شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية الجزء ٣

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية0%

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 697

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 182522
تحميل: 4444

توضيحات:

الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182522 / تحميل: 4444
الحجم الحجم الحجم
شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية الجزء 3

مؤلف:
العربية

هاشم والمطّلب: ومن ولد عبد مناف: هاشم، والمطّلب. والمطّلب يدعى الفيض(١) . وكان يقال لهاشم والمطّلب (البدران)(٢) . فهما البدران وأبوهما القمر.

وذكرنا للمطّلب وهاشم شيئاً من أخبارهما؛ ويكفي هاشماً من عظيم الفخر: اصطفاء الله تعالى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بنيه.

محمّد بن سعد: أخبرنا محمّد بن مصعب، أخبرنا الأوزاعي عن شدّاد أبي عمّار، عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: (إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)(٣) .

خلاصة البحث

أحصينا لسيّد البشر وخاتم الأنبياء والرّسل محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، واحداً وعشرين أباً؛ فكانوا مصداقاً لقوله تعالى: (وتقلّبك في السّاجدين)؛ وتفسير ابن عبّاس للآية: (من نبيّ إلى نبيّ، ومن نبيّ إلى نبيّ حتّى أخرجك نبيّاً).

وتفسير الطبرسيّ (وتقلّبك في أصلاب الموحّدين حتّى أخرجك نبيّاً من نكاح غير سفاح من لدن آدمعليه‌السلام ).

وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنّما خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم لم يصبني من سفاح الجاهليّة شيءٌ).

____________________

(١) نفس المصدر السابق: ٦٨.

(٢) أنساب الأشراف ١: ٦٩.

(٣) طبقات ابن سعد ١: ١٩، سنن الترمذي (٣٦٠٥)، مسند أحمد ٤: ١٠٧، الشفا ١: ٣٢٦، الدرّ المنثور ٣: ٢٩٤.

٤٠١

وقول ابن الكلبيّ: (كتبت للنبيّ، عليه الصلاة والسلام خمسمائة أمّ فما وجدت فيهنّ سفاحاً ولا شيئاً ممّا كان من أمر الجاهليّة).

فوجدناكلّ واحد من أباءهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيّد أهل زمانه، موحّدين، يعظّمون بيت الله، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. يأبون الظلم وينصرون المظلوم، يحترمون العهد والميثاق ويحفظوا الجار، يطعمون الحاجّ ويسقونه، يجري الله تعالى لهم من الكرامات أشبه بمعاجز الأنبياء، لم تدنسهم الجاهليّة بأنجاسها، لم يسهم فيهم عاهر وإنّما ولدوا من نكاح غير سفاح! يبشّرون بنبيّ هو خاتم الأنبياء يسود البشر وفي اتّباعه الرّشد والفلاح، جمع الله لهم حسن الخلق والخلق؛ فانتهى كلّ ذلك إلى عبد اللهرضي‌الله‌عنه ، فكان نور النّبوّة في جبهته، فأودعه عند آمنة الطاهرةرضي‌الله‌عنها ، ولولا الوحي لـما علمت آمنة أنّها حامل، ومضت شهور لم تحسّ آمنة بثقل الحمل المبارك وعاودها الوحي يعلمها أنّها حامل بسيّد البشر ونبيّ الأمّة وأنّ عليها إن وضعته أن تعوّذه بالله من شرّ كلّ حاسد! وأن تسمّيه محمّداً؛ وما علمنا امرأةً جرى لها ما جرى لآمنة، ولا لرجل من آباء القوم أو أمّهاتهم؛ فالله تعالى محمود ونبيّه محمّد، وولدته فما وجدت مشقّة وخرج إلى الدنيا ومعه نور أضاء لآمنة المشرق والمغرب، وجاء إلى الدنيا ساجداً نظيفاً معقود السرّة مختوناً، فمن الذي تولّى كلّ ذلك؛ ومن الذي بشّرها لـما علقت به وهي لا تدري أنّها حامل! أنّه سيّد البشر ونبيّ الأمّة؟! هنيئاً لكِ آمنة وسلامُ الله عليكِ.

وما أعظمت قصيّ! إذ قلت: (الحسود عدوّ خفي المكان)(١) . فكيف لا يحسد وليدك سيّدتي وهذا شأنه؛ كان فيهم (الصادق الأمين)، فلمّا سفّه أحلامهم ونال ألهتهم؛ انكفؤوا عليه وراموا به سوءاً، إلّا أنّهم رأوا دونه الموت يلوح بسيوف هاشميّة إذ أشار

____________________

(١) أنساب الأشراف ١: ٦٥.

٤٠٢

أبو طالب؛ سجدت على هامهم؛ فحزبهم الشيطان على سفاهة أخرى: المقاطعة؛ فاعتزلهم أبو طالب وما يعبدون من دون الله، برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورهطه؛ فآووا إلى الشعب عسى أن ينشر لهم ربّهم من رحمته فرجاً. ودامت المقاطعة الشاملة الظالمة ثلاث سنين لم تفتّ بعضد أبي طالب وقد جاوز الثمانين سنة، وما وهن بنوه ورهطه، ثمّ مات أبوطالب بعد مسيرة جهاد استمرّت عشر سنين إذ وافاه أجله في أوّل ذي القعدة سنة عشر من المبعث، وختم عمره لـمّا أحسّ باخترام عمره الشريف بجمع الوجوه من القبائل فأوصاهم بمعالي الأخلاق وبرسول الله واتّباعه ففي ذلك رشدهم ثمّ جمع بني عبد المطّلب فاوصاهم برسول الله خيراً وأن يلزموه ولا يخذلوه، ونام قريراً سلام الله عليه.

