دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601
المشاهدات: 92843
تحميل: 3832


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92843 / تحميل: 3832
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 7

مؤلف:
ISBN: 964-319-360-8
العربية

أن يكون توطئة لرواية النهي عنه ، بل ينافيها ، وإنّما يناسب أن يكون توطئةً للنهي من نفسه.

الثالث : إنّ إرادة الرواية ممتنعة ؛ لأنّه قرن بين المتعتين ، ومن المعلوم من دين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حلّية متعة الحجّ إلى آخر الأبد ، كما تواترت به الأخبار(١) .

ولأجل صراحة قول عمر في التشريع خلافاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال المأمون ـ وهو يحكي كلامه ـ : «مَن أنت يا جُعَل(٢) حتّى تنهى عمّا فعله

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري ٣ / ١٩ ح ٣٦٢ وص ٢٨٢ ح ٢١ وج ٩ / ١٤٩ ح ٥ ، صحيح مسلم ٤ / ٣٧ و ٤٠ ، سنن أبي داود ٢ / ١٦٠ ح ١٧٨٧ وص ١٦١ ح ١٧٩٠ وص ١٩٠ ـ ١٩١ ح ١٩٠٥ ، سنن الترمذي ٣ / ٢٧١ ح ٩٣٢ ، سنن النسائي ٥ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٩٢ ح ٢٩٨٠ وص ١٠٢٤ ح ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ / ٣٤ ح ١٨٥١ ، مسند أحمد ٣ / ٢٩٣ و ٣٠٥ وج ٤ / ١٧٥ ، مسند البزّار ٨ / ٣٦٩ ح ٣٤٤٩ ، مسند أبي يعلى ٤ / ٢٦ ذ ح ٢٠٢٧ وص ٩٤ ح ٢١٢٦ وج ١٢ / ١٠٨ ح ٦٧٣٩ ، المعجم الكبير ٧ / ١١٩ ـ ١٢٨ ح ٦٥٦١ ـ ٦٥٨٦ ، مسند الطيالسي : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ح ١٦٦٨ ، مسند الحميدي ٢ / ٥٤١ ح ١٢٩٣ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٤ / ٤٢٤ ب ٣١٣ ح ١٢ ، مسند عبد بن حميد : ٣٤٢ ح ١١٣٥ ، المنتقى من السنن ـ لابن الجارود ـ : ١٢٢ ح ٤٦٥ وص ١٢٤ ح ٤٦٩ ، مسند أبي عوانة ٢ / ٣٣٣ ح ٣٣٢٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٦ / ٨٧ ح ٣٩٠٨ وص ٨٩ ـ ٩٠ ح ٣٩١٠ و ٣٩١٢ وص ٩١ ح ٣٩١٣ وص ١٠٢ ح ٣٩٣٣ ، سنن الدارقطني ٢ / ٢٢١ ح ٢٦٨٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧١٨ ح ٦٥٩٨ ، معرفة السنن والآثار ـ للبيهقي ـ ٣ / ٥١٠ ـ ٥١١ ح ٢٧١٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٤ / ٣٢٦.

(٢) الجعل ـ وجمعه : جِعلان ـ : دويبة أكبر من الخنفساء ، شديد السواد ، في بطنه لون حمرة ، له جناحان لا يكادان يُريان ، يوجد كثيراً في مراح البقر والجواميس ومواضع الروث والمواضع النديّة ، ومن شأنه جمع النجاسة وادّخارها ، ومَن قام لقضاء حاجته تبعه ولزمه ، وذلك من شهوته للغائط ، ويموت من ريح الورد الطيّب.

٣٠١

رسول لله (صلى الله عليه وآله وسلم)»؟! كما ذكره ابنُ خلّكان في ترجمة يحيى بن أكثم(١) .

فقد اتّضح بما بيّنّا أنّ عمر قد حرّم ما أحلّه الله ورسوله ، وشرّع خلاف حكمهما ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبرارَ الصحابة إنّما سكتوا تقيّةً ، مع علمهم بحلّية المتعتين.

ولا يمكن إنكار الخصم لهذا في متعة الحجّ ، فمثلها متعةُ النساء ، فلا معنى لقوله : «لم يعلموا أنّ الأمر تقرّر على الحرمة في آخر الأمر».

وكيف يمكن أن لا يعلم أميرُ المؤمنين ، وابنُ عبّاس ، وجابر ، وغيرهم من أكابر الصحابة وأصاغرهم ، ثمّ يبقى خفيّاً عليهم إلى أن يُظهره عمرُ في آخر خلافته ، وهو ممّا وقع الاتّفاق على جهله أو عمده في متعة الحجّ؟!

وما باله لم يُظهر ما علم في أوّل خلافته أو خلافة أبي بكر؟! فلا بُد أن يكون مشرِّعاً مستبدّاً عن الله ورسوله.

ولا أدري ، ما معنى التقرّر على الحرمة في آخر الأمر؟! فهل هو

__________________

ورجلٌ جعل : أسود دميم لجوج نذل ، تشبيهاً بلَجاجة الجُعَل.

انظر مادّة «جعل» في : حياة الحيوان الكبرى ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢٧٧ ، لسان العرب ٢ / ٣٠٢ ، تاج العروس ١٤ / ١٠٩.

(١) وفيات الأعيان ٦ / ١٥٠.

