دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق9%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98716 / تحميل: 4687
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٦٠-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

قال عبد الله بن مسعود:

الخلفاء أربعة:

١- آدم لقوله تعالى:( وَإِذْ قَالَ رَ‌بُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْ‌ضِ خَلِيفَةً ) (١) .

٢- و داوود لقوله تعالى:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْ‌ضِ ) (٢) يعني: بيت المقدس.

٣- وهارون لقوله تعالى، بلسان موسى لأخيه هارون:( وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُ‌ونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (٣) .

٤- وعليّ لقوله تعالى:( وَعَدَ اللَّـهُ الّذين آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (٤) ، يعني: عليّ بن أبي طالب.

( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذين مِن قَبْلِهِمْ ) (٥) يعني: آدم، وداوود، وهارون.

( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الّذي ارْ‌تَضَىٰ لَهُمْ)

يعني: الإسلام.

( يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِ‌كُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ‌ بَعْدَ ذَٰلِكَ ) بولاية عليّ بن أبي طالب( فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) يعني: العاصين لله ولرسوله.

وروى السيّد هاشم البحراني في تفسيره: (البرهان) ج٣ ص ٢١٧ ط٢. حسب رواية محمّد بن العباس بن الماهيار، قال:

(حدّثنا) عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد، عن يونس بن كليب المسعودي، عن عمرو بن عبد الغفار بإسناده عن ربيعة بن ناجد قال:

____________________

(١) سورة البقرة: الآية ٣٠.

(٢) سورة ص: الآية ٢٦.

(٣) سورة الأعراف: الآية ١٤٢.

(٤) سورة النور: الآية ٥٥.

(٥) سورة النور: الآية ٥٥.

١٨١

سمعت عليًّا عليه السّلام(يقول) في هذه الآية، وقرأها:( وَنُرِ‌يدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الّذين اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْ‌ضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمَّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِ‌ثِينَ ) (١) فقال:[لتعطفنَّ هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها].

وعن محمّد بن العباس بن الماهيار، قال: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن يحيى بن صالح الحويزي، بإسناده عن أبي صالح:

عن عليٍّ (عليه السلام) قال: في قوله عزّ وجل:( وَنُرِ‌يدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الّذين اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْ‌ضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمَّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِ‌ثِينَ ) (قال:)[والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لتعطفنَّ علينا هذه الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها يذبح ويحشى جلده فيدان منه فتعطف عليه].

وروى الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، المعروف بابي نُعيم في (ما نزل من القرآن في عليٍّ عليه السّلام) ص ١٥٢ في الحديث ٤١ قال:

حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي قال: حدّثنا محمّد بن مرزوق، قال: حدّثنا حسين بن حسن الأشقر، قال: حدّثنا صباح بن يحيى المزني عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق:

عن حنش أنَّ عليًّا عليه السّلام قال:[من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم فانّا منذ خلق الله السماوات والأرض على سنّة موسى وأشياعه، وإنّ عدوّنا منذ خلق الله السماوات والأرض على سنّة فرعون وأشياعه، وإنّي أقسم بالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وأنزل الكتاب على محمّد صلّى الله عليه وآله صدقاً وعدلاً ليعطفنّ عليكم هذه الآية: ( وَعَدَ اللَّـهُ الّذين آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ ) ].

وروى رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهر اشوب في كتابه (مناقب آل أبي طالب) ج٢ ص ٢٦١ ط. النجف وج٣ ص ٦٣ ط. إيران بإسناده، قال:

____________________

(١) سورة القصص: الآية ٥.

١٨٢

قال عبد الله بن مسعود: الخلفاء أربعة: آدم، وذلك قوله تعالى:( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْ‌ضِ خَلِيفَةً ) (١) ، و داوود، وذلك قوله تعالى:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْ‌ضِ ) (٢) يعني: بيت المقدس، وهارون، وذلك قول موسى كما في القرآن العظيم:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (٣) ، وعليّ، وذلك في قوله تعالى:( وَعَدَ اللَّـهُ الّذين آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذين مِن قَبْلِهِمْ ) (٤) ، يعني: آدم وداود وهارون( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الّذي ارْ‌تَضَىٰ لَهُمْ ) (٥) يعني: الإسلام،( وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ) (٦) يعني: أهل مكّة،( يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِ‌كُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ‌ بَعْدَ ذَٰلِكَ ) (٧) أي: بولاية عليّ بن أبي طالب( فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (٨) يعني: العاصين لله ولرسوله.

وروى السيّد الطباطبائي في تفسيره (الميزان) ج١٨ من المجلد ١٥ ص ١٥٨ ط. اسماعيليان - قال:

وفي المجمع في قوله تعالى:( وَعَدَ اللَّـهُ الّذين آمَنُوا مِنكُمْ ) الآية: واختلف في الآية، والمرويُّ عن أهل البيت عليهم السّلام، أنّها في المهديّ من آل محمّد. قال: وروى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن الحسين عليه السّلام أنّه قرأ الآية وقال:[هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل بهم على يدي رجل منّا وهو مهديّ هذه الأمّة وهو الّذي قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. لولم يبق من الدنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً ].

____________________

(١) سورة البقرة: الآية ٣٠.

(٢) سورة ص: الآية ٢٦.

(٣) سورة الأعراف: الآية ١٤٢.

(٤) سورة النور: الآية ٥٥.

(٥) سورة النور: الآية ٥٥.

(٦) سورة النور: الآية ٥٥.

(٧) سورة النور: الآية ٥٥.

(٨) سورة النور: الآية ٥٥.

١٨٣

سورة الفرقان

سورة الفرقان الآيات ٢٧ و٢٨ و٢٩

( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿٢٨﴾ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ‌ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا )

روى العلّامة السيّد هاشم البحراني في كتابه (غاية المرام) ص ٤٤٣ عن محمّد بن إبراهيم النعمان المعروف بابن زينب في كتاب (الغيبة) رواه من طريق النصاب (عن) محمّد بن عبد الله المعمر الطبراني - الّذي هو موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب- (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري في حديث طويل، منه: فقالوا: يا رسول الله ومن وصيّك؟

فقال (صلى الله عليه وسلّم):[هو الّذي يقول الله فيه: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ) ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: وصيي السبيل إليَّ من بعدي عليّ بن أبي طالب].

وكذلك روى أيضا البحراني في كتابه (غاية المرام) ص ٤٤٣ قال؛ بروايته عن صاحب كتاب (الصراط المستقيم)، من طريق العامّة، قال: حدّث الحسين بن كثير عن أبيه، قال: دخل محمّد على أبيه(١) وهو يتلو فقال: ما حالك؟

قال: مظلمة (عليّ) ابن أبي طالب، فلو استحلَلْته؟

فقال لعليّ في ذلك، فقال (عليّ): قل له إئت المنبر وأخبر الناس بظلامتي.

فبلغه (ذلك) فقال: فما أراد أن يصلّي على أبيك إثنان.

فقال محمّد: كنت عند أبي أنا و [........](٢) فدعا بالويل ثلاثاً وقال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يبشّرني بالنّار، ومعه الصحيفة التي تعاقدنا عليها.

فخرجوا دوني وقالوا: يهجر.

____________________

(١) الظاهر من هذه الرواية كونه من أصحاب النبيّ - ومن الوارد تاريخياً أنّ بعض الصحابة المناوئين للإمام عليٍّ، تعاقدوا في صحيفة لهم على إبعاد عليّ(ع) من الخلافة، التي أثبتها له النبيّ (ص).

(٢) الظاهر في هذا الفراغ أسماء عدّة سقطت.

١٨٤

فقلت (لأبي): تهذي؟

قال: لا والله، لعن الله إبن صهّاك فهو الّذي أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني.

فما زال يدعو بالثُبور حتى غمضته.

وروى الحافظ رجب بن محمّد بن رجب البرسي في كتابه (الدرّ الثمين) ص ١٨٠ قال:

ثمَّ ذكر ندامة مَن تولّى عنه فقال:( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ ) يعني أبا الفضيل، يقول:( يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ) يعني أحبُّ عليًّا عليه السّلام، لأنّه السبيل والسلسبيل( يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) يعني رزيق( لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ‌ ) والذكر عليّ عليه السّلام( بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ) الكتاب بفضله( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) .

وأورد الطباطبائي في تفسيره (الميزان) ج١٩ من المجلد ١٥ ص ٢٠٧ ط. إسماعيليان، قال:

وقد ورد في غير واحد من الروايات في قوله تعالى:( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ) ، أنَّ السبيل هو عليّ عليه السّلام.

سورة الفرقان الآية ٥٤

( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا )

ورد في كتاب سُليم بن قيس الهلالي ص ٣٧٧ ط٢ في قول النبيّ صلّى الله عليه وآله:[سلوني عابدا لكم]. قال:

أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، عن سلمان وأبي ذر والمقداد: أنَّ نفراً من المنافقين اجتمعوا فقالوا: إنّ محمّداً ليخبرنا عن الجنّة وما أعدَّ الله فيها من النعيم لأوليائه وأهل طاعته، وعن النار وما أعد الله فيها من الأنكال والهوان لأعدائه وأهل معصيته. فلو أخبرنا عن آبائنا وأمهاتنا ومقعدنا في الجنّة والنار فعرفنا الّذي يبنى عليه العاجل والآجل.

فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأمر بلالاً فنادى بالصلاة جامعة. فاجتمع الناس حتى غصَّ المسجد وتضايق بأهله. فخرج مغضباً حاسراً عن ذراعيه وركبتيه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:[أيّها الناس، أنا بشر مثلكم أوحى إليَّ ربي، فاختصني برسالته واصطفاني لنبوّته وفضلّني على جميع ولد آدم وأطلعني على ما شاء غيبه. فاسألوني عمّا بدالكم.

