دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق3%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98403 / تحميل: 4670
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٦٠-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

شاء الله.

فكيف يجتمع حبُّ اللهِ لقاتل عثمان ، مع القول بإمامته وظلم قاتليه؟!

وقال ابن الأثير في «كامله» ، في حوادث سنة ٣٢(١) : «وفيها مات أبو ذرّ ، وكان قال لابنته : استشرفي هل تريْنَ أحداً؟ قالت : لا ؛ قال : فما جاءت ساعتي بعد ـ إلى أن قال : ـ إنّه سيشهدني قومٌ صالحون.

ونحوه في «تاريخ الطبري»(٢) .

ثمّ قال ابنُ الأثير : «وكان الّذين شهدوه : ابن مسعود وعلقمة بن قيس ومالك الأشتر ، النخعيّين» ، وعَد جماعة(٣) .

وروى أحمد في «مسنده»(٤) ، والحاكم في إحدى روايتيه ـ المشار إليهما ـ ، وابن عبد البرّ في «الاستيعاب» ، أنّ أبا ذرّ قال : «إنّي سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لنفر أنا منهم :ليموتنَّ رجلٌ منكم بفلاة من الأرض ، يشهده عصابةٌ من المؤمنين ».

ومثله في «كنز العمّال»(٥) ، عن ابن سعد ، وابن حبّان في «صحيحه» ، والضياء في «المختارة».

__________________

(١) ص ٦٥ ج ٣ [٣ / ٢٧]. منه (قدس سره).

(٢) ص ٨٠ ج ٥ [٢ / ٦٢٩ ـ ٦٣٠ حوادث سنة ٣٢ هـ]. منه (قدس سره).

(٣) الكامل في التاريخ ٣ / ٢٨.

(٤) ص ١٥٥ و ١٦٦ ج ٥. منه (قدس سره).

وانظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٨٨ ح ٥٤٧٠ ، الاستيعاب ١ / ٢٥٤.

(٥) في فضائل أبي ذرّ ، ص ١٧٠ ج ٦ [١١ / ٦٦٨ ح ٣٣٢٣٣]. منه (قدس سره).

وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ١٧٦ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٣٤ ح ٦٦٣٥.

٤٨١

وروى في «الاستيعاب» من حديث آخر ، أنّه «صلّى عليه عبد الله بن مسعود ، صادفه وهو مقبلٌ من الكوفة مع نفر فضلاء من الصحابة ، منهم : حُجر بن الأدبر ، ومالك بن الحارث الأشتر»(١) .

قال ابن أبي الحديد(٢) ـ بعد نقل الحديثين المذكورين عن «الاستيعاب» ـ : «قلت : حُجر بن الأدْبَر ، [هو حُجْر بن عَدِيّ] الذي قتله معاوية ، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها.

وأمّا الأشتر ، فهو أشهر في الشيعة من أبي الهُذَيل في المعتزلة.

قُرئ كتاب (الاستيعاب) على شيخنا عبد الوهّاب بن سُكَينة(٣) المحدِّث ـ وأنا حاضرٌ ـ ، فلمّا انتهى القارئ إلى هذا الخبر ، قال أُستاذي عمرُ بن عبد الله الدبّاس ـ وكنت أحضرُ معه سماع الحديث ـ : «لِتقُل الشيعة بعد هذا ما شاءت ، فما قال المرتضى والمفيد إلاّ بعض ما كان حُجر والأشتر يعتقدانه في عثمان ومَن تقدّمه!

فأشار الشيخ إليه بالسكوت ، فسكت» ؛ انتهى.

ومن العجب أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يشهد للأشتر ، بالإيمان والصلاح وحبّ

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ٢٥٣.

(٢) ص ٤١٦ مجلّد ٣ [١٥ / ٩٩ ـ ١٠١]. منه (قدس سره).

(٣) هو : أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن عبيد الله الأمين ، المعروف بابن سُكينة ـ وهي جدته لأبيه ـ ، الصوفي ، الشافعي ، البغدادي ، شيخ وقته في الحفظ والقراءات والرواية ، سمع الكثير ، ولقي المشايخ ، وحدّث ببغداد والحجاز والشام ، وغيرها من البلاد.

وُلد ببغداد سنة ٥١٩ هـ ، وتوفّي بها ودُفن فيها سنة ٦٠٧ هـ.

انظر : تتمة جامع الأُصول ـ لابن الأثير ـ ٢ / ٦٨٨ ، ذيل تاريخ بغداد ـ لابن النجّار ـ ١ / ٣٥٤ رقم ٢٢٠ ، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٠٢ رقم ٢٦٢ ، مرآة الجنان ٤ / ١٣ ، شذرات الذهب ٥ / ٢٥.

