جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ١

جامع الافكار وناقد الانظار12%

جامع الافكار وناقد الانظار مؤلف:
المحقق: مجيد هاديزاده
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-5616-70-7
الصفحات: 482

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36025 / تحميل: 5255
الحجم الحجم الحجم
جامع الافكار وناقد الانظار

جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
ISBN: ٩٦٤-٥٦١٦-٧٠-٧
العربية

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وبه نستعين

الحمد لله الّذي دلّ على ذاته بذاته وتجلّى لخلقه ببدائع مصنوعاته ، أظهر من عجائب قدرته ما حيّر ثواقب العقول والأفهام وابرز من غرائب عظمته ما بهّر نوافذ المدارك والأوهام ، خرق علمه باطن غيب السترات وأحاط بغموض عقائد السريرات. والصّلاة على مهابط المعارف والأسرار ووسائط الفيوضات والأنوار من الأنبياء المكرّمين الأخيار وخلفائهم الراشدين الأطهار.

وبعد ؛ فيقول أضعف المحتاجين مهديّ بن أبي ذر النراقي ـ نوّر الله قلبه بنور اليقين وجعله من السابقين المقرّبين ـ هذا ـ يا اخواني! ـ ما أردتم من أصول المعارف الحقيقيّة وجوامع العقائد اليقينيّة من العلم بالله وصفات كماله ومعرفة أسمائه ونعوت جلاله ، وما يتلوهما من المباحث الإلهية العالية والمطالب الحقّة المتعالية ممّا يرتقى به إلى منازل الاخيار ويعرج به إلى عوالم العقول والأنوار ، ويتوجّه به إلى شطر كعبة الملكوت ويسلك به إلى صقع عالم الجبروت. وقد بعث الله السفراء لأجله وانعقد اجماع الأمّة على وجوب أخذه ، فيلزم على الكلّ حمله ولا يسع لأحد جهله. وأسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه ويحرسه عن غير أهله. ولاشتماله على جميع الأفكار الالهية ونقدها ـ سيّما مع ما تعلّق « بالشرح الجديد للتجريد » من الحواشى ـ سمّيته بـ : « جامع الأفكار وناقد الأنظار » ؛ ورتّبته على مقدّمة ومقالات.

١
٢

[ مقدّمات الكتاب(١) ]

__________________

(١) عقد المصنّف ـرحمه‌الله ـ هذه المقدّمة لكى يبحث عمّا يجب البحث عنه مقدمة لاثبات الواجب ـ جلّ وعلا ـ الّذي هو العمدة في كتابنا هذا. والمقدّمة تشتمل على هذه الابحاث :

١ ـ في ابطال ترجّح المساوى والمرجوح وترجيحهما ؛ ٢ ـ في انّ طرفى المعلول ما لم يجب لم يقع ؛ ٣ ـ في ابطال وجود الممكن بنفسه وبأولوية ذاتية أو خارجية واثبات انّه لا يوجد إلاّ بعلة خارجة ٤ ـ في انّ الممكن كما يحتاج في وجوده العلّة يحتاج في بقائه أيضا إليها ٥ ـ في ابطال الدور والتسلسل.

واظنّ انّه اقتفى في هذا المنهج اثر الامام الرازي حيث قال : انّ هذا الدليل ـ اى : الدليل الّذي اقامه لاثبات الواجب ـ مبنى على مقدمات : اوّلها : انّ الممكن لا يترجّح احد طرفيه على الآخر إلاّ لمرجّح. وثانيها : بيان انّ هذه الحاجة في حال الحدوث أو في حال البقاء.

وثالثها : انّ ذلك المرجّح يجب ان يكون موجودا. ورابعها : انّه يجب أن يكون موجودا حال

٣

المقدّمة الأولى

في ابطال ترجّح المساوي والمرجوح وترجيحهما(١)

بيان الأوّل : انّ معنى « المساوات » : كون شيئين في مرتبة واحدة بالنظر إلى ثالث ؛ و « المرجوحيّة » : كون أحدهما أبعد من الآخر ؛ و « الراجحية » : كونه أقرب منه ؛ فلو ترجّح المساوي أو المرجوح لزم التناقض ، وبطلانه بديهيّ(٢) ؛ وبه يظهر بطلان الثاني من الفاعل الموجب ، بل ومن المختار أيضا.

والأشاعرة ـ بل أكثر المتكلّمين ـ على أنّ الاختيار يكفي للترجيح ، وللمختار أن يعلّل فعله بالمشيّة ولا حاجة له إلى مرجّح آخر ؛

وفيه : انّه وإن كان كافيا في ترجيح نفس الفعل أو الترك إلاّ أنّه لا بدّ في تعلّقه بأحدهما من مرجّح آخر ، ولذا لو قيل له : « لم فعلت »؟ يمكن له أن يقول : « لأنّي شئته »! ، ولو قيل له : « لم شئته »؟ ، لم يجز له التعليل بالمشيئة ؛ بل لا بدّ له من التعليل

__________________

حصول الاثر. وخامسها : انّ الدور باطل. وسادسها : انّ التسلسل باطل. راجع : المطالب العالية ج ١ ص ٧٢.

(١) راجع : الشرح الجديد على التجريد ، ص ٣٩. وانظر أيضا : كشف المراد ، ص ٣٢.

(٢) « ورايت أبا الحسن محمّد بن على البصرى ـ وهو كان من اذكياء المعتزلة ـ احتجّ على هذه المقدّمة في الكتاب الّذي سمّاه بالتصفّح ، فقال : الممكن هو الّذي استوى طرفاه ، فلو حصل الرجحان من غير مرجّح لزم أن يحصل الرجحان حال حصول الاستواء ، وذلك جمع بين النقيضين وهو محال ». راجع : المطالب العالية ، ج ١ ، ص ٨٧.

٤

بمرجّح.

وما احتجّوا به من رغيفى الجائع وطريقى الهارب ـ وأمثالهما(١) ـ لا يفيد مطلوبهم! ، لظهور وجود رجحان وقت الترجيح وإن لم يشعر به أو لم يبق في ذكره ، فانّ العلم بالمرجّحات وبقائه في الذّكر غير لازم.

فان قيل : مع مرجّح للفعل مثلا إن جاز الترك احتيج إلى مرجّح آخر ولزم التسلسل ، وإلاّ وجب الفعل وزال الاختيار! ؛

قلنا : الوجوب بالاختيار لا ينافيه ، بل يؤكّده ؛ فانّ المختار إذا تعقّل رجحان الفعل واختاره حصل العلّة المستقلّة للفعل ووجب ، ولو لا الاختيار لم يتأتّ الوجوب ، فهو من آثاره ولوازمه ومؤكّداته ودلائله.

المقدّمة الثانيّة

في أنّ طرفي المعلول ما لم يجب لم يقع

وبيانه : انّ وقوع أحدهما امّا مع امتناع الآخر ؛ أو امكانه ؛ مساويا ، أو راجحا ، أو مرجوحا ، والأوّل يوجب المطلوب ، والثاني ترجيح لأحد المساويين من دون مرجّح ، والثالث ترجيح للمرجوح ، والرابع يوجب جواز ترجيح المرجوح ، لانّ المفروض امكان وقوع الطرف الآخر(٢) .

__________________

(١) راجع : شرح المقاصد ، ج ١ ، ص ٤٨٤ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ٢٠٨ ؛ وحاشية المتألّه السبزواري على نفس الموضع. ولتفصيل الاحتجاج ونقده : المطالب العالية ، ج ١ ، ص ١٠٨ ، ١١٨ ؛ المباحث المشرقية ، ج ١ ، ص ١٢٦.

(٢) قد اوجز المصنّف في هذا الفصل تمام الايجاز ، فلتفصيل هذه المقدّمة انظر : الحكمة المتعالية ، ج ١ ص ٢٢١ ؛ المباحث المشرقية ، ج ١ ، ص ١٣١ ؛ شرح عيون الحكمة ، ج ٣ ، ص ٩٤ ؛ تلخيص المحصّل ، ص ١١٩.

٥

المقدّمة الثالثة

في ابطال وجود الممكن بنفسه وبأولوية ذاتية

أو خارجية ، واثبات انّه لا يوجد إلاّ بعلّة خارجة(١)

ولا بدّ لنا أوّلا / ٢ MA / من بيان قسمة عقلية ؛ هي : أنّ كلّ موجود إذا لوحظ من حيث هو إمّا ينتزع منه الوجود بنفس ذاته مع قطع النظر عن جميع ما عداه ، أو لا ؛ بل يتوقّف الانتزاع على ملاحظة غيره. وبعبارة اخرى : كلّ موجود بنفس ذاته إمّا يجب له الوجود ، أو لا ، بل يتساوى نسبة الوجود والعدم إلى ذاته ؛ والثانى ـ على التقديرين ـ هو « الممكن » ، والأوّل هو « الواجب » ـ المعبّر عنه « بالوجود الحقيقىّ » عند / ٢ DA / المشّائين و « بالنور الغيبيّ » عند الاشراقيّين و « بمنشإ انتزاع الموجودية » عند أهل الذوق من المتألّهين و « بالمرتبة الاحدية » عند الصوفيّة و « بالوحدة الحقيقيّة » عند فيثاغورث(٢) ـ.

وهذه القسمة وإن كانت ضروريّة إلاّ أنّه أورد عليها شكوك ثلاثة لا بدّ من دفعها ؛

اوّلها : انّه يمتنع أن يحكم على ماهيّة من الماهيّات بامكان الوجود ، لانّ كلّ ماهيّة إمّا معدومة ، فلا تقبل الوجود ؛ أو موجودة ، فلا تقبل العدم ، وإلاّ اجتمع النقيضان! ؛

وجوابه : إنّ الحكم بالامكان على الماهيّة من حيث هي من دون اعتبار الوجود والعدم ، فلا يلزم اجتمع النقيضين.

وثانيها : انّ العدم ليس له تميّز في الخارج ، فلا يتصوّر له نسبة إلى شيء فضلا عن تساوي النسبة ؛

__________________

(١) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣٩. وانظر أيضا : كشف المراد ، ص ٣٢ ؛ شوارق الإلهام ، ج ١ ، ص ٨٩ ؛ شرح المقاصد ، ج ١ ، ص ٤٨١ ؛ گوهر مراد ـ الطبعة الحجرية ـ ، ص ١٤٤ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ١٩٩.

