دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601
المشاهدات: 92777
تحميل: 3819


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92777 / تحميل: 3819
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 7

مؤلف:
ISBN: 964-319-360-8
العربية

وأقول :

مَن تصفّح أخبار القوم ، فضلا عن أخبارنا ، علم أنّه لا ناصر لعثمان من الصحابة إلا النادرُ ، وعرف أنّ الصحابة شركاء في قتله ، ولو بالرضا.

فيا هل ترى أنّ من استباح الصحابةُ قتله ، وباشره بعضُهم ، وشهدوا بجوره وفسقه ، وهم عدول جميعاً عند القوم ، كيف يكون حاله؟! وهل يصحّ عدّه من الأئمة؟!

ولنذكر شيئاً ممّا في «تاريخ الطبري» ، الذي أقرّ الخصمُ بصحّته(١) ؛ لتعرف صدق ما قلنا

فقد روى عن الواقدي(٢) ، أنّ «أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب بعضهم إلى بعض أن أقدموا ، فإنْ كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد ؛ وكثر الناس على عثمان ، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد ، وأصحاب رسول الله يرون ويسمعون ، ليس فيهم أحدٌ ينهى ولا يذبُّ إلاّ نفيْر ؛ زيد بن ثابت ، وأبو أُسَيد الساعدي ، وكعب بن مالك ، وحسّان بن ثابت».

وروى أيضاً(٣) ، بسنده عن عثمان بن الشريد ، قال : «مرّ عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي(٤) ، وهو بفناء داره ومعه جامعةٌ ، فقال :

__________________

(١) انظر الصفحة ٥١٠ ، من هذا الجزء.

(٢) ص ٩٦ ج ٥ [٢ / ٦٤٤ حوادث سنة ٣٤ هـ]. منه (قدس سره).

(٣) ص ١١٤ ج ٥ [٢ / ٦٦١ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).

(٤) هو : جَبَلَة بن عمرو الساعدي الأنصاري ، يعدّ في أهل المدينة ، وكان فاضلا من فقهاء الصحابة ، شهد صِفّين مع الإمام عليّ (عليه السلام) ، وكان في مَن غزا إفريقية سنة

٥٤١

يا نعثل! والله لأقتلنّك ولأحملنّك على قَلوص(١) جرباء ، ولأُخرجنّك إلى حرّة النار.

ثمّ جاءه مرّةً أُخرى وعثمان على المنبر ، فأنزله عنه».

ثمّ روى بسنده ، عن أبي حبيبة ، أنّ عثمان خطب ، فقام إليه جَهْجاه الغِفاري(٢) ، فصاح : يا عثمان! إنّ هذه شارفٌ قد جئنا بها ، عليها عباءةٌ وجامعةٌ ، فانزل ، فلنُدرِّعكَ العباءة ، ولنطرحك في الجامعة ، ولنحملك على الشارف ، ثمّ نطرحك في جبل الدخان.

فقال عثمان : قبّحك الله ، وقبّح ما جئتَ به!

قال أبو حبيبة : ولم يكن ذلك منه إلاّ عن ملإ من الناس ، وقام إلى عثمان خيرتُه وشيعته من بني أُميّة ، فحملوه وأدخلوه الدار(٣) .

وروى ـ أيضاً ـ بسنده ، عن عبد الرحمن بن يسار ، أنّه قال : «لمّا رأى الناس ما صنع عثمانُ ، كتب مَن بالمدينة من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مَن بالآفاق منهم ـ وكانوا قد تفرّقوا في الثغور ـ : إنّكم إنّما خرجتم

__________________

خمسين مع معاوية بن خديج ، وسكن مصر.

انظر : تاريخ الصحابة ـ لابن حبّان ـ : ٦١ رقم ١٩٩ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ٥٨٩ رقم ٤٨٠ ، الاستيعاب ١ / ٢٣٥ رقم ٣١٧ ، أُسد الغابة ١ / ٢٢٠ رقم ٦٨٦ ، الإصابة ١ / ٤٥٧ رقم ١٠٨١.

(١) القلُوصُ : الفتِيّةُ من الإبل ، سُمّيت قَلوصاً لطول قوائمها ولم تَجْسُم بَعدُ ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ٢٨١ مادّة «قلص».

(٢) هو : جهجاه بن مسعود الغفاري ، ويقال : ابن سعيد بن سعد بن حرام بن غفار ، ويقال : جهجاه بن قيس ، مدني ؛ شهد مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بيعة الرضوان وغزوة المريسيع إلى بني المصطلق ، توفّي قبل عثمان بسنة.

انظر : الاستيعاب ١ / ٢٦٨ رقم ٣٥٢ ، أُسد الغابة ١ / ٣٦٥ رقم ٨١٨ ، الإصابة ١ / ٥١٨ رقم ١٢٤٧.

(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٦٦١ حوادث سنة ٣٥ هـ.

٥٤٢

أن تجاهدوا في سبيل الله ، تطلبون دين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإنّ دين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أُفسِد مِن خلفكم وتُرِك ، فهلموا فأقيموا دين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)!

فأقبلوا من كلّ أُفق حتّى قتلوه»(١) .

