موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 254098 / تحميل: 6690
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ودونك ما تقرأ في الجزء الثالث من كتاب « علي إمام البررة » ، فثمّة أقوال جماعة من أعلام أهل السنّة من قدامى ومحدّثين في كشف صفحات معاوية المخزية المخجلة ، وهذا الكشف لولا تسليم الإمام الحسنعليه‌السلام الأمر إليه ، لما كان الناس يعرفوا حقيقة معاوية ، فهذا من أعظم المنجزات التي أنجزها الإمام الحسنعليه‌السلام ، بأن كشف زيف الباطل وعرّف الناس حقيقة معاوية وبني أُمية.

١٨١
١٨٢

الإمام الحسين عليه‌السلام :

( علي سلمان ـ ـ )

أسباب ثورته :

س : ما هي أسباب قيام ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام ؟

وما معنى قول زينبعليها‌السلام عندما خاطبت يزيد : « ما رأيت إلاّ جميلاً » (١) ؟

ج : أحاطت بالإمام الحسينعليه‌السلام عدّة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعيّة وغيرها ، فحفّزته إلى الثورة ، ودفعته إلى التضحية والفداء ، وهذه بعضها :

١ ـ المسؤولية الدينية : لقد كان الواجب الديني يحتّم عليه القيام بوجه الحكم الأمويّ ، الذي استحلّ حرمات الله ، ونكث عهوده ، وخالف سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ المسؤولية الاجتماعيّة : كان الإمامعليه‌السلام بحكم مركزه الاجتماعيّ مسؤولاً أمام الأُمّة ، عمّا منيت به من الظلم والاضطهاد من قبل الأمويّين ، ومن هو أولى بحمايتها وردّ الاعتداء عنها من غيره؟

فنهضعليه‌السلام بأعباء هذه المسؤولية الكبرى ، وأدّى رسالته بأمانة وإخلاص ، وضحّى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ، ليعيد عدالة الإسلام وحكم القرآن.

٣ ـ إقامة الحجّة عليه : قامت الحجّة على الإمامعليه‌السلام لإعلان الجهاد ، ومحاربة قوى البغي والإلحاد ، فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أهل الكوفة ،

__________________

١ ـ لواعج الأشجان : ٢٠٩.

١٨٣

وكانت تحمّله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحّة ، لإنقاذهم من ظلم الأمويّين وبغيهم.

٤ ـ حماية الإسلام : من الأسباب التي ثار من أجلهاعليه‌السلام هي حماية الإسلام من خطر الحكم الأمويّ ، الذي جهد على محوه ، وقلع جذوره ، فقد أعلن يزيد ـ وهو على كرسي الخلافة الإسلامية ـ الكفر والإلحاد بقوله :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل(١)

وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد ، فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب ، ولا جنّة ولا نار ، وبلغ به الاستهتار إلى الإعلان عن كفره واستهزائه بالإسلام.

٥ ـ صيانة الخلافة : من ألمع الأسباب التي ثار من أجلهاعليه‌السلام تطهير الخلافة الإسلامية ـ التي هي لأهل البيتعليهم‌السلام من قبل الله تعالى ـ من أرجاس الأمويّين الذين نزو عليها بغير حقّ.

وقد رأى الإمامعليه‌السلام أنّ مركز جدّه قد صار إلى سكّير مستهتر ، لا يعي إلاّ شهواته ورغباته ، فثار ليعيد للخلافة الإسلامية كيانها المشرق وماضيها الزاهر.

٦ ـ تحرير إرادة الأُمّة : ولم تملك الأُمّة في عهد يزيد إرادتها واختيارها ، فقد كبلت بقيود ثقيلة سدّت في وجهها منافذ النور والوعي ، وحيل بينها وبين إرادتها.

لقد هبّ الإمامعليه‌السلام إلى ساحات الجهاد والفداء ، ليطعم المسلمين روح العزّة والكرامة ، فكان مقتلهعليه‌السلام نقطة تحوّل في تاريخ المسلمين وحياتهم.

٧ ـ تحرير اقتصاد الأُمّة : انهار اقتصاد الأُمّة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعيّة والفردية ، فقد عمد الأمويّون بشكل سافر إلى نهب الخزينة

__________________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٨ / ١٨٨.

١٨٤

المركزية ، وقد أعلن معاوية أمام المسلمين : إنّ المال مال الله ، وليس مال المسلمين ، فهو أحقّ به.

فقد ثارعليه‌السلام ليحمي اقتصاد الأُمّة ، ويعيد توازن حياتها المعيشية.

٨ ـ المظالم الاجتماعيّة : انتشرت المظالم الاجتماعيّة في أنحاء البلاد الإسلامية ، فلم يعد قطر من الأقطار إلاّ وهو يعجّ بالظلم والاضطهاد من جورهم.

فهبّ الإمامعليه‌السلام في ميادين الجهاد ، ليفتح للمسلمين أبواب العزّة والكرامة ، ويحطّم عنهم ذلك الكابوس المظلم.

٩ ـ المظالم الهائلة على الشيعة : لقد كانت الإجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الأمويّ ضدّ الشيعة من أسباب ثورتهعليه‌السلام ، فهبّ لإنقاذهم من واقعهم المرير ، وحمايتهم من الجور والظلم.

١٠ ـ محو ذكر أهل البيت : ومن ألمع الأسباب التي ثار من أجلهاعليه‌السلام ، هو أنّ الحكم الأمويّ قد جهد على محو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، واستئصال مآثرهم ومناقبهم ، وقد استخدم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل.

وكانعليه‌السلام يودّ أنّ الموت قد وافاه ، ولا يسمع سبّ أبيه على المنابر والمآذن.

١١ ـ تدمير القيم الإسلامية : عمد الأمويّون إلى تدمير القيم الإسلامية ، فلم يعد لها أيّ ظل على واقع الحياة الإسلامية.

١٢ ـ انهيار المجتمع : انهار المجتمع في عصر الأمويّين ، وتحلّل من جميع القيم الإسلامية.

وثارعليه‌السلام ليقضي على التذبذب والانحراف الذي منيت به الأُمّة.

١٣ ـ الدفاع عن حقوقه : وانبرى الإمامعليه‌السلام للجهاد دفاعاً عن حقوقه التي نهبها الأمويّون واغتصبوها ، وأهمّها : الخلافة ، فهو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح ، التي تمّ الاتفاق عليها ـ فضلاً عن كونه الخليفة الحقيقيّ من قبل الله تعالى ـ وعلى هذا فلم تكن بيعة يزيد شرعية ، ولم يخرج الإمامعليه‌السلام

١٨٥

على إمام من أئمّة المسلمين ، كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الأمويّة ، وإنّما خرج على ظالم مغتصب لحقّه.

١٤ ـ الأمر بالمعروف : ومن أوكد الأسباب التي ثار من أجلهاعليه‌السلام إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنّهما من مقوّمات هذا الدين ، والإمام بالدرجة الأُولى مسؤول عنهما.

وقد أدلىعليه‌السلام بذلك في وصيته لأخيه ابن الحنفية التي أعلن فيها عن أسباب خروجه على يزيد ، فقال : «وإنّي لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر »(١) .

١٥ ـ إماتة البدع : عمد الحكم الأمويّ إلى نشر البدع بين المسلمين ، التي لم يقصد منها إلاّ محق الإسلام ، وإلحاق الهزيمة به ، وقد أشارعليه‌السلام إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة : «فإنّ السنّة قد أُميتت ، وإنّ البدعة قد أُحييت »(٢) .

لقد ثارعليه‌السلام ليقضي على البدع الجاهلية التي تبنّاها الأمويّون ، ويحيي سنّة جدّه التي أماتوها ، ونشر راية الإسلام.

١٦ ـ العهد النبوي : واستشف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من وراء الغيب ما يمنى به الإسلام من الأخطار الهائلة على أيدي الأمويّين ، وأنّه لا يمكن بأيّ حال تجديد رسالته ، وتخليد مبادئه إلاّ بتضحية ولده الحسينعليه‌السلام ، فعهد إليه بالتضحية والفداء ، وقد أدلى الإمام الحسين بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج إلى العراق ، فقالعليه‌السلام لهم : «ورأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني بأمر ، وأنا ماض له »(٣) .

١٧ ـ العزّة والكرامة : ومن أوثق الأسباب التي ثار من أجلهاعليه‌السلام ، هي العزّة

__________________

١ ـ لواعج الأشجان : ٣٠.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٢٦٦ ، البداية والنهاية ٨ / ١٧٠ ، انساب الأشراف : ٧٨.

٣ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٧٦ و ١٨١.

١٨٦

والكرامة ، فقد أراد الأمويّون إرغامه على الذلّ والخنوع ، فأبى إلاّ أن يعيش عزيزاً ، وقد أعلن ذلك يوم الطفّ بقوله : «ألا وإنّ البغيّ ابن البغيّ قد ركز بين اثنتين ، بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله ، والمؤمنون ، وحجور طابت ، وبطون طهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية »(١) .

١٨ ـ غدر الأمويّين وفتكهم : وأيقنعليه‌السلام أنّ الأمويّين لا يتركونه ، ولا تكفّ أيديهم عن الغدر والفتك به حتّى لو سالمهم وبايعهم ، وقد أعلن ذلك لأخيه محمّد ابن الحنفية : «والله يا أخي ، لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض لاستخرجوني منه حتّى يقتلوني »(٢) .

فاختارعليه‌السلام أن يعلن الحرب ، ويموت ميتة كريمة تهزّ عروشهم ، وتقضي على جبروتهم وطغيانهم.

هذه بعض الأسباب التي حفّزت الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الثورة على حكم يزيد.

