دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601
المشاهدات: 92846
تحميل: 3832


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92846 / تحميل: 3832
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 7

مؤلف:
ISBN: 964-319-360-8
العربية

المصير إلى هذه الاعتقادات الرديّة؟!

مع أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أشرف الأنبياء (عليهم السلام) ، وشريعته أتمّ الشرائع ، وقنع من اليهود بالجزية ، ولم يُوجب عليهم متابعته قهراً وإجباراً ، وكذا من النصارى والمجوس ، ولم يعاقبهم بالإحراق!

فكيف استجاز هؤلاء الصحابة قصد أهل البيت بذلك؟!

مع أنّ مسألة الإمامة عندهم ليست من أُصول العقائد ، ولا من أركان الدين ، بل هي ممّا يتعلّق بمصالح العباد في أُمور الدنيا(١) .

فكيف يعاقب من يمتنع من الدخول فيها؟!

وهلاّ قصدوا بيوت الأنصار وغيرهم ، مثل : سلمان ، وأبي ذرّ ، والمقداد ، وأكابر الصحابة لمّا امتنعوا من البيعة؟!

وأُسامة بن زيد لم يبايع إلى أن مات ، وقال : «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمّرني عليكم فمن أمّرك علَيَّ يا أبا بكر؟!»(٢) .

__________________

(١) انظر : غياث الأُمم ـ للجويني ـ : ٥٥ ، الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٤٥ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٣٢ ، المواقف : ٣٩٥ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٤.

وراجع : ج ٤ / ٢٠٨ ، من هذا الكتاب.

(٢) انظر : الإيضاح ـ لابن شاذان ـ : ١٨٧.

٢٠١

وقال الفضل(١) :

قد عرفت أنّ إمامة أبي بكر ثبتت بالإجماع ، وكلّ إجماع فإنّ مبدأه يكون شخصاً أو أشخاصاً ، ثمّ يتتابع الناس في الموافقة والقبول حتّى يتمّ(٢) .

وإجماع خلافة أبي بكر كان مبدأَه عمرُ وأبو عبيدة ، وهما كانا من أهل الحلّ والعقد ، ومن أكابر الصحابة.

وعمر كان من المحدثين(٣) ، وكان وزير رسول الله(٤)

وأبو عبيدة كان من الأُمناء ، وقال فيه رسول الله : «أمين هذه الأُمّة أبو عبيدة بن الجرّاح»(٥)

فكانا مبدأ الإجماع ، وليس هو الموجب ، وهذا ظاهر.

وما ذكره من إحراق بيت أهل البيت ، فقد بيّنّا أنّه من موضوعات الرفَضة بوجوه عقليّة ونقليّة(٦) .

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٥ الطبعة الحجرية.

(٢) راجع : ج ٤ / ٢٤٤ وما بعدها ، من هذا الكتاب.

(٣) انظر : الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٢١ ح ٦٨٥٥.

(٤) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٧٦ ح ٣٦٨٠ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ٨٧ رقم ٣٠٧ ، كنز العمّال ١١ / ٥٦٦ ح ٣٢٦٧٨ و ٣٢٦٧٩.

وراجع الصفحات ٦٤ ـ ٦٦ ، من هذا الجزء.

(٥) سنن الترمذي ٥ / ٦٢٣ ح ٣٧٩٠ و ٣٧٩١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٥ ح ١٥٤ ، مسند أحمد ٣ / ٢٨١ ، مصابيح السنة ٤ / ١٧٨ ح ٤٧٨٣ وص ١٧٩ ح ٤٧٨٧ ، موارد الظمآن : ٥٤٨ ح ٢٢١٨.

(٦) راجع الصفحة ١٣٧ وما بعدها ، من هذا الجزء.

٢٠٢

وأقول :

قد أنكر المصنّف (رحمه الله) على عمر إيجاب بيعة أبي بكر ومخاصمته عليها في حين لا إجماع ، فلا يرتبط بالجواب عنه قول الخصم : «إنّ مبدأ الإجماع عمر وأبو عبيدة ، وإنّ إمامة أبي بكر ثبتت بالإجماع».

على أنّ دعوى الإجماع ظاهرة الكذب ، كما سبق(١) .

وقوله : «ثمّ يتتابع الناس في الموافقة والقبول»

لا ينطبق على بيعة أبي بكر ؛ لأنّ عمر لم يترك الناس على رسلهم ، بل استكره الناس وخاصمهم على بيعة أبي بكر ، فلا موافقة ، ولا إجماع بالاختيار ـ لو سُلّم الإجماع ـ كما مرّ في مبحث تعيين الإمام(٢) .