١٨٥

فو الّذي نفسي بيده لا يسألني رجل منكم عن أبيه وأمه وعن مقعده من الجنّة والنار إلّا أخبرته. هذا جبرئيل عن يميني يخبرني عن ربّي فاسألوني. -وممن سأله الإمام عليّ (ع)- فقام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا رسول الله، أنسبني من أنا، ليعرف الناس قرابتي منك.

فقال (ص): يا عليُّ: خُلقت أنا وأنت من عمودين من نور معلقين من تحت العرش، يقدّسان الملك(١) من قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، ثمّ خلق من ذينك العمودين نطفتين بيضاوين ملتويتين. ثمّ نقل تلك النطفتين في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الزكية الطاهرة، حتى جعل نصفها في صلب عبد الله ونصفها في صلب أبي طالب. فجزءٌ أنا وجزء أنت، وهو قول الله عز وجل:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) .

يا عليّ: أنت مني وأنا منك. سيط(٢) لحمك بلحمي ودمك بدمي، وأنت السبب فيما بين الله وبين خلقه بعدي، فمن جحد ولايتك قطع السبب الّذي فيما بينه وبين الله وكان ماضياً في الدركات.

يا عليُّ: ما عرف الله إلّا بي ثمّ بك. من جحد ولايتك جحد الله ربوبيته.

يا عليُّ: أنت علم الله بعدي الأكبر، في الأرض وأنت الركن الأكبر في القيامة، فمن استظل بفيئك كان فائزاً، لأن حساب الخلائق إليك ومآبهم إليك، والميزان ميزانك والصراط صراطك والموقف موقفك والحساب حسابك. فمن ركن إليك نجا، ومن خالفك هوى وهلك. أللّهم اشهد، أللّهم اشهد.]

وورد في نور الأبصار للشبلنجي ص ١١٢.

عن محمّد بن سيرين: إنها نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ بن أبي طالب وهو ابن عم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم زوج فاطمة عليها السّلام فكان نسباً وصهراً.

وورد في(الدرّ المنثور) للحافظ رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب البرسي ص ١٨١ قال:

____________________

(١) أي الله تعالى.

(٢) أي اختلط.

١٨٦

ثمَّ ذكر حال أعداءه (أي أعداء الإمام عليّ(ع)) في النار فقال:( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) (١) لأنهم خالفوا عليًّا عليه السّلام ومنعوا حقّه.

ثمّ ذكر فضل أمير المؤمنين عليه السّلام وقربه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) .

روى الحافظ الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٢٣ ط٣، في الحديث ٥٧٧ قال:

أخبرونا عن ابن عقدة قال: حدّثنا محمّد بن منصور قال: حدّثنا أحمد بن عبد الرحمان قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن فرقد الأسدي، قال: حدّثنا الحكم بن ظهير قال:

حدّثنا السدّي (في) قوله:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا ) قال: نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليٍّ، زوّج فاطمة عليًّا وهو ابن عمّه وزوج ابنته، كان نسباً وكان صهراً.

وروى أيضا الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٢٣ ط٣ في الحديث ٥٧٨ قال:

وأخبرونا عن أبي بكر السبيعي، قال: حدّثنا عليّ بن العباس المقانعي قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو قال: حدّثنا حسين الأشقر، قال: حدّثنا أبو قتيبة التيمي قال:

سمعت ابن سيرين يقول (في قوله تعالى):( فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) قال: هو عليّ بن أبي طالب.

وورد في بحار الأنوار - ج٣٥ ص ٣٦٠ للعلامة المجلسي قال:

عن ابن عباس، في قوله تعالى:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) قال:

خلق الله نطفة بيضاء مكنونة فجعلها في صلب آدم ثمّ نقلها من صلب آدم إلى صلب شيث، ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ومن صلب أنوش إلى صلب قينان حتى توارثتها كرام الأصلاب ومطهرات الأرحام حتى جعلها الله في صلب عبد المطّلب، ثمّ قسمها نصفين فألقى نصفها إلى صلب عبد الله ونصفها إلى صلب أبي طالب، وهي سلالة فولد من عبد الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن أبي طالب عليّ عليه السّلام، فذلك قول الله تعالى:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) زوج فاطمة بنت محمّد، فعليّ من محمّد ومحمّد من عليٍّ والحسن والحسين، وفاطمة نسب وعليٌّ الصهر.

____________________

(١) سورة الفرقان: الآية ٥٥.

١٨٧

وعن جابر الجعفي عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية قال: خلق الله آدم وخلق نطفة من الماء فمزجها ثمّ أباً فأباً حتى أودعها إبراهيم عليه السّلام، ثمّ أُمّاً فأمّاً من طاهر الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام، حتى صارت إلى عبد المطّلب ففرق ذلك النور فرقتين فرقة إلى عبد الله فولد محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم وفرقة إلى أبي طالب فولد عليًّا عليه السّلام، ثمّ ألف الله النكاح بينهما، فزوّج الله عليًّا بفاطمة عليهما السّلام فذلك قوله عزّ وجل:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) .

روى المولى حيدر علي بن محمّد الشرواني في كتابه (ما روته العامّة من مناقب أهل البيت عليهم السّلام) ص ٩٤ في ذكر فضائل الإمام عليّ عليه السّلام، في (الرابعة والعشرون) قال:

قال الثعلبي في تفسيره(١) :

أخبرني أبو عبد الله القايني، أخبرنا أبو الحسن النصيبي القاضي، أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي، أخبرنا عليّ بن العباس المقانعي، أخبرنا جعفر بن محمّد بن الحسين، أخبرنا محمّد بن عمرو، أخبرنا حسين الأشقر، أخبرنا أبو قتيبة التميمي، قال: سمعت ابن سيرين يقول في قوله عزّ وجل:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) ، قال: نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وعليّ بن أبي طالب زوج فاطمة وهو ابن عمّه وزوج بنته، فكان نسباً وصهراً، انتهى.

وروى الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الجزء التاسع عشر من المجلد -الرابع- ص ١٧٥ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت، قال:

وقال ابن سيرين نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ بن أبي طالب زوج فاطمة (ع) فهو ابن عمّه وزوج ابنته فكان نسباً وصهراً( وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) أي قادر على ما أراد.

أخرج ابن المغازلي في (المناقب) ص ٣٤٧ في الرقم ٣٩٩ بروايته من طريق أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب إجازة، وبإسناده عن أنس بن مالك، قال:

____________________

(١) الكشف والتبيان: ص ٨٢.

١٨٨

جاء أبو بكر إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقعد بين يديه، وقال: يا رسول الله، قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام....... واني........ واني....... قال صلّى الله عليه وآله وسلّم وما ذاك، قال: تزوّجني فاطمة، قال: فسكت عنه أو قال: فأعرض عنه، قال: فرجع أبو بكر إلى عمر، فقال: هلكت هلكت، قال: وما ذاك؟ قال: خطبت فاطمة إلى النبي(ص) فأعرض عنّي، قال عمر: مكانك، حتى آتي النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأطْلُبُ منه مثل الّذي طَلبْتَ.

فأتى عمر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقعد بين يديه، فقال: يا رسول الله قد علمت مُناصِحَتي وقِدمي في الإسلام واني..... واني...... قال صلّى الله عليه وآله وسلّم وما ذاك؟ قال: تُزوّجُني فاطمة، قال: فأعرض عنه، قال: فرجع إلى أبي بكر فقال: إنّه ينتظر أمر الله فيها. فانطلق بنا إلى عليٍّ حتّى نأمره يطلب الّذي طلبنا.

قال عليٌّ:[فاتياني وأنا أعالج فسيلاً، فقالا: إلّا أتيت ابن عمّك تخطب بنته.

قال:فنبّهاني لأمر، فقمت أجرّ ردائي طرفاً على عاتقي وطرفاً على الأرض، حتى أتيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقعدت بين يديه، فقلت: يا رسول الله، قد علمتَ قِدمي في الإسلام ومناصحتي واني... واني.... قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: وما ذاك يا عليُّ ؟

قال: تُزوّجُني فاطمة، قال: وما عندك؟ قال: عندي فرسي ودرعي، قال: أمّا فرسك فلا بدّ لك منه، وأمّا درعك فبعها. فبعتها بأربعمئة درهم، فأتيته بها فوضعتها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: يا بلال أبغنا بها طيباً، وأمرهم أن يجهّزوها، فجعل سريراً مُشْرِطاً بالشّرط، ووسادة من أَدَمٍ حَشْوُها ليف وقال: إذا جاءتك فلا تُحْدِث شيئاً حتى آتيك.

قال: فجاءت مع أم أيمن حتى قعدت في ناحية البيت، وأنا في جانب البيت، قال: وجاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال:ها هنا أخي فقلت -يعني أم أيمن- أخوك وقد زوّجته إبنتك؟ قال:نعم فدخل، فقال لفاطمة:ائتيني بماء ، فقامت إلى قعب في البيت فيه ماء فأتته به، فمجّ فيه، ثمّ قال لها:قومي فنضج على رأسها وبين ثدييها، وقال:أللّهم أنّي أعيذها بك وذريّتها من الشيطان الرجيم .

ثم قال لعليّ:ائتني بماء فعلمت الّذي يريد، فقمت فملأت القعب ماء فأتيته به، فأخذ منه بفيه، ثمّ مجّه فيه، ثمّ صبّ على رأسي وبين ثديي، ثمّ قال: أللّهم أعيذه بك وذريّته من الشيطان الرجيم ثمّ قال:أدبر، فأدبرت فصبَّ بين كتفي ، ثمّ قال:أللّهم إنّي أعيذه بك من الشيطان الرجيم ، ثمّ قال:أُدخل بأهلك بسم الله والبركة ].