ثمّ ذكر ابن يسار ، أنّ عثمان كتب إلى ابن أبي سرح عامله على مصر ـ حين تراجع الناس [عنه] ، وزعم أنّه تائبٌ ـ كتاباً يأمره فيه بقتل بعض الّذين شخصوا من مصر ، وعقوبة بعضهم في أنفسهم وأموالهم ، منهم نفرٌ من الصحابة ، ومنهم قومٌ من التابعين.

وقال في آخره : «فلمّا رأوا ذلك ، رجعوا إلى المدينة ، فبلغ الناس رجوعهم والذي كان من أمرهم ، فتراجعوا من الآفاق كلّها ، وثار أهلُ المدينة»(٢) .

وروى ـ أيضاً ـ حديثاً ، عن الكلبيّ ، قال فيه : «فلمّا رأى عثمان ما نزل به ، وما قد انبعث عليه من الناس ، كتب إلى معاوية : أمّا بعد ، فإنّ أهل المدينة كفروا ، وخلعوا الطاعة ، ونكثوا البيعة ، فابعث إليّ مَن قِبَلك مِن مقاتلة أهل الشام ، على كلّ صَعب وذَلول.

فلمّا جاء معاوية الكتابُ ، تربّص به ، وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وقد علم اجتماعهم ـ ، فلمّا أبطأ أمره على عثمان ، كتب إلى يزيد بن أسد بن كرْز(٣) ، وإلى أهل الشام ، يستنفرهم ـ إلى أن قال : ـ

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦٦٢ حوادث سنة ٣٥ هـ.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦٦٢ حوادث سنة ٣٥ هـ.

(٣) هو : يزيد بن أسد بن كرْز بن عامر القسري ، جَد خالد بن عبد الله القسري ، ولي مكّة للوليد بن عبد الملك ، وولي العراق لهشام بن عبد الملك.

٥٤٣

وكتب إلى عبد الله بن عامر ، أن اندُب إليّ أهلَ البصرة»(١) الحديث.

ثمّ روى بعده حديثاً ، أخرجه عن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال فيه : «وكتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ، ويحتجّون ويقسمون له بالله لا يُمسكون عنه أبداً حتّى يقتلوه ، أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله تعالى»(٢) .

إلى غير ذلك ممّا رواه الطبريُّ وغيره ، من الأخبار الدالّة على استباحة الصحابة لقتله ، ومشاركتهم فيه يداً أو لساناً أو بالرضا(٣) ، التي منها ما أشار إليه المصنّف (رحمه الله) من أنّهم تركوه بعد قتله ثلاثة أيام(٤) .

أخرج الطبريُّ(٥) ، عن أبي بشير العابدي ، قال : «نُبذ عثمان ثلاثة أيام لا يدفن ، ثمّ إنّ حكيم بن حزام القرشيّ وجبير بن مطعم بن عديّ كلّما عليا في دفنه ، وطلبا إليه أن يأذن لأهله في ذلك ، ففعل ، وأذِن لهم عليٌّ.

فلمّا سمع الناس بذلك ، قعدوا له في الطريق بالحجارة ، وخرَج به ناسٌ يسيرٌ من أهله ، وهم يريدون به حائطاً بالمدينة يقال له : حشُّ كوكب(٦) ، كانت اليهود تدفن فيه موتاهم.

__________________

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٢٩٨ رقم ٣٧٧١ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٧٠ رقم ٢٧٥٣ ، أُسد الغابة ٤ / ٦٩٩ رقم ٥٥١٦.

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦٦٢ ـ ٦٦٣.

(٢) تاريخ الطبري ٢ / ٦٦٣.

(٣) انظر مثلا : الكامل في التاريخ ٣ / ٥٨ وما بعدها.

(٤) راجع الصفحة ٥٣٥ ، من هذا الجزء.

(٥) ص ١٤٣ ج ٥. منه (قدس سره).

(٦) حشُّ كوْكَب ـ بضمّ أو فتح أوّله ، وتشديد ثانيه ـ : والحشّ ـ في اللغة ـ :

٥٤٤

فلمّا خُرِجَ به على الناس ، رجموا سريره ، وهمّوا بطرحه ، فبلغ ذلك عليا ، فأرسل إليهم يعزم عليهم لَيكفنَّ عنه ، فانطلقوا به حتّى دُفن في حشّ كوكب»(١) .

وأخرج ـ أيضاً ـ ، عن أبي كريب(٢) ـ عامل بيت مال عثمان ـ ، قال : «دُفن عثمان بين المغرب والعتمة ، ولم يشهد جنازته إلاّ مروان وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة ، فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه.

وأخذ الناس الحجارة وقالوا : نعثلٌ ، نعثلٌ ؛ وكادت تُرجم ، فقالوا : الحائط ، الحائط ؛ فدُفن في حائط خارجاً»(٣) .

ثمّ أخرج(٤) عن عبد الله بن ساعدة ، قال : «لبث عثمان بعدما قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ، ثمّ حمله أربعةٌ» وذكرهم ، وقال : «فلمّا وضع ليُصلّى عليه ، جاء نفرٌ من الأنصار يمنعونهم الصلاة عليه ، فيهم أسلم ابن أوس وأبو حبّة المازني ، في عدة ، ومنعوهم أن يدفن بالبقيع ـ إلى أن قال : ـ فقالوا : لا والله ، لا يُدفن في مقابر المسلمين أبداً!

