موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 229598 / تحميل: 6861
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

كما أنّي أهملت التصريح بمرامي في مواضع عديدة من الكتاب ، حتّى لا تسدّد نحوي سهام العتاب والملامة ، بل صرّحت غفلة بخلافه ، وإنّما اكتفيت بالتلميح إلى مرامي في ص ٢٢ بالقول : إذ المهمّ حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع بين الدفتين ، كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد ص ٢٦ »(١)

هذا رأينا في الكتاب ، أمّا رأينا في صاحبه ، فيقول الشيخ لطف الله الصافي : « لم نر في علماء الإمامية ومشايخهم من يعتني بكتاب فصل الخطاب ، ويستند إليه ، وليس بينهم من يعظّم المحدّث النوري لهذا التأليف ، ولو لم يصنّف هذا الكتاب لكان تقدير العلماء عن جهوده في تأليفه غيره من المآثر الرائعة ، كالمستدرك وكشف الأستار وغيرهما ، أزيد من ذلك بكثير ، ولنال من التقدير والإكبار أكثر ما حازه من العلماء وأهل الفضل ، وليست جلالة قدر الرجل في العلم والتتبع والإحاطة بالحديث ممّا يقبل الإنكار »(٢)

« ـ البحرين ـ ١٣ سنة ـ طالبة »

موقفنا من الجزائري وما ورد في كتابه :

س : ما هو موقف الشيعة من مقولة السيّد نعمة الله الجزائري صاحب كتاب « الأنوار النعمانية » ، حيث يقول فيه : « أنّنا لا نشترك معهم في إله ولا نبيّ » ؟ يقصد أهل السنّة ، وأشكر حسن تعاونكم

ج : لقد أوضح السيّد نعمة الله الجزائري مراده في نفس الصفحة ، هو : « إنّ الأشاعرة لم يعرفوا ربّهم بوجه صحيح ، بل عرفوه بوجه غير صحيح ، فلا فرق بين معرفتهم هذه ، وبين معرفة باقي الكفّار ، لأنّه ما من قوم ولا ملّة إلّا وهم يدينون بالله سبحانه ويثبتونه ، وأنّه الخالق ، سوى شرذمة شاذّة وهم الدهرية ، وأسوأ الناس حالاً المشركون أهل عبادة الأوثان ، ومع هذا فهم إنّما يعبدون
______________________

(١) أعلام الشيعة ١ من القسم الثاني / ٥٥٠

(٢) مع الخطيب في خطوطه العريضة : ٨٧

٤٢١

الأصنام لتقرّبهم إلى الله سبحانه زلفى ، فقد عرفوا الله سبحانه بهذا الباطل ، وهو كون الأصنام مقرّبة إليه ، وكذلك اليهود ، حيث قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى حيث قالوا : المسيح ابن الله ، فهما قد عرفاه سبحانه بأنّه ربّ ذو ولد ، فقد عرفاه بهذا العنوان ، وكذلك من قال بالجسم والصورة والتخطيط ، و .

فقد تباينا وانفصلنا عنهم في الربوبية ، فربّنا من تفرّد بالقدم والأزل ، وربّهم من كان شركاؤه في القدم ثمانية

وكذلك الحال بالنبوّة ، فالنبيّ الذي خليفته أبو بكر ليس نبيّنا ، بل نبيّنا الذي أوصى بالإمامة بعده لعليعليه‌السلام ، فهذا النبيّ الذي تصفونه بهذه المواصفات التي لا تنطبق على المواصفات التي نقولها للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هي التي جعلتنا لا نقول بذلك النبيّ مع تلك المواصفات »

أمّا رأينا في السيّد الجزائري فهو من محدّثي الطائفة الذين دأبوا على جمع الأخبار والتعليق عليها ، والعلماء ينظرون إليه بالامتنان للجهود التي بذلها في إيصال الأخبار إلينا ، وهم غير ملزمين بالأخذ بكلّ ما يقوله المحدّث الجزائري من آرائه العلمية ، بل هو ثقة في نقله الأخبار

٤٢٢

إقامة المجالس لإحياء أمر أهل البيتعليهم‌السلام :

« قاسم لاجوردي نيا ـ إيران ـ »

أسباب إقامتها :

س : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ؟

ج : إنّ المثل العليا والقيم الساعية التي جسّدها الإمام الحسينعليه‌السلام في الطفّ ، جعلت السائرين على نهجه ، والمرتبطين به يحيون ذكراه ، وينشرون مآثره ، باعتبارها خير أسوة يتأسّى بها الناس

فإحياء الذكريات التي تمثّل منعطفاً بارزاً ، وتحوّلاً نوعياً في حياة الأُمم ، أمر طبيعي وغير مستهجن ، لأنّه نابع من ذات الإنسان ، ومتصل بفطرته ، كما أنّ الأيّام تعتبر مزدهرة وخالدة ، ومتّصفة بالتميّز لوقوع الأحداث العظيمة فيها ، وأيّ حادثة أعظم من واقعة كربلاء ؟!

