دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ١

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: 307

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: 307
المشاهدات: 164470
تحميل: 4064


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164470 / تحميل: 4064
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-319-354-3
العربية

أمن الجائز عقلا أن يأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقمّ(١) ما تحت الدوح(٢) ، ويجمع المسلمين ـ وكانوا نحو مائة ألف ـ ويقوم في حرّ الظهيرة تحت وهج الشمس ، على منبر يقام له من الأحداج ، ويصعد خطيبا ـ وهو بذلك الاهتمام ـ رافعا بعضد عليّعليه‌السلام ، ثمّ لا يقول إلّا : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه »؟!

__________________

٦٩ ح ٢٤ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٥٥ ح ١٨٤ و ١٨٥ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢ ح ٨٧١٥ ـ ٨٧١٩ وص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ح ٨٧٣٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، ذخائر العقبى : ١٢٥ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٥٢ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٦٠ ح ٦١٠٣ ، فرائد السمطين ١ / ٦٤ ـ ٦٥ ح ٣٠ و ٣١ وص ٧١ ح ٣٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، الصواعق المحرقة : ٦٧.

* كما رويت المناشدة في : مسند أحمد ١ / ٨٤ و ٨٨ و ١١٨ ـ ١١٩ وج ٥ / ٣٦٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٩ ح ٢٨ ، أنساب الأشراف ٢ / ٣٥٥ و ٣٨٦ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٩٣ ح ١٣٧٢ ـ ١٣٧٤ ، مسند البزّار ٣ / ١٧١ ح ٩٥٨ ، خصائص الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للنسائي ـ : ٧٨ ح ٨٨ وص ٨١ و ٨٢ ح ٩٣ و ٩٤ ، المعجم الكبير ٥ / ١٧١ ح ٤٩٨٥ وص ١٧٥ ح ٤٩٩٦ وص ١٩١ ح ٥٠٥٨ ، المعجم الصغير ١ / ٦٤ ، حلية الأولياء ٥ / ٢٦ ـ ٢٧ ، تاريخ أصبهان ١ / ١٤٢ رقم ٩٢ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٢٣٦ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٠٤ ـ ٢١٢ ح ٨٦٧٨ ـ ٨٦٩١ وص ٢١٤ ح ٨٦٩٧ ، أسد الغابة ٣ / ٦٠٥ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، كفاية الطالب : ٥٦ و ٦٣ ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٧ وورد مؤدّاه في ص ١٥٦ أيضا ، ذخائر العقبى : ١٢٥ ـ ١٢٦ وورد مؤدّاه في ص ١٢٢ أيضا ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٥٤ وص ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، البداية والنهاية ٥ / ١٦٠ ـ ١٦١ وج ٧ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، جامع المسانيد والسنن ١٩ / ٢٩ ـ ٣٠ وج ٢٠ / ١٠٥ ح ٦٠١ وص ١١٦ ح ٦٢٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٤ ـ ١٠٨ ، الإصابة في تمييز الصحابة ٤ / ٣٥٩ رقم ٥٢٠١ ، درّ السحابة : ٢٠٨ ـ ٢١٢.

(١) قمّ البيت : كنسه. انظر : الصحاح ٥ / ٢٠١٥ ، لسان العرب ١١ / ٣٨ ، مادّة « قمم ».

(٢) الدوحة : الشجرة العظيمة المتّسعة من أيّ الشجر كانت ، والجمع : دوح. انظر :

الصحاح ١ / ٣٦١ ، لسان العرب ٤ / ٤٣٧ ، مادّة « دوح ».

٢١

لا أرى عاقلا يرتضي ذلك ، ولا سيّما إذا حمل ( المولى ) على الناصر أو نحوه!(١) .

فلا بدّ أن تكون الواقعة كما رواها الشيعة ، وأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب تلك الخطبة الطويلة البليغة الجليلة ، التي أبان فيها عن قرب موته ، وحضور أجله ، ونصّ على خلفائه ، وولاة الأمر من بعده ، وأنّه مخلّف في أمّته الثقلين ، آمرا بالتمسّك بهما لئلّا يضلّوا ، وببيعة عليّعليه‌السلام ، والتسليم عليه بإمرة المؤمنين.

لكنّ القوم بين من لم يرو أصل الواقعة ـ إضاعة لذكرها ـ وبين من روى اليسير منها بعد الطلب من أمير المؤمنينعليه‌السلام ! فكان لها بعده نوع ظهور ، وإن اجتهد علماء الدنيا في درس أمرها ، والتزهيد بأثرها.

