دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٤

دلائل الصدق لنهج الحق4%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-357-8
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99057 / تحميل: 5034
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٧-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٤ ـ آية المودّة في القربى

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

الرابعة : قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) .

روى الجمهور في الصحيحين ، وأحمد بن حنبل في مسنده ،

والثعلبي في تفسيره ، عن ابن عبّاس ، قال :

لمّا نزل :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )

قالوا : يا رسول الله! من قرابتك الّذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال :عليّ وفاطمة وأبناهما (٣)

ووجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٧٥.

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٣) فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨٣٢ ـ ٨٣٣ ح ١١٤١ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٣ / ٤٧ ح ٢٦٤١ وج ١١ / ٣٥١ ح ١٢٢٥٩ ، تفسير الثعلبي ٨ / ٣١٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ح ٣٥٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٣٠ ـ ١٣٤ ح ٨٢٢ ـ ٨٢٨ ، الكشّاف ٣ / ٤٦٧ ، تفسير الفخر الرازي ٢٧ / ١٦٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ١٦ ، فرائد السمطين ٢ / ١٣ ح ٣٥٩ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١١٤ ـ ١١٥.

٣٨١

وقال الفضل(١) :

اختلفوا في معنى الآية ، فقال بعضهم : الاستثناء منقطع(٢) ، والمعنى :

لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا ، لكن المودّة في القربى حاصلة بيني وبينكم ، فلهذا أسعى وأجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم(٣) .

وقال بعضهم : الاستثناء متّصل(٤) ، والمعنى : لا أسألكم عليه أجرا من الأجور إلّا مودّتكم في قرابتي(٥) .

وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبيّ ، ولو خصّصناه بمن ذكر لا يدلّ على خلافة عليّ ، بل يدلّ على وجوب مودّته.

ونحن نقول : إنّ مودّته واجبة على كلّ المسلمين ، والمودّة تكون مع الطاعة ، ولا كلّ مطاع يجب أن يكون صاحب الزعامة الكبرى.

والعجب من هذا الرجل أنّه يستدلّ على المطلوب ، وكلامه في غاية البعد عنه وهو لا يفهم هذا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٩.

(٢) الاستثناء المنقطع : هو أن لا يكون المستثنى بعضا ممّا قبله ، ولذا صحّ وضع « لكن » في مكان « إلّا » ، مثل : ما حضر الأساتذة إلّا طلبتهم ؛ انظر : شرح ابن عقيل ٢ / ٤٧٢.

(٣) تفسير الطبري ١١ / ١٤٥ ذ ح ٣٠٦٨٦ ، تفسير الفخر الرازي ٢٧ / ١٦٦ ، تفسير القرطبي ١٦ / ١٥ ، الكشّاف ٣ / ٤٦٦ ، روح المعاني ٢٥ / ٤٨.

(٤) الاستثناء المتّصل : هو أن يكون المستثنى بعضا ممّا قبله ، مثل : سقيت الأشجار إلّا شجرة ؛ انظر : شرح ابن عقيل ٢ / ٤٧٢.

(٥) تفسير الكشّاف ٣ / ٤٦٦ ، تفسير القرطبي ١٦ / ١٦ ، روح المعاني ٢٥ / ٤٨.

٣٨٢

وأقول :

ينبغي قبل الكلام في الآية ذكر بعض الأخبار التي رواها القوم ، الدالّة على أنّ المراد بالقربى آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله

فمنها : الحديث الذي ذكره المصنّفرحمه‌الله ، وقد رواه الزمخشري في تفسير الآية ، واستدلّ لصحّته بأخبار كثيرة تستلزم معناه(١) .

ونقله السيوطي في « الدرّ المنثور » ، عن ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه(٢) .

ونقله في « ينابيع المودّة » عند ذكر الآية ، عن أحمد ، والثعلبي ، والحاكم في « المناقب » ، والواحدي في « الوسيط » ، وأبي نعيم في « الحلية » ، والحمويني في « فرائد السمطين »(٣) .