فلمّا مات أبوطالب ولم يمت ذكره، وسبقته خديجة رابعة سيّدات النساء عليها‌السلام؛ أمر الله تعالى نبيّه إذ مات ناصراه، فخرجصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونام عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام على فراش النبيّ يفديه بنفسه ونزل بذلك قرآن، ووزّع الودائع التي كانت عند رسول الله على أهلها ثمّ التحق بالنبيّ الذي توقّف قبل المدينة ففارقه أبوبكر التيميّ فنزل على أهل زوجته بالسّنح، فلمّا وافى عليّ النبيّ، دخلا سويّة إلى المدينة.

احتفت الأنصار برسول الله كما احتفت بالمسلمين من قبله ثمّ آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار واتّخذ عليًّا أخاً له، وكان الأنصار ينزلون عن نصف أموالهم للمهاجرين حتّى وصل الأمر بهم أنّ من كان له أكثر من زوجة، ينزل عن إحداهنّ ليتزوّجها أخوه المهاجر. هكذا كانت الأنصار. ولقد صدقوا الله ورسوله النّصرة؛ فبحقّ سمّوا أنصار الله، وأنصار الله ورسوله.

فيوم بدر، كان عدد الشهداء تسعة عشر، منهم عشرة من الأنصار. وهلكى

٤٠٣

المشركين سبعون، منهم ثلاثون عجّل بهم إلى جهنّم فتى الإسلام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فزرع النوائح والضغائن عليه في بيوتات بني عبد شمس، قوم هند أمّ معاوية، وبني أميّة، وبني أسد بن عبد العزّى، وجمح، وبني سهم، وبني عامر، وآل معيط، وبني المغيرة بن مخزوم، قوم خالد بن الوليد ابن خال عمر بن الخطّاب، وبني تيم قوم طلحة وأبي بكر، وعبد الدار، وبني عدي قوم عمر.

ويوم أحد: يوم التمحيص والابتلاء؛ فرّ فيه عثمان بن عفّان في جماعة حتّى بلغوا (الجلعب) قرب المدينة، فخرج إليهم النساء والأطفال بالحجارة، فبقوا هناك ثلاثة أيّام، ولـمّا وصلهم خبر انتهاء المعكرة ونجاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عادوا فقال لهم رسول الله: (لقد ذهبتم بها عريضةً). ولجأ عمر بن الخطّاب في مشيخة من قريش إلى سفح جبل قعدوا يأكلون ويشربون، فمرّ بهم رجل من أحبار اليهود اسمه (مخيريق) فسألهم فقالوا: قتل محمّد؟! فقال: هلاّ قاتلتم على ما قتل عليه محمّد؟! ودخل المعركة فقاتل وقتل شهيداً!

ويومئذ استشهد من المسلمين مائة وأربعة وعشرون منهم حمزة بن عبد المطّلب، أسد الله وأسد رسوله، ومخيريق الحبر اليهوديّ الذي قال عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (مخيريق خير يهود). وقبل موته أوصى بأمواله إلى رسول الله يصنع بها ما شاء، وهي سبعة حوائط(١) .

واستشهد من الأنصار يومئذ مائة وثلاثة عشر من مائة وأربعة وعشرين.

وقتل من المشركين يومئذ اثنان وعشرون؛ قتل منهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام سبعة عشر، منهم أصحاب الألوية. فجع بهم ثقيف، وعبد الدار، وبني

____________________

(١) المغازي، للواقدي ٣: ٣٧٨، فتوح البلدان: ٣١، السيرة النبوية، لابن هشام ٢: ١٤٠ و ٣: ٣٨.

٤٠٤

المغيرة المخزوميّ قوم خالد بن الوليد بن المغيرة بن مخزوم، وبني عامر.

يوم بئر معونة: وقدّم أنصار الله، تسعة وعشرين شهيداً من مجموع ثلاثة وثلاثين.

يوم الخندق، وهو يوم الأحزاب: قتل من المسلمين اثنا عشر شهيداً؛ كلّهم من الأنصار.

وقتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، من المشركين فارسهم وبطلهم عمرو بن عبدودّ العامريّ الذي خنس الجميع من الخروج إليه، فبرز إليه فتى الإسلام فقطّره نصفين، وقتل ابنه حسل بن عمرو. وكبا بنوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميّ، فلحقه عليّعليه‌السلام فقتله. ونوفل هذا هو ابن عمّ خالد بن الوليد.

وسمّيت الأحزاب إذا اجتمعت قريش في عشرة آلاف ومن تبعهم من أحابيشهم وبنو كنانة، وأهل تهامة، وقائدهم أبوسفيان بن حرب بن أميّة؛ وقبائل نجد غطفان وفزارة ومرّة وأشجع، واليهود.

فلمّا قتل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من قتل من فرسانهم، ولّوا خاسئين.

وقعة خيبر: وفيها جرى إمتحان تتلوه الأجبال حتّى تقوم الساعة وحينها يبطل المفترون ويخسر الكاذبون!

فقد شاء الله تعالى أن يرمد عليّ بن أبي طالب، فبعث رسول الله أبابكر التيميّ برايته، فرجع يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه، ثمّ بعث الغد عمر بن الخطاب العدويّ، فرجع يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه؛ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لأعطينّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه؛ يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار). فلو كان من مضى بالراية في اليوم الأول، وكذلك الثاني ممّن يحبّ الله ورسوله ويحبّها الله ورسوله؛ لـما فرّا، ولكان الفتح على يديهما، فكان ذلك منقبة وما أعظمها! ولغسلا بذلك عار

٤٠٥

الهزيمة يوم أحد ولصار لهما ذكر في سجلّ المجاهدين، ولو كان أبوطالب حاضراً ذلك اليوم وأعطاه الراية، لمضى بها، فإمّا فتح وإمّا شهادة، ألم يكن في المقاطعة الظالمة ينم النبيّ إلى جنبه، أو بين ولديه جعفر وعليّ خوفاً عليه من بيات قريش وغدرها، فأمّا هو فقد عاش حميداً ومات سعيداً، وأمّا ابنه جعفر فقد قطعت يداه ثمّ قتل يوم مؤتة فأبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنّة. وأمّا عليّ فما زال يسرع في طريق الكرامة ينزله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه منزلة هارون من موسى، ويزوّجه بضعته الطاهرة سيّدة نساء العالمين لتلد له سبطي النبيّ سيّدي شباب أهل الجنّة، ولـمّا كان اليوم الثالث من خيبر دعاه رسول الله، فجاء عليّ وهو لا يرى موضع قدميه فدعا له النبيّ فبرئ ثمّ أعطاه الراية فأخذها ومضى بها يهرول حتّى رايته في رضم من حجارة تحت الحصن وما رجع حتّى فتح الله على يديه.