ولو رأيت كيف يسرع علماؤهم في رمي الشخص بالتشيّع ، الذي يجعله هدفا للبلاء ، ومحلّا للطعن ، لعلمت كيف كان اهتمامهم في درس

__________________

(١) ولخطورة الحديث في تاريخ الإسلام فقد تناوله المؤلّفون عبر القرون ـ على اختلاف مذاهبهم وتخصّصاتهم ولغاتهم ـ بتخريج طرقه وألفاظه ، والبحث فيه سندا ودلالة ، ونظم الواقعة شعرا ، وقد أحصى من ذلك المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائيقدس‌سره في كتابه : « الغدير في التراث الإسلامي » ما يقرب من مئتي كتاب ورسالة ، مرتّبة حسب القرون.

ولمعرفة معنى كلمة « المولى » ومشتقّاتها والمراد منها في الحديث ، والتوسّع فيه سندا ودلالة ، وما يتعلّق برواته ومخرّجيه وطرقه وألفاظه ، وما يرتبط به من بحوث علمية وتاريخية ، وما نظم فيه من شعر على مرّ القرون ، فقد استوفى ذلك العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني قدس‌سره في موسوعته « الغدير » ، والعلّامة السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ورعاه ـ في الأجزاء ٦ ـ ٩ من موسوعته « نفحات الأزهار ».

فلله درّهم وعليه أجرهم.

٢٢

فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ! وكيف كان ذلك الشخص في الإنصاف والوثاقة بتلك الرواية التي رواها ، حتّى إنّهم رموا النسائي بالتشيّع كما ذكره في « وفيات الأعيان »(١) .

وما ذلك إلّا لتأليفه كتاب : « خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام » وقوله : لا أعرف لمعاوية فضيلة إلّا «لا أشبع الله بطنه » مع استفاضة هذا الحديث حتّى رواه مسلم في صحيحه(٢) كما ستعرف.

وكذا رموا بالتشيّع :

أبا عبد الله الحاكم محمّد بن عبد الله(٣)

وأبا نعيم الفضل بن دكين(٤)

وعبد الرزّاق(٥)

__________________

(١) وفيات الأعيان ١ / ٧٧ رقم ٢٩ ؛ وانظر : سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٣.

(٢) صحيح مسلم ٨ / ٢٧ ؛ وقد تقدّم تخريجه في ص ١٠ ه‍ ١.

(٣) وهو : الإمام الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبّي النيسابوري ، المعروف ب‍ : ابن البيّع ( ٣٢١ ـ ٤٠٥ ه‍ ).

تجد نسبته إلى التشيّع في : تاريخ بغداد ٥ / ٤٧٤ ، الأنساب ـ للسمعاني ـ ١ / ٤٣٣ ، المنتظم ٩ / ١٤١ ، العبر ٢ / ٢١١ ، سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٥ و ١٦٨ و ١٧٤ ، تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٢ و ١٠٤٥ ، ميزان الاعتدال ٦ / ٢١٦ رقم ٧٨١٠ ، طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ ٤ / ١٦١ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ١ / ١٩٥ رقم ٣٦٥ ، لسان الميزان ٥ / ٢٣٣ ، شذرات الذهب ٣ / ١٧٧.

(٤) وهو : الحافظ الكبير ، الفضل بن عمرو ـ ودكين لقب له ـ بن حمّاد بن زهير بن درهم ، مولى آل طلحة بن عبيد الله التيمي ، توفّي سنة ٢١٩ ه‍.

انظر رميه بالتشيّع في : تاريخ بغداد ١٢ / ٣٥١ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٥١.

(٥) وهو : الحافظ الكبير ، صاحب التصانيف ، أبو بكر عبد الرزّاق بن همّام بن نافع الحميري ، مولاهم الصنعاني ( ١٢٦ ـ ٢١١ ه‍ ).

٢٣

وأبا حاتم الرازي(١)

وابنه عبد الرحمن(٢)

وغيرهم ممّن لا ريب بتسنّنه من علمائهم(٣) ؛ لروايتهم بعض فضائل آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعنايتهم بها في الجملة.

وما ذلك إلّا ليحصل الردع بحسب الإمكان عن رواية مناقبهم وتدوينها ، وإن كان قصد الراوي بيان سعة اطّلاعه ، وطول باعه.

وإذا صحّح قسما منها زاد طعنهم فيه وفي روايته! مع أنّ طريقتهم التساهل في باب الفضائل ، لكن في فضائل أعداء أهل البيتعليهم‌السلام !