وأمّا قول زينبعليها‌السلام فهو دليل على رضاها لمشيئة الله تعالى ، وإيمانها بالقضاء والقدر ، وتوكّلها على الله تعالى ، وأنّ الذي حصل ما كان إلاّ خيراً ، وما كان إلاّ جميلاً ، وذلك لأنّه لم يكن إلاّ حفظاً لأصل الإسلام ، وذهبت مخطّطات بني أُمية ـ التي رامت محو الإسلام ـ إدراج الرياح.

( حمد الهاشم ـ السعودية ـ )

استحباب زيارته يوم الأربعين :

س : اذكر الأدلّة على زيارة الحسين عليه‌السلام يوم الأربعين؟

ج : إنّ استحباب زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الأربعين ثابت ، حتّى روي عن

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢١٩.

٢ ـ بحار الأنوار ٤٥ / ٩٩ ، لواعج الأشجان : ٢٥٦.

١٨٧

الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام أنّه قال : «علامات المؤمن خمس : صلاة الإحدى والخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم »(١) .

وأمّا بخصوص ألفاظ زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام المعروفة فهي مروية عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، حيث قال في زيارة الأربعين : « تزور عند ارتفاع النهار فتقول : السلام على وليّ الله وحبيبه ، السلام على خليل الله ونجيبه »(٢) .

( حسين عبد الله ـ البحرين ـ )

الإمام السجّاد تولّى عملية دفنه :

س : من الذي دفن جسد الإمام الحسين عليه‌السلام ؟ وإذا كان الإمام السجّاد عليه‌السلام ، فكيف يكون ذلك ، وهو أسير مع أهل بيته ، وهم مقتادون إلى الشام ، خصوصاً أنّ الدفن كان بعد ثلاثة أيّام من يوم شهادته؟ أرجو ذكر السند والمصدر.

ج : توجد قاعدة أوّلية وهي : إنّ الإمام المعصوم لا يقوم بتجهيزه والصلاة عليه إلاّ الإمام المعصوم الذي يليه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية ، والدربندي في أسرار الشهادة(٣) ، والسيّد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسينعليه‌السلام (٤) ، نقلوا : أنّ بني أسد لمّا أرادوا دفن الأجساد الطاهرة جاءهم الإمام السجّادعليه‌السلام ، وهو الذي تولّى عملية الدفن بمساعدتهم.

وأمّا أنّ الإمام السجّادعليه‌السلام كيف جاءهم وهو أسير ، فهذا بالقدرة الإلهيّة التي يتمتّع بها المعصومعليه‌السلام .

__________________

١ ـ المزار للشيخ المفيد : ٥٣ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٥٢ ، روضة الواعظين : ١٩٥.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٧٨٨ ، إقبال الأعمال ٣ / ١٠١.

٣ ـ أسرار الشهادة ٣ / ٢٢٥.

٤ ـ مقتل الحسين لبحر العلوم : ٤٦٦.

١٨٨

( السيّد محمّد ـ البحرين ـ )

فرق الجسم والجسد الواردان في زيارته :

س : ما هو الفرق بين كلمتي الجسم والجسد في زيارة وارث : « صلوات الله عليكم ، وعلى أرواحكم ، وعلى أجسادكم ، وعلى أجسامكم »؟

ج : الظاهر أنّ الواو في قوله : « وعلى أجسامكم » عطف بيان ، وعليه فأجسامكم وأجسادكم شيء واحد ، لا فرق بينهما.

ويؤيّد هذا ما قاله الأصمعي ، وأبو زيد في اللغة : إنّ الجسم هو الجسد(١) .

وقيل : إنّ المراد من الجسم الإنساني ما يحوي الجسم المادّي بالإضافة إلى الروح ، والمراد من الجسد الإنساني هو الجسم المادّي دون الروح.

وعلى هذا يكون السلام في الزيارة على : أرواحكم وعلى أجسادكم الخالية من الروح ـ إشارة إلى حالة مماتهم ـ وعلى أجسامكم الحاوية على الجسم والروح ـ إشارة إلى حالة حياتهم ـ.

( ـ ـ )

ظهور الآيات الكونية عند استشهاده :

س : هل من الصحيح أنّ السماء أمطرت دماً يوم قتل الحسين؟ وانخسفت الشمس؟ ولماذا لم تمطر يوم وفاة النبيّ؟ فهل الحسين أعظم من النبيّ؟

ج : إنّ اعتمادنا في ذكر الحوادث الكونية التي أعقبت استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام على المصادر المعترف بها عند الفريقين ، وعلى سبيل المثال : فموضوع إمطار السماء دماً يوم شهادته ، جاءت في عدّة مصادر : الصواعق المحرقة(٢) ،

__________________

١ ـ الصحاح ٥ / ١٨٨٧ ، لسان العرب ١٢ / ٩٩.

٢ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٥٦٩.

١٨٩

وذخائر العقبى للطبري(١) ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر(٢) ، وغيرها من المصادر(٣) .

وأمّا حمرة الشمس وانخسافها وغيرها من الآيات ، فتراها أيضاً في المصادر التالية : السنن الكبرى(٤) ، مجمع الزوائد(٥) ، المعجم الكبير(٦) ، وغيرها من المصادر(٧) .

فهل هذا كذب مفترى؟ أم هذه حقيقة واضحة يدلّ عليها النقل المتواتر.

وأمّا اجتهادك بمقايسة رزية السبط الشهيدعليه‌السلام بجدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ففي غير محلّه ، إذ إنّ تأبين وتكريم السبط هو لأجل تعظيم الرسالة النبوية ، فقضية كربلاء إنّما جاءت لحفظ وتشييد مباني النبوّة والدين من تلاعب أيدي الطغاة الذين كانت أزمّة الحكم بيدهم آنذاك.

فظهور الآيات الكونية المذكورة هو في الواقع تأييد لخطّ الدفاع عن آثار النبوّة والرسالة ، الذي يتمثّل في مسار أهل البيتعليهم‌السلام .

( هادي هادي ـ السعودية ـ )

حكم من ذكر مقتله ولم ينصره :

س : ما حكم من سرد لنا مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام ، وهو موجود بالمعركة ، ولم يقم بنصرته؟

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ١٤٥.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٧.

٣ ـ أُنظر : تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٧ ، نظم درر السمطين : ٢٢٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٨٠ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٥ و ٨٤ و ٩١ و ١٠١.

٤ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٣ / ٣٣٧.

٥ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٩٧.

٦ ـ المعجم الكبير ٣ / ١١٤.

٧ ـ أُنظر : تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٦ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٣ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٧.

١٩٠

ج : طبقاً لقول الإمام الحسينعليه‌السلام : «من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا كبّه الله على وجهه في نار جهنم »(١) يكون آثماً ، إلاّ أن تكون لبعضهم ظروف خاصّة ، وهذا علمه عند الله تعالى.

نعم أثمه في عدم نصرته لا يلازم بالضرورة عداءه للإمام الحسينعليه‌السلام ، إذ كثير من الناس حينما ينقل ، ينقل بتثبّت ، ولكن يفقد الشجاعة لاتّخاذ الموقف المناسب.

نعم لو ثبت أنّ الناقل معاد ، فحينئذ تسلب منه الوثاقة على رأي ، إذ لعلّه يزوّر الحقائق ، وينقل عن تصرّفات الإمامعليه‌السلام أمراً غير الواقع.

ولكن طالما لم نعلم منه العداء ، فيعامل معاملة الراوي العادي ، لأنّ المطلوب في الراوي هو وثاقته لا عدالته ، ولهذا نقبل قول العامّيّ من أبناء المذاهب الأُخرى إذا ثبت لنا وثاقته ، رغم عدم استقامة عقيدته حسبما نعتقد ، ومع ذلك إذا ثبت أنّه ثقة في النقل نقبل روايته ونسمّيها موثّقة.

( أسير القلوب ـ ـ )

خروجه لا يعدّ إلقاءً في التهلكة :

س : قال تعالى : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) بناء على هذه الآية الكريمة ، لماذا خرج الإمام الحسين عليه‌السلام إلى كربلاء من مكّة متّجهاً إلى الموت؟ ألا يعدّ ذلك من التهلكة ، لأنّه ذهب إلى الموت بيده؟ وضّح الأمر لنا.

ج : إنّ أوّل الشبهات التي ترد على ذهن السامع أو القارئ لمصرع الإمام الحسينعليه‌السلام ، هي شبهة أنّه بعمله هذا قد ألقى بنفسه إلى التهلكة التي نهى الله تعالى عنها بقوله :( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) ، والقيام بمثل

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢١٩ ، ينابيع المودّة ٣ / ٦٣.

٢ ـ البقرة : ١٩٥.

١٩١

ذلك العمل يعتبر غريباً من مثل الإمام الحسينعليه‌السلام العارف بشريعة الإسلام ، والممثل الشرعي لنبيّ الإسلام جدّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

والجواب عن هذه الشبهة يتوقّف على تقديم مقدّمة للبحث في الآية الكريمة ، والتعرّف على معنى التهلكة المحرّمة ، ومتى تصدق ، وهل ينطبق ذلك على عمل الإمامعليه‌السلام ؟ وننظر هل يصدق عليه أنّه ألقى بنفسه إلى التهلكة أم لا؟

قوله تعالى :( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .

التهلكة : يعني الهلاك ، وهو كلّ أمرٍ شاقٍّ ومضرٍّ بالإنسان ضرراً كبيراً ، يشقّ تحمّله عادة ، من فقر ، أو مرض ، أو موت.

