جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ٢

جامع الافكار وناقد الانظار12%

جامع الافكار وناقد الانظار مؤلف:
المحقق: مجيد هاديزاده
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-5616-70-7
الصفحات: 646

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 646 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39456 / تحميل: 6080
الحجم الحجم الحجم
جامع الافكار وناقد الانظار

جامع الافكار وناقد الانظار الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
ISBN: ٩٦٤-٥٦١٦-٧٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

من القدح فيها البتة.

ثمّ إنّه لا بدّ هاهنا من تحقيق ما هو الحقّ في كلامه ـ سبحانه ـ ، ثمّ نشير إلى ما توجّه من الصحّة والفساد فيما ذكره الطوائف.

فنقول الكلام يطلق على ثلاثة معان :

أحدها : القدرة على احداث الأصوات والحروف في جسم من الأجسام وقوّة القائها إلى الغير ؛

وثانيها : نفس هذا الاحداث والإلقاء ، وهو المعنى المصدري. والغالب اختصاصهما باسم التكلّم دون الكلام سيّما المعنى الأوّل ؛

وثالثها : ما به التكلّم ـ أي : نفس الأصوات والحروف الّتي يحصل التكلّم بها ـ ، فانّ مثل تكلّمت كلاما بكلام دقيق وقع فيه « كلاما » مفعولا مطلقا لقولنا : تكلّمت ، فيكون بمعنى تكلّما. وقولنا : « بكلام دقيق » بمعنى ما به التكلّم ـ أي : الحروف والاصوات ـ ، فالمعنى : تكلّمت تكلّما بمنتظم دقيق.

ثمّ لا ريب في أنّ تكلّمه ـ سبحانه ـ بالمعنى الأوّل هو بعينه قدرته ـ سبحانه ـ على خلق الاصوات والحروف في بعض الاجسام ، فكونه متكلّما بهذا المعنى هو كونه قادرا على احداث الكلام في جسم من الأجسام كما أنّ إطلاق المتكلّم بهذا المعنى علينا باعتبار قوّتنا على احداث الكلام في بعض الأجسام الّتي لنا قدرة على تحريكها ـ كالهواء وغيره ـ.

ثمّ إنّ هذه القوّة هي ما يحصل به التكلّم بالمعنى الثاني ، وهي فينا ملكة قائمة بذواتنا نتمكّن بها من القاء ما في روعنا إلى الغير ، وفي الواجب ـ سبحانه ـ عين ذاته بمعنى أنّ ذاته بذاته هو منشأ احداث الأصوات والحروف ومناط ايجادها من دون افتقار إلى صفة زائدة وملكة قائمة ، فيخلقها في أيّ جسم يريد لافادة ما في قضائه السابق على من يشاء من عباده. وعلى هذا يكون التكلّم بهذا المعنى عين ذاته ـ سبحانه ـ بمعنى أنّ ذاته بذاته هو منشأ الإلقاء الفعلي كما أنّ التكلّم بهذا المعنى فينا عين الملكة القائمة المصحّحة للالقاء الفعلي ـ أي : احداث الحروف والاصوات في جسم

٤٢١

من الأجسام لإعلام / ٢٠٦ DB / الغير ـ. وبما ذكر ظهر أنّ المتكلّم من قام به التكلّم ، وهو أحد المعنيين الأوّلين ، لا من قام به الكلام ـ أي : ما به التكلّم ، أعني : الحروف والاصوات ـ.

ثمّ لا ريب في أنّ التكلّم بالمعنى الأوّل ثابت للواجب بالعقل لدلالة أدلّة عموم القدرة عليه ، وهو قديم ؛ وأمّا التكلّم بالمعنى الثاني فهو حادث ، وثبوته بالشرع دون العقل ، إذ لا طريق للعقل إلى اثبات تحقّق الإلقاء الفعلي عنه ـ سبحانه ـ وانّما عرفنا من الشريعة بالتواتر القطعي النفسي المؤكّد بالمعجزات أنّ الواجب انزل ما انزل من الكتب إلى انبيائه الكرام وأوجد الكلام فيما اوجد لإعلام بعض اصفيائه العظام وبعد ثبوت التكلّم بالمعنى الثاني يثبت الكلام بالمعنى الثالث أيضا ، لأنّ التكلّم الفعلي لا ينفكّ عمّا به التكلّم من الاصوات والحروف ، فهو أيضا حادث.

وبما ذكر ظهر أنّ قول العلاّمة الطوسي في التجريد : « وعمومية قدرته تدلّ على ثبوت الكلام »(١) اشارة إلى اثبات الكلام بالمعنى الأوّل ، يعنى : أنّ قدرته ـ تعالى ـ شاملة لجميع الممكنات ومن جملة الممكنات القاء الكلام بمعنى الحروف والاصوات الدالّ على المعنى المراد إلى الغير لا علامه ، فعموم قدرته يدلّ على الكلام بمعنى قوّة الإلقاء ؛ فالدليل العقلي يدلّ على قوّة الإلقاء. / ٢٠٤ MA / فالثابت من كلام المحقّق انّما هو هذا المعنى فقط. وامّا التكلّم بمعنى نفس الإلقاء المستلزم لما به التكلّم فانّما ثبت من الشرع ، فبالعقل والشرع يثبت الكلام بمعانيه الثلاثة ـ أعني : قوّة الإلقاء الثابت بالعقل ، ونفس الإلقاء ، وما به التكلّم اللازم لنفس الإلقاء ـ ، وهما ثابتان بالشرع.

وإذا عرفت ذلك نقول : على المعنى الأوّل انّما يصحّ القياس الأوّل دون الثاني ، لكذب صغراه ، فانّ التكلّم الحقيقي الّذي هو قدرة الإلقاء نفس ذات الواجب ـ كما أشير إليه ـ فيكون قديما بلا تعدّد القدماء. وعلى المعنى الثاني لا يصحّ شيء من القياسين ؛ أمّا الثاني فلكذب صغراه ؛ وأمّا الأوّل فلمنع كبراه ، فانّما يمتنع كون كلّ صفة له قديمة ، فانّ المسلّم إنّ الصفات الحقيقية له ـ تعالى ـ قديمة ، وأمّا صفاته الاضافية فليست قديمة ، و

__________________

(١) راجع : المسألة السادسة من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٤.

٤٢٢

الكلام بالمعنى الثاني انّما هو من الصفات الاضافية. وعلى المعنى الثالث انّما يصحّ القياس الثاني لا القياس الأوّل ، لكذب الصغرى.

وعلى هذا فلا حاجة إلى القدح في أحد القياسين ، لامكان أن يحمل الكلام في القياس الأوّل على المعنى الأوّل وفي القياس الثاني على المعنى الأخرى. فالحقّ إنّ التدافع بين ذينك القياسين انّما نشأ من فهم عدم اشتراك اللفظ وجعل الكلام المذكور فيهما بمعنى واحد ، وتوهّم جريان الحكم بالمعنى الآخر فيه مع كون اللفظ مشتركا بين معان ومخالفة حكم كلّ منهما للآخر.

وإذ ظهر ما هو الحقّ في كلامه ـ تعالى ـ فلنشير إلى ما يرد على المذاهب المذكورة ؛ فنقول : أمّا مذهب الحنابلة ففساده أظهر من أن يخفى على أحد! ، فإنّ القول بأنّ كلامه ـ تعالى ـ منحصر بالحروف والاصوات وهي قائمة بذاته وقديمة والقول بأنّ الجلد والغلاف قديمان ممّا يشمئزّ عنه من له ادنى مسكة! ، ولعمري كفى شاهدا في حماقتهم ما نقل عنهم : إنّ الجسم الّذي كتب فيه القرآن صار قديما بعد ما كان حادثا!.

ولعدم صدور امثال هذه الهفوات عن انسان أوّل جماعة كلامهم ؛

فقيل : لعلّهم لم يعرفوا معنى القدم والحدوث وحسبوا أنّ نسبة الحدوث إلى كلامه ـ تعالى ـ ولو بمعنى ما به التكلّم إهانة ؛

وقيل : لعلّ امتناعهم من إطلاق الحادث على المصحف وتوابعه لأجل أن لا يتوهّم حدوث الكلام بمعنى التكلّم القائم بذاته ؛

وقيل : لمّا كلّفوا بالقول بأنّ كلامه ـ تعالى ـ مخلوق ولفظ المخلوق مشترك بين الحادث والمفترى لم يجوّزوا إطلاق هذا اللفظ عليه لئلاّ يذهب من لا وقوف له على أنّ مرادهم من المحدث إلى انّهم اعترفوا بكون هذا المؤلّف مفترى ، وقالوا : انّه غير مخلوق ـ أي : غير مفترى ـ حتّى الجلد والغلاف فنسبوا إليهم انّهم قالوا بقدمه. ثمّ انهم التزموا عدم إطلاق المحدث أيضا عليه لانّهم لو اطلقوا عليه لفظ المحدث والحادث الّذي هو أحد معنيى المخلوق لاستلزم جواز إطلاق المخلوق أيضا ، وهو توهم كون القرآن مفترى.

وأنت تعلم بأنّ هذا التأويل يجعل حماقتهم أكثر! ، مع أنّه لا معنى لكون الجلد و

٤٢٣

الغلاف غير مفترى!.

وقيل : إنّ مرادهم بقدم الكلام قدم علم الباري ـ تعالى ـ ، ولهذا قالوا بقدم الجلد / ٢٠٧ DA / والغلاف ، فانّ العلم بهما أيضا قديم.

وغير خفيّ بأنّ ما ذكروه لا يلائم شيئا من هذه التأويلات ؛ بل الأولى الاعراض عن التأويل ، فانّه جار في اكثر المذاهب الباطلة والتعرّض له انّما نشأ من التعصّب المبرّى عنه أهل الحقّ.

وامّا مذهب الكرامية ففيه : أنّه لا معنى لقيام الاصوات والحروف بذاته ـ تعالى ـ ، سواء قالوا بانحصار كلامه فيها ـ على ما في شرح المواقف ـ أو قالوا بانّ قوله وكلامه هو قدرته على التكلّم ـ كما في شرح المقاصد ـ. نعم! ، الفساد في الأوّل أشدّ ، لانّه مع لزوم قيام المنتظم بذاته يلزم جعل كلامه منحصرا به ـ أي : بما به التكلّم ـ مع أنّ التكلّم الحقيقى هو القدرة على التكلّم والاضافي هو نفس احداث الحروف والاصوات.

وامّا مذهب المعتزلة فالظاهر ممّا نقلنا عنهم انّهم قالوا بالكلام بالمعنى الثاني والثالث وبحدوثهما ؛ وأمّا قولهم بالمعنى الثالث فظاهر ممّا نقلنا عنهم ؛ وأمّا قولهم بالمعنى الثاني فلأنّهم قالوا ـ كما نقلنا عنهم ـ : إنّ معنى كونه ـ تعالى ـ متكلّما : أنّه خلق الكلام في بعض الأجسام ، والظاهر المتبادر من الخلق : الخلق بالفعل ، وهو نفس الاحداث والإلقاء الّذي هو معنى اضافي. وأمّا قولهم بحدوثهما فلتصريحهم به ـ كما نقلناه عنهم ـ. ولا ريب في أنّ القول بهما وبحدوثهما / ٢٠٤ MB / من دون القيام بذاته ـ تعالى ـ وإن كان حقّا نقول به إلاّ أنّه ليس في كلامهم أثر من الكلام بالمعنى الأوّل ـ أعني : القدرة على الإلقاء ـ ، فانّ قولهم : « معنى كونه متكلّما إنّه خلق الكلام ـ إلى آخره ـ » لا يثبت منه إلاّ التكلّم الاضافي الحادث الّذي هو المعنى الثاني دون التكلّم الحقيقى الّذي هو المعنى الأوّل ، إذ المتبادر من الخلق هو الخلق بالفعل ، وهو ليس من الصفات الحقيقية لكونه حادثا غير ثابت في الأزل. وبالجملة التكلّم المذكور في كلامهم هو المعرّف بأنّه خلق الحروف والاصوات في بعض الأجسام ؛ وهو ليس من الصفات الحقيقية ، لأنّ التكلّم الحقيقى يعرف بأنّه أمر هو مصدر تأليف الكلمات أو القدرة على ذلك التأليف وخلقه ، و

٤٢٤

هو نفس ذات واجب الوجود عند المحقّقين ، فانّه ـ تعالى ـ قادر بذاته على تأليف الكلمات. فثبت أنّ التكلّم الحقيقي غير مصرّح به في كلامهم لظهور دخوله تحت عموم القدرة ، حتّى لو كانوا قائلين به أيضا ـ وإن لم يتعرضوا له هاهنا كما هو الظاهر ـ فيكون مذهبهم في الكلام مطابقا للحقّ وموافقا لما اخترناه ، وإن كان عدم تصريحهم به لعدم اثباتهم ايّاه ؛ فحصل المخالفة بيننا وبينهم من هذه الجهة.