ويحيى بن أكثم ، هو : قاضي القضاة أبو محمّد يحيى بن أكثم بن محمّد بن قَطَن الأُسَيّدي التميمي المروزي البغدادي ، من وُلد أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب ، وُلد في زمان المهديّ العبّاسي ، وكان مقدَّماً لدى المأمون ، وولي قضاء سرّ من رأى وبغداد والبصرة ، له تصانيف عديدة ، منها : التنبيه ، توفّي سنة ٢٤٢ عن ٨٣ عاماً.

انظر : أخبار القضاة ٢ / ١٦١ وج ٣ / ٣٢٤ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٤٧ رقم ٧٩٣ ، سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥ رقم ١ ، شذرات الذهب ٢ / ١٠١.

٣٠٢

بمعنى ثبوتها بنبوّة جديدة لعمر؟! أو أنّ له تخطئةَ اللهِ والرسولِ والحكمَ بما تهواه نفسه؟!

وأمّا استدلال الخصم على حرمة متعة النساء بقوله سبحانه :( والّذين هم لفروجهم حافظون * إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) الآية(١)

فخطأٌ ظاهر ؛ لأنّ عدم التوريث لا ينافي الزوجيّة ، وكذا عدم بعض الآثار الأُخر ؛ كعدم النفقة ؛ والليلة لها ؛ وذلك لأنّ الكافرةَ وقاتلةَ الزوج لا ترثانه وهما زوجتان(٢) ، والناشزة لا تستحقّ النفقةَ والليلةَ وهي زوجةٌ(٣) .

ولو سُلّم أنّ المتمتّع بها ليست زوجةً ، فآية الحفظ مخصّصةٌ بآية المتعة ؛ وهي قوله تعالى من سورة النساء :( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أُجورهنّ ) (٤) ، فإنّها خاصة ، وآية الحفظ عامةٌ(٥) .

كما إنّ آيةَ الحفظ مخصَّصةٌ بأَمةِ الغير التي أذن لغيره في وطئها ، فإنّها ليست بزوجة ، ولا مملوكة ليمين الواطئ ، ولا يلزم حفظُ الفرج عنها بالإجماع(٦) .

__________________

(١) سورة المؤمنون ٢٣ : ٥ و ٦.

(٢) انظر : كتاب الأُمّ ٤ / ٩٢ ـ ٩٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ / ٢٤ ، الحاوي الكبير ١٠ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ١٦١ ـ ١٦٦ ، اللباب في شرح الكتاب ٤ / ١٨٨.

(٣) انظر : كتاب الأُمّ ٥ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، بداية المجتهد ٤ / ٣١١ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٩ / ٢٩٥ ، اللباب في شرح الكتاب ٣ / ٩٢.

(٤) سورة النساء ٤ : ٢٤.

(٥) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٣٧٤ ، وانظر : تفسير القرطبي ١٢ / ٧١.

(٦) انظر : النهاية ـ للشيخ الطوسي ـ : ٤٩٣.

٣٠٣

ولو سُلّم عدم التخصيص وقلنا بلزوم النسخ ، فالمتعيّن نسخُ آية الحفظ ؛ لأنّها مكّية(١) ، وآية المتعة مدنيّةٌ(٢) ؛ ولِما سبق من الأخبار المصرّحة بهذا(٣) .

فإن قلت : روى الترمذيُّ(٤) أنّ آية الحفظ هي الناسخة ؛ لروايته عن ابن عبّاس أنّه قال : «إنّما كانت المتعة في أوّل الإسلام ، كان الرجل يقدم البلدةَ ليس له بها معرفةٌ ، فيتزوّج المرأةَ بقدر ما يرى أنّه يقيم ، فتحفظ له متاعه ، وتصلح له شيئَه ، حتّى إذا نزلت الآية( إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) (٥) قال ابن عبّاس : فكلُّ فرج سواهما فهو حرام».

قلتُ : لا ريب بكذب هذه الرواية ؛ لِما سبق ؛ ولمخالفتها للمعلوم من قول ابن عبّاس بالحلّية ، وللمعروف من كماله ، فإنّ من له أدنى معرفة لا يدّعي أنّها ليست بزوجة لمجرّد انتفاء بعض الآثار عنها ، أو بزعم عدم صدق الزوجة عليها ، والحال أنّها إنّما تُستباحُ بعقد النكاح.

على أنّ هذه الرواية ضعيفةٌ عند القوم أنفُسِهم ؛ لاشتمال سندها على موسى بن عبيدة الذي عرفتَ بعض ترجمته في مقدّمة الكتاب(٦) ، فلا تقاوم الأخبار المصرّحة بأنّ آية المتعة غيرُ منسوخة ، مع أنّ ظاهر الرواية إنّما يناسب كثرةَ المسلمين في أوّل الإسلام ، وحاجتهم إلى المتعة ،

__________________

(١) انظر : البرهان في علوم القرآن ١ / ١٩٣ ، الإتقان في علوم القرآن ١ / ٣١.

(٢) انظر : البرهان في علوم القرآن ١ / ١٩٤ ، الإتقان في علوم القرآن ١ / ٣١.

(٣) راجع الصفحة ٢٨٩ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٤) في باب ما جاء في نكاح المتعة [٣ / ٤٣٠ ح ١١٢٢]. منه (قدس سره).

(٥) سورة المؤمنون ٢٣ / ٦.

(٦) راجع : ج ١ / ٢٥٤ رقم ٣١٥ ، من هذا الكتاب.