ويوم خيبر، قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة فقام إليه رسول الله فقبّل ما بين عينيه، ثمّ قال: (والله ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سروراً بفتح خيبر أم بقدوم جعفر).

قتلى اليهود يوم خيبر

الحارث أخو مرحب، كان أوّل من خرج فانكشف المسلمون، وثبت عليٌّ فضربه ضربات فقتله.

مرحب: وخرج مرحب، فحمل عليه عليّ فقطّره على الباب وفتحه.

عامر، وكان رجلاً طويلاً جسيماً، وهو يصيح: مَن يُبارز؟ فأحجم الناس عنه، فبرز إليه عليٌّ فقتله.

وقُتل يومئذ من الأنصار: سبعة عشر، من مجموع تسع وعشرين. ولا نستغرق في

٤٠٦

ذكر شهداء الأنصار في المعارك الأخرى، وقد ذكرنا فيما سبق من البحث الذين قتلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام معزّزة بالمصادر، وهتاف الوحي ببسالته مرّتين: يوم بدر، ويوم أحد، إلّا أنّ الحديث يجرّ إلى الحديث كما يُقال، وصار الحديث بنا عن آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لـمّا وجدنا (الحسود عدوّ خفيّ) كما قال قُصيّ، فوجدناه يحسد النبيّ ويُبغضه على ما آتاه الله من طيب الأُرومة آباءً وأمّهات لا تمتدّ إصبع الاتّهام إلى أحدهم إلّا وقطعه سيف النّبل والطهارة، ورجع الأمر إليه والكثكث في فيه!

فهم بين صَهّاك وهند وحمامة والفارعة وأبناء مُتْعةٍ بثوبٍ أحمر! وبين مُن جاشَ به البحر، عبداً روميّاً تفيّأ ظِلال عبد شمس خامل الذكر كلاّ على أخيه هاشم ينفق عليه؛ وقرأنا عن (نكاح المقت) الذي أبطله الإسلام؛ ولم أجد مثل فعل هذا العبد الروميّ الذي استلحقه عبد شمس؛ فصار أميّة سيّداً بذلك يملك عبداً اسمه (ذكوان) فأعتقه وصيّره ابناً وسمّاه: أبا عمرو؛ وهنا وقع الأمر الذي أنفت منه أنوف الجاهليّة! فقد نزل العبد الروميّ عن امرأته وزوّجها عبده ذكوان ودخل بها في حياة أميّة لا بعد هلاكه! فولد له: ابو معيط، من نسله: عقبة بن أبي معيط، قتله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر.

وجاش البحر أخرى! بقبطيّ من مصر اسمه العوّام، تبنّاه خويلد بن أسد بن عبد العزّى؛ مات كافراً، فتزوّج العوّام صفيّة بنت عبد المطّلب، فولدت الزبير - وقد نشأ يتيماً في حجر عمّه نوفل، فقتل عنه كافراً. فكان الفضل لصفيّة بنت عبد المطّلب على آل الزبير فهي التي أدنتهم من الظلّ بعد أن كانوا ضاحية! ولعلّ أوّل سيف كاد أن يفتك بأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، غير المحرّق وصاحبه! هو سيف الزبير بن العوّام؛ لـمـّا جاءه أمير المؤمنينعليه‌السلام يعوده وهو مريض، فاستأذن الدخول عليه، فلمّا أخبر الخادم الزبير قال: أخّره قليلاً ثمّ أذن له، فلمّا دخل أمير المؤمنين سلّمعليه‌السلام ووقف

٤٠٧

عند الباب قليلاً وخرج، فقال الزّبير لخادمه: قف حيث وقف عليّ وانظر هل ترى شيئاً؛ ففعل وقال: نعم أرى ذُباب - أي طرف - السيف خارجاً من تحت الفراش! فقال الزبير: ذاك أعجل الرجل(١) .

ومن قبلُ، حذّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليًّا أمير المؤمنين من الزبير، وأنّه سيقاتله وهو ظالـمٌ له؛ وأمر عليًّا بأن يقاتل فئات ثلاث: الناكثين، والقاسطين، والمارقين. فلمّا قتل طلحةُ، والزُّبيرُ، وعائشةُ عثمانَ بن عفّان؛ توجّه طلحة والزبير نحو عليّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرضان عليه بيعتهما له، فأبى وقال: أنت له أبا محمّد (طلحة) فلم يقبل؛ وقال للزبير مثل ذلك فأبى. عندها أعلمهما أنّ هذا الأمر لا يتمّ سرّاً ولابدّ أن يكون من مشورة المسلمين فقبلا. وفي اليوم الثالث حضر المسجد وخطب الناس فصاح الناس وجلّهم الأنصار: رضينا بك أبا الحسن، وكانت أوّل يد وقعت على يده هي يد طلحة فمسح على يد عليّعليه‌السلام ثمّ تبعه الزبير فبايعه وتتابع الناس. فكانت بيعته عامّةً لا مخالسة ولا سقيفة جرت فيها أكاذيب وبطش بسيّد الأنصار سعد بن عبادة ولم يسلم سعد حتّى أخرجه عمر بن الخطّاب من مدينة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ بعث خلفه جنّياً! فشكّ فؤادَه بسهم.