لقد بقيت هذه الواقعة معلماً شاخصاً في التاريخ ، لما جرى فيها من فجائع من جهة ، ولما رسمت فيها من صور مشرّفة من جهة أُخرى

فالشيعة يقيمون هذه المآتم ، ويحيون هذه الذكرى الأليمة من هذا المنطلق ، ومن منطلقات أُخرى ، منها :

١ ـ امتثال أمر الله تعالى ، والقاضي بمودّة العترة الطاهرة ، حيث قال تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) ، ومواساة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا المصاب الجلل من أظهر مصاديق المودّة ، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على
______________________

(١) الشورى : ٢٣

٤٢٣

الإمام الحسينعليه‌السلام ، وهو لم يزل في سني الطفولة

فقد ورد عن عائشة أنّها قالت : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أصحابه ، والتربة في يده ، وفيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وحذيفة ، وعمار ، وأبو ذر ، وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟! فقال :« أخبرني جبرائيل ، أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني بهذه التربة ، فأخبرني أنّ فيها مضجعه » (١)

٢ ـ نحن نقيم هذه الشعائر لأنّ فيها نصراً للحقّ وإحياءً له ، وخذلاناً للباطل وإماتة له ، وهذا الأمر من أجله أوجب الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

٣ ـ إنّ إحياءنا لهذه الذكرى ، حفظ لها من الضياع ، وصون لمبادئها من التزييف ، ولولا ذلك لاضمحلت ، وخبت جذوتها ، ولأنكرها المخالفون ، كما حاولوا إنكار غيرها !!

٤ ـ بإقامتنا لهذه الشعائر ـ لاسيّما المجالس الحسينية ـ نكشف عن منهج مدرستنا ، هذه المدرسة الجامعة لمختلف الطبقات والفئات ، حيث يعرض التفسير والتاريخ ، والفقه والأدب ، و فهي مؤتمرات دينية ، تطرح فيها مختلف المعارف والعلوم

٥ ـ إنّ إحياءنا لهذه الشعائر ، هو أفضل وأبسط وأنجح وسيلة لنشر الإسلام الأصيل ، لأنّها حية وغير معقّدة ، ولذلك كانت ولا زالت أشدّ تأثيراً في النفوس !

فالإحياء والمشاركة ، والتنمية لشعائر الحسينعليه‌السلام إحياء لذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه قال :« حسين منّي وأنا من حسين » (٢) فهماعليهما‌السلام من سنخ واحد ،
______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٨ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٧ ، كنز العمّال ١٢ / ١٢٣ فيض القدير ١ / ٢٦٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٧٣ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٠

(٢) كامل الزيارات : ١١٦ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٧ ، نظم درر السمطين : ٢٠٨ ، كشف اليقين : ٣٠٥ ، الناصريات : ٩٠ ، شرح الأخبار ٣ / ١١٢ ، أوائل المقالات : ١٧٨ ،

٤٢٤

وإحياء ذكرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إحياء للدين ، باعتباره الرمز الأوّل للإسلام

وهناك أسباب كثيرة توجب علينا إقامة هذه الشعائر ، فمن أرادها فليطلبها من مضانّها

« أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية »

إقامتها ليست بدعة :

س : ما ردّكم على من يعتبر لطم الصدور ومواكب العزاء بدعة ؟

ج : إنّ مجالس العزاء التي تقام لأهل البيتعليهم‌السلام ـ خصوصاً للإمام الحسينعليه‌السلام ـ بشكل عامّ ، أو التي تقام لذوي الفضل والفضيلة بشكل خاصّ ليست ببدعة

لأنّ البدعة هي : إدخال ما ليس من الدين في الدين ، ومجالس العزاء لذوي الفضل والفضيلة ـ فضلاً عن أهل البيتعليهم‌السلام والحسينعليه‌السلام ـ من الدين ، لوجود النصوص الشرعية من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيته المعصومينعليهم‌السلام ، على استحباب إقامتها ورجحانها ، منها :

١ ـ روى البخاري في صحيحه ، في باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن ، بسنده عن عائشة قالت : « لمّا جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قتل ابن حارثة ، وجعفر وابن رواحه ، جلس يعرف فيه الحزن »(١)

قال القسطلاني في الشرح بعد قوله : « جلس ، أي في المسجد ، كما في رواية أبي داود »(٢)

