جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ٢

جامع الافكار وناقد الانظار9%

جامع الافكار وناقد الانظار مؤلف:
المحقق: مجيد هاديزاده
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-5616-70-7
الصفحات: 646

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 646 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39473 / تحميل: 6084
الحجم الحجم الحجم
جامع الافكار وناقد الانظار

جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
ISBN: ٩٦٤-٥٦١٦-٧٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الوجود العيني وبصير بمعنى أنّه عالم بالمبصرات ، وكذلك عالم بذاته بجميع المذوقات والمشئومات ومدركات اللامسة. قال سيد المحقّقين : لا شكّ أنّ السماع والابصار نحوان مخصوصان / ٢٠٢ DA / من العلم بالمعنى الاعمّ وإنّ تخصيصهما انّما هو بانكشاف معلوميهما بوجهين مخصوصين بهما ، وإنّ السمع والبصر ما يتّصف به الشيء بالسماع والابصار. ولمّا ثبت أنّ الباري ـ تعالى ـ عالم بجميع الأشياء الموجودة بذاته فلا محالة يكون عالما بالمسموعات والمبصرات بالوجه الّذي يدرك الحواسّ بذاته ، فيكون له هذان النحوان من العلم ـ اللذان هما السماع والابصار ـ بمنزلة السمع والبصر ؛ فعلى هذا يصدق عليه السميع والبصير بالحقيقة بلا تكلّف. ولا يلزم تعدّد القدماء ، لأنّ السمع وكذا البصر كالعلم نفس الذات باعتبار. قال بعض المشاهير بعد نقل هذا الكلام من السيد : هذا كلام حقّ وهو بعينه ما اختار المحقّق الطوسي في شرح الرسالة في ادراك جميع المحسوسات. ولا غبار عليه على ما قرّره المحقّق من أنّ الجزئيات على الوجه الجزئي الّذي هو مانع من فرض الشركة موجود في الخارج ، وامّا على الوجه الّذي قرّره السيد المذكور في موضع آخر غير ما نقلناه منه هنا من أنّ منع الشركة انّما نشأ من نحو الادراك الحسّي فيكون هذا الكلام منه متغيرا ، إذ يلزم حينئذ أن لا يكون الشيء الجزئي من حيث أنّه مانع للشركة مدركا له ـ تعالى ـ لعدم امكان ادراك الحسّي له ـ تعالى ـ. والحاصل : إنّه على تقدير كون مناط منع الشركة هو الادراك الحسّي الممتنع بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ، كما قال به السيد ـ كيف يمكن تصحيح هذين النحوين من العلم ـ أعني : انكشاف المسموع من حيث أنّه مسموع وكذا انكشاف المبصر من حيث أنّه مبصر له تعالى ـ؟! ، وأمّا على تقدير كون مناط منع الاشتراك هو نفس وجود المدرك الحسّي ـ كما قال به المحقّق ـ فلاعتبار علمه. وتوضيح ذلك : انّ مذهب المحقّق إنّ الجزئية صفة للموجود الخارجي ، / ١٩٩ MB / والكلّية والجزئية انّما هو بالتفاوت في المدرك ـ لأنّ الكلّية والجزئية بنحو الادراك لا التفاوت في المدرك ـ ، ولا يتصف بهما المعلوم ، بل الموصوف بهما انّما هو العلم ـ كما قال به السيّد والمحقّق الدواني وأشرنا إلى فساده ـ ، فالمحقق الطوسي لمّا كان قائلا بأنّ الموجود الخارجي متصف بالجزئية والجزئية وصف له وما لم يكن الشيء مشخّصا جزئيا

٤٠١

في الخارج لا يتصف بالجزئية وما لم يكن كلّيا غير متشخّص فيه لا يتصف بالكلّية نظرا إلى أنّ التفاوت بين الجزئية والكلّية انّما هو بالتفاوت في المدرك لا بمجرد التفاوت في نحو الادراك ، فيصح أن يقول : إنّ المسموعات والمبصرات وكذا غيرهما من المحسوسات على الوجه الّذي تكون مدركة لنا تكون مدركة للواجب أيضا للعلم الحضوري الشهودي من دون افتقار إلى الآلات. وامّا من قال : إنّ الكلّية والجزئية ليسا وصفين للمدرك بل هما وصفان للادراك نظرا إلى كون التفاوت بينهما بنحو الادراك والثابت للواجب هو الادراك على سبيل الكلّية ـ كما اختار السيّد السند في توجيه كلام الفلاسفة ـ فلا يصحّ له أن يقول : إنّ المسموعات والمبصرات وغيرهما على الوجه الّذي يدركهما الحواسّ يكون مدركة للواجب ـ سبحانه ـ ، لأنّ تلك الأمور مدركة لنا على الوجه الجزئي المانع من فرض الشركة بناء على اصلهم من أنّ الكلّية والجزئية وصفان للادراك وأنّ الأشياء مدركة له ـ تعالى ـ على الوجه الكلّي دون الجزئي ـ كما صرّح به السيد السند فيما تقدّم في تصحيح كلام الفلاسفة ـ لم يمكن له أن يقول : إنّ المسموعات والمبصرات معلومة له ـ تعالى ـ على الوجه الّذي يدركه الحواسّ.

فان قيل : السيد وغيره ممّن قال بذلك قائلون بأنّه لا يعزب عن علمه ـ سبحانه ـ مثقال ذرّة في الارض ولا في السماء ـ كما صرّحوا به ونقلناه من كلام الشيخ أيضا ـ ، فالمحسوسات الّتي ندركها نحن بالحسّ وإن لم يكن جزئية في نفس الأمر بزعمهم لكنهم يقولون إنّه معلومة له ـ تعالى ـ على النحو الموجود في الخارج بدون الاحساس على سبيل الكلّية ، وهذه المعلومية هو الابصار والسماع ، فهما أيضا بالنسبة إلى الواجب ـ تعالى ـ على الوجه الكلّي عندهم إلاّ أنّ فهمه يحتاج إلى لطف قريحة ـ كما صرّح به الشيخ ـ. فمن زعم أنّ الادراك على الوجه الكلّي الحصولي لا يتصوّر بالنسبة إلى الموجود العيني من حيث هو كذلك وحكم بانّه على القول بالحصولي يخرج العلم بالوجود العيني من حيث هو كذلك ـ لتوقّفه على العلم الحضوري ـ ، حكم بكون كلام السيد متغيّرا.

قلت : قد تقدّم إنّ العلم الحصولي / ٢٠٢ DB / لكونه كلّيا يخرج عنه التشخّص ولا يعلم به الموجودات العينية من حيث أنّها موجودات عينية ، وحينئذ فمع تسليم كون

٤٠٢

علمه ـ سبحانه ـ بالمحسوسات من المسموعات والمبصرات وغيرها حصوليا كلّيا لا يمكن أن يقال مع ذلك انّها مدركة له ـ تعالى ـ على الوجه الكلّي الّذي لنا مدرك بالحسّ ـ لكون المحسوسات لنا مدركة لنا بتشخّصاتها ووجوداتها الخارجية ـ ، فالكلام المنقول من السيد السند هاهنا وإن كان صحيحا إلاّ أنّه لا يوافق ما صرّح به فيما قبل من اعتقاده بالعلم الحصولى. نعم! ، يمكن أن يقال : ما صرّح به السيد فيما قبل انّما هو لتصحيح كلام الحكماء وتوجيهه وذلك لا يستلزم أن يكون موافقا لهم في الاعتقاد ، بل اعتقاده ما نقلناه منه هنا ، فيكون قائلا بالعلم الحضوري ؛ هذا.

ثمّ لا يخفى أنّ الكلام المنقول من السيد هاهنا ليس صريحا في أنّ السمع والبصر عين العلم بالمسموعات والمبصرات ، بل يحتمل كونها زائدا على العلم الحضوري ، فانّ قوله : « يكون عالما بالمسموعات والمبصرات بالوجه الّذي يدركه الحواسّ بذاته » ظاهر في أنّ ادراكه ـ تعالى ـ للمسموعات والمبصرات على الوجه الزائد على وجود العلم الحصولي ، لأنّ ادراك الشيء بالعلم الحضوري ليس مثل ادراك البصر للمبصر المسمّى بالرؤية ، فان الرؤية مشتملة على أمر زائد على العلم الحضوري. وإطلاق السيد لفظ العلم عليه لا ينافي ذلك ، لأنّ كلّ واحد من الاحساسات قسم من العلم ، إلاّ أنّ هذا القسم من العلم غير العلم الحضوري المتعارف بينهم ؛ وسيجيء بيان ذلك مفصّلا. / ٢٠٠ MA /

وكذا قوله : « ويصدق عليه السمع والبصر بالحقيقة بلا تكلّف أيضا » يدلّ على ما نقلناه ـ كما لا يخفى ـ ؛ هذا.

وامّا القول بكون السمع والبصر نفس العلم بالمسموعات والمبصرات على الوجه الكلّي كما ذهب إليه الحصوليون فيعلم فساده ممّا تقدّم.

وأمّا القائلون بكونهما صفتين زائدتين على العلم فاحتجّوا على كونهما غير العلم بأنّا إذا علمنا شيئا كاللون مثلا علما تامّا ثمّ رأيناه فانّا نجد بين الحالتين فرقا ضروريا ، ونعلم بالضرورة أنّ الحالة الثانية تشتمل على أمر زائد مع حصول العلم ، فذلك الزائد هو الابصار.

وأجاب عنه بعض المشاهير : بانّ ذلك الفرق لا يمنع كونه علما مغايرا لسائر العلوم ،

٤٠٣

فانّ في كلّ من افراد العلوم زيادة خصوصية لا توجد في غيره.

ومن الأفاضل من اجاب عن هذا الاحتجاج : بانّ هذا الاستدلال انّما يصحّ لو امكن العلم بمتعلّق الادراك الحسّي بطريق آخر غير الحسّ ، وهو باطل ؛ لأنّ الحسّ لا يتعلّق إلاّ بالجزئيات من حيث خصوصياتها ولا سبيل إلى ادراكها من هذه الجهة سوى الحسّ. وحاصله : إنّه لا يمكن ادراك الأمر المحسوس بغير الاحساس حتّى يصحّ أن يقال : نجد الفرق بين الادراكين ، لأنّ المدرك بالحسّ ليس ممّا يدرك بغير هذا الوجه من الادراك ، فلا يصدق حينئذ تحقّق الادراكين ، فلا يتمّ الدليل المبني على تحقّقهما.

