دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

دلائل الصدق لنهج الحق3%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-360-8
الصفحات: 601

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98365 / تحميل: 4662
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٦٠-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

( أُولئك همُ الظالمون ) (١) .

فلمّا بلغ عثمان ما أنزل الله فيه ، أتى النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقرّ لعليّ بالحق»(٢) .

__________________

(١) سورة النور ٢٤ : ٥٠.

(٢) انظر : الطرائف ـ لابن طاووس ـ : ٤٩٣ ـ ٤٩٤ عن السُدي ، تفسير عليّ بن إبراهيم ٢ / ٨٣.

٥٨١

وقال الفضل(١) :

هذه الكلمات والمفتريات من تفاسير الشيعة.

وأمّا المفسّرون من أهل السنة ، ذكروا أنّها نزلت في شأن المنافقين ، لمّا لم يرضوا بحكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقالوا للزبير ـ عند المخاصمة والرفع إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحكم النبيّ للزبير ـ : إنّه كان ابنَ عمّتك! فأنزل الله هذه الآيات.

وآثار الكذب والافتراء على هذه الكلمات لائحٌ لمن له أدنى درية في معرفة الحديث والأخبار.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٨٦ الطبعة الحجرية.

٥٨٢

وأقول :

لا محلّ لكلامه بعد كون السُدي من مشاهير مفسّريهم وقدمائهم ، كما ستعرف(١) .

وأمّا ما نسبه إلى مفسّريهم ، فالظاهر أنّه كاذبٌ فيه ؛ لأنّ الرازي لم يذكره في تفسيره ، الذي هو أجمع كتبهم لأقوالهم ، ولا سيّما إذا تعلّقت بمكرمة أحد أوليائهم.

وإنّما نقل فيه ثلاثة أقوال ، عن مقاتل ، والضحّاك ، والحسن ، وليس هذا منها(٢) .

كما لم يذكره السيوطي في «الدرّ المنثور» ، وهو أجمع تفاسيرهم للأخبار(٣) .

ويقرِّب كذبَ الخصم اضطرابُ الأمر عليه ، فقال : «إنّه كان ابن عمتك».

ولو صحّ الحديث ، لقالوا للزبير : إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ابنَ خالك ، أو : كنتَ ابنَ عمته!

__________________

(١) سيأتي ذلك في الصفحة ٥٩٤ ، من هذا الجزء.

(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ٢١.

(٣) انظر : الدرّ المنثور ٦ / ٢١٣.

٥٨٣

أراد عثمان أن يتهود

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : ما رواه السُدِّي في تفسير قوله تعالى :( يا أيّها الّذين آمنوا لا تّتخذوا اليهود والنصارى أولياءَ بعضهمُ أولياءُ بعض ) (٢) الآية.

قال السُدِّي : «لمّا أُصيب النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأُحد ، قال عثمان : لألحقنَّ بالشام ، فإنّ لي به صديقاً من اليهود ، فلآخذنّ منه أماناً ، فإنّي أخافُ أن يدالَ علينا اليهود.

وقال طلحة بن عبيد الله : لأخرجَنّ إلى الشام ، فإنّ لي به صديقاً من النصارى ، فلآخذنّ منه أماناً ، فإنّي أخاف أن يدال علينا النصارى.

قال السُدي : فأراد أحدُهما أن يتهود ، والآخر أن يتنصّر.

قال : فأقبل طلحة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده عليٌّ ، فاستأذنه طلحةُ في المسير إلى الشام ، وقال : إنّ لي بها مالا ، آخذه ثمّ أنصرف.

فقال له النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : عن مثلها مِن حال تخذلنا ، وتخرج وتدعنا؟!

فأكثر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الاستئذان ، فغضب عليٌ (عليه السلام) ، وقال : يا رسول الله! ائذن لابن الحضرميّة ؛ فوالله لا عزَّ مَن نصرَهُ ، ولا ذلَّ من خذله.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٥١.

٥٨٤

فكفّ طلحةُ عن الاستئذان عند ذلك ، فأنزل الله تعالى فيهم :( ويقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا بالله جَهد أيمانهم إنّهم لمعكم حبطت أعمالهم ) (١) يعني : أُولئك(٢) .