______________________

الإرشاد ٢ / ١٧٢ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥١٥ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٤٢٨ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٣ و ٢ / ٢٧٤ ، موارد الظمآن : ٥٥٤ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٩ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٢ و ١٠ / ٤٢٧ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩٩ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٢٤ ، إعلام الورى ١ / ٤٢٥ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٧٢ و ٤٤٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٤ و ٢٠٧ و ٤٨٢

(١) صحيح البخاري ٢ / ٨٣

(٢) إرشاد الساري ٣ / ٤٢١

٤٢٥

٢ ـ روى البخاري في صحيحه ، في الباب المذكور ، بسنده عن أنس قال : « قنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهراً حين قتل القرّاء ، فما رأيت رسول الله حزن حزناً قط أشدّ منه »(١)

فإذا جاز القنوت شهراً لإظهار الحزن عليهم ، جاز الجلوس لذلك ، ولنقتصر على هذا القدر من الروايات ، وإن أردتم التفصيل فعليكم بمراجعة كتاب « سيرتنا وسنّتنا » للعلّامة الأمينيقدس‌سره

وأمّا اللطم على الصدور ، فهو من حيث الأصل مباح شرعاً ، إذا كان القيام به لهدف مشروع ، وغرض عقلائي ، ولم يترتّب عليه ضرر كبير

ودليلنا الشرعي على جوازه ما رواه الشيخ الطوسي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« وقد شققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، الفاطميات على الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (٢) ، وأيضاً ذكره الشهيد في الذكرى(٣)

وهناك وجوه تدلّ على حسنه وصحّته ، نذكر أهمّها :

الأوّل : توقّع الثواب من الله سبحانه وتعالى والأجر ، حيث إنّ اللطم على الصدور هو مصداق من مصاديق إظهار الحزن ، وعلامة من علامات الحبّ والولاء الشديد لأهل البيتعليهم‌السلام المظلومين وللإمام الحسينعليه‌السلام ، الذي ضحّى بكلّ شيء من أجل الدين

الثاني : تعظيم شعائر أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعزيز عظمتهم وتكريم مقامهم أمام الرأي العام

الثالث : يرمز إلى تأييد الإمام الحسينعليه‌السلام في ثورته المباركة ، وإعلان الثورة العاطفية على الظلم والظالمين ، والتعبير عن أعمق مشاعر الاستنكار
______________________

(١) صحيح البخاري ٢ / ٨٤

(٢) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

(٣) الذكرى : ٧٢

٤٢٦

والسخط ضدّ أعداء الحقّ والعدل

إذاً ظهر من هذا أنّ اللطم على الصدور ليس ببدعة ، بل هو أمر جائز ، بل راجح إذا كان لأجل مظلومية أهل البيتعليه‌السلام ، لاسيّما الإمام الحسينعليه‌السلام

« موسى ـ السعودية ـ »

الأئمّة يقيمون العزاء على الحسين :

س : لو سمحتم أن توردوا لنا مصادر ـ سواء من كتبنا أو من كتب العامّة ـ على أنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، أو أحد الأئمّةعليهم‌السلام نصب عزاءً للإمام الحسينعليه‌السلام ، وأنّه كرّر ذكر مظلوميته في كلّ سنة ، وشكراً جزيلاً لكم

ج : أوّلاً : إنّ أوّل مجلس نصبه الإمام زين العابدينعليه‌السلام هو في الشام ، عندما خطب في ذلك الحشد ، وأخذ ينعى ويعدّد صفات أبيه ومظلوميته ، والناس من حوله تبكي ، فهذا مجلس عزاء أقامه الإمام زين العابدينعليه‌السلام في الجامع الأموي(١)

ثانياً : ما كان يفعله الإمام زين العابدينعليه‌السلام عند مروره بالقصّابين ، وتذكيرهم بمصاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأخذه البكاء أمامهم ، فإنّ هذا عزاء لأبيه الحسينعليه‌السلام في الملأ العام ، وليس فقط تذكير

ثالثاً : روى العلّامة المجلسي عن بعض مؤلّفات المتأخّرين أنّه قال : « حكى دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيّدي ومولاي علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام في مثل هذه الأيّام ـ يعني محرّم ـ فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب ، وأصحابه من حوله ، فلمّا رآني مقبلاً قال لي :« مرحباً بك يا دعبل ، مرحباً بناصرنا بيده ولسانه » ، ثمّ وسّع لي في مجلسه ، وأجلسني إلى جانبه ، ثمّ قال لي :« أن تنشدني شعراً ، فإنّ هذه الأيّام أيّام حزن كانت علينا أهل البيت ، وأيّام سرور كانت على أعدائنا ، خصوصاً بني أُمية ، يا دعبل من بكى وأبكى على
______________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٣٨