(٢) راجع : المبدأ والمعاد ـ لصدر المتألّهين ـ ، ص ١١. وفيه : « بالنور الغنى عند الرواقيين ». والمذكور في المتن يوجد في ما بأيدينا من مخطوطتين.

٦

وجوابه : بعد مطالبة وجه تخصيص الاعتراض بالعدم! ، لانّ الوجود مثله في عدم التميّز في الخارج وعروضه في الذهن ، لما حقّق في موضعه انّ تساوي نسبة الوجود والعدم إلى ذات الممكن انّما هو في العقل ، بمعنى أنّ العقل إذا لاحظ الممكن والوجود والعدم يحكم بتساوي نسبتهما إليه : وهذا لا يقتضي أزيد من تمايزهما في العقل ، وثبوته فيه لا يقبل المنع. ومعنى تساوي النسبة المذكورة هو عدم اقتضاء ذات الممكن شيئا منهما ، لا اقتضاء تساويهما حتّى يرد امتناع رجحان الوجود أو العدم حينئذ لعلّة خارجة شيئا ، لانّ ما به الذات لا يتخلّف ، والمتنافيين يمتنع اجتماعهما ولو بالف علّة!

وثالثها : أنّه لو اتّصفت ماهيّة بالامكان لوجب اتّصافها به ، وإلاّ لزم زواله عنها ، وهو محال ، لانّه من لوازم ماهيّة الممكن فلا يزول عنها. وإذا وجب الاتّصاف وجب اتصافها بذلك الوجوب أيضا وكذلك بوجوب الوجوب وهكذا ، فيتسلسل الوجوبات إلى غير النهاية. وهذه الشبهة جارية في أكثر المفهومات ـ كالقدم والحدوث والاتصاف واللزوم والوحدة والحصول إلى غير ذلك من المفهومات الاعتبارية الّتي تتكرّر نوعها ـ. مثلا يقال : لو لزم شيء لشيء للزم لزومه أيضا ، وكذا لزوم لزومه وهكذا ، فيتسلسل اللزومات إلى غير النهاية وإلاّ لزم الانفكاك بين اللازم والملزوم ؛ وقس عليه غيره! ؛

واجيب عنه : بانّ مثل هذا التسلسل التسلسل في الأمور الاعتبارية ، ولمّا كان تحقّقها بحسب اعتبار العقل فيترتّب السلسلة ريثما اعتبرها العقل يمكنه اعتبارها غير متناهية لعدم قدرته على دوام الاعتبار ، فينقطع بانقطاع اعتباره ؛ على أنّ فرض دوام اعتباره غير مفيد ، لتناهى ما ينتهي إليه في أيّ وقت فرض.

قيل : توضيح ذلك يتوقّف على مقدمة ، هى : انّ نسبة العقل إلى مدركاته كنسبة البصر إلى مبصراته ، فكما انّ الناظر في المرآت قد لا يشاهدها أصالة بل يجعلها آلة ووسيلة لمشاهدة غيرها من الصور المرتسمة فيها فيلاحظ بها تلك الصور أصالة ـ بحيث يتمكّن من تعرّف احوالها واجراء الاحكام عليها ـ ويلاحظ المرآة تبعا وليس له بهذه الملاحظة أن يتمكّن من تعرّف أحوالها واجراء الاحكام عليها ، كذلك العقل قد

٧

لا يشاهد بعض مدركاته أصالة وقصدا ؛ بل يجعلها مرآة وآلة لمشاهدة بعض آخر من مدركاته ، وقد يشاهده أصالة وقصدا. مثال الأوّل أن يلاحظ الامكان من حيث انّه حالة بين الماهيّة والوجود ، فهو بهذه الملاحظة آلة للعقل في معرفة حالهما ومرآة لمشاهدة صفتهما ، لانّه بهذه الاعتبار جهة القضيّة ـ وهى كيفيّة الرابطة بين الموضوع والمحمول ، اعنى : الماهية والوجود ـ والمعنى الرابطي مأخوذ مع تلك الكيفيّة ليس ملحوظا بالأصالة مدركا بالقصد. ولا يتمكّن العقل بهذا التوجّه أن يحكم عليه بنسبة ولا أن يعتبر نسبته إلى شيء ، بل ملاحظة العقل له حينئذ باعتبار ملاحظة الوجود والماهيّة ، فهو يلاحظهما أصالة ويلاحظه تبعا!. ومثال الثّاني أن يلاحظ الإمكان أصالة وقصدا ويدركه من حيث انّه مفهوم من المفهومات ويقصده لتعرف حاله واجراء / ٢ MB / الاحكام عليه. وقس على الامكان غيره من المفهومات ، فانّ اللزوم قد يلاحظه العقل من حيث أنّه حالة بين اللازم والملزوم ، فهو حينئذ آلة لمعرفة حالهما وملحوظ بملاحظتهما ، فلا يقدر العقل من الحكم عليه بشيء ولا اعتبار نسبته إلى شيء ، وقد يلاحظه قصدا ومن حيث انّه مفهوم من المفهومات.

وإذ ثبت هذه المقدّمة نقول : إذا اعتبر الامكان على الوجه الأوّل لم يلزم تسلسل ولا ترتّب اصلا ـ لما مرّ أنّه لا يتمكّن حينئذ من أن يحكم عليه بشيء أو ينسبه الى شيء ـ فليس له حينئذ أن يحكم بأنّه ممّا يتّصف الغير به أو ممّا يجب اتصافه / ٢ DB / به أو غير ذلك ، فلا اشكال على هذا الوجه مطلقا ؛ وإذا اعتبره على الوجه الثانى ولاحظ معه ماهيّة الممكن أيضا واعتبر النسبة بينهما حكم بوجوب اتّصافها به واعتبار وجوب الاتّصاف حينئذ لما كان من حيث انّه حالة بين الماهيّة والامكان ، فيكون من الوجه الأوّل ولا يفضى الى اعتبار وجوب آخر بين الماهيّة وهذا الوجوب ؛ فلا يلزم تسلسل ولا ترتّب. نعم! ، إن لاحظه العقل قصدا وأصالة ومن حيث انّه مفهوم من المفهومات ولاحظ معه الماهيّة وتعقّل النسبة بينهما لزمه اعتبار وجوب آخر بين الماهيّة وهذا الوجوب ، فاعتبار الوجوب الآخر ـ اعنى الوجوب الثانى ـ يتوقّف على ثلاث ملاحظات ليس شيء منها ضروريا للعقل ، فله أن يلاحظه ؛ وهذا هو المراد « بانقطاع التسلسل

٨

بانقطاع الاعتبار ». ثمّ اعتبار الوجوب الثاني لمّا كان من حيث أنّه حالة بين الماهيّة والوجوب الأوّل يكون من الوجه الاوّل ، فلا يفضى إلى اعتبار وجوب ثالث بين الماهيّة والوجوب الثانى. نعم! ، إن اعتبره العقل أصالة ولاحظه من حيث انّه مفهوم من المفهومات ولاحظ معه الماهيّة والنسبة بينهما لزمه اعتبار وجوب ثالث ، إلاّ انّه يتوقّف على ملاحظات غير لازمة للعقل ، فله أن لا يلاحظهما فينقطع التسلسل ؛ وهكذا الكلام في اعتبار الوجوب الرابع والخامس وما فوقهما. وهكذا حال انقطاع التسلسل في سائر الأمور الاعتبارية من اللزوم والحصول وغيرهما.

هذا ما ذكروه في الجواب عن الشبهة المشهورة بشبهة لزوم التسلسل في اللزوم وامثاله.

وأورد عليه : بأنّ وجوب اتّصاف ماهيّة الممكن أو اللزوم بين اللزوم وأحد المتلازمين لو كان بمجرّد اعتبار العقل فما لم يعتبره العقل لم يتحقّق ، واعتبار العقل ليس ضروريّا ، فيجوز أن لا يتحقّق وجوب اتصاف ماهيّة الممكن بالامكان ، ولا اللزوم بين اللزوم وأحد المتلازمين ، فيمكن الانفكاك بينهما ؛ فلا يكون اللازم لازما ولا الملزوم ملزوما. وأيضا لا ريب في أنّ وجوب اتصاف الممكن بالامكان ووجوب اتصافه بوجوب الاتصاف واللزوم بين المتلازمين واللزوم بين اللزوم واحدهما أمور متحقّقة في الواقع ونفس الامر ـ وإن قطع النظر عن اعتبار العقل ـ ، فليست الوجوبات واللزومات أمورا اعتبارية ، بل حقيقيّة واقعيّة.

واجيب عنه : بانّ عدم كون الوجوبات واللزومات المذكورة من الأمور المتحقّقة في نفس الأمر لا يوجب امكان زوال الامكان عن الممكن وجواز الانفكاك بين اللزوم الأوّل وأحد المتلازمين ، وانّما يلزم ذلك لو لم تكن ماهيّة الممكن واجبة الاتصاف بالامكان ، ولا اللزوم الأوّل لازما لأحد المتلازمين في نفس الامر ، وهو محال ؛ لانّ انتفاء مبدأ المحمول في نفس الامر لا يستلزم انتفاء الحمل فيه ، فغاية الامر انّ انتفاء مبدأ المحمول في الواقع يستلزم انتفاء المحمول ـ أعنى : مفهوم وجوب الاتصاف ومفهوم اللازم فيه ـ لانتفاء جزئه ؛ ولا يوجب عدم صدقه في ذلك المحمول العدمي على شيء في نفس

٩

الأمر ، فانّ صدق المفهومات العدميّة في نفس الأمر على الأمور الموجودة فيها لا ينكر ، فانّ مفهوم الأعمى غير موجود في الواقع لانتفاء جزئه فيه ، مع أنّه يصدق على زيد وعمرو مثلا ، والأربعة إذا وجدت في الذهن متّصفة بالزوجيّة في نفس الأمر ، مع أنّ الزوجيّة غير موجودة فيها ـ وأمثال ذلك أكثر من أن يحصى! ـ. وغير خفىّ أنّ الضروري والمسلّم ثبوت الحمل في نفس الأمر ـ أعني : كون ماهيّة الممكن واجبة الاتّصاف بالامكان في الواقع واللزوم الأوّل لازما لأحد المتلازمين في نفس الأمر ـ إلاّ أنّ وجوب الاتصاف واللزوم الأوّل من الموجودات الواقعيّة ، فانقطاع التسلسل في الوجوبات واللزومات الاعتبارية بانقطاع اعتبار العقل وان بقى ثبوت وجوب اتصاف الممكن بالامكان واللزوم الأوّل في نفس الأمر ؛ إلاّ أنّه لا ينفى تحقّق الحمل المذكور فيها. / ٣ MA /