وأمّا ما ذكره في فضل عمر وأبي عبيدة

فهو من مزعوماتهم وأخبارهم ، وهي غير حجّة علينا ، بل ولا عليهم ؛ لِما عرفت من حالها في المقدّمة وغيرها(٣) .

وأمّا قوله : «وليس هو الموجب»

أي لبيعة أبي بكر ؛ فهو من إنكار الضروريات ، كما يعرفه مَن عرف طرفاً ممّا جرى في السقيفة وما بعدها.

ولا يمكن أن يجاب عن عمر باحتمال أنّه ممن يرى انعقاد

__________________

(١) راجع : ج ٤ / ٢٤٩ وما بعدها ، من هذا الكتاب.

(٢) راجع : ج ٤ / ٢٦٠ ، من هذا الكتاب.

(٣) راجع : ج ١ / ٧ وما بعدها وج ٤ / ٧٣ وج ٦ / ٢١ و ٤٩٥ ـ ٤٩٩ ، من هذا الكتاب.

٢٠٣

الإمامة ببيعة الواحد والاثنين ؛ فلذا خاصم في إتمام بيعة أبي بكر بعدما بايع هو وجماعة ؛ وذلك لأنّ عمر ليس على هذا الرأي ، فإنّه قال في خطبته : «إنّ بيعة أبي بكر فلتة ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، ولا بيعة له ولا لمن بايعه» ، كما سبق في مآخذ أبي بكر(١) .

على أنّه لو كان يرى ذلك ، فغاية ما يلزم أنّه لا تجوز البيعة لغيره ، لا أنّه يجب على جميع الخلق بيعتُه.

وأما إنكار الخصم لإحراق بيت آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)

فصحيحٌ ، لكنّ المصنّف (رحمه الله) ادّعى قصدَ الإحراق ، وهو مستفيض في أخبارهم ، كما سبق(٢) .

هذا ، واعلم أنّ المصنّف (رحمه الله) نقض على القوم بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قنع بالجزية من أهل الذمة ، ولم يوجب عليهم متابعته ، فكيف استجاز هؤلاء الصحابة قصد أهل البيت بالإحراق لأجل متابعة أبي بكر؟!

ويمكن أن يجيب القومُ عنه بالنقض ؛ بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قاتل معاوية لأجل المتابعة

وفيه : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قاتل معاوية لعلمه بفساده وإفساده للدين ؛ ولعهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين(٣) ،

__________________

(١) راجع الصفحة ٣٢ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٢) راجع الصفحة ١٣٢ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٣) مسند البزّار ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ح ٧٧٤ ، مسند أبي يعلى ١ / ٣٩٧ ح ٥١٩ ، المعجم الأوسط ٨ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ح ٨٤٣٣ وج ٩ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ح ٩٤٣٤ ، المعجم الكبير ٤ / ١٧٢ ح ٤٠٤٩ وج ١٠ / ٩١ ـ ٩٢ ح ١٠٠٥٣ و ١٠٠٥٤ ، تاريخ بغداد ١٣/ ١٨٧

٢٠٤

ولم يقاتله لمجرّد طلب المتابعة ، وإلاّ فقد كان يمكنه أن يقرّه والياً وينال متابعته ثمّ يعزله ، كما أُشير عليه بذلك ، فامتنع وقال : «والله لا أُداهن في ديني ، ولو أقررتُه ( كنتُ متّخذَ المضلّين عَضُداً ) (١) »(٢) ، كما سنذكره إن شاء الله في مطاعن معاوية.

ويشهد لكون قتاله لا لمجرّد المتابعة ، أنّه لم يقهر سعداً وابنَ عمر وغيرَهما على متابعته(٣) .

__________________

رقم ٧١٦٥ ، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ح ٢١٢ وص ١٨٩ ـ ١٩٠ ح ٢٢٤ ـ ٢٢٦ وص ٢٤٦ ح ٢٤٠ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٦٨ ـ ٤٧٣ ، أُسد الغابة ٣ / ٦١١ ـ ٦١٢ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ وج ٦ / ٢٣٥ وج ٧ / ٢٣٨.

(١) سورة الكهف ١٨ : ٥١.