والآية الكريمة أمرت ـ أوّلاً ـ بالإنفاق في سبيل الله ، أي التضحية والبذل فيما يرضي الله تعالى ، ويقرّب الإنسان إلى الله تعالى ، ثمّ نهت عن الإلقاء بالنفس إلى التهلكة ، وذلك بترك التضحية والإنفاق في سبيل الله تعالى.

ثمّ قالت : وأحسنوا ، أي كونوا محسنين في الإنفاق والبذل ، إذ إنّه ليس كل تضحية حسنة وشريفة ، ولا كل بذل هو محبوب وحسن عند الله تعالى ، وإلاّ لكانت تضحيات المجانين والسفهاء أيضاً شريفة ، وفي سبيل الله تعالى.

فالتضحية الشريفة المقدّسة والتي هي في سبيل الله تعالى تعرف بتوفّر شروط فيها ، وتلك الشروط نلخّصها فيما يلي :

الشرط الأوّل : أن تكون التضحية والبذل والإنفاق في سبيل شيء معقول محبوب عقلاً وعرفاً ، أي في سبيل غرض وهدف عقلاني ، وإلاّ خرجت عن كونها تضحية عقلائية ، ودخلت في عداد الأعمال الجنونية أو اللاإرادية.

الشرط الثاني : أن يكون المفدّى والمضحّى له أشرف وأفضل من الفداء والتضحية لدى العقلاء والعرف العام ، كأن يضحّي بالمال مثلاً ، لكسب العلم أو الصحّة ، أو يضحي بالحيوان لتغذية الإنسان ، وهكذا كلّما كانت الغاية أفضل وأثمن كانت التضحية أشرف وأكمل.

١٩٢

هذان العنصران هما الشرطان الرئيسيان من الشروط التي لابدّ منها في كلّ بذل وإنفاق وتضحية ، حتّى تكون حسنة وشريفة وفي سبيل الله تعالى.

وعلى هذا يظهر جلياً وبكلّ وضوح : أنّ ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام كانت في سبيل الله تعالى مائة بالمائة ، وأنّ كلّ ما قدّم فيها ، وأنفق من مال وبنين ، ونفس ونفيس ، وغال وعزيز ، كان إنفاقاً حسناً ، وبذلاً شريفاً ، وتضحية مقدّسة ، يستحقّ عليها كلّ إجلال وتقديس وشكر.

والخلاصة : إنّ آية التهلكة لا تشمل مطلق الإقدام على الخطر ، ولا تحرّم التضحية بالنفس والنفيس ، إذا كانت لغاية أعظم وأفضل ، وهدف أنبل وأشرف ، كالذي قام به الإمام الحسينعليه‌السلام بثورته الخالدة ، وحيث توفّرت في تضحياته كلّ شروط التضحية الشريفة ، والفداء المقدّس على أكمل وجه ، لأنّهعليه‌السلام ضحّى وفدى وبذل وأنفق في سبيل أثمن وأغلى شيء في الحياة مطلقاً ، ألا وهو الإسلام ، دين الله تعالى ، وشريعة السماء ، ونظام الخالق للمخلوق ، ودستور الحياة الدائم ، الذي لولا تضحيّاتهعليه‌السلام لدفن تحت ركام البدع ، والتشويهات والانحرافات ، التي خلّفتها عهود الحكم السابقة ، كما دفنت الديانات السابقة على الإسلام تحت ترسّبات البدع والتحريف ، حتّى لم يبق منها أثر حقيقي ، حيث لم يقيض لها حسين فيستخرجها ، ويزيل عنها المضاعفات ، كالذي فعلهعليه‌السلام بالنسبة إلى الديانة الإسلامية الخالدة.

( السيّد محمّد البحراني ـ البحرين ـ ٤١ سنة. طالب جامعة )

رأسه الشريف يقرأ القرآن :

س : في مسير ركب أسرى الطفّ إلى الشام ، ما السرّ وراء قراءة رأس الحسين الآية من سورة الكهف بالذات : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ

١٩٣

وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) (١) ؟

ما هو وجه الخصوصية؟ إلى ماذا يشير الإمامعليه‌السلام بقراءته هذه الآية بالذات؟ ولكم الفضل ، ونسألكم الدعاء.

ج : قد سمع زيد بن أرقم الآية ـ التي ذكرتموها ـ من الرأس الشريف في الكوفة ، وناداه : « رأسك يا ابن رسول الله أعجب وأعجب »(٢) .

وسمع آخرون منه في الشام آية :( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) (٣) ؛ ولعلّ في تلاوة هذه الآيات إشارة إلى قصّة أصحاب الكهف ، إذ كان فيها إيقاظ بعد رقود ثلاثمائة وتسع سنين ، فهنا بطريق أولى يكون إنطاق الرأس الشريف أعجب ، فرأسهعليه‌السلام بتلاوة هذه الآيات يظهر المعجزة الإلهيّة في نطقه.

ولا يبعد أن تكون الإشارة إلى إمكانية الهداية للناس ، أو إتمام الحجّة عليهم ، كما أنّ عودة أصحاب الكهف إلى الدنيا كان سبباً لهداية الكثير ، ورسوخ الإيمان فيهم ، وإلقاء الحجّة عليهم.

ويمكن أن تكون الإشارة إلى تحدّي أصحاب الكهف الظلم والطغيان في الفئة الحاكمة ، وعدم رضوخهم واستسلامهم لهم مع قلّة عددهم ، فكأنّما كان الإمامعليه‌السلام يريد أن يلفت النظر بأنّ الانحراف السائد المتمثّل في الحكم الأمويّ لابدّ وأن يواجه ، ولو بقلّة العدد والمؤنة ، كما كانت سيرتهعليه‌السلام في نهضته ، والله أعلم بحقائق الأُمور.

( زينب ـ بريطانيا ـ )

فلسفة أخذه العيال إلى كربلاء :

س : لماذا أخذ الإمام الحسين عليه‌السلام النساء والأطفال معه إلى كربلاء؟ مع أنّه

__________________

١ ـ الكهف : ٩.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ١١٧ ، إعلام الورى ١ / ٤٧٣.

٣ ـ الكهف : ١٣.

١٩٤

يعلم بأنّهم سوف يسبون؟

ج : ورد عن الإمام الحسينعليه‌السلام أنّه قال ـ حينما سُـئل عن أخذه العيال ـ : «شاء الله أن يراني قتيلاً ويراهنّ سبايا ».

والمتأمّل في مجريات ثورة الحسينعليه‌السلام والمواقف الخالدة للسيدة زينبعليها‌السلام وما قامت به من إكمال لمسيرة الحسينعليه‌السلام في ثورته ـ والتي نحسّ بآثارها ليومنا هذا ـ يعلم حكمة المشيئة الإلهيّة في أخذ الحسينعليه‌السلام عياله إلى كربلاء ، فتأمل.

( أُمّ أحمد ـ البحرين ـ )

في الأربعين ألحق رأسه بجسده :

س : عندما سير بالسبايا إلى الشام ، كان رأس الحسين معهم ، فمتى أرجع مع الجسد؟ هل كان في العشرين من صفر؟

ج : إنّ المشهور عند الشيعة أنّ رأس الإمام الحسينعليه‌السلام قد أعاده الإمام زين العابدينعليه‌السلام بعد الرجوع من الأسر ، وألحقه بالجسد الشريف بعد أربعين يوماً من استشهاده ، أي يوم العشرين من صفر(١) .

نعم ، قد ورد في بعض الأخبار الخاصّة بأنّ مدفن رأسهعليه‌السلام هو عند أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

وأُوّل بأنّه بعد الدفن الأوّل أُخرج من هناك ، وأُلحق بالجسد الشريف بكربلاء ، جمعاً بين هذه الروايات ، والطائفة الأُولى التي تدلّ على اجتماع رأسه وجسدهعليه‌السلام والتي عليها معظم الطائفة الشيعيّة.

__________________

١ ـ أُنظر : اللهوف : ١١٤ ، مثير الأحزان : ٨٥ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٣٢ ، روضة الواعظين : ١٩٢ ، إعلام الورى ١ / ٤٤٧.

٢ ـ الكافي ٤ / ٥٧١ ، كامل الزيارات : ٨٤.

١٩٥

( شاهر ـ ـ )

كنيته :

س : لماذا كنّي الإمام الحسين عليه‌السلام بأبي عبد الله؟ مع أنّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام هو الأكبر من أولاده؟

ج : إنّ قولكم ـ إنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام أكبر أولادهعليه‌السلام ـ أوّل الكلام ، لأنّ المشهور أنّ أكبر أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام هو علي الأكبر الشهيد ، الذي قُتل مع أبيه في كربلاء ، وأمّا الإمام زين العابدينعليه‌السلام فهو علي الأوسط ‎

وأمّا لماذا كنّي الإمام الحسينعليه‌السلام بأبي عبد الله؟ ولم يكنّى بأبي علي ـ باعتبار أنّ علياً أكبر أولاده ـ أو بغيرها من الكنى؟

فنجيب عليه أوّلاً : إنّ أسماء الأئمّةعليهم‌السلام ، وألقابهم وكناهم ، منصوص عليها ، فكنّي بأبي عبد الله لوجود نصّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك.

وثانياً : كان متعارفاً عند العرب أن يكنّى الرجل بكنية ، ولم يكن له ولد بهذا الاسم ، من قبيل الإمام الجوادعليه‌السلام ، يكنّى بأبي جعفر ، ولم يكن من أولاده جعفر ، والإمام المهديّ المنتظرعليه‌السلام يكنّى بأبي صالح ، وبأبي القاسم ، ولم يكن عنده أولاد.

