دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٤

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-357-8
الصفحات: 442

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-357-8
الصفحات: 442
المشاهدات: 92197
تحميل: 4146


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92197 / تحميل: 4146
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-319-357-8
العربية

تجويز نبوّة من كان كافرا ، بل وقوعها ، فإنّه لمّا أنكر كون عدم السجود للصنم موجبا للفضل على من كان كافرا ثمّ تاب ، استدلّ عليه بأنّ لوطا آمن لإبراهيم ثمّ بعثه الله نبيّا ، وأنّ شعيبا قال :( قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها ) (١) ، وأنّ الله سبحانه قال :( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ) (٢) .

وإذا كان هؤلاء أنبياء ، فمن المعلوم أنّ الأنبياء أفضل من غيرهم ، فلا يكون عدم السجود للأصنام موجبا للأفضليّة(٣) .

وفيه : إنّ إيمان لوط لإبراهيم لا يستدعي سبق الكفر منه ـ وحاشاه ـ ؛ لاحتمال ولادته بعد نبوّة إبراهيم ، أو أنّه كان متديّنا بشريعة سابقة ، وآمن به في أوّل نبوّته.

وأمّا إطلاق العود في الآيتين الأخيرتين ، فمن باب التغليب بلحاظ أتباعهم.

ثمّ إنّ مقتضى استدلال ابن تيميّة بالآية الأخيرة ؛ كون الرسل كلّهم أو أكثرهم ـ بزعمه ـ كانوا كفّارا ، وهو خلاف ضرورة الإسلام والمسلمين!

وما الداعي له إلى هذا الضلال إلّا إنكار فضل أمير المؤمنين على أقوام أفنوا أكثر أعمارهم في الكفر ، ولمزيد نصبه أنكر عدم سجود أخ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للأصنام قبل إسلامه(٤) ، خلافا لإجماع المسلمين! حتّى إنّ

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ٨٩.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ١٣.

(٣) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٣٣ ـ ١٣٥.

(٤) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٣٤.

٤٢١

قومه السنّيّين إذا ذكروا عليّاعليه‌السلام قالوا : « كرّم الله وجهه » إشارة إلى عدم سجوده للأصنام أصلا.

ولم يزل يتمحّل لإنكار فضل وليّ المؤمنين تلك التمحّلات ، ويتقلّب بهاتيك الجهالات ، فالله حسيبه ، والنبيّ شاهده ، وعليّ خصمه.

* * *

٤٢٢

٩ ـ آية :( سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

التاسعة : قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) (٢) .

روى الجمهور ، عن ابن عبّاس ، قال : نزلت في أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ؛ قال : الودّ : المحبّة في قلوب المؤمنين(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٠.

(٢) سورة مريم ١٩ : ٩٦.

(٣) المعجم الكبير ١٢ / ٩٦ ح ١٢٦٥٥ ، المعجم الأوسط ٦ / ١٠ ح ٥٥١٦ ، تفسير الحبري : ٢٨٩ ح ٤٣ ، تفسير الثعلبي ٦ / ٢٣٣ ، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ١٢٩ و ١٣٢ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ح ٣٧٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٧ ح ٤٨٩ ـ ٥٠٩ ، الطيوريات : ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ح ٧٠٢ ، الكشّاف ٢ / ٥٢٧ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٨ ح ٢٦٨ ، زاد المسير ٥ / ١٩٧ ، تذكرة الخواصّ : ٢٦ ، كفاية الطالب : ٢٤٩ ، تفسير القرطبي ١١ / ١٠٧ ، ذخائر العقبى : ١٥٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٧٩ ، فرائد السمطين ١ / ٧٩ ح ٤٩ ، التسهيل لعلوم التنزيل ٣ / ١٠ ، الدرّ المنثور ٥ / ٥٤٤ ، جواهر العقدين : ٣٢٧.

٤٢٣

وقال الفضل(١) :

ليست هذه الرواية في تفاسير أهل السنّة(٢) ، وإن صحّت دلّت على وجوب محبّته ، وهو واجب بالاتّفاق ، ولم يثبت به النصّ على الإمامة وهو المدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٨٧.

(٢) راجع الهامش رقم ٣ من الصفحة السابقة.

٤٢٤

وأقول :

قال السيوطي في « الدرّ المنثور » : أخرج الطبراني وابن مردويه ، عن ابن عبّاس ، قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) ، قال : محبّة في قلوب المؤمنين(١) .