وغير خفيّ بانّ هذا الجواب يمكن توجيهه بوجهين : الأوّل : إنّه إنّما ينفع استدلالكم بالفرق بين الحالتين إن امكنت الحالة الثانية ـ أعني : الرؤية بدون الاحساس ـ حتّى يتصور ثبوته للواجب ـ تعالى ـ ، وهذا باطل ؛ لانّه لا سبيل إلى تحصيل الحالة الثانية إلاّ بالحسّ وهو ممتنع في حقّه ـ سبحانه ـ.

ويرد على هذا التوجيه : إنّه يمكن ادراك الجزئيات من حيث خصوصياتها بطريق الاطّلاع الحضوري.

فان قيل : الاطّلاع الحضوري لا يشتمل على أمر زائد على العلم سيّما مع كون مطلق علمه ـ سبحانه ـ حضوريا ، فبطل ما ذكره المستدلّ من اشتمال الحالة الثانية على أمر زائد ، وهو يكفي للجواب ؛

قلنا : لو سلّم القول بأنّ الاطّلاع الحضوري للمسموعات والمبصرات للواجب القائم مقام الاحساس فينا ليس مغايرا لمطلق علمه ولا يشتمل على أمر زائد فهو جواب آخر عن الاستدلال المذكور ، ولا ينطبق كلام المجيب المذكور عليه. وكذا إن لم يسلّم عدم المغايرة وسلّم اشتماله على أمر زائد لكنه قيل : إنّه علم مغاير لسائر العلوم لأنّ في كلّ فرد من افراد العلوم زيادة خصوصية لا توجد في غيره لانه هو الجواب الّذي نقلناه عن بعض المشاهير. وما ذكره هذا المجيب على هذا التوجيه لا ينطبق عليه ، لانه منع تحقّق أصل الحالة الثانية في الواجب. فاذا قيل : إنّ الحالة الثانية هو الاطّلاع الحضوري يدفع جوابه. والتوجيه الثاني إنّه انّما يصحّ فرقكم بين الحالتين لو كان الجزئى هو معلوما بعينه

٤٠٤

قبل الرؤية حتّى يصحّ أن يقال : إنّه لما كان العلم حاصلا قبل الرؤية فما يزيد عليه بعدها هو الابصار ، لكن لا نسلّم إنّه معلوم قبل الرؤية إذ لا يمكن العلم بالمحسوسات بطريق آخر سوى الحسّ فلا يكون هو معلوما قبل الرؤية ، فلا يثبت قبل رؤية الجزئي العلم به حتّى يثبت شيء زائد حتّى يكون هو الابصار.

قيل : على هذا / ٢٠٣ DA / التقرير للجواب لا يصحّ ردّه على التقرير الأوّل بأن يقال : يمكن ادراك الجزئي قبل الرؤية بطريق الاطّلاع الحضوري ، لأنّ ذكر امكان الاطّلاع الحضوري على هذا التقرير لو ارتبط انّما يكون لتصحيح العلم بالمحسوسات قبل الاحساس بالرؤية مثلا ، ولا يخفى حينئذ أنّ كون الحالة الثانية مشتملة على أمر زائد على الحالة الأولى الّتي هي الاطّلاع الحضوري ليس أمرا ضروريا ، بل يكون ممنوعا ؛ انتهى.

والظاهر عدم الفرق بين التقريرين في امكان الدفع بالرد المذكور وعدمه ، فكما أنّه على التقرير الأوّل بعد الردّ بامكان ادراك الواجب المحسوسات بطريق الاطّلاع الحضوري ـ إن جاز أن يقال ـ فحينئذ لا يثبت شيء زائد على العلم السابق عليه. ويجاب بأنّ هذا جواب آخر غير ما ذكره المجيب ، فيجوز ذلك ـ أي : ايراد هذا السؤال مع الجواب على التقرير الثاني أيضا ـ ، وإن لم يجز ذلك على التقرير الأوّل ـ لضرورة / ٢٠٠ MB / المغايرة ـ فلا يجوز على التقرير الثاني أيضا.

ثمّ يمكن رد التقرير الثاني بأنّ الفرق بين الحالين لا يتوقف على كون الجزئي هو المعلوم بل يكفى وجدان الفرق بين العلم بشيء ورؤية شيء آخر وإنّ هذه الحالة غير تلك الحالة ، فللمستدلّ أن يقول : انّا إذا علمنا شيئا ورأينا شيئا آخر فانّا نجد بين الحالتين فرقا ضروريا ، فانّ الحالة الثانية بالنسبة إلى الشيء الثاني يشتمل على أمر زائد على مرتبة العلم ، وهو الابصار. وحينئذ فالجواب عن الاستدلال أن يقبل الفرق ويقال : إنّ الفرق لا يمنع كونهما نوعين من العلم ، لأنّ في كلّ فرد من العلم خصوصية لا توجد في غيره.

أقول : غير خفيّ بانّ مراد المستدلّ إنّ التفاوت والزيادة حاصل في حقيقة الرؤية المعبّر عنه بالفارسية ب : « ديدن » بالنسبة إلى مطلق العلم ـ سواء كان حصوليا أو حضوريا وبالنسبة إلى جميع افرادهما كائنا ما كان ـ ، لأنّه لا ريب في أنّ لكلّ واحد من

٤٠٥

الادراكات الحسّية ـ أعني : الابصار والسمع والذوق والشمّ واللمس ـ خصوصية لا توجد في شيء من افراد العلم حصوليا كان أو حضوريا. فانّ من علم بدنه بالعلم الحضوري من دون أن يراه بالباصرة ـ كمن يولد أعمى ـ ثمّ فرض رؤيته له فلا ريب في أنّه يحصل له من الرؤية خصوصية لم تكن حاصلة له من العلم الحضوري ، كيف وكلّ أحد يعلم أنّ الادراك بهذا الوجه الحاصل ـ أي : ما يعبر عنه بالفارسية بـ « ديدن » ـ مغاير لأيّ فرد فرض من افراد العلم الحضوري والحصولي! ؛ وكذا من علم بالعلم الحضوري بأنّ زيدا مثلا في وقت كذا يتكلّم بكلمات خاصّة من غير استماعه لها ثمّ سمعها فلا ريب أنّه يحصل من الاستماع خصوصية لم تكن حاصلة من العلم بها ، كيف لا وكلّ عاقل يعلم أنّ هذا الاحساس الخاصّ ـ المعبّر عنه بالفارسية بـ « شنيدن » ـ مغاير للعلم بالكلمات والأصوات! ؛ وقس عليهما الحال في سائر المحسوسات.

وإذا علمت ما ذكر فنقول : ما ذكر في جواب هذا الاستدلال من أنّ الفرق والتفاوت بين العلم والرؤية لا يمنع كونهما نوعين من العلم ـ فانّ في كلّ من افراد العلوم زيادة خصوصية لا توجد في غيره ـ لا يخفى ما فيه من الوهن والفساد! ، لأنّ بناء الاستدلال إنّ هذا المعنى البديهي المعبر عنه بـ « ديدن » مغاير لأيّ فرد فرض من افراد العلم ، فاذا كان الابصار في الواجب ـ سبحانه ـ بمعنى العلم ـ سواء كان حصوليا أو حضوريا ـ لا يثبت له ـ تعالى ـ هذا الأمر البديهى المغاير لكلّ فرد من العلم سواء كان كلّيا حصوليا أو اطّلاعا حضوريا مع أنّ الظواهر دالّة على ثبوت هذا الأمر البديهى له ـ تعالى ـ. فالجواب الابصار في الواجب ـ تعالى ـ إذا كان بمعنى الاطّلاع الحضوري يكون مغايرا لسائر افراد العلوم لا مدخلية له في ردّ الاستدلال أصلا ، لأنّ للمستدلّ أن يقول : مغايرة هذا الاطّلاع الحضوري القائم مقام الرؤية في الواجب لسائر افراد العلم غير قادح في دليلي ، لأنّ دليلي : انّ حقيقة الرؤية مغايرة لهذا الاطّلاع الحضوري أيضا لا من افراد العلم الحضوري ، والرؤية مغايرة لكلّ فرد من افراد العلم الحضوري والحصولي. على أنّ الكلام في علم الواجب ـ سبحانه ـ ، فاذا كان الابصار فيه بمعنى اطّلاعه الحضوري بالمبصرات لم يكن هذا مغايرا لسائر علومه ، فانّ علمه بجميع الأشياء انّما هو بالاطّلاع

٤٠٦

الحضوري على نحو واحد. وبالجملة ليس في علومه مغايرة وتفاوت جلاء وخفاء سواء قيل بأنّ علمه حصولي أو حضوري ، لأنّ علمه بالأشياء جميعا إمّا بحصول صورها في ذاته أو بانكشافها لديه ، وعلى التقديرين يكون علمه بنحو واحد. ولا يوجد في بعض / ٢٠٣ DB / علومه خصوصية بالظهور والخفاء لا يوجد في غيره وإلاّ لزم النقص والجهل. وعلى هذا فينحصر الجواب عن الاستدلال المذكور بأن يقال : هذه الخصوصية المتحققة في الرؤية والسمع وغيرهما من الاحساسات دون الاطّلاع الحضوري ليست صفة كمالية حتّى يكون عدمها نقصا للواجب ، بل ربما صحّ القول بانّ وجودها نقص ، وما هو صفة الكمال في مطلق الادراك ـ أعني : الظهور والجلاء ـ فهو في العلم الحضوري الّذي للواجب أشدّ من الظهور والجلاء الّذي في الرؤية والسمع بمعناهما المتعارف.

وبما ذكرناه ظهر أنّه لا بدّ من التأمّل في أنّ اثبات هذه الاحساسات على الوجه الجزئي الخاصّ البديهي الّذي يعرفه كلّ أحد للواجب ـ سبحانه ـ بدون الآلات هل هو نقص أم لا؟! ، وهل الظهور الّذي فيها أشدّ من الظهور في مطلق العلم الحضوري أم لا؟!.