يقول : إنّه يحلف لكم أنّه مؤمنٌ معكم ، فقد حبط عمله بما دخل فيه من أمر الإسلام حتّى نافق فيه»(٣) .

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٣.

(٢) المراد من قوله تعالى ـ حكاية عن قول المؤمنين ـ : (أهؤلاء) ، أي أُولئك النفر الّذين نافقوا ، المذكورون في الرواية.

(٣) انظر : تفسير السُدي الكبير : ٢٣١ ، تفسير مقاتل ١ / ٣٠٥ ، تفسير الطبري ٤ / ٦١٦ ح ١٢١٦٥ ، تفسير ابن أبي حاتم ٤ / ١١٥٥ ـ ١١٥٦ ح ٦٥٠٧ ، تفسير الثعلبي ٤ / ٧٦ ، زاد المسير ٢ / ٢٢٣ ، تفسير القرطبي ٦ / ١٤٠ ، تفسير الخازن ١ / ٤٦٥ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٦٥ ، الدرّ المنثور ٣ / ٩٩ ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : ٤٩٤.

٥٨٥

وقال الفضل(١) :

اتّفق جميعُ أهل التفسير ، أنّ الآية نزلت في عبادة بن الصامت ، وعبد الله بن أُبَيّ بن سلول ، حين قال عبادة لعبد الله ـ وكان عبادةُ مؤمناً خالصاً ، وكان عبد الله منافقاً ـ : إنّي تركت كلّ مودّة وموالاة كانت لي مع اليهود ، ونبذت كلّ عهد لي كان معهم.

وقال عبد الله : لا أترك مودّة اليهود وموالاتهم وعهدهم ؛ فإنّي أخشى الدوار ، وينفعني موالاتهم.

فأنزل الله تعالى :( يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنصارى أولياءَ بعضُهم أولياءُ بعض ) (٢) الآية(٣) .

فأخذ الروافض هذا وجعلوه في حقّ كبار الصحابة ، وقد أنزله الله في شأن المنافقين ؛ كالخوارج الّذين جعلوا الآيات التي نزلت في شأن اليهود والنصارى ، حجّةً على الخروج على الإمام وأَوّلوه في أهل القِبلة.

وكلُّ ذلك خطأٌ.

وأمّا ما ذكره في شأن نزول الآية ، أنّها نزلت في عثمان وطلحة ،

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٨٧ الطبعة الحجرية.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٥١.

(٣) انظر : تفسير الطبري ٤ / ٦١٥ ـ ٦١٦ ح ١٢١٦٢ ـ ١٢١٦٤ ، تفسير ابن أبي حاتم ٤ / ١١٥٥ ح ٦٥٠٦ ، تفسير الثعلبي ٤ / ٧٥ ـ ٧٦ ، زاد المسير ٢ / ٢٢٣ ، تفسير الفخر الرازي ١٢ / ١٧ ، تفسير القرطبي ٦ / ١٤٠ ، تفسير الخازن ١ / ٤٦٥ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٦٥ ، الدرّ المنثور ٣ / ٩٨.

٥٨٦

فكذبه ظاهرٌ في غاية الظهور ؛ لأنّ طلحة في غزوة أُحد ابتُلي بلاءً حسناً ، حتّى إنّ يده شُلّت لمّا جعلها فداءً لوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين تفرّق الأصحاب ، فحمى طلحةُ وجهَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من السيف بيده ، وقطعت يده.

ومن المقرَّرات أنّه ابتُلي يوم أُحد بما لم يبتل به أحدٌ من المسلمين.

ثمّ إنّه يذكر طلحةَ كان يريد الفرار إلى الشام ليتنصّر ، أُفّ له من كذّاب مفتر.

وأمّا عثمان ، فإنّه كان مزوَّجاً بابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كان يترك بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد سوابق الإسلام ، ويريد التهوّد من إدالة اليهود على الحجاز؟!

وأيُّ ملك كان يهودياً في الشام ، حتّى يستولي على الحجاز؟!