ونقله في « الصواعق » في الآية الرابعة عشرة من الآيات الواردة في أهل البيت ، عن أحمد ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، والحاكم(٤) .

ومنها : ما نقله الحاكم في « المستدرك » ، في تفسيرحم عسق ، من كتاب التفسير(٥) ، عن البخاري ومسلم ، قال : [ هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ، إنّما ] اتّفقا في تفسير هذه الآية ـ أي آية المودّة _

__________________

(١) تفسير الكشّاف ٣ / ٤٦٧.

(٢) الدرّ المنثور ٧ / ٣٤٨.

(٣) ينابيع المودّة ١ / ٣١٥ ب‍ ٣٢ ح ١.

(٤) الصواعق المحرقة : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

(٥) ص ٤٤٤ من الجزء الثاني [ ٢ / ٤٨٢ ذ ح ٣٦٥٩ ]. منهقدس‌سره .

٣٨٣

على حديث عبد الملك بن ميسرة الزرّاد ، عن طاووس ، عن ابن عبّاس ، أنّه في قربى آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولعلّ هذا هو الذي أراده المصنّف بما عن البخاري ومسلم.

ومنها : ما في « الدرّ المنثور » أيضا ، قال : أخرج ابن جرير ، عن أبي الديلم : « لمّا جيء بعليّ بن الحسينعليه‌السلام فأقيم على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم وأستأصلكم.

فقال له عليّ بن الحسينعليه‌السلام : أقرأت القرآن؟!

قال : نعم.

قال : أما قرأت :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟!

قال : فإنّكم لأنتم هم؟!

قال : نعم »(١) .

ونحوه في « الصواعق » ، عن الطبراني(٢) .

ومنها : ما في « الصواعق » ، قال : « روى أبو الشيخ وغيره ، عن عليّعليه‌السلام : فينا الـ( حم ) (٣) آية ، لا يحفظ مودّتنا إلّا كلّ مؤمن.

ثمّ قرأ :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٤) .

__________________

(١) الدرّ المنثور ٧ / ٣٤٨ ، وانظر : تفسير الطبري ١١ / ١٤٤ ح ٣٠٦٧٧.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٥٩ ، وانظر : المعجم الكبير ٣ / ٤٧ ح ٢٦٤١ وج ١١ / ٣٥١ ح ١٢٢٥٩.

(٣) سورة الشورى ٤٢ : ١.

(٤) الصواعق المحرقة : ٢٥٩ ، جواهر العقدين : ٣١٧.

٣٨٤

ومنها : ما في « الصواعق » أيضا ، قال : « أخرج البزّار والطبراني ، عن الحسنعليه‌السلام ، من طرق بعضها حسان ، أنّه خطب خطبة من جملتها :

من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد.

ثمّ تلا :( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ ) (١) الآية.

ثمّ قال :أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير.

ثمّ قال :وأنا من أهل البيت الّذين افترض الله عزّ وجلّ مودّتهم وموالاتهم ، فقال في ما أنزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

قال : وفي رواية :الّذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم ، وأنزل فيهم : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) (٢) ،واقتراف الحسنات مودّتنا أهل البيت »(٣) .

وروى الحاكم هذه الخطبة في فضائل الحسنعليه‌السلام من « المستدرك »(٤) ، قال الحسنعليه‌السلام في آخرها :

«وأنا من أهل البيت الّذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم ، فقال تبارك وتعالى لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٣٨.

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٣) الصواعق المحرقة : ٢٥٩ ، وانظر : المعجم الأوسط ٢ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ ح ٢١٧٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٤٦ عن البزار وغيره.

(٤) ص ١٧٢ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ح ٤٨٠٢ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الذرية الطاهرة : ١٠٩ ـ ١١١ ح ١١٤ ـ ١١٥.

٣٨٥

فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) ، فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت ».

ومنها : ما في « الصواعق » أيضا ، عن الثعلبي والبغوي ، عن ابن عبّاس ، أنّه لمّا نزل قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلّا أن يحثّنا على قرابته من بعده ، فأخبر جبرئيل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّهم اتّهموه ، فأنزل :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ) (١) الآية.

