دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

دلائل الصدق لنهج الحق4%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-355-1
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 140836 / تحميل: 5344
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٥-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

.. إلى غير ذلك من الكتاب والسنّة.

وأمّا ما ذكره من أنّ المراد بهذا التجويز نفي وجوب شيء عليه ، فلا يرفع الإشكال ؛ لأنّه إذا لم يجب عليه بعدله وحكمته أن يرسل الرسل بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقد جاز أن يرسل رسولا إلى قوم ولا يأمرهم إلّا بسبّه ومدح إبليس ـ إلى غير ذلك ممّا بيّنه المصنّف ـ ، وتجويزهم مثل ذلك على الله سبحانه دليل على عدم معرفتهم به ، وأنّهم ما قدروه حقّ قدره.

ولو جوّزت أشباه هذه الأمور على أحد منهم لعدّها من أكبر النقص عليه ، والذنب إليه ، فكيف تجوز في حقّ الملك الجامع لصفات الكمال؟!

* * *

٣٦١

قال المصنّف ـ قدّس الله سرّه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله الطاعات وأحبّها ورضيها واختارها ، ولم يكرهها ولم يسخطها ، وأنّه كره المعاصي والفواحش ولم يحبّها ولا رضيها ولا اختارها(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أراد الله من الكافر أن يسبّه ويعصيه ، واختار ذلك ، وكره أن يمدحه(٣) .

وقال بعضهم : أحبّ وجود الفساد ، ورضي وجود الكفر(٤) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٦ ـ ٢٧ ، تصحيح الاعتقاد : ٤٩ ـ ٥٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة في أصول الديانة : ١٢٧ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٩٩ ، المسائل الخمسون : ٦٠ المسألة ٣٥ ، المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤ و ١٧٨ و ١٧٩ ، تحفة المريد على جوهرة التوحيد : ٤٢ ، شرح العقيدة الطحاوية : ١٣٠.

(٤) المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣.

٣٦٢

وقال الفضل(١) :

مذهب الأشاعرة ـ كما سبق ـ : إنّ الله تعالى مريد لجميع الكائنات ، فهو يريد الطاعات ويرضى بها للعبد ، ويريد المعاصي بمعنى التقدير ؛ لأنّ الله تعالى مريد للكائنات.

فلا بدّ أن يكون كلّ شيء بتقديره وإرادته ، ولكن لا يرضى بالمعاصي ، والإرادة غير الرضا ، وهذا الرجل يحسب أنّ الإرادة هي عين الرضا ، وهذا باطل.

وأمّا قوله : « كره أن يمدحه » فهذا عين الافتراء.

وكذا قوله : « أحبّ الفساد ورضي بوجود الكفر » ولا عجب هذا من الشيعة ، فإنّ الكذب والافتراء طبيعتهم ، وبه خلقت غريزتهم.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٠.

٣٦٣

وأقول :

قوله : « يريد الطاعات ويرضى بها » ليس بصحيح على عمومه ، فإنّ الطاعات التي لم تقع ليست مرادة ولا مرضية له ، وإلّا لوقعت.

وقوله : « ويريد المعاصي بمعنى التقدير » ، ليس بصحيح أيضا ، فإنّ الإرادة سبب التقدير لا نفسه.

ولو سلّم ، فلا بدّ من إرادة المعاصي ؛ لأنّ التقدير بدون إرادة غير ممكن ؛ لأنّها هي المخصّصة.

قوله : « ولكن لا يرضى بالمعاصي » باطل ، إذ لو لم يرض بها فما الذي ألزمه بفعلها.

قوله : « والإرادة غير الرضا » مسلّم ، لكنّ إرادة الفعل تتوقّف على الرضا به ، كما إنّ إرادة الترك تتوقّف على كراهة الفعل ومرجوحيّته من جهة.

وعلى هذا يبتني كلام المصنّف ، لا على إنّ الإرادة نفس الرضا ، كما زعمه الخصم.