فنقول : ذهب جماعة إلى أنّ اثبات الرؤية بهذا المعنى الخاصّ للواجب / ٢٠١ MA / ـ سبحانه ـ بدون الآلة على الوجه الّذي ثابت لنا بالآلة ليس فيه نقص واستحالة ، وثبوت هذا الأمر بدون الآلة ليس فيه استبعاد. وممّا يكسر سورة الاستبعاد مشاهدة النفس في الرؤيا اشياء كثيرة رؤيتها لها من دون استعانة بآلة البصر. ثمّ الابصار بهذا الوجه الخاصّ وإن كان نوعا من العلم إلاّ أنّه ليس من العلم الحصولى ولا الحضوري بالمعنى المعروف ، بل هو نوع آخر من العلم ربما كان الجلاء والظهور فيه بالنسبة إلى بعض الهيئات وبالنسبة إلى الأشياء المبصرة أشدّ من العلم الحضوري المتعلّق بهذه الأشياء المبصرة ، وحينئذ تقدّم ثبوته للواجب نقص للزوم فقد خصوصية الأظهرية الثابتة للابصار عنه ـ سبحانه ـ. ولا يوجب ثبوته أيضا للواجب تكثّر ولا تركّب ولا اختلاف حيثيات وجهات ، لكونها صفة اضافية كسائر الصفات الاضافية. وقس عليه الحال في السمع ، فانّ نفس استماع الصوت ـ المعبّر عنه بالفارسية ب : « شنيدن » ـ غير العلم به ، لأنّ الجلاء والظهور في نفس الاستماع أشدّ من العلم به ، فعدم ثبوته للواجب

٤٠٧

يوجب فقدان مرتبة من الظهور عنه ـ سبحانه ـ مع أنّ اثباته له بدون الآلة لا يوجب نقصا ولا تكثّرا. فمن أرجعهما إلى الاطّلاع الحضوري وصرّح بأنّ جميع المبصرات والمسموعات حينئذ مدركة له ـ تعالى ـ بالوجه الّذي تدركه الحواسّ من دون الاحتياج إلى الآلات إن أراد بهذا الاطّلاع الحضوري والادراك بالوجه المدرك للحواسّ هو الرؤية والسماع بالمعنى الخاصّ البديهي الّذي يعبّر عنه ب : « ديدن » وب : « شنيدن » فنعم الوفاق! ؛ وهو بعينه مذهب المتكلّمين القائلين بمغايرة السمع والبصر للعلم بالمعنى المعروف وكونهما زائدين عليه ؛ وإن أراد منه العلم بالألوان والأصوات من دون تحقّق نفس الرؤية والاستماع له ـ تعالى ـ بأن يعلم أنّ الجسم الفلاني اخضر وعلم أنّ الخضرة ما ذا وإنّ زيدا حصل منه في وقت كذا صوت خاصّ وعلم أنّ الصوت ما ذا ـ كما يحصل لنا أيضا بعينه ـ من دون حصول نفس الرؤية والاستماع ؛

ففيه : إنّ سلب نفس الرؤية والاستماع من الواجب مع كونهما صفتي الكمال وعدم نقص فيهما لا باعث له بعد ثبوتهما من الشرع ودلالة الظواهر المتواترة عليهما. نعم! ، سائر الاحساسات ـ أعني : الشمّ والذوق واللمس ـ فهي راجعة إلى الاطّلاع الحضوري بمعنى أنّه ـ سبحانه ـ عالم بانّ كلّ واحد من الأشياء المشمومة يتضمّن رائحة كذا وكلّ واحد من المذوقات يتضمّن طعم كذا وكلّ واحد من الملموسات يتضمّن أيّ كيفية من الكيفيات الملموسة من الحضونة والنعومة وغيرهما ، وتعلم أنّ حقيقة كلّ رائحة وكلّ طعم وكلّ كيفية ملموسة ما ذا ، وكيف هو. وليس الشمّ والذوق واللمس بأنفسها ثابتة له ـ سبحانه ـ بان يحصل له نفس الشمّ المعبر عنه بـ « بوئيدن » ونفس الذوق المعبر عنه ب : « چشيدن » ونفس اللمس المعبر عنه ب : « ماليدن » ، لأنّ هذه من خواصّ الأجسام واثباتها نقص ، فسلبها عن الواجب لا يوجب نفي صفة كمالية عنه ، بل اثباتها يوجب اثبات النقص له ـ تعالى ـ.

وهذا هو السرّ في إطلاق البصير والسميع عليه ـ تعالى ـ في الشريعة دون الشامّ والذائق واللامس. وإلى ما ذكر اشار المحقّق الدوانى حيث قال : إنّه لا يظهر وجه لارجاع هذين الوصفين بخصوصهما ـ أعني : السمع والبصر ـ إلى العلم دون سائر الصفات من

٤٠٨

القدرة والإرادة والحياة. مع أنّ ظواهر النصوص المشعرة بالمغايرة الذاتية والاحتياج إلى الآلة انّما هو في حقّنا ، فانّ الباري ـ تعالى ـ يدرك المبصرات والمسموعات على النحو الجزئي بذاته / ٢٠٤ DA / بناء على ما ذهب إليه جمهور المتكلّمين من أنّه ـ تعالى ـ يدرك الجزئيات بالوجه الجزئى ، فما الباعث حينئذ على تخصيص هذين الادراكين بالرجوع إلى العلم؟!. بل الظاهر انّهما صفتان زائدتان على العلم بخلاف ادراك سائر المحسوسات ، فانّه يرجع إلى العلم حيث لم يرد السمع باثبات صفة اخرى بإزائهما ـ كالذائق والشامّ واللامس ـ ، فيحكم برجوعه إلى العلم. وليت شعري ما الباعث للشيخ الأشعري على ذلك مع شيمته وطريقته المحافظة على ظواهر النصوص؟! ؛ انتهى.

وأورد عليه بعض المشاهير : بأنّه إذا كان ادراك المحسوسات الّتي هي غير المبصرات والمسموعات راجعا إلى العلم ـ كما قرّره هذا القائل ـ كان ذلك كافيا في كون ادراكهما راجعا إلى العلم أيضا ـ كما لا يخفى ـ ، فذلك هو وجه ارجاع الابصار والسماع إلى العلم المخصوص ، فانّ مجرّد إطلاق لفظي السميع والبصير في الشرع على الباري ـ تعالى ـ لا يكفي في الحكم بانّهما صفتان مغايرتان للعلم ، فبملاحظة أنّ الابصار و/ ٢٠١ MB / السماع فينا ليسا إلاّ ادراكين متعلّقين بالمبصرات والمسموعات بآلتين مخصوصتين يعلم أنّ استعمالهما في الباري ـ تعالى ـ بحسب الشرع ليس إلاّ بمعنى ادراك المبصرات والمسموعات على النحو الجزئي بذاته ، فيكونان راجعين إلى العلم ؛ انتهى.

وأورد عليه بانّ ارجاع غير السمع والبصر من الاحساسات إلى العلم ـ لكونها من خواصّ الأجسام واستلزامها للنقص ـ وعدم ورود الشرع باثباتها بخصوصها لا يوجب ارجاع السمع والبصر أيضا إليه مع ورود الشرع باثباتهما بخصوصهما وعدم استلزامهما لنقص مطلقا ، فالفرق بينهما وبين سائر الاحساسات قائم شرعا وعقلا ، فاثبات السمع والبصر بخصوصهما على النحو الخاصّ البديهى الّذي يعرفه كلّ أحد للواجب ـ سبحانه ـ بدون آلة كانّه ممّا يجب الاذعان به من حيث الشرع ، ولم تقم دلالة عقلية على امتناعه ، فارجاعهما إلى العلم مع عدم ضرورة عقلية خارج عن صوب الصواب.

٤٠٩

وقال بعض المحقّقين : الظاهر إنّ السمع والبصر حقيقتان في الادراكين المخصوصين مطلقا أعمّ من أن يكون حقيقة لهما بآلة أو بدونها ، ولو فرضنا كون الحصول بآلة معتبرا في معناهما الحقيقي فلا شكّ أنّ المعنى المذكور ـ أعني : الادراك المخصوص بلا آلة ـ أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقى وهو ممكن في حقّه ـ سبحانه ـ ، إذ كون الآلة شرطا في حصوله مطلقا ممنوع. والتحقيق أنّ ذلك الادراك ثابت له ـ تعالى ـ في جميع انواع المحسوسات وذلك غير العلم الحضوري بها ، إلاّ أنّ السمع ورد في خصوص السمع والبصر لكونهما ألطف الحواسّ وكون الادراك بهما بلا مباشرة جسم ، فلا حاجة إلى تأويل بخلاف سائر الحواس. وحينئذ فكون السمع والبصر عبارة عن العلم بالمسموعات والمبصرات مطلقا ـ كما هو مذهب الأشعري ـ ليس بصحيح. وما ذكره المحقّق الخفري ـرحمه‌الله ـ من أنّ المراد بهما هو العلم الحضوري محلّ نظر.

فان قلت : ما الفرق بين العلم الحضوري والاحساس؟ ؛

قلت : الفرق بينهما مثل الفرق بين العلم الحصولي والحضوري ـ وهو التفاوت بالشدّة والضعف في الجلاء والخفاء ـ ، ألا ترى أنّ علم النفس بذاتها علم ضروري وكذا علمها بالصورة الحاصلة فيها ، ولو فرض أن يتعلّق الرؤية بواحدة منها لم يشكّ العقل في أنّ الانكشاف حينئذ يكون أتمّ ما دام العالم متلبّسا بهذه الخصوصية وحاصلا في هذه النشأة؟!. نعم! ، يمكن أن يتبدّل له نشأة وخصوصية اخرى يكون فيها ادراكها العقلي اجلى من الحسّي ، والغرض ثبوت التفاوت بين العلمين.

ثمّ اقول : فرق بين العلم بالمعقولات والمهيات وبين العلم بالجزئيات سيّما المحسوسات ، فانّ الاحساس بالمعقول لو فرض تحقّقه لم يكن أتمّ من العلم به ، لكن الاحساس في المحسوسات أتمّ من العلم بها. وأيضا أقول : العلم الحضوري انّما كان أتمّ من الحصولي لأنّ الأوّل يستلزم انكشاف وجود المعلومات وحقيقتها والثاني انكشاف ماهيتها فقط ، ولا شكّ أنّ الخصوصية في الوجود الحسّي أزيد من الخصوصية في الوجود العقلي ، فانّ الخصوصيات في العقليات إمّا عين ذواتها أو من لوازمها ؛ بخلاف ما في المحسوسات ، فالعلم الحضوري انّما هو علم بأصل الوجود دون العلم بالخصوصية ،

٤١٠

فاثبات أصل العلم الحضوري لا يغني عن اثبات الاحساس الّذي المراد به هو انكشاف الخصوصيات الزائدة على أصل الوجود ؛ انتهى.

هذا ما ذكروه في هذا المقام.

