقم (٢١)، ورقم (٢٤) من أحاديث النداء السماوي الذي يقع عند ظهور الإمام (عليه السلام) بألفاظ مختلفة مفصَّلة ومختصرة، راجع حتَّى تعرف ألفاظ الحديث وتفهم معناه، راجع باب (٢٣) من الكتاب.

وفي الملاحم والفتن، ص٢٦، باب (٧٥)، أخرج بسنده عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال:

(في رمضان هَدَّة تُوقِظُ النائم، وتُخرِج العواتق من خِدرِها، وفي شوال مهمهة، وفي ذي القعدة تمشي القبائلُ بعضها إلى بعض، وفي ذي الحجَّة تُهراق الدماء، وفي المحرَّم وما المحرَّم! يقولها ثلاثاً...).

المؤلِّف:

إنَّما أظهر التعجُّب من المحرَّم لأنَّ في المحرَّم فرج آل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كما في حديث رقم (١). وفي الفتن والملاحم، ص٢٦، باب (٧٦)، أخرج بسنده عن سعيد بن المسيَّب قال:

(تكون فِتنةٌ بالشام، كأنَّ أوَّلها لَعِبُ الصبيان، كلمَّا سكنت من جانب طُمَّت من جانب، فلا تتناهى حتَّى يُنادي منادٍ من السماء: ألا إنَّ الأمير فلان . [ أي: المهدي ]) .

المؤلِّف:

هذا بعض ألفاظ الحديث، وسيأتي في رقم (٢٢) بلفظ آخر، وفيه زيادة وتحريف، وأخرجنا حديثاً آخر في رقم (٩٢) أيضاً بلفظ آخر مفصَّل يتضمَّن ما في الحديثين.

١١- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، باب (٧٢)، ص٢٥، الطبعة الأُولى، أخرج بسنده عن شريك، قال:

(بلغني أنَّه تَنْكَسِفُ الشمس قَبل خُروج المهدي في شَهرِ رمضان مرَّتين).

المؤلِّف:

وهذا يخالف ما عليه العادة في الكسوف والخسوف.

١٢- وفي (القول المختصر) في الباب (٢)، أخرج بعض ما ذكره الصحابة عن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من الأُمور التي تقع قبل ظهوره، فعدَّ منها ما يّقرُب من أربعين قضيَّة، فقال ما هذا نصُّه:

٢٥٣

فيما جاء عن الصحابة - فيه - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

*الأُولى: (تكونُ فتنةٌ تَحصُد النَّاس حصداً، فلا تسبُّوا أهل الشام بل سبُّوا ظلمتهم؛ فإنَّ الأبدال منهم، وسيرُسل الله سيباً من السماء فيُفرِّقهم، حتَّى لو قاتلَتهُم الثعالب غلبتهم، ثمَّ يُبعث المهدي في اثني عشر ألفاً إنْ قلُّوا، أو خمسةَ عشرَ ألفاً إنْ كثروا، علامتهم [ إنَّهم يقولون ] : أمِتْ أمِتْ، على ثلاثِ راياتٍ، يُقاتلهم أهل سبعِ راياتٍ، ليس من صاحب رايةٍ إلاَّ وهو يطمع بالمـُلْكِ، ثمَّ يظهر المهدي، فيردُّ إلى المسلمين أُلفتهم ونعمتهم، فيكونون على ذلك حتَّى يخرُج الدجَّال). ثمَّ قال: وجاء أكثر هذا عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

المؤلِّف:

لا يُعرف المعنى من هذا الحديث للاختصار الذي عمله فيه ابن حجر الهيتمي، وإن أردت فهم الحديث ودرك معناه فعليك بمراجعة الأحاديث التي أخرجناها في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي من عترتي، أو من أهل بيتي)، من الباب (٣)، وهو الحديث رقم (١١٠)، ورقم (١١١)، ورقم (١١٢)، ورقم (١١٣) وغيرهنَّ. وفي القول المختصر قال:

* الثانية: لا يخرُج [ أي: المهدي (عليه السلام) ] حتَّى يُقتل النَّفس الزكيَّة، فإذا قُتل غَضِب عليهم مـَن في السماء ومـَن في الأرض، ثمَّ يأتي النَّاس المهدي فيزفُّونه كما تُزفُّ العروس إلى زوجها.