ثمّ لا يخفى أنّ بعض هذه الكنى واضح المنشأ ، ككنية الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأبي الحسن ، فالحسنعليه‌السلام أكبر أولادهعليه‌السلام ، وبعض الكنى غير واضح المنشأ ، كما في كنية الإمام الحسينعليه‌السلام بأبي عبد الله ، وكما في كنية الإمام الصادقعليه‌السلام بأبي عبد الله ، مع أنّ اكبر أولادهعليه‌السلام إسماعيل ، ومن البعيد جدّاً أن يكنّى الإمام الصادقعليه‌السلام باسم ولده عبد الله الأفطح ، لأنّه كان منحرفاً عن الجادّة الحقّة.

إذاً كنية الإمامعليه‌السلام كنية منصوص عليها من قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٩٦

( فاطمة الحسيني ـ إيران ـ )

التأكيد على زيارته في الأربعين :

س : أرجو منكم أن توضّحوا لنا لماذا الإمام الحسن العسكريّ عليه‌السلام يعطي هذه الخصوصية لزيارة الأربعين ، ولا يعطي هذه الخصوصية لزيارة عاشوراء التي هي أكثر اعتباراً وشهرة؟ وشكراً لجهودكم.

ج : ليس الإمام العسكريّعليه‌السلام هنا في مقام الحصر ، فكما يقال : « إثبات الشيء لا ينفي ماعداه » ، فهنالك الكثير من الروايات التي تعدّد علامات المؤمن مثلاً ، وليس الغرض منها إلاّ التأكيد على هذه الأُمور ، ولا يفهم منها نفي غيرها ، مثل قول الإمام زين العابدينعليه‌السلام : «علامات المؤمن خمس : الورع في الخلوة ، والصدقة في القلّة ، والصبر عند المصيبة ، والحلم عند الغضب ، والصدق عند الخوف »(١) ، وهناك روايات أُخرى تذكر علامات غيرها.

هذا ، وإنّ تأكيد الإمام العسكريّعليه‌السلام على زيارة الأربعين لكي يتمسّك الشيعة بهذه الزيارة ، ولا يكتفوا في إحياء أمر الإمام الحسينعليه‌السلام بأيّام عاشوراء ، ولتبيين حقيقة مظلومية السبايا ، وأهمّية إحيائها.

وزيارة عاشوراء فضلها أبين من الشمس في رائعة النهار ، وقد ذكرها أهل البيت في مواطن أُخرى كثيرة.

( حسين الدرّازي ـ البحرين ـ )

لولاه لما بقي للدين أثر :

س : كيف يمكن أن نقول : لولا الإمام الحسينعليه‌السلام لما بقي لهذا الدين من أثر؟ أُريد شرحاً لهذه العبارة من كتب السنّة إذا وجد.

وهل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام من بعد الحسين عليه‌السلام لا يشكّلون دوراً كبيراً في

__________________

١ ـ الخصال : ٢٦٩.

١٩٧

الخلافة؟ شاكرين لكم هذا المجهود الطيّب في إحياء المذهب الجعفريّ .

ج : المراد من العبارة هو : أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام قد أحيى أمر الدين بعد أن طمست أعلامه بيد الأمويّين ، فلولا نهضتهعليه‌السلام لشوّهت بني أُمية وجه الدين ، بحيث لا يبقى له عين ولا أثر ، بعد مضي سنوات قليلة من حكمهم الجائر ، ألا ترى إلى معاوية يصلّي صلاة الجمعة يوم الأربعاء ، وقتله لخيرة أصحاب الإمام عليعليه‌السلام ، ووقوفه في وجه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وادعائه الخلافة لنفسه ، وتنصيبه يزيد خليفة مع ما فيه ، من جهره بالمنكرات والموبقات و ، أليس هذا كلّه مؤشّراً واضحاً في هذا المجال؟

ومن جانب آخر ، ترى أنّ الأُمّة الإسلامية أصبحت آنذاك في سبات ، تحتاج إلى من يوقظها ، ويكشف زيف حكّامها الظلمة ، ويخلع عنهم ثوب الرياء والتظاهر بالإسلام ، فكان هذا دور الإمام الحسينعليه‌السلام .

ثمّ إنّ هذه العبارة لا تنفي دور سائر الأئمّةعليهم‌السلام في حياتهم وسيرتهم بحفظ الدين ، بل كلّ ما في الأمر أنّ الظروف السياسية والاجتماعيّة قد فرضت وظائف لكلّ إمام يقوم بأدائها ، فمثلاً لو كان أيّهمعليهم‌السلام يعيش في زمن إمامة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام لقام بنفس الدور ، ولو كان الإمام الحسينعليه‌السلام في زمن إي إمام آخر ما كان يفعل أكثر مما فعل ذلك الإمام ؛ لأنهم جميعاًعليهم‌السلام لم يألوا جهداً في حفظ الدين بحسب الظروف لكل إمام منهم.

( السادة ـ السعودية ـ )

قتلته شيعة آل أبي سفيان :

س : يتردّد من البعض : إنّ الذين قتلوا الحسين عليه‌السلام هم شيعة ، فهل هم شيعة كما يقال؟ أم أنّهم غير ذلك؟ وهل كانوا من أتباع أهل البيت ثمّ انحرفوا أم ماذا؟

ج : في الواقع هذه شبهة روّج إليها البعض ، ممّن في قلبه مرض ، طعناً منه

١٩٨

بالمذهب الشيعيّ ، من أنّ الشيعة هم الذين قتلوا الإمام الحسينعليه‌السلام ! والواقع خلاف ذلك ، فإنّ الذين قتلوهعليه‌السلام هم شيعة آل أبي سفيان ، بدليل خطاب الإمام الحسينعليه‌السلام إليهم يوم عاشوراء : « ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى احسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون »(١) .

ثمّ لم نجد أحداً من علماء الرجال أدرج أسماء هؤلاء الذين قتلوهعليه‌السلام ـ كأمثال عمر بن سعد ، وشبث بن ربعي ، وحصين بن نمير ، و ـ ضمن قوائم رجال الشيعة ، بل النصوص تدلّ على أنّهم من جمهور المسلمين.

وأمّا كونهم محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لا يدلّ على أنّهم شيعة عليعليه‌السلام ، كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي أو قاتل في جيش علي هو شيعي بالضرورة ، لأنّ الإمام عليعليه‌السلام يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين ، فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار ، لا باعتبار أنّه معصوم ، وأنّه الخليفة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مباشرة.

وأمّا أنّهم كانوا ممّن أرسلوا إلى الإمام الحسينعليه‌السلام برسائل تدعوه للمجيء إلى الكوفة ، لا يدلّ أيضاً على أنّهم شيعتهعليه‌السلام ، لأنّهم كانوا يتعاملون مع الإمام الحسينعليه‌السلام باعتباره صحابي ، وسبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وله أهلّية الخلافة والقيادة ، لا باعتبار أنّه إمام من الأئمّة الاثني عشر ، وأنّه معصوم ، وأنّه أحقّ بالخلافة من غيره.

مضافاً إلى هذا ، فإنّ مواقفهم من الإمام الحسينعليه‌السلام ومن معه يوم عاشوراء تدلّ على أنّهم ليسوا بشيعة له ، من قبيل منعهم الماء عليه ، فيخاطبهم برير الهمدانيّ بقوله : وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابنه. فقالوا : يا برير ، قد أكثرت الكلام فاكفف ، فوالله ليعطش

__________________

١ ـ لواعج الأشجان : ١٨٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٤٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لابن مخنف : ١٩٠ ، اللهوف : ٧١ ، كشف الغمّة ٢ / ٢٦٢.

١٩٩

الحسين كما عطش من كان قبله(١) ـ يقصد عثمان بن عفّان ـ. فهل هذا جواب شيعيّ؟!

ثمّ إنّ الشيعة في الكوفة يمثّلون سبع سكّانها ، وهم ١٥ ألف شخص ، كما نقل التاريخ ، فقسم منهم زجّوا في السجون ، وقسم منهم اعدموا ، وقسم منهم سُفّروا إلى الموصل وخراسان ، وقسم منهم شُرّدوا ، وقسم منهم حيل بينهم وبين الإمام الحسينعليه‌السلام ، مثل بني غاضرة ، وقسم ضئيل منهم استطاعوا أن يصلوا إليهعليه‌السلام .

إذاً شيعة الكوفة لم تقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، وإنّما أهل الكوفة ـ من غير الشيعة ـ قتلوهعليه‌السلام بمختلف قوميّاتهم ومذاهبهم.

نعم ، هذا صحيح أنّ أكثر الشيعة في الكوفة ، لكن ليس أكثر الكوفة شيعية ، والدليل على أنّ الشيعة كانوا أقلّية في الكوفة ، هو عدّة قضايا :

منها : ما ذكرته بعض المصادر : من أنّ علياً لما تولّى الخلافة أراد أن يغيّر صلاة التراويح ، فضجّ الناس بوجهه في المسجد ، وقالوا : واسنّة عمراه(٢) .

ومنها : ما في الفقه الإسلاميّ ، إذا قيل هذا رأي كوفيّ ، فهو رأي حنفيّ لا رأي جعفريّ.

وللمزيد من الفائدة نذكر لكم نصّ كلام السيّد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة : « حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته ، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله ، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.

أمّا شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكلّ ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم ، وكثير منهم لم

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٢٢ ، روضة الواعظين : ١٨٥ ، لواعج الأشجان : ١١١.