وأنت تعلم أنّ العلم الحضوري الّذي للواجب بالنسبة إلى جميع الأشياء يكون أشدّ ظهورا وانجلاء / ٢٠٤ DB / من جميع الادراكات سواء كان علما كلّيا أو جزئيا حضوريا أو احساسيا بالحواسّ الباطنية أو الظاهرية ، فحينئذ علمه الحضوري بالمبصرات والمسموعات يكون الظهور والانجلاء فيه أشدّ من الرؤية والسماع البديهيين الّذين فينا ، ولا يخرج منه شيء من الخصوصيات الّتي فيهما ، وبالجملة : علمه الحضوري بالمبصرات والمسموعات من الظهور والانجلاء بحيث لا يخرج شيء عن الخصوصيات الثابتة للاحساسات سوى ما هو نقص من تأثير الحواسّ والانطباع وخروج الشعاع والمباشرة وغير ذلك ، ولا شبهة في أنّ ادراك المحسوسات بخصوصياتها المعينة بدون الآلات والمباشرة والتأثير ـ وغير ذلك ممّا يعتبر في الاحساسات الّتي فينا ـ ليس إلاّ علما حضوريا. فالحقّ أنّ ادراكه ـ تعالى ـ للمحسوسات مطلقا سواء كانت مبصرات أو مسموعات أو مذوقات أو ملموسات أو غير ذلك راجع إلى علمه الحضوري بها. وهذا العلم لا يخرج عنه شيء من الخصوصيات ، والظهور والانجلاء فيه أشدّ من الاحساسات البديهية الّتي فينا. فما ورد في الشريعة من إطلاق السميع والبصير عليه ـ تعالى ـ دون الشامّ والذائق واللامس انّما هو لكونهما ألطف الحواسّ واقربيتهما إلى العلم واشعار غيرهما بالملاصقة والمباشرة.

ثمّ الظاهر إنّ مذهب الامامية بأسرهم هو ذلك ـ أي : كون السمع والبصر راجعين إلى / ٢٠٢ MA / العلم ـ. وقيل : الظاهر إنّ مذهب المحقّق الطوسي وغيره من أساطين الامامية هو مذهب المعتزلة دون ما اختاره الأشعري ؛ كما اشار إليه بعض أهل التحقيق بقوله : إنّ ما هو المشهور بين طلبة أصحابنا من كون السمع والبصر العلم بالمسموعات والمبصرات مطلقا وهو مذهب اصحابنا موضع تأمّل ، سيّما كون ذلك مذهب المحقّق الطوسي ؛ بل الحقّ انّهما صفتان زائدتان على العلم كما هو مذهب المعتزلة. والدليل على

٤١١

أنّ المحقّق قال بزيادتهما على العلم إنّه بعد ما بيّن في التجريد أنّ علمه ـ تعالى ـ بجميع الأشياء كلّية كانت أو جزئية ، مجرّدة كانت أو محسوسة قال : « والنقل دلّ على اتصافه بالإدراك »(١) ، ومعلوم أنّ الادراك في عبارته هذه ليس هو المطلق ، المرادف للعلم المطلق ولا العلم بالجزئيات مطلقا ، ولا العلم بالمحسوسات بايّ طريق كان ، لأنّ جميع ذلك ممّا سبق بالأدلّة السابقة ؛ بل المراد منه هو الادراك المتعلّق بالمحسوس بما هو محسوس ـ أي : الّذي إذا كان صادرا يسمّى احساسا ـ. وهذا النحو الخاصّ من الادراك له ـ تعالى ـ لم يثبت بما ذكر سابقا من أدلّة العلم ، بل ربما يدعى عدم امكان اثباته بالدليل العقلي والعلم الحضوري الثابت له ـ تعالى ـ بجميع الأشياء وإن كان شبيها بهذا النحو من الادراك المسمّى عندنا بالاحساس ، إلاّ أنّه ليس احساسا حقيقة ، ولهذا جزم المحقّق ـرحمه‌الله ـ بانّ ثبوت هذا النحو من الادراك انّما هو بالسمع. فحصر دليل اثباته على السمع دليل واضح على أنّ المراد به ليس شيئا من معانى العلم المذكورة ، بل المراد به ما هو المسمّى عندنا بالاحساس. فحاصل كلامه : إنّ السمع دلّ على أنّ له ـ تعالى ـ احساسا ، فانّ النصوص متظافرة متواترة على كونه ـ تعالى ـ سميعا بصيرا والسمع حقيقة ليس إلاّ احساس المسموعات وكذا البصر ليس إلاّ احساس المبصرات ، إلاّ أنّ ذلك الاحساس فينا لا يمكن إلاّ بآلة جسمانية ودلّ العقل على استحالتها عليه ـ تعالى ـ ؛ فيجب بمقتضى اثبات الاحساس له ـ تعالى ـ وبمقتضى العقل نفي كونه بآلة.

وامّا كلامه المنقول عن شرح الرسالة ـ أعني قوله : « عبر بهما عن العلم » ـ ليس المراد به أنّ المراد بهما هو العلم المطلق ، بل مراده من العلم هو الادراك الاحساسى كما يدلّ عليه آخر كلامه المنقول ـ أعني قوله : « على النحو الّذي يدركه الحواسّ » ـ.

أقول : كلام المحقّق في التجريد وإن امكن حمله على ما ذكره هذا القائل ـ أعني : على أنّ المراد بالادراك في كلامه هو الاحساس ـ إلاّ أنّ كلامه في شرح الرسالة صريح في ارجاعهما إلى العلم ـ كما لا يخفى على المتأمّل فيه ـ.

ثمّ لا ريب في أنّه بعد ارجاع السمع والبصر إلى العلم الحضوري يمكن اثباتهما

__________________

(١) راجع : المسألة الخامسة من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٤.

٤١٢

بالعقل ، لأنّ كلّ ما يدلّ حينئذ على كونه ـ تعالى ـ عالما بالاشياء يدلّ على كونه سميعا بصيرا ؛ ومن جعلهما زائدين على العلم قال : دليلهما منحصر بالسمع. وربما قيل بامكان اثباتهما حينئذ بالدليل العقلي أيضا ، وهو : إنّ ادراك المحسوسات من حيث أنّها محسوسات بالوجه الاحساسي يدخل فيه بعض خصوصياتها الّتي يخرج عنها لو لم يدرك بهذا الوجه وادراك العلم بالعلم الحضوري ، ولا ريب في أنّ الادراك على وجه يشمل جميع الخصوصيات أكمل من الوجه الّذي خرج منه بعضها. ولمّا حكم / ٢٠٥ DA / العقل بأنّ الواجب ـ سبحانه ـ علّة لجميع الأشياء بجميع خصوصياتها وإنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول فيحكم أنّه يجب أن لا يخرج شيء من الخصوصيات من علمه ـ سبحانه ـ ، فيجزم بانّ الواجب يرى المبصرات بالنحو الاحساسي البديهي بدون آلة ويسمع المسموعات بهذا الوجه أيضا.

وفيه : إنّ الادراك بالعلم الحضوري لا يخرج شيء من الخصوصيات أصلا ، بل الواجب ـ سبحانه ـ يعلم المبصرات والمسموعات بجميع خصوصياتها المعينة بالعلم الحضوري ، فلا حاجة إلى الاحساس على النحو الثابت لنا مع اشتماله على النقص ـ كما يظهر ذلك عند التحقيق والتدبّر ـ.

وقد استدلّ على السمع والبصر الزائدتين أيضا بأنّه ـ تعالى ـ حيّ ، وكلّ حيّ يصحّ كونه سميعا بصيرا ، وكلّما يصحّ له ـ تعالى ـ من الكمالات ثبت له بالفعل ؛ لأنّ الخلو من صفات الكمال في حقّ من يصحّ اتصافه بها نقص وهو على الله ـ تعالى ـ محال.

وأورد عليه : بأنّ هذا الدليل لا بدّ فيه من بيان أنّ الحياة في الغائب أيضا يقتضي صحّة السمع والبصر. وغاية متشبّثهم في ذلك طريق السبر والتقسيم ، فانّ الجماد لا يتصف بقبول السمع والبصر وإذا صار حيا يتّصف به إن لم تقم به آفة. ثمّ إذا سبرنا صفات الحيّ لم نجد ما يصحّ قبوله للسمع والبصر سوى كونه حيا ، ولزم القضاء بمثل ذلك / ٢٠٢ MB / في حقّ الباري ـ تعالى ـ. وأيضا لا سبيل إلى بيان استحالة النقص والآفة على الباري ـ تعالى ـ سوى الاجماع المستند حجّيته إلى الأدلّة السمعية ، ولا خفاء

٤١٣

في ثبوت الاجماع وقيام الأدلّة السمعية على كونه ـ تعالى ـ سميعا بصيرا ، فليعوّل على الاجماع في هذه المسألة بل على الأدلّة السمعية القطعية ابتداء ، لأنّ الظواهر الدالّة على السمع والبصر أقوى من الظواهر الدالّة على حجية الاجماع ، إذ يتّجه على هذه اعتراضات كثيرة احتاجوا إلى دفعها ؛ وإن اثبتنا حجية الاجماع بالعلم الضروري من الدّين ، فذلك العلم الضروري ثابت في المسألة الّتي نحن فيها سواء بسواء. وحاصل هذا الايراد أنّ الحياة في الواجب يجوز أن يغاير الحياة في الحيوان ، بل الحقّ تغايرهما ، لأنّ الحياة في الحيوان ما يصحّ لاجله الحسّ والحركة وفي الواجب ما يصحّ لاجله العلم والقدرة ، فكما أنّ حياة الحيوان تقتضي الحركة وحياة الواجب لا تقتضيها فكذلك يجوز أن تقتضي السمع والبصر وحياة الواجب لا تقتضيهما. نعم! ، من ارجع السمع والبصر إلى العلم ـ كما اخترناه ـ يمكن أن يستدلّ بمثل هذا الدليل بأن يقول : لمّا كان معنى الحيّ في الواجب هو الدرّاك الفعّال كان لا محالة سميعا بصيرا بمعنى أنّه ـ تعالى ـ مدرك لجميع المسموعات والمبصرات بالعلم الحضوري ، فانّ كمال الحياة ـ لا سيّما كونها مع كمال التجرد ـ تقتضي ادراك المسموعات والمبصرات بل ادراك المحسوسات ، ولا خفاء في تحقّق كمال الحياة مع كمال التجرد فيه ـ تعالى ـ. وبهذا ثبت أنّه ـ تعالى ـ سميع بصير مدرك بالمعنى المذكور. وعلى هذا فما قيل : « إنّ طريق اثبات السمع والبصر ليس إلاّ بالشرع والعقل لا يدلّ عليه » يكون المراد منه : إنّ استعمال الفاظ الادراك والسمع والبصر في صفاته ـ تعالى ـ يكون بالسمع ، وامّا اثبات معانيها المذكورة ـ أعني : كونه تعالى عالما بالمسموعات والمبصرات ، بل بجميع المحسوسات ـ يكون بالعقل أيضا.