١٨٩

وروى الحافظ محمّد بن عليّ بن شهر آشوب في كتابه (مناقب آل أبي طالب) ج٢ ص ٢٩ ط.النجف، ج٢ ص ١٨١ ط. إيران.

بنقله عن تفسير الثعلبي في قوله تعالى:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) ، قال ابن سيرين: نزلت في النبيّ وعليٍّ زوج ابنته فاطمة، وهو ابن عمّه وزوج ابنته فكان نسباً وصهراً.

وروى عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:[لولا أنَّ الله خلق عليّ بن أبي طالب، ما كان لفاطمة كفؤٌ في وجه الأرض آدم ومن دونه].

قال صاحب بن عبّاد:

يا كفؤَ بنت محمّد لولاك ما

زُفّت إلى بشرٍ مدى الأحقاب

يا أصل عترةِ أحمدٍ لولاك لم

يكُ أحمدُ المبعوثُ ذا أعقابِ

وأخرج السيّد محمّد حسين الطباطبائي في تفسيره ج١٩ ص ٢٣٧ ط. اسماعيليان قال:

وفي المجمع في قوله تعالى( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ ) الآية، قال: ابن سيرين: نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ بن أبي طالب زوج فاطمة عليًّا فهو ابن عمّه وزوج ابنته فكان نسباً وصهراً.

وجاء في كتاب (فضائل الخمسة) للسيد مرتضى الفيروز آبادي الحسيني ج٢ ص ١٣٣ عن الرياض النضرة ج٢ ص ١٨٣ وفي ذخائر العقبى ص ٢٩ وكلاهما للمحبّ الطبري، وفيهما:

عن أنس بن مالك، قال: خطب أبو بكر إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته فاطمة عليها السّلام، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[يا أبا بكر لم ينـزل القضاء بعد ، ثمّ خطبها عمر مع عدّة من قريش كلّهم يقول له: مثل قوله لأبي بكر، فقيل لعليّ عليه السّلام: لو خطبت إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة لخليق أن يزوّجكها، قال:وكيف وقد خطبها أشراف قريش فلم يزوّجها ؟ قال: فخطبها، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم:قد أمرني ربيّ عزّ وجل بذلك.

١٩٠

قال أنس: ثمّ دعاني النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد أيّام، فقال لي:يا أنس ادع لي أبا بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير وعدّة من الأنصار، قال: فدعوتهم فلمّا اجتمعوا عنده صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخذوا مجالسهم، وكان عليّ عليه السّلام غائباً في حاجة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطواته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الّذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنَّ الله تبارك وتعالى اسمه، وتعالت عظمته، جعل المصاهرة نسباً لاحقاً، وأمراً مفترضاً، أوشج به الأرحام، وألزم الأنام، فقال عزّ من قائل: ( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) ، فأمر الله يجري إلى قضاءه، وقضاؤه يجري إلى قدره ولكلَّ قضاء قدر، ولكلَّ قدر أجل ولكل أجل كتاب ( يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (١) ثمّ إنّ الله عزّ وجل أمرني أن أُزوّج فاطمة بنت خديجة من عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا أنّي قد زوّجته على أربعمئة مثقال فضّة إن رضي بذلك عليّ بن أبي طالب . ثمّ دعا بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا، ثمّ قال:انهبوا فنهبا، فبينا نحن ننتهب إذ دخل عليّ عليه السّلام على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في وجهه، ثمّ قال:إنّ الله أمرني أن أزوّجك فاطمة على أربعمئة مثقال فضّة إن رضيت بذلك، فقال: قد رضيت بذلك يا رسول الله.

قال أنس: فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:جمع الله شملكما، وأسعد جدكما، وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيراً طيّباً ] قال أنس: فو الله الّذي أخرج منهما كثيراً طيباً.

وأورد السيّد هاشم البحراني في كتابه (غاية المرام) ص ٣٧٥ قال:

أخبرني أبو عبد الله القائني، أخبرنا أبو الحسن النصيبي القاضي، أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي، حدّثنا عليّ بن العباس المقانعي، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسين، حدّثنا محمّد بن عمرو، حدّثنا حسين الأشقر، حدّثنا أبو قتيبة التميمي قال: سمعت ابن سيرين في قوله تعالى:( وَهُوَ الّذي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا ) قال: نزلت في النبيّ وعليّ بن أبي طالب زوج فاطمة.

____________________

(١) سورة الرعد: الآية ٣٩.

١٩١

مصادر أخرى أوردت الحديث:

الفصول المهمة -للصباغ المالكي ص ١١.

فرائد السمطين ١/ب ص ٦٨.

نظم درر السمطين ٩٢.

ينابيع المودة، سليمان القندوزي: ص ٥١و١٣٩.

منتخب كنـز العمال: ج٥ ص ٩٩.

مجمع الزوائد للهيثمي: ج٩ ص ٢٠٥.

الراغب الاصفهاني في محاضرات الأدباء: ج٤ ص ٤٧٧.

الرياض النضرةك:ج٢ ص ١٨٠.

ذخائر العقبى ص ٢٧.

النسائي في الخصائص: ص ٣١و٣٢.

ابن سعد في الطبقات: ج٨ ص ١٤.

ابن البطريق الباب ٢٢ في كتاب خصائص الوحي المبين.

كتاب العمدة الفصل: ٣٥ ص ١٥٠.

كشف الغمة للإربلي في عنوان ما نزل من القرآن في شأن عليٍّ: ج١ ص ٣٢٢.

سورة الفرقان الآية ٧٤

( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَ‌بَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّ‌يَّاتِنَا قُرَّ‌ةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٢٥ ط٣، في الحديث رقم ٥٧٩ قال:

فرات قال: حدّثنا الحسين بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن سماعة قال: حدّثنا حنّان، عن أبان بن تغلب، قال:

سألت جعفر بن محمّد عن قول الله تعالى:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَ‌بَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّ‌يَّاتِنَا قُرَّ‌ةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) قال:[نحن هم أهل البيت].

وأخرج الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٢٥ ط٣ في الحديث ٥٨٠ قال:

فرات قال: حدّثني عليّ بن حمدون، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مروان، قال: حدّثنا عليّ بن يزيد، عن جرير، عن عبد الله بن وهب، عن أبي هارون:

١٩٢

عن أبي سعيد في قوله تعالى:( هَبْ لَنَا ) الآية قال: (قال) النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[قلت: يا جبرئيل ( مِنْ أَزْوَاجِنَا ) ؟ قال: خديجة .قال: و(من) ( وَذُرِّ‌يَّاتِنَا ) ؟ قال: فاطمة (قلت:) و(من) ( قُرَّ‌ةَ أَعْيُنٍ ) ؟ قال: الحسن والحسين. قال: ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) ؟ قال: عليّ عليه السّلام ].

وللملاحظة: إنّ هذين الحديثين، مذكوران في تفسير فرات الكوفي - عند تفسيره للآية في الحديثين الأول والثاني من تفسير الفرقان.

وروى السيّد الطباطبائي في تفسيره ج١٩ من المجلد ١٥ ص ٢٤٨ ط. اسماعيليان، قال:

وفي جوامع الجامع عن الصادق عليه السّلام، في قوله( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) قال:[إيّانا عنى].

أقول: وهناك عدّة روايات في هذا المعنى وأخرى تتضمّن قراءتهم عليهم السّلام:( وَاجْعَلْ لنا من الْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) .

١٩٣

سورة الشعراء

سورة الشعراء الآية ٨٤

( وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِ‌ينَ )

روى العلامة عبيد الله بسمل الأمر تسري في كتابه (أرجح المطالب) ص ٧١ ط لاهور بروايته عن الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتابه (مناقب عليٍّ) وبإسناده إلى أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السّلام في قوله تعالى:( وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِ‌ينَ ) .

قال: [هو عليّ بن أبي طالب، عرضت ولايته على إبراهيم (عليه السّلام).

فقال: أللّهم اجعله من ذريتي.

ففعل الله ذلك].

وأورد الحديث الشيخ محمّد حسن المظفر في (دلائل الصدق) ج٢ ص ٢٦٥ ط. القاهرة.

ورواه عليّ بن عيسى الاربلي في (كشف الغمة) ج١ ص ٣٢٠ ط. تبريز.

ورواه العلامة محمّد صالح الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) ص ٥٥ ط. محمّدي. بومباي.

ورواه العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) ص ٤١ المخطوط.

ورواه العلامة شهاب الدين أحمد الحسيني الشافعي في (توضيح الدلائل) ص ١٦٤ المخطوط.

ورواه السيّد البحراني في تفسيره (البرهان) ج٣ ص ١٣و١٨٤ ط. قم (تأويل الآيات) ج١ ص ٣٠٤ وص ٣٨٨ ط. قم.

(إحقاق الحق) المرعشي النجفي ج٣ ص-٣٨٠، ج١٤ ص ٣٣٠، ج٢٠ ص ١١٦.

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب (مناقب عليٍّ) بإسناده إلى الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السّلام، قال:

[هو عليّ بن أبي طالب، عرضت ولايته على إبراهيم عليه السّلام فقال: أللّهم اجعله من ذريّتي. ففعل الله ذلك ].

١٩٤

وروى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، في كتابه (كفاية الطالب) ص ٧٥ ط٣، مطبعة الفارابي - في الباب الخامس، بإسناده عن عبد الله بن عباس، قال:

قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[يا عبد الله أتاني ملك فقال: يا محمّد واسال من أرسلنا من قبلك، على ما بعثوا؟ قال: قلت على ما بعثوا؟، قال: على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب].

وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٥٤١ ط٣ في الحديث ٤٨٨ قال:

أخبرنا عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن موسى البزاز من أصله العتيق قال: أخبرنا هلال بن محمّد بن جعفر بن سعدان ببغداد، قال: حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن علي الخزاعي قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا (قال أخبرني) أبي (قال: أخبرنا) أبي (جعفر بن محمّد) (قال: أخبرنا) أبي (محمّد بن علي قال: أخبرنا) أبي (عليّ بن الحسين) (قال: أخبرني) أبي (الحسين بن علي) قال: حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:[ليلة عرج بي إلى السماء حملني جبرئيل على جناحه الأيمن فقيل لي: مَنْ استخلفته على أهل الأرض؟ فقلت خير أهلها لها أهلاً: عليّ بن أبي طالب أخي وحبيبي وصهري يعني ابن عمي، فقيل لي: يا محمّد أتحبّه؟ فقلت: نعم يا ربّ العالمين، فقال لي: أحبّه ومر أُمَّتَك بحبّه، فإنّي أنا العلي الأعلى اشتققت له من أسمائي إسماً فسمّيته عليّاً، فهبط جبرئيل فقال: إنَّ الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: إقرأ، قلت وما أقرأ؟ قال: ( وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّ‌حْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) (١) ].

سورة الشعراء الآيتان ١٠٠و١٠١

( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ )

روى الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج١ ص ٦٢٨ ط٣٠، في الحديث ٥٨٢ قال:

أخبرنا أبو الحسن الأهوازي، قال: أخبرنا أبو بكر البيضاوي قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا عيسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال:

[نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) وذلك أنّ الله يفضّلنا ويفضّل شيعتنا بأن نشفع فإذا رأي ذلك من ليس منهم قال: فما لنا من شافعين ].

ورواه جماعة عن عيسى، ورواه غيره عن عيسى فرفعه.

____________________

(١) سورة مريم: ٥٠.

١٩٥

وروى الحسكاني في الشواهد ص ٦٢٨ في الحديث ٥٨٣ قال:

أخبرناه أبو علي الخالدي كتابة من هرات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وكتبته من خطّ يده، قال: حدّثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان بن سعيد بن يحيى بن حرب البغدادي، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن ضريس قال: حدّثنا عيسى بن عبد الله العلوي، قال: حدّثنا أبي عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن (عليٍّ) عليهم السّلام قال:[نزلت هذه الآية في شيعتنا :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) وذلك أنَّ الله تعالى يفضّلنا حتّى أنّا نشفع ونتشفّع، فلمّا رأى ذلك من ليس منهم قالوا :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) ] .

وروى السيّد الطباطبائي في تفسيره (الميزان) ج١٩ من المجلد ١٥ ص ٢٩٣ ط. اسماعيليان. قال:

وفي المجمع وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:[إنّ الرجل يقول في الجنّة: ما فعل صديقي؟ -وصديقه في الجحيم- فيقول الله: أخرجوا له صديقه إلى الجنّة فيقول مَن بقي في النار :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) ] .

وروي بالإسناد عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:[والله لنشفعنَّ لشيعتنا -ثلاث مرّات-حتّى يقول الناس :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ -إلى قوله- فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وفي رواية أخرى:حتّى يقول عدوّنا].

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الجزء التاسع عشر من المجلد الرابع ص ١٩٤ ط١، قال:

( وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِ‌مُونَ ) أي إلّا أوّلونا الّذين اقتدينا بهم عن الكلبي، وقيل إلّا الشياطين عن مقاتل، وقيل الكافرون الّذين دعونا إلى الضّلال ثمّ أظهروا الحسرة فقالوا:( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ) يشفعون لنا ويسألون في أمرنا( وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) أي ذي قرابة يهمّه أمرنا والمعنى: ما لنا من شفيع من الأباعد ولا صديق من الأقارب وذلك حين يشفع الملائكة والنبيّون والمؤمنون. وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:[ إنَّ الرجل يقول في الجنّة ما فعل صديقي فلان وصديقه في الجحيم فيقول الله تعالى أخرجوا له صديقه إلى الجنّة، فيقول من بقي في النّار: ( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) ] وروى العيّاشي بالإسناد عن حمران ابن أعين عن أبي عبد الله(ع) قال:[والله لنشفعنَّ لشيعتنا، والله لنشفعنّ لشيعتنا، حتّى يقول الناس :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴿١٠٠﴾ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) إلى قوله فنكون من المؤمنين. وفي رواية أخرىحتّى يقول عدوّنا] . وعن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:[إنَّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيُشفع فيهم حتّى يبقى خادمه فيقول -يرفع سبابته-: يا ربِّ خُويْدمي، كان يقيني الحرَّ والبرد، لنشفع فيه] وفي خبر آخر عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:[إنَّ المؤمن ليشفع لجاره وما له حسنة فيقول: يا ربِّ جاري كان يكفّ عنّي الأذى فيشفع فيه وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنساناً].

١٩٦

سورة الشعراء الآية ٢١٤

( وَأَنذِرْ‌ عَشِيرَ‌تَكَ الْأَقْرَ‌بِينَ )

روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في (تاريخ الأمم والملوك) ج٢ ص ٢١٦و٢١٧ وبطبعة أخرى ٣١٩، قال:

عن ابن حميد قال: حدّثنا سَلَمَة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفّار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، عن عبد الله بن العباس عن عليّ بن أبي طالب، قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:( وَأَنذِرْ‌ عَشِيرَ‌تَكَ الْأَقْرَ‌بِينَ ) .

[دعاني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال لي: يا عليُّ إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين، فضقت بذلك ذرعاً وعرفت أنّي متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتّى جاءني جبريل فقال: يا محمّد إنك إلّا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عُسًّا من لبن ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الّذي صنعت لهم فجئت به فلمّا وضعته، تناول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة ثمّ قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة وما أرى إلّا موضع أيديهم، وأيم الله الّذي نفس عليٍّ بيده وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ثمّ قال: إسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشريوا منه حتى رووا منه جميعاً، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يكلّمهم بَدَرَهُ أبو لهب إلى الكلام. فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلّمهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: الغد يا عليّ. إنَّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلّمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثمّ اجمعهم إلى أن قال: ففعلت ثمّ جمعتهم ثمّ دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة ثمّ قال: إسقهم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعاً، ثمّ تكلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا بني عبد المطّلب إنّي والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأ فضل ممّا جئتكم به إنّي جئتكم بخيري الدنيا والآخره وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم قال: فأحجم القوم عنه جميعا فقلت وأنا أحدثهم سنّا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ].

١٩٧

وروى الطبري الحديث في تفسيره: ج١٩ ص ٧٤ ط. بولاق -مصر عند تفسيره للآية من سورة الشعراء وأيدي التحريف والتزييف حرّفت الحديث وتلاعبت في صيغة الحديث في الطبعات اللاحقة لطبعة بولاق. وهذا ديدن النواصب.

وروى الحافظ أبو نُعيم في (ما نزل من القرآن في عليّ عليه السّلام) ص ١٥٥ ط١ في الرقم ٤٢ قال:

حدّثنا أبو بكر الطلحي، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن الحسين قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدّثنا أحمد بن بندار، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن سلمان، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب (قال) حدّثنا شريك عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله:

عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:[لما نزلت :( وَأَنذِرْ‌ عَشِيرَ‌تَكَ الْأَقْرَ‌بِينَ ) .قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: عليٌّ يقضي ديني وينجز موعدي].

وروى جلال الدين عبد الرحمان السيوطي الشافعي في كتابه (جمع الجوامع) في مسند عليّ عليه السّلام: ج٢ ص ٨٨ وبإسناده عن الإمام عليّ عليه السّلام، قال:

عن عليٍّ قال:[لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم: ( وَأَنذِرْ‌ عَشِيرَ‌تَكَ الْأَقْرَ‌بِينَ ) دعاني رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فقال: يا عليُّ إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين فضقت بذلك ذرعاً وعرفت أنّي مهما أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت عليها حتّى جاءني جبرئيل فقال:

يا محمّد إنّك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك، فاصنع لي صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واجعل لنا عُسًّا من لبن ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلغ ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً - يزيدون رجلاً أو ينقصونه - فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب- فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الّذي صنعته لهم فجئت به فلمّا وضعته، تناول النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة ثمّ قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم حتّى نهلوا عنه ما نرى إلّا آثار أصابعهم والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم ثمّ قال: إسق القوم يا عليّ فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتّى رووا جميعاً وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبيّ صلّى الله عليه(وآله) وسلّم أن يكلّمهم بَدَرَهُ أبو لهب إلى الكلام. فقال: لقد سخركم صاحبكم، فتفرّق القوم ولم يكلّمهم النبيّ صلّى الله عليه(وآله) وسلّم فلمّا كان الغد قال: يا عليّ إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم فعد لنا بمثل الّذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ثمّ اجمعهم لي.

١٩٨

ففعلت ثمّ جمعتهم ثمّ دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا وشربوا حتى نهلوا ثمّ تكلّم النبيّ صلّى الله عليه(وآله) وسلّم فقال: يا بني عبد المطّلب إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني على أمري هذا ((على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنه جمعياً)) فقلت - وأنا أحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً-: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي فقال: إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعليّ].

ثمّ قال السيوطي: (رواه) ابن إسحاق وابن جرير، وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل.