ويرد عليهم أنّه لا وجه لاخراج الكلام الحقيقي عن أقسام الكلام.

ثمّ إنا قد ذكرنا في المباحث السابقة أنّ المعتزلة قدحوا في صغرى القياس الأوّل ، وهذا إنّما يتأتّى إذا حمل الكلام المذكور فيه على المعنى الثالث ـ أعني : ما به التكلّم ـ ، إذ لو حمل على المعنى الثاني ـ أعني : التكلّم الفعلي الّذي هو من الصفات الغير الحقيقة ، أي : ايجاد الكلام بالفعل ـ ينصرف القدح إلى كبرى القياس الأوّل ، ويندفع القدح عنه بالكلّية إن أريد بالتكلّم ما هو من الصفات الحقيقية.

وأمّا مذهب الأشاعرة ـ أعني : القول بالكلام النفسي ـ فيرد عليه : إنّ الكلام النفسي لا يرجع إلى معنى محصّل سوى العلم بمدلولات الألفاظ ومعانيها وعباراتها أو تخيّل الألفاظ ، وتوهّم ما يوجد من الكلام ـ أعني : ما يسمّى بحديث النفس ـ. والأوّل عين صفة العلم ، والثاني لا يليق بساحة كبريائه ـ سبحانه ـ لتقدّسه عن خطرات الأوهام وتخيّل ما يتجدّد من الألفاظ والكلام وسائر ما يتخيّله العوامّ.

قال بعض المشاهير ما توضيحه : إنّ للكلام معنيين :

أحدهما : التكلّم ؛

وثانيهما : ما به التكلّم. فالاشاعرة إن ارادوا بقولهم : « كلامه ـ تعالى ـ ليس من جنس الاصوات والحروف » : إنّ تكلّمه ـ تعالى ـ ليس من جنس الاصوات والحروف ، فيرد عليه : إنّ التكلّم مطلقا ـ أي سواء كان من الله تعالى أو من غيره ـ ليس من جنس الاصوات والحروف ، فلا وجه لتخصيص كلامه ـ سبحانه ـ بهذا المعنى بأنّه ليس من هذا الجنس ؛

ويرد عليهم أيضا : انّه لا معنى حينئذ لقولهم : « أنّ الكلام النفسي مدلول الكلام

٤٢٥

اللفظي » ،

لأنّ التكلّم سواء كان بمعنى قوّة الإلقاء أو نفس الإلقاء ليس مدلولا للحروف والألفاظ. إلاّ أن يصرف عن ظاهره ويقال : إنّ مرادهم من كون التكلّم مدلولا للكلام اللفظي ـ أعني : الحروف والاصوات ـ : إنّه يعرف بسبب الكلام اللفظي انّ في الشخص صفة التكلّم ، على أن يكون من قبيل دلالة المعلول على العلّة لأنّ التكلّم سواء اخذ / ٢٠٧ DB / صفة حقيقة أو اضافية علّة للكلام اللفظي ومبدأ له ، فدلالة الكلام اللفظي عليه من قبيل دلالة المعلول على العلّة فيكون المراد من الدلالة الدلالة العقلية دون الوضعية. وهذا صرف عن الظاهر ، لأنّ المتبادر من الدلالة عند الاطلاق الدلالة اللفظية الوضعية ، فإرادة الدلالة العقلية خلاف الظاهر.

ثمّ إذا أريد بالتكلّم التكلّم الحقيقي الّذي هو القدرة على تأليف الكلمات أو الانتزاعي الاضافي الّذي هو نفس الاحداث وصرف قولهم إنّه مدلول الكلام اللفظي عن ظاهره ـ كما ذكرناه ـ ، يصحّ الحكم على رأي الأشاعرة بأنّه قديم ومعنى قائم بذاته ، لانّهم قائلون بزيادة الصفات على ذاته ـ تعالى عن ذلك ـ وإن لم يصحّ القيام عندنا ؛ لأنّ التكلّم الحقيقي عين ذاته والاضافي صفة اعتبارية انتزاعية ؛

وإن ارادوا بالكلام المذكور ما به التكلّم فلم يصحّ قولهم ، بل هو معنى قائم بذاته ـ تعالى ـ ، لأنّ الحروف والاصوات ليست قائمة بذاته ـ تعالى ـ إلاّ على القول بأنّ الموجودات في الشهود العلمى قائمة بذاته ـ تعالى ـ كما ذهب إليه الحصوليون ، فانّ علمه ـ تعالى ـ بالاشياء إذا كان حصوليا يكون جميع الأشياء قائمة بذاته ـ تعالى ـ قياما علميا بمعنى أنّ صورها قائمة به ـ تعالى ـ / ٢٠٥ MA / قديمة ، والكلام بمعنى ما به التكلّم أيضا من جملة الأشياء ، فيكون قائما به ـ تعالى ـ في الشهود العلمى. فما به التكلّم ليس قائما بالمتكلم إلاّ في الشهود العلمي ؛ يعنى إنّ صور الحروف والألفاظ قائمة به ـ تعالى ـ.

ثمّ لو أريد من القيام القيام في الشهود العلمي فمع كونه خلاف الظاهر يرد عليهم أيضا : أنّ الكلام بهذا المعنى متعدّد باعتبار ذاته كالألفاظ ـ أي : كما أنّ الألفاظ الموجودة في الخارج متعدّدة كذلك هذه الألفاظ باعتبار الشهود العلمي متعددة ـ ، فلا يصحّ قولهم

٤٢٦

: انّ كلامه ـ تعالى ـ واحد عندنا وانقسامه إلى الأمر والنهى والخبر والنداء والاستفهام انّما هو بحسب التعلّق ، لأنّ هذا الحكم ـ أعني : الوحدة والانقسام بحسب التعلّق ـ انّما يصحّ في الكلام بمعنى التكلّم الّذي هو صفة حقيقية له ـ تعالى ـ لا في الكلام بمعنى ما به التكلّم ، إلاّ أن يراد به ـ أي : بالكلام الواحد المنقسم بحسب التعلّق ـ العلم الاجمالي الّذي هو عين ذات الحقّ ، أو العلم الانتزاعى الاجمالي الّذي هو منتزع عن ذاته ـ تعالى ـ. وحينئذ يرد عليهم : أنّه لا يصحّ الحكم بقيامه بذاته ـ تعالى ـ ، لأنّ العلم الاجمالي عين ذاته ـ تعالى ـ وانّه لا يكون مدلولا للكلام اللفظي إلاّ بالصرف عن الظاهر ـ كما سبق ـ.

على أنّه يلزم على هذا التوجيه خلاف ما تقرّر عند الأشاعرة من أنّ كلامه ـ تعالى ـ صفة له غير العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ، فاذا رجع الكلام إلى العلم الاجمالي يلزم كون الكلام عين صفة العلم ، وهو خلاف مذهبهم. وبالجملة الحكم بأنّ الكلام ـ بمعنى ما به التكلّم ـ معنى واحد قائم بذاته ـ تعالى ـ وهو مدلول الكلام اللفظي المركّب من الحروف بدون رجوعه إلى العلم الاجمالي الّذي هو غير زائد على ذاته ـ تعالى ـ لا وجه لمعقوليته ، ومع ذلك الرجوع لا يصحّ الحكم بقيامه بذاته ـ تعالى ـ ، لأنّ العلم الاجمالي نفس ذاته ـ تعالى ـ. نعم! ، لو قالوا بالعلم الاجمالي الواحد الزائد على ذاته ـ تعالى ـ يصحّ الرجوع المذكور. وحينئذ لا نزاع للمعتزلة معهم إلاّ في زيادته ، ولا ريب في أنّ تلك الزيادة لا يصحّ في العلم بمعنى مناط الانكشاف ، لانّه عين ذاته ـ تعالى ـ ، بل انّما يصحّ في العلم الانتزاعي الزائد في التعقّل ـ أعني : العلم المصدري الّذي سيق منه علم ويعلم وعالم ـ ؛ انتهى.

وأنت خبير بانّ التأويلات المذكورة لكلام الأشاعرة من التعسّفات الباردة وهي لا تلائم ما صرّحوا به ، فانّهم ذكروا : أنّ الكلام لفظي وهو المؤلّف من الحروف ؛ ونفسي وهو المعنى القائم بالمتكلّم وقالوا هو مدلول الكلام اللفظي ـ كما قال شاعرهم :

إنّ الكلام لفي الفؤاد وانّما

جعل اللسان على الفؤاد دليلا(١)

وصرّحوا بانّ الكلام النفسي مغاير للعلم والإرادة والكراهة وسائر الصفات

__________________

(١) البيت لأخطل. راجع : شرح المقاصد ، ج ٤ ص ١٥٠.

٤٢٧

المشهورة ، وهو عبارة عن نسبة أحد طرفي الخبر إلى الآخر القائمة بنفس المتكلّم. واستدلوا على كون هذه النسبة القائمة بالمتكلم مغايرة للعلم بأنّ المتكلّم قد يخبر عمّا لا يعلمه ، بل يعلم خلافه أو يشكّ فيه ؛ وعلى كونها مغايرة للارادة بأنّه قد يأمر الرجل بما لا يريده ، كالمخبر لعبده هل لطعه أم لا ، وكالمعتذر من ضرب عبده لعصيانه ، فانّه قد يأمره وهو يريد أن لا يفعل المأمور به ليظهر عذره عند من يلومه ؛ وعلى كونها مغايرة للكراهية بأنّه قد / ٢٠٨ DA / ينهى الرجل عمّا لا يكرهه ، بل يريده في صورتي الاختيار والاعتذار. واستدلّوا على قيام تلك النسبة المسمّاة بالكلام النفسي بالمتكلم بأنّ المتكلّم من قام به الكلام لا من أوجد الكلام ولو في محلّ آخر ، للقطع بأنّ موجد الحركة في جسم آخر لا يسمّى متحركا ، وإنّه لا يسمّى من يخلق الاصوات مصوّتا وإنّا إذا سمعنا قائلا يقول : أنا قائم نسمّيه المتكلّم وإن لم نعلم إنّه الموجد لهذا الكلام ، بل وإن علمنا أنّ موجده هو الله ـ سبحانه كما هو رأي الأشاعرة ـ ، وحينئذ فيجب قيام الكلام بذاته ـ تعالى ـ حتّى يكون متكلّما. ولا ريب في أنّ الكلام القائم بذات الباري لا يجوز أن يكون هو الحسّي ـ أعني : المنتظم من الحروف المسموعة ـ ، لانّه حادث ضرورة أنّ له ابتداء وانتهاء وأنّ الحرف الثاني لكلّ كلمة مسبوق بالأوّل مشروط بانقضائه ، فيكون له أوّل فلا يكون قديما ، والحرف الأوّل أيضا لمّا كان له انقضاء لا يكون قديما ـ لامتناع طريان العدم على القديم ـ فالمجموع المركّب منهما أيضا لا يكون قديما. والحادث يمتنع قيامه بذات الباري ـ تعالى ـ ، فتعيّن أن يكون هو المعنى الثاني إذ لا ثالث يطلق عليه اسم الكلام ، وهو الّذي يسمّى بالكلام النفسي. فانّ من يراد صيغة أمر أو نهي أو نداء أو اخبار أو استخبار أو غير ذلك يجعل في نفسه معانى يعبّر عنها بالالفاظ الّتي نسمّيها بالكلام الحسّي ، فالمعنى الّذي يجده من نفسه ويدور في الخارج ولا يختلف باختلاف العبارات بحسب الأوضاع والاصطلاحات / ٢٠٥ MB / ويقصد المتكلّم حصوله في نفس السامع ليجري على موجبه هو الّذي نسمّيه كلام النفس وحديثها.