المؤلِّف:

أخرجنا حديث قتل النَّفس الزكيَّة في رقم (٩) من هذا الباب بألفاظ مختلفة، راجع حتَّى تعرف ما فعل ابن حجر وغيره في الأحاديث النبويَّة، قال ابن حجر:

* الثالثة: لا يخرُج [ المهدي (عليه السلام) ] حتَّى يكون قَبْلَه فتنةٌ يُستَحلُّ فيها المحارم كلُّها، ثمَّ تأتيه الخلافة وهو قاعد في بيته، وهو خير أهل الأرض.

* الرابعة: علامة خروجه [ أي: خروج المهدي (عليه السلام) ] أنْ يُخسف بالجيش بالبيداء.

المؤلِّف:

لا يخفى على أهل الحديث أنَّ الجيش الذي يُخسف به في البيداء هو جيش السفياني الذي أرسله إلى قتال الإمام وأصحابه (عليهم السلام)،

٢٥٤

فيَخسِف الله بهم جميعاً إلاَّ البشير والنذير، الأوَّل يُبشِّر الإمام (عليه السلام) بما وقع عليهم من البلاء، والثاني يُنذر السفياني بما وقع على جيشه ولا يُبالي، وإن شاء الله تعالى نذكر أخباره في آخر الكتاب في باب (٢٥)، نقلاً من كتب علماء أهل السنَّة والإماميَّة.

* الخامسة: [ من علامات ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ] [ جيشٌ ] يَخرُج من قِبَل المشرق [ يهيئ له سلطانه ] لو استقبل به [ بذلك الجيش ] الجبال لهدَّها واتَّخذها طُرُقاً. أشرنا إلى هذا الجيش في رقم (٢٨) من الباب (١)، راجع واغتنم.

المؤلِّف:

إنَّ لهذا الجيش تفصيل يُذكر إن شاء الله عند ذكر جيش السفياني واليماني والخُراساني وغيرهم، قال السيوطي في العرف الوردي، ج٢، ص٦٦: أخرج نعيم بن حمَّاد، وابن عساكر، وتمَّام في (فوائده)، عن عبد الله بن عمرو، قال:

(يخرُج رجلٌ من وُلد حسن، من قِبَل المشرق، لو استقبل به الجبال لهدَّها واتَّخذ فيها طُرُقاً).

وفيه أيضاً، ص٧٠، أخرج حديثاً آخر بمعناه ذكرناه في ما يقع قبل ظهوره (ع) وبعده. قال ابن حجر:

* السادسة: من مقدِّمات ظهوره (عليه السلام): أسعدُ النَّاس به أهل الكوفة.

المؤلِّف:

على ما يظهر من الأحاديث أنَّ أهل الكوفة يرون بلاءً شديداً من السفياني من القتل والأسر والنهب، وبعد ذلك كلِّه إذا ظهر الإمام المهدي (عليه السلام) يكونون أسعدَ النَّاس به (عليه السلام).

* السابعة: [من علامات ظهوره (عليه السلام) ] إذا انثال عليكم التُّرك، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال، ويُستخلف بعده رجلٌ ضعيف، فيُخلع بعد سنتين من بيعته، ويُخسف بغربي مسجد دمشق، وخروج ثلاثِ نفرٍ بالشام، وخروج أهل المغرب إلى مصر، وتلك أمارة السفياني.

المؤلِّف:

هذه القضايا التي ذُكرت في هذا الرقم وقع بعضها وبقي بعضها ولم تظهر بعد ولم تقع، ومن جملتها خروج السفياني، ولكلِّ قضيَّة

٢٥٥

حديث خاصٌّ نذكره إن شاء الله تعالى عند ذكر قضايا السفياني وغيره. قال ابن حجر:

* الثامنة: [ أي: ممَّا يقع قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ] إذا نادى منادٍ من السماء: أنَّ الحقَّ في آل محمَّد؛ فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه النَّاس، ويشربون حبَّه، ولا يكون لهم ذكر غيره.

المؤلِّف:

ورد في أحاديث آخر الزمان، وما يقع في آخر الزمان أحاديث عديدة، (منها) في ما يُنادى به من قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وسنذكرها إن شاء الله فيما يأتي مفصَّلاً.