ثمّ إنّه لِمَ لَم يرجع إلى أبي سفيان ويستأمن منه ، وهو ابن عمّه ، وكان كلُّ المخافة ـ التي يدّعيها ـ من أهل مكّة ، وكان أبو سفيان رئيس قريش ، وسيّد الوادي؟!

والغرض : إنّ هذا الجاهل بالأخبار وأضرابه ـ من السُدي ، وغيره من رفضَة حِلّة ـ لا يعلمون الوضع ، ولا يخافون الافتضاح عند العلماء.

والحمد لله الذي فضح ابن المطهّر في مطاعنه ، بما وفّقنا من ردّ ما ذكرَ من المطاعن ، بالدلائل العقليّة ، والبراهين النقليّة ، بحيث لا يرتاب أحدٌ ممّن ينظر في هذا الكتاب ، أنّه على الباطل ، وأنّنا على الحقِّ الأبلج ، وصار مطاعنه ملاعنه.

ونِعمَ ما قلتُ شعراً [من الوافر] :

٥٨٧

أَجَبنا عن مطاعنِ رافضيّ

على الأخلافِ والأصحابِ طاعنْ

فَيَلْعَنُهُ الذَّكيُّ إذا رآهُ

فصيّرْنا مطاعِنهُ ملاعنْ

والحمد لله على هذا التوفيق.

٥٨٨

وأقول :

عُبادةُ هذا : عَقَبيٌّ بدريٌّ أُحديٌّ شَجَريٌّ(١) ، شهد المشاهد كلّها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال في «أُسد الغابة» : شهد العقبة الأُولى والثانية ، وشهد بدراً ، وأُحداً ، والخندق ، والمشاهدَ كلّها.

وكان أحد نقباء الأنصار ، بايع رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن لا يخاف في الله لومة لائم»(٢) .

وروى الحاكم ـ وصحّحه مع الذهبيِّ ـ على شرط الشيخين ، في مناقب عبادة(٣) ، عن عبادة ، قال : «بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن لا نخاف في الله لومة لائم».

وكأنّه لوفائه بهذه البيعة رُويت عنه القصّة التي ذكرها الخصمُ.

وأنكر على معاوية منكَراته ، في أيّام عمر وبعده

روى الحاكم(٤) ، عن قبيصة بن ذؤيب ، أنّ عبادة أنكر على معاوية

__________________

(١) أي من أصحاب بيعة الشجرة.

وهو : عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر الخزرجي ، كان عبادة رجلا طوالا جسيماً جميلا ، وهو أوّل من وليَ قضاء فلسطين ، توفّي سنة ٣٤ هـ ببيت المقدس ، ودُفن بها ، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٢٧١ رقم ٣٦٩٤ ، الاستيعاب ٢ / ٨٠٧ رقم ١٣٧٢ ، أُسد الغابة ٣ / ٥٦ رقم ٢٧٨٩.

(٢) أُسد الغابة ٣ / ٥٦ و ٥٧ رقم ٢٧٨٩.

(٣) ص ٣٥٦ ج ٣ [٣ / ٤٠١ ح ٥٥٢٦]. منه (قدس سره).

(٤) ص ٦٥٥ ج ٣ [٣ / ٤٠٠ ح ٥٥٢٣]. منه (قدس سره).

٥٨٩

أشياء ، ثمّ قال له : لا أُساكنك بأرض ؛ فرحل إلى المدينة.

فقال له عمر : ما أقدمك إليّ؟! لا يفتح الله أرضاً لستَ فيها أنت وأمثالك ، انصرف لا إمرة لمعاوية عليك!

وروى أحمد في «مسنده»(١) ، أنّ عبادة قال لأبي هريرة : «يا أبا هريرة! إنّك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إنّا بايعناه على السمع والطاعة ، في النشاط والكسل وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله ولا نخاف لومة لائم فيه ، وأن ننصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولنا الجنّةُ.

فهذه بيعةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي بايعنا عليها ، فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وفّى الله بما بايع عليه نبيّه.