(٢) انظر : وقعة صِفّين : ٥٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٧٠٤ حوادث سنة ٣٥ هـ ، الأغاني ١٦ / ١٠١ ، تجارب الأُمم ١ / ٢٩٥ ، الاستيعاب ٤ / ١٤٤٧ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٨٦ حوادث سنة ٣٥ هـ.

(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٦٩٧ حوادث سنة ٣٥ هـ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٨٢ حوادث سنة ٣٥ هـ.

٢٠٥

إنكاره موت النبيّ

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : إنّه قد بلغ من قلّة المعرفة ، أنّه لم يعلم أنّ الموت يجوز على النبيّ ، بل أنكر ذلك لمّا قالوا : مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!

فقال : والله ما مات محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يقطع أيدي رجال وأرجلهم.

فقال له أبو بكر : أما سمعت قول الله تعالى :( إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون ) (٢) ، وقوله :( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسُل أفإن مات أو قُتل انقلبتم ) (٣) ؟!

فقال : أيقنت بوفاته ، وكأنّي لم أسمع هذه الآية(٤) .

ومَنْ هذه حالُه ، كيف يجوز أن يكون إماماً واجب الطاعة على جميع الخلق؟!

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٧٦.

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٣٠.

(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٤) انظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ٩ ، وانظر : شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٩٥.

٢٠٦

وقال الفضل(١) :

في «الصحاح» ، أنّ رسول الله لمّا توفّي قام عمر في المسجد ، وقال : إنّ أُناساً يزعمون أنّ رسول الله توفّي ، وإنّه ذهب يناجي ربّه كما ذهب موسى يناجي ربّه في الطور ، وسيعود ويقطع أيدي رجال وأرجلهم بما قالوا : إنّه مات.

فدخل أبو بكر وقال لعمر : اجلس! فما جلس ، وكان يتكلّم بمثل ذلك الكلام ، حتّى قام أبو بكر في ناحية أُخرى من المسجد ، فقال : أيّها الناس! من كان يعبد محمّداً ، فإنّ محمّداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فهو حيٌّ باق لا يموت ؛ ثمّ قرأ هذه الآية :( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسُل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ) (٢) الآية.

فلمّا سمع عمر هذه المقالة رجع إلى قول أبي بكر وقال : كأنّي لم أسمع هذه الآية(٣) .

واختلفوا في ذلك الحال الذي غلبه حتّى حكم بأنّ النبيّ لم يمت

فقال بعضهم : أراد أن لا يستولي المنافقون ، وخاف أن لو اشتهر موت النبيّ قبلَ البيعةِ لخليفة تشتّت أمر الإسلام ، فأراد أن يُظهر القوّة

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٦ الطبعة الحجرية.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٣) انظر : صحيح البخاري ٦ / ٣٦ ـ ٣٧ ح ٤٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٢٠ ح ١٦٢٧ ، مسند البزّار ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ح ١٠٣ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢١٥ ـ ٢١٨.

٢٠٧

والشوكة على المنافقين ؛ ليرتدعوا عمّا همّوا به من إيقاع الفتنة والإيضاع خِلال(١) المسلمين كما كان دأبهم.

وقال بعضهم : كان هذا الحال من غلبة حُكم المحبّة وشدّة المصيبة أنّ قلبه كان لا يأذن له أن يحكم بموت النبيّ.

وهذا كان أمرٌ عمَّ جميع المؤمنين بعد النبيّ حتّى جُنّ بعضهم ، وعمي بعضهم من كثرة الهمّ ، واختلّ بعضهم(٢) ، فغلب عمر شدّة حال المصيبة ، فخرج من حال العلم والمعرفة ، وتكلّم بعدم موته ، وأنّه ذهب إلى مناجاة ربّه ؛ وأمثال هذا لا يكون طعناً.

__________________

(١) أَوْضَعَتِ الدابّةُ وأَوْضَعَ الرجلُ يُوضعُ إيضاعاً : سار سيراً لَيّناً ، والوَضْعُ : سيرٌ دونَ الشد ، وقيل : فوق الخَبَب.

الخِلال ، جمع : الخَلل : وهو منفرَج ُ ما بين كلِّ شيئين ، وخِلال الدور : أوساطها ، وما حوالَي جُدرها وما بين بيوتها ؛ ومنه قوله تعالى :( وَلأََوْضعُوا خِلالَكُم يبغونكُمُ الفتنةَ ) سورة التوبة ٩ : ٤٧ ، قيل : أي لأسرعوا في ما يُخلُّ بكم ، وقيل : أراد ولأوضعوا مراكبهم خِلالكم ؛ أي وسطكم.