ومن جملتها الحديث الذي يُنادى فيه: أنَّ الحقَّ في آل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). قال ابن حجر:

* التاسعة: [ أي: ممَّا يقع قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ] خروج الرايات السود، قال:

تخرُجُ راياتٌ سودٌ تُقاتل السفياني، فيهم شابٌّ من بني هاشم، في كفِّه اليسرى خالٌ، وعلى مقدِّمته شعيب بن صالح التميمي.

المؤلِّف:

أخرجنا بعض ما رويَ من الأحاديث النبويَّة في الرايات السود، ومن جملتها ما فيه بعض أحوال الشابِّ الهاشمي، راجع الرايات السود التي تخرج قبل خروج الإمام المهدي (عليه السلام) في باب (٢٤)، حتَّى تعرف قضيَّة الشابِّ وغيره. قال ابن حجر:

* العاشرة: يخرُج قَبله خيلُ السفياني في الكوفة، ويخرج أهل خُراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي براياتٍ سودٍ، على مقدِّمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو والسفياني في باب إصطخر، فيكون بينهم ملحمةٌ عظيمةٌ، فتَظهرُ الرايات السود، وتهرب خيل السفياني؛ فعند ذلك يتمنَّى النَّاس المهدي ويطلبونه.

المؤلِّف:

اختصار ابن حجر للأخبار والأحاديث سبَّب عدم وضوح القضايا، ولو راجعت ما جمعنا في باب (٢٤) من أحاديث الرايات السود - التي يَقْدِمـُها شعيب بن صالح، وما يفعله جيش شعيب بن صالح - عرفت ما ذكره في الأمر العاشر. قال ابن حجر:

* الحاديةَ عشرَ: من الأُمور التي تقع قبل ظهوره (عليه السلام): أنَّه يخرُج قَبلَه رجلٌ من أهل بيته

٢٥٦

بالمشرق، يحمل السيف على عاتقه ثمانية عشر شهراً، يقتل ويمثِّل، ويتوجَّه إلى بيت المقدس، فلا يبلغه حتَّى يموت.

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر في الحديث (١٧١)، بسنده عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال:

(يخرُج رجلٌ قَبْلَ المهدي من أهل بيته بالمشرق، يحمل السيف على عاتقه ثمانيةَ أشهرٍ، ويَقتُل ويمثِّل، فيتوجَّه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتَّى يموت).

أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

يظهر من بعض الأحاديث المرويَّة في عقد الدُّرر أنَّ الرجل الذي هو من أهل بيته هو أخوه، وفي بعض الأحاديث أنَّه من ولد الحسين (عليه السلام)، ولم يُعيَّن اسمه، وفي بعض الأحاديث أنَّه من بني هاشم، وفي كفِّه اليُمنى خالٌ، وجميع الأحاديث تُشير أنَّه يخرُج من المشرق، وفي بعضها أنَّه يخرُج من خُراسان وعلى كلِّ حالٍ بالرجوع إلى الأحاديث التي يُذكر فيها مقدِّمات الظهور يُعرف الرجل الذي يخرُج قبل خروج الإمام المهدي (عليه السلام). قال ابن حجر:

* الثانيةَ عشرَ: من الأُمور التي تقع قبل ظهوره (عليه السلام)، قال: يكون قبل ظهوره (عليه السلام) بالمدينة وقعةٌ يَغرق فيها [ أي: في الدماء الحاصلة منها ] أحجار الزيت، ما الحرَّة [ أي: وقعتها المشهورة ] عندها إلاَّ كضربة سوط، فيَتنحَّى [ السفياني ] عن المدينة قدر بريدين، ثمَّ يبايع المهدي.

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر، الحديث (١١٠) عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:

(يبلُغ أهل المدينة خروج الجيش، فيَهرب منها مـَن كان من أهل محمَّد (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إلى مكَّة، يَحمِل الشديد الضعيف، والكبير الصغير، فيُدرِكون نفساً من آل محمَّد (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) فيَذبَحونه عند أحجار الزيت). أخرجه نعيم بن حمَّاد.