وعن السقيفة غاب رجال عظيمُهم نفسُ رسول الله وأخوه وأمير المؤمنين حقّاً، وجاءته بيعةُ الأقطار الإسلاميّة، وقعد عن بيعته بضعة نفر لم يحملهمعليه‌السلام على بيعته ولم يشكّ فؤاد أحدهم! وكما أخبر الصادق الذي لا ينطق إلّا عن وحي؛ فقد نكث الزّبير وطلحة بيعتهما وخرجا على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان رأس الخوارج عائشة بنت أبي بكر؛ فما أفلحوا وقُتل طلحة والزبير ونجت عائشة بعد إذ كادت أن تهلك!

بعد الجَمل؛ تحرّك ابن هند في الشأم، فكانت وقعة صِفّين وكان عَصَب جيش

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٤٥٤.

٤٠٨

أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام أهل الكوفة والأنصار، والصحابة وأهل المدينة والحجاز ومصر. فكان أهل البعير الناكثين؛ وأهل الشأم يوم صفّين القاسطين. وبعد الفتنة التي قدح نارها ابن النابغة خرج المارقون وعسكروا بحروراء، قرية قرب الكوفة، فأرسل إليهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ابن عبّاس لمحاورتهم، فلم يرجعوا، فخرج إليهم أمير المؤمنين وخرج إليه ابن الكوّاء في عشرة من رجالهم بعد أن آمنه أمير المؤمنين من سيفه، فذكر أمير المؤمنين الحرب وما جرى من حرب صفّين ومخالفة الخوارج له، فانحاز ابن الكوّاء مع العشرة الذين معه إلى صفّ أميرالمؤمنين، وقد رجعوا عن رأس الخوارج، ومضى الباقون وهم يقولون: لا حكم إلّا لله ولا طاعة لمن عصى الله!

اجتمع الخوارج المارقون بالنهروان وتدارسوا أمرهم، فأمّروا عليهم عبد الله بن وهب التميميّ الراسبيّ، وحرقوص بن زهير البجليّ. وعاثوا في الأرض فساداً. وكان الخوارج الذين قدموا من البصرة منع مسعر بن فدكي التميميّ قد استعرضوا الناس في طريقتهم؛ فقتلوا عبد الله بن خبّاب بن الأرتّ صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بعد أن سألوه: ما تقول في عليّ؟ قال: أقول إنّه أمير المؤمنين وإمام المسلمين؛ فذبحوه، واخذوا امرأته وهي حامل متمّ فبقروا بطنها وهي تقول: أما تتّقون الله؟! - فأين الحكم إلّا لله؟! - وقتلوا ثلاث نسوة كنّ معها(١) .

وزاد الطبريّ فيه: قالوا فما تقول في عليّ؟ قال: إنّه أعلم بالله منكم وأشدّ توقّياً على دينه وأنفذ بصيرةً؛ فقالوا: إنّك تتّبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها... فذبحوه وبقروا بطن أمرأته وقتلوا ثلاث نسوة من طيء وقتلوا أمّ سنان الصيداويّة(٢) .

____________________

(١) أنساب الأشراف ٢: ٣٦٧ - ٣٦٨، الفتوح ٤: ١٩٨.

(٢) تاريخ الطبريّ ٤: ٦١، الإمامة والسياسة ١: ١٢٢ وقال: أمّ سنان، صحبت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٠٩

ومن مفارقات أولئك الخوارج وهم يفعلون مثل هذا؛ إنّ أحدهم مرّ به خنزير لذميّ، فاخترط سيفه فقتله، فقال له بعض أصحابه: إنّ هذا لمن الفساد في الأرض، فطلب صاحب الخنزير حتّى أرضاه!(١)

وبلغ أمير المؤمنين ما اجترأه الخوارج، فبعث إليهم الحارث بن مرّة العبديّ ليعرف خبرهم ويكتب به على وجهه ولا يكتمه... فخرجوا إليه وقتلوه(٢) .

عند ذلك سار أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام بأصحابه وأخبرهم أنّه لا يقتل من أصحابه إلّا دون العشرة ولا ينجو منهم إلّا دون العشرة!

مناظرة أمير المؤمنينعليه‌السلام للمارقين

دخل أمير المؤمنينعليه‌السلام في مناظرة مع المارقين أبطل فيها حججهم وألزمهم الحجّة، فصاح القوم من كلّ جانب: التوبة! التوبة! يا أميرالمؤمنين. فاستأمن إليه منهم ثمانية آلاف، وبقي على حربة أربعة آلاف وأقبلعليه‌السلام إلى هؤلاء المستأمنين إليه فقال: اعتزلوا عنّي في وقتكم هذا وذروني والقوم. وأمر أصحابه أن لا يبدأوهم بقتال. فرمى المارقة عسكر أميرالمؤمنين، فقيل له: قد رمونا، فقال: كفّوا، فكرّروا القول عليه ثلاثاً وهو يأمرهم بالكفّ حتّى أتي برجل متشحّط بدمه، فقالعليه‌السلام: الله أكبر! الآن حلّ قتالهم؛ فاختلط الفريقان وما هي إلّا ساعة حتّى قتل المارقون إلّا تسعة فرّوا، ولم يقتل من عسكر أمير المؤمنين إلّا تسعة؛ فكان الأمر كما أخبرعليه‌السلام (٣) .

____________________

(١) تاريخ الطبريّ ٤: ٦١، الإمامة والسياسة ١: ١٢٢.

(٢) تاريخ الطبريّ ٤: ٦١.

(٣) أنساب الأشراف ٣: ١٤٩، تاريخ خليفة: ١٤٩، مروج الذهب ٢: ٤٠٤، تاريخ اليعقوبي ٢: ١٩٣.

٤١٠

الفواطم والعواتك من أمّهات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لم تقتصر الإساءة المتعمّدة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على أمّه آمنة المحدّثة والتي رأت من آيات الله ما رأت! وعلى أبيه عبد الله المتعفّف ذي الغرّة النبويّة وقد أودعها إلى آمنة لتلد سيّد البشر محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ وعلى كفيله وراعيه المتفاني في الذبّ عنه وفي الدعوة إلى رسالته:

عمّه أبي طالب؛ إنّما أساء الخوارج إلى أمّهات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قبل أمّه آمنة رضي الله عنها، واللاتي هنّ موضع اعتزاز وفخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

عرف عن عبد الله المدعو إلى الزبير بن العوّام! ذلك أنّ الأخبار تشير إلى أنّ عبد الله إنّما هو ابن متعة، وأنّه إلى رجل اسمه (عوسجة)(١) .