__________________

تجد اتّهامه بالتشيّع في : تذكرة الحفّاظ ١ / ٣٦٤ رقم ٣٥٧ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٥٦٦ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٣٤٣ و ٣٤٤ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٧.

(١) وهو : الإمام الحافظ ، أبو حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي الرازي ( ١٩٥ ـ ٢٧٧ ه‍ ).

نسب إلى التشيّع في تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠.

(٢) هو : العلم الحافظ ، أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر ـ الحنظلي الرازي ( ٢٤٠ ـ ٣٢٧ ه‍ ).

اتّهم بالتشيّع في لسان الميزان ٣ / ٤٣٣.

(٣) مثل : محمّد بن إدريس الشافعي ، إمام المذهب ( ١٥٠ ـ ٢٠٤ ه‍ ) ، انظر رميه بالتشيّع في : الفهرست ـ للنديم ـ : ٣٥٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٨.

ومحمّد بن جرير الطبري ( ٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍ ) صاحب التاريخ والتفسير ؛ تجد اتّهامه بالتشيّع في البداية والنهاية ١١ / ١٢٤.

وأبو الفرج الأصفهاني ( ٢٨٤ ـ ٣٥٦ ه‍ ) صاحب « مقاتل الطالبيّين » و « الأغاني » ؛ تجد نسبته إلى التشيّع في : المنتظم ٨ / ٣٤٩ ، وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٧ رقم ٤٤٠ ، ميزان الاعتدال ٥ / ١٥١ رقم ٥٨٣١ ، لسان الميزان ٤ / ٢٢١ رقم ٥٨٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١٩.

وعبيد الله بن عبد الله الحسكاني ، الحاكم الحافظ المحدّث ، المتوفّى نحو سنة ٤٧٠ ه‍ ، صاحب « شواهد التنزيل » ؛ تجد رميه بالتشيّع في تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٢٠٠ رقم ١٠٣٢.

٢٤

فظهر ـ ممّا ذكرنا ـ لكلّ متدبّر : أنّ جميع ما روي في مناقب آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذا مثالب أعدائهم ، حقّ لا مرية فيه ، ولا سيّما مع روايته عندنا ، وتواتر الكثير منه ؛ فيكون ممّا اتّفق عليه الفريقان ، وقام به الإسنادان.

بخلاف ما روي في فضائل مخالفي أهل البيت ، فإنّه من رواية المتّهمين بأنواع التهم! ولو كان له أقلّ أصل لتواتر ألبتّة ؛ لوجود المقتضي وعدم المانع ، بعكس فضائل آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا سيّما مع طلبهم مقابلة ما جاء في فضل أهل البيتعليهم‌السلام ؛ فيكون كذبا جزما!

ولو لا خوف الملال ، لأطنبنا في المقال ، وفي ما ذكرناه كفاية لمن أنصف وطلب الحقّ.

* * *

٢٥
٢٦

المطلب الثاني

لا قيمة لمناقشة أهل السنّة في السند

في بيان أنّ تضعيفهم للرواية ومناقشتهم في السند لا قيمة لها ولا عبرة بها ؛ لأمرين:

[ الأمر ] الأوّل :

إنّ علماء الجرح والتعديل ، مطعون فيهم عندهم ، فلا يصحّ اعتبار أقوالهم ، كما يدلّ عليه ما في « ميزان الاعتدال » بترجمة عبد الله بن ذكوان ، المعروف بأبي الزناد ، قال : « قال ربيعة [ فيه ] : ليس بثقة ولا رضيّ ».

ثمّ قال : « لا يسمع قول ربيعة فيه ؛ فإنّه كان بينهما عداوة ظاهرة »(١) .

وفي ( الميزان ) أيضا بترجمة الحافظ أبي نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد الله ، قال : هو « أحد الأعلام ، صدوق ، تكلّم فيه بلا حجّة ، ولكن هذه عقوبة من الله لكلامه في ابن مندة بهوى ».

ثمّ قال : « وكلام ابن مندة في أبي نعيم فظيع ، لا أحبّ حكايته ».

ثمّ قال : « كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيّما إذا لاح لك أنّه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، ما ينجو منه إلّا من عصم الله ، وما علمت أنّ عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصدّيقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس »!(٢) .

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٩٥.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٢٥١.