وأورد عليه : بأنّ الماهيّة واجبة الاتصاف بكلّ واحد من الوجوبات المتسلسلة إلى غير النهاية ، وكلّ واحد من اللزومات المذكورة لازم لأحد المتلازمين في نفس الامر ، اذ لولاه جاز أن لا تكون الماهية واجبة الاتصاف بالامكان وامكن أن لا يكون اللزوم الأوّل لازما لاحد المتلازمين ، فيجوز انفكاك اللازم عن الملزوم. وأيضا لا ريب في انّ الماهية واجبة الاتصاف بكلّ واحد من الوجوبات المذكورة في نفس الامر ، وانّ كلّ واحد من اللزومات لازم لاحد المتلازمين في الواقع وإن قطع النظر عن اعتبار العقول والاذهان. والحاصل كما انّه يصدق أنّ الماهيّة واجبة الاتصاف بالامكان / ٣ DA / وانّ اللزوم الأوّل لازم لأحد المتلازمين في نفس الأمر يصدق أنّ الماهية واجبة الاتّصاف بوجوب الاتصاف ووجوب الوجوب ، وهكذا ؛ وأنّ اللزوم الثانى والثالث وما فوقهما لازم لاحد المتلازمين في نفس الامر ، فتحقّق الحمل في الواقع في الكلّ سواء. وإذا كان كلّ واحد من الوجوبات واجبا وكلّ واحد من اللزومات لازما في نفس الامر كان كلّ وجوب وكلّ لزوم متحقّقا فيه ، لأنّ البديهة قاضية بانّ ما لا ثبوت له في نفس الأمر لا يتّصف بثبوت شيء له فيه ؛ فانّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له. فان كان هذا الثبوت بحسب نفس الأمر كان المثبت له ثابتا فيه ، وإن كان بحسب الخارج كان المثبت له موجودا فيه ـ فانّ الشيء ما لم يوجد في أحدهما لم يتّصف بثبوت شيء

١٠

له فيه ولم يثبت له صفة فيه ، سواء كان ذلك الشيء المثبت وجوديّا أو عدميا ـ ؛ ولذا قالوا : صدق القضية الموجبة المعدولة الخارجية يستدعي وجود موضوعها في الخارج فكلّ واحد من تلك الوجوبات واللزومات كما وقع مبدأ للمحمول في قضية صادقة في نفس الأمر كذلك وقع موضوعا لها ، وصحّة الحمل في نفس الأمر توجب ثبوت الموضوع فيه وإن لم توجب ثبوت مبدأ المحمول فيه ؛ وهذا يقتضي تحقّق جميع تلك الوجوبات واللزومات الغير المتناهية في نفس الأمر ، فيلزم التسلسل في الأمور المتحقّقة في الواقع ونفس الأمر لا في الأمور الاعتبارية المنقطعة بانقطاع الاعتبار.

والجواب : انّ وجود الموضوع ـ الّذي هو مقتضى صدق القضية الخارجية ـ أعمّ من أن يكون موجودا بوجود مستقلّ يخصّه أو يكون موجودا بوجود ما ينتزع هو عنه ، فانّ قولنا : « الفوقية ثابتة » قضية خارجية مع أنّ الموضوع فيها ليس موجودا في الخارج بوجود مغاير يخصّه ، بل موجود بوجود ما ينتزع عنه ـ أعني : السقف مثلا ـ ، واجزاء الجسم المتصل الواحد موجودة بوجود كلّها ، مع أنّ كلّ واحد منها قد يصير موضوعا للقضية الموجبة الصادقة في الخارج ونفس الأمر كما إذا كان بعضها حارّا وبعضها باردا ، فيقال : « بعض أجزاء هذا الجسم حارّ وبعضها بارد ». فيصدق الايجاب الخارجي مع أنّ الأجزاء المذكورة ليست موجودة في الجسم بصور مغايرة ، بل هى موجودة بوجود ما ينتزع هي عنه ـ أعني : وجود الكلّ ـ. ومن البيّن انّها ليست في الخارج ونفس الأمر معدومات صرفة بل لها نحو من الوجود. إلاّ انّها ليست لها وجود منفرد عن الكلّ بل هى موجودة بوجوده ، وكذا الحال في وجود كلّ ما هو موجود بوجود ما ينتزع عنه. وكما أنّ صدق القضية الخارجية يقتضي وجود موضوعها في الخارج بأحد الوجهين فكذا صدق القضيّة الذهنيّة يقتضي وجود موضوعها في الذهن بأحد الوجهين ، فإنّ موضوع القضيّة الذهنية قد يكون موجودا في الذهن بوجود منفرد يخصّه ، وقد يكون موجودا فيه بوجود ما ينتزع عنه من المعقولات المستقلّة سواء كان جزء لها أو لا. وكما أنّ خصوص القضيّة الخارجية قد يقتضي نحوا خاصّا

١١

من الوجود ـ كالحكم بالتخيير فانّه يقتضي الوجود الخاصّ به المستقل والحكم على الجوهر بخواصّه ؛ فانّه يقتضي نحوا لوجود الّذي يخصّه ، والحكم على العرض بخواصّه ؛ فانّه يقتضي نحوا لوجود الخاصّ به ـ ، كذلك القضايا الذهنية قد تقتضى خصوصيات الوجود. وهذا كما أنّ المطلقة تقتضي وجود الموضوع بالفعل والدائمة تقتضى وجوده بالدوام والممكنة تقتضي وجوده بالامكان.

وإذا علمت ذلك فنقول : انّ الوجوبات واللزومات المذكورة وإن لم تكن موجودة في نفس الأمر بصور مغايرة ووجودات منفردة إلاّ انّها موجودة فيها بوجود ما ينتزع هي عنه ، وإن كان كلّ واحد منها منتزعا من آخر كان ذلك الآخر أيضا منتزعا عن مثله إلى أن ينتهى إلى الوجود المستقلّ المنفرد ـ أعني : الماهية وأحد المتلازمين ـ ، فانّ وجود المنتزع منه للموضوع لا يلزم أن يكون مستقلاّ منفردا ، بل يكفى أن يكون هو أيضا منتزعا عن غيره. ويجوز أن يكون كلّ واحد من هذه المنتزعات ـ الّتي جعلت موضوعات ـ بحيث ينتزع عنه شيء آخر يكون محمولا له ، لانّ لزوم شيء لآخر قد يكون بحسب الوجود المستقل بالفعل من كلا طرفي الملزوم واللازم بان يمتنع انفكاك الملزوم في وجوده / ٤ DB / بالفعل / ٣ MB / عن وجود اللازم بالفعل ، وقد يكون بحسب الوجود بالفعل من أحد الطرفين وبحسب صحّة الانتزاع من الطرف الآخر ، كلزوم الانقطاع للجسم ؛ فانّ الانقطاع من حيث انّه منتزع لازم للجسم من حيث انّه موجود بالفعل ، وقد يكون بحسب صحّة الانتزاع من كلا الطرفين. ومن هذا القبيل لزوم اللزوم ، فانّ مرجعه إلى أنّ اللزوم لا يمكن صحّة انتزاعه الاّ وهو بحيث يصحّ منه انتزاع اللزوم للزوم ، وهكذا ، فثبت انّه يكفي في صدق الايجاب هذا النحو من الوجود ـ أعنى : صحّة انتزاعه من موجود وان كان منتزعا من مثله ـ ، كما أنّ الممكنة يكفي في صدقها وجود الموضوع بالامكان. ولا ريب انّ الانتزاع من فعل العقل وليس هذا ضروريا له ، فإذا لم يعتبره لم يتحقّق وجود منتزع منفرد في نفس الامر ، فينقطع التسلسل في الوجوبات واللزومات بانقطاع اعتبار العقل ولا يلزم تحقّقها في نفس الامر بصورة مغايرة ليلزم التسلسل في الأمور المتحقّقة فيها ، وان كان لها في نفس الأمر نحو تحقّق يصحّ لأجله

١٢

صدق تحقّق وجوب اتصاف ماهية الممكن بالامكان وبثبوت اللزوم بين اللزوم وأحد المتلازمين.

واذ صحّت القسمة المذكورة للموجود وثبت أنّ الممكن ما يتساوى نسبة الوجود والعدم إلى ذاته ويتوقّف انتزاع الوجود منه على ملاحظة غيره ؛ نقول : يلزم منه أن يكون الممكن في وجوده محتاجا إلى علّة خارجة ، لأنّه لو لم يفتقر إليه ووجد بدونها فإمّا أن يصير موجودا بنفسه مع تحقّق تساوي النسبة المذكورة ، أو مع اولوية ذاتية ناشئة عن ذاته غير منتهية إلى حدّ الوجوب ، أو اولوية خارجة ناشئة عن غيره كذلك ؛ والكلّ باطل!.

امّا الأوّل فلانّه ترجّح لأحد المتساويين من غير مرجّح ـ وقد مرّ بطلانه ـ ؛ وإن فرض انّ الوجود وجب له بذاته مع عدم كونه واجبا لذاته فهو متناقض لنفسه.

واستدلّ عليه الشيخ في الشفا : بانّ ماهية الممكن إن كانت كافية في كونه موجودا كان واجبا موجودا دائما ، وان لم يكف احتاج إلى غيره ، وهو العلّة ؛

وأورد عليه : بانّه إن اريد بالكفاية لها الكفاية في صحّة الاتصاف بالوجود فنختار الكفاية ولا يوجب كونه واجبا ؛

وإن أريد بها الكفاية في لزوم الوجود فنختار عدم الكفاية ونمنع ايجاب ذلك لعلّة خارجة ، لامكان أن يتّصف بالوجود ويعرضه الوجود فيصير موجودا بدون علّة وإن لم يبلغ حدّ الوجوب ، فانّ المتنازع فيه ليس الاّ هذا ، فلئن جوّز وجود الممكن بلا علّة فله أن يجوّز هذا ، بل هذا عين ذاك.

واجيب عنه ، بأنّ ماهيّة الممكن إن كانت كافية في صحّة الاتصاف بالوجود لكانت كافية في لزوم الوجود ، لأنّ ما ثبت للشيء بالنظر إلى ذاته يجب أن يكون لازما له غير منفكّ عنه بالنظر إلى ذاته ـ كالزوجيّة للأربعة ـ.