أقول: من الممكن أن يكون مقصود ابن حجر هذه القضيَّة

٢٥٧

أو هذه الواقعة التي تكون قبل ظهوره (عليه السلام)، كما يظهر من أخباره. قال ابن حجر:

* الثالثةَ عشرَ: [ ممَّا يقع قبل ظهوره (عليه السلام) أنَّه ] يَبعث صاحب المدينة [ أي: واليها من طرف السلطان ] إلى الهاشميين بمكَّة جيشاً فيهزمونهم، فيسمع بذلك الخليفة بالشام [ في ذلك الوقت ] أي السفياني من ذُرِّية أبي سفيان بن حرب، فيقطع إليهم [ أي: يبعث ] بعثاً، فينزلون بالبيداء في ليلة مـُقمرة، فيقول راعٍ نظر إليهم: يا ويح أهل مكَّة ما جاءهم! [ إن استولى عليهم هذا الجيش ] ويذهب [ الراعي ] ثمَّ يرجع فلا يراهم! [ أي: لا يرى من الجيش أحداً ] فيقول: سبحان الله! ارتحلوا في ساعة واحدة؟! فيأتي منزلهم فيجد قطيفة قد خُسف بعضها وبعضها فوق الأرض، فيُعالجها [ حتَّى يُخرجها من الأرض ] فلا يطيقها؛ فيعلم أنَّهم قد خُسِف بهم، فينطلق إلى صاحب مكَّة [ أي: الهاشمي ] فيُبشِّره [ بخسف الجيش الذي جاء لقتاله ] فيحمد الله ويقول: هذه العلامة التي كنتم تنتظرون، فيسيرون [ أي: الهاشمي وأصحابه ] إلى الشام.

المؤلِّف:

بالمراجعة إلى أخبار السفياني - والتي نذكر بعضها إن شاء الله - تعرف ما أشرنا إليه في هذا الرقم. قال ابن حجر:

* الرابعةَ عشرَ: ينقطع قبل خروجه (عليه السلام) التجارات والطرق، ويكثر الفتن، فيخرج في طلبه (عليه السلام) سبعةُ نفرٍ [ أي: سبع راياتٍ محاربات ] [ مع كلِّ واحدٍ منهم ] علماً [ و ] من أُفقٍ شتَّى، على غير ميعاد بينهم، يُبايع لكلٍّ منهم ثلاثمئة وبضعة عشر، حتَّى يلتقي السبعة ومن معهم بمكَّة، فيقول بعضهم لبعض ما جاء بكم: فيقول: جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن، ويفتح القسطنطينيَّة، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأُمِّه وجيشه، فيطلبونه بمكَّة فيصيبونه [ بمكَّة ]، فيقولون: أنت فلان بن فلان [ أي: أنت محمَّد بن الحسن ]، فيجيبهم بجواب يفهمون منه الإنكار [ أي ] فينكر، فيهرب إلى المدينة فيلحقونه، فيهرب إلى مكَّة، فيطلبونه بمكَّة فيصيبونه بها عند

٢٥٨

الركن، فيقولون: إثمنا عليك ودمائنا (عليك و) في عنقك إن لم تمدَّ يدك نبايعك، هذا عسكر السفياني قد توجَّه في طلبنا، عليهم رجل من حذام، فيجلس (عليه السلام) بين الركن والمقام ويمدَّ يده فيُبايَع له، فيلقي الله محبَّته في صدور النَّاس فيسيرون [ معه ]، قومٌ أُسدٌ بالنهار، رهبانٌ بالليل.

المؤلِّف:

في هذا الرقم يُشير إلى أصحابه الخاصِّين الذين عددهم (٣١٣) شخصاً، فسنذكر أحوالهم إن شاء الله تعالى في باب (٢٨). قال ابن حجر:

* الخامسةَ عشرَ: يخرُج قبله (عليه السلام) هاشمي [ أي: السيِّد الحسني الذي يُطاوعه ويُبايعه هو وجيشه ] يقتُل ويمثِّل [ بالناس الذين يخالفونه ] ثمانية عشر شهراً، ويتوجَّه لبيت المقدس فلا يبلغه، فيبعث السفياني جيشاً إلى المهدي (عليه السلام) فيُخسَف بهم بالبيداء، فيبلغ أهل الشام فيقولون لخليفتهم: بايع المهدي وإلاَّ قتلناك، فيُرسل بالبيعة، فيسير المهدي حتَّى ينزل بيت المقدس، وينقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال، حتَّى يبني المساجد بالقسطنطينيَّة وما دونهما.