انظر : لسان العرب ١٥ / ٣٢٧ مادّة «وضع» وج ٤ / ١٩٩ مادّة «خلل».

(٢) لم يشتهر بين أصحاب السير والمؤرّخين والمحدِّثين أنّ أحداً من المسلمين أصابه شيء ممّا ذكره الفضل ؛ فتأمل!

٢٠٨

وأقول :

كِلا العذرين بارد باطل.

أما الأوّل ؛ فلأنّه لو كان عمر خائفاً من تشتّت أمر الإسلام واستيلاء المنافقين قبل البيعة ، فلِمَ ترك مقالته لقول أبي بكر؟! والحال أنّ البيعة لم تقع ، بل كان عليه أن يشير إلى أبي بكر بالسكوت ويعرّفه غرضه ، ويشتغلا بالبيعة!

على أنّه كيف يتصوّر أن يبقى المنافقون تحت الرهبة من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن تحصل البيعة؟! والحال أنّ الاشتغال بالبيعة إنّما يترتّب عند المسلمين أنفسهم على موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!

أو كيف يرتدع المنافقون الّذين لم يؤمنوا بأصل نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمجرّد قول عمر : ما مات ، وذهب إلى المناجاة ؛ وهم يرونه بينهم ميّتاً ساكن الحركات؟!

بل يعدّون هذا القول من عمر ـ والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجّىً بينهم ـ من الهذيان والخرافات!

مضافاً إلى أنّ أهل السنة يرون أنّ الصحابة كلّهم عدول ، وأنّ المنافق بينهم قليلٌ مخفيُّ الحال ، فكيف يستولي المنافقون ، أو يُخاف منهم ـ بأسرع وقت ـ تشتّت أمر الإسلام؟!

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ عمر لو خرج من حال المعرفة بمجرّد سماع قولهم : «مات النبيّ» ، للزم أن يزول عقله بالكلّية لمّا تحقّق عنده موت النبيّ بقول أبي بكر ، فلا يذهب إلى السقيفة بوقته ويزوّر بنفسه ما يزوّر ،

٢٠٩

ويفعل ما يفعل ، فيها وفي خارجها.

وكيف تلائم تلك المحبّة المدّعاة إعراضه ـ كصحبه ـ عن تجهيز النبيّ ودفنه إلى ثلاثة أيام؟!

أو كيف تجتمع مع إيذائه حال المرض المُشجي بنسبة الهجر إليه ومنعه عمّا أمر به؟!

ثمّ إنّي لستُ أذهب إلى ما قاله المصنّف (رحمه الله) ، إنّ صدور ذلك القول من عمر من قلّة المعرفة ؛ فإنّ مثل عمر الذي يبتدع الشورى وكيفيّتها لا يجهل جواز موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!

كيف؟! والنبيّ نعى نفسه الشريفة إليهم مراراً(١) ، ونطق الكتاب العزيز بموته(٢) !

وما تخلّفَ عمر عن جيش أُسامة إلاّ ارتقاباً لموته!

ولا قال : «حسبنا كتاب الله» إلاّ بناءً على وفاته!

وما نسبهَ إلى الهجر إلاّ طعناً برأيه في ما يوصي به لِما بعد الموت!

فكيف يَجهل موته وقد فارقت روحُه الدنيا ، أو يَحتمل ذهابه إلى

__________________

(١) إشارة إلى مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي أُوشِكُ أن أُدعى فأُجيب ».

انظر : مسند أحمد ٣ / ١٧ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ ح ١٠٢١ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٥٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٦١٣ ح ٦٢٧٢.

(٢) كقوله سبحانه وتعالى :( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

وقوله تبارك اسمه :( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مِتَّ فهم الخالدون ) سورة الأنبياء ٢١ : ٣٤.

وقوله جلّ شأنه :( إنّك ميّت وإنّهم ميّتون ) سورة الزمر ٣٩ : ٣٠.

٢١٠

المناجاة وهو مسجّىً بينهم؟!