٤٨٢

الله له ، وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ، بما ليس فوقه غاية ، وابن حجر في «الصواعق» عبّر عنه بالمارق ، عند الجواب عن الطعن على عثمان بأنّه انتهك حرمة الأشتر ، قال : «وما فعله بالأشتر معذورٌ فيه ؛ فإنّه رأسُ فتنة في زمان عثمان ، بل هو السبب في قتله ، بل جاء أنّه هو الذي باشر قتله بيده.

فأعمى الله بصائرهم ، كيف لم يذمّوا فعل هذا المارق ، وذمّوا فعل من شهد له الصادق أنّه الإمام الحقُّ ، وأنّه يُقتل مظلوماً ، وأنّه من أهل الجنّة؟!»(١) ؛ انتهى.

ولعمري ، إنّ أعمى البصيرة من لا يتبصّر في أفعال عثمان الخارجة عن قانون الشريعة ، ولا يبصر فضل الأشتر وغيره من الآمرين بالمعروف ، الناهين عن المنكر.

وأعمى البصيرة مَن لا يعرف أنّ أخبار أصحابه في فضل أوليائهم ، لا تكون حجّةً لهم على خصومهم ، وأنّ المتّفَق على رواية فضله ليس بمنزلة المختلَف فيه ، مع كثرة الأدلّة على كذب ما رواه في فضل عثمان ، وضعف رواتها.

وكيف يصفُ الأشتر بالمارق ، وهو سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) على البغاة الّذين قاتلهم على تأويل القرآن ، وقال في حقّه : «كان لي كما كنتُ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)»(٢) ؟!

وما بال ابن حجر لم يصف عائشةَ وطلحة والزبير وابن العاص بالمروق ، وهم مثلُ الأشتر أو أعظم منه في التأليب على عثمان؟!

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ١٧٧.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٥ / ٩٨.

٤٨٣

نعم ، يفترقان عند ابن حجر بأنّ مالكاً ناصرٌ للإمام الحقِّ وشيعةٌ له ، وهؤلاء محاربوه وأعداؤه ، فنِعم الحكمُ الله ، والزعيمُ محمّد ، وعند الساعة يخسرُ المبطلون.

وأما إنكار الخصم رواية حضور ابن مسعود لدفن أبي ذرّ

فقد ظهر لك أمره من الأخبار المتقدّمة(١) ، مضافاً إلى ما رواه الحاكم في «المستدرك»(٢) ، عن خليفة بن خياط ، قال : «مات أبو ذرّ [بالربذة] سنة ٣٢ ، وصلّى عليه عبد الله بن مسعود».

ثمّ روى الحاكم رواية أُخرى في ذلك أشرنا إليها سابقاً(٣) .

وقال في «الاستيعاب» ـ مع ما نقلناه عنه سابقاً بترجمة أبي ذرّ ، بعنوان «جندب بن جنادة» ـ ، قال : «وفي خبر غيره ، أنّ ابن مسعود لمّا دُعي إليه وذُكر له بكى بكاءً طويلا»

ثمّ قال : «وقد قيل : إنّ ابن مسعود كان مقبلا من المدينة إلى الكوفة فَدُعي للصلاة عليه ـ إلى أن قال : ـ وكانت وفاته بالربذة سنة ٣٢ ، وصلّى عليه ابن مسعود»(٤) .

وقال فى «الاستيعاب» أيضاً ، بترجمة أبي ذرّ ، في «باب الكنى» : «توفّي أبو ذرّ سنة ٣١ أو سنة ٣٢ ، وصلّى عليه ابن مسعود»(٥) .

ثمّ روى عن الحَلْحَال ، قال : «خرجنا حجّاجاً مع ابن مسعود سنة

__________________

(١) راجع الصفحتين ٤٦٧ و ٤٧٤ ، من هذا الجزء.

(٢) ص ٣٤٤ ج ٣ [٣ / ٣٨٧ ح ٥٤٦٩]. منه (قدس سره).

وانظر : الطبقات ـ لابن خيّاط ـ : ٧١ رقم ١٨٨.

(٣) راجع الصفحة ٤٨٠ ، من هذا الجزء.

(٤) الاستيعاب ١ / ٢٥٣.

(٥) الاستيعاب ٤ / ١٦٥٥.

٤٨٤

أربع وعشرين ، ونحن أربعة عشر راكباً ، حتّى انتهينا إلى الربذة ، فشهدنا أبا ذرّ ، فغسّلناه وكفنّاه ودفنّاه هناك»(١) .

وروى الطبريّ في «تاريخه»(٢) ، في حوادث سنة ٣٢ ، خبرين يشتملان على حضور ابن مسعود دفن أبي ذرّ.

.. إلى غير ذلك من أخبارهم التي يطول ذِكرها(٣) .

وبهذا تعلم حال هذا الخصم في نفيه وإثباته ومكابراته!

__________________

(١) الاستيعاب ٤ / ١٦٥٦.