فلهذه العقدة النفسيّة وما كان يجد من معاملة الزبير لأسماء بنت أبي بكر إذ كان يقسو عليها ويضربها حتّى تستنجد بعبد الله فينجدها إلى أن طلّقها الزبير فتحوّلت بعبد الله إلى بيت أبيها أبي بكر، فعنى أبوبكر بتربيته. فتركت هذه الأمور أثرها في نفس عبد الله. وهو يسمع الأحاديث في شأن عليّعليه‌السلام وبضعته الطاهرة فاطمة الزهراء وولديها الحسن والحسينعليهم‌السلام ، ويرى مكانة ابن عبّاس عند المسلمين، مع خمول ذكره وذكر من انتسب إليه؛ فزاده حقداً على من به شرف هؤلاء مع شرف ذواتهمعليهم‌السلام .

ففي حوار بينه وبين ابن عبّاس قال ابن الزبير: إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة!(٢)

ومن طرق عدّة: كان عبد الله بن الزبير يبغض عليًّاعليه‌السلام؛ ويتنقّصه: روى عمر بن

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٨١، الفتوح ٦: ٣٦٧، محاضرات الأدباء ٣: ٢١٤، أنساب الأشراف ٤: ٥٧.

(٢) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ٤: ٦٢.

٤١١

شبّة وابن الكلبيّ والواقديّ وغيرهم، أنّه مكث أيّام ادّعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلّي فيها على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وقال: لا يمنعني من ذكره إلّا أن تشمخ رجال بآنافها.

وفي رواية محمّد بن حبيب، وأبي عبيدة معمر بن المثنّى: أنّ له أهيل سوء ينغضون(١) رؤوسهم عند ذكره(٢) .

وروى عمر بن شبّة عن سعيد بن جبير، قال: خطب عبد الله بن الزبير فنال من عليّعليه‌السلام، فبلغ ذلك محمّد بن الحنفيّة، فجاء إليه وهو يخطب، فوضع له كرسيّ، فقطع عليه خطبته وقال: يا معشر العرب، شاهت(٣) الوجوه! أينتقص عليّ وأنتم حضور؟! إنّ عليًّا كان يد الله على أعداء الله، وصاعقةً من أمره أرسله على الكافرين والجاحدين لحقّه، فقتلهم بكفرهم فشنؤوه وأبغضوه، وأضمروا له الشّنف(٤) والحسد، وابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّ بعد لم يمت، فلمّا نقله الله إلى جوارح وأحبّ له ما عنده، أظهرت رجال أحقادها، وشفت أضغانها؛ فمنهم من ابتزّ حقّه، ومنهم من ائتمر به ليقتله - مثل الزبير - ومنهم من شتمه وقذفه بالأباطيل، فإن يكن لذريّته وناصري دعوته دولة تنشر عظامهم، وتحفر على أجسادهم، والأبدان منهم يومئذ بالية، بعد أن تقتل الأحياء منهم، وتذلّ رقابهم، فيكون الله عزّ اسمه قد عذّبهم بأيدينا وأخزاهم ونصرنا عليهم وشفا صدورنا منهم؛ إنّه والله ما يشتم عليًّا إلّا كافر يسرّ شتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخاف أن يبوح به(٥) . فيكنى بشتم عليّعليه‌السلام عنه. أما إنّه قد تخطت المنيّة منكم من امتدّ عمره،

____________________

(١) نغض: حرّك رأسه تعجباً، كناية عن الافتخار.

(٢) عمر بن شبّة بصريّ معمّر شاعر أخباريّ فقيه صادق اللهجة غير مدخول الرواية...، مات بسرّ من رأى سنة اثنتين وستّين ومائتين (الفهرست، لابن النديم: ١٦٣)

(٣) شاهت: قبحت.

(٤) الشنف: البغض.

(٥) لقد أنزل محمّد بن عليّ بن أبي طالب، والمعروف بابن الحنفيّة ابن الزبير وهو الذي فارق عليًّا

٤١٢

وسمع رسول الله يقول فيه - أي في عليّ -: (لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق)(١) وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

وعاد ابن الزبير إلى خطبته فقال: عذرت بني الفواطم(٢) يتكلّمون، فما بال

____________________

وألّب عليه يوم الجمل وحصر بني هاشم في شعب أبي طالب وأراد أن يضرم النار عليهم، منزلة الكفر ذلك أنّ عليًّا نفس رسول الله كما في آية المباهلة، والأحاديث كثيرة في أنّ من سبّ عليًّا فقد سبّ النبيّ ومن سبّ النبيّ فقد سبّ الله عزّ وجلّ. (مسند أحمد ٦: ٣٢٢، صحيح الترمذيّ برقم ٣٠٨١، المستدرك على الصحيحين ٣: ١٢١، العقد الفريد ٢: ٣٠١، أنساب الأشراف ٢: ١٨٢، مناقب ابن المغازلي: ٣٩٤، كفاية الطالب: ٨٢، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٦٦، الاستيعاب ٣: ٣٧، ذخائر العقبى: ٦٥، المعجم الصغير، للطبراني ٢: ٢١، كنز العمّال ١٥: ١٢٨، ١٤٦، تاريخ الإسلام ٣: ٦٣٤، أمالي الصدوق: ١٩٧، أمالي المفيد: ٦٠.

