دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٥

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427
المشاهدات: 180984
تحميل: 3919


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180984 / تحميل: 3919
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 964-319-358-6
العربية

وأقول :

إذا كان أمير المؤمنينعليه‌السلام سابق هذه الأمّة ، كان خيرهم وأفضلهم ؛ لأنّ السبق إلى الإسلام أمارة الأعرفية والأفضلية كما يشهد له قوله تعالى :( أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) ؛ لإفادته الحصر وأنّه المقرّب دون غيره من الصحابة ، لجعل قرب غيره كلا قرب بالنسبة إليه ، فيكون بينه وبينهم في المعرفة والفضل والتقوى بون(١) شاسع.

ولا ريب أنّ من كان كذلك فهو الإمام ، لا سيّما وهو أفضل السابقين الثلاثة ، كما يدلّ عليه ما ذكره السيوطي في تفسير الآية

قال : أخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس ، في قوله تعالى :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) ، قال : « نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النّجار ـ الذي ذكر في( يس ) (٢) ـ ، وعليّ بن أبي طالب ، وكلّ رجل منهم سابق أمّته ، وعليّ أفضلهم سبقا »(٣) .

وفي رواية أخرى عبّر عنهم بالصدّيقين ، وذكر عليّا وقال : « وهو أفضلهم » ، نقلها السيوطي في تفسير سورة ( يس ) ، عن أبي داود وأبي نعيم والديلمي وابن عساكر(٤) ، كما ستسمعها في الآية الثالثة والعشرين إن

__________________

(١) البون والبون : مسافة ما بين الشيئين ؛ انظر : لسان العرب ١ / ٥٤٣ مادّة « بون ».

(٢) سورة يس ٣٦ : ٢٠ ـ ٢٧.

(٣) الدرّ المنثور ٨ / ٧.

(٤) الدرّ المنثور ٧ / ٥٣ ، وانظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٥ / ٢٨٠٦ ح ٦٦٤٩ ،

٢١

شاء الله تعالى.

ولا ينافي ما ذكرنا أنّ حزقيل سابق أمّة موسى ولم يكن إمامهم ؛ وذلك لأنّه مات في حياة موسى ، ولو بقي بعده لكان هو الإمام لا يوشع ، على أنّ الموجود في بعض الأخبار « يوشع » بدل « حزقيل » ، ولعلّه الأصوب ، فيرتفع الإشكال

روى السيوطي في المقام ، عن ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، أنّهما أخرجا عن ابن عبّاس في قوله :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) ، قال : « يوشع ابن نون سبق إلى موسى ، ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى ، وعليّ بن أبي طالب سبق إلى رسول الله »(١) .

وروى السيوطي في تفسير سورة( يس ) ، عن الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عبّاس ، قال : « السّبّق ثلاثة ، فالسابق إلى موسى يوشع ابن نون ، والسابق إلى عيسى صاحب يس ، والسابق إلى محمّد عليّ بن أبي طالب »(٢) .

__________________

ـ فردوس الأخبار ٢ / ٣٨ ح ٣٦٨١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٣ و ٣١٣ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٧٨ ح ١٠٧٢ وص ٨١٤ ح ١١١٧ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٢١ ـ ٢٢٢ ح ٢٩٣ و ٢٩٤ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٦ ح ٩٣٨ ـ ٩٤٢ ، الرياض النضرة ٣ / ١٠٤ ، ذخائر العقبى : ١٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٨٩٧ و ٣٢٨٩٨.

(١) الدّر المنثور ٨ / ٦ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٥ ح ٣٦٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢١٣ ـ ٢١٥ ح ٩٢٤ ـ ٩٢٦ وص ٢١٦ ـ ٢١٧ ح ٩٣١.

(٢) الدرّ المنثور ٧ / ٥٢ ، وانظر : المعجم الكبير ١١ / ٧٧ ح ١١١٥٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢١٣ ـ ٢١٥ ح ٩٢٤ ـ ٩٢٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٥٥ ح ٢٠ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٢ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٨٩٦.

٢٢

وحكى المصنّف في « منهاج الكرامة » ، عن ابن المغازلي ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : « سبق يوشع بن نون إلى موسى وهارون ، وسبق صاحب يس إلى عيسى ، وسبق عليّ إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

ويحتمل أن يكون يوشع وحزقيل سابقين معا إلى موسى ، وكلّ قسم من الأخبار خصّ واحدا بالذكر لخصوصية ، والإمام هو يوشع لأفضليّته بجهات أخر.