٤٢٧

مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله ، يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا ، يا دعبل من بكى على مصاب جدّي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة » ، ثمّ إنّهعليه‌السلام نهض وضرب ستراً بيننا وبين حرمه ، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدّهم الحسينعليه‌السلام ، ثمّ التفت إليّ وقال لي :« يا دعبل إرث الحسين عليه‌السلام فأنت ناصرنا ، ومادحنا ما دمت حيّاً ، فلا تقصّر عن نصرتنا ما استطعت » ، قال دعبل : فاستعبرت وسالت عبرتي ، وأنشأت أقول :

أفاطم لو خلت الحسين مجدّلاً

وقد مات عطشاناً بشط فراتِ

إذاً للطمت الخدّ عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات »(١)

فهنا الإمامعليه‌السلام عقد مجلساً لذكر جدّه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأمر بضرب الحجاب حتّى يسمع أهل بيته

رابعاً : روى العلّامة المجلسي عن بعض المؤلّفات ، أنّه لمّا أخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمةعليها‌السلام بقتل ولدها الحسينعليه‌السلام ، وما يجري عليه من المحن ، بكت فاطمة بكاءً شديداً ، وقالت :« يا أبت متى يكون ذلك » ؟ قال :« في زمان خالٍ منّي ومنك ومن علي » ، فاشتدّ بكاؤها وقالت :« يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له » ؟

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا فاطمة إنّ نساء أُمّتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كلّ سنة ، فإذا كان القيامة ، تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال ، وكلّ من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده ، وأدخلناه الجنّة » (٢)

خامساً : روى الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال :« إنّ ______________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ / ٢٥٦

(٢) المصدر السابق ٤٤ / ٢٩٢

٤٢٨

المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه القتال ، فاستحلّت فيه دماؤنا ، وهتكت حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا »

ثمّ قالعليه‌السلام : « كان أبي (صلوات الله عليه) إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيّام منه ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام »(١)

فالإمامعليه‌السلام أقام العزاء للإمام الحسينعليه‌السلام ، وجدّد مصيبته في كلّ محرّم بحزنه وبكائه ، وتغيّر لونه

وهناك روايات كثيرة واردة في أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يظهرون الحزن والعزاء عند دخول شهر محرّم ، نعم تبقى مسألة لابدّ من الالتفات إليها ، وهي حالة الأئمّةعليهم‌السلام وما كانوا عليه من المطاردة والمحاصرة ، والمراقبة المشدّدة من قبل الدولتين الأُموية ـ هي التي وقعت فيها معركة كربلاء ـ والعباسية ، ومعلوم موقف الدولتين من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، فلذلك لا تجد أنّ الإمام يقيم العزاء العام ، ويدعو الناس إليه كما يقام الآن ، لأنّه في رقابة وفي محاصرة تامّة من قبل السلطة ، ويريد أن يحفظ نفسه ، ويقوم بما هو المطلوب منه ، فلذلك لا نجد هذا الأمر بالكيفية التي عليها نحن اليوم

« عبد العزيز ـ الكويت ـ ٢٧ سنة ـ خرّيج معهد التكنلوجيا »

الأدلّة على جواز الاحتفال بمولد النبيّ :

س : ما هو الدليل على جواز إقامة الاحتفالات في أفراح محمّد وآل محمّد ؟ على أن يكون الجواب من المصادر السنّية ، جزاكم الله خير الجزاء

______________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

٤٢٩

ج : هناك استدلالات عديدة لجواز الاحتفال بمولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيتهعليهم‌السلام ، استدلّ بها علماء الفريقين ردّاً على الوهّابية ، التي ترى أنّ الاحتفال بمولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدعة ، من الأدلّة :

١ ـ قوله تعالى :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) ، باعتبار أنّ شعائر الله تعالى هي أعلام دينه ، خصوصاً ما يرتبط منها بالحجّ ، لأنّ أكثر أعمال الحجّ إنّما هي تكرار لعمل تاريخي ، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيمعليه‌السلام ، وشعائر الله مفهوم عامّ شامل للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولغيره ، فتعظيمهصلى‌الله‌عليه‌وآله لازم

ومن أساليب تعظيمه ، إقامة الذكرى في يوم مولده ونحو ذلك ، فكما أنّ ذكرى ما جرى لإبراهيمعليه‌السلام من تعظيم شعائر الله سبحانه ، كذلك تعظيم ما جرى للنبيّ الأعظم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يكون من تعظيم شعائر الله سبحانه