٢٧

فإنّ هذه الكلمات ونحوها دالّة على أنّ الطعن للحسد والهوى والعداوة فاش بينهم ، وعادة لهم ، فلا يجوز الاعتبار بأقوالهم في مقام الجرح والتعديل حتّى مع اختلاف العصر ، أو عدم ظهور الحسد والعداوة ؛ لارتفاع الثقة بهم ، وزوال عدالتهم ، وصدور الكذب منهم.

وأسخف من ذلك ما في « تهذيب التهذيب » بترجمة عبيد الله بن سعيد أبي قدامة السرخسي ، قال : قال الحاكم : روى عنه محمّد بن يحيى ثمّ ضرب على حديثه وسبب ذلك أنّ محمّدا دخل عليه فلم يقم له!(١) .

فإنّ من هذا فعله كيف يعتمد عليه في التوثيق والتضعيف ، ويجعل عدم روايته عن شخص دليل الضعف؟!

وقريب منه ما ذكروه في ترجمة النسائي ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في « المطلب الثالث »(٢) .

وأعظم من ذلك ما في « تهذيب التهذيب » بترجمة سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف ، قال : إنّ مالكا لم يكتب عنه.

قال الساجي : يقال : إنّه(٣) وعظ مالكا فوجد عليه فلم يرو عنه!(٤) .

فإنّ من يترك الرواية عن شخص لموعظته له ، حقيق بأن لا يجعل

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ٣٧٩ باختلاف يسير ، وكان في الأصل : « عبيد الله بن سعد » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) يأتي في صفحة ٤٢ من هذا الجزء.

(٣) أي : سعد بن إبراهيم.

(٤) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٧٦ باختلاف يسير.

ووجد عليه وجدا : أي غضب عليه. انظر : الصحاح ٢ / ٥٤٧ ، لسان العرب ١٥ / ٢١٩ ، مادّة « وجد ».

٢٨

عدم روايته عن الأشخاص علامة الضعف ، وأولى بأن لا يعتمد على توثيقه وتضعيفه.

نعم ، ذكر في « تهذيب التهذيب » أيضا عن ابن معين ، أنّ سعدا تكلّم في نسب مالك فترك الرواية عنه(١) .

فحينئذ يمكن أن يكون بهذا وجه لترك مالك الرواية عنه!

لكن لا لوم على سعد ، إذ لا يمكن لعاقل أن يرى أحدا ولد بعد أبيه بثلاث سنين(٢) زاعما أنّه حمل في هذه المدّة ، ويصدّق نسبه!

وذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة محمّد بن إسحاق ـ صاحب « السيرة » ـ أنّ مالكا قال في حقّه : « دجّال من الدجاجلة »(٣) .

ثمّ ذكر في الجواب عنه قول محمّد بن فليح : « نهاني مالك عن شخصين من قريش ، وقد أكثر عنهما في ( الموطّأ )! وهما ممّن يحتجّ بهما »(٤) .

وحاصله : أنّ قدح مالك لا عبرة به ؛ لأنّ فعله ينقض قوله!

وإليك جملة من علماء الجرح والتعديل ، لتنكشف لك الحقيقة تماما!

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٧٧.

(٢) انظر في ذلك : الأعلاق النفيسة : ٢٢٦ ، الفهرست ـ للنديم ـ : ٣٣٨ المقالة السادسة ، ترتيب المدارك ١ / ١١١ ـ ١١٢ ، صفة الصفوة ١ / ٤٣٧ رقم ١٨٩ ، وفيات الأعيان ٤ / ١٣٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٧٩ ذيل رقم ١٠٠ ، تهذيب الكمال ١٧ / ٣٨٨ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ١٣٢ ، العبر ١ / ٢١٠ رقم ١٧٩ ، شذرات الذهب ١ / ٢٩٢.

(٣) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦.

(٤) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٧.

٢٩

ولنذكر أشهرهم وأعظمهم بيسير من أحوالهم التي تيسّر لي فعلا بيانها

فمنهم : أحمد بن حنبل :

ذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة عليّ بن عاصم بن صهيب الواسطي ، أنّ [ ابن ] أبي خيثمة(١) قال : « قلت(٢) لابن معين : إنّ أحمد يقول : ( ليس هو )(٣) بكذّاب ، قال : لا والله ما كان [ عليّ ] عنده قطّ ثقة ، ولا حدّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة؟! »(٤) .

فإنّه صريح في اتّهام ابن معين لأحمد وتكذيبه له.

ونقل السيّد العلوي الجليل محمّد بن عقيل(٥) في كتابه : « العتب

__________________

(١) كان في الأصل : أبا خيثمة ؛ وما أثبتناه من المصدر.