٣٠٤

وهو خلاف الواقع ؛ لندرتهم.

واعلم أنّه لا ريب بإرادة متعة النساء من قوله تعالى :( فما استمتعتم به منهنّ ) (١) الآية ؛ للإجماع(٢)

وللزوم التكرار لو أُريد به النكاح الدائم ؛ لأنّه تعالى قد بيّن بالآيات التي قبلها حكم النكاح الدائم ، قال تعالى :( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) (٣) إلى قوله تعالى :( وآتوا النساءَ صَدقاتِهنّ نِحلة ) (٤) .

ولِما استفاض عند القوم عن ابن عبّاس وأُبَيّ بن كعب ، من أنّ الآية هكذا : «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى»

قال الرازي في تفسير الآية : «روي عن أُبَيّ بن كعب أنّه كان يقرأ : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى فآتوهنَّ أُجورهنَّ

قال : وهذا ـ أيضاً ـ قراءة ابن عبّاس ، والأُمّة ما أنكروا عليهما في هذه القراءة ، فكان ذلك إجماعاً من الأُمّة على صحّة هذه الرواية»(٥) .

وروى الحاكم في كتاب التفسير من «المستدرك»(٦) ، عن أبي نضرة ، قال : قرأت على ابن عبّاس( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهُنَّ أُجورهنَّ فريضة ) .

قال ابنُ عبّاس :( فما استمتعتم به منهنّ ) إلى أجل مسمّى.

قال أبو نضرة : فقلتُ : ما نقرأها كذلك!

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٢٤.

(٢) راجع الصفحة ٢٨٩ ، من هذا الجزء.

(٣) سورة النساء ٤ : ٣.

(٤) سورة النساء ٤ : ٤.

(٥) تفسير الفخر الرازي ١٠ / ٥٤ في تفسير الآية ٢٤ من سورة النساء.

(٦) ص ٣٠٥ ج ٢ [٢ / ٣٣٤ ح ٣١٩٢]. منه (قدس سره).

٣٠٥

فقال ابن عبّاس : واللهِ لأََنزلها اللهُ كذلك!

ثمّ قال الحاكم : هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم».

ونقلهُ السيوطيُّ في «الدرّ المنثور» ، عن الحاكم ، قال : «وصحّحه من طرق عن أبي نضرة»(١) .

ونقله ـ أيضاً ـ عن عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في «المصاحف» ، ثمّ قال : «وأخرج ابن أبي داود في (المصاحف) ، عن سعيد بن جبير ، قال : في قراءة أُبَيّ بن كعب :فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّىً »(٢) .

ونقل مثله عن عبد بن حميد وابن جرير ، عن قتادة ، في قراءة أُبَيّ(٣) .

.. إلى غير ذلك ممّا ذكره السيوطيُّ من الأخبار(٤) .

هذا ، وقد استدلّ القومُ على نسخ حلّية متعةِ النساء بأخبار رووها ؛ وهي أقسامٌ :

الأوّل : عن سبرة ، أنّ النبيّ حرّمها عام الفتح قائلا : أيّها الناس! إنّي كنتُ أذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء ، وإنّ الله قد حرّم ذلك

__________________

(١) الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٤ في تفسير الآية ٢٤ من سورة النساء.

(٢) الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٤ في تفسير الآية ٢٤ من سورة النساء ، وانظر : تفسير الطبري ٤ / ١٤ ح ٩٠٣٩ ، تفسير الثعلبي ٣ / ٢٨٦ ، المصاحف ـ لابن أبي داود ـ : ٦٣.

(٣) الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٤ في تفسير الآية ٢٤ من سورة النساء ، وانظر : تفسير الطبري ٤ / ١٥ ح ٩٠٤٢.

(٤) الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٤ في تفسير الآية ٢٤ من سورة النساء ، وانظر : تفسير الطبري ٤ / ١٤ ـ ١٥ ح ٩٠٣٤ ـ ٩٠٤٤.

٣٠٦

إلى يوم القيامة(١) .

وفي بعض الروايات عن سبرة ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ذلك وهو قائمٌ بين الرُكن والمقام(٢) .

الثاني : عن سلمة ، أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) رخّص فيها عام أَوْطاس(٣) ثلاثاً ، ثمّ نهى عنها(٤) .

ويمكن إرجاع هذا القسم إلى الأوّل ؛ لأنّ عام أَوْطاس هو عامُ

__________________

(١) انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣٢ و ١٣٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ٣٨٩ ح ٢ ، مسند أبي عوانة ٣ / ٢٣ ـ ٢٤ ح ٤٠٥٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٠٢ و ٢٠٣.

(٢) انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣٢ وفيه : «بين الركن والباب» ، مسند أحمد ٣ / ٤٠٦ وفيه : «بين الباب والحجر» ، المعجم الكبير ٧ / ١٠٩ ح ٦٥١٩ وفيه : «بين الباب وزمزم» ، مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ٣٩٠ ح ٣ وفيه : «بين الركن والباب» ، مسند أبي عوانة ٣ / ٣٠ ـ ٣١ ح ٤٠٨٦ و ٤٠٨٧ وفي الأوّل : «بين الركن والباب» وفي الثاني : «بين الحجر والركن» ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٠٣ وفيه : «بين الركن والباب» و «بين الركن والمقام».