(٢) ص ٨٠ ج ٥ [٢ / ٦٢٩]. منه (قدس سره).

(٣) راجع الصفحة ٤٧٤ هـ ٣ ، من هذا الجزء.

٤٨٥

ضربه لعمار بن ياسر

قال المصنّف ـ رفع الله منزلته ـ(١) :

ومنها : إنّه أقدم على عمّار بن ياسر بالضرب ، حتّى حدث به فتقٌ.

وكان أحدَ مَن ظاهرَ المتظلّمين من أهل الأمصار على قتله ، وكان يقول : قتلناه كافراً.

وسبب قتله : أنّه كان في بيت المال بالمدينة سفط(٢) فيه حليٌ وجوْهَرٌ(٣) ، فأخذ منه عثمان ما حلّى به أهله ، فأظهر الناسُ الطعن عليه في ذلك ، وكلّموه بالرديء حتّى أغضبوه ، فقال : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أُنوف أقوام.

فقال أمير المؤمنين : إذاً تُمنع من ذلك ، ويُحال بينك وبينه.

فقال عمّار : أُشهد اللهَ أنّ أنفي أوّل راغم من ذلك.

فقال عثمان : أعلَيَّ يا ابن سميّة تجترئ؟! خذوه!

ودخل عثمان ، فدعا به ، وضربه حتّى غُشي عليه ، ثمّ أُخرج ، فحُمل

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٩٦ ـ ٢٩٨.

(٢) السّفطُ : هو الذي يُعَبّى فيه الطِّيب وما أشبهه من أدوات النساء ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٢٨٠ مادّة «سفط».

(٣) الجوْهَرُ : معروف ، الواحدة جوْهَرةٌ ؛ وكلّ حجر يُستخرج منه شيء يُنتفع به فهو جوْهَر.

انظر : لسان العرب ٢ / ٣٩٩ مادّة «جهر».

٤٨٦

حتّى أُدخل بيت أُمّ سلمة ، فلم يصلِّ الظهر والعصر والمغرب ، فلمّا أفاق توضأ وصلّى

وكان المقداد وعمار وطلحة والزبير ، وجماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كتبوا كتاباً عدّدوا فيه أحداث عثمان ، وخوّفوه ، وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يُقلع ، فجاء عمّار به ، فقرأ منه صدراً.

وقال : أعلَيَّ تقدِم مِن بينهم؟!

ثمّ أمر غلمانه فمدّوا يديه ورجليه ، ثمّ ضربه عثمان على مذاكيره ، فأصابه فتقٌ ، وكان ضعيفاً كبيراً فغُشي عليه(١) .

وكان عمّار يقول : ثلاثةٌ يشهدون على عثمان بالكفر وأنا الرابع ،( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون ) (٢) (٣) .

وقيل لزيد بن أرقم : بأيّ شىء أكفرتم عثمان؟

فقال : بثلاث ؛ جعل المال دولةً بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنزلة من حارب الله ورسوله ، وعمل بغير كتاب الله(٤) .

وكان حذيفة يقول : ما في عثمان بحمد الله أشكّ ، لكنّي أشكّ في قاتله ، لا أدري أكافر قتل كافراً ، أو مؤمن (خلص إليه النية)(٥) حتّى قتله ،

__________________

(١) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٦١ ـ ١٦٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٥١ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ٤٩ ـ ٥٠ ، الرياض النضرة ٣ / ٨٥ ، الشافي ٤ / ٢٨٩ ـ ٢٩١.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٤٤.

(٣) شرح نهج البلاغة ٣ / ٥٠ ـ ٥١ ، وانظر : الشافي ٤ / ٢٩١.

(٤) شرح نهج البلاغة ٣ / ٥١ ، وانظر : الشافي ٤ / ٢٩١.

(٥) كذا في الأصل ، وفي المصدر : «خاض إليه الفتنةَ».

٤٨٧

هو أفضل المؤمنين إيماناً(١) ؟!

مع أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول :عمار جلدة ما بين العين والأنف (٢) .

وقال :ما لهم ولعمّار؟! يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار (٣) .

وقال :من عادى عمّاراً عاداه الله ، ومن أبغض عمّاراً أبغضه الله (٤) .

وأيُّ ذنب صدر من عمّار ، وأيُّ كلام غليظ وقع منه استوجب به هذا الفعل؟! وقد كان الواجب إقلاع عثمان عمّا كان يؤخذ عليه فيه أو يعتذر بما يُزيل الشبهة عنه!

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٣ / ٥١ ، وانظر : الشافي ٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٢) انظر : السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٢٦ ، العقد الفريد ٣ / ٣٣٧ ، الروض الأُنف ٢ / ٣٣٩ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ٥٢.

(٣) انظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٣ ب ٢٩ ح ٥ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٢٦ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٢١٥ حوادث سنة ٣٧ ، كنز العمّال ١١ / ٧٢٤ ح ٣٣٥٤٥ و ٣٣٥٤٦.