المؤلِّف:

تفصيل هذه القضايا يُعرف بالمراجعة إلى أحاديث السفياني والدجَّال في باب (٢٥)، ولكلِّ قسم منها باب خاصٌّ ذُكر بحمد الله فيما تقدَّم ومنها الحديث (٢٦٩) من عقد الدُّرر. قال ابن حجر:

* السادسة عشر: مهاجره [ أي: مسكنه (عليه السلام) ] ببيت المقدس، وهذه الخصوصية ورد فيها أحاديث مختلفة في كتب علماء أهل السنَّة والإماميَّة، ويمكن الجمع بينهما بالنظر إلى عصره (عليه السلام) وطولها وقصرها، وبالمراجعة إلى الأحاديث المـُعيِّنة لزمان إمامته ومقدارها يُعرف هذه الخصوصيات، وله باب خاصٌّ، راجع أحاديث مسكنه (عليه السلام) في باب (٢٠) حتَّى تعرف ما تريد. قال ابن حجر:

* السابعة عشر: مولده بالمدينة [ أي: مولد الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) بالمدينة ].

٢٥٩

قال المؤلِّف:

هذه الخصوصية - أي: مولدة (عليه السلام) بالمدينة - أمرٌ يُخالف ما هو المشهور والمتواتر في التاريخ والآثار والأخبار الواردة من الإماميَّة وغير الإماميَّة، في تعيين محلِّ ولادته (عليه السلام)، من غير مخالفة بعضها لبعض، بل جميعها متوافقة في تعيين ذلك، وإنَّه كان بسامراء، والحقُّ إن صدَّقنا الأحاديث التي ذُكر فيها أنَّه (عليه السلام) ولد في المدينة أن نقول فيها: إنَّها واردة في مقام التقيِّة؛ حتَّى لا يتبيَّن لأعدائه محلُّ ولادته، ويتمكَّنوا من إلقاء القبض عليه وإعدامه، وأخذه تحت سيطرتهم كما فعلوا بآبائه (عليهم السلام).

هذا والحديث الذي أُشير فيه إلى أنَّه (عليه السلام) يولد في المدينة حديث واحد، ولا تعيين فيه للمدينة التي يولد فيها، فالأولى حمل هذا الإجمال على ما ورد من الأخبار والآثار في تعيين أنَّه (عليه السلام) ولد في مدينة (سامراء)، في داره الذي كان يسكنه الإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري (عليهما السلام)، وهو دار معروف مشهور من زمان العباسييِّن الذين حملوا الإمام العاشر (عليه السلام) من مدينة جدِّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إليها.

وقد تعرَّض لبيان هذه الدار في معجم البلدان لياقوت الحموي في لفظ (سامراء)، وذَكره غيره، فلا نحتاج إلى ذِكره، وفيما ذكروه كفاية، وهي تخالف الحديث الذي رويَ فيه أنَّه (عليه السلام) ولد في المدينة إن اتَّخذنا المدينة المذكورة مدينة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؛ ولعدم تعيين المدينة في الحديث يُعرف منها المقصود من المدينة. قال ابن حجر:

*الثامنة عشر: [ أنَّه (عليه السلام) ] كثُّ اللحية [ أي: ليس بكوسج، ولا خفيف اللحية ] وهذه الخصوصية والصِّفة له (عليه السلام) مذكورة في الأحاديث التي أُشير فيها إلى أوصافه (عليه السلام)، وقد تعرَّضنا في باب (١٩) إلى تعيين بعض أوصافه (عليه السلام) ولهذه الخصوصيَّة، وذكرنا في الحديث رقم (١٤) أنَّه (عليه السلام) كثُّ اللحية، أكحل العينين، برَّاق الثنايا، في وجهه خالٌ، أقنى، أجلى، في كتفه علامة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، (وعَلَمـُهُ) من مِرْطٍ مـُخْملَة مربَّعة [ وهو عَلَمـُ

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367