فكتب معاوية إلى عثمان : إنّ عبادة بن الصامت قد أفسد علَيَّ الشام وأهله ، فإمّا تكنّ إليك عبادة ، وإمّا أُخلّي بينه وبين الشام.

فكتب إليه أن رحل عبادة ـ إلى أن قال : ـ فلم يفجأ عثمانُ إلاّ وهو قاعدٌ في جنب الدار ، فالتفت إليه ، فقال : يا عبادة بن الصامت! ما لنا ولك؟!

فقام عبادةُ بين ظهريّ الناس ، فقال : سمعتُ رسول الله أبا القاسم محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول :إنّه سيلي أموركم بعدي رجالٌ يُعرِّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تعتلوا بربّكم ».

__________________

(١) ص ٣٢٥ ج ٥. منه (قدس سره).

٥٩٠

وروى الحاكم ، عن عبادة ، نحو هذا الخبر الذي أخبر به عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بين ظهريّ الناس(١) .

فيا رحمَ الله عبادة ، ولقّاه رحمةً ورضواناً ، كأنّه أبو ذرّ في إنكاره المنكَر ، وابتلائه ببني أُميّة.

لكنّه نال في الجملة من عمر أن لا إمرة لمعاوية عليه ، وإن لم يعزل معاوية عن سلطانه الذي تسلّط به على المنكَرات ، وعزّ على عبادة مساكنته معها ، وكان حقاً على عمر أن يعزل معاوية لأجلها.

وقد أراد عبادةُ بروايته المذكورة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّ عثمان ومعاوية من الولاة الذي يأمرون بالمنكَر ، وينكرون المعروف ، وأنّهم عصاة لله لا طاعة لهم ؛ وهذا من أكبر الطعن بعثمان.

كما أنّ قول عثمان : «ما لنا ولك؟!» ، دالٌّ على أنّ إنكار عبادة للمنكَر مناف لسلطانه ، ومضرٌّ بشؤونه!

ثمّ إنّ دعوى الخصم اتّفاق جميع المفسّرين على نزول الآية في عبادة وابن سلول

كاذبةٌ ؛ لِما في «الدرّ المنثور» ، عن ابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة ـ الذي هو من أكبر مفسّريهم ـ أنّه قال في جملة كلام له في تفسير الآية : «كان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام»(٢) .

وفيه ـ أيضاً ـ ، عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السُدِّي ، نحو ما ذكره المصنّف (رحمه الله) ، إلاّ أنّه لم يسمّ الرجلين اللذين خافا أن يدال اليهود

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠١ ح ٥٥٢٨.

(٢) الدرّ المنثور ٣ / ٩٩.

٥٩١

والنصارى ، وأراد أحدهما التهود ، والآخر التنصر(١) .

والظاهر أنّه من إرادة الراوي عن السُدِّي السترَ على الرجلين ، وإلاّ فقد نقل المصنّف (رحمه الله) ، أنّه سمّاهما.

وبالجملة : طلحةُ في قول عكرمة والسُدِّي ممّن نزلت فيه الآية ، واختلفا في الآخر ، فقال عكرمة : هو الزبير ، وقال السُدِّي : هو عثمان ، على ما حكاه المصنّف (رحمه الله) عنه.

وأمّا ما استدلّ به الخصم على كذب نزولها في طلحة ، من أنّه ابتُلي بلاءً حسناً حتّى شُلّت يده

فباطلٌ ؛ لِما عرفت في مطلب جهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ كثيراً من أخبارهم دالّةٌ على فرار طلحة ، فأيُّ ابتلاء له لولا دعواه؟!

وعرفتَ أنّ الشلل ـ وما هو أعظم منه ـ قد يقع حال الهزيمة(٢) .

ومن المضحك أنّه مرّة يقول : «شُلّت يده» ، وأُخرى يستحقر ذلك فيقول : «قُطعت يده» ، مع عدم وروده في شيء من أخبارهم ، وقد ورد فيها أنّه شُلّ إصبعه(٣) .

وزعم أيضاً : أنّه وقى وجه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من السيف ؛ ليكون أمكن في مدح طلحة وشجاعته.