(٤) انظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٧٣ ح ٨٢٦٩ ، مسند أحمد ٤ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٤ / ١١٣ ـ ١١٤ ح ٣٨٣٥ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٣٩٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٣ ح ١٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٤١ ح ٥٦٧٤ ، أُسد الغابة ٣ / ٦٢٩ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٩٤ ح ٦٢٥٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٩٣ ، كنز العمّال ١١ / ٧٢٦ ح ٣٣٥٥٤.

٤٨٨

وقال الفضل(١) :

ذكر في هذا الفصل من المزخرفات ما يشهد السماءُ والأرضُ على كذبه ، وضربُ عمّار بن ياسر ممّا لا رواية به في كتاب من الكتب.

ونحنُ نقول في جملته : أنّ هذه الأخبار وقائع عظيمةٌ يتوفّر الدواعي على نقلها وروايتها.

أترى جميع أرباب الروايات سكتوا عنه إلاّ شرذمةٌ يسيرةٌ من الروافض؟!

ولقد صدق مأمون الخليفة حيث قال : «أربعةٌ في أربعة ، الزهد في المعتزلة ، والمروّة في أصحاب الحديث ، وحبُّ الرياسة في أصحاب الرأي ، والكذب في الروافض»(٢) .

وكَذِب ما ذكره بَيّنٌ!

ولِمَ لَم ينسب هذه المزخرفات ـ التي لا يجري فيها تأويل ألبتّة ـ إلى صحاحنا ، مع أنّه يدّعي أنّه يروي كلَّ شيء من صحاحنا؟!

ثمّ ما ذكر من كلام حذيفة وزيد بن أرقم في تكفير عثمان بعد قتله ، فنقول :

اتّفق جميع أرباب التواريخ ، أنّ عثمان في الليلة التي قُتل في صبيحتها ختم القرآن في الركعتين.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٧٢ الطبعة الحجرية.

(٢) لم نعثر على مصدر لهذا القول ، ولعلّه من تلفيقات ووضع الفضل نفسه!

٤٨٩

فلمّا فرغ من صلاة الصبح أخذ يقرأ من المصحف ، فلمّا قتلوه وقع قطرةٌ من دمه على قوله تعالى :( فسيكفيكهمُ الله وهو السميع العليم ) (١) .

أترى حذيفة وزيد بن أرقم يُكفّران مَن هذه عبادته؟!

ثمّ إنّهم سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر مراراً : «ما على عثمان ما فعل بعد اليوم»(٢) ، فعُلم أنّ كلّ ما ذكره في تكفيره كذبٌ صراحٌ.

عاقبه الله بكذبه على الخلفاء!

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٣٧.

(٢) راجع الصفحة ٣٦٨ ، من هذا الجزء.

٤٩٠

وأقول :

روى ابن قتيبة في كتاب «الإمامة والسياسة» بعنوان : «ما أنكر الناس على عثمان» : «أنّه اجتمع ناسٌ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كتبوا كتاباً ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

إلى أن قال : وكان ممّن حضر الكتاب عمّار بن ياسر والمقداد بن الأسود ، وكانوا عشرة والكتاب في يد عمّار

إلى أن قال : فدخل عليه وعنده مروان وأهله من بني أُميّة ، فدفع له الكتاب ، فقرأه

إلى أن قال : قال عثمان : اضربوه!

فضربوه ، وضربه عثمان معهم ، حتّى فتقوا بطنه ، فغُشيَ عليه ، فجرّوه حتّى طرحوه على باب الدار»(١) .

وذكر في «السيرة الحلبيّة» من مطاعن عثمان ، أنّه ضرب عمّاراً ، كما سبق(٢) .

وأقرّ القوشجي في «شرح التجريد» بضربه له(٣) ، وأجاب بما سيأتي.

وقال في «العقد الفريد»(٤) تحت عنوان «ما نقم الناس على عثمان» :

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ / ٥٠ ـ ٥١.

(٢) راجع الصفحة ٤٥٢ ، من هذا الجزء.

(٣) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٤.

(٤) ص ٩١ ج ٣ [٣ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩]. منه (قدس سره).

٤٩١

«كتب أصحاب عثمان عيبه وما ينقم الناس عليه في صحيفة ، فقالوا : من يذهب بها إليه؟.

قال عمّار : أنا.

فذهب بها إليه ـ إلى أن قال : ـ فقام إليه فوطأه ، حتّى غُشيَ عليه».

وعدَّ ابنُ حجَر في «الصواعق» ، بآخر كلامه بخلافة عثمان ، ضرب عثمان لعمّار في ما نُقِمَ عليه ، وإن أجاب بأنّه لم يضربه وإنّما ضربه عبيده(١) .

