دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق9%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98684 / تحميل: 4684
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٦٠-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ويكره عقص الشعر على الاقوى للرجل خاصة، وكذا التطبيق مطلقا.

الثانى: في احكام السهو:

من سهى عن واجب في الصلاة ولم يتجاوز محله أتى به ركنا كان أولا، كمن سهى عن القراء‌ة أو أبعاضعا أو صفاتها وذكر قبل الركوع، الا الجهر والاخفات على قول قوي، أو عن الركوع أو الرفع منه أو الطمأنينة فيه ولما يسجد أو عن الذكر فيه أو شئ من واجباته ولما يرفع رأسه، أو عن السجدتين أو احداهما، أو التشهد أو أبعاضه، أو شئ من واجباته ولما يركع، أو بعده، أو الطمأنينة في احدى السجدتين أو الذكر فيهما، أو شئ من واجباته ولما تزايل جبهته مسجده، أو عن رفع الرأس من الاولى أو الطمأنينة فيه ولما يسجد ثانيا.ولو تجاوز محله بأن دخل في ركن آخر بطلت صلاته ان كان المتروك ركعا، والا استمر وجوبا، فان عادله عمدا بطلت صلاته لا سهوا.ثم ان كان المتروك سجدة أو أكثر كل واحدة من ركعة ولو من الركعتين الاوليين، أو تشهد، أو صلوات على النبي وآله، أو أبعاضها به بعد التسليم ناويا: أسجد السجدة المنسية، أو اتشهد التشهد المنسي، أو أصلي الصلاة المنسية في فرض كذا أداء‌ا أو قضاء‌ا لوجوبه قربة إلى الله.ويجب فيه ما يجب في أجزاء الصلاة، وفي بعض التشهد مع ذلك اعادته، وكذا في بعض الصلاة اعادتها، ويسجد للسهو مع الجزء المقضي بعده.ولو تعددت الاجزاء تعدد السجود ما لم يبلغ الكثرة، وانما يأتي به بعد الفراغ منها مرتبا بترتيبها.وتجبان أيضا لزيادة سجدة، وللقيام في موضع القعود، وبالعكس، وللتسليم في غير محله نسيانا، وللكلام الممنوع منه كذلك، وللشك بين الاربع والخمس والارجح وجوبهما مع ذلك لكل زيادة ولو نقلا، ولنقيصة الواجب خاصة كبعض

٦١

القراء‌ة اذا لم تكونا مبطلتين ولو تعدد السبب فلا تداخل ويراعى فيهما ترتيب الاسباب وتأخيرهما عن الاجزاء المنسية، وان تقدم السبب وهما بعد التسليم مطلقا.ويجب فيهما ما يجب في سجود الصلاة، وفعلهما بعدها يغير فصل، وهما تابعان في الاداء والقضاء كالاجزاء، ونيتهما: اسجد سجدتي السهو في فرض كذا أداء‌ا أو قضاء‌ا لوجوبهما قربة إلى الله وذكرهما: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد، ويتشهد بعدهما خفيفا ويسلم.ولو تخلل المنافي بينهما وبين الصلاة لم تبطل، ولا حكم لسهو الامام مع حفظ المأموم وان اتحد، وبالعكس، الا أن يعلما شيئا فيلزمهما حكمه، ولا للسهو في موجب السهو أو في حصوله، ولا مع غلبة ظن أحد الطرفين بل يعمل عليه، ولا مع بلوغ الكثرة ويتحقق بتواليه ثلاثا في ثلاث فرائض أو فريضة واحدة، فيبني على فعل الواجب وعدم لحوق المبطل، ولو ترك جزء‌ا يقضى مرارا اثرت الكثرت سقوط السجدتين لا سقوط تداركه.ولو شك في واجب أتى به ان لم يتجاوز محله، فان تذكر أنه كان قد فعله بطلت صلاته ان كان ركا، والا فهو زيادة سهوا.ولو تجاوز محله لم يلتفت، كمن شك في النية وقد كبر، أو التكبير وقد قرأ، أو في القراء‌ة بعد الركوع، ولو كان قبله فقولان.والاولى عدم الالتفات لو شك قانتا، أو فيه، أو في رفع الرأس منه بعد السجود لا قبله، أو في شئ من واجباته بعد الرفع منه، أو في شئ من واجبات السجود بعد الرفع منه، أو فيه، أو في الطمأنينة وقد سجد ثانيا، أو في السجود وقد ركع بعده، وكذا التشهد وأبعاضه، ولو شك فيهما قبل الركوع وبعد استيفاء القيام فعدم الالتفات قوي.ولو تعلق الشك بالركعات: فان كان في الثنائية أو الثلاثية، أو لم يدركم

٦٢

صلى، أو شك في الاوليين من الرباعية، أو في ما زاد قبل اكمالهما ولم يتذكر حتى أتى بالمنافي بطلت.ولو كان بعده: فان شك بين الاثنين والثلاث، أو بين الاثنين والاربع، أو بين الثلاث والاربع مطلقا، أو بين الاثنين والثلاث والاربع بعد السجود بنى على الاكثر، وأتم في الاولى ما بقي بعد البناء، واحتاط فيها وفي الثالثة بركعة قائما أو ركعتين جالسا، وفي الثانية بركعتين قائما، وفي الرابعة بركعتين قائما وركعتين جالسا، أو ثلاث قائما بتسليمتين مخيرا في التقديم.ولو تعلق الشك بالخامسة: فان شك بين الاثنين والخمس مطلقا، أو بين الثلاث والخمس الا قبل الركوع فانه شك بين الاثنين والاربع فيحتاط له ويسجد للزيادة أو بين الاثنين والثلاث والخمس مطلقا بطلت على الاقرب، لتعذر البناء على أحد طرفي الكثرة والقلة.وان شك بين الاربع والخمس بعد السجود بنى على الاربع وأتم ما بقي وسجد للسهو، وقبل الركوع يكون شكا بين الثلاث والاربع، وبعد الركوع فيه قولان أصحهما البطلان.أو بين الاثنين والاربع والخمس بعد السجود بنى على الاربع واحتاط بركعتين من قيام وسجد للسهو.أو بين الثلاث والاربع والخمس: فان كان قبل الركوع فهو شك بين الاثنين والثلاث والاربع، أو بعد الركوع وقبل اتمام السجود فالاصح البطلان، لتعذر البناء، أو بعد السجود بنى على الاربع واحتاط بركعة قائما أو بركعتين جالسا، وسجد لاحتمال الزيادة.وان شك بين الاثنين والثلاث والاربع والخمس بعد السجود بنى على الاربع، وأتى بالاحتياطين وسجد للزيادة المحتملة.ولو تعلق الشك بالسادسة فثالث الاوجه(١) الحاقه بالشك في الخامسة فكل

____________________

(١) في هامش نسخة " ض " الاول: الابطال مطلقا والرد، الثانى: الصحة مطلقا والبناء على الاقل، والوجه الثالث بالتفصيل وهو الحكم ما في المتن.ع ل.

(*)

٦٣

موضع أمكن فيه البناء على أحد طرفي الشك أو اطرافه لم تبطل الصلاة، وما عداه تبطل والصور خمس عشرة.

أربع ثنائية: الشك بين الاثنين والست، بين الثلاث والست، بين الاربع والست، بين الخمس والست.

وما عدا الثالثة بعد السجود، والرابعة قبل الركوع مبطل.

وست ثلاثية: الشك بين الاثنين والثلاث والست، بين الاثنين والاربع والست، بين الاثنين والخمس والست، بين الثلاث والاربع والست، بين الثلاث والخمس والست، بين الاربع والخمس والست، ففي الثانية لا تبطل اذا كان الشك بعد السجود، ويحتاط بركعتين قائما ويسجد للريادة، وفي الرابعة ان كان الشك بعد السجود احتاط بركعة قائما وسجد، وان كان قبله بطلت في جميع صورة، وفي الخامسة والسادسة يصح اذا كان الشك قبل الركوع فيهما أو بعد السجود في الثانية، وما عدا ذلك فمبطل، وكذا الصورتان الباقيتان.

واربع رباعية: الشك بين الاثنين والثلاث والثلاث والاربع والست، بين الاثنين والثلاث والخمس والست، الشك بين الاثنين والاربع والخمس والست، بين الثلاث والاربع والخمس والست.ففي الاولى ان وقع الشك بعد السجود واحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس وسجد للسهو، وفي الثالثة كذلك لكن يقتصر على الركعتين من قيام، وان كان قبله بطلت فيهما، وفي الرابعة ان كان الشك قبل الركوع فهو الشك بين الاثنين والثلاث والاربع والخمس، وان كان بعد السجود احتاط بركعتين من جلوس وسجدة الزيادة المحتملة وبعد الركوع وقبل السجود مبطل وفي الثانية الابطال مطلقا.

وصورة واحدة خماسية وهي: الشك بين الاثنين والثلاث والاربع والخمس والست، وحكمها معلوم مما سبق.

٦٤

ولو تعلق الشك بالسابعة فما زاد أمكن انسحاب الاحكام فيها.

ويجب في الاحتياط النية: أصلي ركعة احتياط أو ركعتين قائما أو جالسا في فرض كذا أداء أو قضاء لوجوبها قربة إلى الله، والتحريم، والتسليم، وجميع ما يعتبر في الصلوات ويتعين الحمد وحدها اخفاتا، ولا يجزئ التسبيح.ولو تخلل المنافي بينه وبين الصلاة ففي الابطال قولان أقواهما العدم، وفي اجزاء المنسية تردد، ولو ذكر قبله النقصان تداركه، أو بعده لم يلتفت، وكذا في أثنائه ويشكل في صورة تخلل المنافي، وفي ذات الاحتياطين اذا لم يكن المبدوء به مطابقا.ولو ذكر التمام تخير في القطع والاتمام، ولو خرج الوقت نوى القضاء، ولو أعاد الفريضة من وجب عليه الاحتياط لم يجزء عنه، وكذا من وجب عليه الجزء، فان قلنا بالبطلان بتخلل المنافي أعادها حينئذ، والا أتى بالجبران.