وقال السيوطي أيضا : أخرج ابن مردويه والديلمي ، عن البراء ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ :قل : اللهمّ اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودّا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودّة .

فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) ، قال : نزلت في عليّ »(٢) .

وروي مثل الأخير في « الكشّاف »(٣) .

ونقله سبط ابن الجوزي في « تذكرة الخواصّ » عن « تفسير الثعلبي »(٤) .

وكذا نقله عنه المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » مع الحديث الأوّل عن أبي نعيم(٥) .

__________________

(١) الدرّ المنثور ٥ / ٥٤٤ ، وانظر : المعجم الكبير ١٢ / ٩٦ ح ١٢٦٥٥ ، المعجم الأوسط ٦ / ١٠ ح ٥٥١٦.

(٢) الدرّ المنثور ٥ / ٥٤٤.

(٣) تفسير الكشّاف ٢ / ٥٢٧.

(٤) تذكرة الخواصّ : ٢٦.

(٥) منهاج الكرامة : ١٢٥ ، وانظر : ما نزل من القرآن في عليّ : ١٢٩ و ١٣٢.

٤٢٥

وقال في « الصواعق » ، في المقصد الثاني من المقاصد المتعلّقة بالآية الرابعة عشرة من الآيات النازلة في أهل البيتعليهم‌السلام : « أخرج الحافظ السلفي ، عن محمّد بن الحنفية ، أنّه قال في تفسير هذه الآية : لا يبقى مؤمن إلّا وفي قلبه ودّ لعليّ وأهل بيته »(١) .

والظاهر أنّ ما رواه في « الكشّاف » مذكور في « تفسير الرازي » ، كما نقله السيّد السعيد عنه(٢) ، فإنّ عمدة ما ذكره الرازي هنا مأخوذ من « الكشّاف » ، لكنّ نسخة « تفسير الرازي » التي رأيتها خالية عن تلك الرواية ، فلا يبعد أنّ فيها سقطا.

وأمّا دلالة الآية على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام دون غيره ، فمحتاجة إلى بيان معناها أوّلا

قال في « الكشّاف » : « المعنى : سيحدث لهم في القلوب مودّة ، ويزرعها لهم فيها من غير تودّد منهم ، ولا تعرّض للأسباب التي توجب الودّ ويكتسب بها الناس مودّات القلوب ، من قرابة ، أو صداقة ، أو اصطناع بمبرّة ، أو غير ذلك وإنّما هو اختراع منه ابتداء ، اختصاصا منه لأوليائه بكرامة خاصّة ، كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب [ والهيبة ] إعظاما لهم وإجلالا لمكانهم »(٣) .

ومثله في « تفسير الرازي »(٤) .

ولا يخفى أنّ هذه العناية الإلهية ، والبشارة الربّانية التي استحقّت

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٢٦١.

(٢) انظر : إحقاق الحقّ ٣ / ٨٧.

(٣) تفسير الكشّاف ٢ / ٥٢٧.

(٤) تفسير الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦.

٤٢٦

الذكر في الكتاب المجيد ، ناشئة من أهليّة من به العناية ، وامتيازه بالقرب إلى الله تعالى ، وارتقائه على كلّ المؤمنين بالفضل والطاعة ، وهي مختصّة بأمير المؤمنين ؛ ولذا نزلت الآية به دون غيره من الصحابة.

فيكون أفضل الأمّة وإمامها بشهادة تعظيم الله سبحانه له ، حيث عبّر عنه : ب‍( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) ، كناية عن أنّه بمنزلتهم جميعا في الإيمان والعمل الصالح ، لكونه إمامهم ، وسبب إيمانهم وعملهم الصالحات ؛ ولذا قال رسول الله في حقّه يوم الخندق : «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »(١) وقال : «ضربة عليّ تعدل عبادة الثقلين »(٢) .

ثمّ إنّه بمقتضى رواية « الصواعق »(٣) تكون العناية ثابتة أيضا لأبناء أمير المؤمنين الطاهرين ، فتثبت لهم الإمامة أيضا.

وأمّا ما ذكر الفضل من دلالة الآية على وجوب محبّتهعليه‌السلام ، فخلاف الظاهر ؛ لأنّ المراد بالجعل فيها على الأظهر هو التكوين لا التكليف كما عرفته من كلام « الكشّاف »(٤) .