٢ ـ جواهر الكلام ١٣ / ١٤٠ و ٢١ / ٣٣٧ ، الصحيح من السيرة ٢ / ١٤٩.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الإمام المهديّ عليه‌السلام :

( مجيد علي ـ البحرين ـ )

إثبات وجوده بالفطرة :

س : كيف نثبت وجود الإمام المهديّ عليه‌السلام بالفطرة؟

ج : إنّ العقل والفطرة يحكمان بعدل الله تعالى ، ومن عدله تعالى بعثة الأنبياء والرسل ، وألا يترك الأُمّة سدى ، وهكذا كان ، ففي كلّ وقت وزمان ـ من زمن آدمعليه‌السلام ـ كان نبيّ أو وصيّ نبيّ.

وعند البحث والتحقيق نشاهد أنّ لجميع الأنبياء وصيّ أو أوصياء ، ولمّا كانت نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتمة النبوّات ، فوجود الوصي يكون ضرورياً.

وذهبت الشيعة إلى أن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصيّ ، وهو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بعده أحد عشر إماماًعليهم‌السلام أوصياء لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونفس الدليل الذي أوجب عدل الله تعالى ، ومن ثمّ استلزام العدل أن لا يترك الأُمّة سدى بلا نبيّ أو وصيّ ، يأتي هذا الدليل في زماننا هذا ، فهل ترك الله تعالى بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام الأُمّة بلا وصيّ؟!

الدليل العقليّ والفطري يحكمان بوجوب تعيين وصيّ وإمام من قبله تعالى لهذه الأُمّة ، وهو وإن كان غائباً ، إلاّ أنّ البشرية تستفيد منه ، كما يستفيد الناس من الشمس إذ غيّبها السحاب.

٢٨١

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

مولود وغائب متّفق عليه عند الشيعة :

س : هل هناك دليل من القرآن والسنّة على اختفاء الإمام الحجّة؟ بارك الله بكم.

ج : تارة نبحث عن أصل فكرة المنقذ للبشرية ، وأنّه في آخر الزمان يخرج منقذ للبشرية ، ينقذها من الظلم والجور ، فهذا ممّا اتفقت عليه جميع الأديان.

وتارة نبحث عن أنّ المنقذ هو المهديّ المنتظرعليه‌السلام ، مع غضّ النظر عن أنّه ولد أو لا ، فهذا ممّا اتفق عليه جميع المسلمين.

وتارة نبحث عن المنقذ بأنّه الإمام محمّد بن الحسن العسكريّ ، وأنّه ولد وغاب ، فهذا ممّا اتفق عليه الشيعة الإمامية ، وفي كتبهم من ذلك روايات كثيرة جدّاً ، تصل إلى حدّ التواتر.

( ـ ـ )

اتجاهان في تفسير الدجّال :

س : يشغل بالي كثيراً هذا السؤال ، وهو : من هو الدجّال؟ وفي أيّ زمان يخرج؟ وهل الدجّال فرداً أم جماعةً؟ ألا نستطيع أن نعتبر أمريكا هي الدجّال؟

ج : هناك اتجاهان في تفسير الدجّال ، أحدها يؤكّد أنّ الدجّال هو ابن صائد ، الذي أكّدته روايات أهل السنّة ، وأيّدته بعض المرويّات عند الإمامية ، ولعلّها اعتمدت على تلك الروايات العامّية.

ثانيها : يذهب إلى أنّ الدجّال رمز يرمز إلى الظلم والكفر والطغيان ، ومع هذا الاتجاه ، يمكنك أن تجعل أي مصداق من مصاديق الكفر والضلال في نطاق مفهوم الدجّال ، وفي المقام بحث واسع لا يسعنا التطرّق إليه.

ولا عليك أن تكلّف نفسك في البحث عن مصداق الدجّال ، أهو الحقيقيّ

٢٨٢

الذي اسمه ابن صائد ، أو هو المجازي الذي يعني كلّ كفر وضلال ، فإنّ تكليفنا جميعاً هو الاعتقاد الحقّ بوجود المهديّعليه‌السلام وولادته ، وهو ابن الحسن العسكريّعليه‌السلام .

وظهوره بعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور ، والتسليم لهذا الأمر والانتظار له ، وتهذيب النفس وتهيئتها لاستقبالهعليه‌السلام ، ومعايشة فكرة الظهور في كلّ لحظة من لحظات حياتنا. هذه هي المطالب الشريفة التي يجب التمسّك بها.

( عبد المنعم إسماعيل ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب ثانوية )

أدلّة قرآنية على حياته :

س : ما هو دليل حياة الإمام المنتظر عليه‌السلام من القرآن؟

ج : إنّ حياة الإمام المهديّعليه‌السلام في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كلّ عصر ، فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقتٍ دون وقت ، فإنّ ذلك يمتد حتّى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام ، لنفس الغرض الذي نثبته في كلّ عصر.

١ ـ قال تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (١) .

روي عن ابن عباس أنّه قال : لمّا نزلت الآية ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، فقال : يا علي بك يهتدي المهتدون »(٢) .

فهل الهادي لزمانٍ دون زمان ، وعصرٍ دون عصر؟

__________________

١ ـ الرعد : ٧.

٢ ـ المسترشد : ٣٥٩ ، شرح الأخبار ٢ / ٢٧٢ و ٣٥٠ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٠ ، الصراط المستقيم ٢ / ١٠ ، فتح الباري ٨ / ٢٨٥ ، تفسير أبي حمزة الثمالي : ٢١٥ ، تفسير فرات الكوفي : ٢٠٦ ، التبيان ٦ / ٢٢٣ ، مجمع البيان ٦ / ١٥ ، خصائص الوحي المبين : ١٤٠ ، جامع البيان ١٣ / ١٤٢ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٨٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٥٩ ، بشارة المصطفى : ٣٧٧.

٢٨٣

عن الإمام الباقرعليه‌السلام في قول الله تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، قال : «رسول الله المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت منّا ، وما زالت فينا إلى الساعة »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ، ففي كلّ عصر هادٍ من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، ومنهم الإمام المهديّعليه‌السلام حتّى عصرنا هذا وما بعده ، إذ لا يخلو زمان عن إمامٍ هادٍ.

وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، فقال : « إمام هاد لكلّ قومٍ في زمانهم »(٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث طويل : « ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ، ظاهر مشهور ، أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله ».

قال سليمان ـ راوي الحديث ـ فقلت للصادقعليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قالعليه‌السلام : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب »(٣) .

٢ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٤) .

وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه ، وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام ، وفي زماننا هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فلابدّ من وجوده ، ليتمّ مصداق هذه الآية.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ) قال : « إمام بعد إمام »(٥) .

٣ ـ قوله تعالى :( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٦) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٥٠ ، تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠٤.

٢ ـ الإمامة والتبصرة : ١٣٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٦٦٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٧.

٣ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٥٣ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٢٠٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٥.

٤ ـ القصص : ٥١.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٥٣٥ ، الأمالي للشيخ الطوسيّ : ٢٩٤ ، تفسير القمّيّ ٢ / ١٤١.

٦ ـ البقرة : ٣٠.

٢٨٤

فهل هذه الآية لزمانٍ دون زمان؟ أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة؟ فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا؟ لابدّ أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام ، والإمام اليوم هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فهو حيّ بمقتضى هذه الآية.

٤ ـ قوله تعالى :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى ، فهل هذا لزمان دون زمان؟ فمن هو الذي يتمّ نور الله في هذا الزمان؟ إنّه الإمام المهديّعليه‌السلام الذي يعيش في زماننا هذا.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « لم تخلو الأرض منذ كانت من حجّة عالم ، يحيي فيها ما يميتون من الحقّ » ، ثمّ تلا هذه الآية :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢) .

٥ ـ قوله تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) .

فنقول : هل إنّ ليلة القدر كانت في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أم حتّى من بعده.

فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كلّ عام فعلى من تنزل في زماننا هذا؟ لابدّ من نزولها على خليفة رسول الله ، وهو الإمام المعصوم ، الذي هو إمامنا المهديّعليه‌السلام .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «كان علي عليه‌السلام كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرأ ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) بتخشّع وبكاء ، فيقولان : ما أشدّ رقّتك لهذه السورة ؟

فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما رأت عيني ووعى قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي.

__________________

١ ـ الصف : ٨.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٢١.

٢٨٥

فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال : فيكتب لهما في التراب( تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) قال : ثمّ يقول : هل بقي شيء بعد قوله : (كُلِّ أَمْرٍ )؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك؟ فيقولان : أنت يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول : نعم.

فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان : نعم ، فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان : نعم ، فيقول : إلى من؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ، ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ ليلة القدر مستمرة ، ونزول الروح في هذه الليلة من كلّ عام على الإمام المعصوم ، وهو الإمام المهديّ ، فالإمامعليه‌السلام حيّ بمقتضى هذه الآية.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم. الكويت ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم )

زواجه :

س : قولكم سماحة السيّد : إنّ الإمام المهديّ عليه‌السلام ليس له أولاد ، في ردّكم على سؤال أحد الإخوة غير صحيح ، حيث من خلال قراءتي للكتب تبيّن أنّه متزوّج ، وله أولاد وشعب في الجزيرة الخضراء ، والقصّة مذكورة في لقاء أحد الأخيار مع صاحب العصر والزمان ، ونسألكم الدعاء.

ج : لم يثبت عندنا بالأدلّة النقليّة الصحيحة زواج الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن ثمّ له أولاد وذرّية ، وعليه فتبقى المسألة في حيّز الشكّ والاحتمال.

والروايات التي تثبت لهعليه‌السلام ذلك هي إمّا ضعيفة السند ، أو غير صالحة الدلالة ، وقد ردّها علماؤنا ـ كأمثال الشيخ المفيد والشيخ الطبرسيّ والشيخ البياضيّ ـ بالإضافة إلى وجود بعض الروايات المصرّحة بعدم ذلك.