وقال في «الاستيعاب» ، بترجمة عمّار رضوان الله عليه : «كان اجتماع بني مخزوم إلى عثمان ، حين نال من عمّار غلمانُ عثمان ما نالوا من الضرب ، حتّى انفتق له فتقٌ في بطنه ، وكسروا ضلعاً من أضلاعه.

فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا : والله لئن مات لا قتلنا به أحداً غير عثمان»(٢) .

إلى غير ذلك من رواياتهم وكلماتهم ، التي أُرسل فيها ضربُ عمّار إرسال المسلّمات ، وإنْ زعم بعضُهم ـ تقليلا للطعن ـ أنّ الضارب له غلمانه خاصّة ، وترقّى بعضهم فقال : إنّه بغير إذنه(٣) .

وهو باطلٌ بالضرورة ، وإلاّ لانتقم منهم لعمّار ، وقاده منهم.

بل الحقّ أنّه بأمره ومشاركته ، كما سبق في بعض ما سمعت ،

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ١٧٧ ب ٧ ف ٣.

(٢) الاستيعاب ٣ / ١١٣٦.

(٣) انظر : الصواعق المحرقة : ١٧٧ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ٥٠ ، الرياض النضرة ٣ / ٩٨.

٤٩٢

وصرّحت به أخبار أُخر ذكرها في «شرح النهج»(١) .

وأجاب القوشجيُّ عنه بقوله : «وضربُ عمّار كان لِما روي أنّه دخل عليه وأساء له الأدب ، وأغلظ له في القول ، ممّا لا يجوز الاجتراء بمثله على الأئمة.

وللإمام التأديب لمن أساء الأدب إليه ، وإن أفضى ذلك إلى هلاكه ، [فلا إثم عليه] ؛ لأنّه وقع من ضرورةِ فعلِ ما هو جائز له.

كيف؟! وأنّ ما ذكره لازمٌ على الشيعة ، حيث رووا أنّ عليا قتل أكثر الصحابة في حربه ، فإذا جاز القتلُ لمفسدة ، جاز التأديب بالطريق الأَوْلى»(٢) .

وفيه :

إنّ التأديب إنّما يجوز إذا كانت الإساءة بغير حقّ.

وأما الإساءة التي أوجبها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يجوز التأديب لأجلها ، وإلاّ لَما جاز معارضة الملوك بكلِّ منكَر فعلوه ؛ وهو كما ترى.

على أنّه لا إساءة من عمّار إلاّ كونه رسولا من جماعة من أكابر الصحابة عدّوا على عثمان أحداثه.

فإن كانت واقعة ، كان الواجب على عثمان الإقلاع عنها ، وإلاّ لزمه الاعتذار منها ، لا أنّه يصنع معه صنيع الجبّارين المتهوّرين ، حتّى أنكر عليه

__________________

(١) ص ٢٣٨ مجلّد ١ [٣ / ٤٩ ـ ٥٠]. منه (قدس سره).

وانظر : الشافي ٤ / ٢٨٩ ـ ٢٩١.

(٢) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٥.

٤٩٣

الصحابة ولم يعذروه.

وإنّما عذره مَن جاؤوا بعد حين ـ كالقوشجي وأشباهه ـ زاعمين ضلال مَن أنكروا عليه ، ومنهم الصحابة!

ولا يقاس بقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) للصحابة ؛ لأنّهم من البغاة الخارجين على إمام زمانهم.

مع أنّ رسول الله قد عهد إليه أن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين(١) .

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله »(٢) يعني عليا (عليه السلام).

__________________

(١) انظر : مسند البزّار ٢ / ٢١٥ ح ٦٠٤ وج ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ح ٧٧٤ ، مسند أبي يعلى ١ / ٣٩٧ ح ٥١٩ ، المعجم الكبير ١٠ / ٩١ ـ ٩٢ ح ١٠٠٥٣ و ١٠٠٥٤ ، المعجم الأوسط ٨ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ح ٨٤٣٣ وج ٩ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ح ٩٤٣٤ ، المعيار والموازنة : ٣٧ ، السنة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٤٢٥ ح ٩٠٧ ، مسند الشاشي ١ / ٣٤٢ ح ٣٢٢ ، الكامل ـ لابن عديّ ـ ٢ / ١٨٨ بترجمة الحارث بن حصيرة الأزدي الكوفي ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٥ / ١٤٨ رقم ٧٨٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٠ ح ٤٦٧٤ و ٤٦٧٥ ، الاستيعاب ٣ / ١١١٧ ، موضّح أوهام الجمع والتفريق ١ / ٣٩٣ بترجمة إبراهيم بن هراسة الكوفي ، تاريخ بغداد ٨ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ وج ١٣ / ١٨٧ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٠ / ١٢٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٦٨ ـ ٤٧٣.