ولو سلّم ، فهو أيضا دالّ على الإمامة ؛ لأنّ إيجاب المودّة على الإطلاق مستلزم لوجوب الطاعة مطلقا ، المستلزم للإمامة وللعصمة التي هي شرط الإمامة ، فإذا فقد هذا الشرط عن غيره بالإجماع والضرورة تعيّنت إمامتهعليه‌السلام .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٨٥ ، حياة الحيوان ـ للدميري ـ ١ / ٢٧٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨١ ح ٢ وص ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ضمن ح ٧.

(٢) المواقف : ٤١٢ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٩٨ ، شرح المواقف ٨ / ٣٧١ ، السيرة الحلبية ٢ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣.

(٣) الصواعق المحرقة : ٢٦١.

(٤) الكشّاف ٢ / ٥٢٧.

٤٢٧

١٠ ـ آية :( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ )

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

العاشرة : قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٢) .

نقل الجمهور ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر ، وعليّ الهادي ، وبك يا عليّ يهتدي المهتدون [ من بعدي ] »(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٠.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٧.

(٣) انظر : مسند أحمد ١ / ١٢٦ ، زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل على المسند : ٣٥٥ ح ١٤٨ ، المعجم الأوسط ٢ / ٩٤ ح ١٣٨٣ ، المعجم الصغير ١ / ٢٦١ ، تفسير الحبري : ٢٨١ ـ ٢٨٣ ح ٣٨ و ٣٩ ، تفسير الطبري ٧ / ٣٤٤ ح ٢٠١٦١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٠ ح ٤٦٤٦ ، تفسير الثعلبي ٥ / ٢٧٢ ، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ١١٧ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٣٧٢ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٩٣ ـ ٣٠٣ ح ٣٩٨ ـ ٤١٦ ، فردوس الأخبار ١ / ٤٢ ح ١٠٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، زاد المسير ٤ / ٢٣٦ ، تفسير الفخر الرازي ١٩ / ٢٠ ، كفاية الطالب : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، فرائد السمطين ١ / ١٤٨ ح ١١١ و ١١٢ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٤٨٣ ، مجمع الزوائد ٧ / ٤١ ، الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨.

٤٢٨

وقال الفضل(١) :

ليس هذا في تفاسير السنّة ، ولو صحّ دلّ على أنّ عليّا هادي ، وهو مسلّم ، وكذا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هداة ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتهم »(٢) ، ولا دلالة فيه على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٩٣.

(٢) لسان الميزان ٢ / ١١٨ رقم ٤٤٨.

٤٢٩

وأقول :

نقل الحديث المذكور بعينه في « كنز العمّال » بفضائل عليّعليه‌السلام (١) ، عن الديلمي في كتاب « الفردوس »(٢) .

ونقله عنه أيضا المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة »(٣) .

وذكر السيوطي في « الدرّ المنثور » أخبارا أربعة في نزولها بعليّعليه‌السلام (٤) :

الأوّل : ما أخرجه ابن جرير ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في « المعرفة » ، والديلمي ، وابن عساكر ، وابن النجّار ، عن ابن عبّاس ، قال : « لمّا نزلت :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده على صدره فقال : « أنا المنذر » ، وأومأ بيده إلى عليّعليه‌السلام فقال : «أنت الهادي يا عليّ ، بك يهتدي المهتدون من بعدي »(٥) .

ولعلّه هو حديث الديلمي السابق.

الثاني : ما أخرجه ابن مردويه ، عن أبي برزة الأسلمي : « سمعت رسول الله يقول : « إنّما أنت منذر » ووضع يده على صدره ، ثمّ وضعها

__________________

(١) ص ١٥٧ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٢٠ ح ٣٣٠١٢ ]. منهقدس‌سره .

(٢) فردوس الأخبار ١ / ٤٢ ح ١٠٣.

(٣) منهاج الكرامة : ١٢٦.

(٤) وقد توسّع السيّد عليّ الحسيني الميلاني بدراسة تفسير الآية الكريمة وما ورد في ذلك من أحاديث ، سندا ودلالة ، في موسوعته : نفحات الأزهار ٢٠ / ٢٩٧ ـ ٣٦٨ ؛ فراجع!

(٥) انظر : معرفة الصحابة ١ / ٨٧ ـ ٨٨ ح ٣٤٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٩.

٤٣٠

على صدر عليّ وهو يقول :( لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (١) .

الثالث : ما أخرجه ابن مردويه ، والضياء في « المختارة » ، عن ابن عبّاس ، قال : « رسول الله المنذر ، وعليّ بن أبي طالب الهادي »(٢) .