فقال القوم : يا رسول الله! إنّك لصادق

فأنزل الله :( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ) (٢) (٣) .

.. إلى غير ذلك من الأخبار.

ويؤيّدها الأخبار المستفيضة الدالّة على وجوب حبّ أهل البيت ، وأنّه مسؤول عنه يوم القيامة(٤) .

وذكر في « الكشّاف » أخبارا أخر جعلها دليلا لإرادة عليّ وفاطمة والحسنين من القربى(٥) .

وكذا يؤيّدها الأخبار المفسّرة للحسنة في تتمّة الآية بحبّ أهل

__________________

(١) سورة الشورى ٤٢ : ٢٤.

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٥.

(٣) الصواعق المحرقة : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، وانظر : تفسير الثعلبي ٨ / ٣١٥ ، تفسير البغوي ٤ / ١١٢.

(٤) انظر : المعجم الكبير ١١ / ٨٣ ـ ٨٤ ح ١١١٧٧ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩ ح ٢٢١٢ وص ٢٦ ح ٢٢٥١ وج ٩ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ح ٩٤٠٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢ وج ١٠ / ٣٤٦ ، ذخائر العقبى : ٦٣ ، جواهر العقدين : ٣٢٦ و ٣٢٧.

(٥) تفسير الكشّاف ٣ / ٤٦٧.

٣٨٦

البيت ، كما سمعته في بعض الروايات المذكورة(١) .

وقال ابن حجر عند كلامه في الآية : أخرج أحمد ، عن ابن عبّاس :( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) ، قال : المودّة لآل محمّد(٢) .

ومثله في « الدرّ المنثور » ، عن ابن أبي حاتم ، عن ابن عبّاس(٣) .

وقال في « الكشّاف » :( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً ) ، عن السدّي أنّها المودّة في آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

ولكن يا للأسف! ما هان على القوم رواية تلك الأخبار حتّى رووا عن ابن عبّاس ما ينافي رواياته السابقة ، فنسبوا إليه مخالفة النبيّ والوحي!!

روى البخاري في كتاب « التفسير » من صحيحه ، في تفسير الآية :

« أنّه سئل ابن عبّاس عنها ، فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمّد.

فقال ابن عبّاس : عجلت ؛ لم يكن بطن في قريش إلّا كان له فيهم قرابة ، فقال : إلّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة »(٥) .

والمعنى على حسب ظاهر هذا التفسير : لا أسألكم على التبليغ أجرا إلّا صلتكم لي لما بيني وبينكم من القرابة ، حيث إنّ له قرابة في بطون قريش كلّها.

__________________

(١) مرّت في الصفحة السابقة.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٥٩.

(٣) الدرّ المنثور ٧ / ٣٤٨ ، وانظر : تفسير القرطبي ١٦ / ١٧ ، جواهر العقدين : ٣١٩.

(٤) الكشّاف ٣ / ٤٦٨ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٣ ح ٣٦٠.

(٥) صحيح البخاري ٦ / ٢٣١ ح ٣١٤.

٣٨٧

وفيه : مع مخالفته لقول من أنزل عليه القرآن ، ولظاهر اللفظ ، إنّه لا معنى لسؤال الأجر على التبليغ ممّن لم يعترف له بالرسالة ؛ لأنّ المقصود على هذا التفسير هو السؤال من الكافرين ، ولذا قال في « الكشّاف » في بيانه : « والمعنى : إن أبيتم تصديقي فاحفظوا حقّ قرابتي ولا تؤذوني »(١) .

أقول : وفي جعل معنى( لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ) : « إن أبيتم تصديقي » نظر ظاهر.

ومثل هذا المحكيّ عن ابن عبّاس في البطلان ، ما ذكره الفضل من المعنى على الاستثناء المنقطع ، فإنّ المنقطع عبارة عن إخراج ما لو لا إخراجه لتوهّم دخوله في حكم المستثنى منه نظير الاستدراك.

وأنت تعلم أنّ المستثنى الذي ذكره الفضل أجنبيّ عمّا قبله بكلّ وجه ، فلا يتوهّم دخوله في حكمه حتّى يستثنى منه.