وغير خفيّ أنّ الايراد المذكور على الاستدلال المذكور لاثبات السمع والبصر بمعناهما الخاصّ البديهى المغاير للعلم الحضوري متّجه ، إذ مجرّد الحياة لا يقتضي صحّة ذلك. على أنّ المحقّق الطوسي قال في نقد المحصل : « إنّ قولهم الحيّ يصحّ اتصافه بالسمع والبصر ليس بمطّرد ، لأنّ اكثر الهوامّ والسمك لا سمع له والعقرب والخلد لا بصر لهما والديدان لا سمع لها ولا بصر ، فلو لم يمتنع اتصاف تلك الانواع بالسمع والبصر لما خلا جميع

٤١٤

أشخاصها منها »(١) .

ثمّ ما ذكر في الايراد المذكور من أنّه لا سبيل إلى بيان استحالة النقص والآفة على الباري ـ تعالى ـ سوى الاجماع ، ففساده ظاهر ؛ إذ لا شكّ في أنّ صفة الوجوب الذاتي مستلزم لاستحالة النقص والآفة على واجب الوجود ، فلا حاجة إلى التمسّك بالاجماع في استحالة هذين الأمرين على الباري ـ تعالى ـ ؛ هذا.

ثمّ النافي لثبوت السمع والبصر للواجب ـ سبحانه ـ رجّح بوجهين :

الأوّل : أنّهما تأثّر الحاسّة عن المسموع والمبصر أو مشروطا به كسائر الاحساسات ، وأنّه محال في حقّه ـ تعالى ـ

واجاب عنه القائلون بالزيادة : بمنع المقدّمة الأولى ، إذ لا يلزم من حصولهما مقارنا للتأثير فينا كونهما نفس ذلك التأثير أو مشروطين به ، وإن سلّم أنّه كذلك في الشاهد فلا نسلّم أنّه في الغائب كذلك ، فانّ صفاته ـ تعالى ـ مخالفة بالحقيقة لصفاتنا ، فجاز أن لا يكون سمعه وبصره نفس التأثير ولا مشروطا به.

/ ٢٠٥ DB / وأنت خبير بأنّ الاظهر هو الجواب الآخر ، وحاصله : إنّ العقل لمّا دلّ على استحالة الآلات في حقّه ـ سبحانه ـ ولم يقم دلالة عقلية على وجوب كون الاحساس على النحو الخاصّ مطلقا بالآلة وتأثّرها فيحكم بجواز كون الاحساس في الواجب غير منوط بتأثر الآلة. وعلى ما اخترناه من ارجاعهما إلى العلم اندفاع الايراد ظاهر.

وبما قرّرناه تعلم جلية الحال في الجواب الّذي ذكره القائلون بالزيادة.

الثاني : إنّ اثبات السمع والبصر في الأزل ولا مسموع ولا مبصر فيه خروج عن المعقول ؛

وأجاب عنه القائلون بالزيادة : بأنّ كلاّ منهما نفس ذات الواجب وله تعلّقات حادثة كالعلم والقدرة. والحاصل إنّ مصحّحهما ومناطهما ليس إلاّ ثبوتهما له ـ سبحانه ـ بمعناهما الاضافي في الأزل مع عدم تحقّق مسموع ومبصر فيه ، كثبوت العلم بالحوادث له

__________________

(١) راجع : نقد المحصّل ، ص ٢٨٨.

٤١٥

ـ تعالى ـ في الأزل مع عدم تحقّق المعلوم فيه ـ أي : بما يصحّح به هذا يصحّح به ذاك أيضا ـ ؛ وهو ظاهر.

وعلى ما اخترناه جواب هذا الايراد مع كيفية الحال في الجواب الّذي ذكره القائلون بالزيادة ظاهر.

٤١٦

الفصل السادس

في كلامه ـ سبحانه ـ

٤١٧

( الفصل السادس )

( في كلامه ـ سبحانه ـ )

قد تواتر عن الأنبياء واطبقت الشرائع كلّها على أنّه / ٢٠٣ MA / ـ تعالى ـ متكلّم ، إذ ما من شريعة إلاّ وفيها أنّه ـ تعالى ـ أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا ؛ وكلّ ذلك من اقسام الكلام.

ثمّ لما ثبت صدق الأنبياء بدلالة المعجزات من غير توقّف على اخبار الله ـ تعالى ـ عن صدقهم بطريق التكلّم فلا يلزم من اثبات تكلّمه ـ تعالى ـ بالشرع دور بلا شبهة. وبالجملة لا خلاف لأرباب الملل والاديان في كونه ـ سبحانه ـ متكلّما ، وانّما الخلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه. فالحنابلة قالوا إنّ كلامه ـ تعالى ـ حروف واصوات ، إلاّ انهم قالوا انّها حادثة قائمة بذاته ـ تعالى ، نظرا إلى تجويزهم قيام الحوادث بذاته سبحانه ـ ، وهذا هو المطابق لما نسب إليهم شارح المواقف. وامّا المذكور في المقاصد وشرحه فهو إنّ مذهب الكرامية إنّ الكلام هو قدرته ـ تعالى ـ على التكلّم وهو قديم والمنتظم من الحروف ليس كلامه ، بل هو قوله وهو حادث. قال صاحب المقاصد ما توضيحه : إنّه لمّا رأت الكرامية انّ بعض الشرّ أهون من بعض وانّ مخالفة الظواهر أشنع من مخالفة الدليل فلم يخالفوا الظواهر ـ أعني : كون المنتظم من الحروف حادثا ـ وخالفوا مقتضى الدليل القائم على عدم جواز قيام الحوادث بذاته ـ تعالى ـ ،

٤١٨

فقالوا : إنّ المنتظم حادث قائم بذاته ـ تعالى ـ وإنّ المنتظم هو قول الله ـ تعالى ـ لا كلامه ، فانّ كلامه قدرته التكلّم وهو قديم وقوله حادث لا محدث ، فانّ كلّ ماله ابتداء وإن كان مبائنا للذات فهو محدث بقول « كن » لا بالقدرة فقط ، وإن كان قائما بالذات فهو حادث بالقدرة فقط لا بقول « كن » ، إذ لو كان وقوع كلّ شيء بقول « كن » لزم أن تكون كلمة « كن » واقعة بمثلها ، فيلزم التسلسل. وعلى ما ذكر فالفرق بين الحادث والمحدث عندهم بالقيام بذاته ـ تعالى ـ وعدم القيام به ، فانّ القائم هو الحادث والمباين الغير القائم هو المحدث.

ولا يخفى انّه كما يأتي إنّ الكلام يطلق على التكلّم ، وعلى ما به التكلّم ـ أعني :

الكلمات والاصوات ـ. والتكلّم في الواجب انّما هو بمعنى قوّة الإلقاء وهو قديم ؛ فما ذهب إليه الكرامية ـ على قول صاحب المقاصد ـ من أنّ الكلام بمعنى القدرة على التكلّم انّما هو بمعنى التكلّم القديم لا بمعنى ما به التكلّم. فهم لم يطلقوا الكلام على ما به التكلّم ، بل اطلقوا عليه القول.

والمعتزلة قالوا كلامه ـ تعالى ـ أصوات وحروف وهي حادثة لكنّها ليست قائمة بذاته ـ تعالى ـ ، بل خلقها في غيره ـ تعالى ـ كجبرئيل أو النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ. ومعنى كونه متكلّما حينئذ إنّه خلق الكلام في بعض الأجسام على قصد الإلقاء من عنده ـ تعالى ـ واعلام الغير ، فاندفع ما قيل من : أنّه لمجرد الخلق لا يلزم التكلّم كما لا يلزم من خلق كلام زيد عند تكلّمه ـ على ما هو مذهب الأشاعرة ـ تكلّمه. ووجه الاندفاع إنّ خلق الواجب ـ تعالى ـ كلام زيد عند صدوره عنه ليس بقصد اعلام الغير ـ أي : ليس هذا بقصد منه سبحانه ـ ، بل هو مجرّد الايجاد.

فان قيل : لا ريب في أنّ زيدا مثلا يقصد من كلامه اعلام الغير ، وعند الأشاعرة كما أنّ ايجاد كلامه من الواجب ـ تعالى ـ فكذا ايجاد قصده منه ـ سبحانه ـ ، فيصدر من الواجب خلق الكلام بالقصد المذكور ، / ٢٠٦ DA / فالايراد غير مندفع! ؛

قلنا : فرق بين ايجاد القصد والاتصاف به ، إذ الواجب ـ تعالى ـ عندهم أوجد هذا القصد القائم بالغير حين ايجاد الكلام فيه من دون اتصافه به ، والمعتبر في كون الشيء

٤١٩

متكلّما أن يكون متصفا بهذا القصد.

والأشاعرة قالوا : إنّ كلامه ـ تعالى ـ ليس من جنس الأصوات والحروف ، بل هو معنى قائم بذاته يسمّى « الكلام النفسي » وهو مدلول الكلام اللفظي المركّب من الأصوات والحروف ، وهو قديم.

قال بعض الفضلاء : منشأ الخلاف في ذلك هو أنّ هاهنا قياسين متعارضين :

أحدهما : إنّ كلامه ـ تعالى ـ صفة له ـ تعالى ـ وكلّ ما هو صفة له ـ تعالى ـ فهو قديم ، فكلامه قديم ؛

وثانيهما : إنّ كلامه ـ تعالى ـ مؤلّف من اجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود ، وكلّ ما هو كذلك فهو حادث ، فكلامه حادث. فاضطرّوا إلى / ٢٠٣ MB / القدح في أحد القياسين ومنع بعض المقدمات ضرورة امتناع حقّية النقيضين. فالحنابلة صحّحوا القياس الأوّل ومنعوا كبرى القياس الثاني ؛ والكرامية قالوا بصحّة القياس الثاني وقدحوا في كبرى القياس الأوّل ؛ والمعتزلة صحّحوا القياس الثاني وقدحوا في كبرى القياس الأوّل ؛ والأشاعرة صحّحوا القياس الأوّل وقدحوا في صغرى القياس الثاني.