الثالث: في القضاء:

وهو واجب مع البلوغ حين الفوات والعقل والاسلام والسلامة من الاغماء المستوعب للوقت، وكذا الحيض والنفاس، لا النوم والسكر والردة وان كانت فطرية.ولو شرب المرقد فاستوعب: فان جهل كونه مرقدا أو شرب لحاجة فلا قضاء.، والا وجب ولو فقد المطهر لم يجب على الاقرب، ولو استبصر المخالف أجزأه ما كان صلاه، ويسقط عن الكافر بالاسلام وكذا غير الصلاة من الواجبات، لا حكم الحدث السابق ونحوه.ووقته حين يذكر، والاصح عدم وجوب الفورية وان اتحدت الفائة أو كانت من يومه، ولا ريب أنه أحوط، فيصح الاداء والنقل ممن عليه قضاء، وكذا القضاء عن الغير ولو تبرعا.ويجب الترتيب في الفوائت والجبران كما فاتت، ولو نسيه أمكن وجوب

٦٥

نحصيله بالتكرار، والاصح السقوط.ومراعات العدد تماما وقصرا، وجميع الشروط والواجبات من الهيئة وغيرها غيرها المعتبرة في الصلاة وان لم تكن مقدورة حين الفوات، ولو تعذرت قضى بحسب مقدوره ولو مومئا، ولا ينتظر التمكن وان فاتت حال الكمال الا الطهارة.ولو ذكر سابقة في أثناء لاحقة عدل ان لم يتجاوز محله وجوبا ان كانتا أداء وقضاء، والا فاستحبابا ان لم تتضيق الحاضرة، وهو أن يقصد تلك الصلاة ولا يشترط التماثل في الجهر والاخفات.ولو لم يحص قدر الفوائت أو الفائتة كرر حتى يغلب على الظن الوفاء، ولو جهل عين الفائتة صلى الصبح والمغرب ورباعية مطلقة ثلاثيا، ولو كان الفوات سفرا فثنائية مطلقة ورباعيا ومغربا، ومع الاشتباه فثنائية كذلك ورباعية مطلقة ثلاثيا ومغربا، ولو كانت اثنين من يوم قضى الحاضر صبحا ورباعيتين يطلق فيهما ثنائيا والمغرب بينهما، والمسافر ثنائيتين كذلك واطلاقه ثلاثي، والمشتبه(١) ، يزيد على الحاضر ثنائية بعد المغرب.ولو كانتا من يومين، أو جهل الجمع والتفريق قضى الحاضر عن كل يوم ثلاثا، والمسافر اثنين.ولو كان الاشتباه بيوم التخيير.فان اختار التمام فمقيم والا فمسافر.ولا تقضى الجمعة ولا العيدان وان كانتا واجبتين، ولو ارتد أو سكر ثم جن، أو حاضت فالقضاء لزمان الارتداد والسكر خاصة.

تتمة:

يمرن الصبي على الصلاة لسبع، ويضرب لعشر، ويقهر بعد بلوغه بالاحتلام أو الانبات أو اكمال خمس عشرة في الذكر، وتسع في الانثى، وبتخير بين

____________________

(١) في هامش نسخة " ض ": فيصلى خمس صلوات ثنائية يطلق بين الصبح والظهر والعصر ورباعية يطلق بين الظهر والعصر، ثم يصلى المغرب، ثم رباعية يطلق بين العصر والعشاء، ثم ثنائية بين الظهر والعصر والعشاء فيحصل ترتيبه.ع ل.

(*)

٦٦

الوجوب والندب.ويجب على الولي وهو الولد الذكر الاكبر في المشهور، قضاء ما فات أباه من صلاة وصيام لعذر، لا ما تركه عمدا على الاظهر، ومع الوصية لاقضاء على الولي.ولو عين لها مالا فالمتجه انه من الثلث، وقيل: من الاصل، فلو لم يوص ولم يكن له ولي وجب الاخراج.

الرابع: في القصر:

وهو حذف الاخيرتين من الرباعية وله سببان:

الاول: السفر: وشروطه ثمانية:

الاول: ربط القصد بمعلوم، فلا يقصر الصائم وطالب الابق ونحوه وان تجاوز مسافة، الا في عوده.

وقصد المتبوع كاف ولو في الصديق اذا كان تابعا، ومنتظر الرفقة على حد مسافة مسافر يقصر إلى ثلاثين يوما مالم يعزم العشرة، ثم يتم ولو فريضة واحدة، وكذا كل مسافر تردد عزمه في غير بلده ثلاثين يوما، وفي حدود بلده مقيم.وكذا في محل الترخص قبلها اذا علق السفر على الرفقة، والمكره يعول على ظنه.

الثاني: كون المقصود مسافة ولو بشهادة عدلين.وهي ثمانية فراسخ من منتهى عمارة البلد المتوسط - والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع - أو أربعة اذا أراد الرجوع ليومه أو لليلته لا أقل، ويكفي مع الشك مسير يوم في النهار والسير المعتدلين، ولو سلك أبعد الطريقين ميلا إلى الترخص قصر وان لم يبلغ الاخر مسافة.

الثالث: الضرب في الارض بحيث يخفى أذان البلد وجدرانه، لا السور والاعلام والبساتين، ويقدر في المرتفع والمنختفض الاستواء، والحلة للبدوي والمحلة في المصر العظيم كالبلد، وفي العود يتم بادراكه أحدهما.

٦٧

الرابع: كون السفر سائغا، فالابق، والناشز، وتارك وقوف عرفه، أو الجمعة مع الوجوب، وسالك ما يظن فيه العطب، والمتصيد لهوا، وتابع الجائر وذو الغاية المحرمة لا يترخصون.

الخامس: بقاء القصد، فلو رجع عنه قبل بلوغ مسافة، أو عزم على اقامة عشرة مطلقا، أو عزم عليها من أول السفر خلال المسافة لم يقصر.ولو تغير عزم الاقامة بعد بلوغها قصران لم يكن صلى تماما ولو بالركوع في الثالثة، وفي الاكتفاء بخروج وقت الرباعية، أو الشروع في صوم واجب، أو بالاتمام في مواضع التخيير تردد(١) .

السادس: عدم بلوغه حدود بلد له فيه ملك ولو نخلة ونحوها، قد استوطنه زمان الملك ستة أشهر مقيما ولو متفرقة، أو اتخذه وطنا على الدوام بشرط الاستيطان، فلا يترخص حينئذ، ولو قصد ذلك من أول السفر لم يقصر ان لم يبلغ ما بينهما مسافة.

السابع: أن لا يكثر السفر، فالبدوي والملاح والمكاري والتاجر والبريد ونحوهم يتمون اذا صدق الاسم، بأن يسافر أحدهم إلى مسافة مرتين، فبالثالثة تصدق الكثرة بشرط عدم اقامة عشرة مطلقا في بلده، ومع النية في غيره بينها.ولو أقام العشرة بعدها ثم سافر وجب القصر، ويكفي في العشرة كونها ملفقه بحيث لا يتخللها السفر إلى مسافة.

الثامن: استيعاب السفر لوقت الاداء، فلو أدرك من أول الوقت قدر الطهارة والصلاة حاضرا ولو دون محل الترخص، أو من أخره قدرها مع ركعة أتم.وكذا يتم فوائت الحضر وان قضت سفرا، بخلاف فوائت السفروان قضت حضرا.وانما يتحتم القصر في غير مسجد مكة والمدينة وجامع الكوفة وحائر الحسينعليه‌السلام ،

____________________

(١) في هامش نسخة " ش ": المعتمد الاتمام فيه، وفى الثالث قوى، وفى الثانى ان كان التغيير بعد الزوال فكذلك وقبله التردد باق.ع ل.

(*)

٦٨

أما فيها فان اتمام الصلاة مع سعة الوقت أفضل، ويجوز القصر.ولو فاتت في احداهما فالظاهر أن التخيير بحاله، وان قضت في غيرها فالظاهر اشتراط نية التمام وضده في النية وعدم الخروج بها عن التخيير، نعم يترتب حكم الشك على ما نواه فيبطل في المنوية قصرا، ويحتاط في الاخرى.ولو أتم المسافر مع علم المسافة أعاد مطلقا، ولو تجدد العلم بها في الوقت وقد صلى فكذلك، لا ان خرج وان قصر.ولو أتم جاهلا بالحكم فلا اعاده في الصلاة والصوم، ولو نسيه فالمشهور الاعادة في الوقت خاصة.ولو خرج ناوي المقام عشر إلى ما دون المسافة وبلغ حد الترخص: فان عزم على العود والاقامة عشرة مستأنفة أتم مطلقا، فانعزم على المفارقة قصر ببلوغ محل الترخص، أو على العود خاصة فالاقوى الاتمام في الذهاب والبلد، والقصر في العود.ولو لم يقصد شيئا ذاهلا أو مترددا فوجهان، ولو خرج كذلك بعزم التردد مرارا والاقامة آخرا فالاتمام كما سبق.ويستحب الجمع بين الفريضتين للمسافر كالفرق للحاضر، وجبر المقصورة بالتسبيحات الاربع بعدها ثلاثين مرة.

الثاني: الخوف:

وهو موجب للقصر أيضا حضرا وسفرا، جماعة وفرادى.فان كان العدو في غير جهة القبلة، ويخاف هجومه على المسلمين، وفيهم قوة الافتراق فريقين مع عدم الاحتياج إلى الزيادة صلى الامام بالاولى ركعة، فاذا قام انفردوا وأتموا، ثم تأتي الاخرى فتدخل معه في الثانية، ويفارقونه في التشهد فيتمون ويطول ليسلم بهم.وفي المغرب يصلي بالاولى ركعة وبالثانية ركعتين، أو بالعكس، وهذه الصلاة ذات الرقاع.وان أكملت الصلاة بكل فرقة صح، والثانية نفل له، وهي صلاة بطن النخل.

٦٩

وان كان العدو في جهة القبلة مرئيا يخاف هجومه، وأمكن الافتراق صفهم صفين وأحرم بهم جميعا وركع، فاذا سجد تابعه الاول وحرس الثاني، فاذا قام سجد الحارسون وحرس الساجدون، والاولى انتقال كل صف إلى موضع آخر.ولو تعاكست الحراسة والسجود، أو اختص كل صف بها في ركعة واحدة، أو اختص بها أحد الصفين في الركعتين، أو تكثرت الصفوف فترتبوا في السجود والحراسة أمكن الجواز، وهي صلاة عسفان.وان التحم القتال وانتهى إلى المسافة، وتعذرت الهيئات السالفة، صلوا بحسب الامكان رجالا وركبانا إلى القبلة وغيرها مع عدم امكانها، ويسجد الراكب على قربوس سرجه أو عرف دابته، فان تعذر أومأ، وكذا الماشي، والسجود أخفض.ويغتفر الفعل الكثير مع الحاجة اليه، وتشرع الجماعة وان اختلف الجهة، ومع تعذر الافعال والاذكار بجتزئ عن الركعة بالتسبيحات الاربع مع النية والتكبير والتشهد والتسليم، ولا يجب الاعادة وان أمن، ولو كان عاديا بقتاله أو فارا من الزحف أمكن الوجوب.وفائتة الخوف تقضى بحسب الامكان قصرا، وكل أسبابه سواء في قصر الكم والكيف حتى السيل والسبع، ولو انكشف خطأ ظنه وقد صلى بحسبه اجزأ.والموتحل والغريق يتحريان الممكن من الكيفية، ولا يقصران الا مع السفر أو الخوف.