الرابع : ما أخرجه عبد الله بن أحمد في « زوائد المسند » ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في « الأوسط » ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، وابن عساكر ، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، في قوله تعالى :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، قال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر ، وأنا الهادي »(٣) .

قال السيوطي : وفي لفظ : « والهادي رجل من بني هاشم » ، يعني نفسه(٤) .

وقد ذكر الحاكم هذا الحديث في « المستدرك »(٥) ، وقال : « صحيح الإسناد » ؛ وما تعقّبه الذهبي إلّا ببهت النصب وتحكّم الضلالة ، فقال : « بل كذب ، قبّح الله واضعه ».

وقد نقل جماعة هذا الحديث باللفظ الثاني عن الثعلبي مع أوّل الأحاديث التي ذكرها السيوطي ، منهم صاحب « ينابيع المودّة » ، وهو أيضا نقل الحديث الأخير باللفظ الثاني عن الحمويني ، قال : « أخرجه بسنده عن أبي هريرة »(٦) .

ونقل أيضا خبرا آخر عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني ، بسنده عن

__________________

(١) الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨.

(٢) الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨.

(٣) الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨.

(٤) الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨.

(٥) ص ١٢٩ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٤٠ ح ٤٦٤٦ ]. منهقدس‌سره .

(٦) ينابيع المودة ١ / ٢٩٦ ح ٥ و ٦.

٤٣١

بريدة الأسلمي ، قال : دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بماء للطهور ، فأخذ بيد عليّ ـ بعد ما تطهّر ـ فألصق يده بصدره ، فقال : « أنا المنذر » ، ثمّ ردّ يده إلى صدر عليّ ، فقال : أنت( لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) .

ثمّ قال له : «أنت منادي (١) الأنام ، وغاية الهدى ، وأمير الغرّ المحجّلين ، أشهد لك إنّك كذلك »(٢) .

ثمّ قال في « الينابيع » : « المالكي أيضا أخرجه عن ابن عبّاس »(٣) .

ويعني بالمالكي : علي بن أحمد ، صاحب « الفصول المهمّة » ، ونقل أيضا أخبارا كثيرة من هذا النحو(٤) .

ونقل الرازي في تفسيره الخبر الأوّل من أخبار السيوطي ، وذكر في الآية أقوالا ثلاثة ، ثالثها ما دلّ عليه هذا الخبر(٥) .

ولا ريب أنّه المتّبع ؛ لأنّه تفسير بالرواية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقولان الأوّلان تفسير بالرأي ، ولو فرض ورود رواية بهما فلا تكون حجّة علينا ، ولا تعارض تلك الروايات ؛ لاتّفاق الفريقين عليها ، فقول الفضل : « ليس هذا في تفاسير السنّة » كما ترى!

وقد ذكر السيّد السعيدرحمه‌الله ، أنّ ابن عقدة صنّف كتابا في هذه الآية وروايات نزولها في شأن أمير المؤمنينعليه‌السلام (٦) .

__________________

(١) في شواهد التنزيل : منارة.

(٢) ينابيع المودّة ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ح ٧ ، وانظر : شواهد التنزيل ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ ح ٤١٤.

(٣) ينابيع المودّة ١ / ٢٩٧ ذ ح ٧ ، وانظر : الفصول المهمّة : ١٢٣.

(٤) ينابيع المودّة ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ح ٥ ـ ١٠.

(٥) تفسير الفخر الرازي ١٩ / ٢٠.

(٦) إحقاق الحقّ ٣ / ٩٣.

٤٣٢

وأمّا دلالتها على إمامته دون غيره فأوضح من أن تحتاج إلى بيان ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى جعله في قرن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ له الإنذار ولعليّ الهداية ، أي إراءة الطريق ، وعمّم هدايته لكلّ قوم ، وذلك من آثار الإمامة ، لا سيّما وقد قال له رسول الله : «وبك يهتدي المهتدون من بعدي »(١)

فإنّه بمقتضى تقديم الجار والمجرور دالّ على حصر الهداية به بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أنّه قد أثنى عليه في رواية الحسكاني بما يناسب الإمامة(٢) .

وممّا بيّنّا يعلم ما في قول الفضل : « دلّ على أنّ عليّا هاد » ، مريدا به عدم دلالة الآية والرواية على اختصاص الهداية به.