الملاحظة:

ما وضع بين المعقوفين هو ما أسقطته أيدي التحريف والتزييف من المناوئين والنواصب، وللرجوع ما ذكره الطبري في تاريخه وتفسيره طبعة بولاق، وفي تهذيب الآثار، ورواية الحافظ الحسكاني وما موجود في تفسير الثعلبي وما رواه ابن عساكر وكذلك الباب ١٦ من كتاب فرائد السمطين: ج١ ص ٨٥ ط. بيروت، وكذلك برواية الإسكافي.

وورد الحديث في (كنـز العمّال) في مناقب عليٍّ، للمتقي الهندي: ج١٥ ص ١١٠ في الحديث ٣٣٤.

وروى ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) ج٣ ص ١٤٥ ط. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت قال:

وأمّا خبر الوزارة، فقد ذكره الطبري في تاريخه، عن عبد الله بن عباس عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال:[لمّا نزلت هذه الآية :( وَأَنذِرْ‌ عَشِيرَ‌تَكَ الْأَقْرَ‌بِينَ ) ،على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعاني، فقال: يا عليُّ، إنَّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين، فضقت بذلك ذرعاً وعلمت أنّي متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت حتّى جاءني جبرائيل عليه السّلام فقال: يا محمّد، إنّك إن لم تفعل ما أُمِرْت به يعذبّك ربُّك، فاصنع لنا صاعاً من طعام، واجعل عليه رِجْلَ شاة، واملأ لنا عُسًّا من لبن ثمّ اجمع بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلغهم ما أُمرت به. ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، وفيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب، فلمّا اجتمعوا إليه دعا بالطعام الّذي صنعت لهم فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بضعة من اللحم فشقها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصَّحْفة،

١٩٩

ثمَّ قال: كلوا باسم الله، فأكلوا حتّى ما لهم إلى شيء من حاجة، وأيم الله الّذي نفس عليٍّ بيده، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمته لجميعهم، ثمّ قال: إسقِ القوم يا عليّ فجئتهم بذلك العُسّ فشربوا منه، حتى رووا منه جميعاً، وأيم الله إن كان الرجل ليشرب مثله، فلمّا أراد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يكلّمهم بَدَرَهُ أبو لهب إلى الكلام، فقال: لشدّ ما سحركم صاحبكم فتفرّق القوم، ولم يكلّمهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال من الغد: يا عليُّ إنَّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس، ثمّ اجمعهم لي، ففعلت ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطعام، فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة ثمّ قال: إسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه جميعاً، حتّى رووا، ثمّ تكلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي والله ما أعلم أنّ شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه. فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنه جميعاً، وقلت أنا - وإنّي لأحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً-: أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه، فأعاد القول، فأمسكوا وأعدت ما قلت، فأخذ برقبتي، ثمّ قال لهم: هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: أمرك أن تسمع لابنك وتطيع].

ويدل على أنَّه وزير رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى:( وَاجْعَل لِّي وَزِيرً‌ا مِّنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُ‌ونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِ‌ي ﴿٣١﴾ واشركه فِي أَمْرِ‌ي ) (١) وقال النبيّ في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام:[أنت منِّي بمنـزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي] فأثبت له جميع مراتب هارون من موسى، فإذن هو وزير رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وشادُّ أزره، ولولا أنّه خاتم النبيين لكان شريكاً في أمره.

وروى أبو جعفر الطبري أيضا في(التاريخ) أنّ رجلاً قال لعليّ عليه السّلام يا أمير المؤمنين، بم ورثت ابن عمّك دون عمّك؟ فقال عليّ عليه السّلام:[هاؤم ثلاث مرات حتّى اشرأبَّ الناس ونَشَروا آذانهم، ثمّ قال:جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بني عبد المطّلب بمكّة، وهم رهطه كلّهم، يأكل الجذعه، ويشرب الفِرْق (٢) ، فصنع مدّاً من طعام، حتّى أكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو، كأنّه لم يُمَسّ، ثمّ دعا بغُمر فشربوا ورووا، وبقي الشراب كأنّه لم يشرب،

____________________

(١) سورة طه :الآيات ٢٩و٣٠و٣١و٣٢.

(٢) الفرق: ميكال يكال به اللبن.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

والرواية منافية ؛ لأنّ المرويّ أنّه حرّمه ومنعه حتّى قالت المرأة : «كيف تمنعنا ما أحلّ الله لنا في محكم كتابه؟!»(١) .

وأما التواضع ؛ فإنّه لو كان الأمر كما قال عمر لاقتضى إظهار القبيح وتصويب الخطأ ، ولو كان العذر صحيحاً ، لكان هو المصيب والمرأة مخطئة!

__________________

(١) راجع الهامش رقم ٣ من الصفحة السابقة.

٢٢١

وقال الفضل(١) :

شأن أئمّة الإسلام وخلفاء النبوّة أن يحفظوا صورة سنة رسول الله في الأُمة ، فأمرهم بترك المغالاة ، والإجماع على أنّ الإمام له أن يأمر بالسنة أن يحفظوها ، ولا يختصّ أمره بالواجبات ، بل له الأمر بإشاعة المندوبات.

وهذا ممّا لا نزاع فيه ، كما أجاب قاضي القضاة بأنّه طلب الاستحباب في ترك المغالاة والتواضع في قوله.

وأمّا تخطئة قاضي القضاة في جوابه ، فخطأٌ بيّنٌ ؛ لأنّه لم يرتكب المحرّم ، بل هدّد به ، وللإمام أن يُهدد ويُوعد بالقتل والتعزير والاستصلاح ، فأوعد الناس وهددهم بأخذ المال إن لم يتركوا المغالاة ، فلا يكون ارتكاب محرّم.

ولم يرووا أنّه أخذ شيئاً من المهور الغالية ووضعها في بيت المال ، ولو فعله لارتكب محرّماً على زعمه.

ثمّ قال : «والرواية منافية ؛ لأنّ المرويّ أنّه حرّمه».

فهذا غير مسلّم ، ولمّا كان ظاهر أمره ينافي ما ذكرته المرأة من جواز المغالاة بنصّ الكتاب رجع وتواضع بقوله : «كلّ الناس أفقه من عمر».

وقد كان عمر رجّاعاً إلى أحكام الله ، وقافاً عند كتاب الله.

وكان متواضعاً غاية التواضع والخشوع عند ذِكر الله ، حتّى إنّه قيل :

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٩ الطبعة الحجرية.

٢٢٢

قال له رجل : اتّقِ الله ، فوضع خده على الأرض(١) .

وهذا من كمال تواضعه.

وأمّا قوله : «لو كان الأمر كما قال عمر ، لاقتضى إظهار القبيح وتصويب الخطأ» ، فهذا كلامٌ بيّنُ البطلان ؛ فإنّ عمر تواضع بقوله : «كلّ الناس أفقه من عمر».

وهذا التواضع لا يقتضي إظهار القبيح ، ولا تصويب الخطأ ، لا أنّه تواضع بترك الحقّ والصحيح ، وأخذ الباطل وتقريره ، حتّى يلزم ما يقول.

__________________

(١) الذي وضع خدّه على الأرض في هذا الخبر هو مالك بن مغول وليس عمر!

انظر : شعب الإيمان ٦ / ٣٠١ ح ٨٢٤٧ ، ونقله السيوطي في الدرّ المنثور ١ / ٥٧٥ عن البيهقي وابن المنذر.

٢٢٣

وأقول :

لا ريب بحسن الحثّ من كلّ مسلم على سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والترغيب بها ، ولكنّ الكلام في تحريم ما أحلّ الله ورسوله كما فعل عمر في المقام.

ودعوى أنّه لم يُحرّم المغالاة وإنْ هدّد عليها ، باطلة ؛ لأنّ صريح ما وقع منه التحريم ، بشهادة ما نقله في «كنز العمّال»(١) ، عن سعيد بن منصور ، والبيهقي ، عن الشعبي ، قال : «خطب عمر بن الخطّاب ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : ألا لا تُغالوا في صداق النساء ، وإنّه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله ، أو سيق إليه ، إلاّ جعلت فضل ذلك في بيت المال.

ثمّ نزل ، فعرضت له امرأة من قريش ، فقالت : يا أمير المؤمنين! لَكتابُ اللهِ أحقُّ أن يتّبع أم قولُك؟!

قال : كتاب الله ؛ فما ذاك؟!

قالت : نهيتَ الناس آنفاً أن يتغالوا في صداق النساء ، والله تعالى يقول في كتابه :( وآتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) (٢) .

فقال عمر : كلّ أحد أفقه من عمر ـ مرّتين أو ثلاثة ـ.

__________________

(١) في كتاب النكاح ، ص ٢٩٨ من الجزء الثامن [١٦ / ٥٣٦ ح ٤٥٧٩٦]. منه (قدس سره).

وانظر : سنن سعيد بن منصور ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٥٩٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٣٣.

(٢) سورة النساء ٤ : ٢٠.

٢٢٤

ثمّ رجع إلى المنبر فقال للناس : إنّي كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء ، فليفعل رجلٌ في ماله ما بدا له».

ثمّ نقل في «الكنز» نحوه ، عن سعيد بن منصور ، وأبي يعلى ، والمحاملي ، عن مسروق(١) .

ثمّ نقل عن عبد الرزّاق ، وابن المنذر ، عن عبد الرحمن السُلمي ، قال : «قال عمر : لا تُغالوا في مهور النساء!

فقالت امرأة : ليس ذلك لك يا عمر! إنّ الله يقول :( وآتيتم إحداهنّ قنطاراً ) من ذهب.

قال : وكذلك هي قراءة ابن مسعود.

فقال عمر : إنّ امرأة خاصمت عمر فخصمته»(٢) .

ثمّ نقل في «الكنز» أيضاً ، عن الزبير بن بكّار في «الموفّقيّات» ، وابن عبد البرّ في «العلم» ، عن عبد الله بن مصعب ، قال : «قال عمر : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقيّة! فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال.