ولم أجد في أخبارهم ذِكر السيف ، وإنّما رووا عنه أنّه وقاه من

__________________

(١) الدرّ المنثور ٣ / ٩٩ ، وانظر : تفسير السُدي الكبير : ٢٣١ ، تفسير ابن أبي حاتم ٤ / ١١٥٥ ـ ١١٥٦ ح ٦٥٠٧.

(٢) راجع : ج ٦ / ٤١٠ ـ ٤١٣ ، من هذا الكتاب.

(٣) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٦٢ ، الاستيعاب ٢ / ٧٦٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٦٨.

٥٩٢

السهم(١) .

وأما ما استدلّ به على عدم نزولها بعثمان

فليس في محلّه أيضاً ؛ لأنّ تزويجه ببنت النبيّ أو ربيبته ، لا يمنعه من التوسّل إلى حفظ نفسه العزيزة جبناً ؛ ولذا فرّ ، ولم يعد إلاّ بعد ثلاثة أيام وحصول الأمان(٢) .

وقوله : «أيُّ يهودي كان ملِكاً بالشام؟!»

خطأٌ نشأ من عدم فهم الرواية ، فإنّ معناها : أنّه أراد أن يأخذ أماناً من صديقه اليهودي ؛ ليتّخذه وسيلة عند يهود الحجاز ، وذلك لا يستدعي كونه ملِكاً ، بل يكفي أن يكون وجيهاً مرعيَّ الجانب عند يهود الحجاز ، الّذين خاف عثمان أن تكون لهم الدولة.

وطلب ابن سلول ـ مع شرفه ـ مودّتهم خشية الدوار ، كما ذكره الخصمُ.

وأما قوله : «لِمَ لم يرجع إلى أبي سفيان ...» إلى آخره

ففيه : إنّ الرجوع إليه لا يمكن إلاّ بالمجاهرة بعداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ إذ لا علّة له في الذهاب إلى مكّة ، كما يتعلّل بالمال والتجارة لو ذهب إلى الشام ، كما تعلّل به طلحة.

ولو جاهر بعداوة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، خاف أن تكون له الدولة فتناله العقوبة!

__________________

(١) انظر : الاستيعاب ٢ / ٧٦٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٦٨.

(٢) انظر : السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ٣٣٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٩ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٥٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٣ ، السيرة الحلبية ٢ / ٥٠٤.

وراجع : ج ٦ / ٤٠٠ ، من هذا الكتاب.

٥٩٣

على أنّه يجوز أن يكون عثمان يعلم أنّ أبا سفيان لم يقبله بأوّل وهلة ، فيناله التحقيرُ الكثير ، فاختار أيسر الطريقين.

وأما ما نسبه إلى السُدي من الرفض

ففيه : أنّ السُدِّي ، وهو : إسماعيل بن عبد الرحمن ، من قدماء مفسِّريهم ومشاهيرهم(١) ، ولا تخلو تفاسيرهم من أقواله ، إلاّ ما يضرُّ بشؤون خلفائهم.

وقد روى عنه جميع أرباب صحاحهم الستّة ، إلاّ البخاريّ.

وقال ابنُ حجر في «التقريب» : صدوق(٢) .

وقال في «تهذيب التهذيب» : قال العجليُّ : ثقةٌ ، عالمٌ بالتفسير ، راويةٌ له.

وقال أحمد : ثقة.

وقال يحيى بن سعيد القطّان : ما رأيت أحداً يذكره إلاّ بخير ، وما تركه أحد.

وقال ابنُ عديِّ : هو عندي مستقيم الحديث ، صدوق(٣) .

وذكر أكثر هذا في «ميزان الاعتدال» ، وقال : رُميَ بالتشيّع(٤) .

__________________

(١) انظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ١ / ٣٦١ رقم ١١٤٥ ، الجرح والتعديل ٢ / ١٨٤ رقم ٦٢٥ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٦٤ رقم ١٢٤ ، تهذيب التهذيب ١ / ٣٢٤ رقم ٤٩٩.