(٢) انظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٥٤ ح ٨٥٤١ ، مسند أحمد ٣ / ٣١ و ٣٣ و ٨٢ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٣٤١ ح ١٠٨٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ب ١٨ ح ١٩ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٦ ح ٦٨٩٨ ، الكامل ـ لابن عديّ ـ ٣ / ٣٣٧ بترجمة سلمة بن تمّام الشقري وج ٧ / ٢٠٩ بترجمة يحيى بن عبد الملك ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ ح ٤٦٢١ ، حلية الأولياء ١ / ٦٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ٤٣٥ و ٤٣٦ ، فردوس الأخبار ١ / ٤٤ ح ١١٨ ، شرح السنة ـ للبغوي ـ ٦ / ١٦٧ ح ٢٥٥٧ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٥١ ـ ٤٥٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٣.

٤٩٤

فكيف يقاس به عثمان إذ ضرب عمّاراً ؛ لنهيه له عن المنكر بأمر أجلاّء الصحابة؟!

وقد ورد في حقه عند أهل السنة ، أنّه قد أجاره الله من الشيطان ، وأنّه مُلِئ إيماناً إلى مُشاشه(١) ، وأنّه ما خُيّر بين أمرين إلاّ اختار أرشدهما ؛ إلى غير ذلك من فضائله

فقد روى البخاري(٢) ، عن أبي الدرداء : «أنّ عمّاراً أجاره الله على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الشيطان».

ورواه الحاكم ـ أيضاً ـ في «المستدرك» ، في مناقب عمّار(٣) ، وصحّحه هو والذهبي.

وروى الحاكم ـ أيضاً ـ ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «مُلِئ عمار إيماناً إلى مُشاشه »(٤) ، وصحّحه مع الذهبي على شرط الشيخين.

__________________

(١) المُشاش : هي رؤوس العظام الليّنة التي يمكن مضغها ، وقيل : كلّ عظم لا مخّ فيه ، أو رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين.

انظر : لسان العرب ١٣ / ١١٣ مادّة «مشش».

(٢) في باب صفة إبليس وجنوده من كتاب بدء الخلق [٤ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ح ٩٤ و ٩٥] ، وفي باب مَن أُلقي له وسادة من كتاب الاستئذان [٨ / ١١٢ ح ٥١]. منه (قدس سره).

وانظر : صحيح البخاري ٥ / ٩٩ ح ٢٣١ باب مناقب عمّار وحذيفة من كتاب المناقب ، سنن الترمذي ٥ / ٦٣٣ ح ٣٨١١ ، مسند أحمد ٦ / ٤٤٩ و ٤٥١.

(٣) ص ٣٩٢ ج ٣ [٣ / ٤٤٣ ح ٥٦٧٩]. منه (قدس سره).

(٤) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٤٣ ح ٥٦٨٠ ؛ وانظر : سنن ابن ماجة ١ / ٥٢ ح ١٤٧ ، سنن النسائي ٨ / ١١١ ، مسند البزّار ٢ / ٣١٣ ـ ٣١٤ ح ٧٤١ ، مسند أبي يعلى ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ح ٤٠٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٢ ـ ٥٢٤ ب ٢٩ ح ٢ و ٩ و ١٣ ، تهذيب الآثار ٤ / ١٥٧ ح ٢٥٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان

٤٩٥

وروى ـ أيضاً ـ ، عن ابن مسعود ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «ما عُرض عليه أمران قطُّ إلاّ أخذ بالأرشد منهما »(١) .

وعن عائشة ، أنّه قال : «ما خُيّر عمّارُ بين أمرين إلاّ اختار أرشدهما »(٢) .

ومثل الأخير في مناقب عمّار من «جامع الترمذي»(٣) ، وفي «مسند أحمد»(٤) .

ونقله باللفظين في «كنز العمّال» ، عن أحمد في «مسنده» ، عن ابن مسعود(٥) .

وروى الحاكم ـ أيضاً ـ ، عن عليّ (عليه السلام) ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعمّار :مرحباً بالطيّب المطيَّب (٦) .

__________________

٩ / ١٠٤ ـ ١٠٥ ح ٧٠٣٥ ، حلية الأولياء ١ / ١٣٩ ، الاستيعاب ٣ / ١١٣٧ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٣٩١ ـ ٣٩٣.

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٨ ح ٥٦٦٤ ؛ وانظر : سنن ابن ماجة ١ / ٥٢ ح ١٤٨ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٤٠٤ ـ ٤٠٧.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٨ ح ٥٦٦٥ ؛ وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٧٥ ح ٨٢٧٦ ، تاريخ بغداد ١١ / ٢٨٨ رقم ٦٠٥٥ ، مصابيح السنة ٤ / ٢٢٠ ح ٤٨٩٥ ،.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦٢٧ ح ٣٧٩٩ وفيه : «أشدّهما» بدل «أرشدهما» ؛ وهو تصحيف.

(٤) ص ١١٣ ج ٦. منه (قدس سره).