وأعظم من هذين التفسيرين في البطلان ، ما رواه بعض القوم عن ابن عبّاس ، من أنّ المعنى : « لا أسألكم أجرا على التبليغ إلّا مودّة الله بالتقرّب إليه »(٢) ، فإنّ القربى لم تأت بمعنى التقرّب ، مع أنّه مناف للأخبار السابقة المعتبرة عن ابن عبّاس(٣) .

والحقّ أنّ هذه التفاسير من تحريف الكلم عن مواضعه ، الذي يدعو إليه العناد والتعصّب ، فلا ريب لكلّ منصف في أنّ المراد بالقربى : القرابة ، وأنّ المقصود : عليّ وفاطمة والحسنان ، كما نطقت به الأخبار.

وقول الفضل : « وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات

__________________

(١) الكشّاف ٣ / ٤٦٧.

(٢) انظر : تفسير القرطبي ١٦ / ١٦ ـ ١٧ ، جواهر العقدين : ٣٢٣.

(٣) راجع الصفحات ٣٨١ و ٣٨٣ و ٣٨٧ من هذا الجزء.

٣٨٨

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله » ، باطل ؛ لمنافاته للقرينة اللفظية ـ وهي الأخبار السابقة وغيرها ـ وللقرينة الحاليّة ؛ لأنّ المعلوم من حال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الاعتناء بعليّ وفاطمة والحسنين ، لا من ناوأه من أقربائه ولم يسلموا إلّا بحدود السيوف والغلبة وللقرينة العقليّة ؛ إذ لا يتصوّر أن يكون ودّ من لم يوادّ الله ورسوله أجرا للتبليغ والرسالة.

فلا بدّ أن يكون المراد مودّة من يكمل الإيمان بمودّته ، وتحصل السعادة الأبديّة بموالاته ، ولذا قال سبحانه في آية أخرى :( قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) (١) .

بل بلحاظ شأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما يعدّ قرابة له من هو منه ، لا من بان عنه معنى ومنزلة ، ولذا قال تعالى لنوح :( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) (٢) .

وقال الرازي في تفسير آية المودّة التي نحن فيها : « آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الّذين يؤول أمرهم إليه ، فكلّ من كان مآل أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل.

ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّا والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله أشدّ التعلّقات.

وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل »(٣) .

أقول : ونحو هذا آت في لفظ « القربى » ، فيتعيّن أن يكون المراد بالآية الأربعة الأطهار.

__________________

(١) سورة سبأ ٣٤ : ٤٧.

(٢) سورة هود ١١ : ٤٦.

(٣) تفسير الفخر الرازي ٢٧ / ١٦٧.

٣٨٩

وهي تدلّ على أفضليّتهم ، وعصمتهم ، وأنّهم صفوة الله سبحانه ؛ إذ لو لم يكونوا كذلك لم تجب مودّتهم دون غيرهم ، ولم تكن مودّتهم بتلك المنزلة التي ما مثلها منزلة ؛ لكونها أجرا للتبليغ والرسالة الذي لا أجر ولا حقّ يشبهه

ولذا لم يجعل الله المودّة لأقارب نوح وهود أجرا لتبليغهما ، بل قال لنوح :( وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ ) (١) .

وقال لهود :( يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٢)

فتنحصر الإمامة بقربى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ لا تصحّ إمامة المفضول مع وجود الفاضل ، لا سيّما بهذا الفضل الباهر

مضافا إلى ما ذكره المصنّفرحمه‌الله من أنّ وجوب المودّة مطلقا يستلزم وجوب الطاعة مطلقا ؛ ضرورة أنّ العصيان ينافي الودّ المطلق

ووجوب الطاعة مطلقا يستلزم العصمة التي هي شرط الإمامة ، ولا معصوم غيرهم بالإجماع ، فتنحصر الإمامة بهم ، ولا سيّما مع وجوب طاعتهم على جميع الأمّة.