قيل : إنّ الأشاعرة لم يقدحوا في صغرى القياس الثاني إذا اخذوا الكلام الّذي هو موضوعها بمعنى الكلام اللفظي ، وانّما قدحوا فيها إذا اخذوه بمعنى الكلام النفسي ، فهم يصحّحون القياسين المذكورين بأن جعلوا الكلام المذكور في القياس الأوّل بمعنى الكلام النفسي والكلام المذكور في القياس الثاني بمعنى الكلام اللفظي. والحاصل : إنّه إن جعل الكلام المذكور في الدليلين بمعنى الكلام النفسي قدحوا في صغرى القياس الثاني ، وإن جعل بمعنى الكلام اللفظي قدحوا في صغرى القياس الأوّل ، وإن جعل معناه مختلفا في القياسين على النحو المذكور لم يقدحوا ؛ انتهى.

وغير خفيّ بأنّ جواز اخذ الأشاعرة الكلام في صغرى القياس الثاني بمعنى الكلام اللفظي حتّى يصحّحوا القياسين ولم يقدحوا في شيء منهما مبنيّ على أنّ الكلام عندهم على قسمين : نفسي قديم ؛ ولفظي حادث ، إذ لو كان الكلام عندهم منحصرا بالنفسي لما امكنهم أن يأخذوا الكلام في صغرى القياس الثاني بمعنى الكلام اللفظي ، فلا بدّ لهم

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم يستحلوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم.( وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ) يعنى آدم وذريته إلى قوله وقيل آدم وما ولد من الأنبياء والأوصياء وأتباعهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ) والبلد مكة( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ) قال: كانت قريش لا يستحلون ان يظلموا أحدا في هذا البلد ويستحلون ظلمك فيه( وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ) قال: آدم وما ولد من الأنبياء والأوصياء( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ ) أي منتصبا.

٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام انا نرى الدواب في بطون أيديها الرقعتين مثل الكي فمن أي شيء ذلك؟ فقال: ذلك موضع منخريه في بطن امه، وابن آدم منتصب في بطن امه، وذلك قول اللهعزوجل :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ ) وما سوى ابن آدم فرأسه في دبره ويداه بين يديه.

٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء، ولكن قائم يخبر انه حافظ كقول الرجل القائم بأمرنا فلان.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى الحسين بن أبي يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ) يعنى يقتل في قتله ابنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً ) يعنى الذي جهز به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جيش العسرة.

وفيه( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً ) قال: اللبد المجتمع.

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً ) قال: هو عمرو بن عبد ود حين عرض عليه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام الإسلام يوم الخندق وقال: فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا، وكان أنفق مالا في الصد عن سبيل الله فقتله

٥٨١

علىعليه‌السلام ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) قال: في فساد كان في نفسه.( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولسانا يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام وشفتين يعنى الحسنينعليهما‌السلام .

١١ ـ في مجمع البيان وروى عبد الحميد المدائني عن أبي حازم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله تعالى يقول: يا ابن آدم ان نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وان نازعك بصرك إلى بعض ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وهديناه النجدين أي سبيل الخير وسبيل الشر، عن عليٍّعليه‌السلام .

١٢ ـ وروى انه قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ان أناسا يقولون في قوله:( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) انهما الثديان فقال: لا، هما الخير والشر.

١٣ ـ وقال الحسن بلغني أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ايها الناس هما نجدان نجد الخير ونجد الشر، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير؟ ١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه قريبا اعنى قوله: يعنى الحسن والحسين( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) إلى ولايتهما.

١٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى حمزة بن محمد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) قال: نجد الخير والشر.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) قال: بينا له طريق الخير وطريق الشر.

١٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن يونس قال: أخبرنى من رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ ) يعنى بقوله: فك رقبة ولاية أمير المؤمنين، فان ذلك فك رقبة.

١٨ ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان الديلمي

٥٨٢

عن أبيه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك قوله:( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) قال: من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال: فسكت فقال لي: فهلا أفيدك حرفا خيرا لك من الدنيا وما فيها؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: قوله:( فَكُّ رَقَبَةٍ ) ثم قال: الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك، فان الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت.

١٩ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن محمد بن عمرو بن يزيد قال: أخبرت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام انى أصبت بابنين وبقي لي ابن صغير قال: تصدق عنه، ثم قال حين حضر قيامي مر الصبى فليتصدق بيده بالكسرة والقبضة والشيء وان قل، فان كل شيء يراد به الله وان قل بعد أن تصدق النية فيه عظيم، ان الله تعالى يقول:( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وقال:( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) علم اللهعزوجل ان كل أحد لا يقدر على فك رقبة فجعل إطعام اليتيم والمسكين مثل ذلك تصدق عنه.

٢٠ ـ أحمد بن محمد عن أبيه عن جعفر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضاعليه‌السلام إذا أكل أتى بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به، فيأخذ من كل شيء شيئا، فيضع في تلك الصحفة، ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الاية:( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) ثم يقول: علم اللهعزوجل انه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة.

٢١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ) قال: العقبة الائمة من صعدها فك رقبته من النار.

٢٢ ـ وفيه( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ) يقول: ما أعلمك وكل شيء في القرآن وما ادراك فهو ما أعلمك. حدّثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا

٥٨٣

عبد الله بن مسعود عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( فَكُّ رَقَبَةٍ ) قال: بنا تفك الرقاب وبمعرفتنا، ونحن المطعمون في يوم الجوع والمسغبة.

٢٣ ـ في مجمع البيان وأمّا المراد بالعقبة ففيه وجوه: أحدها انه مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في اعمال الخير والشر إلى قوله: وثانيها انها عقبة حقيقة، قال الحسن وقتادة: هي عقبة شديدة في النار دون الجسر فاقتحموها بطاعة اللهعزوجل ، وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: إنّ أمامكم عقبة كئودا(١) لا يجوزها المثقلون وانا أريد ان أخفف عنكم لتلك العقبة.

٢٤ ـ وروى مرفوعا عن البراء بن عازب قال: جاء أعرابي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة، قال: إنّ كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسئلة أعتق النسمة وفك الرقبة فقال: أو ليسا واحدا؟ قال: لا، عتق الرقبة ان تتفرد بعتقها، وفك الرقبة ان تعين في ثمنها، والفيء على ذي الرحم الظالم، فان لم يكن ذلك فأطعم الجائع، واسق الظمآن،( وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) ، فان لم تطق ذلك فكف لسانك إلّا من خير.

٢٥ ـ وروى محمد بن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : ان لي ابنا شديد العلة قال: مره تتصدق بالقبضة من الطعام بعد القبضة، فان الله تعالى يقول:( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) وقرأ الآيات.

٢٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن سعدان بن مسلم العامري عن بعض أصحابه قال: رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يأكل فتلا هذه الآية( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ ) إلى آخر الآية ثم قال: علم الله أن ليس كل خلقه يقدر بعتق رقبة، فجعل لهم سبيلا إلى الجنة بإطعام الطعام.

٢٧ ـ في مجمع البيان:( فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ) وفي الحديث عن معاذ بن جبل

__________________

(١) أي صعبة شاقة المصعد.

٥٨٤

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أشبع جائعا في يوم مسغب(١) ادخله الله يوم القيامة من باب من أبواب الجنان لا يدخلها إلّا من فعل مثل ما فعل.

٢٨ ـ وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان(٢) .

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقربة قرباه( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام مترب بالعلم، وفيه( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) قال: لا يقيه من التراب شيء.

٣٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من اطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الأجر في الاخرة، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلّا الله رب العالمين، ثمّ قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان، ثم تلا قول اللهعزوجل :( أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) .

وفي محاسن البرقي مثله سواء مع زيادة الجنة بعد موجبات و( ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) أخيرا.

٣١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله: أصحاب الميمنة أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام والذين كفروا بآياتنا قال: الذين خالفوا أمير المؤمنينعليه‌السلام ( هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ ) وقال: المشأمة أعداء آل محمدعليهم‌السلام نار مؤصدة أي مطبقة.

__________________

(١) يوم مسغب أو مسغبة أي مجاعة.

(٢) السغبان: الجائع.

٥٨٥

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أكثر قراءة «والشمس، والليل إذا يغشى، والضحى، وألم نشرح» في يوم أو ليلة لم يبق شيء بحضرته إلّا شهد له يوم القيامة حتى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه، وجميع ما أقلت الأرض منه، ويقول الرب تبارك وتعالى: قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له، انطلقوا به إلى جناتى حتى يتخير منها حيث ما أحب فأعطوه من غير من ولكن رحمة منى وفضلا عليه وهنيئا لعبدي.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر.

٣ ـ في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الرجل إذا قرء والشمس وضحاها فختمها أن يقول: صدق الله وصدق رسوله، قلت: فان لم يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال: ليس عليه شيء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤ ـ في روضة الكافي جماعة عن سهل عن محمد عن أبيه عن أبي محمد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَالشَّمْسِ وَضُحاها ) قال: الشمس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله به أوضح اللهعزوجل للناس دينهم، قال: قلت:( وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها ) قال ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونفثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعلم نفثا، قال: قلت:( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها ) قال: ذلك أئمة الجور الذين استبد وأبا الأمر دون آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجلسوا مجلسا كان آل الرسول اولى به منهم، فغشوا دين الله بالظلم والجور، فحكى الله فعلهم فقال:( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها ) قال: قلت:( وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ) قال: الامام من ذرية فاطمة صلوات الله عليها يسأل عن دين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيجليه لمن سأله، فحكى اللهعزوجل قوله: فقال:( وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ) .

٥٨٦

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: أخبرنى أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَالشَّمْسِ وَضُحاها ) ونقل نحو ما نقلنا عن الروضة.وفيه متصل بآخر ما نقل اعنى( إِذا جَلَّاها ) وقوله: ونفس وما سواها قال: خلقها وصورها( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) أي عرفها وألهمها ثم خيرها فاختارت.

٦ ـ في أصول الكافي باسناده إلى حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام وقال:( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) قال: بين لها ما تأتى وما تترك.

٧ ـ في مجمع البيان وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام في قوله:( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) قال: بين لها ما تأتى وما تترك وفي قوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) قال: قد أفلح من أطاع( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) قال: قد خاب من عصى.

٨ ـ وجاء الرواية عن سعيد بن أبي هلال قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قرء هذه الآية( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) وقف ثم قال: أللّهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها، وزكها أنت خير من زكاها.

٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) يعنى نفسه طهرها( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) أي أغواها.

حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد الله قال: حدّثنا الحسن بن جعفر قال حدّثنا عثمان بن عبيد الله الفارسي قال حدّثنا محمد بن علي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام زكاه ربه( وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) قال: هو الاول والثاني في بيعته إياه حيث مسح على كفه.

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها ) يقول الطغيان حملها على التكذيب، وقال علي بن إبراهيم في قوله:( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) قال الذي عقر الناقة.