(١) صحيح مسلم ١: ٦٤، صحيح الترمذيّ رقم ٣٧٣٧، مسند أحمد ١: ٨٤، ٩٥، المصنف، لابن شيبة ٧: ٤٩٤ / ١، ٥١، سنن النسائي ٨: ١١٧، أنساب الأشراف ١: ٣٨٣، تاريخ بغداد ١٤: ٤٢٦، الاستيعاب ٣: ٤٦، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٦٧ - ٣٧٥، مناقب ابن المغازلي: ١٣٧، أسد الغابة ٤: ١٠٥، حلية الأولياء ٣: ٢٠، مناقب الخوارزمي: ٣٨٠.

(٢) أراد بهذا تنقيص بني هاشم، بل تنقيص النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـما يأتي بيانه، ممّا يؤكّد ناصبيّة ابن الزبير، فهو مثلما نسب محمّد بن عليّ إلى أمّه، فكذلك نسب بني هاشم (بني الفواطم)، ونعمت الفواطم أمّهات المكارم وأشرف النساء، فهنّ جدّة النبيّ وعمّته وابنته؛ وهنّ جدّة عليّ وأمّه وامرأته.

إنّ الفواطم اللائي تنقّصهنّ ابن الزبير هنّ موضع فخر النبيّ! روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: (أنا ابن الفواطم والعواتك). أنساب الأشراف ٢: ١٩٥.

قال ابن سعد: والعاتكه في كلام العرب الطاهرة. طبقات ابن سعد ١: ٦١.

الفواطم والعواتك:

أمّ عبد الله بن عبد المطّلب: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران، وهي أولى الفواطم؛ وأمّ عمرو ابن عائذ: فاطمة بنت عبد الله بن رزام... من هوازن. وأمّها فاطمة بنت الحارث من بني سليم بن منصور، وأمّ قصيّ فاطمة بنت سعد... من أزد شنوءة، جدّة عبد مناف لأبيه، وأمّها فاطمة بنت نصر... من خزاعة.

وأمّا العواتك: عاتكة بنت هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث بن فهر. وأمّ أهيب بن ضبّة: عاتكة بنت غالب بن فهر. وأمّها عاتكة بنت يخلد بن النّضر، والنّضر قريش بن كنانة.

وأمّ هاشم بن عبد مناف: عاتكة بنت مرّة بن هلال... من بني سليم بن منصور، وأمّ مرّة بن هلال: عاتكة بنت مرّة بن عديّ... من خزاعة؛ وأمّ هلال عاتكة بنت عصيّة... من بني سليم.

٤١٣

ابن أمّ حنيفة!(١)

قال محمّد: يا ابن أمّ رومان!(٢) وما لي لا أتكلّم! وهل فاتني من الفواطم إلّا واحدة(٣) ولم يفتني فخرها، لأنّها أمّ أخويّ. أنا ابن فاطمة بنت عمران بن مخزوم(٤) ، جدّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم، كافلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقائمة مقام

____________________

وأمّ عبد الله بن رزام جدّ عمرو بن عائذ لأمّه: عاتكة بنت سعد بن هذيل.

ومن جدّات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّه:

عاتكة بنت عمرو بن الظّرب... بن الحارث، وهو عدوان، وأمّ مالك بن النّضر بن كنانة: عاتكة بنت عدوان.

وأمّ النّضر بن كنانة: برّة، وأمّها ماويّة، وأمّها: عاتكة بنت الأزد. وأمّ كعب بن لؤيّ: ماويّة بنت القين... وأمّها وحشيّة بنت حرام، وأمّها: عاتكة بنت رشدان، قضاعيّة. وأمّ كلاب بن مرّة: هند بنت سرير... كنانيّة، وأمّها: عاتكة بنت دودان بن أسد بن خزيمة، أسديّة. قال أبو عبيدة: أمّ غالب بن فهر: ليلى بنت الحارث... بن هذيل، وأمّها: سلمى من ولد طابخة بن اليأس، وأمّها: عاتكة من الأزد، وأمّ ولد غالب بن فهر: عاتكة بنت يخلد بن النضر، وهي إحدى العواتك. (أنساب الأشراف ٢: ١٩٥ - ١٩٨، المحبّر: ٤٧ - ٥١، طبقات ابن سعد ١: ٦١ - ٦٤ وقد زاد في الفواطم ستّة؛ وبذا يكون الفواطم عشراً، والعواتك ثلاث عشرة).

(١) هي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة من بني حنيفة بن لجيم، أمّ محمّد بن عليّ بن أبي طالب المعروف بابن الحنفيّة (جمهرة النسب: ٣١، نسب قريش: ٤١).

ونذكّر أنّ من الفواطم: فاطمة بنت أسد الهاشميّة أمّ عليّ، كان النبيّ يسمّيها أمّي بعد أمّي ومرّ بنا صنيعه بها بعد موتها. ومن الفواطم، وهي أشرفهنّ: سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، التي لم يفت ابن الحنفيّة شرفها، وفات ابن الزبير!

(٢) أمّ رومان بنت عمير بن عامر بن كنانة، وهي أمّ عائشة بنت أبي بكر. وفي نسب قريش: ٢٧٦: أمّ رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتّاب... بن كنانة، أمّ عائشة بنت أبي بكر وعبد الرحمن بن أبي بكر. وعائشة أخت أسماء بنت أبي بكر، لأبيها، وأسماء هذه أمّ عبد الله بن الزبير، وعائشة خالته. وكانت أسماء تحت الزبير بن العوّام ثمّ طلّقها، ولذلك قصّة نعرض عنها. (انظر أسد الغابة ٧: ٩ - ١٠).

(٣) هي فاطمةعليها‌السلام بنت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، امرأة عليّعليه‌السلام، فهي بمقام أمّه.

(٤) أمّ عبد الله وأبي طالب، جدّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام، فحقّ لمحمّد بن عليّ أن ينتسب إليها.

٤١٤

أمّه(١) . أما والله لولا خديجة بنت خويلد ما تركت في بني أسد بن عبد العزّى عظماً إلّا هشمته(٢) ، ثمّ قام فانصرف(٣) .