وقد فهم دلالة الآية على الإمامة الصحابة ، ولذا اتّهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعضهم فقالوا : « ما يريد إلّا أن يحثّنا على قرابته بعده » ، كما سمعته في بعض الروايات السابقة(٣) .

وكلّ ذي فهم يعرفها من الآية الشريفة ، إلّا أنّ القوم أبوا أن يقرّوا

__________________

(١) سورة هود ١١ : ٢٩.

(٢) سورة هود ١١ : ٥١.

(٣) تقدّم في الصفحة ٣٨٦ من هذا الجزء.

٣٩٠

بالحقّ ويؤدّوا أجر الرسالة ، فإذا صدرت من أحدهم كلمة طيّبة لم تدعه العصبيّة حتّى يناقضها!

ولذا لمّا نطق الرازي بما حكيناه عنه سابقا عقّبه بقوله :

«المسألة الثالثة : قوله تعالى :( إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فيه منصب عظيم للصحابة ؛ لأنّه تعالى قال :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (١) ، فكلّ من أطاع الله كان مقرّبا عند الله ، فدخل تحت قوله تعالى :( إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

والحاصل : إنّ هذه الآية تدلّ على وجوب حبّ آل رسول الله وحبّ أصحابه »(٢) .

فانظر إلى هذه الكلمات الهزلية ، بل لا يتصوّر لكلامه معنى إلّا أن يراد بالقربى المقرّبون ، وهو ليس من معاني القربى.

ولو سلّم ، فاللازم وجوب ودّ كلّ من أطاع الله بلا خصوصيّة للصحابة ، فكيف تدلّ الآية على عظيم منصب للصحابة؟!

ثمّ إنّ بعض القوم أورد على نزول الآية بعليّ وفاطمة والحسنينعليهم‌السلام بأنّ سورة الشورى مكّيّة وعليّ حينئذ لم يتزوّج بفاطمة ، فضلا عن ولادة الحسنينعليهما‌السلام (٣) .

وفيه : إنّ أخبار نزول الآية الشريفة بالأربعة الطاهرين حجّة قطعيّة وكثيرة معتبرة ، فلا يعتنى بدعوى كون السورة مكّية على أنّه جاء في

__________________

(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ و ١١.

(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٧ / ١٦٧ ـ ١٦٨.

(٣) كابن تيميّة في منهاج السنّة ٤ / ٢٧ و ٥٦٢ وج ٧ / ٩٩ ، وأبن كثير في تفسيره ٤ / ١١٤ ، والقسطلاني في إرشاد الساري ١١ / ٥٠.

٣٩١

بعض أخبارهم أنّها مدنيّة.

ولو سلّم ، فكون السورة مكيّة إنّما هو بلحاظ أكثرها ، فلا ينافي نزول آية منها بالمدينة(١) .

* * *

__________________

(١) لم نعثر على أحد من أهل الفنّ قال بأنّ آية المودّة مكّية ، فضلا عن إطلاق القول بأنّ سورة الشورى مكّية ، فكثير من السور نزلت في مكّة ولم يكتمل نزولها إلّا في المدينة ، ومنها سورة الشورى التي منها آية المودّة ، فقد صرّح القرطبي عن ابن عبّاس وقتادة بأنّ السورة مكّية إلّا أربع آيات نزلت بالمدينة ، منها آية المودّة ، كما في تفسيره ١٦ / ٣ ، ومثل ذلك في تفسير الخازن ٤ / ٨٩ ، فذكر أنّها مكّية إلّا أربع آيات نزلت بالمدينة أوّلها آية المودّة ، وذكر ذلك أبو حيّان في تفسيره النهر المادّ ٥ / ١٠٥ ، والسيوطي في الإتقان ١ / ٤٦ من قوله تعالى :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى ) إلى قوله :( بَصِيرٌ ) ، والشوكاني في تفسيره فتح القدير ٤ / ٥٢٤ ، والآلوسي في روح المعاني ٢٥ / ١٦.