فقالت امرأة : ما ذاك لك!

قال : ولِمَ؟!

قالت : لأنّ الله تعالى يقول :( وآتيتم إحداهنّ قنطاراً ) الآية.

__________________

(١) كنز العمال ١٦ / ٥٣٧ ح ٤٥٧٩٨ ، وانظر : المقصد العلي في زوائد أبي يعلى ـ للهيثمي ـ ٢ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ح ٧٥٧ ، مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ١٥٠.

(٢) كنز العمّال ١٦ / ٥٣٨ ح ٤٥٧٩٩ ، وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٦ / ١٨٠ ح ١٠٤٢٠ ، تفسير ابن المنذر ٢ / ٦١٥ ح ١٥١١.

٢٢٥

فقال عمر : امرأةٌ أصابت ورجلٌ أخطأ»(١) .

ونحو ذلك في «شرح النهج»(٢) .

وروى في «الدرّ المنثور» هذه الأحاديث وغيرها في تفسير الآية ، وقال في حديث مسروق : «سنده جيّد»(٣) .

وهي صريحة في تحريم عمر للمغالاة وإقراره بالخطأ.

وقد ادّعى الحاكم في «المستدرك»(٤) تواتر الأسانيد الصحيحة بخطبة عمر ؛ قال : «وفي هذا الباب لي مجموعٌ في جزء كبير».

فقد ظهر أنّه لا وجه لحمل عمر على طلب الاستحباب والتواضع بعد صراحة الأخبار في التحريم ، والإقرار بالخطأ.

مع أنّ حمله على الاستحباب لا يلائم التهديد بارتكاب الحرام ؛ وهو جعل المهر في بيت المال ؛ فإنّه لا يصحّ تهديد شخص على ترك نافلة الليل والصدقة المستحبّة بأنّه لو ترك النافلة لَقتَلَه وأخَذَ ماله.

بل لا يصحّ التهديد على ترك الواجب وفِعل الحرام ، إلاّ بما يسوّغه الشرع من الحدود والتعزيرات ونحوها.

فلا يجوز أن يُهدد تاركُ الصلاة أو شاربُ الخمر بأن يُزنى بأُمه ، أو يُقتل أخوه ، أو يؤخذ مالُه ؛ ضرورة أنّ التهديد إنّما يصحّ بما يمكن للفاعل أن يفعله ويسوغ له شرعاً إذا كان مقيّداً بالشرع.

__________________

(١) كنز العمّال ١٦ / ٥٣٨ ح ٤٥٨٠٠ ، وانظر : الأخبار الموفّقيّات : ٥٠٧ ح ٤٣٠ ، جامع بيان العلم ـ لابن عبد البرّ ـ ١ / ١٥٩ ، مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٢) ص ٩٦ المجلّد الثالث [١٢ / ١٧]. منه (قدس سره).

(٣) الدرّ المنثور ٢ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧.

(٤) ص ١٧٧ من الجزء الثاني [٢ / ١٩٣ ذ ح ٢٧٢٨]. منه (قدس سره).

٢٢٦

وهذا هو مراد المصنّف في تخطئة القاضي.

ولا تتوقف تخطئتُه على ارتكاب عمر للحرام وأخذ شيء من المهور ووضعه في بيت المال ، كما تخيّل الخصم أنّه مراد المصنّف (رحمه الله).

وأيضاً : لو كان عمر مريداً للاستحباب أوّلا والتواضع أخيراً ، لكان بتواضعه بإظهار خطأ نفسه مُظهراً للقبيح ؛ وهو إرادة التحريم والتهديد على مخالفته ، ومصوِّباً لخطأ المرأة في حملها له على التحريم ؛ وهذا ليس من أفعال العقلاء!

وأمّا قوله : «كان عمر رجّاعاً إلى أحكام الله ، وقّافاً عند كتاب الله»

فمحلُّ نظر ؛ بشهادة مخالفته للكتاب في أمر الخمس(١) ، والزكاة(٢) ، والمتعتين(٣) ، وغيرها(٤) ، وعدم رجوعه إلى حكمه.

__________________

(١) انظر : مسند أحمد ١ / ٣٢٠ ، مسند الشافعي ـ المطبوع مع كتاب «الأُمّ» ـ ٩ / ٤٩٥ كتاب قسم الفيء ، الأموال : ٢٢ ح ٤٠ وص ٤١٨ ـ ٤١٩ ح ٨٥٢ ـ ٨٥٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢١٠.

وراجع الصفحة ٨٣ وما بعدها ، والصفحة ١٢٧ وما بعدها ؛ من هذا الجزء.

هذا ، وقد رووا ـ كما في بعض المصادر المذكورة آنفاً ـ أنّ نجدة الحروري ـ حين خرج من فتنة ابن الزبير ـ أرسل إلى ابن عبّاس يسأله عن سهم ذي القربى : لمن تراه؟ فقال : هو لنا ، لقربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قسمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم ، وقد كان عمر عرض علينا شيئاً رأيناه دون حقّنا ، فرددناه عليه ، وأبَينا أن نقبله.

(٢) انظر : الموطّأ : ٢٦٣ ح ٣٩ ، الأوائل ـ للعسكري ـ : ١٢٢ ، مسند أحمد ١ / ١٤ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٥٥٧ ح ١٤٥٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٤ / ١١٨ ـ ١١٩ ، مجمع الزوائد ٣ / ٦٩ ، تاريخ الخلفاء : ١٦٠.

(٣) سيأتي تفصيل ذلك في الصفحتين ٢٨٢ و ٣١٦ وما بعدهما ، من هذا الجزء.

(٤) مما مرّ وسيأتي من الشواهد على ذلك.

وعلاوة على ما ذكره الشيخ المظفّر (قدس سره) ، نضيف مثالين آخرين على مخالفته

٢٢٧

نعم ، كان يرجع في كثير من المسائل عمّا يراه إلى رأي آخر ؛ لتسرّعه وتحيّره ؛ كما في أحكام الإرث(١) ، والحدود(٢)

وربّما يرجع نادراً إلى حكم الله ـ كما في المقام ـ ؛ لاتّضاح خطئه وافتضاح رأيه ، وعدم المقتضي لإصراره على الخطأ

ومع ذلك هو مُصرٌّ حيث يسعه

فقد حكى في «كنز العمّال» ـ قبل الأحاديث التي ذكرناها سابقاً ـ ،

__________________

للكتاب العزيز

فقد خالف قوله تعالى :( الطلاق مرّتان ) سورة البقرة ٢ : ٢٢٩.

انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، مسند أحمد ١ / ٣١٤ ، مصنّف عبد الرزّاق ٦ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ح ١١٣٣٦ ـ ١١٣٣٨ ، سنن أبي داود ٢ / ٢٦٨ ح ٢١٩٩ و ٢٢٠٠ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٣ / ٣٥١ ح ٥٥٩٩ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢١٤ ح ٢٧٩٢ و ٢٧٩٣ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ / ٥١٦ ـ ٥١٧ و ٥٢٩ ، الدرّ المنثور ١ / ٦٦٨.

وكذا خالف قوله تعالى :( فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيّباً ) سورة النساء ٤ : ٤٣ وسورة المائدة ٥ : ٦.

انظر : صحيح مسلم ١ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٨٨ ح ٥٦٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ح ٣٠٢ ـ ٣٠٥ ، صحيح ابن خزيمة ١ / ١٣٥ ـ ١٣٧ ح ٢٦٨ ـ ٢٧١ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٢ / ٢٩٩ ـ ٣٠٢ ح ١٣٠١ ـ ١٣٠٤ و ١٣٠٦ ، مسند أحمد ٤ / ٢٦٥ ، مسند الشاشي ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٣١ ح ١٠٢٥ ـ ١٠٣٠ و ١٠٣٢ ـ ١٠٣٥ و ١٠٣٨ و ١٠٣٩.

(١) سيأتي البحث بتمامه في الصفحة ٢٧٠ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٢) انظر في ما يخصّ مخالفته لحدود الله : صحيح مسلم ٥ / ١٢٥ ـ ١٢٦ كتاب الحدود / باب حدّ الخمر ، سنن أبي داود ٤ / ١٦٢ ح ٤٤٨٠ ، مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٧٩ ح ١٣٥٤٥ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٣١٧ ـ ٣١٨ ، كنز العمّال ٥ / ٥٥٣ ح ١٣٩٢٨.

وسيأتي تفصيل تعطيله لحدود الله في الصفحة ٢٥٠ وما بعدها ، من هذا الجزء.

٢٢٨

عن ابن أبي شيبة ، عن نافع ، قال : «تزوّج ابن عمر [صفيّة] على أربعمئة درهم ، فأرسلتْ إليه أنّ هذا لا يكفينا ؛ فزادها مئتين سرّاً من عمر»(١) .

وأما قوله : «كان متواضعاً غاية التواضع»

فمحلُّ نظر أيضاً ، بدليل كثرة إهانته للناس ، وتحقيره لهم ، وضربه لهم بالدرّة بلا سبب شرعي(٢) .

__________________

(١) كنز العمّال ١٦ / ٥٣٦ ح ٤٥٧٩٤ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ٣١٨ ح ١٧.

(٢) تقدّم ذِكر شواهد على ذلك في الصفحة ١٧٥ هـ ٣ ، من هذا الجزء ؛ فراجع!