فدفنوه في حشّ كوكب».

وأخرج ـ أيضاً ـ ، عن عبد الله بن موسى المخزومي ، قال : «لمّا قُتل عثمان أرادوا حزّ رأسه ، فوقعت عليه نائلة وأُمّ البنين فمنعنهم ،

__________________

البستان ، وكوكب اسم رجل من الأنصار ، وهو عند بقيع الغرقد.

انظر : معجم البلدان ٢ / ٣٠٢ رقم ٣٧٤٧.

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٧.

(٢) في المصدر : «كرب».

(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٧ ـ ٦٨٨.

(٤) ص ١٤٤ ج ٥ [٢ / ٦٨٨]. منه (قدس سره).

٥٤٥

وصِحن ، وضربن الوجوه ، فقال ابن عُديس(١) : اتركوه! فأُخرج عثمان ـ ولم يغسَّل ـ إلى البقيع ، وأرادوا أن يصلّوا عليه في موضع الجنازة ، فأبت الأنصار»(٢) .

وأخرج ـ أيضاً ـ ، عن أبي عامر ، قال : «كنتُ أحدَ حملة عثمان حين قتل ، حملناه على باب وإنّ رأسه ليقرع الباب لإسراعنا به ، وإنّ بنا من الخوف لأمراً عظيماً ، حتّى واريناه في قبره في حشّ كوكب»(٣) .

ثمّ نقل الطبريُّ روايتين ـ في ما كتبه إليه السَّرِيُّ ـ أنّه صلّى عليه مروان(٤) .

وروى في «الاستيعاب» ، بترجمة عثمان ، أنّه لمّا قُتل أُلقيَ على المزبلة ثلاثة أيّام ، فلمّا كان من الليل أتاه اثنا عشر رجلا ، فاحتملوه.

فلمّا صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ، ناداهم قومٌ من بني مازن : والله لئن دفنتموه ها هنا لنخبرنّ الناس غداً.

__________________

(١) هو : عبد الرحمن بن عُديس بن عمرو ، أبو محمّد البَلَوي ، من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وممّن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وشهد فتح مصر واختطّ بها ، كان أحد فرسان بَلي المعدودين ، وأمير الجيش الّذين قدموا من مصر إلى عثمان ، أخذه معاوية من مصر في الرهن وحبسه ببعلبك ، فهرب ، فأدركه فارس بجبل لبنان ، فقال له : ويحك! اتّق الله في دمي ، فإنّي من أصحاب الشجرة! قال : الشجر بالجبل كثير! فقتله ، وكان ذلك سنة ٣٦ هـ.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٣٥٢ رقم ٤٠٣٦ ، الجرح والتعديل ٥ / ٢٤٨ رقم ١١٨٢ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٤ / ١٨٥٢ رقم ١٨٧١ ، الاستيعاب ٢ / ٨٤٠ رقم ١٤٣٧ ، تاريخ دمشق ٣٥ / ١٠٧ رقم ٣٨٩٠ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٧٠ رقم ٣٣٥٢.

(٢) تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٨.

(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٨.

(٤) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٨ ـ ٦٨٩.

٥٤٦

فاحتملوه ، وكان على باب ، وإنّ رأسه على الباب ليقولنّ : طق طق حتّى صاروا به إلى حشّ كوكب ، فاحتفروا له(١) .

فهذه الأخبار ـ ونحوها ـ دالّةٌ على أنّ الصحابة تبرّأوا منه ، وأرادوا قتله ، وأعانوا عليه.

بل جملةٌ منها دالّةٌ على قول كثير منهم بكفره ، وأنّه مفسِد لدين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيجبُ قتاله ؛ ولذا باشر بعضهم قتله ، ومنعوا من الصلاة عليه ، ومنعت الأنصار من دفنه في مقابر المسلمين ، حتّى دُفن في مقبرة اليهود «حشّ كوكب».

وحتّى خرجوا ـ كما في إحدى روايتَي السَّرِيّ ـ بجيفتَي عبديْن له قتلا في الدار ، وجرّوا بأرجلهما ، ورُمي بهما على البلاط ، فأكلتهما الكلاب(٢) .

وأما ما زعمه الخصمُ ، من اتّفاق المؤرّخين على أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بعثَ الحسن والحسين وابن الحنفيّة وأولاد جعفر

فمِن كذباته الواضحة!

وغاية ما ذكره الطبريُّ وابنُ الأثير وابنُ عبد البرّ ، دفاع الحسن (عليه السلام) عنه(٣) .

وزاد ابن حجر في «الصواعق» : الحسين (عليه السلام) ، وأنّ الحسن خضب بالدماء ، وأنّه لمّا بلغ أمير المؤمنين والزبير وطلحة وسعداً قتل عثمان خرجوا وقد ذهبت عقولهم ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسنين (عليهما السلام) :

__________________

(١) الاستيعاب ٣ / ١٠٤٧.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦٨٩ حوادث سنة ٣٥ هـ.

(٣) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦٧٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٦٣ ، الاستيعاب ٣ / ١٠٤٦.