ذكرنا من أمّهات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفواطم والعواتك اللاّئي يفخر بالانتساب إليهنّ مثلما افتخر بانتسابه إلى آبائه وذكر أنّهم على دين الإسلام، إلّا أنّ الخوارج الناصبة أصرّوا على موت أمّه وأبيه مشركين، ونبزوه في عمّه المجاهد؛ حسداً من عند أنفسهم وتسويغاً لخروجهم عليه وعلى وصيّه وذريّته وشيعتهم، فتتابعت قوافل الشهداء.

____________________

(١) فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيّة الهاشميّة، أمّها فاطمة بنت هرم من بني عامر بن لؤيّ، أمّها فاطمة بنت عبيد من بني عامر. ويكفي بالتعريف بها قوله: كافلة رسول الله والقائمة مقام أمّه. (انظر: ابن هشام ١: ١١٤، جمهرة النسب: ٢٩، النسب: ١٩٦، المحبّر: ١٦، الاستيعاب ٤: ٣٨١، الإصابة ٤: ٣٨٠، أسد الغابة ٧: ٢١٧، المناقب، للخوارزمي: ٤٦ - ٤٨، المجدي، للعمري: ١١).

(٢) وذلك لأنّ خديجة رضي الله عنها من بني أسد بن عبد العزّى.

(٣) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ٤: ٦٢ - ٦٣.

٤١٥

٤١٦

الإمام السبط المجتبى الحسن بن عليّعليهما‌السلام

فرع الشجرة المباركة. تولّى الله تعالى تسميته وأخيه الحسين، زيادة في فضلهما ورفعة في منزلتهما وخصوصيّة من خصائصهماعليهما‌السلام .

أخرج أحمد بن حنبل عن محمّد بن عليّ قال: لـمّا ولد الحسن سمّاه حمزة، فلمّا ولد الحسين سمّاه بعمّه جعفر. قال: فدعاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: (إنّي أمرت أن أغيّر اسم هذين)، فقلت: الله ورسوله أعلم، فسمّاهما حسناً وحسيناً(١) .

وعبد الرزّاق - ت ٢١١ هـ - عن ابن جريج قال: أخبرني جعفر - الصادق - بن محمّد - الباقر - عن أبيه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّى حسيناً يوم سابعه، وإنّه اشتقّ من اسم حسن حسين، وذكر أنّه لم يكن بينهما إلّا الحمل(٢) .

وأيضاً عبد الرزّاق، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، قال: لـمـّا ولدت فاطمة الحسن بن عليّ جاءت به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمّاه حسناً، فلمّا ولدت حسيناً جاءت به إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، هذا أحسن من هذا، تعني حسيناً، فشقّ له من اسمه، فسمّاه حسيناً(٣) .

____________________

(١) مسند أحمد ١: ٢٥٧ / ١٣٧٤.

(٢) المصنّف، لعبد الرزّاق ٤: ٣٣٥ / ٧٩٧٩.

(٣) نفس المصدر السابق ٤: ٣٣٥ / ٧٩٨١.

٤١٧

والطبراني بسنده عن عبد الله بن عقيل بن محمّد بن عليّعليه‌السلام أنّه سمّى ابنه الأكبر حمزة وسمّى حسيناً جعفراً، باسم عمّيه، فسمّاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسم: حسناً وحسيناً(١) .

ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى. ولم يكن في الجاهليّة من يسمّى حسناً وحسيناً، ممّا يؤكّد تسمية الله تعالى لهما، فمن التبرّك تسمية الأولاد بهما.

أخرج الدّولابيّ بسنده عن عمران بن سليمان قال: الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنّة، لم يكونا في الجاهليّة(٢) .

الحسنعليه‌السلام سيّد شباب أهل الجنّة

والحسن هو وأخوه الحسين، سيّدا شباب أهل الجنّة. فمن طرق عدّة، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة)(٣) .

____________________

(١) المعجم الكبير، للطبراني ٣: ٩٨ / ٢٧٨٠.

(٢) الذّريّة الطاهرة، للدّولابي (ت ٣١٠ هـ): ١٠٠ / ٩٢، مختصر تاريخ دمشق ٧: ٧.

(٣) المصنَّف، لابن أبي شيبة ٧: ٥١٢ ح ٤ من فضائل الحسنين، مسند أحمد ٤: ١٧٢، و ٥: ٣٩١، الأدب المفرد، للبخاري: ٣٤٦، والتاريخ الكبير له ٤: ٢ / ٤١٤ - ٤١٥، صحيح مسلم، ح ٢٤٢٤، الفضائل، لأحمد: ١٣٦٠، معرفة الصحابة: ترجة الامام الحسن، صحيح الترمذي:٣٨٦٤، سنن ابن ماجة: ١٤٤، صحيح ابن حبّان: ٢٢٤٠، المستدرك على الصحيحين ٣: ١٧٧، المعجم الكبير ٣: ٣٢ / ٢٥٨٦ ونفسه: ٣٥ - ٤ ح ٢٥٩٨ - ٢٦١٨، تاريخ خليفة (ت ٢٤٠ هـ): ١٦٢، الإبانة، لابن بطّة: ٦٢، مختصر تاريخ دمشق ١٨: ٣٨ ومواضع أخرى، مناقب الإمام علي، لابن المغازلي: ١١٤، الخصائص، للنّسائي: ٢٥٥ - ٢٥٧، مشكل الآثار، للطحاويّ ٢: ٣٩٣ ح ١٩٦٧، أنساب الأشراف ٣: ٢٦٨، تفسير الثعلبي ١: ١٤٧، معجم الصحابة، للبغويّ ٢٢: ٤٢، تفسير الطبريّ ٢٢: ٦٧، سير أعلام النبلاء، للذهبيّ ٣: ٢٨٢، فرائد السمطين: ح ٤١٤ و ٤١٥، أسد الغابة ٢: ١٩، الاستيعاب ١: ٣٧٦، نور الأبصار: ٢٣١، مناقب أميرالمؤمنين، للكوفي ٢: ٤٨ ح ٧٠٣ و ٧١٩ و ٢٢٨ و ٧٣٣ و ٧٤٠ و ٧٤١، تاريخ بغداد ٤: ٢٠٧ و ١: ١٤٠ و ٢: ١٨٥ و ٦: ٣٧١ و ٩: ٢٣١ و ٣٦٠، مجمع الزوائد ٩: ١٧٥، حلية الأولياء ٥: ٧١، فتح الباري ١٣: ٦٦، موارد الظمآن، للهيثمي: ٥٥١، تهذيب الكمال ٦: ٤٠١ وموارد أخرى.