وأمّا ما رواه من حديث « أصحابي كالنجوم » ، فهو باطل متنا وسندا(٣)

أمّا الأوّل : فلأنّ عمومه لكلّ أصحابه مخالف للضرورة ؛ لأنّ أكثرهم من الجاهلين

وكثيرا منهم من المرتدّين بعده كما دلّت عليه أخبار الحوض ، بل بعضها دالّ على ارتداد الكلّ إلّا مثل همل النعم(٤)

__________________

(١) كما في رواية ابن جرير وابن مردويه وأبي نعيم والديلمي وابن عساكر وابن النجّار ، عن ابن عبّاس.

(٢) تقدّمت آنفا في الصفحة ٤٣١ ـ ٤٣٢.

(٣) وانظر : رسالة في حديث « أصحابي كالنجوم » ، وهي الرسالة الأولى من كتاب « الرسائل العشر » ، للسيّد عليّ الحسيني الميلاني ، فقد توسّع في بحثه سندا ودلالة ، على ضوء كلمات علماء وحفّاظ أهل السنّة وآرائهم ؛ فراجع!

(٤) تقدّم تخريج ذلك مفصّلا في ج ٢ / ٢٧ ـ ٢٨ ه‍ ١ ، وانظر : الصفحة ٢١٢ ـ ٣١٣ ه‍ ١ من هذا الجزء.

٤٣٣

كما أنّ بعضهم من المنافقين في وقته ، قال تعالى :( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ) (١)

وبعضهم من القاسطين والناكثين والمارقين(٢)

وبعضهم من الزنّائين ، والفاسقين ، كالمغيرة والوليد وأشباههما(٣) .

فكيف يقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بأيّهم اقتديتم اهتديتم »؟! وهو يقتضي العصمة ، ولا أقلّ من العدالة ، ويقتضي العلم والإحاطة بما جاء به الرسول وأكثرهم من الجاهلين!

فلا بدّ أن يكون المراد بالأصحاب في الحديث ـ على فرض صحّته ـ ثقل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسفينة النجاة ، وهم آله كما فسّر بهمعليهم‌السلام (٤) .

وأمّا الثاني : فلما نقله السيّد السعيدرحمه‌الله عن شارح « الشفاء » للقاضي عياض ، أنّه قال : « اعلم أنّ حديث : ( أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ) أخرجه الدارقطني في ( الفضائل ) وابن عبد البرّ في ( العلم ) ، من طريق من حديث جابر ، وهذا إسناد لا يقوم به حجّة ؛ لأنّ الحارث بن

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٠١.

(٢) سيأتي الكلام عنهم.

(٣) استفاضت الأخبار بزنا المغيرة في الجاهلية والإسلام حتّى ضرب بزناه المثل ، وقصّته مع أمّ جميل أثناء ولايته على البصرة مشهورة ؛ راجع : فتوح البلدان : ٣٤٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٤ ، الأغاني ١٦ / ١٠٣ ـ ١١٠ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٦ ـ ٦٧.

أمّا الوليد ، فقد نزل فيه قوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) سورة الحجرات ٤٩ : ٦ ؛ انظر : تفسير الطبري ١١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ح ٣١٦٨٦ ـ ٣١٦٩٢ ، تفسير البغوي ٤ / ١٩١ ، الكشّاف ٣ / ٥٥٩ ، تفسير الفخر الرازي ٢٨ / ١٢٠ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٢١٠.

(٤) انظر : معاني الأخبار : ١٥٦ ح ١.

٤٣٤

غضين : مجهول.

ورواه عبد بن حميد في مسنده ، من رواية عبد الرحيم بن زيد ، عن أبيه ، عن [ ابن ] المسيّب ، عن [ ابن ] عمر ؛ قال البزّار : منكر لا يصحّ.

ورواه ابن عديّ في ( الكامل ) ، من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي ، عن نافع عن [ ابن ] عمر بلفظ : ( بأيّهم أخذتم بقوله ) بدل ( اقتديتم ) ، وإسناده ضعيف لأجل حمزة ؛ لأنّه متّهم بالكذب.

ورواه البيهقي في ( المدخل ) ، من حديث ابن عبّاس ، وقال : متنه مشهور ، وأسانيده ضعيفة لم يثبت منها في هذا الباب إسناد.

وقال ابن حزم : مكذوب موضوع باطل ».

انتهى كلام شارح « الشفاء »(١) .

* * *

__________________

(١) شرح الشفاء ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، ولم يرد فيه قول ابن حزم ، وانظر : جامع بيان العلم وفضله ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، الكامل في الضعفاء ٢ / ٣٧٧ رقم ٥٠٢.