وبالجملة : الفعل بالاختيار يستلزم الرضا به ، وتركه بالاختيار يستلزم كراهته ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا ، فيكون الله سبحانه ـ بناء على تقديره وتكوينه لأفعال العباد ـ راضيا ومحبّا لسبّه والفساد الواقعين ، كارها لمدحه والصلاح المتروكين ؛ وهذا ما قاله المصنّف.

وأمّا ما رمى به الخصم الشيعة من الكذب والافتراء ، فنحن نكله إلى المصنف إذا عرف أحوال رجالنا ورجالهم ، ونظر إلى ما كتبناه في المقدّمة.

٣٦٤

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد النبيّ ٦ من الطاعات ما أراد الله تعالى ، وكره من المعاصي ما كرهه الله تعالى(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل أراد النبيّ كثيرا ممّا كرهه الله تعالى ، وكره كثيرا ممّا أراده الله تعالى(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) إنقاذ البشر من الجبر والقدر ـ المطبوع ضمن رسائل الشريف المرتضى ـ ٢ / ٢٣٦ ، مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٥.

(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٣١٠ ـ ٣١١.

٣٦٥

وقال الفضل(١) :

غرضه من هذا الكلام ـ كما سيأتي ـ أنّ الله تعالى يريد كفر الكافر ، والنبيّ يريد إيمانه وطاعته ، فوقعت المخالفة بين الإرادتين ، وإذا لم يكن أحدهما مريدا لشيء يكون كارها له ؛ هكذا زعم.

وقد علمت أنّ معنى الإرادة من الله ها هنا هو : التقدير ، ومعنى الإرادة من النبيّ : ميله إلى إيمانهم ورضاه به.

والرضا والميل غير الإرادة بمعنى التقدير ، فالله تعالى يريد كفر الكافر بمعنى : يقدّر له في الأزل هكذا ، والنبيّ لا يريد كفره ، بمعنى أنّه لا يرضى به ولا يستحسنه ، فهذا جمع بين إرادة الله وعدم إرادة النبيّ ولا محذور فيه.

نعم ، لو رضي الله بشيء ، ولم يرض رسوله بذلك الشيء وسخطه ، كان ذلك محذورا ، وليس هذا مذهبا لأحد.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٥.

٣٦٦

وأقول :

أيصحّ في العقل أن يقال : إنّ الله تعالى يقدّر شيئا ويفعله ، ولا يرضى به النبيّ ولا يستحسنه؟!

مضافا إلى ما عرفت من أنّ تقدير الفعل يستلزم الرضا به ، وتقدير الترك يستلزم الكراهة له.

فيكون الله سبحانه بتقديره للكفر والمعصية ، راضيا بهما وقد كرههما النبيّ

وبتقديره لترك الإيمان والطاعة ، كارها لهما وقد رضي النبيّ بهما وأرادهما ، فاختلف الله ورسوله.

* * *

٣٦٧

قال المصنّف ـ أعزّ الله منزلته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله من الطاعات ما أراده أنبياؤه ، وكره ما كرهوه ، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات ، وكره ما أرادوه من الفواحش(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل قد أراد الله ما أرادته الشياطين من الفواحش ، وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات ، ولم يرد ما أرادته الأنبياء من كثير من الطاعات ، بل كره ما أرادته منها(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٢ ـ ١٨٥.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢١ ، المواقف : ٣١٥ ـ ٣١٦.

٣٦٨

وقال الفضل(١) :

هذا يرجع إلى معنى الإرادة التي ذكرناها في الفصل السابق(٢) ، وهذا الرجل لم يفرّق بين الإرادة والرضا ، وجلّ تشنيعاته ناش من عدم هذا الفرق.

وأمّا قوله : « كره الله ما كره الشياطين من الطاعات » فهذا افتراء على الأشاعرة.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٦.