(٥) كنز العمال ١١ / ٧٢٣ ح ٣٣٥٣٥ و ٣٣٥٣٦ ، وانظر : مسند أحمد ١ / ٣٨٩ و ٤٤٥.

(٦) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٧ ح ٥٦٦٢ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٦٢٦ ح ٣٧٩٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٢ ح ١٤٦ ، مسند أحمد ١ / ١٠٠ و ١٢٣ و ١٢٥ ـ ١٢٦ و ١٣٠ و ١٣٨ ، مسند البزّار ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٤ ح ٧٣٩ ـ ٧٤١ ، مسند أبي يعلى

٤٩٦

وروى ـ أيضاً ـ ، عن خالد بن الوليد ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «مَن يسب عمّاراً يسبه الله ، ومَن يعادِ عمّاراً يعاده الله »(١) .

وفي رواية أُخرى له ، عن خالد ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «مَن يسابّ عمّاراً يسبّه الله ، ومَن يعاد عمّاراً يعاده الله ، ومَن يحقّر عمّاراً يحقّره الله »(٢) .

وفي رواية أُخرى له عنه ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «مَن يسبّ عمّاراً يسبّه الله ، ومَن يبغض عمّاراً يبغضه الله ، ومَن يسفّه عمّاراً يسفّهه الله »(٣) .

.. إلى نحو ذلك ممّا رواه الحاكم ، من طرق صحّحها هو والذهبيُّ(٤) .

__________________

١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ح ٤٠٣ و ٤٠٤ وص ٣٨١ ـ ٣٨٢ ح ٤٩٢ و ٤٩٣ ، المعجم الأوسط ٥ / ١٩٠ ح ٤٧٩٤ ، المعجم الصغير ١ / ٨٧ ، مسند الطيالسي : ١٨ ح ١١٧ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٢ ب ٢٩ ح ١ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٨ / ٢٢٩ رقم ٢٨٢١ ، تهذيب الآثار ٤ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ح ١٤ ـ ١٧ وصحّحه ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ١٠٤ ح ٧٠٣٤ ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٤ / ١٥٠ سؤال رقم ٤٧٩ ، حلية الأولياء ١ / ١٤٠ وج ٧ / ١٣٥ ، الاستيعاب ٣ / ١١٣٨ ، تاريخ بغداد ١ / ١٥١ وج ٦ / ١٥٥ رقم ٣١٩٧ وج ١٣ / ٣١٥ رقم ٧٢٨٧ ، مصابيح السنة ٤ / ٢٢٠ ح ٤٨٩٤ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٣٨٦ ـ ٣٩١.

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٩ ح ٥٦٦٧ ؛ وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٧٤ ح ٨٢٧٠.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٤٠ ـ ٤٤١ ح ٥٦٧٣.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠ ح ٥٦٧٠ ؛ وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٧٤ ح ٨٢٧٢ ، المعجم الكبير ٤ / ١١٢ ـ ١١٣ ح ٣٨٣٠ ـ ٣٨٣٤ ، المعجم الأوسط ٥ / ١٩٠ ح ٤٧٩٦.

(٤) انظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٣٧ ـ ٤٤٥ ح ٥٦٦١ ـ ٥٦٨٧.

٤٩٧

وروى أكثرها في «الاستيعاب» بترجمة عمّار(١) ، وزاد أنّه نزل فيه :( أَوَمَن كان ميْتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ) (٢) (٣) .

وأنّه أحد من اشتاقت إليهم الجنّة(٤) ، كما رواه الحاكم ـ أيضاً ـ في مناقب عليّ (عليه السلام)(٥) .

ونقل في «كنز العمّال»(٦) ، عن ابن مسعود : «إذا اختلف الناس كان ابن سُميّة على (٧) الحقِّ ».

وعن ابن عساكر ، عنه : «عمّارُ يزول مع الحقّ حيثُ يزول »(٨) .

ونقل ـ أيضاً ـ ، عن عليّ (عليه السلام) : «عمّار خُلِطَ الإيمانُ بلحمه ودمه ، يزول مع الحقِّ حيثُ زال »(٩) .

وأخبار فضائله كثيرةٌ عند السنة ، فهل ترى أن الطيّب المطيّب ، الذي أجاره الله تعالى من الشيطان ، ولا يختار إلاّ الأرشد ، ويزول مع الحقِّ حيث زال ، وجعل الله له نوراً يمشي به في الناس ، يقول في عثمان ما ليس

__________________

(١) انظر : الاستيعاب ٣ / ١١٣٥ ـ ١١٤١ رقم ١٨٦٣.

(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٢٢.

(٣) الاستيعاب ٣ / ١١٣٧.

(٤) الاستيعاب ٣ / ١١٣٨.

(٥) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٨ ح ٤٦٦٦ ، وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٦٢٦ ح ٣٧٩٧ ، المعجم الكبير ٦ / ٢١٥ ح ٦٠٤٥.