٢٢٩

قصة تسوّر عمر على جماعة

قال المصنّف ـ رفع الله مقامه ـ(١) :

ومنها : إنّه تسوّر على قوم ، ووجدهم على منكَر ، فقالوا : أخطأتَ من جهات :

تجسّست ، وقد قال الله تعالى :( ولا تَجسّسوا ) (٢)

ودخلت الدار من غير الباب ، والله تعالى يقول :( وليس البرُّ بأن تأتوا البُيوتَ من ظهورها ولكنّ البرَّ مَنِ اتّقى وَأْتُوا البُيوتَ من أبوابها ) (٣)

ودخلت بغير إذن ، وقد قال الله تعالى :( لا تدخلوا بُيوتاً غير بُيوتكم حتّى تستأنسوا ) (٤)

ولم تسلّم ، وقد قال الله تعالى :( وتُسلّموا على أهلها ) (٥) .

فلحقه الخجل(٦) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ١٢.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٨٩.

(٤) سورة النور ٢٤ : ٢٧.

(٥) سورة النور ٢٤ : ٢٧.

(٦) انظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ١٤ ، إحياء علوم الدين ٢ / ٢٩٦ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ وج ١٢ / ٢٠٩ ، الدرّ المنثور ٧ / ٥٦٨ ، كنز العمّال ٣ / ٨٠٨ ح ٨٨٢٧ ، العقد الفريد ٥ / ٢٩٨.

٢٣٠

أجاب قاضي القضاة بأنّ له أن يجتهد في إزالة المنكر ، ولحقه الخجل ؛ لأنّه لم يصادف الأمر على ما قيل له(١) .

وهذا خطأ ؛ لأنّه لا يجوز للرجل أن يجتهد في محرّم ومخالفة الكتاب والسنة ، خصوصاً مع عدم علمه ، ولا ظنّه ؛ ولذا ظهر كذب الافتراء على أُولئك(٢) .

__________________

(١) انظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ١٤.

نقول : سيأتي ردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) على عبارة القاضي عبد الجبّار هذه ، في الصفحة ٢٣٨ ، من هذا الجزء.

(٢) وانظر : الشافي ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٥.

٢٣١

وقال الفضل(١) :

جواب قاضي القضاة صحيح ، وتخطئته خطأ ظاهر ؛ لأنّ هذا ليس من الاجتهاد في الحرام ؛ فإنّ الاجتهاد في الحرام فيما لم يكن للحكم الحرام معارِض ، وها هنا ليس كذلك ؛ لأنّ إزالة المنكر على المحتسب والإمام واجب بقدر الوسع والإمكان ، فهذا يجوّز التجسّس ؛ لأنّه من جملته ، ومع الإزالة.

فكان التجسّس لإزالة المنكر خارجاً عن حكم مطلق التجسّس ، فيجوز فيه الاجتهاد.

ألا يرى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بكسر القدور التي طبخت فيها لحوم الحمير الأهليّة(٢) ـ مع أنّ الكسر إتلاف مال الغير ـ وهو حرام ؛ للنصّ والإجماع ، ومع ذلك أمر به ؛ لأنّ إزالة المنكر كانت تدعو إلى ذلك.

فإزالة المنكر إذا دعت إلى أمر لا يتيسر الإزالة إلاّ به ، يجوز للمحتسب(٣) الإقدام عليه.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٤٠ الطبعة الحجرية.

(٢) انظر : صحيح البخاري ٧ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ح ٦٠ ، صحيح مسلم ٦ / ٦٣ ـ ٦٥ ، وفيها كلّها أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بإكفاء القدور وإهراق ما فيها لا غير ، إلاّ خبراً واحداً رواه مسلم في صحيحه ٦ / ٦٥ ورد فيه أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بكسر القدور بعد إهراق ما فيها ؛ وفي تتمة الخبر أنّ رجلا قال : يا رسول الله! أوْ نهريقُها ونغسلُها؟ قال : أوْ ذاك.

وسيأتي ردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) عليه في الصفحة ٢٣٧ ، من هذا الجزء.

(٣) المحتَسب : هو مَن يتولّى الإشراف على شؤون العامة ، مِن مراقبة الأسعار ،

٢٣٢

أَما سمعت أنّ المحتسب له أن يكسر الدِّنان(١) التي فيها الخمر إذا لم يتيسر الإهراق بدون الكسر.

ويجوز أنّ عمر اجتهد ؛ فدخل الدار وتجسّس على ما ذكرنا ، ثمّ لما ذكّروه القرآنَ تغيّر اجتهاده فتركهم وخرج.

وأمثال هذه الأُمور لا يبعد عن أئمة العدل.

__________________

ورعاية الآداب ، والإنكار على قبيح الأعمال.

انظر مادّة «حسب» في : لسان العرب ٣ / ١٦٦ ، القاموس المحيط ١ / ٥٧ ، تاج العروس ١ / ٤٢٣.

(١) الدنان : جمع الدنِّ ؛ وهو ما عظُم من الرَّواقيد ، وهو كهيئة الحُبِّ إلاّ أنّه أطول ، مستوي الصنعة ، في أسفله كهيئة قوْنسِ البيضة ، وقيل : الدنُّ أصغر من الحُبِّ ، له عُسْعُسٌ فلا يقعد إلاّ أن يُحفر له.

انظر مادّة «دنن» في : لسان العرب ٤ / ٤١٨ ، تاج العروس ١٨ / ٢٠٣.

٢٣٣

وأقول :

لا يخفى أنّ النهي عن المنكر لا يتحقّق إلاّ مع إحراز وجود المنكر ، أو إحراز العزم عليه ؛ وبخلافه التجسّس ، فإنّه لا يتحقّق إلاّ مع الشكّ في ما يُتجسّس عنه.

فحينئذ إذا قام دليلٌ على وجوب النهي عن المنكر ، ودليلٌ على حرمة التجسّس ، لم يقع بينهما تزاحم أصلا ، لتباين موضوعيهما ، فلا وجه لدعوى خروج التجسّس لإزالة المنكر عن حكم مطلق التجسّس.

ولو سُلّمت المزاحمة ، فالمقتضي لحرمة التجسّس أهمّ وأقوى من مقتضى وجوب النهي عن المنكر ، فيلزم القول بحرمة التجسّس تقديماً لها على وجوب النهي عن المنكر المحتمل.

ويدلّ عليه ما حكاه في «كنز العمّال»(١) ، عن عبد الرزّاق ، والحاكم ، والبيهقي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وابن أبي حاتم ، وغيرهم ، عن ابن

__________________

(١) في كتاب الحدود ، ص ٨٣ من الجزء الثالث [٥ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ ح ١٣٤٢٦]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٧٠ ـ ٣٧٢ ح ١٣٥١٩ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٢٤ ح ٨١٥٥ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٣٣١ ، المعجم الكبير ٩ / ١٠٩ ـ ١١٠ ح ٨٥٧٢ ، تفسير ابن أبي حاتم ٨ / ٢٥٥٥ ـ ٢٥٥٦ ح ١٤٢٧٩ ، مسند الحميدي ١ / ٤٨ ـ ٥٠ ح ٨٩ ، مسند أحمد ١ / ٤١٩ و ٤٣٨ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٨٧ ـ ٨٨ ح ٥١٥٥.

٢٣٤

مسعود ، من حديث طويل رواه عنه ابن(١) أبي ماجد الحنفي ، قال : «أوّلُ رجل قُطع من المسلمين رجلٌ من الأنصار ، أُتي به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكأنّما أُسِفَّ(٢) في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رمادٌ.

فقالوا : يا رسول الله! كأنّ هذا شقّ عليك؟!

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : وما يمنعني وأنتم أعوان الشيطان على صاحبكم ، إنّ الله عفوٌّ ، يحبُّ العفو ، وإنّه لا ينبغي لوال أن يؤتى بحدّ إلاّ أقامه ؛ ثمّ قرأ :( وَليَعفوا وَليَصفحوا ) (٣) ».

ونقل أيضاً نحوه عن الديلمي ، عن ابن عمر(٤) .

و(٥) عن عبد الرزّاق ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب.

ونقل أيضاً(٦) ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قام بعد أن رجم الأسلمي ، فقال : «اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها ، فمن ألَمّ بشيء منها

__________________

(١) كذا في الأصل ؛ وورود كلمة «ابن» هنا من سهو قلمه الشريف (قدس سره) ؛ والراوي أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة ؛ انظر : تاريخ الثقات ـ للعجلي ـ : ٥٠٩ رقم ٢٠٢٨ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٨ / ٧٣ رقم ٦٨٧ (الكنى) ، ميزان الاعتدال ٧ / ٤١٨ رقم ١٠٥٦٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٤٣ رقم ٨٦١٧.

(٢) أُسِفّ وجهه : أي تغيّر وجهُه واكمَد كأنّما ذُرَّ عليه شيء غيّره ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٢٨٣ مادّة «سفف».

(٣) سورة النور ٢٤ : ٢٢.

(٤) كنز العمّال ٥ / ٤٠١ ح ١٣٤٢٥.

(٥) ص ٨٩ ج ٣ [٥ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨ ح ١٣٥١٠]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣١٣ ح ١٣٣١٨.

(٦) ص ٩١ و ٩٢ و ١٢٢ ج ٣ [٥ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ح ١٣٥٤٢ و ١٣٥٤٣ وص ٤٤٤ ح ١٣٥٥٧]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣١٩ ـ ٣٢١ ح ١٣٣٣٦ و ١٣٣٣٧ وص ٣٢٣ ح ١٣٣٤٢.

٢٣٥

فليستَتِرْ».

إلى غير ذلك من الأحاديث الناهية عن الفضيحة وطلب الستر(١) .