ثمّ إنّ الرواية التي ذكرها المصنّفرحمه‌الله هنا قد نقلها بعبارتها في « منهاج الكرامة » عن أبي نعيم(٢) .

هذا ، وروى الزمخشري في تفسير سورة( يس ) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : عليّ ابن أبي طالب ، وصاحب يس ، ومؤمن آل فرعون »(٣) .

وهي دالّة على فضل آخر لأمير المؤمنينعليه‌السلام على غيره من الصحابة ، وهو أنّه لم يكفر بالله طرفة عين ، مع صغر سنّه ونشأته بين عبدة الأصنام ، فيكون أحقّ بالإمامة ممّن عبدها في كثير من عمره لقصور عقله ووفور جهله!

* * *

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٢٨ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٥ ح ٣٦٥ ، البداية والنهاية ١ / ٢٠٨ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٥٤٧.

(٢) منهاج الكرامة : ١٢٨.

(٣) الكشّاف ٣ / ٣١٩ ، وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ / ٣١٣ عن جابر ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : « ثلاثة ما كفروا بالله قطّ : مؤمن آل ياسين ، وعليّ بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون » ، وانظر : تاريخ بغداد ١٤ / ١٥٥ رقم ٧٤٦٨.

٢٣

١٤ ـ آية :( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ )

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الرابعة عشرة : قوله تعالى :( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ )

إلى قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (٢) .

روى الجمهور في « الجمع بين الصحاح الستّة »(٣) ، أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب لمّا افتخر طلحة بن شيبة(٤) والعبّاس ، فقال طلحة : أنا أولى بالبيت ؛ لأنّ المفتاح بيدي.

وقال العبّاس : أنا أولى ، أنا صاحب السقاية ، والقائم عليها.

فقال عليّ :أنا أوّل الناس إيمانا ، وأكثرهم جهادا (٥) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٢.

(٢) سورة التوبة ٩ : ١٩ ـ ٢٢.

(٣) مرّ التعريف به وبمؤلّفه في ج ٤ / ٢٩٧ ه‍ ٤ من هذا الكتاب ، فراجع.

(٤) كذا في الأصل ، وفي بعض الأحاديث الواردة بهذا الخصوص : « شيبة » بدل « طلحة بن شيبة ».

(٥) جامع الأصول ٨ / ٦٦٣ ـ ٦٦٤ ح ٦٥١٤ عن رزين ، وانظر : تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس : ٢٠٠ ، تفسير الحسن البصري ١ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ح ٦١ ، تفسير الحبري : ٢٧٣ ، تفسير الطبري ٦ / ٣٣٧ ح ١٦٥٧٧ ، تفسير الثعلبي ٥ / ٢٠ ، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٩٨ ، فضائل الصحابة ـ لأبي نعيم ـ : ٨١ ح ٧٢ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ١٣٦ ، مناقب

٢٤

فأنزل الله هذه الآية لبيان أفضليّته.

* * *

__________________

ـ الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٦ ح ٣٦٧ و ٣٦٨ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٤٦ ـ ٢٥١ ح ٣٣٣ ـ ٣٣٩ ، تفسير البغوي ٢ / ٢٣٢ ، ربيع الأبرار ٣ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، زاد المسير ٣ / ٣١٠ ـ ٣١١ ، تفسير الفخر الرازي ١٦ / ١٢ ، تفسير القرطبي ٨ / ٥٩ ، فرائد السمطين ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ح ١٥٩ ، التسهيل لعلوم التنزيل ٢ / ٧٢ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٣٢٧ ، لباب النقول : ١١٦ ، الدرّ المنثور ٤ / ١٤٦ ، فتح القدير ٢ / ٣٤٦.

٢٥

وقال الفضل(١) :

هذا صحيح من رواية الجمهور من أهل السنّة ، وقد عدّها العلماء في فضائل أمير المؤمنين ، وفضائله أكثر من أن تحصى ، وليس هذا محلّ الخلاف كما مرّ حتّى يقيم عليه الدلائل ، بل الكلام في النصّ على إمامته ، وهذا لا يدلّ عليه.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٢٢.