(٢) كذا في الأصل ، وفي المصدر : قيل.

(٣) في المصدر بدل ما بين القوسين : إنّ عليّ بن عاصم ليس.

(٤) تهذيب التهذيب ٥ / ٧٠٨.

(٥) هو : محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر العلوي الصادقي الحسيني الحضرمي.

ولد ببلدة « مسيلة آل شيخ » قرب « تريم » من بلاد حضرموت سنة ١٢٧٩ ه‍.

رحل إلى سنغافورة واشتغل بالتجارة ، وترأس فيها المجلس الإسلامي الاستشاري ، وأسّس فيها جمعية إسلامية ومجلّة وجريدة عربيّتين ومدرسة عربية دينية.

سافر إلى الهند مرارا ، ورحل إلى الصين واليابان وروسيا ، ومنها وصل إلى برلين ففرنسا فالعراق فسورية فمصر.

توفّي بالحديدية من أعمال اليمن في عام ١٣٥٠ ه‍.

ومن مؤلّفاته : النصائح الكافية لمن تولّى معاوية ، تقوية الإيمان ، العتب الجميل على علماء الجرح والتعديل ، فصل الحاكم في النزاع والتخاصم فيما بين بني أميّة وبني هاشم ، وغيرها.

انظر : معجم المؤلّفين ٣ / ٤٩١ رقم ١٤٥٦٨.

٣٠

الجميل » ، عن المقبلي(١) في « العلم الشامخ » ، أنّ أحمد لمّا تكلّم في مسألة خلق القرآن وابتلي بسببها ، جعلها عدل التوحيد أو زاد!

ثمّ ذكر المقبلي ، أنّ أحمد كان يردّ رواية كلّ من خالفه في هذه المسألة ، تعصّبا منه ؛ قال : وفي ذلك خيانة للسند(٢) .

ثمّ قال : بل زاد فصار يردّ الواقف ، ويقول : فلان واقفيّ مشؤوم.

بل غلا وزاد ، وقال : لا أحبّ الرواية عمّن أجاب في المحنة كيحيى ابن معين(٣) .

أقول :

صدق المقبلي ، فإنّ من سبر « تهذيب التهذيب » و « ميزان الاعتدال » رأى ذلك نصب عينه.

__________________

(١) هو : صالح بن مهدي بن علي بن عبد الله بن سليمان بن محمّد المقبلي الصنعاني الزيدي.

ولد في قرية « المقبل » من أعمال كوكبان ـ وهو جبل قرب صنعاء ـ سنة ١٠٤٠ / ١٠٤٧ ه‍ ، وانتقل إلى صنعاء ، ثمّ سكن مكّة المكرّمة وتوفّي بها سنة ١١٠٨ أو ١١١٠ ه‍.

عالم مشارك في مختلف العلوم ، له مؤلّفات كثيرة ، منها : العلم الشامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ ، حاشية على كتاب البحر الزخّار ، حاشية على الكشّاف ، وغيرها.

انظر : هديّة العارفين ٥ / ٤٢٤ ، معجم المؤلّفين ١ / ٨٣٥ رقم ٦١٧٦.

(٢) كذا في الأصل والمصدر ، ولعلّه تصحيف « للسنّة ».

(٣) العتب الجميل : ١٠٢ [ ٩٤ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : العلم الشامخ : ٣٧٠ ـ ٣٧١ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٣٠٢ ، ميزان الاعتدال ٧ / ٢٢٢ رقم ٩٦٤٤ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٣٣.

٣١

ومنهم : يحيى بن سعيد القطّان :

ذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة همّام بن يحيى بن دينار ، أنّ أحمد بن حنبل قال : « شهد يحيى بن سعيد شهادة في حداثته ، فلم يعدّله همّام ، فنقم عليه »(١) .

وفي « ميزان الاعتدال » : « قال أحمد : ما رأيت [ يحيى ] بن سعيد أسوأ رأيا [ في أحد ] منه في حجّاج وابن إسحاق وهمّام ، لا يستطيع أحد [ في ] أن يراجعه فيهم »(٢) .

وبالضرورة : أنّ تفسيق المسلم والحقد عليه مستمرّا ـ لأمر معذور فيه ظاهرا ـ أعظم ذنب ، مسقط لفاعله ، ومانع من الاعتبار بقوله في الجرح والتعديل.