بل لا أرى ذلك منه إلاّ مكراً وكيْداً ؛ فإنّه يعلم أنّ الهاشميّين وبعض الصحابة كسلمانَ ، والمقدادِ ، وأبي ذرّ ، وعمار ، وحذيفة ، ونحوهم(١) ، يريدون بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فخاف أن يبايعوه ويتّبعهم الناس ؛ لسبق أمر الغدير ، فادّعى أنّ النبيّ ما مات ؛ ليشغل الناس وقتاً ما بهذا الكلام ، فيحصل لبيعة عليّ (عليه السلام) تأخير حتّى يأتي أبو بكر من منزله بالسنح(٢) ؛ ليُعمِلا رأيهما ، ويَمضيا على ما أبرماه وأصحابهما في الصحيفة من منع أمير المؤمنين (عليه السلام) خلافته.

ولمّا حضر أبو بكر لم يسعه العدول من مقالته دفعةً ، بل بقي يتكلّم إلى أن قرأ أبو بكر قوله تعالى :( وما محمّد إلاّ رسول ) الآية ، فأظهر المغلوبيّة ، وزعم كأنّه لم يسمع الآية(٣) !

__________________

(١) كالزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله ، والبراء بن عازب ، وأُبَيّ بن كعب ، وخالد بن سعيد بن العاص.

انظر : الإمامة والسياسة ١ / ٢٨ ، أنساب الأشراف ٢ / ٢٧٠ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٩ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٤ ، البداية والنهاية ٥ / ١٨٦ ، تاريخ الخميس ٢ / ١٦٩.

(٢) السنحُ ـ بضمّ أوّله وسكون ثانيه وآخره حاء مهملة ـ : هي إحدى محالّ المدينة كان بها منزل أبي بكر ، وهي في طرف من أطراف المدينة ، بينها وبين منزل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ميل.

انظر : معجم البلدان ٣ / ٣٠١ رقم ٦٦٧٥.

(٣) روى ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٢٠٥ ، أنّ عمر قال لأبي بكر ـ بعد أن قرأ أبو بكر الآية المذكورة ـ : هذا في كتاب الله؟! قال : نعم.

وروى البيهقي في دلائل النبوّة ٧ / ٢١٥ ، أنّ عمر قال : أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر؟! قال : نعم.

٢١١

والحال أنّ الآية لا تدلّ على بطلان ما زعمه من ذهاب النبيّ إلى المناجاة ؛ فإنّها لا تدلّ على موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا اليوم الذي مات فيه!

ومَن أنصف وعرف بعض أحوال عمر صدّق بما قلناه.

ثمّ إنّ عدم حضور أبي بكر عند وفاة النبيّ ـ وهو يعلم أنّه على خطر الموت ـ مُستغرَبٌ بحسب العادة ، ولكن لا غرابة فيه عند مَن عرف الحقيقة ، بل يجعله قرينةً على ما حقّقناه سابقاً ، من أنّ أبا بكر قد صلّى بالناس صبح الاثنين يوم وفاة النبيّ بغير رضاه ، فلما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج يجرّ رجليه من المرض ونحاه(١) .

فذهب أبو بكر إلى منزله بالسُّنح(٢) ؛ فراراً من مواجهة النبيّ له بما يكره.

ولمّا صلّى رسول الله لم يجده ، وقال : «سُعّرت(٣) الفتن» ، كما سبق

__________________

ورواه بلفظ آخر في دلائل النبوّة ٧ / ٢١٨ ، أنّ عمر قال : هذه الآية في القرآن؟! واللهِ ما علمتُ أنّ هذه الآية أُنزلت قبل اليوم!

نقول : إنْ كان عمر صادقاً بدعواه تلك ، فكيف رضي أبو بكر أن يستخلف جاهلا بالدين لم يقرأ القرآن؟!

وإنْ كان كاذباً ، لم يؤمَن منه أن يكذب في غيرها ، فكيف استخلف أبو بكر على الأُمة رجلا كاذباً؟!

(١) راجع : ج ٦ / ٥٥٩ وما بعدها ، من هذا الكتاب.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣١ و ٢٣٢ ، تاريخ دمشق ٢ / ٥٦ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣٦ ، البداية والنهاية ٥ / ١٨٤ ـ ١٨٦.

(٣) سَعرَ النارَ والحربَ يسعرُهُما سَعْراً ، وأَسعرَهُما وسَعرَهُما : أوقدهما وهَيّجهُما ، واستَعرَتْ وتَسَعرَتْ : استوقدت ، وسُعرَت ـ بالتشديد ـ للمبالغة ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٢٦٦ مادّة «سعر».

٢١٢

في رواية الطبري(١) ، فلذلك كان عند وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنزله في السُّنح.