٢ ـ قوله تعالى :( وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ) (٢) ، فإنّ المقصود بأيّام الله ، أيّام غلبة الحقّ على الباطل ، وظهور الحقّ ، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة ، فإنّ إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيّام الله سبحانه

٣ ـ قوله تعالى :( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) (٣) ، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه ، هو ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله مطلوب ومراد

٤ ـ قوله تعالى :( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٤) ، فإنّ الاحتفالات بميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هي إلّا رفع لذكره ، وإعلاء لمقامه

______________________

(١) الحجّ : ٣٢

(٢) إبراهيم : ٥

(٣) يونس : ٥٨

(٤) الانشراح : ٤

٤٣٠

٥ ـ قوله تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) ، بأنّ مودّة ذوي القربى مطلوبة شرعاً ، وقد أمر بها القرآن صراحة ، فإقامة الاحتفالات للتحدّث عمّا جرى للأئمّةعليهم‌السلام ، لا يكون إلّا مودّةً لهم ، إلّا أن يدّعى أنّ المراد بالمودّة الحبّ القلبي ، ولا يجوز الإظهار

٦ ـ قوله تعالى :( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ ) (٢) ، باعتبار أنّ إقامة الاحتفال للتحدّث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه نوع من التعظيم والنصرة له

٧ ـ قوله تعالى :( رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (٣) ، فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيداً وآية ، مع أنّها لأجل إشباع البطون

فيوم ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويوم بعثته ، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأُمم على مدى التاريخ ؛ أعظم من هذه الآية ، وأجل من ذلك العيد ، فاتخاذه عيداً يكون بطريق أولى

٨ ـ قوله تعالى :( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ) ، فقد قال الحلبي : « أي وقد أقسم الله بليلة مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى :( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ) ، وقيل أراد بالليل ليلة الإسراء ، ولا مانع أن يكون الإقسام وقع بهما ، أي استعمل الليل فيهما »(٤)

٩ ـ إنّ الاحتفال بالمولد سنّة حسنة ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها » (٥)

١٠ ـ بأنّ جلّ أعمال مناسك الحجّ ما هي إلّا احتفالات بذكرى الأنبياء ،
______________________

(١) الشورى : ٢٣

(٢) الأعراف : ١٥٧

(٣) المائدة : ١١٤

(٤) السيرة الحلبية ١ / ٨٦ ، السيرة النبوية لزيني دحلان ١ / ٢١

(٥) مسند أحمد ٤ / ٣٦٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٥٤٤

٤٣١

فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلّى إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر ، هل ترى من أحد

ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيمعليه‌السلام ، حينما ذهب به جبرائيل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع أحجار فساخ

وذبح الفداء ، إنّما هو تخليد لذكرى إبراهيمعليه‌السلام أيضاً ، حينما أُمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم

وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحجّ إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجّة بعرفات ، فأفاض به جبرائيل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته

فأفعال الحجّ كلّها تصير احتفالات ، وأعياداً بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر

وأخيراً : أكمل الأدلّة على جواز إقامة الاحتفال بمولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو دليل الفطرة والدين والشرع منسجم تماماً مع مقتضيات الفطرة ومتطلّباتها ـ فقد اعتاد الناس انطلاقاً من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشرّوا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً
كذلك .

ورأوا : أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنّهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوّة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم

وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :

٤٣٢

مررت على الديار ديار ليلى

أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبُّ الديار شغفن قلبي

ولكن حبّ من سكن الديارا

ويلاحظ : إنّ الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات ، التي تمثّل تحوّلاً من نوع ما في حياة الناس عامّة لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختصّ بفريق دون فريق ، فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، وغيرهم ، الكلّ يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم ، ومن يمثلها حسب قدراته وإمكاناته

فهذه الشمولية تعطينا : إنّ هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ، ومن ذاته ، وتتصل بفطرته وسجيته ، حينما يشعر أنّه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسّد له طموحاته

فيوم ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو يوم فرح المسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم ، ولابدّ وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبّي رغباتها مادامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرّه مادام أنّه دين الفطرة ، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ، ويعطيها حجمها الطبيعي من دون أن يكون ثمّة إهمال مضرّ ، أو طغيان مدمّر

وهذه هي عظمة تعاليم الإسلام ، وهذا هو رمز الخلود له ، وفّقنا الله للسير على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربّ العالمين ، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول

« يعرب البحراني ـ الإمارات ـ »

الأدلّة على جواز اللطم ونشوئه :

س : اللطم أثناء المأتم الحسيني ، ما هو الدليل الشرعي عليه ؟ وبداية نشوئه في أيّ فترة من التاريخ الإسلامي ؟