ومنهم : يحيى بن معين :

ذكر ابن حجر في « تهذيب التهذيب » والذهبي في « ميزان الاعتدال » كلاهما بترجمة ابن معين ، أنّ أبا داود كان يقع فيه ، وأنّ أحمد بن حنبل قال : « أكره الكتابة عنه »(٣) .

وقال ابن حجر أيضا : « قال أبو زرعة : لا(٤) ينتفع به ؛ لأنّه [ كان ] يتكلّم في الناس!

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩ / ٧٦.

(٢) ميزان الاعتدال ٧ / ٩٢ رقم ٩٢٦١.

(٣) تهذيب التهذيب ٩ / ٣٠٢ ، ميزان الاعتدال ٧ / ٢٢٢ رقم ٩٦٤٤.

وانظر : تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٣٣.

(٤) في المصدر : ولم.

٣٢

ويروى هذا عن عليّ بن المديني(١) من وجوه »(٢) .

وقال أيضا في ترجمة شجاع بن الوليد : قال أحمد بن حنبل : لقي ابن معين شجاعا ، فقال له : يا كذّاب! فقال له شجاع : إن كنت كذّابا وإلّا فهتكك الله ، وقال أحمد : أظنّ أنّ دعوة الشيخ أدركته(٣) .

ونحوه في « ميزان الاعتدال » أيضا(٤) .

وقد تقدّم تناقض كلامه في قضيّة أبي الأزهر ، فإنّه نسبه إلى الكذب أوّلا ، ثمّ ما برح حتّى صدّقه ونسب الكذب إلى ثقات علمائهم!(٥) .

ومنهم : ابن المديني ، أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن جعفر :

فإنّ أحمد بن حنبل كذّبه كما ذكره ابن حجر والذهبي في الكتابين المذكورين ، بترجمة ابن المديني(٦) .

وقال ابن حجر : « قيل لإبراهيم الحربي : أكان ابن المديني يتّهم بالكذب؟

قال : لا ، إنّما حدّث بحديث [ فزاد ] فيه كلمة ليرضى ابن أبي دؤاد(٧) .

__________________

(١) لم ترد « بن المديني » في المصدر ، وهي إضافة توضيحية منهقدس‌سره .

(٢) تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩٩.

(٣) تهذيب التهذيب ٣ / ٦٠٢ باختلاف يسير في الألفاظ.

(٤) ميزان الاعتدال ٣ / ٣٦٥.

(٥) انظر صفحة ١٢ ـ ١٣.

(٦) تهذيب التهذيب ٥ / ٧١٤ ، وميزان الاعتدال ٥ / ١٦٩.

(٧) وابن أبي دؤاد هو : القاضي أبو عبد الله أحمد بن فرج الإيادي البصري البغدادي الجهمي ( ١٦٠ ـ ٢٤٠ ه‍ ) معاصر لابن المديني ( ١٦١ ـ ٢٣٤ ه‍ ) ، ولي قضاء

٣٣

قيل له : فهل كان يتكلّم في أحمد؟

قال : لا ، إنّما كان إذا رأى في كتابه حديثا عن أحمد قال : اضرب عليه ، ليرضى ابن أبي دؤاد »!(١) .

وليت شعري كيف لا يتّهم بالكذب ، وقد زعم أنّه زاد في الحديث إرضاء لصاحبه؟!

وهل يتصوّر عدم كلامه في أحمد ، وقد فعل معه ما هو أشدّ من الكلام ومن فروعه ، وهو الضرب على حديثه؟!

وبالضرورة : إنّ من يزيد في الحديث كذبا ، ويضرب على ما هو معتبر ، ويبطل الصحيح المقبول عندهم ، طلبا للدنيا ورضا أهلها ، لا يؤمن أن يوافق الهوى في توثيق الرجال وتضعيفهم!

وإن شئت قلت : إنّ ضربه على أحاديث أحمد طعن في أحدهما ، وهو من المطلوب.

ومنهم : الترمذي :

ذكر الذهبي في ( الميزان ) بترجمة إسماعيل بن رافع ، أنّ جماعة من علمائهم ضعّفوا إسماعيل ، وجماعة قالوا : متروك [ الحديث ].

ثمّ قال : « ومن تلبيس الترمذي ، قال : ضعّفه بعض أهل العلم »(٢) .

__________________

القضاة للمعتصم والواثق وبعض أيّام المتوكّل ، كان يمتحن الناس في القرآن ، ويضرب ويقتل عليه!