(٣) أَوْطاس : واد في ديار هَوازِن ، وفيه كانت وقعة حُنين ، ويومئذ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الآن حَميَ الوَطيس» ، وذلك حين استعرت الحرب واشتدّ الضِّراب ، وهي كلمة لم تُسمع إلاّ منه (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو أوّل من قالها (صلى الله عليه وآله وسلم).

وأصل الوَطس : الوطءُ من الخيل والإبل ، ووَطَسَ الشيءَ وَطْساً : كسره ودَقه.

والوطيس : التنّور ، أو نقرة في حَجر يُوقد تحتها النار فيُطبخ فيه اللحم ؛ وبذلك شُبّه حرُّ الحرب.

انظر مادّة «وطس» في : الصحاح ٣ / ٩٨٩ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ٢٠٤ ، لسان العرب ١٥ / ٣٣٦ ، تاج العروس ٩ / ٣١ ـ ٣٢ ، معجم البلدان ١ / ٣٣٤ رقم ١١٣٣.

(٤) انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣١ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ٣٩٠ ح ٤ ، مسند أبي عوانة ٣ / ٢٦ ح ٤٠٦٩.

٣٠٧

الفتح(١) .

الثالث : عن عليّ ، أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حرّمها يومَ خيبر(٢) .

الرابع : عن [ابن] أبي عمرة ، أنّها رخصةٌ في أوّل الإسلام لمن اضطرّ إليها ، كالميتة والدم ولحم الخنزير ، ثمّ أحكم الله الدينَ ونهى عنها(٣) .

وهذه الأقسام الأربعة رواها مسلم في باب نكاح المتعة(٤) .

الخامس : عن سبرة ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بها وحرّمها في حجّة الوداع ؛ رواه أحمد(٥) ، وذكر فيه أنّ تحريمه لها وهو يخطب.

كما رواه كذلك في «كنز العمّال»(٦) ، عن ابن جرير من طريقين له عن سبرة.

السادس : إنّها ما حلّت قطُّ إلاّ في عُمرة القضاء ثلاثة أيّام ، لا قبلها

__________________

(١) انظر : معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٤ ح ٤٢٣٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٠٤ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ٢٥٤ ، شرح صحيح مسلم ـ للنووي ـ ٥ / ١٥٥ ح ١٤٠٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٦ / ١٧٩ ح ٤١٣٩ ، زاد المعاد ٣ / ٣٧٧ ، نصب الراية ٣ / ٣٣٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٥٥ حوادث سنة ٨ هـ ، فتح الباري ٩ / ٢١١.

(٢) انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣٤ و ١٣٥ ، صحيح البخاري ٥ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ ح ٢٣٧ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ح ١١٢١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٣٠ ح ١٩٦١ ، سنن النسائي ٦ / ١٢٥ ـ ١٢٦ وج ٧ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، مسند أحمد ١ / ١٠٣ و ١٤٢ ، مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠١ ح ١٤٠٣٢.

(٣) انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣٤ ، مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٢ ح ١٤٠٣٣ ، مسند أبي عوانة ٣ / ٢٣ ح ٤٠٥٧ ، تاريخ دمشق ١٦ / ٢١٢.

(٤) تقدّمت تخريجاتها آنفاً.

(٥) ص ٤٠٤ و ٤٠٦ ج ٣. منه (قدس سره).

(٦) ص ٢٩٥ ج ٨ [١٦ / ٥٢٥ ح ٤٥٧٣٨ و ٤٥٧٣٩]. منه (قدس سره).

٣٠٨

ولا بعدها ؛ رواه في «كنز العمّال»(١) ، عن عبد الرزّاق عن الحسن.

وهذه الأخبار ـ كما تراها ـ مختلفة في تعيين وقت التحريم ، بحيث لا يمكن الجمع بينها ، وهو دليل الكذب ، ولا سيّما الأوّل والخامس ؛ فإنّ راويهما واحدٌ ، وهو سبرة.

كما إنّ تحديد الحِلّ في بعضها بثلاثة أيّام مناف للأخبار السابقة وغيرها ، حتّى روى البخاريّ(٢) ، عن سلمة ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أيّما رجل وامرأة توافقا ، فَعِشرةُ ما بينهما ثلاثُ ليال ، فإنْ أحبّا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا».

على أنّ التأمّل في نفس كلّ من هذه الأقسام يدلُّ على كذبه

أمّا الأوّل والخامس ؛ فلأنّه لا يمكن أن يُعلِنَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الحرمةَ بمكّة يومَ الفتح ، وفي حجّة الوداع ـ ولا سيّما وهو يخطب ـ ولا يطّلع عليها غيرُ سبرةَ ، حتّى يُحلّها أميرُ المؤمنين (عليه السلام) من غير علم ، وابنُ عبّاس ، وابنُ مسعود ، وجابر ، وعمران ، وأبو ذرّ ، وأبو سعيد ، وابنُ عمر ، وغيرهم.

مع أنّه لم يروِها عن سبرة غيرُ ابنه الربيع(٣) ، مع كثرة الابتلاء بها ، ووجود داعي السؤال عنها بعد أن حرّمها عمرُ.

وأمّا القسم الثاني ؛ فإنْ أُريد به ما يرجع إلى الأوّل ، فالكلامُ الكلامُ.

__________________

(١) في الصحيفة السابقة [١٦ / ٥٢٧ ح ٤٥٧٤٩]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٣ ح ١٤٠٤٠ وص ٥٠٥ ح ١٤٠٤٣.