وراجع : إحقاق الحقّ ٣ / ٩٥ ـ ٩٩.

٤٣٥
٤٣٦

فهرس المحتويات

مباحث النبوة ٥

نبوّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ٧

المسألة الرابعة ٧

في النّبوّة ٧

المبحث الأوّل ٧

في نبوّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ٧

وقال الفضل : ١٠

وأقول : ١٣

عصمة الأنبياء ١٧

المبحث الثاني ١٧

في أنّ الأنبياء معصومون ١٧

وقال الفضل : ٢٠

وأقول : ٢٨

قال المصنّف ٥٠

وقال الفضل : ٥١

وأقول : ٥٣

قال المصنّف ٦٤

وقال الفضل : ٦٦

وأقول : ٦٨

قال المصنّف ٧٤

وقال الفضل : ٧٦

وأقول : ٧٨

قال المصنّف ٨٨

٤٣٧

وقال الفضل : ٨٩

وأقول : ٩٠

قال المصنّف ٩٧

وقال الفضل : ٩٨

وأقول : ٩٩

قال المصنّف ١٠٣

وقال الفضل : ١٠٤

وأقول : ١٠٦

قال المصنّف ١١١

وقال الفضل : ١١٢

وأقول : ١١٣

قال المصنّف ١١٦

وقال الفضل : ١١٨

وأقول : ١١٩

قال المصنّف ١٢٨

وقال الفضل : ١٢٩

وأقول : ١٣٠

قال المصنّف ١٣١

وقال الفضل : ١٣٢

وأقول : ١٣٣

الأحاديث الموضوعة في توهين الأنبياء والخالق ١٣٧

[ ١ ـ حديث بدء الوحي ] ١٣٧

[ ٢ ـ حديث تأبير النخل ] ١٤٢

[ ٣ ـ حديث إسقاط النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله آيات من القرآن ] ١٤٤

٤٣٨

[ ٤ ـ حديث نوم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن صلاة الصبح ] ١٤٥

[ ٥ ـ حديث ترك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر ] ١٤٦

[ ٦ ـ حديث إذا لعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا فهو له زكاة ] ١٤٨

[ ٧ ـ حديث نفي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عذاب القبر ] ١٥٢

[ ٨ ـ حديث حبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة ] ١٥٣

[ ٩ ـ حديث فرار الحجر من النبيّ موسى عليه‌السلام ] ١٥٩

[ ١٠ ـ حديث طواف النبيّ سليمان عليه‌السلام بمئة امرأة ] ١٦١

[ ١١ ـ حديث حرق نبيّ قرية للنمل ] ١٦٢

[ ١٢ ـ حديث وضع الربّ رجله في جهنّم ] ١٦٣

[ ١٣ ـ حديث خلق الله آدم على صورته ] ١٦٦

لزوم المحالات من إنكار عصمة الأنبياء ١٧١

منها ١٧١

وقال الفضل : ١٧٢

وأقول : ١٧٣

ومنها ١٧٥

وقال الفضل : ١٧٦

وأقول : ١٧٧

وقال الفضل : ١٨٠

وأقول : ١٨١

وقال الفضل : ١٨٤

وأقول : ١٨٥

نزاهة النبيّ ١٨٩

عن دناءة الآباء وعهر الأمّهات ١٨٩

٤٣٩

المبحث الثالث ١٨٩

في أنّه يجب أن يكون منزّها ١٨٩

عن دناءة الآباء وعهر الأمّهات ١٨٩

ذهبت ١٨٩

وقال الفضل : ١٩١

وأقول : ١٩٢

وأمّا المعتزلة ١٩٦

وقال الفضل : ١٩٨

وأقول : ١٩٩

مباحث الإمامة ٢٠٣

المسألة الخامسة في الإمامة ٢٠٥

وجوب عصمة الإمام ٢٠٥

[ المبحث ] الأوّل ٢٠٥

في أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما ٢٠٥

وقال الفضل : ٢٠٨

وأقول : ٢١١

الإمام أفضل من رعيّته ٢٣٣

المبحث الثاني ٢٣٣

في أنّ الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيّته ٢٣٣

وقال الفضل : ٢٣٥

وأقول : ٢٣٧

طريق تعيين الإمام ٢٤١

المبحث الثالث ٢٤١

في طريق تعيين الإمام ٢٤١

٤٤٠