انظر : أخبار القضاة ٣ / ٢٩٤ ، تاريخ بغداد ٤ / ١٤١ رقم ١٨٢٥ ، وفيات الأعيان ١ / ٨١ رقم ٣٢ ، سير أعلام النبلاء ١١ / ١٦٩ رقم ٧١.

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ٧١٤.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٣٨٤.

٣٤

وذكر أيضا بترجمة يحيى بن يمان حديثا وقال : « حسّنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه ، فلا يغترّ بتحسين الترمذي ، فعند المحاقّة غالبها ضعاف »(١) .

وقال أيضا بترجمة كثير بن عبد الله المزني : « لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي »(٢) .

ومنهم : الجوزجاني ، إبراهيم بن يعقوب السعدي :

فإنّهم ذكروا أنّه ناصبيّ معلن به(٣) ، كما ستعرفه في ترجمته بالمطلب الثالث إن شاء الله تعالى(٤) .

ومن المعلوم أنّ الناصب : فاسق منافق ؛ لما سبق في رواية مسلم أنّ مبغض عليّعليه‌السلام منافق(٥) ، ولا ريب أنّ النفاق أعظم الفسق ، وقد قال تعالى :( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (٦) .

بل النفاق نوع من الكفر ، بل أشدّه ، فلا يقبل قول مثله في الرجال ، وشهادته فيهم مردودة ، وتوثيقه وتضعيفه غير مسموع.

ومنهم : محمّد بن حبّان :

قال في ( الميزان ) بترجمته : « قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٧ / ٢٣١.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ٤٩٣.

(٣) تهذيب التهذيب ١ / ١٩٩ ، ميزان الاعتدال ١ / ٢٠٥ رقم ٢٥٦.

(٤) انظر : صفحة ٦٣ رقم ٦.

(٥) تقدّم في صفحة ١٥.

(٦) سورة الحجرات ٤٩ : ٦.

٣٥

[ وذكره في طبقات الشافعية ] : غلط الغلط الفاحش في تصرّفه(١) ؛ وصدق أبو عمرو.

وله أوهام يتبع بعضها بعضا(٢) ».

ثمّ قال : « قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام : سمعت عبد الصمد بن محمّد [ بن محمّد ] يقول : سمعت أبي يقول : أنكروا على ابن حبّان قوله : النبوّة العلم والعمل ؛ وحكموا عليه بالزندقة ، وهجروه وكتبوا فيه إلى الخليفة ، فأمر بقتله.

وقال أبو إسماعيل الأنصاري : سألت يحيى بن عمّار عنه فقال :

رأيته ، ونحن أخرجناه من خراسان(٣) ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين! »(٤) .

ومنهم : ابن حزم ، وهو : عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم :

قال ابن خلّكان في ترجمته من « وفيات الأعيان » : كان كثير الوقوع في العلماء المتقدّمين ، لا يكاد أحد يسلم من لسانه ، فنفرت منه القلوب ، واستهدف لفقهاء وقته ، فتمالأوا على بغضه ، وردّوا قوله ، واجتمعوا على تضليله ، وشنّعوا عليه.

إلى أن قال : وفيه قال أبو العبّاس بن العريف : لسان ابن حزم ،

__________________

(١) طبقات الفقهاء الشافعية ـ لابن الصلاح ـ ١ / ١١٦ رقم ١٤.

(٢) كذا في الأصل ؛ وفي ميزان الاعتدال ٦ / ٩٩ ولسان الميزان ٥ / ١١٣ هكذا :

« وله أوهام كثيرة تتبّع بعضها الحافظ ضياء الدين ».

(٣) في المصدر : سجستان.

(٤) ميزان الاعتدال ٦ / ٩٩.

٣٦

وسيف الحجّاج بن يوسف شقيقان(١) .

مضافا إلى أنّه كان شبيها بابن تيميّة في شدّة النصب لآل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولذا كان يستشهد بأقواله في نقص أمير المؤمنينعليه‌السلام وإمام المتّقين ، كما يعرف شدّة نصبه من له إلمام بكتابه المسمّى ب‍ : « الفصل في الملل والأهواء والنحل » الذي ملأه بالجهل والهذيان ، وأخلاه من العلم والإيمان!(٢) .

ومنهم : الذهبي ـ صاحب كتاب « ميزان الاعتدال » ـ محمّد بن أحمد بن عثمان :

فإنّه كان ناصبيا ظاهر النصب لآل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! بيّن التعصّب على من احتمل فيه ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، كما يشهد به كتابه المذكور ، فإنّه ما زال يتحامل فيه على كلّ رواية في فضل آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى رواتها ، وكلّ من أحسّ منه حبّهم!