ثمّ هذا الحكم ـ أعني : احتياج الممكن في وجوده إلى علّة خارجة ـ ممّا اتفق عليه جميع العقلاء ولم يخالف فيه احد سوى ذيمقراطيس من الأقدمين ، فانّه ذهب إلى أنّ

١٣

وجود الممكنات من السماوات وغيرها بطريق البخت والاتفاق(١) ، وقال : انّ احتياج الممكن إلى المؤثّر يوجب جواز تأثيره فيه ، اذ احتياجه إليه مع امتناع تأثيره غير معقول ، لكن تأثير أمر في أمر آخر محال ، لوجوه ؛

منها : انّ التأثير إن كان بشرط عدم الأثر لزم الجمع بين النقيضين ؛ وإن كان بشرط وجوده لزم تحصيل الحاصل(٢) ؛

والجواب : انّ المؤثر يؤثّر في الأثر لا من حيث هو معدوم ولا من حيث هو موجود ، بل يؤثّر فيه من حيث هو غير مقيّد بشيء من الوجود والعدم ، غاية الأمر انّ تحقّق التأثير في زمان وجود الأثر بمعنى أنّ التأثير يقارن وجود الأثر زمانا وان تقدّم عليه ذاتا ، فلا يتحقّق في زمان قبل زمان وجود الأثر ؛ بل تحقّقه إنّما هو في زمان وجوده. وهذا لا يوجب إلاّ لزوم تحصيل الحاصل بهذا التأثير المذكور ، ولا استحالة فيه ، انّما المحال التحصيل ـ أى : تحصيل الحاصل ـ قبل هذا التحصيل. وتوضيح ذلك انّ تاثير المؤثّر في ماهيّة ممكن ليس إلاّ ايجادها ـ أي : جعلها موجودة ـ وهذا الايجاد فعل يقارن زمان وجود هذه الماهيّة وإن تقدّم عليه ذاتا لترتّب الوجود على الايجاد ـ ولذا يقال : « اوجد فوجد » ـ ، فلا يتحقّق قبل وجودها زمانا. بل تحقّقها في زمان وجودها لا يوجب ذلك تحصيل ما كان حاصلا قبل هذا الفعل ، بل يوجب تحصيل الحاصل بهذا الفعل ولا استحالة فيه. انّما المحال تحصيل ما كان حاصلا قبل هذا الفعل ، وانّما / ٤ DA / يتصوّر ذلك / ٤ MA / إذا كان وجود الماهيّة شرطا للايجاد بان تكون موجودة قبله ، وليس كذلك.

ومنها : انّه لو اثّر شيء في غيره لاتّصف بالمؤثّرية ، والمؤثّرية وصف محتاج إلى الموصوف ، فيكون ممكنا محتاجا إلى المؤثّر ، فيتحقّق مؤثّريّة أخرى ؛ وننقل الكلام إليها حتّى يلزم التسلسل ؛

__________________

(١) راجع : شرح المقاصد ، ج ١ ص ٤٨٥. والقول عند صدر المتألّهين ورئيسهم منسوب إلى انباذقلس الحكيم. وهو عنده من مرموزات المتقدّمين لكتم اسرارهم الربوبية. راجع : الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ٢١٠.

(٢) راجع : الحكمة المتعالية ، ج ١ ص ٢١١ ؛ شرح المقاصد ، ج ١ ، ص ٤٨٤.

١٤

وجوابه : انّ المؤثرية اعتبار عقلى غير موجود في الخارج حتّى تكون ممكنا محتاجا إلى العلّة ولا ينافيه اتصاف الشيء بها في نفس الأمر ، لانّ انتفاء مبدأ المحمول لا يوجب انتفاء الحمل والاتصاف به ـ وقد مرّ توضيح ذلك وتحقيقه في الجواب عن شبهة لزوم التسلسل في اللزوم وامثاله ـ.

ومنها : انّ تاثير المؤثّر امّا في الماهيّة أو الوجود ، أو في اتّصافها به ، والكلّ باطل ؛ أمّا بطلان تأثيره في الوجود والاتصاف فلانهما أمران اعتباريان لا يصلحان اثرا للمؤثّر ؛ وأمّا بطلان تأثيره في الماهيّة فلأنّ الماهيّة لو كانت ماهيّة بتأثير المؤثّر لوقع الشكّ في كونها ماهيّة عند الشكّ في وجود المؤثّر ، وهو باطل ، فلو كان الانسان انسانا بجعل الجاعل لوقع الشكّ في كونه انسانا إذا شكّ في وجود الجاعل ، وهو باطل. وأيضا ثبوت الشيء لنفسه ضروري ، فانّ الانسان في حاقّ الواقع ومتن نفس الأمر انسان ولو قطع النظر عن جميع ما عداه. وأيضا كون الانسان انسانا وكذا كون كلّ شيء نفسه لو كان بجعل الجاعل لم يكن الانسان انسانا ولا كلّ شيء نفسه عند عدم الجاعل ، بل كان قبل أن يفعله وبعد إن يعدمه غير نفسه ، فيلزم سلب الشيء عن نفسه ، وهو ظاهر البطلان(١) ! ؛

أقول : قبل الخوض في جواب هذا الايراد لا بدّ لنا من تمهيد مقدّمة ، وهي انّ التأثير في الماهية يتصوّر على وجهين :

أحدهما : ان يجعلها الجاعل ايّاها ـ أي : يجعل الماهيّة ماهية ـ وهو الجعل المركّب في الماهيّة ؛

وثانيهما : أن يجعلها موجودة ـ أي : يجعل الماهيّة المعقولة موجودة في الخارج ـ ، وهو الجعل البسيط فيها.

والتأثير في الوجود والاتصاف أيضا يتصوّر على وجهين :

أحدهما : أن يجعل الوجود وجودا والاتصاف اتصافا ـ وهو أيضا جعل مركّب فيهما ـ ؛

__________________

(١) راجع : الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ٢١٣.

١٥

وثانيهما : أن يجعل كلاّ منهما موجودا. والمورد قصر الجعل في الماهيّة على الوجه الأوّل ، وابطاله بما ذكر.

ولمّا لزم منه بطلان الجعل بالوجه الأوّل في الوجود والاتصاف أيضا تعيّن أن يحمل الجعل فيهما في كلامه على الوجه الثاني ـ كما يقتضيه دليله الّذي ذكره لإبطاله ـ.

ولا ريب في أنّ الجعل المركّب في كلّ واحد من الماهيّة والوجود والاتصاف باطل ـ للأدلّة الثلاثة الّتي ذكرها المورد ـ.

وهي وإن كانت عند التحقيق تامّة ناهضة لاثبات المطلوب إلاّ انّه أورد على كلّ منها اعتراض لا بدّ لنا أن نشير إلى دفعه.

أمّا الدليل الأوّل فقد اعترض عليه : بأنّه يجوز أن يكون شيء لازما بيّنا بالمعنى الأعمّ لشيء آخر مع ثبوته له بتأثير المؤثّر ، فيمكن أن يكون الانسانية للانسان لازما بيّنا بالمعنى الأعمّ مع ثبوته له بتأثير المؤثر ، فلا يقع الشكّ في ثبوته له مع الشكّ في وجود المؤثر ؛

وجوابه : انّه قد تقرّر عند القوم انّ العلم اليقينى الكلّى بما له سبب لا يحصل إلاّ من العلم بسببه ، فلو كانت ثبوت الانسانية للانسان بتأثير المؤثّر لم يتيقّن كلّيا مع الشك في وجود مؤثّره.

فان قيل : المقرّر عندهم انّ ما له سبب إذا لم يكن بديهيا لا يحصل العلم الكلّي اليقينى إلاّ من جهة سببه ، وثبوت الشيء لنفسه لمّا كان ضروريا لا يتوقّف على العلم بالسبب ، فيجوز أن يكون بتأثير المؤثر ويتيقن به كلّيا مع الشكّ في وجود مؤثّره ،

قلنا : ان اريد انّ وجوب الشيء لنفسه على فرض وجوده في الخارج ضرورى ، فممنوع ، لكن الدعوى أعمّ ؛ وإن اريد انّه ضروري أعمّ من أن يكون الشيء موجودا في الخارج أو معدوما ، فممنوع ، كيف وبعضهم منع بطلان التالي في هذا الدليل! ـ أعني : وقوع الشكّ في كون الانسان انسانا عند الشكّ في وجود المؤثّر ـ محتجّا بانّ المعدوم في الخارج مسلوب عن نفسه ما دام معدوما ، فإذا ارتفع المؤثّر في وقت أو دائما ارتفع الانسانية كذلك ، فيصدق قولنا : « ليس الانسان انسانا » ويكون صدق السالبة

١٦

الخارجة لعدم الموضوع في الخارج. وهذا وإن لم يكن حقّا عندنا ـ وسيأتي وجه اندفاعه في الدليل الثالث ـ إلاّ انّه ممّا قال به بعض المحقّقين ، فلا يكون ثبوت الانسانية لمطلق الانسان / ٤ DB / بديهيّا.

وامّا الدليل الثاني / ٤ MB / فقد اعترض عليه : بانّه إن اريد به انّا نجزم بثبوت الشيء لنفسه مع عدم العلم بغيره ، فلا يلزم منه عدم كون ذلك الثبوت بسبب المؤثّر ، بل انّما يلزم منه عدم الواسطة في التصديق ، على انّه عند التحقيق يرجع إلى الدليل الأوّل. وإن اريد انّا نجزم بثبوته لنفسه على فرض انتفاء الأغيار يرجع إلى الدليل الثالث ؛

وجوابه : انّ اختيار كلّ واحد من الشقين ممكن. والرجوع إلى الأوّل والثالث لا ضير فيه ، فانّ اختلاف الأدلّة قد يكون بمجرّد الاختلاف في التقرير. فان اختير الشق الأوّل يجاب عن الاعتراض بما مرّ من انّ العلم بذي السبب لا يحصل إلاّ من العلم بالسبب ؛ وان اختير الشق الثاني ورجع إلى الدليل الثالث فتعلم حاله.