الخامس: في الجماعة: وهي مستحبة في الفرائض، وتتأكد في الخمس، وتجب في الجمعة والعيد الواجبة وبالنذر، ويحرم في النافلة الا الاستسقاء والعيد نديا والغدير.وفضلها عظيم لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : " صلاة الجماعة تعدل صلاة الفذ بسبع وعشرين

٧٠

درجة "(١) ، والفذ بالذال المعجمة هو الواحد.وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ما من ثلاثة في قرية أو بلد لا تقام فيهم الصلاة الا استحوذ عليهم الشيطان.فعليك بالجماعة فان الذنب يأخذ القاصية ".

وعن ابن بابويه: من ترك ثلاث جمع متواليات من غير علة فهو منافق(٢) .وقد رود عن الرضاعليه‌السلام : " ان صلاة الجماعة أفضل من صلاة الانفراد في مسجد الكوفة "(٣) ، إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة، وما كثرة جمعه أفضل، الا أن يتعطل مسجد قريب بغيبته، ويجوز في الصحراء، ولا ريب أن المسجد أفضل.

وشروطها ستة:

أحدها: بلوغ الامام، وعقله، وايمانه، وعدالته، وطهارة مولده، وصحة صلاته ظاهرا، وقيامه بالنسبة إلى من فرضه القيام، واتقان القراء‌ة الا مع المماثلة، وذكوريته ان أم ذكرا أو خنثى، وكونه غير مؤتم.فلا تصح امامة الصبي وان بلغ عشرا الا لمثله في النفل في بعض كلام الاصحاب، ولا المجنون وان كان أدوارا الاحال الافاقة فيكره، ولا الكافر والفاسق، ومنه المخالف، وكذا ولد الزنا وان أموا امثالهم.وطريق معرفة العدالة كما مر، وصلاة عدلين خلفه.ولا يكفي الاسلام، ولا التعويل على حسن الظاهر على الاصح، والخلاف في الفروع مانع ان أبطل عند المأموم.وتوم المرأة النساء.

ولو تشاح الائمة قدم مختار المأومومين، ومع الاختلاف فالافقه، فالهاشمي، فالاقدم هجرة، فالاسن في الاسلام، فالاصبح وجها، فالقرعة.والامير في امارته، والراتب، وذو المنزل يقدمون مطلقا.

____________________

(١) انظر الوسائل ٥: ٣٧ باب ١ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) و(٣) من لا يحضره الفقيه ١: ٢٤٥.

(*)

٧١

الثاني: العود: وأقله اثنان، الا في الجمعة والعيد مع وجوبها.

الثالث: عدم تقدم المأموم على الامام في الموقف، والعبرة بالعقب لا بالمسجد، الا في الجماعة في حول الكعبة، لئلا يكون المأموم أقرب اليها.وكذا يشترط عدم علو الامام بما يعتد به، وهو ما لا يتخطى في العادة، ويجوز العكس مالم يصر في حد العبد المفرط، وفي المنحدرة يغتفر العلو من الجانبين.

ويشترط القرب عادة ولا ينقدر بثلاث مائة ذراع على الاصح، ومع اتصال الصفوف لا يضر البعد وان أفرط اذا كان بين كل صفين القرب العرفي.

الرابع: نية الائتمام، فلو تابع بغير نية بطلت ان أخل بما يلزم المنفرد، ويجب تأخيرها عن نية الامام، فلا يجرئ المساومة، ولا تجب نية الامامة الا في الجمعة الواجبة، لكن يتوقف حصول الثواب عليها.

ويجب وحدة الامام وتعينه فلو نوى الاقتداء باثنين، أو باحدهما لا بعينه لم يصح، ولو انتقل إلى آخر عند عروض مانع للاول جاز.

الخامس: مشاهدة المأموم للامام، او لمن يشاهده من المأمومين ولو بوسائط فيعتبر عدم العلم بفساد صلاتهم، الا أن تقتدي المرأة بالرجل فيغتفر الحائل.وليس النهر، والطريق، والقصر الحائل وقت الجلوس خاصة، والمخرم، والظلمة موانع.ولو صلى الامام في محراب داخل، أو مقصورة غير محرمة فصلاة الجانبين باطلة ان لم يشاهدوا من يشاهده.

السادس: توافق نظم الصلاتين، فلا يقتدى في اليومية بنحو الكسوف والعيد وبالعكس.

ويجوز في ركعتي الطواف باليومية، وعكسه، وكذا الفرض بالنفل النفل بالنفل في مواضع، وبعض اليومية ببعض، ومع نقص صلاة المأموم يتخير بين التسليم وانتظار تسليم الامام وهو أفضل، ولو زادت فله الاقتداء في التتمة بمسبوق من المأمومين.

٧٢

ويجب متابعة الامام في الافوال والافعال، فيأثم بالتقدم عمدا، ولا تبطل الا أن يركع قبل فراغه من القراء‌ة، ونسيانا يرجع فيتابع.وان زاد ركوعا: فان لم يرجع فهو متعمد.والظان كالناسي، ولو تخلف بركن فأكثر لم تنقطع القدوة ويحتمل الامام القراء‌ة في الجهرية والسرية، فيكره للمأموم القراء‌ة فيهما على الاشهر.ولو لم يسمع في الجهرية ولا همهمة استحب أن يقرأ، ويبقئ آية ان نقصت قراء‌ته عن قراء‌ة الامام ليركع عنها، ويدرك الركعة بادراكه راكعا ولو بعد الذكر الواجب علي الاصح، لا ان شك هل أدرك راكعا أم رافعا ولو أدركه بعد الركوع أو بعد سجود الاولى وسجد معه واستأنف النية عند قيامه إلى الركعة اللاحقة، ولو كانت الاخيرة استأنف بعد التسليم، ولو كان بعد السجود كبر مقتديا، وتابعه في التشهد ان شاء، فان كان الاخير قام بعد تسليمه بغير استئناف، والظاهر انه يدرك فضل القدوة ولو كان التشهد هو الاول تابعه بعد القيام أيضا.ويراعى المسبوق نظم صلاته، فيجعل ما يدركه معه أولها، ويتخير في الاخيرتين بين التسبيح والفاتحة وان سبح أمامه على الاصح، ولو كان غير مرضي فلا قدوة، بل يقرأ لنفسه ولو سرا في الجهرية، أو مثل حديث النفس، ويتشهد قائما ويسلم ان اضطر.ويستحب تسوية الصفوف باستواء المناكب، واختصاص الفضلاء بالاول، ويمينه أفضل، ويكره تمكين نحو العبيد والصبيان منه.واذا اتحد المأموم وكان ذكرا وقف عن يمين الامام، وان تعدد فخلفه كالمرأة الواحدة والخنثى.ولو أمة النساء لم تتقدمهن كجماعة العراة، ولو أحرم الامام قطع المنتفل نفله ودخل معه، ولو كان فرضا نقل النية إلى النفل وأتم الركعتين، ومع فوت الفوات يقطعها استحبابا، كما لو كان امام الاصل.

٧٣

ويكره النفل بعد الاقامة، ووقت القيام عند قد قامت الصلاة، وخائف فوات الركوع بالالحاق يكبر مكانه، ويسجد ان شاء ويلحق بالصف، وان شاء مشى في ركوعه بشرط عدم فعل كثير، وأن يكون مكان التكبير صالحا للاقتداء، ويعيد المنفرد صلاته مع الجماعة استحبابا، وكذا الجامع اماما ومؤتما، ويتخير بين نية الوجوب والندب.ويكره وقوف المأموم وحده اختيارا، وتخصيص الامام نفسه بالدعاء.ويجوز التسليم قبل الامام لعذر فينوي الانفراد، ولو نواه لا لعذر جاز، حيث لا تجب الجماعة، فيبني على ما مضى من صلاته، فان كان قبل القراء‌ة قرأ لنفسه، أو بعدها اجتزأ بقراء‌ة الامام، أو في اثنائها احتمل البناء ووجوب الاعادة.وفي جواز الاقتداء بمن علم نجاسة في ثوبه أو بدنه تردد، أوجهه المنع.ولو علمت عتق من تصلى مكشوفة الرأس أمكن جواز الاقتداء بها.ولا ينبغي ترك الجماعة الا لعذر عام أو خاص كالمطر والمرض، فيصلي في منزله جماعة.ويستحب التأخير ان رجا زوال العذر وادراك الجماعة، ولو عرض للامام قاطع كالحدث استناب، فان لم يفعل أو عرض جنون أو موت استناب المأمون، فيبني النائب على فعل الامام ولو في أثناء القراء‌ة.واما الخاتمة ففى باقى الصلوات: أما الجمعة: فهي ركعتان يسقط معها الظهر بشروط زائدة على اليومية: الامام العادل: أو من نصبه، ولا ريب في اعتبار شرائط الامامة السالفة.وفي الغيبة يجتمعون مع الامن، ووجود نائب الغيبة وهو الجامع للشرائط، فينوون الوجوب وان لم يتحتم، ويجزئ عن الظهر.ولو مات بعد التلبس لم تبطل القدوة، فيقدمون من

٧٤

يتم مع وجود باقي الشرائط، ولو أحدث قدم من يتم به، ولا يشرع انشاء الجمعة حينئذ الا أن يستنيب امام الاصل.

والوقت: وهو وقت الفضيلة للظهر، فاذا خرج ولم يأت بها صلى الظهر، ولو كان متلبسا صحت ان ادرك ركعة قبله، ان شرع عالما أو ظانا ادراكها بشروطها على المشهور، ولو صلى الظهر وهو مخاطب بها لم تصح فان أدركها، والا أعاد ظهرا.

والعدد: وهو خمسة أحدهم الامام، ويشترط ابتداء‌ا لا دواما، فلو انفضوا بعد التكبير لم تبطل، وان لم يبق الا واحدا، أما قبله فتسقط، ولو عادوا أعاد الخطبة ان لم يسمعوا الواجب منها.وانما تنعقد بالمكلف الذكر المسلم وفي العبد وان تحرر بعضه اذا أذن مولاه، والمسافر الذي لا يلزم الاتمام تردد أقربه الانعقاد، ولو لزمته وجب عليه كالعاصي بالسفر.أما الاعمى، والاعرج البالغ حد الاقعاد، والمريض المتضرر بالحضور أو يشق عليه كثيرا، ومن بعد عن موضع اقامتها بازيد عن فرسخين، والمشتغل بتجهيز ميت، أو رعايت مريض، والخائف على نفس أو مال ولو حبسا أو غصبا بباطل أو بحق هو عاجز عنه، والممنوع بمطر أو وحل شديد ونحوهما: فان حضروا قبل صلاة الظهر وجب عليهم وانعقدت بهم، الا المريض اذا تضرر بالصبر.