٢٦

وأقول :

دلالة الآية على المطلوب تتمّ بضميمة الرواية ؛ لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام فضّل نفسه عليهما بما يقتضي الفضل على جميع الأمّة ، حيث قال :أنا أوّل الناس إيمانا ، وأكثرهم جهادا (١)

وأقرّه الله سبحانه على دعوى الفضل بذلك ، وأنكر على من لا يرى له الفضل به ، فيكون أفضل الأمّة وأولاها بالإمامة.

على أنّ الآيات متضمّنة للبشارة له بالرحمة والرضوان من الله تعالى ، والخلود بالجنّة.

وستعرف إن شاء الله في الآية الثانية والثلاثين اقتضاء البشارة لشخص بعينه ، وإعلامه بالجنّة ، كونه معصوما أو قريبا منه ، فيكون أولى من الخلفاء الثلاثة بالإمامة.

ثمّ إنّ الرواية المذكورة قد نقلها السيوطي في « الدرّ المنثور » عن ابن مردويه ، وعبد الرزّاق ، وابن عساكر ، وأبي نعيم ، وابن جرير ، وأبي الشيخ ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وابن أبي شيبة ، عن ابن عبّاس ، وأنس ، والشعبي ، والحسن ، وابن كعب(٢) .

ونقله في « ينابيع المودّة » عن النسائي في سننه ، عن محمّد بن

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٤ من هذا الجزء.

(٢) الدرّ المنثور ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٧.

٢٧

كعب ، ونقله أيضا عن جماعة آخرين(١) .

وقال الواحدي في « أسباب النزول » : « قال الحسن والشعبي والقرظي(٢) : نزلت الآية في عليّ والعبّاس وطلحة بن شيبة ، وذلك أنّهم افتخروا ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت ، بيدي مفتاحه ، وإليّ ثياب بيته.

وقال العبّاس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال عليّ :ما أدري ما تقولان؟! لقد صلّيت ستّة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد.

فأنزل الله هذه الآية »(٣) .

ولا إشكال بأنّ نزولها في عليّ والعبّاس وطلحة بقصّة الافتخار بينهم من المشهورات ، فلا حاجة إلى الإطالة.

زاد الله فضل سيّد الوصيّينعليه‌السلام ، فقد أعلن الكتاب المجيد بتفضيله بشتّى الوجوه ، فأين القلوب الواعية؟!

* * *

__________________

(١) ينابيع المودّة ١ / ٢٧٧ ح ١ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٦ ح ٣٦٧ و ٣٦٨ ، فضائل الخلفاء ـ لأبي نعيم ـ : ٨١ ـ ٨٢ ح ٧٢ ، فرائد السمطين ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ح ١٥٩ ، الفصول المهمّة : ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٢) هو : أبو حمزة ـ وقيل : أبو عبد الله ـ محمّد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي المدني ، من حلفاء الأوس ، وكان أبوه من سبي بني قريظه ، سكن الكوفة ، ثمّ المدينة ، خرّج له أصحاب الصحاح الستّة ؛ قال ابن سعد : كان ثقة ؛ وقال العجلي : مدني تابعي ثقة ؛ ولد سنة ٤٠ ، وتوفّي سنة ١١٨ ه‍.

انظر : سير أعلام النبلاء ٥ / ٦٥ رقم ٢٣ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٩٧ رقم ٦٥٠٩.

(٣) أسباب النزول : ١٣٦.

٢٨

١٥ ـ آية المناجاة

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

الخامسة عشرة : آية المناجاة ؛ لم يفعلها غير عليّعليه‌السلام .

قال ابن عمر : كان لعليّ ثلاثة ، لو كانت لي واحدة منها كانت أحبّ إليّ من حمر النّعم : تزويجه بفاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى(٢) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٢.

(٢) تفسير الثعلبي ٩ / ٢٦٢ ، الكشّاف ٤ / ٧٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٧ ح ٢٦٣ ، تفسير القرطبي ١٧ / ١٩٦ ، تذكرة الخواصّ : ٢٧.

٢٩

وقال الفضل(١) :

هذا من روايات أهل السنّة ، وإنّ آية النجوى لم يعمل بها إلّا عليّ ، ولا كلام في أنّ هذا من فضائله التي عجزت الألسن عن الإحاطة بها ، ولكن لا يدلّ على النصّ على إمامته.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٤٠.