ج : من الأدلّة على جواز اللطم في المجالس الحسينية هو الحديث الوارد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا

٤٣٣

البكاء والجزع على الحسين بن علي عليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور » (١) ، واللطم نوع من الجزع

ولا يخفى عليكم ، أنّ النهي عن الجزع نهي تشريعي ، وليس نهياً تكوينياً ، وبالتالي فهو قابل للتخصيص ، وقد ورد تخصيص من الشارع المقدّس لعموم النهي عن الجزع ، هذا أوّلاً

وثانياً : لأصالة الإباحة ، فطالما لم يكن في اللطم ضرر ، فمقتضى أصل الإباحة هو عدم الإشكال في اللطم ما لم يرد نهي

وثالثاً : اللطم على مصائب أهل البيتعليهم‌السلام يدخل في باب تعظيم الشعائر ، وشدّ الناس إلى قضية الإمام الحسينعليه‌السلام التي هي قضية الإسلام

وأمّا بداية نشوئه ، فالظاهر أنّه عريق ، كما يبدو من بعض الحوادث التي يذكرها ابن الأثير في تاريخه ، حيث ذكر في الحوادث الواقعة في القرن الرابع والخامس هجري ، أنّه وقع خلاف وصدام بين الشيعة والسنّة ، بسبب بعض أعمال يوم عاشوراء من اللطم وغيره

« هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية »

الشيعة تحيي الذكريات :

س : من فضلكم أُريد أن اعرف هل الشيعة يقيمون عزاءً في ذكرى موت كلّ واحد ؟

ج : إنّ الشيعة تحيي الذكريات ، وتعتقد بأنّ في إحيائها الأجر والثواب ، وإنّها من مصاديق تعظيم شعائر الله ، فتحيي ذكريات الأعياد والفرح ، كيوم مولد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمبعث الشريف ، ومواليد الأئمّةعليهم‌السلام من أهل البيت ، كما تحيي الشيعة ذكريات الحزن ، كيوم وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام

______________________

(١) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٣٤

والشيعة تؤكّد على إقامة مراسيم العزاء على الميت ، وذلك بالحضور في التشييع ، وإقامة مجالس يقرأ فيها القرآن ، ويهدى ثوابه إلى الميت ، وكذلك الذهاب إلى القبر ، وقراءة القرآن عنده ، وإهداؤه إلى صاحب القبر ، وعمل الأعمال الصالحات ، وإهداؤها إلى روح الميت

« أحمد ـ السعودية ـ »

الضرر في التطبير :

س : البعض يقولون : كيف نتطبّر مع أنّ التطبير مضرّ ؟ وإن لم يكن مضرّاً ، فهو ممّا لا يعقل دخوله ضمن الدين وشعائره ؟

ج : إنّ موضوع التطبير له بحث خاصّ من الناحية الشرعية ، ولا نريد أن ندخل فعلاً في هذا الباب ، ولكن الذي نودّ أن نذكّر به في مورد السؤال هو : أنّه لا دليل على حرمة مطلق الضرر ، وإلّا لكان أكثر المباح حراماً ، وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به

وأمّا دخوله ضمن الشعائر فهو يتبع مشروعية العمل أوّلاً ، وتأثيره الإيجابي عند الناس ثانياً

ولا نقول حينئذ إنّه من صميم الدين ، بل هو من مصاديق الشعائر الحسينية ، التي تشدّ المؤمنين بواقعة كربلاء ، وتحثّهم على التضحية والفداء في سبيل عقيدتهم

« عصام الحسيني ـ العراق ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

تعقيب على الجواب السابق :

عظّم الله لكم الأجر بمصاب الإمام الحسين عليه‌السلام ، وجعلكم الله من الطالبين بثأره مع إمام منصور من أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام

أمّا بالنسبة إلى مسألة التطبير ، فإنّها من الأُمور التي جعلها العلماء من المستحبّات ، هذا من الناحية الفقهية ، فإنّنا نجد البعض ـ ومنهم بعض الشيعة ـ

٤٣٥

ينتقدوننا على هذا العمل ، وذلك لجهلهم الفائدة المتوخّاة من ذلك من جهة ، ولما يؤثّره الإعلام الوهّابي ومن كان على شاكلتهم من جهة أُخرى

فأقول إلى أخوتي الشيعة : لا تتسرّعوا بالحكم على شيء لا تعرفون أبعاده

وأمّا بالنسبة إلى صحّته ، فنقول :

١ ـ ضرب السيّدة زينبعليها‌السلام بمحمل الرحل ، وسيل الدماء من تحت القناع أمام الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، عندما رأت أهل الكوفة خرجوا ينظرون إليهم ، ولم يمنعها الإمامعليه‌السلام من ذلك