والخطبتان: بعد الزوال قبل الصلاة، ويجب القيام فيهما مطمئنا مع القدرة، واشتمال كل واحدة على لفظ الحمد لله، والصلاة على النبي وآله، والوعظ ولا يتعين له لفظ، وقراء‌ة سورة خفيفة، أو آية تامة الفائدة، والصلاة على أئمة المسلمين، والفصل

٧٥

بينهما بجلسة، ورفع الصوت بحيث يسمعه العدد.والاحوط اشتراط الطهارة، ووجوب الاصغاء، وتحريم الكلام في اثنائهما وان لم تبطل.ويجوز كون الخطيب غير الامام، وفي اشتراط عدالته نظر.ويستحب بلاغته، وكونه منصفا بما يأمر به، والارتداء ببرد يمنية، والاعتماد على شئ ولو عصا، والتسليم أولا، فيجب عليهم الرد، والجلوس قبل الخطبة حتى يفرغ المؤذنون.

والجماعة: فلا تصح فرادى، ويشترط نية الامام والمأموم بها، ولو ادرك المسبوق الامام راكعا في الثانية ادرك الجمعة فيتم بعد فراغه، ولو شك في ادراكه راكعا فلا جماعة له.

والوحدة: وتحقق بأن تكون بين الجمعتين فرسخ، فلو قصر بطلت ان اقترنتا بألتحريم، ويعيدون جمعة، واللاحقة خاصة ان سبقت احداهما ولوبها، ومع السابقة يصلون جميعا الظهر فيتجه اعتبار فعلها فرادى أو بامام من خارج ومع اشتباه السبق قيل: يصلون الجمعة والظهر، وهو متجه، فيعتبر في الظهر ما سبق.ويستحب الجهر بالقراء‌ة، واختيار الجمعة في الاولى والمنافقين في الثانية، ويحرم الاذان الثاني زمانا، والسفر قبلها بعد وجوبها، والبيع وشبهه بعد الاذان وان سقطت عن أحد المتعاقدين وينعقد.

ويستحب مؤكدا الغسل أداء من فجر الجمعة إلى الزوال، وقضاء إلى آخر السبت، وتقديما من أول الخميس لخائف الاعواز.ومن زوحم عن سجود الاولى ان لم يتمكن من اللحاق بعد قيام الامام يسجد معه في ثانية ناويا بهما الاولى لا الثانية فتبطل صلانه، ولو أهمل فقولان اظهرهما الصحة، ولو تمكن من السجدتين بعد قيام الامام فأتى بهما ثم قام فوجده قد ركع في الثانية جلس حتى يفرغ، وله أن ينفرد ويتمها جمعة على القديرين.

٧٦

تتمة:

السنن الحنيفية(١) خمس في الرأس: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الشعر، وقص الشارب.وخمس في البدن: قص الاظفار، وحلق العانة، والابطين، والختان، والاستنجاء.ويجوز الوفرة في الشعر بأن يبلغ شحمة الاذن.ويستحب السواك مؤكدا عند كل صلاة عرضا - ويكره في الخلاء والحمام والادهان غبا(٢) والاكتحال وترا، وقلم الاظافر يوم الجمعة فمن فاته فيه ففي يوم الثلاثا، ويجوز مطلقا، ويكره بالاسنان.ويستحب مؤكدا الخضاب، ويتأكد للنساء، وقد ورد انه يقلل وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة، ويستحي منه منكر ونكير، وهو براء‌ة له في القبر.والاستحمام غبا، ويستحب يوم الاربعاء والجمعة، والاكنحال بالاثمد عند النوم وترا، والاطلاء بالنورة كل خمسة عشر يوما.وأما صلاة عيد الفطر والاضحى فيجب بشورط الجمعة على من تجب عليه، وتسقط عمن تسقط عنه، ومع اختلالها تصلى ندبا جماعة وفرادي، وقيل: لا تشرع الجماعة حينئذ والخطبتان بعدها، ويستحب ذكر أحكام الفطرة في الفطر، والاضحية في الاضحى، والاحوط القيام فيهما، ويعتبر الاتحاد كالجمعة الا مع ندبينهما لاحد الفريقين، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال فيحرم السفر بعد وجوبها.

وهي ركعتان كغيرها من الصلوات، لكن يزيد خمس تكبيرات بعد القراء‌ة في الاولى، وأربعا كذلك في الثانية، ويقنت بعد كل تكبيرة وجوبا، ولا يتعين

____________________

(١) في هامش نسخة " ض ": السنن الحنيفية: هى التى كانت في ملة ابراهيمعليه‌السلام .السنة أعم من المستحب، ويشتمل الواجب، ولم ينسخ في شريعة بل بقيت، ولا تنسخ إلى يوم القيامة، واصل الحنيف الاستقامة.شرح.

(٢) الغب: أن تدهن يوما وتدعه يوما.

انظر الصحاح ١: ١٩٠ " غبب ".

(*)

٧٧

له لفظ غير أن المأثور أفضل، ويقول المؤذن فيها وفي كل ما يجمع فيه غير ما سبق: الصلاة ثلاثا بالنصب والرفع.ويستحب الاصحار بها الا بمكة، وخروج الامام ماشيا حافيا بالسكينة والوقار، وذكر الله تعال، وقراء‌ة الاعلى في الاولى والشمس في الثانية، والغسل والتنظيف، والتطيب، ولبس الفاخر، وان يطعم قبل خروجه في الفطر حلو، وبعد عوده في الاضحى من اضحيته.والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات أوله المغرب ليلة الفطر وهو: الله أكبر ثلاثا، لا اله الا الله والله أكبر، الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا.وفي الاضحى عقيب خمس عشرة لمن كان بمنى ناسكا على قول، وعقيب عشر لغيره أولها ظهر ويزيد: ورزقنا من بهيمة الانعام: ويتخير حاضر العيد في حضور الجمعة لو اتفقا، سواء القروي وغيره، وعلى الامام الحضور، ولو نسي التكبير أو بعضه وتجاوز محله سجد للسهو.

وأما صلاة الايات: فهي ركعتان كاليومية، الا أن في كل ركعة خمس ركوعات، يقرأ الحمد وسورة أو بعضها ثم يركع، فاذا قام قرأ الحمد وسورة، أو بعضها ان كان أتم السورة، والا قرأ من حيث قطع ان شاء، وان قرأ الحمد وسورة أو بعضها بحيث يتم له في الركعة سورة صح على قول قوي، وهكذا خمسا، ثم يسجد، ويجب في النية تعيين السبب.وتستحب الجماعة، والاطالة بقدره، وقراء‌ة السور الطوال مع السعة، والجهر بها ليلا أو نهارا، والقنوت على كل مزدوج أو على الخامس والعاشر، وأقله على العاشر بعد القراء‌ة ومساواة الركوع والسجود والقنوت للقراء‌ة، والتكبير عند كل رفع، وفي الخامس والعاشر سمع الله لمن حمده، والبروز تحت السماء، والاعادة لو فرغ قبل الانجلاء.

٧٨

وموجبها كسوف الشمس، وخسوف القمر وكل مخوف سماوي كالزلزلة والظلمة الشديدة والريح السوداء والصفراء، لا نحو كسوف الكواكب.ووقتها في الكسوف من ابتدائه إلى تتمام الانجلاء على الاقرب، وفي غيره مدت السبب، فان قصر لم يجب الا الزلزلة ومن ثم يكون اداء مدة العمر، مع أن الوجوب فوري جمعا بين التأقيت واعتبار سعة الفعل، وتقضى حيث يجب الاداء مع الفوات عمدا أو نسيانا لا جهلا، الا أن يستوعب الاحتراق، ويقدم المضيق منها ومن الحاضرة وجوبا، فان تضيقا قدمت الحاضرة، ولو كان في اثناء الكسوف قطعها واشتغل بالحاضرة على قول، ومع سعتهما يتخير، وتقديم الحاضرة أفضل.

اما صلاة الطواف: فركعتان كاليومية، لكن يجب فلعهما عند مقام ابراهيمعليه‌السلام في المكان المعروف المعد لذلك الان، فلو منعه زحام صلى خلفه أو إلى جانبيه، ولو نسيهما رجع إلى المقام، ثم إلى الحرم، ثم حيث يذكر، ولو مات قضاهما الولي.ويجب كونهما بعد الطواف الواجب وقبل السعي ان وجب، ويستحب المبادرة بهما، ولا اداء في نيتها ولا قضاء.وقد تقدم في الغسل صلاة الاموات.وأما الملتزم من الصلاة بنذر وشبهه: ويعتبر فيه ما يعتبر في اليومية، ويزيد الصفات المعينه فيه اذا كانت مشروعة، فلو قيد بزمان شخصي - كيوم الجمعة - معين وأخل به عمدا قضى وكفر، والا اتى به موسعا إلى أن يغلب ظن الموت.وتعتبر نية الاداء والقضاء في الاول خاصة، ولو عين مكانا انعقد مع المزية لا بدونها على قول.وفي الفرق بينه وبين الزمان عندي نظر، فلو أتى به فيما هو أزيد مزية قبل: يجزئ، وللنظر فيه مجال، ولو عين عددا تعين، فيسلم بعد كل ركعتين، ولو قيد

٧٩

أربعا بتسليمة صح لاخمسا، الا أن يطلق فينزل على المشروع.ولو اطلق الصلاة وجب ركعتان على الاقوى، ولو نذر نحو الكسوف والعيد وقت شرعيتهما انعقد.والا فلا.وشبه النذر العهد واليمين، والتحمل عن الغير باجارة ونحوها، ولا ريب في اشتراط العدالة في الاجير، وعدم نقصان صلاته بنقصان صفة، كالعاجز عن، القيام، أو عن بعض القراء‌ة.ولو تجدد العجز احتمل الانفساخ، والفسخ والرجوع بالتفاوت، واضعفها الاجتزاء بمقدوره، وهل هو على الفور(١) أم على التراخي؟ لا أعلم فيه تصريحا، ويحتمل وجوب ما يعد به متشاغلا.

تتمة: من الصلاة المندوبة الاستسقاء عند انقطاع الامطار وغور الانهار، وهي كالعيد، الا القنوت فانه بالاستغفار، وسؤال الرحمة وتوفير المياه ومأثوره أفضل.ويستحب في خطبة الجمعة أمر الناس بالتوبة، والخروج عن المظالم، وصوم ثلاثة أولها السبت أو الاربعاء، والخروج في الثالث حفاة بالسكينة والوقار مع أهل لصلاح والشيوخ والاطفال.وتستحب الجماعة والجهر بالقراء‌ة، ويحول الامام رداء‌ه من اليمين إلى اليسار، ولو تأخرت الاجابة كرر الخروج، ولو سقوا في الخطبة صلوا شكرا، ولو كثرت الغيث وخيف منه استحب الدعاء بازالته.ويكره نسبة المطر إلى الانواء ويحرم اعتقاده.ومنها صلاة يوم الغدير قبل الزوال بنصف ساعة، وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي إلى قوله: " فيها خالدون " عشرا جماعة في الصحراء بعد أن يخطب الامام بهم، ويعرفهم فضل اليوم، فاذا انقضت تصافحوا وتهانوا، وثوابها مائة ألف حجة وعمرة، ويعطى ما يسأل.