١٠ ـ في مجمع البيان والأشقى عاقر الناقة وهو أشقى الأولين على لسان

٥٨٧

رسول الله واسمه قذار بن سالف وقد صحت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام : من أشقى الأولين؟ قال عاقر الناقة قال: صدقت، فمن أشقى الآخرين؟ قال: قلت: لا اعلم يا رسول الله قال: الذي يضربك على هذه وأشار إلى يافوخه(١) .

١١ ـ عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام في غزوة العسرة نائمين في صور من النخل ودقعاء من التراب(٢) فو الله ما أهبنا إلّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحركنا برجله، وقد تتربنا من تلك الدقعاء ؛ فقال: ألآ أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليُّ على هذه، ووضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه وأخذ بلحيته.

١٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو بكر مردويه في فضائل أمير المؤمنين وأبو بكر الشيرازي في نزول القرآن أنّه قال سعيد بن المسيب كان على يقرء إذا انبعث أشقاها قال: فو الذي نفسي بيده ليخضبن هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته ورأسه.

١٣ ـ وروى الثعلبي والواحدي بإسنادهما عن عمار عن عثمان بن صهيب وعن الضحاك وروى ابن مردويه باسناده عن جابر بن سمرة وعن صهيب وعن عمار وعن ابن عدى وعن الضحاك والخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة وروى الطبري والموصلي عن عمار وروى أحمد بن حنبل عن الضحاك أنّه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ أشقى الأوّلين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين قاتلك، وفي رواية من يخضب هذه من هذا.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ ) قال أخذهم بغتة وغفلة بالليل ولا يخاف عقباها قال: من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا يخافون.

__________________

(١) اليافوخ: الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل.

(٢) الصور: المجتمع من النخل. والدقعاء: التراب الدقيق على وجه الأرض.

٥٨٨

١٥ ـ في مجمع البيان قرء أهل المدينة وابن عامر «فلا يخاف» بالفاء وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أكثر قراءة «والشمس والليل» الحديث وقد تقدم في سورة الشمس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها أعطاه الله حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر.

٣ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن محمد ابن مسلم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : قول اللهعزوجل :( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) و( النَّجْمِ إِذا هَوى ) وما أشبه ذلك قال: إنّ للهعزوجل أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلّا به.

٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى علي بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر الثاني قولهعزوجل :( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ) وقولهعزوجل :( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وما أشبه هذا فقال: إنّ للهعزوجل ان يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلّا به.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا ـ جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) قال: الليل في هذا الموضع الثاني غشي أمير المؤمنينعليه‌السلام في دولته التي جرت لهعليه‌السلام ، وأمير المؤمنينعليه‌السلام يصبر في دولتهم حتى تنقضي، قال:( وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ) قال: النهار هو القائم منا أهل البيت إذا قام غلب دولة الباطل، والقرآن ضرب فيه الأمثال للناس وخاطب نبيه ونحن، فليس يعلمه غيرنا.

٥٨٩

٦ ـ في جوامع الجامع وفي قراءة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلىعليه‌السلام وابن عباس «والذكر والأنثى».

٧ ـ في مجمع البيان في الشواذ قراءة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقراءة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ( وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ) وخلق الذكر والأنثى» بغير «ما» روى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الباقرعليه‌السلام في قوله:( وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) فالذكر أمير المؤمنين والأنثى فاطمةعليها‌السلام ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) لمختلف( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) بقوته وصام حتى وفى بنذره وتصدق بخاتمه وهو راكع، وآثر المقداد بالدينار على نفسه، قال:( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) وهي الجنة والثواب من الله بنفسه فسنيسره لذلك بأن جعله إماما في القبر وقدوة بالأئمة يسره الله لليسرى.

٩ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول في تفسير( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) قال: إنّ رجلا من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة فكان يضر به فشكا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعاه فقال: أعطني نخلتك بنخلة في الجنة فأبى فسمع ذلك رجل من الأنصار يكنى أبا الدحداح فجاء إلى صاحب النخلة فقال: يعنى نخلتك بحائطى فباعه فجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطى، قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فلك بدلها نخلة في الجنة، فأنزل الله تعالى على نبيه:( وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ) يعنى النخلة( وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) بموعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ) إلى قوله تردى.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ) قال: نزلت في رجل من الأنصار، كانت له نخلة في دار رجل آخر وكان يدخل عليه بغير اذن فشكا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال رسول الله لصاحب النخلة: يعنى نخلتك هذه بنخلة في الجنة ،

٥٩٠

فقال: لا أفعل، فقال: بعينها بحديقة في الجنة، فقال: لا أفعل وانصرف فمضى إليه أبو الدحداح واشتراها منه وأتى أبو الدحداح إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله خذها واجعل لي في الجنة التي قلت لهذا فلم يقبلها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لك في الجنة حدائق وحدائق فأنزل الله في ذلك:( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) يعنى أبا الدحداح( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) يعنى إذا مات.

١١ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الحصين عن خالد بن يزيد عن عبد الأعلى عن أبي الخطاب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) قال: بالولاية( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ) فقال: بالولاية( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ) .

١٢ ـ في مجمع البيان روى الواحدي بالإسناد المرفوع المتصل عن عكرمة عن ابن عباس ان رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر فرعا سقطت التمر فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ التمر من أيديهم، فان وجدها في فيّ أحدهم أدخل إصبعه حتى يأخذ التمرة من فيه، فشكا الرجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذهب ولقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب النخلة فقال: تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ فقال له الرجل: ان لي نخلا كثيرا وما فيه نخلة أعجب إلى تمرة منها، قال: ثمّ ذهب الرجل فقال رجل كان يسمع كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله أتعطينى بما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إنْ أخذتها؟ قال: نعم فذهب الرجل ولقى صاحب النخلة فساومها(١) منه فقال له: أشعرت أنّ محمّدا أعطاني

__________________

(١) ساوم السلعة: غالى بها أي عرضها بثمن ودقع له المشترى أقل منه وهكذا إلى أن ينفقا على ثمن متوسط بين ما يطلبه البائع ويدفعه الشاري.

٥٩١

بها نخلة في الجنة فقلت له: يعجبني تمرها وان لي نخلا فما فيه نخلة أعجب إلى تمرة منها؟ فقال الاخر: أتريد بيعها فقال: لا إلّا أنْ أعطى قال: فما هناك؟ قال: أربعون نخلة، فقال الرجل: جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة؟ ثمّ سكت عنه فقال له: إنْ أنا أعطيك أربعين نخلة؟ فقال له: أشهد إنْ كنت صادقا فمر إلى الناس فدعاهم فاشهدهم بأربعين نخلة، ثمّ ذهب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إنّ النخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صاحب الدار فقال له: النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تعالى:( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) السورة.

عن عطاء قال: اسم الرجل أبو الدحداح( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ) وهو أبو الدحداح( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ) وهو صاحب النخلة وقوله: لا يصليها إلّا الأشقى هو صاحب النخلة وسيجنبها الأنقى هو أبو الدحداح ولسوف يرضى إذا دخل الجنة قال: فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمر بذلك الحش(١) وعذوقه دانية فيقول: عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة.

١٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برجل يغرس غرسا في حائط فوقف له وقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا(٢) وأطيب ثمرا وأبقى قال: بلى فدلني يا رسول الله، فقال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر فان لك إنْ قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهو من الباقيات الصالحات، قال: فقال الرجل: فإنّي أشهدك يا رسول الله أنّ حائطى هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة، فأنزل اللهعزوجل آيات من القرآن( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ) .

١٤ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مهران بن

__________________

(١) الحش: النخل القصير.

(٢) أينع الثمر: أدرك وطاب وحان قطافه.

٥٩٢

محمد عن سعدان بن طريف عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) بان اللهعزوجل يعطى بالواحد عشرة إلى مأة ألف فما زاد( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ) قال: لا يريد شيئا من الخير إلّا يسره الله له( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ) قال بخل بما آتاه اللهعزوجل ( وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ) بان الله يعطى بالواحد عشرة إلى مأة الف فما زاد( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ) قال: لا يريد شيئا من الشر إلّا يسره له( وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى ) قال أما والله ما هو تردى في بئر ولا من جبل ولا من حائط ولكن تردى في نار جهنم.

١٥ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت له قول الله تبارك وتعالى( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) قال: الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء ؛ فقلت له: أصلحك الله ان قوما من أصحابنا يزعمون ان المعرفة مكتسبة وانهم ان ينظروا من وجه النظر أدركوه، فأنكر ذلك قال لهؤلاء القوم: لا يكتسبون الخير لأنفسهم ليس أحد من الناس إلّا وهو يحب ان يكون هو خير ممن هو منه، هؤلاء بنو هاشم موضعهم موضعهم وقرابتهم قرابتهم وهم أحق بهذا الأمر منكم، أفترون انهم لا ينظرون انهم لا ينظرون لأنفسهم وقد عرفتم ولم يعرفوا قال أبو جعفر: لو استطاع الناس لأحبونا.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) قال: علينا ان نبين لهم قوله:( فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ) أي تتلهب عليهم، حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله( فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) قال: في جهنم واد فيه نار لا يصليها إلّا الأشقى فلان الذي كذب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّ وتولّى عن ولايته، ثمّ قال: النيران بعضها دون بعض فما كان من نار لهذا الوادي فللنصاب.

وفيه( لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ) يعنى هذا الذي بخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) الذي قال أبو الدحداح.

٥٩٣

١٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في «( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) فهذا مشرك.

أقول: قد تقدم فيما نقلنا من مجمع البيان عن ابن عباس بيان للاشقى والا تقى فأطلبه.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال الله( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) قال: ليس لأحد عند الله يدعى ربه بما فعله لنفسه، وان جازاه فبفضله يفعل وهو قوله( إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى ) أي يرضى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ويرضى عنه.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أكثر قراءة «والشمس، والليل إذا يغشى، والضحى» الحديث وقد تقدم في والشمس والضحى.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ومن قرأها كان ممن يرضاه الله، ولمحمد ان يشفع له، وله عشر حسنات بعدد كل يتيم وسائل.

٣ ـ وروى العياشي باسناده عن المفضل بن صالح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لا يجمع سورتين في ركعة واحدة إلّا الضحى وألم نشرح، وألم تر كيف ولإيلاف قريش.

وفيه وروى أصحابنا ان الضحى وألم نشرح سورة واحدة، لتعلق إحديهما بالأخرى.

٤ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن فضالة عن العلا عن زيد الشحام قال: صلى بنا أبو عبد اللهعليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة.