وقد تقدّمت ترجمته المفصّلة ووثاقته عند الجمهور في : ج ٦ / ٢٦٥ هـ ٤ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٩٧ رقم ٤٦٤.

(٣) تهذيب التهذيب ١ / ٣٢٤ رقم ٤٩٩ ، وانظر : الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عديّ ـ ١ / ٢٧٨ رقم ١١٦.

(٤) ميزان الاعتدال ١ / ٣٩٥ رقم ٩٠٨.

٥٩٤

أقول :

لا يبعد أنّ المنشأ في هذا الرمي ، روايتُه لبعض تلك المطالب في خلفائهم ، وبعض فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما رموا الحاكم والنسائيّ وغيرهما بالتشيّع(١) ؛ لأنّهم يجدون لهم إنصافاً في الجملة ، وهو خلاف طريقتهم ؛ إذ لا يقنعهم من الرجل إلاّ أن يروا عليه أثر النصب في جميع أقواله وأفعاله ، وأن لا يتعرّض لرواية شيء من مساوئ خلفائهم وأوليائهم ، حتّى لو وقعت منه صدفةً ، وكان ما رواه مشهوراً.

ولو فُرضَ أنّ السُّدِّي من الشيعة ، فما ضرّه بعدما احتجّ به أهلُ صحاحهم ، ووثّقه علماؤهم ، كما عرفت.

وأما قوله : «لا يعلمون الوضع»

فصحيحٌ ؛ فإنّا بحمد الله لا نستحلّه ولا نألفه ، ولا ننقل شيئاً عنهم إلاّ بعد أن نراه ، وقد أوقفناك على محالِّ النقل من كتبهم ، فإنْ صدقوا في روايتها ، فهو المطلوب ، وإنْ كذبوا ، فالذنب منهم وعليهم ، ولسنا مثلهم نختلقُ ما لا أصلَ له ، كما عرفته من هذا الخصم مراراً.

وما زالوا يكذبون على الشيعة ، وينسبون إليهم ما لا أثر له في كتبهم ، ولا يمرُّ على بال أحد منهم(٢) !

__________________

(١) انظر : سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٢ ـ ١٣٣ رقم ٦٧ ترجمة النسائي وج ١٧ / ١٦٥ و ١٦٨ رقم ١٠٠ ترجمة الحاكم النيسابوري.

وراجع : ج ١ / ٢٣ ـ ٢٤ ، من هذا الكتاب.

(٢) جاء في النسخة المخطوطة ـ هنا ـ ما نصه :

وأما ما زعمه من ردّ ما ذكره المصنّف ، فقد وكلناه إلى إنصاف الحكم.

وما قاله من الشعر غلط على سفالته ؛ لأنّه أراد بالأخلاف : الخلفاء ، وقد

٥٩٥

__________________

ذكر في «القاموس» [٣ / ١٤١ مادّة «خلف»] أنّ الأخلاف هم العبيد أو الأولاد ، المختلفون بالطول والقصر ، أو البياض والسواد.

وينبغي أن نعرض عن معارضة شعره بمثله ، بل نمدح المصنّف بما هو حقيق فيه ، ونقول :

أحاميةَ الهدى! ما زِلتَ تُصْمي

بمزْبَرِكَ العُداةَ ولا تُداهِنْ

ب ـ «نهجِ الحقّ» سِرْتَ لهم دليلا

وجُزْتَ مَخاوفاً في قلبِ آمنْ

لقد شَكرَ الإلهُ لكَ المَساعي

فما شُكري وسخطُ ذَوي الضغائنْ؟!

منه (قدس سره).

نقول :

يقال : أَصْمَيْتَ الصيدَ إذا رميتَه فقتَلتَه وأنت تراه ، وأَصْمى الرَّمِيّة : أَنفذَها ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٤١٥ مادّة «صما».

والمزْبَرُ : القلم ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ١١ مادّة «زبر».