(٢) في باب نهي النبيّ عن نكاح المتعة من كتاب النكاح [٧ / ٢١ ـ ٢٢ ح ٥٣]. منه (قدس سره).

(٣) يظهر ذلك من مراجعة أسانيد مرويّات القسمين الأوّل والخامس.

٣٠٩

غايةُ الأمر أنّه يكون سلمةُ راوياً له مع سبرة ، وهو لا يرفع الإشكال.

وإنْ أُريد به ما لا يرجع إليه ، كفى في العلم بكذبه تحديدُه الحِلَّ بالثلاث.

وبهذا يُعلم كذبُ الأخير أيضاً.

وأمّا الثالث ؛ فلأنّه مرويٌ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومعلومٌ أنّه خلاف مذهبه ، وكيف يرويه وهو يقول : «لولا ما سبق من رأي عمر لأمرتُ بها ، ثمّ ما زنى إلاّ شقيّ»(١) ؟!

أو كيف يرويه عنه ابنُ عبّاس ، ثمّ يبقى مُصِرَّاً على الحلّية حتّى يلقى من ابن الزبير ما يلقى(٢) ؟!

وأما الرابع ؛ فلأنّ المتعة إذا كانت كالميتة والدم ولحم الخنزير ، كانت حراماً مطلقاً(٣) ؛ لأنّ الرخصة للضرورة لا تجعلها من قسم الحلال حتّى تُنسخ.

ولا يمكن إرادةُ نسخ الرخصة الناشئة من الاضطرار ؛ للعلم بثبوت

__________________

(١) انظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٠ ح ١٤٠٢٩ ، تفسير الطبري ٤ / ١٥ ح ٩٠٤٣ ، تفسير الثعلبي ٣ / ٢٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٦ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٨.

(٢) راجع ذلك في الصفحتين ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، من هذا الجزء.

(٣) قال تبارك وتعالى :( إنّما حرّمَ عليكم المَيتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير وما أُهِلَ به لغير الله فمَنِ اضطرّ غيرَ باغ ولا عاد فلا إثم عليه إنّ الله غفور رحيم ) سورة البقرة ٢ : ١٧٣.

وقال عزّ وجلّ :( حرّمت عليكمُ المَيتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير وما أُهِلَ لغير الله به فمَنِ اضطرّ في مخمصة غيرَ متجانف لإثم عليه فإنّ الله غفور رحيم ) سورة المائدة ٥ : ٣.

وقال سبحانه :( وما لكم ألاّ تأكلوا ممّا ذُكر اسم الله عليه وقد فصَّل لكم ما حرَّمَ عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه ) سورة الأنعام ٦ : ١١٩.

٣١٠

الرخصة في مقام الضرورة ، وأنّ الله سبحانه رفع عن الأُمّة ما اضطرّوا إليه ، كما دلّ عليه الكتابُ والسنة(١) ؛ ولذا تُباح الميتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير عند الضرورة.

على أنّ أدلّة حلّية المتعة ـ ولو في زمن خاصّ ـ واضحةُ الدلالةِ على جوازها اختياراً ، وهو مجمعٌ عليه(٢) .

هذا كلّه مع قطع النظر عن أسانيد هذه الأخبار ، وإلاّ فالكلام فيها واسعُ المجال.

ثمّ إنّ من أدلّة النسخ ما حكاه في «كنز العمّال»(٣) ، عن سعيد بن منصور وتمّام وابن عساكر ، أنّه لمّا وليَ عمر بن الخطّاب فقال : «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أذن لنا في المتعة ثلاثاً ، ثمّ حرّمها ، والله لا أعلم أحداً

__________________

(١) أما الكتاب ، فقد مرَّ في الهامش ٣ من الصفحة السابقة

وأما السنة ، فقد وردت حديث ما رُفع عن الأُمة بألفاظ مختلفة في مصادر الفريقين ، فانظر :

سنن ابن ماجة ١ / ٦٥٩ ح ٢٠٤٣ ـ ٢٠٤٥ ، مصنّف ابن أبي شيبة ١١ / ٢٩٨ ح ٢٠٥٨٨ ، سنن سعيد بن منصور ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ح ١١٤٤ ـ ١١٤٦ ، المعجم الكبير ٢ / ٩٧ ح ١٤٣٠ ، المعجم الصغير ١ / ٢٧٠ ، سنن الدارقطني ٤ / ٨٢ ـ ٨٣ ح ٤٣٠٦ و ٤٣٠٧ ، تاريخ أصبهان ١ / ١٢٣ و ٣٠٢ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٣٥٦ و ٣٥٧ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢١٦ ح ٢٨٠١ ، مجمع الزوائد ٦ / ٢٥٠ ، كنز العمال ٤ / ٢٣٢ و ٢٣٣ ح ١٠٣٠٦ و ١٠٣٠٧ وج ١٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ح ٣٤٥٣٩ و ٣٤٥٤١ ـ ٣٤٥٤٣ ، كشف الخفاء ١ / ٤٣٣ رقم ١٣٩٣ ، الكافي ٢ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣ ح ١ و ٢ ، تفسير العياشي ١ / ١٨٠ ح ٥٣٥ ، الخصال : ٤١٧ ح ٩ ، التوحيد : ٣٥٣ ح ٢٤ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٦ ح ١٣٢ ، الخلاف ٢ / ١٩٦ و ٣٠٠ و ٣١١.