ثمّ إنّ المعتزلة المنكرين للكلام النفسي قالوا : إذا صدر من المتكلّم خبر فهناك ثلاثة أشياء :

٤٢٨

أحدها : العبارة الصادرة عنه ؛

والثاني : علمه بثبوت النسبة أو انتفائها بين طرفي الخبر ؛

والثالث : ثبوت تلك النسبة أو انتفائها في الواقع.

والاخيران ليسا كلاما حقيقيا بالاتفاق ، فتعيّن الأوّل.

وإذا صدر عنه أمر أو نهي فهناك شيئان :

أحدهما : لفظ صادر عنه ؛

والثاني : إرادة أو كراهة قائمة بنفسه متعلّقة بالمأمور به أو بالمنهي عنه.

وليست الإرادة والكراهة أيضا كلاما حقيقيا اتفاقا ، فتعيّن اللفظ. وقس على ذلك سائر اقسام الكلام. والحاصل : أنّ مدلول الكلام اللفظي الّذي يسمّيه الأشاعرة كلاما نفسيا ليس أمرا وراء العلم في الخبر ، والإرادة في الأمر ، والكراهة في النهي.

ثمّ اجابوا عن الدليل الّذي ذكره الأشاعرة للمغايرة بين الكلام النفسي والعلم بأنّ المعنى النفسي الّذي يدّعون أنّه قائم بنفس المتكلّم ومغاير للعلم في صورة الاخبار عمّا لا يعلمه هو ادراك مدلول الخبر ـ أعني : حصوله في الذهن مطلقا ، أي : سواء كان مع التصديق بنسبته أم لا ـ. والحاصل : أنّ الأشاعرة إن أرادوا بقولهم : « إنّ النسبة المذكورة المسمّاة بالكلام النفسي مغايرة للعلم » : انّها مغايرة للعلم التصديقي ، فهو مسلّم ، إلاّ أنّ ذلك لا يضرّنا ؛ وإن أرادوا به : أنّه مغاير للعلم التصوري أيضا ، فهو ممنوع ، لأنّ هذا المدلول هو حصول الخبر في الذهن ، والعلم ليس إلاّ ذلك.

ثمّ ما ذكروه عن المغايرة بين الكلام النفسي وبين الإرادة والكراهة ففيه : انّ المغايرة بين المدلول والإرادة والكراهة في صورتي الأمر بما لا يريده والنهى عمّا يريده بل في صورتى الأمر بما يريده والنهى عمّا يريده أيضا مسلّمة ، إلاّ أنّ هذا المدلول حاصل في ذهن المتكلّم ، والحصول في الذهن مطلقا ليس أمرا وراء العلم بمعنى الادراك المطلق ـ كما في صورة الخبر عمّا لا يعلمه ـ ؛ هذا.

والجواب عمّا ذكروه ـ من أنّ المتكلّم من قام به الكلام لا من اوجد الكلام في محلّ آخر ـ ، ففيه : إنّ لفظ المتكلّم انّما اشتقّ من التكلّم ، فمعناه بحسب اللغة انّما هو ما قام به

٤٢٩

التكلّم ، فالمتكلم من قام به الكلام بمعنى التكلّم لا بمعنى ما به التكلّم ، فانّ ما به التكلّم باعتبار الوجود العيني انّما قام بالهواء لا بالمتكلّم ، بل انّما قام بالمتكلّم ايجاد ما به التكلّم والقائه إلى المخاطب لا عدم الغير ، وهو ـ أعني : ايجاد الكلام بقصد الافادة والاعلام ـ هو التكلّم. فمراد من قال : « إنّ المتكلّم أوجد الكلام » : إنّ المتكلّم أوجد الكلام على قصد الافادة والاعلام ، فلا يرد أنّه على زعم الأشاعرة موجد كلام العباد ـ بل كلّ افعالهم ـ هو الله ، فيلزم أن يكون هو ـ سبحانه ـ متكلّما باعتبار خلق كلامهم ، ولا شك أنّه لا يطلق عليه ـ تعالى ـ المتكلّم بهذا الاعتبار ؛ وذلك لانّه ليس خلق / ٢٠٨ DB / كلام العباد منه ـ تعالى ـ لقصد الافادة والاعلام من جانبه ـ تعالى ـ مع أنّ هذا معتبر في إطلاق المتكلّم على خالق الكلام.

وما ذكروه من أنّ موجد الحركة في جسم آخر لا يسمّى متحرّكا ، ففيه : انّ المتحرّك ما قام به التحرّك ، لا ما قام به التحريك ، ولهذا لا يسمّى موجد الحركة في جسم آخر متحرّكا.

والحاصل : أنّ المتكلّم من قام به التكلّم الّذي هو مبدأ اشتقاق الصيغة ومعناه خلق الكلام ، فلا شكّ في أنّه صادق على موجد الكلام ؛ والمتحرّك ما قام به التحرّك ، ومعناه الحركة لا خلق الحركة ؛ فقياس المتكلّم على المتحرّك خطاء وإن كان كلاهما مشتركين في قيام مبدأ اشتقاق الصيغة بالفاعل ، إلاّ أنّ مبدأ اشتقاق المتكلّم ـ أي : التكلّم ـ معناه على زعم المعتزلة خلق الكلام في الهواء ومبدأ اشتقاق المتحرّك ـ أي : التحرّك ـ هو الاتصاف بالحركة ، وكلا المبدءين قائمان بالفاعل المتصف بذلك المشتقّ.

وما ذكروه من أنّا إذا سمعنا قائلا يقول : أنا قائم نسمّيه المتكلّم وإن قلنا أنّ موجده هو الله ـ سبحانه ـ ، ففيه : إنّ الايجاد المأخوذ في تعريف التكلّم ـ كما تقدّم ـ هو الإلقاء على قصد الاعلام سواء كان ايجادا حقيقيا أو لا ، ففي الصورة المذكورة الملقي هو المتكلّم ، فانّه يقصد الاعلام بإلقاء الكلام وإلاّ كان موجد الكلام هو الله ـ سبحانه ـ. نعم! ، لو اوجد الله الكلام في العباد بقصد الاعلام من جانبه ـ تعالى كما في الشجرة أو لسان الملك ـ لكان ذلك كلاما له ـ تعالى ـ وكان هو المتكلّم دون الشجرة والملك ، وهو مسلّم

٤٣٠

عند الكلّ.

وبما ذكرناه ظهر ضعف قولهم : إنّ الكلام القائم بذات الباري لا يجوز أن يكون هو الحسّي ، فتعيّن أن يكون هو المعنى ؛ إذ قد عرفت أنّ الكلام القائم بذات الباري ـ تعالى ـ هو بمعنى التكلّم لا بمعنى ما به التكلّم ـ أعني : الألفاظ الدالّة على المعانى أو معانيها الدالّة على أمور أخر الّتي هي المقصودة بالذات بإلقاء الألفاظ الدالّة عليها بناء على ما ذهب إليه الغزالى من أنّ هذا هو الكلام بالحقيقة على ما يأتي الاشارة إليه ـ ، والتكلّم ليس إلاّ ايجاد ما به التكلّم وهذا الايجاد ليس شيئا من اللفظ / ٢٠٦ MA / والمعنى. على أنّ قيام المعنى الّذي هو الكلام النفسي عند الأشاعرة بذات الواجب غير جائز ، لأنّ هذا المعنى أيضا يكون حادثا فلا يجوز أن يقوم بذاته ـ تعالى ـ كما قالوا في الالفاظ بعينه. ولا يصحّ إطلاق القديم عليه ، لأنّ إطلاق الكلام النفسي القديم على معانى الالفاظ الحادثة غير معقول ؛ وهذا هو معنى قول المحقّق الطوسي : « والنفساني غير معقول ـ ، أي : الكلام النفسي القديم ـ وهو معاني الألفاظ ـ غير معقول.

فان قيل : مراد من قال بالكلام النفسي القديم : إنّ العلم الاجمالي بالكلام قديم ؛

قلنا : هذا تأويل فيه ارتكاب مجاز في مقابلة الخصم المحقّ ، فيشمّ منه رائحة النفسانية والتعصّب ؛ ولذا قال بعض الفضلاء : إنّ في قول المحقّق : « والنفساني غير معقول » حيث لم يقل : « وكلام النفسي » أو « النفسي » ايماء تطبيقا بأنّ اثبات هذا الكلام بارتكاب التمحّل لا يخلو عن النفسانية والتعصّب!.

ثمّ إنّ المعتزلة تمسّكوا لاثبات أنّ الكلام هو المنتظم من الحروف وأنّ النفسي القديم الّذي يدّعيه الأشاعرة ليس كلامه بوجوه لا بدّ لنا من ايرادها وذكر ما يتعلّق بها من الفوائد وما قيل للجواب عن بعضها وتحقيق ما هو الحقّ ، وبيان أنّها هل هي تنتهض حجة لما اخترناه ، أو لا؟ ، وعلى التقدير الثاني هل يكون شيء منها منافيا لشيء ممّا اخترناه ، أم لا؟.

فمنها : انّه قد علم بالضرورة من دين نبيّنا محمّد ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إنّ هذا القرآن هو الكلام المؤلّف المنتظم من الحروف المسموعة المفتتح بالتحميد المختتم

٤٣١

بالاستعاذة ، وعليه انعقد اجماع السلف وأكثر الخلف.

ومنها : إنّ ما اشتهر وثبت بالنص والاجماع من خواصّ القرآن انّما يصدق على هذا المؤلّف الحادث لا المعنى القديم ، وتلك الخواصّ كونه ذكرا ـ لقوله تعالى :( وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ ) (١) ـ ؛ عربيّا ـ لقوله ـ تعالى ـ :( إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ) (٢) ـ ؛ ومنزلا على النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بشهادة النصّ من تلك الآية وأمثالها واجماع الأمّة ؛ ومقروء بالالسن للاجماع ؛ ومسموعا / ٢٠٩ DA / بالاذان للاجماع ولقوله ـ تعالى ـ :( حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ) (٣) ؛ ومقرونا بالتحدّي لكونه معجزا اجماعا ؛ ومفصّلا إلى السور والآيات ـ لقوله تعالى :( كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ) (٤) ـ ؛ وقابلا للنسخ ؛ وهو من آيات الحدوث ، لانّه إمّا رفع أو انتهاء وشيء منها لا يتصوّر في القديم ، لأنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه ؛ وواردا عقيب إرادة التكوين ـ لقوله تعالى :( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٥) ، إذ معناه : انّا إذا أردنا شيئا قلنا له كن فيكون ، قوله « كن » أمر وهو قسم من كلامه ـ تعالى ـ متأخّر عن الإرادة الواقعة في الاستقبال ـ لكونه جزء له ـ ، فيكون حادثا ـ.

فان قيل : وقوع كلمة « كن » عقيب إرادة تكوين الأشياء على ما يقتضيه كلمة الجزاء وإن دلّ على حدوثها لكن عموم لفظ شيء حيث وقع في سياق النفي يقتضي قدمها ، إذ لو كانت حادثة لكانت واقعة بكلمة « كن » آخر سابقة وتسلسلت.

وإن جعل هذا الكلام مجازا ـ كما قال البيضاوي : « إنّه تمثيل لتأثير قدرته في مراده بامر المطاع للمطيع في حصول المامور من غير امتناع وتوقّف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة قطعا لمادّة الشبهة وهو قياس قدرة الله على قدرة العبد »(٦) ـ فلا يكون له دلالة على حدوث كلمة كن ؛

__________________

(١) كريمة ٥٠ ، الأنبياء.

(٢) كريمة ٤ ، يوسف.

(٣) كريمة ٦ ، التوبة.

(٤) كريمة ١ ، هود.

(٥) كريمة ٤٠ ، النحل.

(٦) ما وجدت العبارة في البيضاوي. وانظر : نفس التفسير ، ص ٣٥٦ ، ذيل هذه الكريمة.

٤٣٢

قلنا : قد اجيب عنه بوجوه :

أحدها : إنّ المراد من الآية أنّه ليس قولنا لشيء من الأشياء عند تكوينه إلاّ هذا القول ـ أي : قول « كن » ـ ، وهذا لا يقتضي ثبوت هذا القول لكلّ شيء ، بل غايته أنّه لو قيل فيما يراد تكوينه قول لكان هذا القول ـ أعني : قول « كن » ـ ، كما تقول : ما أقول لأحد عند ارشاده إلاّ أن اقول له اعلم! ، فانّه لا يدلّ على أنّك تقول اعلم لكلّ أحد ترشده ، بل على أنّك لو قلت شيئا لأحد عند ارشاده لكان القول لفظ اعلم. وحينئذ نقول : لا يلزم أن يكون قول « كن » ممّا يلزم أن يقال فيه قول حتّى يكون مسبوقا بمثله.