٣٠

وأقول :

ينبغي أوّلا ذكر بعض الأخبار الواردة من طرق القوم في نزول هذه الآية الكريمة ، تيمّنا بذكر فضلهعليه‌السلام .

روى الحاكم في « المستدرك »(١) ، في تفسير سورة المجادلة ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال :إنّ في كتاب الله آية ما عمل بها أحد ( قبلي ) (٢) ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (٣) الآية.

قال :كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فناجيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنت كلّما ناجيت النبيّ قدّمت بين يدي نجواي درهما ، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد ، فنزلت :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) (٤) الآية

ثمّ قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرّجاه ».

ولم يتعقّبه الذهبي بشيء.

ونقله السيوطي في « الدرّ المنثور » عن الحاكم أيضا ، وعن سعيد بن منصور ، وابن راهويه ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ،

__________________

(١) ص ٤٨٢ من الجزء الثاني [ ٢ / ٥٢٤ ح ٣٧٩٤ ]. منهقدس‌سره .

(٢) لم ترد في المصدر.

(٣) سورة المجادلة ٥٨ : ١٢.

(٤) سورة المجادلة ٥٨ : ١٣.

٣١

وابن أبي حاتم ، وابن مردويه(١) .

ومثل هذا الحديث باختصار في تفسيري الزمخشري والرازي ، وفي « أسباب النزول » للواحدي ، وعن معالم البغوي ، وتفسير الثعلبي ، والطبري(٢) .

وقال السيوطي : « أخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، قال : نهوا عن مناجاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يقدّموا صدقة ، فلم يناجه إلّا عليّ بن أبي طالب ، فإنّه قد قدّم دينارا فتصدّق به ، ثمّ ناجى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن عشر خصال ، ثمّ نزلت الرخصة »(٣) .

وقال السيوطي(٤) أيضا : « قال الكلبي : تصدّق به في عشر كلمات سألهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٥) .

ثمّ نقل عن ابن عمر ما نقله المصنّفرحمه‌الله (٦) .

.. إلى غير ذلك من الأخبار التي لا تحصى من طرقهم فضلا عن

__________________

(١) الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٥ ح ٦٢ ـ ٦٣ ، مسند عبد بن حميد : ٥٩ ـ ٦٠ ح ٩٠.

(٢) تفسير الكشّاف ٤ / ٧٦ ، تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ، أسباب النزول : ٢٣٠ ، تفسير البغوي ٤ / ٢٨٣ ، تفسير الثعلبي ٩ / ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، تفسير الطبري ١٢ / ٢٠ ح ٣٣٧٨٨ ـ ٣٣٧٩١.

(٣) الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ ، وانظر : مسند عبد بن حميد : ٥٩ ـ ٦٠ ح ٩٠ ، تفسير مجاهد : ٦٥١.

(٤) كذا في الأصل ، وهو تصحيف ، والصحيح : « الزمخشري » ؛ إذ إنّ هذا القول له دون السيوطي ، ومنه يظهر ما يرتبط به من الفقرة التالية ممّا نقل عن ابن عمر ؛ فلاحظ!

(٥) تفسير الكشّاف ٤ / ٧٦ ، وانظر : تفسير الكلبي ٤ / ١٠٥.

(٦) الكشّاف ٤ / ٧٦ ، وراجع ما مرّ في الصفحة ٢٩ ه‍ ٢ من هذا الجزء.

٣٢

طرقنا(١) .

حتّى إنّ ابن تيميّة مع شدّة نصبه قال في ردّ « منهاج الكرامة » : « ثبت أنّ عليّا تصدّق وناجى ، ثمّ نسخت الآية قبل أن يعمل بها غيره »(٢) (٣) .

__________________

(١) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٣٧٩ ح ٣٣٠٠ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٥٢ ـ ١٥٣ ح ٨٥٣٧ ، تفسير الحبري : ٣٢٠ ح ٦٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٧ ـ ٤٨ ح ٦٩٠٢ و ٦٩٠٣ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٦٤٠ ، ما نزل من القرآن في عليّ : ٢٤٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ح ٣٧٢ و ٣٧٣ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ح ٢٦١ ـ ٢٦٣ ، فرائد السمطين ١ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ح ٢٨٣ و ٢٨٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٣١ ـ ٢٤٣ ح ٩٤٩ ـ ٩٦٧ ، الدرّ المنثور ٨ / ٨٣ ـ ٨٥ ، كنز العمّال ٢ / ٥٢١ ح ٤٦٥١ و ٤٦٥٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ح ١ ـ ٤.