وامّا الدليل الثالث فاعترض عليه : بمنع استحالة سلب الشيء عن نفسه إذا كان معدوما ، فانّ ثبوت الشيء للشيء يستدعي ثبوته لنفسه ـ فثبوت الانسانية للانسان يستدعي ثبوت الانسان ـ ، فإذا كان الشيء معدوما يصدق سلب جميع المفهومات عنه. فان كان انتفائه واقعا صدقت السالبة المطلقة ، وإن كان ممكنا غير واقع صدقت الممكنة فقط ، وإن كان مستحيلا لم يصدق اصلا ؛

وجوابه : انّا لا نسلّم صدق سلب جميع المفهومات عن المعدوم في الخارج إذا كان موجودا في الذهن ، فانّ حقيقة الانسانيّة ثابتة للانسان المعدوم في الخارج إذا كان موجودا في مدرك من المدارك ، لانّ العقل إذا تعقّل ماهيّة الانسان يحكم بثبوت الانسانية له ، وإن لم يوجد في الخارج. فالانسان الموجود في الذهن دون الخارج انسان. فلا يشترط تاثير المؤثّر في كون الانسان انسانا ، إذ لو كان بتأثيره لم يثبت للانسان الذهني حقيقة الانسانية. وعدم ثبوت الانسانية الخارجية له غير قادح ، لانّ من يقول : « انّ الماهيّة ماهية بدون تاثير المؤثّر » لا يقول بانّ الانسان المعدوم مثلا ثبتت

١٧

له الانسانية الخارجية ، بل يقول : « أصل هذه الحقيقة مع قطع النظر عن وجودها وحصولها ثابتة لنفسها ، وامّا وجودها وحصولها في الأكوان فمن الجاعل ». ولمّا كانت هذه الماهيّة ثابتة لنفسها بدون تصوّر جعلها إذا كانت موجودة في الذهن دون الخارج يعلم منه أنّها إذا وجدت في الخارج يكون ثبوتها لنفسها أيضا بدون الجعل وإن كان وجودها من الجاعل. فالماهيّة الموجودة في الخارج وجودها وبروزها في الاكوان بتأثير المؤثّر ، ولكن كونها انسانا أو شجرا أو مثلّثا أو غير ذلك مع لوازمها الذاتيّة ليس بجعل جاعل وتأثير مؤثّر.

وممّا يدلّ على هذا انّه قد يتحقّق في بعض التقادير الحكم بثبوت الماهيّة الموجودة لنفسها مع عدم العلم بتأثير المؤثّر ؛ بيانه : انّ عدم العلم بتأثير المؤثّر قد يكون ناشئا من عدم التوجّه والالتفات من دون استلزامه لصحّة سلب جميع المفهومات لزوما بينا بالمعنى الأخصّ ، إذ اللزوم انّما هو بعد ترتيب مقدّمات. وحينئذ نقول : إذا أبصرنا زيدا مثلا يمكن أن يحصل لنا الجزم بانّه انسان مع عدم العلم بوجود مؤثّره ، وإذا كان كذلك فثبت كون الانسان انسانا عند عدم المؤثّر ، فتمّ الدليل. وأيضا يجوز أن يكون الشكّ في وجود المؤثر للشكّ في انّ هذا الشيء الموجود هل يحتاج إلى المؤثّر أم لا؟ ؛ وحينئذ تجويز عدم وجوده لا يستلزم صحّة سلبه عن نفسه. مثلا يمكن أن يرى شيء وكان له مؤثّر في الواقع ويجزم لثبوته ووجوده لنفسه ويشكّ في وجود مؤثّره ـ بناء على الشكّ في انّه هل هو ممكن محتاج إلى المؤثّر أم لا؟ ـ. ولا ريب انّ مثل هذا الشكّ لا ينافي القطع بثبوته لنفسه ، فثبت كون الانسان مثلا انسانا مع الشكّ في وجود مؤثّره ، ولو كان بتأثير المؤثّر لما حصل الجزم به بدون العلم بمؤثّره.

وقد علم بما ذكر انّ صدق سلب جميع المفهومات عن الماهيّة إذا كان لها نحو وجود خارجا أو ذهنا ممنوع. وكذا إذا كانت للماهيّات ثبوت في حاقّ الواقع ومتن نفس الأمر لم يصدق سلب جميع المفهومات عنها بحسبهما ، إذ نقول حينئذ : الانسان الثابت في الواقع ونفس الأمر لا ينفكّ عنه الانسانيّة الواقعيّة ، فماهيّة المثلّث حينئذ في حاقّ الواقع مثلّث من دون افتقار إلى الجعل والتأثير. نعم ؛ إن لم يكن للماهيّات ثبوت

١٨

في الواقع ونفس الأمر وفرض انّ ماهيّة ـ كالانسان مثلا ـ غير موجودة في الخارج و/ ٥ MA / لا في مدرك من المدارك صدق سلب جميع المفهومات في نفس الأمر ، إلاّ أنّه غير قادح في المطلوب اصلا ـ كما لا يخفى ـ.

على أنّ الصدق / ٥ DA / المذكور محلّ تامّل!.

وإذ ثبت صحّة ما أورده منكر التأثير والمتأثّر من بطلان الجعل المركّب في الماهيّة والوجود والاتصاف ـ أي : جعلها ايّاها ـ نقول في الجواب عن ايراده : انّ بطلان الجعل المركّب لا يوجب بطلان مطلق الجعل ، بل هنا قسم آخر من الجعل يسمّى بـ : « الجعل البسيط » ، وهو الجعل الحقيقيّ الّذي صارت الماهيّات به عن جعل الجاعل وهو جعلها موجودة في الخارج لا بان يكون اشياء ثابتة في أنفسها ويصبغها الجاعل بالوجود كما يفعل الصبّاغ بالثوب ، فانّه ليس جعلا بسيطا بل هو أيضا جعل مركّب ، بل فعلها وفعلها هو بعينه ايجادها في الخارج ، كما انّ المتحرّك إذا تحرّك لا تجعل الحركة ولا شيئا آخر حركة بل انّما يفعل الحركة وبمجرّد فعله يصير الحركة موجودة ، والخطّاط إذا خطّ لا يجعل الخطّ ولا شيئا آخر خطّا ، بل يفعل الخطّ ومجرد فعله هذا هو عين ايجاده في الخارج. ولمّا كان حقيقة هذا الجعل هو موجودية الماهيّة في الخارج والماهيّة الموجودة في الخارج وإن كان شيئا واحدا ليس مركّبا في الخارج من شيئين متميّزين أحدهما الماهيّة والآخر الوجود ، إلاّ أنّ العقل يحلّلها إليهما ويجعل الماهيّة متّصفة بالوجود ، فثبت هناك اشياء ثلاثة : الماهيّة ، والوجود ، والاتصاف. ولاجل ذلك يصحّ أن يقال : « أثر الجعل هو الماهيّة » ، وأن يقال : « اثره هو الوجود » ، وأن يقال : « اثره هو الاتصاف ». ومن ثمّة نجد بعض اقاويل الحكماء دالاّ على انّ تاثير المؤثّر في الماهيّة ، وبعضها دالاّ على أنّ تاثيره في الوجود. وليس هذا كما زعمه بعض المتأخّرين من انّ هنا مذهبين : أحدهما انّ التأثير في الماهيّة ـ ونسبه إلى الاشراقيّين ـ ، والثاني انّ التّأثير في الوجود ـ ونسبه الى المشّائين(١) ـ ؛ وعلى هذا فالتأثير في الماهيّة هو موجوديتها وليس جعل ذاتها ـ أي :

__________________

(١) راجع : كتاب المشاعر ، ص ٣٧ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ٣٩٨. وانظر أيضا : مجموعه مصنّفات شيخ اشراق ، ج ١ ، ص ٣٠١.

١٩

فعليّتها ـ أمرا وراء موجوديتها ولا موجوديتها امرا وراء اتصافها بالوجود حتّى يكون متعلّق الجعل هو الماهيّة نفسها بمعنى تابعيتها للجاعل دون كونها موجودة ، كما ذهب إليه بعض المتأخّرين وقال : « انّ الجعل متعلّق ابتداء بنفس الماهيّة لا بكونها هى ولا بكونها موجودة ، ثمّ العقل ينتزع منه كونها هي وكونها موجودة كما هو مذهب الاشراقيين.

وتحقيق ذلك انّه فرق بين جعل الشيء شيئا وبين جعل الشيء. والماهيّة ليست مجعولة ايّاها بل مجعولة في ذاتها بمعنى انّ نفسها تابع للجاعل وان صحّ أن يقال أيضا وجودها تابع له كما انّ عند من يجعل اثر الفاعل هو الاتّصاف بالوجود يصحّ ان يقال جعلهما الفاعل متّصفة بالاتصاف بالوجود أو متّصفة بالاتصاف بذلك الاتصاف. فكما انّ الاثر الأوّل عنده هو الاتصاف ـ لا بمعنى جعله شيئا بل جعله في نفسه ، والاتّصافات الأخر مرتّبة عليه ـ ، كذلك الأثر الأوّل عندهم الماهيّة ، لا بمعنى جعلها ايّاها أو غيرها ، بل جعلها في نفسها. وقولهم : « العقل يحكم بانّه جعله موجودا » لا يدلّ على أن ليس الماهيّة بنفسها اثر الفاعل ؛ وقولهم : « العقل يحكم بانّه لم يجعلها ايّاها » ـ على ما فيه من الكلام كما سبق ـ انّما يدلّ على نفى الجعل المركّب في الماهيّة لا على نفى جعلها في نفسها ، والفرق بين الجعلين ممّا لا ينبغى ان يخفى على من له ادنى بصيرة.

وإن شئت زيادة توضيح للمرام فاستمع لما يتلى عليك من الكلام ؛ وهو : انّ التأثير قد يكون اختراعيا ـ أعني : إفاضة الأثر على قابل ، كالصور والاعراض على المادّة القابلة لها ـ ومن هذا القبيل جعل الموجود الذهنى موجودا خارجيا وبالعكس ، وهذا التأثير بخصوصه يستدعي مجعولا ومجعولا إليه ؛ وقد يكون ابداعيا ـ أعني : ايجاد الأيس عن الليس المطلق ـ. ولا يقتضي مجعولا ولا مجعولا إليه ، بل هو جعل بسيط مقدّس عن شوائب التكثّر مستغن عن قابل متعلّق بذات الشيء فقط. وهذا هو التأثير الحقيقيّ في الشيء. والأوّل هو بالحقيقة هو تاثير في بعض اوصافه ـ أعني كونه شيئا آخر هو الموجود أو غيره ـ ، فأثره بالذات هو ذلك الاتّصاف. ولمّا كان المتعارف هو التأثير الأوّل وكان في تصوّر هذا التأثير نوع غموض لم يفهمه الكثيرون ، وقصّروا التأثير على المعنى الأوّل ولم يعلموا أنّ ما يفيده الفاعل شيئا يجب أن تكون له

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وفي ( مختصر التحفة الاثني عشريّة ) أنّه قال: ( لو لا السنتان لهلك النعمان ) (1) . يعني السنتين اللَّتين انتهل فيهما أبو حنيفة من بحر علم الإمام الصادق ( عليه السلام ).