____________________

(١) الظاهر أن الوجوب على الولى فورى.ع ل.

(*)

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ومنها : نفيه نصر بن حجّاج إلى البصرة ؛ إذ تغنّت به امرأة في دارها ، وكان في غاية الحسن والجمال ، كما هو مستفيض ، وذكره في «شرح النهج»(١) .

وليت شعري ، كيف استحقّ نصر النفي بمجرّد أن تغنّت به امرأة ، وما استحقّ المغيرة شيئاً من الإهانة ، وقد شهد عليه ثلاثة بالزنا ، وشهد الرابع بأنّه جلس منها مجلس الفاحشة رافعاً رجليها ، وخصيتاه متردّدتان بين فخذيها ، وسمع له حفزاً شديداً ونَفَساً عالياً(٢) ؟!!

وأما ما ذكره الفضل بالنسبة إلى نسب «عثمان» ، وأنّه يتّصل برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عبد مناف

فمحلّ ريب عندنا ؛ لِما روي أنّ أُميّة كان عبداً روميا تبنّاه عبد شمس ، وكان ذلك من عادة العرب ، بحيث لا يُنسب عندهم اللحيق إلاّ إلى المستلحِق ، ويتوارثان ، وتترتّب عليه جميع آثار البنوّة(٣) .

كما نُسب ذكوان إلى أُميّة إذ تبنّاه ، وكان عبداً له ، كما ذكره في «الاستيعاب» بترجمة الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط بن ذكوان ، لكن جعله

__________________

(١) ص ٩٩ مجلّد ٣ [١٢ / ٢٧]. منه (قدس سره).

وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٢١٦ ، تاريخ المدينة ـ لابن شبّة ـ ٢ / ٧٦٢ ـ ٧٦٣ ، المستقصى في أمثال العرب ١ / ١١٩ ، عيون الأخبار ٤ / ٢٤ ، حلية الأولياء ٤ / ٣٢٢ ، الاستيعاب ١ / ٣٢٦ ذيل الرقم ٤٨٢ ، تاريخ دمشق ٤٠ / ٢٧٥ وج ٦٢ / ٢٠ ـ ٢٧ رقم ٧٨٥٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٣٦٧ ، أُسد الغابة ١ / ٤٥٦ رقم ١٠٨٣ ترجمة أبيه ، الإصابة ٦ / ٤٨٥ رقم ٨٨٤٥.

(٢) راجع الصفحة ٢٥٤ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٣) انظر : الاستغاثة ـ لأبي القاسم الكوفي ـ ١ / ٧٦ ، الروض الأُنف ٣ / ٩٤.

٤٠١

قولا(١) .

ويشهد لذلك قول أبي طالب (عليه السلام) في بني أُميّة [من الطويل] :

قديماً أبوهم كان عبداً لجدّنا

بنو أَمَة شهلاءَ جاشَ بها البحرُ

من أبيات ذكرها ابن أبي الحديد(٢) ، لكن استفاد منها صحّة ما يروى أنّ عبد المطّلب (عليه السلام) استعبد أُميّة لرهان بينهما(٣) ، وهو خطأ ، وإلاّ لقال : عبداً لأبينا.

ويؤيّد المدّعى معروفيّتهم ببني أُميّة لا بني عبد شمس ، والحال أنّ عبد شمس أظهر في الشرف من أُميّة ، وإنّما عرف عتبة وشيبة ببني عبد شمس(٤) .

__________________

(١) الاستيعاب ٤ / ١٥٥٢ رقم ٢٧٢١ ، وانظر : المنمّق ـ لابن حبيب ـ : ١٠٠ ، معجم ما استعجم ٣ / ٨٣٧ «صَفُّورِيَة» ، ربيع الأبرار ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، الروض الأُنف ٣ / ٩٣ ـ ٩٤ ، الإصابة ٥ / ٥٢٩ رقم ٧٢٩٤ ترجمة القُلاخ العنبري ، السيرة الحلبية ٢ / ٤٤٢.

(٢) ص ٤٦٧ مجلّد ٣ [١٥ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤]. منه (قدس سره).

والبيت من قصيدة قالها شيخ الأباطح أبو طالب (عليه السلام) لمّا تظاهرت قريش على بني هاشم وحاصرتهم في الشِّعب ، وفيها يذمّ بني عبد شمس ونوفل ، مطلعها كما في الديوان :

ألا ليتَ حظّي من حِياطةِ نصركم

بأن ليس لي نفعٌ لديكم ولا ضرُّ

ورواية البيت :

وليدٌ أبوه كان عبداً لجدّنا

إلى عِلْجَة زرقاءَ جالَ بها السِّحْرُ

انظر : ديوان أبي طالب : ١٠٦ ـ ١٠٧ رقم ١٤ وص ١٨٦ ـ ١٨٧ رقم ٢٠ ، وورد في الموضع الثاني : «وليداً» بدل «وليدٌ» وكذا في المصدر الآتي ، السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ١٥٣.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٣١.

(٤) انظر : نسب قريش : ١٥٢ ، النسب ـ لابن سلام ـ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ، أنساب الأشراف ٥ / ٧.

٤٠٢

ويُحتملُ أن يكون أميرُ المؤمنين (عليه السلام) أشار إلى استلحاق أُميّةَ وبنيه بعبد شمس بقوله في كتابه إلى معاوية : «وليس الصريحُ كاللصيق(١) »(٢) جواباً عمّا كتبه معاويةُ إليه : «إنّا وأنتم من بني عبد مناف»(٣) .

ويحتملُ ـ أيضاً ـ أنّه (عليه السلام) أشار إلى المعروف من كون معاويةَ ابنَ زنا ولحيقاً بأبي سفيان(٤) .

ويحتملُ أنّه (عليه السلام) أشار إلى الأمرين.

وأما ما زعمه من تزويجه ابنتَي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

فمحلّ إشكال أيضاً ؛ لِما قيل : إنّهما ربيبتاه ؛ فنُسبتا إليه للتربية ؛ بل قيل : إنّهما ابنتا أُخت خديجة(٥) .

ولو سُلّم أنّهما ابنتاه حقيقةً ـ كما هو الأقربُ(٦) ـ ، فالظاهر أنّ

__________________

(١) اللصيق : الدعيّ ، أو الرجل المقيم في الحيّ وليس منهم بنسب ؛ انظر مادّة «لصق» في : لسان العرب ١٢ / ٢٧٩ ، تاج العروس ١٣ / ٤٢٨.

(٢) نهج البلاغة : ٣٧٥ كتاب ١٧.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٥١.

(٤) انظر : مثالب العرب ـ لابن الكلبي ـ : ٧٢ ، الأغاني ٩ / ٦٢ ، ربيع الأبرار ٣ / ٥٥١ ، شرح نهج البلاغة ١ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، تذكرة الخواصّ : ١٨٤.

(٥) انظر : الاستغاثة ١ / ٦٤ ـ ٧٠ ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ ١ / ٢٠٦ و ٢٠٩.

(٦)نقول : مهما اختلف المحقّقون والباحثون في مسألة بنات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أو ربائبه ، بين ناف ومثبِت ، وأيا كان الحال فيها ، فإنّ المتيقّن والمجمَع عليه من فرق المسلمين كافة ، هو أنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول (عليها السلام) هي ابنة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولم يأتِ في غيرها شيءٌ ممّا أثبته لها اللهُ تعالى في القرآن الكريم ، والنبيُّ الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديثه ، في عِظم شأنها ورفيع منزلتها وسموّ مقامها صلوات الله وسلامه عليها.

ومن المناسب جدّاً مراجعة مقال : «بنات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أم ربائبه؟! رأي

٤٠٣

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما زوّجه للتأليف ، كما يشهد له ما ذكره ابنُ الأثير في «نهايته» بمادّة «أبَر» ، بالباء الموحّدة من تحت

قال : «في حديث أسماء بنت عميس : قيل لعليّ : ألا تتزوّجُ ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال : ما لي صفراء ولا بيضاء ، ولستُ بمأبور في ديني فيُوَرّي(١) بها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنّي ، إنّي لأوّل مَن أسلم».

ثمّ قال : «يعني : لستُ غيرَ صحيحِ الدينِ ، ولا المتّهَمَ في الإسلام فيتألّفني عليه بتزويجها إيّايَ».

قال : «ويروى بالثاء المثلّثة ، وسيُذكر»(٢) .

ثمّ ذكره في هذه المادّة ، وقال : «أي : لستُ ممّن يؤثَر عنّي شرٌّ وتهمةٌ في ديني»(٣) .

فإنّه دالٌّ على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد يزوّج الرجلَ للتأليف ، والمتعيّن له عثمانُ ؛ لأنّ من عداه من أصهار النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إمّا مؤمنٌ حقّاً وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أو كافرٌ معاند!

وأما ما تعرّض له من أخبارهم في فضل عثمان(٤) ، فقد عرفتَ في

__________________

ونقد» ، للسيّد جعفر مرتضى العاملي ـ حفظه الله ـ ، المنشور في مجلّة «تراثنا» ، العدد المزدوج ٣٠ ـ ٣١ ، ص ٣٠٠ ـ ٣٤٦ ، السنة ٨ ، المحرّم ـ جمادى الآخرة ١٤١٣ هـ ، والمطبوع مستقلاًّ فيما بعد.

(١) وَرَّيْتُ الخبرَ أُوَرِّيه تَوْرِيَةً ، إذا سترته وأظهرت غيره ؛ انظر مادّة «وري» في : الصحاح ٦ / ٢٥٢٣ ، لسان العرب ١٥ / ٢٨٣.

(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ١٤ مادّة «أبر» ، وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٥ / ٤٨٦ ح ٩٧٨٢ ، المعجم الكبير ٢٢ / ٤١٠ ح ١٠٢٢ وج ٢٤ / ١٣٣ ح ٣٦٢ ، الأحاديث الطوال ـ للطبراني ـ : ١٣٨ ح ٥٥.

(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢٣ مادّة «أثر».

(٤) راجع الصفحة ٣٦٦ وما بعدها ، من هذا الجزء.

٤٠٤

ما ذكره في فضل الشيخين(١) ، أنّ ذِكرَ أخبارهم في مثل المقام لغوٌ ، لا يفيد أصحابه علماً ، ولا يكون علينا حجة(٢) .

على أنّها لا تعارض أخبارَ الطعن المتّفق عليها بين الفريقين(٣) .

مضافاً إلى ظهور ضعف أسانيدها عندهم ؛ ولذا لم يروها البخاريُّ ومسلم ، وإنّما رواها الترمذيُّ ، وقال في الأوّل منها(٤) : «هذا حديثٌ غريبٌ ، وليس إسناده بالقويّ ، وهو منقطعٌ»(٥) ؛ انتهى.