(٦) ص ١٨٤ ج ٦ [١١ / ٧٢١ ح ٣٣٥٢٥]. منه (قدس سره).

وانظر : المعجم الكبير ١٠ / ٩٥ ـ ٩٦ ح ١٠٠٧١ و ١٠٠٧٢ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ٤٢٢ ، تاريخ دمشق ٤٣ / ٤٠٤ و ٤٠٦.

(٧) كذا في الأصل ، وفي المصادر : «مع».

(٨) كنز العمّال ١١ / ٧٢١ ح ٣٣٥٢٦ ، وانظر : تاريخ دمشق ٤٣ / ٤٠٦.

(٩) كنز العمّال ١١ / ٧٢٠ ح ٣٣٥٢٠ ، وانظر : تاريخ دمشق ٤٣ / ٣٩٣.

٤٩٨

بحقّ ، ويأتي إليه ما لا يرضاه الله تعالى ، حتّى يستحقّ به من عثمان ذلك الفعل الشنيع؟!

وهل ترى أنّ الله سبحانه إذا سب من سب عمّاراً ، وعادى من عاداه ، وحقّر من حقّره ، كيف يفعل بمن فعل به تلك الأفعال الفظيعة لمجرّد أنّه نهاه عن إحداثه ، وأراد منه أن يتّبع سبيلَ الرشاد؟!

ولو أعرضنا عن هذا كلّه ، وسوّغنا لعثمان تأديب عمّار وتعزيره ، فقد سبق في مآخذ عمر أنّه لا عقوبة فوق عشر ضربات في غير حدّ من حدود الله تعالى(١) ، فكيف جاز لعثمان كسر ضلع عمّار ، وفتق بطنه ، وضربه الضرب المبرِّح؟!

ولا أقّل من إغضائه على هذا العمل الوحشي الخاسر

وليس هو بأعظم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد سمع نسبة الهجر إليه بأُذنيه(٢) ، وقيل له : اعدل(٣) ! فلم ينتصف لنفسه.

ولا أعظم من أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد سمع من الخوارج الكلمات القارصة(٤) ، فأغضى عنها.

وأما ما حكاه الخصمُ عن المأمون ـ ولا أظنُّ الخصم صادقاً في النقل ـ ، ففيه :

__________________

(١) راجع الصفحتين ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، من هذا الجزء.

(٢) قد تقدّم تخريجه في ج ٤ / ٩٣ هـ ٢ من هذا الكتاب ؛ وراجع تفصيل ذلك في الصفحة ١٨٣ وما بعدها من هذا الجزء.

(٣) القائل هو : ذو الخويصرة رأس الخوارج عند توزيع غنائم حنين ؛ انظر : صحيح البخاري ٤ / ٢٠٤ ح ٥٧ ، صحيح مسلم ٣ / ١٠٩ ـ ١١٢.

(٤) كاتهامه بالكفر ، وأنّه حكّم الرجال ، ومطالبته بالتوبة ؛ انظر مثلا : تاريخ الطبري ٣ / ١٠٩ وما بعدها.

٤٩٩

إنّ المأمون إن لم يكن من الشيعة ، فلا عبرة بتكذيبه لهم ؛ لأنّ قول العدوّ بعدوّه غيرُ مقبول من دون حجة.

وإن كان منهم ، فالرواية عنه كاذبةٌ ؛ إذ يمتنع أن يكذب الشخصُ في نقص أهل مذهبه من دون ضرورة.

نعم ، إذا أراد المأمون بالروافض من رفض الحقّ ، وهم السنة ، كان صواباً ؛ فإنّ الموضوعاتِ جلُّ أخبارِهم ، والكذبةَ أكثرُ رواتِهم ، كما عرفته في مقدّمة الكتاب من أحوال خير رجالهم ، وهم رجال صحاحهم الستّة(١) .

وقد قالوا : «إنّ الحديث الصادق في الحديث الكاذب ، كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود»(٢) .

ويكفيك في معرفة كذبهم ، مشاهدة كذبات هذا الرجل سابقاً ولاحقاً وفعلا.

وقد اتّضح ممّا ذكرناه في جميع المباحث ، أنّ المصنّف (رحمه الله) إنّما ينقل مثالب أئمتهم من كتبهم ، فإن كان المنقول كذباً فهو منهم وعليهم ، وإن كان صدقاً ، ثبت المطلوب!

ومجرّد كونه لا يقبل التأويل لا يقتضي كذبه ، بل هو ألزم لهم وأَوْلى بتقريعهم!

ثمّ إنّ المصنّف (رحمه الله) لم يدّع أنّه لا ينقل إلاّ عن صحاحهم ، حتّى يطالبه الخصم به.

__________________

(١) راجع : ج ١ / ٤١ ـ ٢٨٦ ، من هذا الكتاب.

(٢) انظر : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ١٠٥.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601