٥٤٧

كيف قُتل وأنتما على الباب؟! ورفع يده ولطم الحسن (عليه السلام) ، وضرب صدر الحسين (عليه السلام) ، وشتم محمّد بن طلحة وعبد الله بن الزبير ، ناقلا ذلك كلّه عن ابن عساكر(١) .

وهو من الكذب الصريح ؛ لأنّ الحسن (عليه السلام) إذا دافع حتّى خُضب بالدم ـ كما ذكره ابن عبد البرّ أيضاً(٢) ـ ، لم يستحقّ ـ بأبي وأُمّي ـ من أبيه اللطمة.

ولأنّ طلحة أعظم المجلِبين على عثمان ، حتّى قتله به مروان يومَ الجمل(٣) ، فكيف يذهب عقله بسماع خبر قتله؟!

وكيف يبعث ابنه للدفاع عنه ، وهو ـ أيضاً ـ ممّن جدّ في منعه الماء(٤) ؟!

ولو كانت عقولهم تذهبُ بمجرّد سماع خبر قتله ، فما بالُهم لم يدافعوا عنه وتركوه على المزبلة ثلاثة أيّام ، وما صلّوا عليه ، ولا أمروا بالصلاة عليه ودفنه؟!

أتراهم لو اتّفقوا ـ وهم وجوه المسلمين ـ على الدفاع عنه ، أو على دفنه والصلاة عليه ، يقدرُ أحدٌ مخالفتهم ومنعهم؟!

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ١٨١ ـ ١٨٢ ب ٨ ، وانظر : تاريخ دمشق ٣٩ / ٤١٨ ـ ٤١٩.

(٢) انظر : الاستيعاب ٣ / ١٠٤٦.

(٣) انظر : المعجم الكبير ١ / ١١٣ ح ٢٠١ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٦٧ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٣٩ ، أنساب الأشراف ٦ / ٢٥٧ و ٢٦٧ ، العقد الفريد ٣ / ٣٢٠ ، مروج الذهب ٢ / ٣٦٥ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤١٧ ـ ٤١٨ ح ٥٥٨٩ ـ ٥٥٩١ ، الاستيعاب ٢ / ٧٦٨ ـ ٧٦٩ ، تاريخ دمشق ٢٥ / ١١٢ ـ ١١٣ وج ٥٧ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

(٤) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٨٨.

٥٤٨

وقد روى في «العقد الفريد»(١) ، عن العتبي ، قال : «قال رجلٌ من بني ليث : قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقّاص ، فقلت : يا أبا إسحاق! من قتل عثمان؟

قال : قتله سيفٌ سلّته عائشةُ ، وشحذه طلحة ، وسمّه عليٌّ.

قلت : فما حالُ الزبير؟

قال : أشار بيده ، وصمت بلسانه».

وحكى في «كنز العمّال»(٢) ، في فضائل عثمان ، عند بيان حصره وقتله ، عن ابن أبي شيبة ، عن عليّ (عليه السلام) ، قال : «مَن كان سائلا عن دم عثمان ، فإنّ الله قتله وأنا معه».

ورواه ونحوه ابنُ أبي الحديد(٣) ، في شرح قوله (عليه السلام) : «لو أمرتُ به لكنتُ قاتلا ، أو نهيتُ عنه لكنتُ ناصراً ، غير إنّ مَن نصره لا يستطيع أن يقول : خذله مَن أنا خيرٌ منه ، ومَن خذله لا يستطيع أن يقول : نصره مَن هو خيرٌ منّي »(٤) .

وفسّر ابنُ أبي الحديد كلامه الأخير ، فقال : «معناه أنّ خاذليه كانوا خيراً من ناصريه ؛ لأنّ الّذين نصروه كان أكثرهم فسّاقاً ، كمروان وأضرابه ، وخذله المهاجرون والأنصار»(٥) .

__________________

(١) ص ٨٤ ج ٣ [٣ / ٢٩٩]. منه (قدس سره).

(٢) ص ٣٨٨ ج ٦ [١٣ / ٩٧ ح ٣٦٣٢٩]. منه (قدس سره).

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٦٨٥ ح ٢٦.

(٣) ص ١٥٧ مجلّد ١ [٢ / ١٢٨]. منه (قدس سره).

(٤) شرح نهج البلاغة ٢ / ١٢٦.

(٥) شرح نهج البلاغة ٢ / ١٢٨.

٥٤٩

أقول :

بل معناه فوق ذلك ؛ لإرادته له ـ مع بيان كونه واضحاً ظاهراً ـ بحيث لا يستطيع الناصرُ والخاذلُ القول بخلافه.

ثمّ إنّا لا ندّعي مشاركة أمير المؤمنين (عليه السلام) في قتل عثمان ، ولا قاله المصنّف (رحمه الله) كما زعم الخصمُ

ولكن نقول : إنّه لم يره معصومَ الدم محرّمَ القتل ، وإلاّ لنهى ودافع عنه ؛ قياماً بواجب النهي عن المنكر ، بل قال (عليه السلام) : «الله قتله وأنا معه».

ومعناه ـ كما ذكره المصنّف (رحمه الله) ـ : «الله حكم بقتله ، وأنا أحكم بحكمه».