نعم ، من المحتمل أن تكون لهعليه‌السلام ذرّية ، وهذه الذرّية لا فرق في أن تكون

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٩.

٢٨٦

في الجزيرة الخضراء التي لا يعرف مكانها ، أو في أيّ بقعة من بقاع العالم.

( أبو علوي ـ عمان ـ ٣١ سنة )

شرعية مخاطبته عن طريق الرسائل :

س : ما رأيكم فيما يفعله بعض عوام الشيعة ـ وخصوصاً النساء ـ في ليلة النصف من شعبان ، وذلك بقيامهم بكتابة رسالة إلى صاحب العصر عليه‌السلام في ورقة ، ومن ثمّ رميها في البحر ، معتقدين بأنّها ستصل إليه؟ وما مدى صحّة هذا العمل؟

ج : إنّ مطلق الاستغاثة والتوسّل بالمعصومينعليهم‌السلام ، ومنهم الحجّة صاحب العصرعليه‌السلام عمل مستحبّ وممدوح عقلاً ونقلاً ، بحسب النصوص الواردة في المجامع الحديثية.

وأمّا كتابة رسالة بشكل رقعة إلى الإمام الحجّةعليه‌السلام فوردت في بعض كتب الأدعية بأشكال مختلفة ، ومضمون واحد ، بأنّ الرقعة المذكورة تكتب وتطوى وتجعل في الطين ، وترمى في البحر ، أو البئر ، أو أيّ ماء جار ، ولكن لم يرد فيها موضوعية ليلة النصف من شعبان لكتابتها(١) .

وجاء في بعض المصادر أن يؤخذ في النظر عند إلقاء الرقعة في الماء أحد النواب الأربعة ـ لأنّهم كانوا أبواباً للإمامعليه‌السلام ـ فيخاطب وينادي باسمه لإيصال الرقعة إلى الحجّةعليه‌السلام (٢) .

وعلى أيّ حال ، فإنّ الموضوع يبقى في إطار توطيد العلاقات ، وأواصر المحبّة بين الإمامعليه‌السلام وشيعته ، ولا مانع منه شرعاً إذا كان بأمل إنجاح المطالب والحوائج الشرعية.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٩١ / ٢٨.

٢ ـ المصدر السابق ٩١ / ٣٠ و ٩٩ / ٢٣٥.

٢٨٧

( أبو العماد الحسائي ـ السعودية ـ )

بعض الأدلّة على إمامته :

س : كيف يتمّ إثبات إمامة الإمام الحجّة عليه‌السلام ، وهو غائب عنّا ، ولم نره في هذا العصر؟

ج : يمكن أن نستدلّ على إمامة الإمام المهديّ المنتظرعليه‌السلام بروايات متواترة من الفريقين ، وسواء كان غائباً أم حاضراً ، فلا يؤثّر ذلك في صحّة الاستدلال على إمامته ، فلا علاقة بين صدر سؤالك وذيله ، أمّا إذا أردت معرفة فلسفة الغيبة وأسبابها ، فلذلك جواب آخر.

وممّن صرّح بتواتر أحاديث المهديّعليه‌السلام جمع غفير من كبار علماء السنّة ، نقتصر على ذكر بعضهم :

البربهاريّ ، شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره ، المتوفّى ٣٢٩ هـ ، محمّد بن الحسين الأبري الشافعي ، المتوفّى ٣٦٣ هـ ، القرطبيّ المالكيّ ـ المتوفّى ٦٧١ هـ ـ في تفسيره ، ابن القيّم ، المتوفّى ٧٥١ هـ ، ابن حجر العسقلانيّ ، المتوفّى ٨٥٢ هـ ، ابن حجر الهيتميّ ، المتوفّى ٩٧٤ هـ ، المتّقي الهنديّ ، المتوفّى ٩٧٥ هـ ، وآخرون غيرهم(١) .

وقد صرّح آخرون من أهل السنّة بوجوده وبقائه وحياته ـ أو قريب من ذلك ـ مثل الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر قال : « المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم … »(٢) .

وهناك أدلّة من القرآن الكريم ، وروايات متواترة أيضاً من طرقنا ، كلّها تثبت إمامة المهديّعليه‌السلام .

__________________

١ ـ الجامع لأحكام القرآن ٨ / ١٢٢.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ١٣٣ نقلاً عن اليواقيت والجواهر.

٢٨٨

( محمّد القلاّف ـ أمريكا ـ )

أدلّة على ولادته :

س : ماذا أقول لشخص يسألني : ما دليلكم على أنّ المهديّ عليه‌السلام مولود وحيّ؟ وشكراً ، في أمان الله ، ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين ، وللوقوف على ما ندّعيه عليكم بمراجعة كتاب « المهديّ المنتظر في الفكر الإسلامي » ، وكتاب « المسائل العشر » ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :

١ ـ إخبار الإمام العسكريّ بولادة ابنه المهديّعليه‌السلام .

٢ ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٣ ـ من شهد برؤية المهديّ من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام وغيرهم.

٤ ـ شهادة وكلاء المهديّعليه‌السلام ، ومن وقف على معجزاته برؤيته.

٥ ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهديّعليه‌السلام .

٦ ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٧ ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٨ ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٩ ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهديّعليه‌السلام هو ابن العسكريّ.

وإذا أردت أن تقف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهديّعليه‌السلام فعليك أن ترجع إلى الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :

١ ـ « صفة المهديّ » للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ.

٢٨٩

٢ ـ « البيان في أخبار صاحب الزمان » للكنجيّ الشافعيّ.

٣ ـ « البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان » للمتّقيّ الهنديّ.

٤ ـ « العرف الوردي في أخبار المهديّ » للحافظ السيوطيّ.

٥ ـ « القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر » لابن حجر الهيتميّ.

٦ ـ « عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر » للشيخ جمال الدين الدمشقيّ.

وإذا أردت التفصيل ، فراجع « منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر » للشيخ الصافيّ.

ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّهعليه‌السلام حيّ يرزق ، وما يستلزمه من طول عمرهعليه‌السلام فمسألته محلولة.

والخلاصة : إنّ الشيعة ـ ولاستنادهم على جملة واسعة من الروايات ، والأدلّة الصحيحة ـ يذهبون إلى أنّهعليه‌السلام ولد في مدينة سامراء ، عام ٢٥٥ هـ ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام عام ٢٦٠ هـ ، وهو يحيى حياة طبيعية كسائر الناس ، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه ، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله.

سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعجّل فرجه ويسهّل مخرجه

( ـ الجزائر ـ )

الاعتقاد به من ضروريّات الإسلام :

س : هل الاعتقاد بصاحب الزمان أمر عقائديّ؟ ويعتبر من الأُصول أم أنّه من الفروع؟

إن كان الجواب أنّه أصلاً ، فالسؤال لابدّ من طاعته ، إذ كما يجب طاعة الله فهذا من ذاك ، وأمّا إن كان الجواب أنّه ليس أصلاً ، فما معنى الوجود أصلاً؟ وما معنى الخلافة فصلاً؟ والخلق عدلاً وقسطاً.

٢٩٠

ج : الضروريّ من العقيدة على قسمين :

١ ـ ضروريّ الإسلام ، وضروريات الإسلام معلومة ، من أنكر واحدة منها خرج عن الإسلام.

٢ ـ ضروريّ المذهب ، وهذا القسم من أنكر واحد منها خرج عن المذهب ، لا عن أصل الإسلام.

والاعتقاد بالمهديّ المنتظرعليه‌السلام ، إن كان معناه الاعتقاد بأصل فكرة المهديّعليه‌السلام ، وأنّه من ولد فاطمةعليها‌السلام ، يخرج آخر الزمان ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، فإنّ هذا الاعتقاد من ضروريّ معتقدات الإسلام ، لتواتر الأحاديث عند جميع المسلمين بمسألة المهديّ المنتظر ، ومن علم بهذا التواتر ثمّ أنكر فإن هذا يوجب تكذيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكذيب رسول الله خروج عن الدين.

وأمّا الاعتقاد بأنّه حيّ ، والاعتقاد بغيبته ، وعصمته ، وإمامته من الله تعالى فانّه من ضروري المذهب ، من أنكره خرج بذلك عن المذهب ، ولم يخرج عن الإسلام.

وبعد هذا التوضيح ، فإنّ الإمامة أصل من أُصول المذهب ، تشمل الإمامة إمامة الأئمّة الاثني عشر ، وأنّهم منصوص عليهم بالإمامة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والرسول( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) ، فيكون حكم قولهم حكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحجّية ، ووجوب الأخذ به ، وعدم جواز مخالفته.

وكلّ هذه التفاصيل يعود فهمها إلى أصل فهم الإمامة فهماً حقيقياً ، وبعد فهم الإمامة الإلهيّة فهماً مستنداً إلى الأدلّة من الكتاب والسنّة والعقل ، فسوف لا يبقى أيّ إشكال أو إبهام.