ولمّا سمع بوفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أسرعَ الكرّة واجتمع بعمر ، وذهبا بأنصارهما إلى السقيفة ، وفعلا ما فعلا!

__________________

(١) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣١ حوادث سنة ١١ هـ وتمامه : «سُعّرت النار ، وأقبلت الفتن » ؛ وقد تقدّمت الرواية في ج ٦ / ٥٦١ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!

٢١٣

لولا عليٌّ لهلك عمر

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : إنّه أمر برجم امرأة حامل ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن كان لك عليها سبيل ، فليس لك على ما في بطنها سبيل.

فقال : لولا عليٌّ لهلك عمر(٢) .

ومنها : إنّه أمر برجم مجنونة ، فنبّهه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال : القلم مرفوع عن المجنون حتّى يفيق.

فقال : لولا عليٌّ لهلك عمر(٣) .

وهذا يدلّ على قلّة معرفته ، وعدم تنبّهه لظواهر الشريعة.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٧٧.

(٢) مسند زيد بن عليّ : ٣٣٥ ، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ : ٨٠ ـ ٨١ ح ٦٥ ، الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٣٠٣ ، كفاية الطالب : ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ، الرياض النضرة ٣ / ١٦٣ ، ذخائر العقبى : ١٤٦ ـ ١٤٩.

(٣) المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ٢٠ ق ٢ / ١٣ ، وانظر : سنن أبي داود ٤ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ح ٤٣٩٩ ـ ٤٤٠٢ ، مسند أحمد ١ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٦٨ ح ٢٣٥١ وج ٤ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ح ٨١٦٨ و ٨١٦٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٢٦٤ ، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ : ٨٠ ح ٦٤ ، الاستيعاب ٣ / ١١٠٣ ، تذكرة الخواصّ : ١٣٧ ، الرياض النضرة ٣ / ١٦٤ ، ذخائر العقبى : ١٤٧ ـ ١٤٨ ، فيض القدير ـ للمناوي ـ ٤ / ٤٧٠ ح ٥٥٩٤.

٢١٤

وقال الفضل(١) :

الأئمةُ المجتهدون قد يَعرض لهم الخطأُ في الأحكام ؛ إما لغفلة ، أو نسيان ، أو عروض حالة تدعو إلى الاستعجال في الحكم ؛ والإنسان لا يخلو عن السهو والنسيان ، والعلماء وأرباب الفتوى يرجعونهم إلى حكم الحق.

ولهذا يُستحبّ للحاكم أن يشاور العلماء ، ولا يحكم إلاّ بمحضر أهل الفتوى.

وإنْ صحّ ما ذكر من حكم عمر في الحامل والمجنونة ، فربّما كان لشيء مما ذكرناه ، ولا يكون هذا طعناً.

وكيف يصحّ لأحد أن يطعن في علم عمر ، وقد شاركه النبيُّ في علمه ، كما ورد في «الصحاح» عن ابن عمر ، قال : «سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : بَيْنا أنا نائمٌ أُتيت بقدح لبن فشربت حتّى إنّي لأرى الرِّيَّ(٢) يخرج في أظفاري ، ثمّ أعطيتُ فضلي عمرَ بن الخطّاب.

قالوا : فما أَوّلته يا رسول الله؟

قال : العلم»(٣) ؟!

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٧ الطبعة الحجرية.

(٢) الرِّيُّ : الارتواء والامتلاء من الماء واللبن ، مِن رَوِيَ يَرْوَى رَيا ورِوىً ، وتَرَوّى وارْتَوى بمعنى ، والاسم : الرِّيُّ ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٣٧٩ مادّة «روي».

(٣) صحيح البخاري ٥ / ٧٦ ح ١٧٨ ، صحيح مسلم ٧ / ١١٢ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٧٨ ح ٣٦٨٧ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ١ / ٤٢٩ ح ٥٠٥.

٢١٥

وأقول :

سبق أنّ الإمام لا بُد أن يكون معصوماً من الخطأ ، محيطاً بأحكام الشريعة ، فلا يجوز أن يجهل حكماً ، أو يُخطئ فيه ، ولا سيّما واضحات الشريعة كهذه الأحكام ، وخصوصاً في ما يتعلّق بالدماء ونحوها ، ولا سيّما مع الاستعجال ، وإلاّ كان أضرّ الناس على الأُمّة والشريعة ، فتمتنع إمامته(١) .