يضاف إلى ذلك أنّ ما رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٢ / ٢٦ ـ ٢٧ ح ١٢٣٨٤ ، وفي المعجم الأوسط ٦ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ح ٥٧٥٨ ، ما يؤكّد نزول آية ١٢٣٨٤ ، وفي المعجم الأوسط ٦ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ح ٥٧٥٨ ، ما يؤكّد نزول آية المودّة وبعدها أربع آيات في المدينة.

وراجع ما كتبه السيّد عليّ الحسيني الميلاني في ما يتعلّق بآية المودّة من مباحث علمية في كتابه : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ١ / ٢٣١ ـ ٣٤١.

٣٩٢

٥ ـ آية :( مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

الخامسة : قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٢) .

قال الثعلبي : ورواه ابن عبّاس : أنّها نزلت في عليّعليه‌السلام لمّا هرب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من المشركين إلى الغار ، خلّفه لقضاء دينه وردّ ودائعه ، فبات على فراشه ، وأحاط المشركون بالدار

فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل : إنّي قد آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟

فاختار كلّ منهما الحياة ، فأوحى الله إليهما : ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب؟! آخيت بينه وبين محمّد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه!

فنزلا ، فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، فقال جبرئيل : بخ بخ! من مثلك يابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة(٣) ؟!

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٧٦.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٧.

(٣) انظر : تفسير الثعلبي ٢ / ١٢٥ ـ ١٢٦.

وانظر : مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، فضائل الصحابة ـ له ـ ٢ / ٨٥١ ح ١١٦٨ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١١٣ ح ٨٤٠٩ ، المعجم الكبير ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٣ ، المعجم _

٣٩٣

__________________

الأوسط ٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ ح ٢٨٣٦ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٨٩ ح ١٣٥١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢ ، تلخيص المتشابه ١ / ٤١٤ رقم ٦٨٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٩٦ ـ ١٠٢ ح ١٣٣ ـ ١٤٢ ، إحياء علوم الدين ٤ / ٣٧ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٢٦ ح ١٤٠ و ١٤١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٩٩ ـ ١٠٢ ، تفسير الفخر الرازي ٥ / ٢٢٢ ، تفسير القرطبي ٣ / ١٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٩ ـ ١٢٠.

٣٩٤

وقال الفضل(١) :

اختلف المفسّرون أنّ الآية نزلت في من؟

قال كثير منهم : نزلت في صهيب الرومي ، وأنّه كان غريبا بمكّة ، فلمّا هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قصد الهجرة ، فمنعه قريش من الهجرة ، فقال : يا معشر قريش! إنّكم تعلمون أنّي كثير المال ، وإنّي تركت لكم أموالي ، فدعوني أهاجر في سبيل الله ولكم مالي.

فلمّا هاجر ، وترك الأموال ، أنزل الله هذه الآية.

فلمّا دخل صهيب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ عليه الآية وقال له : ربح البيع(٢) .

وأكثر المفسّرين على أنّها نزلت في الزبير بن العوّام ، ومقداد بن الأسود لمّا بعثهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لينزلوا خبيب بن عديّ من خشبته التي صلب عليها ، فكان صلب بمكّة ، وحوله أربعون من المشركين ، ففديا أنفسهما حتّى أنزلاه ، فأنزل الله الآية(٣) .

ولو كان نازلا في شأن أمير المؤمنين عليّ ، فهو يدلّ على فضله واجتهاده في طاعة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبذل الروح له.

وكلّ هذه مسلّمة لا كلام لأحد فيه ، ولكن ليس هو بنصّ في إمامته كما لا يخفى.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٨.

(٢) الكشّاف ١ / ٣٥٣ ، تفسير الفخر الرازي ٥ / ٢٢٢ ، تفسير القرطبي ٣ / ١٥ ـ ١٦ ، الدرّ المنثور ١ / ٥٧٥.

(٣) تفسير البغوي ١ / ١٣٢ ، روح المعاني ٢ / ١٤٦.