فإنّه رواه عن أبي هشام الرفاعيِّ ـ وهو : محمّد بن يزيد ـ ، عن يحيى بن يَمان ، عن شيخ من بني زهرة ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب

وهو كما ترى ؛ فإنّ الشيخ مجهول(٦) ، ومَن عداه ضعافٌ(٧) ، كما عرفتَ بعض ترجمة الرفاعيِّ ويحيى في المقدّمة(٨) ، وعليه فَقِس بقيّة الأحاديث.

على أنّ الحديثين اللذين زعموا أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال فيهما : «ما

__________________

(١) راجع أقوال ابن روزبهان في هذا الجزء.

(٢) راجع الصفحتين ٦٤ و ١٦٥ ، من هذا الجزء.

(٣) انظر : ج ١ / ٢٥ ، من هذا الكتاب.

(٤) تقدّم في الصفحة ٣٦٧ ، من هذا الجزء.

(٥) سنن الترمذي ٥ / ٥٨٣ ذ ح ٣٦٩٨.

(٦) أي الذي من بني زهرة.

(٧) قال الذهبي في ترجمة الحارث بن عبدالرحمن :

روى عنه الدراوردي مناكير.

وقال ابن حزم : ضعيف.

انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣ رقم ١٦٣١.

(٨) راجع : ج ١ / ٢٤٧ رقم ٣٠٢ وص ٢٧٦ رقم ٣٤٩ ، من هذا الكتاب.

٤٠٥

ضرّ عثمان ما عمل بعد»(١) كاذبان جزماً ؛ لأنّه إذا آمنه العقوبة ، فقد سهّل له المعصية.

ولا يمكن أن يقع مثله من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّ من ليس بمعصوم أو شبهه ، فكيف يقولُه في حق مَن يجعلُ مال الله سبحانه طعمة للوزغ(٢) وبنيه ، وينتهكُ حرمات الصحابة الأبرار ، كأبي ذرّ وعمار وأشباههما(٣) ؟!

على أنّه كيف يتصدّق بهذه الصدقة الكثيرة وقد أشفق أن يقدّم في النجوى الصدقة القليلة الواجبة(٤) ؟!

ولِمَ سلّم وقوعُ تلكَ الصدقة منه؟! فمَن يُشفقُ مِن تقديم الصدقة القليلة الواجبة ، حقيقٌ بأن يكون وقوع الصدقة الكثيرة المندوبة منه للسمعة والرياء وطلب الثناء!

هذا حالُ ما انتخبه من أخبارهم ، فكيف حالُ غيرها؟!

__________________

(١) تقدّما في الصفحة ٣٦٨ ، من هذا الجزء.

(٢) الوَزَغُ : دُويبة ، وهي التي يقال لها : سامُّ أَبرص ، سُمِّيت بها لخفّتها وسرعة حركتها.

والوَزَغُ والوَزْغُ : الرَّجفةُ والرِّعْشَةُ والرِّعْدةُ.

والوَزَغُ : الرجلُ الرَّذْلُ النّذْلُ الذي لا مروءة له ولا جلَد.

انظر : مادّة «وزغ» في : غريب الحديث ـ للهروي ـ ٤ / ٤٧٠ ، الفائق في غريب الحديث ٤ / ٥٧ ـ ٥٨ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، لسان العرب ١٥ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، تاج العروس ١٢ / ٧٠ ـ ٧١.

والمراد به هنا : مروان بن الحكم ؛ كما سيأتي بيانه.

(٣) سيأتي تفصيل ذلك.

(٤) إشارة إلى الآية الكريمة (أأشفقتم أن تقدّموا بين يدَي نجواكم صدقات) سورة المجادلة ٥٨ : ١٣ ، ولم يعمل بها سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) ؛ راجع تفصيل ذلك في : ج ٥ / ٢٩ ـ ٣٨ ، من هذا الكتاب.

٤٠٦

ولو رأيتَ ما رواه البخاريُّ ومسلمُ في فضل عثمان لبان لك على صفحاتها أثرُ التصنّع والكذب(١) ؛ ولذا عدل الخصمُ عنها إلى هذه الأخبار ، مع رواية الترمذي للجميع(٢) ؛ فخصّها لزعمه أنّها أقربُ إلى القبول.

وأما قوله : «التي رواها عن شيوخه الضالّين»

فصحيحٌ ؛ لأنّ المصنّف (رحمه الله) لم يروِ هذه المطاعن إلاّ عن الشيوخ الضالّين ؛ لإثبات ضلالهم المبين.

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٨١ ـ ٨٣ ح ١٩١ ـ ١٩٥ باب مناقب عثمان ، صحيح مسلم ٧ / ١١٦ ـ ١١٩ باب من فضائل عثمان.

(٢) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٨٢ ـ ٥٩٠ ح ٣٦٩٦ ـ ٣٧١١ باب في مناقب عثمان.

٤٠٧
٤٠٨

المطلب الثالث

ما رواه الجمهور في حقّ عثمان

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

المطلب الثالث

في المطاعن التي رواها الجمهور عن عثمان

منها : إنّه ولّى أمرَ المسلمين مَن لا يصلحُ لذلك ، ولا يؤتمنُ عليه ، وظهر منه الفسقُ والفسادُ ، ومَن لا علمَ له ألبتّة ؛ مراعاةً لحرمة القرابة ، وعُدولا عن مراعاة حُرمة الدين(٢) ؛ وقد كان عمر حذّره من ذلك(٣)

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٤٧ ، أنساب الأشراف ٦ / ١٣٣ و ١٣٤ و ١٣٦ ، تاريخ دمشق ٣٩ / ٢٥١ ـ ٢٥٣ ، الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ٦٣ ، تاريخ الخلفاء : ١٨٤ و ١٨٥.

(٣) ورد تحذير عمر لعثمان مباشرة ، أو تنبيهه لغيره ممّا سيُقدِم عليه عثمان ، في كثير من مصادر الجمهور ، فانظر مثلا :

الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٢٥٩ ـ ٢٦٢ ، مصنّف عبد الرزّاق ٥ / ٤٨٠ ـ ٤٨١ ح ٩٧٧٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٧٧ ح ٥ وص ٥٨٠ ح ١٥ و ١٦ ، تاريخ المدينة المنوّرة ـ لابن شبّة ـ ٣ / ٨٨١ و ٨٨٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٤٣ و ٤٥ ، أنساب الأشراف ٦ / ١٢٠ و ١٢١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٥١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٦٠ حوادث سنة ٢٣ هـ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٢ / ٢٣٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ

٤٠٩

فاستعمل الوليدَ بن عُقبة(١) حتّى ظهر منه شربُ الخمر(٢)

وفيه نزل قوله تعالى :( أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ) (٣) ، المؤمن : عليٌّ ، والفاسق : الوليدُ بن عُقبةَ ، على ما قاله المفسّرون(٤)

__________________

٨ / ١٥١ ، الاستيعاب ٣ / ١١١٩ ، تاريخ دمشق ٤٤ / ٤٣٧ ـ ٤٣٩ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ١٨٦ وج ٣ / ١١ و ١٩ وج ٦ / ٣٢٦ وج ١٢ / ٥٢ و ٢٥٩ ، الرياض النضرة ١ ـ ٢ / ٤١٧ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٥٤٣ ، فتح الباري ٧ / ٨٥ ب ٨ ح ٣٧٠٠ ، كنز العمّال ٥ / ٧٣٧ ـ ٧٣٨ ح ١٤٢٦٢ وص ٧٤٠ ـ ٧٤١ ح ١٤٢٦٦ وص ٧٤٤ ـ ٧٤٥ ح ١٤٢٧٨.

(١) وهو أخو عثمان بن عفان لأُمه أَروى بنت كرَيْز بن ربيعة.

وقد تقدّمت ترجمته في ج ٥ / ١٨٣ هـ ٣ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!

وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٣٣١ رقم ٣٩٤٥ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٥ / ٢٧٢٧ رقم ٢٩٦١ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٥٢ رقم ٢٧٢١ ، تاريخ دمشق ٦٣ / ٢١٨ رقم ٨٠٣٣ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤١٣ رقم ٦٧.

(٢) انظر : صحيح مسلم ٥ / ١٢٦ ، سنن أبي داود ٤ / ١٦٢ ح ٤٤٨٠ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٨٥٨ ح ٢٥٧١ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٣ / ٢٤٨ ح ٥٢٦٩ ، مسند أحمد ١ / ١٤٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٦ / ٥٠٣ ب ٥٤ ح ١ ، مسند أبي عوانة ٤ / ١٥١ ح ٦٣٣٤ ـ ٦٣٣٦ ، أنساب الأشراف ٦ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٥٩ ، العقد الفريد ٣ / ٣٠٩ ، الأغاني ٥ / ١٣٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٣١٨ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٥٤ ـ ١٥٥٦ ، تاريخ دمشق ٦٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٦.

(٣) سورة السجدة ٣٢ : ١٨.

(٤) انظر : تفسير السُدّي الكبير : ٣٨٢ ، تفسير مقاتل ٣ / ٢٩ ، تفسير الطبري ١٠ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ح ٢٨٢٦٢ ، تفسير ابن أبي حاتم ٩ / ٣١٠٩ ح ١٧٨٥٠ و ١٧٨٥١ ، تفسير الثعلبي ٧ / ٣٣٣ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ١٩٥ ، تفسير الوسيط ٣ / ٤٥٤ ، تفسير الماوردي ٤ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، تفسير البغوي ٣ / ٤٣٣ ، تفسير ابن عطيّة : ١٤٩٦ ، أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ ٣ / ٥٣٥ ، زاد المسير ٦ / ١٨٢ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٧٠ ، تفسير ابن جُزَيّ ٢ / ١٣١ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤٤٥ ، تفسير الإيجي ٣ / ٣٣١ ، الدرّ المنثور ٦ / ٥٥٣ ، لباب النقول : ١٧٠.

٤١٠

وفيه نزل :( إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإ فتبيّنوا ) (١)

وكان يصلّي حالَ إمارته وهو سكران ، حتّى تكلّم فيها والتفتَ إلى مَن خلفه وقال : أزيدكم في الصلاة؟ فقالوا : لا ، قد قضينا صلاتنا(٢) .

واستعمل سعيدَ بن العاص(٣) على الكوفة ، وظهرت منه أشياء

__________________

وانظر كذلك : الأغاني ٥ / ١٥٣ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٥٤ ، تاريخ دمشق ٦٣ / ٢٢٤ و ٢٣٥ ، أحاديث الشاموخي : ٤٥ ـ ٤٦ ح ٢٦.

(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٦.