ومنها : إنّ الواقع بكلمة « كن » ـ كما نقل سابقا عن شرح المقاصد ـ هو المحدث لا الحادث ، فانّه واقع بمجرّد القدرة ، ولا ريب في أنّ قوله ـ سبحانه ـ لا يكون محدثا بل يكون حادثا ، فلا يلزم مسبوقيته بكلمة « كن » ، فلا يلزم التسلسل.

ومنها : إنّ ظاهر قوله ـ تعالى ـ : « إذا اردناه » يدلّ على اختصاصه بالزمانيات ، لأنّ « إذا » للتوقيت ، فلا يكون وقوع / ٢٠٦ MB / القديم ـ كصفات الواجب سبحانه إذا كانت زائدة على الذات كما هو مذهب الأشاعرة ، ووقوع الحوادث الغير الزمانية ـ بأمر « كن » ، ومكتوبا في المصاحف للاجماع. ولا ريب في أنّ المكتوب في المصحف ليس هو الصور والاشكال ـ كما توهّم ـ ، بل المكتوب انّما هو اللفظ لأنّ الكتابة تصوير اللفظ بحروف هجائية. نعم! ، المثبت في المصحف هو الصور والاشكال.

وأورد عليه صدر المحقّقين : بأنّه لا يلزم من كون الكتابة تصوير اللفظ بحروف الهجائية أن يكون المكتوب لفظا ، فانّ نقش الفرس على الجدار مثلا تصوير الفرس بالنقش ومن البيّن أنّ النقش ليس فرسا ، بل نقشه المشعر به ، فكذا المكتوب صورة اللفظ المشعرة به لا نقشه. والحاصل : إنّ اللفظ انّما هو الحروف المرتّبة المنتظمة المسموعة من قبيل الاصوات وما هو مكتوب انّما هو نقش الألفاظ وصورتها وليس بألفاظ حقيقة ، بل هو دالّ على الالفاظ. وعلى هذا يصحّ أن يقال : اللفظ مكتوب والفرس منقوش بمعنى أنّ اللفظ الّذي هو الحروف المنتظمة المسموعة مصورة ـ أي : وضع صورته في القرطاس مثلا ـ ، لأنّ الكتابة انّما هو تصوير اللفظ والفرس الّذي هو حقيقة خارجية

٤٣٣

جعل منقوشا ـ أي : وضع نقشه في الجدار ـ ؛ ولا يصحّ أن يقال : المكتوب لفظ والمنقوش فرس ، لأنّ المكتوب انّما هو الصورة وصورة الشيء ليس حقيقة ذلك الشيء ، وكذا المنقوش انّما هو النقش ونقش الشيء ليس حقيقة ذلك الشيء.

وغير خفيّ بأنّ هذا الايراد غير وارد ، لأنّ من قال : إنّ الكتابة تصوير اللفظ ، لم يقل : إنّ الصور هو اللفظ حتّى يلزم عليه كون المنقوش هو الفرس ، بل قال : إنّ المصوّر ـ وهو المكتوب ـ هو اللفظ ـ أي : ذو الصورة هو اللفظ ـ. وعلى هذا يلزم أن يكون المنقوش هو الفرس ـ أي : ذو النقش هو ـ ، ولا فساد في ذلك. فانّ / ٢٠٩ DB / ذا الصورة هو اللفظ وذا النقش هو الفرس قطعا. وبالجملة الكتابة لمّا كانت معناها جعل اللفظ أو غيره ذا صورة ونقش لم يصدق المكتوب حقيقة على النقش والصورة ، إذ الصورة لم يجعل ذا صورة ـ إذ هي عين الصورة ـ والنقش لم يجعل ذا نقش ـ إذ هو عين النقش ـ وانّما جعل اللفظ أو المعنى ذا صورة ونقش ، وهذا لا ريب فيه. فالمكتوب والمصوّر هو اللفظ والحقيقة الخارجية حقيقة دون الصور والنقش. نعم! ، المثبت هو الصور والنقوش حقيقة ـ كما ذكر أوّلا في جواب من توهم أنّ المكتوب هو الصور والاشكال دون الألفاظ ـ. والفرق بين الكتابة والاشكال ظاهر.

وبما ذكر ظهر أنّ المكتوب هو الألفاظ دون الصور والاشكال ، وايراد صدر المحققين غير وارد.

وقال بعض المشاهير : لا خفاء في أنّه لمّا كان الكتابة هو تصوير اللفظ كان اللفظ مكتوبا ـ أي : مصوّرا ـ لا محالة ، فانّ كون الكتابة عبارة عن تصوير اللفظ مستلزم لكون المكتوب عبارة عن اللفظ. والحاصل : إنّ العادة جارية بأن يقال : إنّ الألفاظ مكتوبة وأرادوا من هذا القول أنّ الصور الدالّة عليها مكتوبة ، وبمقتضى هذه العادة يقال : إنّ الكتابة تصوير اللفظ وإلاّ فبالحقيقة الكتابة تصوير الصور الدالّة على الألفاظ لا تصوير الألفاظ ؛ ولا يخفى حال نظير الكتابة ـ كالتنقيش ـ إذا نسب إلى الفرس ونحوه ؛ انتهى.

وغير خفيّ بأنّ ما ذكره أوّلا من قوله : « لا خفاء إلى قوله عبارة عن اللفظ » كلام حقّ ؛ توضيحه ما ذكرناه في دفع ايراد صدر المحققين ؛

٤٣٤

وامّا ما ذكره بقوله : « والحاصل أنّ العادة ـ إلى آخره ـ » رجوع عن الحقّ والتزام لارتكاب المسامحة والتجوّز في القول بانّ اللفظ مكتوب والمكتوب بالحقيقة هو الصورة ، والعادة تجري بإطلاق المكتوب على اللفظ على خلاف الحقيقة ؛ ولا يخفى فساده ممّا حقّقناه.

ثمّ ما ذكره من أنّ الكتابة تصوير اللفظ ، ففيه : إنّه إن أراد بتصوير الصور اثبات صور الصور فهو اشنع كلّ شنيع! ؛ وإن أراد به : اثبات الصور الدالّة على الألفاظ ، فهو معنى تصوير الألفاظ ، لأنّ معنى تصوير الألفاظ هو اثبات صورها الدالّة عليها.

ثمّ لا يخفى أنّ الدليلين المذكورين للمعتزلة لا يدلاّن إلاّ على أنّ القرآن وكلام الله يطلقان على هذا المؤلّف المنتظم المخصوص ؛ وأنّ الصفات والخواصّ المذكورة ـ أعني : كونه ذكرا عربيا ومنزلا ومقروء بالالسن إلى آخره ـ انّما هي صفات وخواصّ لهذا المؤلّف المنتظم ؛ ولا يدلاّن على عدم إطلاق كلام الله على قدرة القاء هذا المؤلّف وعلى نفس القائه. والظاهر إنّ المعتزلة أيضا لم يريدوا منهما اثبات عدم إطلاق القرآن وكلام الله على مدلول هذا المؤلّف الّذي هو الكلام النفسي. وأنت خبير بانّهما لا يدلاّن على ذلك / ٢٠٧ MA / أيضا ، ولذا اجاب الأشاعرة عن هذا الدليلين بأنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله ـ تعالى ـ على هذا المؤلّف الحادث ـ وهو المتعارف عند العامّة والقرّاء والأصوليين والفقهاء ، وإليه ترجع الخواصّ الّتي هي من صفات الحروف وسمات الحدوث ـ ، وانّما كلامنا في انّهما يطلقان بطريق الاشتراك على مدلوله الّذي هو القديم أيضا ، وهذان الدليلان لا ينفيان هذا الاطلاق.

واعترض صدر المحققين على هذا الجواب بوجهين :

أحدهما : إنّ المعتزلة اقاموا أدلّة ظاهرة على أنّ القرآن هو الألفاظ المسموعة المؤلّفة من الحروف وحكموا بأنّ ذلك من ضرورة دين نبيّنا ـ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، ومن البيّن أنّ القياسين المتعارضين المذكورين جاريان فيه ، والأشاعرة ما قدحوا في أدلّتهم ولم ينكروا الضرورة المذكورة ، بل سلّموا أنّ القرآن بهذا المعنى هو المتعارف عند الجمهور وذكروا في معرض الجواب أنّ للقرآن معنى آخر لا يجري فيه

٤٣٥

القياسان المذكوران ؛ وذلك لا يجدي نفعا! ، لظهور أنّ الاشكال في القرآن بهذا المعنى ـ أي : بمعنى المؤلّف ـ يجري فيه القياسان ولا يندفع عنه الاشكال بأنّ للقرآن معنى آخر لا يجري فيه القياسان المذكوران ـ كما لا يخفى ـ ؛ انتهى.

وفيه : إنّ الجواب الّذي ذكره الأشاعرة ليس جوابا عن جريان القياسين المتعارضين في كلامه ـ سبحانه ـ ، بل هو جواب عن قول المعتزلة : إنّ معنى القرآن وكلام الله ـ تعالى ـ منحصر في الألفاظ والعبارات بالدليلين المذكورين ، فانّ / ٢١٠ DA / الدليلين المذكورين انّما يدلاّن على أنّ القرآن والكلام يطلقان على الألفاظ ، وامّا انّهما لا يطلقان إلاّ عليهما فلا يكون مقتضى الدليلين. فعدم نفع الجواب المذكور انّما يكون إذا كان محلّ النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة في أنّ هذا المؤلّف المنتظم هل هو كلام الله أم لا؟ ؛ والحال إنّ ذلك ليس محلّ النزاع بين الفريقين ، لانّهما متّفقان في أنّ هذا المنتظم من الحروف كلام الله ـ سبحانه ـ ؛ والنزاع في أنّ كلام الله ـ سبحانه ـ هل هو منحصر في ذلك أو يكون له معنى آخر سوى هذا المؤلّف الحادث؟. فالمعتزلة يقولون بالحصر والأشاعرة يقولون بعدم الحصر والدليلان المذكوران من جانب المعتزلة لا يفيدان الحصر المذكور ، بل يفيدان كون هذا المؤلّف الحادث كلام الله ، والأشاعرة غير متنازعين في ذلك ؛ فجوابهم بأنّ هذين الدليلين لا يفيدان الحصر يدفع قول المعتزلة ويثبت به مدّعاهم.

ثمّ قول السيد المحقّق في الاعتراض : « ومن البيّن أنّ القياسين المتعارضين المذكورين جاريان فيه ـ أي : في المؤلّف المنتظم من الحروف ـ » ، إن أراد به أنّ القياسين المذكورين جاريان فيه لا على سبيل التعارض ، ففيه : إنّ الجاري فيه حينئذ ليس إلاّ القياس الثاني ، ولذا قد تقدّم انّهم ـ أي : المعتزلة ـ قدحوا في صغرى القياس الأوّل نظرا إلى كون كلامه ـ سبحانه ـ منحصرا عندهم بالمؤلّف الحادث ؛ وإن أراد انّهما جاريان فيه على سبيل التعارض فهو ممنوع ، إلاّ أنّهما جاريان على سبيل التعارض في المعنى الآخر الّذي اثبته الأشاعرة أيضا. وبالجملة تخصيص كلامه ـ سبحانه ـ بمعنى المؤلّف الحادث بجريان القياسين فيه لا وجه له أصلا.

٤٣٦

وثانيها : إنّ مدلول الكلام اللفظي انّما هو مسمّيات الأسامي من العبارات وهي ليست صورا ذهنية ـ كما ذهب إليه الحكماء ـ ، لأنّ المتكلّمين ينكرون الوجود الذهني ، فهى من اعيان الموجودات كالسماء والارض ؛ ومن البيّن أنّ بعض الأعيان جواهر قائمة بذواتها وبعضها اعراض قائمة بالجواهر ، ولا يظهر لقيام اعيان الموجودات بذاته ـ تعالى ـ ولا لقيامها بغيره وجه وجيه ؛ انتهى.