وانظر : الخصال : ٥٧٤ ح ١ أبواب السبعين ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٨٥ ، مجمع البيان ٩ / ٣٧٢ ، تفسير فرات الكوفي ٢ / ٤٦٩ ح ٦١٤ ـ ٦١٧ ، تفسير القمّي ٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(٢) منهاج السنّة ٧ / ١٦٠.

(٣) وأمّا ما نقله السيوطي ، عن ابن أبي حاتم ، عن مقاتل ، قال : إنّ الأغنياء كانوا يأتون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكثرون مناجاته ، ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتّى كره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طول جلوسهم ومناجاتهم ، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة ، فأمّا أهل العسرة فلم يجدوا شيئا ، وكان ذلك عشر ليال ، وأمّا أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه ، إلّا طوائف منهم جعلوا يقدّمون الصدقة بين يدي النبيّ ، ويزعمون أنّه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر ، فأنزل الله تعالى( أَأَشْفَقْتُمْ ) الآية [ الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ ]

فغير معتبر ؛ لما عرفت في المقدّمة أنّ أحمد لا يعبأ بمقاتل بن حيّان ، وأنّ وكيعا كذّبه [ انظر : ج ١ / ٢٥٣ رقم ٣١٣ ] ، فلا يسمع خبره هذا في تصدّق الطوائف

ومن عداوته لإمام المتّقين تعبيره عنه ب‍ « رجل »! فلم يقدر أن يذكره باسمه الشريف في مقام اختصاصه بالفضيلة.

على أنّ الموجود في « أسباب النزول » للواحدي [ ص ٢٣٠ ] أنّ مقاتلا قال :

٣٣

ولا يعارض ذلك ما حكاه السيوطي ، عن الطبراني ، وابن مردويه ، عن سعد بن أبي وقّاص ، قال : « نزلت( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) ، فقدّمت شعيرة! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّك لزهيد » ، فنزلت الآية الأخرى :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) »(١) .

فإنّ خبر سعد إنّما يدلّ على شحّه ، وعدم قيامه بالصدقة المطلوبة ، لا على مناجاته ، لذا نزلت الآية الأخرى بعد قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له : « إنّك لزهيد » ، فكان ممّن أشفق وتعلّق به اللوم والإنكار.

هذا ، ولا ريب بدلالة الآية الشريفة على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام دون غيره ممّن يقدر على الصدقة من الصحابة ، كالخلفاء الثلاثة ؛ وذلك لدلالتها على فضله عليهم ، وعلى معصيتهم بما يقتضي عدم صلوحهم للإمامة ، حتّى لو لم نعتبر العصمة في الإمام.

أمّا دلالتها على فضله ، فلمسارعته للطاعة وعدم تساهله في طلب العلم ، بخلاف غيره.

وأمّا على معصية من يقدر على الصدقة ، فلقوله تعالى :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) ، فإنّه إنكار ولوم ، وهو يقتضي المعصية وقوله تعالى :( فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) ، فإنّ التوبة تستدعي المعصية وقوله تعالى :( فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ

__________________

ـ « وأمّا أهل الميسرة فبخلوا ، واشتدّ ذلك على أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت الرخصة » ، ولم يذكر استثناءه للطوائف!

منه قدس‌سره .

(١) الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ ، وانظر : المعجم الكبير ١ / ١٤٧ ح ٣٣١ ، مجمع الزوائد ٧ / ١٢٢.

٣٤

صَدَقَةً ) ، فإنّ الأمر بتقديم الصدقة ظاهر في وجوبها ، فتجب المناجاة أيضا ، وإلّا لم يحصل عصيان بترك الصدقة ؛ لأنّ وجوب الصدقة مشروط بالمناجاة ، فإذا تركا معا لم يثبت عصيان ، وهو خلاف ما يقتضيه الإنكار والتوبة ، فلا بدّ من الالتزام بوجوبهما معا وبالعصيان بتركهما.