وقد أنصف القاضي الأُرموي(٢) في ما نقل عنه السيّد السعيد (رحمه الله) ، حيث قال القاضي في «لباب الأربعين» : «لا يقال : عمر لم يتفحّص عن حالها ، ولم يعلم كونها حاملا ، فلمّا نبّهه عليٌّ ترك رجمها ؛ لأنّ هذا يقتضي أنّ عمر ما كان محتاطاً في سفك الدماء ، وهو شرٌّ من الأوّل»(٣) .

__________________

(١) راجع : ج ٤ / ٢٠٥ وما بعدها ، من هذا الكتاب.

(٢) هو : أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر بن أحمد ، القاضي الأُرموي الشافعي ، وُلد سنة ٥٩٤ وتوفّي سنة ٦٨٢ هـ ، كان فقيهاً ، أُصولياً ، متكلّماً ، قاضياً ؛ أصله من أُرومية من بلاد أذربيجان ، وقرأ بالموصل وسكن دمشق ، ولي القضاء بمدينة قُونيَة وتوفّي بها.

له تصانيف كثيرة ، منها : «التحصيل» وهو مختصر لكتاب «المحصول في أُصول الفقه» للفخر الرازي ، وشرح «الإشارات» لابن سينا ، و «لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار» و «شرح الوجيز» للغزّالي في الفقه ، و «لباب الأربعين» وهو مختصر «الأربعين في أُصول الدين» للفخر الرازي.

انظر : طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ ٨ / ٣٧١ رقم ١٢٦٨ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ١ / ٨٠ رقم ١٤٠ ، مفتاح السعادة ١ / ٢٧٤ ، كشف الظنون ١ / ٦١ ، هديّة العارفين ٢ / ٤٠٦ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٨٠١ رقم ١٦٥٥١.

(٣) إحقاق الحقّ : ٥٣٨ الطبعة الحجرية.

٢١٦

وأمّا قوله : «وإن صحّ ما ذكر ...» إلى آخره

فهو من التشكيك في البديهيات ؛ فإنّ ابن تيميّة ـ مع عناده وتهتّكه في العصبيّة ـ أقرّ في ردّه ل «منهاج الكرامة» بصحة خبر المجنونة(١) .

ورواه الحاكم في «المستدرك»(٢) ، وصحّحه مع الذهبيّ على شرط الشيخين.

ونقله في «كنز العمّال»(٣) ، عن عبد الرزّاق ، والبيهقي.

ورواه البخاري باختصار(٤) ، قال : قال عليّ لعمر : «أمَا علمتَ أنّ القلم رُفع عن المجنون حتّى يُفيق ، وعن الصبي حتّى يُدرِك ، وعن النائم حتّى يستيقظ؟! ».

ورواه في «الاستيعاب» بترجمة عليّ ، قال : «كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن.

وقال في المجنونة التي أمر برجمها ، وفي التي وضعت لستّة أشهر [فأراد عمر رجمها] ، فقال له : إنّ الله يقول :( وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثلاثونَ شَهراً ) (٥) الحديث.

__________________

(١) منهاج السنة ٦ / ٤٥.

(٢) ص ٢٥٨ من الجزء الأوّل في كتاب الصلاة ، وص ٣٨٩ من الجزء الرابع في كتاب الحدود [١ / ٣٨٩ ح ٩٤٩ وج ٤ / ٤٢٩ ح ٨١٦٨]. منه (قدس سره).

(٣) في كتاب الحدود ص ٩٥ من الجزء الثالث [٥ / ٤٥١ ح ١٣٥٨٤]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٨٠ ح ١٢٢٨٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ كتاب السرقة باب المجنون يصيب حدّاً.

(٤) في كتاب المحاربين ، في باب لا يرجم المجنون والمجنونة [٨ / ٢٩٥]. منه (قدس سره).

(٥) سورة الأحقاف ٤٦ : ١٥.

٢١٧

وقال له : إنّ القلم رُفع عن المجنون الحديث.

فكان عمر يقول : لولا عليٌّ لهلك عمر»(١) .

ونقل أيضاً في «كنز العمّال»(٢) حديث التي وضعت لستّة أشهر ، عن البيهقي ، وعبد الرزّاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.

وأما حديث الحامل

فقد عرفت تسليمه في كلام القاضي الأُرموي(٣) .