وحاصله ابطال الكلام النفسي بأنّه عند الأشاعرة مدلول الكلام اللفظي وهو مسمّيات الأسامى والألفاظ ، والمسمّيات لما لم تكن موجودات ذهنية لانكار المتكلّمين الوجود الذهنى فهي من الموجودات الخارجية ، ولا معنى لقيام الموجود الخارجى بذاته ـ سبحانه ـ ، فقول الأشاعرة بقيام الكلام النفسي بذاته ـ تعالى ـ لمّا كان راجعا إلى قيام موجود خارجي بذاته ـ تعالى ـ فهو بيّن البطلان.

ويمكن أن يقال بعنوان العلاوة : لو جوّز كون المسمّيات الّتي هي الكلام النفسي من الموجودات الذهنية لكانت راجعة إلى العلم ، فلا يكون شيئا وراء العلم مع أنّ الأشاعرة قالوا بمغائرتها للعلم.

ثمّ لا يخفى إنّ هذا الوجه دليل على حدة لابطال الكلام النفسي ، ولا مدخلية له لتصحيح الدليلين المنقولين من المعتزلة لحصر كلامه ـ سبحانه ـ في اللفظي ، ولا ينتهض ايرادا على الجواب الّذي ذكره الأشاعرة منهما ، لأنّ حاصل جوابهم عنهما انّهما يدلاّن على إطلاق كلام الله ـ سبحانه ـ على هذا المؤلّف المخصوص ولا يفيدان حصر كلامه فيه ، فإقامة دليل على حدة على انحصار كلامه فيه وبطلان الكلام النفسي لا يجعل الدليلين المذكورين تامّين.

والجواب المذكور ساقط ، وهو ظاهر.

وبما ذكرناه يظهر / ٢٠٧ MB / أنّ ما ذكره بعض الأفاضل بأنّه يمكن تتميم الدليلين بحيث يفيدان الحصر ـ بأن يقال : لمّا ثبت بهما أنّ هذا المنتظم من الحروف كلام الله ولم يقم دليل عقلي ولا نقلي على وجود أمر آخر هو الكلام النفسي ولا على كونه كلام الله سبحانه ، فيلزم الحصر ـ ليس على ما ينبغي ، لأنّ ضميمة قولنا : « ولم يقم دليل عقلي ـ

٤٣٧

إلى آخره ـ » يخرج الدليلين عن حقيقتهما ويصيّرهما دليلين آخرين. وكذا مثل هذه الضميمة ، إذ اقامة دليل على مجرّد بطلان الكلام النفسي يكفي لمطلوب المعتزلة وإن لم يتعرّضوا لاطلاق كلام الله على هذا المؤلّف الحادث ، لأنّ الأشاعرة موافقون لهم في هذا الاطلاق ، فلا حاجة إلى بيانه واثباته ؛ هذا.

ثمّ إنّ بعض المشاهير أجاب عن ثاني وجهي اعتراض السيد المحقّق بأنّ المتكلّمين / ٢١٠ DB / وإن انكروا الوجود الذهني لكنّهم قد اثبتوا الثبوت بدل الوجود الذهني ، فمسمّيات الأسامي والعبارات مندرجة عندهم في الأعيان الثابتة ، فهي عندهم قديمة باعتبار الثبوت قائمة بذاته ـ تعالى ـ على نحو قيام العلم بالأعيان الثابتة بذاته ـ تعالى ـ ، فقوله : « فهو من أعيان الموجودات كالسماء والارض » وهم. نعم! ؛ يرد عليه : أنّ مدلول الكلام اللفظي أمور متعدّدة ، فكيف يصحّ القول بأنّه أمر واحد في الأزل ومتعلّق فيما لا يزال بالامور المتعدّدة ـ كما قالوا في تصحيح مذهبهم كما مرّ وسيأتي ـ؟! ، فيحتاج إلى رجوعه إلى العلم الاجمالي الّذي هو عين ذاته. أو يقال المراد بمدلول الكلام اللفظي مدلوله بحسب الالتزام ـ أي : القوّة على تأليف الكلمات ـ ، فانّ ذاته ـ تعالى ـ بذاته قادر على تأليف الكلمات والقائها ، وحينئذ يرجع الكلام النفسي إلى التكلّم الحقيقى الّذي هو عين الذات ويصير النزاع لفظيا ، لأنّ النزاع المعنوي بين الأشاعرة والمعتزلة في أنّه هل يكون للواجب ـ جل شأنه ـ صفة حقيقة غير العلم والقدرة هي الكلام النفسي أم لا؟ ؛ فالاشاعرة قالوا بأنّ الكلام النفسي صفة حقيقية له ـ تعالى ـ غير العلم والقدرة وغيرهما من الصفات الحقيقية ؛ والمعتزلة ينازعونهم في ذلك ، فاذا يلزم على الأشاعرة ارجاع الكلام النفسي إلى العلم والقدرة ، فلا يبقى إلاّ النزاع في إطلاق لفظ الكلام النفسي على العلم والقدرة ، وهذا كلام لفظي ؛ انتهى بأدنى توضيح.

ويرد على ما ذكره أوّلا : « إنّ المتكلّمين اثبتوا الثبوت ـ إلى آخره ـ » : بانّ الذين اثبتوا الثبوت هم المعتزلة ، والأشاعرة غير قائلين بالثبوت ، فلا يصحّ هذا الجواب من قبل الأشاعرة ، فيبقى اعتراض السيد واردا عليهم ؛

وما ذكره اخيرا ـ من امكان تاويل الكلام النفسي إلى العلم الاجمالي أو التكلّم

٤٣٨

الحقيقي ـ فقد عرفت حاله فيما سبق.

تذنيب

قد ظهر ممّا قرّرناه أنّ الكلّ متّفقون على إطلاق القرآن وكلام الله على هذا المؤلّف المنتظم من الحروف ، وقد اتّفق الكلّ أيضا على أنّ إطلاق هذين اللفظين عليه ليس لمجرّد أنّه دالّ على كلامه القديم ـ أي : الكلام النفسي عند الأشاعرة وقوّة الإلقاء عند غيرهم ـ حتّى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله ـ تعالى ـ لكان هذا الاطلاق بحاله ، بل لأنّ له اختصاصا آخر به ـ تعالى ـ وهو أنّه اخترعه بأن اوجد أوّلا الاشكال في اللوح المحفوظ ـ لقوله ـ تعالى ـ :( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) (١) ـ ، والأصوات في لسان الملك ـ لقوله ـ تعالى :( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) (٢) ـ.

وقد اختلف القوم في انّهما هل هما اسمان لهذا المؤلّف بشرط قيامه باوّل لسان اخترعه فيه أو اسمان له من حيث هو من دون اعتبار المحلّ ؛ فقيل بالأوّل ـ أي : انّهما اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه حتّى أنّ ما يقرأه كلّ أحد من سواه بلسانه يكون مثله ، لا عينه ـ ؛ وقيل بالثانى ـ أعني : انّهما اسمان له لا من حيث تعيّن المحلّ ـ ، فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القاري ـ أيّ قارئ كان ـ نفسه لا مثله. وهذا الحكم في كلّ شعر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه.

وهذا هو الأصحّ ؛ ويدل عليه قوله ـ تعالى ـ :( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ) (٣) .

فان قيل : إذا أريد بكلام الله ـ تعالى ـ المنتظم من الحروف المسموعة من غير اعتبار تعيين المحلّ فكلّ أحد منّا يسمع كلام الله ـ تعالى ـ ، فما وجه اختصاص موسى ـعليه‌السلام ـ؟ ؛

__________________

(١) كريمة ٢٢ ، البروج.

(٢) كريمة ٤٠ ، الحاقّة.

(٣) كريمة ٦ ، التوبة.

٤٣٩

قلنا قد ذكر القوم لهذا الاختصاص وجوها ، فلنذكرها ونشير إلى ما هو الحقّ.

منها : ما ذكره الغزالي ، وهو : إنّه كان يسمع كلامه الأزلي بلا صوت وحرف كما ترى في الآخرة ذاته ـ تعالى ـ بلا كيف وكمّ. وهذا على مذهب من يجوّز تعلّق الرؤية والسماع بكلّ موجود حتّى الذات والصفات ، لكن سماع غير الصوت والحروف لا يكون إلاّ بطريق خرق العادة.

أقول : مراده من كلامه الأزلي إن كان هو الكلام النفسي فقد عرفت عدم معقوليته فضلا عن أزليته ؛ وإن كان هو القدرة / ٢٠٨ MA / على ايجاد ما به التكلّم أو نفس ايجاده فلا معنى لسماعه. قال بعض المشاهير : لا حاجة إلى التقييد بقوله : « الأزلي » ، بل لا معنى له إلاّ باعتبار أنّ المسموع له ـ تعالى ـ نوع من الثبوت في الأزل على الوجه الاجمالي الّذي / ٢١١ DA / ذهب إليه بعض المتكلّمين ، أو باعتبار أنّ للواجب ـ سبحانه ـ علما ازليا هو عين ذاته ـ تعالى ـ. فيكون معنى قوله : « كلامه الازلي » : الكلام الأزلي الّذي كان العلم به ازليا ، فيكون « الأزلي » وصفا « للكلام » بحال متعلقه.والحاصل : أنّ المسموع ليس وراء الكلام بمعنى ما به التكلّم ، وهو ليس ازليا ؛ وإن كان المراد منه المعنى المقصود بإلقاء اللفظ ـ على ما يأتي من أنّه الكلام بالحقيقة عند الغزالي لأنّه بهذا المعنى أيضا لا يعقل ازليته إلاّ بأحد من التأويلين المذكورين الجاريين في الكلام اللفظي الّذي يلزمه الحرف والصوت ، بل في جميع الموجودات ـ. فلا حاجة إلى ذكر الأزلي في هذا الجواب ، لأنّه لا يفيد تخصيص الكلام المذكور بالمعنوي الّذي هو مراد الغزالي ، فلا يكون محتاجا إليه ؛ انتهى بادنى توضيح.

وأنت خبير بأنّ عدم الاحتياج إليه ظاهر على مذهب اهل الحقّ القائلين بانّه لا يعقل أزلية الكلام المعنوي إلاّ بأحد التأويلين ؛ وامّا على زعم الأشاعرة القائلين بأنّ الكلام المعنوي صفة ازلية للواجب سوى العلم والقدرة والإرادة وسائر الصفات بلا تأويل فقيد الأزلية مخصوص بالمعنوي وفائدته اخراج اللفظى ، وكأنّه منظور الغزالي ؛ فلا بحث إلاّ على أصلهم.

ثمّ القول بتحقيق نوع من الثبوت للحوادث في الأزل بيّن الفساد ، مع أنّ الغزالي

٤٤٠

الحديث هلال بن يساق(١) .

[٢٠٤٩٢] ١٨ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من لم يحتمل مرارة الدواء دام ألمه ».

١٠٧ -( باب التداوي بالعناب(*) وأكله)

[٢٠٤٩٣] ١ - الطبرسي في المكارم: عن ابن أبي الخضيب(١) قال: كانت عيني قد ابيضت ولم أكن أبصر بها شيئا، فرأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في المنام، فقلت: يا سيدي عيني قد آلت(٢) إلى ما ترى، فقال: « خذ العناب فدقه واكتحل به » فأخذت العناب فدققته بنواه وكحلتها [ به ] فانجلت عن عيني الظلمة، ونظرت أنا إليها فإذا(٤) هي صحيحة.

[٢٠٤٩٤] ٢ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العناب يذهب بالحمى ».

١٠٨ -( باب نبذة مما ينبغي التداوي به، وما يجوز منه)

[٢٠٤٩٥] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام عن السري بن

__________________

(٣) ضوء الشهاب: مخطوط، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٧٢.

١٨ - غرر الحكم ج ٢ ص ٧٢١ ح ١٥٠٧.

الباب ١٠٧

* العناب بضم العين وتشديد النون: قيل هو ثمر الأراك، ويقال له: السنجلان بالفارسية ( لسان العرب ج ١ ص ٦٣٠ ).

١ - مكارم الأخلاق ص ١٧٦.

(١) في المصدر: أبي الحصين.

(٢) في الحجرية: « أصابت » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في الحجرية: إذا، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٨.