٥٩٤

٥ ـ في مجمع البيان في الشواذ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما ودعك بالتخفيف والقراءة المشهورة بالتشديد.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) وذلك ان جبرئيلعليه‌السلام أبطأ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانه كانت أول سورة نزلت( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ثم ابطأ عليه فقالت خديجة رضى الله عنها: لعل ربك قد تركك فلا يرسل إليك، فأنزل الله تبارك وتعالى( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) .

٧ ـ في مجمع البيان وقيل ان المسلمين قالوا ما ينزل عليك الوحي يا رسول الله؟ فقال: وكيف ينزل على الوحي وأنتم لا تتقون براجمكم(١) ولا تقلمون أظفاركم، ولما نزلت السورة قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيلعليه‌السلام : ما جئت حتى اشتقت إليك؟ فقال جبرئيلعليه‌السلام : وانا كنت أشد إليك شوقا ولكني عبد مأمور( وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) .

٨ ـ في جوامع الجامع وروى ان الوحي كان قد احتبس عنه أياما فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت.

٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ) قال يعنى الكرة وهي الاخرة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت: قوله( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) قال: يعطيك من الجنة حتى ترضى.

١٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام وتفسير القشيري عن جابر الأنصاري انه قال: راى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمةعليها‌السلام وعليها كساء من اجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة، فقالت: يا رسول الله

__________________

(١) البراجم: العقد التي تكون في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ.

٥٩٥

الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه فأنزل الله:( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) .

١١ ـ في مجمع البيان وعن الصادقعليه‌السلام قال: دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على فاطمةعليها‌السلام وعليها كساء من ثلة الإبل(١) وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـما أبصرها فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة فقد انزل الله على( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) وقال الصادقعليه‌السلام : رضا جدي ان لا يبقى في النار موحد.

١٢ ـ وروى حريث بن شريح عن محمد بن على، ابن الحنفية انه قال: يا أهل العراق تزعمون ان أرجى آية في كتاب اللهعزوجل :( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) الآية وانا أهل البيت نقول أرجى آية في كتاب الله( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) وهي والله الشفاعة ليعطينها في أهل لا إله إلّا الله حتى يقول: رب رضيت.

١٣ ـ وروى العياشي باسناده عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في قوله:( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ) قال: فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك ووجدك ضالا أي ضالا في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك ووجدك عائلا تعول أقواما بالعلم فأغناهم الله بك وروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مَن على ربي وهو أهل المن.

١٤ ـ وسئل الصادقعليه‌السلام لم اوتم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبويه؟ فقال: لئلا يكون لمخلوق عليه حق.

١٥ ـ وفيه( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ) قيل في معناه أقوال إلى قوله وثانيها ان المعنى وجدت متحيرا لا تعرف وجوه معاشك، فهداك إلى وجوه معاشك، فان الرجل إذا لم يهتد طريق كسبه ووجه معيشته يقال له انه ضال لا يدرى إلى اين يذهب ومن أي وجه يكتسب، وفي الحديث نصرت بالرعب وجعل رزقي في ظل رمحي يعنى الجهاد.

١٦ ـ وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد

__________________

(١) الثلة ـ بفتح الثاء ـ: الصوف.

٥٩٦

سألت ربي مسئلة وددت انى لم أسئله، قلت: أي رب انه قد كانت أنبياء قبلي منهم من سخرت له الريح، ومنهم من كان يحيى الموتى؟ قال: فقال الم أجدك يتيما فآويتك؟ قال: قلت بلى، قال: الم أجدك ضالا فهديتك؟ قال: قلت بلى أي رب، قال: الم اشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك؟ قال: قلت بلى أي رب.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن خالد بن يزيد عن أبي الهيثم الواسطي عن زرارة عن أحدهماعليهما‌السلام في قول الله:( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً ) فآوى إليك الناس( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ) أي أهدى إليك قوما لا يعرفونك حتى عرفوك( وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى ) أي وجدك تعول أقواما فأغناهم بعلمك قال علي بن إبراهيم: في قولهعزوجل ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ) قال: اليتيم الذي لا مثل له، ولذلك سميت الدرة اليتيمة لأنه لا مثل لها( وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى ) قال: فأغناك بالوحي فلا تسئل عن شيء أحدا( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ) قال: وجدك ضالا في قوم لا يعرفون فضل نبوتك فهداهم الله بك.

١٨ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عند المأمون في عصمة الأنبياءعليهم‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام للمأمون وقد قال اللهعزوجل لنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ) يقول ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس( وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) يعنى عند قومك( فَهَدى ) أي هديهم إلى معرفتك( وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى ) يقول: بان جعل دعاك مستجابا قال المأمون بارك الله فيك يا ابن رسول الله.

١٩ ـ في روضة الكافي باسناده عنهمعليهم‌السلام فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام يا عيسى انا ربك إلى قولهعزوجل في صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النور في صدره، والحق على لسانه، وهو على الحق حيث ما كان أصله يتيم ضال برهة من زمانه عما يراد به.

٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ) أي لا تظلم والمخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس.

٢١ ـ في مجمع البيان وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يحسن إلى اليتامى ويبرهم و

٥٩٧

يوصى بهم، وجاء في حديث عن ابن أبي اوفى قال: كنا جلوسا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاه غلام فقال: غلام يتيم وأخت لي يتيمة وأم لي ارملة(١) أطعمنا مما أطعمك الله، أعطاك الله مما عنده حتى ترضى قال: ما أحسن ما قلت يا غلام، اذهب يا بلال فأتنا بما كان عندنا، فجاء بواحدة وعشرين تمرة فقال سبع لك وسبع لأختك وسبع لأمك، فقام إليه معاذ بن جبل تمسح رأسه وقال: جبر الله يتمك وجعلك خلفا من أبيك وكان من أبناء المهاجرين. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيتك يا معاذ وما صنعت قال رحمته قال: لا يلي منكم يتيما فيحسن ولايته ويضع يده على رأسه إلّا كتب الله له بكل شعرة حسنة، ومحى عنه بكل شعرة سيئة، ورفع له بكل شعرة درجة.

٢٢ ـ وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مسح على رأس يتيم كان له بكل شعرة تمر به على يده نور يوم القيامة.

٢٣ ـ وقالعليه‌السلام : انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة إذا أتقى اللهعزوجل ، وأشار بالسبابة والوسطى.

٢٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي خالد الكابلي قال: سمعت زين العابدين علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكام في القضاء، وشهادة الزور وكتمان الشهادة، ومنع الزكاة والقرض والماعون وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة، وظلم اليتيم والارملة وانتهار السائل ورده بالليل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا طرقكم سائل ذكر بالليل فلا تردوه.

٢٦ ـ وسئل الصادقعليه‌السلام عن السائل يسأل فلا يدرى ما هو فقال: أعط من وقعت في قلبك الرحمة له.

٢٧ ـ وروى الوصافي عن أبي جعفر قال: كان فيما ناجى الله به موسى ان قال

__________________

(١) الأرملة: المرأة التي مت زوجها وهي فقيرة.

٥٩٨

يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل انه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن، يبلونك فيما خولتك ويسئلونك مما نولتك(١) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران.

٢٨ ـ وقالعليه‌السلام : أعط السائل ولو ظهر فرس.

٢٩ ـ وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تقطعوا على السائل مسئلته، فلو لا ان المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم.

٣٠ ـ وقال أبو جعفرعليه‌السلام : لو يعلم السائل ما في المسئلة ما سئل أحد أحدا، ولو يعلم المعطى ما في العطية ما رد أحد أحدا.

٣١ ـ وروى عن الوليد بن صبيح قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فجاء سائل فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، فقال: وسع الله عليك.

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) أي لا تطرد قوله وأمّا ما بنعمة ربك فحدث قال: بما أنزل الله عليك وأمرك به من الصلوة والزكاة والصوم والحج والولاية وبما فضلك الله به فحدث.

٣٣ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: ألبسوا ثياب القطن فانها لباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يكن يلبس الشعر والصوف إلّا من علة، وقال: ان الله تعالى جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

٣٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام قال: خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام بالكوفة منصرفه من النهروان وبلغه ان معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه، ثم قال لو لا آية من كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكر في مقامي هذا، يقول اللهعزوجل :( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ

__________________

(١) خوله الله: أعطاه ونوله أيضا بمعناه.

٥٩٩

رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) أللّهم لك الحمد على نعمتك التي لا تحصى، وفضلك الذي لا ينسى، يا ايها الناس انه بلغني ما بلغني وانى أرانى قد اقترب أجلى، وكأني بكم وقد جهلتم أمرى وانى تارك فيكم ما تركه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كتاب الله وعترتي، وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى يا ايها الناس لعلكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلّا مفتر، أنا أخو رسول الله وابن عمّه وسيف نقمته وعماد نصرته وبأسه وشدته، انا رحى جهنم الدائرة وأضراسها الطاحنة انا موتم البنين والبنات، انا قابض الأرواح وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين، انا مجدل الابطال وقاتل الفرسان ومبير من كفر بالرحمن، وصهر خير الأنام، انا سيد الأوصياء ووصى خير الأنبياء، انا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله ووارثه، وانا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب الله وخير بناته وسلالته، وريحانة رسول الله سبطاه خير الأسباط، وولداي خير الأولاد، هل أحد ينكر ما أقول؟ اين مسلموا أهل الكتاب، انا رسمي في الإنجيل إليا وفي التورية «بريى» وفي الزبور «ارى» وعند الهند «كبكر» وعند الروم «بطريسا» وعند الفرس «جبتر» وعند الترك «بثير» وعند الزنج «حيتر» وعند الكهنة «بويئ» وعند الحبشة «بثريك» وعند أمّي «حيدرة» وعند ظئرى «ميمون» وعند العرب «عليٌّ» وعند الأرمن «فريق» وعند أبي «ظهير»(١) الآ وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، يقول اللهعزوجل : «ان الله مع الصادقين» انا ذلك الصادق وانا المؤذن في الدنيا والاخرة قال اللهعزوجل :( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) انا ذلك المؤذن وقال:( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) وانا ذلك الأذان، وانا المحسن يقول اللهعزوجل ( إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وانا ذو القلب يقول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) وانا الذاكر يقول اللهعزوجل ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً

__________________

(١) في ضبط بعض تلك الأسماء خلاف راجع المصدر صفحة ٥٨ ـ ٥٩ من الطبعة الجديدة. وفيه شرح للأسماء أيضا.

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646