(٢) راجع الصفحة ٢٨٩ ، من هذا الجزء.

(٣) ص ٢٩٣ ج ٨ [١٦ / ٥١٩ ح ٤٥٧١٤]. منه (قدس سره).

وانظر : تاريخ دمشق ٤١ / ٢٢٩ ترجمة عليّ بن أحمد المزّي المقرئ.

٣١١

تمتّع وهو محصنٌ إلاّ رجمتُه بالحجارة ، إلاّ أن يأتيني بأربعة يشهدون أنّ رسول الله أحلّها بعدَ إذ حرّمها ، ولا أجد رجلا من المسلمين متمتّعاً إلاّ جلدته مئة جلدة ، إلاّ أن يأتيني بأربعة شهداء أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحلّها بعدَ إذ حرّمها».

وهو أيضا ظاهر الكذب ؛ لأنّه إنّما حرّم المتعتين معاً بلفظ واحد ، وكان التحريم في أواخر خلافته ، وقال : «أنا أنهى عنهما» من دون أن يستند إلى قول النبيّ ؛ ولأنّ اعتبار الشهود الأربعة على التحليل ممّا لم يدعه مسلمٌ ، ولِما سبق من مخالفة الحكم بالحِلِّ في خصوص ثلاثة أيام لصحاحهم(١)

فلا بُد أن يكون هذا الحديث كذباً من أحد جُهّالهم ، كسائر أحاديث التحريم.

هذا ، ولا عبرة بذهاب الشافعيّ وغيره إلى الحرمة ؛ لاستنادهم إلى هذه الأخبار ، وكونهم إلى تسديد رأي عمر أميل.

وكان اللازم على الشافعي أن يحكم بحرمتها وحلّيتها مراراً ، لا مرّتين فقط ؛ لتلك الأخبار المختلفة ، حتّى يكون الدين لعباً!

واستدلال الخصم على أعلميّته بالناسخ والمنسوخ ؛ بدعوى أنّه عالمٌ بهما ، طريفٌ ، والعِلم لا يستدعي العمل به.

وقوله : «كان مالك تلميذَ ابن عمر» ، باطلٌ ؛ لأنّ ابن عمر مات في

__________________

(١) تقدّم آنفاً في الصفحتين ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

وانظر : صحيح مسلم ٤ / ١٣١ ، مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٣ ح ١٤٠٤٠ وص ٥٠٥ ح ١٤٠٤٣ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٠٧ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٦ ح ٤٥٧٤٠ وص ٥٢٧ ح ٤٥٧٤٩.

٣١٢

آخر سنة ٧٣(١) ، أو في أوّل ما بعدها(٢) ، ووُلد مالك سنة ٩٣(٣) .

وكذا قوله : «كان أبو حنيفة تلميذ ابن مسعود» ، فإنّ ابن مسعود مات سنة ٣٢(٤) ، وقيل : في ما بعدها(٥) .

ووُلد أبو حنيفة سنة ٨٠ ؛ لأنّه مات سنة ١٥٠ وله سبعون سنة ، كما ذكر ذلك في «التقريب»(٦) .

اللّهمّ [إلاّ](٧) أن يريد التلمذة بالواسطة!

على أنّ التلمذة ـ حتّى لو كانت بدون واسطة ـ لا تستوجب الموافقة ، ولا سيّما في هذه المسألة التي اهتمّ عمر للتحريم فيها.

تنبيهان

الأوّل : إنّ المصنّف (رحمه الله) نقل عن الترمذي ، أنّه سئل ابن عمر عن متعة النساء فقال : هي حلال إلى آخره(٨) .

والذي وجدته في «صحيح الترمذي» ، في الحجّ ، في «باب ما جاء بالتمتّع» ، أنّه سأل ابنَ عمر شاميٌّ عن متعة الحجّ ، فقال : هي حلالٌ.

__________________

(١) معرفة الصحابة ٣ / ١٧٠٧ رقم ١٦٩٥ ، الاستيعاب ٣ / ٩٥٢ ، أُسد الغابة ٣ / ٢٤١ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٣٢.

(٢) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ١٤٢ ، معرفة الصحابة ٣ / ١٧٠٧ رقم ١٦٩٥.

(٣) وفيات الأعيان ٤ / ١٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٩.

(٤) معرفة الصحابة ٤ / ١٧٦٧ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٩٣ رقم ١٨٢٦ ، الاستيعاب ٣ / ٩٩٣ ـ ٩٩٤.

(٥) أُسد الغابة ٣ / ٢٨٦ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٩٩.

(٦) تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٨ رقم ٧١٧٩.

(٧) أضفناها لاقتضاء السياق.

(٨) تقدّم في الصفحة ٢٨٥ ، من هذا الجزء.

٣١٣

فقال الشامي : إنّ أباك قد نهى عنها.

فقال : أرأيتَ إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أمرُ أبي يُتّبَع ، أم أمرُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

فقال الرجل : بل أمرُ رسول الله.

فقال : لقد صنعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(١) .

ثمّ قال الترمذيّ : هذا حديثٌ حسنٌ ، صحيحٌ(٢) .

ولم يذكر الترمذيُّ مثل هذا الحديث في نكاح المتعة ، فلعلّه قد سقط من نسخة «صحيحه» المطبوع في هذا الزمان ، أو وقع الاشتباه من المصنّف (رحمه الله).