انظر : مسند أحمد ٤ / ٢٧٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ح ٣٣٩٥ وج ١٨ / ٦ ـ ٧ ح ٤ وج ٢٣ / ٤٠١ ح ٩٦٠ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٠٩ ح ٣٧٩٧ ، تفسير مجاهد : ٦١٠ ـ ٦١١ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٢٢ ، التاريخ الصغير ـ للبخاري ـ ١ / ٩١ ، تفسير الصنعاني ٢ / ٢٣١ ، تفسير الطبري ١١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ح ٣١٦٨٥ ـ ٣١٦٩٢ ، تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٠٣ ح ١٨٦٠٨ ، الجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم ـ ٢ / ٤ ـ ٥ ، الأغاني ٥ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٥٩٤ ، تفسير الثعلبي ٩ / ٧٧ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٢ / ٧٨٣ ـ ٧٨٤ ح ٢٠٨١ وج ٤ / ٢١٧٥ ح ٥٤٥٣ ، تفسير الماوردي ٥ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٥٤ ـ ٥٥ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٥٣ ـ ١٥٥٤ وقال : «لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن ـ في ما علمتُ ـ أنّ قوله عزّ وجلّ : (إنْ جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد بن عُقبة ...» ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ٢١٧ ـ ٢١٨ ، تفسير الوسيط ٤ / ١٥٢ ، أُصول السرخسي ١ / ٣٧١ ، تفسير ابن عطيّة : ١٤٩٦ و ١٧٤٢ ، تاريخ دمشق ٦٣ / ٢٢٨ ـ ٢٣٢ ، زاد المسير ٧ / ٢٢٢ ، تفسير الفخر الرازي ٢٨ / ١٢٠ ، تفسير القرطبي ١٦ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٢١٠ ، تفسير الإيجي ٤ / ١٦٩ ، الدرّ المنثور ٧ / ٥٥٥ ـ ٥٥٨ ، لباب النقول : ١٩٦.

(٢) راجع : الصفحة السابقة ، هـ ٢.

(٣) هو : سعيد بن العاص بن أبي أُحيحة سعيد بن العاص بن أُميّة بن عبد شمس الأُموي.

٤١١

منكَرة ، وقال : إنّما السواد(١) بستانٌ لقريش ، تأخذُ منه ما شاءت ، وتتركُ منه ما شاءت! حتّى قالوا له : أتجعلُ ما أفاء الله علينا بستاناً لكَ ولقومك(٢) ؟!

وأفضى الأمر إلى أن منعوه من دخولها ، وتكلّموا فيه وفي عثمان كلاماً ظاهراً ، حتّى كادوا يخلعون عثمانَ ، فاضطرّ حينئذ إلى إجابتهم

__________________

وُلد عام الهجرة ، وقيل في العام الأوّل ، وهو والد عمرو بن سعيد الأشدق ، وكان له يوم توفّي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع سنين ، قُتل أبوه العاص يوم بدر كافراً ، قتله الإمامُ أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام).

ولاّه عثمان الكوفة سنة ٣٠ هـ ، فلمّا قدم الكوفة قدمها شابّاً مترفاً ليس له سابقة ، فعزله وولّى الوليدَ بن عُقبة ، فشكاه أهل الكوفة ، فعزله وردّ سعيداً ، فردّه أهلُ الكوفة وكتبوا إلى عثمان : لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك!

كان عظيم الكبْر ، وفيه تجبّر وغِلظٌ وشدةُ سلطان ، وكان يوم الدار مع عثمان يقاتل دونه ، ووليَ إمرة المدينة لمعاوية غير مرّة ، فإذا عزله ولاّها مروان بن الحكم ، فكان يعاقِبُ بينه وبين مروان في أعمال المدينة ، توفّي سنة ٥٩ هـ ، وقيل غير ذلك.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٥ / ٢١ رقم ٦١٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٠٨ حوادث سنة ٣٠ هـ ، الاستيعاب ٢ / ٦٢١ رقم ٩٨٧ ، تاريخ دمشق ٢١ / ١٠٧ رقم ٢٤٩٦ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣ حوادث سنة ٣٠ هـ ، أُسد الغابة ٢ / ٢٣٩ رقم ٢٠٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤٤ رقم ٨٧ ، الإصابة ٣ / ١٠٧ رقم ٣٢٧٠ ، البداية والنهاية ٧ / ١٢٥ حوادث سنة ٣٠ هـ.

(١) السَّواد : جماعةُ النخل والشجر لخضرته واسوِداده ، وقيل : إنّما ذلك لأنّ الخُضرة تقارب السواد ، وسوادُ كلّ شيء : كُورَةُ ما حول القرى والرَّساتيق ؛ والسواد : ما حوالي الكوفة من القرى والرساتيق ، وسواد الكوفة والبصرة : قُراهما.

انظر : لسان العرب ٦ / ٤٢٠ مادّة «سود».

(٢) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٥٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٣٧ حوادث سنة ٣٣ هـ ، مروج الذهب ٢ / ٣٣٧ ، تاريخ دمشق ٢١ / ١١٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣١ حوادث سنة ٣٣ هـ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ١٢٩ وج ٣ / ٢١ ، مختصر تاريخ دمشق ٩ / ٣٠٦.

٤١٢

وعزله قهراً لا باختيار عثمان(١) .

وولّى عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح(٢) مصراً ، وتكلّم فيه أهل مصر ، فصرفه عنهم بمحمّد بن أبي بكر.

ثمّ كاتبه بأن يستمرّ على الولاية ، فأبطن خلافَ ما أظهر ، فأمره بقتل محمّد بن أبي بكر وغيره ممّن يَرِدُ عليه ، فلمّا ظفر محمّد بذلك الكتاب كان سببَ حصره وقتله(٣) .

__________________

(١) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٤٤ حوادث سنة ٣٤ هـ ، مروج الذهب ٢ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٤٠ ـ ٤١ حوادث سنة ٣٤ هـ.

(٢) هو : عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح بن الحارث القرشي العامري.

أسلم قبل الفتح ، وهاجر ، وكان كاتباً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ ارتدّ مشركاً ، وصار إلى قريش بمكّة ، فأهدر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دمه ، فلمّا كان يوم فتح مكّة أمر بقتله ولو وُجد تحت أستار الكعبة ، ففرّ إلى عثمان ، وكان أخاه من الرضاعة ، فغيّبه عثمان ، ثمّ أتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدما اطمأنّ أهلُ مكة طالباً له الأمان ، فصمت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طويلا ، ثمّ آمنه ، فلمّا انصرف عثمان قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن حوله : ما صَمَتُّ إلاّ ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه ؛ فقال رجلٌ : فهلاّ أومأتَ إليّ يا رسول الله؟! فقال : إنّ النبيّ لا ينبغي أن تكون له خائنة الأعين.

قيل إنّه توفّي سنة ٥٩ هـ.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٣٤٤ رقم ٤٠٠٩ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٣ / ١٦٧٠ رقم ١٦٥٦ ، الاستيعاب ٣ / ٩١٨ رقم ١٥٥٣ ، تاريخ دمشق ٢٩ / ١٩ رقم ٣٣١٠ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٣ رقم ٨.

(٣) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٨٣ ـ ١٨٥ ، العقد الفريد ٣ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٥١٢ وما بعدها ، البداية والنهاية ٧ / ١٣٧ ـ ١٤١.

٤١٣

وقال الفضل(١) :

معظم ما يطعنون على عثمان هو تولية بني أُميّة على الممالك ؛ وذلك لأنّه رأى أُمراء بني أُميّة أُولي رشد ونجابة وعلم بالسياسات.

وكان إذ ذاكَ اتّسعَ عرصةُ الإسلام وبَعُد الممالك ، واختلف سيرُ الناس ؛ لاختلاط الأعجام بالعرب ، واختلاف العرب واستيلائهم ، فلا بُد من الأُمراء الّذين يكونون ذوي بأس وقوّة واستيلاء.

وكانوا بنو أُميّة على هذه النعوتِ ، فكان عثمانُ يختارهم للإمارة ، وكلّما ظهر منهم شيءٌ يعزلهم ، كما روي في الصحاح ، أنّه لمّا علم عثمان أنّ الوليد بن عقبة شرب الخمرَ عزله عن إمارة الكوفة ؛ كما ذكر.

ولا طعنَ في الإمام إذا نصبَ من رآه عدلا أهلا للإمارة ، ثمّ يظهر منه خلاف هذا فيعزله ، فإنّه حال النصب علمه أهلا للإمارة ، ولو كان حال النصب يعلم أنّه ليس بأهل للإمارة ثمّ ينصبه لكان طعناً ، ولم يثبت هذا فلا طعنَ.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٦٣ الطبعة الحجرية.

٤١٤

وأقول :

ليس هذا إلاّ اليسيرَ ممّا يطعن به على عثمان ، فإنّ له ما هو أكثرُ وأعظمُ ؛ كتغييره أحكام الله تعالى وسنة نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) واستهزائه بالشريعة(١) ، وإحراقه المصحف المجيد(٢) .

وأمّا قوله : «لمّا رأى بني أُميّة أُولي رشد ونجابة ...» إلى آخره

فمن عدم المبالاة بالكذب ، وقلّة الحياء منه ؛ فإن الشجرة الملعونة في القرآن(٣) لا يمكن أن تثمر الرشد والنجابة والهدى ، وإنّما تثمرُ المكرَ والفسقَ والخنا.

ولا أدري ، أيُّ رشد لهم وعلم بالسياسة وقد أتوا من صنوف التهتّك والجور ما رأته كلُّ عين ، حتّى أهاجوا الرأي العامَّ ، وقُتل بسببهم عثمان؟!

وأيّةُ نجابة لهم وما فيهم إلاّ خمّارٌ ، أو زان ، أو ابنُ زنا؟!

ويكفيك أنّ إمامهم وأنجبهم معاوية ، وهو لحيقٌ بأبي سفيانَ(٤) مستلحِقٌ لزياد(٥) !

__________________

(١) سيأتي بيان ذلك مفصلا في الصفحة ٥٥٦ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٢) انظر : صحيح البخاري ٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ح ٩ ، تاريخ المدينة ـ لابن شبّة ـ ٣ / ٩٩١ ـ ٩٩٢ ، تفسير الطبري ١ / ٥٠ ح ٦٤ وفيه : «وخرَّقَ يخرقه» بالخاء المعجمة ، مسند الشاميّين ـ للطبراني ـ ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ح ٢٩٩١ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٨ ـ ٢١ ح ٤٤٨٩ و ٤٤٩٠ ، الفهرست ـ للنديم ـ : ٣٩ ـ ٤٠ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٢ / ٤١ ـ ٤٢ ، تاريخ دمشق ٣٩ / ٢٤١.

(٣) راجع : ج ١ / ١٦٨ هـ ٤ ، من هذا الكتاب.

(٤) راجع الصفحة ٤٠٣ هـ ٤ ، من هذا الجزء.

(٥) سيأتي تفصيل ذلك كلّه في محلّه من الجزء الثامن ، من هذا الكتاب.

٤١٥

لكن الدنيا أقبلت عليهم ، وجرت المقاديرُ باستيلائهم ، فحسب بعضُ الناس أنّ ذلك من سياستهم ، وكان بعضهم ـ كمعاوية ـ صاحبَ مكر وخديعة وحيلة ، فتخيّل أولياؤهم أنّ لهم رشداً.