الباب ١٠٨

١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٥٠

٤٤١

أحمد بن السري، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن محمد بن إسماعيل بن أبي زينب قال: سمعت الباقرعليه‌السلام ، يقول: « اخراج الحمى في ثلاثة أشياء: في القئ وفي العرق، وفي إسهال البطن ».

[٢٠٤٩٦] ٢ - وبهذا الاسناد: عن محمد بن سنان، عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « سمعت موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وقد اشتكى فجاءه المترقعون بالأدوية - يعني الأطباء - فجعلوا يصفون له العجائب، فقال: أين يذهب بكم! اقتصروا على سيد هذه الأدوية الهليلج والرازيانج والسكر، في استقبال الصيف ثلاثة أشهر، في كل شهر ثلاث مرات، وفي استقبال الشتاء ثلاثة أشهر، في كل شهر ثلاثة أيام، ثلاث مرات، ويجعل موضع الرازيانج مصطكي، فلا يمرض إلا مرض الموت ».

[٢٠٤٩٧] ٣ - وعن عبد الله بن الأجلح، عن إبراهيم بن محمد المتطبب قال: شكا رجل من الأولياء إلى بعضهم وجع الاذن، وأنه يسيل منه الدم والقيح، قال له: خذ جبنا عتيقا أعتق ما تقدر عليه، فدقه دقا ناعما جيدا، ثم اخلطه بلبن امرأة، وسخنه بنار لينة، ثم صب منه قطرات في الاذن التي يسيل منها الدم، فإنها تبرأ بإذن الله عز وجل.

[٢٠٤٩٨] ٤ - وعن محمد بن جعفر بن مهران، عن أحمد بن حماد، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنه وصف بخور مريم لام ولد له، وذكر أنه نافع لكل شئ من قبل الأرواح، من المس والخبل والجنون والمصروع والمأخوذ وغير ذلك، نافع مجرب بإذن الله تعالى.

__________________

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٥٠.

٣ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٣.

٤ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١١٢.

٤٤٢

قال: « تأخذ لبانا، وسندروسا، وبزاق القمر(١) ، وكوز سندي، وقشور الحنظل، ومرا بري(٢) ، وكبريتا أبيض، وكسرة داخل المقل، وسعد يماني، ويكسر(٣) فيه مر وشعر قنفذ، مبثوث بقطران شامي قدر ثلاث قطرات، تجمع ذلك كله ويضع بخورا، فإنه جيد نافع إن شاء الله ».

[٢٠٤٩٩] ٥ - وعن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اشربوا الكاشم(١) ، فإنه جيد لوجع الخاصرة ».

[٢٠٥٠٠] ٦ - وعن أحدهمعليهم‌السلام ، لوجع المعدة وبرودتها وضعفها، قال: « يؤخذ خيار شنبر(١) ، مقدار رطل، فينقى ثم يدق وينقع في رطل من ماء يوما وليلة، ثم يصفى ويطرح ثقله، ويجعل مع صفوة رطل من عسل، ورطلان من افشرح السفرجل، وأربعين مثقالا من دهن الورد، ثم يطبخ بنار لينة حتى يثخن، ثم ينزل القدر عن النار ويترك حتى يبرد، فإذا برد جعل فيه الفلفل، ودار فلفل، وقرفة(٢) الفلفل وقرنفل،

__________________

(١) بزاق القمر: ويلفظ بالسين والصاد، حجر أبيض صاف يتلا لا ( لسان العرب ج ١٠ ص ٢٠ ).

(٢) في المصدر: ومرمري.

(٣) في نسخة: ويكثر.

٥ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٠.

(١) الكاشم بكسر الشين: دواء وهو الأنجذان الرومي ( القاموس المحيط ج ٤ ص ١٧٣ ).

٦ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧١.

(١) خيار شنبر: نوع من الخروب ( وهو ثمر الشوك ) شجرة كبار ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٦٧ ).

(٢) في الحجرية: « وقرنفة » وما أثبتناه من المصدر، والقرفة بكسر القاف وسكون الراء وفتح الفاء: قشر الشجر ومنه المعروف بقرفة القرنفل ورائحتها كالقرنفل دواء مسخن ( القاموس المحيط ج ٣ ص ١٩٠ ).

٤٤٣

وقاقلة(٣) ، وزنجبيل، ودار صيني، وجوز بوا، من كل واحد ثلاثة مثاقيل مدقوق منخول، فإذا جعل فيه هذه الاخلاط، عجن بعضها ببعض، وجعل في جرة خضراء، الشربة منه وزن مثقالين على الريق مرة واحدة، فإنه يسخن المعدة، ويهضم الطعام، ويخرج الرياح من المفاضل كلها، بإذن الله تعالى ».

[٢٠٥٠١] ٧ - وعن أيوب بن عمر، عن محمد بن عيسى، عن كامل، عن محمد بن إبراهيم الجعفي قال: شكا رجل إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام مغصا كاد يقتله، وسأله أن يدعو الله عز وجل له، فقد أعياه كثرة ما يتخذ له من الأودية، وليس ينفعه ذلك بل يزداد ( غلبة وشدة )(١) ، فتبسم وقال: « ويحك إن دعاءنا من الله بمكان، وإني أسأل الله أن يخفف عنك بحوله وقوته، فإذا اشتد بك الامر والتويت منه، فخذ جوزة واطرحها على النار، حتى تعلم أنها قد اشتوى ما في جوفها، ( وغيرتها النار، قشرها وكلها )(٢) فإنها تسكن من ساعتها » قال: فوالله ما فعلت ذلك إلا مرة واحدة، فسكن عني المغص بإذن الله عز وجل.

[٢٠٥٠٢] ٨ - وعن جعفر بن محمد بن إبراهيم، عن أحمد بن بشارة قال: حججت فاتيت المدينة، فدخلت مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا أبو إبراهيمعليه‌السلام جالس في جانب المنبر، فدنوت فقبلت رأسه ويديه وسلمت عليه، فرد علي السلام وقال: « كيف أنت من علتك؟ » قلت: شاكيا بعد، وكان بي السل، فقال: « خذ هذا الدواء بالمدينة قبل

__________________

(٣) القاقلى بضم القاف وتشديد اللام: نبات حولي بري كثير في رمال الساحل ( الملحق بلسان العرب ج ٣ ص ٣ ).

٧ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٠١.

(١) في المصدر: عليه شدة.

(٢) في المصدر: وغيرت النار قشرها كلها.

٨ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٨٥.

٤٤٤

أن تخرج إلى مكة، فإنك توافيها وقد عوفيت بإذن الله تعالى » فأخرجت الدواة والكاغد وأملى علينا: « يؤخذ سنبل، وقاقلة، وزعفران، وعاقر قرحا، وبنج، وخربق، وفلفل أبيض - أجزاء بالسوية - وابرفيون جز أين ويدق وينخل بحريرة، ويعجن بعسل منزوع الرغوة، ويسقى صاحب السل منه مثل الحمصة بماء مسخن عند النوم، وإنك لا تشرب ذلك إلا ثلاث ليال حتى تعافى منه بإذن الله تعالى ».

[٢٠٥٠٣] ٩ - وعن أحمد بن صالح، عن محمد بن عبد السلام قال: دخلت مع جماعة من أهل خراسان على الرضاعليه‌السلام ، فسلمنا عليه فرد، وسأل كل واحد منهم حاجة فقضاها ثم نظر إلي فقال لي: « وأنت، تسأل حاجتك؟ » قلت: يا بن رسول الله، أشكو إليك السعال الشديد، فقال: « أحديث أم عتيق؟ » قلت: كلاهما، قال: « خذ فلفلا أبيض جزءا، وابرفيون جزأين، وخربقا(١) أبيض جزءا واحدا، ومن السنبل(٢) جزءا، ومن القاقلة جزءا واحدا، ومن الزعفران جزءا، ومن البنج جزءا، وينخل بحريرة ويعجن بعسل منزوع الرغوة مثل وزنه وتتخذ للسعال العتيق والحديث منه، حبة واحدة بماء الرازيانج عند المنام، وليكن الماء فاترا لا باردا، فإنه يقلعه من أصله ».

[٢٠٥٠٤] ١٠ - وعن جعفر بن جابر الطائي، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن عمر بن يزيد قال: كتب جابر بن حيان الصوفي إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال: يا بن رسول الله، منعتني ريح شابكة، شبكت بين

__________________

٩ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٨٦.

(١) الخربق: نبات ورقه أبيض وأسود وكلاهما يجلو ويسخن وينطع الصرع والجنون والمفاصل والبهق والفالج. ( القاموس المحيط ج ٣ ص ٢٣٢ ).

(٢) السنبل: نبات طيب الرائحة أجوده السوري وأضعفه الهندي، مفتح محلل مقو للدماغ والكبد والطحال والكلى والأمعاء ( القاموس المحيط ج ٣ ص ٤٠٩ ).

١٠ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٠.

٤٤٥

قرني إلى قدمي، فادع الله لي، فدعا له وكتب إليه: « عليك بسعوط العنبر والزنبق على الريق، تعافى منها إن شاء الله ». ففعل ذلك فكأنما نشط من عقال.

[٢٠٥٠٥] ١١ - وعن أحمد بن إبراهيم بن رياح قال: حدثنا الصباح بن محارب قال: كنت عند أبي جعفر بن الرضاعليهما‌السلام ، فذكر أن شبيب بن جابر ضربته الريح الخبيثة فمالت بوجهه وعينه، فقال: « يؤخذ له القرنفل - خمسة مثاقيل - فيصير في قنينة يابسة، ويضم رأسها ضما شديدا، ثم تطين وتوضع في الشمس، قدر يوم في الصيف وفي الشتاء قدر يومين، ثم يخرجه فيسحقه سحقا ناعما، ثم يديفه بماء المطر حتى يصير بمنزلة الخلوق، ثم يستلقي على قفاه ويطلي ذلك القرنفل المسحوق على الشق المائل، ولا يزال مستلقيا حتى يجف القرنفل، فإنه إذا جف دفع(١) الله عنه، وعاد إلى أحسن عاداته، بإذن الله » قال: فابتدر إليه أصحابنا فبشروه بذلك، فعالجه بما أمره به، فعاد إلى أحسن ما كان، بعون الله تعالى.

[٢٠٥٠٦] ١٢ - وعن محمد بن إبراهيم العلوي، عن فضالة، عن محمد بن أبي نصر، عن أبيه قال: شكا عمرو الأفرق إلى الباقرعليه‌السلام ، تقطير البول، قال: « خذ الحرمل واغسله بالماء البار دست مرات، وبالماء الحار مرة واحدة، ثم يجفف في الظل، ثم يلت بدهن خل خالص، ثم يستف على الريق سفا، فإنه يقطع التقطير، بإذن الله تعالى ».

[٢٠٥٠٧] ١٣ - وعن الخضر(١) بن محمد، عن الخراذيني(٢) قال: دخلت

__________________

١١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٠.

(١) في نسخة: رفع.

١٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٨.

١٣ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٢.

(١) في الحجرية: الخرز، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٧ ص ٥٣ ).

(٢) في الحجرية: الخرازيني، وفي المصدر: « الخزازي » وما أثبتناه من معاجم الرجال هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٢ ص ٦٨ وتنقيح المقال ج ٣ ص ٥٠ ).

٤٤٦

على أحدهمعليهم‌السلام ، فسلمت عليه وسألته أن يدعو الله لأخ لي ابتلي بالحصاة لا ينام، فقال لي: « ارجع فخذ له من الإهليلج الأسود، والبليلج، والأملج، وخذ الكور، والفلفل، والدار الفلفل، والدارصيني، وزنجبيل، وشقاقل، ووج، وانيسون، وخولنجان - أجزاء سواء - يدق وينخل ويلت بسمن بقر حديث، ثم يعجن جميع ذلك بوزنه مرتين من عسل منزوع الرغوة، أو قايند جيد، الشربة منه مثل البندقة أو عفصة(٣) ».