ومن الواضح أنّ المعصية بترك الصدقة اليسيرة ، ذات المصلحة الكبيرة ، الحاصلة بمناجاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأكبر دليل على البخل والشحّ ، ولذا عبّر سبحانه بالإشفاق ؛ ، والبخيل لا يصلح للإمامة ، لا سيّما بهذا البخل.

وممّا صرّح ببخلهم ما حكاه المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن أبي نعيم ، عن ابن عبّاس ، قال : « إنّ الله حرّم كلام رسول الله إلّا بتقديم الصدقة ، وبخلوا أن يتصدّقوا قبل كلامه ، وتصدّق عليّ ، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره »(١) .

وأجيب عن إشكال معصيتهم ، بضيق الوقت

وفيه : إنّه لو ضاق ، لم يكن معنىّ للنسخ ، ولا للتوبة والإنكار بالإشفاق ، على أنّ الوقت متّسع ، وهو عشر ليال أو نحوها ، بل الوقت الذي يتّسع لمناجاة أمير المؤمنين ـ ولو مرّة ـ وتقديم صدقته ، متّسع لمناجاة غيره معه وتقديم صدقته!

ومن ذلك يظهر كذب ما رووه من بذل أبي بكر لماله الكثير في سبيل الله ، وأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ما نفعني مال مثل ماله »(٢) .

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٢٩ ، وانظر : ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٢٤٩.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩ ح ٣٦٦١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣٦ ح ٩٤ ، مسند

٣٥

فإنّ من يشفق أن يتصدّق بالقليل في الفائدة الكثيرة ، لحريّ أن لا يبذل المال الكثير.

وكذا يظهر أنّ عثمان لم يبذل ما بذل في جيش العسرة ـ كما زعموه ـ إلّا للسمعة التي لم يكن يحسب أنّها تحصل في صدقة النجوى.

هذا ، وقد ذكر الرازي هنا ما يفيد العجب! قال :

« أقول : على تقدير أنّ أفاضل الصحابة وجدوا الوقت وما فعلوا ذلك ، فهذا لم يجرّ إليهم طعنا ؛ لأنّ ذلك الإقدام على هذا العمل ممّا يضيق قلب الفقير ، فإنّه لا يقدر على فعله(١) [ فيضيق قلبه ] ، ويوحش قلب الغنيّ ، فإنّه لمّا لم يفعل الغنيّ ذلك وفعله غيره ، صار [ ذلك الفعل ] سببا للطعن في من لم يفعل ، فهذا الفعل لمّا كان سببا لحزن الفقراء ووحشة الأغنياء لم يكن في تركه كبير(٢) مضرّة ؛ لأنّ الذي يكون سببا للألفة أولى ممّا يكون سببا للوحشة »(٣) .

وفيه :

أوّلا : إنّ هذا يستلزم تخطئة الله سبحانه في الإيجاب أو الندب ، وهو كفر.

__________________

ـ أحمد ٢ / ٢٥٣ ، مسند الحميدي ١ / ١٢١ ح ٢٥٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٧١ ح ٥ ، مسند أبي يعلى ٧ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ح ٤٤١٨ وج ٨ / ٣٠٨ ح ٤٩٠٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤ ح ٦٨١٩.

(١) في المصدر : مثله.

(٢) في المصدر : كبيرة.

(٣) تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٣.

٣٦

وثانيا : إنّه يرفع فضل أبي بكر في بذل ماله ، وفضل عثمان في تجهيز جيش العسرة ، وهو خلاف رأي أصحابه.

وثالثا : إنّه يستلزم عذر الغني في ترك الحجّ والزكاة وجميع المطلوبات المالية ؛ لأنّ فعلها يضيق قلب الفقير ويوحش الغني.

ورابعا : إنّه لا ضيق على قلب الفقير ؛ لعلمه بأنّه معذور عند الله وعند الناس ، مع دخول فائدة عليه بالصدقة.

وخامسا : إنّ قوله : « لم يكن في تركه كبير مضرّة » إقرار بثبوت أصلها ، وهو مناف لباقي كلامه ، على أنّ إثبات أصلها إثبات للطعن!