(٢) انظر الصفحة ٣٦٣.

٣٦٩

وأقول :

قد عرفت أنّ المختار لا يفعل شيئا إلّا لإرادته له ورضاه به ، ولا يترك أمرا إلّا لكراهته له ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا.

فإذا فرض أنّ الله تعالى هو الفاعل لأفعال البشر ، فلا بدّ أن يكون مريدا لما يقع من الفواحش كما هو مراد للشياطين ، وأن يكون كارها لما يقع من الطاعات كما هو مكروه للشياطين ؛ فتمّ ما ذكره المصنّف.

* * *

٣٧٠

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أمر الله عزّ وجلّ بما أراده ونهى عمّا كرهه(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أمر الله بكثير ممّا كره ونهى عن كثير ممّا أراد(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٥ ، شرح جمل العلم والعمل : ٥٦ ، المنقذ من التقليد ١ / ٨٥ و ١٧٩ ـ ١٨٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢٠ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ١٦٨ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٨٣ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ وما بعدها ، المسائل الخمسون : ٦٠ و ٦١ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٧٤ وما بعدها ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

٣٧١

وقال الفضل(١) :

قد عرفت ممّا سلف أنّ الله تعالى لا يجب عليه شيء ، ولا قبيح بالنسبة إليه ، فله أن يأمر بما شاء وينهى عمّا يشاء(٢) .

فأخذ المخالفون من هذا أنّه يلزم على هذا التقدير أن يأمر بما يكرهه وينهى عمّا يريده ؛ وقد عرفت جوابه.

وإنّ المراد بهذا : عدم وجوب شيء عليه ، وهذا التجويز لنفي الوجوب وإن لم يقع شيء من الأمور المذكورة في الوجود.

فالأمر بالمكروه والنهي عن المراد جائز ، ولا يكون واقعا ، فهو محال عادة وإن جاز عقلا بالنسبة إليه ـ كما مرّ غير مرّة ـ ، وسيجيء تفاصيل هذه الأجوبة عند مقالاته في ما سيأتي.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٧.

(٢) انظر الصفحة ٣٤٩ من هذا الجزء.

٣٧٢

وأقول :

لم نأخذ ذلك ممّا ذكره وإن كان صالحا للأخذ منه ، بل أخذناه من قولهم : إنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى(١) ؛ لأنّ خلق الشيء وتقديره يستلزم الإرادة له والرضا به ، وتقدير عدم الشيء يستلزم كراهته ـ كما سبق ـ ، فإذا أمر الله سبحانه بما قدّر عدمه ، فقد أمر بما لا يريده وكرهه ، وإذا نهى عمّا قدّر وجوده ، فقد نهى عمّا أراده ورضيه ـ كما ذكره المصنّف ـ ، وهذا على مذهبهم واقع جار على العادة.

ولو سلّم أنّا أخذناه ممّا ذكره ، فمن أين أحرز عادة الله تعالى في عدم وقوع شيء من الأمور المذكورة وهي غيب؟!

على إنّ تجويز ذلك على الله سبحانه نقص في حقّه وأيّ نقص!! لأنّه من الجهل أو العجز ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون.

* * *

__________________

(١) خلق أفعال العباد ـ للبخاري ـ : ٢٥ ، الإبانة عن أصول الديانة : ٤٦ ، الإنصاف ـ للباقلّاني ـ : ٢٨ و ٤٣ ، تمهيد الأوائل : ٣١٨ و ٣٤١ وما بعدها ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣١٩ وما بعدها و ٣٤٣ ، المواقف : ٣١١ ـ ٣١٥.

٣٧٣

قال المصنّف ـ شرّف الله قدره ـ(١) :

فهذا خلاصة أقاويل الفريقين في عدل الله عزّ وجلّ.