[٢٠٥٠٨] ١٤ - وعن أحمد بن رياح المتطبب - وذكر أنه عرض على الإمامعليه‌السلام - لعرق النسا قال: تأخذ قلامة ظفر من به عرق النسا، فتعقدها على موضع العرق، فإنه نافع بإذن الله تعالى، سهل حاضر النفع، وإذا غلب على صاحبه واشتد ضربانه، تأخذ تكتين فتعقدهما وتشد فيهما الفخذ الذي به عرق النسا، من الورك إلى القدم شدا شديدا، أشد ما يقدر عليه، حتى يكاد يغشى عليه، يفعل ذلك به وهو قائم ثم تعمد إلى باطن خصر القدم التي فيها الوجع، فتشدها ثم تعصرها عصرا شديدا، فإنه يخرج منه دم أسود، ثم يحشى بالملح والزيت، فإنه يبرأ بإذن الله عز وجل[٢٠٥٠٩] ١٥ - وعن أحمد بن العيص، عن النضر بن سويد، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده الباقرعليهم‌السلام ، للجرح قال: تأخذ قيرا طريا، ومثله شحم معز طري، ثم تأخذ خرقة جديدة وبستوقة(١) جديدة، فتطلي ظاهرها بالقير، ثم تضعها على قطع لبن، وتجعل تحتها نارا لينة، ما بين الأولى إلى العصر، ثم تأخذ كتانا باليا وتضعه على يدك

__________________

(٣) العفص: ثمر يدبغ به ويتخذ منه الحبر، واحدته عفصة ( مجمع البحرين ج ٤ ص ١٧٥ ).

١٤ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٦.

١٥ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٤٠.

(١) البستوقة بضم الباء: إناء من فخار، معرب ( القاموس المحيط ج ٣ ص ٢٢٠ ).

٤٤٧

وتطلي القير عليه، وتطليه على الجرح، ولو كان الجرح له قعر كبير، فافتل الكتان وصب القير في الجرح صبا، ثم دس فيه الفتيلة.

[٢٠٥١٠] ١٦ - قالا - أي ابنا بسطام -: وأملي علينا أحمد بن رياح المتطبب وذكر أنه عرضها على الامام فرضيها - لوجع البطن والظهر قال: تأخذ لبني عسل يابس، واصل الأنجدان، من كل واحد عشر مثاقيل، ومن الافتيمون مثقالين، يدق كل واحد من ذلك على حده، وينخل بحريرة أو بخرقة خفيفة(١) ، خلا الافتيمون فإنه لا يحتاج أن ينخل، بل يدق دقا ناعما، ويعجن جميعا بعسل منزوع الرغوة، والشربة منه مثقالان، إذا آوى إلى فراشه، بماء فاتر.

[٢٠٥١١] ١٧ - وعن أبي الفوارس بن غالب بن محمد بن فارس، عن أحمد بن حماد البصري، عن معمر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضاعليه‌السلام ، كثيرا ما يأمرني بأخذ هذا الدواء، ويقول: « إن فيه منافع كثيرة » ولقد جربته في الرياح والبواسير، فلا والله ما خالف: تأخذ اهليلج أسود، وبليلج، وأملج - أجزاء سواء - فتدقه وتنخله بحريرة، ثم تأخذ مثله لوزا أزرق وهو عند العراقيين مقل أزرق، فتنقع اللوز في ماء الكراث حتى يماث فيه ثلاثين ليلة، ثم تطرح عليها هذه الأدوية، وتعجنها عجنا شديدا حتى يختلط، ثم تجعله حبا مثل العدس، وتدهن يديك بالبنفسج أو دهن خيري أو شيرج لئلا يلتزق، ثم تجففه في الظل، فإن كان في الصيف أخذت منه مثقالا، وإن كان في الشتاء مثقالين، واحتم من السمك والخل والبقل.

[٢٠٥١٢] ١٨ - وعن تميم بن أحمد السيرافي، عن محمد بن خالد البرقي،

__________________

١٦ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٨.

(١) في الحجرية: « ضيقة » وما أثبتناه من المصدر.

١٧ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٠١.

١٨ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٩.

٤٤٨

عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « تسريح العارض يشد الأضراس » إلى أن قالا: ثم وصفعليه‌السلام دواء البلغم، فقال: « خذ جزءا من علك الرومي، وجزءا من كندر، وجزءا من سعتر، وجزءا من نانخواه، وجزءا من شونيز - اجزاء سواء - يدق كل واحد على حدة دقا ناعما، ثم تنخل وتعجن وتجمع وتسحق حتى يختلط، ثم تجمعه بالعسل، وتأخذ منه في كل يوم وليلة بندقة عند المنام، نافع إن شاء الله تعالى ».

[٢٠٥١٣] ١٩ - وعن عبد الله بن مسعود اليماني، عن الطرياني، عن خالد القماط(١) قال: أملى علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام هذه الأودية للبلغم قال: « تأخذ إهليلج اصفر وزن مثقال، ومثقالين خردل، ومثقال عاقر قرحا، فتسحقه سحقا ناعما، وتستاك به على الريق، فإنه ينفي البلغم، ويطيب النكهة، ويشد الأضراس إن شاء الله تعالى ».

[٢٠٥١٤] ٢٠ - وعن إبراهيم بن عبد الله، عن حماد بن عيسى، عن المختار، عن إسماعيل بن جابر قال: اشتكى رجل من إخواننا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، كثرة العطش ويبس الفم والريق، فأمره أن يأخذ سقمونيا، وسنبلة، وشقاقل، وعود البلسان(١) ، وحب البلسان، ونار مشك، وسليخة مقشرة، وعلك رومي، وعاقر قرحا، ودار صيني، من كل واحد مثقالين، تدق هذه الأدوية كلها وتعجن بعد ما تنخل غير السقمونيا فإنه يدق على حدة ولا ينخل، ثم تخلط جميعا، ويأخذ خمسة

__________________

١٩ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٩.

(١) في الحجرية: السماط، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ظاهرا « راجع معجم رجال الحديث ج ٧ ص ٣٩ ».

٢٠ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٧٣.

(١) البلسن بضم الباء وسكون اللام وضم السين: حب كالعدس ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٢١٦ ).

٤٤٩

وثمانين مثقالا فانيد سجري جيد، ويذاب في الطنجير بنار لينة، ويلت به الأدوية، ثم يعجن ذلك كله بعسل منزوع الرغوة، ثم يرفع في قارورة أو جرة خضراء، فإن احتجت فخذ منه على الريق مثقالين بما شئت من الشراب، وعند منامك مثله.

[٢٠٥١٥] ١٢ - المستغفري في طب البنيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كان في شئ شفاء لكان في السنا »(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليكم بالإهليلج الأسود، فإنه من شجرة الجنة، وطعمه منه(٢) ، وفيه شفاء من كل داء »(٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير ما تداويتم به الحجامة والشونيز والقسط(٤) .

١٠٩( باب الحمية للمريض)

[٢٠٥١٦] ١ - الصدوق في العيون ومعاني الأخبار: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن أحمد، عن إسماعيل الخراساني، عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « ليس الحمية من الشئ تركه، إنما الحمية من الشئ الا قلال منه ».

[٢٠٥١٧] ٢ - وفي معاني الأخبار: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار،

__________________

٢١ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٣١.

(١) السنا: نبات من الأدوية ( مجمع البحرين ج ١ ص ٢٣١ ).

(٢) في نسخة: منها وفي المصدر: مر.

(٣) نفس المصدر ص ٣١.

(٤) نفس المصدر ص ٣١.

الباب ١٠٩

١ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٩، ومعاني الأخبار ص ٢٣٨.

٢ - معاني الأخبار ص ٢٣٨ ح ١.

٤٥٠

عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد، عن علي بن جعفر بن الزبير، عن جعفر بن إسماعيل، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته، كم يحمى المريض؟ فقال: دبقا(١) فلم أدر كم دبقا(٢) ؟ قال: « عشرة أيام » وفي حديث آخر: « احدى عشر دبقا(٣) ، ودبق(٤) صباح بكلام الروم، أعني أحد عشر صباحا ».

[٢٠٥١٨] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « قال العالمعليه‌السلام : رأس الحمية الرفق بالبدن ».

وروي عنهعليه‌السلام ، أنه قال: « اثنان عليلان: صحيح محتم وعليل مخلط »(١) وروي: أن أقصى الحمية أربعة عشر يوما(٢) .

[٢٠٥١٩] ٤ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « لا تنفع الحمية بعد سبعة أيام ».

[٢٠٥٢٠] ٥ - وعن الحسن بن رجاء، عن يعقوب بن يزيد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الحمية أحد عشر دينا فلا حمية » قال: معنى قوله دينا: كلمة رومي يعني أحد عشر صباحا.

[٢٠٥٢١] ٦ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه

__________________

(١) في الحجرية: « ربقا » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « ربقا » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الحجرية: « ربقا » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في الحجرية: « وربق » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٦.

(١) نفس المصدر ص ٤٦.

(٢) نفس المصدر ص ٤٧.

٤ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٥٩.

٥ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٥٩.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٤ ح ٥٠٤.

٤٥١

نهى أن يحتمي المريض إلا من التمر [ في الرمد ](١) فإنه نظر إلى سلمان (رضي‌الله‌عنه ) يأكل تمرا وهو رمد، فقال: « يا سلمان، أتأكل التمر وأنت رمد!؟ وإن لم يكن بد، فكل بضرسك اليمنى إن رمدت بعينك اليسرى، وبضرسك اليسرى إن رمدت بعينك اليمنى ».

[٢٠٥٢٢] ٧ - الطبرسي في المكارم: عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « لو أن الناس قصروا في الطعام لاستقامت أبدانهم ».

[٢٠٥٢٣] ٨ - وعن العالمعليه‌السلام قال: الحمية رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعود بدنا ما تعود.

[٢٠٥٢٤] ٩ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنا أهل بيت لا نحمي ولا نحتمي إلا من تمر ».

[٢٠٥٢٥] ١٠ - القطب الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عنهعليه‌السلام ، مثله.

وفي دعواته: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « المعدة بيت الأدواء، والحمية رأس الدواء(١) ، لا صحة مع النهم »(٢) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - مكارم الأخلاق ص ٣٦٢.

٨ - مكارم الأخلاق ص ٣٦٢.

٩ - الجعفريات ص ١٩٩.

١٠ - نوادر الراوندي ص ٩.

(١) في المصدر زيادة: وعود كل بدن ما اعتاد.

(٢) دعوات الراوندي ص ٢٨.

٤٥٢

[٢٠٥٢٦] ١١ - وروي: لا تأكل ما قد عرفت مضرته، ولا تؤثر هواك على راحة بدنك، والحمية هو الاقتصاد في كل شئ، وأكمل(١) الطب الأزم(٢) وهو ضم(٣) الشفتين، والرفق باليدين، والداء الدوي ادخال الطعام على الطعام، واجتنب الدواء ما لزمتك الصحة، فإذا أحسست بحركة الداء فاحسمه(٤) بما يردعه قبل استعجاله.

[٢٠٥٢٧] ١٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، واعط كل بدن ما عود به ».

[٢٠٥٢٨] ١٣ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من لم يصبر على مضض الحمية طال سقمه ».

وقالعليه‌السلام : « لا تنال الصحة إلا بالحمية »(١) .

١١٠ -( باب في استحباب ترك التداوي من الزكام والدماميل والرمد والسعال مع الامكان)

[٢٠٥٢٩] ١ - القطب في دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما من انسان إلا وفي رأسه عرق من الجذام، فيبعث الله عليه الزكام

__________________

١١ - دعوات الراوندي ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٦٩ ح ٥٩.

(١) في المصدر: واصل.

(٢) الأزم: الامساك، وترك الأكل، وقيل: هو أن لا تدخل طعاما على طعام، وقيل: الحمية بكسر الحاء ( لسان العرب ج ١٢ ص ١٨ ).

(٣) في الحجرية: « ضبط » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في الحجرية: « فأحرقه » وما أثبتناه من المصدر.

١٢ - عوالي الآلي ج ٢ ص ٣٠ ح ٧٢.

١٣ - غرر الحكم ج ٢ ص ٧٢١ ح ١٥٠٨.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٧ ح ١٦٩.

الباب ١١٠

١ - دعوات الراوندي ص ٥٢.

٤٥٣

فيذيبه، فإذا وجد أحدكم فليدعه ولا يداويه حتى يكون الله يداويه ».

[٢٠٥٣٠] ٢ - الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الزكام جند من جنود الله عز وجل، يبعثه الله على الداء فينزله انزالا ».

[٢٠٥٣١] ٣ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « وإذا خاف الانسان الزكام في زمان الصيف، فليأكل كل يوم خيارة، وليحذر الجلوس في الشمس ».