ثمّ قال الرازي : « وأيضا : فهذه المناجاة ليست من الواجبات ، ولا من الطاعات المندوبة ، بل قد بيّنّا أنّهم إنّما كلّفوا بهذه الصدقة ليتركوا هذه المناجاة ، ولمّا كان الأولى بهذه المناجاة أن تكون متروكة لم يكن تركها سببا للطعن »(١) .

وعليه : فالطعن على أمير المؤمنينعليه‌السلام بفعل المناجاة ؛ لأنّه خلاف الأولى.

وهذا لعمر الله هو النصب ، والجور ، والاستهزاء بآيات الله ، والتلاعب بكتابه وأحكامه!!

وأيّ مسلم ينكر رجحان المناجاة بعد الصدقة؟! ولم يدّع أحد أنّ الداعي لوجوب الصدقة ترك المناجاة بالكلّيّة!!

على أنّك عرفت دلالة الآية على وجوب المناجاة فضلا عن استحبابها.

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٣.

٣٧

وما كنت أحسب أن يبلغ هنا العناد بالرازي حتّى يجعل الفضيلة التي تمنّاها ابن عمر منقصة!

ثمّ قال الرازي : « وأمّا قوله :( وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) ، فليس في الآية أنّه تاب عليكم من هذا التقصير ، بل يحتمل أنّكم إذا كنتم تائبين ، راجعين إلى الله سبحانه وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، فقد كفاكم هذا التكليف »(١) .

وكأنّه يرى أنّ الله تعالى قد أوكل إليه معاني الكتاب العزيز ، وأن يحدث له معاني لا تنطبق على ألفاظه ، فإنّ الجملة الشرطية التي احتملها لا أثر لها في الآية أصلا ، ولا تدلّ عليها بإحدى الدلالات.

وظاهر الآية أو صريحها هو التوبة عليهم من عدم فعلهم للصدقة.

وإنّ المعنى : فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به وتاب الله عليكم فلا تخلّوا بالواجبات الأخر ، وهي : إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وطاعة الله ورسوله.

ومن تأمّل في الحقيقة ، وتدبّر في إيجاب عالم الغيب للصدقة على من يعلم أنّهم لم يعملوا مع نسخه عنهم قريبا بعد فعل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حتّى أنزل بذلك قرآنا يتلى على مرور الأيّام ، وأنكر على المسلمين إشفاقهم وبخلهم ، علم أنّ المقصود كشف أحوال المسلمين وبيان فضل أميرهم عليهم.

* * *

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٤.

٣٨

١٦ ـ آية :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا )

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

السادسة عشرة : روى ابن عبد البرّ ، وغيره من السنّة ، في قوله تعالى :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) (٢) ، قال :

إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ، ثمّ قال له : سلهم يا محمّد! على ماذا بعثتم؟

قالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله ، وعلى الإقرار بنبوّتك ، والولاية لعليّ بن أبي طالب(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٨٣.

(٢) سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

(٣) كما في عمدة عيون صحاح الأخبار : ٤١٤ ح ٦٠٩ عن ابن عبد البرّ ، وانظر : معرفة علوم الحديث : ٩٦ ، تفسير الثعلبي ٨ / ٣٣٨ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٥٦ ـ ١٥٨ ح ٨٥٥ ـ ٨٥٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣١٢ ح ٣١٢ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٤١ ح ٨٧٥٤ ، كفاية الطالب : ٧٥ ، تفسير النيسابوري ٦ / ٩٣ ، فرائد السمطين ١ / ٨١ ح ٦٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٤٣ ح ١٩.

٣٩

وقال الفضل(١) :

ليس هذا من رواية أهل السنّة ، وظاهر الآية آب(٢) عن هذا ؛ لأنّ تمام الآية :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) (٣) .

والمراد : إنّ إجماع الأنبياء واقع على وجوب التوحيد ونفي الشرك.

هذا مفهوم الآية ، وهذا النقل من المناكير ، وإن صحّ فلا يثبت به النصّ الذي هو المدّعى ؛ لما علمت أنّ الولاية تطلق على معان كثيرة.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ١٤٥.

(٢) أبى يأبى إباء فهو آب وأبيّ وأبيان ـ بالتحريك ـ : امتنع ؛ انظر : لسان العرب ١ / ٥٤ مادّة « أبي ».

(٣) سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

٤٠