٢ ـ ذكر الأئمّةعليهم‌السلام :« إنّ يوم الحسين عليه‌السلام أقرح جفوننا ، وأسبل عيوننا » (١) ، وأنّ في القرح ألم للناس ، فلو كان الحرمة في ذلك لنهو الناس

٣ ـ قول الإمام الحجّة المنتظرعليه‌السلام في زيارة الناحية :« لأبكين عليك بدل الدموع دماً » (٢) ، فلو كان الإدماء حرام فلماذا يفعل ذلك الإمامعليه‌السلام ؟

٤ ـ إنّه ليس كلّ ما يؤلم الإنسان حرام ، وإلّا لحرم الختان للصبيان ، وثقب الأذن والأنف

٥ ـ إنّ في التطبير تأسّي بالإمام الحسينعليه‌السلام الذي ضحّى بالغالي والنفيس من أجلنا ، والذي لم يبق مكان في جسده إلّا وقد أدمي ، وهو ينادي :« وا قلّة ناصراه » ، فلو خرج من قبره لوجد هذه الحشود التي تلبس الأكفان ، ومخضّبة بالدماء جنوداً مجنّدة تحت رايته ، فهذه الدماء أسوة بدماء الحسينعليه‌السلام ، وما أجمل هذه الأسوة من أجل رجل قدّم كلّ ما يملك من أجل رضا الله

واعلموا أنّ في التطبير رضا لله تعالى ، ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وللإمامعليه‌السلام كما قال أحد المراجع

وهناك أسباب عديدة للتطبير ، يطول المقام لذكرها ، وعظّم الله لكم الأجر

______________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

(٢) المزار الكبير : ٥٠١

٤٣٦

« ـ السويد ـ ٢٤ سنة »

تعقيب على الجواب السابق :

إنّ التطبير من الحجامة فلا إشكال فيه ، كذلك إنّ الأصل في الأشياء الحلّ ، ولم يأتي دليل بتحريمه

والعقيلة زينبعليها‌السلام حين ضربت برأسها مقدّم المحمل أمام الإمام زين العابدينعليه‌السلام لم ينهاها ، وكذلك أنّ الفاطميات خمشن وجوههن ، وأنّ التطبير لا يوهن المذهب مثله ، مثل رمي الجمرات في الحجّ مثلاً ، وأنّ قضية الضرر وما يترتّب عليها ما ورد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة من بعدهعليهم‌السلام ورد عن بعضهم القيام في الليل حتّى تتفطّر أقدامهم ، وما ورد من أنّ بعض الأئمّةعليهم‌السلام حجّ ماشياً ـ كالإمام السجّادعليه‌السلام ـ حتّى تورّمت قدماه

ألا يكون هذا فعل جائز مع وقوع الضرر في فعله ، فيكون كذلك التطبير فيه ضرر ، ولكن جائز الفعل مثله مثل القيام في الليل حتّى تتفطّر القدم ، ويحصل الضرر ؟!

وورد في زيارة الناحية المقدّسة :« ولأبكين عليك بدل الدموع دماً » (١)

كما ورد في الروايات : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور »(٢) فيكون هنا خصوصية لجواز فعل التطبير ، بل واستحبابه

وما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام :« رحم الله من أحيا أمرنا » (٣) ، وما ورد عن الإمام الرضاعليه‌السلام :« إنّ يوم الحسين عليه‌السلام أقرح جفوننا ، وأسبل عيوننا » (٤) ، وما ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام من أنّه كان يبكي حتّى يمتزج في الإناء دموعه مع دم خارج من عينه

______________________

(١) المزار الكبير : ٥٠١

(٢) كامل الزيارات : ٢٠١

(٣) الأمالي للشيخ الطوسي : ١٣٥

(٤) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

٤٣٧

وما ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام من أنّه يقوم الليل حتّى تتفطّر قدماه ، وهذا فيه ضرر ، مع ذلك لم يترك هذا الأمر ، إذ ليس كلّ أمر فيه ضرر يكون محرّماً

« علي ـ ـ »

اللطم على الصدور :

س : ما هو التفسير الديني والعلمي للطم الصدور ؟ ودمتم لنا بألف خير

ج : لا يخفى عليكم أنّ أوّل من أقام العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعن أُمّ الفضل بنت الحارث ، أنّها دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا رسول الله ، إنّي رأيت الليلة حلماً منكراً ، قال : « وما هو » ؟ قالت : إنّه لشديد ، قال : « وما هو » ؟

قالت : رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت ، ووضعت في حجري

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« خيراً رأيت ، تلد فاطمة غلاماً ، فيكون في حجرك »