١١١ -( باب ما تداوى به العين من ضعف البصر)

[٢٠٥٣٢] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن جابر بن أيوب الجرجاني قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن أبي المفضل، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اعرابي يقال له: فليت، وكان رطب العينين، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أرى عينيك رطبتين، يا فليت، قال: نعم يا رسول الله، هما كما ترى، قال: عليك بالأثمد فإنه سراج العين ».

[٢٠٥٣٣] ٢ - وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، أنه قال لرجل يشتكي عينه: « أين أنت من الاجزاء الثلاثة؟ » فقال له الرجل: يا بن رسول الله، وما الاجزاء الثلاثة؟ فداك أبي وأمي، قال: « الصبر والمر والكافور ».

__________________

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣٧٧.

٣ - الرسالة الذهبية ص ٩.

الباب ١١١

١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٨٣.

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٨٣.

٤٥٤

١١٢ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الأطعمة المباحة)

[٢٠٥٣٤] ١ - الرسالة الذهبية والمذهبة لأبي الحسن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام : إن الجسد بمنزلة الأرض الطيبة، متى تعوهدت بالعمارة والسقي من حيث لا تزداد في الماء فتغرق ولا ينقص منه فتعطش، دامت عمارتها وكثر ريعها وزكا زرعها، وان تغوفل عنها فسدت ولم ينبت فيها العشب، فالجسد بهذه المنزلة، وبالتدبير في الأغذية والأشربة يصلح ويصح وتزكو العافية فيه - إلى أن قال: -

أما فصل الربيع، فإنه روح الزمان وأوله.

آذار وعدد أيامه [ واحد و ](١) ثلاثون يوما، وفيه يطيب الليل والنهار، وتلين الأرض، ويذهب سلطان البلغم، ويهيج الدم، ويستعمل فيه من الغذاء اللطيف اللحوم والبيض النيمبرشت، ويشرب الشراب بعد تعديله بالماء، ويتقى فيه أكل البصل والثوم والحامض، ويحمد فيه شرب المسهل، ويستعمل فيه الفصد والحجامة.

نيسان ثلاثون يوما، فيه يطول النهار، ويقوى مزاج الفصل، ويتحرك الدم، وتهب فيه الرياح الشرقية، ويستعمل فيه من المآكل المشوية، وما يعمل فيه بالخل، ولحوم الصيد، يعالج الجماع والتمريخ بالدهن في الحمام، ولا يشرب الماء على الريق، ويشم الرياحين والطيب.

أيار واحد وثلاثون يوما، وتصفو فيه الرياح، هو آخر فصل الربيع، وقد نهى فيه عن أكل الملوحات، واللحوم الغليظة كالرؤوس ولحم البقر، واللبن، وينفع فيه دخول الحمام أول النهار، ويكره فيه الرياضة قبل الغذاء.

__________________

الباب ١١٢

١ - الرسالة الذهبية ص ١٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٥٥

حزيران ثلاثون يوما، يذهب فيه سلطان البلغم والدم، ويقبل زمان المرة الصفراء، ونهي فيه عن التعب، وأكل اللحم دسما والاكثار منه، وشم المسك والعنبر، وينفع فيه أكل البقول الباردة كالهندباء وبقلة الحمقاء، وأكل الخضر كالقثاء والخيار والشير خشت، والفاكهة الرطبة، واستعمال المحمضات، ومن اللحوم لحم المعز الثني والجذع، ومن الطيور الدجاج والطيهوج(٢) والدراج، والألبان، والسمك الطري.

تموز واحد وثلاثون يوما، فيه شدة الحرارة، وتغور المياه، ويستعمل فيه شرب الماء البارد على الريق، ويؤكل فيه الأشياء الباردة الرطبة، ويكسر فيه مزاج الشراب، وتؤكل فيه الأغذية اللطيفة السريعة الهضم، كما ذكر في حزيران، ويستعمل فيه من النور(٣) والرياحين الباردة الرطبة الطيبة الرائحة.

آب واحد وثلاثون يوما، فيه تشتد السموم، ويهيج الزكام بالليل، وتهب الشمال، ويصلح المزاج بالتبريد والترطيب، وينفع فيه شرب اللبن الرائب، ويجتنب فيه الجماع والمسهل، ويقل من الرياضة، ويشم من الرياحين الباردة.

أيلول ثلاثون يوما، فيه يطيب الهواء ويقوى سلطان المرة السوداء ويصلح شرب المسهل ٧ وينفع فيه أكل الحلاوات، وأصناف اللحوم المعتدلة كالجداء والحولي من الضأن ويجتنب فيه لحم البقر، والاكثار من الشواء، ودخول الحمام، ويستعمل فيه الطيب المعتدل المزاج، ويجتنب فيه أكل البطيخ والقثاء.

تشرين الأول واحد وثلاثون يوما، فيه تهب الرياح المختلفة، ويتنفس

__________________

(٢) الطيهوج: طائر أخضر طويل الرجلين والرقبة أبيض البطن والصدر، من طيور الماء ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٣١٥ ).

(٣) النور بتشديد النون وفتحها: الورد والأزهار ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٥٠٥ ).

٤٥٦

فيه ريح الصبا، ويجتنب فيه الفصد وشرب الدواء، ويحمد فيه الجماع، وينفع فيه أكل اللحم السمين، والرمان المز(٤) ، والفاكهة بعد الطعام، ويستعمل فيه أكل اللحوم بالتوابل، ويقلل فيه من شرب الماء، ويحمد فيه الرياضة.

تشرين الآخر ثلاثون يوما، فيه يقطع(٥) المطر الوسمي، وينهى فيه عن شرب الماء بالليل، ويقلل فيه من دخول الحمام والجماع، ويشرب بكرة كل يوم جرعة ماء حار، ويجتنب أكل البقول [ الحارة ](٦) كالكرفس والنعناع والجرجير.

كانون الأول واحد وثلاثون يوما، تقوى فيه العواصف ويشتد فيه البرد، وينفع فيه كل ما ذكرناه في تشريه الآخر، ويحذر فيه من أكل الطعام البارد، ويتقى فيه الحجامة والفصد، ويستعمل فيه الأغذية الحارة بالقوة والفعل

كانون الآخر واحد وثلاثون يوما، يقوى فيه غلبة البلغم وينبغي أن يتجرع فيه الماء الحار على الريق، ويحمد فيه الجماع، وينفع فيه الأحشاء أكل(٧) البقول الحارة كالكرفس والجرجير والكراث، وينفع فيه دخول الحمام أول النهار، والتمريخ بدهن الخيري وما ناسبه، ويحذر فيه الحلواء، وأكل السمك الطري، واللبن

شباط ثمانية وعشرون يوما، تختلف فيه الرياح، وتكثر فيه الأمطار، ويظهر فيه العشب، ويجري فيه الماء في العود، وينفع فيه أكل الثوم، ولحم

__________________

(٤) رمان مز بضم الميم وتشديد الزاء: بين الحلو والحامض ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٣٥ ).

(٥) كذا والظاهر أن الصواب « يقع » بقرينة ما في كانون الأول.

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في الحجرية: « مثل » وما أثبتناه من المصدر.

٤٥٧

الطير، والصيود، والفاكهة اليابسة، ويقلل من أكل الحلاوة، ويحمد فيه كثرة الجماع والحركة والرياضة.

 - إلى أن قال - واللبن والنبيذ الذي يشربه أهله، إذا اجتمعا ولد النقرس والبرص(٨) ، واللحمان المملوحة وأكل السمك المملوح بعد الفصد والحجامة، يعرض منه البهق والجرب(٩) ، والاغتسال بالماء البارد بعد أكل السمك [ الطري ](١٠) ، يورث الفالج(١١) وشرب الماء البارد عقيب الشئ الحار أو الحلاوة، يذهب بالأسنان، والاكثار من لحوم الوحش والبقر، يورث تغيير العقل وتحير الفهم وتبلد الذهن، وكثرة النسيان(١٢) .

ومن أراد أن يقل نسيانه ويكون حافظا، فليأكل كل يوم ثلاث قطع زنجبيل مربى بالعسل، ويصطبغ بالخردل مع طعامه في كل يوم.

ومن أراد أن يزيد في عقله، يتناول كل يوم ثلاث هليلجات بسكر أبلوج(١٣) .

ومن أراد أن يكون صالحا خفيف الجسم واللحم، فليقلل من عشائه بالليل(١٤) .

ومن أراد أن لا تسقط أذناه ولهاته، فلا يأكل حلوا حتى يتغرغر بعده بخل(١٥) .

ومن أراد أن لا تفسد أسنانه، فلا يأكل حلوا إلا بعد كسرة خبز(١٦) .

__________________

(٨) الرسالة الذهبية ص ٦٣.

(٩) نفس المصدر ص ٦٤.

(١٠) أثبتناه من المصدر.

(١١) نفس المصدر ص ٢٦.

(١٢) الرسالة الذهبية ص ٢٩

(١٣) نفس المصدر ص ٣٦.

(١٤) نفس المصدر ص ٣٩.

(١٥) نفس المصدر ص ٤٠.

(١٦) نفس المصدر ص ٤٠.

٤٥٨

ومن أراد أن يذهب البلغم من بدنه وينقصه، فليأكل كل يوم بكرة شيئا من الجوارش الحريف، ويكثر دخول الحمام، مضاجعة النساء، والجلوس في الشمس، ويجتنب كل بارد من الأغذية، فإنه يذهب البلغلم ويحرقه(١٧) .

ومن أراد أن يطفئ لهب الصفراء فليأكل كل يوم شيئا رطبا باردا، ويروح بدنه ويقل الحركة، ويكثر النظر إلى من يحب(١٨) .

ومن أراد أن يذهب بالريح الباردة، فعليه بالحقنة والا دهان اللينة على الجسد، وعليه بالتكميد بالماء الحار في الابزن(١٩) ، ويجتنب كل بارد، ويلزم كل حار لين(٢٠) .

[٢٠٥٣٥] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام ، أنه سئل عن قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحبة السوداء، قال: « قد قال ذلك » قيل: وما قال؟ قال: « قال: فيها شفاء من كل داء إلا السام » يعني الموت.

[٢٠٥٣٦] ٣ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من تطيب فليتق الله ولينصح وليجتهد ».

[٢٠٥٣٧] ٤ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تكرهوا مرضاكم على الطعام، فإن الله يطعمهم ويسقيهم ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا بأس بالحقنة لولا أنها تعظم البطن »(١) .

__________________

(١٧) الرسالة الذهبية ص ٤١.

(١٨) نفس المصدر ص ٤٢.

(١٩) الأبزن بفتح الهمزة والزاء: إناء من أواني الحمام، يتخذ من الصفر للماء يستنقع فيه الرجل معرب ( لسان العرب ج ١٣ ص ٥١ ).

(٢٠) نفس المصدر ص ٤٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٤ ح ٥٠٣.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٤ ح ٥٠٦.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٥ ح ٥١٠.

٤٥٩

[٢٠٥٣٨] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « عليكم بالحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام ».

[٢٠٥٣٩] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم والشبرم(١) ، فإنه حار بار(٢) ، وعليكم بالسنا فتداووا به، فلو دفع شئ الموت لدفعه السنا وتداووا بالحلبة، فلو تعلم أمتي مالها في الحلبة، لتداوت بها ولو بوزنها من ذهب ».

[٢٠٥٤٠] ٧ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « ما من شجرة حرمل إلا ومعها ملائكة يحرسونها، حتى تصل إلى من وصلت، وفي أصل الحرمل نشرة، وفي فرعها شفاء من اثنين وسبعين داء ».

[٢٠٥٤١] ٨ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ما من شجرة حرمل » وذكر مثله.

وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » وذكر الحديث الذي قبله، وفيه: « فإنه حار جاف » إلى آخره(١) .

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٩ ح ٥٣٢.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٩ ح ٥٣٤.

(١) الشبرم بتشديد الشين وضمها وسكون الباء وضم الراء: حب يشبه الحمص يطبخ ويشرب ماؤه للتداوي ( النهاية ج ٢ ص ٤٤٠ ).

(٢) كذا في الطبعة الحجرية ولعل الصواب كما في النهاية: في حديث أم سلمة رضي الله عنها انها شربت الشبرم، فقالت: انه حار جار ( النهاية ج ٢ ص ٤٤٠ ).

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥٠ ح ٥٣٥.

٨ - الجعفريات ص ٢٤٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٤٤.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646