٣٩٥

وأقول :

إنّ استدلالنا بشيء لا يتوقّف على انحصار أقوالهم وأخبارهم فيه ، بل يكفينا وجوده في رواياتهم لنتّخذه حجّة عليهم ، من دون أن يعارضه ما يخالفه من أقوالهم ورواياتهم ؛ لأنّها ليست حجّة علينا ، وحينئذ يكفينا روايتهم نزول الآية في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما نقله المصنّفرحمه‌الله عن الثعلبي

ونقله في « ينابيع المودّة » أيضا ، عنه ، وعن ابن عقبة في ملحمته ، وأبي السعادات في « فضائل العترة الطاهرة » ، والغزّالي في « الإحياء » عن ابن عبّاس ، وأبي رافع ، وهند بن أبي هالة ربيب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

ورواه الرازي في تفسيره بمثل ما عن الثعلبي(٢) .

وروى الحاكم ما يدلّ على ذلك في « المستدرك »(٣) ، وصحّحه هو والذهبي ، عن ابن عبّاس ، من حديث قال فيه : « شرى عليّ نفسه ، ولبس ثوب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ نام مكانه ».

ومثله في مسند أحمد(٤) .

وروى الحاكم بعد الحديث المذكور عن عليّ بن الحسين ، قال :

__________________

(١) ينابيع المودّة ١ / ٢٧٤ ح ٣ ، وانظر : إحياء علوم الدين ٤ / ٣٧ في بيان الإيثار وفضله.

(٢) تفسير الفخر الرازي ٥ / ٢٢٢.

(٣) ص ٤ من الجزء الثالث [ ٣ / ٥ ح ٤٢٦٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢ وصحّحه هو والذهبي.

(٤) ص ٣٣١ من الجزء الأوّل. منهقدس‌سره .

٣٩٦

« أوّل من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله عليّ بن أبي طالب وذكر شعرا لأمير المؤمنين في مبيته على فراش النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

ونقل في « ينابيع المودّة » نزولها في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أبي نعيم بسنده عن ابن عبّاس إلى غير ذلك ممّا في « الينابيع » وغيرها(٢) .

ولو ضممت إليه أخبارنا كان متواترا(٣)

فكيف يعتنى برواية الفضل في نزولها بصهيب(٤) ؟!

وأمّا ما ذكره من قول أكثر المفسّرين بنزولها في الزبير والمقداد ، فكذب صريح

كيف؟! ولم يذكره الرازي في تفسيره ، وهو قد جمع فيه جميع أقوالهم!

ولا ذكره الزمخشري أيضا ، ولا تعرّض السيوطي في « الدرّ المنثور » لرواية تتعلّق به ، مع أنّه قد جمع فيه عامّة أخبارهم ، ولا سيّما إذا كانت في فضل مثل الزبير(٥) !

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥ ح ٤٢٦٤.

(٢) ينابيع المودّة ١ / ٢٧٤ ح ٢ ، وانظر : الصفحة ٣٩٣ ه‍ ٣ من هذا الجزء.

(٣) انظر : مجمع البيان ٢ / ٥٧ و ٥٨ ، تفسير فرات ١ / ٦٥ ح ٣١ ـ ٣٣ ، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ١ / ٣١٠ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٧٦ ـ ٧٧ ، تفسير الصافي ١ / ٢٤١ رقم ٢٠٧ ، بحار الأنوار ٣٦ / ٤٠ وما بعدها.

(٤) لا سيّما ونحن نعرفه بعداوة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصداقة أعدائهم ؛ ولذا أوصى عمر إليه بالصلاة في الناس أيّام الشورى ، وقال في حقّه : « نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه »!! ومن المعلوم أنّ كلّ عدوّ لآل محمّد منافق لا فضل له ولا كرامة. منهقدس‌سره .

(٥) راجع : تفسير الكشّاف ١ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ، تفسير الفخر الرازي ٥ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، الدرّ المنثور ١ / ٥٧٥ ـ ٥٧٨.

٣٩٧

وذكر في « الاستيعاب » بترجمة خبيب ، أنّ الذي أرسله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لإنزاله هو عمرو بن أميّة الضمري ، وما ذكر الزبير ، ولا المقداد(١) !