فولدت فاطمةعليها‌السلام الحسين ، فقالت : فكان في حجري ، كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت به يوماً على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوضعته في حجره ، ثمّ حانت منّي التفاتة ، فإذا عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تهراقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله ، مالك ؟

قال :« أتاني جبرائيل عليه‌السلام فأخبرني أنّ أُمّتي ستقتل ابني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء » (١)

وعن أُمّ سلمة قالت : ( كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في
______________________

(١) الإرشاد ٢ / ١٢٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٦ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٥٨ ، ينابيع المودّة ٣ / ٧

٤٣٨

بيتي ، فنزل جبرائيل فقال : يا محمّد ، إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، فأومأ بيده إلى الحسين ، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمّه إلى صدره ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا أُمّ سلمة وديعة عندك هذه التربة » ، فشمّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال :« ريح كرب وبلاء »

قالت : وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا أُمّ سلمة ، إذا تحوّلت هذه التربة دماً ، فاعلمي أنّ ابني قد قتل » )(١) ، وهناك روايات أُخرى كثيرة في هذا المجال

وهكذا تجد أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أقاموا العزاء على الحسينعليه‌السلام ، وأمرونا بذلك ، وبإظهار الحزن

ومن هذا المنطلق ، أخذت الشيعة الإمامية تعمل بهذه الوصية ، فتظهر مختلف علامات الحزن والعزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، كلّ بحسب منطقته ، وعاداته وتقاليده

فبعضهم اتّخذ مثلاً اللطم على الصدور طريقة من طرق إظهار الحزن ، ليظهر من خلاله حبّه وولائه الشديد للإمام الحسينعليه‌السلام ، واعتبروه عملاً راجحاً ، يتوقّعون فيه الأجر والثواب من الله تعالى

ودليلهم على جوازه إجماع علماء الطائفة الشيعية عليه ، وبعض الروايات

« موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب »

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : في جوابكم للأخ علي حول قضية اللطم ، ذكرتم الروايتين ، ولكن هناك روايات في قضية منع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك لدى العامّة ، فكيف نردّ على هذه الروايات ؟ وكيف نثبت جواز اللطم على بقية المعصومين عليهم‌السلام ؟

______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٨ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٢ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٨ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠٠

٤٣٩

ج : إنّ الروايات المانعة التي أشرتم إليها عند العامّة ـ إن صحّت سنداً ـ فإنّها تدلّ على المنع من البكاء على الميّت على نحو الإطلاق ، فيمكن الذبّ والدفاع عن الروايات المجوّزة ـ كالتي وردت في جواب بعض الإخوة ـ بأنّ هذه الأحاديث خاصّة في مورد الإمام الحسينعليه‌السلام ، فتخصّص تلك الاطلاقات بهذه المخصّصات ، وهذا أسلوب مألوف في علم الأُصول ـ كما هو ثابت في محلّه ـ للجمع بين الأدلّة ونفي التعارض بينها

على أنّ الروايات المانعة المشار إليها هي بنفسها ـ مع غضّ النظر عن الأخبار الواردة في شأن الإمام الحسينعليه‌السلام ـ متعارضة مع روايات أُخرى في مصادر أهل السنّة ، فورد في بعضها : أنّ عائشة ردّت هذه الروايات ، ونقلت صور أُخرى ، لا تدلّ على المنع(١)

ويؤيّد رواية عائشة ، ما ورد في سنن الترمذي ، من أنّ منع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في مجال بكاء اليهود على أمواتهم(٢)

وأمّا تعميم الحكم لباقي المعصومينعليهم‌السلام ، فأوّلاً : بالاطلاقات الواردة ، لتسرّي الأحكام من بعض المعصومينعليهم‌السلام على جميعهم ـ إلّا إذا ورد خطاب يخصّص بعضهم دون بعض ـ

وثانياً : بنفس الرواية التي أوردناها في جواب بعض الإخوة ، إذ جاء فيها :« وعلى مثله ـ أي الإمام الحسينعليه‌السلام ـتلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (٣)

ولا ريب ، أنّ المثيل الأوّل والأخير للمعصوم ، هو المعصومعليه‌السلام

وبالجملة : نستنتج جواز ، بل استحباب إقامة كافّة أنواع العزاء ـ ومنها اللطم ـ على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وباقي الأئمّةعليهم‌السلام

______________________

(١) مسند أحمد ١ / ٤١ ، صحيح البخاري ٥ / ٩ ، صحيح مسلم ٣ / ٤٣ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٨١ ، الدرّ المنثور ٣ / ٦٧

(٢) الجامع الكبير ٢ / ٢٣٦

(٣) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576