قال الحافظ شمس الدين محمّد بن محمّد الجزري: ( وثبتَ عندنا أنّ كلاً من الإمام مالك، وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى، صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق حتّى قال أبو حنيفة: ما رأيتُ أفقه منه، وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور ) (2) .

2 - الإمام مالك بن أنس (ت: 179 هـ):

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): ( ولقد كنتُ أرى جعفر بن محمّد وكان كثير الدعابة والتبسّم، فإذا ذُكِرَ عنده النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اصفرَّ، وما رأيتُه يُحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلاّ على طهارة، ولقد اختلفتُ إليه زمانا، فما كنتُ أراه إلاّ على ثلاث خصال إمّا مصلِّياً وإمّا صامتا ً (3) ، وإمّا يقرأ القرآن، ولا يتكلّم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ ) (4) .

____________________

(1) مختصر التحفة الاثني عشريّة: 9، المطبعة السلفيّة، القاهرة.

(2) أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب: 55.

(3) هذا حسب كتاب: ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) للقاضي عِيَاض، ولعلّ الأصحّ صائماً كما ذكره ابن حجر في التهذيب.

(4) نقل كلامه القاضي عِيَاض في ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ): 2 / 42 طبع دار الفكر، ونقل قريباً من ذلك ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ): 2/70، دار الفكر.

٢٤١

3 - الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ):

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا، عن أبيه موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمّد الباقر، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب، عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: ( لو قرأتُ هذا الإسناد على مجنون لبرئ مِن جُنَّتِهِ ) (1) .

4 - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: 250 هـ):

قال في رسائله عند ذكر الجواب عمّا فخرتْ بهِ بنو أُميّة على بني هاشم، ما نصّه: ( فأمّا الفقه والعلم والتفسير والتأويل، فإنْ ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد، وكان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب... وجعفر بن محمّد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه. ويُقال إنّ أبا حنيفة مِن تلامذته وكذلك سفيان الثوري، وحسبك بهما في هذا الباب... ) (2) .

كما أنّه مدح عشرة من أهل البيت من ضمنهم الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقال: ( وَمنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيّون عشرة في نَسَق؛ كلّ واحد منهم: عالمٌ، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون:

ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [ العسكري ] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر [ الصادق ] بن محمّد بن علي بن الحسين

____________________

(1) أورده ابن حجر الهيتمي في ( الصواعق المحرقة ): 310، دار الكتب العلميّة.

(2) رسائل الجاحظ: 106، جَمَعَهَا ونَشَرَهَا حسن السندوبي، المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر.

٢٤٢

بن علي ( عليهم السلام )؛ وهذا لم يتّفق لبيتٍِ من بيوت العرب ولا من بيُوت العجم ) (1) .

5 - الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي (ت: 261 هـ):

قال في ( معرفة الثقات ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ولهم شيء ليس لغيرهم، خمسة أئمّة... ) (2) .

6 - محمّد بن إدريس، أبو حاتم الرازي (ت: 277 هـ):

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): ( جعفر بن محمّد ثقةٌ لا يُسألُ عن مثله ) (3) .

7 - عبد الرحمان بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الرازي (ت: 327 هـ):

قال في كتابه ( الجرح والتعديل ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله كرّم الله وجهه... روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، والثوري، وشعبة، ومالك، وابن إسحاق، وسليمان بن بلال، وابن عيينة، وحاتم، وحفص، سمعتُ أبي يقول ذلك ).

ثمّ نقل بعض مدائح وتوثيقات العلماء للإمام، كتوثيق الشافعي، وابن معين، وأبي عبد الرحمان، وأبي زرعة، مقرّاً لهم على ذلك بدلالة عدم تعليقه على كلماتهم، خصوصاً أنّ كتابه موسوم بالجرح والتعديل (4) .

____________________

(1) المصدر نفسه: 109.

(2) معرفة الثقات: 1 / 270، مكتبة الدار، المدينة المنوّرة.

(3) نقله ولده الرازي في ( الجرح والتعديل ): 2 / 487، دار الفكر. والذهبي في ( تذكرة الحفّاظ ): 1 / 166، نشر مكتبة الحرم المكّي، وغيرهما.

(4) انظر: ( الجرح والتعديل ): 2 / 487، دار الفكر.

٢٤٣

8 - محمّد بن حِبَّان بن أحمد، أبو حاتم التميمي البستي (ت: 354هـ):

قال في كتابه ( الثقات ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، كنيته أبو عبد الله، يروي عن أبيه، وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً، روى عنه الثوري ومالك وشعبة والناس... ) (1) .

9 - عبد الله بن عدي الجرجاني (ت: 365 هـ):

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): ( ولجعفر بن محمّد حديث كبير عن أبيه عن جابر، وعن أبيه عن آبائه، ونُسَخَاً لأهل البيت برواية جعفر بن محمّد، وقد حدّث عنه من الأئمّة مثل: ابن جريج، وشعبة بن الحجّاج، وغيرهم... وجعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين ) (2) .

10 - أبو عبد الرحمان السلمي (ت: 412 هـ):

قال في ( طبقات المشايخ الصوفيّة ): ( جعفر الصادق ( عليه السلام ) فاق جميع أقرانه من أهل البيت، وهو ذو علم غزير في الدين، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وأدب كامل في الحكمة ) (3) .

____________________

(1) الثقات: 6 / 131، طبع مجلس دائرة المعارف العثمانيّة، حيدر آباد الدكن، الهند.

(2) الكامل في الضعفاء: 2، 134، دار الفكر. ونقله ابن حجر بلفظ قريب من ذلك في ( تهذيب التهذيب )، 2 / 69، واللفظ المذكور من كتاب التهذيب.

(3) ذكره محمّد الخواجة البخاري في ( فصل الخطاب ). ونقله عنه القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): 2 / 457، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدريّة.

٢٤٤

11 - أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني (ت: 428 هـ):

قال في ( رجال مسلم ): ( جعفر بن محمّد الصادق... وكان من سادات أهل البيت فقهاً، وعلماً، وفضلاً ) (1) .

12 - أبو نعيم الأصبهاني (ت: 430 هـ):

قال في ( حلية الأولياء ) عند ترجمة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ): (.. الإمام الناطق، ذو الزمام السابق، أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع، ونهى عن الرئاسة والجموع ) (2) .

13 - محمّد بن طاهر بن علي المقدسي (ت: 507 هـ):

قال في كتابه ( الجمع بين رجال الصحيحين ): ( جعفر بن محمّد الصادق، وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي ( رضي الله عنهم )، يُكنّى أبا عبد الله... وكان من سادات أهل البيت... روى عنه عبد الوهاب الثقفي، وحاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد، وحسن بن عيّاش، وسليمان بن بلال، والثوري، والداروردي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن غيّاث، ومالك بن أنس، وابن جريج... ) (3) .

14 - أبو الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت: 548 هـ):

قال في ( الملل والنحل ): ( جعفر بن محمّد الصادق، هو ذو علم غزير، وأدب كامل في الحكمة، وزهد في الدنيا، وورع تامّ عن الشهوات، وقد أقام

____________________

(1) رجال مسلم: 1 / 120، دار المعرفة.

(2) حلية الأولياء: 3 / 176، دار إحياء التراث العربي.

(3) الجمع بين رجال الصحيحين: 1 / 70، دار الكتب العلميّة.

٢٤٥

بالمدينة مدّة يُفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرارَ العلوم، ثمّ دخل العراق وأقام بها مدّة، ما تعرّض للإمامة قط، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومَنْ غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط، ومَن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يَخَفْ مَن حطّ ) (1) .

15 - جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي (ت: 597 هـ):

قال في تاريخه ( المنتظم ) عند ذكر وفيات سنة: (148 هـ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله جعفر الصادق... كان عالماً، زاهداً، عابداً... ) (2) .

وقال في كتابه ( صفة الصفوة ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام )، يكنّى أبا عبد الله، أمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق. كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرياسة... ) (3) .

16 - أبو سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني (ت: 562 هـ):

قال في كتاب ( الأنساب ): ( الصادق: بفتح الصاد، وكسر الدال المهملتَين، بينهما الألف وفي آخرها القاف، هذهِ اللفظة لقب لجعفر الصادق، لصدقه في مقاله... ) (4) .

____________________

(1) الملل والنحل: 1 / 166، دار المعرفة.

(2) المنتظم: 8 / 110 - 111، المؤسّسة المصريّة العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.

(3) صفة الصفوة: 2 / 168، عند ذكر الطبقة الخامسة من أهل المدينة، رقم: 186، دار المعرفة.

(4) الأنساب: 3 / 507، دار الجنان، بيروت.

٢٤٦

17 - الفخر الرازي، محمّد الرازي فخر الدين بن ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الري (ت: 604 هـ):

قال في تفسيره عند ذكره معاني كلمة ( الكوثر ): ( والقول الثالث ( الكوثر ) أولاده، قالوا لأنّ هذهِ السورة إنّما نزلت ردّاً على مَن عابه عليه السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت، ثمّ العالَم ممتلئ منهم. ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يُعبأ به، ثمّ انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر، والصادق، والكاظم، والرضا ) (1) .

18 - عزّ الدين، ابن الأثير الجزري (ت: 630 هـ):

قال في ( اللباب في تهذيب الأنساب ): ( الصادق... هذهِ اللفظة تُقال لجعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهو المشهور بالصادق، لُقّبَ به لصدقه في مقاله وفعاله... ومناقبه مشهورة ) (2) .

19 - محمّد بن طلحة الشافعي: (ت: 652 هـ):

قال في كتابه ( مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ): ( هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جَمّة، وعبادة موفرة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبّع معاني القرآن، ويستخرج من بحر جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسّم أوقاته على أنواع الطاعات، بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تُذكِّر الآخرة، واستماع كلامه يُزهد في الدنيا، والاقتداء

____________________

(1) تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب: مجلّد16/ ج32/ 125، دار الفكر.