وعلى تقدير الاشتباه ، فالحديث نافعٌ لنا في إفادته أنّ عمر هو المشرّع لتحريم متعة الحجّ خلافاً لله ورسوله ، فمثلُها متعة النساء ؛ لأنّ تحريمه لهما بلسان واحد وبلفظ الإنشاء ، لا الرواية في واحدة والإنشاء في الأُخر.

الثاني : إنّ جواب قاضي القضاة بأنّ عمر قال ذلك كراهةً للمتعة(٣) ، مأخوذٌ من جواب عمر لأبي موسى بالنسبة إلى تحريم متعة الحجّ ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى(٤) .

وأنت تعلم أنّه جوابٌ منكرٌ ؛ فإنّا نعلم أنّ الله جلّ وعلا لم يُنِطْ

__________________

(١) انظر : سنن الترمذي ٣ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ح ٨٢٤.

(٢) لم يَرِد في المصدر تحسين أو تصحيح للحديث المذكور ، وإنّما ورد ذلك للحديثين اللذين سبقا الحديث المذكور في المتن ؛ فلاحظ!

(٣) تقدّم في الصفحة ٢٨٣ ، من هذا الجزء.

(٤) سيأتي في الصفحتين ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، من هذا الجزء.

٣١٤

أحكامه بكراهة أحد وإرادته.

وهل هذا إلاّ التشريع المحرّم ، والجرأة على مخالفة الله ورسوله بلا عناية بقول الله وحكمه؟!(١) .

__________________

(١) وقد فصّل السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ـ البحث في أحاديث تحريم متعتَي النساء والحجّ ، سنداً ودلالة ، وحقيقة الأمر فيهما ، في مؤلّفَيه : رسالة في المتعتين ، وشرح منهاج الكرامة ٢ / ٤٥ ـ ٧٤ ؛ فراجع!

٣١٥

تحريم عمر لمتعة الحجّ

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

ومنها : إنّه منع عن متعة الحجّ(٢) ، مع أنّ الله تعالى أوجبها في كتابه(٣) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٨٤.

(٢) انظر : صحيح البخاري ٢ / ٢٨٢ ح ١٦٤ وج ٦ / ٥٩ ح ٤٣ ، صحيح مسلم ٤ / ٣٨ و ٤٥ ـ ٤٩ و ٥٩ و ١٣١ ، سنن الترمذي ٣ / ١٨٥ ح ٨٢٣ و ٨٢٤ ، سنن النسائي ٥ / ١٥٢ ـ ١٥٥ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٩١ ـ ٩٩٢ ح ٢٩٧٨ و ٢٩٧٩ ، سنن الدارمي ٢ / ٢٧ ح ١٨١٤ ـ ١٨١٦ ، الموطّأ : ٣٢٧ ح ٦٣ ، كتاب الأُمّ ٧ / ٣٥٩ ، مسند أحمد ١ / ٥٠ و ٣٣٧ وج ٤ / ٤٢٨ و ٤٣٤ و ٤٣٦ ، سنن سعيد بن منصور ١ / ٢١٩ ح ٨٥٣ و ٨٥٤ ، مسند سعد ـ للدورقي ـ : ٢٠٦ ح ١٢٤ ، مسند البزّار ٤ / ٦٥ ح ١٢٣٢ ، مسند أبي يعلى ٢ / ١٣٠ ح ٨٠٥ ، المعجم الكبير ١٨ / ١١٧ ـ ١١٨ ح ٢٣٢ ـ ٢٣٦ وص ١٢١ ح ٢٤٣ وص ١٢٣ ح ٢٤٨ و ٢٥٢ وص ١٣٥ ـ ١٣٦ ح ٢٨٣ ، مسند الروياني : ١ / ٦٠ ح ١١٥ ، مسند أبي عوانة ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ح ٣٣٥٢ ـ ٣٣٥٧ وص ٣٤٣ ـ ٣٤٦ ح ٣٣٦٥ ـ ٣٣٧٧ ، مسند الشاشي ١ / ٢١٠ ح ١٦٦ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٦ / ٩٦ ـ ٩٧ ح ٣٩٢٦ ـ ٣٩٢٩ ، معرفة السنن والآثار ـ للبيهقي ـ ٣ / ٥٢٢ ح ٢٧٣٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٥ / ١٧ و ٢٠ و ٢١.

(٣) قال سبحانه وتعالى :( وأتمّوا الحجَّ والعُمرة لله فمن تمتّع بالعُمرة إلى الحجِّ فما استيسر من الهَدي ) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

٣١٦

وقال الفضل(١) :

متعةُ الحجّ جوّزها العلماء وذهبوا إليه ولم يتقرّر المنعُ(٢) ، ولم يصحّ عنه روايةٌ في منعها ؛ وإنْ صحَّ ، فيمكن أن يكون سمع من رسول الله شيئاً.

والمسائل المختلف فيها لا اعتراض فيها على المجتهدين.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٥٠ الطبعة الحجرية.

(٢) انظر : الموطأ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، المدوّنة الكبرى ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، الأُمّ ٢ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ، الإقناع ـ لابن المنذر ـ : ١١١ ، بداية المجتهد ٣ / ٢٩٣ ، المجموع شرح المهذّب ٧ / ١٥٠ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٣ / ١٧٣ ـ ١٧٥ ، الشرح الكبير ٣ / ١٦٠ ، شرح فتح القدير ٣ / ٤.