__________________

١ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٢٩١

( حسن. الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الدليل العقليّ على وجوده :

س : أُحبّ أوّلاً : أن أشكر لكم جهودكم العظيمة ، وثانياً : ما هو الدليل العقليّ على وجود صاحب العصر والزمان عليه‌السلام ؟

ج : إليك أخي الكريم البحث الذي ذكره السيّد الخرازيّ في شرحه لعقائد الإماميّة حيث بيّن فيه بعض الأدلة العقليّة على وجوب الإمامة ، وتطرّق فيه أيضاً إلى وجود الإمام الثاني عشرعليه‌السلام :

« المقام السابع : في لزوم الإمامة : وقد عرفت أنّ الإمامة بالمعنى الذي لها عند الشعية هي كالنبوّة ؛ فكما أنّ النبوّة لطف ورحمة ، كذلك الإمامة ، فإذا ظهر كونها لطفاً ، والمفروض أنه لا يقترن بمانع يمنع عنه ، فهو مقتضى علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله وحكمته تعالى ، وعليه فيصدر عنه تعالى ، وإلا لزم أن يكون جاهلاً بالنظام الأحسن ، أو لزم عدم كونه تعالى كمالاً مطلقاً وحكيماً ، وهو خلف في كونه عليماً ورحيماً وحكيماً بالأدلّة القطعية ، وإليه يؤول ما يقال في تقريب لزوم الإمامة أنّها واجب في حكمته تعالى ، لأنّ المراد من الوجوب هو اللزوم والمقتضى كما مرّ مراراً ، لا الوجوب عليه ، فالأولى هو التعبير بالاقتضاء واللزوم كما عبّر عنه الشيخ أبو علي سينا في الشفاء ، حيث قال في مقام إثبات النبوّة ـ بعد ذكر المنافع التي لا دخل لها في بقاء النوع الإنسانيّ ، كإثبات الشعر في الحاجب والأشفار ـ : فلا يجوز أن يكون العناية الأولى تقتضي تلك المنافع ولا تقتضي هذه التي هو أسّها.

وهذا كلّه بناء على التقريب الفلسفيّ الذي ذهب إليه المصنّف في إثبات النبوّة والإمامة ، وحاصله : أنّ النبوّة والإمامة كليهما مما يقتضيهما كماله المطلق ، ورحيميّته المطلقة ، وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً كما لا يخفى.

وأما بناء على التقريب الكلاميّ فتقريبه كالتقريب الذي مضى في النبوّة ، وهو أن يقال : إنّ ترك اللطف نقض الغرض ؛ لأنّ غرض الحكيم لا يتعلّق إلا

٢٩٢

بالراجح ، وهو وجود الإنسان الكامل ، وإعداد الناس ، وتقريبهم نحو الكمال ، وهو لا يحصل بدون الإمام ، فيجب عليه اللطف ؛ لأنّ ترك الراجح عن الحكيم المتعال قبيح بل محال ؛ إذ مرجع الترجيح من غير مرجِّح إلى الترجُّح من غير مرجِّح كما لا يخفى. وكيف كان فلا بدّ في كل عصر من وجود إمام هو يكون إنساناً كاملاً هادياً للناس والخواص ، مقيماً للعدل والقسط ، رافعاً للظلم والعدوان ، حافظاً للكتاب والسنّة ، رافعاً للاختلاف والشبهة ، أسوة يتخلق بالأخلاق الحسنة حجّة على الجنّ والإنس ، وإلاّ كما عرفت لزم الخلف في كمال ذاته وهو محال ، أو الإخلال بغرضه وهو قبيح عن الحكيم ، بل هو أيضاً محال كما عرفت ، فإذا كان كلّ نوع من أنواع لطف وجود الإمام من أغراضه تعالى فلا وجه لتخصيص نقض الغرض بنوع منها كما يظهر من بعض الكتب الكلامية ، مع أنّ كلّ نوع منها راجح من دون اقتران مانع ، فبترك كلّ واحد يوجب نقض الغرض ، ولعلّ الاكتفاء ببعض الأنواع من باب المثال فافهم ، فالأولى هو عدم التخصيص ببعض تلك الأنواع ، ولعلّ إليه يؤول ما في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلاً للغرض.

ثمّ إنّ مقتضى كون وجود الإمام كالنبّي لطفاً مضاعفاً أنّ كلّ واحد من أبعاد وجوده وفوائده يكون كافياً في لزوم وجوده ، فإن طرأ مانع عن تحقق بعضها كالتصرّف الظاهريّ بين الناس يكفي الباقي في لزوم وجوده وبقائه.

وينقدح مما ذكر أنّ ظهور الإمام للناس لطف زائد على وجوده الذي يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله ، فإرشاده وتعليمه وتزكيته للناس لطف آخر ، وهكذا بقية الشؤون التي تكون للإمام.

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاده وتعليمه وتزكيته للجنّ أيضاً لطف في حقّهم فإنّهم مكلّفون ومحجوجون بالحجج الإلهيّة كما لا يخفى.

ثمّ بعد وضوح أنّ الإمامة كالنبوّة اتضح لك أنها أمر فوق قدرة البشر ، فلا

٢٩٣

تنالها يده ولا يمكن له تعيينها واختيارها ، بل هي فعل من أفعاله تعالى فيجعلها حيث يشاء ، وهو أعلم بما يشاء ، ومنه يظهر أنّه لا مجال للبحث عن وجوب نصب الإمام على الناس وكيفيّته ؛ فإنّ ذلك من فروع الإمارة الظاهرية مع عدم تعيين الخليفة الإلهيّة عن الله تعالى.

وأمّا مع تعيينها فلا مجال للبحث عنه إذ المعلوم أنّ الإمارة له ، كما أنّه لا بحث مع وجود النبّي المرسل عن وجوب نصب الأمير على الناس ، لأنّ الإمارة من شؤون النبّي المرسل كما لا يخفى.

فاتّضح أنّ الإمام لزم أن يكون متعيّناً بنصب إلهيّ ، ولذلك نصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جانب الله تعالى في مواضع متعددة على إمامة عليعليه‌السلام وأولاده الأحد عشرعليهم‌السلام كما نص كلّ إمام على من يليه من جانب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهذه النصوص متواترة جداً يشهد بوجودها الجوامع الروائية من العامّة والشيعة كإثبات الهداة للشيخ الحرّ العامليّ والبحار وأصول الكافي ومنتخب الأثر وغاية المرام وعبقات الأنوار وكتاب الغدير وغيرها.

وهاهنا سؤال : وهو أنه لا ريب في كون وجود الإمام لطفاً فيما إذا كان ظاهراً ومتصرّفاً في الأمور وأمّا إذا لم يكن ظاهراً ولم يتمكّن الناس من درك محضره ، كالإمام الثاني عشرعليه‌السلام في زمان الغيبة ، فمجرد وجود كيف يكون لطفاً في حقّ العباد؟

والجواب عنه ظاهر ممّا مرّ ، من أنّ وجود الإنسان الكامل في نظام العالم ممّا يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن ورحمته المطلقة وإطلاق كماله ، ولا مانع منه ، فيلزم وجوده وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً ، فوجود الإمام ـ الذي هو إنسان كامل ـ لطف ، وتصرّفه وظهوره لطف آخر ، فلا يضرّ فقد لطف من جهة المانع بوجود اللطف من جهة أو جهات أخر ، لأنّ المفروض عدم وجود مانع من جهة أخرى.

٢٩٤

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاد الإمام وتصرّفه لا يختصّ بالإنسان ، بل يعمّ الجنّ أيضاً ، لأنهم مكلّفون ومحجوجون بوجوده على أنّ بعض الخواص كانوا يسترشدون بإرشاده وعناياته في الغيبة الصغرى بل الكبرى أيضاً ، كما تشهد به التشرّفات المكررة لبعض المكرّمين من العباد. هذا مع الغمض عمّا يتصرّف في النفوس من وراء الحجاب والستار.

قال الحكيم المتألّه المولى محمد مهدي النراقيّ في الجواب عن ذلك : إنّ ظهور الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ وتصرّفه فائدة من فوائد وجوده ، لأنّ فوائد وجوده كثيرة وإن كان غائباً :

الأوّل : أنّه قد ورد في الحديث القدسيّ عنه تعالى أنّه قال : « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف ». فيعلم منه أنّ الباعث على إيجاد الإنسان هو المعرفة بالله تعالى ، فليكن في كل وقت فرد بين آحاد الإنسان يعرفه كما هو حقّه ، ولا تحصل المعرفة كما هو حقّه في غير النبيّ والإمام ، فلابدّ من وجود الحجّة في الأرض حتى تحصل المعرفة به كما هو حقّه بين الناس.

والثاني : أنّ مجّرد وجوده لطف وفيض في حق الناس ولو لم يكن ظاهراً ، لأنّ وجوده باعث نزول البركات والخيرات ، ومقتض لدفع البليّات والآفات ، وسبب لقلة سلطة الشياطين من الجنّ والإنس على البلاد ، فإن آثار الشيطان كما وصلت إلى الشر دائماً كذلك لزم أن تصل آثار رئيس الموحّدين وهو الحجّة الإلهيّة إليهم ، فوجود الحجّة في مقابل الشيطان للمقاومة مع جنوده ، فلو لم يكن للإمام وجود في الأرض صارت سلطة الشيطان أزيد من سلطة الأولياء ، فلا يمكن للإنسان المقاومة في مقابل جنود الشيطان.

والثالث : أنّ غيبة الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ تكون عن أكثر الناس لا عن جميعهم ، لوجود جمع يتشرفون بخدمته ، ويأخذون جواب الغوامض من

٢٩٥

المسائل ويهتدون بهدايته ، وإن لم يعرفوه ، انتهى ملخص كلامه »(١) .

وهناك تتمّة للبحث تجدها في الكتاب المذكور.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

المبالغة بالقول في قتله للأعداء :

س : يقول صديقي الأشعريّ : وأنظر كيف يصفون الإمام المهديّ :

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألا يروه ، ممّا يقتل من الناس حتّى يقول كثير من الناس : ليس هذا من آل محمّد ، ولو كان من آل محمّد لرحم »(٢) .