(2) اللباب في تهذيب الأنساب: 2 / 3، دار الفكر، طبعة جديدة ومنقّحة بإشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر.

٢٤٧

بِهَدْيِهِ يورث الجنّة، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوّة، وطهارة أفعاله تصدع أنّه من ذريّة الرسالة.

نقل عنه الحديث، واستفاد منه العلم جماعة من الأئمّة وأعلامهم مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عُيَيْنَة، وشعبة، وأيّوب السجستاني وغيرهم (رض)، وعدّوا أَخْذَهم عنه منقبةً شُرِّفوا بها وفضيلة اكتسبوها )

إلى أنْ قال: ( وأمّا مناقبه وصفاته، فتكاد تفوت عدد الحاصر، ويُحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر، حتى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تُدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عدد الإحاطة بحكمها، تُضاف إليه وتروى عنه.

وقد قيل إنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه عليه السلام، وإنّ في هذهِ المنقبة سنيّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه ) (1) .

20 - يوسف بن فرُغلي بن عبد الله سبط ابن الجوزي (ت: 654 هـ):

قال في ( تذكرة الخواص ): ( وهو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... ويلقّب بالصادق، والصابر، والفاضل، والطاهر، وأشهر ألقابه الصادق )، ثمّ ذكر قول علماء السّير بأنّ الإمام الصادق: كان قد اشتغل بالعبادة عن طلب الرياسة ).

ونقل قول عمرو بن أبي المقدام، وهو: ( كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ).

____________________

(1) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 2 / 111، مؤسّسة أمّ القرى.

٢٤٨

كما ذكر طرفاً من أخباره وإرشاداته ومكارم أخلاقه (1) .

21 - ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: 655 هـ):

نقل في كتابه ( شرح نهج البلاغة ) نصّ ما تقدّم ذكره عن أبي عثمان الجاحظ، مقرّاً له عليه (2) .

وقد ذكر في نفس الفصل أيضاً عند تطرّقه لذكر الإمام الباقر ( عليه السلام ) ما نصّه: ( وهو سيّد فقهاء الحجاز، ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه ) (3) .

22 - أبو زكريّا محيي الدين بن شرف النووي (ت: 676 هـ):

قال في ( تهذيب الأسماء واللغات ): ( الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم الهاشمي المدني الصادق... روى عنه محمّد بن إسحاق، ويحيى الأنصاري، ومالك، والسفيانان، وابن جريج، وشعبة، ويحيى القطان، وآخرون. واتّفقوا على إمامته وجلالته وسيادته، قال عمر بن أبي المقدام: كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ) (4) .

23 - أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خِلَّكان (ت: 681 هـ):

قال في كتابه ( وفيات الأعيان ): ( أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد

____________________

(1) تذكرة الخواص: 307، مؤسّسة أهل البيت، بيروت، لبنان.

(2) شرح نهج البلاغة: 15 / 274 و278، دار الكتب العلميّة، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة.

(3) المصدر نفسه: 277.

(4) تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 155، دار الفكر.

٢٤٩

الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، أحد الأئمّة الاثني عشر على مذهب الإماميّة، وكان من سادات أهل البيت، ولُقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر مِن أنْ يُذكر. وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل (1) ، وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيّان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمّن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمئة رسالة...

تُوفّي في: شوّال، ثمان وأربعين ومئة بالمدينة، ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه عليّ زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين، فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه.. ) (2) .

24 - شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ):

قال في ( تذكرة الحفّاظ ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام... وثّقه الشافعي ويحيى بن معين. وعن أبي حنيفة قال: ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد، وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسأل عن مثله. وعن صالح بن أبي الأسود سمعتُ جعفر بن محمّد يقول: ( سلوني قبل أنْ تفقدوني فإنّه لا يحدّثكم أحد بعد بمثل حديثي )، وقال هياج بن بسطام: كان جعفر الصادق يُطْعِم حتّى لا يبقى لعياله شيء، قلتُ [ أي الذهبي ]: مناقبُ هذا السيّد

____________________

(1) انظر: التنبيه في آخر هذا الفصل.

(2) وفيات الأعيان: 1 / 307، دار الكتب العلميّة.

٢٥٠

جمّة... ) (1) .

وقال في ( سير أعلام النبلاء ): في الجزء الثالث عشر، عند ذكره للإمام الصادق ( عليه السلام ): ( جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمّة العلم، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور ) (2) .

كما ذكر له في الجزء السادس ترجمة طويلة فيها توثيقات ومدائح العديد من العلماء كالشافعي، ويحيى بن معين، وأبي زرعة، وأبي حنيفة وغيرهم، كما تفرّقت أقواله عن الإمام في طيّات هذهِ الترجمة:

فقد قال في أحد المواضع: ( شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني، أحد الأعلام ) (3) .

وقال في موضع آخر عنه وعن أبيه الباقر ( عليه السلام ): ( وكانا من جُلَّة علماء المدينة ) (4) .

وقال في موضع ثالث: ( جعفر: ثقة، صدوق ) (5) .

كما أنّ الذهبي ترجم الإمام ترجمة مطوّلة شبيهة بما في ( سير أعلام النبلاء ) وذلك في كتابه تاريخ الإسلام (6) . وقال في آخرها: ( مناقب جعفر كثيرة، وكان يصلح للخلافة؛ لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه ).

____________________

(1) تذكرة الحفّاظ: 1 / 166، نشر مكتبة الحرم المكّي ( إعانة وزارة معارف الحكومة العالية الهنديّة ).

(2) سير أعلام النبلاء: 13 / 120، مؤسّسة الرسالة.

(3) المصدر نفسه: 6 / 255.

(4) المصدر نفسه: 6 / 255.

(5) المصدر نفسه: 6 / 257.

(6) تاريخ الإسلام: حوادث وفيات - 141 هـ - 160 هـ): 93 / دار الكتاب العربي.

٢٥١

25 - صلاح الدين الصفدي (ت: 764 هـ):

قال في كتابه ( الوافي بالوفيات ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. هو المعروف بالصادق، الإمام العَلَم المدني... ) إلى أنْ قال: ( وحدّثَ عنه: أبو حنيفة، وابن جريج، وشُعبة، والسفيانان، ومالك، ووهيب، وحاتم بن إسماعيل، ويحيى القطان، وخلق غيرهم كثيرون آخرهم وفاةً أبو عاصم النبيل، وثّقه يحيى بن معين والشافعي وجماعة ).

ثمّ نقل توثيق ومدح أبي حنيفة وأبي حاتم المتقدّم ذكرهما...، إلى أنْ قال: ( وله مناقب كثيرة وكان أهلاً للخلافة؛ لسؤدده وعلمه وشرفه... وتُوفّي سنة: ثمان وأربعين ومئة، ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه علي زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه. ولقّب بالصادق لصدقه في مقاله... ) (1) .

26 - أبو عبد الله أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (ت: 768 هـ):

قال في كتابه ( مرآة الجنان ) في أحداث سنة: (148 هـ): ( فيها توفيّ الإمام السيّد الجليل، سلالة النبوّة ومعدن الفتوّة، أبو عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي، وأمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر... وُلِدَ سنة: ثمانين في المدينة الشريفة وفيها تُوفّي.

ودُفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن علي رضوان الله عليهم أجمعين، وأكرِمْ بذلك القبر وما جمع من

____________________

(1) الوافي بالوفيات: 11 / 126 - 128، دار النشر: فرانز شتايز، شتوتغارت.

٢٥٢

الأشراف الكرام أُولي المناقب، وإنّما لقّب بالصادق؛ لصدقه في مقالته: وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيّان الصوفي كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمّن رسائله وهي خمسمئة رسالة ) (1) .

27 - المحدّث محمّد خواجه بارساي البخاري (ت: 822 هـ):

قال في كتابه ( فصل الخطاب ): ( ومِن أئمّة أهل البيت أبو عبد الله جعفر الصادق ( رضي الله عنه )... وكان جعفر الصادق ( رضي الله عنه ) من سادات أهل البيت... روى عنه ابنه موسى الكاظم ( رضي الله عنه )، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو حنيفة، وابن جريج، ومالك، ومحمّد بن إسحاق، وسفيان الثوري، وسفيان بن عُيَيْنَة، وشعبة، ويحيى بن سعيد القطان ( رحمهم الله )، واتّفقوا على جلالته وسيادته ) (2) .

28 - الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ):

قال في ( تقريب التهذيب ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات سنة: ثمان وأربعين [ أي 148 هـ ] ) (3) .

____________________

(1) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: 1 / 238، دار الكتب العلميّة.

(2) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): 2 / 457، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدريّة.

(3) تقريب التهذيب: 1 / 91، دار الفكر للطباعة والنشر.

٢٥٣

ونقل في كتابه ( تهذيب التهذيب ) مدائح العديد من العلماء وتوثيقاتهم للإمام سلام الله عليه كالشافعي، وابن معين، وأبي حاتم، والنسائي، وابن عدي، وابن حِبَّان وغيرهم، كما أرسل قول عمرو بن أبي المقدام إرسال المسلّمات، فقال:

قال عمرو بن أبي المقدام: ( كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيّين ) (1) .

29 - ابن الصبّاغ المالكي (ت: 855 هـ):

قال في كتابه ( الفصول المهمّة ): ( كان جعفر الصادق ( عليه السلام ) من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه، والقائم من بعده، برز على جماعة بالفضل، وكان أنبههم ذكراً وأجلّهم قدراً، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث، وروى عنه جماعة من أعيان الأمّة، مثل:

يحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وأبو عيينة، وأبو حنيفة، وشعبة، وأبو أيّوب السجستاني وغيرهم، وصّى إليه أبو جعفر ( عليه السلام ) بالإمامة وغيرها وصيّة ظاهرة، ونصّ عليه نصّاً جلياً ) إلى أنْ قال:

( وأمّا مناقبه فتكاد تفوت من عدّ الحاسب، ويحير في أنواعها فهم اليقظ الكاتب، وقد نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب، الذي يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي هو من كلامه، وله فيه المنقبة السنيّة والدرجة التي هي في مقام الفضل عَلِيَّة )، وقال في آخر الفصل:

( مناقب أبي جعفر الصادق ( عليه السلام ) فاضلة، وصفاته في الشرف كاملة، وشرفه على

____________________

(1) انظر: (تهذيب التهذيب): 2 / 68 - 70، دار الفكر.