وقول الإمامية في التوحيد يضاهي قولهم في العدل ، فإنّهم يقولون :

إنّ الله تعالى واحد لا قديم سواه ، ولا إله غيره ، ولا يشبه الأشياء ، ولا يجوز عليه ما يصحّ عليها من التحرّك والسكون ، وإنّه لم يزل ولا يزال حيّا قادرا عالما مدركا ، لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها ، ويقدّر ويحيي ، وإنّه لمّا خلق الخلق أمرهم ونهاهم ، ولم يكن آمرا ولا ناهيا قبل خلقه لهم(٢) .

وقالت المشبّهة : إنّه يشبه خلقه ؛ فوصفوه بالأعضاء والجوارح ، وإنّه لم يزل آمرا وناهيا إلى ما بعد خراب العالم وبعد الحشر والنشر ، دائما بدوام ذاته(٣) .

وهذه المقالة في الأمر والنهي ودوامهما مقالة الأشعرية أيضا(٤) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) أوائل المقالات : ٥١ ـ ٥٣ ، شرح جمل العلم والعمل : ٧٨ ـ ٧٩ ، تقريب المعارف : ٨٨ ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ٧٨ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٣١ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) الملل والنحل ١ / ٩٤ ، شرح المواقف ٨ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٤) التقريب والإرشاد ـ للباقلّاني ـ ٢ / ٣٠٦ ، اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع : ٣٦ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٠٤ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٦٦ ، إرشاد الفحول : ٣١.

٣٧٤

وقالت الأشاعرة أيضا : إنّه تعالى قادر ، عالم ، حيّ إلى غير ذلك من الصفات بذوات قديمة ، ليست هي الله ولا غيره ولا بعضه ، ولولاها لم يكن قادرا ، عالما ، حيّا(١) .

تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع : ٢٥ ـ ٣٢ ، تمهيد الأوائل : ٢٢٧ ـ ٢٢٩ و ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ، الإنصاف : ٣٨ ـ ٣٩ ، الملل والنحل ١ / ٨٢ ، المسائل الخمسون : ٤٣ وما بعدها.

٣٧٥

وقال الفضل(١) :

أكثر ما في هذا الفصل قد مرّ جوابه في ما سبق من الفصول على أبلغ الوجوه بحيث لم يبق للمرتاب ريب.

وما لم يذكر جوابه من كلام هذا الفصل ـ في ما سبق ـ هو ما قال في الأمر والنهي ، وأنّ الأشاعرة يقولون : بدوامهما.

فالجواب : إنّهم لمّا قالوا بالكلام النفسي ، وإنّه صفة لذات الله تعالى ، فيلزم أن تكون هذه الصفة أزلية وأبدية

والكلام لمّا اشتمل على الأمر والنهي يكون الأمر في الكلام النفسي أزلا وأبدا ، ولكن لا يلزم أن يكون آمرا وناهيا بالفعل قبل وجود الخطاب والمخاطبين حتّى يلزم السفه ـ كما سبق ـ ، بل الكلام بحيث لو تعلّق الخطاب عند التلفّظ به يكون المتكلّم آمرا وناهيا ، وهذا فرع لإثبات الكلام النفساني ، فأيّ غرابة في هذا الكلام؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٩.

٣٧٦

وأقول :

قد عرفت بطلان أجوبته ، ومنه تعرف بطلان جوابه هنا ، ولا أدري لم التزم بعدم الخطاب في القدم والأزل ، وقد أجازوا خطاب المعدوم(١) وقالوا : لا يقبح منه شيء؟!(٢) .

نعم ، لمّا علم أنّ خطاب المعدوم سفه بالضرورة ، التزم بعدم الخطاب غفلة عن مذهبه!

ولو التفت لكابر في نفي السفه ، كما كابر في نفي الأمر والنهي الفعليّين ، مع الالتزام بثبوت الأمر والنهي النفسيّين ، والحال أنّ النفسي مدلول الفعلي ، وكابر في ثبوت الأمر والنهي النفسيّين بدون الخطاب ، مع إنّهما لا يحصلان بدونه.