والحديث يرد عن عمر بن الخطّاب، وعليّ بن أبي طالب، وأبي هريرة، وحذيفة بن اليمان، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، ومعاوية بن قرة عن أبيه، واسامة بن زيد. وقد ذكرت المصادر الحديث في مواضع أكثر ممّا ذكرنا.

٤١٨

وليس في الجنّة ما يؤدّي إلى الكهولة والشيخوخة، والحسينعليه‌السلام ، في روايات أنّه استشهد وعمره سبع وخمسون سنة، فهو وأخوه سادة أهل الجنّة إلّا ما كان من أبيهما وجدّهما وأمّهما. والمصادر ذكرت الحديث مطلقاً، إلّا في بعض منها جاء فيها (وأبوهما خير منهما)، فتأمّل!

والسيادة ظاهرة في العصمة والإمامة إذ لا يمكن - شرعاً وعقلاً - أن يسود الآخرين إلّا وهو أفضلهم؛ فالحديث ناهض بإمامة الحسنينعليهما‌السلام لا يجوز العدوان عليهما وإلاّ أبعد من هتك حرمتهما وصادر حقّهما من الجنّة إذ لا يجتمع السيّد والخارجيّ في مكان واحد.

أمّ الحسنعليه‌السلام فاطمةعليها‌السلام (سيّدة نساء العالمين)(١) ابنة سيّد الأنبياء والرّسل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأبوه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام سيّد العرب، وسيّد المسلمين.

عن الشعبي قال: قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (مرحباً بسيّد

____________________

(١) ويرد الحديث بلفظ آخر (سيّدة نساء أهل الجنّة). ويرد الحديث في: تفسير القرآن العزيز، لعبد الرزّاق الصنعاني (ت ٢٤٠ هـ) ١: ١٢٨ ح ٤٠٣، المصنّف، لابن أبي شيبة ٧: ٥٢٧ ح ٣، و ١٢: ١٢٧ ح ٣٣٢٣، مسند أحمد - مسند أبي سعيد: ح ١٠٦١٦، كتاب الولاية، لابن عقدة: ١٧٢ وغيره، مشكل الآثار ١: ٣٦ ح ٩٨، الذريّة الطاهرة: ١٤٧، مسند أبي يعلى ٢: ٣٩٥ ح ١١٦٩، سنن الترمذيّ ٥: ٦٥٦ ذيل ح ٣٧٦٨ باب مناقب الحسنين، خصائص النسائي: ١٢٩، المستدرك على الصحيحين ٣: ١٧٠ ح ٤٧٤٠، الاستيعاب ٤: ١٨٩٤، حلية الأولياء ٥: ٧١، معرفة الصحابة، لأبي نعيم ٢: ٣١٩، أمالي الصدوق: المجلس ٢٦ ح ٧، المناقب، لابن شهر آشوب ٣: ٣٢٣، مناقب أميرالمؤمنين، للكوفيّ ٢: ١٤ ح ٦٨٠ و ٢٠ ح ٦٨٦، مختصر تاريخ دمشق ١٨: ٢٨، مناقب الإمام عليّ، لابن المغازليّ: ١١٤، تاريخ الإسلام، للذهبيّ ٣: ٤٦، الرياض النضرة ٢: ٢٠٢ ولفظه: قال النبيّ لعليّ: (أوتيت ثلاثاً لم يؤتهنّ واحد ولا أنا؛ أوتيت صهراً مثلي ولم أوت أنا مثلي. وأوتيت زوجة صدّيقة مثل ابنتي ولم أوت مثلها زوجة. وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما؛ ولكنّكم منّي وأنا منكم).

٤١٩

المسلمين، وإمام المتّقين)؛ فقيل لعليّ: فأيّ شيء كان من شكرك؟ قال: (حمدت الله على ما آتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني فيما أعطاني)(١) .

عن عبد الله بن عُكَيم الجهني قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: (إنّ الله أوحى إليّ في عليّ ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: إنّه سيّد المؤمنين وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين)(٢) .

عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: (اسكب لي وضوءاً) ثمّ قام يصلّي ركعتين، ثمّ قال: (يا أنس، أوّل من يدخل من هذا الباب أميرالمؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين وسيّد المسلمين عليّ)(٣) .

عن عائشة قالت: كنت قاعدة مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا عائشة هذا سيّد العرب)، قالت: فقلت: يا رسول الله ألست سيّد العرب؟ قال: (أنا سيّد ولد آدم، وهذا سيّد العرب)(٤) .

وبسند عن الحسن بن عليّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: (انطلق ادع لي سيّد العرب)، يعني عليًّا، فقالت عائشة: يا رسول الله ألست سيّد العرب؟ قال: (أنا سيّد ولد آدم وعليٌّ سيّد العرب). فلمّا جاء عليٌّ أرسل رسول الله إلى الأنصار فأتوه فقال: (يا معشر الأنصار ألا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي؟) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (هذا عليٌّ فأحبّوه لحبّي وأكرموه لكرامتي، فإنّ جبرئيل أخبرني بالذي قلت لكم عن الله)(٥) .

____________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٨: ١٢.

(٢) نفس المصدر السابق ١٧: ٣٧٥.

(٣) نفس المصدر السابق: ٣٧٦.

(٤) نفس المصدر السابق.

(٥) مناقب أميرالمؤمنين، للكوفيّ ١: ٢٣٦.

٤٢٠