٣١٧

وأقول :

إعلم أنّ متعة الحجّ المسمّاة بالعُمرة ، كانت حراماً بأشهر الحجّ في الجاهليّة

ثمّ أحلّها الله ورسوله في الإسلام إلى آخر الأبد بهذه الأشهر ، بل فرَضا وقوعها فيها قبلَ الحجِّ على البعيد.

ثمّ حرّمها عمر في إمارته ، فأعاد حكمها الجاهلي!!

فها هنا ثلاث دعاوى

أمّا الأُولى : فيدلّ عليها ما سبق في البحث السابق من أنّ البخاري ومسلماً رويا عن ابن عبّاس ، أنّهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور(١) .

وأمّا الثانية : فيدلّ عليها من الكتاب العزيز قوله تعالى :( فمن تمتّع بالعُمرة إلى الحجّ فما استيسر من الهدي ) إلى قوله سبحانه :( ذلك لمن لم يكن أهلُهُ حاضري المسجد الحرام ) (٢)

دلّ على أنّ فرض البعيد أن يتمتّع بالعمرة قبل الحجّ ، وموصولةً به ، بأن يكونا في أشهر الحجّ بعام واحد.

ويدلّ عليها من السنة ما هو متواترٌ ؛ ولنذكر منها بعض ما صرّح بأنّ ذلك إلى الأبد ، وإلى يوم القيامة

__________________

(١) تقدّم تخريجهما في الصفحة ٢٩٥ هـ ٢ و ٣ ، من هذا الجزء.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.

٣١٨

روى مسلم(١) ، عن جابر خبراً طويلا قال فيه : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مَن كان منكم ليس معه هديٌ فليَحِلّ ، وليجعلها عُمرةً.

فقام سراقة بن مالك ، فقال : يا رسول الله! ألِعامنا هذا أم لأبد؟

فشبَّك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصابعَه واحدةً في أُخرى ، وقال : دخلت العُمرةُ في الحجّ مرّتين ، لا بل لأبدِ أبد».

وروى مسلم ـ أيضاً(٢) ـ ، عن جابر ، قال : «أهللنا أصحابَ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحجّ خالصاً وحده ؛ فقدم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صبحَ رابعة مضت من ذي الحجّة فأمرنا أن نَحلَّ ، قال : أحلّوا وأصيبوا النساء

فقلنا : لم يكن بيننا وبين عرفة إلاّ خمس ، أمرنا أن نُفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المنيّ فقام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فينا ، فقال : قد علمتم أنّي أتقاكم لله وأصدقكم وأبرّكم ، ولولا هديي لحللتُ كما تَحلّون ، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لم أَسُقِ الهَديَ

فقدم عليٌّ (عليه السلام) من سعايته ، فقال : بم أهللت؟

قال : بما أهلّ به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فأهدِ وامكث حَراماً.

قال : وأهدى له عليٌّ هدْياً.

فقال سراقة : يا رسول الله! ألِعامنا هذا أم لأبد؟

قال : لأبد».

__________________

(١) في باب حجّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب الحجّ [٤ / ٤٠]. منه (قدس سره).

(٢) في باب وجوه الإحرام من كتاب الحجّ [٤ / ٣٦ ـ ٣٧]. منه (قدس سره).

٣١٩

ونحوه في «صحيح البخاري»(١) و «مسند أحمد» من طرق(٢) ، قال في بعضها : «فشبك رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصابعه ، وقال : للأبد ؛ ثلاث مرّات ، ثمّ قال : دخلت العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامة»(٣) .

والأخبار المشتملة على قوله : «دخلت العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامة» كثيرة ، روي جملةً منها في «المسند»(٤) .

وأمّا الدعوى الثالثة : فقد سبق في البحث المتقدّم جملةٌ من الأخبار الدالّة عليها(٥) .

وروى البخاري(٦) ، عن عمران ، قال : «تمتّعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزل القرآن ، قال رجلٌ برأيه ما شاء».

ويحتمل أن يراد بهذا الحديث : متعةُ النساء.

وروى مسلم(٧) ، عن عمران ، قال : «إعلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بين حجّة وعمرة ، ثمّ لم ينزل فيها كتابٌ ولم ينهنا عنها ، قال فيها رجلٌ برأيه ما شاء».

وروى مسلم ـ أيضاً ـ ، عن مطرّف ، قال : «بعث إليَّ عمران بن

__________________

(١) في أوائل كتاب التمنّي ، في باب قول النبيّ : لو استقبلت من أمري ما استدبرت [٩ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ح ٥]. منه (قدس سره).

(٢) ص ٣٠٥ و ٣٢٠ و ٣٦٦ و ٣٨٨ ج ٣. منه (قدس سره).

(٣) مسند أحمد ٣ / ٣٢٠.

(٤) ص ٢٥٣ و ٢٥٩ و ٣٤١ ج ١. منه (قدس سره).

(٥) تقدّم في الصفحتين ٢٨٢ و ٢٨٩ وما بعدهما ، فراجع!

(٦) في باب التمتّع من كتاب الحجّ [٢ / ٢٨٢ ح ١٦٤]. منه (قدس سره).

وانظر كذلك : صحيح البخاري ٦ / ٥٩ ح ٤٣ تفسير آية ( فمن تمتّع بالعُمرة إلى الحجّ ) .

(٧) في باب جواز التمتّع من كتاب الحجّ [٤ / ٤٨]. منه (قدس سره).

٣٢٠