ونحو هذا كثيرٌ في كلامه (عليه السلام).

وإنّما لم يتظاهر بالإعانة عليه لموانع كثيرة.

وكان (عليه السلام) يصدر منه الكلام الكثير في عدم تخطئة قاتليه(١) .

ولو خطأهم ، لجفاهم ولم يجعلهم أخصّ أصحابه وأقربهم منه ، كعمّار بن ياسر ، ومالك الأشتر ، ومحمّد بن أبي بكر ، وعمرو بن الحَمِق الخزاعي ، الذي هو أحدٌ الأربعة الّذين دخلوا على عثمان الدار ، كما في ترجمة عمرو من «الاستيعاب»(٢) و «أُسد الغابة»(٣) .

وهو الذي وثب عليه ، وجلس على صدره ، وطعنه تسع طعنات ،

__________________

(١) انظر : العقد الفريد ٣ / ٣٣٢ ، شرح نهج البلاغة ١٥ / ٧٨.

(٢) الاستيعاب ٣ / ١١٧٤ رقم ١٩٠٩.

(٣) أُسد الغابة ٣ / ٧١٤ رقم ٣٩٠٦.

٥٥٠

وقال ـ كما في «تاريخ الطبريّ»(١) و «كامل» ابن الأثير(٢) ـ : «أمّا ثلاثٌ منهنّ فإنّي طعنتُهنّ إيّاه لله ، وأمّا ستٌّ فلِما في صدري عليه».

وأمّا ما نقله عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لو أنّي أعلمُ أنّه يذهبُ من صدور بني أُميّة ...» إلى آخره

فظاهر البهتان ؛ لأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يعلم أنّ بني أُميّة يعلمون عدم مشاركته في دم عثمان ، ويعلمُ أنّ الوهج في صدورهم ليس لقتله ؛ بل للعداوة الدينيّة ، وطلبهم الدنيا بنسبة المشاركة له.

هذا ، وممّا ذكرناه من الأخبار يُعلم أنّ مروان كان حاضراً دفن عثمان ، وبعضها مصرّحٌ بأنّه صلّى عليه ـ كروايتَي السَّرِيّ اللتين أشرنا إليهما(٣) ـ ، فلا كذب من المصنّف (رحمه الله) ، كما رماه به الخصمُ.

على أنّ المصنّف لم يروِ صلاة مروان ، بل حضوره لجنازته

ومن الجهل إحالتُه لصلاة مروان وحضوره ، بدعوى أنّه جُرح جراحة عظيمة فهرب إلى الشام ؛ فإنّ هذا لو منع من حضوره وصلاته ، لمنعه من الهرب إلى الشام بطريق أَوْلى.

على أنّه لم يهرب ، بل بقيَ بالمدينه وبايع أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثمّ ذهب إلى مكّة ونكث مع مَن نكث يومَ البصرة ، ثمّ ولّى إلى الشام(٤) .

وأما اعتذاره عن عدم صلاة الصحابة على عثمان

فواه جدّاً ؛ لأنّ الأخبار السابقة ونحوها ، صرّحت بأنّ الأنصار منعوا

__________________

(١) ص ١٣٢ ج ٥ [٢ / ٦٧٧ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).

(٢) ص ٨٩ ج ٣ ، وفي طبعة أُخرى ص ٧٠ [٣ / ٦٨ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).

(٣) تقدّمت الإشارة إليهما في الصفحة ٥٤٦ ، من هذا الجزء.

(٤) انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٦.

٥٥١

من الصلاة عليه ، بل يُستفاد منها اتّفاق عامّة الصحابة على المنع منها ولو بالرضا.

وكيف يتركون الصلاة والدفن الواجبين خوفاً من أهل الأمصار ، وهم أكثرُ منهم وأعزّ شأناً؟!

وما ذكره من هرب أمير المؤمنين (عليه السلام) خوفاً منهم

فمن الكذب المضحك ، وقد تركتُ القول فيه لقارئه!

بقيَ شيءٌ ، وهو ما يتعلّق بالأخبار التي استدلّ بها الخصم لإثبات مظلوميّة عثمان وحسن حاله

أمّا أوّلا ؛ فلأنّها من أخبارهم ، وقد عرفت مراراً أنّ ذِكرها في مقام المحاجة معنا عبثٌ ؛ لأنّها ليست حجةً علينا(١) .

وأما ثانيا ؛ فلأنّ الرواية الأُولى ، الدالّة على صبر عثمان وعهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه(٢) ، كاذبةٌ جزماً ، وإلاّ لأعلم النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الصحابةَ بمظلوميّته ؛ لئلاّ يقترفوا فيه الأُمور العظام ، وليدفعوا عنه شرّ الأنام ، فإنّهم أعدل العدول عند القوم.

مع أنّها معارضة بما يدلّ على عدم صبره ، وأنّه لو كان له ناصرٌ لفعل الأفاعيل

كالرواية المتقدّمة المصرّحة بكتابته إلى معاوية وابن عامر ويزيد بن أسد وأهل الشام ، يستفزّهم لحرب أهل المدينة ، وقال : إنّهم كفروا ، وأخلفوا الطاعة ، ونكثوا البيعة(٣) .