ورواه الحاكم بعد الحديث السابق(٤) ، ولكن ذكر فيه أنّ المرأة كانت مجنونة حُبلى ، فأراد عمر أن يرجمها فقال له عليٌّ : أَوَما علمت أنّ القلم رُفع عن ثلاث ...؟! الحديث.

ورواه نصير الدين في «التجريد» ، ولم يناقش القوشجي بصحّته(٥) .

وسيأتي نقل المصنّف (رحمه الله) له عن «مسند أحمد»(٦) .

__________________

(١) الاستيعاب ٣ / ١١٠٢ ـ ١١٠٣.

نقول : ورواه الباقلاّني في تمهيد الأوائل : ٥٠٢ بلفظ : «لولا عليٌّ لضلَّ عمر» ، وأرسله إرسال المسلّمات.

(٢) ص ٩٦ من الجزء الثالث [٥ / ٤٥٧ ح ١٣٥٩٨]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٥٠ ح ١٣٤٤٤ ، تفسير ابن أبي حاتم ٢ / ٤٢٨ ح ٢٢٦٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٤٤٢ باب ما جاء في أقلّ الحمل ، سنن سعيد بن منصور ٢ / ٦٦ ح ٢٠٧٤.

وانظر كذلك : كنز العمّال ٦ / ٢٠٥ ح ١٥٣٦٢ و ١٥٣٦٣.

(٣) تقدّم آنفاً في الصفحة ٢١٦.

(٤) ص ٣٨٩ ج ٣ في كتاب المحاربين [٤ / ٤٣٠ ح ٨١٦٩]. منه (قدس سره).

(٥) تجريد الاعتقاد : ٢٥١ المقصد الخامس في الإمامة ، شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٣.

(٦) انظر : مسند أحمد ١ / ١٤٠.

٢١٨

وذكره ابن أبي الحديد(١) ، وذكر جواب قاضي القضاة عنه من دون أن يناقش في سنده ، لكن ذكر فيه أنّ معاذاً نبّه عمر على ذلك فقال : «لولا مُعاذ لهلك عمر».

وهو أَوْلى بالطعن على عمر ونقصه.

وأمّا استنكار الخصم للطعن في عمر ، مستدلاًّ بما روي عن ابنه

فمن الظرائف ؛ لأنّه استدلّ على علمه بروايتهم ـ وهي ليست حُجةً علينا ـ عن ابنه ، وهو محلّ التهمة ، وترك ما يشاهده الناس من كثرة جهله.

على أنّ الخصم سيُصرّح في أنّ رؤيا الأنبياء من الخياليات كرؤيا سائر الناس ، فلا عبرة بها!

__________________

(١) ص ١٥٠ من المجلّد الثالث [١٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ الطعن الثاني من مطاعن عمر]. منه (قدس سره).

وانظر : المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ٢٠ ق ٢ / ١٢.

٢١٩

منعه من المغالاة في المهر

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

ومنها : أنّه منع من المغالاة في المهر ، وقال : «من غالى في مهر ابنته جعلته في بيت المال» ؛ بشبهة أنّه رأى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) زوّج فاطمة (عليها السلام) بخمسمئة درهم.

فقامت امرأة إليه ونبّهته بقوله تعالى :( وآتيتم إحداهُنّ قِنطاراً ) (٢) على جواز ذلك.

فقال : كلُّ الناس أفقهُ من عمر ، حتّى المخدّرات في البيوت(٣) .

واعتذار قاضي القضاة بأنّه طلب الاستحباب في ترك المغالاة والتواضع في قوله : «كلّ الناس أفقه من عمر» ، خطأٌ ؛ فإنّه لا يجوز ارتكاب المحرّم ؛ وهو أخذ المهر وجعله في بيت المال لأجل فعل مستحبّ(٤) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٧٧.

(٢) سورة النساء ٤ : ٢٠.

(٣) انظر : سنن سعيد بن منصور ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٥٩٨ ، تمهيد الأوائل : ٥٠١ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٣٣ ، الكشّاف ١ / ٥١٤ ، الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، تفسير الفخر الرازي ١٠ / ١٥ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ وج ١٢ / ١٥ ، تفسير القرطبي ٥ / ٦٦ ، تفسير ابن جزَيّ ١ / ١٣٥ ، تفسير ابن كثير ١ / ٤٤٢ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ٤٦٦ ، فتح القدير ١ / ٤٤٣.

(٤) المغني ٢٠ ق ٢ / ١٣ ـ ١٤ ، وانظر : الشافي ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٤.

٢٢٠