٢٥٤

جهات الأيّام سائلة، وأندية المجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهِلَة.

مات الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام سنة: ثمان وأربعين ومئة، في شوّال... وقبره في البقيع، دُفن في القبر الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه، فللّه درّه من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه... ) (1) .

30 - عبد الرحمان بن محمّد الحنفي البسطامي (ت: 858 هـ):

قال في ( مناهج التوسّل ): ( جعفر بن محمّد، ازدحم على بابه العلماء، واقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء، وكان يتكلّم بغوامض الأسرار وعلوم الحقيقة وهو ابن سبع سنين ) (2) .

31 - المؤرّخ يوسف بن تغري بردي، جمال الدين الأتابكي (ت: 874هـ):

قال في ( النجوم الزاهرة ) عند ذكره لأحداث سنة: (148 هـ): ( وفيها تُوفّي جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، الإمام السيّد أبو عبد الله الهاشمي العلوي الحسيني المدني... وهو من الطبقة الخامسة من تابعي أهل المدينة، وكان يلقّب بالصابر، والفاضل، والطاهر، وأشهر ألقابه: الصادق... حدّث عنه أبو حنيفة، وابن جريج، وشعبة، والسفيانان ومالك، وغيرهم، وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد ) (3) .

____________________

(1) الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة: 211 - 219 دار الأضواء.

(2) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1 / 55 عن ( مناهج التوسّل ): 106.

(3) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 2 / 8، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسّسة المصريّة العامّة للتأليف والطباعة والنشر، نسخة مصوّرة على طبعة دار الكتب.

٢٥٥

32 - محمّد بن سراج الدين الرفاعي (ت: 885 هـ):

قال في ( صحاح الأخبار ): (قال العميدي: وُلِد الصادق بالمدينة، يوم الجمعة عند طلوع الفجر، سنة: ثلاث وثمانين من الهجرة... وعاش خمساً وستّين سنة، وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة، وقد نقل الناس عنه على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم ما سارت به الركبان، وقد عُدّ أسماء الرواة عنه فكانوا أربعة آلاف رجل... ) (1) . وواضح من اسم الكتاب ومقدّمته أنّه يتبنّى كلّ ما جاء فيه.

33 - أحمد بن عبد الله الخزرجي (ت: بعد 923 هـ):

قال في ( خلاصته ): ( جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله، أحد الأعلام... [ حدّث ] عنه خَلْق كثير لا يحصون، منهم ابنه موسى، وشعبة، والسفيانان، ومالك، قال الشافعي: وابن معين، وأبو حاتم، ثقة ) (2) .

34 - شمس الدين محمّد بن طولون (ت: 953 هـ):

قال في ( الأئمة الاثنا عشر ): ( وهو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

كان من سادات أهل البيت ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله

____________________

(1) صحاح الأخبار في نَسَب السادة الفاطميّة الأخيار: 44، الركابي المصوّرة على طبعة نخبة الأخبار في الهند.

(2) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال: 63، نشر مكتبة المطبوعات الإسلاميّة بحلب.

٢٥٦

أشهر مِن أنْ يُذكر ) (1) .

35 - الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي (ت: 974 هـ):

قال في ( الصواعق المحرقة ) في آخر كلامه عن الإمام الباقر ( عليه السلام ): ( وخلّف ستّة أولاد، أفضلهم وأكملهم جعفر الصادق، ومن ثمّ كان خليفته، ووصيّه، ونقل عنه الناس من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيتُه في جميع البلدان، وروى عنه الأئمّة الأكابر كيحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك، والسفيانَين، وأبي حنيفة، وشعبة، وأيّوب السختياني... ) (2) .

36 - الملاّ علي القاري (ت: 1014 هـ):

قال في ( شرح الشفا ): (جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بالصادق... متّفق على إمامته وجلالته وسيادته ) (3) .

37 - أحمد بن يوسف القرماني (ت: 1019 هـ):

قال في ( أخبار الدول ) عند ترجمته الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ): ( كان [ رضي الله عنه ] من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه، ونقل عنه من العلوم ما لم ينقل من غيره.

وكان رأساً في الحديث، روى عنه يحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبو حنيفة، وشعبة، وأبو أيّوب السجستاني،

____________________

(1) الأئمّة الاثنا عشر: 85، منشورات الشريف الرضي.

(2) الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البِدَع والزندقة: 305، دار الكتب العلميّة.

(3) شرح الشفا: 1 / 43 - 44، دار الكتب العلميّة.

٢٥٧

وغيرهم. وُلِد بالمدينة سنة: ثمانين من الهجرة... )، إلى أن قال:

( ومناقبه كثيرة، تُوفّي في سنة: ثمان وأربعين ومئة وله من العمر ثمان وستّون سنة، وقيل: إنّه مات مسموماً في زمن المنصور. ودُفِنَ بالبقيع الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه، فللّه درّه [ من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه ] ) (1) .

38 - محمّد بن عبد الرؤوف المنّاوي القاهري (ت: 1031 هـ):

قال في ( الكواكب الدريّة ): ( جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... كان إماماً نبيلاً... قال أبو حاتم: ( ثقة لا يُسأل عن مثله )، وله كرامات كبيرة ومكاشفات شهيرة:

منها: أنّه سُعي به عند المنصور، فلمّا حجّ أحضر الساعي وقال للساعي: أتحلف؟

قال: نعم، فحلف.

فقال جعفر للمنصور: حلّفهُ بما أراه.

فقال: حلِّفه؟

فقال: قل برئتُ مِن حول الله وقوّته والْتَجَأْتُ إلى حولي وقوّتي، لقد فعل جعفر كذا وكذا، فامتنع الرجل، ثمّ حلف، فَمَا تمّ حتّى مات مكانه.

ومنها: أنّ بعض الطغاة قتل مولاه فلم يزل ليلته يصلّي ثمّ دعا عليه عند السحر فسُمِعَت الضجّة بموته.

ومنها: أنّه لمّا بلغه قول الحكم بن عبّاس الكلبي في عمّه زيد:

صَلَبْنَا لَكُمْ زَيْدَاً عَلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ

وَلَمْ نَرَ مَهْدِيَّاً عَلَى الجِذْعِ يُصْلَبُ

قال: اللّهم سلّط عليه كلباً من كلابك، فافترسه الأسد... ) (2) .

____________________

(1) أخبار الدول وآثار الأول: 1 / 334 - 336، عالم الكتب، وقد أثبتنا الأقواس كما هي في النسخة التي اعتمدنا عليها، أمانةً للنقل.

(2) الكواكب الدريّة: 94، وورسة تجليد الأنوار، مصر.

٢٥٨

39 - أحمد بن شهاب الدين الخفاجي (ت: 1069 هـ):

قال عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): ( جعفر الصادق، أبو عبد الله بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عنه كثيرون، كمالك والسفيانان وابن جريح وابن إسحاق، واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته، وُلِدَ سنة: 80 هـ، وتُوفّي سنة: 148 هـ قيل مسموماً، وثّقه في روايته: الشافعي، وابن معين، وأبو حاتم، والذهبي، وهو مِن فضلاء أهل البيت وعلمائهم ) (1) .

40 - الشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت: بعد 1083 هـ):

قال في كتابه ( نور الأبصار ) تحت عنوان: فصل في ذكر مناقب سيّدنا جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: (... ومناقبه كثيرة تكاد تفوت عدّ الحاسب، ويُحار في أنواعها فَهْم اليَقِظ الكاتب، روى عنه جماعة من أعيان الأئمّة وأعلامهم كيحيى بن سعيد، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبي حنيفة، وأيّوب السختياني، وغيرهم.

قال أبو حاتم جعفر: الصادق ثقة لا يُسأل عن مثله... وفي حياة الحيوان الكبرى، فائدة، قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب وكتاب الجفر كتبه الإمام جعفر الصادق بن محمّد الباقر رضي الله عنهما فيه كلّ ما يحتاجون علمه إلى يوم القيامة، وإلى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعرّي بقوله:

لَقَد عَجِبُوا لآلِ البَيْتِ لَمّا

أَتَاهُم عِلْمُهُم فِي جِلْد جَفْرِ

____________________

(1) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1 / 59، ونقله محمّد علي دخيل في ( أئمّتنا ): 1/485 عن ( شرح الشفا ): 1 / 124.

٢٥٩

وَمِرْآةُ المُنَجِّمِ وَهِيَ صُغْرَى

تُرِيْهِ كُلَّ عَامِرَةٍ وَقَفْرِ

... وفي الفصول المهمّة: نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي من كلام جعفر الصادق، وله فيه المنقبة السَّنيَّة، والدرجة التي في مقام الفضل عَلِيَّه، و ( كان ) جعفر الصادق رضي الله عنه مجاب الدعوة، إذا سأل الله شيئاً لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه... ) (1) .

41 - شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمّد بن العماد الحنبلي (ت: 1089 هـ):

قال في كتابه ( شذرات الذهب ) في أحداث سنة: (148 هـ): ( وفيها تُوفِّي الإمام، سلالة النبوّة، أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي... وكان سيّد بني هاشم في زمانه، عاش ثمانياً وستّين سنة وأشهراً.

ووُلِدَ سنة: ثمانين بالمدينة، ودُفن بالبقيع في قبّة أبيه وجدّه وعمّ جدّه الحسن، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيّان الصوفي كتاباً في ألف ورقة يتضمّن رسائله، وهي خمسمئة، وهو عند الإماميّة من الاثني عشر بزعمهم...

وقال في ( المغني ): جعفر بن محمّد بن علي ثقة... وقد وثّقه ابن معين وابن عدي... ) (2) .

42 - حسين بن محمّد الديار بكري (ت: 1111 هـ):

قال في ( تاريخ الخميس ): ( وفي سنة: ثمان وأربعين ومئة، تُوفّي سيّد بني

____________________

(1) نور الأبصار في مناقب آل النبيّ المختار: 160 - 161، دار الفكر، طبعة مصوّرة على طبعة القاهرة، 1948م.

(2) شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب: 1 / 362، دار الكتب العلميّة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482