وأورد كذلك خمس روايات أُخرى من بحار الأنوار ، كلّها تشهد بقسوة وغلظة الإمام ، ثمّ علّق يقول : إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين ، يسفك دمائهم ، ويقتلهم تقتيلاً ، وحقّ للناس أن يقولوا ليس هذا من آل محمّد ، لأنّ آل محمّد يرحمون ويشفقون ، بل هم أرحم الناس بالناس ، اقتداء بجدّهم سيّدنا رسول الله ، حاشا آل البيت ممّا يفتريه المبطلون.

ج : بغضّ النظر عن البحث السنديّ لهذه الروايات نقول : ينبغي الإلتفات إلى أمر مهم ، وهو أنّ الأحكام الإلهيّة كلّها رحمة للناس ، فعندما يحكم الله بوجوب قتل المفسد في الأرض فلا يصحّ أن نقول إن ذلك قسوة من الله ؛ لأنّ في قتل هؤلاء حياة البشرية وسعادتها ، ففي تطبيق الحكم الإلهيّ وقتل المفسدين تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

فإذا كانت الدنيا قد مُلأت ظلماً وجوراً ـ بإجماع المسلمين ـ فيظهر المهديعليه‌السلام ليملأها قسطاً وعدلاً ـ بإجماع المسلمين ـ فحينها لا ينبغي أن يشكّ عاقل بأنه لا يمكن أن تملأ قسطاً وعدلاً إلا بقتل المفسدين في الأرض ، وفرض

__________________

١ ـ بداية المعارف الإلهيّة في شرح عقائد الإمامية للسيد محسن الخرازيّ ٢ / ٢٤ ـ ٣٠.

٢ ـ الغيبة للنعماني : ٢٣٣.

٢٩٦

الكلام أن هؤلاء كثيرون جدّاً بحيث ملأوا الأرض ظلماً وجوراً فما للبعض ينزعج ويضطرب عندما يسمع بقتل الإمام المهديعليه‌السلام للمفسدين؟!

أمّا ما روي من قول الناس عند ظهورهعليه‌السلام من أنّه أفرط في القتل ، فهذا من جهلهم بالواقع الذي اطّلع عليه الإمامعليه‌السلام ، فكم من رجل ظاهره الصلاح وهو من رؤوس المنافقين والمفسدين في الواقع ، وكم من شخص يرقّ له قلب الساذج البسيط وهو من أشد الناس عداوة لله والرسول والعدالة والإنسانية ، فتأمل.

أمّا قول صاحبك : « إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين » فهو استنتاج خاطئ منشأه عدم فهم النصوص فهماً صحيحاً ، فالمهديّ لا يكون نقمة إلا على المفسدين فقط. أمّا المسلمين وغيرهم ممن لم يطلع على الحقّ ولو اطّلع عليه لاتّبعه سيكونعليه‌السلام رحمة إلهية لهم حيث إنّه سيهديهم إلى الطريق الأقوم.

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

ثبوت ولادته في روايات متواترة :

س : دخلت بعض المنتديات ، ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ كيف نثبت وجود المهديّ عليه‌السلام ، وأنّه مولود ، وليس كما يعتقد أهل السنّة أنّه سيولد؟

ج : ولادتهعليه‌السلام ثبتت في روايات الشيعة متواتراً ، والتواتر حجّة على الجميع ، وكذلك حديث : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » دليل على وجود الإمام المهديّ في زماننا ، وهذا الحديث رواه الشيعة والسنّة(١) .

وكذلك حديث الثقلين : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ

__________________

١ ـ الرسائل العشر : ٣١٧ ، الإمامة والتبصرة : ١٥٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩ ، العمدة : ٤٧١ ، تفسير أبي حمزة الثماليّ : ٨٠ ، إعلام الورى ٢ / ٢٥٣ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٣٥ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٧٢.

٢٩٧

الحوض »(١) ، وعدم افتراقهما يقتضي وجود إمام من العترة.

( محمّد سلمان ـ ـ )

دفع شبهات حول ولادته :

س : لديّ أسئلة حول موضوع المهديّ المنتظر ـ جعلنا الله تعالى من أنصاره ـ اطلب منكم الجواب. لقائل منكر المهديّ أن يقول :

١ ـ إنّ التاريخ ينقل لنا روايتين : الأُولى التي ينقلها جميع المؤرّخين ـ حتّى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ـ : إنّ الإمام الحسن العسكريّ لم يدعّ وجود ولد لديه في حياته القصيرة ، ولم يشاهد أحد ذلك ، وأنّه أوصى عند وفاته بأمواله إلى أُمّه ، ولم يوص إلى أحد من بعده ، ولذلك فقد ذهب اتباعه إلى القول بإمامة أخيه جعفر بن علي الهادي ، وتفرّقوا عدّة فرق.

وهناك رواية أُخرى نقلها بعض أصحاب العسكريّ ، تقول : إنّ لديه ولد مستور ، وهو الإمام من بعده ، وأنّه المهديّ المنتظر ، وقد برّر ذلك البعض كتمان هذا الأمر المهمّ بسبب الخوف والتقية ، ولكنّه لم يستطع تقديم أية أدلّة على صحّة دعواه.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

٢٩٨

٢ ـ الإيمان بوجود الإمام الثاني عشر الغائب ، ليس من صلب المذهب الشيعيّ الجعفريّ ، وقد حدث بعد وفاة الإمام العسكريّ ، وبني الإيمان به على أساس الظنّ والتخمين ، والافتراض الفلسفيّ ، وليس على أدلّة تاريخية علمية يقينية أو شرعية ، وإن ترك تراث أهل البيت عليهم‌السلام نقاط إيجابية كثيرة ، يمكن للمسلمين جميعاً ـ وليس الشيعة فقط ـ الاستفادة منها ، كروح التضحية والشهادة في سبيل الله ، والتواضع والزهد في الدنيا.

ج : إنّ هذه التوهّمات قد أُثيرت من قبل جهات لمقاصد خاصّة ، وخلاصة الجواب كما يلي : إنّ الرواية التي يتشبّث البعض بها لنفي ولادة المهديّعليه‌السلام (١) لم تتمّ سنداً ومدلولاً ، فإمّا السند ، فإنّ الراوي لها هو أحمد بن عبيد الله بن خاقان ، الذي صرّحت الرواية نفسها بشدّة نصبه.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) عنه : « وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيتعليهم‌السلام »(٢) .

وأمّا من حيث الدلالة ففيها : أوّلاً : إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

وثانياً : أنّ عقيدة الشيعة الإمامية حالياً بالإطباق هي : ولادة المهديّعليه‌السلام قبل استشهاد والدهعليه‌السلام بسنين ، وهذا لا يتّفق مع مفاد الرواية ، حتّى لو كان تبيّن الحمل المشار إليه في الرواية صحيحاً ، إذ لا علاقة له بولادة المهديّعليه‌السلام .

وأمّا إثبات ولادتهعليه‌السلام فإنّ الروايات الصحيحة تدلّ بوضوح بأنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام قد صرّح بوجود ولده(٣) ، وصرّحت العلوية الطاهرة حكيمة ـ عمّة الإمام العسكريّعليه‌السلام ـ بمشاهدة ولادة الإمام الحجّةعليه‌السلام ليلة مولده(٤) .

وقد وردت النصوص الجلية عن المعصومينعليهم‌السلام بولادته فيما بعد ، كابنٍ للعسكريّعليه‌السلام (٥) .

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٥٠٣.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٣٢١.

٣ ـ الكافي ١ / ٣٢٨.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٣٣١.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٢ ، الغيبة للنعمانيّ : ١٢.

٢٩٩

هذا ، وقد اعترف جمع من علماء السنّة أيضاً بهذا الأمر(١) .

كما أنّ هناك مطلب علميّ نشير إليه وهو : إنّ الخبر بولادة المهديّعليه‌السلام من الأخبار المتواترة ، والخبر إذا وصل إلى حدّ التواتر فلا نقاش في السند.

وممّا ذكرنا يظهر : إنّ الاعتقاد والالتزام بولادة الحجّة بن الإمام العسكريّعليهما‌السلام ممّا لامحيص عنه ، لاعتماده على أدلّة واضحة ، ونصوص صريحة ، وهو محض الإيمان.

( علوية الموسويّ ـ عمان ـ )

دور المرأة عند ظهوره :

س : هناك أدعية مخصوصة لرؤية الإمام المهديّعليه‌السلام ، كما أنّ هناك أدعية لكي يكون الإنسان من أنصارهعليه‌السلام .

ولكن النساء ليس لهن دور ، بل أنّ معظم الخطباء والعلماء لا يذكرون دور النساء ، وأنا لا اعتقد أن لنا أهمّية ، لذا فالدعاء لطلب أن نكون من أنصار الإمام ليس له أهمّية ، والله أعلم.

ج : قد ذكر العلاّمة العيّاشي ( قدس سره ) ـ المتوفّى ٣٢٠ هـ ـ في تفسيره رواية عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، يذكر فيها وصف الإمام المهديّعليه‌السلام وأصحابه ، إلى أن يقول : «إنّا نشهد وكلّ مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا ، وطردنا ، وبغى علينا ، وأُخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، ألا أنّا نستنصر الله اليوم وكلّ مسلم ، ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد »(٢) .

فهذه الرواية تنصّ على أنّ للإمام المهديّعليه‌السلام أكثر من ٣٠٠ من الأنصار عند قيامهعليه‌السلام ، فيهم خمسون امرأة.

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٤٥ ، مطالب السؤول ٢ / ١٥٣ ، الفصول المهمّة : ٢٩٢ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣١ ، تذكرة الخواص : ٣٢٥ ، العبر في خبر من غبر ١ / ٣٨١.

٢ ـ تفسير العيّاشيّ ١ / ٦٥.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518