__________________

(١) راجع الصفحتين ٦٤ و ٢٠٣ ، من هذا الجزء.

(٢) تقدّمت في الصفحة ٥٣٧ ، من هذا الجزء.

(٣) تقدّمت في الصفحة ٥٤٣ ، من هذا الجزء.

٥٥٢

وكالرواية التي رواها الطبريُّ ، عن الزبير(١) ـ ومرّ طرفٌ منها(٢) ـ ، قال ـ بعدما ذكر مسير المصريّين وكتابهم إليه ـ : «وكتب أهلُ المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ، ويحتجّون ويقسمون له بالله لا يُمسكون عنه أبداً حتّى يقتلوه ، أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله.

فلمّا خاف القتل ، شاور نصحاءه وأهل بيته ، فقال لهم : قد صنع القوم ما رأيتم ، فما المَخرج؟

فأشاروا عليه أن يُرسل إلى عليّ بن أبي طالب ، فيطلب إليه أن يردّهم عنه ، ويعطيهم ما يرضيهم ، ليطاولهم ، حتّى يأتيه إمداده».

إلى أن قال : «وكتب بينهم كتاباً ثمّ أخذ عليه في الكتاب أعظمَ ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق ، وأشهد عليه ناساً من وجوه المهاجرين والأنصار ، فكفّ عنه المسلمون ورجعوا ، فجعل يتأهّبُ للقتال ، ويستعدّ بالسلاح ، وقد كان اتّخذ جنداً عظيماً من رقيق الخُمسِ ، فلمّا مضت الأيّام الثلاثة ـ وهو على حاله لم يغيّر شيئاً ممّا كرهوه ، ولم يعزل عاملا ـ ، ثار به الناس» الحديث.

ونحوه في «كامل» ابن الأثير(٣) .

.. إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة(٤) .

هذا ، مع ضعف تلك الرواية ؛ فإنّ الترمذي أخرجها بجماعة(٥) ،

__________________

(١) ص ١١٦ ج ٥ [٢ / ٦٦٣ ـ ٦٦٤ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).

(٢) تقدّم في الصفحة ٥٤٤ ، من هذا الجزء.

(٣) ص ٨٤ ج ٣ ، وفي طبعة أُخرى ص ٦٦ [٣ / ٦١ ـ ٦٢ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).

(٤) راجع الصفحات ٤٢٨ ـ ٤٣٠ وما بعدها ، من هذا الجزء.

(٥) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ح ٣٧١١.

٥٥٣

منهم سفيان بن وكيع ، الذي سبق بعض ما قيل فيه في مقدّمة الكتاب(١) .

وأما الرواية الثانية ـ وهي رواية مرّة بن كعب ، ورواها الترمذيُّ أيضاً(٢) ـ ، فهي مع ضعف سندها بجماعة ـ منهم : محمّد بن بشّار ، الذي سبق بعض ترجمته في المقدّمة(٣) ـ ، قد روى الترمذيُّ عن مرّة أنّه رواها عندما قامت الخطباء بالشام(٤) .

وأنت تعلم أنّ هناك محلّ الكذب والتهمة!

مع أنّه يمتنع عادة أن يجتاز عثمانُ على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه ولا يسلّم عليهم وهو بقربهم ؛ إذ لو سَلّم عليهم لعرفه مُرّة ، ولم يحتجْ إلى أن يقوم إليه ليعرفه ؛ ولو كان بعيداً ، لَما جرى التخاطب بين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ومرّة.

وأثرُ التصنّع من الراوي باد على ذلك التقنّع.

وأمّا الثالثة ـ وهي رواية ثمامة ، ورواها الترمذي أيضاً(٥) ـ ، فيرِدُ عليها : إنّها ضعيفة السند بجماعة ، منهم : يحيى بن أبي الحجّاج المنقري ، الذي قال فيه ابنُ معين : ليس بشيء(٦) .

وثانياً : إنّ الترمذي ذكر في صدر الرواية ، أنّ عثمان أشرف يومَ الدار وقال : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألّباكم علَيَّ!

__________________

(١) راجع : ج ١ / ١٣٤ رقم ١٢١ ، من هذا الكتاب.

(٢) تقدّمت في الصفحة ٥٣٨ ، من هذا الجزء.

(٣) راجع : ج ١ / ٢٣٤ رقم ٢٧٨ ، من هذا الكتاب.

(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٨٦ رقم ٣٧٠٤.

(٥) تقدّمت في الصفحة ٥٣٨ ، من هذا الجزء.

(٦) الضعفاء والمتروكين ـ لابن الجوزي ـ ٣ / ١٩٢ رقم ٣٧٠١ ، ميزان الاعتدال ٧ / ١٦٧ رقم ٩٤٨٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢١٥ رقم ٧٨٠٩.

٥٥٤

قال : فجيء بهما كأنّهما جملان ، أو كأنّهما حماران ، فقال : أنشدكم الله(١) الحديث.

وظاهره : أنّ المنشود هو الصاحبان ، ولا بُد أن يكونا صحابيّين ، ومن قدماء الصحابة ، لتصحّ مناشدتهما بهذه الأُمور.