بل نقل في «الكنز»(٢) ، عن عبد الرزّاق ، وهناد ، وابن عساكر ، عن أبي الشعثاء ، قال : «استعمل عمر بن الخطّاب ، شُرَحْبيل بن السِّمْط(٣) على مَسْلَحة(٤) دون المدائن ، فقام شرحبيل فخطبهم ، فقال : أيّها الناس! إنّكم في أرض ، الشرابُ فيها فاش ، والنساءُ فيها كثيرٌ ، فمَن أصاب

__________________

(١) انظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٢٠ ـ ٣٢٤ ح ١٣٣٣٧ ـ ١٣٣٤٥ وص ٣٢٦ ح ١٣٣٥٠ ، صحيح مسلم ٥ / ١١٦ ـ ١٢٠ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٤ / ٣٠٥ ـ ٣٠٧ ح ٧٢٧٤ ـ ٧٢٨٠ ، المنتقى من السنن ـ لابن الجارود ـ : ٢٠٤ ح ٨٠٣ وص ٢٠٦ ح ٨١٣ و ٨١٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٢١٩ ، كنز العمّال ٥ / ٤٤٤ ح ١٣٥٥٧ وص ٤٤٥ ح ١٣٥٥٩.

(٢) ص ١٢٢ ج ٣ [٥ / ٥٦٩ ح ١٣٩٩٤]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٥ / ١٩٧ ـ ١٩٨ ح ٩٣٧١ ، تاريخ دمشق ٢٢ / ٤٦١ ـ ٤٦٢.

(٣) هو : شرحبيل بن السمط بن الأسود بن جَبَلة الكِندي ، يكنّى أبا يزيد ، أدرك النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وشهد القادسية ، وكان أميراً على حمص لمعاوية نحواً من عشرين سنة ، شهد صِفّين مع معاوية ، وكان له أثر عظيم في مخالفة أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) وقتاله ؛ وهو معدود في طبقة بسر بن أرطأة وأبي الأعور السلمي.

توفّي سنة ٤٠ ، وقيل : سنة ٤٢ ، وقال أبو داود : بل مات في صِفّين.

انظر : معرفة الصحابة ٣ / ١٤٧٠ رقم ١٤٠٦ ، الاستيعاب ٢ / ٦٩٩ رقم ١١٦٨ ، تاريخ دمشق ٢٢ / ٤٥٥ رقم ٢٧٢٨ ، أُسد الغابة ٢ / ٣٦١ رقم ٢٤١٠ ، الإصابة ٣ / ٣٢٩ رقم ٣٨٧٤.

(٤) المَسلَحة : هم القوم الّذين يحفظون الثغور من العدوّ ، واحدهم : مَسْلَحِيّ ، سمّوا مَسلَحةً لأنّهم يكونون ذوي سلاح ، أو لأنّهم يسكنون المَسْلَحة ، وهي كالثغر والمرْقَب يكون فيه أقوام يَرْقُبون العدوَّ لئلاّ يَطرُقَهم على غفلة ، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهّبوا له.

انظر : لسان العرب ٦ / ٣٢٢ مادّة «سلح».

٢٣٦

منكم حداً فليأتنا ، فلنقم عليه الحد ؛ فإنّه طَهورُه.

فبلغ ذلك عمر فكتب إليه : لا أُحلّ لك أن تأمر الناس أن يهتكوا سترَ الله الذي سترهم».

فليت شعري ، إذا لم يُحلّ عمر ذلك ، فما باله يتجسّس هو ويهتك ستر الله؟!

وكيف صار التجسّس عند الخصم راجحاً لإزالة المنكر ، وقد أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالستر ، وقال لمن جاؤوا بالسارق : «أنتم أعوان الشيطان»؟!

وممّا ذكرنا يُعلم عدم صحّة قياس ما نحن فيه على كسر الدِّنان إذا توقّف إهراق الخمر عليه ؛ فإنّ التكليف بإتلاف الخمر معلومٌ على قوله ، فتجب مقدّمته وهي كسر الدِّنان ، بخلاف التكليف بالنهي عن المنكَر المحتمل ؛ فإنّه غير معلوم ، بل محكوم بالعدم ، فكيف يجب التجسّس مقدّمةً لإزالته؟!

على أنّ إتلاف الخمر أهمّ في نظر الشارع من حفظ الدِّنان ، بخلاف النهي عن المنكَر في المقام ، فإنّ الستر على الناس أهمُّ منه ، فقياس أحدهما على الآخر قياس مع الفارق.

وأمّا ما رواه من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكسر القدور التي طبخت فيها لحوم الحُمر الأهليّة ، فكذب ؛ إذ لو سُلّم حرمة أكل لحمها ، فترك الأكل لا يتوقّف على كسر القدور ، فكيف يأمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويُتلف المال بلا مقتض؟!

ولو سُلّم صحّة الرواية ، وتوجيهها بأنّ الأمر بالكسر لبيان الاهتمام بحرمة أكل الحمير ، فقياسُ ما نحن فيه على كسر القدور خطأ ؛ ضرورة أنّ الاهتمام في المقام إنّما هو بالستر على الناس ، لا بالنهي عن المنكر ،

٢٣٧

حتّى يُستباح لأجله التجسّس(١) .

هذا ، ومن المضحك قوله : «إنّ عمر اجتهد فدخل الدار وتجسّس ، ثمّ لما ذكّروه القرآن تغيّر اجتهاده».

فإنّ هذا في الحقيقة تسليم لجهل عمر ـ أوّلا ـ بالأُمور الواضحة المخالفة للكتاب والسنة ، وهو المطلوب.

ولا أدري كيف يكون مجتهداً مَن يجهل صريح القرآن ولا يعرفه إلاّ بتذكير بعض جهّال الرعيّة وعصاة البريّة؟!

ثمّ إنّ قول قاضي القضاة : «ولحقه الخجل ؛ لأنّه لم يصادف الأمر على ما قيل له» ، خلاف المرويّ من الواقعة ، فإنّهم رووا أنّه تسوّر فصادف ما صادف ابتداءً من دون أن يسبق له من أحد قول بذلك.

فقد ذكر الغزّالي في «إحياء العلوم»(٢) ، أنّ عمر سمع وهو يعسُّ بالمدينة صوت رجل يتغنّى في بيته ، فوجد عنده امرأة وعنده خمر ، فقال : يا عدوَّ الله! أظننت أنّ الله يسترك وأنت على معصيته؟!

فقال : إن كنتُ ـ أنا ـ عصيتُ الله في واحدة ، فقد عصيتَه أنت في ثلاث ؛ قال الله تعالى :( ولا تَجسّسوا ) (٣) وقد تجسّست.

__________________

(١) هذا ، ونضيف على ما أفاد به الشيخ المظفّر (قدس سره) ، أنّه خبر واحد لا يعارض تلك الكثرة الواردة في الصحيحين وغيرهما ؛ ولو تنزّلنا وقلنا بصحته وبجواز العمل بخبر الواحد طبقاً لمبانيهم ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معصومٌ وأَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم ، وخفاء الحكمة ـ في أفعاله (قدس سره) ـ على العباد ليست مبرّراً لإنكارها ، فليس في أمره بكسر القدور إتلاف لمال الغير ، وليس ذلك لأحد إلاّ لمن ثبتت خلافته عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فتأمل!

(٢) ص ١٧٣ من الجزء الثاني ، المطبوع بهامشه كتاب «عوارف المعارف» [٢ / ٢٩٦ كتاب آداب الأُلفة]. منه (قدس سره).

(٣) سورة الحجرات ٤٩ : ١٢.

٢٣٨

وقال :( وليس البرّ بأن تأتوا البُيوت من ظهورها ) (١) ، وقد تسوّرت.

وقال :( لا تدخلوا بُيوتاً غير بُيوتكم ) (٢) الآية ، وقد دخلت بيتي بغير إذن ولا سلام.

فقال عمر : هل عندك من خير إن عفوت عنك؟

قال : نعم ؛ فتركه وخرج».

ومثله في «شرح النهج»(٣) .

ثمّ إنّ لعمر خطأً آخر ، وهو أنّه لم يُهرق الخمر وترك الرجل على حال لا تؤمَن منه المعصية ، بل على حال المعصية إن كانت المرأة أجنبيّة!

وأيضاً : إن كان موجب الحدّ والتعزير والنهي صادراً ، لم يجز له العفو ، وإلاّ فلا محلّ له!

هذا ، ويظهر من أخبارهم أنّ لعمر قصّة أُخرى تجسّس بها ، رواها ابن الأثير في «الكامل»(٤) ، قال : «إنّ عمر وعبد الرحمن بن عوف أتيا السوق ، فقعدا على نشز(٥) من الأرض يتحدّثان ، فرُفع لهما مصباح ، فقال عمر : ألم أنهَ عن المصابيح بعد النوم؟!

فانطلقا فإذا قوم على شراب لهم ، قال : انطلق فقد عرفتُه ؛ فلمّا

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٨٩.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٢٧.

(٣) ص ٩٦ من المجلّد الثالث [١ / ١٨٢]. منه (قدس سره).

(٤) ص ٢٨ من الجزء الثالث [٢ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣ حوادث سنة ٢٣ هـ]. منه (قدس سره).

(٥) النّشزُ والنّشَزُ : المكان أو المتْن المرتفع من الأرض ، وما ارتفع عن الوادي إلى الأرض ؛ انظر مادّة «نشز» في : لسان العرب ١٤ / ١٤٣ ، تاج العروس ٨ / ١٥٩.

٢٣٩

أصبح أرسل إليه ، قال : يا فلان! كنتَ وأصحابك البارحة على شراب.

قال : وما علمُك؟

قال : شيءٌ شهدتُه.

قال : أَوَلمْ ينهك الله عن التجسّس؟! فتجاوز عنه».

ومثله في «تاريخ الطبري»(١) .

وليت شعري ، كيف لم ينهه وأصحابَه بعد التجسّس والاطّلاع؟! وما وجه تجاوزه عن الحد بعد العلم؟!

__________________

(١) ص ٢٠ من الجزء الخامس [٢ / ٥٦٧ حوادث سنة ٢٣ هـ]. منه (قدس سره).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601