هذا في نزول الآية

وأمّا دلالتها على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ فلأنّ نزولها فيه كاشف عن أفضليّته وامتيازه بالمعرفة والإخلاص ؛ لأنّ كثيرا من المسلمين غيره قد بذلوا أنفسهم في الجهاد ، وحفظ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ونشر الدعوة ولم ينالوا ما ناله أمير المؤمنينعليه‌السلام من شهادة الله له ، بأنّه شرى نفسه ابتغاء مرضاته حتّى باهى به سادة ملائكته ، وذكره بالأخوّة لسيّد أنبيائه ، وقال له جبرئيل : « من مثلك؟! »(٢) الدالّ على عدم المماثل له والأفضل هو الإمام!

* * *

__________________

(١) الاستيعاب ٢ / ٤٤٢ رقم ٦٣٢.

(٢) كما في رواية الثعلبي المتقدّمة آنفا في الصفحة ٣٩٣.

٣٩٨

٦ ـ آية المباهلة

قال المصنّف ـقدس‌سره ـ(١) :

السادسة : آية المباهلة (٢) ، أجمع المفسّرون على أنّ( أَبْناءَنا ) إشارة إلى الحسن والحسين ،( ونِساءَنا ) إشارة إلى فاطمة ،( وأَنْفُسَنا ) إشارة إلى عليّعليه‌السلام (٣) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٧٧.

(٢) وهي قوله تعالى :( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٣) انظر : تفسير السدّي : ١٧٩ ، تفسير الحبري : ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ح ١٢ ـ ١٣ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ح ٧١٧٨ و ٧١٧٩ و ٧١٨٦ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ / ٢٣ ، تفسير الثعلبي ٣ / ٨٥ ، تفسير الماوردي ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ٥٧ ، شواهد التنزيل ١ / ١٢٠ ـ ١٢٨ ح ١٦٨ ـ ١٧٦ ، تفسير البغوي ١ / ٢٤٠ ، تفسير الكشّاف ١ / ٤٣٤ ، أحكام القرآن ـ لابن عربي ـ ١ / ٣٦٠ ، زاد المسير ١ / ٧٣٢٤ تفسير الفخر الرازي ٨ / ٨٩ ـ ٩٠ ، تفسير القرطبي ٤ / ٦٧ ، تفسير النسفي ١ / ١٦١ ، البحر المحيط ٢ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ١ / ٣٥٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٣١ ـ ٢٣٣ ، تفسير أبي السعود ١ / ٣٧٣ ، فتح القدير ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، روح المعاني ٣ / ٣٠٣.

وانظر : صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، سنن الترمذي ٥ / ٢١٠ ح ٢٩٩٩ وص ٥٩٦ ح ٣٧٢٤ ، مسند أحمد ١ / ١٨٥ ، فضائل الصحابة ـ له ـ ٢ / ٩٧٤ ـ ٩٧٥ ح ١٣٧٤ ، مسند سعد ـ للدورقي ـ : ٥١ ح ١٩ ، تاريخ المدينة ـ لابن شبّة ـ ٢ / ٥٨٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٣ ح ٤٧١٩ ، معرفة علوم الحديث : ٥٠ ، المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ج ٢٠ ق ١ / ١٤٢ ، دلائل النبوّة ـ لأبي نعيم _

٣٩٩

فجعله الله نفس محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمراد المساواة ، ومساوي الأكمل الأولى بالتصرّف ، أكمل وأولى بالتصرّف.

وهذه الآية أدلّ دليل على علوّ مرتبة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لأنّه تعالى حكم بالمساواة لنفس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه تعالى عيّنه في استعانة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الدعاء.

وأيّ فضيلة أعظم من أن يأمر الله نبيّه بأن يستعين به على الدعاء إليه ، والتوسّل به؟!

ولمن حصلت هذه المرتبة؟!

* * *

__________________

٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٥ ح ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٣ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣١ ـ ٢٣٢ ح ٣١٠ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٨٣ ح ٤٧٩٥ ، الشفا ـ للقاضي عياض ـ ٢ / ٤٨ ، جواهر العقدين : ٢٧٨ عن الدارقطني ، كنز العمّال ٢ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ح ٤٣٠٧.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442