ولا ريب أنّ أحدهما طلحة ؛ لأنّه أظهرُ مَن ألّب على عثمان من الصحابة(٢) .

فحينئذ ، إن جاز عند القوم أن يكون طلحةُ ـ مع شهادته بهذه الأُمور العظيمة ـ يسعى بقتل عثمان ومنعه الماء ، كان مِن أفسق الفاسقين ، وهم لا يقولونه.

وإن لم يجز ذلك عندهم ، كذبت الرواية.

ولو فرض أنّ المنشود هو عموم الصحابة ، فالرواية أَوْلى بالكذب ، وإلاّ كان الأمر أشنعَ وأفظع!

ولا أدري ما وجه قوله : «حتّى أشرب من ماء البحر»(٣) ، ولا بحر عنده؟! إلاّ أن يريد به ماءً مالحاً في بئر بداره ، فيكون مجازاً ، وهو تكلّفٌ!

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٥٨٥ ـ ٥٨٦ ح ٣٧٠٣.

(٢) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٨٤ و ١٨٨ و ١٩٦ ، تاريخ اليقوبي ٢ / ٧٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٦٨ ، العقد الفريد ٣ / ٣٠٣ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٦٤ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ١٥٥.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٥٨٦ ذ ح ٣٧٠٣.

٥٥٥

مخالفات عثمان للشريعة

قال المصنّف ـ طيّب الله رمسه ـ(١) :

ومنها : إنّه كان يستهزئ بالشرائع ، ويتجرّأ على المخالفة لها(٢)

في «صحيح مسلم» ، أنّ أمرأةً دخلت على زوجها ، فولدت لستّة أشهر ، فذُكر ذلك لعثمان بن عفّان ، فأمر بها أن تُرجَم ، فدخل عليه عليٌّ فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يقول :( وحملُه وفصالُه ثلاثون شهراً ) (٣) ، وقال أيضاً :( وفصالُه في عامين ) (٤) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٣٠٢ ـ ٣٠٤.

(٢) وممّا أُنكِر من أفعال عثمان ومخالفاته للشريعة :

١ ـ أخذه الزكاةَ من الخيل ، وقد عفا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن صدقة الخيل والرقيق.

انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٣٥ ، مصنّف عبد الرزّاق ٤ / ٣٥ ـ ٣٦ ح ٦٨٨٨ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ٤٣ ب ٤٤ ح ٧ ، المحلّى ٥ / ٢٢٧.

٢ ـ أمره بالنداء الثالث يوم الجمعة في السنة السابعة من خلافته ، فعاب الناسُ ذلك وقالوا : بدعة!

انظر : صحيح البخاري ٢ / ٣٩ ح ٣٥ و ٣٦ ، أنساب الأشراف ٦ / ١٥٠ ، صحيح ابن خزيمة ٣ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ح ١٧٧٣ و ١٧٧٤ ، الأوسط في السنن ـ لابن المنذر ـ ٤ / ٥٥ ب ٣٦ ، فتح الباري ٢ / ٤٩٩ ـ ٥٠٢ ح ٩١٢ و ٩١٣ ، عمدة القاري ٦ / ٢١٠ ـ ٢١٢ ح ٣٥ و ٣٦ ، مسند الشافعي ٩ / ٣٧٨.

٣ ـ ترك التكبير في كلّ خفض ورفع في الصلاة ، مع أنّه سنة ثابتة ، وفعله أبو بكر وعمر من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

انظر : مسند أحمد ٤ / ٤٣٢ ، فتح الباري ٢ / ٣٤٣.

(٣) سورة الأحقاف ٤٦ : ١٥.

(٤) سورة لقمان ٣١ : ١٤.

٥٥٦

قال : فوالله ما كان عند عثمان إلاّ أن بعث إليها ، فرُجمَت(١) .

كيف استجاز أن يقول هذا القول ، ويُقدِم على قتل امرأة مسلمة عمداً من غير ذنب ، وقد قال الله تعالى :( ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ) (٢) ؟!

وقال تعالى :( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون ) (٣) ،( ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الظالمون ) (٤) ،( ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الفاسقون ) (٥) .

وفي «الجمع بين الصحيحين» ، أنّ عثمان وعليا حجّا ، ونهى عثمانُ عن المتعة ، وفعلها أمير المؤمنين ، وأتى بعمرة التمتّع.

فقال عثمان : أنهى الناسَ وأنت تفعله؟!

فقال أمير المؤمنين : ما كنت لأدع سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقول أحد(٦) .

__________________

(١) لم نجده في صحيح مسلم ، وانظر : الموطأ : ٧١٩ ح ١١ ، تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٢٩٣ ح ١٨٥٦٦ ، أحكام القرآن ـ للجصاص ـ ٣ / ٥٧٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٤٤٢ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١٦٠ ، عمدة القاري ٢١ / ١٨.

وأخرجه ابن البطريق في عمدة عيون صحاح الأخبار : ٣١٩ ح ٤٢٢ مصرّحاً بأنّه عن «صحيح مسلم» ، الجزء الخامس ، في أوّله ، على حدّ كرّاسَين ، في تفسير سورة الزخرف ؛ فلاحظ!

(٢) سورة النساء ٤ : ٩٣.

(٣) سورة المائدة ٥ : ٤٤.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٤٥.