٥٩٦

الفهرس المحتويات

[المطلب الأوّل] ٧

تسمية أبي بكر بخليفة رسول الله ٧

المطلب الأوّل ٧

في المطاعن التي رواها السُنّة في أبي بكر ٧

وقال الفضل : ٩

وأقول : ١٠

أبو بكر في جيش أُسامة ١٥

وقال الفضل : ١٦

وأقول : ١٧

قول أبي بكر : إنّ لي شيطاناً ٢٣

وقال الفضل : ٢٤

وأقول : ٢٥

بيعة أبي بكر فلتة ٣٢

وقال الفضل : ٣٣

وأقول : ٣٥

قول أبي بكر : أقيلوني ٤٣

وقال الفضل : ٤٤

وأقول : ٤٥

تشكيك أبي بكر ٥١

في حقّ الأنصار بالخلافة ٥١

وقال الفضل : ٥٢

وأقول : ٥٣

تمنّيات أبي بكر ٥٦

وقال الفضل : ٥٧

٥٩٧

وأقول : ٥٨

أبو بكر لم يُوَلَّ شيئاً من الأعمال ٦٠

وقال الفضل : ٦١

وأقول : ٦٤

منع فاطمة إرثها ٧٢

وقال الفضل : ٧٦

وأقول : ٨٢

طلب إحراق بيت عليّ ١٣٢

وقال الفضل : ١٣٧

وأقول : ١٤٨

المطلب الثاني ١٧٩

قصة الدواة والكتف ١٧٩

المطلب الثاني ١٧٩

في المطاعن التي نقلها السنة عن عمر بن الخطّاب ١٧٩

وقال الفضل : ١٨١

وأقول : ١٨٣

إيجابه بيعة أبي بكر ٢٠٠

وقصد بيت النبوّة بالإحراق ٢٠٠

وقال الفضل : ٢٠٢

وأقول : ٢٠٣

إنكاره موت النبيّ ٢٠٦

وقال الفضل : ٢٠٧

وأقول : ٢٠٩

لولا عليٌّ لهلك عمر ٢١٤

وقال الفضل : ٢١٥

وأقول : ٢١٦

٥٩٨

منعه من المغالاة في المهر ٢٢٠

وقال الفضل : ٢٢٢

وأقول : ٢٢٤

قصة تسوّر عمر على جماعة ٢٣٠

وقال الفضل : ٢٣٢

وأقول : ٢٣٤

أُعطيات عمر من بيت المال ٢٤١

وقال الفضل : ٢٤٣

وأقول : ٢٤٥

تعطيل حدّ المغيرة بن شعبة ٢٥٠

وقال الفضل : ٢٥٢

وأقول : ٢٥٤

مفارقات عمر في الأحكام ٢٧٠

وقال الفضل : ٢٧١

وأقول : ٢٧٢

تحريم عمر متعة النساء ٢٨٢

وقال الفضل : ٢٨٧

وأقول : ٢٨٩

تحريم عمر لمتعة الحجّ ٣١٦

وقال الفضل : ٣١٧

وأقول : ٣١٨

قصة الشورى ٣٢٩

وقال الفضل : ٣٣٣

وأقول : ٣٣٧

٥٩٩

مخترعات عمر ٣٥٨

وقال الفضل : ٣٦٢

وأقول : ٣٦٩

المطلب الثالث ٤٠٩

ما رواه الجمهور في حقّ عثمان ٤٠٩

المطلب الثالث ٤٠٩

في المطاعن التي رواها الجمهور عن عثمان ٤٠٩

وقال الفضل : ٤١٤

وأقول : ٤١٥

إيواؤه الحكم بن أبي العاص ٤٣٢

وقال الفضل : ٤٣٥

وأقول : ٤٣٧

إيثار عثمان لأهل بيته بالأموال العظيمة ٤٤١

وقال الفضل : ٤٤٣

وأقول : ٤٤٥

ما حماه عن المسلمين من الماء والكلأ ٤٥٤

وقال الفضل: ٤٥٥

وأقول : ٤٥٦

صرفه للصدقة في غير وجهها ٤٥٨

وقال الفضل : ٤٥٩

وأقول : ٤٦٠

ضربُه لعبد الله بن مسعود ٤٦٣

وقال الفضل : ٤٦٤

وأقول : ٤٦٥

٦٠٠

601