ولو سُلّم أنّهم كانوا كذلك ، فلا ريبَ أنّ عثمان لم يقدِّمهم لرشدهم ونجابتهم ؛ لوجود مَن هو أرشد وأنجب وأعلم بالسياسة منهم في صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

ولو كان الداعي له هو ذلك ، لجعلهم في البلاد البعيدة الواقعة في الثغور ، المحتاجة لذوي القوّة والرشد والسياسة ، لا في البلاد الآمنة المطمئنّة حتّى ألحقوا بها الفتن ، وألحقوا بها العناءَ ، وشوّهوا وجه الإسلام.

ولا أدري من أين عرف عثمانُ رُشدَ عبد الله بن عامر(١) وعِلمَه بالسياسة ، حتّى جمع له بين كور البصرة وفارس وهو ابنُ أربع أو خمس وعشرينَ سنةً ، لم يتولّ شيئاً من الولايات قبلها(٢) ؟!

__________________

(١) هو : عبد الله بن عامر بن كرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس العبشمي ، ابن خال عثمان بن عفّان ، وُلد عام الحديبية ، توفّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمره خمس أو ستّ سنين ، وليَ البصرة لعثمان سنة ٢٩ هـ حتّى قُتل عثمان ، فشهد حرب الجمل ضدّ أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) ، ثمّ وفدَ على معاوية فزوّجه بابنته هند ، وولاّه البصرةَ ثلاث سنين ، توفّي قبل معاوية في سنة ٥٩ هـ.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٥ / ٣٢ رقم ٦١٨ ، معجم الصحابة ـ لابن قانع ـ ٩ / ٣٣٠٩ رقم ٥٨٦ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٣ / ١٧٣٢ رقم ١٧٠٩ ، الاستيعاب ٣ / ٩٣١ رقم ١٥٨٧ ، أُسد الغابة ٣ / ١٨٤ رقم ٣٠٣١ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٨ رقم ٦ ، تاريخ الإسلام ٢ / ١١٦.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦٠٤ حوادث سنة ٢٩ هـ ، الاستيعاب ٣ / ٩٣٣ ، أُسد الغابة ٣ / ١٨٤ رقم ٣٠٣١.

٤١٦

نعم ، أراد أن يطعمه مال القطرين ويرفع قدره ، فولاّه إيّاهما

روى الطبريُّ في «تاريخه»(١) : «أنّ غيلان بن خرَشة(٢) قال لعثمان : أمَا منكم خسيس فترفعوه؟! أمَا منكم فقيرٌ فتجبروه؟! يا معشر قريش! حتّى متى يأكل هذا الشيخُ الأشعري هذه البلاد؟! فانتبه لها الشيخ ، فولاّها عبد الله بن عامر».

ومثله الكلام في سعيد بن العاص ؛ فإنّه ولاّه الكوفة ولم يبلغ الثلاثين ، وما تولّى قبلها عملا(٣) .

وكذا الوليد بن عقبة ؛ فإنّه لم يتولّ بلاداً ، وما عرف سياسة ، وإنّما ولاّه عثمان الكوفة طعمة

فقد ذكر في «شرح النهج»(٤) ، عن الأغاني ، أنّ سبب إمارة الوليد على الكوفة أنّه لم يكن يجلس مع عثمان على سريره إلاّ العبّاس وأبو سفيان والحكم والوليد ، ولم يكن سريره يسع معه إلاّ واحداً ، فأقبل الوليد يوماً فجلس ، فجاء الحكم ، فأومأ عثمان إلى الوليد ، فرحل(٥) له عن مجلسه ، فلمّا قام الحكم قال الوليدُ : لقد تلجلج في صدري بيتان قلتهما

__________________

(١) ص ٥٥ ج ٥ [٢ / ٦٠٥]. منه (قدس سره).

(٢) هو : غيلان بن خرشة بن عمرو بن ضرار الضبّي البصري ، كان أعرابياً جافياً ، به لُوثة ، وفد على معاوية.

انظر : الأغاني ١٣ / ٣٣٦ ، تاريخ دمشق ٤٨ / ١٣١ رقم ٥٥٦٤.

(٣) راجع ما تقدّم في ترجمته ، في الصفحة ٤١١ هـ ٣.

(٤) ص ١٩٢ مجلّد ٤ [١٧ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨]. منه (قدس سره).

وانظر : الأغاني ٥ / ١٣٥ ـ ١٣٦.

(٥) كذا في الأصل والمصدر ، بالراء المهملة ، ولعلّه تصحيف ما في «الأغاني» : «زَحلَ» بالزاي المعجمة ؛ وزَحلَ الرجلُ عن مقامه : زَلَّ عن مكانه وتَنحّى وتَبَاعدَ ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٢٧ ـ ٢٨ مادّة «زحل».

٤١٧

حين آثرت عمكَ على ابن أُمكَ.

فقال عثمان : إنّ الحكَم شيخُ قريش ، فما البيتان؟!

فقال [من الطويل] :

رأيتُ لِعمِّ المرءِ زُلفى قرابة

دُوَيْنَ أخيه حادثاً لم يكن قِدْما

فأمّلتُ عَمْراً أن يَشِبَّ وخالداً

لكي يَدعُواني يومَ نائبة عَمّا

يعني : عَمْراً وخالداً ابنَي عثمان.

قال : فرَقّ له عثمان وقال : قد ولّيتكَ الكوفة ، فاخرج إليها!

وقال ابن قتيبة في كتاب «الإمامة والسياسة» تحت عنوان «ما أنكر الناسُ على عثمان» : «أنّه اجتمع ناسٌ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتبوا كتاباً ذكروا فيه ما خالف فيه عثمانُ من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما كان من هبة خمس إفريقيّة لمروان ـ إلى أن قال : ـ وما كان من إفشائه العمل والولايات في أهله وبني عمّه من بني أُميّة أحداث وغلمة ، لا صحبة لهم من الرسول ، ولا تجربة لهم بالأُمور»(١) .

وقال في «العقد الفريد»(٢) : «لمّا أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجِلّة(٣) من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قيل لعبد الرحمن : هذا عملك! قال : ما ظننتُ هذا! ثمّ مضى ودخل عليه وعاتبه ، وقال : حابيتَ أهلَ بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين لله علَيَّ أن لا أُكلِّمك أبداً.

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ / ٥٠.

(٢) ص ٧٧ ج ٣ [٣ / ٢٨٩]. منه (قدس سره).

(٣) قومٌ جِلّة : عظماءُ سادةٌ خِيارٌ ذوو أخطار ؛ انظر مادّة «جلل» في : لسان العرب ٢ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، تاج العروس ١٤ / ١١٢ ـ ١١٣.

٤١٨

فلم يكلّمه حتّى مات.

ودخل عليه عثمان عائداً له في مرضه ، فتحوّل عنه إلى الحائط ولم يكلّمه» ؛ انتهى ملخّصاً.

وأمّا قوله : «وكلّما يظهر منهم شيءٌ يعزلهم»

فكذبٌ ظاهرٌ ؛ وإلاّ فلماذا اجتمع عليه الناسُ من الأطراف النائية حتّى حصروه وقتلوه؟!

وهو لم يعزل من هؤلاء المعلنين بالفسق إلاّ سعيد بن العاص والوليد ابن عقبة ، ولم يعزلهما باختياره.

أمّا سعيد ، فلِما رواه الطبري في «تأريخه»(١) ، أنّه اجتمع ناسٌ من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلّمه ويخبره بإحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي(٢) ، فأتاه ، فقال : إنّ ناساً من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أُموراً عظاماً ، فاتّق الله وتب إليه وانزع عنها!

إلى أن قال : فأرسل عثمان إلى معاوية بن أبي سفيان وإلى عبد الله ابن سعد بن أبي سرح وسعيد بن العاص وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر ، فجمعهم ليشاورهم في أمره ، وما طلب إليه ، وما بلغه عنهم.

فلمّا اجتمعوا عنده قال لهم : إنّ لكل امرئ وزراء ونصحاء ، وإنّكم

__________________

(١) ص ٩٤ ج ٥ [٢ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣ حوادث سنة ٣٤ هـ]. منه (قدس سره).

(٢) هو : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، أبو عبد الله التميمي العنبري البصري ؛ رووا في زهده ونسكه شيئاً كثيراً ، نفاه عثمان إلى الشام على ظهر قتب لمّا سُعي به إليه ، ومات بها أيام معاوية.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٧٢ رقم ٢٩٨٩ ، حلية الأولياء ٢ / ٨٧ رقم ١٦٣ ، تاريخ دمشق ٢٦ / ٣ رقم ٣٠٥٢.

٤١٩

وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي ، وقد صنع الناسُ ما رأيتم ، وطلبوا إليّ أن أعزل عمّالي ، وأن أرجع عن جميع ما يكرهون.

إلى أن قال : فردّ عثمان عمّاله على أعمالهم ، وأمرهم بالتضييق على مَن قِبلهم ، وأمرهم بتجهيز الناس في البعوث ، وعزم على تحريم أُعطياتهم ؛ ليطيعوه ويحتاجوا إليه.

وردّ سعيد بن العاص أميراً على الكوفة ، فخرج أهل الكوفة عليه بالسلاح ، فتلقّوه فردّوه ، فقالوا : لا والله لا يلي علينا حُكماً ما حملنا سيوفنا.

ومثله في «كامل» ابن الأثير(١) .

وقال في «الاستيعاب» ـ بترجمة سعيد ـ : «ردّه أهلُ الكوفة ، وكتبوا إلى عثمان : لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك»(٢) .

وأمّا الوليد ، فنحن نذكر لك بعضَ ترجمته في «شرح النهج» من تتمّة كلامه السابق ، نقلا عن «الأغاني» ؛ لتعرفَ أنّه ما عزله باختياره ، وملخّصه :

إنّ الوليد اختُصّ بساحر يلعب بين يديه ، وكاد أن يفتن الناس ، فجاء جندب(٣) فقتل الساحر ، قياماً بواجب الشريعة ، فحبسه الوليدُ ، فمضى

__________________

(١) ص ٧٣ ج ٣ [٣ / ٤١ ـ ٤٢ حوادث سنة ٣٤ هـ]. منه (قدس سره).

(٢) الاستيعاب ٢ / ٦٢٢.

(٣) هو : جنْدب ـ بضمّ أو فتح الدال المهملة ـ بن كعب الأزدي الغامدي ، وهو أحد صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، توفّي لعشر سنوات مضين من حكم معاوية.

انظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٣ / ١٠٦٩ رقم ١٥٠ ، أُسد الغابة ١ / ٣٦١ رقم ٨٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٧٥ رقم ٣١ ، الإصابة ١ / ٥١١ رقم ١٢٢٩.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601