(٥) سورة المائدة ٥ : ٤٧.

(٦) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ١ / ١٥٩ ح ١٢٢ ، وانظر : صحيح البخاري ٢ / ٢٨٠ ح ١٥٦.

٥٥٧

وفي «الجمع بين الصحيحين» ، أنّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى صلاة المسافر بمنى وغيرها ركعتين ، وكذا أبو بكر ، وعمر ، وعثمان في صدر خلافته ، ثمّ أتمّها أربعاً(١) .

وفيه : عن عبد الله بن عمر ، قال : «صلّى بنا رسول الله بمنى ركعتين ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان صدراً من خلافته ، ثمّ إنّ عثمان صلّى بعد أربعاً»(٢) .

وروى الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» ، من عدّة طرق ، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى في السفر دائماً ركعتين(٣) .

فكيف جاز لعثمان تغييرُ الشرع وتبديله؟!

وفي تفسير الثعلبي ، في قوله تعالى :( إنْ هذان لَساحران ) (٤) ، قال عثمان : إنّ في المصحف لحناً ، واستسقمه(٥) العربُ بألسنتهم.

فقيل له : ألا تُغيّره؟!

فقال : دعوه! لا يُحلّلُ حراماً ولا يُحرِّمُ حلالا(٦) !

وفي «صحيح مسلم» ، أنّ رجلا مدح عثمان ، فجثا المِقداد على

__________________

(١) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ٢ / ١٩٤ ذ ح ١٢٩٩ ، وانظر : صحيح مسلم ٢ / ١٤٦.

(٢) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ٢ / ١٩٤ ، وانظر : صحيح البخاري ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ح ١١٧ وص ٣١٢ ح ٢٤٠ ، صحيح مسلم ٢ / ١٤٥ ـ ١٤٦ ، أمالي ابن سمعون : ١٩٥ ح ١٧٧.

(٣) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٥ ح ١٢٩٩.

(٤) سورة طه ٢٠ : ٦٣.

(٥) كذا في الأصل ، وفي «نهج الحقّ» : «وستقوّمه» ، وفي تفسيرَي الثعلبي والقرطبي : «وستقيمه».

(٦) تفسير الثعلبي ٦ / ٢٥٠ ، وانظر : تفسير القرطبي ١١ / ١٤٥.

٥٥٨

ركبتيه ـ وكان رجلا ضخماً ـ فجعل يحثو في وجهه الحصى(١) .

مع أنّ المِقداد كان عظيم الشأن ، كبير المنزلة ، حسن الرأي(٢) ، قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «قدَّ مِنّي قدّاً »(٣) .

__________________

(١) انظر : صحيح مسلم ٨ / ٢٢٨ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٥ / ٢٥٥٤ رقم ٦١٧٠.

(٢) والذي يدلّ على عظيم شأنه ، وسموّ منزلته ، ورجاحة عقله ، وحسن رأيه ، رضوان الله عليه ، بعد سبقه إلى الإسلام ، إذ كان سابع من أسلم ، وحضوره مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاهده كلّها ، ذا كعب عال في الجهاد ، إذ كان فارس المسلمين يوم بدر :

قوله لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر ـ بعدما قال الشيخان من أقوال مثبّطة لعزائم المسلمين ـ : إنّا والله لا نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى :( إذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون ) ، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحقّ نبيا لو سرت بنا إلى بِرك الغُِماد ، لجالدنا معك من دونه ، حتّى نبلغه.

فضلا عن فضائله الباهرة التي امتاز بها عن بقيّة الصحابة ، كقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الله أمرني بحبّ أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم ».

قيل : يا رسول الله! سَمِّهم لنا؟

قال : «عليٌّ منهم ـ يقول ذلك ثلاثاً ـ ،وأبو ذرّ ، والمِقداد ، وسلمان ؛ أمرني بحبّهم ، وأخبرني أنّه يحبّهم ».

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الجنّة تشتاق إلى أربعة : عليّ ، وعمّار ، وسلمان ، والمِقداد ».

انظر : صحيح البخاري ٥ / ١٨٠ ح ٤ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٣ ح ١٤٩ ، مسند الروياني ١ / ٢٠ ـ ٢١ ح ٢٨ و ٢٩ ، المعجم الكبير ٦ / ٢١٥ ح ٦٠٤٥ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١١٩ رقم ٤٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٩١ ـ ٣٩٣ ح ٥٤٧٩ ـ ٥٤٨٨ ، حلية الأولياء ١ / ١٧٢ رقم ٢٨ وص ١٩٠ ، الاستيعاب ٤ / ١٤٨١ ـ ١٤٨٢ ، أُسد الغابة ٤ / ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٧ و ٣٠٧ ، كنز العمّال ١١ / ٧٥٤ ح ٣٣٦٧١ و ٣٣٦٧٣ و ٣٣٦٧٥.

(٣) نهج الإيمان ـ لابن جبر ـ : ٥٨٨.

٥٥٩

وهذا يدلُّ على سقوط مرتبة عثمان عنده ، وأنّه لا يستحقّ المدحَ ، مع أنّ الصحابة قد كان يمدح بعضُهم بعضاً من غير نكير.

٥٦٠