* * *

__________________

(١) التقريب والإرشاد ـ للباقلّاني ـ ٢ / ٢٩٨ وما بعدها ، المستصفى من علم الأصول ١ / ٨٥ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٠٤ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٦٦.

(٢) انظر : المسائل الخمسون : ٦١ المسألة ٣٦ ، المواقف : ٣٢٨.

٣٧٧

قال المصنّف ١(١) :

وقالت الإمامية : إنّ أنبياء الله وأئمّته منزّهون عن المعاصي ، وعمّا يستخفّ وينفّر(٢) .

ودانوا بتعظيم أهل البيت الّذين أمر الله بمودّتهم وجعلها أجر الرسالة ، فقال تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )(٣) .

وقال أهل السنّة كافّة : إنّه يجوز عليهم الصغائر(٤) .

وجوّزتالأشاعرة عليهم الكبائر(٥) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٨.

(٢) أوائل المقالات ٤ / ٦٢ و ٦٥ ، تصحيح الاعتقاد : ١٢٩ ، الذخيرة في علم الكلام : ٣٣٧ و ٤٢٩ ، شرح جمل العلم والعمل : ١٩٢ ، تنزيه الأنبياء ـ للشريف المرتضى ـ : ١٥ ، المنقذ من التقليد ١ / ٤٢٤ ، تجريد الاعتقاد : ٢١٣ و ٢٢٢.

(٣) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٤) التقريب والإرشاد ١ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٣٢١ وقال : « وأمّا أنّه هل يجب كونهم معصومين عن الصغائر قبل البعثة وبعدها؟

فالروافض أوجبوا ذلك ومن عداهم جوّزوا ذلك » ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٧٩ وج ٢ / ١١٦ و ١١٧ ، المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٥ وقال : « أمّا الصغائر عمدا فجوّزه الجمهور إلّا الجبّائي ».

(٥) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٣٢٠ ، المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٤ و ٢٦٥.

٣٧٨

وقال الفضل(١) :

أجمع أهل الملل والشرائع كلّها على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمّد الكذب في ما دلّ المعجز القاطع على صدقهم فيه ، كدعوى الرسالة وما يبلّغونه عن الله وأمّا سائر الذنوب فأجمعت الأمّة على عصمتهم من الكفر(٢) .

وجوّز الشيعة إظهار الكفر تقيّة عند خوف الهلاك ؛ لأنّ إظهار الإسلام حينئذ إلقاء للنفس في التهلكة ، وذلك باطل ؛ لأنّه يقضي إلى إخفاء الدعوة بالكلّيّة وترك تبليغ الرسالة ، إذ أولى الأوقات بالتقيّة وقت الدعوة ، للضعف بسبب قلّة الموافق وكثرة المخالفين(٣) .

وأمّا غير الكفر من الكبائر ، فمنعه الجمهور من الأشاعرة والمحقّقين.

وأمّا الصغائر عمدا ، فجوّزه الجمهور إلّا الصغائر الخسيسة كسرقة حبّة أو لقمة(٤) ، للزوم المخالفة لمنصب النبوّة.

هذا مذهبهم ، فنسبة تجويز الكبائر إلى الأشاعرة افتراء محض.

وأمّا ما ذكر من تعظيم أنبياء الله وأهل بيت النبوّة ، فهو شعار أهل السنّة ، والتعظيم ليس عداوة الصحابة ، كما زعمه الشيعة والروافض ، بل

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣١٢.

(٢) شرح المواقف ٨ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.

(٣) شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.

(٤) انظر : شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.

٣٧٩

التعظيم أداء حقوق عظم قدرهم في المتابعة ، وذكرهم بالتفخيم ، واعتقاد قربهم من الله ورسوله ، وهذه خصلة اتّصف بها أهل السنّة والجماعة.

* * *

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456