وقد ذكر هو في « تذكرة الحفّاظ » الحافظ ابن خراش وأطراه في الحفظ والمعرفة ، ثمّ وصفه بالتشيّع ، واتّهمه بالرواية في مثالب الشيخين ، ثمّ قال مخاطبا له وسابّا إيّاه بما لفظه : « فأنت زنديق معاند للحقّ ، فلا رضي الله عنك ؛ مات ابن خراش إلى غير رحمة الله سنة ثلاث وثمانين

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ؛ وانظر أيضا : وفيات الأعيان ١ / ١٦٩ رقم ٦٨ ترجمة ابن العريف.

(٢) انظر منه مثلا : ٣ / ١٢ ـ ١٩ و ٤٨ و ٥٧ ـ ٧٧ وغيرها.

٣٧

بعد المائتين »!(١) .

وما رأيناه قال بعض هذا فيمن(٢) سبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ومرق عن الدين ، بل رأيناه يسدّد أمره ، ويرفع قدره ، ويدفع القدح عنه بما تمكّن ، كما هو ظاهر لمن يرى يسيرا من « ميزان الاعتدال »!

وقد نقل السيّد الأجل السيّد محمّد بن عقيل في كتابه العتب الجميل : ١١٣ ، عن السبكي ـ تلميذ الذهبي ـ أنّه وصف شيخه الذهبي بالنصب(٣) .

ونقل أيضا عن المقبلي قوله من قصيدة [ من البسيط ] :

وشاهدي كتب أهل الرفض أجمعهم

والناصبين كأهل الشام كالذهبي(٤)

ولنكتف بهذا القدر من ذكر علماء الجرح والتعديل ، المطعون فيهم بالنصب واتّباع الهوى ونحوهما ، فالعجب ممّن يستمع لأقوالهم ، ويصغي لآرائهم ، ويجعلهم الحجّة بينه وبين الله تعالى في ثبوت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !

الأمر الثاني :

من الأمرين الموجبين لإلغاء مناقشتهم في السند ، أنّ ابن روزبهان

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٨٤ ـ ٦٨٥ رقم ٧٠٥.

(٢) كان في الأصل : « ممّن » وما أثبتناه هو الصواب لغة.

(٣) العتب الجميل : ١٠٢.

(٤) العتب الجميل : ١٠١ ، عن العلم الشامخ : ٣٩٥.

والبيت من قصيدة مطلعها :

قل للملقّب سنّيا سعدت بما

عرفت من حقّ أصحاب النبي العربي

٣٨

قال في آخر مطالب الفضائل متّصلا بالمطاعن :

« اتّفق العلماء على أنّ كلّ ما في الصحاح الستّة ـ سوى التعليقات ـ لو حلف بالطلاق أنّه من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من فعله وتقريره ، لم يقع الطلاق ولم يحنث »!(١) .

فإنّ مقتضى هذا الإجماع أنّهم يلغون أقوال علمائهم في تضعيف رجال الصحاح الستّة ، لا سيّما صحيحي البخاري ومسلم ، فإنّهم جميعا يحتجّون بأخبارهما بلا نكير!

وبالضرورة : أنّه لم يرد نصّ ، ولم تقم حجّة على استثناء رجال صحاحهم ، فيلزم إلغاء أقوال علمائهم في الرجال مطلقا ، وإلّا فالفرق تحكّم.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٦٨ ( الطبعة الحجرية ).

ونقل ذلك النووي في شرحه عن أبي عمرو بن الصلاح أنّه قال : قال إمام الحرمين : « لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنّ ما في كتابي البخاري ومسلم ـ ممّا حكما بصحّته ـ من قول النبيّ رحمه‌الله لما ألزمته الطلاق ، ولا حنثته ؛ لإجماع علماء المسلمين على صحّتهما » ؛ انظر : شرح صحيح مسلم ١ / ٢٨ ، مقدّمة ابن الصلاح : ١٦.

والحنث : الإثم والذنب والمعصية ، والحنث في اليمين : نقضها والنكث فيها والخلف فيها إذ لم تبرّ ، فتلزم الكفّارة.

انظر : الصحاح ١ / ٢٨٠ ، الفائق في غريب الحديث ١ / ٣٢٣ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٤٤٩ ، لسان العرب ٣ / ٣٥٣ ، تاج العروس ٣ / ١٩٨ ، مادّة « حنث ».

٣٩
٤٠